الإتاوة فی القانون الخاص والقانون العام والقانون المالی* | ||
الرافدین للحقوق | ||
Article 3, Volume 24, Issue 80, September 2022, Pages 75-123 PDF (597.56 K) | ||
Document Type: بحث | ||
DOI: 10.33899/arlj.2022.175371 | ||
Author | ||
محمد عبد اللطیف* | ||
کلیة الحقوق/ جامعة المنصورة - مصر | ||
Abstract | ||
تشکل الإتاوات مصدراً مهماً للإیرادات العامة غیر الضریبیة. ویکفی للتدلیل على ذلک أن النصوص التشریعیة واللائحیة تلجأ إلى فرضها أو تعدیل معدلها باستمرار. وعلى الرغم من هذه الأهمیة لم تنل الاهتمام الذی تستحقه من الباحثین. والمعالجة القانونیة للإتاوات لم تکن سهلة، فقد احتاج الأمر إلى دراستها فی مختلف القوانین من أجل تحدید مضمونها، واستخلاص الأفکار العامة ذات الصلة بها، وأخیراً بیان القواعد التی تحکم تحدید قیمتها. وتتم دراسة الإتاوة فی القانونین المصری والفرنسی. ویحظى القانون الأخیر بأهمیة کبیرة فی الدراسة؛ نظراً للاهتمام الفقهی والتشریعی واللائحی بالموضوع، فضلاً عن قضاء غزیر ومتطور باستمرار. وعلى ذلک یتناول البحث موضوع الإتاوة فی فصلین رئیسیین: أما الفصل الأول فیعرض الأفکار العامة للإتاوة وذلک بتحدید مضمونها وخصائصها وتمییزها عن غیرها من الأفکار الأخرى وبیان أنواعها. وأما الفصل الثانی فیتناول کیفیة تقدیر الإتاوات سواءً إتاوة الأملاک أو إتاوة الخدمة المقدمة. | ||
Keywords | ||
إتاوة; إتاوة أملاک; إتاوة الخدمة المقدمة; الإتاوة ومقابل التحسین; الإتاوة والضریبة والرسم | ||
Full Text | ||
الإتاوة فی القانون الخاص والقانون العام والقانون المالی-(*)- Royalty in private law, Public law and financial law
(*) أستلم البحث فی 17/4/2022 *** قبل للنشر فی 27/4/2022. (*) received on 17/4/2022 *** accepted for publishing on 27/4/2022. Doi: 10.33899/alaw.2022.133588.1197 © Authors, 2022, College of Law, University of Mosul This is an open access article under the CC BY 4.0 license (http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).
المستخلص تشکل الإتاوات مصدراً مهماً للإیرادات العامة غیر الضریبیة. ویکفی للتدلیل على ذلک أن النصوص التشریعیة واللائحیة تلجأ إلى فرضها أو تعدیل معدلها باستمرار. وعلى الرغم من هذه الأهمیة لم تنل الاهتمام الذی تستحقه من الباحثین. والمعالجة القانونیة للإتاوات لم تکن سهلة، فقد احتاج الأمر إلى دراستها فی مختلف القوانین من أجل تحدید مضمونها، واستخلاص الأفکار العامة ذات الصلة بها، وأخیراً بیان القواعد التی تحکم تحدید قیمتها. وتتم دراسة الإتاوة فی القانونین المصری والفرنسی. ویحظى القانون الأخیر بأهمیة کبیرة فی الدراسة؛ نظراً للاهتمام الفقهی والتشریعی واللائحی بالموضوع، فضلاً عن قضاء غزیر ومتطور باستمرار. وعلى ذلک یتناول البحث موضوع الإتاوة فی فصلین رئیسیین: أما الفصل الأول فیعرض الأفکار العامة للإتاوة وذلک بتحدید مضمونها وخصائصها وتمییزها عن غیرها من الأفکار الأخرى وبیان أنواعها. وأما الفصل الثانی فیتناول کیفیة تقدیر الإتاوات سواءً إتاوة الأملاک أو إتاوة الخدمة المقدمة. الکلمات المفتاحیة: إتاوة، إتاوة أملاک، إتاوة الخدمة المقدمة، الإتاوة ومقابلالتحسین، الإتاوة والضریبة والرسم. Abstract Royalties constitute an important source of non-tax public revenue. It suffices to prove this that legislative and regulatory texts resort to imposing or constantly adjusting their rate. The legal treatment of royalties was not easy, as it was necessary to study them in various laws in order to determine their content, elicit general ideas related to them, and finally clarify the rules that govern the determination of their value. The royalty is studied in Egyptian and French laws. The latter law is of great importance in the study. Accordingly, the research deals with the subject of the royalty in two main chapters: The first chapter presents the general ideas of the royalty by defining its content and characteristics and distinguishing it from other ideas and indicating its types. As for the second chapter, it deals with how to estimate royalties, whether property royalties or service fees provided. Key words: Royalties, Domanial royalties, royalties for services rendered, royalties and capital gains, royalties, taxes and fees.
المقدمـة موضوع البحث وأهمیته: الإیرادات العامة التی تقوم الدولة والأشخاص العامة بواسطتها بتمویل النفقات العامة متنوعة فقد تکون ضریبیة أو غیر ضریبیة. وقد نالت الإیرادات الضریبیة اهتماماً فائقاً من فقهاء القانون العام والقانون المالی، وحظیت بالعدید من الأبحاث العلمیة من جانب الباحثین. أما الإیرادات غیر الضریبیة ومن أهمها الإتاوات فلم یکن نصیبها من الاهتمام الفقهی کبیراً، بل یمکن القول إن الإتاوات ماتزال حتى الیوم غیر واضحة فی نظر عدد من الکتاب سواءً فی القانون العام أو القانون المالی بل ماتزال أسیرة لغموض سیطر علیها منذ زمن طویل. فما تزال الإشارة إلى الإتاوة على أنها مقابل التحسین الذی تفرضه السلطات المحلیة فی حالة ارتفاع قیمة العقارات ؛ بسبب أعمال المنفعة العامة. وسوف نبیّن فی أثناء هذه الدراسة مدى صحة هذا الاعتقاد، هذا من ناحیة. ومن ناحیة أخرى وجدنا نطاق الإتاوة واسعاً یشمل تطبیقات عدیدة، وهذه التطبیقات تتناولها التشریعات المختلفة فی مختلف فروع القانون، ومن هنا تبدو المفارقة واضحة بین اهتمام تشریعی واضح بها وانصراف فقهی واضح أیضاً عنها. والإتاوات بوصفها إیرادات غیر ضریبیة لها أهمیة کبیرة، وتطبیقات متنوعة، وتقوم الدولة بجبایتها من الأفراد والمشروعات باستمرار، ومن ثم تبدو أهمیتها المالیة للأشخاص العامة المستفیدة بها، والأفراد الملتزمین بأدائها لیست محلاً لنزاع. وبصفة عامة وعلى الرغم من تنوع الإتاوات إلا أن الفقه فی فرنسا جرى على تقسیمها فی نطاق القانون العام إلى نوعین أساسیین: إتاوة الأملاک العامة وتفرض على المصرّح لهم بإشغال هذه الأملاک، وإتاوة الخدمة المقدمة للأفراد.
خطة البحث ومنهجه: نستهدف من هذا البحث تحدید مضمون فکرة الإتاوة لیس فقط فی القانون العام وإنما فی القوانین الأخرى أیضاً، فالقانون العام لا یحتکر وحده التنظیم القانونی للإتاوات التی تعرفها القوانین الأخرى مثل القانون المدنی والقانون الضریبی والقانون الدولی أیضاً. وبالإضافة إلى ذلک إذا کانت الدول تنظم الإتاوات وفقاً لسیادتها إلا أنها تخضع فی هذا التنظیم لبعض المبادئ أو القیود التی نصت علیها الاتفاقیات الدولیة ذات الصلة. من هنا تبدو دراسة الإتاوة مثالاً نموذجیاً یبرهن من جدید صحة المنهج القائم على فکرة وحدة القانون. یفترض موضوع البحث التعرض أولاً للأفکار العامة للإتاوات من حیث خصائصها والسلطة المختصة بإنشائها. وفی هذا السیاق سوف نعرض للنقطة المثیرة وهی هل الإتاوة هی مقابل التحسین أو هل مقابل التحسین هو إتاوة؟ فإذا انتهینا من القواعد العامة للإتاوات یمکن لنا الانتقال إلى الموضوع الشائک وهو جوهر البحث ذاته وهو بیان الأحکام الخاصة بتقدیر قیمة الإتاوات، والقواعد المتعلقة بالمنازعات الخاصة بها. کل هذه النقاط سوف نتناولها فی القانونین المصری والفرنسی، وبطبیعة الحال سیکون للقانون الأخیر النصیب الأکبر فی الدراسة ؛ نظراً للاهتمام الواسع من جانب الفقه بموضوع الإتاوة، فضلاً عن قضاء غزیر ومتطور باستمرار وهو بصدد تطبیق المبادئ التشریعیة أو القواعد اللائحیة ذات الصلة بموضوع الإتاوات. وعلى ذلک رأینا معالجة هذا البحث وفقاً للخطة الآتیة: الفصل الأول: الأفکار العامة للإتاوة الفصل الثانی: الأحکام الخاصة بتقدیر الإتاوة
الفصل الثانی الأحکام الخاصة بتقدیر الإتاوة تقدیم وتقسیم: الأحکام الخاصة بتقدیر الإتاوة تشکل الجزء الجوهری فی نظامها القانونی. والأصل أن هذه القواعد تتفاوت تفاوتاً ملحوظاً بین إتاوة الأملاک وإتاوة الخدمة المقدمة. وهذا التقدیر للإتاوة یثیر عادة المنازعات أمام القضاء او هو ما یجعل البحث فی قواعد الاختصاص القضائی أمراً ضروریاً. وعلى ذلک تکون دراسة هذا الفصل وفقاً للخطة الآتیة: المبحث الأول : الأحکام الخاصة بتقدیر إتاوة الأملاک المبحث الثانی: الأحکام الخاصة بتقدیر إتاوة الخدمة المقدمة المبحث الثالث: الاختصاص القضائی بمنازعات الإتاوات المبحث الأول الأحکام الخاصة بتقدیر إتاوة الأملاک تثیر احکام الخاصة بتقدیر إتاوة الأملاک عدة مسائل مهمة یأتی فی مقدمتها التعریف بتلک الإتاوة (المطلب الأول)، ومبدأ ضرورة دفع إتاوة الأملاک (المطلب الثانی)، وکیفیة تقدیر إتاوة الأملاک (المطلب الثالث). المطلب الأول التعریف بإتاوة الأملاک تعریف إتاوة الأملاک: Redevance domaniale إتاوة الأملاک هی المقابل المالی سواءً لإشغال أو لاستعمال الأملاک العامة. ویجری التمییز بین الاستعمال والإشغال، فالاستعمال یتعلق بالأموال المنقولة مثل وضع آلة موسیقیة أو منقولات مکتبیة أو مرکبة تحت تصرف المستفید، فالاستعمال هنا لا یعادل إشغالاً خاصاً. أما الإشغال فلا یکون إلا للأموال العقاریة.