طبیعة حق الانسان فی الصحة | ||
الرافدین للحقوق | ||
Article 8, Volume 24, Issue 78, March 2022, Pages 218-250 PDF (353.63 K) | ||
Document Type: بحث | ||
DOI: 10.33899/alaw.2022.172986 | ||
Authors | ||
رنا عصام ادریس* 1; سحر محمد نجیب2 | ||
1کلیة الحقوق/ جامعة الموصل | ||
2کلیة الحقوق جامعة الموصل | ||
Abstract | ||
المستخلص یعتبر حق الانسان فی الصحة من الحقوق الأساسیة والجوهریة فی اطار حقوق الانسان فهو ضروری لاستمرار حیاة الانسان وتناولت الشرعة الدولیة لحقوق الانسان هذا الحق یرتبط هذا الحق بسلامة الإنسان جسدیا وعقلیا. لذا تبحث هذه الورقة فی طبیعة هذا الحق مع الترکیز على طبیعة هذا الحق ذو الطبیعة المزدوجة فهو یتضمن عدد من الحریات والحقوق الخاصة یتمتع بها الفرد والمجتمع وهو حق طبیعی نجد مصدره فی النظرة الاخلاقیة للطبیعة البشریة. ویخلص البحث إلى أن الحق فی الصحة مرتبط بمفهوم الصحة العامة وهذا الأخیر مجال بتغیر دینامیکی مستمر. | ||
Highlights | ||
ان هذه الدراسة هی محاولة بسیطة تهدف للتعریف بالحق فی الصحةومدى تأثیره على الفرد والمجتمع والتوعیة بأهمیته لما له من قیمة کبرى فی حیاة البشر | ||
Keywords | ||
الحق فی الصحة; حقوق الانسان الاساسیة; حق طبیعی; النظرة الاخلاقیة; طبیعة الحق فی الصحة | ||
Full Text | ||
طبیعة حق الانسان فی الصحة-(*)- The Nature of the Human Right to Health
(*) أستلم البحث فی 12/6/2019 *** قبل للنشر فی 3/9/2019. (*) received on 12/6/2019 *** accepted for publishing on 3/9/2019. Doi: 10.33899/alaw.2022.172986 © Authors, 2022, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license (http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).
المستخلص یعتبر حق الانسان فی الصحة من الحقوق الأساسیة والجوهریة فی اطار حقوق الانسان فهو ضروری لاستمرار حیاة الانسان وتناولت الشرعة الدولیة لحقوق الانسان هذا الحق یرتبط هذا الحق بسلامة الإنسان جسدیا وعقلیا. لذا تبحث هذه الورقة فی طبیعة هذا الحق مع الترکیز على طبیعة هذا الحق ذو الطبیعة المزدوجة فهو یتضمن عدد من الحریات والحقوق الخاصة یتمتع بها الفرد والمجتمع وهو حق طبیعی نجد مصدره فی النظرة الاخلاقیة للطبیعة البشریة. ویخلص البحث إلى أن الحق فی الصحة مرتبط بمفهوم الصحة العامة وهذا الأخیر مجال بتغیر دینامیکی مستمر. الکلمات المفتاحیة: الحق فی الصحة، حقوق الانسان الاساسیة ، حق طبیعی، النظرة الاخلاقیة، طبیعة الحق فی الصحة. Abstract The right to health is one of the fundamental human rights as it is essential for the continuity of human life . The human right to health includes protecting citizen physical and mental health. This paper examines the nature of this right focusing on the ethical aspect of the right. It concludes that the right to health is associated with the concept of public health and the latter is a field undergoing dynamic change. keywords: fundamental human rights, right to health, natural right, the nature of the right to health, ethical view. المقدمـة تعتبر حقوق الانسان من اهم مظاهر تطور المجتمعات وانعکاسا لواقعها الاقتصادی والاجتماعی والثقافی ویعتبر الحق فی الصحة من اهم الحقوق التی یجب ان تتوفر للإنسان وهو من الحقوق الاجتماعیة التی تقع ضمن الجیل الثانی من حقوق الانسان ویحظى بأهمیة کبیرة لاعتباره من الحقوق الأساسیة فمن غیر المتصور وجود مجتمع متطور ومتقدم من دون وجود افراد یتمتعون بمستوى جید من الصحة الجسمیة والعقلیة والنفسیة لغرض بناء مجتمعات قادرة على الاسهام فی خدمة وطنهم بکافة المجالات مما جعله محطة اهتمام الدول التی تحرص على النص علیه فی دساتیرها وتمتع افرادها به بتبنی المعنى الواسع والابتعاد عن المعنى الضیق. اولا: أهمیة الدراسة یحتل موضوع الحق فی الصحة مکانة هامة فی حیاة الانسان باعتبار ان الصحة تاج على رؤوس الاصحاء لا یراها الا المرضى. حیث تکمن أهمیة هذه الدراسة فی بیان ان الحق فی الصحة من الحقوق الاساسیة وان حمایتها وضرورة الحفاظ علیها من اهم مسؤولیات الدولة لذلک کان من واجب الدول اقامة أسس وثوابت صحیحة فی حمایة هذا الحق لحساسیة القضایا التی یتناولها ومساسه بالحیاة الیومیة للأفراد ثانیا: اهداف الدراسة ان هذه الدراسة هی محاولة بسیطة تهدف للتعریف بالحق فی الصحة من خلال بیان مفهومه وعناصره وتحدید طبیعة هذا الحق ومدى تأثیره على الفرد والمجتمع والتوعیة بأهمیته لما له من قیمة کبرى فی حیاة البشر ویعد هذا الحق أیضا ضمانة للفرد من الممارسات التی قد تقع علیه (کالتعذیب والتجارب الطبیة....). ثالثا: مشکلة الدراسة انطلاقا من ان حق الانسان فی الصحة هو الجسر الرابط بین سائر حقوق الانسان الأخرى سوار اکانت الحقوق الاجتماعیة والاقتصادیة والثقافیة ام الحقوق المدنیة والسیاسیة علیه یعد احد حقوق الانسان الأساسیة التی کرستها الوثائق الدولیة الا ان هذا الحق له طبیعة دستوریة حیث نصت علیه صراحة دساتیر اغلبیة الدول. تکمن اشکالیة بحثنا من خلال الإجابة عن التساؤلات التالیة : 1- ما هو حق الانسان فی الصحة ؟ 2- هل یعد حق الانسان فی الصحة احد حقوق الانسان الأساسیة التی تثبت للفرد أی کان جنسه او لونه او دینه او ظروفه الاجتماعیة والاقتصادیة؟ 3- هل یتسم حق الانسان فی الصحة بالطبیعة الدستوریة ؟ رابعا: فرضیة الدراسة تتجلى فرضیة الدراسة فی اثبات ان حق الانسان فی الصحة من الحقوق المنصوص علیها فی اغلب دساتیر العالم فبات من البدیهی الاهتمام القانونی به حتى وصف بانه من الحقوق الأساسیة التی لا یمکن الاستغناء عنها والتی تثبت للإنسان على أساس انسانیتهم ومن ثم یقوم القانون الوضعی فی تحدیده لهذا الحق فی حمایته ویکفل احترامه اذا ما تعرض للانتهاک . خامسا: نطاق منهجیة الدراسة یتحدد نطاق البحث فی التعریف بحق الانسان فی الصحة فضلا عن حدود وطبیعة هذا الحق باعتباره احد الحقوق الأساسیة والجوهریة للإنسان ونظرا لطبیعة الدراسة التی تتطلب اتباع المنهج التحلیلی والاستقرائی متضمنا استقراء اراء الکتاب والفقهاء حول الحق فی الصحة وتحلیل النصوص التشریعیة الدولیة للتوصل الى حل للمشکلات التی تم تقدیمها للدراسة هیکلیة البحث سنتعرف على مفهوم حق الانسان فی الصحة وماهی طبیعته لذا سنقسم هذا البحث الى قسمین على النحو التالی . المبحث الأول : مفهوم حق الانسان فی الصحة المبحث الثانی: الطبیعة القانونیة لحق الانسان فی الصحة المبحث الأول مفهوم حق الانسان فی الصحة لبیان مفهوم هذا الحق یتوجب الاخذ بتعریفه وبیان عناصره و یساهم ذلک فی تحدید ماهیة الشی المعرف لتکوین صورة واضحة له فی الاذهان وذلک فی مطلبین المطلب الأول: تعریف حق الانسان فی الصحة المطلب الثانی: عناصر حق الانسان فی الصحة المطلب الأول تعریف حق الانسان فی الصحة للتعریف بحق الانسان فی الصحة سواء اکان من الناحیة اللغویة او الشرعیة او الاصطلاحیة أهمیة فی إزالة أی لبس او غموض وبیان عناصره وطبیعته لیمسی واضحا لا لبس فیه وبما انه لا یمکن الوقوف على المعنى اللغوی والاصطلاحی لمصطلح الحق فی الصحة بالکامل لذا تعین علینا البحث فی کل کلمة على حدة وصولا الى بیان المعنى الکامل للمصطلح لذلک سنتناول فی هذا المطلب تعریف حق الانسان فی الصحة على النحو التالی. أولا"-تعریف الحق: للتعریف بالحق یتوجب ان یقسم الى تعریفه لغة وشرعا واصطلاحا. 1- الحق فی اللغة ورد فی عدة معانی منها الثبوت ,المطابقة, الوجوب, الیقین. 2- لا یختلف الحق فی معناه الشرعی عن المعنى اللغوی فقد اتى بعدد معانی منها:
3- اما الفقه القانونی فقد أورد عدة تعاریف للحق وفقا للاتجاهات المختلفة لآراء الفقهاء وذلک ضمن اربع اتجاهات وهی:
اما العنصر الشکلی یتمثل بالحمایة القانونیة وهی الوسیلة التی تؤمن هذه الغایة او المصلحة أی الدعوى القضائیة التی یدافع بها صاحب الحق عن حقه.
نستخلص مما تقدم وضع عدة تعاریف للحق مع وجود قاسم مشترک بین الاتجاهات السابقة وهو الترکیز على احد جوانب الحق اتجاه رکز على الإرادة ,واخر على المصلحة ,واخر على الجانبین معا ولکننا نتفق مع الاتجاه الذی عرف الحق بانه استئثار وسلطة لأنه أوسع واشمل واعم فهو یتضمن تمکین للشخص مما یثبت له من حق قانونا على الغیر مع حمایته عن طریق القضاء وهنا یظهر جوهر الحق بالمصلحة التی یحمیها القانون ویمکنه منها. ثانیا- تعریف الانسان: یقسم تعریف الانسان الى لغة وشرعا واصطلاحا على النحو التالی. اولا- الانسان لغة اسم جنس لکائن حی مفکر قادر على الکلام المتصل والاستنباط والاستدلال الفعلی یقع على الذکر والانثى من بنی ادم ویطلق على الفرد والجمع. ثانیا- الانسان شرعا مرکب من ثلاث عناصر اساسیة هی:
فالنصوص القرآنیة تقرر ان الانسان هو مخلوق الله المکرم والمختار وانه خلیفة سبحانه وتعالى فی الارض قال تعالى: ((وَلَقَد کَرَّمنا بَنی آدَمَ وَحَمَلناهُم فِی البَرِّ وَالبَحرِ وَرَزَقناهُم مِنَ الطَّیِّباتِ وَفَضَّلناهُم عَلى کَثیرٍ مِمَّن خَلَقنا تَفضیلًا)) لذلک اکتسب الانسان من المنظور الاسلامی حصانة ترتفع فوق الاجناس والاوان وهی حصانة مترتبة على کونه انسانا خلقه الله على صورته ونفخ فیه من روحه حتى استحق ان یوصف بحق انه ذو "نسب سماوی"فالإنسان فی الحقیقة والواقع احد افراد الجنس البشری وهو ادام وحواء ومن جاء من ذریتهما فهو الرجل والمرأة مهما کانت صفتهما. نستخلص من هذا ان القران قد وضع الانسان فی موضوعه الصحیح حین جعله ابن ذکر وانثى وفضله عن سائر المخلوقات الأخرى وانه ینضم بشعوبه وقبائله الى الاسرة البشریة التی لا تفاضل بین الاخوة فیها الا بالعمل الصالح والتقوى ((یَا أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاکُم مِّن ذَکَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاکُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَکْرَمَکُمْ عِندَ اللَّـهِ أَتْقَاکُمْ إِنَّ اللَّـهَ عَلِیمٌ خَبِیرٌ)). ثالثا- الانسان اصطلاحا: لقد کانت هناک عدة محاولات للتوصل الى تعریف للإنسان عبر المراحل التاریخیة المختلفة ففی الفلسفات القدیمة لم یکن الاهتمام بالإنسان کذات مستقلة بل کانت تهدف الى معرفة اصل العالم واسرار الطبیعة من خلال تفسیرها لعلل وأسباب النظام الذی ترتکز علیه الطبیعةثم بدا ینظر الى الانسان على انه مکون من جسد وروح بعد ذلک تم التأکید على قیمة الانسان ودوره فی الحیاة والبحث عن المستقبل فهو منقسم الى سر وعلن اما علنه فهو الجسم المحسوس بأعضائه , وقد وقف الحس على ظاهره , ودل التشریح على باطنه ,واما سره فقوى روحه. اما فقهاء القانون وواضعیه فلم نجد تعریف للإنسان لافی القانون ولا فی الإعلان العالمی لحقوق الانسان وانما یوجد حقوقا یراها واضعو القانون لازمة ضروریة للإنسان ولکن الفقه لقانونی اهتم بدراسة وتحدید مفهوم الانسان فعرفه بانه هو کل کائن حی تضعه امرأة وقد عرف الدکتور وسیم السیسی الانسان انه کل کائن حی له تاریخ تمیزا له عن باقی الکائنات الحیة نلخص مما تقدم ظهور عدة محاولات لتعریف الانسان غیر ان هذه المحاولات التی بذلت فی سبیلها أدت الى وجود اختلاف بینها فی نظرتها للإنسان مما أدى الى عدم تحدید تعریف جامع مانع للإنسان فکل ینظر الیه من جهة معینة او زاویة ضیقة ونحن نذهب مع رای الدکتور السیسی باعتباره افضل تعریف للإنسان بانه هو الوحید الذی یستطیع الرجوع الى تاریخه والاستفادة من تجاربه وهذا ما یمیزه عن باقی المخلوقات ثالثا"-تعریف الصحة: للإلمام بمعنى الصحة توجب علینا تعرفها لغة وشرعا واصطلاحا على النحو التالی. 1- الصحة لغة": جاء تعریف الصحة فی قوامیس اللغة العربیة بانها الصح والصحة والصحاح :خلاف السقم وذهاب المرض وقد صح فلان من علته واستصح نلاحظ ان التعریف یرکز على المعنى الضیق والبسیط وهو مجرد الخلو من الامراض والعلل فالصحة نقیض المرض 2- الصحة شرعا: عرفت الصحة فی الشریعة الإسلامیة بانها حمایة الانسان من المخاطر والاضرار التی تؤدی الى مرضه والتأثیر على صحته وتضمنت الشریعة الإسلامیة الکلیات الخمس والتی هی حفظ الدین والنفس والعقل والنسل والمال وتعتبر هذه الکلیات المقاصد الضروریة للإسلام وهی مهمة لصحة الافراد والشعوب 3- الصحة فی الاصطلاح :
