الرخصة العقاریة فی القانون الإنکلیزی دراسة تحلیلیة مقارنة بأعمال الإباحة فی الفقه الإسلامی والقانون المدنی العراقی* | ||
الرافدین للحقوق | ||
Article 1, Volume 24, Issue 80, September 2022, Pages 1-49 PDF (1.31 M) | ||
Document Type: بحث | ||
DOI: 10.33899/arlj.2022.175372 | ||
Author | ||
یونس صلاح المختار* | ||
کلیة القانون والعلاقات الدولیة والدبلوماسیة - جامعة جیهان الخاصة- اربیل | ||
Abstract | ||
تعد الرخصة العقاریة أحد أنواع الحقوق الشخصیة التی تضمنها قانون الأحکام العام الانکلیزی العرفی غیر المکتوب, والمبنی على السوابق القضائیة للمحاکم الانکلیزیة, فضلاً عن قواعد العدالة والإنصاف. وتقوم هذه الرخصة على أساس الحیازة المکسبة للحق الشخصی, کما هو الحال بالنسبة إلى حیازة المستأجر للعقار المأجور, وحیازة الودیع للمال المودع لدیه. ولیس على أساس الحیازة المکسبة للملکیة. وقد تضمن القانون الإنکلیزی أربعة أنواع من الرخص العقاریة هی: الرخصة المجردة, والرخصة التعاقدیة, والرخصة المقترنة بمصلحة, والرخصة المانعة بالإغلاق. وقد تتحول هذه الرخص أحیاناً إلى حق عینی عقاری, إذا ما اقترنت بالأمانة الحکمیة, والزمت مشتری العقار بالتقید بها واحترامها. وبالمقابل عرف الفقه الإسلامی أعمال الإباحة, وأطلق علیها تسمیة ملک الانتفاع, أو حق الانتفاع, الذی لا یقوم على أساس تملیک المنفعة, خلافاً لملک المنفعة الذی یستند على تملیک المنفعة. فی الوقت الذی لم ینظم فیه القانون المدنی العراقی رقم (40) لسنة 1951 أعمال الإباحة تنظیماً کاملاً, على الرغم من الإشارة إلیها. وتکمن مشکلة البحث فی القصور الذی اعترى موقف القانون المدنی العراقیفی معالجة موضوع الإباحة القائمة على الإذن أو الرخصة, ولا سیما الإباحة فی استعمال العقار. لذا یوصی الباحث المشرع العراقی بالأخذ بالرخصة المقترنة بمصلحة والرخصة المانعة بالإغلاق. | ||
Highlights | ||
| ||
Keywords | ||
الرخصة; الإغلاق; الحق الشخصی; حق المستأجر | ||
Full Text | ||
الرخصة العقاریة فی القانون الإنکلیزی دراسة تحلیلیة مقارنة بأعمال الإباحة فی الفقه الإسلامی والقانون المدنی العراقی-(*)- The Real Estate Licence in the English Law/ An Analytical Comparative Study with the Islamic Jurisprudence and the Iraqi Civil Law
(*) أستلم البحث فی 3/11/2019 *** قبل للنشر فی 22/12/2019. (*) received on 3/11/2019 *** accepted for publishing on 22/12/2019. Doi: 10.33899/arlj.2022.175372 © Authors, 2022, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license (http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).
المستخلص تعد الرخصة العقاریة أحد أنواع الحقوق الشخصیة التی تضمنها قانون الأحکام العام الانکلیزی العرفی غیر المکتوب, والمبنی على السوابق القضائیة للمحاکم الانکلیزیة, فضلاً عن قواعد العدالة والإنصاف. وتقوم هذه الرخصة على أساس الحیازة المکسبة للحق الشخصی, کما هو الحال بالنسبة إلى حیازة المستأجر للعقار المأجور, وحیازة الودیع للمال المودع لدیه. ولیس على أساس الحیازة المکسبة للملکیة. وقد تضمن القانون الإنکلیزی أربعة أنواع من الرخص العقاریة هی: الرخصة المجردة, والرخصة التعاقدیة, والرخصة المقترنة بمصلحة, والرخصة المانعة بالإغلاق. وقد تتحول هذه الرخص أحیاناً إلى حق عینی عقاری, إذا ما اقترنت بالأمانة الحکمیة, والزمت مشتری العقار بالتقید بها واحترامها. وبالمقابل عرف الفقه الإسلامی أعمال الإباحة, وأطلق علیها تسمیة ملک الانتفاع, أو حق الانتفاع, الذی لا یقوم على أساس تملیک المنفعة, خلافاً لملک المنفعة الذی یستند على تملیک المنفعة. فی الوقت الذی لم ینظم فیه القانون المدنی العراقی رقم (40) لسنة 1951 أعمال الإباحة تنظیماً کاملاً, على الرغم من الإشارة إلیها. وتکمن مشکلة البحث فی القصور الذی اعترى موقف القانون المدنی العراقیفی معالجة موضوع الإباحة القائمة على الإذن أو الرخصة, ولا سیما الإباحة فی استعمال العقار. لذا یوصی الباحث المشرع العراقی بالأخذ بالرخصة المقترنة بمصلحة والرخصة المانعة بالإغلاق. الکلمات الرئیسة: الرخصة، الإغلاق، الحق الشخصی، حق المستأجر. Abstract The real estate licence is considered as, a general rule, a personal right under the English Common law of customary origins, which is unwritten and based upon judicial precedents of the English courts. As well as the principles of equity. The licences are based on the occupation for acquiring the personal right, as it is the case with the occupation of the tenant, and the bailee. And it is not based upon the adverse possession for acquiring the real right. It is worth-bearing in mind that the licence is categorized into four main types: The bare licence, the contractual licence, the Licence Coupled with an Interest, and the estoppel licence. And it can be transferred into a real right, if connected with the constructive trust. And obliges the real estate purchaser. The Islamic jurisprudence in turn recognized permission acts, and called them beneficial rights, as opposed to beneficial property or ownership. Whereas the Iraqi civil law No. (40) of 1951, did not organize completely permission acts, in spite of mentioning them. The problem of the research lies in the shortage and insufficiency committed by the Iraqi legislator in dealing with the permission based upon the licence, particularly the permission of using the real estate. Therefore, the researcher recommends that the Iraqi legislator adopt the licence coupled with an Interest and the estoppel licence. Keywords: Licence, Estoppel, Personal Right, Leasehold. المقدمـة أولاً: مدخل تعریفی بموضوع البحث: تعد الرخصة العقاریة أحد أنواع الحقوق الشخصیة التی نشأت فی ظل قانون الأحکام العام الانکلیزی غیر المکتوب ذی الأصل العرفی, والذی استقى مبادئه من السوابق القضائیة للمحاکم الانکلیزیة أولاً, ومن قواعد العدالة والإنصاف, ثم من التشریعات الصادرة لاحقاً)(. وتقوم هذه الرخصة على أساس الحیازة المکسبة للحق الشخصی, کما هو الحال بالنسبة إلى حیازة المستأجر للعقار المأجور, وحیازة الودیع للمال المودع لدیه. وهی حق شخصی یمنحه مالک العقار لشخص ما, یتمثل بحیازة ذلک العقار أو جزء منه لمدة محددة, من دون أن یتمتع بالحیازة المکسبة لملکیة ذلک العقار. وتتخذ الرخصة العقاریة أربعة أنواع رئیسة هی الرخصة المجردة, والرخصة التعاقدیة, والرخصة المقترنة بمصلحة, والرخصة المانعة بالإغلاق. أما الفقه الإسلامی فقد عرف أعمال الإباحة, وأطلق علیها تسمیة ملک الانتفاع, الذی لا یقوم على أساس تملیک المنفعة, خلافاً لملک المنفعة الذی یستند على تملیک المنفعة. کما أطلق الفقه الإسلامی المعاصر تسمیة حق الانتفاع على ملک الانتفاع, وجعله مرادفاً للإباحة, لتمییزه عن ملک المنفعة. فی الوقت الذی اقتصر فیه القانون المدنی العراقی رقم (40) لسنة 1951 على ذکر الإباحة فی الفقرة الثانیة من المادة (1145) منه, فیما یتعلق بالتنظیم القانونی للحیازة. إلا أنه لم ینظم أعمال الإباحة تنظیماً کاملاً, ولم یخصص لها ما یکفی من النصوص القانونیة. ثانیاً: أهداف البحث: تتمثل أهداف البحث فی محاولة الاستفادة من الاتجاهات التی تبناها القضاء الانکلیزی, والمتمثلة بالسوابق القضائیة للمحاکم الانکلیزیة, وکذلک التشریعات الانکلیزیة فیما یتعلقبالرخصة العقاریة واستعمالاتها. لتلافی النقص فی التنظیم التشریعی الذی شاب هذا أعمال الإباحة فی القانون المدنی العراقی, على الرغم من تأثره بالفقه الإسلامی. ثالثاً: أهمیة البحث: تکمن أهمیة البحث فیالاستعمال الواسع النطاق للرخصة العقاریة فی القانون الإنکلیزی, والذی یختلف باختلاف أنواعها الأربعة, التی سوف نتطرق إلیها فی متن البحث. فضلاً عن التعرف على توجه القانون الإنکلیزی فی تطبیق بعض الأحکام الخاصة بالرخصة العقاریة التی تمثل أعمال الإباحة, وتقوم على أساس الإذن باستعمال العقار. أما أهمیة موضوع البحث فی القانون والقضاء العراقیین فتکمن فی ضرورة التمییز وبوضوح, بین أعمال الإباحة التی یمارسها المباح له بإذن وترخیص من مالک العقار, مما یعد استعمالاً لرخصة مقررة قانوناً, فلا یتحقق الرکن المادی للحیازة لانتفاء التعدی. وبین الحیازة التی لا تقوم على مجرد الإباحة. رابعاً: مشکلة البحث: تکمن مشکلة البحث فی القصور الذی اعترى موقف القانون المدنی العراقیفی معالجة موضوع الإباحة, على الرغم من تأثره بالفقه الإسلامی. إلا أنه لم یتضمن نصوصاً کافیة تنظم أعمال الإباحة القائمة على الإذن أو الرخصة, ولا سیما الإباحة فی استعمال العقار, والإذن للمباح له فی استعماله. باستثناء الفقرة الثانیة من المادة (1145) منه, والمتعلقة أصلاً بالحیازة کسبب من أسباب کسب الملکیة. وعدم وجود نصوص أخرى تنظم العلاقة بین المبیح والمباح له, والآثار القانونیة المترتبة على الإباحة. على الرغم من معالجة الفقه الإسلامی المستفیضة لهذا الموضوع. ومحاولة الإفادة من أنواع الرخصة العقاریة التی انفرد بها القانون الإنکلیزی, لاقتراح بعض النصوص القانونیة لتنظیم موضوع الإباحة. خامساً: نطاق البحث: یتسع نطاق هذه الدراسة لیشمل البحث فی مفهوم الرخصة العقاریة فی القانون الإنکلیزی, وأنواعها والآثار القانونیة المترتبة علیها, ومقارنة موقف القانون الإنکلیزی بموقف