عضویة الکیانات من غیر الدول فی الوکالات الدولیة المتخصصة المرتبطة بنظام الامم المتحدة | ||
الرافدین للحقوق | ||
Article 9, Volume 24, Issue 80, September 2022, Pages 309-361 PDF (524.04 K) | ||
Document Type: بحث | ||
DOI: 10.33899/arlj.2022.175379 | ||
Authors | ||
سهى حمید الجمعة* ; محمد حسین الحمدانی | ||
کلیة الحقوق/ جامعة الموصل | ||
Abstract | ||
نظراً لطبیعتها الفنیة غیر السیاسیة تقبل بعض الوکالات الدولیة المتخصصة فی عضویتها کیانات لم تبلغ الوصف القانونی للدول، وفق اجراءات التصویت المحددة فی مواثیقها. وقد سارت الممارسة الدولیة فی الامم المتحدة، على ان قبول عضویة کیان لیس بدولة المجسد بصفة مراقب فی الامم المتحدة، شرطاً لابد منه لتغییر مرکز هذا الکیان من کیان مراقب الى دولة مراقب غیر عضو، وهذا البحث یتناول هذا التناول القانونی لهذا الکیان | ||
Highlights | ||
یرکز هذا البحث على الإجابة عن تساؤلات محددة منها، لماذا تشترط الأمم المتحدة انضمام الدولة غیر العضو فی الأمم المتحدة او الکیان غیر الدولة فی عضویة الوکالات المتخصصة لمنحها مرکز الدولة المقارب؟ وبالتالی لماذا تقبل الوکالات الدولیة فی عضویتها هذه الدول غیر الأعضاء فی الأمم المتحدة وکیانات لم تبلغ وصف الدولة بصفة مراقب لدیها. | ||
Keywords | ||
انواع العضویة فی الوکالات الدولیة المتخصصة; اللجان الإقلیمیة; اعتراف الامم المتحدة; منظمة التحریر الفلسطینیة; عضویة فلسطین فی الیونسکو | ||
Full Text | ||
عضویة الکیانات من غیر الدول فی الوکالات الدولیة المتخصصة المرتبطة بنظام الامم المتحدة-(*)- Membership of Non-State Entities in Specialized Agencies Associated with the United Nations System
(*) أستلم البحث فی 28/3/2018 *** قبل للنشر فی 15/5/2018. (*) received on 28/3/2018 *** accepted for publishing on 15/5/2018. Doi: 10.33899/arlj.2022.175379 © Authors, 2022, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license (http://creativecommons.org/licenses/by/4.0). المستخلص نظراً لطبیعتها الفنیة غیر السیاسیة تقبل بعض الوکالات الدولیة المتخصصة فی عضویتها کیانات لم تبلغ الوصف القانونی للدول، وفق اجراءات التصویت المحددة فی مواثیقها. وقد سارت الممارسة الدولیة فی الامم المتحدة، على ان قبول عضویة کیان لیس بدولة المجسد بصفة مراقب فی الامم المتحدة، شرطاً لابد منه لتغییر مرکز هذا الکیان من کیان مراقب الى دولة مراقب غیر عضو. الکلمات المفتاحیة: انواع العضویة فی الوکالات الدولیة المتخصصة، اللجان الإقلیمیة، اعتراف الامم المتحدة،منظمة التحریر الفلسطینیة، عضویة فلسطین فی الیونسکو. Abstract Due to its technical and non-political nature, some UN-specialized agencies accept as members entities that have not reached the legal description of states according to the voting procedures specified in its charters. This paper looks at the practice followed by the United Nations and examines to what extent that accepting a membership of an entity that is not a state as an observer in the United Nations, is a necessary condition for changing the status of this entity from an observer entity to a non-member observer state. Key words: Membership in specialized international agencies, regional commissions, UN recognition, Palestine Liberation Organization, Palestine's membership in UNESC. المقدمـة ترتبط العضویة فی الوکالات الدولیة المتخصصة بالوضع القانونی الدولی لطالب العضویة، فقد تقبل الوکالات الدولیة المتخصصة فی عضویتها دول اعضاء فی الامم المتحدة او دول غیر فیها کما قد تقبل بعض الوکالات کیانات لم تبلغ الوصف القانونی للدول، وذلک بالنظر للطبیعة الفنیة غیر السیاسیة التی تتمیز بها جمیع الوکالات الدولیة المتخصصة، وهذا ما دعا مواثیق هذه الوکالات تحدد موقفها من عضویة الکیانات التی لم تبلغ الوصف القانونی للدول، وهی غالباً ما تکون اقالیم محتلة، تمثلها حرکات تحریر وطنیة معترف بها فی الامم المتحدة بصفة کیان مراقب، وعلى اساس هذا الاعتراف یتم دعوتها للمشارکة فی دورات واعمال الجمعیة العامة لمناقشة المسائل المتعلقة بقضایاها، ومن ذلک منظمة التحریر الفلسطینیة والمنظمة الشعبیة لجنوب غرب افریقیا (SWAPO). أهمیة البحث یعد انضمام دولة غیر عضو فی الأمم المتحدة او کیان لم یبلغ الوصف القانونی للدولة، الى الوکالات الدولیة المتخصصة المرتبطة بنظام الأمم المتحدة، شرط واقعی سارت علیه الممارسة الدولیة فی الامم المتحدة لمنحها مرکز الدولة المراقب فی الأمم المتحدة. ویکاد یکون من الاهمیة بحیث عدهُ البعض "الشرط الوحید" لقبول دولة لیس لها صفة عضویة فی الأمم المتحدة، وهو ان تکون عضواً فی واحدة او اکثر من وکالات الأمم المتحدة المتخصصة. وفی هذا الخصوص، یقول د. الغنیمی "ان الدول غیر الاعضاء فی الأمم المتحدة، لها ان تشترک فی اعمال الأمم المتحدة وذلک اذا کانت اعضاء فی الوکالات المتخصصة" تطبیقاً لنص (م/70) من المیثاقالتی تخول "للمجلس الاقتصادی والاجتماعی ان یعمل على اشراک مندوبی الوکالات المتخصصة فی مداولاته، او فی مداولات اللجان التی ینشئها...". إشکالیة البحث الاشکالیة الاساسیة فی هذا البحث، هو لماذا تشترط الأمم المتحدة انضمام الدولة غیر العضو فی الأمم المتحدة او الکیان غیر الدولة فی عضویة الوکالات المتخصصة لمنحها مرکز الدولة المراقب؟ من هنا تثار تساؤلات عدة فی هذا المجال وهی لماذا تقبل هذه الوکالات دولاً غیر اعضاء فی الأمم المتحدة وکیانات لم تبلغ وصف "دول" فی عضویتها؟ وما هی الخطوات او الیة قبول هذه الکیانات فی عضویة الوکالات المتخصصة؟ وما هی شروط منح العضویة لکیانات لم تبلغ وصف الدولة؟ وما اسباب تمسک الامم المتحدة بعضویة کیانات لم تبلغ وصف الدول فی احدى الوکالات الدولیة المتخصصة لمنحها مرکز الدولة غیر العضو بصفة المراقب فی المنظمة؟ سیتم الاجابة عن هذه التساؤلات بعد اعطاء فکرة موجزة عن الوکالات المتخصصة. هیکلیة البحث المبحث الأول: التعریف بالوکالات الدولیة المتخصصة. المطلب الاول: مفهوم الوکالات المتخصصة. المطلب الثانی: عناصر الوکالات الدولیة المتخصصة. المطلب الثالث: انواع العضویة فی الوکالات الدولیة المتخصصة. المبحث الثانی: شروط منح العضویة لکیانات لم تبلغ وصف الدول فی الوکالات المتخصصة. المطلب الاول: حصول کیان لیس بدولة على اعتراف مسبق من الأمم المتحدة. المطلب الثانی: قبول الکیان فی عضویة احدى اللجان الإقلیمیة. المبحث الثالث: أثر العضویة فی الوکالات المتخصصة فی الحصول على العضویة المراقبة فی الأمم المتحدة- فلسطین انموذجا المطلب الاول: اسباب قبول الوکالات المتخصصة لکیانات لیست بدول فی عضویتها. المطلب الثانی: اسباب اشتراط عضویة الکیان فی الوکالات المتخصصة لنیل الدولة المراقب. المطلب الثالث: عضویة فلسطین فی منظمة الیونیسکو. الخاتمة المبحث الأول التعریف بالوکالات الدولیة المتخصصة للإحاطة بماهیة الوکالات الدولیة المتخصصة ینبغی الالمام بتعریف الوکالات الدولیة المتخصصة وعناصرها وأنواع العضویة فیها، وفقا للمطالب الاتیة : المطلب الاول مفهوم الوکالات الدولیة المتخصصة انبثقت بعض الوکالات الدولیة المتخصصة (Specialized Agencies) من عهد عصبة الامم او فی السنوات التی سبقت الحرب العالمیة الثانیة، حیث کان هناک بعض الوکالات قائمة بالفعل وازدادت بصورة اکبر بعد نشأة الأمم المتحدة، التی شجعت على قیامها لتمنح کل واحدة من هذه الوکالات، مجالاً معیناً تحقق فیه اهداف وغایات الأمم المتحدة فی صیانة السلم العالمی من خلال ربطه بحمایة مصالح الشعوب فی اطار من التعاون بین الدول. فالمقصود بالوکالات الدولیة المتخصصة؟ لقد عُرفت الوکالة الدولیة المتخصصة، بانها منظمة دولیة مستقلة تضطلع بمهام دولیة واسعة فی مجال معین وترتبط مع الأمم المتحدة باتفاق وصل بهدف التنسیق بین ناشطیهما. وقد عرفها د. محمد سامی عبد الحمید مرکزاً على صفتها العالمیة حین قال: یقصد بالوکالات المتخصصة: "کافة المنظمات المتخصصة ذات الاتجاه العالمی العاملة فی مجالات تتصل باختصاص الأمم المتحدة، والتی تقبل بالتعاون معها بمقتضى اتفاقات تعقد لهذا الغرض من اجل تحقیق اهداف مشترکة". کما عرفت الوکالات المتخصصة من خلال الترکیز على علاقتها بالأمم المتحدة التی نضمها المیثاق، بانها المنظمات الحکومیة (Intergovernmental,Organizations) التی ترتبط فی علاقة مع الأمم المتحدة طبقاً لما تضمنته نص (م/57 و م/63) من المیثاق من اجل تحقیق اهداف الأمم المتحدة التی وردت فی نص (م/55). وقد ورد تحدید معنى الوکالات المتخصصة فی نص (م/57) من المیثاق التی جاء فیها الوکالات المختلفة التی تنشأ بمقتضى اتفاق بین الحکومات والتی تضطلع بمقتضى نظمها الاساسیة بتبعات دولیة واسعة فی الاقتصاد والاجتماع والثقافة والتعلیم والصحة وما یتصل بذلک من الشؤون، یوصل بینها وبین الأمم المتحدة وفقاً لأحکام (م/63). وبالاستناد على هذا النص فان الوکالات المتخصصة تعد منظمات دولیة تنشأ بمقتضى اتفاق تعقده الدول یقرر للمنظمة اختصاصات واسعة فی أی من المجالات غیر السیاسیة. وتقتصر هذه الاختصاصات على تحقیق التعاون بین اعضائها فی احدى المجالات الاقتصادیة او الاجتماعیة او الثقافیة وفی مجال التعلیم او الصحة او النقل وما الى ذلک، مما یعنی ان مجال الوکالات المتخصصة لیس مجالاً واسعاً متعدد النواحی کما فی حالة الأمم المتحدة، وانما یمنح کل منها اختصاص فی قطاع معین من قطاعات الحیاة الدولیة المعاصرة، یمثل الغایة من انشاء هذه المنظمة ویبین فی نفس الوقت الحدود التی ترد على اختصاصها، کل فی اطار وظیفته. المطلب الثانی عناصر الوکالات الدولیة المتخصصة لقد أبرز نص(م/57) مجموعة عناصر اساسیة یتعین توافرها فی الوکالات المتخصصة، والتی سنعرضها فی الفروع الاتیة: الفرع الأول: وجود اتفاق دولی: على غرار المنظمات الدولیة، یتم انشاء الوکالات المتخصصة بموجب اتفاق دولی یمثل اساس قیام المنظمة، ویعد هذا الاتفاق بمثابة الدستور او المیثاق المنشئ لها، ویخضع عادةً هذا الاتفاق للأحکام العامة للمعاهدات الدولیة وبالذات تلک المنشأة للمنظمات الدولیة. وتکون الدعوة الى عقد هذا الاتفاق من خلال دولة او مجموعة دول او من خلال الأمم المتحدة بقصد انشاء الوکالة المتخصصة. وهذا ما جعل الفقه الدولی یتجه الى اعتبار الوکالات الدولیة المتخصصة منظمات دولیة بالمعنى الفنی الدقیق لهذه الکلمة". الفرع الثانی: العنصر الدولی فی الوکالات المتخصصة: وهو العنصر الاساسی فی کل المنظمات الدولیة الحکومیة، لان انشائها یکون باتفاق بین حکومات الدول فاذا لم تنشأ المنظمة باتفاق بین الحکومات فإنها لا تعد وکالة متخصصة، حتى لو اقتصر نشاطها على قطاع معین من القطاعات، اعمالاً لقرار المجلس الاقتصادی والاجتماعی رقم 288 فی 27 فبرایر/ شباط 1950، الذی تضمن ان "کل منظمة دولیة لا یتم تکوینها باتفاق بین الحکومات تعد منظمة دولیة غیر حکومیة". الفرع الثالث: عنصر التنظیم: تهدف الوکالات المتخصصة الى اشباع حاجات مستمرة للدول، ومن ثم یتعین ان یتوافر لها طابع الدوام، ولتحقق شرط الدوام هنا یکفی ان تکون المنظمة قادرة على ممارسة نشاطها فی أی وقت تراه مناسباً لتحقیق اهدافها. کما ویتحقق بتوافر اجهزة مستمرة ودائمة للقیام بأعباء اختصاصات الوکالة، لذا نجد ان غالبیة الوکالات المتخصصة تشمل ثلاثة اجهزة رئیسیة هی الجهاز العام وجهاز تنفیذی وجهاز اداری، والمعاهدة المنشأة للوکالة او میثاقها، هو الذی یحدد هذه الاجهزة، کما یحدد سلطاتها ووظائفها ویبین العضویة فی الوکالة، والتزامات الدول الاعضاء نحو الوکالة واهدافها ومبادئها. الفرع الرابع: اتفاقات الوصل (Relationship Agreements) : یتم الوصل بین الوکالات المتخصصة وبین الأمم المتحدة، بواسطة اتفاقات وصل تبرم بین الأمم المتحدة والوکالات المتخصصة تؤسس لعلاقات بین الطرفین مع احتفاظ الوکالة باستقلالها الذاتی، بمقتضى نص (م/63) من المیثاق التی نظمت احکام هذه الاتفاقات، ونصت على ان المجلس الاقتصادی والاجتماعی (ECOSOC) هو الجهاز الذی یتولى اعداد مشروعات هذه الاتفاقات، وفقاً لنص (م/62 ف3) بواسطة "لجنة المفاوضة مع الوکالات المتخصصة"، على ان یتم عرض هذه الاتفاقات على الجمعیة العامة للموافقة علیها. وفی المقابل تتضمن مواثیق الوکالات المتخصصة نصوصاً تنظم الربط بینها وبین الأمم المتحدة. وتتضمن اتفاقات الوصل کل ما یتعلق بحقوق وواجبات الوکالات المتخصصة وعلاقتها بالأمم المتحدة، ومن المهم ان نذکر فی هذه المناسبة، ان هذه الاتفاقات تنص على وضع الصیغة القانونیة النهائیة فی مسائل انضمام الدول غیر الاعضاء فی الأمم المتحدة الى الوکالات المتخصصة. الفرع الخامس: التنسیق (The Coordination) بین الوکالات المتخصصة والأمم المتحدة: ویتم ذلک من خلال اتفاقات الوصل التی ینظمها المجلس الاقتصادی والاجتماعی، الذی ینحصر اختصاصه بتنسیق انشطة الوکالات المتخصصة مع الأمم المتحدة عن طریق التشاور (Consultation) وتقدیم التوصیات (Recommendations) للوکالات وللجمعیة العامة واعضاء الأمم المتحدة استناداً الى نص (م/63 ف2) من المیثاق، واستلام التقاریر من الوکالات المتخصصة وتبلیغ ملاحظاته عنها الى الجمعیة العامة. والمشارکة فی اجتماعات الوکالات المتخصصة دون حق التصویت. کما یکون للمجلس التنسیق بین الوکالات المتخصصة ومجلس الامن بمقتضى (م/48) لتنفیذ قرارات حفظ الامن والسلم الدولیین. ویمکن تصنیف الوکالات الدولیة المتخصصة الى ثلاث فئات هی : - وکالات دولیة متخصصة تعنى بالشؤون الانسانیة والثقافیة والاجتماعیة وهی : منظمة العمل الدولیة(ILO) ومنظمة الصحة العالمیة (WHO) ومنظمة الأمم المتحدة للتربیة والتعلیم والثقافة (UNESCO) ومنظمة الفاو (FAO) ومنظمة السیاحة العالمیة (WTO) والمنظمة العالمیة للملکیة الفکریة (WIPO). - الوکالات المتخصصة الفنیة : مثل منظمة الطیران المدنی الدولیة (ICAO) واتحاد البرید العالمی (UPU) والاتحاد الدولی للاتصالات (ITU) ومنظمة الارصاد الجویة العالمیة (WMO) والوکالة الدولیة للطاقة الذریة (IAEA) ومنظمة الأمم المتحدة للتنمیة الصناعیة (UNEDO). - الوکالات الاقتصادیة والمالیة : مثل صندوق النقد الدولی (IMF). المطلب الثالث انواع العضویة فی الوکالات الدولیة المتخصصة ان العضویة فی وکالة او اکثر من الوکالات المتخصصة لیست من المتطلبات الضروریة للعضویة فی الأمم المتحدة، لکنها من متطلبات منح الدولة غیر العضو او الکیانات التی لم تبلغ وصف الدولة مرکز دولة مراقب فی الأمم المتحدة. وعلى النقیض من ذلک فان عضویة الدولة فی الأمم المتحدة تنسحب اوتوماتیکیاً على عضویتها فی الوکالات المتخصصة. وکما هو معروف فان شروط العضویة فی الوکالات المتخصصة تخضع للقواعد الواردة فی مواثیقها شأنها شأن أی منظمة دولیة. وبذلک فهی تقبل الدول کأعضاء بشروط محددة تضعها فی نظامها الاساسی لذا فقد یزید عدد الاعضاء المنتمین الیها او ینقص بالنسبة لعدد اعضاء الأمم المتحدة کون العضویة فی غالبیة هذه الوکالات مفتوحة امام جمیع الدولالاعضاء فی الأمم المتحدة وغیر الاعضاء فیها، بل انها تشمل عضویة الکیانات غیر المستقلة والتی لم تبلغ مصاف الدول بعد. وهذا مالا تفعله الأمم المتحدة. وعلى ذلک فإننا سنوضح هذه الانواع من العضویة فی الفروع الاتیة : الفرع الاول: عضویة الدول الاعضاء فی الأمم المتحدة فی الوکالات المتخصصة بالنسبة للدول الاعضاء فی الأمم المتحدة فان الانضمام على العموم بسیط الى الوکالات المتخصصة، ولا یتطلب سوى اشعار مدیر عام الوکالة بکتاب من حکومة الدولة الجدیدة برغبتها فی الانضمام وتعهدها بتنفیذ ما ورد من التزامات فی میثاق الوکالة او نظامها الاساسی. وتعتبر الدولة مقبولة من دون حاجة الى تصویت أی من اجهزة الوکالة المتخصصة. وهکذا نصت (م1 ف3) من دستور منظمة العمل الدولیة على حق الدول الاعضاء الأمم المتحدة فی الانضمام الى عضویة المنظمة بمجرد اخطار المدیر العام للمکتب الدولی للعمل بقبولها للالتزامات التی نص علیها دستور المنظمة. والقاعدة العامة فی عضویة منظمة الصحة العالمیة وردت فی نص (م/4) التی جاء فیها، بان أی عضو من اعضاء الأمم المتحدة ینبغی ان یکون له الحق فی اکتساب عضویة المنظمة بمجرد الموافقة على دستورها. ویمکننا القول فی هذا الخصوص، بانه امر طبیعی ان تکون الدولة العضو بالأمم المتحدة، قادرة على تحمل الالتزامات واکتساب الحقوق وتسعى الى تحقیق الاهداف الواردة فی (م/55) من میثاق الأمم المتحدة، ان تصبح عضویتها فی احدى الوکالات المتخصصة، امر طبیعی اذا ما رغبت بذلک، وبالتالی فلا ضرورة من قیام هذه الوکالات (کمنظمة الصحة او الیونسکو على سبیل المثال) بای اجراء لقبول عضویة دولة عضو فی الأمم المتحدة، طالما انها مرتبطة بنظام الأمم المتحدة، بموجب اتفاقات خاصة نظمها میثاق الأمم المتحدة، وطالما الوکالات تسعى الى عضویة جمیع الدول. وتجدر الاشارة الى ان مبدأ العضویة العالمیة: (Principle of Universal Membership)، هو هدف بالنسبة للأمم المتحدة ولجمیع الوکالات المتخصصة، الا ان هذا المبدأ اصبح قضیة بالنسبة لبعض الوکالات وتحدیداً المنظمات المالیة–والمصرفیة Monetary-Financial Organizations حتى نهایة الثمانینات، مثل صندوق النقد الدولی IMF ومجموعة البنک العالمیة World Bank Group، فلم تدخل فی عضویة هذه الوکالات لفترة طویلة البلدان النامیة والدول الاشتراکیة(Socialist States) رغم انها اعضاء فی الأمم المتحدة، بسبب قاعدة وزن الاصوات (Voting Weight) فی الصندوق الذی یتم حسابه عن طریق حصة العضو (Member's Guota) والذی یعتمد على مدى مساهمة العضو فی رأسمال الصندوق. بالإضافة الى ان صندوق النقد ومجموعة البنک الدولیة تحدد قبول العضویة فیها تحدیداً فردیاً لکل دولة ترید الانضمام الى هذه الوکالات کُلاً على حدا. الفرع الثانی : عضویة الدول غیر الاعضاء فی الأمم المتحدة فی الوکالات المتخصصة اما فی حالة الدول غیر الاعضاء فی الأمم المتحدة، فلا یتم قبولها فی عضویة الوکالات المتخصصة، الا بعد التصویت الذی یجری فی جهازها الاعلى. والذی یکون اما بأغلبیة الثلثین کما هو الشأن فی منظمة العمل الدولیة التی نص دستورها على ان الدول غیر الاعضاء فی الأمم المتحدة یجوز قبول عضویتها فی المنظمة بناءً على توصیة من المجلس التنفیذی وبقرار یصدر من المؤتمر العام بأغلبیة الثلثین. او بالأغلبیة البسیطة کما هو حال دستور منظمة الصحة العالمیة، الذی اکتفى بموافقة جمعیة الصحة العالمیة WHG بالأغلبیة البسیطة، بالنسبة للدول غیر الاعضاء فی الأمم المتحدة باعتبارها احدى وکالاتها المتخصصة، وفقاً لما ورد فی نص (م/6). بناءً على ذلک، فقد انظم عدد من الدول مثل ایطالیا لمنظمة العمل الدولیة عام 1945 قبل ارتباط منظمة العمل بهیئة الأمم المتحدة بموجب اتفاق الوصل عام 1946 واعترفت بها الجمعیة وکالة متخصصة، وکان ذلک اساس قانونی لإیطالیا للحصول على مرکز دولة مراقب فی الأمم المتحدة بین عامی 1952-1955. والیابان عام 1951 قبل ان تصبح دولة مراقب بین عامی 1952-1956. ویمکن فی هذا المجال الاستفادة من النموذج السویسری الذی اصبحت فیه دولة سویسرا عضو فی عدد من الوکالات المتخصصة قبل تلقیها دعوة للمشارکة بصفة مراقب فی اعمال الجمعیة العامة للأمم المتحدة فی عام 1946، والشرط الوحید الذی تعتمده الوکالات المتخصصة، فی قبول عضویة دول غیر اعضاء فی الأمم المتحدة هو تعهدها بالالتزام بما ورد فی میثاق الوکالة. ومما یذکر ان الدول المستقلة التی لیست اعضاء فی الأمم المتحدة، بسبب صغر حجمها قد قبل عدد منها اعضاء اصلین فی بعض الوکالات المتخصصة، ومثال على ذلک، امارة موناکو قبلت فی عضویة منظمة الصحة العالمیة بتاریخ 8 تموز 1948 واتحاد البرید العالمی، وذلک قبل منحها مرکز دولة مراقب فی الأمم المتحدة للفترة بین 1956-1993. وکذلک الفاتیکان التی تتمتع بعضویة کاملة فی بعض الوکالات المتخصصة للأمم المتحدة، مثل UPU, ITU, WHO, WIPO، وذلک قبل توسیع مرکزها الى دولة مراقب عام 2004. وربما یسأل البعض، هل تمنح الدول غیر الاعضاء فی الأمم المتحدة حقوق العضویة الکاملة فیما اذا قبلت عضواً فی الوکالات المتخصصة؟ ان قبول الاعضاء الجدد فی الوکالات المتخصصة بعد التصویت على عضویتها فی اجهزتها الرئیسیة یعطی صاحبها حقوق العضویة الکاملة بما فیها حق التصویت. فاذا ما تحملت الدولة العضو (الجدید) کافة الالتزامات فإنها تکتسب کافة الحقوق والمزایا التی تقررها مواثیق الوکالات المتخصصة للدول الاعضاء.
الفرع الثالث : عضویة الکیانات التی لم تبلغ وصف الدول ان عضویة الکیانات التی لم تبلغ الوصف القانونی للدولة فی الوکالات الدولیة المتخصصة غالبا ما تنص علیها مواثیقها المؤسسة لها, ولکونها لم تبلغ وصف الدولة فان عضویتها تتحقق بالانتساب الیها, فما المقصود بهذه العضویة وما هی حقوقها والتزاماتها؟ سیتم الاجابة عن ذلک فی الفقرات الاتیة: اولا: العضویة بالانتساب فیما یتعلق بالدول المحتلة والکیانات التی لم تبلغ وصف الدول، فقد سمحت دساتیر بعض الوکالات المتخصصة بقبولها اعضاء لدیها، بحقوق محدودة (Limited Rights) لکونها اقالیم غیر مستقلة وغیر مسؤولة عن ادارة علاقاتها الخارجیة، ویطلق على هذا النوع من العضویة "بالانتساب" وقد نظمت مواثیق الوکالات المتخصصة التی نصت علیها، حقوق والتزامات هذه الکیانات، وسمحت بالانضمام الیها على اساس اقامة علاقة قانونیة بینها وبین الوکالة لضرورات تتعلق بأهداف الوکالة المتخصصة، التی یروم کیان لیس بدولة التمتع فیها من خلال عضویته فی تلک الوکالة. وفی هذا الشأن یقول البعض: "ان الوکالات المتخصصة تعتبر مؤسسات حکومیة قائمة على اساس المعاهدات الحکومیة ولکن لیس الدول فقط لها حق العضویة فیها، بعض الوکالات مثل الفاو والاتحاد الدولی للاتصالات واتحاد البرید الدولی والیونیسکو ومنظمة الصحة العالمیة، فی الحقیقة تسمح ایضاً بالدخول کأعضاء منتسبة الاقالیم التی لم تکتمل لدیها لحد الان عناصر الدولة". ویتم قبول کیانات لیست بدول فی الوکالات المتخصصة، بتقدیم طلب من السلطة التی تمارس ادارة الاقلیم مباشرةً او عن طریق الدول الاعضاء فی هذه الهیئات والتی تعترف بهذا الکیان. وکذلک السلطة التی تمارس مسؤولیة ادارة علاقاتها الخارجیة، الى الفرع المختص للموافقة علیه، ویصدر قرار بقبول عضویتها متى حققت النصاب الذی نص علیه دستور الوکالة، ویکون فی معظم الوکالات بأغلبیة ثلثی الاعضاء الحاضرین والمشترکین فی التصویت. ومن ذلک، ما نصت علیه (م/2 ف3) من المیثاق التأسیسی للیونیسکو فقد جاء فیها انه: "یجوز قبول الاقلیم او مجموعة الاقالیم التی لا تمارس بنفسها مسؤولیة ادارة علاقاتها الخارجیة کأعضاء منتسبین، اذا وافق على ذلک بأغلبیة ثلثی الاعضاء الحاضرین والمصوتین، وقدم طلب الانضمام بالنیابة عن کل إقلیم او مجموعة من هذه الاقالیم من الدولة العضو، او السلطة التی تمارس مسؤولیة ادارة علاقاتها الخارجیة أیاً کانت هذه السلطة". تطبیقاً على ذلک، فی عام 1951 تقدمت جمهوریة المانیا الاتحادیة التی کانت حتى ذلک الوقت لا تزال رسمیاً فی ظل الاحتلال والتی کانت تمارس علاقاتها الخارجیة هی سلطات الاحتلال، تقدمت بطلب العضویة فی منظمة الصحة العالمیة، احال المدیر العام الطلب الى جمعیة الصحة ووافق اعضاء الجمعیة على عضویتها بدون ایة اشکالیات. وکذلک حصولها على عضویة الیونیسکو فی تموز 1951، کما قبلت المانیا الاتحادیة فی سابقة هی الاولى من نوعها، فی منظمة الطیران المدنی الدولیة – رغم انها من الدول الاعداء فی الحرب العالمیة الثانیة – اذ اکتفت جمعیة المنظمة بموافقة الجمعیة العامة للأمم المتحدة وایداع المانیا الاتحادیة لوثائق الانضمام. وقد زکى هذا الاتجاه موقف المنظمة من قبول عضویة النمسا عام 1947، فأصبحت دولة مراقب (1952-1955) الامر الذی مهد الطریق لحصول المانیا على مرکز دولة مراقب فی الأمم المتحدة للفترة بین عامی 1952-1973. ومن ذلک ایضاً، عضویة الیابان فی الیونیسکو عام 1951 رغم تواجد قوات اجنبیة على اراضیها قبل حصولها على مرکز دولة مراقب فی الأمم المتحدة بین عامی 1952-1956. ویأتی تقریر دساتیر بعض الوکالات المتخصصة بانتساب کیانات لم تبلغ وصف الدول فی عضویتها، لتمکینها من المشارکة فی انشطتها وجنی