أثر جائحة فایروس کورونا على المواعید الإجرائیة -دراسة مقارنة- | ||
الرافدین للحقوق | ||
Article 9, Volume 25, Issue 81, December 2022, Pages 290-357 PDF (1.04 M) | ||
Document Type: بحث | ||
DOI: 10.33899/arlj.2022.133814.1202 | ||
Authors | ||
شکری الزیباری* 1; علی الحدیدی2 | ||
1باحث | ||
2کلیة الحقوق - جامعة الموصل / محافظة نینوى / العراق | ||
Abstract | ||
قد یعترض مباشرة إجراءات التقاضی عارض یتمثل بقوة قاهرة بوصفها حدثاً مستقلاً عن ارادة الافراد، لا یمکن توقعه او دفعه او استبعاد نتائجه، من شأنه ان یجعل من مباشرة العمل الاجرائی وانعقاد المحکمة امرا مستحیلا، کجائحة فایروس کورونا المستجد نتیجة لتعطیل الدوام فی المحاکم وفرض حظر التجوال، وبما ان المواعید الإجرائیة هی مدد سقوط لا تقادم فتکون غیر قابلة لا للوقف ولا للانقطاع مما یعنی انقضائها وسقوط حق الخصوم فی اتخاذ الإجراءات القضائیة فی ظل انعدام النص التشریعی الذی یقرر حمایتها، الا ان العدالة تقتضی حمایتها وحمایة الحقوق المتعلقة بها من السقوط، بتمکین الخصوم من مباشرة إجراءات التقاضی بعد زوال الجائحة وذلک بالنص على امتداد تلک المواعید. | ||
Highlights | ||
الجدید فی البحث یکمن فی الکشف عن التکییف القانونی السلیم لجائحة فایروس کورونا التی اجتاحت العالم وبیان الأثر الذی یترتب على ذلک على کفالة حق التقاضی بوصفه من الحقوق الاساسیة التی لا یجوز حرمان الانسان منها تعسفا، اذ فرض واقع العمل فی ظلها حالة حظر التجوال وتعطیل الدوام فی المحاکم، فکان لا بد من ایجاد الحلول والبدائل لضمان استمراریة کفالة هذا الحق واستعماله من دون حرمان المتقاضین من حقوقهم والحد من تراکم الدعاوى وبطء التقاضی، فضلا عن بیان أثر تلک الجائحة على اجراءات التقاضی عموما والمواعید الإجرائیة بشکل خاص ووضع الحلول اللازمة فی کل ما یعترضها ومحاولة تطویع تلک الانظمة بما یتلاءم مع الواقع الذی تفرضه الجائحة وحمایة المواعید الإجرائیة من الانقضاء والحقوق المتعلقة بها من السقوط. | ||
Keywords | ||
جائحة فایروس کورونا; القوة القاهرة; المواعید الإجرائیة; وقف المواعید وانقطاعها; امتداد المواعید الإجرائیة | ||
Full Text | ||
أثر جائحة فایروس کورونا على المواعید الإجرائیة -دراسة مقارنة-(*)- The Impact of the Coronavirus Pandemic on the Limitation Periods -A Comparative Study-
(*) أستلم البحث فی 12/5/2022 *** قبل للنشر فی 14/8/2022. (*) received on 12/5/2022 *** accepted for publishing on 14/8/2022. Doi: 10.33899/arlj.2022.133814.1202 © Authors, 2022, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license (http://creativecommons.org/licenses/by/4.0). المستخلص قد یعترض مباشرة إجراءات التقاضی عارض یتمثل بقوة قاهرة بوصفها حدثاً مستقلاً عن ارادة الافراد، لا یمکن توقعه او دفعه او استبعاد نتائجه، من شأنه ان یجعل من مباشرة العمل الاجرائی وانعقاد المحکمة امرا مستحیلا، کجائحة فایروس کورونا المستجد نتیجة لتعطیل الدوام فی المحاکم وفرض حظر التجوال، وبما ان المواعید الإجرائیة هی مدد سقوط لا تقادم فتکون غیر قابلة لا للوقف ولا للانقطاع مما یعنی انقضائها وسقوط حق الخصوم فی اتخاذ الإجراءات القضائیة فی ظل انعدام النص التشریعی الذی یقرر حمایتها، الا ان العدالة تقتضی حمایتها وحمایة الحقوق المتعلقة بها من السقوط، بتمکین الخصوم من مباشرة إجراءات التقاضی بعد زوال الجائحة وذلک بالنص على امتداد تلک المواعید. الکلمات المفتاحیة: جائحة فایروس کورونا، القوة القاهرة، المواعید الإجرائیة، وقف المواعید وانقطاعها؛ امتداد المواعید الإجرائیة. Abstract A limitation period is deadlines set by law for bringing legal action or procedure, and if the limitation period expired then the claim is statute-barred. This is because once the limitation period has started, the running of time cannot be suspended. However, litigation procedures may interrupt by force majeure , an event that is unforeseeable and cannot be prevented. More recently, the closure of court premises was declared, and hearings and procedures were postponed or cancelled in response to the coronavirus crisis and to contain the pandemic. The aim of this paper is to investigate the impacts of the pandemic on limitation periods during the pandemic. Keywords: Coronavirus pandemic - force majeure – limitation periods - suspension and interruption - extension of procedural limitation. المقدمـة الحمد لله الملک الحق العظیم الکبیر، المنفرد بالعزة والإرادة والتدبیر، "والصلاة والسلام" على سیدنا محمد السراج المنیر، وعلى آله وأصحابه، ومن سلک طریقهم واتبع سنتهم إلى یوم الدین... أما بعد: فان بیان موضوع البحث الموسوم بـ(أثر جائحة فایروس کورونا على المواعید الاجرائیة – دراسة مقارنة)، وتسلیط الضوء على مضامینه یقتضی عرض هذه المقدمة فی الفقرات الآتیة: أولا: مدخل تعریفی بموضوع البحث کانت القوة – فیما مضى - هی الفیصل فی فض المنازعات واقتضاء الحقوق اذ کانت هی التی توجد الحق وثبته وتحمیه لذا امست حیاة الشعوب الغابرة سلسلةً من المعارک والحروب لإیجاد حق او اثبات نسبته أو حمایته من ای اعتداء یقع علیه، الا هذا الوضع تلاشى تدریجیا لعوامل مختلفة وبنشوء فکرة الدولة وفصل السلطة الدینیة عن المدنیة منعت السلطة - ممثلة بالحاکم بعد ان قویت شوکته - الافراد من اقتضاء حقوقهم بأنفسهم لأنفسهم بل علیهم اللجوء الى قضاء الدولة ممثلا بالمحاکم لاقتضاء ولحمایة تلک الحقوق، وسارت الدول الحدیثة على هذا المبدأ وضمنته فی دساتیرها على الرغم من وجود بعض الحالات الاستثنائیة فی اضیق نطاق ممکن على وفق ضوابط صارمة ومحددة ومکفولة بالقانون ایضا، وقد نصت المادة 19/ثالثا من دستور جمهوریة العراق لعام 2005 على انه: "ثالثاً: التقاضی حق مصون ومکفول للجمیع"، لذا یعد حق اللجوء الى القضاء یعد من الحقوق الدستوریة الاساسیة للأفراد التی لا یجوز حرمانهم منها تعسفا، وتطبیقا لذلک یقع على عاتق الدولة واجب کفالته وفتح الطریق أمام الافراد للجوء الى المحاکم وتذلیل الصعوبات والعقبات التی تعترض ذلک. واذا کان الاصل ان الفرد یباشر حقه فی اللجوء الى القضاء بواسطة الدعوى بالمطالبة القضائیة أمام المحاکم فتنعقد الخصومة لیصدر حکما فی موضوعها على وفق السیر العادی للأمور الا انه قد یعترض ذلک عارض یتمثل بقوة قاهرة بوصفها واقعة او حدث او ظرف یستقل عن ارادة الافراد، لا یمکن توقعه او دفعه او استبعاد نتائجه الضارة، من شأنها ان تجعل مباشرة العمل القانونی او القیام به امرا مستحیلا استحالة مطلقة سواء على الصعید الموضوعی او الاجرائی، فتحول بین الافراد وبین امکانیة حمایة حقوقهم او القیام بالواجبات او الالتزامات الملقاة على عاتقهم، فتقطع الرابطة السببیة بین الخطأ والضرر الذی یترتب على ذلک وتعفی الفرد من المسؤولیة الموضوعیة منها او الاجرائیة. وینطبق هذا الوصف على واقعة انتشار وباء فایروس کورونا المستجد الذی اجبر الحکومات فی اغلب بلدان العالم الى اعلان حظر التجوال وتعطیل الدوام فی دوائر الدولة کافة ومنها دور العدالة باستثناء الدوائر الخدمیة ودعوة المواطنین الى المکوث فی دورهم وعدم مبارحتها الا فی حالات الضرورة القصوى وذلک کله للحفاظ على الصحة العامة، مما اقرته خلیة الازمة التی شکلت فی العراق بموجب الامر الدیوانی ذی العدد 55 لسنة 2020 وامرت بتطبیقه واردفه فی ذلک اوامر صادرة عن مجلس القضاء الاعلى بموجب الاعمام ذی العدد 235/مکتب/2020 فی 3/3/2020 الذی یخول فیه المحاکم اتخاذ الاجراءات اللازمة لمواجهة مخاطر انتشار فایروس کورونا المستجد ومن هذه الاجراءات تقلیل عدد المراجعین وتأجیل الدعاوى الذی طبق واقعیا بعدم وجود مراجعین للمحاکم والدوائر العدلیة نتیجة لفرض حالة حظر التجوال على الجمیع باستثناء الکوادر الصحیة والقوات الامنیة والمنظمات الاغاثیة والدوائر الخدمیة، فضلا عن أمر مجلس شورى الدولة ذی العدد 751 فی 5/3/2020 والقاضی بتأجیل دعاوى المحاکم الاداریة. وکما هو معلوم ان اتخاذ الإجراءات القضائیة مقید بمدد ومواعید لا بد من مراعاتها لینتج الاجراء آثاره التی نص علیها القانون، الا ان بقاء الوضع فی ظل الجائحة على ما هو علیه من دون حمایة المواعید الإجرائیة من الانقضاء، قد یلحق الضرر "بالحقوق والمراکز القانونیة" محل الحمایة، فضلا عن الخصوم والعدالة نفسها سواء على صعید القضاء العادی أم المستعجل اذ یکون التأجیل آفة القضاء، وهنا تبرز الحاجة الى إیجاد الحلول القانونیة التی تحمی تلک المواعید من الانقضاء وتکفل للخصوم الحق فی اتخاذ الاجراء وتحمیه من السقوط وتنفی عنه المسؤولیة فی عدم اتخاذها فی وقتها المحدد. ثانیاً: أهمیة موضوع البحث وسبب اختیاره تبدو اهمیة الموضوع فی اهمیة الحدث الواقع أی الجائحة وما ترتب علیها من تعطیل للمصالح وفرضا للتباعد وایقاف لعمل الدوائر ومنها المحاکم، فکان لا بد من التصدی لهذا الامر بالبحث عن الحلول القانونیة التی تحول من دون تراکم الدعاوى والزخم على المحاکم مستقبلا ولمجابهة کل طارئ بدلاً من انتظار انجلاء الازمة فقد شاع سابقا التأجیل آفة القضاء اذ یکون القضاء البطیء اقرب الى الظلم منه الى العدل، بل قد تتطلب بعض الحقوق اتخاذ تدابیر عاجلة یخشى علیها من فوات الوقت، فضلا عن قلة البحوث فی هذا الموضوع بل ندرتها ولاسیما على صعید الفقه القانونی العراقی، وضرورة مواجهة الازمات بدلاً الوقوف موقف المتفرج ووضع الحلول القانونیة اللازمة لمواجهة آثارها. ثالثا: اشکالیة البحث تکمن اشکالیة البحث فی الکشف عن التکییف القانونی السلیم لجائحة فایروس کورونا التی اجتاحت العالم وبیان الأثر الذی یترتب على ذلک على کفالة حق التقاضی بوصفه من الحقوق الاساسیة التی لا یجوز حرمان الانسان منها تعسفا، اذ فرض واقع العمل فی ظلها حالة حظر التجوال وتعطیل الدوام فی المحاکم، فکان لا بد من ایجاد الحلول والبدائل لضمان استمراریة کفالة هذا الحق واستعماله من دون حرمان المتقاضین من حقوقهم والحد من تراکم الدعاوى وبطء التقاضی، فضلا عن بیان أثر تلک الجائحة على اجراءات التقاضی عموما والمواعید الإجرائیة بشکل خاص ووضع الحلول اللازمة فی کل ما یعترضها ومحاولة تطویع تلک الانظمة بما یتلاءم مع الواقع الذی تفرضه الجائحة. رابعا: تساؤلات البحث واشکالیته تبرز مجموعة من التساؤلات فی ظل تعطیل عمل المحاکم والدوائر التابعة لها فی بسبب تفشی جائحة فایروس کورنا المستجد وما ترتب علیها من فرض حالة حظر التجوال وما ترتب علیه من عدم مراعاة المواعید الإجرائیة وعدم احترامها وحرمان الخصوم من مباشرة الإجراءات فی ظلها، التی سنحاول الاجابة علیها فی هذا البحث لنصل بالإجابة عنها الى وضع الحلول القانونیة لمواجهة المشاکل القانونیة التی اثارتها جائحة فایروس کورونا المستجد، ومن اهمها ما یأتی: - ما المقصود بالجائحة، ومتى تکتسب هذا الوصف؟. - ما التکییف القانونی لجائحة فایروس کورونا؟. - ما الطبیعة