الإطار القانونی للدبلوماسیة الشعبیة | ||
الرافدین للحقوق | ||
Article 5, Volume 24, Issue 78, March 2022, Pages 113-157 PDF (509.94 K) | ||
Document Type: بحث | ||
DOI: 10.33899/alaw.2022.172982 | ||
Authors | ||
احمد فارس ادریس* 1; محمد یونس یحیى2 | ||
1کلیة الحقوق/ جامعة الموصل | ||
2کلیة الحقوق جامعة الموصل | ||
Abstract | ||
على الرغم من الأهمیة المتزایدة للدبلوماسیة الشعبیة فی العلاقات الدولیة والقانون الدولی، الأبحاث والدراسات القانونیة فی هذا المجال تکاد تکون معدومة. تحاول هذه الورقة تقدیم لمحة مفصلة عن مفهوم الدبلوماسیة الشعبیة وأهدافها ووسائلها. تهدف الدراسة إلى الوصول إلى فهم لما یمثله المفهوم من حیث تطویر قواعد لحوکمة هذه الاداة. لذا تذهب الدراسة الى أنه بالإضافة للترکیز على فصل المفهوم السیاسی والاجتماعی للدبلوماسیة الشعبیة، فإن الدراسات التی تتناول الجوانب القانونیة للدبلوماسیة الشعبیة تعتبر مهمة لدورها کأداة تخدم العلاقات الدولیة. | ||
Keywords | ||
الدبلوماسیة الشعبیة; القانون الدولی; العلاقات الدولیة; حقوق الإنسان; العدالة; المساواة | ||
Full Text | ||
الإطار القانونی للدبلوماسیة الشعبیة-(*)- The Legal Framework of Public Diplomacy
(*) أستلم البحث فی 27/2/2019 *** قبل للنشر فی 25/3/2019. (*) received on 27/2/2019 *** accepted for publishing on 25/3/2019. Doi: 10.33899/alaw.2022.172982 © Authors, 2019, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license (http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).
المستخلص على الرغم من الأهمیة المتزایدة للدبلوماسیة الشعبیة فی العلاقات الدولیة والقانون الدولی، الأبحاث والدراسات القانونیة فی هذا المجال تکاد تکون معدومة. تحاول هذه الورقة تقدیم لمحة مفصلة عن مفهوم الدبلوماسیة الشعبیة وأهدافها ووسائلها. تهدف الدراسة إلى الوصول إلى فهم لما یمثله المفهوم من حیث تطویر قواعد لحوکمة هذه الاداة. لذا تذهب الدراسة الى أنه بالإضافة للترکیز على فصل المفهوم السیاسی والاجتماعی للدبلوماسیة الشعبیة، فإن الدراسات التی تتناول الجوانب القانونیة للدبلوماسیة الشعبیة تعتبر مهمة لدورها کأداة تخدم العلاقات الدولیة. الکلمات المفتاحیة: الدبلوماسیة الشعبیة، القانون الدولی، العلاقات الدولیة، حقوق الإنسان، العدالة، المساواة. Abstract Despite the increasing importance of public diplomacy in international relations and international law, little legal research exists addresses public diplomacy. This paper provides a detailed overview of the concept of public diplomacy, its objectives and means. The study aim is to reach an understanding of what the concept stands for in terms of developing governing rules. It argues that in addition to focusing on separating the political and social concept of popular diplomacy, studies addressing the legal aspects of popular diplomacy are crucial due to its role as a tool serving the functions of international relations. Keywords: public diplomacy, international law, international relations, governing rules, justice, equality. المقدمـة الحمد لله رب العالمین والصلاة والسلام على سیدنا محمد خاتم الانبیاء والمرسلین وبعد.. سنوضح مقدمة البحث فی النقاط الاتیة : أولاً : مدخل تعریفی بموضوع البحث أن تطور وظائف الدولة وتداخلها فی عدة مجالات وتطور وسائل الاتصال جعل میدان العمل الدبلوماسی یتسع الى العدید من المجالات الاقتصادیة والتکنلوجیة والاجتماعیة ولم یعد التمثیل السیاسی البروتوکولی هو الوظیفة الرسمیة للدبلوماسیة بل أصبحت هذه الوظیفة الدبلوماسیة متشعبة ومتدخلة فی عدة مجالات اوسع من السابق وبالتالی أصبحت هذه الوظیفة بحاجة الى العدید من الاطراف الاخرى من أجل تعزیز نشاطها فی تنفیذ السیاسة الخارجیة وادارة العلاقات الدولیة وبفعل تطور أشکال العمل الدبلوماسی أصبحت الاطراف المشارکة أطراف غیر رسمیة بعیدة عن العمل الحکومی الرسمی تقوم بعمل دبلوماسی أصبح اساس النشاط الدولی تستفید منه الدول فی تعزیز علاقاتها بالخارج، وفی أطار تنفیذ السیاسة الخارجیة نجد هذه الاطراف غیر الرسمیة تنشط خارج الإطار الرسمی ضمن ما یسمى بــ(الدبلوماسیة الشعبیة).
ثانیاً : أهمیة البحث تکمن أهمیة هذا البحث فی ما ستوفره من معلومات حول طبیعة هذا الموضوع، من أجل تعزیز نشاط الدول فی تنفیذ السیاسة الخارجیة وادارة العلاقات الدولیة ، من خلال تطور أشکال العمل الدبلوماسی أصبحت الاطراف المشارکة فیه أطراف غیر رسمیة بعیدة عن العمل الحکومی الرسمی والذی سیحدث تنمیة فی العلاقات الدولیة من خلال وسائل شعبیة غیر رسمیة. ثالثاً : إشکالیة البحث تعد الدبلوماسیة الشعبیة من المفاهیم غیر المطروقة بشکل کافی فی إطار الدراسات القانونیة, مما یتطلب التعریف بها وایضاح أسسها القانونی التی تستند علیها, فضلاً عن فهم أهداف ووسائل ودور هذه الدبلوماسیة, فالمشکلة التی تواجه الباحثین فی إطار القانون الدولی لحقوق الأنسان, تکمن فی, المشکلة الرئیسیة فی فصل المفهوم السیاسی والاجتماعی للدبلوماسیة الشعبیة وإبراز المحتوى القانونی للدبلوماسیة الشعبیة. رابعاً : فرضیة البحث انطلاقاً من الاشکالیة الرئیسیة المطروحة لمشکلة الدراسة، فإنه یمکن صیاغة فرضیة رئیسیة یکون هدف الدراسة هو نفیها او اثباتها وهی : أن الدبلوماسیة الشعبیة باعتبارها دبلوماسیة غیر رسمیة هی اَلیه تهدف بالدرجة الاولى الى حل الاشکالیات والأزمات الشعبیة على الصعید الداخلی والخارجی للدولة من خلال وسائلها وأدواتها. خامساً : منهجیة البحث نظراً لطبیعة البحث ومن خلال العناصر الاساسیة الموجودة فیها فإنه لابد من اتباع منهجیه علمیه تتلاءم وطبیعة الموضوع، والذی یقضی منا الاعتماد على مجموعة من المناهج الأساسیة لدراسة هذا الموضوع دراسة علمیة منهجیة من أجل تحقیق الأهداف المرجوة من الدراسة، وعلیة سنتبع المناهج الاتیة : المنهج التاریخی : یوظف المنهج التاریخی فی هذه