الفوائد الناجمة عن هذه الانشطة، لکن بدون ضمان حقوق الدول المستقلة، وبعد ان تصبح مستقلة فان هذه الکیانات عادةً تستمر فی هذه العضویة الى ان یتم الاعتراف بکامل عضویتها. ولا زال هذا الشکل من المشارکة یستخدم فی مناسبات خاصة، وقدر تعلق الامر بموضوع الدراسة، فانه وحتى وقت قریب من الان ضمنت حرکات التحریر، وحکومات فی المنفى عضویة انتساب لها فی عدد من الوکالات المتخصصة. ویفترض بالوکالات المتخصصة طبقاً لأهدافها التخصصیة المرسومة لها والمنصوص علیها فی مواثیقها، ان تقبل عضویة أی من الکیانات التی لم تبلغ الوصف الکامل للدول والتی تمثلها حرکات تحریر وطنیة، او سلطة غیر سیادیة، تتقدم بطلب العضویة الیها، الا انه تم رفض او تأجیل طلبات عدد من الدول المحتلة او الکیانات من قبل بعض الوکالات المتخصصة، بحجة انها غیر قادرة على الوفاء بالتزامات الوکالة الواردة فی میثاقها، او لوجود اختلافات بین الاعضاء بالنسبة لمقدم الطلب، مما یدل على تأثر قرارات الوکالات المتخصصة بالضغوط السیاسیة، رغم انها کما بینا سابقاً، تنشأ بعیداً عن الاهواء السیاسیة، فقد تم رفض طلبات جمهوریة المانیا الدیمقراطیة (سابقاً) فی الاعوام 1968، 1970، 1971، للعضویة فی منظمة الصحة العالمیة، ولم تمنح العضویة الا بعد الاعتراف المتبادل بین الالمانیتین عام 1973 فی الوقت الذی قبلت عضویة المانیا الاتحادیة منذ عام 1951. ومن الجدیر بالذکر، ان جمهوریة المانیا الدیمقراطیة: (Germany Democracies Republic) کانت دولة مراقب للفترة 1972-1973. وکانت عضو فی عدد من الوکالات المتخصصة، ففی عام 1952 وبدعم من السوفییت حصلت على العضویة فی اتحاد البرید العالمی (UPU) فی 11 شباط 1955، والاتحاد الدولی للاتصالات (ITU)، وفی عام 1953 فی منظمة الارصاد الجویة، ثم اصبحت کامل العضویة فی الیونیسکو عام 1972، واصبحت کاملة العضویة فی الأمم المتحدة عام 1973. کما تم تأجیل طلبات منظمة التحریر الفلسطینیة فی عضویة کل من الیونیسکو ومنظمة الصحة العالمیة عام 1989، فی حین قبلت منظمة (SWAPO) النامیبیة فی کلا الوکالتین عام 1978. ولم تقبل عضویة "فلسطین" فی الیونیسکو الا فی عام 2011 وقبل منحها عضویة دولة مراقب فی الأمم المتحدة فی 29 نوفمبر 2012. ثانیا: الحقوق والالتزامات الناشئة عن العضویة المنتسبة من حیث الوضع القانونی للعضو المنتسب فی الوکالات المتخصصة، فقد نصت (م/2 ف3) من المیثاق التأسیسی للیونیسکو على ان "یحدد المؤتمر العام طبیعة ونطاق حقوق الاعضاء المنتسبین والتزاماتهم"، وهو ما نصت علیه ایضاً (م/8) من دستور (WHO) وبموجب هذه المادة اصدرت جمعیة الصحة القرار رقم (1-80) فی یولیو 1948حددت فیه بصورة عادلة حقوق والتزامات الکیانات غیر الدول المنتسبة الى المنظمة، والذی نصت علیه الفاو والیونیسکو وغیرها من الوکالات المتخصصة. ویمکن اجمال حقوق والتزامات الأعضاء المنتسبین بما یأتی. 1. ان الأعضاء المنتسبین لهم الحق فی : (أ) الاشتراک دون حق التصویت فی مداولات اللجان الرئیسیة للوکالات. (ب) المشارکة فی التصویت وشغل المناصب فی اللجان الفرعیة التابعة للوکالة. (ج) المشارکة على قدم المساواة مع الدول الأعضاء فی الأمور المتعلقة بتسییر اعمال اجتماعات الجمعیة العامة للوکالة ولجانها. (د) حق ادراج بنود فی جدول الاعمال. (ه) تلقی جمیع التقاریر والوثائق والاشعارات والسجلات على قدم المساواة مع الدول الاعضاء. (و) المشارکة على قدم المساواة مع الدول الأعضاء فی عقد الدورات الخاصة. 2. الاعضاء المنتسبین لهم الحق على قدم المساواة مع الدول الأعضاء فی تقدیم المقترحات الى المجلس التنفیذی والاشتراک فی مناقشات اجهزة المنظمة واللجان التی ینشئها. 3. الأعضاء المنتسبة لا تتمتع عادةً بحق التصویت فی الفروع الرئیسیة للوکالة، وهم یخضعون لنفس التزامات الدول الأعضاء، الا انه یراعى عند تحدید التزاماتها المالیة وضعها الخاص. کما لا یسمح لها بإنشاء مکتب فی المقر الرئیسی. المبحث الثانی شروط منح العضویة لکیان لیس بدولة فی الوکالات المتخصصة لم تنص مواثیق الوکالات المتخصصة على شروط معینة ومحددة لازم توافرها فی الکیانات التی لم تبلغ وصف الدول لمنحها عضویة هذه الوکالات، سوى اجراءات الطلب والتصویت. لکن الممارسة العملیة المتکررة والمستمرة فی الیة قبول کیانات لیست بدول فی غالبیة الوکالات المتخصصة استندت على اساس الاعتراف المسبق بالکیان من قبل الامم المتحدة، وان تعذر ذلک فقبولها فی احدى اللجان الاقلیمیة، خلقت نوع من العرف الدولی، اصبح بمثابة شروط قانونیة یجب تحققها لانضمام أی کیان لیس بدولة لأیة وکالة متخصصة یرغب فیها، والتی امکننا الاستدلال علیها من خلال البحث والتمحیص فی هذا الخصوص، ویمکن الحدیث عنها فی المطلبین الآتیین: المطلب الاول حصول کیان لیس بدولة على اعتراف مسبق فی الأمم المتحدة ویتحقق ذلک بحصول کیانات وطنیة لم تبلغ وصف الدول، التی تمثلها حرکات تحریر وطنیة کممثل شرعی على اعتراف مسبق من الأمم المتحدة، من خلال منحها مرکز "مراقب" فی الأمم المتحدة بموجب قرار صادر عن الجمعیة العامة. وعلى ذلک فان بعض الوکالات المتخصصة تبنی اساسها القانونی فی منح الکیان غیر الدولة المجسد Embodied بصفة "مراقب" فی الأمم المتحدة بقرار صادر عن الجمعیة العامة، العضویة الکاملة. واذا ما تحققت هذه العضویة فی وکالة او اکثر من الوکالات المتخصصة، تصبح لذلک الکیان حجة على الأمم المتحدة للاعتراف به دولة غیر عضو بصفة المراقب فی الأمم المتحدة اذا تقدم بطلب ذلک، وبذلک یتغیر مرکزه القانونی من "کیان مراقب" الى "دولة مراقب" داخل المنظمة الاممیة. وعلى سبیل المثال، بعد اعتراف الجمعیة العامة فی دیسمبر 1973 بان حرکة التحریر الوطنیة فی جنوب غرب افریقیا (SWAPO) هی الممثل الاصلی لشعب نامیبیا (Namibia)، طلبت الجمعیة من کافة الوکالات المتخصصة فی اطار الأمم المتحدة فضلاً عن الدول الاعضاء ان تتخذ خطوات لتمکین "مجلس نامیبیا" التابع للأمم المتحدة باعتباره السلطة الشرعیة المسؤولة عن نامیبیا، من المشارکة نیابةً عن نامیبیا فی عمل هذه الوکالات". وعلى هذا الاساس تم قبول (SWAPO) کعضو منتسب فی الیونیسکو ومنظمة الصحة العالمیة عام 1974. وتم اعتبارها ذات عضویة کاملة فی کلا المنظمتین عام 1978 بعد ان ناشدت الجمعیة العامة فی کانون الثانی 1976، الدول الاعضاء والوکالات المتخصصة المرتبطة بالأمم المتحدة، ان تمنح کل المساعدات الضروریة لمنظمة (SWAPO) بعد مشارکتها "کمراقب" فی اعمال الجمعیة العامة وجمیع مؤتمراتها الدولیة التی تعقد تحت رعایة الأمم المتحدة واسرة وکالاتها المتخصصة، وهی تعرب عن مساندتها للکفاح المسلح لشعب نامیبیا. وبالنسبة لفلسطین فی عام 1974 وعلى اساس القرار رقم (3118) الصادر عن الجمعیة العامة، فی الدورة الثامنة والعشرین للأمم المتحدة، طلب من المدیر العام لمنظمة الصحة العالمیة "اتخاذ الخطوات اللازمة لدعوة حرکات التحریر الوطنی التی تعترف بها منظمة الوحدة الافریقیة وجامعة الدول العربیة لحضور اجتماعات منظمة الصحة العالمیة بصفة "المراقب" وتمت دعوة منظمة التحریر الفلسطینیة، وکانت واحدة من خمس حرکات تحریر یتم دعوتهم لحضور اجتماعات جمعیة الصحة جمیعهم اصبحوا اعضاء فی هذه المنظمة، بقیت فقط منظمة التحریر الفلسطینیة. وکذلک الحال بالنسبة للیونیسکو وبقیة الوکالات المتخصصة. ومن ذلک الوقت فان الکیانات غیر الدول تشارک فی نشاطات معظم الوکالات المتخصصة لان "الوکالات المتخصصة تبنت بشکل عام سیاسات لها علاقة بالمراقبین المنتظمین فی قرارات الجمعیة العامة". أما ما واجهه طلب فلسطین وهی کیان مراقب فی الأمم المتحدة للانضمام الى منظمة الصحة العالمیة والیونیسکو عام 1989 من موقف سلبی مدعاة للأسف، فقد اجل طلب الانضمام الى کلتا الوکالتین، وکان اثر الموقف الامریکی المعارض واضحاً فی هذا التأجیل. حیث کانت منظمة التحریر الفلسطینیة PLO، ترى فی عضویة منظمة الصحة العالمیة الفرصة الوحیدة لدخول فلسطین الى أی وکالة متخصصة مرتبطة بالأمم المتحدة، نظراً لان عضویتها تتطلب فقط الاغلبیة البسیطة (Simple Majority) فضلاً عن الدعم الذی تلقته من الدول