ومع ذلک فالتمییز بین الاستعمال والإشغال غیر مؤثر، ویصعب إجراؤه أحیانا. ومن ذلک على سبیل المثال ما قضت به محکمة القضاء الإداری من أن الاتفاق المبرم بین مصلحة السکک الحدیدیة وبین الشرکة الدولیة بشأن استغلال عربات الأکل والبولمان بالقطارات لیس احتکاراً ولیس عقد التزام حتى یلزم أن یصدر به بقانون؛ لأنه لا یقوم أساساً على تسییر مرفق عام، وإنما هو ترخیص اتخذ صورة عقد إداری بقصد إشغال مال عام واستعماله على وجه لا یخالف الغرض من أجله، بل یتفق مع هذا الغرض، وینطوی فی الوقت ذاته على انتفاع المرخص له بهذا المال مقابل إتاوة یلتزم بأدائها للمصلحة. ومن الملاحظ هنا أن المحکمة استخدمت لفظی الإشغال والاستعمال، وهو استخدام فی محله تماماً بالنسبة للقطارات، ویوضح نسبیة التمییز بین الإشغال والاستعمال. والمهم فی هذا الحکم هو أننا بصدد تطبیق سلیم لإتاوة الأملاک. التمییز بین إتاوة الأملاک وإتاوة مقابل الخدمات: وفقاً لمحکمة التنازع فی فرنسا تتمیز إتاوة الأملاک عن إتاوة الخدمة المقدمة؛ لأنها لا تفترض أداء الخدمة، کما أنها تتمیز بطریقة حسابها. واستناداً إلى هذا التمییز قضى مجلس الدولة الفرنسی بأحقیة إحدى المقاطعات بفرض إتاوة على المدعین؛ بسبب إشغال منشآت المیناء الواقعة على أرصفة یمتلکونها، وبحیث یکون لکل واحد منهم تصریح إرساء وإیقاف القارب، فالإتاوة تستحق هنا حتى فی حالة عدم الاستعمال الفعلی لتصریح الإیقاف الممنوح لهم ؛لأن الإتاوة تستحق لیس نتیجة خدمة مقدمة، وإنما لإشغال أملاک عامة، ومن ثم لا یجوز قانونا للملاک الادعاء بأنهم لا یحصلون على خدمات فعلیة غیر تلک التی یخولها لهم هذا الترخیص. وإذا کان مقابل الإتاوة وضع عنصر من عناصر الأملاک العامة بقصد الإشغال الخاص، إلا أن هذا المقابل لا یمکن تکییفه على أنه مقابل مباشر وفقاً لأحکام القضاء، فالشخص العام لا یقدم أی أداء، فلا یوجد أی عمل من جانب الشخص العام من أجل خدمة المنتفعین، ولکن فقط إصدار ترخیص بالإشغال، وهذا الإصدار لیس نتیجة أی إلزام قانونی أو اتفاقی یقع على الشخص العام. ومع التسلیم بصحة الحلول القضائیة والرؤیة الفقهیة للتمییز بیت إتاوة إشغال الأملاک العامة وإتاوة الخدمة المقدمة إلا أن التمییز بینهما لیس سهلاً فی بعض الأحیان؛ نظراً لأن الخدمات التی تفرض علیها إتاوات تقدم أیضاً من خلال استخدام الأملاک العامة، وهو ما یتضح فی بعض أحکام القضاء، کما أن التصریح بالإشغال هو فی ذاته أداء خدمة بالمعنى الواسع للکلمة. ومن أشهر التطبیقات الإتاوة التی یدفعها الممارسون فی المستشفیات نظیر أدائهم أنشطتهم الحرة. فالمسلم به أنها إتاوة عن خدمات مقدمة من جانب المؤسسة الطبیة التی یمارس فیها مهنته على الرغم من استعماله جزءاً من الأملاک العامة هو الأجهزة التقنیة والمبانی المتاحة له. وفی حکم آخر یشیر مجلس الدولة إلى أنه یمکن تحصیل إتاوات الخدمة المقدمة من المنتفعین مناطق عامة فی المطارات عن إشغال الأراضی والعقارات، وأن هذه الإتاوات یمکن أن تأخذ فی الاعتبار القیمة الاقتصادیة للمزایا التی تحصل علیها الشرکة المستعملة للأملاک العامة. ویواجه التمییز بین نوعی الإتاوة باعتراضات أخرى منها إمکانیة الأخذ فی الاعتبار حقوق الملکیة الفکریة والقیمة الاقتصادیة للخدمة بالنسبة للمستفید؛ لتحدید قیمة الإتاوة عن الخدمة المقدمة. عدم تخصیص عائدات إتاوات الأملاک: لا تستخدم عائدات إتاوات الأملاک العامة من أجل تغطیة النفقات الناجمة جراء وضع المال العام تحت تصرف الشاغل؛ لأن هذا الوضع لا یکلف الشخص العام أی تکالیف. کما أن عائدات الإتاوات التی تحصل علیها الدولة تدرج فی الموازنة فی طائفة إیرادات الموازنة، وتخضع من ثم لمبدأ عمومیة الموازنة وقاعدة عدم تحصیص الإیرادات. وتطبق تلک القاعدة أیضاً على موازنات الأشخاص المحلیة. وعلى ذلک فلا تخصص عائدات إتاوات الأملاک لتغطیة نفقات مرتبطة بالأملاک المعنیة. وفی مصر أیضاً انتهى مجلس الدولة فی رأیه إلى أن الإتاوة المستحقة لإحدى المصالح الحکومیة والمقررة على مواد المحاجر تدخل فی میزانیة الدولة، وینطبق فی شأنها مبدأ وحدة المیزانیة. التمییز بین إتاوة الأملاک والضریبة: استقرت أغلبیة الفقه الضریبی على تعریف الضریبة کما عرفها الفقیه G.Jèze، وهى أنها أداء مالی تفرضها السلطة العامة على الأفراد على نحو نهائی ودون مقابل؛ بهدف تغطیة النفقات العامة. ویتضح من هذا التعریف أن الضریبة وإن کانت أداءً مالیاً مثل الرسوم والأتاوات إلا أن العنصر الرئیسی فی تمییزها هو غیاب مقابل هذا الأداء المالی، وهو ما یمیزها عن الأداءات أو الإیرادات العامة الأخرى. وهذه الفکرة وجدت تکریساً دستوریاً من جانب المجلس الدستوری فی فرنسا الذی اعتبر أن المقابل المالی للموانئ والملاحة لیست مقابلاً لأی أداء، ویجب اعتباره ضریبة على الرغم من إطلاق وصف الإتاوة علیه. ومن جانبه أیضاً طبق مجلس الدولة هذا المعیار فاعتبر أن المساهمة المالیة التی تقع على عاتق الشرکات الجویة ؛ للتخفیف من الضوضاء الصوتیة التی یتحملها المجاورون لمطارات العاصمة لیست مقابلاً لأی أداء، ومن ثم لا یمکن النظر إلیها إلا على أنها ضریبة. وهذا القضاء من شأنه رفض تشبیه إتاوة الأملاک بالضریبة؛ لأن هذه الإتاوة نظیر مقابل وهو الحق فی الانتفاع على نحو حصری بالمال العام. اختصاص السلطة المختصة بإدارة الأملاک بتحدید تعریفة الإتاوة: یجوز للسلطة المختصة بإدارة الأملاک العامة، عند عدم وجود أحکام مخالفة تحدید شروط تسلیم تراخیص إشغال هذه الأملاک، ومن ثم یجوز لها استناداً لذلک تحدید تعریفة الإتاوة أخذاً فی الاعتبار المزایا من أی نوع التی یمکن للمصرح له الحصول علیها من الإشغال. وتجد هذه القواعد أیضاً مجالاً للتطبیق، حتى فی حالة عدم وجود تنظیم خاص، على الملتزم المرخص له بتسلیم تصاریح الإشغال على الأملاک العامة التی عهد إلیه باستغلالها. وعلى ذلک إذا عهدت الدولة إلى إحدى الشرکات إدارة طریق للسیارات، وصرحت لها بتحصیل مقابل المرور وإتاوات استخدام المنشآت الملحقة تکون هذه الشرکة مختصة أیضاً بتحدید طرق الإتاوة المستحقة لشرکة الاتصالات الفرنسیة والحصول على عائدها وتکون المحکمة التی أصدرت الحکم المطعون فیه قد ارتکبت خطأ فی القانون حین قضت بعکس ذلک. المطلب الثانی مبدأ ضرورة دفع إتاوة الأملاک مضمون مبدأ ضرورة دفع إتاوة الأملاک: یتمیز الاستعمال الجماعی للأملاک العامة بمبدأ الحریة ومبدأ المجانیة. وبالمقابل فقد أکد القضاء أن أی إشغال خاص لعناصر من الأملاک العامة یخضع فی آن واحد لضرورة الحصول على ترخیص ودفع إتاوة. ففکرة أن الإتاوة نظیر الإشغال هی فکرة تقلیدیة وأساسیة، ومن ثم لا یوجد مبدأ مجانیة الإشغال الخاص لعناصر من الأملاک العامة. وقد کرست المادة L.2125-1 من التقنین العام لأملاک الاشخاص العامة فی فرنسا هذه القاعدة حین نصت على أنه: یکون محلاً لدفع إتاوة أی استعمال أو إشغال لأملاک عامة لشخص عام، مالم یکن الإشغال أو الاستعمال متعلقاً بإقامة الدولة معدات تهدف إلى تحسین أمن الطرق، أو کانت ضروریة لتحدید أو إثبات مخالفات الدفع لأی رسوم متحصلة نتیجة استعمال الأملاک العامة للطرق. وهکذا وضع التقنین العام لأملاک الأشخاص العامة مبدأ ضرورة دفع الإتاوة نظیر إشغال أو استعمال الأملاک العامة. ویجد هذا المبدأ أساسه فی أن الإشغال الخاص یمثل اعتداءً على حق جمیع المنتفعین من الوصول إلى الأملاک العامة. ویضاف إلى ذلک أن دفع الإتاوة للشخص العام الذی یرى إشغال جزءاً من أملاکه العامة بمثابة مقابل المزایا الفردیة التی یحصل علیها المدین بها من الترخیص بالإشغال على حساب الانتفاع العام . ویطبق مبدأ دفع إتاوة الأملاک على شاغل الأملاک العامة سواءً کان شخصاً عاماً أو خاصاً تطبیقاً للمساواة بین الشاغلین. ویطبق المبدأ أیضاً فی حالة الإشغال حتى فی الحالة التی لم یسلم فیها الترخیص بالإشغال، أو لم یطلب فیها الشاغل الترخیص، وسواءً رفض الترخیص، أو لم یتقرر منحه، بل یلزم الشاغل بأداء الإتاوة حتى ولو کان الإشغال من دون أی سند یخوله الإشغال سواءً لعدم تجدید السند، أو بسبب سحب الترخیص بالإشغال لعدم الوفاء بإتاوة الإشغال. ومن ثم یلتزم شاغل الأملاک العامة سواءً بسند قانونی أو من غیر سند قانونی بأداء إتاوة الإشغال. وأکد مجلس الدولة صحة هذا التفسیر بالتأکید على أنه یحق للمقاطعة مطالبة شاغل أملاکها من دون سند بتعویض یعادل الدخل الذی کان یمکنها الحصول علیه فی خلال فترة الإشغال غیر المشروع. الاستثناءات على مبدأ دفع إتاوة الأملاک: المبدأ الخاص بدفع إتاوة الأملاک لیس مطلقاً، وإنما ترد علیه استثناءات. وقد وردت هذه الاستثناءات فی المادة L.2125-1 من التقنین العام لأملاک الأشخاص العامة فی فرنسا. کما وضع مجلس الدولة فی مصر عدداً من الاستثناءات. وعلى سبیل المثال قرر القضاء عدم تطبیق إتاوة الأملاک على إقامة أجهزة الرادارات على الأملاک العامة؛ لأنها تشکل بحکم موضوعها معدات متکاملة مع البنیة السفلیة للطرق، وتسهم فی تنفیذ المرفق العام لأمن الطرق، ولا یمکن النظر إلیها على أنها إشغال أو استعمال للأملاک العامة للطرق. ومن الاستثناءات التی نص علیها التقنین من مبدأ دفع إتاوة الأملاک: 1-إذا کان الإشغال أو الاستعمال وضع طبیعی وجبری لتنفیذ أشغال أو وجود منشأة لمرفق عام یستفید منه الجمیع مجانا. 2-إذا کان الإشغال أو الاستعمال یُسهم مباشرة فی کفالة المحافظة على الأملاک العامة ذاتها. 3-یجوز تسلیم ترخیص الإشغال أو الاستعمال بالأملاک العامة مجاناً للجمعیات التی لا تستهدف الربح، وتسهم فی تحقیق مصلحة عامة. ویستثنى أیضاً من أداء إتاوة إشغال الأملاک العامة الإشغال أو الاستعمال فی الحدود التی لا تتجاوز حق الاستعمال المعترف به للجمیع والذی لا یخضع من ثم لأی ترخیص. وبناءً على ذلک لا یجوز قانوناً فرض إتاوة على وضع اللوحات المهنیة على واجهات العقارات؛ بالنظر إلى أبعادها وحجمها وهیئة الأماکن، ومن ثم لا تتجاوز حق الاستعمال المعترف به للجمیع، ولا تشکل استعمالاً خاصاً للأملاک العامة، ویکون فرض الإتاوة غیر جائز قانوناً.