القانونیة للمواعید الإجرائیة؟. - ما أثر جائحة فایروس کورونا على المواعید والواجبات الاجرائیة؟. - ما مصیر المواعید الإجرائیة فی ظل الجائحة؟. - ما مدى مسؤولیة الخصوم عن فوات المواعید الإجرائیة؟. - ما وسائل حمایة المواعید الاجرائیة فی ظل الجائحة؟. - ما مدى کفایة الإجراءات التی اتخذتها الجهات ذات العلاقة فی حمایة المواعید الإجرائیة؟. رابعا: هدف البحث یهدف البحث الى بیان الطبیعة القانونیة لجائحة فایروس کورونا وبیان أثرها على اجراءات التقاضی من خلال بیان اثرها على المواعید الإجرائیة، وبیان الوسائل القانونیة التی یجب اللجوء الیها التی تکفل حق التقاضی وتحمی المواعید الإجرائیة من الانقضاء فی ظل الجائحة وتحقیق العدالة بدلاً من تعطیلها، واقتراح الحلول اللازمة لمواجهة هذه الجائحة ومثیلاتها. خامساً: منهجیة البحث سنعتمد فی کتابة هذا البحث على المنهج التحلیلی الذی یقوم على اساس تحلیل النصوص القانونیة والقرارات القضائیة والآراء الفقهیة التی تتعلق بموضوعه، فضلا عن المنهج المقارن سواء من حیث مقارنة النصوص القانونیة الواردة فی القانون العراقی وما یقابلها فی قوانین الدول الاخرى کالقانون المصری والفرنسی او الآراء الفقهیة والاحکام القضائیة مع مثیلاتها فی تلک الدول واستخلاص الحلول القانونیة اللازمة لدیمومة سیر العدالة وعدم تعطیلها فی ظل الجائحة. سادساً: نطاق البحث ینحصر نطاق البحث فی بیان أثر جائحة فایروس کورونا المستجد على المواعید الإجرائیة فی اطار الدعوى المدنیة وبیان الوسائل الکفیلة لمباشرة حق التقاضی فی ظل الجائحة تلافیا لآثارها الضارة بالعدالة وحقوق الافراد ومراکزهم القانونیة. سادساً: هیکلیة البحث ان بیان اثر جائحة فایروس کورونا على المواعید الإجرائیة یقتضی ان نبحث فی هذا الموضوع على وفق الآتی: المبحث الأول: ماهیة جائحة فایروس کورونا. المطلب الأول: تعریـــــــف جائحــــة فایــــــروس کـــــورونا. المطلب الثانی: التکییف القانونی لجائحة فایروس کورونا. المبحث الثانی: أثر جائحة فایروس کورونا علـــــــى المواعید الإجرائیة. المطلب الأول: مفهوم المواعید الإجرائیة محل الحمایة من آثار الجائحة. المطلب الثانی: أثر الجائحة على المواعید الإجرائیة وصــــــور حمایتها. الخاتمة. المبحث الأول مــاهیـة جائـحة فایروس کورونا تعد الجائحة ولاسیما جائحة فایروس کورونا من اهم العوامل المؤثرة على انسیابیة کفالة حق التقاضی وعلى اجراءات الدعوى المدنیة ومواعیدها الاجرائیة، مما یدعونا الى بیان ماهیة الجائحة بالوقوف على تعریفها، ومن ثم تحدید التکییف القانونی لها، وبناء على ذلک "سنعرض هذا المبحث على وفق ما یأتی: "المطلب الأول: تعریف جائحة فایروس کورونا. المطلب الثانی: التکییف القانونی لجائحة فایروس کورونا. المطلب الأول تعـریـف جائحة فایروس کورونا لاشک ان مصطلح الجائحة من المصطلحات التی تبنتها منظمة الصحة العالمیة فی وصف وباء فایروس کورونا المستجد، لذا لا بد من تعریف الجائحة فی اللغة العربیة وفی الاصطلاح على وفق ما یأتی: الفرع الأول: تعریف الجائحة فی اللغة العربیة. الفرع الثانی: تعریف الجائحة فـــــی الاصطلاح.
الفرع الأول تعریف الجائحة فی اللغة العربیة الجائحة مؤنث الجائح وجمعها جوائح المصیبة، والجائحة الآفة التی تهلک الثمار والاموال وتستأصلها فمن اصابته جائحة بلیة، تهلکه. ونجد بعد استقراء معاجم اللغة العربیة، ان مصطلح الجائحة لا یغطی سوى ما یصیب مال الفرد أو الجماعة من محاصیل أو غیرها مما یدخل فی الذمة المالیة، ولا یمکن ان تمس ذواتهم أو ابدانهم من اوبئة أو امراض، مما یجعل هذا المصطلح لتغطیة الوباء المنتشر حول العالم فی نظرنا فی غیر محله من الناحیة اللغویة، لان اللغة اداة للتبلیغ والتوصیل، ومن ثم یجب ان تحاط بالاعتبار والاعتناء حتى لا یسیر القارئ العادی على خطأ سکت علیه المختصون فی اللغة، لذا یمکننا إثارة التساؤل لماذا اطلق على فایروس کورونا مصطلح الجائحة؟ ونجد بعد البحث فی التمیز ما بین الوباء والجائحة ان الذی دفع منظمة الصحة العالمیة الى اعلان ان فایروس کورونا المستجد جائحة عالمیة، هو الانتشار الواسع الذی أصاب العالم بهذا الفایروس اذ لم یقتصر على دولة أو دول متجاورة معنیة، وانما شمل العالم بأسره مما یصعب السیطرة علیه، ومن ثم هدد صحة الناس وتطلب إجراءات وتدابر طبیة سریعة وخطط عاجلة لإنقاذ البشر، فضلا عن انه یمکن لأهل الصنعة والفن اخراج الکلمة من معناها اللغوی المُعتاد الى معنى اصطلاحی یتلاءم مع صنعتهم وفنهم.
الفرع الثانی تعریف الجائحة اصطلاحاً لابد من تعریف الجائحة فی الاصطلاح من ان نبین تعریفها فی الاصطلاحین القانونی والفقهی، على وفق الآتی: اولا: مدلول الجائحة فی الاصطلاح القانونی قبل ان نعرف الجائحة فی الاصطلاح القانونی، نطرح التساؤل الآتی هل للجائحة وجود حقیقی فی ظل احکام القانون المدنی و"قانون المرافعات المدنیة العراقی"؟ بالرجوع الى نص المادة 211 من القانون المدنی العراقی رقم 40 لســنة 1951 المعدل، "التی جـاء فیها" انه: "اذا اثبت الشخص ان الضرر قد نشأ عن سبب اجنبی لا ید له کآفة سماویة أو حادث فجائی أو قوة قاهرة أو فعل الغیر أو خطأ المتضرر کان غیر ملزم بالضمان ما لم یوجد نص أو اتفاق على غیر ذلک"، واشار المشرع فی هذا النص الى صور السبب الأجنبی، فی مصطلحات متغایرة من حیث اللفظ ومترادفه من حیث المعنى بدلالة ان المشرع استخدم کلمة أو وهنا جاءت للتخییر، مما یدل على ان لفکرة الجائحة وجود حقیقی فی ظل القانون المدنی وان لم یصرح بلفظها المشرع العراقی، ومن ثم یمکن ان تُعد صورة من صور السبب الأجنبی، الذی یؤدی الى قطع العلاقة السببیة بین رکنی الخطأ والضرر وهما ارکان للمسؤولیة سواء کانت عقدیة أم تقصیریة. ویمکن ان نستنتج من احکام "قانون المرافعات المدنیة العراقی"رقم 83 لسنة 1969 المعدل، الذی یعد مرجعاً قانونیاً اجرائیاً، لفکرة الجائحة وجودها فی ظل هذا القانون على الرغم من عدم الإشارة الیها ویمکن الوصول الیها بالقیاس، اذ یتوقف نظر الدعوى فترة من الزمن لتحقق حالة من حالات الانقطاع، وکما ان اسباب الانقطاع لا ید للخصم فی وقوعها فهو کذلک الجائحة وهنا اتحدت العلة، لذا یمکننا استنتاج الإشارة الى وجود الجائحة فی قانون المرافعات المدنیة على الرغم من ان المشرع العراقی جعل أسباب الانقطاع الواردة "فی نص المادة (84) من قانون المرافعات المدنیة واردة على سبیل الحصر، ومن ثم" لا تتوقف الخصومة لأی سبب اخر بغیر أسباب الانقطاع التی نص علیها القانون. ویتضح مما تقدم انه على الرغم من ان المشرع العراقی والتشریعات القانونیة محل المقارنة قد أشاروا الى وجود الجائحة سواء بالتصریح بها بألفاظ مرادفة لها فی المعنى أو إمکانیة استنتاج وجودها، فانهم لم یتطرقوا الى تعریفها على الرغم من أهمیة هذه الفکرة بوصفها مطلباً "ضروریاً وامراً ملحاً تقضیه قواعد العدالة، ولاسیما فی ظل" الاحداث والظروف التی یمر بها العالم الیوم من انتشار الجائحة التی تتمثل بفایروس کورونا المستجد، ویبدو ان عدم "ایراد المشرع للتعاریف من" المواقف السلیمة التی تحسب له، اذ یعد ایراد "التعریف من المآخذ التی تؤخذ علیه عند سن التشریع"، الا اذا کان المصطلح یثیر خلافاً فی الفقه والقضاء لذا یکون لزاماً حینذاک على المشرع ایراد التعریف منعاً للاختلاف فی التفسیر وغلقا لباب الاجتهاد فی غیر ما قصده، ولعل من مسوغات عدم ایراد التعریف "انه من الصعوبة إعطاء تعریف جامع مانع یغطی الوقائع التی یمکن ان تندرج تحته"، فضلاً عن ان مصطلح الجائحة من المصطلحات المرنة والمتطورة والمتجددة من دون وجود معاییر وضوابط ثابتة یمکن الاستناد الیها لوصف مسألة معینة انها جائحة أم غیر ذلک، لذا یعد ترک مثل هذه المسائل للفقه والقضاء من المسائل الجدیرة بالتأیید. ثانیا: تعریف الجائحة فی اصطلاح الفقه القانونی لخلو التشریعات ذات العلاقة من ایراد تعریف لمصطلح الجائحة، "فقد کان من الطبیعی والحال هذا، ان یجتهد الفقه من جانبه فی تقدیم تعریف عام لها، لذا تعددت التعریفات التی قیلت بشأنها، ومهما تعددت التعریفات لهذا المصطلح، فان ذلک لا یعدو اکثر من یکون اختلافاً فی الصیاغة فحسب من دون المضمون". "فهناک من عرف" الجائحة بأنها: کل ما یدور فی فلک الهلاک وهی النازلة العظیمة التی تصیب المال فتهلکه، وعُرفت بأنها: کل ما لا یستطیع دفعه ان علم بها، وعُرفت بأنها: الافة السماویة من دون صنع الادمی، ویتبین بعد عرض هذه التعریفات لنا ان للجائحة سمات وخصائص هی: 1- ان العبرة بالنتائج التی تحققها الجائحة، ولا فرق بین قلیل الجائحة وکثیرها، وتقاس الجائحة بالأثر الذی ترتبه مهما قلت أو کثرت. 2- نطاق انتشار الجائحة، اذ لا بد من سعة رقعة انتشارها لکی توصف بذلک، مما حدا بمنظمة الصحة العالمیة على وصف وباء فایروس کورونا المستجد بانه جائحة، لسعة انتشاره لیشمل العالم بأسره، فلم ینجُ بلد من بلدان العالم من التعرض له، لذا تختلف الجائحة عن الوباء الذی سبق واشرنا الى ضیق نطاق رقعة انتشاره مکانیا. 3- عدم إمکانیة توقع حصول الجائحة والتحرز منها وعدم امکانیة ردها من دون النظر للمتسبب فی وقوعها، سواء کانت ناتجة عن آفة سماویة أو من صنیعة البشر، ویوجد فی بعض الأحیان اشتراک فی المتسبب مما یصعب تمییزها هل هی سماویة أم بشریة أو أیة صفة منهما هی الغالبة؟. ومما تقدم فانه یمکن ان نعرف الجائحة بأنها: هی کل أمر خارج عن إرادة الانسان ولا یستطیع توقعه أو دفعه أو التحرز منه ویتسم بالانتشار الواسع وله اثار مادیة ملموسة بجعل تنفیذ الالتزام أیاً کانت طبیعته موضوعیا کان أم اجرائیا أمراً مستحیلا على الملتزم به من دون النظر الى المصدر المتسبب فی حداثه. وباعتقادنا ان هذا التعریف یعد جامعاً مانعاً، لأنه بین اسباب الجائحة سواء کانت بفعل الطبیعة أم الانسان وبین شروطها من حیث أنها وقعت خارج ارادة الانسان او الملتزم ولا یمکن توقع حدوثها ولا دفعها او التحرز منها بسهولة ویسر، واشار التعریف الى نطاق انتشارها والأثر الذی یترتب على وقوعها باستحالة تنفیذ الالتزام سواء فی نطاق القواعد القانونیة الموضوعیة أم الاجرائیة. ویمکننا حصر نطاق التعریف فی إطار القوانین الاجرائیة لیکون على وفق ما یأتی: کل امر خارج عن ارادة الخصم بحیث لا یستطیع توقعه او دفعه یجعل من اتخاذ الاجراءات القضائیة تنفیذا لحق او اداءً لواجب اجرائی او انعقاد المحکمة امراً مستحیلاً. المطلب الثانی التکییف القانونی لجائحة فایروس کورونا لغرض بیان أثر جائحة فایروس کورونا المستجد على المواعید الاجرائیة، فإننا بحاجة الى تکییف هذه الجائحة، هل هی قوة قاهرة أم ظرف طارئ؟، لما لهذا التکییف أهمیة فی تحدید الآثار القانونیة التی تترتب عند تطابق أی من الوصفیین المشار الیهما انفاً على جائحة فایروس کورونا المستجد، ولکی نستطیع ان نحدد ذلک لا بد من ان نبحث فی مفهوم القوة القاهرة وشروطها، فضلا عن مفهوم الظروف الطارئ وشروطه، وهل یوجد تمایز بین المصطلحین أم انهما مترادفین وأیهما اقرب الى وصف الجائحة؟، والاجابة على کل ما تقدم یمکن بیانها وفق ما یأتی: الفرع الأول: جائحة فایروس کورونا قــــــوة قاهرة. الفرع الثانی: جائحة فایروس کورونا ظرف طارئ.
