الوساطة الجنائیة وأثرها على الدعوى الجزائیة | ||
الرافدین للحقوق | ||
Article 6, Volume 24, Issue 78, March 2022, Pages 158-190 PDF (462.3 K) | ||
Document Type: بحث | ||
DOI: 10.33899/alaw.2022.172983 | ||
Authors | ||
علی عدنان الفیل* 1; محمد عباس حمودی2 | ||
1کلیة الحقوق جامعة الموصل | ||
2کلیة لاالحقوق جامعة الموصل | ||
Abstract | ||
المستخلص الوساطة وسیلة ودیة من خلالها یساعد شخص محاید الأطراف فی التوصل إلى اتفاق مقبول للخلاف بینهم. تعد الوساطة الجنائیة اجراء جدیداً یهدف الى حل الخصومات الجنائیة البسیطة بطریقة ودیة اجتماعیة بعیداَ عن ساحات القضاء. فالوساطة الجنائیة هی نموذج للعدالة الإصلاحیة او التعویضیة تقوم على فکرة تعویض المجنی علیه وإصلاح الجانی، هدفها انهاء الخصومة الجنائیة قبل تحریک الدعوى الجزائیة. تتناول هذه الورقة الوساطة الجنائیة باعتبارها إحدى ممارسات العدالة التصالحیة والتعویضیة التی تقوم على فکرة تعویض الضحیة وإعادة تأهیل الجانی وقدرتها على إنهاء النزاع قبل بدء الدعوى الجزائیة. | ||
Keywords | ||
الوساطة الجنائیة; العدالة; العدالة التصالحیة; الخصومة الجنائیة | ||
Full Text | ||
الوساطة الجنائیة وأثرها على الدعوى الجزائیة-(*)- Mediation and its Impact on criminal Procedures
(*) أستلم البحث فی 25/2/2019 *** قبل للنشر فی 12/3/2019. (*) received on 25/2/2019 *** accepted for publishing on 12/3/2019. Doi: 10.33899/alaw.2022.172983 © Authors, 2019, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license (http://creativecommons.org/licenses/by/4.0). المستخلص الوساطة وسیلة ودیة من خلالها یساعد شخص محاید الأطراف فی التوصل إلى اتفاق مقبول للخلاف بینهم. تعد الوساطة الجنائیة اجراء جدیداً یهدف الى حل الخصومات الجنائیة البسیطة بطریقة ودیة اجتماعیة بعیداَ عن ساحات القضاء. فالوساطة الجنائیة هی نموذج للعدالة الإصلاحیة او التعویضیة تقوم على فکرة تعویض المجنی علیه وإصلاح الجانی، هدفها انهاء الخصومة الجنائیة قبل تحریک الدعوى الجزائیة. تتناول هذه الورقة الوساطة الجنائیة باعتبارها إحدى ممارسات العدالة التصالحیة والتعویضیة التی تقوم على فکرة تعویض الضحیة وإعادة تأهیل الجانی وقدرتها على إنهاء النزاع قبل بدء الدعوى الجزائیة. الکلمات المفتاحیة: الوساطة الجنائیة، العدالة، العدالة التصالحیة، الخصومة الجنائیة. Abstract Mediation is the process by which a neutral person assists the parties in reaching a mutually acceptable agreement about the issues in the case. In the context of the criminal justice, mediation is a newly adopted by contemporary criminal policy to contribute to the treatment of the continually increasing number of cases before criminal courts, and a reliable procedure to resolve criminal disputes of a simple nature. This paper looks at the criminal mediation as one of the restorative and compensative Justice practices which is based on the idea of victim's compensation and rehabilitation e of the offender, and its ability to end a dispute before starting the Criminal lawsuit. Keywords: criminal mediation, criminal justice, restorative Justice, litigation. المقدمـة أولاً: التعریف بموضوع البحث تعد الوساطة الجنائیة طریقة لحل الخصومات الجنائیة، هذه الطریقة تقوم على فکرة النقاش واجراء الحوار بین المتخاصمین. تعد الوساطة الجنائیة نمطاً جدیداً فی النظام الجنائی الاجرائی یجسد العدالة التصالحیة کأسلوب جدید ظهر الى حیز الوجود أثر فشل العدالة الجنائیة التقلیدیة عن تحقیق الأهداف المرجوة منها فی مکافحة الجریمة، فظهرت الوساطة الجنائیة کوسیلة بدیلة عن الدعوى الجزائیة یمکن للقضاء الاستعانة بها فی حل کثیر من الخصومات الجنائیة. ثانیاً: أهمیة البحث تتجسد أهمیة هذه الدراسة فی ان الوساطة الجنائیة تعد اجراء بدیلاً یقوم على فکرة التوفیق بین طرفی الخصومة الجنائیة مع إعطاء دور اکبر لهم فی انهاء خصومتهم، کما انها وسیلة تضمن تعویض المجنی علیه ، کذلک تعد الوساطة الجنائیة وسیلة اجتماعیة مناسبة لعلاج الاثار المترتبة على الجرائم البسیطة والتی یصعب على المحاکم التعامل معها. ثالثاً: منهجیة البحث: تم اعتماد المنهج الوصفی بأسلوبه التحلیلی الذی یقوم على أساس عرض النصوص القانونیة ذات الصلة بالموضوع وتحلیلها مبیناً فیه اراء الفقهاء والباحثین. رابعاً: إشکالیة البحث: تنصب إشکالیة البحث حول إیجاد أجوبة مناسبة للتساؤلات الاتیة: - ما هی الوساطة الجنائیة؟ - بماذا تتمیز الوساطة الجنائیة عن بقیة النظم الإجرائیة؟ - ماهی أوجه الشبه والاختلاف بین الوساطة الجنائیة والصلح ؟ - ما هو اثر الوساطة الجنائیة على الدعوى الجزائیة؟ - هل تنقضی الدعوى الجزائیة بالوساطة الجنائیة؟ خامساً: هدف البحث: تقوم على أساس ان اجراء الوساطة الجنائیة من شأنه ان یخفف من عبء القضایا والدعاوى الجزائیة المنظورة امام المحاکم الجزائیة ویعمل على تقویة الروابط وتمتین الاواصر الاجتماعیة بین المتخاصمین. سادساً: هیکلیة البحث: المبحث الأول: التعریف بالوساطة الجنائیة. المبحث الثانی: تمییز الوساطة الجنائیة عما یشتبه بها. المبحث الثالث: أثر الوساطة الجنائیة على الدعوى الجزائیة. المبحث الاول التعریف بالوساطة الجنائیة تعد الوساطة الجنائیة طریقاً توفیقیاً بین المتخاصمین بمساعدة الغیر أملاً فی التوصل الى تسویة ودیة وحل رضائی یهدف الى تحصین العلاقات الاجتماعیة وحمایة الروابط الاسریة، ومن ثم فالوساطة الجنائیة هی صورة جدیدة للعدالة تساعد فی تصحیح مسار العدالة التقلیدیة وتقویمها، وترتکز الوساطة الجنائیة على فلسفة معینة انه لا یوجد شخصان لا یتفاهمان، بل یوجد شخصان لم یتناقشا ولم تحصل بینهما أیة حوارات. تم تقسیم دراسة هذا المبحث کما یأتی: المطلب الأول: تعریف الوساطة الجنائیة. المطلب الثانی: خصائص الوساطة الجنائیة. المطلب الأول تعریف الوساطة الجنائیة الوساطة لغةً مأخوذة من الجذر وسط، ولها عدة معانی من بینها وسط بفتح السین، بمعنى ما بین طرفیه، کقولک: جلست وسط الدار والتوسط بین الناس والوسط من کل شیء بمعنى أعدله والوسیط هو الشخص المتوسط بین القوم. أما اصطلاحاً فلابد من القول أنه لیس من واجب المشرع وضع التعریفات للمصطلحات القانونیة، إلا اذا أرید بها إزالة اللبس عن مصطلح قانونی معین او تحدید المراد المطلوب من هذا المصطلح فی التطبیق العملی. لذلک وفی اطار بحثنا عن تعریف لمصطلح الوساطة الجنائیة فی التشریعات الجنائیة المقارنة، فقد وجدنا أن أکثر هذه التشریعات قد نظمت احکام الوساطة واجراءاتها، ولم تتطرق الى التعریف من ذلک قانون الإجراءات الجنائیة الفرنسی حیث لم یضع المشرع الفرنسی تعریفاً تشریعیاً للوساطة الجنائیة لرغبته فی عدم تقیید معنى الوساطة الجنائیة، إلا أنه بالرجوع الى المحاضر الأولیة والنقاشات التی دارت فی البرلمان الفرنسی حول إقرار الوساطة الجنائیة نجد بأن وزارة العدل الفرنسیة حددت مفهوم الوساطة الجنائیة: (تتمثل الوساطة فی البحث- بناء على تدخل شخص ثالث- عن حل یتم التباحث بشأنه، وبحریة بین اطراف النزاع الذی احدثته الجریمة البسیطة کالمنازعات العائلیة وتلک الخصومات