أحکام الإتاوة فی حالة إیجار الحکر الإداری: إذا ورد إیجار الحکر الإداری على عنصر من عناصر الأملاک العامة فیخضع مثل أی إشغال آخر للأملاک لدفع إتاوة، کما تأخذ هذه الإتاوة فی الاعتبار أیضاً أی مزایا یمکن أن یحصل علیها الشاغل. ومع ذلک تنفرد الإتاوة هنا ببعض الأحکام منها أن مجلس الدولة أجاز تقریر إتاوة ضئیلة بسبب عدم توافر النشاط المربح للمستأجر، وهو ما یعنی أن الإتاوة لیست مطابقة لهذا النوع من الإیجار. وإذا ورد إیجار الحکر على أملاک خاصة فلا تطبق هذه القواعد، ولا یجوز للشخص العام منج إیجار الحکر فی هذه الحالة نظیر إتاوة تفضیلیة إلا بمقابل یرتبط بالمصلحة العامة؛ لأنه یحظر على الشخص العام التبرع کأن یتعاقد على إیجار بأقل من القیمة السوقیة للمال. استثناء حالة انتقال الانتفاع بین الأشخاص العامة من مبدأ إتاوة الأملاک العامة فی مصر: وضع مجلس الدولة فی مصر استثناءً مهماً على مبدأ دفع إتاوة الأملاک فی الحالة التی ینتقل الانتفاع بالمال العام من شخص عام إلى آخر. وفی رأی حدیث لمجلس الدولة یتعلق بموافقة محافظة أسیوط على توفیر مقار بدیلة للمحاکم التی احترقت مقارها فی العام 2013، وقد طالبت المحافظة محکمة أسیوط بدفع مقابل الانتفاع إلا أن الأخیرة امتنعت عن السداد، انتهى إلى عدم إلزام الجهة الشاغلة بدفع الإتاوة. واستند المجلس إلى أسباب حاصلها أن الانتفاع بالمال العام بحسب الأصل یکون دون مقابل، وکذلک نقل الانتفاع به بین أشخاص القانون العام؛ لأنه لا یعد تصرفاً فی المال العام الذی یخرج بطبیعته عن المعاملات، وأنه استثناءً من ذلک یکون للجهة العامة أن تقرر أن یکون الانتفاع بالمال العام لدى جهة إداریة أخرى بمقابل، شریطة أن یکون هذا المقابل رهیناً بموافقة الجهة المستفیدة. وهذا الرأی الذى انتهى إلیه مجلس الدولة یحتاج إلى مراجعة، وذلک لثلاثة أسباب: أما السبب الأول فهو أنه لیس صحیحاً أن الأصل بالانتفاع بالمال العام أن یکون مجاناَ، بل الأصل أن یکون الانتفاع بالمال العام الذی یتخذ شکل الإشغال أو الاستعمال أن یکون بمقابل، عکس الانتفاع للکافة، لأن النوع الأول من الانتفاع هو انتفاع حصری یأتی على عکس النوع الثانی کما سبق أن أوضحنا. وأما السبب الثانی فهو أن الإشغال أو الاستعمال الحصری یفترض بالضرورة نقل الانتفاع، وهو عنصر لا یؤثر فی استحقاق الإتاوة، وخصوصاً أن الإشغال فی الحالة محل البحث کان ولید اتفاق، وهو لا یستبعد الإتاوة، ولا مجال للقول بأن موافقة الجهة المستفیدة شرط لا غنى عنه لاستحقاق الجهة المالکة للإتاوة، لأن هذا الشرط معناه بوضوح عدم استحقاق الإتاوة فی جمیع الأحوال، ویجعل الأشخاص العامة فئة مستثناة من مبدأ دفع الإتاوة خروجاً على مبدأ المساواة. وأما السبب الثالث فهو أن تخویل المستفید من الإشغال أو الاستعمال حق الاعتراض على دفع الإتاوة بعد بدایة الإشغال أو الاستعمال یعنی تحویل الانتفاع إلى عملیة قسریة رغماً عن الجهة المالکة على الرغم من طبیعتا الرضائیة فی الأصل. ویبدو من الأصوب القول: أنه إذا کان إشغال الشخص العام لعنصر معین من عناصر الأملاک العامة یبدو ضروریاً لتمکین الشخص العام المسئول عن إدارة المرفق من أداء المهام الموکلة إلیه فی هذه الإدارة فلا یکون هذا الإشغال مقابل دفع إتاوة الأملاک. وبناءً على ذلک لا تستحق هیئة میناء الإسکندریة مقابلاً مالیاً نظیر انتفاع مصلحة الجمارک ببعض الأماکن فیها. فالإشغال هنا لا غنى عنه لممارسة المرفق العام لممارسة مسئولیاته التی عهد بها القانون إلیه. وفی ذات الاتجاه ذهب القضاء الفرنسی أیضاً إلى عدم اعتبار إشغال المحاکم لأملاک عامة إشغالاً خاصاً مادامت تقوم بمهامها غیر المنفصلة عن وظیفتها القضائیة على الرغم من أن المقار التی تقع فیها هذه المحاکم لیست مخصصة بالکامل لممارسة هذه الأنشطة. وبالمقابل یجب أداء الإتاوة المقررة عن إشغال الملاک العامة فی الحالة التی یقوم فیها الجهاز الإداری لمحکمة التجارة بممارسة أنشطة قابلة للانفصال عن الأنشطة القضائیة لهذه المحاکم، ومن ثم یخضع هذا الإشغال فی هذه الحالة لضرورة الحصول على سند بالإشغال وأداء الإتاوة المقررة. کیفیة تطبیق مبدأ دفع الإتاوة: یفترض تطبیق مبدأ دفع إتاوة الإشغال وضع الشخص العام المال تحت تصرف المصرّح له بالإشغال أو الاستعمال، وإلا لن یکون هناک محال للمطالبة بالإتاوة. وعلى ذلک وفیما یتعلق بإقامة المخیمات وهو مرفق عام إداری لا یجوز فرض الإتاوة عن أماکن خالیة؛ لعدم تقدیم الأداء من المرفق المحلی. وإذا کانت الإتاوة لا تستحق إلا عن إشغال لعنصر من عناصر الأملاک العامة فیجب حتى یتحقق الإشغال أن یجاوز الاستعمال العادی. وبناءً على ذلک لا یؤدی الوقوف العارض فی الطریق العام من جانب مهنی متجول لإبرام بیع إلى دفع إتاوة الوقوف.کما لا یترتب على استعمال أرصفة الطریق للوقت اللازم لإجراء عملیات مصرفیة أو تجاریة باستخدام ماکینات الصراف الألی المقامة على واجهات المبانی؛ لأن هذا الاستعمال وقتی ولا یتطلب أی ترخیص. باختصار حتى یکون الإشغال أو الاستعمال مؤدیاً إلى دفع إتاوة الأملاک ینبغی أن یتجاوز حق الاستعمال المعترف به للکافة، ویتمیز من ثم باستعمال خاص للأملاک العامة. دور فکرة الإشغال الفعلی فی استحقاق الإتاوة: مقابل الإشغال یکون من حق الشخص العام المالک مانح الترخیص أو الذی أبرم عقد الإشغال. وفی حالة الالتزام تؤدى الإتاوة إلى الملتزم. ولتحدید العلاقة بین الإشغال الفعلی واستحقاق الإتاوة یتم التمییز بین فرضین: أما الفرض الأول فهو أنها تستحق حتى ولو لم یستعمل ذو الشأن عملاً الترخیص بالانتفاع وبالمقابل فالإتاوة الخاصة بالخدمة المقدمة تفترض الاستفادة الفعلیة بالخدمة من جانب المنتفع. وبالمقابل ففی حالة سحب ترخیص الإشغال قبل المدة المنصوص علیها؛ لسبب آخر غیر تنفیذ شروطه یتم رد جزء الإتاوة الذی دفع مقدماً ویعادل الفترة الباقیة إلى صاحب الترخیص. وأما الفرض الثانی فهو خاص بالحالة التی نکون فیها بصدد إشغال فعلی أی إشغال حقیقی من دون سند قانونی أی من دون ترخیص أو عقد. وهنا یکون الإشغال غیر مشروع. ومع ذلک یکون دفع الإتاوة واجباً؛ لأنها نظیر الإشغال، وأداء الإتاوة فی هذا الفرض لا یعنی الإقرار بمشروعیة الإشغال الذی یقع على السلطة الإداریة المسئولة وضع نهایة له. وینظر إلى الإتاوة فی هذا الفرض على أنها تعویض یسمح للشخص العام بالحصول على الدخل الذی کان یمکنه الحصول علیه لو کان الإشغال مشروعاً، فالتعویض هنا کقاعدة عامة یعادل الإتاوة. المطلب الثالث کیفیة تقدیر إتاوة الأملاک وجوب الأخذ فی الاعتبار جمیع المزایا التی یمکن لشاغل الأملاک الحصول علیها من الإشغال: یبیّن تقنین ملکیة الأشخاص العامة فی فرنسا بعض الأسس التی یجب مراعاتها فی تحدید إتاوة الأملاک. فالمادة L.2152-3 تنص على أنه: تأخذ الإتاوة المستحقة عن إشغال أو استعمال الأملاک العامة فی الاعتبار المزایا أیا کانت طبیعتها التی یحصل علیها صاحب الترخیص. ومؤدى ذلک النص أن الإتاوة لا تتحلل إلى مجرد إیجار، فیجب أن تأخذ فی الاعتبار نوع الاستعمال المقرر للمال العام، وخصوصاً المزایا المالیة التی یستمدها الشاغل من استغلال المال العام. وعلى سبیل المثال یحب على الإدارة أن تحدد الإتاوة المطبقة على استغلال المقاهی والمطاعم أخذاً فی الاعتبار طریقة الاستعمال، وموقع الأماکن المشغولة، وطبیعة التجارة محل الممارسة. فالإتاوة المفروضة على شاغل مال عام یجب أن تحسب وفقاً لیس فقط وفقاً للقیمة الإیجاریة لملکیة خاصة تشبه عنصر الأملاک العامة الذی من أجله منح ترخیص الإشغال، وإنما وفقاً أیضاً للمیزة النوعیة التی تشکلها حقیقة الترخیص بالانتفاع بطریقة خاصة لجزء من الأملاک العامة. ویجب على الإدارة، ولیس الأمر مجرد رخصة لها، الأخذ فی الاعتبار المزایا من أی نوع التی یمکن أن یحصل علیها الشاغل من استغلال المال العام. وعلى ذلک إذا اقتصر المجلس البلدی على تحدید قیمة موحدة للإتاوة مقابل إشغال عناصر أملاک عامة دون الأخذ فی الاعتبار أی مزایا من أی نوع یمکن أن یحصل علیها الشاغلون یکون قد خالف القانون. والعناصر التی تؤخذ فی الاعتبار لتحدید قیمة الإتاوة یجب أن تکون مبررة. وعلى ذلک لا یجوز للسلطة المختصة التمسک بأن الإتاوات المتنازع علیها تم تحدیدها لکل سند إشغال من خلال تطبیق مقیاس وطنی یأخذ فی الاعتبار الطبیعة الخاصة لکل نوع من أنواع الإشغال. کما لا یکون للمسئول عن الإدارة تحدید قیمة الإتاوة المتنازع علیها بحریة وفقاً للعرض والطلب دون جعلها مقابلاً للمزایا التی یحصل علیها شاغل الأملاک. العناصر التی تؤخذ فی الاعتبار عند تحدید قیمة الإتاوة: تتکون الإتاوة عملاً من عنصرین: عنصر ثابت یعادل القیمة الإیجاریة لعنصر الأملاک المشغول. وعنصر متغیر یأخذ فی الاعتبار المزایا التی یستمدها الشاغل من استغلال المال العام. فالعنصر الثابت هو الذی یعادل القیمة