الفرع الأول جائحة فایروس کورونا قوة قاهرة تعد القوة القاهرة التی أشار الیها المشرع العراقی بوصفها أحد صور السبب الأجنبی، سببا من الأسباب أو الظروف التی تحول بین الافراد وبین القیام بواجباتهم أو ممارسة حقوقهم سواء الموضوعیة منها أم الإجرائیة أو أداء الواجبات الإجرائیة او الموضوعیة التی تناط بهم، وعلى الرغم من ان المشرع العراقی ذکر مصطلح القوة القاهرة الا انه لم یورد له تعریفاً خاصاً، مما حدا بالفقه القانونی الى بحث هذه الفکرة سواء على الفقه القانونی الموضوعی أم الفقه القانونی الاجرائی. لذا عرف اتجاه فی فقه القانون الموضوعی القوة القاهرة بأنها: "کل أمر أو حادث لا یمکن توقعه ودفعه ویجعل تنفیذ الالتزام مستحیلاً استحالة مطلقة"، وعرفها جانب آخر فی هذا الفقه بأنها: حوادث غیر متوقعة ولا یمکن دفعها مثل الفیضانات أو الغزو الأجنبی، اما على صعید الفقه الاجرائی، فقد عرف جانب منه القوة القاهرة بأنها: "کل ما من شأنه ان یجعل الخصم فی حالة استحالة مطلقة تعیق مباشرته للإجراء فی میعاده أو تمنعه من استکمال العناصر التی تکون الإجراءات وتضمن صحتها"، بینما عرفها اتجاه اخر فیه بأنها: "الواقعة التی لا إرادة للخصم فی حدوثها وترتب علیها منعه من القیام بالواجبات الإجرائیة ومباشرة الحقوق الإجرائیة فی مواعیدها".
وعرفت محکمة النقض المصریة القوة القاهرة فی قرار لها بأنها: "کل حادث شاذ غیر عادی لم یتوقعه المرء ولا کان فی إمکانه درؤه ویکون نتیجته انه لا یجعل الوفاء بالالتزام عسیراً فحسب بل مستحیلاً"، ونتفق مع ما ذهب الیه جانب من الفقه من أن القوة القاهرة: "حادث لا یمکن للخصم ان یتوقعه ولا یمکن ان یدفعه وهو خارج عن ارادته ویترتب علیه ان یصبح هذا الخصم فی حالة استحالة مطلقة تحول بینه وبین اللجوء الى القضاء للمطالبة بحقوقه ومراکزه القانونیة أو الدفاع عنها أو اتخاذ الإجراءات اللازمة لحمایتها وتنفیذ الواجبات والاعباء الإجرائیة التی تُلقى على عاتقه فی المیعاد الذی حدده المشرع". ویُلحظ فی التعاریف المذکورة انفاً ان الفقه والقضاء یشیدان فی إجازة القوة القاهرة وقبولها، الا ان ذلک لا یکون الا بصعوبة بالغة وتحفظ شدید وباستلزام توفر شروط محددة ومشددة حرصاً على "استقرار الحقوق والمراکز القانونیة" فی المجتمع وهذه الشروط هی: اولاً: عدم توقع الخصم للواقعة التی یُراد اسباغ وصف القوة القاهرة علیها للتمسک بها یجب ان تکون الواقعة التی یتمسک بها الخصم بوصفها قوة قاهرة من غیر الممکن توقع حدوثها، فاذا امکن توقع حدوثها فإنها لا تعد قوة قاهرة حتى لو استحال دفعها ویقدر عدم امکان التوقع تقدیراً موضوعیاً مجرداً لا شخصیاً فلا یکفی ان تعد الواقعة غیر متوقعة الحدوث بالنسبة للخصم ذاته، بل یجب ان تکون کذلک بالنسبة الى الشخص العادی الحریص على اموره ومصالحه، اما اذا کانت هذه الواقع متوقعة الحدوث بان کان الخصم على علم بوقوع هذه الظروف او الوقائع أو انه شک أو تصور وقوعها، فلا یمکن أن تعد قوة قاهرة حتى لو استحال دفع اثارها. ثانیاً: استحالة إمکانیة دفع الخصم للواقعة التی یُراد اسباغ وصف القوة القاهرة علیها یشترط لإسباغ وصف القوة القاهرة على الواقعة التی ینجم عنها عدم إمکانیة مباشرة الاجراء فی المیعاد المحدد ان یستعصی على الخصم دفعها، ولا یکون بالإمکان دفع وقوعها وتلافیها والتغلب علیها ولو بذلت تضحیات کثیرة، ویعد هذا الشرط فی الواقع شرطاً بدیهاً تقتضیه الفکرة التی تقوم علیها القوة القاهرة، اما اذا کان بإمکان الخصم مواجهة هذه الظروف والوقائع وکان بإمکانه التغلب علیها فلا تعد الواقعة قوة قاهرة، والمعیار المعتمد فی تقدیر توفر هذا الشرط من عدمه هو معیار موضوعی یأخذ بالظروف الموضوعیة فحسب من دون الشخصیة. ثالثاً: ان تتحقق الواقعة التی یُراد اسباغ وصف القوة القاهرة علیها بصورة خارجة عن الإرادة لکی تعد الواقعة التی یتمسک بها الخصم قوة قاهرة لا بد من ان تکون اجنبیة عنه، أی ان لا یکون هناک دخل لإرادته فی احداثها أو لیده مساهمة فی وقوعها ولم تکن نتیجة لإهماله وتقصیره فاذا کان لإرادة الخصم دخل فی عدم مباشرة الاجراء فی میعاده المحدد کانت المخالفة نتیجة لتقصیره أو اهماله، فلا یجوز له ان یتمسک بها بوصفها قوة قاهرة حتى لو ترتب على ذلک عدم تمکنه من اتخاذ الإجراءات اللازمة للمحافظة على حقوقه ومراکزه القانونیة أو لممارسة حقوقه وواجباته الإجرائیة فی المواعید التی نص علیها المشرع. رابعاً: عمومیة الواقعة التی یُراد اسباغ وصف القوة القاهرة علیها وشمولیتها یجب ان تکون الواقعة المُراد اسباغ وصف القوة القاهرة متسمة بالعموم، وذلک بسعة نطاق الواقعة التی تحققت سواء من حیث عدد الافراد التی أثر علیهم تحققها أو الرقعة الجغرافیة التی غطتها، من دون ان تقتصر على فئة معینة أو مساحة معینة. خامسا: استحالة تنفیذ ما اوکل الى الخصم لتحقق التی یُراد اسباغ وصف القوة القاهرة علیها لکی نکون أمام قوة قاهرة فانه لا بد من ان یترتب علیها استحالة تنفیذ الخصم لما فرض علیه من واجبات، فضلا عن عجزه التام عن مباشرة حقوقه الاجرائیة، لأسباب لا دخل لإرادته فی احداثها، على ان تکون هذه الاستحالة مطلقة بالنسبة الى هذا الخصم او غیره من الخصوم للجائحة أی ان تکون قوة قاهرة عامة، ولیست خاصة بظروف خاصة احاطت بالخصم وحدة من دون غیره من الخصوم او الافراد فتلک - ان صح التعبیر – قوة قاهرة خاصة بالفرد وحده، ومن نتائج القوة القاهرة انها تقطع العلاقة السببیة بین الخطأ والضرر، فلا تترتب على الخصم المتقاعس عن عدم مباشرة الاجراءات وفوات المدد الاجرائیة بسببها ایة مسؤولیة لعدم اتخاذ الاجراء. وتمثل الواقعة من حیث عدها قوة قاهرة أم لا مسألة واقع یخضع لتقدیر محکمة الموضوع، ولا تخضع هذه الأخیرة لرقابة محکمة التمییز الا اذا اخطأت فی تقدیر الواقع وکان تقدیرها فی غیر محله، وهذا ما أکدته محکمة التمییز العراقیة فی قرار لها جاء فیه: "لیس للمحکمة الاعتماد على رأی الخبیر لتحدید القوة القاهرة لأن ذلک من الأمور القانونیة التی تبت بها المحکمة نفسها". الفرع الثانی جائحة فایروس کورونا ظرف طارئ اما فیما یتعلق بالظرف الطارئ، فنجد تعریفات کثیرة تتنفق من حیث معنى على مفهوم واحد وان اختلفت فی الالفاظ، فقد عرف جانب من الفقه الظرف الطارئ بأنه: "الحالة الاستثنائیة التی یطرأ فیها بعد ابرام العقد وقبل تنفیذه حادث لم یکن متوقعاً من شأنه ان یؤدی أی اختلال التوازن بین التزامات الطرفین اختلالاً فادحاً اذ یصبح الالتزام الملقى على عاتق الدین مرهقا له ارهاقاً شدیداً، ویترتب على تنفیذه خسارة فادحة"، وعرفه جانب اخر فی الفقه بأنه: "حالة عامة غیر مألوفة أو غیر طبیعیة أو واقعة مادیة عامة لم تکن فی حسبان المتعاقدین وقت التعاقد ولم یکن فی وسعهم ترتیب حدوثها بعد التعاقد ویترتب علیها ان یکون تنفیذ الالتزام التعاقدی مرهقاً للمدین اذ یهدده بخسارة فادحة وان لم یصبح مستحیلاً"، ویلحظ ان الأثر الذی یترتب على الظرف الطارئ أنه یجعل تنفیذ الالتزام مرهقاً لا مستحیلاً. اما عن الشروط الواجب توفرها فی الواقعة لتعد ظرفاً طارئاً، فانه یمکن استخلاصها من نص الفقرة الثانیة من المادة 146 من القانون المدنی العراقی، وهذه الشروط هی: 1- ان یکون التصرف القانونی أی العقد متراخی التنفیذ، بمعنى ان یکون العقد من العقود المستمرة التنفیذ أی من العقود الزمنیة من ذلک على سبیل المثال عقد الایجار، أو قد یکون من العقود الفوریة ولکن یکون تنفیذها مؤجلاً. 2- ان تطرأ حوادث استثنائیة عامة بعد ابرام العقد، ویقصد بالحوادث الاستثنائیة الاحداث التی تخالف السیر العادی للأمور والمسائل قبل تحقق تلک الاحداث، ولا تتعلق هذه الظروف العامة بفئة معینة أو بشخص معین کالمدین، وان تتسع لتشمل منطقة معینة أو إقلیم معین. 3- الا تکون تلک الظروف متوقعة عند ابرام العقد، اذ یجب الا تکون فی حسبان المتعاقد، فان کان العکس کان بالإمکان دفع هذه الظروف وتجنبها والاحتیاط لها. 4- ان تجعل تلک الظروف تنفیذ الالتزام ان لم یکن مستحیلاً فانه یکون مرهقاً للمدین والارهاق هو الخسارة الفادحة التی تلحق به جراء التنفیذ. وبما ان بعض اجراءات التقاضی تحمل سمات التصرف القانونی، فان هناک امکانیة لانطباق بعض شروط نظریة الظروف الطارئة على الخصومة المدنیة بوصفها سلسلة من الاجراءات المستمرة التی تبدأ بالمطالبة القضائیة وتنتهی بصدور الحکم التی یلعب الزمن فیها دورا بارزا، فان اثر نظریة الظروف الطارئة بجعل تنفیذ الالتزام مرهقا لا یمکن تطبیقه فی نطاق الاجراءات، اذا ما القی على الخصم واجب او عبء اجرائی وحل ظرف طارئ لان الواجب یفرض اما لمصلحة الخصم الذاتیة او لحمایة الخصم الاخر او لتحقیق المصلحة العامة، فلا یمکن تخفیف واجب مفروض على خصم وزیادة واجبات الخصم الاخر فلسنا فی اطار التعاقد، فضلا عن ان الجائحة التی نحن بصددها لا تجعل مباشرة الخصم لحقوقه او واجباته الاجرائیة مرهقا فحسب، بل مستحیلاً. وبعد هذا العرض المتقدم عن فکرتی القوة القاهرة والظروف الطارئة، یمکننا إثارة تساؤل مفاده الآتی: هل یغنی وصف احدى هاتین الفکرتین عن الاخرى بمعنى هل یوجد تقارب أم اختلاف بین الفکرتین؟ ومن ثم ما هی الفکرة الأکثر انطباقاً لتکییف الجائحة والمقصود هنا جائحة فایروس کورونا؟ فی الواقع تقترب فکرة القوة القاهرة من الظروف الطارئة من حیث مصدر کل منهما الذی یتمثل بالواقعة التی یمکن ان تشکل قوة قاهرة، وفی الوقت ذاته ظرف طارئ کما لو حل وباء معین، فضلا عن تماثلهما من حیث الشروط فلکل منهما ذات الشروط التی تستلزمها الأخرى من عدم توقع وخروجها عن إرادة الخصم وعدم إمکانیة دفعها وکذلک تماثلهما من حیث وقت حصولها سواء قبل مباشرة العمل الاجرائی أو بعده یتطابق والحال على المدین قبل مباشرته تنفیذ التزاماته أو بعده، الا انه تبرز ثمة أوجه اختلاف بین الفکرتین نوجزها فی النقاط الآتیة:
1- ینحصر نطاق الظروف الطارئة فی الالتزامات العقدیة التی تنشأ عن العقود المبرمة سواء اکانت مستمرة التنفیذ ام فوریة التنفیذ ولکن کان تنفیذها مؤجلاً، فی حین ان نطاق القوة القاهرة لا یقتصر على الالتزامات العقدیة بل یشمل کل التزام یفرضه القانون، مما یعنی ان نطاقها لا یتعلق بالمسؤولیة العقدیة فحسب کما فی الظروف الطارئة وانما یتعلق حکمها فضلاً عن ذلک فی نطاق المسؤولیة التقصیریة، کالإخلال بالواجبات الإجرائیة. 2- من حیث الأثر الذی یترتب على تحقق أیاً منهما، اذ رتب المشرع العراقی على تحقق الظرف الطارئ اعطاء المحکمة بعد الموازنة ما بین مصلحة الطرفین ان تنقض الالتزام المرهق للمدین الى الحد المعقول ان اقتضت العدالة ذلک وکل اتفاق یخالف ذلک یقع باطلاً، فی حین ان أثر القوة القاهرة یتمثل بعدم الزام الطرف المُقصر اذا استطاع ان یثبت ان الضرر نشأ عن القوة القاهرة وان لا ید له فی حدوثها ما لم یوجد اتفاق أو نص یقضی بخلاف ذلک، ویتمثل أثر القوة القاهرة على صعید القانون الاجرائی بوقف المدد القانونیة وبطلان جمیع الإجراءات التی تتخذ فی فترة التوقف. 3- من حیث إمکانیة الاتفاق على خلاف ما هو مقرر اتخاذه عند تحقق کل من الظرف الطارئ او القوة القاهرة کلیهما، نجد ان المشرع العراقی منع الاتفاق على تعدیل آثار الظرف الطارئ ویعد کل اتفاق یحول من دون ذلک باطلاً، فی حین أجاز فی اطار القوة القاهرة الاتفاق على عکس ما نص علیه فی القانون بعدم الزام من احدث الضرر بالضمان فی حال اثباته ان الضرر لا ید له فیه، اذ یمکن بقاء الضمان والزامه به حتى لو اثبت القوة القاهرة التی حالت من دون تنفیذه لالتزامه طالماً وجد اتفاق بذلک. ونصل بعد عرض أوجه الشبه والاختلاف ما بین القوة القاهرة والظرف الطارئة، الى نتیجة مؤداها وجود تمایز ملحوظ بین الفکرتین، وفی هذا المجال نثیر تساؤلاً مفاده: ما التکییف القانونی لجائحة فایروس کورونا؟، أتعد قوة قاهرة أم حادث طارئ؟، وللإجابة عن ذلک یمکننا القول بأن جائحة فایروس کورونا المستجد تعد قوة قاهرة، من خلال اسقاط الشروط الواجب توفرها فی القوة القاهرة على هذه الجائحة، اذ تعد جائحة فایروس کورونا المستجد واقعة یستحیل على الأفراد توقعها أیاً کان المرکز القانونی الذی یتصفون به سواء فی نطاق القانون الموضوعی أم نطاق القانون الاجرائی، فضلا عن عدم إمکانیة هؤلاء الافراد فی دفع هذه الجائحة أو مقاومتها فقد وقف العالم شبه عاجز ان لم نقل عاجز تماماً عن دفعها على الرغم من الجهود الجبارة التی تبذل فی سبیل دفعها، فضلا عن ان وقوع هذه الجائحة هو أمر خارج عن الإرادة، فضلا عن اتصاف الجائحة بصفة العموم من حیث سعة نطاق انتشارها اذ شملت اغلب دول العالم ان لم نقل جمیعها، مما یدلل على إمکانیة ان تعد جائحة فایروس کورونا المستجد قوة قاهرة لها الأثر القانونی ذاته على حق التقاضی وإجراءات الدعوى المدنیة الذی نحن بصدد بحثه. ومما یدعم وجهة نظرنا فی ان تعد جائحة فایروس کورونا المستجد قوة قاهرة ما ذهبت الیه محکمة التمییز الاتحادیة فی قرار لها على انه: "لدى التدقیق والمداولة لوحظ بان الحکم الممیز قد صدر من محکمة الاستئناف بصفتها الاصلیة بتاریخ 1/3/2020 وطعن المستأنف به تمییزاً بتاریخ 24/4/2020 (وهو خارج المدة المنصوص علیها قانوناً لأن الثابت بان خلیة الازمة المرکزیة فی العراق المشکلة لمواجهة جائحة کورونا قد اصدرت قرارها بفرض الحظر الشامل على التنقل وضرورة بقاء المواطنین جمیعا فی دورهم للوقایة من الاصابة بالأمراض من 1/اذار/2020 ثم اصدرت قرارها اللاحق بتاریخ 21/4/2020 بتخفیف الحظر وجعله جزئیا وازاء هذا الوضع الاستثنائی یعد فرض حظر التجوال ونتیجة انقطاع الدوام الرسمی فی المحاکم لتفشی وباء فایروس کورونا قوة قاهرة ومن آثارها انقطاع مدد الطعن القانونیة ومنها مدة الطعن التمییزی بالأحکام والقرارات لان انتشار وباء فایروس کورونا فی انحاء العالم جمیعه ومنها بلدنا العراق یعد واقعاً استثنائیاً غیر متوقع بالمرة ولأن الایام التی شملها الحظر وانقطاع الدوام الرسمی لا یمکن احتسابها ضمن المدد القانونیة للطعن تمییزا ویقتضی تجنبها، وازاء هذا الوضع صدر اعمام مجلس القضاء الاعلى بالعدد 41 فی 6/4/2020 ولعدم انقضاء مدة الطعن التمییزی التی تبلغ ثلاثین یوما واحتساب المدد من تاریخ صدور الحکم لغایة الطعن به فیکون الطعن التمییزی مقدما فی مدته القانونیة) قرر قبوله شکلا ولدى عطف النظر على الحکم الممیز وجد انه صحیح وموافق للقانون من حیث النتیجة ...". اذ یشیر القرار بشکل واضح وصریح بأن جائحة فایروس کورونا المستجد وما صاحبها من حظر للتجوال وایقاف للدوام الرسمی تعد قوة قاهرة تعفی الخصم من مباشرة حقوقه الاجرائیة او القیام بالواجبات الاجرائیة المفروضة علیه بحکم القانون أو بأمر من المحکمة على ان یباشرها بعد زوال اثار هذه الواقعة من دون ان یؤدی ذلک الى سقوط حقوقه لعدم مباشرتها بوصفه صورة من صور الجزاءات الاجرائیة لعدم قیامه بالواجبات الاجرائیة التی تلقى على عاتقه. وبذات الاتجاه ذهب القضاء الفرنسی اذ کیفت محکمة استئناف کولمار فی فرنسا هذه الجائحة بوصفها قوة قاهرة، وقد نصت فی قرارها على ان: "أسباب القرار: تجدر الإشارة الى انه فی ضوء الوباء، فان کوفید 19 قید التقدم ویستدعی اتخاذ تدابیر احتوائیة وعملیة تتخذها السلطات العامة وخیر مثال على ذلک فی هذا السیاق ما قام به قسم هوت هین (Hant Rhin) لاحتضان النقطة المحوریة الرئیسة للوباء فی فرنسا الذی تمیز بدرجة عدوى کبیرة من المحتمل ان تشکل مخاطر حقیقیة وخطیرة بما فیه الکفایة للموظفین المطلوبین جمیعاً لضمان عقد الجلسة بحضور الشخص المحتجز فی منطقة الانتظار وسیتم البت فیها من دون حضور هذا الأخیر ممثلاً بمحامیه المختار الذی تم الاستماع الى ملاحظاته والظروف المذکورة فی أعلاه التی تجسد حالة القوة القاهرة .....، ونظراً للازمة الصحیة الحالیة باعتبارها قوة قاهرة یبدو طلب التمدید لا یتوافق مع احکام المادة (3 – 222 L) من قانون اقامة الاجانب ودخولهم وحق اللجوء اذ لا یظهر الوقت الملائم لضمان مغادرة منطقة الانتظار من الخارج". وانطلاقاً مما تقدم ومن خطورة جائحة فایروس کورونا المستجد على صحة الانسان بوصفها من الاوبئة الجسیمة والخطیرة، التی تحول بین الخصم وبین حقه فی اتخاذ الاجراءات وبین القضاة وتشکیل المحکمة، وما رافقها من حالة لفرض حظر التجوال والتأکید على التباعد الاجتماعی وتعطیل الدوام الرسمی فی المحاکم؛ تعد هذه الجائحة قوةً قاهرةً، لذا یستطیع من اصابه الفایروس الخطیر هذا ان یتمسک أمام القضاء بالقوة القاهرة التی حالت بینه وبین مباشرة وتنفیذ الواجبات والاعباء المکلف بها فی مواعیدها المحددة، کذلک من کان تحت طائلة حظر التجوال وان لم یکن مُصابا بسبب تعطیل الدوام فی المحاکم والدوائر التابعة لها. المبحث الثانی أثر جائحة فایروس کورونا على المواعید الاجرائیة تبدو أهمیة المواعید الاجرائیة، فی الربط بین اجراءات الخصومة بوصفها احدى المظاهر الشکلیة فی قانون المرافعات المدنیة فضلا عن الاوضاع التی حددها القانون، کما انها ترمی الى تحدید النشاط الاجرائی للخصوم بمدة زمنیة، فالغایة منها هی تحقیق غرض تنظیمی یتکفل بحسن سیر الدعوى والمرافعة والحیلولة من دون اطالة امد النزاع بالفصل فی الدعاوى التی تُقام من اجله والحد من اسباب التسویف والمماطلة وتوفیر الفرصة للخصم لأعداد وسائل الدفاع،مما یقتضی حمایتهم من المفاجأة وتمکینهم من فرصة اتخاذ ما یقررونه من اجراءات التقاضی فی تروٍ، فضلاً عن انها تؤدی الى التوفیق بین المبدأ الذی یقضی بضرورة تبسیط اجراءات التقاضی وسرعة الفصل فی المنازعات رعایة للخصوم لکی تستقر مراکزهم القانونیة لذا یحقق اهم المبادئ والاهداف الاساسیة فی قانون المرافعات وهو تحقیق القضاء العادل العاجل. وانطلاقاً مما تقدم لا بد لنا من بیان المقصود بالمواعید الاجرائیة والصور التی اوردها المشرع، ومًصِیَرّ تلک المواعید فی ظل تفشی جائحة فایروس کورونا المستجد، ومدى الحمایة التشریعیة لتلک المواعید الإجرائیة، وذلک على وفق ما یأتی: المطلب الأول: مفهوم المواعید الإجرائیة محل الحمایة من آثار الجائحة. المطلب الثانی: أثر الجائحة على المواعید الإجرائیة وصـــور حمایتها.