التی تقع بین افراد الجیران کذلک أفعال العنف المتبادل والاتلاف والنشل), أما المشرع البرتغالی فقد عرف الوساطة الجنائیة بأنها:(عملیة غیر رسمیة ومرنة تتم من قبل طرف ثالث محاید وهو الوسیط حیث یعزز ویوثق العلاقات بین المتهم والضحیة لإیجاد اتفاق یسمح بالتعویض عن الاضرار الناجمة عن الفعل غیر المشروع والمساهمة فی إحلال السلم الاجتماعی)، وعرفها المشرع التونسی بأنها: (آلیة ترمی الى ابرام صلح بین الطفل الجانح ومن یمثله قانوناً وبین المتضرر أو من ینوبه أو ورثته، وتهدف الى إیقاف مفعول التبعات الجزائیة أو المحاکمة أو التنفیذ). أما على صعید الفقه الجنائی، فقد اجتهد الفقهاء الفرنسیین والعرب فی وضع تعریف للوساطة الجنائیة، حیث عرف الفقه الفرنسی الوساطة الجنائیة بأنها: (الاجراء الذی بموجبه یحاول شخص من الغیر بناء على اتفاق الأطراف وضع حد ونهایة لحالة الاضطراب التی أحدثتها الجریمة عن طریق حصول المجنی علیه على تعویض کافٍ عن الضرر الذی حدث له، فضلاً عن إعادة تأهیل الجانی). وعرفها البعض بأنها: (إجراء اجتماعی تحت اشراف قضائی وانها تمثل احدى صور الصلح المدنی بمفهوم المادة(2044) من القانون المدنی الفرنسی). وهناک من عرفها بأنها: (العمل عن طریق تدخل شخص من الغیر (الوسیط) للوصول الى حل نزاع نشأ عن جریمة - غالباً ما تکون قلیلة أو متوسطة الخطورة- یتم التفاوض بشأنها بین الأطراف المعنیة، والذی کان من المفترض ان یفصل فیه بواسطة المحکمة الجنائیة المختصة). أما على صعید الفقه الجنائی العربی فقد عرفت الوساطة الجنائیة بأنها: (نظام قانونی مستحدث یهدف الى حل الخصومات الجنائیة بطریقة غیر الطرق التقلیدیة، ودون الحاجة الى مرورها بالإجراءات الجنائیة العادیة بغیة ادخار الوقت والجهد والنفقات، والحفاظ على العلاقات الاجتماعیة الوطیدة بین أفراد المجتمع، عن طریق تدخل شخص ثالث بین أطراف الخصومة بقصد تقریب وجهات النظر، ووضع اتفاقیة تضمن جبر الضرر الذی لحق بالمجنی علیه، کما تضمن إعادة تأهیل الجانی، وکل ذلک تحت إشراف قضائی). ویمکن تعریفها بأنها:(إجراء یتم قبل تصرف النیابة العامة فی الدعوى أو الحکم فیها، وبناء على اتفاق الأطراف، بموجبه یحاول شخص ثالث محاید – الوسیط – البحث عن حل للنزاع الذی یواجهونه بشأن جریمة معینة). فهی وسیلة تقوم على البحث عن حل ودی لنزاع یواجه أشخاصاً یرتبطون فی العادة بعلاقات دائمة أو مستمرة، وذلک عن طریق شخص ثالث یسمى الوسیط. وعرفها البعض على أنها: (عملیة یساعد من خلالها طرف محاید شخصین أو أکثر، على التوصل الى حل مرضٍ للأطراف المتنازعة، یکون نابعاً من إرادة الأطراف التی تلاقت على تصفیة خلافاتهم بشکل ودی ودون اللجوء الى القضاء). فالوساطة الجنائیة آلیة جدیدة یمکن الاستعانة بها وجعلها وسیلة بدیلة للدعوى الجنائیة. وعرفها البعض بأنها: (إجراء یتم قبل تحریک الدعوى الجنائیة، بمقتضاه تخول النیابة العامة جهة وساطة أو شخص تتوافر فیه شروط خاصة وبموافقة الأطراف، الاتصال بین الجانی والمجنی علیه، والالتقاء بهم لتسویة الآثار الناجمة عن طائفة من الجرائم التی تتسم ببساطتها، أو بوجود علاقات دائمة بین أطرافها، وتسعى لتحقیق أهداف محددة نص علیها القانون، ویترتب على نجاحها عدم تحریک الدعوى الجنائیة). ویمکن تعریف الوساطة الجنائیة بأنها: (وسیلة لا تتضمن شکلیة محددة، یقوم من خلالها شخص ثالث بحل النزاع القائم، فهی أسلوب خاص لإدارة الدعوى الجنائیة، تتماثل مع الصلح فی جوهره باعتبارها وسیلة فعالة لتحقیق الصلح الجنائی). فالوساطة إجراء یحافظ على العلاقات الاجتماعیة، ولذلک یقرر فی بعض الجرائم التی تحقق هذا الهدف کجرائم الأسرة، ویتم هذا الإجراء من خلال ثلاثة عناصر أساسیة هی الوسیط الذی یجب أن یکون من خارج السلطة القضائیة، وکل من الجانی والمجنی علیه بعد أخذ موافقتهما المبدئیة على المضی فی هذا الإجراء. فهی ذلک الإجراء الذی بموجبه یحاول شخص من الغیر، بناءً على اتفاق الأطراف وضع حد ونهایة لحالة الاضطراب التی أحدثتها الجریمة عن طریق حصول المجنی علیه على تعویض کافٍ عن الضرر الذی حدث له فضلاً عن إعادة تأهیل الجانی. فهی آلیة اختیاریة تعطی للادعاء العام حق عرض الصلح على المتضرر أو المشتکی به ثم الإشراف على إبرامه وتنفیذه. بعد استعراض هذه الآراء التی قیلت فی تعریف الوساطة الجنائیة، نخلص الى القول بأن الوساطة الجنائیة هی نظام اجرائی بدیل للدعوى الجزائیة بمقتضاه یخول الادعاء العام او المحکمة وعلى حسب الاحوال جهة وساطة بعد اخذ موافقة کل من الجانی والمجنی علیه على ان تتولى اللقاء بهما واجراء مداولات وتقریب وجهات النظر لتسویة النزاع بما فی ذلک تعویض المجنی علیه تعویضا کافیا عما لحقه من ضرر وتأهیل الجانی ودمجه اجتماعیا ووضع حد ونهایة للاضطراب الناشئ عن الجریمة. المطلب الثانی خصائص الوساطة الجنائیة تتمیز الوساطة الجنائیة بعدة خصائص تتمثل فی الرضائیة وحضور الأطراف المعنیة والسریة وسرعة الإجراءات.
تقوم الوساطة الجنائیة على أساس حریة الإرادة بعیداً عن أی شیء یعیب الرضا من اکراه أو وقوع فی الغلط ومن ثم فلا وساطة جنائیة متى ما کان قبول الجانی أو المجنی علیه تحت ضغط الاکراه أو تأثیر الغلط. فالوساطة الجنائیة نظام اختیاری لا یمکن فرضه اجباراً على الجانی والمجنی علیه بعیداً عن رغبتهم وارادتهم الحرة السلیمة وبالمقابل یقع على عاتق الادعاء العام أو القاضی المختص ضرورة اشعار الأطراف المعنیة وأفهامهم بکامل حقوقهم مع شرح واضح لطبیعة عمل الوساطة وقواعدها. وهکذا فالرضائیة فی الوساطة الجنائیة تبدأ من نقطة اللجوء الى الوساطة وتمتد الى تنفیذ اتفاقیة التسویة والتی هی من عمل اطراف الخصومة الجنائیة ومن ثم فإن تنفیذ مثل هذه الاتفاقیة یرتکز على رضا الأطراف المعنیة على عکس الحکم القضائی الجزائی الذی یتم تنفیذه جبراً. یترتب على ذلک نتیجة هامة وهی أنه لیس بمقدور الوسیط الزام واجبار طرفی الخصومة الجنائیة على تسویة خصومتهم بطریق الوساطة، بل یقتصر دور الوسیط على بذل قصارى جهده ومهارته وحنکته فی استخدام الطرق ووسائل الاتصال الفعالة لیصل الى مبتغاة فی التسویة الودیة للنزاع.
یکون حضور طرفی الخصومة الجنائیة واجبا حتمیاً ویتعین أن یکون الطرف الحاضر متمتعاً بکامل قواه العقلیة، فإن کان غیر ذلک کأن یکون الجانی أو المجنی علیه لا یتمتع بقواه العقلیة فلا یمکن إجراء الوساطة الجنائیة لعدم توفیر إمکانیة ذهنیة فی التعبیر عن الإرادة أو الدفاع. أما فی حالة عدم بلوغ أحد الأطراف لسن الرشد، فإن ذلک لا یشکل عائقاً أمام تحقق الوساطة الجنائیة، فتکون أمام وساطة احداث ویکون اطراف الوساطة هما ولی الحدث.
تتصف الوساطة الجنائیة بأنها نظام اجرائی یضمن لطرفی الخصومة الجنائیة المحافظة على السریة، بعکس المحاکمات الجزائیة التی تتصف بان إجراءاتها علنیة ووجاهیة. ففی أکثر الأحیان، یفضل کل من الجانی والمجنی علیه تسویة خلافاتهما بعیداً عن المحاکمات العلنیة وکثیراً منهم یفضل سلوک طریق الوساطة الجنائیة للحفاظ على خصوصیته. فإجراءات الوساطة الجنائیة تتم بعیداً عن أعین الناس وکافة الحوارات والمناقشات تتم فی سریة تامة اذ لا یجوز البوح بها أو الکشف عنها أو حتى الاحتجاج بها مستقبلاً أمام المحاکم، لذلک فخاصیة السریة تعد أحد المزایا التی تدفع طرفی الخصومة الجنائیة باللجوء الى الوساطة لحل خصومتهم بدلاً من المقاضاة التقلیدیة.