هذا یعنی بان الصحة تعبیر عن تکامل الجوانب الجسمیة والبدنیة والاجتماعیة والنفسیة للشخص حتى یمکن القول بانه یتمتع بصحة جیدة فهی لیست مجرد عدم اعتلال الشخص بمرض معین واصابته بعجز ما یمنعه من القیام بنشاطه الیومی المعتاد هکذا أصبحت الصحة حالة من الرفاهیة التامة بدنیا ونفسیا واجتماعیا على هذا الأساس عرف الحق فی الصحة من قبل لجنة الحقوق الاقتصادیة والاجتماعیة والثقافیة بانه هو حق أساسی من حقوق الانسان بموجبه یحق لکل انسان ان یتمتع بأعلى مستوى من الصحة یمکن بلوغه للمحافظة على العیش بکرامته. وهو لا یقتصر على تقدیم الرعایة الصحیة بل یشمل طائفة عریضة من العوامل الاجتماعیة والاقتصادیة التی تهیء الظروف التی تسمح للناس بان یعیشوا حیاة صحیة کما تشمل المقومات الأساسیة للصحة مثل الغذاء, والمسکن , والحصول على میاه الشرب المأمونة , والعمل فی ظروف امنة وصحیة, وبیئة صحیة.
المطلب الثانی عناصر حق الانسان فی الصحة یشمل حق الانسان فی الصحة عدة عناصر وهی عبارة عن معاییر یمکن من خلالها تقییم ما اذا کانت سیاسات وبرامج الصحة الموضوعة من قبل الدولة تحترم حق الانسان فی الصحة ام لا وهذه المعاییر هی: أولا- التوافر : یتوجب على الجهات المختصة فی کل دولة توفیر بنیة تحتیة بالقدر الکافی من المرافق العامة المعنیة بأعمال الحق فی الصحة مثل المستشفیات والعیادات وغیرها من المبادئ المرتبطة بالصحة والمهنین العاملین فی المجال الصحی إضافة الى السلع والخدمات والبرامج والأدویة وتختلف الدول فی قدرتها على تحدید السیاسة الخاصة بالتوفیر وفقا لعوامل عدیدة منها المستوى الإنمائی للدولة ومدى وجود المقومات الأساسیة للصحة مثل میاه الشرب والبیئة الصحیة وغیرها. ثانیا- تمکین الوصول: یجب ان تکون الرعایة والخدمات الصحیة فی متناول الجمیع وان لا تحول العوائق المالیة والمادیة والاجتماعیة والنفسیة دون استعمال الفرد لها او الانتفاع منها ویکون للجمیع القدرة على تحمل نفقات السلع والخدمات المرتبطة بالصحة وبالمقومات الأساسیة للصحة کما یجب ان تکون هناک عدالة توزیع الخدمات والرعایة الصحیة بین المناطق الجغرافیة المختلفة فی الدولة خاصة الأماکن النائیة والمعزولة فی جمیع الأوقات التی تتطلب ذلک . اضافة الى الانصاف فی قدرة تحمل الاسر عبء المصروف على الرعایة الصحیة بحیث تکون متناسبة مع قدرة الاسر الفقیرة مقارنة بالأسر الاغنى منها وتشمل هذه الامکانیة الحق فی التماس المعلومات والأفکار المتعلقة بالمسائل الصحیة والحصول علیها ونقلها على ان لا یؤثر فی الحق بسریة البینات الصحیة الشخصیة. ثالثا- الشمولیة و المشارکة : یشمل حق الانسان فی الصحة بالإضافة الى الرعایة الصحیة المقدمة الیه من قبل المختصین المقومات الأساسیة للحیاة الصحیة و عدم وجود حدود للرعایة الصحیة الا بحدود ما تقرره الحاجة الفعلیة للحالة المرضیة ویشمل أیضا التعامل مع المؤثرات الاجتماعیة والبیئیة والاقتصادیة والثقافیة للمریض والتی قد تؤثر على صحته والتعامل معه کشخص بکلیته ولیس کنظام بیولوجی فقط. إضافة الى مشارکة السکان بتقدم الرعایة فی ظل علاقة متکافئة ومتبادلة بین المهنیین والأشخاص الذین یستخدمون خدمات الرعایة واسرهم والمجتمعات التی ینتمون الیها وهی تنطوی على علاقة طویلة الأمد بین الناس ومقدمی الخدمة والنظم الصحیة التی یمکن من خلالها الاشتراک فی المعلومات واتخاذ القرارات المرتبطة بالصحة على الصعد المجتمعیة والوطنیة والدولیة. رابعا- عدم التمییز : ینبغی ان تکون الرعایة والخدمات الصحیة فی متناول الجمیع دون حرمان أی شخص لأی سبب کان سواء بسبب الجنس او اسن او العرق او الهویة او الجنسیة سواء اکان مواطن ام من المهاجرین او اللاجئین او بسبب السجل الجنائی. والتمییز یؤثر فی المستفیدین والعاملین على حد السواء فالتمییز قد یظهر فی منع الافراد او مجموعة من الافراد من الحصول على خدمات الرعایة الصحیة التی تتاح بخلاف ذلک لغیرهم0وقد یظهر بشکل قائم على نوع الجنس فی صفوف القوى العاملة الصحیة کوجود فجوات فی الأجور والمرتبات غیر المنتظمة وانعدام فرص العمل . وللقضاء على التمیز یتوجب على الدولة وضع ضمانات لمکافحته فی السیاسات التشریعیة وتنفیذها ورصد التقیید بها وتجسیدها فی الممارسات العملیة
خامسا - الجودة: تعتبر الرعایة الصحیة من اکثر المجالات توضیحا لمفهوم الجودة ویرجع السبب فی ذلک الى طبیعة نشاطها الحساس ذو الطابع العمومی المرتبط مباشرتا بالسکان فهی بحاجة الى مواکبة المتغیرات والتکیف مع المستجدات العلمیة المطلوبة فی الجانب العلمی والتکنولوجی إضافة الى الجانب السلوکی للرعایة الطبیة من قبل مقدمیها على اختلاف مهامهم فی تعاملهم مع المستفیدین. سادسا- المقبولیة: ینبغی ان تحترم جمیع المرافق والسلع والخدمات المرتبطة بالصحة الاخلاق الطبیة وان تکون مناسبة ثقافیا أی ان تحترم ثقافة الافراد والأقلیات والشعوب والمجتمعات وان تراعی متطلبات الجنسین ودورة الحیاة فضلا عن تصمیمها بشکل یحترم السریة ویرفع المستوى الصحی للأفراد. من هنا یمکن القول ان حق الانسان فی الصحة لا یمکن ان یتحقق الا بوجود مجموعة من المعاییر او العناصر المترابطة والمتفاعلة مع بعضها البعض لضمان اعلى مستوى صحی للفرد والمجتمع والتی من خلالها یمکن معرفة مدى احترام وسعی الدولة فی تحقیق هذا الحق لکافة الناس بشکل متساوی بغض النظر عن أی تمیز بسبب السن او الجنس او العرق او أی سبب اخر.