الإیجاریة للمال محل الإشغال. غیر أن القیمة الإیجاریة للملکیة الخاصة التی تقارن بالمال العام لیست عنصراً ضروریاً وإلا وقع خطأ فی القانون. ومن ثم إذا کان عنصر القیمة الإیجاریة أعلى من تلک السائدة لملکیة خاصة مقارنة فلا یؤدی ذلک إلى أی مخالفة فی التقدیر، وإنما تؤخذ عند الاقتضاء على سبیل الاسترشاد. وأما العنصر المتغیر فیتوقف تحدیده على عدد من العوامل مثل ربحیة أنشطة الشاغل للمال العام، ورقم الأعمال الذی یحققه، ومدة الإشغال، والتکالیف التی یتحملها الشاغل والشخص العام على السواء. وتتجه الإدارة الآن مدفوعة بالحصول على إیرادات عامة والطرح فی منافسة إلى زیادة قیمة إتاوات الأملاک. المبحث الثانی الأحکام الخاصة بتقدیر إتاوة الخدمات المقدمة تثیر الأحکام الخاصة بتقدیر إتاوة الخدمة المقدمة بدورها عدداً من المسائل المهمة أیضاً ومنها: معاییر الإتاوة عن الخدمة المقدمة (المطلب الأول)، وتحدید وعاء إتاوة الخدمة المقدمة(المطلب الثانی)، وتطبیق فکرة الإتاوة فی مجال مرافق الأمن والإنقاذ(المطلب الثالث)، وأخیراً إدخال معاییر جدیدة لتقدیر إتاوة الخدمة المقدمة(المطلب الرابع). المطلب الأول معاییر إتاوة الخدمة المقدمة المجانیة ومبادئ المرافق العامة: قوانین أو مبادئ المرافق العامة وهى المساواة والدوام والتغیر لا تضم مبدأ المجانیة، فالمجانیة کما یقول الفقیه الراحل R.Chapus لیست بصفة عامة من بین هذه القوانین أو المبادئ؛ ولهذا ینظر إلیها على أنها لیست من مبادئ القانون الوضعی. والمجانیة بالقطع لیست مبدأ بل لیس لها معنى بالنسبة للمرافق العامة الصناعیة والتجاریة، کما أنها لم تعد مبدأ أساسیاً للمرافق العامة الإداریة، وأصبحت المجانیة بعیداً عن أی نصوص تشریعیة تقررها کما یقول البعض مبدأ غیر ممکن العثور علیه. وفی حکم حدیث بصدد إلغاء اختبارات کوفید-19 مجانا یؤکد مجلس الدولة من جدید أنه: لا توجد قاعدة دولیة، ولا یوجد نص تشریعی ولا مبدأ قانونی عام یفرض تحمل التأمین الصحی تکالیف الفحص البیولوجی. وربما یفسر عدم تکریس مبدأ المجانیة اعتراف القضاء تقلیدیاً للسلطة الإداریة بالاختصاص لإنشاء إتاوات نظیر الخدمات المقدمة دون سند تشریعی، وخصوصاً للمرافق العامة الاختیاریة التی یتم تمویلها بإتاوات تقع على المستفیدین نظیر أداء الخدمات لهم. أما إذا کان المرفق إجباریاً ویتم تمویله بالضرائب فالأصل أنه لا یفرض إتاوات على المنتفعین، وتکون غیر مشروعة القرارات اللائحیة المنشئة للإتاوات والقرارات الفردیة التی تفرض على المنتفعین أداء هذه الإتاوات. وفی هذه الحالة الأخیرة ینبغی وجود سند تشریعی یصرح للإدارة بفرض الإتاوة على المنتفعین بخدمات المرفق. ومع ذلک فقد أصبحت الاعتبارات الاقتصادیة تلعب دوراً مؤثراً فی التوسع فی الخدمات التی یتم تمویلها ولو جزئیاً من خلال الإتاوات کما سنوضح لاحقاً فی نهایة هذا البحث. التمییز بین إتاوة الخدمات المقدمة والرسم: کان التمییز فی وقت ما یتم استناداً إلى الصفة الاختیاریة أو الإجباریة للخدمة المقدمة. ففی الحالة الأولى یکون المقابل المالی إتاوة وفی الحالة الثانیة یکون رسماً. واستقر القضاء فی مرحلة تالیة وحتى الآن على تبنی ثلاثة معاییر لتمییز الإتاوة عن الرسم. وهذه المعاییر الثلاثة هی :الإتاوة تطلب من المنتفعین، وتطلب من أجل تغطیة خدمة عامة محدد أو تکالیف إقامة أو صیانة منشأة عامة، ویجب أن تجد الإتاوة مقابلاً مباشراً فی خدمة مقدمة من المرفق أو استعمال المنشأة. المعیار الأول: الإتاوة تطلب من المنتفعین: یفترض هذا المعیار تحدید المستفیدین من المرفق، فلا وجود لإتاوة إلا فی الحالات التی یکون فیها المنتفعون من المرفق قد استفادوا مباشرة من أداءات معینة وشخصیة على نحو یجعلهم منتفعین خاصین للمرفق، فالإتاوة تهدف إلى تحقیق مصلحة خاصة للمستفیدین منها أکثر من کونها لتحقیق مصلحة عامة. وعلى ذلک وإلى جانب الخدمات الجماعیة التی لیس لها مستفید توجد أیضاً الخدمات التی یمکن أن توجه إلى أشخاص محددین. وتطبیقاً لذلک قضى بأن الرقابة الطبیة التی یخضع لها الأجانب طالبی الإقامة موضوعها حمایة الصحة العامة، ولا تعد من ثم خدمة مقدمة نظیر دفع إتاوة. کما قضى بأن الإتاوة الملقاة على عاتق مشغل الطائرات على سبیل مهمة الرقابة على الاقتراب من المطارات تبدو مبررة؛ لأن هذه المهمة تمارس أساساً لمصلحة هؤلاء المشغلین. وفی هذه الحالات لا یستبعد تحقیق المصلحة الخاصة للمنتفعین من تحقیق المصلحة العامة فیما بعد وبصفة تبعیة. ولا یعتبر أیضاً من المنتفعین الذین تطلب منهم إتاوة لتمویل رفع والتخلص من المخلفات المنزلیة إذا کان وعاؤها هو عدد الأمتار المکعبة لمیاه الشرب المستهلکة، وتحاسب إدارة المیاه مشترکیها علیها فی فواتیرها؛ لأن الخاضعین لها جمیع المشترکین فی مرفق المیاه ولیس فقط المنتفعین من مرفق رفع ومعالجة المخلفات المنزلیة. المعیار الثانی: الإتاوة تطلب من المنتفعین من أجل تغطیة تکالیف مرفق عام محدد أو نفقات إقامة أو صیانة منشأة عامة: وفقاً لهذا المعیار لا توجد إتاوة إلا بقدر ما یکون المبلغ المطلوب لا یتضمن أی عناصر لا یکون من شأنها تغطیة تکالیف مرفق أو نفقات إقامة أو صیانة منشأة عامة. ویتشدد القضاء فی الرقابة على طبیعة العناصر التی تؤخذ فی الاعتبار لحساب التکالیف المطلوب تغطیتها من المنتفعین. فالرقابة هنا رقابة قانونیة الهدف منها منع إساءة استعمال الإجراءات، وذلک بإلقاء تکالیف على الإداء المطلوب دفع مقابله المالی. وبناءً على ذلک أنه لا یجوز أن یدخل فی حساب إتاوة محددة تفرض على شرکات الطیران تکالیف الرقابة على الأرض للطائرات ووثائق الطیران التی تتم فی المطارات قبل الإقلاع أو بعد الهبوط ؛لأن هذه النفقات التی تدفع هی فی مصلحة سلامة المنتفعین والأفراد المسافرین ولا یمکن قانوناً أن تدخل فی أساس حساب الإتاوة. المعیار الثالث: یجب ان تجد الإتاوة مقابلاً مباشراً فی الخدمات المقدمة من المرفق أو فی استعمال المنشأة: هذا المعیار هو المعیار الأساسی، ویشکل مع المعیار السابق مبدأ التعادل . فالمعیار الأول لیس کافیاً وحده ؛ لأنه لازم بالنسبة للإتاوة والرسم على حد سواء. فکل من الإتاوة والرسم یتم الحصول علیه، وعلى خلاف الضریبة، بمناسبة تقدیم خدمات. ومن هنا یقیم القضاء علاقة وثیقة بین المقابل المالی والخدمة لتمییز الإتاوة التی تبدو هنا بوصفها ثمناً، بینما الرسم یتمیز بعدم وجود هذه العلاقة. ویکرس القضاء بشکل قاطع فکرة أن إتاوة الخدمة المقدمة یحب أن تجد بصفة أساسیة مقابلً مباشراً فی الخدمة المؤداة من المرفق. واستناداً إلى معیار المقابل رأی القضاء أن مقابل عبور الطرق والکباری الذی یطلب من المتنفعین؛ من أجل تغطیة أعباء مرفق عام محدد، وتکالیف إنشاء وصیانة منشأة عامة یجد مقابلاً فی أداءات مقدمة من المرفق وفی استعمال المنشأة، ومن ثم یجب النظر إلیه لیس على أنه من الإیرادات الضریبیة، وإنما بوصفه ثمناً لعملیة تخضع لأمر 30 من یونیو 1945 . وأن الخدمة المقدمة للمنتفعین تتمثل فی الراحة والسرعة والسلامة والاقتصاد المحتمل فی المسافة، ومن ثم فمقابل العبور یجد مقابلاً مباشراً فی الأداءات التی یقدمها المرفق وفی استعمال المنشأة. وکرست بعض القوانین مثل تقنین التخطیط الحضری فی فرنسا ضرورة وجود مقابل الإتاوة. وعلى ذلک قضى بوقف تنفیذ قرار اعتماد کراسة الشروط فیما تضمنته من فرض إتاوة لصیانة أرض الجولف على الملاک؛ لأن هذا الاستقطاع لیس مقابلاً مباشراً لخدمة مؤداة للملاک فی القریة، ومن ثم تکون الإتاوة فی حقیقتها فریضة ضریبیة فرضت دون سند من القانون. ویؤدی معیار المقابل إلى نتیجة مهمة جداً وهى أن الإتاوة تتمیز بالتعادل بین قیمة المبلغ المحدد لها وقیمة الأداء المفروضة من أجل القیام به. وهذا التعادل یأخذ فی الاعتبار، کما سنرى لیس التکلفة الحقیقیة للخدمة فقط وإنما أیضاً القیمة الاقتصادیة لها. والقضاء یکرس أیضاً فکرة التعادل کما یکرس تماماً فکرة المقابل المباشر. واستناداً إلى هذه المعاییر الثلاثة قضى مجلس الدولة بأن إتاوة المساحة التی یدفعها ملتزم المناجم لیس لها وصف إتاوة أملاک ؛ لأنها لا تشکل مقابلاً للتصریح بإشغال أملاک عامة، ولیس لها وصف إتاوة خدمات مقدمة ؛ لأن القصد منها لیس تغطیة تکالیف مرفق عام أو نفقات إنشاء أو صیانة منشأة عامة، کما لا تجد مقابلاً فی خدمة مقدمة من هذا المرفق أو استعمال هذه المنشأة، وأن ما یطلق علیه وصف إتاوة المساحة لیس فی حقیقته سوى فریضة ضریبیة قد تکون ضریبةً أو رسماً. المطلب الثانی تحدید وعاء إتاوة الخدمة المقدمة أهمیة تحدید وعاء الإتاوة:L’assiette de la redevance موضوع الإتاوة هو إذن تغطیة تکالیف الخدمة وفقاً لمبدأ التعادل کما سبق أن بینّا. ویتطلب ذلک وضع قوائم للتعریفة. وللقیام بهذه المهمة یجب تحدید وعاء الإتاوة. ووعاء الإتاوة هو الأساس الذی یقوم علیه نظام التعریفة، واحترام القواعد الخاصة بالتعادل المالی والتناسب بین النفقات. وتحدید الوعاء لیس أمراً سهلاً دائماً. وعلى سبیل المثال تحدید إتاوة معالجة میاه الصرف الصحی یتم وفقاً لحجم المیاه المستعملة للمنتفعین، وأن تصرف هذه المیاه یمکن أن یقدر اعتماداً على استهلاک المیاه. ومن ثم إذا ظهرت استحالة قیاس هذا الاستهلاک یجوز للسلطة المختصة بتحدید تعریفة إتاوة معالجة میاه الصرف الصحی أن تقرر وضع هذه التعریفة استناداً إلى تقییم حجم تصریف المیاه المستعملة التی یمکن أن تعزى إلى الفئات المختلفة لمستعملی شبکات الصرف الصحی. ولا یجوز أن تشمل إتاوات الموانئ الجویة نفقات خدمات بعیدة عن الملاحة الجویة.