یتمیز حل الخصومة الجنائیة عن طریق الوساطة بسرعة التوصل الى تسویة واختصار الوقت مما یعنی ضمان لاستغلال الوقت واقتصار الجهد فی الحصول على نتیجة وحل سریع للخصومة الجنائیة بعکس المنازعة التی تعرض أمام المحاکم والتی قد تستغرق أوقاتاً طویلة. ومما لاشک فیه، أن العدالة البطیئة تعطی معنى انکار للعدالة ومن ثم نجد أن أجراء الوساطة الجنائیة یحقق سرعة الفصل فی الخصومات الجنائیة. وتحقیق ذلک یتوقف على شطارة الوسیط وما یمتلکه من مهارات ومؤهلات زائداً قدراته العلمیة والعملیة فی توظیف أسالیب الاقناع. ولعل من الأسباب التی ساعدت على سرعة انتشار الوساطة وقبولها فی حل الخصومات هی بساطة إجراءاتها وابتعادها عن الروتین والشکلیات القضائیة مع منح الوسیط الحریة فی اتخاذ ما یراه مناسباً. المبحث الثانی تمییز الوساطة الجنائیة عما یشتبه بها تعد الوساطة الجنائیة مظهراً من مظاهر الاجراءات الجنائیة الحدیثة ودلالة على مواکبة المشرع لما یحصل من متغیرات فی المجتمع، فإجراء الوساطة الجنائیة یعمل على التخفیف من عبء القضایا والدعاوى الملقاة على اکتاف السلطة القضائیة فی الدولة، ومن ثم فمثل هذا النوع من الاجراءات الجنائیة المستحدثة ساهم فی مکافحة الجریمة من جهة، ومن جهة اخرى عمل على تحسین صورة ووجه العدالة الجنائیة. فی هذا المبحث سوف نتناول دراسة تمییز الوساطة الجنائیة عن بعض المفاهیم القانونیة التی قد تتشابه مع اجراء الوساطة الجنائیة من حیث المضمون والهدف کالصلح الجنائی والتحکیم والأمر الجزائی والتسویة الجنائیة. وعلیه سنقسم هذا المبحث الى مطلبین وکما یأتی: المطلب الأول: تمییز الوساطة الجنائیة عن الصلح الجنائی والتحکیم وصفح المجنی علیه. المطلب الثانی: تمییز الوساطة الجنائیة عن الأمر الجنائی والتسویة الجنائیة.
المطلب الاول تمییز الوساطة الجنائیة عن الصلح الجنائی والتحکیم وصفح المجنی علیه
یعد الصلح الجنائی وسیلة غیر تقلیدیة فی انقضاء الدعوى الجزائیة، فقد اوجده المشرع الجنائی لعدة اسباب منها إعادة الالفة والمحبة وترسیخ الروابط الاجتماعیة وتغلیب خصال الانسان الطیبة والفضائل الحمیدة على نوازعه الشریرة من الضغینة والغل والحقد هذا من جهة، ومن جهة اخرى لوحظ فی بعض القضایا وتحدیداً فی الجرائم البسیطة التی لا تشکل خطورة تذکر على المجتمع ان الاجراءات فیها قد تطول فتتکبد الدولة مصاریف لا داع لها وتستنفذ الکثیر من الجهد القضائی للدولة، لما تسببه من هدر للوقت وزیادة فی التکالیف المادیة التی یتحملها اطراف الدعوى الجزائیة وتعرضهم للإحراج والضیق ووقوفهم موقف الاتهام امام المحکمة والذی ینال من مکانتهم الاجتماعیة، لکل ذلک اصبح الصلح الجنائی ضرورة وسبباً اوجده المشرع الجنائی فی انقضاء الدعوى الجزائیة. ویعرف الصلح الجنائی على انه: (اسلوب أو طریقة لأنهاء الخصومة الجنائیة على اساس ودی فی جرائم معینة ووفق ضوابط وشروط قانونیة). إن الصلح والوساطة الجنائیة کلاهما وجهان للعدالة الجنائیة الرضائیة یتشابهان فی عدة امور ویختلفان فی امور اخرى. أ- اوجه الشبه بین الوساطة الجنائیة والصلح الجنائی: أولاً: ان الوساطة الجنائیة والصلح الجنائی کلاهما یعدان من الوسائل غیر التقلیدیة فی انهاء الخصومات الجنائیة فی بعض الجرائم البسیطة ذات الخطورة القلیلة والمحدودة والتی یغلب فیها الحق الشخصی على الحق العام. ثانیاً: کلاهما وجهان لمفهوم جدید للعدالة الجنائیة ممثلاً بالعدالة الجنائیة الرضائیة فی صورة مسامحة المجنی علیه للمتهم من خلال التفاوض وتدخل الناس العقلاء والحکماء فی الوصول الى حل ودی لأنهاء الخصومة الجنائیة، ومن ثم فإن الاساس الذی ینبنی علیه کل من الوساطة الجنائیة والصلح الجنائی هو الرضائیة. ثالثاً: کلاهما یخفف من عبء القضایا والدعاوى المرفوعة امام المحاکم ومن ثم فإن مثل هذا النوع من الاجراءات من شأنها تقلیل عدد القضایا المحالة الى المحاکم. رابعاً: کلاهما یعمل على تحقیق مبدأ السرعة فی حسم الخصومة الجنائیة، فاستخدام الحلول الودیة وفض النزاعات من خلال الجلسات الاجتماعیة یؤدی الى وأد الخصومة الجنائیة وهی فی مهدها، فی حین ان تراکم القضایا فی المحاکم وتأخیر الفصل فیها لا یحقق مبدأ السرعة فی حسمها. خامساً: ان جوهر کل من الوساطة الجنائیة والصلح الجنائی یتمثل فی حصول المجنی علیه على تعویض عینی او نقدی عادل من المتهم عوضاً عن الضرر الذی احدثته الجریمة، ومن ثم یتحقق اثرهما فی تجنب الجانی مساوئ العقوبات السالبة للحریة وتحدیداً عقوبة الحبس قصیر الأمد. ولهذا یرى جانب من الفقه المقارن ان الوساطة الجنائیة المنصوص علیها فی التشریع البلجیکی تقترب کثیراً من الصلح الجنائی، فالوسیط یقوم بمهمة تقریب وجهات نظر اطراف الخصومة الجنائیة ویحثهم على تسویة النزاع وحل الخصومة الجنائیة ودیاً، کذلک نجد ان قسماً من الفقهاء المصریین ایدوا هذه الفکرة واعتبروا ان اجراءات الوساطة الجنائیة هی فی حقیقتها عبارة عن مجالس صلح ومن ثم فالوساطة تدخل فی مفهوم الصلح الجنائی بمعناه الواسع حیث تعد الوساطة طریقة واداة فاعلة للوصول الى المصالحة بین الجانی والمجنی علیه، إلا ان هذا الرأی یرد علیه ان الوساطة الجنائیة تختلف کلیا عن الصلح الجنائی إذ على الرغم من وجود تشابه بینهما إلا هناک ان ثمة فروق تمیز کل منهما عن الاخر. ب- أوجه الاختلاف بین الوساطة الجنائیة والصلح الجنائی.