المبحث الثانی الطبیعة القانونیة لحق الانسان فی الصحة یحظى حق الانسان فی الصحة باعتراف تام فی القانون الدولی لحقوق الانسان کما حظی بالاعتراف على نطاق واسع فی النظم القانونیة المحلیة فتضمنته العدید من الدساتیر لغرض الوقوف على طبیعة الحق فی الصحة یتوجب ان نتناوله على النحو التالی: المطلب الأول : الطبیعة الأساسیة لحق الانسان فی الصحة المطلب الثانی :الطبیعة الدستوریة لحق الانسان فی الصحة المطلب الثالث الطبیعة التضامنیة لحق الانسان فی الصحة المطلب الرابع : الطبیعة المزدوجة لحق الانسان فی الصحة المطلب الأول الطبیعة الاساسیة لحق الانسان فی الصحة ان حق الانسان فی الصحة یعتبر احد حقوق الانسان الأساسیة نجد مصدرها فی النظرة الأخلاقیة للطبیعة البشریة وتنبع من الکرامة الإنسانیة المتأصلة فی الشخصیة الانسانیة فهو السبیل للحفاظ على حیاة الانسان الذی یعتبر الرکیزة الأساسیة لاستمرار الخلیقة والبقاء لکی یعیش الانسان حیاة کریمة تقوم على أساس النظر الى البشر باعتبارهم افرادا متساوین ومستقلین لهم الحق فی الاهتمام والاحترام على قدم المساواة لقد اتضح جلیاً لدى غالبیة دول العالم الأهمیة الکبرى لحقوق الإنسان و ان هناک نوع من الحقوق لا یحتاج اقرارها الى ارادة المشرع لأنها (طبیعیة) تنشا للإنسان بحکم طبیعته الانسانیة وتعتبر حقوقا اساسیة لأنه لا یمکن للفرد ان ینعم بحیاته داخل المجتمع بدون احترام هذه الحقوق ولا یجوز للسلطة الوضعیة ان تخلفها والا کان القانون المخالف لها غیر شرعی فهذه الحقوق تتصف بالعالمیة وان القانون الوضعی فی تحدیده للحقوق والحریات یخضع للقانون الطبیعی وینهض القانون الوضعی بدور فعال فی حمایة هذه الحقوق فالطابع الشخصی للحق فی الصحة جعله یوصف بانه من الحقوق الأساسیة التی لا یمکن الاستغناء أو التفریط بها لأن الکل أثمن وأکبر من الجزء وحقوق الإنسان الأساسیة کالحق فی الحیاة والحق فی الصحة والسلامة الجسدیة هی الأجدر بالرعایة والاهتمام من الجانب القانونی ذلک أن صحة الإنسان وسلامته تعد مصلحة کبرى أما ما سواها من المصالح فهی أجزاء تتبع الکل.اذا علاوة على ان حمایة الحق فی الصحة یعد السبیل المنطق للحفاظ على حق الانسان فی الحیاة والذی یعد بدوره اسمى حقوق الانسان قاطبة فان الحق فی الصحة یعتبر الجسر المنطقی الجامع لسائر حقوق الانسان الاخرى بل والسبیل کذلک لإمکانیة تصور تجسد هذه الحقوق فی الحیاة ابتداء. ومن هنا جاء اهتمام المواثیق الدولیة المعنیة بحقوق الانسان وحریاته الاساسیة بالحق فی الصحة فأکد واضعی دستور منظمة الصحة الدولیة, بضرورة تمتع الأفراد بالحق فی الصحة حیث أشیر فی دیباجة الدستور إلى ضرورة التمتع بأعلى مستوى من الصحة یمکن بلوغه هو أحد الحقوق الأساسیة لکل إنسان دون تمییز بسبب العنصر أو الدین أو العقیدة السیاسیة أو الحالة الاقتصادیة أو الاجتماعیة وتم التأکید على ان الحق فی الصحة من الحقوق الطبیعیة یتمتع بها الانسان بوصفه انسان والتی لا یمکن ان یعیش دونها کبشر من خلال النص علیه فی الصکوک الدولیة بکونه حق طبیعی مکفول للجمیع وعلى حد السواء بدون تمییزفی الإعلان العالمی لحقوق الانسان جاء التأکید على الحق فی الصحة من خلال اشباع الحاجات الضروریة من مأکل وملبس ومسکن" لکل شخص حق فی مستوى معیشة یکفى لضمان الصحة والرفاهة له ولأسرته خاصَّةً على صعید المأکل والملبس والمسکن والعنایة الطبیة وصعید الخدمات الاجتماعیة الضروریة.....کما تضمن العهد الدولی للحقوق الاقتصادیة والاجتماعیة التزاما بهذا الحق حیث نص على "تقر الدول الأطراف فی هذا العهد بحق کل انسان فی التمتع بأعلى مستوى ممکن من الصحة الجسمیة والعقلیة یمکن بلوغه" ومهما تعددت الصکوک الدولیة واختلفت صیاغة نصوصها فیما یخص الحق فی الصحة فان الدول تلتزم بضمان تمتع مواطنها بالحق فی الصحة بدون تمییز. المطلب الثانی الطبیعة الدستوریة لحق الانسان فی الصحة یتسم حق الانسان فی الصحة انه حق تنص علیه غالبیة الدساتیر والنظم الأساسیة وتجد هذه الطبیعة الدستوریة للحق فی الصحة أساسها فی تلک النصوص الدستوریة التی تنص على الحق فی الصحة باعتباره احد حقوق المواطنة الأساسیة على هذا الأساس تلتزم الدولة بتحقیق الصحة وحمایتها والمحافظة علیها ان اول واجب یقع على عاتق الدولة اتجاه الحق فی الصحة هو واجب العمل على تحقیقها لأفراد المجتمع کافة وذلک بما تقوم الدولة به من الأنشطة الیومیة فی مجال الصحة التی تتمثل فی الخدمات الصحیة التی تقدمها عبر مرافقها الصحیة العامة تجسیدا لواجبها المذکور تجاه المواطنین ویتم ذلک أیضا فی التطبیق فیما تسنه من تشریعات بصفه عامة بکفالة الاحترام الواجب لهذا الحق بمقوماته المختلفة واتخاذ ما یلزم من التدابیر لوضعه