العربیة الاعضاء فی المنظمة. وکانت جمعیة الصحة العالمیة WHA، قد قررت تأجیل طلب انضمام فلسطین، بعد ان وجهت الیها الولایات المتحدة الامریکیة تهدیدات بسحب تمویلها من أی وکالة متخصصة تمنح منظمة التحریر الفلسطینیة العضویة فیها، وفی عام 1998 وتبعاً لتوسیع حقوق فلسطین کمراقب فی الجمعیة العامة، تم اعطاء فلسطین نفس الترتیب فی المنظمة أی وضع "مراقب". وفی عام 2000 ربطت جمعیة الصحة العالمیة مشارکة فلسطین فی منظمة الصحة العالمیة بالاعتراف بها فی الأمم المتحدة ولا زال الطلب المودع فی WHO قائماً وسیعاد تفعیله فی الوقت المناسب. وفی 12 تشرین الاول 1989 تم تأجیل البحث فی قبول فلسطین عضواً فی الیونیسکو حتى عام 1991، وکانت السلطة الفلسطینیة تکرر تقدیم طلبها فی کل دورة من دورات المؤتمر العام للیونیسکو، وفی عام 1995 تقدمت بطلب ثانی الا انه لم یتم منح فلسطین العضویة الا فی عام 2011 نتیجة الدعم الذی حظیت به السلطة الفلسطینیة من قبل (107) دولة عضو صوتت لصالح العضویة الکاملة من اصل (193) دولة. یتضح مما تقدم، انه اذا تقدمت کیانات لیست بدول، لنیل العضویة فی احدى الوکالات المتخصصة، لها ان تتوجه الى الأمم المتحدة، للحصول على اعتراف بها "دولة" غیر عضو بصفة المراقب فی الأمم المتحدة، اذا کان لدیها من الاسباب ما یحول دون تمتعها بالعضویة الکاملة کاستخدام الفیتو او نقص السیادة، لان هذا التوجه نحو المنظمة الاممیة یجسد تعامل الأمم المتحدة مع تلک الکیانات على انها دول فی المستقبل. المطلب الثانی قبول الکیان المراقب فی عضویة احدى اللجان الاقلیمیة بإمکان الکیانات التی لم تبلغ وصف الدول ولا تستطیع الانضمام کعضو منتسب الى الوکالات المتخصصة لسبب او لأخر، ان تنضم الى احدى اللجان الاقلیمیة Regional Committee التابعة للوکالة المتخصصة او اللجان التابعة للأمم المتحدة . والمقصود باللجان الاقلیمیة هنا اللجان التابعة لبعض الوکالات الدولیة المتخصصة او للمجلس الاقتصادی والاجتماعی کونها وکالات فنیة، ویتم انشاؤها بمقتضى نص (م/68) من المیثاق، والتی منحت الحق للمجلس فی انشاء لجان للشؤون الاقتصادیة والاجتماعیة ولتعزیز حقوق الانسان، وغیر ذلک من اللجان التی قد یحتاج الیها لتأدیة وظائفه، وبما یکفل تقدم الشعوب فی مختلف المیادین واحترام ثقافاتها وتقدیم الامانی السیاسیة لهذه الشعوب. وتقوم هذه اللجان على اساس مناطقی، تضم فی عضویتها دول اعضاء فی الأمم المتحدة وغیر اعضاء وکیانات لیست بدول، وتکون مهمتها تقدیم الرأی والمشورة للمجلس او للوکالة بخصوص مناطقها الجغرافیة. وقام المجلس الاقتصادی والاجتماعی بإنشاء اللجان الاقلیمیة الدائمة وهی خمسة لجان: اللجنة الاقتصادیة لأوربا (ECE)، انشئت عام 1947 ومقرها جنیف، اللجنة الاقتصادیة والاجتماعیة لأسیا والمحیط الهادی (ESCAP) انشئت عام 1947 مقرها بانکوک، اللجنة الاقتصادیة لأمریکا اللاتینیة والکاریبی (ECLAC) انشئت عام 1948 مقرها سانتیاغو، اللجنة الاقتصادیة لأفریقیا (ECA) والتی انشأت عام 1958 ومقرها ادیس ابابا، اللجنة الاقتصادیة لغربی اسیا (ESCWA) انشأت عام 1973 ومقرها حالیاً عمان. ومن الجدیر بالإشارة، الى ان هذه اللجان لیست منظمات دولیة بحد ذاتها لکنها جزء من نظام المجلس الاقتصادی والاجتماعی للأمم المتحدة (ECOSOC). وفیما یتعلق باللجان التابعة لبعض الوکالات المتخصصة، فقد سمحت دساتیرها بان یکون للکیانات غیر المسؤولة عن علاقاتها الدولیة، ومن غیر الاعضاء المنتسبین، بالاشتراک فی اللجان الاقلیمیة التی تنشؤها بمقتضى النص علیها صراحة. ومن ذلک منظمة الصحة العالمیة قامت بإنشاء لجان اقلیمیةتتوزع جغرافیاً على العالم لتلبیة الاحتیاجات الخاصة بتلک المناطق وتضم فی عضویتها دول تلک المناطق الاعضاء فیها، والمنتسبة، وتلک الکیانات التی لم تبلغ الوصف الکامل للدولة. بمعنى اخر، فان اللجنة الاقلیمیة تضم فی عضویتها دول تلک المناطق بغض النظر عن کونها اعضاء او غیر اعضاء فی الأمم المتحدة. وبالاستناد الى (م/47) من دستور منظمة الصحة العالمیة، والتی جاء فیها : "تتألف اللجان الاقلیمیة من ممثلی الدول الاعضاء والاعضاء المنتسبة فی الاقلیم المعنی، وللأقطار او مجموعات الاقطار الموجودة فی الاقلیم وغیر المسؤولة عن مباشرة علاقاتها الدولیة ولیست من الاعضاء المنتسبة، الحق فی ان تمثل وان تشترک فی اللجان الاقلیمیة" على ان تحدد جمعیة الصحة طبیعة ومدى حقوق والتزامات هذه الکیانات مع الدول اعضاء اللجنة الاقلیمیة والدولة العضو او السلطة المسؤولة عن العلاقات الخارجیة. وعلى هذا الاساس شارکت "فلسطین" ممثلة بمنظمة التحریر الفلسطینیة فی اللجنة الاقلیمیة لشرق المتوسطEastern Mediterranean Regional Committee التابعة لمنظمة الصحة العالمیة، وهی تحضر بانتظام اجتماعات المکتب الاقلیمی لشرق المتوسطEastern Mediterranean Regional Office، ویطلق على هذا النوع من المشارکة "بالعضویة الجزئیة" Partial Membership. نشیر هنا، الى کلمة "تشترک فی اللجان الاقلیمیة" الواردة فی نص (م/47) والتی وردت فی نصوص دساتیر بعض الوکالات المتخصصة، حیث الملاحظ على هذه الکلمة، ان تلک المواثیق درجت على اعتمادها لیندرج تحتها وصف الوضع الخاص لبعض الاقالیم التی تنضم الى عضویة اللجان الفنیة فحسب، والتی هی لیست عضواً فی الوکالة المتخصصة، بالمعنى الفنی الکامل للکلمة. قدر تعلق الامر بموضوع الدراسة، نجد ان الجمعیة العامة للأمم المتحدة، استخدمت تعبیر "المشارکة" فی جمیع القرارات الصادرة عنها عند التعامل مع حالات المراقبة لتمییزها عن حالة العضویة الکاملة. والعضویة الجزئیة هی شکل من اشکال المشارکة فی المنظمات الدولیة التی تتفق مع دول کاملة العضویة فی منظمة معینة، بینما هی لیست کاملة العضویة فی منظمة مماثلة. مثال على ذلک، عضویة فلسطین فی الیونیسکو واقتصارها على المشارکة بعضویة جزئیة فی احدى اللجان الاقلیمیة لـWHO وکلاهما منظمتان متماثلتان فی الأمم المتحدة. والغرض من ایجاد هذا النوع من العضویة هو لتمکین الدول غیر الاعضاء فی الامم المتحدة او الکیانات التی لم تبلغ وصف الدول، من التعاون فی نشاطات وفوائد منظمات هی لسبب ما غیر مؤهلة لان تکون عضواً فیها. وقد کانت هذه العضویة مستخدمة على الاکثر فی الأمم المتحدة لأسباب سیاسیة، حیث انه لیس جمیع الدول اعضاء فیها، لذا فقد عرضت حلاً مفیداً فی مشارکة هذه الدول والکیانات غیر الدول فی بعض وکالات الأمم المتحدة الفنیة او لجانها الاقلیمیة، لأنه قد یکون غیاب تلک الدول عن الأمم المتحدة مؤثراً بسبب الاعتراضات السیاسیة لعضویتها، لذا یجب النص علیها بوضوح عند انشاء المنظمة او الوکالة المتخصصة. ومن ذلک ما جاء صراحةً فی نص (م/47) من دستور WHO الانفة الذکر. وحسب مکتب الأمم المتحدة للشؤون الخارجیة، اذا لم یکن هناک مثل هذا النص الواضح، فان الدول غیر الاعضاء سوف لن یتم اعتبارها مؤهلة للعضویة بشکل اوتوماتیکی فی هذه المنظمة. تطبیقاً على ذلک، فی الاعوام 1954، 1955، 1956 بعض الدول الاوربیة التی لم یعترف بها بعد فی الأمم المتحدة اصبحت اعضاء فی اللجنة الاقتصادیة لأوربا (ECE)، مثل المانیا الغربیةقبل ان تصبح دولة مراقب فی الأمم المتحدة. وفیتنام الجنوبیة وجمهوریة کوریا تم الاعتراف بهما فی اللجنة الاقتصادیة لأسیا والشرق الاقصى (ECAFE) بینما لم یکونا اعضاء فی الأمم المتحدة، وقبل منحهما مرکز دول مراقبة. وفی تموز 1977 اصبحت منظمة التحریر الفلسطینیة (PLO) عضواً فی اللجنة الاقتصادیة فی غرب اسیا (ESCWA). ویمکننا الاستئناس بنموذج "الفاتیکان" التی لها وضع مراقب فی الجمعیة العامة منذ عام 1964. فقد وجهت الدعوة الى الکرسی الرسولی فی 22 تموز 1977 للحضور والمشارکة فی دورات اللجان الاقلیمیة للمجلس الاقتصادی والاجتماعی، على قدم المساواة مع الدول الاعضاء فی الأمم المتحدة، الذین لیسوا اعضاء فی تلک اللجان. ومنذ ذلک الحین والفاتیکان عضو فی اللجان الاقلیمیة التابعة للمجلس الاقتصادی والاجتماعی، ومن اجل متابعة عمل اللجان انشأ له بعثة للمراقبة الدائمة فی جنیف. الحقوق والالتزامات الناشئة عن العضویة الجزئیة فی اللجان الاقلیمیة اما