المطلب الأول مفهوم المواعید الإجرائیة محل الحمایة من آثار الجائحة إذا کانت قواعد قانون المرافعات المدنیة الاجرائیة تتضمن مجموعة من الإجراءات والمواعید، فان للمواعید الإجرائیة أو القضائیة حیزا بالغ الأهمیة فی قانون المرافعات المدنیة، نظرا لما یترتب علیها من نتائج مهمة وخطیرة فی ذات الوقت، قد تصل أحیانا إلى فقدان الشخص لحقه تماما عند عدم مراعاته لها، وتبدو قیمة هذا العامل (الزمن) فی الإجراءات القضائیة من حیث الارتباط الوثیق بین القواعد الإجرائیة ومواعیدها، وهو ارتباط استلزمته العدالة، یبدأ من تاریخ رفع الدعوى وحتى صدور حکم فیها وحتى یصیر الحکم فی الدعوى باتا، بل وتمتد هذه الأهمیة حتى تمام تنفیذ الحکم فالزمن یضبط مسار الادعاء والدفع والحضور والغیاب والحکم والسقف الزمنی الذی یتقید به فی إصداره و کذلک الطعن فیه وتنفیذه . لذلک لا بد من بیان تعریف المواعید الإجرائیة وبیان طبیعتها القانونیة وصورها، وذلک على وفق ما یأتی: الفرع الأول: تعریف المواعید الإجرائیة واهمیتها. الفرع الثانی: صور المـواعید الإجرائیة وطبیعتها. الفرع الأول تعریف المواعید الإجرائیة واهمیتها ان تعریف المواعید الإجرائیة فی اللغة والاصطلاح وبیان اهمیتها یقتضی عرض هذا الفرع على وفق ما یأتی: أولا: تعریف المواعید الاجرائیة المواعید فی اللغة العربیة جمع میعاد، مشتقة من (وَعَد)، یقال وَعَدْتُه أَعِدُهُ وَعْدًاوهی بمعنى الموعد، والمَوْعِد: موضع التواعد وهو المیعاد، قال تعالى: ﴿قال موعدکم یوم الزینة وان یُحشر الناس ضحى﴾، وتأتی بمعنى المواعدة، المیعاد: المُوَاعَدَة وقت الوعد وموضعه، قال تعالى: ﴿بل زعمتم ان لن نجعل لکم موعداً﴾، وعلیه فالمیعاد یدل على فترة زمنیة محددة لها بدایة ونهایة. اما المواعید فی الاصطلاح الفقهی، فهناک العدید من التعریفات، فقد عُرفت بانها: " فترة زمنیة یحددها القانون، یقید بها الإجراء القضائی"، ویؤخذ علیه أنه حصر من یحدد المیعاد الإجرائی فی القانون فقط، مع أن المحکمة لها السلطة لتحدید بعض المواعید، فضلا عن أن للخصوم سلطة لتحدید بعض المواعید. وعرفها جانب اخر فی الفقه بأنها: "الأجل الذی یحدده القانون، لإجراء عمل من أعمال المرافعات خلاله، أو قبل حلوله، أو هو الآجل الذی یحرم القانون إجراء العمل حتى ینقضی"، وعُرفت بتعریف مشابه بأنها: "أوقات محددة من الزمن معلومة البدایة والنهایة، یمارس الاجراء القضائی فیها أو بعد انقضائها أو قبل حلولها ویختلف هذا الوقت أو المیعاد من اجراء الى اخر حسبما یراه المشرع کافیاً لممارسة الاجراء القضائی فیه". ویلحظ ان من قال بهذا التعریف قد اورد تعداد لأقسام المواعید داخل التعریف مع أن الأصل أن الأقسام لا تدخل فی التعریف، ولعل من الأنسب أن نُعرفها بانها: الفترة الزمنیة التی یحددها القانون أو من یفوضه فی ذلک، یقید بها اتخاذ الإجراء القضائی. وبذلک یدخل فی التعریف المواعید التی تحددها المحکمة والمواعید التی یترک تحدیدها للخصوم. ثانیا: أهمیة المواعید الإجرائیة تتضح أهمیة المواعید الإجرائیة من خلال بیان وظیفتها، اذ انها تهدف إلى دفع الخصم وحمله على القیام أو اتخاذ عمل إجرائی معین خلال زمن معقول، حتى لا تبقى الخصومة رهن إرادته یتحرک بها فی أی وقت شاء، کتحدید میعاد ترک الدعوى للمراجعة،حتى لا تکون مؤبدة بغیر نهایة، فضلا عن انها ترمی إلى منح الخصوم فترة زمنیة کافیة ومعقولة منطقیا للقیام بعمل قضائی معین، مثل میعاد التکلیف بالحضور. بما یقتضی ألا یترک أمر مباشرتها للخصوم بغیر قید زمنی، وإلا تأبدت المنازعات، وهو أمر یحقق مصالح الخصوم باستقرار مراکزهم القانونیة فی وقت معقول، ویقتضیه فی نفس الوقت حسن سیر العمل أمام القضاء بعدم تراخی الإجراءات أمام المحاکم حتى لا یثقل کاهلها بخصومات راکدة تعطل سیر العدالة، وتوفیقاً بین هذه هاتین الوظیفتین یجب ألا تکون بالغة القصر فتفوت فرص الاستعداد وتحول دون الرویة اللازمة لحسن أداء العدالة. وقد راعى المشرع فی سیاق تحدیده للمواعید الإجرائیة ضرورة احترام حق الادعاء والدفاع، الذی یستوجب أن تتاح الفرصة اللازمة بإطالة المواعید لزمن معقول بقصد تقدیم کل من المدعی والمدعى علیه الطلبات والدفوع فی الدعوى، فضلا عن ضرورة العمل على استقرار الحقوق الذی یتطلب الدفاع عنها والمطالبة بها قضائیا مواعید قصیرة الأجل. الفرع الثانی صور المواعید الإجرائیة وطبیعتها هناک مجموعة صور للمواعید الإجرائیة وفقاً للزاویة التی ینظر الیها من خلالها ولاعتبارات عدیدة، فضلا ان انها ذات طبیعة تمیزها من مدد التقادم، وبیان کل ذلک یقتضی تقسیم هذا الفرع على وفق ما یأتی: أولا: صور المواعید الإجرائیة للمواعید الإجرائیة صور، بحسب الوقت الذی یجب اتخاذ الاجراء فیه، او بحسب السلطة التی تقررها، او بحسب من یمتلک تقدیرها اذ جرى بناء على ذلک تقسیمها الى عدة صور، وعلى وفق ما یأتی:
ومن أبرز الامثلة على المواعید الکاملة بدء المرافعة، التی لا یجوز البدء فیها الا بعد انقضاء مدة ثلاثة أیام على الأقل من تاریخ حصول التبلیغ القضائی الا فی الحالات المستعجلة إذ یجوز للقاضی انقاص هذه المدة.
فالإجراء هنا وهو الطعن، لا بد من مباشرته خلال المدة المنصوص علیها، ومن ثم ینقص جزء من هذا المیعاد، ولا یمکنه الاستفادة من المیعاد کاملاً، لأنه إن أراد تقدیم الطعن فی آخر یوم فلا بد أن یقدمه خلال النهار وبذلک لا یمکنه الاستفادة من بقیة الیوم.
ومن أبرز الامثلة علیها ما نص علیه المشرع العراقی فی قانون المرافعات المدنیة والذی اوجب على الخصم ان یجیب على الدعوى بعد تبلیغه بعریضتها وقبل حلول الجلسة المحددة لنظرها؛ وما اوجبه على الخصوم من ان یقدموا لوائحهم ومستمسکاتهم قبل الجلسة الاولى من المرافعة، وما نص علیه المشرع المصری فی قانون المرافعات المدنیة والتجاریة من وجوب ابداء الاعتراض على قائمة شروط بیع العقار قبل الجلسة المحددة لنظر الاعتراضات بثلاثة ایام على الاقل، لذا یجب ان یقدم الاعتراض قبل ان یبدأ.
وهناک تقسیم للمواعید الإجرائیة باعتبار جهة تحدیدها الى: مواعید جامدة: وهی التی حددها المشرع تحدید دقیقاً، ولم یفوض تحدیدها لجهة أخرى سواء فی إنقاصها أو زیادتها، وهذا هو الأصل، ویسمی البعض هذا النوع من المواعید بالمهل القانونیة، کمواعید الطعن. ومواعید مرنة: وهی التی لم یحددها المشرع، وإنما تتولى المحکمة تحدیدها، ولها الخیار فی تمدید هذا الموعد أو نقصانه، ویسمیه البعض بالـمُهَل القضائیة، مثال ذلک مواعید الحضور أو تحدید میعاد استلام نسخة الحکم والذی یترتب علیه تحدید بدایة میعاد الطعن فی الحکم، او یحددها الخصوم مثال ذلک تحدید میعاد وقف الدعوى، وقد یجعل المشرع للقاضی أو للخصوم الحق فی تحدید میعاد معین، ومن أمثلة ذلک: میعاد انتهاء دعوى الحراسة. ثانیا: الطبیعة القانونیة للمواعید الاجرائیة القاعدة القانونیة الاجرائیة تقضی بوجوب اتخاذ الاجراء ضمن المواعید التی حددها القانون، فإذا لم یحترم الخصم هذه المواعید، سقط حقه فی اتخاذ الاجراء وهذه القاعدة من النظام العام لا یجوز مخالفتها، سواء بتمدید المدة المحددة لاتخاذ الاجراء أم بتقصیرها، وبما ان هذه القاعدة من النظام العام، فان على المحکمة المختصة أن تقضی بها من تلقاء نفسها، فتَردّ الاجراء إذا رفع لها خارج مدته المحددة بنص القانون، ویفهم من ذلک أن المواعید الإجرائیة هی مدد سقوط، ولیست مدد تقادم مُسقط وهذا ما لا خلاف علیه فی الفقه القانونی أیضاً، وبذلک فان الأصل هو سقوط الحق فی اتخاذ الاجراء فی ظل فوات میعاده، الا ان الحکم فی ظل جائحة فایروس کورونا المستجد ولقطعها رابطة السببیة بین عدم مباشرة الخصم للإجراءات وفوات موعدها المحدد یقتضی حلا اکثر عدالة وهو الحیلولة دون سقوط الحق فی اتخاذ الاجراء وحمایة هذه المواعید، فضلا عن حمایة الخصوم والحفاظ على حقوقهم. وتتشابه مواعید السقوط ومواعید التقادم المسقط فی أن کلاهما یتضمن مُدداً قانونیة یترتب على انقضائها سقوط الحق المتعلق بها، وهذا ما قد یثیر لبساً فی أمکانیة التمییز بینهما، مما یقتضی معه ضرورة التمییز بین مواعید اتخاذ الاجراء او مباشرته بوصفها مواعید سقوط، ومواعید التقادم المُسقط. ویکمن المعیار الأساسی للتمییز بین مواعید اتخاذ الاجراء کمواعید سقوط ومواعید التقادم المُسقط فی الغایة المتوخاة من کُلٍ منهما، فالغایة من تشریع مواعید السقوط هی لتحدید مدة معینة من الزمن لاستعمال الشخص لرخصة حددها له القانون، أما الغایة من تشریع مواعید التقادم المسقط فهی لحمایة أوضاع مستقرة فی التعامل، أو لإیقاع جزاءٍ على اهمال الدائن لاستیفاء حقه من مدینه، أو لتقوم کقرینة على انقضاء الالتزام بالوفاء بالدین. فضلا عن أن مواعید اتخاذ الاجراء من النظام العام، لذا یتوجب على المحکمة التی تنظر الاجراء أن تقضی بها من تلقاء نفسها، فتحکم بِرَدّه إذا رفع لها بعد انقضاء المهلة المحددة له فی القانون، دونما حاجة لإثارة هذا الموضوع من الخصم الآخر، بینما لا تُلزم محکمة الموضوع ولا یمکنها أن تقضی بالتقادم المُسقط من تلقاء نفسها، وإنما علیها النظر فی الموضوع بعد أن یثیره أحد الخصوم فی الدعوى، فأن لم یثره أو یتمسک به من له الحق فیه، فلا وجه للقضاء به من المحکمة. وفضلا عما تقدم عادة تکون مواعید السقوط أقل مدة من مواعید التقادم المُسقط، فعلى سبیل المثال لا تتجاوز المهلة المحددة لطرق الطعن فی الأحکام القضائیة مدة ثلاثین یوماً، بینما لا تقل أقل مدة تقادم مُسقط عن ثلاثة أشهر.