موضع التطبیق ویتم أیضا من خلال ما یجب على الدولة تجاه مواطنیها من رعایة وحظر کل ما یمکن ان یؤدی الى المساس بسلامة الانسان الصحیة ان النص الدستوری على حق الانسان فی الصحة یمنحه القیمة القانونیة والحمایة المباشرة للحق وفی ضوء ذلک نصت الدساتیر العربیة على حمایة حق الانسان فی الصحة باعتباره حقا أساسیا للفرد فنص الدستور التونسی على ان "الصحة حق لکل إنسان. تضمن الدولة الوقایة والرعایة الصحیة لکل مواطن، وتوفر الإمکانیات الضروریة لضمان السالمة وجودة الخدمات الصحیة. تضمن الدولة العلاج المجانی لفاقدی السند، ولذوی الدخل المحدود. وتضمن الحق فی التغطیة الاجتماعیة طبق ما ینظمه القانون". اما بالنسبة للدستور المصری نص على "لکل مواطن الحق فى الصحة وفی الرعایة الصحیة المتکاملة وفقاً لمعاییر الجودة، وتکفل الدولة الحفاظ على مرافق الخدمات الصحیة العامة التی تقدم خدماتها للشعب ودعمها والعمل على رفع کفاءتها وانتشارها الجغرافی العادل..." بالنسبة لدستور العراقی النافذ کفل الدستور للعراقیین جمیعا الرعایة الصحیة "اولاً: لکل عراقی الحق فی الرعایة الصحیة، وتعنى الدولة بالصحة العامة، وتکفل وسائل الوقایة والعلاج بإنشاء مختلف انواع المستشفیات والمؤسسات الصحیة. ثانیاً: للأفراد والهیئات إنشاء مستشفیات أو مستوصفات أو دور علاج خاصة و بأشراف من الدولة، وینظم ذلک بقانون". اما بالنسبة الى دساتیر الدول الغربیة ینص الدستور الإیطالی على "تصون الجمهوریة الصحة کحق أساسی للأفراد ومن مصلحة الجماعة، وتضمن الرعایة الطبیة المجانیة للفقراء. لا یمکن إجبار أی شخص على الخضوع لعلاج صحی إلا بمقتضى القانون. لا یجوز للقانون، فی أی حال، تجاوز الحدود المفروضة لاحترام الشخص البشری"کما وینص دستور البرتغال "على حق فی حمایة الصحة مکفول للجمیع، وعلیهم واجب الدفاع عنها وتعزیزها" وأکدت دیباجة الدستور الفرنسی لسنة 1946 بانه على الدولة "أن تضمن لجمیع المواطنین، وخاصة للأطفال والأمهات والعمال المسنین، حمایة صحتهم، والأمن المادی...". على هذا النهج سارت غالبیة الدساتیر حیث اکدت على حمایة حق الانسان فی الصحة ولأجل التکریس الفعلی لهذا الحق یتوجب العمل على إقامة المستشفیات وکفالة التامین الصحی ووسائل الوقایة والعلاج من الأوبئة والامراض اصدار وتفعیل التشریعات الوطنیة فی مجال الصحةواحترامها دون تفرقة بین جمیع أعضاء الاسرة البشریة سواء کان مریض او اخر لا یعانی من مرض من اجل الحفاظ على کرامة الفرد. کما یکتسب حق الانسان فی الصحة الطبیعة الدستوریة بموجب ما یحدده المشرع الدستوری من إقراره للمعاهدات والمواثیق الدولیة المتعلقة بحقوق الانسان من ضمنها حق الانسان فی الصحة فی الدستور یترتب علیها اکتساب احکام هذه المواثیق الدولیة قوة قانونیة بحیث یتعین تطبیقها واحترام کل ما ورد بها من حقوق تطبیقا لمبدا سیادة القانون وتختلف الدول من موقفها تجاه الاتفاقیات الدولیة وفقا لمنظومتها القانونیة فالدستور العراقی لسنة 2005 النافذ لم یتطرق الى توحید الاتفاقیات مع القانون الوطنی او انه اسمى منها وانما نظم الیة المصادقة على تلک الاتفاقیاتحیث لا یسمح بتطبیقها الا بعد ان تستوفی الجوانب التشریعیة فی اصدار قانون للمصادقة علیها وفقا" لقانون احکام قانون عقد الاتفاقیات رقم (38) لسنة 2015 وبموجب ذلک تصبح الاتفاقات الدولیة جزء من القانون الداخلی الواجب التطبیق بعد ان یتم المصادقة علیها اما الدستور المصری لسنة 2014 فقد منح الاتفاقیات والمعاهدات الدولیة المتعلقة بحقوق الانسان والتی یصادق علیها قوة القانون وذلک بعد نشرها وفقا لما هو معمول بهکما ونص الدستور الفرنسی على منح المعاهدات والاتفاقیات التی تنص على حقوق الانسان والتی تکون فرنسا طرفا فیها وتمت المصادقة او الموافقة علیها والمنشورة طبقا للإجراءات القانونیة الجاری العمل بها قوة تفوق قوة القوانین الداخلیة ولکن شرط تنفیذها من الطرف الاخر على ان یکون الدستور فی مرتبة اسمى منها فجاء النص على "یکون للمعاهدات أو الاتفاقات التی یتم التصدیق أو الموافقة علیها قانونیا منذ نشرها قوة تفوق قوة القوانین شریطة ان یطبق الطرف الاخر هذا الاتفاق أو هذه المعاهدة" المطلب الثالث الطبیعة التضامنیة لحق الانسان فی الصحة یمارس الانسان حقه فی الصحة فی اطار المجتمع الذی یعیش فیه حیث تتکون علاقة بین الافراد انفسهم وعلاقة أخرى بین الافراد والدولة التی تضمهم وان هذه العلاقة الأخیرة –علاقة الفرد بالدولة –کلما ارتقت وتطورت کلما تم احترام حقه بالصحة اکثر اذا یعد حق الانسان فی الصحة احد حقوق الانسان الاجتماعیة والاقتصادیة والثقافیة والتی تدخل تحت دائرة الجیل الثانی من حقوق الانسان فهو حق یثبت للفرد وبنفس الوقت