الفقه الإسلامی والقانون المدنی العراقی المتأثر به. سادساً: منهجیة البحث: وللوصول إلى الغایات المرجوة من البحث, فقد انتهجت الدراسة منهج البحث القانونی التحلیلی المقارن، بإجراء تحلیل قانونی لموضوع الرخصة العقاریة فی القانون الانکلیزی, ومقارنتها بموقف الفقه الإسلامی والقانون المدنی العراقی. سابعاً: خطة البحث: فی ضوء ما تقدم فقد توزعت هذه الدراسة على ثلاثة مباحث وکما یأتی: المبحث الأول:مفهوم الرخصة العقاریة المبحث الثانی: أنواع الرخصة العقاریة المبحث الثالث: الآثار القانونیة المترتبة على الرخصة العقاریة المبحث الأول مفهوم الرخصة العقاریة إن دراسة مفهوم الرخصة العقاریة (Real Estate Licence)فی القانون الانکلیزی تستلزم منا البحث فی تعریفها وخصائصها وطبیعتها القانونیة, ومقارنتها بموقف الفقه الإسلامی والقانون المدنی العراقی وکما یأتی: المطلب الأول تعریف الرخصة العقاریة یعرف جانب من الفقه الرخصة العقاریة بأنها (حق شخصی یمنحه مالک العقار لشخص ما, یتمثل بحیازة ذلک العقار أو جزء منه لمدة محددة, من دون أن یتمتع بالحیازة المکسبة لملکیة ذلک العقار). وعرفها جانب آخر من الفقه الانکلیزی بأنها (السماح بالقیام بعمل ما (Permission to do something), ویتمثل بشکل رئیس بمنح الحق بدخول العقار والقیام بعمل ما فیه), فهو سماح بالقیام بعمل ما فی العقار. وعرفت أیضاً بأنها (حق شخصی باستعمال عقار ما, یکون المالک حراً فی ترتیبه لأی شخص شاء). ویعرف الطرف المانح للرخصة بالمرخص (Licensor) أما الطرف الآخر المتمتع بالرخصة فیعرف بالمرخص له (Licensee). ویکون هذا الحق الشخصی خالصاً أو مانعاً, بمعنى أنه یستبعد أو یحول دون تمتع المالک الأصلی بحیازة کل العقار أو جزء منه خلال مدة السماح (Duration of the Permission). ولأن هذا الحق هو من الحقوق الشخصیة (Personal Rights), ولا یمثل حقاً من الحقوق العینیة أو حقوق الملکیة (Property Interest) , فإنه یمکن الاحتجاج به تجاه المالک المرخص فحسب, ولا یمکن للمرخص له إقامة الدعوى على الغیر الذی یطرد المرخص له من العقار. ولا یتمتع بحق إقامة مثل هذه الدعوى سوى المالک المرخص نفسه. وعلى الرغم من أن الرخصة هی من الحقوق الخالصة أو المانعة أو الحصریة (Exclusive Rights), إلا أنها قد تمثل حقاً محدوداً (Limited Right) فی نفس الوقت. ومثال ذلک أن یقوم المرخص (Licensor) بإعطاء رخصة للمرخص له (Licencee) باستعمال بحیرة صغیرة فی عقار الأول عن طریق تسییر الزوارق السیاحیة فیها, ومن دون أن یستأجر المرخص له البحیرة. فلا یکون حق المرخص له على ذلک الجزء من العقار حقاً عینیاً, فهو لیس بحق ملکیة (Property Interest) , کما أنه لیس بحق اتفاق (Easement). ولکنه حق شخصی على ذلک الجزء من العقار یتمثل بالرخصة, فیبقى المرخص له متمتعاً بحقه, طالما لم یرتکب أی تعدٍ (Trespass) على العقار. وإن کان هذا الحق من الحقوق الشخصیة, إلا أنه لیس بحق المستأجر (Lease), لأن المرخص له لم یدفع أیة أجرة إلى المرخص. وهو ما تبنته المحکمة فی حکمها الصادر فی قضیة (Hill v Tupper 1863. 2 H&C 121. 159 ER 51) التی تتلخص وقائعها بحصول المدعی (Hill) على رخصة عقاریة حصریة (Exclusive Contractual Licence) لاستعمال مرفأ صغیر (Aldershot Wharf) على ضفة قناة (Basingstoke) والانتفاع به من الشرکة المکلفة بإدارة القناة. وقد حصل المدعی بمقتضى هذه الرخصة على حق حصری منفرد (Sole and Exclusive Right), یسمح له استعمال زوارق للإیجار فی تلک البحیرة. إلا أن المدعى علیه السید (Tupper) کان یمتلک نزلاً (Landlord of an Inn) على ضفة تلک البحیرة أیضاً. وقام بدوره أیضاً بوضع بعض الزوارق فی تلک البحیرة لغرض الإیجار. مما أفسد على المدعی السید (Hill) مهنته, وتسبب فی تعرضه لخسائر مالیة کبیرة. فأقام الدعوى على المدعى علیه, وطلب من القضاء إیقافه عن ممارسة تلک الأعمال. فدفع المدعى علیه بأن المدعی لا یتمتع بحق الاستعمال الحصری المنفرد (Sole and Exclusive Use) للقناة, فرد المدعی بأن حقه یکمن فی استعمال شیء معین فی عقار الغیر. وعلى هذا الأساس کان السؤال المطروح أمام المحکمة هو: هل یعد هذا الحق من الحقوق التی یعترف بها القانون؟. فقضت المحکمة فی حکمها بأن الحق الذی یتمتع به المدعی هو مجرد حق شخصی (Personal Right), وجاء فی حکم المحکمة بأن الحق فی الاستعمال الحصری المنفرد للعقار (Right to the Sole and Exclusive Use of Land) لیس من الحقوق الراسخة فی القانون. کما أن العقد المبرم بین الطرفین لم یترتب علیه أی حق عینی قانونی (Legal Property Right) . ولم یفرض القانون واجباً على المدعى علیه السید (Tupper). ولو کان المدعی یرغب فعلاً فی إیقاف المدعى علیه عن ممارسة تلک الأعمال, فقد کان ینبغی علیه إجبار الشرکة المعنیة على الاعتراف له بحق عینی فی مواجهة المدعى علیه. فضلاً عن ذلک فإن حق المدعی هو لیس بحق اتفاق (Easement) أیضاً. لأنه لو کان قد استعمل القناة کممر للعبور من إحدى الضفتین إلى الأخرى, ففی هذه الحالة فقط یمکن القول بوجود حق اتفاق. لأن أحد العقارین کان سوف یستفید من العقار الآخر. إلا أن ما تبین من وقائع هذه القضیة هو أن حق الاستعمال الحصری المنفرد للقناة (Right to the Sole and Exclusive Use of Canal) لم یکن لغرض إفادة عقار على حساب عقار آخر, ولکن لمجرد ممارسة مهنة معینة. أما فی الفقه الإسلامی فقد عُرِفَت الرخصة العقاریة بالإباحة, وأٌطلق علیها تسمیة ملک الانتفاع, الذی یقوم على أساس الإباحة لا التملیک, ویتمیز عن ملک المنفعة الذی یعطی صاحبه حق التصرف فی المنفعة تصرف الملاک فی أموالهم, فیحق له تملیک المنفعة التی تملکها لغیره. کأن یقوم المستأجر بتأجیر المأجور, والمستعیر بإعارة العاریة إلى الغیر أیضاً. کما أطلق الفقه الإسلامی المعاصر تسمیة حق الانتفاع على ملک الانتفاع لتمییزه عن ملک المنفعة, وجعله مرادفاً للإباحة التی تعطی المباح له حق الانتفاع ولا تعطیه ملک المنفعة. وعلى هذا الأساس فقد عرف جانب من الفقه الإباحة بأنها (حق یُثبِت للإنسان أثراً لإذنه بأن یتمتع. وقد یکون الإذن من المالک, أو قد یکون من الشارع(. وعرفها آخر بأنها (حق الإنسان بأن ینتفع بنفسه بشیء بموجب إذن, والإذن قد یکون من المالک أو من الشرع). وعرفت أیضاً بأنها (ترخیص أو إذن باستهلاک الشیء أو باستعماله, ولا تجعله مملوکاً, بل هی دون التملیک). وعرفت أخیراً بأنها (ترخیص أو إذن قابل للرجوع عنه متى شاء المبیح). ویتبین من هذه التعاریف بأن الإباحة یترتب علیها حق الانتفاع للمباح له, ومن دون ملک المنفعة. فحق الانتفاع هو الإذن للشخص فی أن یباشر الانتفاع بنفسه فحسب, خلافاً لملک المنفعة الذی یحق بمقتضاه للشخص أن یباشر الانتفاع بنفسه, أو یمکن غیره من الانتفاع بعوض عن طریق الإجارة, أو بغیر عوض عن طریق العاریة. وعرف جانب من فقه القانون المدنی العراقی الإباحة بأنها رخصة مقررة فی القانون تسمح للشخص القیام بأعمال تؤدی إلى الانتفاع بملک الغیر, ولا تنطوی على معنى التعدی. وتختلف أعمال الإباحة عن الأعمال المبنیة على التسامح, من حیث أن الأخیرة لا تقوم على أساس رخصة أو حق یقرره القانون. إلا أن المالک یتحملها على سبیل التسامح, على الرغم مما تنطوی علیه من تعدٍ على ملکه. فالمباح هو أی شیء یکون فی متناول أی شخص مجاناً, ومن دون عوض. أ المطلب الثانی خصائص الرخصة العقاریة تتسم الرخصة العقاریة (Licence)فی القانون الانکلیزی بسمات معینة سوف نذکرها, ثم نبین موقف الفقه الإسلامی والقانون المدنی العراقی من ذلک وکما یأتی: أولاً: تتسم الرخصة العقاریة فی القانون الإنکلیزی بأنها حق شخصی (Personal Right) لا یرقى إلى مستوى الحقوق العینیة ومن أبرزها حق الملکیة والحقوق المتفرعة عنه کحق الاتفاق. ثانیاً: تتحول الرخصة العقاریة فی القانون الإنکلیزی إلى حق عینی عقاری (Proprietary Interest), إذا ما اقترنت بالأمانة الحکمیة(Constructive Trust) , والزمت مشتری العقار بالتقید بها واحترامها. ثالثاً: تتسم الرخصة العقاریة فی القانون الانکلیزی بأنها تکتسب فی بعض الأحیان طبیعة الملکیة (Proprietary nature), إلا أنها لا ترقى إلى مستوى حق الملکیة, لعدم استیفاء الشکلیات (Formalities) الضروریة لنقل الملکیة. مثال ذلک أن یرخص مالک العقار (A) ابنه (B) ببناء منزل على قطعة أرض (Plot of Land)یملکها الأب, ویوقع على وثیقة تنص على أن ملکیة تلک القطعة سوف تؤول إلى الابن (B). ففی هذه المرحلة فإن حق الابن على قطعة الأرض هو حق شخصی یتمثل بالرخصة العقاریة, إلا أنه یقترب بعض الشیء من طبیعة حق الملکیة. أما نقل الملکیة (Conveyance) فإنه لا یتم إلا بعد استیفاء الشکلیة الضروریة والمطلوبة, وإفراغها فی السند العقاری (Deed), وذلک عن طریق إبرام العقد الشکلی أو العقاری (Contract by Deed) فی هیئة التسجیل العقاری. رابعاً: تتسم الرخصة العقاریة بأنها نوع من أنواع الحیازة المکسبة للحق الشخصی (Occupation), وعلى الرغم من أنها تتفق مع الحیازة المکسبة لملکیة العقار (Possession) من حیث أنها تمثل سیطرة مادیة خالصة وقصدیة على کل العقار أو جزء منه, إلا أنها تبقى مرتبة لحق شخصی, ولیست مکسبة للملکیة. خامساً: وتتسم الرخص العقاریة فی القانون الانکلیزی أیضاً بأنها تنضوی تحت فئة واسعة (Wide Category) من الحقوق المعروفة بالرخص (Licences), والتی وردت على سبیل المثال لا الحصر. خلافاً للحقوق العینیة التی وردت فی هذا القانون على سبیل الحصر. سادساً: تعد الرخصة العقاریة من الحقوق غیر القابلة للحوالة (Non-assignable Rights), والتی لا یمکن الاحتجاج بها أو تنفیذها (Unenforceable Rights) فی مواجهة الأغیار (Third Parties). خلافاً لحق المستأجر (Lease) الذی یمکن حوالته والاحتجاج به أو تنفیذه فی مواجهة الأغیار. سابعاً: وتتسم الرخصة العقاریة أیضاً بأنها وسیلة لتجنب الآثار والنتائج المترتبة على الحقوق العینیة (Proprietary Consequences) کحق الاتفاق (Easement). ففی قضیة (IDC Group Ltd v Clark 1992. 