المطلب الثانی أثر الجائحة على المواعید الإجرائیة وصور حمایتها ان اتخاذ الاجراء القضائی حق إجرائی مَنَحَهُ المشرَّع للخصوم بما یکفل حقی الادعاء والدفاع، وقَیَّده بمواعید محددة یترتب على انقضائها سقوطه، إلا أن المشرَّع تحسباً لاحتمال تعرض صاحب الحق فی اتخاذ الاجراء لظرف طارئ خاص یمنعه من استخدام حقه، ومع تعطیل المؤسسات الرسمیة بسبب جائحة فایروس کورونا المستجد برزت إشکالیة انقضاء المواعید الإجرائیة، فکان لا بد من حمایتها، لذلک کان لا بد من بیان أثر الجائحة على المواعید الإجرائیة وصور حمایة تلک المواعید فی ظلها، وذلک على وفق ما یأتی: الفرع الأول: أثر الجائحة علـــى المواعـــید الإجرائیة. الفرع الثانی: حمایة المواعید الإجرائیة من أثر الجائحة. الفرع الأول أثر الجائحة على المواعید الإجرائیة الأصل انه یترتب على عدم مراعاة المواعید الإجرائیة سقوط الحق فی اتخاذ الاجراء، وهذا فی الظروف الاعتیادیة، الا انه فی ظل الجائحة بوصفها قوة قاهرة فان مقتضیات العدالة تستلزم تکییفاً اخر، اذ لا ید للخصوم فی عدم مباشرة الاجراء فی وقته المحدد وذلک لتعطیل الدوام فی المحاکم والدوائر العدلیة التابعة لها وفرض حظر للتجوال لمجابهة الجائحة، فلا بد من ان نبین مصیر المواعید الاجرائیة التی تعطلت بسبب جائحة فایروس کورونا المستجد. فباستقراء نصوص "قانون المرافعات المدینة العراقی"، لم نجد انه تضمن نصاً صریحاً یعالج أثر مسألة القوة القاهرة بمعناها العام على إجراءات التقاضی ومواعیدها، ونتیجة لهذا الفراغ التشریعی حاول الباحثون الاستناد الى بعض النصوص التشریعیة لتأصیل فکرة جائحة فایروس کورونا المستجد، ولاسیما مصیر المواعید الاجرائیة التی تعطلت بسببها، فذهب رأی فی الفقه ان جائحة فایروس کورونا المستجد بوصفها صورة من صور السبب الاجنبی تحتم انقطاع المرافعة، وعدَّ الحالات الوارد فی نص المادة 84 من "قانون المرافعات المدنیة" وهی حالات اوردها "المشرع العراقی" على سبیل الحصر وهی وفاة احد الخصوم أو فقد اهلیة الخصومة أو زوال الصفة لمن کان یباشر الخصومة نیابة عنه، وان تحققت هذه الحالات تحتم انقطاع الخصومة وتوقف المواعید الاجرائیة جمیعها ما لم تکن قد تهیأت الدعوى للحکم فی موضوعها، وکذلک المادة (174) من قانون المرافعات المدنیة التی توقف المدد لوفاة المحکوم علیه، وینطبق هذا الحال تماماً على جائحة فایروس کورونا المستجد، ویستند فی تبریر ذلک الى ما یأتی: 1- لم یکن لإرادة الخصوم فی الاحوال الذی ذکرها المشرع "فی المادة 84 من قانون المرافعات المدنیة" دخل فی تحققها وهو مما ینطبق على جائحة فایروس کورونا المستجد. 2- یحدد الأثر الذی یترتب على تحقیق احد هذه الحالات الثلاثة بشکل صریح من المشرع الا وهو وقف جمیع المدد القانونیة. ویفهم مما تقدم ان لجائحة فایروس کورونا المستجد تأصیل فی "قانون المرافعات المدنیة" یمکن الاستناد الیه وان المواعید الاجرائیة فی ظل هذه الجائحة محمیة بوصفها متوقفة لحین زوال اثار الجائحة واستئناف العمل فی المحاکم العراقیة. الا انه على الرغم تقدیرنا للرأی المتقدم الا اننا نعتقد ان نص المادة 84 وحتى المادة 174 من "قانون المرافعات المدنیة العراقی، لا یمکن ان تعد بأی وجه تأصیلا لتأطیر المواعید الاجرائیة فی نطاقها فی ظل جائحة فایروس کورونا المستجد للأسباب الآتیة: 1- لقد وردت الحالات التی ذکرها المشرع فی المادة 84 والمادة 147 من قانون المرافعات المدنیة قد على سبیل الحصر ولیس المثال، ومن ثم فهی استثناء ولا یجوز التوسع به ولا القیاس علیه، فضلا عن ان الخصوم فی حالة الحجر لم یفقدوا اهلیتهم ولم یفقد من یمثلهم صفته من جراء ذلک ان لم یتوفوا. 2- من المعلوم ان من خصائص القواعد القانونیة أیاً کانت موضوعیة أم اجرائیة ان تتسم بصفة العمومیة والتجرید الا ان هذا لا ینطبق على کل القواعد القانونیة ولا یمکن للنصوص جمیعها ان تستوعب الحالات والوقائع المستجدة للصیاغة التشریعیة للنص. 3- یؤثر غیاب النص الصریح فی تقدیر القاضی مما یؤدی الى اختلاف الاحکام ومما یؤدی الى تناقضها وتعارضها ولاسیما ان القاضی یلزم بالحکم فی الدعوى والا وقع "تحت طائلة الامتناع عن احقاق الحق". وجدیر بالذکر ان مجلس القضاء الأعلى فی العراق فی بیانه الصادر فی 6/4/2020 کان قد اوقف سریان المدد القانونیة بالطعون من 5/3/2020 لغایة استئناف العمل بالمحاکم ومراجعة طرق الطعن والمرافعات وعدَ فترة تعطیل الدوام الرسمی فترة انقطاع للمرافعات کافة لحین زوال السبب بموجب اعمامه فی 9/9/2020 واعتباراً من 13/9/2020، وکذلک ما أمر به مجلس شورى الدولة فی العراق بالکتاب ذی العدد 751 فی 5/3/2020 والقاضی بتأجیل دعاوى المحاکم الإداریة فی ظل تفشی جائحة فایروس کورونا المستجد، وعلى الرغم من تدارک السلطة القضائیة لهذا الامر والتصدی للجائحة ببیانات مجلس القضاء الاعلى او مجلس شورى الدولة الا ان الامر بحاجة الى نص تشریعی لمواجهة الازمات یستوعب کل حالة او ظرف یجعل مباشرة اجراءات التقاضی مستحیلة. ومن الجدیر بالذکر ان جانباً من الفقه دعا الى تبنی فکرة وقف سریان المواعید الاجرائیة لقیام حادث قهری یحول دون أمکان اتخاذ الاجراء، وذلک تطبیقاً للقواعد العامة المتعلقة بالتقادم المسقط، وتقدیر ما إذا کانت الواقعة المدعى بها قوة قاهرة أم لا یعود إلى المحکمة المختصة بنظر الدعوى. ومع أن القواعد العامة التی یستند إلیها هذا الرأی الفقهی تخص مرور الزمان المانع من سماع الدعوى بوصفها مواعید تقادم لا سقوط کالمواعید الاجرائیة، إلا أنه وبفرض اعتماد القواعد العامة للتقادم لتبریر القول بوقف المواعید الإجرائیة بسبب الظرف الطارئ العام، فان ذات القواعد العامة تقضی بأن تبدأ مدة جدیدة لحساب التقادم المسقط للدعوى بعد توقفه تکون کالمدة الأولى، وهو ما یلزم أن تبدأ مواعید جدیدة کاملة لمباشرة الاجراءات بعد توقفها، وهذا ما یتعارض مع القاعدة الثابتة فی حساب سریان المواعید الاجرائیة بعد توقفها والتی تقضی باحتساب المدة المنقضیة منها قبل التوقف لا بإلغائها. لذا نستطیع ان نصل الى نتیجة وهی ان المواعید الاجرائیة فی ظل انتشار جائحة فایروس کورونا قد تعطلت شأنها شأن تعطل نواحی الحیاة جمیعها لعدم وجود نص قانونی یبین مصیر هذه المواعید فی ظل الجائحة، لان لکل من الوقف والانقطاع نظامه القانونی الخاص به ولیس من بینها ما یترتب على الجوائح، وان بیان مجلس القضاء الاعلى الصادر فی 6/4/2020 لا یغنی عن ضرورة وجود نص تشریعی فی قانون المرافعات یتصدى به المشرع العراقی للازمات التی تجعل مباشرة اجراءات التقاضی امراً مستحیلاً. الفرع الثانی حمایة المواعید الإجرائیة من أثر الجائحة الأصل انه اذا لم یتخذ الاجراء وتتم مباشرته فی الموعد المحدد، فان الأثر المترتب على ذلک هو سقوط الحق فی اتخاذ الاجراء الا انه بما اننا نعالج إشکالیة الحفاظ على المواعید الإجرائیة من اثر جائحة فایروس کورونا المستجد بوصفها قوة قاهرة ولا ید للخصوم فی احداثها، فانه لا بد من اتباع السبل القانونیة لحمایة تلک المواعید من الأثر الأصلی لعدم مراعاتها وهو السقوط، ولما کنا قد تعرضنا لمحاولات الفقه فی تأصیل جائحة فایروس کورونا المستجد فی قانون المرافعات او القواعد العامة فی القانون المدنی لحمایة المواعید من الانقضاء فی الفرع السابق، لذلک سنبین سبل الحمایة على الصعیدین التشریعی والقضائی، وذلک على وفق ما یأتی: أولا: الحمایة التشریعیة للمواعید الإجرائیة من أثر جائحة فایروس کورونا المستجد لم یتضمن قانون المرافعات المدینة العراقی ولا قانون المرافعات المدنیة والتجاریة المصری نصاً صریحاً یعالج مسألة القوة القاهرة بمعناها العام، بل عالجا نظامی الوقف والانقطاع لأسباب خاصة بالخصوم. فقد أوردا ثلاث حالات حصریة یترتب على وقوعها قطع سریان المواعید الإجرائیة، وجمیعها حالات تتعلق بتحقق ظرف طارئ خاص یلم بالشخص صاحب الحق فی اتخاذ الاجراء فیحول بینه وبین ممارسته لحقه، ولیس من بین هذه الحالات ما یتعلق بظروف طارئة عامة، تفضی إلى شَلّ حرکة المواصلات، وغلق مرافق الدولة ومؤسساتها، ووقف أو تقیید الأعمال والأنشطة المختلفة، ومنها أعمال المحاکم والدوائر العدلیة، مما یمتنع معه على المتقاضین أو وکلائهم متابعة سیر دعاواهم لدى المحاکم، والحیلولة بینهم وبین مباشرتهم لإجراءات التقاضی فی مواعیدها المحددة. ولا یفوتنا ان نذکر ان المشرع العراقی قد عالج مسألة اذا ما صادف سیر الاجراءات عطلة رسمیة وذلک فی المادة 24 من قانون المرافعات المدنیة التی قضى فیها بانه: "اذا صادف یوم المرافعة عطلة رسمیة فیعتبر تاریخ المرافعة هو یوم العمل الذی یلی العطلة"، الا ان فرض حالة حظر التجوال لا تعد عطلة رسمیة لان العطل الرسمیة منصوص علیها فی قانون العطلات الرسمیة وعلى سبیل الحصر ولیس من بینها فرض حالة حظر التجوال لجائحة او وباء. ومن الجدیر بالذکر انه بتاریخ 6/4/2020 أصدر رئیس مجلس القضاء الأعلى فی العراق بیاناً تم تعمیمه على کافة تشکیلات المجلس للعمل به جاء فیه بالنص: "نظراً للظرف الذی یمر به البلد بسبب انتشار فایروس کورونا وتعطیل الدوام الرسمی تقرر:- أیقاف سریان المدد القانونیة الخاصة بالطعون فی الأحکام والقرارات طیلة فترة تعطیل الدوام الرسمی ابتداءً من تاریخ 18/3/2020 بسبب انتشار فایروس کورونا على أن یستأنف سریانها فی یوم بدء الدوام الرسمی بعد زوال الحظر، فضلا عما أمر به مجلس شورى الدولة فی العراق بالکتاب ذی العدد 751 فی 5/3/2020 والقاضی بتأجیل دعاوى المحاکم الإداریة فی ظل تفشی جائحة فایروس کورونا المستجد. إلا أن ما یلحظ على هذه البیانات والاوامر انها لیست قرارات قضائیة صادرة عن محکمة التمییز الاتحادیة فی طعن تمییزی رُفِعَ إلیها، وإنما هو کتاب إداری یتضمن توجیهاً لتشکیلات المجلس من رئیسه، أی أنه بحکم الأمر الإداری لا أکثر، فضلا عن انه یتعلق بتعطیل نص تشریعی نافذ هو نص المادة/171 من قانون المرافعات المدنیة العراقی الذی جاء فیه: "المدد المعینة لمرجعة طرق الطعن فی القرارات حتمیة، یترتب على عدم مراعاتها وتجاوزها سقوط الحق فی الطعن، وتقضی المحکمة – من تلقاء نفسها- بِرَدِّ عریضة الطعن إذا حصل بعد انقضاء المدد القانونیة". وحیث أن تعطیل أی نص قانونی نافذ، أو إلغاءه، هو من اختصاص وصلاحیة السلطة المختصة بالتشریع حصراً، وهی مجلس النواب العراقی، بمعنى أنه لا یسوغ قانوناً لأیة سلطة أخرى غیر مجلس النواب، تنفیذیة کانت هذه السلطة أم قضائیة، أن تمارس هذا الاختصاص – وتحت أی ظرف کان- لانعدام النص على جواز ذلک. وبناء على ما تقدم ونظراً لعدم إمکانیة تعلیق العمل بنص قانونی بقرار اداری، فالحل یکمن بقیام المشرع بإجراء تعدیل على قانون المرافعات المدنیة یقضی فیه بحمایة المواعید الاجرائیة من الانقضاء عند تحقق ظرف طارئ عام. وجدیر بالذکر انه