وعلى ذلک لا یدخل فی أساس فرض الإتاوة التکالیف المتعلقة بالتدریب الأساسی للطیارین، واعتماد الأدوات الجدیدة، ووضع النظام اللائحی؛ لأن هذه النفقات لا ترتبط بخدمات تؤدى مباشرة للشرکات الجویة. ویثیر تحدید وعاء الإتاوة بعض المشکلات الخاصة التی سنتناولها الآن. الأخذ فی الاعتبار العوامل الخارجیة: Les externalités فی مواجهة عوامل خارجیة سلبیة مثل الضوضاء أو التلوث فقد یتم ضم تکالیف مقاومتها إذا کانت قابلة للقیاس فی الفاتورة المقدمة للمنتفع إذا کانت هذه العوامل تنسب إلى نشاطه أو الخدمة التی یتلقاها. وتبدو الإتاوة هنا أسلوباً لإعمال مبدأ الملوث یدفع. ونحن هنا أمام رؤیة اقتصادیة مؤداها أن إدخال العناصر الخارجیة یؤدی إلى تجنب الاستهلاک المفرط؛ بسبب السعر المنخفض. ونظام الإتاوة لیس بعیداً عن تلک الاهتمامات. فالإدارة أو الهیئة التی تقدم الخدمة أو استعمال المنشأة مهمتها أیضاً مواجهة الضوضاء أو التلوث فیکون منطقیاً أن تدخل تکالیف هذه المواجهة فی الثمن المطلوب من المستخدم. مثال ذلک أن تکالیف تشیید حائط مضاد للضوضاء على امتداد الطرق السریعة یمکن أن تدخل فی قیمة الاستثمارات التی تنعکس على المنتفع من خلال مقابل العبور Péage الذی یطلب منه. مضمون فکرة التعادل بین قیمة الإتاوة وقیمة الخدمة المقدمة: یظل مبدأ التعادل أساسیاً فی فکرة إتاوة الخدمة، ویقوم بوظیفة أساسیة فی التمییز بین الإتاوة والرسم کما قدمنا. وکان القضاء یفسره تفسیراً ضیقاً بمعنى عدم تجاوز قیمة الإتاوة قیمة الخدمة أو التکلفة، فالعلاقة یجب أن تکون وثیقة بین الإتاوة والخدمة المقدمة، وأن تکون متناسبة مع التکالیف. ویمارس القاضی الإداری رقابة محدودة على التناسب بین قیمة الإتاوة والتکلفة الحقیقیة للخدمة المقدمة. بید أن مفهوماً جدیداً لمبدأ التعادل تبناه القضاء فیما بعد. ففی حکم لمجلس الدولة الفرنسی فی 16 من یولیو 2007 أجاز الأخذ فی الاعتبار القیمة الاقتصادیة للخدمة بالنسبة للمستفید منها، فالإتاوة لا تقتصر على التکلفة المادیة، وإنما یمکن أن تأخذ فی الاعتبار المزایا من أی نوع التی یحصل علیها المستفید منها مثل الشهرة التی ترتبط بالمنشأة الطبیة التی یمارس فیها الطبیب أنشطته. وأعاد مجلس الدولة هذا المفهوم مرة أخرى فی حکم أحدث، فقرر أنه حتى یمکن لإتاوة الخدمة المقدمة أن تنشأ قانونا یجب ان تجد بصفة أساسیة مقابلاً مباشراً فی الخدمة المقدمة من المرفق، أو عند الاقتضاء استعمال منشأة عامة، ومن ثم یجب أن تتعادل مع قیمة الأداء أو الخدمة. وإذا کان موضوع المدفوعات الذی یمکن للإدارة المطالبة به هو تغطیة تکالیف المرفق العام، فلا یعنی ذلک بالضرورة أن قیمة الإتاوة لا یجوز أن تتجاوز تکلفة الخدمة المقدمة، ومن ثم یمکن احترام قاعدة التعادل بین تعریفة الإتاوة وقیمة الأداء أو الخدمة لیس فقط من خلال تطبیق ثمن التکلفة للأداء او الخدمة، وإنما أیضاً وفقاً لخصائص الخدمة، وأخذا فی الاعتبار القیمة الاقتصادیة للأداء بالنسبة للمستفید منه، ویجب فی جمیع الأحوال أن تحدد التعریفة وفقاً لمعاییر موضوعیة ومعقولة فی إطار احترام مبدأ المساواة بین المنتفعین من المرافق العامة وقواعد المنافسة. ویخلص المجلس مما تقدم إلى أنه إذا انتهت المحکمة الإداریة الاستئنافیة إلى عدم مشروعیة الإتاوة عن أنشطة تقدیم الطعام catering المستحقة على الشرکة المعنیة استناداً إلى أن هذه الإتاوة لم یتم حسابها فقط وفقاً للخدمة المقدمة ولکن على رقم الأعمال الذی حققته الشرکات الجویة، وإذا قضت على هذا النحو على الرغم من أن مقابل الخدمات المقدمة یمکن ان یأخذ فی الاعتبار القیمة الاقتصادیة للمزایا التی تحصل علیها الشرکة المستفیدة من المنشأة أو من المرفق العام تکون المحکمة قد ارتکبت خطأ فی القانون. ویبدو من صیاغة أحکام مجلس الدولة أن الأخذ فی الاعتبار القیمة الاقتصادیة للأداء أو الخدمة للمستفید یعد وجوبیاً فی حالة إتاوة الأملاک، بینما یبدو جوازیاً للإدارة فی حالة إتاوة الخدمة المقدمة. کما لا یعنی هذا القضاء الإحلال بشکل عام للتعریفة وفقاً للقیمة الاقتصادیة للخدمة المقدمة محل التعریفة وفقاً لتکالیف الخدمة ؛ لأن هذا القضاء یفترض أن المستفید یحصل فعلاً على میزة اقتصادیة من الخدمة، وحتى فی هذا الفرض یظل جائزاً للإدارة إما أن تأخذ فی الاعتبار القیمة الاقتصادیة أو تکالیف الخدمة المقدمة. وهذا التطور الجدید فی مفهوم مبدأ التعادل یدفع الکتّاب إلى التساؤل عن جدوى الحفاظ على التمییز بین إتاوة الأملاک وإتاوة الخدمة المقدمة، وخصوصاً أنه فی بعض الأحیان یبدو التمییز ضعیفاً بین نوعی الإتاوة، بحیث توجد أحیانا إتاوة شاملة کما هو الحال فی مجال استعمال الترددات الإذاعیة. أیا کان الأمر فی هذا الرأی فقد حدث تطور ملحوظ فی مسألة اللجوء إلى الإتاوة فی مرافق الأمن والإنقاذ. المطلب الثالث تطبیق فکرة الإتاوة فی مجال مرافق الأمن والإنقاذ أثیرت صعوبات فی مجال مرفق الأمن لتحدید متى یکون اللجوء إلى الرسم ومتى یتم اللجوء إلى الإتاوة. (1) عدم تمویل مهام الأمن من خلال الإتاوات: أما الحالة الأولى فهی عدم تمویل مهام الأمن من خلال الإتاوات. وهذه المهام تتم من أجل المصلحة العامة للجمیع، ومن ثم یتم تمویلها بالضرائب، ولا یجوز إلقاء عب تمویلها على الأفراد حتى ولو تم معرفة المستفیدین منها، ویقع تمویل هذه المهام على عموم الممولین. وتطبیقاً لذلک لا یجوز للدولة إلزام الشرکات التی تقوم بتشغیل مرفق الطرق السریعة بتمویل نفقات الشرطة استناداً إلى أن ممارسة الشرطة لمهام الرقابة وأمن المنتفعین تقع بطبیعتها على الدولة، والنفقات التی تتطلبها تظل لا علاقة لها بتشغیل شبکة الطرق محل الالتزام. کما یرفض القضاء أیضاً اعتبار الأشخاص الذین تقوم الإدارة فی مواجهتهم، أو تعهد إلى هیئات اعتماد مستقلة، ببعض مهام التفتیش والرقابة والفحص مستفیدین حقیقیین، وفی هذه الحالة یکون للقانون وحده النص على إلقاء تکالیف هذه المهام على عاتق المستفیدین أو طالبی الترخیص. (2) إلزام المستفید تکالیف بعض مهام خاصة للأمن: وأما الحالة الثانیة فهی خاصة بطلب المستفید خدمات معینة. فیحدث فی بعض الأحیان أن تقوم جهات الأمن بتقدیم مهام معینة تتجاوز المهام الإجباریة التی تکلف بها. وفی هذه الحالة لا یتعلق الأمر بمصلحة لجمیع المنتفعین، وإنما لمصلحة البعض تحدیداً، بحیث إن استفادة البعض منها تحول دون استفادة الآخرین. وعلى ذلک فالاستفادة الخاصة هنا تعطی مسوغاً لمقابل مالی على غرار الانتفاع الخاص بالمال العام. ویجیز مجلس الدولة فی مصر فی الحالة المتقدمة فرض إتاوة على من یطلب خدمات أمن إضافیة أو خاصة تتجاوز الخدمة العامة فی توفیر الأمن والمحافظة على الأموال. ومن ذلک على سبیل المثال تعیین حراسة خاصة على بعض المنشآت. وفی فرنسا کرس قانون التوجیه والبرامج فی 21 من ینایر 1995 بشأن الأمن إمکانیة أن تطلب الشرطة مقابلاً إضافیاً من الأشخاص عن خدمات الأمن التی لا تتعلق بالواجبات العادیة التی تقع على السلطة العامة فی مجال المحافظة على الأمن، وتتعلق بمصالحهم. (3) تمویل مرفق الإنقاذ : لا توجد قواعد واحدة یخضع لها مرفق الإنقاذ، فالقواعد متباینة ومختلفة. ویرجع ذلک إلى أن خدمة الإسعاف الخاصة أو التابعة لمراکز طبیة خاصة یتحمل تکلفتها المستفید منها، بینما خدمة الإطفاء تکون مجانیة. والمبدأ الذی یطبقه القضاء صارم وهو أن خدمات الإسعاف والإطفاء لا یمکن أن تکون نظیر مقابل مالی لا من طوائف الأشخاص الذین یمکن أن تکون لهم مصلحة خاصة فی مقاومة حریق، ولا حین تتدخل هذه المرافق من أجل إنقاذ شخص محدد. ومع ذلک توجد بعض الاستثناءات على هذه القاعدة المتشددة. فالقضاء یجیز الخروج علیها استناداً إلى فکرة أن الأداءات المقدمة من الشخص العام تتجاوز الاحتیاجات التی یکون ملزماً بتلبیتها مجاناً. ومن ذلک وجود مرفق الإطفاء فی صالات العرض. والنوع الثانی من الاستثناءات یقرره المشرع. وفی فرنسا أیضاً ینص القانون على المقابل المالی فی حالات الأنشطة الترفیهیة أو الریاضیة الخطرة بشکل خاص وتتطلب غالباً خدمات إنقاذ، وذلک بالنسبة للعملیات التی تستدعی نفقات عالیة (قانون رقم 276 فی 27 من فبرایر 2002).