65 P&CR 179) طُلِبَ من المحکمة أن تقرر ما إذا کان السند الرسمی الموقع علیه من مالکی العقارین المتجاورین, والذی حمل عنوان "منح ترخیص" (Grant Licence) لمالکی العقارین المتجاورین للمرور عبر عقار المالک الآخر, فی حالة نشوب حریق, هو تعبیر عن حق اتفاق أم مجرد رخصة ؟ . فقضت المحکمة فی حکمها بأن مضمون السند یعبر عن حق اتفاق, إلا أنه جرى الطعن استئنافاً بهذا الحکم الابتدائی, وجرى التمسک فی الطعن بأن مضمون السند یمثل مجرد منح رخصة ولیس حق اتفاق. فأخفق ذلک الطعن الاستئنافی, وجاء فی حکم محکمة الاستئناف بأنه تمت صیاغة السند بمهنیة عالیة, وجرى اختیار عبارة "منح ترخیص" عن قصد لتجنب الآثار والنتائج المترتبة على حق الاتفاق العینی. وکانت المحکمة قد تبنت هذا الاتجاه قبل ذلک, وخلصت إلى أن الاتفاق هو رخصة ولیس إیجار, وذلک فی حکمها الصادر فی قضیة (Street v Mountford 1985. AC 809) التی تتلخص وقائعها بمنح المستأنف ضده (Respondent) السید (Street) ترخیصاً للمستأنف (Appellant) السید (Mountford) لحیازة غرفتین بأجرة اسبوعیة (Weekly Rent) تنتهی بالإخطار خلال مدة أقصاها أربعة عشر یوماً. وقد أبرم الاتفاق المکتوب تحت عنوان اتفاق الترخیص (Licence Agreement). وتضمن بنداً ینص على أن هذا الاتفاق لا یترتب علیه أی إیجار (Tenancy). وکان المستأنف ضده قد طلب من المحکمة أن تصدر حکماً یقضی بأن حق المستأنف هو مجرد رخصة. وقضت له المحکمة بذلک, فاستأنف السید (Mountford) الحکم. فافترضت محکمة الاستئناف الافتراض الآتی: اذا کان الاتفاق الذی جرى التوصل الیه مجرد رخصة (Licence) ولیس إیجاراً (Tenancy), فحینئذٍ لا یمکن للمستأنف السید (Mountford) المطالبة بالأجرة العادلة أو المنصفة (Fair Rent) بمقتضى التشریعات المنظمة للأجرة (Rent Acts). وکانت حجة المستأنف ضده أن نیة الطرفین لم تتجه, إلا إلى الاتفاق على الرخصة ولیس على الإیجار. وأن صیاغة الاتفاق تحت عنوان "الرخصة", تعنی أنه ینبغی أن یعامل کذلک, فی حالة عدم وضوح البنود الأخرى للاتفاق. إلا أن المستأنف تمسک بحجة مؤداها أن الأمر المهم فی الاتفاق جوهره ولیس مظهره, وبعبارة أخرى الآثار التی تترتب علیه, ولیس صیاغته أو عنوانه. فقبلت المحکمة الطعن الذی تقدم به المستأنف وقضت لمصلحته, وجاء فی حکمها بأن عقد الإیجار یرتب للمستأجر حیازة خالصة (Exclusive Possession) للعقار المأجور, لمدة محددة أو دوریة (Fixed or Periodic Term) وبأجرة محددة. والمهم من وجهة نظر القانون هو الحقوق المترتبة على الاتفاق, ولیس العناوین الظاهریة أو الخارجیة, والتی غالباً ما لا تکون بنفس الأهمیة. والنیة الوحیدة التی ینبغی أخذها بنظر الاعتبار هی النیة لمنح الحیازة الخالصة, فشاغل العقارات السکنیة بأجرة ولمدة محددة أو دوریة, یکون إما مستأجراً (Tenant) تکون له الحیازة الخالصة, أو نزیلاً (Lodger). فیکون نزیلاً إذا ما قام مالک العقار (Landlord) بتقدیم الخدمة التی یحتاجها. وفی هذه القضیة لم یقدم مالک العقار لشاغله أی خدمة, لذا یکون الاتفاق إیجاراً, على الرغم من تسمیته بالرخصة. ثامناً: وتتسم الرخصة فی القانون الانکلیزی أخیراً بأنها سماح (Permission) بالقیام بعمل ما, یعد محظوراً من حیث الأصل لولا الرخصة التی سمحت بالقیام به, وهو ما استقرت علیه المحکمة فی حکمها الصادر فی قضیة: (Thomas v Sorrell 1673.EWHC (KB) J85), إذ جاء فی حکمها بأن الرخصة تتیح للشخص القیام بعمل ما, یعد محظوراً علیه عادةً لولا الرخصة. تاسعاً: أما فی الفقه الإسلامی فتتسم الإباحة بأنها حق انتفاع مجرد أو محض, یتمثل برخصة أو إذن بالانتفاع الشخصی دون التملیک. خلافاً لملک المنفعة الذی یتجسد فیه معنى الملکیة, ویسوغ لصاحبه أن یتصرف فی المنفعة تصرف المالکین, إلا أنه ملکیة ناقصة, تنشأ عن أربعة أنواع من العقود تعرف بالعقود المُمَلکة وهی: الإجارة والإعارة والوصیة بالمنفعة والوقف. أما حق الانتفاع المجرد فمصادره أوسع من ملک المنفعة, ففی الوقت الذی یمکن أن ینشأ عن طریق العقود السالفة الذکر ضمن ملک المنفعة, فإنه یمکن أن ینشأ عن مصدرین آخرین لا یترتب علیهما تملیک المنفعة وهما: تخصیص الأشیاء لانتفاع الناس کافةً أو لفئة منهم, من دون أن یتملکها أحدهم. وإباحة المنفعة من مالک خاص, وهی الرخصة أو الإذن المتمثل بحق الانتفاع الشخصی المجرد الذی لا یقرر ملکاً للمباح له. عاشراً: أما القانون المدنی العراقی فقد سار على نهج الفقه الإسلامی وعد الإباحة إذن أو رخصة یقررها القانون للشخص فی الانتفاع بملک الغیر. فهی مجرد إذن أو محض رخصة یأتیها المباح له, ولا تعد حقاً شخصیاً, وهو ما یمکن استنتاجه من الفقرة الثانیة من المادة (1145) من القانون المدنی العراقی. کما لم یمیز القانون المدنی العراقی بین الملک التام والملک الناقص, فهو لا یعرف سوى الملک التام بمقتضى المادة (1048) منه. إلا أنه لا یعرف الملک الناقص, على الرغم من أنه عالج بعض موضوعاته تحت مفهوم الحق الشخصی, کملک المنفعة أو الإیجار. وعالج البعض الآخر تحت مفهوم الحق العینی کحق المنفعة. المطلب الثالث الطبیعة القانونیة للرخصة العقاریة تتمثل الطبیعة القانونیة للرخصة العقاریة (Licence)فی القانون الانکلیزی بأنها تعد حقاً من الحقوق الشخصیة (Personal Rights), ولیست حقاً عینیاً کحق الملکیة (Personal Non-Proprietary Rights) . إلا أن الرخصة العقاریة تتحول إلى حق عینی عقاری (Proprietary Interest), إذا ما اقترنت بالأمانة الحکمیة, وألزمت مشتری العقار بالتقید بها واحترامها. وقد استقر قضاء المحاکم الانکلیزیة فی معظم أحکامه على عد الرخصة العقاریة کحق من الحقوق الشخصیة, ولا سیما الحکم الصادر فی قضیة (National Provincial Bank v Ainsworth 1965. A.C. 1175) التی تتلخص وقائعها بحیازة الزوج وزوجته وأولادهما لعقار, کان المدعى علیه هو المالک الوحید المسجل باسمه ذلک العقار (Sole Registered Proprietor) . وقد استعمل العقار کتأمین عینی فی مقابل السحب على المکشوف (Overdraft) من المصرف, إلا أن الزوج غادر المنزل مع عائلته. وسمح للزوجة الاستمرار بالعیش فیه من دون دفع أجرة ضمن اتفاق مستقل. وطالب المصرف باسترداد الحیازة على العقار ورفضت الزوجة. فأقام المصرف الدعوى وطالب باسترداد الحیازة على العقار, فقضت له المحکمة بذلک وصادق مجلس اللوردات على الحکم, وذکر فی حکمه بأن من حق المصرف استرداد الحیازة على العقار, وأن الاتفاق المستقل المبرم مع الزوجة, والذی یسمح لها بالبقاء فی المنزل هو مجرد رخصة, والتی تمثل حقاً من الحقوق الشخصیة ولیست حقاً عینیاً, ولا سیما حق الملکیة (Personal, Non-Proprietary Right). ولأن الزوجة لا تتمتع بأی حق عینی على العقار, فإنه لیس فی وسعها معارضة استرداد المصرف للحیازة على العقار. فعلى الرغم من أن الرخصة العقاریة هی حق من الحقوق الخالصة أو المانعة أو الحصریة (Exclusive Rights), إلا أنها تعد, فی الوقت نفسه, حقاً محدوداً یمکن استعماله لمدة محددة. أما فی الفقه الإسلامی فإن الإباحة, وکما أشرنا سابقاً, هی حق انتفاع مجرد أو محض, یتمثل برخصة أو إذن بالانتفاع الشخصی دون التملیک. وکذلک الحال بالنسبة إلى القانون المدنی العراقی الذی عد الإباحة مجرد رخصة مقررة فی القانون, وهو ما یمکن استنتاجه من الفقرة الثانیة من المادة (1145) منه. فبما أن الحیازة هی سبب من أسباب کسب الملکیة, فإنها ینبغی أن تنطوی على معنى التعدی, والذی هو انحراف عن السلوک المعتاد, أو خروج عن نطاق الجواز الشرعی بالقیام بعمل أو بالامتناع عن عمل, سواء أکان ذلک الخروج مقترناً بالإدراک والتمییز أم غیر مقترن. خلافاً لأعمال الإباحة التی تقوم على أساس رخصة أو إذن بالانتفاع بملک الغیر, ولا تنطوی على التعدی على ملک الغیر, ولکن على معنى التسامح من الغیر فی الانتفاع بملکه. والحیازة مکسبة للملکیة أو الحق العینی, إذا ما اقترنت بمرور الزمان المانع من سماع الدعوى, على الرغم من أن مرور الزمان هو مجرد دفع یستفید منه الحائز, وذلک بمقتضى الفقرة الأولى من المادة (1158) من القانون المدنی العراقی التی نصت على أن (من حاز منقولاً أو عقاراً غیر مسجل فی دائرة التسجیل العقاری باعتباره ملکاً أو حاز حقاً عینیاً على منقول أو حقاً عینیاً غیر مسجل على عقار واستمرت حیازته دون انقطاع خمس عشرة سنة فلا تسمع علیه عند الانکار دعوى الملک أو دعوى الحق العینی من أحد لیس بذی عذر شرعی). إلا أن هذا القانون نظم أحکام الحیازة المقترنة بمرور الزمان ضمن نطاق أسباب کسب الملکیة. وعلى هذا الأساس فإنه یمکن القول بأن الإباحة التی هی مجرد إذن أو محض رخصة یأتیها المباح له, ولا تعد حقاً شخصیاً. کما لا ترقى إلى الحیازة, لانتفاء التعدی, فهو لا یتعدى فی إتیانه لها على حق أحد. وتختلف الإباحة عن الحق الشخصی فی عدة جوانب من أبرزها: أن المباح له یعد منتفعاً, فالإباحة بالنسبة إلیه من أعمال الانتفاع. خلافاً لصاحب الحق الشخصی الذی یعد دائناً ولیس منتفعاً. کما أن الإباحة, وکما أشرنا سابقاً, هی مجرد إذن أو رخصة یمنحها المبیح للمباح له, أما الحق الشخصی فهو رابطة بین الدائن والمدین. المبحث الثانی أنواع الرخصة العقاریة تصنف الرخصة العقاریة (Licence)فی القانون الانکلیزی إلى أربعة أنواع رئیسة هی الرخصة المجردة (Bare Licence), والرخصة العقدیة أو التعاقدیة (Contractual Licence) , والرخصة المقترنة بمصلحة (Licence Coupled with an Interest), والرخصة المانعة بالإغلاق (Estoppel Licence). وسوف نبحث فی هذه الأنواع الأربعة للرخصة العقاریة فی القانون الانکلیزی وکما یأتی:
المطلب الأول الرخصة المجردة تعد الرخصة المجردة (Bare Licence) من أبسط أنواع الرخص العقاریة, وهی مجرد سماح (Simple Permission) بدخول عقار ما. أو سماح مجانی أو دون مقابل (Gratuitous Permission) للقیام بعمل ما فی العقار. مثال ذلک دعوة مالک العقار لضیفه إلى مأدبة غداء أو عشاء فی عقاره. ففی مثل هذه الحالة یمنح مالک العقار ضیفه رخصة مجردة أو بسیطة بدخول العقار, لکی ینفی عنه صفة المتعدی على العقار (Trespass to Land). وتنتهی هذه الرخصة إما بالانتهاء من العمل الذی یقوم به المرخص له, أو بإبلاغه من المرخص بضرورة مغادرة العقار. ولا یؤثر فی ذلک ما إذا کانت الرخصة قد صدرت للمرخص له شفهیاً أم کتابةً. أما بیع العقار فیعد إنهاءً ضمنیاً (Implicit Termination) لهذا النوع من الرخص. وفی جمیع الأحوال فإنه ینبغی على المرخص أن یمنح المرخص له وقتاً معقولاً (Reasonable Time) للمغادرة. ولأن هذه الرخصة هی من الرخص البسیطة فإن الوقت المعقول (Reasonable Time) لا یقل عن بضع دقائق ولا یتجاوز أکثر من ساعة, فی حالة الطلب من ضابط الشرطة مثلاً بمغادرة المنزل. وقد یمتد لشهر إذا کان المرخص له ساکناً فی ذلک العقار. ویتحول المرخص له بعد انقضاء ذلک الوقت إلى غاصب للعقار (Trespasser to Land) . ففی قضیة (Robson v Hallett 1967.2 QB.939) التی تتلخص وقائعها بقدوم رقیب الشرطة (Police Sergeant) بصحبة شرطیین (Two Constables) الى منزل المدعى علیهما الأول والثانی, لغرض التحقیق بخصوص بعض المخالفات المرتکبة. فدخل الرقیب الى داخل المنزل, بعد أن سمح له بالدخول. وبقی الشرطیان فی الخارج لعدم السماح لهما بالدخول. وعندما شاهد والد المدعى علیهما الرقیب فی المنزل طلب منه المغادرة فوراً, فامتثل الرقیب للطلب وبدأ بالمغادرة, إلا أنه وبمجرد أن أدار ظهره قفز علیه أحد المدعى علیهما من الخلف وضربه فی ظهره. وعندما شاهد الشرطیان ما یجری فی المنزل أسرعا لنجدة الرقیب, فحدث شجار تدخل فیه المدعى علیه الثالث شقیق المدعى علیهما. فأدین المدعى علیهم الثلاثة بالاعتداء بالضرب على الرقیب والشرطیان اللذان معه أثناء تأدیتهم لواجبهم, فاستأنف المدعى علیهم الحکم, على أساس أن الشرطة کانوا متعدین على العقار (Trespassers), ولم یکونوا ینفذوا واجبهم بصورة صحیحة. وکان السؤال المطروح أمام محکمة الاستئناف هو أنه, وعلى الرغم من الإدانة الجنائیة (Criminal Conviction) للجناة الثلاثة, هل حصل الرقیب والشرطیان على الرخصة بدخول المنزل؟. وإذا کانوا قد حصلوا علیها فعلاً فهل یمکن إلغاء تلک الرخصة؟. فقضت محکمة الاستئناف فی حکمها بما یأتی: (1) من واجب ساکنی المنزل منح رخصة ضمنیة (Implied Licence) بدخول المنزل لأی شخص ینفذ مهمة رسمیة, بعد أن یطرق الباب ویدخل منه. (2) دخل أفراد الشرطة إلى المنزل بطریقة مشروعة, ولم یتم إلغاء الرخصة الممنوحة لهم, لأنهم کانوا ینفذون واجبهم الرسمی. (3) إذا ما جرى إلغاء الرخصة بدخول العقار, فإنه ینبغی منح المرخص له الوقت المعقول (Reasonable Time) للمغادرة. وقبل الانتهاء من هذا النوع من الرخص فإنه ینبغی الإشارة إلى مسألتین مهمتین: الأولى أن إنهاء الرخصة المجردة لا یحتاج إلى إخطار (Notice), والثانیة أن بالإمکان حمایتها بالإغلاق (Estoppel) أو بالأمانة الحکمیة (Constructive Trust). ویمکن القول بأن الإباحة فی الفقه الإسلامی والقانون المدنی العراقی الذی سار على نهجه, هی محض رخصة أو إذن یتمثل بحق الانتفاع الشخصی. وهی تتشابه فی هذا الوصف مع الرخصة المجردة فی القانون الإنکلیزی. ولا نستبعد أن یکون القانون الإنکلیزی قد اقتبسها من الفقه الإسلامی. ودلیلنا فی ذلک ما ذهب إلیه أحد أبرز الفقهاء الإنکلیز, الذی یرى بأن الکثیر من النظم القانونیة الراسخة والسائدة فی القانون الإنکلیزی فی وقتنا الحاضر, یرجع أصلها إلى الفقه الإسلامی. کما هو الحال بالنسبة إلى نظام الأمانة (Trust) الذی اقتبسه القانون الإنکلیزی من نظام الوقف (Waqf) السائد فی الفقه الإسلامی, الذی أدخلت فکرته إلى إنکلترا عن طریق المحاربین الصلیبیین العائدین إلى إنکلترا, واللذین جلبوا مفاهیمه الأساسیة وساهموا فی نشرها فی إنکلترا. المطلب الثانی الرخصة التعاقدیة تعد الرخصة عقدیة أو تعاقدیة (Contractual Licence), وفقاً لقانون الأحکام العام (Common Law), إذا ترتبت على عقد بین المُرَخِص والمرخص له. وتترتب علیها آثار أکبر وأعمق من مجرد السماح الشخصی القابل للرجوع أو الإلغاء (Revocable Personal Permission) . وکان الاتجاه التقلیدی السائد فی القرن التاسع عشر (The Orthodox Nineteenth-Century Approach) لدى المحاکم الإنکلیزیة یتمثل بإمکانیة قیام المُرَخِص بإلغاء الترخیص, حتى وإن ترتب على ذلک الإخلال بالعقد (Breach of Contract) . وقد تبنت المحکمة الإنکلیزیة هذا الاتجاه فی حکمها الصادر فی قضیة (Wood v Leadbitter 1845.13 M & W 838.153.ER.351) التی تتلخص وقائعها بشراء المدعی لتذکرة منحته رخصة لمشاهدة سباق الخیل من مدرجات مضمار (Doncaster Racecourse) , إلا أن المدعى علیه مدیر المضمار قام بطرده من المدرجات. إذ کان قد دخل الى المدرجات برخصة تقوم على أساس دفعه لأجرة الدخول. وقد ادعى المدعی أمام المحکمة, وتمسک بالحجة التی مؤداها أن دفع أجرة الدخول, والرخصة التی حصل علیها تمنحه حق دخول مضمار سباق الخیل والبقاء فیه طیلة مدة السباق. قبل أن یصدر له مدیر المضمار المدعى علیه أمراً بمغادرة مدرجات المضمار, ویمنحه وقتاً معقولاً للمغادرة. فقضت محکمة الدرجة الأولى لمصلحة المدعى علیه. فاستأنف المدعی الحکم الابتدائی, وکان السؤال المطروح أمام محکمة الاستئناف هو هل یمکن إلغاء الرخصة أو الرجوع عنها؟. فقضت محکمة الاستئناف فی حکمها بأنه یمکن إلغاء الرخصة التعاقدیة (Contractual Licence) أو الرجوع عنها فی أی وقت, وإذا ما شکل إلغاؤها إخلالاً بالعقد (Revocation is in Breach of a Contract), فإنه یمکن اللجوء إلى المطالبة بالتعویضات العقدیة (Contractual Damages). وذکرت المحکمة فی حکمها أیضاً بأن ینبغی لنفاذ (Enforceability) حق أی شخص فی مرکز المدعی القانونی بدخول العقار والبقاء فیه, أن یمنح سنداً رسمیاً یستند على عقد شکلی (Deed). وبذلک فقد صادق حکم محکمة الاستئناف على حکم المحکمة الابتدائیة, فالرخصة غیر المدعمة بالشکلیة (Formality) لا تکون نافذة ویمکن الرجوع عنها. وصدر لمصلحة المدعى علیه مدیر المضمار أیضاً. أما بالنسبة إلى الفقه الإسلامی فقد رأینا سابقاً بأنه, وعلى الرغم من أن حق الانتفاع الشخصی المجرد یمکن أن ینشأ عن طریق الرخصة أو الإذن من المالک بإباحة المنفعة, من دون أن یؤول ملک المنفعة إلى المباح له, إلا أنه یمکن أن ینشأ عن طریق بعض العقود المُمَلکة للمنفعة, وذلک ضمن ملک المنفعة. کذلک الحال بالنسبة إلى القانون المدنی العراقی الذی یمکن أن تتخذ الإباحة فی ظله صیغة العقد. وهو ما اتجهت إلیه محکمة تمییز العراق أیضاً, إذ جاء فی أحد أحکامها بأنه (یعتبر إنذار البائع بطلب استرداده الدار المبیعة خارج دائرة التسجیل العقاری رجوعاً عن الإباحة, ولیس للمشتری حق حبس الدار لقاء ما دفعه للبائع من مبلغ ادعى أنه مقابل سکناه الدار, لأن ذلک یشکل دعوى مستقلة). فطالما أن الإباحة هی حق شخصی, فإن العقد یکاد یکون المصدر الوحید لهذا الحق, وذلک لأن المادة (184) من القانون المدنی العراقی حددت صراحة حالات إنشاء الالتزام بالإرادة المنفردة على سبیل الحصر, وذلک کمصدر إرادی مستقل من مصادر الالتزام. إذ نصت على أنه (لا تلزم الإرادة المنفردة صاحبها إلا فی الأحوال التی ینص فیها القانون على ذلک). ولم تکن أعمال الإباحة بین تلک الحالات, لأن الإباحة تصرف تبرعی. المطلب الثالث الرخصة المقترنة بمصلحة أما النوع الثالث فهو الرخصة المقترنة بمصلحة (Licence Coupled with an Interest) , ویقصد بالمصلحة التی تقترن بها الرخصة کل منفعة (Profit) یجنیها المرخص له (Licencee) من عقار المرخص (Licensor). کالأسماک التی یصیدها من بحیرة تعود ملکیتها للمرخص, أو الثمار التی یجنیها من بستانه. فینبغی على المرخص له, وکخطوة أولى, من أجل الحصول على المصلحة, وممارسة حقه فی الانتفاع من عقار المرخص, أن یدخل إلى ذلک العقار. فحصول المرخص له على السماح (Permission) من المرخص بالدخول إلى عقار الأخیر, یعد قبولاً ضمنیاً أو موافقة ضمنیة للإفادة من المصلحة المقترنة بالترخیص. وهذا یعنی بأن الدخول المشروع إلى عقار المرخص یعد شرطاً لنفاذ (Enforceability) التمتع بالمنافع التی یجنیها المرخص له من عقار المرخص. ویرى جانب من الفقه الإنکلیزی بأنه, وعلى الرغم من أن الرخصة هی فی جوهرها حق من الحقوق الشخصیة (Personal Rights), إلا أنها تقترب بعض الشیء من حقوق الملکیة (Property Interests) فی هذا النوع من أنواع الرخص, وذلک على أساس المنافع التی یجنیها المرخص له من العقار. وقد اتجهت المحاکم الإنکلیزیة, ومنذ أمد بعید, إلى تحدید مصلحة المرخص له بالانتفاع من المنقولات الموجودة فی العقار, ولیس بالعقار نفسه. فالمنفعة (Profit) تتجسد بالمنقولات وحدها سواء أکانت محاصیل (Crops) أم أخشاب (Timbers). فالمبدأ السائد فی القانون الإنکلیزی هو ضرورة حصول المرخص له على الإذن أو الرخصة أو السماح من مالک العقار (Landlord's Permission) بدخول العقار وجنی المحاصیل أو الثمار, أو الأشیاء الأخرى الموجودة فی العقار. وهو ما تبنته المحکمة الإنکلیزیة فی حکمها الصادر فی قضیة (Webb v Paternoster 1619. 