البحث من خلال التطورات التاریخیه التی شهدها مفهوم الدبلوماسیة الشعبیة واهم الاحداث التاریخیة فی مجال العلاقات الدولیة على الصعید الشعبی. المنهج الوصفی: لدراسة ظاهره معینه فانه لابد من تبنی خطوة اولیة هی وصف ظاهرة محل الدراسة، وهذا یتطلب جمع المعلومات حول الظاهرة المراد دراستها والاهتمام بوصفها وصفاً دقیقاً والتعبیر عنها تعبیراً شاملاً کمیا وکیفیا، وقد یتم توظیف هذا المنهج فی هذا البحث من خلال وصف المتغیرات التی یتضمنها الموضوع، من خلال تعریفها وخصائصها واهدافها ووظائفها بصورة دقیقة شامله. المنهج التطبیقی: سوف نتبع فی هذه الدراسة المنهج التطبیقی أضافة للمنهج التاریخی والمنهج الوصفی، وذلک من خلال الوقوف على إبراز التطبیقات المعاصرة والتی تکشف الأثار العملیة والتطبیقیة لواقع الدبلوماسیة الشعبیة من وسائلها وأدواتها. سادساً : هیکلیة البحث الإطار القانونی للدبلوماسیة الشعبیة المبحث الأول : مفهوم الدبلوماسیة الشعبیة المطلب الأول : تعریف الدبلوماسیة الشعبیة وتمیزها عن الدبلوماسیة الرسمیة المطلب الثانی : التأصیل التاریخی للدبلوماسیة الشعبیة المطلب الثالث : أهداف الدبلوماسیة الشعبیة المبحث الثانی : أدوات الدبلوماسیة الشعبیة وأساسها القانونی المطلب الأول : أدوات الدبلوماسیة الشعبیة المطلب الثانی : الأساس القانونی الدولی للدبلوماسیة الشعبیة
المبحث الأول مفهوم الدبلوماسیة الشعبیة یعد مفهوم الدبلوماسیة الشعبیة من المفاهیم القدیمة والتی تتخذ مدلولات حدیثة فی مرحلة ما بعد الحرب الباردة بصفة عامة، وبعد أحداث الحادی عشر من سبتمبر 2001 بصفة خاصة، ولم تقتصر الدبلوماسیة الشعبیة على الولایات المتحدة الامریکیة والتی سنتطرق الیها فی دراسة التطور التاریخی للدبلوماسیة الشعبیة، وانما ارتبطت أیضاً ببعض الدول الأوربیة کبریطانیا، فرنسا، ألمانیا، والدنمارک... سواء أکان هذا فی إطار الاستعمار التقلیدی أو الاستعمار الجدید، کما کانت ولاتزال الدبلوماسیة الشعبیة من أهم الوسائل الأوربیة للحفاظ على علاقتها المتزنة مع جیرانها العرب بما یعرف بالقوة الناعمة ، والتی تعد عامل مساعد فی تحقیق أهداف الدبلوماسیة الشعبیة. علیه سوف نقسم هذا المبحث إلى مطلبین رئیسین، نتناول فی المطلب الأول تعریف الدبلوماسیة الشعبیة لغةً واصطلاحاً وتمییز الدبلوماسیة الشعبیة عن الدبلوماسیة التقلیدیة الرسمیة، ثم نتطرق فی المطلب الثانی إلى التأصیل التاریخی لمفهوم الدبلوماسیة الشعبیة. المطلب الأول تعریف الدبلوماسیة الشعبیة وتمیزها عن الدبلوماسیة الرسمیة سوف نتناول فی هذا المطلب تعریف الدبلوماسیة الشعبیة لغةً واصطلاحاً فی الفرع الأول، وثم نتطرق إلى تمییز الدبلوماسیة الشعبیة عن الدبلوماسیة الرسمیة فی الفرع الثانی. الفرع الأول تعریف الدبلوماسیة الشعبیة لغةً واصطلاحاً قبل الولوج فی التعریفات التی تناولت الدبلوماسیة الشعبیة، لابد من الإشارة الى انه فی الحقیقة هناک اختلاف فی تسمیات هذا النوع من الدبلوماسیة، فبعض فقهاء والکتاب أطلق علیها الدبلوماسیة العامة، ومن أطلق علیه الدبلوماسیة الشعبیة وأخرون أطلقوا علیها أسم الدبلوماسیة متعددة المسارات، وکذلک دبلوماسیة الأعلام ولکن على الرغم من اختلاف التسمیات ألا انها تحمل نفس المفهوم والمدلول، وهناک بعض الفقهاء من عرفها بشکل مباشر وأخرون قاموا بتحدید ماهیة الدبلوماسیة الشعبیة من خلال أدواتها وأهدافها، علیة سوف نتناول تعرف الدبلوماسیة الشعبیة لغةً فی الفقرة الأولى، ونتناول تعریف الدبلوماسیة الشعبیة اصطلاحاً فی الفقرة الثانیة. أولاً : تعریف الدبلوماسیة الشعبیة لغةً یتکوَّن مصطلح الدبلوماسیة الشعبیة من کلمتین: "دبلوماسیة" و"شعبیة" ؛ أمَّا کلمة الدبلوماسیة فلیس لها وجود فی المعاجم اللُّغویة العربیة القدیمة، لأنَّها کلمة غیر عربیة، فهی من أصل یونانی، ومشتقة من الکلمة الیونانیة (دبلوما) ومعناها الوثیقة التی تُطوى على نفسها، والصادرة من الشخص ذی السلطان فی البلاد، وتخوِّل لحاملها امتیازات خاصة، أخذت بمصطلح Diplomacy الیونان الأصل، وبعد ترجمة اتفاقیة قینا للعلاقات الدبلوماسیة الى اللغة العربیة لم یعرب هذا المصطلح وإنما استخدم المصطلح الغربی "الدبلوماسیة" واصبح هو المتداول بین الدول العربیة والاسلامیة. أمَّا الشق الثانی من المصطلح وهو کلمة "شعبیة"، فهی مصدر من شَعْب، أی شیوع وانتشار. یُقال: فلانٌ یتمتّع بشَعْبِیّةٍ کبیرةٍ : أی حظوة لدى النّاس، وتقدیر الشعب ومحبتهم له. ومنها: رَجُلٌ شَعْبِیٌّ: أی مُتَخَلِّقٌ بِأَخْلاَقِ شَعْبِهِ، بَسِیطٌ فِی تَعَامُلِهِ مِثْلَ کُلِّ أَفْرَادِهِ. ومنها أیضاً: الأَدَبُ الشَّعْبِیُّ: أی أَدَبُ الْمَأْثُورَاتِ وَالْحِکَایَاتِ وَالأَمْثَالِ وَقَصَائِدِ الزَّجَلِ. ثانیاً : تعریف الدبلوماسیة الشعبیة اصطلاحاً الدبلوماسیة الشعبیة مصطلح جدید نسبیاً تردد صداه فی السنین الأخیرة فی إطار عالم الدبلوماسیة، دون ان یتبین للکثیرین مفهومه على وجه الدقة. فکثیر ما تظهر بعض المصطلحات الغربیة فی بعض وسائل الإعلام بسبب الأحداث السیاسیة والتأثیرات الأیدیولوجیة فی الفکر الإنسانی، ومن تلک المصطلحات على سبیل المثال لا الحصر: (الغزو الفکری، العولمة، حوار الأدیان والحضارات، إسلاموفوبیا..