المطلب الرابع إدخال معاییر جدیدة لتقدیر إتاوة الخدمة المقدمة إذا کان القضاء قد استطاع أن یحدد بدقة العناصر التی یمکن ان تدخل فی قیمة الإتاوة إلا أنه یبدو أکثر حذراَ حینما یتعلق الأمر بوضع طریقة تسمح بتقدیر هذه العناصر، ومن ثم یمتنع عن وضع قواعد صارمة، ویفضل أن یقتصر على التحقق من أن تحدید قیمة الإتاوة غیر مشوب ظاهریاً بخطأ، وذلک فی ضوء العناصر المقدمة من الخصوم. ویجب أن تتوافر فی المعاییر التی تحدد فی ضوئها قیمة الإتاوة عدة شروط هى أن تکون موضوعیة، وشفافة، ویمکن التحقق منها، وغیر تمییزیة. وتبدو مرونة القضاء فی قبوله أحیانا لمعاییر جزافیة، وإدخال تعدیلات وفقاً لمعاییر جغرافیة واجتماعیة. استخدام معاییر جزافیة: Critères forfitaires یجیز القضاء فی بعض الأحیان الأخذ بمعاییر جزافیة؛ من أجل تحدید التعریفة. ویقدم القضاء فی فرنسا حالتین: أما الحالة الأولى فهی خاصة بإتاوة الرقابة الجویة، وذلک انطلاقاً من اعتبارات واقعیة والرغبة فی التبسیط. فأجاز القضاء أن توزیع الإتاوات عن خدمات المرور الجوی النهائیة یعتمد على معیار یأخذ فی الاعتبار وزن الطائرة عند الإقلاع. وأما الحالة الثانیة فهی خاصة بإتاوة رفع المخلفات المنزلیة. فالقضاء یکتفی بوجود علاقة کافیة بین قیمة الإتاوة والخدمة المقدمة، ومن ثم أجاز أن تحدد القیمة جزافیاً، وذلک بالنسبة للاستخدام الموسمی للمخیمات وانتشارها الجغرافی. کما أجاز القانون أیضاً إنشاء إتاوة إجمالیة للمبانی الرأسیة تأخذ فی الاعتبار عدد السکان أو کمیة المخلفات المنتجة إما وفقاً للحجم أو الوزن، ویقوم الشخص المسئول عن إدارة المبنى السکنی بوصفه المنتفع من المرفق بتوزیع الإتاوة الإجمالیة على السکان. ولا یتفق مع ضرورة وجود علاقة کافیة بین قیمة الإتاوة والخدمة المقدمة أن یتم تحدید الإتاوة، أو الرسم، أخذاً فی الاعتبار أو الاسترشاد بعوامل خارجیة لا علاقة لها بالخدمة. مثال ذلک ما تضمنه قرار رئیس مجلس الوزراء فی مصر رقم 722 لسنة 2022 من النص على أنه یتم الاستشهاد بمعدلات استهلاک الکهرباء عند تحدید فئات رسوم مقابل خدمات الإدارة المتکاملة لمنظومة المخلفات أی رسوم النظافة (الملحق رقم 14). إدخال تکییف فی قیمة الإتاوة: Les modulations قد یستهدف تحدید قیمة الإتاوة أغراضاً أخرى غیر تغطیة تکالیف الخدمة؛ تطبیقاً لسیاسة مقصودة من الشخص العام، ومن ثم یتم إدخال تکییف على قیمة الإتاوة. فإذا کانت القاعدة تأبى إلقاء إتاوة على عاتق المستفید تزید قیمتها على تکالیف الخدمة المقدمة وإلا اکتسبت صفة ضریبیة، إلا أنه من الممکن أن تکون قیمة الإتاوة أقل من تکلفة الخدمة دون أن تفقد الإتاوة صفتها تلک. ومن هنا أجاز القضاء إدخال عدد من التکییفات التی تستند إلى معاییر جغرافیة، واجتماعیة، وتجاریة. وهذه التکییفات تخضع لمبدأ المساواة ووفقا له یفترض تحدید تعریفات مختلفة تطبق على نفس الخدمة المقدمة وعلى فئات مختلفة من المنتفعین بخدمة أو منشأة عامة، مالم یکن ذلک نتیجة ضروریة لقانون، إما ان یکون هناک اختلاف ملحوظ بین المنتفعین، وإما وجود ضرورة متعلقة بمصلحة عامة على علاقة بأوضاع تشغیل الخدمة أو المنشأة یوجب هذا الإجراء. وفی الحالة التی یقوم فیها مقدم الخدمة بإدخال تعدیلات على التعریفة فقد لا یستطیع الوصول إلى توازن الموازنة إلا عن طریق مساعدة تقدمها له السلطة العامة. اعتماد معاییر جغرافیة: أجاز القضاء منذ وقت مبکر إدخال معاییر جغرافیة تعتد على موقع إقامة المستفید من الخدمة، ورأی مجلس الدولة أنه یوجد اختلاف فی مرکز الأشخاص المقیمین بصفة دائمة فی جزیرة Re خارج فرنسا والمقیمین فیها، وهو اختلاف من شأنه تبریر وضع تعریفة مخفضة لانتقال السکان المقیمین فی الجزیرة. أما الأشخاص المقیمین فی الجزیرة بغرض خاص فلا تتوافر فیهم شروط الاستفادة من التعریفة التفضیلیة. وقد منح المجلس الدستوری حمایة دستوریة للتمییز وفقاً لمعاییر جغرافیة بمناسبة رقابته على دستوریة النص التشریعی الذی یجیز لقرار إنشاء الإتاوة الخاصة بالمنشآت الهندسیة التی تربط بین الطرق الإقلیمیة النص على تعریفات مختلفة أو مجانیة وفقاً لتنوع طوائف المنتفعین؛ للأخذ فی الاعتبار إما لضرورة مصلحة عامة لها علاقة بأوضاع استغلال المنشأة، وإما المرکز الخاص لبعض المنتفعین، وخصوصاً الذین یقع موطنهم أو مقر عملهم فی المحافظات المعنیة. وقد استقر القضاء فی فرنسا على اعتناق الرؤیة المتقدمة. اعتماد معاییر اجتماعیة: یجیز القضاء إدخال تعدیل على التعریفة استناداً على معاییر اجتماعیة، وهو نهج یتفق مع التمییز الإیجابی. وهذا التمیز یعتمد على التفاوت بین الأسر فی الموارد. وهذ التمیز لا یستند إلى اختلاف المراکز بین الأفراد وإنما إلى ضرورة الاستفادة من الخدمة دون تمییز وفقاً للقدرات المالیة. وفی هذا السیاق قضى مجلس الدولة بأن الاعتبارات الاجتماعیة تبررها مصلحة عامة تفترض أن الامیذ یمکنهم الاستفادة من معهد للموسیقى دون تمییز وفقاً لقدراتهم المالیة. وبدوره أیضاً کرس القانون فکرة إدخال المعاییر الاجتماعیة فی تحدید تعریفة الخدمات التی تقدمه المرافق العامة الإداریة الاختیاریة، فیمکن تحدیدها وفقاً لمستوى دخل المنتفعین وعدد أشخاص العائلة الواحدة، وأن الأسعار المحددة لا تحول دون المساواة فی الانتفاع من الخدمة. ومع ذلک یذهب القضاء إلى أن الإعفاء من الإتاوة لا یکون غیر مشروع إلا إذا تم تفسیر القانون على أنه لا یجیزه، أو لا یکون له علاقة مع موضوع الخدمة مثل إعفاء کبار السن من بعض الإتاوات. إدخال تعدیلات على تعریفة الإتاوة وفقاً لسیاسة تجاریة: تعدیل تعریفة الإتاوة یمکن أن یفهم أحیاناً على أنه أداة لاتباع سیاسة تجاریة. وأجاز القضاء منطق هذا التعدیل. ففی حکم لمجلس الدولة أکد على سلامة تحدید مطارات باریس لتعریفة تدریجیة لهبوط طائرات شحن البضائع وفقاً للحمولة السنویة للشرکة فی ضوء المصلحة العامة المرتبطة بتطویر مطارات باریس باعتبارها منصة للشحن الدولی وتوسیع عرض الشحن الجوی المتجه إلى هذه المطارات. وهذا القضاء یأخذ فی الاعتبار المتطلبات الاقتصادیة والتجاریة التی تواجهها بعض المشروعات العامة، ویجب أن تظل معقولة حتى تکون بعیدة عن مخاطر إلغاء القضیة لها الذی یحرص على مراعاة مبدأ المساواة بین المنتفعین أمام المرافق العامة. عدم جواز الإعفاء التام من أداء الإتاوة: الإتاوة لا تفرض إلا نظیر خدمة مقدمة کما قدمنا. وعلى سبیل المثال تحدد قیمة إتاوة رفع المخلفات المنزلیة وفقاً لأهمیة الخدمة المقدمة من المرفق لکل طائفة من طوائف المستفیدین من الخدمة. وعلى ذلک لا یجوز للسلطة التی أنشأت الإتاوة تقریر الإعفاء التام من دفع الإتاوة سواءً فیما یتعلق بجمع المخلفات أو معالجتها للمستفیدین الذین ینتمون لطائفة مثل العاملین فی المبانی أو التجارة الجائلة وغیرها دون إثبات ما یفید أن هؤلاء المهنیین لا ینتجون أی نفایات منزلیة، أو أن النفایات التی ینتجونها تشبه النفایات المنزلیة وإلا یکون قد خالف مبدأ المساوة. التمییز فی قیمة الإتاوة بین المستفیدین من الخدمة: یجوز التمییز فی قیمة الإتاوة عن نفس الخدمة المقدمة بین طوائف عدیدة من المنتفعین. غیر أن هذا التمییز یفترض إما أن توجد بینهم اختلافات راجعة إلى مراکز یمکن تقییمها، وإما وجود ضرورة ترتبط بمصلحة عامة ترتبط بظروف استغلال الخدمة مما یبرر هذا الإجراء. وعلى ذلک إذا کانت المدعیة تتمسک بأن المرسوم محل النزاع لا یجوز له من دون مخالفة مبدأ المساواة الاحتفاظ بمستوى أدنى وطبیعة جزافیة للإتاوة فی محافظات ما وراء البحار بالمقارنة بالمحافظات التی تقع فی فرنسا إلا أن هذا الاختلاف یجد تبریراً موضوعیاً فی الاهتمام بتشجیع تنمیة استخدام الترددات الإذاعیة بواسطة جهاز یتکیف مع الوضع المحلی بالنظر إلى العدد المحدود من الطلبات، وهذا التمییز یستند من ثم إلى اعتبارات المصلحة العامة. وبالمقابل لا یکون التمییز بین المنتفعین مبرراً فی حالة وجود اختلاف فی تکلفة الوصول من خلال الإنترنت لموارد الأرشیف اعتماداً على ما إذا کان مقدم الطلب یقیم فی المحافظة التی تحتفظ بها أم لا. غیر أن هذا الرأی یتعارض مع أحکام القضاء التی تجیز التمییز وفقاً لأسباب جغرافیة. کذلک یکون التمییز فی التعریفة مبرراً إذا کان یستند إلى اختلاف المراکز بین المستفیدین. وتطبیقاً لذلک إذا تم تعدیل تعریفة الإتاوة لخمسة منازل کانت تتصل بالفعل من قبل بمحطة معالجة میاه للصرف الصحی قبل تشیید المحطة الجدیدة التی أدت إلى توصیل عدد کبیر من المنازل إلیها، ونظراً لهذه الاستفادة من الخدمة السابقة یکون قرار تعدیل التعریفة لهذه المنازل بما یتفق مع تشغیل المنشآت القائمة من قبل لا یکون القرار قد خالف مبدأ المساواة لاختلاف أوضاع المستفیدین. المبحث الثالث الاختصاص القضائی بمنازعات الإتاوات نعرض تباعاً الاختصاص القضائی بالمنازعات الخاصة بإتاوة الأملاک (المطلب الأول)، وبإتاوة الخدمة المقدمة (المطلب الثانی)، وأخیراً طبیعة دعاوى الإتاوات وحدود رقابة القضاء على تقدیر الإتاوة (المطلب الثالث).