2- تمییز الوساطة الجنائیة عن التحکیم یعرف التحکیم على انه: (عقد یتم بین طرفین یتضمن طرح النزاع على شخص معین او عدة اشخاص معینین لیفصلوا منه دون المحکمة المختصة به وحکم ملزم للخصوم). وهکذا فالتحکیم هو وسیلة أو طریقة لحل المنازعات، یتم الاتفاق علیها منذ البدء بین طرفین تربطهما علاقة قانونیة کعقد مدنی أو تجاری لفض ای نزاع أو اشکال قد ینشأ بینهما لأی سبب کان، عندئذ یتم اللجوء الى جهة التحکم کأن تکون محکم واحد أو مجموعة محکمین أو منظمة متخصصة، جهة التحکیم یختارها سلفاً اطراف العقد ووفق ضوابط وشروط قانونیة یتم فیها الاستغناء عن اللجوء الى القضاء. بمعنى ان اطراف العقد اتفقوا منذ البدایة وعند ابرام العقد وقبل حصول ای خلاف تحدید جهة محکمة تتولى فض النزاعات نظراً للمزایا التی یتمتع بها التحکیم من سرعة الفصل فی الخصومات وعدم اطالة الاجراءات. یتشابه التحکیم مع الوساطة الجنائیة فی أن کل منهما یؤدیان الى سرعة البت فی الخصومة کما انهما یقومان على مبدأ التراضی، أی اللجوء الى التحکیم والوساطة یکون بإقناع وإرادة حرة وکلاهما یعرض على أشخاص محایدین للنظر فی النزاع وتقریب وجهات النظر لإیجاد الحل المناسب الذی یرضی کل الأطراف. مع ذلک نجد ان الوساطة الجنائیة تختلف عنه، فمن طریقة تعیین المحکم نجد ان اطراف الخصومة هم من یقوم سلفاً بتعیین جهة التحکم التی سوف تفصل فی النزاع والخلافات التی من المحتمل ان تنشأ مستقبلاً، فی حین ان الوسیط فی الوساطة الجنائیة یتم تعیینه من قبل الادعاء العام دون مشارکة أو تدخل من قبل اطراف الخصومة، کذلک نجد ان قرار اللجوء الى اجراء الوساطة الجنائیة یصدر من قبل المدعی العام، فی حین ان هذا القرار فی التحکیم یتم من قبل الأفراد أطراف الخصومة. إضافة الى ما تقدم، فإن سلطة المحکم فی التحکیم تختلف عن سلطة الوسیط فی الوساطة الجنائیة، فالمحکم مهمته الاساسیة هی الفصل فی موضوع النزاع ویصدر حکماً ملزماً لأطراف الخصومة ومن ثم یکون له اثر فی انهاء النزاع شأنه فی ذلک شأن القاضی او المحکمة التی تصدر القرار وتنقضی به الدعوى. فی حین ان الوسیط لا یرتقی دوره الى دور المحکم، فالوسیط یعمل على تفعیل الروابط الاجتماعیة وبنائها مجدداً بین اطراف الخصومة الجنائیة ودون ان یفرض علیهم امراً ملزماً أو یجبرهما على حل معین لموضوع الخصومة الجنائیة، بمعنى آخر ان قرار التحکیم یعمل على انهاء الخصومة ولا حاجة لأطراف الخصومة باللجوء الى القضاء، فی حین ان الوساطة بإجراءاتها قد لا تحقق الهدف المقصود منها ومن ثم یقرر المدعی العام البدء بإجراءات الدعوى الجزائیة. واخیراً، فإن الوساطة الجنائیة لا تکون إلا بسبب وقوع فعل جرمی ولا یعرف اطرافها مقدماً انه سیحدث بینهما جریمة یکون من جرائها احدهما جانیاً والآخر مجنیاً علیه، فی حین ان التحکیم لا یکون إلا بسبب خلاف بین اطراف العلاقة القانونیة على تنفیذ بنود عقد أو تفسیر غامض ولا وجود لفعل جرمی. 3- تمیز الوساطة الجنائیة عن صفح المجنی علیه. یعرف صفح المجنی علیه بانه: (الصلح عن الجریمة والعفو عن مرتکبها بعد صدور الحکم فیها)، حیث یستطیع المجنی علیه ان یتقدم بطلب الصفح عن الجانی للمحکمة التی أصدرت الحکم، وللمحکمة ان تقبل هذا الصفح عمن صدر علیه الحکم بعقوبة اصلیة مقیدة للحریة بشرط ان تکون الجریمة مما یجوز الصلح عنها وهی بموافقة القاضی فی جرائم التهدید والایذاء واتلاف وتخریب الأموال، ودون موافقة القاضی فی الدعاوى التی یتوقف تحریکها على شکوى من المجنی علیه، وسواء أکان قرار الحکم قد اکتسب الدرجة القطعیة او لم یکتسبها. ولا یجوز قبول طلب الصفح المنفرد اذا کان المجنی علیهم متعددین، فی حین اذا کان المحکوم علیهم متعددین فیمکن ان یقبل الصفح عن احدهم دون الآخرین، ولا تقبل المحکمة طلب الصفح اذا کان معلقا على شرط او مقترنا بشرط. تتشابه الوساطة الجنائیة مع صفح المجنی علیه فی ان کل منهما یقوم على مبدأ الرضائیة فی صورة مسامحة المجنی علیه للجانی وبه ترفع الضغائن وتنزع الأحقاد، کذلک یتشابهان فی أن کل منهما یتحدد فی جرائم بسیطة قلیلة الخطورة لا تشکل مساساً بالنظام العام للمجتمع. مع ذلک تختلف الوساطة الجنائیة عن صفح المجنی علیه من حیث وقت اجراء کل منهما، فالوساطة یتم اجراؤها قبل المباشرة بإجراءات الدعوى الجزائیة فی حین ان صفح المجنی علیه یتم بعد صدور حکم فی الدعوى الجزائیة. کذلک لم یشترط المشرع ان یکون صفح المجنی علیه مقابل قیام المحکوم علیه بالتعویض عن الضرر الذی لحق بالمجنی علیه أو أن یکون من شأن هذا الاجراء العمل على إعادة تأهیل المحکوم، فی حین ان اجراء الوساطة الجنائیة یشترط فیه أن تکون بمقابل وان یکون من شأنها إعادة تأهیل الجانی ودمجه اجتماعیاً. المطلب الثانی تمییز الوساطة الجنائیة عن الأمر الجزائی والتسویة الجنائیة
یعد الأمر الجزائی احد النظم الاجرائیة الذی تأخذ به معظم التشریعات الجنائیة الاجرائیة الحدیثة کالقانون العراقی والمصری، ویعرف على انه: (قرار قضائی یفصل فی موضوع الدعوى الجزائیة دون ان تسبقه الاجراءات العادیة واجبة الاتباع فی المحاکمة الجنائیة)، بمعنى آخر ان القاضی یصدر الأمر الجزائی کتابة على اوراق الدعوى من دون حاجة لحضور المتهم ولا تحدید جلسه ولا اجراء تحقیق ولا سماع مرافعة. فکرة الأمر الجزائی تجد اساسها فی تبسیط الاجراءات الجنائیة وتجنب المدد الطویلة التی قد تستغرقها الاجراءات العادیة للدعوى الجزائیة حتى صدور حکم، کما انها توفر الجهد والعناء للقاضی من جهة، ومن جهة اخرى توفیر النفقات والمصاریف التی تستلزمها اجراءات الدعوى الجزائیة . هناک اوجه شبه واختلاف بین الوساطة الجنائیة والأمر الجزائی، فکلاهما یعدان من الاجراءات الجنائیة التی تعمل على تبسیط اجراءات الدعوى الجزائیة ویستندان على مبدأ الرضائیة فی انهاء الخصومة الجنائیة بطریقة ودیة، وکلاهما یشترکان فی تخفیف العبء على عمل المحاکم، کذلک فإن کلاهما یعملان على تحقیق مبدأ السرعة فی حسم اجراءات الدعوى الجزائیة، فالوساطة الجنائیة والأمر الجزائی من النظم الجنائیة الاجرائیة وجدت لمواجهة ازمة العدالة الجنائیة عن طریق تیسیر الاجراءات الجنائیة والتحول عن الخصومة الجنائیة التقلیدیة بإجراءاتها الروتینیة. مع ذلک، فإن هناک أوجه اختلاف بین الوساطة الجنائیة والأمر الجزائی، فالوساطة الجنائیة تعد احد بدائل اجراءات الدعوى الجزائیة تعمل على حل الخصومة الجنائیة فی جرائم لم یحدد المشرع طبیعتها، فی حین نجد ان الأمر الجزائی هو قرار قضائی یفصل فی موضوع الدعوى الجزائیة بغیر تحقیق أو مرافعة فی الجرائم من نوع المخالفات والجنح البسیطة التی لا یوجب القانون فیها الحکم بالحبس. کذلک نجد ان عقوبة الأمر الجزائی حددها المشرع بالغرامة والعقوبات الفرعیة، فی حین نجد ان العقوبة فی الوساطة الجنائیة لها معنى اعمق من العقوبات الجنائیة، فقد تصل الى حد تعویض المجنی علیه بما یرضیه مع المساعدة فی اعادة تأهیل الجانی اجتماعیاً وسلوکیاً وبناء الروابط والعلاقات الاجتماعیة بین المجنی علیه والجانی، کما أن الوساطة تکون باستقلال الوسیط فی اختیار الحل والتوصل الى مقترحات یعرضها امام المتخاصمین، أی أن هناک طرف ثالث فی عملیة حل النزاع فی حین أن الأمر الجزائی لا یفترض وجود وسیط أو اجراء مفاوضات بل هو قرار قضائی یصدر بالعقوبة الجنائیة أو الافراج من المحکمة، واخیراً فإن الأثر المترتب على الأمر الجزائی هو انقضاء الدعوى الجزائیة وعدم العودة الى الاجراءات التقلیدیة للدعوى الجزائیة اذا لم یعترض المتهم على الأمر الجزائی خلال المدة القانونیة، فی حین ان الوساطة الجنائیة هی وسیلة او طریقة یتم اللجوء الیها لحل الخصومة الجنائیة، تنتهی بتقریر یرفعه الوسیط ویعرضه على الادعاء العام والأخیر واعتماداً على سلطته التقدیریة قد یقبله أو یرفضه ومن ثم یستأنف تحریک الدعوى الجزائیة . 