الدلالة النحوية في سورة الواقعة | ||
مجلة الکلیة الاسلامیة الجامعة | ||
Article 1, Volume 10, Issue 31, May 2015, Pages 381-398 | ||
Author | ||
خليل خلف بشير | ||
Abstract | ||
الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفاهم وطهرهم تطهيراً، وبعد:تعرف الدلالة النحوية بأنها الدلالة المتحصلة من العلاقات النحوية بين الكلمات التي يتخذ كل منها موقعاً معيناً في الجملة بحسب قوانين اللغة إذ إن كل كلمة في التركيب لابد أن يكون لها وظيفة نحوية من خلال موقعها،ولابد من مراعاة الجانب النحوي أو الوظيفة النحوية لكل كلمة داخل الجملة،وإن تغيير مكان الكلمات في الجملة يؤدي إلى تغيير المعنى. ولعل افتتاح السورة بالظرف المتضمن معنى الشرط يسترعي الألباب لترقب ما بعد هذا الشرط الزماني مع ما في المسند إليه من التهويل بتوقع حدث عظيم يحدث. ثم تنتقل الآيات لاستعمال الفعل المضارع في بدايات الجمل الفعلية بوصفه شكلا من أشكال الاستقبال والتجدد في قوله تعالى [عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ] (الواقعة/17)، وقوله [لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ] الواقعة/19)، وقوله [لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيماً] (الواقعة/25). والملاحظ أنه يراوح بين الجمل الفعلية المثبتة والجمل الفعلية المنفية، وذلك يوحي بدلالات التوكيد والتجدد في الحدث،ويؤكد ذلك التكرار في النفي (لا يصدعون)، (ولا ينزفون) فقد برز أسلوب التوكيد اللفظي في السورة لما يحمله هذا الأسلوب من إيحاءات دلالية قرآنية تؤكد الحدث،وتؤكد للمؤمنين ديمومة نعيم الجنة. وتراوحت الجمل في السورة بين الاسمية والفعلية،وتنوعت بين الماضي الدال على الاستقرار والثبات ولاسيما في تقرير وقوع الواقعة والمضارع بين معلوم ومجهول فضلاً عن تكرار الجمل المثبتة والمنفية،وقد جاء النفي لتأكيد المعنى أو لتأكيد النفي عن السابقين وحالهم الثابتة في الجنة. أما الأسماء فقد دلّت على معنى الثبات والاستقرار نحو قوله تعالى [مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ] (الواقعة/16) فلم يقل: يتكئون وكذا لم يقل: يتقابلون لأنّ الفعل يدل على عدم الاستقرار، وتتوالى الجمل الاسمية ولاسيما المؤكدة بـ(إنّ) كما في قوله تعالى [إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً] (الواقعة/35)، وقوله [إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَٰلِكَ مُتْرَفِينَ] (الواقعة/45)، وقوله [قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ إِلَىٰ مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ] (الواقعة/49-50)، وقوله [وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ] (الواقعة/76). وفي دلالات التعريف والتنكير ما يكشف عن إعجاز القرآن الكريم وعظيم بيانه فقد لجأت السورة الى التعريف والتنكير بناءً على ماهية الاسم ومدى شيوع تناوله فإذا كانت الكلمة حاضرة في الذهن جعل حضورها قريباً من المعرفة مثال ذلك الواقعة التي جاءت معرفة؛ لأنّ مدلوها حاضر الذهن إذ تشير الى يوم عظيم هو يوم القيامة وتوالت الكلمات التي تقترب من المعنى نفسه في سور أخرى مثل: الطامة والقارعة والحاقة، وقد جاءت هذه الأسماء معرفةً تعظيماً أو تهويلاً لشأنها،ومن هنا جاءت أسماء (الميمنة، والمشأمة، والسابقون، واليمين، والشمال، والجبال وغيرها) معرفة للسبب نفسه. أما الكلمات التي جاءت منكرة ففي الغالب هي أسماء غير معروفة أو قد تكون من الأمور الغيبية التي لا تعرف حقيقتها على وجه الدقة ففي التنكير مجال للخيال الإنساني في أن يحلق في أجواء النعيم الذي ينتظره السابقون المقربون فهم يستحقون التكريم في وصفهم بكونهم (متكئين، ومتقابلين، وعلى سرر موضونة، ووالدان مخلدون، بأكواب وأباريق، وحور عين، لغواً ولا تأثيماً، سلاماً سلاماً، وطلح منضود، وظل ممدود)، وغيرها من الكلمات التي تعج بها السورة المباركة فهذه النعم التي يحظى بها المقربون تعد من الغيبيات التي لا يدركها البصر بل تتخيلها البصيرة فهي في سياق المؤمنين تدل على التعظيم والتكريم، وفي سياق الكافرين والمنافقين تدل على التحقير والتهويل والإهانة. وفي البناء للمجهول الذي يكثر في آيات القيامة في عموم القرآن فضلاً عما ورد في هذه السورة في قوله تعالى [إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجّاً * وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسّاً] (الواقعة/4-5) دلالة على الترفع عن ذكر الفاعل مما يحفز الذهن للبحث عن الفاعل الحقيقي فهذه الأحداث العظيمة تحتاج إلى فاعل عظيم، ولما كان الكفار ينكرون الله تعالى فهذه الأفعال تحفزهم للبحث عن الفاعل، وكذا في قوله تعالى [لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ] (الواقعة/19) إذ استعمل الفعلين منفيين وبناه مرة للمجهول لكي يصرف الذهن إلى الفاعل، والى هذه النعمة الغريبة التي لا تكون إلا من عند الله تعالى فإلى هذه الخمرة التي لا يصاب شاربها بالصداع، ولا ينزف عقله ينصرف ذهن المتلقي ليزداد إيماناً. وفي دلالة التكرار الذي يجيء نغماً جديداً من أنغام الحسن كما عد عنصراً من عناصر تكوين الإيقاع في النص الديني فضلاً عن دلالاته المعنوية التي تضفي على النص جرساً ونغماً يؤدي إلى تقوية المعنى وإيضاحه( )، على أن التكرار يأتي لدلالات عدة منها: الترسيخ والتثبيت، والتنبيه، والتأكيد( ) ولم تخل سورة الواقعة من هذه الظاهرة الأسلوبية التي أضفت عليها قيماً تعبيرية ودلالية أديت بإعادة العبارة وترديدها فضلاً عن تكرار الحرف، ومن تكرار العبارة قوله تعالى [فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ * وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ] (الواقعة/8-9)، ويدل هذا التكرار على التعجب من حال الفريقين والتفخيم من أمرهما، ومن تكرار الحرف قوله [وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ] (الواقعة/47) إذ كررت الهمزة للدلالة على إنكار البعث مطلقاً ولاسيما في هذا الوقت كما دخلت العاطف في قوله (أو آباؤنا الأولون) للدلالة على أن ذلك أشد إنكارا في حقهم لتقدم زمانهم وللفصل بها حسن العطف على المستكن في لمبعوثون. | ||
Keywords | ||
الدلالة; النحوية; في سورة; الواقعة | ||
Statistics Article View: 35 PDF Download: 17 |