المطلب الأول الاختصاص القضائی بمنازعات إتاوة الأملاک الاختصاص الواسع القضاء الإداری بمنازعات إتاوات الأملاک: الاختصاص بمنازعات إتاوة الأملاک یتّبع بالضرورة ودائماً القضاء الإداری؛ لأن الإتاوة ترتبط مباشرة بإشغال الأملاک العامة، ویتم استقطاعها بمناسبة أعمال وعملیات للسلطة العامة. وبالإضافة إلى ذلک ینص التقنین العام لأملاک الأشخاص العامة فی فرنسا على اختصاص القضاء الإداری بالمنازعات المتعلقة بمبدأ أو قیمة إتاوات الإشغال أو استعمال الأملاک العامة أیا کانت طرق تحدیدها(المادة (L.2331-1.2. ویدخل فی اختصاص القاضی الإداری بطبیعة الحال المنازعات الخاصة بمشروعیة القرارات المتعلقة بتعریفة إتاوة إشغال الأملاک العامة. ومن جانب آخر لا یجوز إثارة المنازعة فی الشروط التعاقدیة المنشئة للإتاوات بواسطة الدفع بعدم المشروعیة. وعلى العکس إذا تعلق الأمر بقرار لائحی یحدد تعریفة الإتاوة فیمکن المنازعة فی مشروعیته سواءً بطریق مباشر بدعوى الإلغاء أو بطریق غیر مباشر من خلال الدفع بعدم مشروعیته بمناسبة الطعن فی ترخیص الإشغال أو الاستعمال أو السند التنفیذی الصادر استنادا له. والسبب المتعلق بعدم مشروعیة القرار أساس سند الإشغال المتنازع فیه هو سبب متعلق بالمشروعیة الداخلیة. وقد قننت المادة L.2331-1 من تقنین ملکیة الأشخاص العامة فی فرنسا اختصاص القاء الإداری بمنازعات إتاوة الأملاک، فنصت على اختصاص القاضی الإداری بالفصل فی المنازعات المتعلقة بمبدأ أو قیمة إتاوات إشغال أو استعمال الأملاک العامة أیا کانت طریقة تحدیدها. ویختص القاضی الإداری وحده فی دعاوى إلغاء الأوامر التنفیذیة المبلغة. والقضاء الإداری له رؤیة مفادها أنه صاحب اختصاص کامل فی مجال منازعات إتاوة الأملاک؛ بسبب الطبیعة ذاتها للعمل المنشئ التصریح بإشغال الأملاک العامة، أیا کانت طبیعة الإشغال. ومادام الإیراد لیست له صفة ضریبیة تکون المنازعة فی أمر التحصیل من اختصاص القاضی الإداری. ویختص القضاء الإداری بالإضافة إلى ما سبق بالدعاوى التی یکون موضوعها رفض إلزام المدعی بدفع الإتاوة، وطلب إلزام شاغل المال بدفع الإتاوة أو مبلغ مؤقت بسبب عدم دفع إتاوة الأملاک، والجزاء الموقع على تاجر بسبب رفضه دفع إتاوة إضافیة. المطلب الثانی الاختصاص القضائی بمنازعات إتاوة الخدمة المقدمة معاییر اختصاص القضاء الإداری بمنازعات إتاوات الخدمة المقدمة فی فرنسا: تختلف القواعد المتعلقة بتوزیع الاختصاص القضائی بالمنازعات الخاصة بإتاوة الخدمة المقدمة اختلافاً واضحاً فی فرنسا عن مصر. ففی فرنسا تحدد اختصاص القضاء الإداری فی مجال الإتاوة عن الخدمات المقدمة فی حکم محکمة التنازع فی 1921 وبمقتضاه یختص القضاء الإداری بالمنازعات الخاصة بالإتاوات عن الخدمة المقدمة بشرط أن تمول هذه الإتاوة مرفقاً من طبیعة إداریة، أو إذا نص القانون على اختصاصه. کما یختص القضاء الإداری أیضاً بالإتاوات التی یتطلب حسابها أو تحصیلها ممارسة امتیازات السلطة العامة، ومن ثم یختص بالفصل فی دعوى الإلغاء الموجهة إلى القرارات التی تحدد مستوى تعریفة الإتاوات عن الخدمة المقدمة مادامت هذه القرارات نتیجة لممارسة أسالیب السلطة العامة. ویختص القضاء الإداری بالفصل فی مشروعیة القرارات التی تنشئ أو تعدل أو تلغی إتاوة، ومنه القرارات المتعلقة بتحدید قیمة إتاوة أو کیفیة تحصیلها. وبناءً على ذلک قضى القضاء الإداری باختصاصه لتقدیر مشروعیة الإتاوة التی تسمح بتمویل مرفق إداری أی التی تقوم بتشغیلها الدولة أو أحد کیاناتها ؛ من أجل إنجاز عمل یدخل فی اختصاصاتها کأن یکون الهدف من تحصیلها القیام بأداء مهمة خاصة بسلامة الملاحة الجویة، کما أنها مخصصة لمرفق عام إداری. ومن الإتاوات التی یختص بها القضاء الإداری أیضاً تلک المتعلقة بتقدیم الدولة للأفراد والمشروعات الخاصة معلومات إحصائیة. وعلى العکس قضى مجلس الدولة باختصاص القاضی الإداری بالمنازعة فی قیمة الإتاوة التلیفونیة الواردة فی أمر التحصیل. فالمحکمة الإداریة الاستئنافیة فی باریس قضت باختصاص القضاء الإداری فی المنازعة فی أوامر دفع الإتاوة المستحقة للطلاب نتیجة شغل المساکن التی خصصها مجلس إدارة المجلس الإقلیمی للخدمات الجامعیة والمدرسیة، نظراً لأن المرکز ذو صفة إداریة على الرغم من أن هذه المساکن من الأملاک الخاصة للجهة المالکة . اختصاص القضاء المدنی بمنازعات إتاوة الخدمة المقدمة: وأکدت محکمة التنازع موقفها من جدید فقضت أنه إذا منح المشرع فی تقنین الأشخاص الإقلیمیة هذه الأشخاص القیام برفع النفایات والمخلفات والبقایا وأن تنشئ إتاوة تحسب وفقاً لحجم الخدمة المؤداة التی یؤدی إنشاؤها إلى إلغاء رسم رفع هذه النفایات، وإحلال التمویل المباشر للخدمة بواسطة المنتفع محل الإیراد الضریبی یکون قد قصد تمکین الأشخاص الإقلیمیة من إدارة هذا المرفق بوصفه نشاطاً تجاریاً وصناعیاً، ومن ثم لا یختص إلا القضاء المدنی بالفصل فی المنازعات المتعلقة بدفع الإتاوات المطلوبة من المنتفعین. ومما قرره مجلس الدولة الفرنسی على سبیل المثال أن مرفق رفع النفایات المنزلیة التابع للمقاطعة له صفة صناعیة وتجاریة، ومن ثم ینعقد الاختصاص للقضاء المدنی فیما یتعلق بالمنازعات المتعلقة بدفع الإتاوة. وبالمقابل وفیما یتعلق بقرار المجلس البلدی بتحدید قیمة الإتاوة التی یؤدی إنشاؤها إلى إلغاء رسم رفع النفایات المنزلیة فینعقد الاختصاص للقضاء الإداری بتقدیر مشروعیته. ونظراً لأن الإتاوة لیس لها صفة الضریبة فلا یکون القاضی المدنی مختصاً، کما فی المواد الضریبیة، لتقدیر مشروعیة القرار اللائحی الذی تم الاستناد إلیه لإقامة وتحصیل الضریبة. ویختص القضاء المدنی أیضاَ بالمنازعات المتعلقة بالإتاوة التی تثور بین المنتفعین وشرکة المطارات والتی تتعلق باستخدام منشآت المیناء الجوی على الرغم من أن تعریفة الإتاوة تم تحدیدها بالطریق اللائحی کما تتطلب الخدمة المقدمة استعمال منشآت عامة. ویؤکد المجلس فی حکم آخر اختصاص القضاء المدنی بالمنازعات المتعلقة بإتاوة رفع النفایات والمتعلقة بوعائها وتحصیلها والمطلوب أداؤها من المنتفعین بهذه الخدمة ؛ لأن المشرع فرض على الأشخاص الإقلیمیة إدارة المرفق المعنی بوصفه نشاطاً له صفة صناعیة وتجاریة سواءً قامت بإدارته بنفسها أو من خلال التفویض. أما فی مصر فلا نعتقد أن الاختصاص القضائی لمجلس الدولة بمنازعات الإتاوات عن الخدمة المقدمة یتوقف على طبیعة المرافق العامة التی تتولى أداء الخدمة، ففی جیع الأحوال تفرض الإتاوة بقرارات، کما یتم تحصیلها، عند الاقتضاء وفقاً لقواعد التنفیذ الجبری سواءً کان المرفق إداریاً أو اقتصادیاً. وبالمقابل یختص القضاء المدنی فی فرنسا بدعوى استرداد إتاوة دفت استناداً إلى قرار لائحی قضى بإلغائه؛ لأنه تأخذ حکم الضرائب غیر المباشرة. وهذا الحکم لا محل لتطبیقه فی القانون المصری بعد أن أصبحت المنازعات الضریبیة من الاختصاص الحصری لمجلس الدولة المصری.