2- تمییز الوساطة الجنائیة عن التسویة الجنائیة تعد التسویة الجنائیة احد الاجراءات الجنائیة التی استحدثها المشرع الجنائی الفرنسی بموجب القانون رقم (515/55) الصادر فی 23/حزیران/ 1999 والمعدل بالقانون رقم (204/2004) فی 9/ اذار/ 2004، حیث یحق للمدعی العام وفی جرائم معینة کالعنف والسرقات البسیطة والاتلاف وحمل السلاح والتهدید، بأن یعرض على المتهم القیام بأعمال معینة أو تنفیذ تدابیر محددة یترتب علیها انقضاء الدعوى الجزائیة بعد مصادقة القاضی على هذا المقترح، مع احتفاظ المدعی بالحق المدنی بالمطالبة بحقه أمام المحاکم المختصة. فکرة هذا الاجراء اساسها المواجهة الفاعلة والسریعة لمجموعة من الجرائم یکثر وقوعها من الناحیة العملیة فی المجتمع الفرنسی، ولتخفیف العبء عن کاهل القضاة وعدم اشغال المحاکم الجزائیة بقضایا وجرائم غالباً ما کان یصدر الادعاء العام فیها أمراً بحفظ اوراق الدعوى . تتشابه الوساطة الجنائیة مع التسویة الجنائیة فی عدة نقاط، منها ان کلاً منهما یعدان من النظم الجنائیة الاجرائیة الحدیثة جاء بها المشرع الجنائی الفرنسی لمواجهة ازمة العدالة الجنائیة وتفاقم اعداد القضایا المنظورة امام المحاکم، کما أن کل منهما یعدان من الإجراءات الموجزة فی الدعوى الجزائیة وأحد بدائلها ویجسدان السیاسة الجنائیة المعاصرة التی تواکب المتغیرات والتطورات التی تحصل فی التشریعات الجنائیة الاجرائیة. مع ذلک تختلف الوساطة الجنائیة عن التسویة الجنائیة فی عدة امور، فالوساطة الجنائیة ذات طبیعة اصلاحیة تأهیلیة تعویضیة تتمثل فی جبر الضرر وحصول المجنی علیه على مقابل نظیر ما أصابه من ضرر، فی حین ان التسویة الجنائیة ذات طبیعة جزائیة تتمثل فی قیام المتهم بتنفیذ تدابیر معینة ودفع غرامة نقدیة. کذلک فإن اجراء الوساطة الجنائیة یتحقق باجتماع ثلاثة اطراف وهم المجنی علیه والمتهم والوسیط، اساس وظیفة الوسیط یتحدد فی عقد لقاء مشترک بین المتهم والمجنی علیه، فی حین ان اجراء التسویة الجنائیة عبارة عن مقترح یعرضه المدعی العام على المتهم إما ان یقبله أو یرفضه ولا تفاوض بشأنها. وأخیراً فإن الأثر المترتب على إجراء التسویة الجنائیة هو انقضاء الدعوى الجزائیة بتنفیذ المتهم للتدابیر التی تضمنتها التسویة الجنائیة، فی حین لا یکون الأمر کذلک بالنسبة للوساطة الجنائیة فحتى وان نجحت مهمة الوسیط، یبقى الأمر متروکاً للسلطة التقدیریة للادعاء العام بحفظ اوراق الدعوى أو استئناف اجراءات الدعوى الجزائیة فی حال لم تتحقق الوساطة الجنائیة أغراضها. المبحث الثالث أثر الوساطة الجنائیة على الدعوى الجزائیة أن حکم الوساطة فی الدعوى الجزائیة یتبین فی بیان نتائجها وأثارها حیت تختلف آثار الوساطة فی الدعوى الجزائیة من ناحیتین أولهما هو وقف تقادم الدعوى الجزائیة کاثر لإحالة الدعوى الجزائیة للوساطة وثانیهما هی الآثار المترتبة على انتهاء الوساطة الجنائیة. وبناءً علیه سوف نتناول دراسة هذا المبحث من مطلبین: المطلب الأول: وقف تقادم الدعوى الجزائیة. المطلب الثانی: الآثار المترتبة على انتهاء الوساطة. المطلب الأول وقف تقادم الدعوى الجزائیة من المعلوم أنه مع وقوع الجریمة فإنه یترتب على ذلک نشوء حق للدولة فی عقاب مرتکب الجریمة وهذه الرابطة القانونیة بین الدولة ومرتکب الجریمة فسیکون بمقتضى تلک الرابطة حق الدولة فی العقاب وتمکین الدولة بإنزال العقوبة مقابل ذلک یکون على مرتکب الجریمة الخضوع لهذا العقاب وتسمى هذه الرابطة القانونیة برابطة العقاب. فالدعوى الجزائیة هی ملک للدولة وحقها من العقاب والغرض من ورائها هو تحقیق الطمأنینة العامة لدى الناس والذی یتوقف على تحدید شخصیة مرتکب الجریمة وإقرار حق الدولة بمعاقبته، والتقادم الجنائی یعنی: (انقضاء حق الدولة فی العقاب لمرور فترة زمنیة محددة بنص القانون منذ وقوع الجریمة أو منذ صدور الحکم البات بالدعوى الجزائیة من غیر أن تباشر الدولة باقتضاء حقها فی العقاب من مرتکب الجریمة). تناول الفقه الجنائی الفرنسی مسألة فیما إذا کانت إجراءات الوساطة الجنائیة تقطع تقادم الدعوى الجزائیة وهل من الممکن تطبیق قواعد التقادم فی الإجراءات الجنائیة على نظام الوساطة الجنائیة. بمعنى آخر، أنه لو قامت النیابة العامة بإحالة الدعوى الجزائیة إلى جهة الوساطة فهل یستطیع الجانی الاحتجاج والدفع بتقادم إجراءات الدعوى؟ وهل یمکن قبول مماطلة الجانی فی تنفیذ اتفاق الوساطة وبالشکل الذی یؤدی إلى تقادم إجراءات الدعوى الجزائیة؟ ذهب رأی فی الفقه الجنائی الفرنسی إلى أن إجراء الوساطة یوقف تقادم الدعوى لأن الوساطة الجنائیة تعد من قبیل إجراءات الاستدلال التی تتخذ فی مواجهة الجانی. حیث أن تقادم الدعوى الجزائیة یبدأ من تاریخ آخر إجراء یتخذ فی مواجهته، فإذا شعر الوسیط بأن الجانی یماطل فی تنفیذ اتفاق الوساطة بغیة الاستفادة من تقادم الدعوى فإنه یجب على الوسیط الإسراع بإرسال ملف القضیة إلى النیابة العامة حتى تتخذ قرارها إما بحفظ أوراق القضیة أو تحریک الدعوى الجزائیة، إلا أن هذا الرأی تم الرد علیه، انه من الصعوبة اعتبار إجراءات الوساطة بمثابة إجراءات استدلال لان المقصود من إجراءات الاستدلال هو تجمیع معلومات عن الجریمة ومرتکبها وهو ما لا یتحقق فی الوساطة الجنائیة، باعتبار ان الوساطة تفترض ارتکاب الجریمة ومعرفة فاعلها والذی یکون طرفاً فی الوساطة التی ستتم. على أیة حال، فإن هذه الاجتهادات الفقهیة الفرنسیة، قد قیل بها عندما کان یتم اللجوء الى الوساطة دون وجود نص تشریعی فی فرنسا. على صعید التشریعات الجزائیة المقارنة، نجد أن المشرع الجنائی الفرنسی والتونسی والجزائری ذکروا بأن الوساطة الجنائیة تؤدی إلى وقف تقادم الدعوى الجزائیة والهدف من ذلک هو الحفاظ على مصالح المجنی علیه وضمان حصوله على تعویض عن الضرر الذی أصابه وحتى لا یلجأ الجانی إلى المماطلة والتسویف وإضاعة الوقت فی إجراءات الوساطة مستغلاً توقف إجراءات الدعوى الجزائیة ومن ثم تقادم الدعوى ویضیع الحق فی مباشرتها. إن إقرار المشرع لهذا الأمر فی الوساطة الجنائیة یضیع على الجانی الفرصة فی إساءة استخدام الوساطة الجنائیة ویؤدی إلى غلق الباب أمام الجانی من الاستفادة من قواعد التقادم فی الإجراءات الجنائیة والتهرب من تطبیقها. والقول بغیر ذلک یهدر الغایة من إجراء الوساطة ویؤدی إلى الإضرار بالمجنی علیه عن طریق تقلیص الفترة اللازمة له فی ملاحقة الجانی للتعویض عن الضرر الواقع. المطلب الثانی الآثار المترتبة على انتهاء الوساطة تختلف الآثار المترتبة على انتهاء مفاوضات الوساطة الجنائیة بحسب ما توصل إلیه الوسیط، فأما أن تنجح جهود الوسیط فی حل الخصومة الجنائیة أو تفشل جهوده. وتتحدد آثار الوساطة بمدى تنفیذ التعهدات الواردة فی اتفاق الوساطة الجنائیة. علیه سوف نتناول آثار الوساطة الجنائیة فی حالتین، أولهما حالة نجاح الوساطة الجنائیة وثانیهما حالة فشل الوساطة الجنائیة. أولاً: نجاح الوساطة الجنائیة: تنتهی الوساطة الجنائیة بالنجاح عند قیام الجانی بتنفیذ ما ورد فی اتفاق الوساطة من التزامات وتعهدات، ویختلف الأثر القانونی المترتب على نجاح الوساطة الجنائیة فی التشریعات الجنائیة المقارنة بین اتجاهین أولهما یأخذ بمبدأ الحفظ الإداری للقضیة وثانیهما یأخذ بمبدأ انقضاء الدعوى الجزائیة.