الخ)، والدبلوماسیة الشعبیة أحد تلک المصطلحات التی برزت حدیثاً، وکتبت عنها مؤسسات بحثیة وعلمیة وهیئات دولیة مختلفة ولکن حتى الأن لم تجد التفاعل الکبیر فی المجتمع. لم یتم وضع تعریف للدبلوماسیة الشعبیة فی ادبیات العلاقات الدولیة کمصطلح قانونی دولی, إلا أن تعریفها ورد من خلال السیاسیین والعلماء بأسلوب یتناسب مع مصالحهم ومواقفهم والذی ساد اغلب تعریفاتهم الغموض ویعود إلى سوء الفهم بین الباحثین فی مجالات العلاقات الدولیة، لکن فهم المصطلح وتفسیره وضبطه یبدأ من إدراک أننا أمام مجال علمی تتداخل فیه المعرفة والمعلومات. فقد عرفت الدبلوماسیة الشعبیة : بأنها الأداة التی من خلالها تستطیع الجماهیر الشعبیة أن تحقق تنفیذ السیاسة الخارجیة الجماهیریة بین الشعوب وصولاً إلى أهدافها الداخلیة الراجعة إلیها. وتعرف الدبلوماسیة الشعبیة Common Diplomacy:" أن هذا النوع من الدبلوماسیة لا یمارس من قبل الدول أو المنظمات الدولیة الرسمیة، وإنما من قبل منظمات غیر الحکومیة لا علاقة لها بالدول یقیمها الأفراد، ولکنها تمارس أعمالها إلى جانب هذه الدول". أن التعریف السابق قد أشار بوضوح إلى دور المنظمات غیر الحکومیة کطرف رئیسی فی الدبلوماسیة الشعبیة، دون أن یتطرق الى الوسائل المهمة والتی تطورت مع تطور القانون الدولی المعاصر ومن أهمها، ثورة الاتصالات والإعلام. وتعرف کذلک الدبلوماسیة الشعبیة بأنها: "دبلوماسیة المنظمات الدولیة والدبلوماسیة العامة والدبلوماسیة الإعلامیة، ومن ممیزات هذا النوع من الدبلوماسیة، هو تفاعلها مع الحکومات الدیمقراطیة التی تؤمن بالمشارکة السیاسیة والتعددیة الحزبیة، حیث تقوم بتنسیق المواقف مع بعضها البعض فی سبیل عرض القضایا والدفاع عنها والسعی للحصول على دعمها وحمایتها". اما وکالة الإعلام الأمریکیة فقد وضعت تعریفاً للدبلوماسیة الشعبیة عندما وصفتها بأنها "النشاط الذی یضم کل الفعالیات التی تهدف الی تعزیز المصلحة الوطنیة والأمن القومی، من خلال التوعیة والإعلام والتأثیر بالشعوب الأجنبیة بواسطة الحوارات الواسعة بین المواطن والمؤسسات ونظرائهم فی الخارج". وبعد سرد التعاریف الخاصة بالدبلوماسیة الشعبیة ، یمکن لنا أن نخرج بتعریف شامل وعام للدبلوماسیة الشعبیة بأنها: (الطریق التی تستطیع بها الحکومات أو الأفراد والجماعات أن تؤثر بصفة مباشرة أم غیر مباشرة الرأی العام، مما ینعکس على القرارات التی تتخذها الدولة فی المجال الخارجی) فالدبلوماسیة الشعبیة ترکٌز على مختلف أشکال الاتصال واللقاءات، ویمکن أن تکون جزءاً من العلاقات الاجتماعیة بین الشعب والدول، وتدخل ضمن البرامج الثقافیة والإعلامیة، وهی أسلوب جدید للعمل السیاسی، وتمارس على مستویات من الهیئات والتنظیمات والاتحادات الشعبیة. الفرع الثانی تمییز الدبلوماسیة الشعبیة عن الدبلوماسیة التقلیدیة الرسمیة أن تطور التمثیل الدولی والتمثیل الدبلوماسی والذی أعطى دفعا جدیداً للدبلوماسیة الشعبیة من الحیاة السیاسیة الى العلاقات الاجتماعیة والتعامل فیما بین الشعوب جعل من هذا النشاط موضع وسط بین الاسالیب التقلیدیة والأسالیب الحدیثة للتعامل الدولی وذلک بین الطابع الرسمی والطابع غیر الرسمی، والذی أدى بمرور الوقت الى ضرورة التمییز بین الدبلوماسیة الشعبیة عن النشاط الدبلوماسی التقلیدی الذی یتنوع بأنماطه وتعدد صوره وأشکاله، فهی لم تعد ذلک النمط التقلیدی المتمثل بشخصیة السفیر أو بنشاط البعثة الدبلوماسیة، وإنما توسعت وأخذت صور وأشکال وأنماط مختلفة، ورغم الاختلاف الموجود بین الدبلوماسیة الشعبیة والدبلوماسیة الرسمیة إلا ان هناک من لا، علیه سوف نتطرق الى تمییز الدبلوماسیة الشعبیة عن الدبلوماسیة التقلیدیة، وکما یلی : الدبلوماسیة التقلیدیة الرسمیة : هی ذلک النمط من الممارسات الدبلوماسیة الذی سیطر خلال الفترة التاریخیة التی کانت فیها القرارات المؤثرة فی أوضاع المجتمع الدولی، وعلاقته تتخذ فی نطاق مجموعة محدودة من القوى الدولیة الکبرى، بالأخص القوى الأوربیة. هی أقدم صور العمل الدبلوماسی، ویقصد بها تنظیم العلاقات بین دولتین على أساس مفاوضات ثنائیة بینهما، والدبلوماسیة الثنائیة تغطی العلاقات بین أثنین من الدول فی جمیع مجالات العلاقات الدولیة وتتمثل مهامها فی المحاور الرئیسیة التالیة (بناء العلاقات السیاسیة، التعاون والبعد الأمنی، الثقافة والإعلام والتعلیم، الدبلوماسیة العامة فی مجال الإصلاحات الداخلیة، التعاون والتنسیق والتواصل بین وزارات الخارجیة خصوصاً، أی ما بین الدولة الموفدة والدولة المضیفة عبر بعثات دبلوماسیة تقلیدیة، أی عبر سفارات معتمدة فی الخارج، والتی نظمت مهامها، وروعیت حصاناتها وامتیازاتها بما یتماشى مع حسن تأدیتها لمهامها على أفضل وجه من خلال اتفاقیة فینا للعلاقات الدبلوماسیة لعام 1961م. ویظهر التمییز بین الدبلوماسیة الشعبیة والدبلوماسیة التقلیدیة (الرسمیة) من خلال:-
المطلب الثانی التأصیل التاریخی للدبلوماسیة الشعبیة الدبلوماسیة الشعبیة لیست فی حقیقة الأمر نتاج عصری أو حدیث لتطور العلوم السیاسیة والقانونیة، فالتاریخ یؤکد ولادتها مع وجود الإنسان على ظهر هذه الأرض، بحکم ضرورة معالجة الخلافات الاجتماعیة القبلیة منها والثقافیة وتبادل الآراء والأفکار والتشاور حول القضایا التی تمس حیاة ذلک المجتمع، علیة سوف نتناول نشأة الدبلوماسیة الشعبیة وفق مرحلتین زمنیتین مهمة وهی نشأة الدبلوماسیة الشعبیة قبل وبعد التنظیم الدولی ، علیه سوف نقسم هذا المطلب الى فرعین، نتناول فی الفرع الأول نشأة الدبلوماسیة الشعبیة قبل التنظیم الدولی، وفی الفرع الثانی نتطرق إلى نشأة الدبلوماسیة الشعبیة بعد التنظیم الدولی. الفرع الأول نشأة الدبلوماسیة الشعبیة قبل عصر التنظیم الدولی ان الدبلوماسیة الشعبیة لیست ولیدة الیوم، بل تضرب بجذورها فی أعماق التاریخ، حیث کشفت الدراسات التاریخیة عن وجود العلاقات الدبلوماسیة الشعبیة بین الشعوب منذ الفترة بین عامی 3000-3500 قبل المیلاد، وان الاتصال بین شعوب الإمبراطوریات والممالیک والدویلات القدیمة لم یکن قاصراً على میدان القتال أو أعمال الغزو، ولکن کانت هناک علاقات سلمیة على قدر من الاستقرار کان یتم تنظیمها بین الحین والاَخر، من خلال اتفاق یبرم عن طریق الوساطة والمساعی الحمیدة والمفاوضات والتی تمثلها شخصیات لها تأثیرها على کلا الطرفین. ویعود استخدام الدبلوماسیة الشعبیة إلى عصور تاریخیة سبقت استخدام المصطلح فی عام 1956م حیث یرجعها البعض إلى "موعظة الجیل" أی التجمع البابوی لنشر الإیمان بالله فی القرن السابع عشر أو إلى إعلان الاستقلال الامریکی. علیة سوف سنتناول الحقبة الزمنیة الأبرز فی تاریخ الدبلوماسیة الشعبیة قبل التنظیم الدولی من خلال تقسیم هذه الفقرة حسب الاسبقیة فی الظهور : الدبلوماسیة الشعبیة عام 1840-1856: حیث ترجع فکرة الدبلوماسیة الشعبیة فی جذورها إلى فکرة الاتحادات الدولیة المتخصصة"Private international union" والتی برزت فی القرن التاسع عشر فی عام 1840 على وجه التحدید، وهی اتحادات ذات طابع وطنی أکثر منها اتحادات دولیة، وقد کونتها جماعات