حقوق والتزامات هذه الکیانات فی اللجان الاقلیمیة فیمکننا الافادة من القرار الصادر عن جمعیة الصحة فی 30حزیران1947رقم( 2_103) الذی نص على : (أ) الکیانات الموجودة فی الإقلیم وغیر مسؤولة عن مباشرة علاقاتها الدولیة سواء کانت أعضاء منتسبة او غیر ذلک یجوز لها الاشتراک فی اللجان الإقلیمیة. (ب) للأعضاء المنتسبة جمیع الحقوق وعلیها جمیع الالتزامات فی الفروع الاقلیمیة، سوى انه لا یحق لها التصویت فی الجلسات العامة للجنة الاقلیمیة ولا فی فروعها التی تعالج المسائل الدستوریة او المالیة. (ت) ینبغی ان یکون ممثلی هذه الکیانات مؤهلین بکفاءتهم الفنیة فی میدان الصحة، وان یکون اختیارهم من بین السکان الأصلیین وفقا (م/8) من الدستور. (ث) فی حالة الکیانات غیر المسؤولة عن مباشرة علاقاتها الدولیة والتی لیست من الأعضاء المنتسبة تطبق الحقوق والالتزامات المبینة فی (ب) أعلاه رهنا بالتشاور بین الدول الاعضاء فی الإقلیم والدول الاعضاء او السلطة المسؤولة عن العلاقات الخارجیة لهذا الکیان. استناداً الى ما تقدم، فان قبول الکیانات غیر الدول فی اللجان الاقلیمیة التابعة لأحدى الوکالات المتخصصة او للمجلس الاقتصادی والاجتماعی بسبب طبیعتها الفنیة، یعزز عضویة تلک الکیانات فی هذه المؤسسات الدولیة مستقبلا، اما اذا لم تمنح العضویة فی الوکالة المتخصصة فإنها تبقى محتفظة بعضویتها فی اللجنة الاقلیمیة التابعة للوکالة، کحالة فلسطین فی منظمة الصحة العالمیة، وبذلک یکون لها تجربة عملیة مع احدى اللجان الاقلیمیة التابعة لمنظمة الأمم المتحدة او لوکالاتها المتخصصة، وفضلاً عن الافادة من خدماتها فان هذا القبول یترجم سیاسیاً وقانونیاً على انه اعتراف تحظى به على صعید هذه اللجان، ویمکنها الاستناد علیها لتبریر تقدیم طلب رفع مرکزها من کیان مراقب الى "دولة" مراقب غیر عضو فی الأمم المتحدة. وهذا ما فعلته فلسطین حین قدمت طلب تغییر وضعها الى دولة مراقب فی الأمم المتحدة، حیث تناول الطلب الفلسطینی الذی قدم الى الجمعیة العامة من جملة ما تناوله، عضویة فلسطین الکاملة فی الیونیسکو، واللجنة الاقتصادیة والاجتماعیة لغربی اسیا، ومجموعة دول اسیا والمحیط الهادی، ومجموعة الـ77 والصین. المبحث الثالث اثر العضویة فی الوکالات المتخصصة فی الحصول على مرکز دولة مراقب فی الأمم المتحدة فلسطین انموذجا قبل الحدیث عن اثر عضویة الوکالات المتخصصة على العضویة المراقبة فی الأمم المتحدة، ینبغی ان تکون لنا وقفة مع الأسباب التی تجیز للوکالات المتخصصة قبول کیانات لم یکتمل لدیها الوصف القانونی للدول فی عضویتها، ولنا فی سبیل تغطیة الأثر والأسباب الاستئناس بعضویة فلسطین فی الیونسکو. سیتم التعامل مع هذه المعطیات فی المطالب الاتیة: المطلب الثانی اسباب قبول الوکالات المتخصصة لکیانات لیست بدول ان الفرصة متاحة امام الکیانات التی لا تعد دولاً للانضمام الى الوکالات المتخصصة، اکثر من الأمم المتحدة، نظراً للطابع الفنی الذی تتمیز به هذه الوکالات بعیداً عن المؤثرات السیاسیة. رغم اننا لا نستطیع فصل هذه المؤثرات تجاه بعض الکیانات للحیلولة دون قبول عضویتها فی هذه الوکالات، کما سبق وان بینا. الا ان هذا لا یمنع فی الاعم الاغلب، وجود عدة اسباب تجعل تلک الکیانات او الدول غیر الاعضاء فی الأمم المتحدة تتوجه الى الوکالات المتخصصة للحصول على اعتراف فیها، بعض هذه الاسباب یتعلق بطبیعة الوکالات نفسها، والبعض الاخر یتعلق بالآلیة القانونیة لمنح العضویة فی الوکالة المتخصصة والتی یمکن عدها جواباً عن سؤال مهم، وهو لماذا تقبل الوکالات الدولیة المتخصصة المرتبطة بالأمم المتحدة فی عضویتها دول غیر اعضاء فی الأمم المتحدة، او کیانات لیست بدول فی الوقت الذی لا تقبل فی عضویة الأمم المتحدة؟ یمکننا ایعاز هذه العضویة الى الاسباب الاتیة: 1. عدم وجود حق النقض (الفیتو) فی الوکالات المتخصصة : ویأتی فی مقدمة الاسباب التی تجعل الدول غیر الاعضاء فی الأمم المتحدة او الکیانات لیست بدول تتجه صوب الوکالات المتخصصة بحثاً عن عضویة فیها، تربطها بالأمم المتحدة بصورة غیر مباشرة هو عدم وجود حق الفیتو لبعض الدول فی مجالس الوکالات المتخصصة. فانضمام الدولة او الکیان غیر الدولة، الى هذه الوکالات أیسر من الانضمام الى الأمم المتحدة، اذ لا توجد فیها مجالس یملک بعض اعضاؤها حق الفیتو. کما هو الحال فی مجلس الامن الذی یمنع اعتراض احد اعضائه الدائمیین من قبول الاعضاء الجدد فی عضویة الأمم المتحدة، حیث لم تنص مواثیقها على هذا الحق، لذلک فان العضویة فی الوکالات المتخصصة لا یمکن نقضها بشکل منفرد من قبل اعضاء مجلس الامن، وکل ما یشترط لنیل العضویة فیها یعتمد على النجاح فی الوصول الى النصاب الذی نصت علیه تلک المواثیق فی الاجهزة المخصصة للتصویت على الاعضاء الجدد. ومن المفترض ان تستطیع الدول الاعضاء فی الوکالة المتخصصة، والمؤیدة لقضایا الکیان غیر الدولة فی حقه فی تقریر المصیر والاستقلال، ان تؤلف لوبی داخل هذه الوکالات وتجمع التأیید اللازم لإصدار قرار الموافقة على طلب الانضمام الى عضویة الوکالات المتخصصة، ومن ذلک موقف الدول التی ساندت عضویة فلسطین فی الیونیسکو عام 2011. 2. الصفة العالمیة للوکالات الدولیة المتخصصة: انطلاقاً من مبدأ "العالمیة" فان العضویة فی غالبیة الوکالات، تکون جائزة لجمیع الدول التی ترغب فی ذلک. والوکالات المتخصصة المرتبطة بالأمم المتحدة هی فی حقیقتها منظمات عالمیة او تمیل لان تکون کذلک، لکون العضویة فیها مفتوحة لجمیع الدول دون تمییز، وتمتد اختصاصاتها الى مساحة جغرافیة غیر محددة، لذلک فقد دأبت غالبیة الوکالات المتخصصة على منح العضویة لأی دولة ترغب فی ذلک، بغض النظر عن کونها عضو او غیر عضو فی الأمم المتحدة، ذات سیادة او ناقصة السیادة، ولا تجبر الدولة على الانضمام الى هذه الوکالات لان الانضمام الیها اختیاری حتى لو کانت عضو فی الأمم المتحدة. وعلى هذا الاساس، فقد تجد الکیانات غیر الدول الفرصة المواتیة لها فی هذه الوکالات للاعتراف بها کدولة، حتى لو اقتصرت على سبیل المشارکة دون الحق فی التصویت. 3. الطبیعة الفنیة للوکالات : ان التخصص الذی تتمیز به الوکالات المتخصصة فی مختلف المجالات، لا یجعلها تتقید فی منح العضویة لدولة هی عضو فی الأمم المتحدة، بل تمتد فی منحها الى دول غیر اعضاء فی الأمم المتحدة والى کیانات غیر دول، لان تخصصها هذا یجعلها من المفروض ان لها واجباً فنیاً تمارسه بعیداً عن الضغوط السیاسیة، لکن مع هذه القاعدة العامة صارت السیاسة تلعب دورها فی توجیه هذه المنظمات، کما فی البنک الدولی، وبالنظر لتسلط عدد قلیل من الدول الغربیة على معظم رأسماله اصبح فی اعماله متأثراً بسیاسة تلک الدول. وکذلک رفض قبول الدول الشیوعیة غیر الاعضاء فی الأمم المتحدة مثل کوریا الجنوبیة وفیتنام الشمالیة فی الوکالات المتخصصة لأسباب سیاسیة. 4. تقدیم الخدمات الفنیة والتخصصیة الى جمیع شعوب العالم : ولعل السبب فی ذلک هو اتاحة الخدمات التی توفرها الوکالات المتخصصة کالصحة والتعلیم والثقافة، وما الى ذلک، لتحقیق اهدافها فی بلوغ جمیع الشعوب الى ارفع مستوى ممکن من هذه الخدمات سواء کانت هذه الشعوب منتظمة فی دولة او غیر منتظمة فی دولة، وسواء کانت الدول ذات سیادة او غیر مستقلة، عضو او غیر عضو فی الأمم المتحدة. ومن ذلک ما جاء فی المیثاق التأسیسی للیونیسکو من ان الدول الموقعة على هذا المیثاق تعتزم تأمین فرص التعلیم لجمیع الناس وتقرر تنمیة العلاقات بین الشعوب، عن طریق تعاون امم العالم فی میادین العلم والمعرفة والثقافة لبلوغ اهداف السلم الدولی، وتحقیق الصالح المشترک للجنس البشری. وکذلک ما تهدف الیه منظمة الطیران المدنی الدولیة فی اشباع حاجة شعوب العالم للنقل الجوی. فضلاً عن ما تهدف الیه منظمة الصحة العالمیة فی ان "تبلغ جمیع الشعوب ارفع مستوى صحی ممکن". وهذا ما یجعل الوکالات المتخصصة تمنح العضویة لدول لم تبلغ السیادة ، او لکیانات لم تبلغ الدولة، ونعتقد ان تحقیق هدف اشباع حاجات الشعوب من جمیع الخدمات فی مختلف المیادین، هو السبب الحقیقی الذی حدا بالوکالات المتخصصة لمنح عضویتها لکیان لیس بدولة.