79 E.R. 1250) التی تتلخص وقائعها بسماح سلف المدعى علیه مالک العقار (Defendant’s Predecessor-in-title) للمدعی بدخول العقار وجمع کمیات کبیرة من القش والتبن, ثم ترکها فی العقار بشکل أکوام (Haystacks). وبعد وفاة السلف منع خلفه الخاص (Successor-in-title) المدعی من دخول العقار ونقل أکوام القش والتبن, فقضت المحکمة فی حکمها بأن الرخصة التی حصل علیها المدعی بدخول العقار اقترنت بحیازته للعقار حیازة فعلیة مکسبة للحق الشخصی (Actual Occupation of the Land) دون الحق العینی العقاری, باستثناء الحق العینی المنقول. وقد مکنته هذه الحیازة من جمع القش والتبن وترکهما فی العقار. لذا فإنها تکون ملزمة لکل من مالک العقار وخلفه من بعده. وجاء فی حکم المحکمة أیضاً بأن الرخصة هی حق من الحقوق الشخصیة ولیست حقاً من حقوق الملکیة (Personal, Non-Proprietary Interest), وأن الحقوق الشخصیة (Personal Rights) لا تکون نافذة ولا یمکن الاحتجاج بها تجاه الأغیار (Third-Parties) , خلافاً لما هو علیه الحال بالنسبة إلى الحقوق العینیة العقاریة, ولا سیما حق الملکیة (Proprietary Rights). أما بالنسبة إلى موقف الفقه الإسلامی فإننا نرى أن موقف القانون الإنکلیزی من الرخصة المقترنة بمصلحة أو منفعة, یشبه موقف الفقه الإسلامی. فالإباحة وکما ذکرنا سابقاً تعطی المباح له حق الانتفاع من دون ملک المنفعة. وغایة الأمر أنه یمکنه مباشرة الانتفاع بنفسه فحسب, وذلک وفقاً للطریقة المتفق علیها بالانتفاع بالعقار. وسواء أکان الانتفاع بالعقار نفسه أو بثماره وغلته. خلافاً لملک المنفعة الذی یکون أقرب فی معناه إلى الملک من حق الانتفاع المجرد. فیمکن صاحبه من تملیک المنفعة التی تملکها لغیره, طالما کان یملک سلطتی الاستعمال والاستغلال, فیقوم بالانتفاع بالحق بنفسه, أو یمکن غیره من الانتفاع بعوض أو بغیر عوض. فیستطیع المستأجر أن ینتفع بالمأجور بنفسه, أو یستغله بتأجیره للغیر, وهو تملیک منفعة بعوض. أما الإعارة فهی تملیک منفعة بغیر عوض, فیمکن للمستعیر الانتفاع بالشیء المعار بنفسه, أو إعارته لغیره. ولکنه لا یستطیع الانتفاع عن طریق الاستغلال. کما یمکن للمنتفع بالوصیة بالمنفعة الانتفاع بالاستعمال أو بالاستغلال, لأنها تمثل ملک المنفعة بالموصى به. فله الانتفاع بنفسه أو بغیره, بعوض أو بغیر عوض. وکذلک الحال بالنسبة إلى الوقف, الذی یفید تملیک المنفعة للموقوف علیه, وله استیفاء المنفعة بنفسه أو بغیره, إذا اجاز له الواقف الاستغلال. فللمنتفع بالوقف أن ینتفع بالاستعمال أو الاستغلال, لأن ملک المنفعة یعطی حق الاستعمال والاستغلال. والاستغلال هو تملیک الغیر المنافع بعوض. ونقترح على المشرع العراقی الأخذ بالرخصة المقترنة بالمصلحة المعروفة فی القانون الإنکلیزی, والتی تسمح للمرخص له الانتفاع لیس فقط بعقار المُرَخِص, ولکن بالمنافع التی یغلها ذلک العقار أیضاً, کالثمار أو الأسماک أو غیرها, على الرغم من أن الرخصة هی حق من الحقوق الشخصیة, إلا أنها یمکن أن تقترب من الحق العینی, فیما یتعلق بالانتفاع بالثمار. المطلب الرابع الرخصة المانعة بالإغلاق إن الإغلاق (Estoppel) هو أحد المبادئ الراسخة فی قانون الأحکام العامة (Common Law) الإنکلیزی، والذی بمقتضاه یحظر على أحد الطرفین الرجوع عن وعده الذی قطعه تجاه الطرف الآخر الذی اعتمد بشکل منطقی ومعقول على هذا الوعد وتصرف على أساس ذلک، بحیث أن أی رجوع أو عدول عن ذلک الوعد سوف یلحق به (أی بالموعود له) ضرراً جسیماً. إن تطبیق هذا المبدأ على الرخصة المانعة بالإغلاق (Estoppel Licence), یعنی امتناع المرخص مالک العقار عن الرجوع عن الرخصة التی منحها للمرخص له, والتنصل عن وعده الذی قطعه له بإعطائه الرخصة بالتمتع بالحیازة المکسبة للحق الشخصی. وجدیر بالذکر فإن المادة (116) من تشریع التسجیل العقاری الإنکلیزی لعام 2002 (Land Registration Act 2002) منحت الإغلاق قوة قانونیة لإلزام مشتری العقار المسجل (Purchaser of Registered Land). ویمکن الإفادة من هذا النص أیضاً للحیلولة دون رجوع مشتری العقار عن الرخص التی منحها المالک الأصلی للمرخص له, فضلاً عن إمکانیة تطبیق هذه المادة على العقارات غیر المسجلة أیضاً, والتی یمکن فیها للرخص أن تکون محمیة بالإغلاق (Licence Protected by Estoppel). إذ نصت هذه المادة على أن ((یجری الإعلان فی هذه المادة لتجنب الشکوک حول الآثار التی یرتبها کل مما یأتی, وبخصوص العقارات المسجلة- (أ) الإنصاف بالإغلاق و(ب) الإنصاف المجرد, من الوقت الذی ینهض فیه الإنصاف کحق قادر على الزام الخلف فی الملکیة (مع مراعاة القواعد المتعلقة بآثار التصرفات على الأولویة أو الأسبقیة)). وقد أقرت المحکمة الإنکلیزیة الرخصة المانعة بالإغلاق ومنعت الخلف بالملکیة (Successor in Title) من الرجوع عنها, وذلک فی حکمها الصادر فی قضیة (Errington v Errington Woods1952.1 KB 290 Court of Appeal) التی تتلخص وقائعها بقیام الأب بشراء منزل لابنه وزوجته (Daughter-in-Law), إلا أن الأب سجل المنزل باسمه هو وبمفرده. وقام بدفع عربون (Deposit) کهدیة للزواج (Wedding Gift). ثم وعد الزوجین أنهما إذا ما قاما بالوفاء بجمیع أقساط الرهن (Mortgage Instalments), فإنه سوف یقوم بنقل ملکیة المنزل وتسجیله بإسمیهما. إلا أنه توفی قبل أن یتمکن من الوفاء بوعده, فآلت ملکیة المنزل للأم بالمیراث. واستمر الزوجان بدفع أقساط الرهن, ولکن الأم أقامت الدعوى وطلبت من المحکمة طرد زوجة ابنها من المنزل. فقضت المحکمة بحق الزوجة فی البقاء فی المنزل, وذکرت فی حکمها بأن الأب أصدر قبل وفاته إیجاباً ملزماً لجانب واحد (Unilateral Offer), ثم صدر قبول لهذا الإیجاب من الزوجین, وتمثل باستمرارهما فی الوفاء بأقساط الرهن. وبموجب المبادئ العامة فی العقد فإنه یمکن الرجوع عن الإیجاب فی ای وقت قبل اقترانه بالقبول. أما فی العقود الملزمة لجانب واحد (Unilateral Contracts), فإن القبول لا یقترن بالإیجاب إلا حین التنفیذ الکامل للعقد. وذکر القاضی اللورد (Denning) فی حکم المحکمة بأنه وبمجرد البدء بالتنفیذ فقد امتنع على الأم الرجوع عن الإیجاب, لأن ذلک یعد سلوکاً منافٍ للضمیر (Unconscionable Conduct) . فضلاً عن ذلک فقد اتجهت النیة إلى إنشاء علاقات قانونیة (Legal Relations) على الرغم من إبرام اتفاق عائلی (Family Agreement). ویتبین من التحلیل القانونی للرخص المانعة بالإغلاق (Estoppel Licences) أنها تمر بمرحلتین: الأولى هی المرحلة الأولیة أو التمهیدیة (Inchoate Stage), والثانیة هی مرحلة ما بعد صدور حکم المحکمة. وتکاد معظم المشاکل أن تظهر فی المرحلة الأولى, إلا أن المادة (116) السالفة الذکر کانت واضحة فی مضمونها, ولا سیما بالنسبة إلى العقارات المسجلة (Registered Land) , فقد ألزمت مشتری العقار, ومنعته من الرجوع عن الرخصة بالإغلاق (Estoppel). ولکن السؤال المطروح ما هو الموقف القانونی بعد أن تفرض المحکمة معالجة (Remedy) معینة؟ وهل یمکن للرخصة أن تلزم المشتری وما مدى تأثیرها على منح المعالجات القانونیة ؟. لقد أجاب الحکم الصادر فی قضیة (Williams v Staite 1979.Ch 291) عن هذا السؤال, وأکد على إلزام الرخصة لمشتری العقار, وذکر الحکم أن منح الرخصة بحیازة العقار حیازة مکسبة للحق الشخصی (Licence to Occupy) عن طریق الإغلاق العقاری أو التملکی (Proprietary Estoppel) . وتتلخص وقائع هذه القضیة بمنح المدعى علیه المرخص له السید (Staite) رخصة انصافیة عمریة أو مدى الحیاة (Equitable Licence for Life), وکان السید (Staite) قد أساء السلوک, وإلى حد بعید, وارتکب سلوکاً فاحشاً تجاه المدعی مالک العقار (Landowner). وکان السید (Staite) قد حصل على حق مانع (Estoppel Interest) من سلف المدعی (Plaintiff’s Predecessor in Title) , فأقام المدعی الدعوى على السید (Staite). وکان السؤال المطروح أمام المحکمة هو هل یمکن للمدعی إلغاء أو وضع حد للحق المانع الذی حصل علیه المدعى علیه السید (Staite) بسبب سوء سلوکه أو تصرفه غیر المعقول؟. وهل یمکن أن یخسر المدعى علیه حقه؟. فقضت المحکمة فی حکمها بأن سوء السلوک لا یؤدی إلى فقدان المدعى علیه لحقوقه التی حصل علیها سابقاً, ولکن سوء السلوک قد یؤدی الى عدم الحصول على المعالجات القانونیة, على أساس المبدأ القائل بأن المرء لا یمکنه مواجهة العدالة والإنصاف إلا بأیدٍ نظیفة (One Must Come to Equity With Clean Hands) . ویرى جانب من الفقه الإنکلیزی بأنه وعلى الرغم من المزایا التی تتمتع بها الرخص المانعة بالإغلاق, إلا أن المحاکم الانکلیزیة ترفض وبشدة النظر إلیها کحق من حقوق الملکیة العقاریة (Proprietary Interest). أما قبل نفاذ تشریع التسجیل العقاری لعام 2002 (Land Registration Act 2002), فلم تکن الرخصة تلزم المشتری کمعالجة قانونیة. ویبقى السؤال الأهم المطروح على بساط البحث: ما هو مصدر التزام مشتری العقار بعدم الرجوع عن الرخصة المانعة بالإغلاق؟. لیس من السهولة للوهلة الأولى الإجابة عن هذا السؤال, لأن الإجابة عن هذا السؤال تستلزم الإجابة عن سؤال آخر هو: لماذا تلزم الرخص المانعة بالإغلاق (Estoppel Licences) مشتری العقار, ولا تلزمهم الرخص التعاقدیة (Contractual Licences) ؟. على الرغم من أن العقد (Contract) والإغلاق (Estoppel) وسیلتان لإنشاء الحقوق, إلا أن آلیة إنشائها تختلف فی کلٍ منهما. فقواعد المقابل (Consideration Rules) فی العقد أکثر صرامة من قواعد الخسارة أو الأذى (Detriment Rules) فی الإغلاق (Estoppel). ولتفسیر ذلک یمکن