تنتمی لشعوب مختلفة کانت تتطلع لتحقیق مصالح مشترکة بینها على المستوى الدولی تحققها لها المؤتمرات الدولیة التقلیدیة أو الرسمیة مثل اللجنة الدولیة للصلیب الأحمر والاتحاد البرلمانی الدولی، وجمعیة القانون الدولی والغرفة التجاریة الدولیة. یظن العدید من الدارسین والباحثین فی حقل الدبلوماسیة الشعبیة، أن هذا المصطلح العلمی "Public Diplomacy"أمریکی بامتیاز، لکن نیکولاس کول Nicholas J. Cull فی دراسته التی تناولت مصطلح الدبلوماسیة الشعبیة قبل قالیون Gullion، أظهر أن أول استخدام لمصطلح "الدبلوماسیة الشعبیة" لم یکن أمریکیاً على الإطلاق بل بریطانی، ففی 15 ینایر عام 1856 م ورد ذکر الدبلوماسیة الشعبیة فی مقالة صحیفة التایمز اللندنیة الافتتاحیة تنتقد فیها مواقف الرئیس فرانکلین بیرسPierce Franklin، وتتحدث عن القدوة الحسنة والصورة النمطیة، والتعامل الجید مع الشعوب. الدبلوماسیة الشعبیة عام 1917: منذ نشأتها کانت تعرف بالدبلوماسیة العامة على أنها مساویة للبروباجندا أو الدعایة کما عبر عنها الکثیرون البروباجندا الصادقة، وکان هناک استخدام للدبلوماسیة الشعبیة على المستوى التطبیقی العملی، وقد کانت الولایات المتحدة سابقه فی هذا الخصوص، ففی عام 1917 وفی منتصف الحرب العالمیة الأولى أنشأ الرئیس ترومان لجنة المعلومات الشعبیة العامة، والتی کانت تهدف بالأساس لإقناع العالم بنبل أهداف السیاسة الخارجیة الأمریکیة. الدبلوماسیة الشعبیة عام 1918: إن التوجه نحو دبلوماسیة جدیدة تسمى بالدبلوماسیة غیر الرسمیة قد تجسد حقیقة من خلال الطروحات التی وضعتها حکومة روسیا والولایات المتحدة الأمریکیة على لسان کل من لینین وولسون، من خلال المبادئ والأسس الجدیدة فی التعامل الدولی، ومن خلال وثیقة مرسوم السلام التی طرحها لینین عام 1918 ووثیقة ولسون لمبادئه الأربعة عشر، وجمیعها أشارت إلى تدخل وتأثیر الرأی العام. الفرع الثانی نشأة الدبلوماسیة الشعبیة بعد عصر التنظیم الدولی شهد العالم خلال هذه الفترة تشابک العلاقات الدبلوماسیة بین الدول من جهة وتوازنها من جهة أخرى، ونظرا إلى حاجة الدول الصناعیة إلى أسواق لتصریف منتوجاتها وحاجة الدول النامیة إلى تصریف المواد الأولیة والحصول على التکنولوجیا، کان لابد من إقامة علاقات جدیدة بین هذه الدول کل هذا ساعد أو أدى إلى خروج الدبلوماسیة التقلیدیة من إطارها الرسمی الى ظهور الدبلوماسیة الشعبیة المکشوفة ، وعلیه سوف نقسم هذه الفقرة الى مراحل متتالیة حسب تطور الدبلوماسیة الشعبیة خلال تلک الفترة الزمنیة:- الدبلوماسیة الشعبیة عام 1965: وکان أول استخدام لمصطلح الدبلوماسیة الشعبیة من قبل إدموند جیلیون "Edmund Gullion" فی عام 1965 وهو عمید کلیة "Fletcher School of Law and Diplomacy" فی جامعة "Tufts" من خلال إنشاء مرکز "Murrow Center" للدبلوماسیة الشعبیة والذی انطلق من فکرة أساسیة، هی أن الدبلوماسیة الشعبیة تتناول تأثیر مواقف الجمهور فی تشکیل وتنفیذ السیاسیات الخارجیة، وهی تشمل أبعاد العلاقات الدولیة وراء الدبلوماسیة الرسمیة بما فی ذلک الرأی العام والتفاعل بین القطاع الخاص وجماعات المصالح بحیث یسمح بتدفق المعلومات والأفکار عبر الحدود الوطنیة، وقد کانت هذه الفکرة هی الانطلاقة الاولى لأسس الدبلوماسیة الشعبیة والتی أعطت الدفاع القوی لتطویر المصطلح، ویمکن الإشارة إلى ان فکرة الدبلوماسیة الشعبیة أنبثقت من مکتب الولایات المتحدة الأمریکیة للحرب والمعلومات الذی کان قائماً خلال الجزء الأول من الحرب الباردة، وذلک من خلال سلسلة من المکاتب داخل وزارة خارجیة الولایات المتحدة الامریکیة، کانت مسؤولة عن نشر المعلومات فی الخارج، وذلک خلال أدارة "\أیزنهاور" Isanhawar فی إطار وکالة مستقلة أنشئت لهذا الغرض. الدبلوماسیة الشعبیة بین عامی 1978-1982: بعد أنشأ مکتب الولایات المتحدة الأمریکیة للحرب والمعلومات، تم ألغاء هذه الوکالة فی وقت لاحق من قبل الرئیس "کارتر"Carter والذی أنشأ فیما بعد وکالة الاتصالات الدولیة فی عام 1978، ثم ألغیت هی الأخرى خلال أدارة ریغان Regan لتحل محلها وکالة الإعلام الأمریکیة 1982. لذالک فانه یمکن القول أن تاریخ الدبلوماسیة الشعبیة بدأت خلال الحرب العالمیة الأولى عند أنشأ لجنة الإعلام الأمریکیة Creel"" التی کانت تهدف إلى بناء الدعم الشعبی لأمریکا وبلوغ تأثیر الجماهیر الأجنبیة لدعم أسس الدیمقراطیة، وذلک مع تزامن تطور وسائل الإعلام والأتصال. الدبلوماسیة الشعبیة بین عامی 1999-2001: لعبت الدبلوماسیة الشعبیة دوراً کبیراً فی انتصار الولایات المتحدة الأمریکیة والمعسکر الغربی فی الحرب الباردة على الاتحاد السوفیتی، وتمثل ذلک فی حل وکالة الاستعلامات الأمریکیة وضم اختصاصاتها الى الخارجیة الامریکیة، رغم ما قامت به الوکالة فی حرب الخلیج الثانیة من أدوار متعلقة بتدعیم الرأی العام المساندة للحرب والقیام بالتحلیلات، ودراسات ردود الأفعال وتطور برامج للتعاون الإعلامی مع ما یستجد من مشکلات, وتنظیم لقاءات مع الرئیس الأمریکی مع الإعلام العربی وتوزیع بیانات صحفیة علیها، وبعد انقضاء الحرب الباردة حتى أوائل التسعینیات من القرن الماضی، توسع إطار الدبلوماسیة الشعبیة مع انعقاد المؤتمرات العالمیة الموسعة حول البیئة والتنمیة وحقوق الإنسان والمرأة والسکان لتحدد الدبلوماسیة التقلیدیة وخصوصاً أمام ثورة الاتصالات والمواصلات التی یشهدها العالم المعاصر ودور الرقابة الشعبیة. وبعد أحداث الحادی عشر من سبتمبر عام 2001 تأثر النظام الدولی بشکل خاص فیما یتعلق بالجوانب النظریة ورصد التحولات على المستوى الفکری والأیدولوجی وظهور المفاهیم الجدیدة وتحلیل التغیرات فی المجال الثقافی وکذلک الجوانب التنظیمیة والقانونیة والتحولات فی هیکلیة النظام الدولی، وقد تم إعادة هیکل الدبلوماسیة الشعبیة لکی تقوم بدور أکثر فاعلیة خاصة بعد أحداث الحادی عشر من سبتمبر، ولعل أهم ملامح التطور الذی صاحب هذا المصطلح هو مکتب الاتصالات العالمیة الذی أنشئ فی عام 2001 فی الولایات المتحدة الأمریکیة إلى صیاغة وتنسیق رسائل إلى الجماهیر الأجنبیة، والتی تشمل وکالات البث الدولی والمؤسسة الوطنیة للدیمقراطیة.