سبق وأن قام المشرع العراقی مع اندلاع حرب الخلیج الثانیة فی 17/1/1991 اذ اصدر مجلس قیادة الثورة (المنحل) قراره ذی العدد (48) لسنة 1991 والذی قضى فی فقرته الأولى بوقف سریان جمیع المدد القانونیة بما فیها المدد المتعلقة بالطعون فی الأحکام والقرارات القضائیة اعتباراً من تاریخ 17/1/1991، وخول فی فقرته الثانیة وزیر العدل صلاحیة اصدار بیان بإنهاء العمل بالفقرة الاولى وتحدید تاریخ لاستئناف سریان المدد القانونیة عند زوال الظروف الموجبة، وهکذا تولت السلطة المختصة بالتشریع آنذاک، حل إشکالیة التقید بمواعید الطعن فی الأحکام القضائیة فی ظل الظرف الطارئ العام القائم، وهو الحرب، بأن أصدرت تشریعاً یوقف عمل کافة النصوص القانونیة المتعلقة بالمدد القانونیة ومنها نص المادة 171 من قانون المرافعات المدنیة المتعلقة بمواعید الطعن فی الأحکام القضائیة، واعتباراً من الیوم الذی اندلعت فیه الحرب، والذی اغلقت فیه المحاکم والدوائر الرسمیة أبوابها، وبذلک احتفظ کل صاحب حق بحقه فی الطعن فی الحکم القضائی الصادر ضده أو متعدٍ إلیه أو ماسٍ بحقوقه لحین زوال الظرف الطارئ العام. وبعد أن انتهت تلک الحرب، أصدر وزیر العدل وفقاً للصلاحیة الممنوحة له بالقرار أعلاه بیاناً قرر فیه انهاء العمل بأحکام الفقرة الاولى من القرار المذکور، واستئناف سریان المدد القانونیة اعتباراً من تاریخ 30/4/1991. وعلیه، وبالنظر لأهمیة هذا الموضوع، على المشرع العراقی الإسراع بإصدار تشریع یوقف سریان المواعید الاجرائیة اعتباراً من تاریخ تعطیل المؤسسة القضائیة فی البلاد، ضماناً لحقوق المتقاضین، وتحقیقاً لاستقرار النظام والمعاملات على أن یستأنف سریان تلک المواعید بعد زوال هذا الظرف الطارئ عن البلاد. اما بالنسبة لموقف المشرع الفرنسی فیبدو ان له موقف مغایر عن موقف المشرع العراقی والمصری لاحتواء جائحة فایروس کورونا وحمایة المواعید الاجرائیة، اذ تبنى المشرع الفرنسی فکرة القوة القاهرة منذ زمن، مما یسود الاعتقاد بعدم الحاجة الى تدخل تشریعی لحمایة المواعید الاجرائیة بسب ازمة جائحة فایروس کورونا المستجد. واختار المشرع الفرنسی عندما ادرک خطورة جائحة فایروس کورونا على مصیر المواعید الاجرائیة طریقاً جدیداً، اذ لم یلجأ الى قواعد الوقف والانقطاع ولم یکتف ایضاً بالقواعد العامة بشأن القوة القاهرة الوارد النص علیها فی قانون الاجراءات المدنیة. اذ قرر استغلال الادوات القانونیة المتاحة امامه جمیعها، فبدأ بتقدیم طلب الى البرلمان من الحکومة یجیز له اصدار لوائح باتخاذ اجراءات وفقاً لقوانین خاصة، حیث صدر بموجب ذلک قانون رقم 290 لسنة 2020 تحت مسمى "حالة الطوارئ الصحیة" وهو یختلف عن حالة الطوارئ العامة، اذ کلف هذا القانون مجلس الوزراء الفرنسی بإصدار اللوائح التفویضیة اللازمة للتصدی للأثار التی تنتج عن هذه الجائحة فی المجالات المختلفة الوارد ذکرها فی بنود هذا القانون، وتهدف هذه اللائحة الى اعادة ترتیب المواعید القضائیة ای الاجرائیة بشکل عملی لا فی الفترة المعلنة کحالة طوارئ صحیة فحسب، وانما ایضاً فی الفترة التی تلیها مما دفع وزارة العدل الفرنسیة اصدار مذکرة تفسیریة رقم 20/01/ CIV والمؤرخة فی 26/3/2020 لتوضیح الالیة التی اعتمدت بشأن طریقة احتساب هذه المواعید والاجراءات. لذا قرر المشرع الفرنسی الابتعاد عن الوقف لیتفادى شل حرکة العمل فی محاکم الدولة المختلفة فیتمکن اصحاب الشأن من استکمال ما یمکن استکماله من اجراءات فی فترة الطوارئ فی العالم التی یسمح نظامها فی التقاضی عن بعد، وقرر الابتعاد عن فکرة الانقطاع الکامل للمواعید، لان هذا الامر لا یتناسب مع الهدف الاساس الذی قررت المواعید الاجرائیة من اجله بوصفه اداة فعالة فی حسم المنازعات فی وقت مناسب مع التخلص من الخصومات الراکدة. لذا اختار المشرع الفرنسی طریقاً ثالثة وهو امتداد فی اجل المواعید الاجرائیة لمدة اضافیة تقدر بشهرین بحد اقصى بعد انتهاء الاجل المحدد لحالة الطوارئ الصحیة، اذ استخدم فیها المشرع آلیة جدیدة للتوفیق بین اعتبارین وهی تمکین اصحاب الشأن من اتخاذ الاجراءات ان امکن ذلک فی فترة الحظر، والاخر حمایة المواعید التی قد یحل اجلها فی فترة الطوارئ من دون ان تستکمل بسبب هذه الظروف وهی طریقة جدیدة ومستحدثة لإدارة الزمن اذ یوصف الامتداد بانه ترحیل حقیقی للمواعید الاجرائیة. وقبل ان نقیم هذا الاتجاه الذی سار علیه المشرع الفرنسی ومدى امکانیة الافادة منه فی التشریع العراقی، فإننا نشیر الى احدى المواد التی جاءت بها اللائحة رقم 206/2020 من ذلک ما جاء فی المادة الثانیة منها الى ان: "کل اجراء دعوى، طعن، تسجیل، قید، اعلان، اخطار أو اقرار کان یتعین اتخاذه بموجب قانون اللائحة تحت طائلة التقادم أو الجزاء أو البطلان أو الانعدام أو السقوط أو عدم السریان أو عدم القبول أو الرفض أو الترک أو التنازل خلال الفترة المبینة فی المادة الأولى من هذا المرسوم یعتبر قد تم صحیحاً طالما اتخذ خلال فترة لا تزید عن الشهرین التالین لانتهاء حالة الطوارئ الصحیة". وفیما یتعلق بتقییم نظام الامتداد الذی جاء به المشرع الفرنسی فیبدو انه اتجاه یحسب له، من ثم یمکن الافادة من مزایاه للأسباب الآتیة: 1- یضیف الامتداد مدة اخرى للمدة المتبقیة للمیعاد المقرر لا تزید عن شهرین، من شأن هذه الاضافة ان تحمی المواعید الاجرائیة من طائلة الانقضاء، مما یحمی بدوره حقوق الخصوم ویؤدی الى استقرارها، فضلاً عن أن المدة المتبقیة من المیعاد قد تکون قلیلة یوماً أو یومان، فاذا اخذنا بالوقف ان کان معمول به الذی یستوجب سریان المیعاد مباشرة بعد انتهائه مما سیؤدی على عدم إمکانیة استیعاب الإجراءات جمیعها من قبل المحاکم بعد انتهاء الازمة الصحیة وعودة عمل المحاکم رغبة من الخصوم المحافظة على حقوقهم ومراکزهم القانونیة. 2- یخفف اعتماد نظام الامتداد للمواعید الإجرائیة الضغوطات عن کاهل المحاکم لتراکم الدعاوى وهذا من شأنه ان ینعکس على دقة الاحکام المتخذة. 3- یحقق نظام الامتداد التوازن بین حمایة المواعید الإجرائیة وعمل المحاکم، فلا حمایة للمواعید على حساب ارباک للعمل القضائی، على اساس ان تحدید المواعید الإجرائیة انما هی مسألة تنظیمیة لا تقتصر على تحقیق مصلحة الخصوم فحسب، وانما الى المصلحة العامة. لذا ندعو المشرع العراقی ان یتخذ موقفا کالموقف الذی اتخذه المشرع الفرنسی بإقرار نظام امتداد المواعید الإجرائیة حمایة لها من دون الاقتصار على نظامی الوقف والانقطاع الذی قد یسعف تلک المواعید فی ظل الظروف والاحداث التی لیس للخصوم دخل فیها ولا یمکن بأیة حال من الأحوال امکانیة اتخاذ الإجراءات فیها فی ظل الازمة الصحیة التی اثارتها جائحة فایروس کورونا المستجد. ثانیا: الحمایة القضائیة للمواعید الإجرائیة من أثر جائحة فایروس کورونا المستجد لم یقف القضاء العراقی متفرجا على الاحداث والظروف التی اصابت البلاد فی ظل تفشی جائحة فایروس کورونا المستجد، بل راعاها انطلاقاً مقتضیات العدالة حفاظاً على "استقرار الحقوق والمراکز القانونیة، وذلک ما قضت به محکمة التمییز الاتحادیة فی قرار لها" على انه: "لدى التدقیق والمداولة لوحظ بان الحکم الممیز قد صدر من محکمة الاستئناف بصفتها الاصلیة بتاریخ 1/3/2020 وان المستأنف قد طعن به تمییزاً بتاریخ 24/4/2020 (وهو خارج المدة المنصوص علیها قانوناً لان الثابت بان خلیة الازمة المرکزیة فی العراق المشکلة لمواجهة جائحة کورونا قد اصدرت قرارها بفرض الحظر الشامل على التنقل وضرورة بقاء جمیع المواطنین فی دورهم وذلک للوقایة من الاصابة بالأمراض واعتباراً من 1/اذار/2020 ثم اصدرت قرارها اللاحق بتاریخ 21/4/2020 بتخفیف الحظر وجعله جزئیا وازاء هذا الوضع الاستثنائی یعد فرض حظر التجوال ونتیجة انقطاع الدوام الرسمی فی المحاکم لتفشی وباء فایروس کورونا قوة قاهرة ومن اثارها انقطاع مدد الطعن القانونیة ومنها مدة الطعن التمییزی بالأحکام والقرارات لان انتشار وباء فایروس کورونا فی انحاء العالم جمیعا ومنه بلدنا العراق یعد واقعاً استثنائیاً غیر متوقع بالمرة، ولان الایام التی شملها الحظر وانقطاع الدوام الرسمی لا یمکن احتسابها ضمن المدد القانونیة للطعن تمییزاً ویقتضی تجنبها وازاء هذا الوضع صدر اعمام مجلس القضاء الاعلى بالعدد 41 فی 6/4/2020 ولعدم انقضاء مدة الطعن التمییزی والتی تبلغ ثلاثین یوماً واحتساب المدد من تاریخ صدور الحکم لغایة الطعن به فیکون الطعن التمییزی مقدماً فی مدته القانونیة) قرر قبوله شکلا ولدى عطف النظر على الحکم الممیز وجد انه صحیح وموافق للقانون من حیث النتیجة ...". وما قضت به محکمة "استئناف نینوى بصفتها التمیزیة فی قرار لها جاء فیه": " لدى التدقیق والمداولة وجد ان لطعن التمییز واقع ضمن المدة القانونیة فتقرر قبولها شکلاً ولدى عطف النظر الى قرار الابطال الممیز وجد انه غیر صحیح لان هناک عذر مشروع معروف لدى الجمیع والمتمثل بقطع الجسور والطرقات الرئیسة وفرض حظر التنقل فی بعض انحاء مدینة الموصل فی یومی 3 و4 من الشهر الرابع / 2007 وان ذلک حال من دون حضور المحامیین وذوی العلاقة واما المحاکم فی الموعد المقرر فی الیومین المذکورین لذا تقرر نقض القرار الممیز واعادة الاضبارة الى محکمتها لملاحظة ما تقدم وفتح باب المرافعة والسیر بالدعوى وفق الاصول على ان یبقى رسم التمییز تابعاً للنتیجة وصدر القرار بالاتفاق فی 23/ ربیع الأول/ 1428هـ الموافق 11/4/2007". فضلا عن ان مجلس شورى الدولة فی العراق کان قد اصدر قرارا عالج فیه مسألة الظروف الاستثنائیة التی تحول بین الخصم وبین مباشرته لإجراءات التقاضی وان کان ذلک فی اطار القضاء الإداری الا ان العلة واحدة، والذی قضى فیه: "نظراً للظروف غیر الاعتیادیة التی مر بها القطر خلال المدة من 20/3/2003 لغایة 31/12/2003 نتیجة الحرب وما تلاها من أعمال وعدم استتباب الأمن وخطورة التنقل وصعوبة مراجعة المحاکم ودوائر الدولة، وحیث سبق للهیئة العامة فی مجلس شورى الدولة أن اتخذت قرارات عدة بعدم التقید بالمدد القانونیة للطعن المذکور اعلاه تطبیقاً لقواعد العدالة فکان على المحکمة ملاحظة هذه الجهة واحتساب مدة الستین یوماً لتقدیم الطعن بالقرار الإداری الصادر اعتباراً من تاریخ 2/1/2004 باعتبار أن یوم 1/1/2004 عطلة رسمیة". یتبین من هذه القرارات ان القضاء العراقی اجتهد فی مراعاة الأحداث التی شهدها البلد التی تکون خارجة عن ارادة الخصوم، لحمایة المواعید الاجرائیة فی ظل غیاب النص التشریعی على الرغم من أن محکمة التمییز صرحت بانقطاع المدة الا ان هذا التعبیر باعتقادنا جاء للضرورة نتیجة انعدام النص اذ لم تشر محکمة التمییز الى "نص المادة" 84 من "قانون المرافعات المدنیة العراقی"، بل اطلقت اللفظ من باب أثر القوة القاهرة فی قطع العلاقة بین عدم مباشرة الخصم للإجراءات والأثر الذی یترتب