فی حال نجاح الوساطة الجنائیة تقوم النیابة العامة بإصدار قرار بحفظ الأوراق. وهذا الحفظ الإداری للدعوى لا یمنع النیابة العامة من تحریک الدعوى الجزائیة مجدداً على الرغم من نجاح الوساطة تعویلاً على ما تم تنفیذه بالفعل من التزامات. ومع ذلک فإن هذا الفرض إن کان سلیماً من الناحیة النظریة، إلا أنه من الناحیة الواقعیة نادر الحدوث حیث أثبتت الإحصاءات أن ما نسبته (88%) من الدعاوى التی یتم حفظها من جانب النیابة العامة فی فرنسا تکون عند نجاح الوساطة، بل إن هذه النسبة تتجاوز (95%) فی بعض المدن الفرنسیة مثل (Fontainnebleau, Evry, Auxerre). فمن غیر المنطقی أن تقوم النیابة العامة بعد سبق قرارها باللجوء إلى الوساطة الجنائیة بتحریک الدعوى الجزائیة رغم نجاح الوساطة. ذهب بعض الفقهاء إلى القول بأن نجاح الوساطة الجنائیة یعتبر بمنزلة الإجراء القضائی السلیم لحل النزاع مما یرتب علیه نفس الآثار التی یرتبها إجراء الصلح المعمول به فی الإجراءات الجنائیة من حیث اعتبار فعل الجانی کأن لم یکن، ومن ثم فلا توجد هناک إمکانیة اللجوء مجدداً إلى الدعوى الجزائیة ما لم یتم الإخلال باتفاق الوساطة. والأمر کذلک بالنسبة للدعوى المدنیة إذ لا یستطیع المجنی علیه الذی تم تعویضه باللجوء إلى المحاکم المدنیة إلا فی الأحوال التی لا یحترم بها تنفیذ اتفاق الوساطة الجنائیة. من الناحیة العملیة فإن حصول المجنی علیه على التعویض من خلال الوساطة یؤدی إلى عدم مباشرته لإجراءات الدعوى المدنیة. من هنا جرى العرف فی فرنسا على تضمین اتفاقات الصلح نصاً یقرر التزام الجانی بتعویض المجنی علیه مقابل التزام الأخیر بالامتناع عن إقامة الدعوى المدنیة أمام المحاکم. ولا شک أن قرار الحفظ الإداری للقضیة لا یکون نهائیاً حتى تتحقق النیابة العامة من تمام تنفیذ اتفاق الوساطة الجنائیة بالکامل وإن أی إخلال أو تقصیر بهذا الاتفاق من جانب الجانی من شأنه إعادة فتح تحقیق واستئناف إجراءات الدعوى الجزائیة وقد أخذ بهذا الاتجاه التشریع الفرنسی والسویسری.
إن نجاح الوساطة وقیام الجانی بتنفیذ ما علیه من التزامات فی اتفاق الوساطة الجنائیة یترتب علیه انقضاء الدعوى الجزائیة وما یترتب على ذلک من آثار تتمثل بعدم جواز الادعاء المباشر مجدداً عن ذات الواقعة الجرمیة وعدم اعتبار الواقعة من السوابق الجرمیة وعدم جواز تأشیرها وتسجیلها فی السجل الجنائی فی صحیفة سوابق المتهم. وقد أخذ بهذا الاتجاه التشریعی القانون البلجیکی والتونسی. أما فیما یخص الدعوى المدنیة فإن انقضاء الدعوى الجزائیة بالوساطة لا یمس بحقوق المجنی علیه وبقیة المتضررین من الجریمة فإن تنفیذ اتفاق الوساطة الجنائیة لا أثر له على الدعوى المدنیة الناشئة عن الواقعة محل الجریمة حیث یحق للمجنی علیه والمتضرر من الجریمة إقامة دعوى أمام المحاکم المدنیة المختصة وهذا ما أکدت علیه التشریعات الجنائیة المقارنة کالقانون البلجیکی والتونسی. إن نجاح الوساطة أو فشلها لا أثر له على الدعوى المدنیة المرتبطة بالدعوى الجزائیة إذ یحق للمجنی علیه أو المتضرر من الجریمة إقامة دعواه للمطالبة بالتعویض فإجراء الوساطة الجنائیة یهدف بالدرجة الأساس إلى وقف إجراءات الدعوى الجزائیة ولیس فی ذلک أثر على الدعوى المدنیة المرتبطة بها. على صعید الفقه الجنائی ذهب رأی فی الفقه إلى أن الوساطة الجنائیة إجراء یقصد منه حصول المجنی علیه على التعویض وهو نفس الهدف الذی تقصده الدعوى المدنیة وإن إجراء الوساطة الجنائیة یمثل بذلک طریقة بدیلة للدعوى المدنیة التی یقیمها المجنی علیه أو المتضرر من الجریمة ومن ثم یترتب على نجاح الوساطة الجنائیة حصول المجنی علیه على التعویض العادل والمناسب إلى انتفاء شرط المصلحة فی رفع الدعوى المدنیة مما یؤدی إلى تقیید حقه بإقامة الدعوى المدنیة أمام المحاکم وذلک لسبق حصوله على التعویض المناسب. ثانیاً: فشل الوساطة الجنائیة: قد لا تنجح الوساطة الجنائیة وتتعرض للفشل کما فی حالة عدم قبول أطراف النزاع لفکرة الوساطة أو یتعذر الوصول إلى اتفاق بین المتخاصمین أو عدم قیام الجانی بتنفیذ ما علیه من التزامات، عندئذ یقوم الوسیط بإشعار النیابة العامة بفشل الوساطة ومن ثم تقوم النیابة العامة باتخاذ ما تراه مناسباً والتصرف بالدعوى الجزائیة حیث یسترجع رئیس النیابة العامة سلطته فی تقدیر ملائمة تحریک الدعوى الجزائیة أو عدم تحریکها. إذ تقوم النیابة العامة بمباشرة وظیفتها بالتصرف بالدعوى إما عن طریق الحفظ الإداری أو رفع الدعوى أمام القضاء. ومما تجدر الإشارة إلیه بهذا الصدد أن المشرع الفرنسی أدخل تعدیلاً على المادة (41/1) من قانون الإجراءات الجنائیة الفرنسی أجاز فیه للنیابة العامة أن تلجأ لتطبیق إجراء التسویة الجنائیة أو تحریک الدعوى الجزائیة فی حالة عدم تنفیذ اتفاق الوساطة بسبب یرجع إلى الجانی. الخاتمـة بعد الانتهاء من دراسة دور الوساطة الجنائیة فی الدعوى الجزائیة، توصلنا الى جملة من النتائج والتوصیات. أولاً: النتائج 1- تعد الوساطة الجنائیة من الإجراءات الجنائیة المستحدثة واسلوباً جدیداً فی حل الخصومات الجنائیة، حیث یتم نقل الخصومة الجنائیة من ساحة القضاء وقاعة المرافعة الى میدان دائرة العلاقات الاجتماعیة. 2- تعمل الوساطة الجنائیة على اعادة الروح وتجدید بناء الصلات والروابط الاجتماعیة بین المتخاصمین وعلى اساس متین وارضیة صلبة قائمة على اساس حصول المجنى علیه على تعویض عادل ومناسب عن الضرر الذی لحقه من جراء الجریمة، وکذلک اقتصاداً فی الجهد وتوفیراً للوقت مع تجنب مساوئ العقوبة السالبة للحریة قصیرة الامد واعادة تأهیل الجانی واصلاحه. 3- ان العقوبة لیست هی دائماً هی الحل الامثل لتحقیق العدل والانصاف، ففی کثیر من الاحیان یلاحظ ان معاقبة الجانی لا تأتی بالنفع ولا تحقق الغایة المرجوة التی ارادها المشرع. 4- تعد الوساطة الجنائیة احد بدائل الدعوى الجزائیة ظهرت الى الساحة لمواجهة أزمة العدالة الجنائیة المتمثلة بطول الإجراءات الجنائیة وتعقیداتها وکثرة الدعاوى المنظورة من قبل المحاکم الجزائیة وتجنباً لمساوئ العقوبات السالبة للحریة قصیرة الأمد. 5- ان الوساطة الجنائیة اجراء مستقل قائم بذاته یتمیز عن سائر الإجراءات الجنائیة کالصلح وصفح المجنی علیه والأمر الجزائی والتسویة الجنائیة. 6- ان ظهور الوساطة الجنائیة ما هو إلا تجسید للسیاسة الجنائیة المعاصرة التی تواکب التغییرات والتطورات التی تحصل فی المجتمع، هدفها البعد عن التعقید والروتین والشکلیات التی تستغرقها اجراءات الدعوى الجزائیة وصولاً الى حل الخصومة الجنائیة بأیسر الطرق وأقل النفقات. 7- تعمل الوساطة الجنائیة على وقف تقادم الدعوى الجزائیة وذلک للحفاظ على حقوق المجنى علیه وضمان حصوله على التعویض عن الضرر الذی لحق به ولکی لا یلجأ الجانی الى المماطلة والتسویف وإضاعة الوقت فی اجراءات الوساطة وهذا ما أجمعت علیه التشریعات الجنائیة المقارنة. 8- اختلفت التشریعات الجنائیة المقارنة حول الاثر القانونی المترتب على نجاح اجراءات ومفاوضات الوساطة الجنائیة حول مصیر الدعوى الجزائیة فی اتجاهین، فالاتجاه الأول یتبنى قرار الحفظ الإداری لاوراق القضیة، فإذا ما أخل الجانی باتفاق الوساطة، عندئذ یتم استئناف إجراءات الدعوى الجزائیة مجدداً وقد أخذ بهذا الاتجاه التشریع الفرنسی والسویسری. أما الاتجاه الثانی فقد ذهب الى الإقرار بانقضاء الدعوى الجزائیة ومن ثم لا یجوز مستقبلاً الادعاء مجدداً عن ذات الواقعة الجرمیة، وقد أخذ بهذا الاتجاه التشریع البلجیکی والتونسی والجزائری. 9- أجمعت التشریعات الجنائیة المقارنة على بیان وتحدید الأثر القانونی المترتب على فشل الوساطة وهو العودة الى إجراءات الدعوى الجزائیة. 10- بخصوص الدعوى المدنیة، فإن نجاح الوساطة او فشلها لا أثر له على الدعوى المدنیة المرتبطة بالدعوى الجزائیة اذ یحق للمجنی علیه او المتضرر من الجریمة إقامة دعواه للمطالبة بالتعویض أمام المحاکم المدنیة. ثانیاً: التوصیات 1- ندعو المشرع العراقی الى رسم سیاسة جنائیة جدیدة تقوم على أساس توفیقی رضائی وذلک بإیجاد حل ودی بین طرفی الخصومة الجنائیة وعلى النحو الذی یحقق رضاءً متبادلاً بینهما. 2- ندعو المشرع العراقی الى الاخذ بإجراء الوساطة الجنائیة وفق شروط وضوابط قانونیة فی نطاق الجرائم البسیطة کالمخالفات والجنح البسیطة وذلک لتخفیف عبء القضایا والدعاوى الملقى على کاهل القضاة. 3- ضرورة تأهیل اعضاء الادعاء العام والقضاة وتدریبهم من خلال عقد ندوات واقامة دورات تخصصیة حول موضوع الوساطة الجنائیة للتعرف علیها بشکل افضل وبیان مزایاها. 4- ضرورة تثقیف افراد المجتمع وتشجیعهم على القبول بفکرة الوساطة الجنائیة بوصفها حلاً ناجحاً للکثیر من الخصومات والنزاعات وبیان المردودات الایجابیة لها من خلال اقامة البرامج التوعیة والانشطة الثقافیة والفعالیات المجتمعیة.