المطلب الثالث أهداف الدبلوماسیة الشعبیة تختلف أهداف الدبلوماسیة الشعبیة بإطارها غیر الرسمی عن الدبلوماسیة الرسمیة، فالدبلوماسیة الشعبیة تهدف إلى قیام علاقات مباشرة بین الشعوب بوسائل شعبیة وهیئات تعبر عن الشعب وإحساسه. ومن هذا المنطلق یمکننا أن نستنتج العدید من الأهداف الأساسیة التی تسعى الدبلوماسیة الشعبیة لتحقیقها بشکل عام، ویمکن إیجازها بالآتی:- أولاً : حمایة حقوق الانسان: تعتبر الدبلوماسیة الشعبیة هی الجهد الشعبی الذی یهدف إلى التأکید على حمایة حقوق الانسان من خلال المحافظة على کرامة الانسان وحریة قراره من أجل إحداث التغییر وترقیة سلوکه ومظهره العام الى جانب اتجاهات التنمیة فی شتى صورها، والسعی الى تفعیل المشارکة الشعبیة من خلال قنواتها غیر الرسمیة والترکیز على المحیط بقدراته البشریة وإمکاناته باعتباره الفاعل فی توجیه سیاساتها الراعیة للمشارکة. ثانیاً: تعزیز فکرة المواطنة والحفاظ على تلاحم النسیج الاجتماعی: تهدف الدبلوماسیة الشعبیة إلى تعزیز فکرة المواطنة والحفاظ على تلاحم نسیج المجتمع، وتفعیل دور الشعوب فی محاولة لتصحیح التطورات الخاطئة وإیجاد الحلول للمشاکل التی عجزت عن حلها الجهات الرسمیة. ثالثاً : التواصل مع الأطراف الفاعلة فی المجتمع المدنی: تسعى الدبلوماسیة الشعبیة إلى إحداث التواصل والاتصال مع غیر الدول من خلال الاطراف الفاعلة فی المجتمع المدنی مثل المنظمات غیر الحکومیة ووسائل الإعلام والجمهور العام، والغرض هو التأثیر على نفوذ الجهات الفاعلة من غیر الدول ومن ثم لعب دور حیوی فی حمایة مصالح الدولة والتصدی للعناصر المناهضة والمعارضة. رابعاً : التأثیر على الرأی العام من خلال وسائل الإعلام : تهدف الدبلوماسیة الشعبیة إلى الترکیز والتأثیر فی الرأی العام من خلال وسائل الإعلام وبما تصدره من کتب ومنشورات وما تنظمه من ندوات ومحاضرات هادفه، تهدف من وراء ذلک کله إلى تحریک الرأی العام لتأیید موقفها بما یحقق لها تأثیر على الحکومة أو کلیهما معاً. خامساً : تعزیز السیاسة الخارجیة : تهدف الدبلوماسیة الشعبیة إلى تعزیز أولویات السیاسة الخارجیة من خلال فهم قضایا الجماهیر والتأثیر على صانعی القرار وتوسیع الحوار بین المواطنین ومؤسسات الدولة ونظرائهم فی الخارج. المبحث الثانی أدوات الدبلوماسیة الشعبیة وأساسها القانونی سوف نقسم هذا المبحث إلى مطلبین ، نتناول فی المطلب الأول أدوات الدبلوماسیة الشعبیة، ثم نتطرق فی المطلب الثانی إلى الأساس القانونی الدولی لممارسة الدبلوماسیة الشعبیة. المطلب الأول أدوات الدبلوماسیة الشعبیة تعتمد الدبلوماسیة الشعبیة على مجموعة من الهیئات والمجموعات التی تعتبرها أساسیات العمل الشعبی، والتی تسعى من خلالها إلى توظیفها فی تطویر الانشطة والفعالیات لتحقیق أهدافها تجاه قضیة معینة، وهذه الهیئات والمجموعات تتعدد وتتنوع حسب طبیعة العلاقة القائمة بین تلک التکوینات والتنظیمات والاتحادات الشعبیة، مثل اتحاد الکُتاب والفنانین والصحفیین والفرق الفنیة والریاضیة ووفود الشباب والعمال والمزارعین، ومختلف المنظمات والاتحادات والروابط المهنیة والشعبیة باعتبارها القوة الحقیقة التی تستند علیها الدبلوماسیة الشعبیة فی أداء عملها الفاعل فی المجتمع، وان هذه الهیئات والمجموعات لا یمکن حصرها لتعددها وتطورها خلال فترات زمنیه متعاقبة ساهمت الظروف السیاسیة والاقتصادیة والاجتماعیة والثقافیة والامنیة والتکنلوجیا فی تطویرها، وعلیة سوف نقسم هذا المطلب الى ثلاثة فروع رئیسیة نتناول من خلالها هذه الهیئات حسب الاهمیة والدور الفاعل، وفقاً للآتی:-
الفرع الأول منظمات المجتمع المدنی إذا کانت منظمات المجتمع المدنی عند أغلب الباحثین والمختصین، تشکل السلطة الخامسة فی الظروف الاعتیادیة للبلد، فإنها فی المراحل الانتقالیة للدول التی اجتاحتها الحروب الداخلیة، قد تشکل العنصر الثانی وربما الأول لنجاح العدید من المهام التی تهدف إلى تحقیق السلم الداخلی بین المکونات التی تقاتلت فیما بینها، إذ أثبتت العدید من التجارب والمبادرات الدولیة والوطنیة الخاصة ببناء السلام الداخلی فی بعض البلدان، لاسیما بعد منتصف تسعینات القرن الماضی، أهمیة وضرورة مشارکة المجتمع المدنی مع الفاعلین الرسمیین فی تعزیز السلم وترسیخه بین القواعد المجتمعیة والاجتماعیة، کما تجلى ذلک فی مبادرات السلام للبوسنة عام 1998 ورواندا عام 2001، الأمر الذی دفع بالأمم المتحدة والمنظمات الدولیة الأخرى والعدید من الدول إلى الاهتمام المتزاید بمنظمات المجتمع المدنی ودعمها وأشراکها معها فی مشاریع السلم وتعزیزه، وفی هذا الصدد أوضح الأمین العام للأمم المتحدة فی 2003، بأنه فی الکثیر من الحالات تمتلک المنظمات المذکورة قدرات أکثر من الشرکاء الاَخرین لبناء السلام. تعتبر الاتحادات والنقابات والتی یتم تشکیلها من قبل جماعات منظمة غیر حکومیة، ویستمر وجودها أمداً طویلاً دون تحدید مدة لوجودها، بقصد ممارسة نشاط محدد ومعلوم سلفاً، وتحقیق غرض مباح ومشروع غیر غرض الربح، وأن یتمکن الناس من الانضمام إلى عضویة هذه الاتحادات والنقابات، اما الجمعیات والتی لها نفع اجتماعی متشعب، لاسیما فی مسائل العلم والبر والإحسان، فهی وسیلة للتعبیر العملی عن افکار الإنسان وآرائه على وجه جماعی تعاونی، وهذه النقابات والجمعیات والاتحادات