یثبت للمجتمع و یفرض التزاما إیجابیا على الدولة فی اعماله لذا یجب اشراک الجمیع على المستوى الدولی والمحلی لتضافر الجهود لحمایة حق الانسان فی الصحة وبهذا یصبح من الحقوق التی یغلب علیها الطابع التضامنی. المطلب الرابع الطبیعة المزدوجة لحق الانسان فی الصحة تنظر التصورات الحدیثة لحق الانسان فی الصحة من حیث حقوق الافراد فی ان یکونوا متحررین من تدخل الدولة ومن الشطط فی استخدام سلطاتها –التحرر من الدولة- وکذا الحقوق فی تدخل الدولة لاسیما من خلال وضع سیاسات وتخصیص موارد ومساعدات کافیة یصح هذا التصور المزدوج على حق الانسان فی الصحة فی تضمنیه عدد من الحقوق والحریات فما هی الجوانب المرتبط بالحقوق والجوانب المرتبطة بالحریات سنوضحها على النحو التالی: أولا: الجوانب المرتبطة بالحریات ان الحق فی الصحة یقوم على السلامة البدنیة والعقلیة والنفسیة للفرد وهو ما یقتضی على الدولة عدم إتیان أی سلوک یؤدی الى عکس ذلک او یهددها وتتضمن الحریات حق المرء فی التحکم فی صحته وجسده بما فی بما فی ذلک حریته الجنسیة والانجابیة الحق فی عدم الخضوع للعلاج الطبی والتجارب الطبیة دون علمه وقبوله والحق فی ان یکون فی مأمن من التدخل مثل الحق فی ان یکون فی مأمن من التعذیب او غیره من ضروب المعاملة القاسیة 1- عدم الخضوع للعلاج الطبی دون علمه وقبوله ان الالتزام بأعلام المریض عن حالته الصحیة هو تجسید واقعی لأعمال حقوق الانسان فی اطار الحق فی الصحة وقد اهتمت المواثیق الدولیة والإقلیمیة بإبراز هذا الالتزام باعتباره الأداة القانونیة التی یتحقق من خلالها مراعاة حقوق المرضى ومن اهم هذه المواثیق نذکر اعلان أمستردام المتعلق بحقوق المرضى الصادر عن منظمة الصحة العالمیة فی عام 1994 فقد تضمن هذا الإعلان فی (م3ف2) انه للمرضى الحق فی العلم التام بشان حالتهم الصحیة والمتطلبات الطبیة المتعلقة بها والاعمال الطبیة المقترحة وما تتضمنه من مخاطر وفوائد والبدائل العلاجیة الممکنة إضافة الى اثار عدم العلاج او التشخیص وکذلک التوقعات وتطورات العلاجیة واشارة الفقرة(4) من نفس المادة بوجوب اعلام المریض بالطریقة التی تتلاءم مع قدرته على الفهم وتشترط ان تتوفر الموافقة الواعیة لأی تدخل طبی والموافقة الواعیة لیست مجرد رضا المریض فحسب وانما قرار طوعی ومستنیر على نحو کاف یحمی حقه فی المشارکة فی اتخاذ القرار الطبی وإلغاء ما یرتبط بذلک من واجبات والتزامات على عاتق مقدمی الرعایة الطبیة وتنبع مبرراتها الأخلاقیة والمعیاریة والقانونیة من کونها تعزز استقلالیة المریض وتقریره لمصیره وسلامته البدنیة ورفاهه ویجب ان تصدر الموافقة الواعیة من مریض کامل الاهلیة القانونیة ودون قسر او تأثیر لا مبرر له او ادعاء کاذب 2- إضافة الى ان للفرد ان یتحکمبجسده بما فیها الحریة الجنسیة والانجابیة فالجسد البشری من اهم العناصر ارتباطا بصحة الانسان وهو جزء من الحالة الصحیة الذی یعکس بعض الاسرار الخاصة بالجسم البشری واحیانا ادق الخفایا من الخصوصیات کالحیاة الجنسیة للفرد لذلک لابد من تکون لهذا الجسد حرمة تؤمنه من الاضرار التی قد تصیب الفرد فی جسده او نفسه دون وجه حق 3- ان یکون فی مأمن من التدخل مثل الحق فی ان یکون فی مأمن من التعذیب : ان الحق فی الصحة ینطوی على تحریم سلسلة من الأفعال ویأتی على راسها التعذیب وقد عرفته الجمعیة الطبیة العالمیة بأنه العقوبة المعتمدة أو النظامیة أو الوحشیة التی یکون قوامها الألم الجسدی أو النفسی أو أی نوع آخر من أنواع الإجراءات القاسیة أو اللاإنسانیة أو المهنیة من قبل شخص واحد أو عدة أشخاص یتصرفون بمفردهم أو وفقا لأوامر یتلقونها من أیة سلطة بغیة إرغام شخص آخر على إفشاء معلومات أو على الاعتراف أو لأی سبب آخر0 فلا یجوز ان یقوم الطبیب أو الطبیبة بتشجیع ممارسة التعذیب أو غیره من الإجراءات القاسیة أو اللاإنسانیة أو المهنیة أو بالتغاضی عنها أو بالاشتراک او بتأمین أی مکان أو أیة أدوات أو مواد معرفة لتسهیل ممارسة التعذیب کما لا ینبغی له حضور أیة إجراءات یتم خلالها استعمال التعذیب أو غیره من أنواع المعاملة القاسیة أو اللاإنسانیة أو المهنیة أو التهدید بها ولا ینبغی أن یتم فرض تنفیذ عقوبة الإعدام بالحقن الممیت على أی طبیب حتى ولو کانت طریقة التنفیذ تستخدم مستحضرات صیدلیة أو معدات یمکن أن تستعمل بطریقة أخرى فی ممارسة الطب. لا یجوز لأی انسان سواء کان طبیبا او غیر طبیب ان یمنح لنفسه الحق فی التدخل لأنهاء حیاة شخص ما بدافع ما یسمى بالشفقة بسبب تمکن احد الامراض المستعصیة منه وعدم القدرة على مساعدته بای شکل من الاشکال لا یمکن ان یتخذ المریض هذا القرار بذاته ولا یتخذه المسؤول عن المریض او القریب من الدرجة الأولى کما لا یجوز