The Authors declare That there is no conflict of interest
References (Arabic Translated to English) and References (English) Sources
First, legal books
1- Dr. Ibrahim Eid Nile, Criminal mediation (an innovative method in criminal case management) “A study of the French procedural system”, 1st edition, Dar Al-Nahda Al-Arabiya, Cairo, 2001.
2- Dr. Ahmed Abu Al-Wafa, Voluntary and Compulsory Arbitration, 5th Edition, Manshat Al-Maaref, Alexandria, 2001.
3- Dr. Osama Hassanein Ebeid, Reconciliation in the Code of Criminal Procedure and Related Systems (Comparative Study), 1st Edition, Dar Al-Nahda Al-Arabiya, Cairo, 2005.
4- Dr. Osama Abdullah Qaid, Explanation of the Code of Criminal Procedure, 1st Edition, Dar Al-Nahda Al-Arabiya, Cairo, 2003.
5- Dr. Ashraf Ramadan Abdel Hamid, Criminal Mediation and its Role in Ending the Public Prosecution (Comparative Study), 1st Edition, Dar Abul-Magd for Printing, Cairo, 2007.
6- Dr. Jamal Shedid al-Kharbawi, The Right of the Victim to Relinquish the Criminal Case, The National Center for Legal Publications, Cairo, 2011.
7- Dr. Hassan Sadiq Al-Marsafawi, Al-Marsafawi in the Origins of Criminal Procedures, Mansha’at Al-Maaref, Alexandria, 1982.
8- Dr. Khaled Abdel Azim Abu Ghaba, Arbitration and its Impact on Dispute Resolution, Dar Al Fikr Al Jamia, Cairo, 2011.
9- Dr. Dalilah Jalloul, Judicial Mediation in Civil and Administrative Cases, Dar Al-Huda, Algeria, 2012.
10- Dr. Rami Metwally Al-Qadi, Criminal Mediation in Comparative Procedural Criminal Law, 1st Edition, Dar Al-Nahda Al-Arabiya, Cairo, 2012.
11- Dr. Sami Al-Nasrawi, A Study of the Criminal Procedure Code, Part 1, Dar Al-Salaam Press, Baghdad, 1978.
12- Dr. Saeed Hasaballah Abdullah, Explanation of the Criminal Procedure Code, Ibn Al-Atheer House for Printing and Publishing, Mosul, 2005.
13- Dr. Sherif Sayed Kamel, The Right to Speed of Criminal Procedures (Comparative Study), 1st Edition, Dar Al-Nahda Al-Arabiya, Cairo, 2005
14- Dr. Azaz Hassan Abdel Rahman, Criminal conciliation in crimes affecting individuals (a comparative study), Arab Renaissance House, Cairo 2009.
15- Dr. Ali Abdel Qader Al-Qahwaji and d. Fattouh Abdullah Al-Shazly, Principles of the Lebanese Criminal Procedure Code, University House for Printing and Publishing, Beirut, 1995.
16- Dr. Ali Muhammad Al Mubaidin, Criminal conciliation and its impact on the public lawsuit, House of Culture for Publishing and Distribution, Amman, 2010.
17- Dr. Omar Salem, Towards Facilitating Criminal Procedures (A Comparative Study), 1st Edition, Dar Al-Nahda Al-Arabiya, Cairo, 1997
18- Dr. Muhammad Hakim Hussein al-Hakim: The General Theory of Reconciliation and Its Applications in Criminal Matters (a comparative study), Dar al-Kutub al-Qanuniyyah, Cairo, 2005.
19- Dr. Muhammad Fawzi Ibrahim, The Role of Al-Rada in the Criminal Procedure Law, 1st Edition, Dar Al-Nahda Al-Arabiya, Cairo, 2014.
20- Dr. Medhat Abdel Halim Ramadan, The Brief Criminal Procedures to End the Criminal Case in the Light of the Amendments to the Criminal Procedure Code (a comparative study), Edition 1, Dar Al-Nahda Al-Arabiya, Cairo, 2000.
21- Dr. Mansour Abdel Salam Abdel Hamid, Consensual Justice in Criminal Procedures (a comparative study), 1st Edition, Dar Al-Nahda Al-Arabiya, Cairo, 2016.
Second: letters and theses
1- Iman Mustafa Mansour, Criminal Mediation (a comparative study) PhD thesis, Faculty of Law, Cairo University, 2010.
2- Buthaina Kharbouch, Mediation in the Algerian Code of Criminal Procedure, Master’s Thesis, Faculty of Law and Political Science, University of Mohamed Khider, Biskra, Algeria, 2017.
3- Safar Nour El-Huda, Mediation in Criminal Matters, Master’s Thesis, Dr. Tahar Moulay University, Faculty of Law and Political Science, Algeria, 2016.
4- Souad Kataf, Mediation and its Role in Juvenile Cases, Master Thesis, Faculty of Law and Political Science, University of Mohamed Khider-Biskra, Algeria, 2017.
5- Hawam allowance, Mediation is an alternative to conflict resolution and its applications in Islamic jurisprudence and law (a comparative study), PhD thesis, Hadj Lakhdar University, Faculty of Humanities, Social Sciences and Islamic Sciences, Batna, Algeria, 2013.
6- Yasser bin Muhammad Saeed Babsail, Criminal Mediation in Contemporary Systems (Analytical Study), Master Thesis, Naif Arab University for Security Sciences, College of Graduate Studies, Riyadh, 2011.
Third: Legal Research
1- Dr. Anwar Mohamed Sedky assistance and d. Bashir Saad Zagloul, Mediation in Ending Criminal Litigation, Comparative Analytical Study, Journal of Sharia and Law, United Arab Emirates University, College of Sharia and Law, Issue 40, October 2009.
2- Dr. Adel Ali Al-Manea, Mediation in the Resolution of Criminal Disputes, Journal of Law, Kuwait University, Issue (4), 2006.
3- Dr. Fayez Al-Dhafiri, Reflections on Criminal Mediation as a Means of Ending the Criminal Case, Journal of Law, Kuwait University, Issue (2), 2009.
Fourth: the laws
1- Egyptian Criminal Procedure Law No. 150 of 1950.
2- Kuwaiti Criminal Procedures Law No. (17) of 1960.
3- Algerian Criminal Procedures Law No. (155/66) of 1966.
4- Tunisian Code of Criminal Procedure No. 23 of 1968.
5- Iraqi Code of Criminal Procedure No. (23) of 1971.
Fifthly: Internet resources
1- Hawra Ahmed Shaker, offering amnesty to the accused and pardoning the victim, an article published on the Internet and available at the electronic link: date of visit 1/1/2019.
http://Almerja.com/reading.php?idm=79054
2- Dr. Ahmed Anwar Naji, the effectiveness of alternative means for resolving disputes and their relations with the judiciary, a study published on the Internet: date of visit 5/12/2018.
http://droitcivil.over-blog.com/aricle-7211899.html.
3- Dr. Ahmed Mohamed Barak, Privatizing the State’s Right to Punishment, an article published on his website: visit date 15/2/2019.
http://www.ahmadbarak.com/Category/StudyDetails/1021.