المطلب الثانی اسباب اشتراط عضویة الکیان فی الوکالات المتخصصة لنیل دولة مراقب فی الأمم المتحدة لعل اهم ما یثار من تساؤل فی هذا الخصوص، هو لماذا تشترط الأمم المتحدة عضویة دول غیر اعضاء فیها او کیانات لیست بدول فی احدى الوکالات الدولیة المتخصصة المرتبطة بالأمم المتحدة، لمنحها مرکز "دولة غیر عضو بصفة مراقب" فی هذه المنظمة. الحقیقة غالبیة مواثیق الوکالات المتخصصة لم تنص على هذا التسبیب، رغم انها نظمت عضویة والیة انضمام هذه الکیانات. فما هی اسباب الربط بین العضویة فی الوکالات المتخصصة، وحالات العضویة المراقبة فی الأمم المتحدة. لعل اشتراط هذه العضویة، یأتی لبناء قاعدة لها فی اقامة علاقة بین الکیان او الدولة غیر العضو فی الامم المتحدة وبین الوکالات المتخصصة، فی اطار التعاون الدولی الذی نص علیه المیثاق، للإفادة من تجارب الوکالات واعمالها وبرامجها، فی خدمة جمیع الشعوب حتى لو کانت کیانات لم تنظم بعد کدولة وتأخذ هذه العلاقة اشکالاً قانونیة مختلفة لمنحها العضویة الکاملة، او قبول ارتباطها بالانتساب الى الوکالات المتخصصة، ویأتی اشتراط العضویة فیها للتثبت من مدى استعداد الکیان للتعاون فی سبیل تحقیق اهداف المجتمع الدولی، وهذا یعنی ان یکون للکیان المرشح للدولة المراقب، ممثلاً رسمیاً فی هیئات رئیسیة فی الأمم المتحدة، وتعمل تحت اشرافها من خلال طبیعة العلاقة القانونیة القائمة بین الوکالات المتخصصة والمجلس الاقتصادی والاجتماعی، على نحو ما فصلنا، وکل ما ینتج عن هذه العلاقة من مشارکة او اعتراف. فعلى سبیل المشارکة، نجد ان عضویة الکیانات فی الوکالات المتخصصة، تمکنها من السماح لها بالمشارکة فی کافة الانشطة الفنیة واجتماعات ومداولات الاجهزة الرئیسیة والفرعیة للوکالات المتخصصة. والمشارکة هذه بحد ذاتها هو ما تهدف الیه الأمم المتحدة من اشتراط هذه العضویة. کما ان ارتباط هذه الوکالات بالأمم المتحدة، یساهم فی خلق نوع من الارتباط والتعامل لأعضاء هذه الوکالات سواء کانوا دولاً او کیانات غیر دول بصورة غیر مباشرة مع الأمم المتحدة، من خلال مندوبی الوکالات المتخصصة المشارکین فی مداولات المجلس الاقتصادی والاجتماعی، عملاً بنص (م/70) من میثاق الأمم المتحدة. ان الباعث على هذا النص هو توحید مجالات العمل بین المجلس والوکالة، لذلک کان من الحکمة ایجاد نوع من الاتصال بین هذه الهیئات بقصد تمکینها من وضع انسب الحلول للمشاکل التی تقوم بالتعرض لها. وکان التمثیل المتبادل هو الحل الذی تضمنه المیثاق لتحقیق هذا الهدف. واشتراک مندوبی الوکالات المتخصصة فی اعمال المجلس یتم بعد اجراء الترتیبات اللازمة – بما فیها اتفاقات الوصل – مع الوکالات المتخصصة المعنیة. غیر ان الکیانات التی لا تتمتع بالسیادة وتقبل فی عضویة احدى الوکالات المتخصصة او اکثر، وکما قلنا سابقاً، فان هذا القبول لیس ضماناً لاستقلالها، فهی تبقى محتفظة بوضعها السیاسی فی الوکالة لحین استقلالها. ولکن ما الفائدة المتحققة من هذه العضویة لکی تکون شرط لمنح الکیان مرکز دولة مراقب فی الأمم المتحدة. من الجدیر بالذکر ان الدول المستقلة حدیثاً، وکانت عضو فی وکالة دولیة متخصصة، فی نطاق المشارکة، فان هذه العضویة تحقق لها اکتساب خبرة فنیة وقانونیة فی مجال التعامل مع مثل هذه الهیئات الدولیة. فعلى صعید الخبرة الفنیة، فان هذه الدولة اکتسبت خبرة فنیة وتقنیة سبقت استقلال الدولة من خلال مندوبیها العاملین فی الوکالة فی مختلف المیادین، تستطیع من خلال هذه الخبرة المساهمة فی بناء البنى التحتیة وتطویرها للدولة الجدیدة. کما تحقق لها هذه العضویة خبرة قانونیة واسعة فی مجال العلاقات الدولیة حتى لو کانت على سبیل المشارکة، والتی تساهم فی توفیر ادوات قانونیة تفتح لها افاقاً واسعة فی مجال التعامل مع هیئات دولیة مرتبطة بالأمم المتحدة، وتخضع لنظامها یمکن الاستفادة والافادة منها، بعد الاستقلال من جهة، وبناء علاقات قانونیة ودبلوماسیة مع الدول الاخرى مباشرةً، وبشکل نهائی خارج اطار الأمم المتحدة من جهة اخرى. اما فیما یتعلق بالاعتراف، فان قبول احدى الوکالات المتخصصة کیاناً لیس بدولة فی عضویتها، یعنی اعترافاً دولیاً بها، وان هذا الکیان تحققت فیه متطلبات العضویة الاساسیة وهی قیام الدولة، التی یمکن ان تعد دلیلاً یؤکد على ان هذا الکیان هو اساساً دولة. وینبغی الاشارة الى ان الاعتراف داخل الوکالات المتخصصة بعضویة کاملة لدولة او لکیان غیر سیادی، یتحقق على الاقل من قبل الدول التی تصوت لصالح الانضمام، وهو لیس کذلک بالنسبة للدول التی تصوت ضد هذا القرار او تمتنع عن التصویت. ولعل هذا الاعتراف هو ما تطمح الیه الأمم المتحدة من اشتراط العضویة لکیان لیس بدولة، اذ لیس من المعقول ان الدولة التی تصوت للاعتراف بالکیان عضو فی الوکالة المتخصصة، هی ذاتها ترفض او تمتنع عن التصویت للاعتراف بذلک الکیان "دولة" غیر عضو فی الأمم المتحدة بصفة المراقب. مثال على ذلک، حالة نامیبیا، لم تکن دولة مستقلة عندما تم الاعتراف بها کعضو کامل فی عدد من الوکالات المتخصصة، بالرغم من ان دساتیر بعض الوکالات تصور العضویة للدول فقط، غیر ان الجمعیة العامة اوصت بالاعتراف بنامیبیا کعضو کامل، وهکذا تم الاعتراف بها کعضو کامل فی (FAO) عام 1977، و(ILO) و(WHO) و(UNESCO) فی عام 1978. وفی عام 1990 حققت نامیبیا استقلالها وبعدها تم الاعتراف بها فی الأمم المتحدة، حیث انها فی ذلک الوقت اکملت نامیبیا کل المعاییر لقیام الدولة. اما فی حالة فلسطین، فقد تم الاعتراف بها بعضویة کاملة فی الیونیسکو عام 2011، وهذا الاعتراف مهد لها الحصول على وضع "دولة غیر عضو بصفة مراقب" فی الأمم المتحدة، فی 29 تشرین الاول 2012، هذه المرحلة لم تمر بها نامیبیا. ویرى البعض انه "من البدیهی ان قبول دولة عضواً فی وکالات متخصصة یعنی اعترافاً دولیاً بها، وبحقها فی الانضمام الى الأمم المتحدة نفسها". ونحن مع هذا الطرح خصوصاً اذا ما علمنا، ان هناک دولاً غیر مستقلة، کالهند والفلبین اصبحتا اعضاء فی الجمعیة العامة للأمم المتحدة قبل استقلالهما (الهند / آب1947، الفلبین/ 4 تموز 1946). تماشیاً مع اهداف هذه الدراسة، نرى من الضروری التطرق الى عضویة فلسطین فی الیونیسکو، کإحدى الوکالات المتخصصة المرتبطة بالأمم المتحدة، والتی سعت السلطة الفلسطینیة للحصول على العضویة الکاملة فیها، من اجل رفع مرکزها القانونی الى "دولة" مراقب فی الأمم المتحدة. المطلب الثالث عضویة فلسطین فی منظمة الیونیسکو فی 12 تشرین الاول 1989 أجل المجلس التنفیذی للیونیسکو البحث فی قبول فلسطین عضواً فی المنظمة حتى عام 1991 الذی ینعقد فیه مؤتمرها العام. وفی الظاهر جاء هذا التأجیل لان المؤتمر هو الذی یقرر قبول الاعضاء الجدد بأغلبیة الثلثین، وهو لا یجتمع الا کل سنتین. وکان بإمکان المجلس او ثلث الدول الاعضاء دعوة المؤتمر العام الى الاجتماع فی دورة استثنائیة لبحث هذه المسألة لو اصروا على ذلک. ان منظمة التحریر الفلسطینیة اعلنت فی اوائل عام 1989 عزمها على السعی لعضویة کاملة فی الیونیسکو على اثر اعلان تشکیل دولة فلسطین فی الضفة الغربیة المحتلة وقطاع غزة واعترفت (98) دولة بهذه الدولة، جمیعهم اعضاء فی الیونیسکو فی عام 1988. وبضغوط من قبل الولایات المتحدة وتهدیداتها المستمرة بقطع تمویلها لمنظمة الیونیسکو لم تمنح فلسطین عضویة کاملة ولا انتسابیة، فقد اصدر الکونغرس الامریکی فی مطلع التسعینات قانونان، یحظر فیهما تمویل أی وکالة متخصصة فی الأمم المتحدة تقبل فلسطین کدولة کاملة العضویة، کما انه شدد عام 2011 من خلال اصداره قانوناً یقضی بانه اذا انضمت (PLO) کعضو فی منظمة دولیة، فان الولایات المتحدة ستوقف تلقائیاً دفع نصیبها من تمویل المنظمة، وهذا القانون لا یسمح للرئیس ان یتجاوزه او یفرض الفیتو على تطبیقه. غیر ان موقف الیونیسکو وان جاء متأخراً، فقد منح العضویة الکاملة لفلسطین فی 31/10/2011، حیث قرر المؤتمر العام قبول انضمام فلسطین، عضواً کامل العضویة فی الیونیسکو بدعم من (107) دولة عضو صوتت لصالح القرار من بینها فرنسا وروسیا والصین واسبانیا، فی حین صوتت (14) دولة ضد القرار بضمنها الولایات المتحدة وکندا والمانیا، وامتنع عن التصویت (49) دولة کانت سویسرا واحدة منها. وعلى صعید الأمم المتحدة، فانه بحصول فلسطین على عضویة کاملة فی الیونیسکو، توجهت السلطة الفلسطینیة الى الأمم المتحدة للحصول على وضع "دولة غیر عضو بصفة مراقب" بعد فشل جهودها لنیل صفة "الدولة" الکاملة العضویة فیها بسبب الفیتو الامریکی فی مجلس الامن، ویرى الفلسطینیون بالتحرک نحو الأمم المتحدة، انه یجسد تعامل الأمم المتحدة مع "فلسطین" "کدولة" حتى لو لم تکن عضواً کامل العضویة فیها، لأهمیة المغزى السیاسی لوجود "الدولة الفلسطینیة" وتعامل المجتمع الدولی معها سیاسیاً وقانونیاً "کدولة" وکشخص من اشخاص القانون الدولی بغض النظر عن نوع عضویتها فی الأمم المتحدة. وتعد عضویة فلسطین فی الیونیسکو اختباراً لتعزیز حقوق الانسان واحترام القانون الدولی، فالتأکید على مکانة فلسطین کدولة من خلال عضویتها فی الیونیسکو ینشئ سابقة مرجعیة للدول المراقبة فی الأمم المتحدة، للانضمام الى الوکالات المتخصصة الاخرى، والمصادقة على قائمة المعاهدات الدولیة المودعة لدى الامین العام للأمم المتحدة، بما فیها نظام روما