القول بأنه, وفی ظل نظریة العقد التقلیدیة (Orthodox Contract Theory) , فإن الخسارة أو الأذى (Detriment) لا یکفی أن یکون مصدراً للالتزام التعاقدی (Source of a Contractual Obligation), کما أن الآثار المترتبة على الإغلاق هی أضعف نوعاً ما من الآثار المترتبة على العقد. فآلیة عمل الإغلاق هی أقرب ما تکون الى الدرع (Shield) الذی یحتمى به من السیف (Sword) الذی یهاجم الأعداء. وبلغة القانون فهو یصلح أن یکون أحد دفوع (Defence) الدعوى, ولیس سبباً لإقامة الدعوى (Cause of Action). أما ضمن نطاق قانون الملکیة فإن الإغلاق یعد استثناءً سبباً لإقامة الدعوى. وإذا ما اتخذنا خطوة إضافیة باتجاه الزام المشترین, هنا تترتب نتیجة غریبة. فالإغلاق یکون أضعف من العقد فی إنشاء سبب الدعوى, إلا أنه یکون أقوى منه فی إلزام المشترین. وهذا ما یفسر المیل الغریزی لدى القضاة الإنکلیز لرفض الرخص التعاقدیة, وسعادتها بتنفیذ الرخص المانعة بالإغلاق فی مواجهة المشترین. أما بالنسبة إلى الفقه الإسلامی فقد کان له قصب السبق فی معرفة فکرة الإغلاق، والتی صاغ منها الفقهاء المسلمون إحدى القواعد الفقهیة التی تقرر بأن (من سعى فی نقض ما تم من جهته فسعیه مردود علیه), وقد وردت هذه القاعدة فی المادة المائة (100) من مجلة الأحکام العدلیة. ویعرف جانب من الفقه فکرة الإغلاق المستوحاة من هذه القاعدة الفقهیة بأنها الفکرة التی مؤداها أن (کل عمل یصدر عن الشخص ویؤدی إلى نقض أو هدم أو إبطال ما أجراه وتم من جهته باختیاره ورضاه فلا اعتبار لنقضه ونکثه), إذ أن من عقد العزم على القیام بعمل معین أو أتمه أو أبرمه بإرادته واختیاره ثم أراد نقض ما تم على یدیه، فلا یقبل منه ویکون سعیه مردوداً علیه. لأنه یکون متناقضاً فی سعیه بذلک مع ما صدر عنه. والدعوى المتناقضة لا یجوز سماعها، لأنها تحمل فی طیاتها معنى التعارض والمنافاة بین الشیء الذی صدر عن الشخص أولاً وبین سعیه الأخیر فی نقضه. وسواء أکان ذلک الشخص قد أجرى ذلک الشیء بنفسه أی صدر عنه أو تم من جهته حقیقة أم تم من جهته حکما، کما لو تم بواسطة وکیله. أما فی القانون المدنی العراقی، وعلى الرغم من أن هذا القانون لم یأخذ صراحة بهذه القاعدة ضمن القواعد العامة فی التفسیر الوارد فی المواد 155-166 منه، إلا أن غالبیة فقه القانون المدنی العراقی ترى إمکانیة الأخذ بها لکونها من القواعد العامة، وکذلک بسبب تأثر القانون المدنی العراقی بالفقه الإسلامی. وهذه القاعدة، وکما أشرنا سابقا، تمنع الشخص من نقض وإنکار ما صدر عنه من قول أو فعل، لأن إبرامه لأمر ما بإرادته واختیاره یعد حجة قاصرة علیه تمنعه من نقضه وإنکاره، فیرد سعیه علیه. المبحث الثالث الآثار القانونیة المترتبة على الرخصة العقاریة یترتب على الرخص العقاریة فی القانون الانکلیزی ثلاثة آثار مهمة: الأول هو أثر الرخصة المحمیة بالأمانة الحکمیة (Constructive Trust) الملزم للأغیار, والثانی العلاقة بین المرخص (Licensor) والمرخص له (Licencee), والثالث المنافع المترتبة على الرخصة المقترنة بمصلحة. وسوف نبحث فی هذه الأثار الثلاثة, مع مقارنتها بموقف الفقه الإسلامی والقانون المدنی العراقی وکما یأتی: المطلب الأول أثر الرخصة المحمیة بالأمانة الحکمیة الملزم للأغیار إن المبدأ العام السائد فی القانون الإنکلیزی هو إمکانیة حمایة أی نوع من أنواع الرخص العقاریة بالأمانة الحکمیة (Licence Protected by Constructive Trust), إلا أنه غالباً ما تتمتع الرخص التعاقدیة (Contractual Licences)بهذه الحمایة. وهو ما أخذت به المحکمة فی حکمها الصادر فی قضیة (Binions v Evans 1972.Ch. 359) التی تتلخص وقائعها بوعد تلقاه بائع العقار من المدعى علیه مشتری العقار بالسماح للمدعیة بالاستمرار فی العیش فی الکوخ الموجود فی العقار لما تبقى من حیاتها. إذ جرى شراء العقار بشرط احترام حقوق المرخص لها (Buying Land Subject to the Licensee’s Rights) . واتفق البائع مع المشتری بأن مقابل هذا الشرط هو حصول المشتری على خصم (Discount) بتخفیض سعر الشراء, وذلک فی مقابل حصول المدعیة على رخصة بالبقاء فی العقار (License to Remain on the Land). إلا أن المشتری طلب من المدعیة المرخص لها إخلاء الکوخ, بعد أن اکتمل شراء العقار, وثبتت له الملکیة. فأقامت المدعیة الدعوى على المدعى علیه المشتری, فقضت المحکمة فی حکمها بعدم إمکانیة مطالبة مشتری العقار بطرد المدعیة المرخص لها من الکوخ وإخلائه. وجاء فی حکمها بأن المدعى علیه المشتری ساهم بتصرفه فی إنشاء أمانة حکمیة (Constructive Trust) لمصلحة المدعیة, إذ فرض القاضی اللورد (Denning) الأمانة الحکمیة (Constructive Trust) على مشتری العقار. وقد صادقت محکمة الاستئناف على حکم المحکمة الابتدائیة, وذکرت فی حکمها بأن الحق الشخصی (Personal Rights) لا یکون نافذاً فی مواجهة الأغیار, خلافاً للحق العینی ولا سیما حق الملکیة (Proprietary Interest), الذی یکون نافذاً فی مواجهة الخلف الخاص بالملکیة (Successor-in-title). وأن الرخصة التعاقدیة هی نوع من أنواع الحقوق الشخصیة, ولیست حقاً عینیاً کحق الملکیة (Personal Non-Proprietary Rights) , خلافاً للأمانة الحکمیة التی تعد حقاً من الحقوق العینیة, التی تتمثل بحق الملکیة على وجه التحدید. وتنشأ عندما یتصرف الأمین بطریقة یکون من المنافی للضمیر (Unconscionable) السماح له بالاهتمام بحقوقه القانونیة, وبذلک تکون الرخصة العقاریة المقترنة بالأمانة الحکمیة ملزمة للأغیار. وجاء فی الحکم أیضاً أن من حق المدعیة المرخص لها التمسک بالرخصة التعاقدیة (Contractual Licences)للبقاء فی العقار, على الرغم من معارضة المدعى علیه المشتری الذی لم یکن طرفاً فی الرخصة التعاقدیة, وذلک بفضل الحمایة التی حظیت بها هذه الرخصة من الأمانة الحکمیة, وذکر حکم محکمة الاستئناف أیضاً أن الوعد الصادر عن المدعى علیه المشتری بالسماح للمدعیة بالبقاء فی منزلها بعد شراء العقار, فی مقابل الخصم فی ثمن الشراء, کان السبب فی نشوء الأمانة الحکمیة (Constructive Trust). وفی مثل هذه الظروف فإن سماح المحکمة للمدعى علیه بالتمسک بحقوقه القانونیة وطرد المدعیة من العقار, یعد من الأمور المنافیة للضمیر. واستخلصت المحکمة فی حکمها بأن الرخصة التعاقدیة تمثل بحد ذاتها حقاً انصافیاً قابلاً للنفاذ (Enforceable Equitable Interest). أما فی حالة قیام المرخص بمنح المرخص له رخصة تعاقدیة غیر محمیة بأمانة حکمیة ثم باع العقار, فإن المشتری (Purchaser) لا یکون ملزماً بتلک الرخصة. وهو ما قررته المحکمة فی حکمها الصادر فی قضیة (Ashburn Anstalt v Arnold 1989.Ch.1) التی تتلخص وقائعها بقیام المرخص له ببیع ورشته لشخص کان ینوی تطویرها (Developer), وبشرط بقاء الرخصة بحیازة الورشة من دون أجرة (Subject to a Licence to Retain the shop Rent-Free) , إلى حین الانتهاء من تطویر الورشة. إلا أن المدعى علیه المشتری الخلف الخاص بالملکیة (Successor-in-title) طلب من المرخص له التخلی عن حیازة الورشة من دون إخطار. فأقام المرخص له الدعوى, فقضت المحکمة بأن الرخصة التعاقدیة (Contractual Licence)لا تؤثر على حق الخلف الخاص فی استرداد الحیازة على الورشة. وصادقت محکمة الاستئناف على هذا الحکم, وذکرت فی حکمها بأن الرخصة لا تلزم الأغیار (Third Parties). وتثیر الأمانة الحکمیة (Constructive Trust) بمقتضى السابقة القضائیة (Binions) مشکلة من نوع خاص, إذ أن حق الانتفاع (Beneficial Right) لا تمت طبیعته القانونیة إلى حق الملکیة (Proprietary Nature) بصلة. إلا أن حق الانتفاع فی ظل الأمانة غالباً ما تکتسب طبیعة حق الملکیة. فعلى سبیل المثال لو مارس الأمین سلطته فی ظل الأمانة لتقدیم أو توفیر التعلیم (Education) للمستفید, فمن الصعوبة وصف حق المستفید بأنه حق ملکیة مطلق أو مؤبد (Fee Simple or Life Interest) . والسؤال المطروح هو یمکن إنشاء أی نوع من أنواع الرخص فی ظل الأمانة؟. الجواب على ذلک هو أنه بمجرد نشوء الأمانة فالنتیجة هی إلزام المشتری, والسبب هو أن الأمانة هی التی تلزم مشتری العقار, ولیست الحقوق الناشئة عن الأمانة هی التی تلزمه. وینبغی أن نمیز بین مسألتین: الأولى هی ما إذا کانت توجد أمانة إذا کان حق الانتفاع غیر متعلق بالملکیة العقاریة (Non-Proprietary Beneficial Interests). فقد أجابت السابقة القضائیة (Binions) عن هذا التساؤل بالإیجاب. والثانیة ما إذا کانت الأمانة الحکمیة تلزم المشترین, إذ لا یمکن القول بأن الأمانة الحکمیة القائمة على السلوک المنافی للضمیر (Unconscionable Conduct) لا تلزم المشترین, لأن ذلک یتنافى مع العدید من السوابق القضائیة المتعلقة بالأمانات المخصصة لمنزل العائلة (Family Home). فعلى سبیل المثال یقوم (A) بمنح رخصة تعاقدیة ل(B), ثم باع العقار إلى (C) الذی اشتراه من المرخِص (Licensor) (A). فی هذه الحالة لا یلتزم المشتری (C). أما إذا وافق المشتری (C) على تنفیذ الرخصة وإعطائها أثراً قانونیاً ضد نفسه, فإن ذلک یشیر ضمنیاً إلى نشوء أمانة حکمیة. أما إذا افترضنا أن المشتری الأول (C) باع العقار إلى مشترٍ ثانٍ (D), فإنه سوف یکون ملتزماً بالرخصة طالما بقیت الأمانة الحکمیة مرتبة لآثارها وملزمة للمشترین. لذا تمیل المحاکم الإنکلیزیة فی الغالب إلى قبول الأمانة الحکمیة لترتیب آثار قانونیة على الرخص بالنسبة إلى الأغیار (أی مشتری العقار غیر المرخص والمرخص له الأصلی). إن ما یبرر احترام مشتری العقار للرخصة هو الوعد الذی قطعوه على أنفسهم بمقتضى الأمانة. أما إذا جرى تکریس الأمانة الحکمیة لحمایة العقد العقاری (Estate Contract) بدلاً عن حمایة الرخصة, فقد اتجهت محکمة الاستئناف فی حکمها الصادر فی قضیة (Chattey v Farndale Holdings Inc 1996. 