تضم عدد من الاشخاص یلتفون حول أهداف مرسومة یعملون سویا على تحقیقها، فإذا کانوا یتبعون حرفة أو مهنة معینة سمیت نقابة مثل نقابة الأطباء والمهندسین والمحامین والمعلمین، وإذا کانوا مختلفین فی المهن ومتفقین فی الغرض أو الهدف سمیت جمعیة، أما الاتحادات والروابط کالاتحادات النسائیة واتحاد المحامین العرب واتحادات الادباء والفنانین والاتحادات العمالیة والطلابیة والروابط المهنیة الأخرى. فکلها تنظیمات شعبیة تمتلک القدرة على التحرک والاتصال بالجماهیر ومن فوق منابرهم یتم التفاهم والاتصال الشعبی. وتجدر الإشارة أن هذه البرامج تضعها التشکیلات المؤسسیة المختلفة التی ینبثق منها النشاط الشعبی، وفی هذا الصدد ظهرت العدید من المؤسسات الشعبیة التی تسعى إلى وضع برامج لممارسات الدبلوماسیة الشعبیة ومنها على سبیل المثال ولیس الحصر:- أولاً : مجلس الصداقة الشعبیة العالمی: یعتبر مجلس الصداقة الشعبیة العالمی مؤسسة أهلیة شعبیة تم تأسیسها عام 1955 فی السودان والقائم على قاعدة شعبیة یستند علیة فی وضع مجموعة من البرامج لتعزیز وتفعیل السیاسة الخارجیة. والتی تسعى لتمتین أواصر التواصل مع بلدان العالم عن طریق التبادل الثقافی والزیارات المتبادلة، مما أدى إلى تعرف شعوب العالم ببعضها البعض وکسب الرأی العام العالمی فی المنظمات الشعبیة داخل الدولة لتأیید قضایاها وتقدیم العون لبناء سیاساتها العامة. ثانیاً : مکتب الاتصالات العالمیة: الذی أنشئ فی عام 2001 فی الولایات المتحدة الأمریکیة یهدف إلى صیاغة وتنسیق رسائل إلى الجماهیر الأجنبیة، والتی تشمل وکالات البث الدولی والمؤسسة الوطنیة للدیمقراطیة. ثالثاً : المجلس الإسلامی الأمریکی للتفاهم: الذی قام بتعین متحدثین من السفراء فی الخارج والحدیث عن حیاة المسلمین، بحیث یجری فیها التفاعل بین مواطنی الولایات المتحدة الأمریکیة ومواطنین من البلدان ذات الأقلیة المسلمة. الفرع الثانی الشخصیات البارزة وهی مجموعة مکونة بالأساس من الشخصیات البارزة ذات التأثیر الکبیر على المستوى الدولی، کالسیاسیین السابقین والموظفین الدولیین السابقین والفنانین والمفکرین والریاضیین الذین یقومون بعملیات التبرع والتوعیة لتحقیق أهداف تخدم الإنسانیة. وتعتبر الشخصیات البارزة على الصعید السیاسی والاجتماعی والثقافی والوطنی والقومی والدینی، من أهم الأطراف الاساسیین فی الدبلوماسیة الشعبیة والتی لعبت دور الوسیط والمحاید فی حل الازمات الدولیة والاقلیمیة والوطنیة والامثلة کثیرة خاصة بعد أحداث الحادی عشر من سبتمبر 2001 وهیمنة النظام الامریکی على الدول العربیة وحربه ضد افغانستان والعراق، وتزاید الصراع الاسرائیلی ضد الشعب الفلسطینی ودخول وسطاء یمثلون الدبلوماسیة الشعبیة فی حل النزاعات بطرق السلمیة من الجانب الفلسطینی، وحتى فی قضیة السودان وتدخل شخصیات سیاسیة ودولیة فی ازمة الرئیس السودانی عمر البشیر. وکان أخرها على المستوى العربی، حل قضیة الشعب اللبنانی (أزمة النفایات) والتی لعبت الدبلوماسیة الشعبیة فی حل تلک الازمة بعد استقالة سعد الحریری من منصبه، والذی لعب دور الوسیط بین الشعب اللبنانی والدول الداعمة مثل المملکة العربیة السعودیة وحل تلک الازمة بطرق الدبلوماسیة الشعبیة، ومن الأمثلة على الصعید العراق، ویمارس السید مقتدى الصدر دوراً معبراً عن الدبلوماسیة الشعبیة باعتبار له قاعده جماهیریة واسعه فی العراق والذی یمثل مرجعاً دینیاً، وقد کان له دور فی ترطیب وتحسین مناخ العلاقات مع المملکة العربیة السعودیة بعد الفتور بالفترة الاخیرة بعد الاتهامات المتصاعدة بین البلدین والتی انتهت لمدة سنوات بقطع العلاقة الدبلوماسیة والقنصلیة وحتى التجاریة، وکان لزیارة السید مقتدى الصدر التأثیر البارز فی أعادة العلاقات الرسمیة بین البلدین لما کان لدور الوسیط الذی قام بتقریب وجهات النظر وحل الازمة السیاسیة بطرق الدبلوماسیة الشعبیة. مثل هذه الشخصیات التی لها صدى شعبی فی بلدانها تعد أدوات غیر رسمیة للدعایة للبلد الذین یتحدثون عنها ویرفعون من مکانتها من خلال قیامهم تمثیل بصفاتهم العلمیة أو الدینیة، وتعنی الدول فی أیامنا هذه بإرسال مثل هؤلاء المبعوثین غیر الرسمیین لها، ولا شک أن نجاحهم یخدم أهداف دولهم ومصالحها بالخارج. ونحن نرى ان الامثلة کثیرا على إیفاد مثل هؤلاء المبعوثون فی الاوساط الدینیة، أمثال رجال الدین من الأزهر الشریف فی مصر والذین یمثلون الدبلوماسیة الشعبیة فی الاوساط العربیة والاسلامیة لدورهم فی حل الازمات والاشکالیات الخاصة بالأقلیات العرقیة والدینیة وخاصة الاقباط الذین یتعرضون بین فترة واخرى الى هجمات ارهابیة منظمة من قبل جماعات خارجه عن القانون، ومن المواقف الإنسانیة التی أقدم علیها محمد علی کلای فی ممارسة الدبلوماسیة الشعبیة، بل ومن أبرزها، مبادرته للقاء الرئیس العراقی الراحل، فی محاولة للإفراج عن رعایا أمریکیین اعتقلوا خلال الغزو العراقی للکویت عام 1990. وکان رد النظام السابق على طلب محمد علی إیجابیا، ووافق على الإفراج عن المعتقلین الأمریکیین فی بغداد. أن للمرأة دوراً أساسیاً ومهم فی الدبلوماسیة الشعبیة، والذی أصبحت تلعب دورا هاما فی المجتمع والحیاة السیاسیة ومجریات الحیاة الاجتماعیة وذلک فی إطار المنظمات النسائیة لاسیما داخل البلدان النامیة التی أضحت تساهم فی