الاساسی للمحکمة الجنائیة الدولیة. وجاء التصویت بناءً على التوصیة التی رفعها المجلس التنفیذی للمنظمة، والتی حظیت بتأیید (40) ممثلاً من اصل (58) دولة عضو، بإحالة القضیة للاقتراع فی المؤتمر العام للیونیسکو. وهذا التصویت الذی جرى حول العضویة الفلسطینیة فی الیونیسکو لا یتطلب سوى اغلبیة الثلثین من الدول الاعضاء الموجودة بالمنظمة، ممن یحق لهم التصویت وعددهم (194) دولة عضو، وبدخول فلسطین تصبح الدولة (195) فی المنظمة. وقد ابدت کل من الولایات المتحدة الامریکیة واسرائیل معارضة شدیدة تجاه الطلب الفلسطینی للعضویة الکاملة فی الیونیسکو والوکالات المتخصصة الاخرى المرتبطة بالأمم المتحدة، فقد ساقت الولایات المتحدة حجة متناقضة مفادها، ان العضویة المستندة الى صفة فلسطین کدولة والمرسخة لهذه الصفة قد قوضت الهدف من التفاوض على اتفاق وضع نهائی من شأنه ان یعلن قیام "الدولة الفلسطینیة". اما الرد الاسرائیلی، فقد کان قرارات اتخذتها الحکومة الاسرائیلیة من شأنها تسریع وتیرة بناء (2000) وحدة سکنیة استیطانیة فی القدس، ووقف تحویل العائدات الضریبیة الفلسطینیة الى السلطة الفلسطینیة، والبالغة (220) ملیون دولار سنویاً فضلاً عن تعلیق مساهمتها فی میزانیة الیونیسکو. ومن تداعیات هذا الموقف على منظمة الیونیسکو انه تسبب فی ازمة اقتصادیة فی الیونیسکو، وفی نفس الوقت تقول الیونیسکو ان الولایات المتحدة واسرائیل فقدتا حقهما فی التصویت فی المنظمة بسبب عدم تقدیمهما لأی التزام بشأن مساهمتهما المالیة فیه. وهذا ما نصت علیه (م/8 ف/ب) من المیثاق التأسیسی التی جاء فیها : "لا یجوز لأی دولة ان تشترک فی التصویت فی المؤتمر العام اذا کان مجموع الاشتراکات المستحقة علیها یفوق مبلغ المساهمة المالیة المطلوبة منها". وهی تراهن على الدعم العربی والدولی للخروج من ازمتها المالیة. وتعد الیونیسکو اول وکالة متخصصة مرتبطة بالأمم المتحدة، تقر عضویة کاملة "لفلسطین" بعد سنوات طویلة من وضعها کعضو مراقب. والاعتراف بفلسطین فی الیونیسکو له تأثیر غیر مباشر فی عضویتها فی الأمم المتحدة، بمعنى اخر، فان عضویة الیونیسکو لیست بطاقة دخول اوتوماتیکیة للأمم المتحدة، لکنها تقوی الدفاع عن العضویة الکاملة فی الأمم المتحدة، صحیح ان دستور الیونیسکو ینص على ان عضویة الأمم المتحدة تحمل معها حق عضویة الیونیسکو، لکنه لا ینص على ان العضویة حق متبادل لأعضاء الیونیسکو للانضمام للأمم المتحدة فهذا الحق غیر مکفول لا فی میثاق الأمم المتحدة ولا فی دستور الیونیسکو. لکن یمکن الافادة من متطلبات عضویة الیونیسکو وهو قیام الدولة، التی یمکن استخدامها لدعم الدلیل الذی یؤکد ان فلسطین هی اساساً دولة. وعلى ذلک بنت الیونیسکو اساسها القانونی فی منح فلسطین العضویة الکاملة واعتبرتها دولة معترف بها من قبل اعضاء فی الیونیسکو وفی الأمم المتحدة، ومستندة فی الوقت نفسه الى الاعتراف بها من قبل منظمات اقلیمیة ولجان دولیة تابعة لمؤسسات الأمم المتحدة. ویعلل البعض، من ان السلطة الفلسطینیة تسارعت فی الحصول على عضویة کاملة فی الیونیسکو، وانها اتخذت هذه الخطوة من اجل تصعید الضغط على المنظمة الدولیة (UN)، بالبحث عن مؤسسات مرتبطة بها بهدف الحصول على اعتراف فی عضویتها الکاملة، بعد اعلان الولایات المتحدة الامریکیة باستخدام حق النقض (الفیتو) فی مجلس الامن لإجهاض طلب فلسطین العضویة فی الأمم المتحدة الذی تقدمت به فی 23 ایلول 2011. لکننا نرى ان العکس هو الصحیح، فالسلطة الفلسطینیة قطعت شوطاً طویلاً من الضغط والافشال ما لم تقطعه غیرها من الکیانات فی هذا المضمار، بالرغم من کونها کیان مراقب فی الأمم المتحدة منذ عام 1974 واحتفظت بهذا الترتیب داخل الیونیسکو واعلانها الاستقلال عام 1988، لکنها لم تحصل على عضویة الیونیسکو الا فی عام 2011 خصوصاً اذا ما علمنا ان السلطة الفلسطینیة تقدمت بطلب العضویة الکاملة فی الیونیسکو فی عام 1989، وکررت تقدیمه فی کل دورة من دورات المؤتمر العام، وفی عام 1995 تقدمت بطلب ثانی بشکل رسمی وواجهت نفس العقبات، وذات المواقف وتم تفعیل هذا الطلب فی عام 2011. وبعد الانضمام لعضویة الیونیسکو، صادقت فلسطین بصفتها "دولة" على المیثاق التأسیسی للمنظمة، وبذلک اصبحت دولة طرف فی ثمانیة اتفاقیات وبروتوکولات ذات صلة منبثقة عن الیونیسکو، بما فیها اتفاقیة لاهای لعام 1954 بشأن حمایة الملکیة الثقافیة اثناء النزاعات المسلحة، والبروتوکولین الملحقین بها. وبذلک فان فلسطین تستطیع حمایة المواقع التراثیة والتاریخیة التی تحاول "اسرائیل" تهویدها او الاستیلاء علیها او تدمیرها. وعلى ذلک ستتیح عضویة فلسطین فی الیونیسکو، ترشیح المواقع التاریخیة والتراثیة فی الاراضی الفلسطینیة المحتلة والقدس على قائمة التراث العالمی فی المنظمة لحمایتها من الاعتداءات الاسرائیلیة. وهو امر لم تکن تتمکن منه السلطة الفلسطینیة وهی تشارک بصفة مراقب فی المنظمة. وبالفعل حققت فلسطین هذا المکسب حیث اضافت کنیسة المهد وبیت لحم الى قائمة التراث العالمی فی حزیران 2012، رغم الاحتجاجات فی الولایات المتحدة. والحقیقة ان هذه المنظمة، طالما برهنت على انها محفل مهم لتطبیق القانون الدولی فیما یتعلق بالممارسات الاسرائیلیة غیر المشروعة فی الاراضی الفلسطینیة المحتلة، حتى قبل منح فلسطین العضویة فیها، فقد ادانت الیونیسکو مراراً هذه الممارسات فی القدس ومدن الضفة القدیمة، ورقابتها الشدیدة على المدارس والجامعات الفلسطینیة، بل انها حدت بالیونیسکو لان تشترط على اسرائیل ان تمتثل لالتزاماتها من اجل المشارکة فی برامجها والاستفادة من مزایا العضویة فیها. کما ان انضمام فلسطین الى اتفاقیة لاهای لسنة 1954، یوفر لها غطاءً قانونیاً یمکنها من المطالبة بالإفصاح عما فی حوزة الدول الاعضاء من قطع اثریة ذات اصل فلسطینی، وصلت الیها بصوة غیر مشروعة، للتحفظ علیها ومنع تصدیرها او عرضها الى ان تعاد الى موطنها الاصلی. ویمکن لفلسطین ان تطالب بحقوقها السیادیة على المیاه الفلسطینیة، بموجب اتفاقیة حمایة التراث المغمور بالمیاه لسنة 2001، والتی صادقت علیها عام 2011، لمساعدتها فی فرض سیطرتها على المیاه الاقلیمیة الفلسطینیة قبالة ساحل قطاع غزة، التی تفرض علیه اسرائیل حصاراً بحریاً منذ سنوات، حیث یمکن الطعن فی هذا الحصار، من خلال المقوم الاساسی لاتفاقیة 2001، فی ترسیم حدود البحر الاقلیمی لکل دولة، بناءاً على ما تمنحه الاتفاقیة للدول من حق حصری فی تنظیم وترخیص الانشطة التی تستهدف التراث الثقافی المغمور بالمیاه الداخلیة ومیاهها الارخبیلیة وبحرها الاقلیمی. وهو الجزء من الارض السیادیة للدولة التی تمتد حتى (12 میلاً) بحریاً من الساحل. کما تمنح الدول هذا الحق ضمن مساحة (24) میلاً بحریاً اخرى یمارس فیها الاختصاص لأغراض خاصة، ولها ان تنظم انشطة التنقیب فی مناطقها الاقتصادیة الخالصة، والجرف القاری لمسافة (200) میل بحری. وللسلطة الفلسطینیة فی سبیل تحقیق ذلک، انشاء منطقة سیطرة اثریة تمتد (24 میلاً) بحریاً قبالة ساحل غزة لغرض فرض السیطرة الفلسطینیة على التراث المحتمل وجوده تحت میاه غزة. ویمکنها کذلک المطالبة بالسیطرة على موارد البحر المیت ومنطقته التی تخضع للسیطرة شبه الحصریة الاسرائیلیة. یتضح مما تقدم ان العضویة فی اطار الیونیسکو، ستدعم قدرة فلسطین، من خلال الاتفاقیات التی اصبحت طرفاً فیها، على استرداد تراثها الثقافی واستعادة السیطرة علیه، وممارسة حقوقها السیادیة على ارضها ومیاهها، لغرض ادارة مواقعها التراثیة او التی من شأنها تقیید قدرة "اسرائیل" على تقدیم المواقع الفلسطینیة للیونیسکو ضمن قائمتها للتراث الوطنی، ویتحقق ذلک، ان تمکنت السلطة الفلسطینیة من استثمار انضمامها الى هذه الاتفاقیات بشکل قانونی، مستغلةً عضویتها فی الیونیسکو، التی جاءت لتؤکد على مکانة فلسطین "کدولة". وعلى صعید الأمم المتحدة فانه بحصول فلسطین على العضویة فی الیونیسکو، توجهت السلطة الوطنیة الفلسطینیة الى الأمم المتحدة للحصول على وضع "دولة غیر عضو بصفة مراقب". وفق اجراءات اداریة وقانونیة افرزتها الممارسة العملیة فی الامم المتحدة، وبما یحقق لها الاعتراف بصفة الدولة لاستکمال العناصر القانونیة لقیام هذه الدولة فی المنظمة الاممیة.
الخاتمـة بعد ان عرضنا العضویة فی الوکالات الدولیة المتخصصة توصلنا الى الاستنتاجات والمقترحات الاتیة : أولاً : الاستنتاجات
ثانیاً : المقترحات
The Authors declare That there is no conflict of interest
| ||
References | ||
أولاً : المصادر باللغة العربیة أ- الکتب
ب- البحوث والدوریات
ثانیاً : المصادر باللغة الانکلیزیة
ثالثاً : الصکوک الدولیة أ- المعاهدات والمواثیق الدولیة
ب- وثائق وقرارات المنظمات الدولیة
رابعاً : مواقع الشبکة الدولیة
http://www.maannews. net/content.aspx?in=43405.
http://www.arabic.peopel.com/31662/7631804.html.
www. alahrar.com
http://www.aljazeera.com/ news/arabic /2011/10/31.
http://www.alhaya.ps/arch.
http://www.samanews.com/index. php?act=show& =164319.
http://www. palestinmissionak.com/arabic/?p=2703.
www.arabic.rt.com
www.wafa.ps /arabicindex.php?action=detailid=11616.
http://www.bbc.net/news/arabic /2011/10/31.
| ||
Statistics Article View: 2,217 PDF Download: 248 |