75 P&CR 298) إلى عدم إلزام مشتری العقار بالأمانة الحکمیة, وبالرخصة أیضاً, لعدم صدور وعد منه باحترام العقد العقاری. أما بالنسبة إلى القانون المدنی العراقی فإن الإباحة یمکن أن تقترن بحق المنفعة, الذی هو حق عینی یرد على شیء مملوک للغیر, سواء أکان عقاراً أم منقولاً. ویتمیز عن حق المستأجر الذی هو حق شخصی. وإذا جرى التصرف بالمال المثقل بحق المنفعة, فإن هذا الحق یبقى بعد التصرف فیه قائماً فی شخص المنتفع, ویسقط بموته لا بموت من تلقى المنفعة منه. وذلک وفقاً للفقرة الثانیة من المادة (1253) من القانون المدنی العراقی. المطلب الثانی العلاقة بین المرخص والمرخص له تخضع العلاقة بین المرخص(Licensor) والمرخص له (Licensee) لمسألة مهمة هی إمکانیة أو عدم إمکانیة الرجوع عن الرخصة (Revocability or Irrevocability). ففی ظل الإتجاه التقلیدی الذی کان سائداً فی القرن التاسع عشر لدى المحاکم الإنکلیزیة, والذی برز بوضوح فی السابقة القضائیة التی تمخض عنها الحکم الصادر فی قضیة (Wood v Leadbitter 1845.13 M & W 838.153.ER.351) التی أشرنا الى وقائعها سابقاً, فقد کان بإمکان المرخص أن ینهی الرخصة التعاقدیة (Contractual Licences) ویضع حداً لها فی أی وقت, حتى وإن أدى ذلک إلى نهوض مسؤولیته التعاقدیة (Contractual Liability). کما أن الرخصة المقترنة بمصلحة حالت دون الرجوع عن الرخصة التعاقدیة, وهو ما استقر علیه حکم المحکمة الصادر فی قضیة (Hurst v PictureTheatres Ltd. CA 1915.1 KB.1). ویمکن لقواعد العدالة والإنصاف (Equity) أن تتدخل فی هذه المسألة بطریقتین: الأولى هی عن طریق التنفیذ العینی للعقد (Specific Performance of the Contract) , والثانیة هی عن طریق منع المرخص من الرجوع عن الترخیص, وعد ذلک إخلالاً بالعقد. وأیاً کانت الطریقة المستعملة, فإن قواعد العدالة والإنصاف تضمن عدم طرد المرخص له من العقار. إن وجود المعالجات الانصافیة (Equitable Remedies) هی ضمان لاستمرار حیازة المرخص له للعقار حیازة مکسبة للحق الشخصی. فإذا ما قام المرخص بطرد المرخص له من العقار, فإن قواعد العدالة والإنصاف توفر للأخیر معالجة سریعة تتمثل بإعطائه الحق فی البقاء فی العقار, والاستمرار فی حیازته حیازة مکسبة للحق الشخصی. کما تقدم للمرخص له معالجة أخرى تتمثل بنهوض مسؤولیة المرخص المدنیة الناجمة عن التهدید بالتعدی بالضرب (Action for Assault) على المرخص له. فقواعد العدالة والإنصاف تضع المرخص له فی نفس المرکز القانونی للشخص الذی یحصل على أمر قضائی یحظر الطرد من العقار (Injunction Preventing Eviction). کما اتجهت المحاکم الانکلیزیة إلى السماح بالاستمرار بتمتع المرخص له بالرخص التعاقدیة التی تسعى إلى إنجاز عمل معین, إلى حین الانتهاء من تنفیذ ذلک العمل. وهو ما قضت به المحکمة فی حکمها الصادر فی قضیة (Winter Garden Theatre (London) Ltd v Millennium Productions Ltd 1948.AC 173.1 All ER 678) التی تتلخص وقائعها بإصدار المرخص وهو شرکة تمتلک مسرحاً, لترخیص للمرخص له یسمح له بحیازة المسرح لمدة ستة أشهر, مع إمکانیة تجدید الترخیص لستة أشهر أخرى وبأجرة متزایدة. وبعد انقضاء الستة أشهر الثانیة, جرى تجدید الترخیص للمرخص له أسبوعیاً, وبأجرة أسبوعیة بلغت ثلاثمائة جنیه. مع وجوب قیام المرخص بتوجیه إخطار إلى المرخص له قبل مدة شهر واحد من انتهاء الرخصة. واشترط المرخص دفع أجرة أربعة أسابیع مقدماً. على الرغم من أن الرخصة لم تتضمن أی نص یشیر إلى الإخطار بالإنهاء (Notice of Termination). وقام المرخص, وعلى نحو مفاجئ, بتوجیه الإخطار إلى المرخص له بإنهاء الرخصة, على الرغم من أنه لم یؤکد إخلال المرخص له لأی بند من بنود الرخصة. فأقام المرخص له الدعوى وادعى أمام المحکمة أن المرخص لیس من حقه إلغاء الرخصة, إلا إذا أخل المرخص له ببند من بنودها (Terms of the Licence). وادعى أیضاً بأن الرخصة تبقى نافذة وصحیحة بعد مرور مدة معقولة (Reasonable Period) على الإخطار بالإنهاء, وأن هذه المدة ما زالت ساریة المفعول. وکان السؤال المطروح أمام المحکمة هو: هل یمکن إلغاء الرخصة, إذا لم یرتکب المرخص له أی إخلال ببنودها؟. فقضت المحکمة فی حکمها بأنه یمکن إلغاء الرخصة غیر المدعمة بالمقابل (Consideration) فی أی وقت. أما إذا منحت الرخصة لتنفیذ عمل معین, أو لتحقیق غرض معین, کأداء عروض مسرحیة أو تنفیذ فعالیات ریاضیة. فإنه ینبغی السماح بالاستمرار بالتمتع بالرخصة وحیازة العقار, إلى أن یتم الانتهاء من تنفیذ العمل الموکل به إلى المرخص له واکتماله, مالم یصدر عنه إخلال بأی بند من بنود الرخصة. ولم تکن الرخصة التی منحها المرخص فی هذه القضیة رخصة دائمیة, إنما هی رخصة یمکن إنهاؤها بقیام المرخص بتوجیه إخطار معقول (Reasonable Notice). ولم یتمکن المرخص له فی هذه القضیة من إثبات عدم معقولیة الإخطار الموجه إلیه, لذا یکون صحیحاً وساریاً بحقه. أما بالنسبة إلى موقف الفقه الإسلامی فقد اخذ بالقاعدة الفقهیة التی تقرر بأن (من سعى فی نقض ما تم من جهته فسعیه مردود علیه), وذلک بمقتضى المادة المائة (100) من مجلة الأحکام العدلیة. کما یمکن العمل بهذه القاعدة أیضاً فی ظل القانون المدنی العراقی, وذلک فی العلاقة بین المبیح والمباح له فی أعمال الإباحة. وذلک للحیلولة دون رجوع المبیح عن الرخصة التی منحها للمباح له لممارسة أعمال الإباحة. ونقترح على المشرع العراقی الأخذ بالرخصة المانعة بالإغلاق فی القانون الإنکلیزی, لحمایة المباح له, عند التصرف بالعقار وانتقال ملکیته من المالک المبیح إلى المشتری أو الموهوب له. ولمنح أعمال الإباحة قوة قانونیة ملزمة, للحیلولة دون رجوع مشتری العقار أو الموهوب له عن الرخصة أو الإذن الذی منحه المالک الأصلی للمباح له. المطلب الثالث المنافع المترتبة على الرخصة المقترنة بمصلحة تترتب على الرخصة العقاریة, ولا سیما الرخصة المقترنة بمصلحة (Licence Coupled with an Interest) , بعض أنواع المنافع. ویقصد بالمصلحة التی تقترن بها الرخصة کل منفعة (Profit) یجنیها المرخص له (Licencee) من عقار المرخص (Licensor). وإذا کان المبدأ العام السائد فی القانون الإنکلیزی أن الرخص لا تترتب علیها سوى حقوقاً شخصیة (Personal Rights). إلا أن الرخصة المقترنة بمصلحة تعد استثناءً على هذا المبدأ, إذ تترتب علیها بعض الحقوق العینیة المنقولة ولیس العقاریة (Proprietary Rights). وقد استقر رأی القضاء الإنکلیزی على أن الرخص العقاریة لا تترتب علیها حقوقاً عینیة عقاریة (Proprietary Rights) على وجه العموم, وحق الملکیة خصوصاً. وإنما تترتب علیها حقوقاً تعاقدیة (Contractual Rights), تعد فی جوهرها حقوقاً عینیة منقولة تعرف بالمنافع. وهو ما اتجهت إلیه المحکمة الإنکلیزیة فی حکمها الصادر فی قضیة (Cowell v Rosehill Racecourse Co Ltd 1937. 56 CLR 605) التی تتلخص وقائعها بتعرض المستأنف (Appellant) لأضرار نتیجة التهدید بالتعدی بالضرب (Assault) الذی صدر تجاهه من المستأنف ضده (Respondent). فأقام المستأنف الدعوى على المستأنف ضده طالباً التعویض, على أساس التهدید بالتعدی بالضرب بمقتضى قواعد قانون الأحکام العام (Assault at Common Law). إلا أن المستأنف ضده دفع أمام المحکمة بأن المستأنف تعدى على عقاره (Trespassing to Land). وطلب المستأنف ضده عن طریق وکلائه (Agents) من المستأنف مغادرة العقار فوراً, إلا أن الأخیر رفض ذلک. فقام وکلاء المستأنف ضده بإخراج المستأنف من العقار بالقوة. فادعى أمام المحکمة بتعرضه للتهدید بالتعدی بالضرب. وادعى المستأنف أیضاً بأن المستأنف ضده کان ینظم سباقات الخیل (Horseracing) فی ذلک العقار, وقد أبلغ المستأنف ضده المستأنف أنه إذا ما قام بدفع مبلغ قدره أربعة قروش (Shillings), فسوف یسمح له بالبقاء فی العقار لمشاهدة تلک السباقات. وبالفعل فقد قام المستأنف بدفع المبلغ المطلوب للمستأنف ضده, وادعى بأن طرده من العقار یعد إخلالاً من جانب المستأنف ضده بالرخصة التعاقدیة (Contractual Licence) التی أبرمها معه. وادعى أیضاً بان الرخصة لا یمکن الرجوع عنها وإلغائها بالإرادة المنفردة, طالما کانت تعاقدیة. وکان السؤال المطروح أمام المحکمة هو: هل یمکن الرجوع عن الرخصة وإلغائها, طالما کانت تعاقدیة بطبیعتها. فقضت المحکمة فی حکمها بأنه, وعلى الرغم من قیام المستأنف بدفع المبلغ المتفق علیه, إلا أن الرخصة, سواء أکانت تعاقدیة أم من أی نوع آخر, فإنها لا تترتب علیها حقوقاً عینیة عقاریة (Proprietary Rights). وإنما تترتب علیها حقوقاً تعاقدیة (Contractual Rights), تعد فی جوهرها حقوقاً عینیة منقولة تعرف بالمنافع. وجاء فی حکم المحکمة أیضاً بأن الرخصة یمکن إلغاؤها والرجوع عنها, بمقتضى قواعد قانون الأحکام العام. کما یمکن للمستأنف ضده إلغاءها والرجوع عنها بمقتضى قواعد العدالة والإنصاف (Equity) التی لا تمنعه من القیام بذلک. وذکرت فی حکمها أیضاً بأن الرخصة جرى إلغاءها والرجوع عنها قبل صدور التهدید بالتعدی بالضرب ضد المستأنف. فقضت فی حکمها إلغاء الرخصة, وصادقت محکمة الاستئناف على حکم المحکمة الابتدائیة, وأخفق المستأنف فی طعنه الاستئنافی. ویتبین من هذا الحکم بأن المحکمة عدت المنفعة (Profit) المترتبة على الرخصة حقاً من الحقوق العینیة المنقولة. أما بالنسبة إلى موقف الفقه الإسلامی من هذا الأثر فإنه یمکن القول بأن حق الانتفاع الذی یتمتع به المباح له یمتد لیشمل العقار نفسه, فضلاً عما یغله من غلة وثمار. وذلک لأن الإباحة هی لیست إذن باستعمال الشیء فحسب, ولکنها رخصة باستهلاکه