إثراء التفاهم بین الشعوب من خلال تبادل وفود النساء فی المؤتمرات ومناقشة الأهداف المتعلقة بالمرأة ومشارکة وفود من بلدان أخرى، لذلک تعمل الدبلوماسیة الشعبیة على استغلال هذا الدور لتعزیز العلاقات الثقافیة بین مختلف الأمم. ومن الأمثلة على ذلک، دور عائشة القذافی فی کسر الحصار الجوی على العراق، من خلال زیارتها المیدانیة الى الحکومة العراقیة السابقة والتی تمثل دوراً بارزاً للدبلوماسیة الشعبیة عام 2000 حین ترأست الوفد اللیبی فی أول رحلة جویة إلى بغداد فی تحد واضح لکسر الحظر الجوی المفروض على العراق منذ 1990، بواسطة الأمم المتحدة، خاصةً لیس لعائشة أی منصب سیاسی یبرر تدخلاتها وخطاباتها السیاسیة فقد أنشأت جمعیة غیر حکومیة سمتها جمعیة عائشة الخیریة والتی غیرت مسماها فیما بعد إلى جمعیة "واعتصموا الخیریة"، لیکون منبراً لها فی ممارسة الدبلوماسیة الشعبیة. ویحتسب للفن والثقافیة دور مهم وفاعل فی ممارسة الدبلوماسیة الشعبیة من خلال الفنانات العربیات، ومن الأمثلة على ذلک زیارة الفنانة رغدة إلى العراق والتی زارت العراق اکثر من مرة ضمن لجنة شعبیة لدعم الأطفال العراقیین المنکوبین خلال الحصار الذی فرضته الولایات المتحدة على العراق. الفرع الثالث المنظمات الدولیة غیر الحکومیة صارت المنظمات الدولیة غیر الحکومیة الیوم واحده من أبرز الفاعلین الدولیین، بتأثیر من تطور وسائل الاتصال الحدیثة، فعلى الصعید الإنسانی أصبح العالم یشهد تضامناً کبیراً من مختلف الشعوب بغض النظر عن الجنسیات وکل عوامل الفرقة التقلیدیة المبنیة على الأسس العرقیة أو الدینیة أو اللغویة، وقد أدى هذا التأثیر إلى اتساع نشاط هذه المنظمات فی جمیع الدول رغم أن جذوره غالبا ما تکون أمریکیة أو أوربیة، وزیادة على الانتشار الواسع فإن تلک المنظمات الیوم شملت بنشاطاتها کافة مجالات الحیاة الإنسانیة حتى تضاعف عددها أربع مرات من سنة 1960 إلى سنة 1998 حیث تم إحصاء 15965 منظمة غیر حکومیة، ولم یکن هذا الازدیاد اعتباطاً وإنما هو تزاید یرافقه قوة فی التأثیر، حیث صارت لها الید الطولی فی العدید من المؤتمرات الدولیة. لا یکاد یخرج نشاط المنظمات الدولیة غیر الحکومیة عن أحد المجالات الاربعة الاساسیة "التضامن الدولی": من دفاع عن حقوق الإنسان، وأشهر المنظمات العاملة فی هذا المجال منظمة العفو الدولیة فی سعیها الدائم لمناهضة التعذیب والحد من استخدام عقوبة الإعدام، وذلک شأن منظمة هیومن رایتس ووتش أیضاً، وتقدیم المساعدة الإنسانیة فی حالة الطوارئ ونماذج غیر الحکومیة العاملة فی هذا المجال کثیرة أهمها، اللجنة الدولیة للصلیب الأحمر ومنظمة أطباء بلا حدود. ویضاف إلى المجالات السابقة مجال حمایة البیئة التی زاد الاهتمام الیوم بها وبمشکلاتها المختلفة کالحفاظ علیها البیئة من التلوث وحمایة طبقة الأوزون وحمایة الأنواع المعرضة للانقراض...، وهذه المجالات وغیرها کثیر، صارت میادین عمل للمنظمات غیر الحکومیة. وتأتی منظمة السلام الأخضر فی مقدمة تلک المنظمات نظرا لنشاطاتها المشرفة فی مجال حمایة البیئة، والشأن نفسه بالنسبة لمجال دعم التنمیة إذ أن هنالک العدید من المنظمات التی تعمل فی مجالات مکافحة الفقر وتقدیم قروض صغیرة لمواطنی الدول الأکثر فقراً من أجل تحسین مستوى معیشتهم، ولعل اشهر تلک المنظمات منظمة أوکسفام OXFAM. یعتبر خبراء المنظمات الدولیة أحد أهم الهیئات التی تتخذها الدبلوماسیة الشعبیة لما تمتلک من خبرة عالیة، ومن الامثلة على ذلک خبراء المنظمات الدولیة کالأمم المتحدة ووکالاتها المتخصصة من الاقتصادیین والاجتماعیین والفنیین وغیرهم، فهؤلاء الخبراء یتحدثون أثناء أدائهم لأعمالهم فی القضایا المختلفة، وینقلون بشکل أو باَخر وجهة نظر دولهم حول مختلف القضایا المحلیة والدولیة ویکون لهم تأثیر ضخم على الرأی العام قد یفوق تأثیر بعض السفراء، لذلک على الممثلین الدبلوماسیین العمل على تنسیق جهود هؤلاء المبعوثین وتوجیههم بما یتفق ومصالح بلدانهم من خلال الاتصال المستمر بهم. المطلب الثانی الأساس القانونی الدولی للدبلوماسیة الشعبیة إن دراسة الدبلوماسیة الشعبیة وأساسها القانونی فی إطار القانون الدولی تکشف عن أهمیة الدور الذی أدته هذه الظاهرة فی التأثیر فی العمل الدبلوماسی التقلیدی، إلى الحد الذی بات الکثیر من المختصین یتحدث فی إطار القانون الدبلوماسی العام عن أن هناک تحولاً حقیقیاً فی الکثیر من المفاهیم التقلیدیة الراسخة فی الدبلوماسیة الرسمیة التی لا یجوز مناقشتها أو التشکیک بها إلى وضع باتت فیه تلک المفاهیم ضعیفة أمام تحدیات واهداف الدبلوماسیة الشعبیة، وهذا یقودنا الى تقسیم المطلب الى فرعین یتضمن الفرع الاول أساس الدبلوماسیة الشعبیة فی الشرعة الدولیة، اما الفرع الثانی فنتطرق به إلى اساس الدبلوماسیة الشعبیة فی الاتفاقیات والمؤتمرات الدولیة. الفرع الاول أساس الدبلوماسیة الشعبیة فی الشرعة الدولیة لم یعد المجتمع الدولی ذلک المجتمع الذی یضم عدداً قلیلاً من الدول التی توجد فی قارة واحدة، بل أن المرحلة التی استتبعت قیام منظمة الأمم المتحدة أظهرت توسعاً کبیراً فی نطاق أعضاء هذا المجتمع، مع حصول عدد کبیر من الدول على استقلالها ودخولها واقع التعامل الدولی کأشخاص دولیة لها القدرة على اکتساب الحقوق وتحمل الالتزامات. ولقد نجح أنصار مبدأ العالمیة