ان یتخذه الأطباء بأنفسهم على أساس تخلیص المریض من العذاب. فاذا کان الانسان نفسه لا یحق له ان ینهی حیاته لأنه لیس المتصرف فیها بأمره فکیف یجوز لأنسان اخر. فکم من مریض توقع الناس مماته وقامت کل الدلائل على تحقیق نهایته ثم ربت فیه الحیاة دبیبا انتهى الى شفائه الذی وقف الطب عاجزا عن تحقیقه. فکما ان الانسان من حقه ان یعیش حیاة کریمة فمن حقه أیضا ان یموت موتة کریمة ورسالة الأطباء هی الحفاظ على صحة الانسان وکرامته بشکل انسانی فیجب ترکه ان یموت بشکل انسانی یحفظ کرامته وفقا لمشیة الله. ثانیا: الجوانب المرتبطة بالحقوق ان حق الانسان فی الصحة یقتضی توفیر رعایة طبیة وخدمات طبیة للجمیع فی حالة المرض الجسدی دون تمییز ویشمل هذا الحق جوانب متعددة تتمثل. 1- الحق فی الوقایة من الامراض ومعالجتها ومکافحتها : یتضمن الحق فی العلاج مجموعة الخدمات الطبیة والصحیة التی تقدمها الدولة للأفراد دون تمییز لأی سبب من الأسباب بدءاً من انشاء المستشفیات والمؤسسات العلاجیة والوحدات الإداریة الصحیة وتوفیر الاعداد اللازمة من الأطباء والممرضین والفنیین والصیادلة فی هذه المستشفیات والمؤسسات والوحداتإضافة الى وضع برامج وقائیة وتثقیفیة وتعزیز المقومات الاجتماعیة للصحة الجیدة مثل سلامة البیئة والتعلیم والمساواة بین الجنسین ویتوجب انشاء نظام للرعایة الطبیة فی حالات الطوارئ والکوارث وتقدیم الإغاثة والعمل على مکافحة الامراض بإتاحة استخدام التکنولوجیا ذات الصلة باستخدام وتحسین نظام لمراقبة الأوبئة وجمع البینات وتنفیذ او تعزیز برامج التحصین وغیرها من استراتیجیات مکافحة الامراض المعدیةإضافة الى توفیر حاجة الافراد من الادویة الأساسیة بشرط ان تکون امنة ,وفعالة ,وتوفیرها بکمیات کافیة ,ومنتظمة ,وباقل تکلفة ممکنة ,مع ضمان الاستعمال الرشید والسلیم لها ولتحقیق ذلک ینبغی تبنی سیاسة صحیة فی اطار تشریعی. 2- الحق فی توفیر المقومات المرتبطة بالصحة واتخاذ التدابیر الخاصة بأعمال الحق فی الصحة: ان حق الانسان فی الصحة یرتبط بوجب اتخاذ التدابیر وتوفیر مقومات خاصة التی تکفل له أسباب الحیاة الصحیة الأساسیة وهذا ما أشار الیه تعریف منظمة الصحة العالمیة حالة السلامة والعافیة الجسدیة والاجتماعیة والذهنیة الکاملة ولیس مجرد غیاب المرض او العجز)کما أشار الى ذلک الإعلان العالمی لحقوق الانسان فی "کل شخص حق فی مستوى معیشة یکفى لضمان الصحة والرفاهة له ولأسرته، وخاصة على صعید المأکل والملبس والمسکن والعنایة الطبیة وصعید الخدمات الاجتماعیة الضروریة، وله الحق فی ما یأمن به الغوائل فی حالات البطالة أو المرض أو العجز أو الترمل أو الشیخوخة أو غیر ذلک من الظروف الخارجة عن إرادته والتی تفقده أسباب عیشه"اما فی العهد الدولی الخاص بالحقوق الاقتصادیة والاجتماعیة والثقافیة فقد تضمن وجواب اتخاذ الدولة مجموعة من التدابیر اللزمة والضروریة لکفالة هذا الحق وضمان تمتع الفرد بحقه بالصحة فنص على "تشمل التدابیر التی یتعین على الدول الأطراف فی هذا العهد اتخاذها لتأمین الممارسة الکاملة لهذا الحق، تلک التدابیر اللازمة من أجل:
3- الحیاة الصحیة وما یرتبط بها من الرعایة الطبیة للإنسان سواء داخل المؤسسات العلاجیة او خارجها تعتبر من اهم مظاهر حق المرضى فی الخصوصیة فالأصل العام هو حمایة اسرار المرضى واعتبار ذلک من صمیم الحق فی الحیاة الخاصة ان الاطلاع على الملفات الصحیة وتفاصیل المرض یجب سترها حتى لو کانت صحیحة فأذاعتها فی محافل عامة یسئ الى المرضى وهذا الالتزام بالکتمان لأسرار الحیاة الصحیة للمریض مفروض على الطبیب والعاملین بالمستشفیات وغیرهم ممن یتصل عملهم بحالة المریض الصحیة. فی ضوء ما تقدم یتبین لنا ان حق الانسان فی الصحة ذات طبیعة مزدوجة و مرکبة فهو حق یشمل حقوق وحریات على حد سواء والتی یجب احترامها والتنسیق بینها للوصول الى الهدف الأمثل لحق الانسان فی الصحة الخاتمـة بعد الانتهاء من هذا البحث توصلنا الى مجموعة من النتائج والتوصیات ندرجها فی ادناه وفق ما یأتی: أولا: النتائج
ثانیا: التوصیات 1. نوصی المشرع العراقی ولأجل التکریس الفعلی لهذا الحق على ارض الواقع یتوجب العمل على اصدار وطنیة حدیثة وتفعیل النافذ منها فی مجال الصحة وتوفیر خدمات الرعایة الصحیة الوقائیة والعلاجیة بمعاییر جیدة وتسهیل الوصول الیها بغض النظر عن الأوضاع السائدة للجمیع ودون تمییز. 2. نقترح على المشرع العراقی تشریع قانون خاص یضمن خصوصیة المرضى الصحیة ویمنع التدخل فیها او القیام بأفعال تؤدی الى انتهاک هذا الحق. 3. ندعو المشرع العراقی الى تحدید القوة القانونیة للاتفاقیات الدولیة المتعلقة بحقوق الانسان ضمن الدستور اسوة بغیره من الدساتیر العربیة والغربیة الأخرى.