أیضاً, کالإذن باستهلاک الثمار. کما أن ید المباح له على العین المباحة هی ید أمانة, فیلتزم بالمحافظة علیها کمحافظته على ملکه الخاص. فإذا هلکت من دون تعدٍ أو تقصیر منه فلا یکون ضامناً. وهو نفس موقف القانون المدنی العراقی الذی نظم الأحکام الخاصة بتحمل التبعة فی العقد, فضلاً عن تحمل التبعة فی الملک. وذلک بمقتضى المادة (426) منه, والتی نصت على أنه (إذا انتقل الشیء إلى ید غیر صاحبه بعقد أو بغیر عقد وهلک دون تعد أو تقصیر فإن کانت الید ید ضمان هلک الشیء على صاحب الید، وإن کانت ید أمانة هلک الشیء على صاحبه). فإذا انتقل الشیء إلى ید غیر مالکه, سواء أکان ذلک بعقد أم بغیر عقد, ثم هلک فی ید غیر المالک بسبب أجنبی لا دخل له فیه. فإذا کانت ید غیر المالک ید أمانة, تحمل المالک تبعة هلاک الشیء. وینقضی التزام غیر المالک برد الشیء لاستحالة تنفیذه. أما إذا انتهت الإباحة بانتهاء الرخصة أو الإذن الممنوح للمباح له, واستمر فی الانتفاع بالعین على الرغم من معارضة المالک فإنه یتحول إلى غاصب, بسبب تحول الإباحة القائمة أصلاً على الرخصة أو الإذن, والتی لا یقصد بها التعدی على حق أحد, إلى حیازة یتوفر فیها الرکن المادی, لکونها مبنیة على التعدی. ویلتزم المباح له بعد تحوله إلى غاصب بدفع أجر المثل. وهو ما اتجهت إلیه محکمة تمییز العراق فی العدید من أحکامها, وقد جاء فی أحد هذه الأحکام أنه (إذا تأید من التحقیقات الجاریة بأن المستأنف قد استغل العقار العائد للمستأنف علیهم بإسکان منتسبیه فیه من دون إذن أو أی وجه حق قانونی, فإنه یکون ملزماً بأن یکون للمالکین أجر المثل عن فترة الاستغلال المذکورة, ویکون الحکم الصادر بإلزامه بأجر المثل المبین فی قرار الحکم الممیز صحیحاً وموافقاً للقانون). وجاء فی حکم آخر مماثل له بأن (الحکم الصادر بإلزام المستأنف أمین بغداد/ إضافة لوظیفته بتأدیته للمستأنف علیها أجر المثل عن المساحة التی تجاوز علیها بضمها للشارع العام من العقار العائد لها دون إذن أو موافقة من المالکة المذکورة أو استملاک تلک المساحة بالطریقة المقررة قانوناً جاء صحیحاً وموافقاً للقانون, لأن المستأنف یعد غاصباً لمنفعة المساحة المذکورة ویلزم بتأدیته أجر المثل عنها). کما تنقلب ید المباح له من ید الأمانة إلى ید ضمان, إذا کان قد أخذ الشیء من صاحبه بغیر إذنه أو حبسه عنه, فإذا هلک تحمل تبعة الهلاک. وذلک وفقاً للفقرة الثانیة من المادة (427) من القانون المدنی العراقی التی نصت على أنه (وتنقلب ید الامانة الى ید ضمان اذا کان صاحب الید ولو بغیر قصد التملک قد حبس الشیء عن صاحبه دون حق او اخذه بغیر اذنه). الخاتمـة بعد الانتهاء من دراسة موضوع البحث فقد خصصنا الخاتمة لبیان أهم النتائج التی توصلنا إلیها فضلاً عن بعض التوصیات التی نراها ضروریة وکما یأتی: أولاً: النتائج: وقد توصلت الدراسة إلى النتائج الآتیة:
ثانیاً: التوصیات: بعد الانتهاء من عرض النتائج التی توصلت إلیها الدراسة، فأننا نقترح التوصیات الآتیة:
The Author declare That there is no conflict of interest
References (Arabic Translated to English) and References (English) First: Books.
11. Karp J & Klayman E. Real Estate Law. (Fifth Edition. Dearborn Financial Publishing Inc. 2003). 12. Cartwright J, Contract Law: An Introduction to the English Law of Contract for the Civil Lawyer, (Second Edition, Hart Publishing Ltd, 2013). 13. Gray K and Gray SF. Elements of Land Law. (Fifth Edition. Oxford University Press. 2009). 14. Tee L. Land Law, Issues Debates,Policy. (Routledge Taylor & Francis Group. London. 2014). 15. Thomas M. Blackstone's statutes on Property Law 2017-2018. (Twenty-Fifth Edition. Oxford University Press. 2017). 16. Card R, Murdoch J, Murdoch S. Real Estate Management Law. (Seventh Edition. Oxford University Press.2011). 17. Duxbury R. Nutshells, Contract Law. (Fifth edition. Sweet& Maxwell. London. 2001). 18. Smith RJ. Property Law. (Eighth Edition.PEARSON Education Limited. London. 2014). 19. Smith RJ. Property Law: Cases and Materials. (Fifth Edition. Pearson Education Limited. Essex England. 2012). 20. Hepburn S. Principles Of Property Law. (Second Edition. Cavendish Publishing. London. 2001). Second: Laws 1- The Land Registration Act 1925. 2- The Land Registration Act 2002. Third : Internet websites 1- <https://www.lawteacher.net/cases/hill-v-tupper.php> accessed 10 June 2018. 2- <https://swarb.co.uk/idc-group-ltd-v-clark-ca-2-jul-1992/> accessed 10 June 2018. 3- <https://www.lawteacher.net/cases/street-v-mountford.php> accessed 10 June 2018. 4- <https://www.lawteacher.net/cases/thomas-v-sorrell-1673.php> accessed 10 June 2018. 5- <https://www.lawteacher.net/cases/national-provincial-v-ainsworth.php> accessed 10 June 2018. 6- <https://www.lawteacher.net/cases/robson-v-hallett-1967.php> accessed 10 June 2018. 7- <https://www.lawteacher.net/cases/wood-v-leadbitter.php> accessed 10 June 2018. 8- <https://www.lawteacher.net/cases/king-v-david-allen-sons.php> accessed 10 June 2018. 9- <https://www.lawteacher.net/cases/webb-v-paternosters-case.php> accessed 10 June 2018. 10- <http://www.e-lawresources.co.uk/Errington-v-Errington-Woods.php> accessed 10 June 2018. 11- <https://www.brainscape.com/flashcards/licences-and-proprietary-estoppel-5723355/packs/8707717> accessed 10 June 2018. 12- <https://www.lawteacher.net/cases/binion-v-evans-1972.php> accessed 10 June 2018. 13- <https://www.lawteacher.net/cases/ashburn-anstalt-v-arnold.php> accessed 10 June 2018. 14- <https://www.lawteacher.net/cases/veral-v-great-yarmouth-bc.php> accessed 10 June 2018. 15- <https://www.lawteacher.net/cases/cowell-v-rosehill-racecourse.php> accessed 10 June 2018. 16- <https://swarb.co.uk/chattey-and-another-v-farndale-holdings-inc-and-others-ca-11-oct-1996/> accessed 10 June 2018.
| ||
References | ||
First: Books.
11. Karp J & Klayman E. Real Estate Law. (Fifth Edition. Dearborn Financial Publishing Inc. 2003). 12. Cartwright J, Contract Law: An Introduction to the English Law of Contract for the Civil Lawyer, (Second Edition, Hart Publishing Ltd, 2013). 13. Gray K and Gray SF. Elements of Land Law. (Fifth Edition. Oxford University Press. 2009). 14. Tee L. Land Law, Issues Debates,Policy. (Routledge Taylor & Francis Group. London. 2014). 15. Thomas M. Blackstone's statutes on Property Law 2017-2018. (Twenty-Fifth Edition. Oxford University Press. 2017). 16. Card R, Murdoch J, Murdoch S. Real Estate Management Law. (Seventh Edition. Oxford University Press.2011). 17. Duxbury R. Nutshells, Contract Law. (Fifth edition. Sweet& Maxwell. London. 2001). 18. Smith RJ. Property Law. (Eighth Edition.PEARSON Education Limited. London. 2014). 19. Smith RJ. Property Law: Cases and Materials. (Fifth Edition. Pearson Education Limited. Essex England. 2012). 20. Hepburn S. Principles Of Property Law. (Second Edition. Cavendish Publishing. London. 2001). Second: Laws 1- The Land Registration Act 1925. 2- The Land Registration Act 2002. Third : Internet websites 1- <https://www.lawteacher.net/cases/hill-v-tupper.php> accessed 10 June 2018. 2- <https://swarb.co.uk/idc-group-ltd-v-clark-ca-2-jul-1992/> accessed 10 June 2018. 3- <https://www.lawteacher.net/cases/street-v-mountford.php> accessed 10 June 2018. 4- <https://www.lawteacher.net/cases/thomas-v-sorrell-1673.php> accessed 10 June 2018. 5- <https://www.lawteacher.net/cases/national-provincial-v-ainsworth.php> accessed 10 June 2018. 6- <https://www.lawteacher.net/cases/robson-v-hallett-1967.php> accessed 10 June 2018. 7- <https://www.lawteacher.net/cases/wood-v-leadbitter.php> accessed 10 June 2018. 8- <https://www.lawteacher.net/cases/king-v-david-allen-sons.php> accessed 10 June 2018. 9- <https://www.lawteacher.net/cases/webb-v-paternosters-case.php> accessed 10 June 2018. 10- <http://www.e-lawresources.co.uk/Errington-v-Errington-Woods.php> accessed 10 June 2018. 11- <https://www.brainscape.com/flashcards/licences-and-proprietary-estoppel-5723355/packs/8707717> accessed 10 June 2018. 12- <https://www.lawteacher.net/cases/binion-v-evans-1972.php> accessed 10 June 2018. 13- <https://www.lawteacher.net/cases/ashburn-anstalt-v-arnold.php> accessed 10 June 2018. 14- <https://www.lawteacher.net/cases/veral-v-great-yarmouth-bc.php> accessed 10 June 2018. 15- <https://www.lawteacher.net/cases/cowell-v-rosehill-racecourse.php> accessed 10 June 2018. 16- <https://swarb.co.uk/chattey-and-another-v-farndale-holdings-inc-and-others-ca-11-oct-1996/> accessed 10 June 2018. | ||
Statistics Article View: 864 PDF Download: 247 |