المطلب الثالث طبیعة دعاوى الإتاوات وحدود رقابة القضاء الإداری طبیعة الدعاوى الخاصة بالإتاوات: الدعاوى الخاصة بإلغاء الترخیص بالإشغال أو بفرض الإتاوةتدخل فیدعاوى الإلغاء. أما إذا کان الترخیص بالإشغال تم فی صورة عقد فتتبع الدعوى منازعات القضاء الکامل سواءً رفعت الدعوى من المتعاقد أو من الغیر. ویجیز القضاء تجزئة الشروط المالیة عن الشروط الأخرى للتصریح بالإشغال إذا کان الترخیص قراراً إداریاً. فقد قضت المحکمة الإداریة فی مارسیلیا بأن النصوص المالیة وفقاً لمضمونها وموضوعها قابلة للتجزئة عن النصوص الأخرى للقرارات المانحة لتراخیص الطرق والتی تحدد کیفیة تطبیقها. أما فیما یتعلق بالشروط المالیة الواردة فی عقود الانتفاع بالمال العام فقد اختلف القضاء فی مسألة تجزئة الشروط المالیة. حدود رقابة القضاء على تحدید الإتاوة: یجب على الشخص العام تبریر کیفیة حساب قیمة الإتاوة. ویقع عبء الإثبات على الشخص العام الذی یفرض الإتاوة. ویمارس القاضی الإداری رقابة محدودة على تقدیر السلطة الإداریة بقصد تحدید مبلغ إتاوة إشغال المال العام مثل إتاوة إشغال المسکن الوظیفی الممنوح لخدمة المرفق على أن تأخذ الإدارة فی الاعتبار عند تحدیدها خصائص المال، والقیمة الإیجاریة الملحوظة للمساکن المعادلة الواقعة فی نفس القطاع الجغرافی، والأوضاع الخاصة لإشغال المسکن، وخصوصاً الأعباء المحتملة المفروضة على العامل أو الموظف . یراقب القاضی الإداری الخطأ فی القانون والخطأ فی تقدیر معاییر تحدید الإتاوة. غیر أن رقابته هی رقابة محدودة تقتصر على الخطأ البین فی التقدیر للمبلغ المحدد على أساس هذه المعاییر. ویمارس رقابة محدودة أیضاً على مستوى الإتاوة ذاته فی الحالة التی یتمسک فیها المدعی بعدم تناسب القیمة. وقد اعتمد القضاء التحلیل الذی یأخذ فی الاعتبار، بالإضافة إلى المعاییر الأخرى المتفق علیها، تکالیف التشیید وصیانة الشبکات. وتقرر المحکمة الإداریة الاستئنافیة فی مارسیلیا عدم وجود خطأ بین فی تقدیر إتاوة الأملاک الخاصة بتنظیم أحد الأسواق الخاصة بالسلع المستعملة یوم الأحد، ورأت أن قیمة الإتاوة لم یتم تقلیلها بشکل واضح؛ بالنظر إلى طبیعة عنصر الأملاک المحلیة المعنی وهو جزء من سیارات شبه مغطاة، ومدة الإشغال وهى ثمان ساعات أسبوعیاً، وطبیعة الإشغال، وموضوع نشاط الجمعیة، ووجود تکالیف مرتبطة بتنظیم السوق وخصوصاً تلک المرتبطة بإعادة الحال إلى المال أسبوعیاً، والتأمین، والمزایا من أی نوع التی یمکن للجمعیة الحصول علیها من إشغال الأملاک العامة. وأخیراً یمارس القضاء رقابة محدودة تقتصر على الخطأ البین فی التقدیر على قرارات المسئول المختص عن إتاوة الاذاعة المسموعة والمرئیة بمنح الإعفاء أو التخفیف من الإتاوة المفروضة قانوناً فی حالة وجود معاناة أو استخالة على المدین للوفاء بها، ویتحقق هذا الخطأ على سبیل المثال إذا قدمت صاحة الشأن ما یفید أنه تعیش بمفردها دون عمل مع أطفالها الذین ترعاهم، ولم یتوافر لها إلا دخلاً محدوداً، ومن ثم شاب القرار خطأ ظاهر فی تقدیر وضع صاحبة الشأن. وبالمقابل تکون رقابة القضاء عادیة فی حالات أخرى. ومن ذلک أنه إذا کان جائزاً لوزیری الطیران المدنی والاقتصاد رفض اعتماد اقتراح تعریفة إتاوة المرور المطبقة على محطات السیارات بالمطار استناداً إلى عدم کفایة العناصر المالیة المقدمة من غرفة التجارة والصناعة لتفصیل اقتراحها بالتعریفة، ومن ثم لم یکن ممکناً للوزیرین تحدید ما إذا کانت تعرفة الإتاوة المقترحة مرتبطة بتکالیف الاستثمار والتشغیل للمحطة وجودة الخدمة المقدمة على نحو ما یشترط تقنین الطیران المدنی، ومن ثم لا یکون الوزیران قد ارتکبا أی خطأ فی القانون، بالإضافة إلى عدم ثبوت إساءة استعمال السلطة. آثار الحکم بعدم مشروعیة إتاوة الخدمة المقدمة: إذا صدر حکم بإلغاء القرار المنشئ للإتاوة یترتب علیه زوال هذا القرار من النظام القانونی، وبالتبعیة ینشأ الحق فی استرداد قیمة الإتاوة لکل من قام بأدائها. وفی هذه الحالة لا یجوز للسلطة التشریعیة إقرار قانون بتصحیح قرار إنشاء الإتاوة بعد إلغائه قضائیاً. أما فی الحالة التی یتم فیها الدفع بعدم مشروعیة قرار إنشاء الإتاوة بمناسبة الفصل فی دعوى تستهدف عدم خضوع المدعی لها، أو عدم مشروعیة قرار تحدید تعریفة الإتاوة، وتقضی المحکمة فی هذا الاتجاه فقط أی بعدم خضوع المدعی للإتاوة؛ بسبب عدم مشروعیة قرار إنشائها أو عدم مشروعیة قرار تحدید التعریفة الخاصة بها. یثار السؤال بطبیعة الحال عن آثار الحکم بعدم مشروعیة الإتاوة، أو تحدید تعریفتها. لا یؤدی الحکم بعدم مشروعیة قرار إنشاء الإتاوة أو تحدید تعریفتها إلى زوال القرار من النظام القانونی بأثر رجعی، کما لا یؤدی إلى إعادة القرار السابق عیه للحیاة من جدید، ومن ثم وفیما یتعلق بالفترة محل النزاع أمام المحکمة لا تطبق أی تعریفة على الخدمات المقدمة على المنتفعین لمن المرفق العام للمیاه الذین أقاموا الدعوى بعدم الخضوع لهذه الإتاوة، او تخفیضها وأثاروا الدفع بعدم مشروعیة قرار تحدید تعریفة المیاه. ومع ذلک وبالنظر إلى موضوع الإتاوة وهو أنها مقابل مالی عن خدمات مؤداه فلا یترتب على تقریر عدم المشروعیة إعفاء المنتفعین الذین نازعوا فی قیمیتها قضائیاً من أی التزام بدفع الإتاوة نظیر الخدمة التی استفادوا منها فعلاً، ومن ثم کان جائزاً للجهة المعنیة تصحیح الأوضاع الناشئة عن هذه المنازعات بقرار یحدد یأثر رجعی، ومع احترام أسباب الحکم التی تشکل دعامته الأساسیة، ومن دون تصحیح الأوراق التنفیذیة الصادرة استناداً إلى القرارات غیر المشروعة. فإذا کان سبب عدم المشروعیة یرجع إلى اتخاذ القرار دون توافر الأغلبیة فلا تکون الجهة المعنیة قد انتهکت حجیة الشیء المحکوم فیه بتحدید تعریفة للإتاوة بنفس مستوى التعریفة الذی کان منصوصاً علیه فی القرارات غیر المشروعة. الخلاصة الآن نصل إلى نهایة هذا البحث وکتابة الکلمات الأخیرة فیه. وکان الهدف منه مزدوجاً: أما الهدف الأول فهو تحدید مضمون فکرة الإتاوة. وفی نطاق هذا الهدف أتمنى أن تکون هذه الدراسة قد أسهمت بفعالیة فی إزالة الغموض الذی ظلت الإتاوات أسیرة له طوال السنوات الماضیة، فقد ربطها العامة بجبایة أموال دون سند قانونی، بینما ربطها القانونیون بمقابل التحسین، بینما کان هذا الاعتقاد أو ذلک غیر صحیح. وعلى الرغم من أن تقسیم الإتاوة إلى إتاوة أملاک عامة وإتاوة خدمات مقدمة یبدو جوهریاً فی دراسة الإتاوة إلا أن التمییز بین النوعین کما قدمنا لیس تمییزاً مطلقاٌ، وتبدو الاختلافات بینهما غیر قاطعة؛ بسبب کیفیة تقدیر قیمة الإتاوة. ومن هنا لم تکن دراسة کل من نوعی الإتاوة على استقلال، وإنما وفقاً لأفکار وقواعد عامة تظهر أوجه التشابه والاختلاف بینهما. وأما الهدف الثانی فهو إبراز العناصر الممیزة للإتاوة التی تمیزها عن غیرها من الإیرادات العامة. وهنا نجد أن الإتاوة تتمیز بخصائص تقتصر علیها وهى أنها مقابل تقدمه الإدارة سواءً بالتصریح بإشغال أملاک عامة أو بتقدیم خدمات محددة لأشخاص محددة، بالإضافة إلى أن قیمتها تتمیز بالتعادل مع قیمة الأداء الذی تقدمه الإدارة. وهذه الخصائص تمیز الإتاوة عن الضریبة والرسم. وإلى جانب هذه الخصائص أو المعاییر الثابتة تتمیز معاییر تقدیر قیمة الإتاوة بمرونة کبیرة، وأصبح التمییز بسببها بین نوعى الإتاوة تمییزاً لا یستند إلى أساس قوى. موضوع الإتاوة یبدو شائکاً تتداخل فیه عناصر عدیدة وتفصیلات متنوعة. وحاولنا تقدیمه من خلال رؤیة تتخلل أکثر من فرع من فروع القانون، وهو ما ضاعف من صعوبة عرضه. الإتاوة کانت قبل إجراء هذا البحث تبدو کلمة تنتمی إلى عالم افتراضی غیر واقعی فی عالم القانون. وکل ما أتمناه أن تکون قد انتقلت الآن إلى العالم الحقیقی لها وهو عالم القانون! الخاتمـة الآن نصل إلى نهایة هذا البحث وکتابة الکلمات الأخیرة فیه. وکان الهدف منه مزدوجاً: أما الهدف الأول فهو تحدید مضمون فکرة الإتاوة. وفی نطاق هذا الهدف أتمنى أن تکون هذه الدراسة قد أسهمت بفعالیة فی إزالة الغموض الذی ظلت الإتاوات أسیرة له طوال السنوات الماضیة، فقد ربطها العامة بجبایة أموال دون سند قانونی، بینما ربطها القانونیون بمقابل التحسین، بینما کان هذا الاعتقاد أو ذلک غیر صحیح. وعلى الرغم من أن تقسیم الإتاوة إلى إتاوة أملاک عامة وإتاوة خدمات مقدمة یبدو جوهریاً فی دراسة الإتاوة إلا أن التمییز بین النوعین کما قدمنا لیس تمییزاً مطلقاٌ، وتبدو الاختلافات بینهما غیر قاطعة؛ بسبب کیفیة تقدیر قیمة الإتاوة. ومن هنا لم تکن دراسة کل من نوعی الإتاوة على استقلال، وإنما وفقاً لأفکار وقواعد عامة تظهر أوجه التشابه والاختلاف بینهما. وأما الهدف الثانی فهو إبراز العناصر الممیزة للإتاوة التی تمیزها عن غیرها من الإیرادات العامة. وهنا نجد أن الإتاوة تتمیز بخصائص تقتصر علیها وهی أنها مقابل تقدمه الإدارة سواءً بالتصریح بإشغال أملاک عامة أو بتقدیم خدمات محددة لأشخاص محددة، بالإضافة إلى أن قیمتها تتمیز بالتعادل مع قیمة الأداء الذی تقدمه الإدارة. وهذه الخصائص تمیز الإتاوة عن الضریبة والرسم. وإلى جانب هذه الخصائص أو المعاییر الثابتة تتمیز معاییر تقدیر قیمة الإتاوة بمرونة کبیرة، وأصبح التمییز بسببها بین نوعى الإتاوة تمییزاً لا یستند إلى أساس قوى. موضوع الإتاوة یبدو شائکاً تتداخل فیه عناصر عدیدة وتفصیلات متنوعة. وحاولنا تقدیمه من خلال رؤیة تتخلل أکثر من فرع من فروع القانون، وهو ما ضاعف من صعوبة عرضه. الإتاوة کانت قبل إجراء هذا البحث تبدو کلمة تنتمی إلى عالم افتراضی غیر واقعی فی عالم القانون. وکل ما أتمناه أن تکون قد انتقلت الآن إلى العالم الحقیقی لها وهو عالم القانون!
The Author declare That there is no conflict of interest
References (Arabic Translated to English) and References (English) ALIBERT(J.-L),
BOUDUNE(J.),
BROUSSOLLE(D.),
CABANNES(X.),
CONSEIL D’ETAT,
DIETSCH(F.) et POTVIN(L.),
DEVYS(Ch.),
DUFAU(V.),
FOUQUET(O.),
HERTZOG(R.), 10. -Le prix du service public, AIDA, 1997, numéro spécial, p. 55 JEANNARD(S.),
LEI(M.),
LE MENTEC(F.),
LOHEAC-DERBOULLE(Ph.),
MARGIRIT(D.),
MENDES-BETEILLE (J.) et NAHMIAS(N.),
MICHEL(J.),
TAILLEFAIT(A.),
UNTERMAIER(E.),
| ||
References | ||
ALIBERT(J.-L),
BOUDUNE(J.),
BROUSSOLLE(D.),
CABANNES(X.),
CONSEIL D’ETAT,
DIETSCH(F.) et POTVIN(L.),
DEVYS(Ch.),
DUFAU(V.),
FOUQUET(O.),
HERTZOG(R.), 10. -Le prix du service public, AIDA, 1997, numéro spécial, p. 55 JEANNARD(S.),
LEI(M.),
LE MENTEC(F.),
LOHEAC-DERBOULLE(Ph.),
MARGIRIT(D.),
MENDES-BETEILLE (J.) et NAHMIAS(N.),
MICHEL(J.),
TAILLEFAIT(A.),
UNTERMAIER(E.),
| ||
Statistics Article View: 1,972 PDF Download: 460 |