4- Dr. Emad El-Feki, Recent trends in the management of criminal cases, a study published on the Internet and available at the electronic link: Date of visit 26/8/2017
http://www.files.usc.edu.eg/lawfiles/20_2.pdf
5- Muhammad Najib Muawiyah, the legal concept of reconciliation through mediation in the case | ||
References | ||
المصــادر أولاً: الکتب القانونیة 1- د. إبراهیم عید نایل، الوساطة الجنائیة (طریقة مستحدثة فی ادارة الدعوى الجنائیة) "دراسة فی النظام الاجرائی الفرنسی"، ط1، دار النهضة العربیة، القاهرة، 2001. 2- د. احمد أبو الوفا، التحکیم الاختیاری والاجباری، ط5، منشاة المعارف، الإسکندریة، 2001. 3- د. أسامة حسنین عبید, الصلح فی قانون الإجراءات الجنائیة والنظم المرتبطة به (دراسة مقارنة) , ط1, دار النهضة العربیة, القاهرة، 2005. 4- د. أسامة عبد الله قائد، شرح قانون الإجراءات الجنائیة، ط1، دار النهضة العربیة، القاهرة، 2003. 5- د. اشرف رمضان عبد الحمید، الوساطة الجنائیة ودورها فی انهاء الدعوى العمومیة (دراسة مقارنة)، ط1، دار ابو المجد للطباعة، القاهرة، 2007. 6- د. جمال شدید الخرباوی، حق المجنی علیه فی التنازل عن الدعوى الجنائیة، المرکز القومی للإصدارات القانونیة، القاهرة، 2011. 7- د. حسن صادق المرصفاوی، المرصفاوی فی أصول الاجراءات الجنائیة، منشأة المعارف، الإسکندریة، 1982. 8- د. خالد عبد العظیم أبو غابة، التحکیم واثره فی فض المنازعات، دار الفکر الجامعی، القاهرة، 2011. 9- د. دلیلة جلول، الوساطة القضائیة فی القضایا المدنیة والإداریة، دار الهدى، الجزائر، 2012. 10- د. رامی متولی القاضی, الوساطة الجنائیة فی القانون الجنائی الاجرائی المقارن, ط1, دار النهضة العربیة, القاهرة, 2012. 11- د. سامی النصراوی، دراسة فی قانون اصول المحاکمات الجزائیة، ج1، مطبعة دار السلام، بغداد، 1978. 12- د. سعید حسب الله عبد الله، شرح قانون اصول المحاکمات الجزائیة، دار ابن الاثیر للطباعة والنشر، الموصل، 2005. 13- د. شریف سید کامل، الحق فی سرعة الاجراءات الجنائیة (دراسة مقارنة)، ط1، دار النهضة العربیة، القاهرة، 2005 14- د. عزاز حسن عبد الرحمن، الصلح الجنائی فی الجرائم الماسة بالأفراد (دراسة مقارنة)، دار النهضة العربیة، القاهرة 2009. 15- د. علی عبد القادر القهوجی و د. فتوح عبد الله الشاذلی، مبادئ قانون أصول المحاکمات الجزائیة اللبنانیة، الدار الجامعیة للطباعة والنشر، بیروت، 1995. 16- د. علی محمد المبیضین، الصلح الجنائی وأثره فی الدعوى العامة، دار الثقافة للنشر والتوزیع، عمان، 2010. 17- د. عمر سالم، نحو تیسیر الاجراءات الجنائیة (دراسة مقارنة)، ط1، دار النهضة العربیة، القاهرة، 1997 18- د. محمد حکیم حسین الحکیم: النظریة العامة للصلح وتطبیقاتها فی المواد الجنائیة (دراسة مقارنة)، دار الکتب القانونیة، القاهرة، 2005. 19- د. محمد فوزی إبراهیم, دور الرضاء فی قانون الإجراءات الجنائیة, ط1, دار النهضة العربیة, القاهرة, 2014. 20- د. مدحت عبدالحلیم رمضان, الإجراءات الجنائیة الموجزة لإنهاء الدعوى الجنائیة فی ضوء تعدیلات قانون الإجراءات الجنائیة (دراسة مقارنة), ط1, دار النهضة العربیة, القاهرة, 2000. 21- د. منصور عبد السلام عبد الحمید، العدالة الرضائیة فی الاجراءات الجنائیة (دراسة مقارنة)، ط1، دار النهضة العربیة، القاهرة، 2016. ثانیاً: الرسائل والاطاریح 1- إیمان مصطفى منصور، الوساطة الجنائیة (دراسة مقارنة) أطروحة دکتوراه، کلیة الحقوق، جامعة القاهرة، 2010. 2- بثینة خربوش، الوساطة فی قانون الإجراءات الجزائیة الجزائری، رسالة ماجستیر، کلیة الحقوق والعلوم السیاسیة، جامعة محمد خیضر، بسکرة، الجزائر، 2017. 3- سافر نور الهدى، الوساطة فی المواد الجزائیة، رسالة ماجستیر، جامعة الدکتور الطاهر مولای، کلیة الحقوق والعلوم السیاسیة، الجزائر، 2016. 4- سعاد قطاف، الوساطة ودورها فی قضایا الاحداث، رسالة ماجستیر، کلیة الحقوق والعلوم السیاسیة، جامعة محمد خیضر-بسکرة، الجزائر،2017. 5- علاوة هوام، الوساطة بدیل لحل النزاع وتطبیقاته فی الفقه الإسلامی والقانون (دراسة مقارنة)، أطروحة دکتوراه، جامعة الحاج لخضر، کلیة العلوم الإنسانیة والاجتماعیة والعلوم الإسلامیة، باتنه، الجزائر، 2013. 6- یاسر بن محمد سعید بابصیل، الوساطة الجنائیة فی النظم المعاصرة ( دراسة تحلیلیة)، رسالة ماجستیر، جامعة نایف العربیة للعلوم الأمنیة، کلیة الدراسات العلیا، الریاض، 2011. ثالثاً: البحوث القانونیة 1- د. أنور محمد صدقی المساعدة ود. بشیر سعد زغلول، الوساطة فی انهاء الخصومة الجنائیة، دراسة تحلیلیة مقارنة، مجلة الشریعة والقانون، جامعة الإمارات العربیة المتحدة، کلیة الشریعة والقانون، العدد الأربعون، أکتوبر 2009. 2- د. عادل علی المانع, الوساطة فی حل المنازعات الجنائیة, مجلة الحقوق, جامعة الکویت، العدد(4) , 2006. 3- د. فائز عائد الظفیری، تأملات فی الوساطة الجنائیة بوصفها وسیلة لأنهاء الدعوى الجزائیة، مجلة الحقوق، جامعة الکویت، العدد(2)، 2009. رابعاً: القوانین 1- قانون الاجراءات الجنائیة المصری رقم (150) لسنة 1950. 2- قانون الاجراءات الجزائیة الکویتی رقم (17) لسنة 1960. 3- قانون الاجراءات الجزائیة الجزائری رقم (155/66) لسنة 1966. 4- مجلة الاجراءات الجزائیة التونسیة رقم( 23) لسنة 1968. 5- قانون اصول المحاکمات الجزائیة العراقی رقم (23) لسنة 1971. خامساً: مصادر الانترنت 1- حوراء احمد شاکر، عرض العفو على المتهم وصفح المجنی علیه، مقال منشور على شبکة الانترنت والمتاح على الرابط الالکترونی: تاریخ الزیارة 1/1/2019. http://Almerja.com/reading.php?idm=79054
2- د. احمد أنوار ناجی، مدى فاعلیة الوسائل البدیلة لحل المنازعات وعلاقاتها بالقضاء، دراسة منشورة على شبکة الانترنت: تاریخ الزیارة 5/12/2018. http://droitcivil.over-blog.com/aricle-7211899.html.
3- د. احمد محمد براک، خصخصة حق الدولة فی العقاب، مقال منشور على موقعه: تاریخ الزیارة 15/2/2019. http://www.ahmadbarak.com/Category/StudyDetails/1021.
4- د. عماد الفقی، الاتجاهات الحدیثة فی ادارة الدعوى الجنائیة، دراسة منشورة على شبکة الانترنت والمتاحة على الرابط الالکترونی: تاریخ الزیارة 26/8/2017 http://www.files.usc.edu.eg/lawfiles/20_2.pdf
5- محمد نجیب معاویة، المفهوم القانونی للصلح بالوساطة فی المادة الجزائیة وآلیاته، بحث مقدم للمعهد الأعلى للقضاء فی 31/3/ 2003، منشور على شبکة المعلومات: تاریخ الزیارة 1/1/2019. http://www.ism-justice.net.tn/ar/for_continue/solh.pdf.
6- صباح أحمد نادر، التنظیم القانونی للوساطة الجنائیة وإمکانیة تطبیقها فی القانون العراقی(دراسة مقارنة): بحث منشور على شبکة الانترنت والمتاح على الرابط الالکترونی: تاریخ الزیارة 1/2/2019 . http://www.krjc.org/uploads/sabah%20ahmad.pdf
سادسـاً: المصادر الأجنبیة 1- J.P. Bonafe-schmitt, La médiation pénale en france et aux etats-unis, Librairie générale droit de Jurisprudence, Paris, 1998.
2- J.pradel, Procedure Pѐnale, 12e edition, Cujas , Paris, 2005.
سابعـاً: البحوث القانونیة الأجنبیة 1- Christine Lazerges, Essai de classification des Procédures de Médiation, Archives de politiqu criminelle, 1992.
2- Christine Lazerges, mѐdiation pénale, Justice Pѐnale et Politique Criminelle, Revue de science criminelle et droit pénale compare, No.(1), Paris, 1997.
3- J.P. Bonafe- Schmitt, La médiation pénale en france et aux stats-unis, coll.,Droit et société.Recherches et travaux, paris, 1998.
4- Jacques Faget, La médiation pénale, une dialectique de l' ordre et du désordre. Déviance et société. Trim.,sept. No.3. 1993.
5- P.H coppens, Mediation et philosophie du droit, archives de politiqu criminelle. No 13, Paris, 1991.
6- Project de La Loi reLatif a' L'organisation des Juridictions et a' La procédure civile, Pénale et administrative, Journal official, Débats Parlementaire, Assemblée Nationale, compte-rendu No. 1/10/1992. | ||
Statistics Article View: 391 PDF Download: 483 |