The Authors declare That there is no conflict of interest
References (Arabic Translated to English) The Holy Quran First: Dictionaries
Second : Books
10. Dr. Mohammad al-Zuhaili, Human Rights in Islam Comparative study with the Universal Declaration and the Islamic Declaration of Human Rights, edition 5, Dar Ibn Katheer 11. Dr. Mohamed Hasan Kassem, Medicine between practice and human rights study in the commitment of the doctor to inform the patient or the right of the patient in the media, the new University House, 2012 12. Dr. Mohi Shawqi Ahmad, Constitutional Aspects of Human Rights, Dar Al-Fikr Al-Arabi, 1986 13. Dr.. Nabil Ibrahim Saad, Introduction to Law Theory of Right, edition 1, Halabi Rights Publications 2010 14. Dr. Mohammadi Farida ((Zoawi)), the Introduction to the legal sciences theory of Right , without printing year Third : Messages and dissertations 15. Khalid bin Abdullah bin Saleh Al-Ghamdi, , The right of man to the safety of his health in sharia and order is a comparative study with international conventions,Thesis submitted to Naif University for Security Sciences ,Saudi Arabia,Riyadh,2007 16. Khalid jabir khadir, The Departments duty to Achieve and Protect Public Health in Iraqi law, ,Thesis submitted to Baghdad University college of law, 2014 17. Khairiya Hamoudi and Rutaiba Qweider Aqil, The Concept of Man in Islamic Philosophy Al-Farabi Nuzha, Message to Abdel-Hamid University Ibn Badis Mostaganem / Social Sciences Faculty Social Sciences Department 2017 18. Thanon Younis Saleh Mohammedi, Compensation for Damage to Human Life and its Body Safety Comparative Study, Thesis Submitted to Mosul University, Law Faculty , 2009 19. Safa Abbas Kubba, Right to health care, Thesis submitted to Nahrain University college of law,2017 20. Farid Fattahin and Mohammed Nalaman, Total Quality Management Course in Improving Health Service, a Message Presented to Al-Gilani Bounam BeKhamis Maliana University, , Faculty of Economic and Commercial Sciences and Facilitation Sciences, 2016 21. Lokman Osman Ahmed Ali, Human Rights Between Globalism and Privacy (Islamic Discourse Sample), Thesis Presented to Mosul University / Faculty of Law, 2003 22. Mohammed Ben Ali, The Question of Man in Arab Islamic Thought and Western Liberalism (A Philosophical Study in Concept and Rights), a thesis presented to the University of Oran, Faculty of Social and Human Sciences, For dissertations , 2013, Fourth : Research 23. Isaac Belkadi, Health as a Human Right in International Law, Research published in the Generation of Human Rights Journal , No. 6-7, 2015 24. ALttaher zakhmi, The challenges of implementing international protectection of human rights and fundamental freedoms, Research published in the journal of Human Rights Jinan University of Lebanon ,NO.8,2015 25. Gudge Salem roudhan al-musawi,The role of the judiciary in integrating international conventions with national texts(decisions of the federal supreme court) , research published on the website of the federal supreme court of the republic of Iraq 26. Suleiman Haroun, Humanization of Hospitals Urgent Need, Essay published in Health and Humanity Journal , Lebanon, No. 55, p. 55, 2018 27. Fathila Gharibeya and Farida Al-Ayfawi, Sociological Reading of the Health Situation in Algerian Society, Research published in Al-Hikma Journal of Social Studies, vol. 4, No.7 28. Faisal Aqla Shantawi, control of the constitutional international treaties( comparison study), apublication in the magazine of the science and law of the studies of the sharia and law of the science and law of the university of the science and law of the sharia and the law, Jordan / faculty of the law 29. professors Selected in Faculty of Law, Cairo University, Criminal Protection of the Right to Health between Theory and Practice, Research published in the Journal of Law and Economics for Legal and Economics Research, No. 83, 2010 Fifth : Periodicals 30. General Assembly of the United Nations, note by the Secretary-General at the 64th session 71 item of the provisional agenda The right of everyone to the enjoyment of the highest attainable standard of physical and mental health 31. The Economic, Social and Cultural Council, Committee on Economic, Social and Cultural Rights, 22 session , 2000 , comment no. (14) 32. Sami Mashad ,Euthanasia is permitted by human motives and rejected by religion and society, research published in AL-Arab newspaper ,founded in London, NO.11216, Year 41,2019 33. World Health Organization, World Health Assembly, The Secretariat Report is an integrated ,people –centered health services framework,15/4/2016 34. United nations office , office of the United nations high commissioner for human rights ,economic, social and cultural rights ,handbook for national (vocational training series),NO.12,New York and Geneva,2005 Sixth : constitutions 35. Italian constitution of 1947 36. Portuguese constitution of 1976 37. The Tunisian Constitution of 2014 38. The Iraqi constitution of 2005 39. French constitution of 1958 40. The constitution of the state of Kuwait of 1962 41. Yemen constitution of 2015 42. The constitution of the Kingdom of Bahrain for the year 2002 43. The Constitution of the World Health Organization, 1948 Seventh : Covenants and declarations 44. Universal Declaration of Human Rights, 1948 45. International Covenant on Economic, Social and Cultural Rights, 1976 46. Ottawa Health Promotion Charter 1986 Eighth : Internet 47. The Tokyo Declaration, Guidelines for Doctors in torture or any other form of cruel , inhuman or degrading treatment or punishment in Respect of Detention and Imprisonment, adopted by the 29th World Medical Assembly in Tokyo, Japan, in 1975, Date of visit 2/2/2019 http://www.johealth .com, for more, details://www.ts3a.com 48. Omar Attieh ,euthanasia how his idea arose and is really moral ,research publishedon the internet 49. World Health Organization, United Nations Joint Declaration on the Elimination of Distinction in Health Care , 2017, on the website www.who.int Date of visit 18/1/2019 50. Human Rights Watch Organization , Violation of Patients' Rights Participation of health providers in torture, cruel, inhuman and degrading treatment, World Report 2010, published on 3/5/2019, https://www.hrw.org 51. Wikipedia site, right to food, research published on the Internet, date of visit 20/1/2019, https: r.m.wikipedia.org 52. Muhamad alsiga eyd ,euthanasia is it ahuman desire or a satanic claim ,an article published on the internet , https://sudaneseonline.com 53. Dr. Waseem al-Sisi, the meeting with him in the Bab Al-Khalq program on Al-Nahar satellite channel on 22/2/2019
| ||
References | ||
المصادر القران الکریم أولا: المعاجم
ثانیا: الکتب
ثالثا: الرسائل والاطاریح
رابعا: البحوث
خامسا: الدوریات
33. منظمة الصحة العالمیة ,جمعیة الصحة العالمیة ,تقریر الأمانة (اطار الخدمات الصحیة المتکاملة التی ترکز على الناس), 15/4/2016.
سادسا: الدساتیر
36. الدستور البرتغالی لسنة1976 37. الدستور التونسی لسنة 2014 38. الدستور العراقی لسنة 2005
سابعا: المواثیق و الإعلانات
ثامنا: الانترنیت 47. اعلان طوکیو, خطوط توجیهیة للأطباء بالتعذیب وغیرهن ضروب المعاملة والعقوبة القاسیة أو اللاإنسانیة أ و المهنیة فیما یتعلق الاحتجاز والسجن, اعتمدته الجمعیة الطبیة العالمیة التاسعة والعشرین فی طوکیو فی الیابان فی عام1975, تاریخ الزیارة 2/2/2019 http://www.johealth.com 48. عمر عطیة ,الموت الرحیم کیف نشات فکرته وهل هو أخلاقی فعلا , تاریخ الزیارة 7/8/2019 , بحث منشور على موقع الأنترنیت https://www.ts3a.com
| ||
Statistics Article View: 641 PDF Download: 374 |