على ذلک لکون حمایة المواعید الاجرائیة فی ظل الجائحة تستلزم وصفا اکثر دقة ویتلاءم مع واقع الحال مما لا یعنی فی الاحوال جمیعها بقاء الفراغ التشریعی لمعالجة وتنظیم ذلک، بل لا بد من وجود النصوص التشریعیة لإضفاء المشروعیة من ناحیة على القرارات والاحکام ومنع تعارضها وتناقضها من ناحیة أخرى. وللقضاء المصری موقف تجاه المواعید الاجرائیة فی ظل حصول القوة القاهرة فی قرار لمحکمة النقض المصریة: "فقرر اعتبار ان الدعوى کأن لم تکن اذ ابقیت مشطوبة ستین یوم ولم یطلب احد من الخصوم السیر فیها وهو الجزاء المنصوص علیه فی المادة 82 من قانون المرافعات المدنیة والتجاریة اذ یعد هذا الجزاء من قبیل سقوط الخصومة وزوالها بسبب عدم قیام المدعی بنشاطه ومنه ان میعاد الستین یوماً یعد من مواعید السقوط التی تقف اذا تحققت قوة قاهرة اذ لیس من العدالة ان یقضی بالسقوط اذ حدثت واقعة عامة لا ارادة للخصم فیها ولا قبل له بدفعها منعته من السیر فی الدعوى"، لذا اشار القرار الى وقف المدة لا انقطاعها مما یدل على الاختلاف فی الاجتهاد بین قضاء وآخر. وقضت محکمة النقض المصریة فی قرار لها بوصف ثورة ینایر 2011 قوة القاهرة: "کان میعاد الطعن بالنسبة للحکم المطعون فیه ینتهی یوم 2/2/2011، غیر انه ولما کانت الظروف التی مرت بالبلاد بسبب ثورة 25 ینایر 2011 من شأنها ان تعد من حالات القوة القاهرة التی یترتب علیها امتداد میعاد التقریر بالطعن وایداع الاسباب الى حین زوالها ومن ثم فان الطعن یکون مقبولاً شکلاً"، ویُلحظ فی هذا القرار انها لم تقرر لا وقف ولا انقطاع المواعید الاجرائیة بل قررت امتداد المیعاد، وسبب التباین فی الوصف هو انعدام النص. ولم تکن الجائحة غائبة عن القضاء الفرنسی اذ قضت محکمة استئناف کولمار فی فرنسا هذه الجائحة بوصفها قوة قاهرة مع ما یترتب علیها من آثار، وقد نصت فی قرارها على ان: "أسباب القرار: تجدر الإشارة الى انه فی ضوء الوباء، فان کوفید 19 قید التقدم ویستدعی اتخاذ تدابیر احتوائیة وعملیة تتخذها السلطات العامة وخیر مثال على ذلک فی هذا السیاق ما قام به قسم هوت هین ( (Hant Rhin لاحتضان النقطة المحوریة الرئیسة للوباء فی فرنسا الذی تمیز بدرجة عدوى کبیرة من المحتمل ان تشکل مخاطر حقیقیة وخطیرة بما فیه الکفایة للموظفین المطلوبین جمیعاً لضمان عقد الجلسة بحضور الشخص المحتجز فی منطقة الانتظار وسیتم البت فیها من دون حضور هذا الأخیر ممثلاً بمحامیه المختار الذی تم الاستماع الى ملاحظاته والظروف المذکورة فی أعلاه التی تجسد حالة القوة القاهرة .....، ونظراً للازمة الصحیة الحالیة باعتبارها قوة قاهرة یبدو طلب التمدید لا یتوافق مع احکام المادة (3 – 222 L) من قانون اقامة الاجانب ودخولهم وحق اللجوء اذ لا یظهر الوقت الملائم لضمان مغادرة منطقة الانتظار من الخارج". وانطلاقا من کل ما تقدم ندعو المشرع العراقی ان یتدارک النقض التشریعی فی ایراد النصوص القانونیة التی تعالج الحالات العامة المستجدة التی یفرزها الواقع کجائحة فایروس کورونا المستجد، لذا نقترح النص الآتی لیکون بمثابة قاعدة عامة ترد فی الاحکام العامة فی قانون المرافعات المدنیة تنطبق على کل الظروف المماثلة فی شروطها للقوة القاهرة او الحوادث العامة الاستثنائیة التی تحول بین الخصم ومباشرته للإجراءات، وتحمی المواعید الإجرائیة بکل صورها، وذلک على النحو الاتی: (1. ینقطع السیر فی الدعوى ویتوقف احتساب المواعید الاجرائیة جمیعها بنص القانون اذا وقعت حوادث عامة لم تکن متوقعة ولا ید للخصوم فی احداثها ولا یمکن دفعها تجعل من اتخاذ اجراءات التقاضی او انعقاد المحکمة امراً مستحیلاً. 2. یستأنف السیر فی الدعوى وتحسب المواعید من وقت زوال تلک الاسباب. 3. تمدد المواعید الإجرائیة لمدة لا تتجاوز شهرین على الأجل المحدد لانتهائها قانوناً فی ظل الأحوال والظروف التی تجعل اتخاذ الإجراءات القضائیة فیها مستحیلاً على ان یبدأ احتسابها من لحظة الإعلان رسمیا على زوال تلک الاسباب. 4. یخول رئیس مجلس القضاء الاعلى بإصدار التعلیمات اللازمة بتحدید مواعید استئناف السیر بإجراءات الدعاوى والطعون وبدء سریان المدد وانتهاؤها). الخاتمـة ختاماً لهذا الجهد المتواضع فی بحثنا الموسوم بـ(أثر جائحة فایروس کورونا على المواعید الإجرائیة – دراسة مقارنة)، توصلنا الى مجموعة من النتائج" ودعونا المشرع العراقی الى مجموعة من "التوصیات التی نأمل ان تؤخذ بعین الاعتبار، ونعرضها على وفق ما یأتی: اولاً: النتائج"
ثانیاً: التوصیات نأمل من المشرع العراقی الاخذ بالتوصیات الآتیة:
The Authors declare That there is no conflict of interest
References (Arabic Translated to English) First: Dictionaries of the Arabic language
Second: Legal books
Third: Theses 1. Hamed Shaker Mahmoud Al-Taie, Impossibility of Implementation and its Impact on Nodal Commitment - A Comparative Study, Master's Thesis, College of Law, University of Babylon, 2002. 2. Ziyad Muhammad Shahada Mayouf Al-Taei, Procedural Dates in the Civil Procedures Law - A Comparative Study, Master's Thesis, College of Law, University of Mosul, 2009. 3. Safaa Taqi Abdel Nour Al-Issawi, Force Majeure and its Impact on International Trade Contracts - A Comparative Study, PhD Thesis, College of Law, University of Baghdad, 1999. Fourth: Legal Research 1. Bin Zaid Fathi, The Corona pandemic as a force majeure to adhere to the principle of permissibility of excuse in ignorance of the law, research published in the Annals of the University of Algiers, special issue, 2020. 2. Hussain bin Salem al-Dhahab, Theory of Pandemics in Islamic Jurisprudence, research published in the Journal of the University of Sharjah for Sharia and Legal Sciences, No. 3, for the year 2011. 3. Dr. Samah guarantee, protection of procedural appointments in light of legislative amendments to confront the health crisis of the Covid 19 pandemic - a comparative analytical study between the French and Kuwaiti laws, research published in the Kuwaiti International Law Journal, No. 6 of the year 2020. 4. Dr. Shami Yassin, The Legal Effects of the Corona Virus - Covid 19 - on the procedural deadlines in the civil lawsuit, research published in the Journal of Ijtihad for Legal and Economic Studies, Volume 9, Issue 4, Year 2020. 5. Dr. Abdullah Ali Mahmoud Al-Aini, The Pandemic of the Malikis, research published in the Jordanian Journal of Islamic Studies, No. 2 for the year 2010. 6. Dr. Abdel Moneim Abdel Wahab Al-Amer, The problem of adhering to the deadlines for appealing the judicial ruling under emergency circumstances (Iraq, Egypt and Lebanon as a model), research published in the Journal of In-depth Legal Research Generation, No. 40, 2020. 7. Dr. Ammar Saadoun Al-Mashhadani, the procedural duties of the opponent, research published in Al-Rafidain Journal of Law, College of Law, University of Mosul, No. 39, 2009. 8. Awatef Abdul Hamid Al-Taher, The Foreign Reason in the Iraqi Civil Law, Iraqi Commercial Law and Transportation Law, research published in the Journal of Comparative Law, Iraqi Comparative Law Society, No. (60), 2009, p. 71. 9. Dr. Faris Ali Omar Ali Al-Jarjari, "The Symptoms of Procedural Appointments in the Civil Procedures Law - A Comparative Study, Research published in Al-Rafidain Journal of Rights", No. 27, for the year 2006. 10. Dr. Yasser Bassem Al-Sabawi, Force Majeure and its Impact on the Provisions of the Civil Procedures Law, research published in Al-Rafidain Journal of Law, College of Law, University of Mosul, No. 36 in 2008. 11. Dr. Yasser Basem Thanoun Al-Sabawi, The Corona Virus pandemic and its impact on the provisions of procedural laws - "a comparative study, research published in the Kuwaiti International Law School Journal", No. 6, 2020. 12. Dr. Yasser Abdul Hamid Al-Fatihat, The Corona Virus Pandemic and its Impact on the Implementation of Contractual Obligations, Research published in the Journal of the Kuwait International Law School, Issue 6, 2020. Fifth: Legislation, orders and statements 1. The Iraqi constitution in force for the year 2005. 2. The Iraqi Interim Constitution of 1970, which is repealed. 3. The amended Iraqi Civil Code No. 40 of 1951. 4. Iraqi Civil Procedure Law No. 83 of 1969, as amended. 5. Egyptian Civil Code No. (131) for the year 1948. 6. Egyptian Civil and Commercial Procedures Law No. 13 of 1968. 7. The French Constitution of 1958. 8. The French Civil Code of 1804. 9. French Civil Procedure Code No. 1123 of 1975. 10. Resolution of the Revolutionary Command Council (Dissolved) No. 84 of 1991. 11. The Diwani Order in Iraq No. 55 of 2020. 12. The order of the State Shura Council in Iraq No. 751 on 3/5/2020. 13. The statement of the Supreme Judicial Council in Iraq No. 235/office/2020 on 3/3/2020. 14. Statement of the Supreme Judicial Council in Iraq No. 41 / s / a on 4/6/2020. Sixth: Unpublished judicial decisions and collections of judgments 1. Decision of the Nineveh Court of Appeal in its discriminatory capacity No. 100/T. B/ 2007 on 11/4/2007, unpublished. 2. Federal Court of Cassation Decision No. 2104/Appellate Body Aqar/2020-T/2109 on 7/22/2020, unpublished. 3. Collection of Judicial Judgments, Second Issue, Thirteenth Year, Iraqi Ministry of Justice, Baghdad, 1982. Seventh: Websites 1. WHO official website: (www.outrightinternational.org). 2. The official website of the Egyptian Court of Cassation: www.cc.gov.eg | ||
References | ||
أولا: معاجم اللغة العربیة
ثانیا: الکتب القانونیة
ثالثا: الرسائل والاطاریح
رابعا: البحوث القانونیة
خامسا: التشریعات والاوامر والبیانات
سادسا: القرارات القضائیة غیر المنشورة ومجموعات الاحکام
سابعا: المواقع الالکترونیة
(www.outrightinternational.org)
| ||
Statistics Article View: 354 PDF Download: 346 |