فی تحقیق أحلامهم التی طالما نادوا بها حقباً طویلة، حتى غدا العالم الیوم أشبه بالقریة الصغیرة التی تجتمع أطرافها المترامیة بکل سهولة ویسر، ولم تعد القضایا ذات الطابع الوطنی بمعزل عن تأثیر المحیط العالمی، حتى غدت الکثیر من القضایا تعد بمثابة مشترک عالمی تجتمع حوله معظم الدول وبشکل خاص ما یتعلق منها بالأزمات الدولیة الخاصة بالبیئة والتنمیة وحقوق الإنسان، ولم یعد المجتمع الدولی یستطیع أن ینعزل عن محیطة الواسع الذی یمتد لیشمل کل أرجاء المعمورة، ولم تعد الدول وحدها تشارک فی إدارة الشأن العالمی، بل تعاظمت أهمیة المنظمات الدولیة غیر الحکومیة على الصعید الدولی، الى الحد الذی أصبحت بمثابة الشریک الناجح فی إدارة الکثیر من الملفات الدولیة. حرصت الأمم المتحدة على وضع المبادئ والمثل العلیا التی جاء بها الإعلان فی قوالب قانونیة عن طریق المواثیق والمعاهدات الدولیة الملزمة حیث سعت جاهدة إلى إدماج حقوق الإنسان فی أطر قانونیة بهدف تأکید الغرض المرجو والاعتراف بأن الکهامة الإنسانیة هی أساس السلم والعدل وهکذا أصدرت العهدین الدولیین لحقوق الإنسان فی عام 1966. وعلى ذلک فأن الدبلوماسیة الشعبیة تجد أساسها القانونی فی الشرعة الدولیة المتضمنة الإعلان العالمی لحقوق الإنسان والعهدین الدولیین , لذلک سنتناول کل واحدة منها على حدا, وکالآتی : أولاً : الدبلوماسیة الشعبیة فی إطار الإعلان العالمی لحقوق الإنسان: إن دیباجة الاعلان جاءت بمبادئ مهمة وراسخه على تفعیل دور الشعوب فی حمایة حقوق وحریات الانسان، وذلک من خلال :- لما کان الاعتراف بالکرامة المتأصلة فی جمیع أعضاء الأسرة البشریة وبحقوقهم المتساویة الثابتة هو أساس الحریة والعدل والسلام فی العالم. ولما کان من الجوهری تعزیز تنمیة العلاقات الودیة بین الدول. ولما کانت شعوب الأمم المتحدة قد أکدت فی المیثاق من جدید إیمانها بحقوق الإنسان الأساسیة وبکرامة الفرد وقدره وبما للرجال والنساء من حقوق متساویة وحزمت أمرها على أن تدفع بالرقی الاجتماعی قدماً وأن ترفع مستوى الحیاة فی جو من الحریة أفسح. فإن الجمعیة العامة تنادی بهذا الإعلان العالمی لحقوق الإنسان على أنه المستوى المشترک الذی ینبغی أن تستهدفه کافة الشعوب والأمم حتى یسعى کل فرد وهیئة فی المجتمع، واضعین على الدوام هذا الإعلان نصب أعینهم، إلى توطید احترام هذه الحقوق والحریات عن طریق التعلیم والتربیة واتخاذ إجراءات مطردة، وطنیة وعالمیة، لضمان الاعتراف بها ومراعاتها بصورة عالمیة فعالة بین الدول الأعضاء ذاتها وشعوب البقاع الخاضعة لسلطانها. نوضح ما جاء من بعض نصوص الدیباجة والتی تشیر الى دور الشعوب ومکانتها فی العلاقات الدولیة، والذی سعى الاعلان الى العمل على المساواة فی الحریة والعدل والسلام من خلال تنمیة تلک العلاقات الودیة القائمة على الاحترام واستخدام الوسائل السلمیة وهو اشارة واضحة الى مفهوم الدبلوماسیة الشعبیة لان جمیع وسائل الدبلوماسیة الشعبیة هی سلمیة قائمة على الود والتفاوض والمساعی الحمیدة دون استخدام القوة فی العلاقات الدولیة وهذا ما اثبتته الدبلوماسیة الشعبیة فی حل القضایا والنزاعات الدولیة على خلاف الدبلوماسیة التقلیدیة، وکذلک اشارت الدیباجة الى شعوب العالم دون تمیز واعطاء دور للهیئات والافراد بصفاتهم الطبیعیة ولیست الرسمیة واعطائهم دوراً مهماً وبارزاً فی احترام الحقوق والحریات عن طریق بعض الوسائل التی ذکرت فی دراستنا هذه، من خلال التعلیم والتربیة والتبادل الاکادیمی والثقافی بین المجتمعات، وکل ما جاء بدیباجة الاعلان العالمی للحقوق الانسان ینطبق على عمل واهداف الدبلوماسیة الشعبیة التی تستوحی اساسها القانونی الدولی من خلال ذلک. وجاءت بعض مواد الإعلان العالمی لحقوق الإنسان والتی أقرت بدور الشعوب فی استخدام وسائل الدبلوماسیة الشعبیة فی حمایة حقوق الانسان، وذلک من خلال :- المادة (19) ((لکلِّ شخص حقُّ التمتُّع بحرِّیة الرأی والتعبیر، ویشمل هذا الحقُّ حرِّیته فی اعتناق الآراء دون مضایقة، وفی التماس الأنباء والأفکار وتلقِّیها ونقلها إلى الآخرین، بأیَّة وسیلة ودونما اعتبار للحدود)). تعد الدبلوماسیة الشعبیة فی أحد تعاریفها بأنها "نوعا من أنواع الاتصال الذی یستخدم کأسلوب من أسالیب کسب اتجاهات الرأی العام أو تغیرها، لاسیما فی وقت الأزمات، بعیداً عن نشاط السفارات والبعثات الرسمیة والإعلام التقلیدی للدبلوماسیة الرسمیة. وتعتمد هذه الدبلوماسیة على النشاط البشری لتغییر المفاهیم والوظائف الاجتماعیة فی أی مجتمع تحقیقاً لمهامها وأهدافها، وتقوم بتفعیل هذه الوظائف بعضها مع بعض عن طریق الاتصال الشخصی بأسلوب مقبول على المستوى الشعبی، لأن الدبلوماسیة هی باب مفتوح للتحاور والتبادل والتواصل الانسانی بکل مصداقیة ووضوح فی الرسالة المنقولة شخصیاً". المادة (20) ((1- لکلِّ شخص حقٌّ فی حرِّیة الاشتراک فی الاجتماعات والجمعیات السلمیة)). یطلق مفهوم الجمعیات على نوع خاص من المنظمات التی لا تهدف إلى تحقیق الأرباح ویکون الهدف من وجودها تقدیم المساعدات للمحتاجین، ودعم بعض الحالات الإنسانیة والفئات الخاصة من المجتمع التی تحتاج إلى نوع من الرعایة الخاصة، وتهدف هذه الجمعیات على الوجه الأمثل هو قیامها بدور الدبلوماسیة الشعبیة کإحدى الطرق والوسائل التی تعتمد علیة الدبلوماسیة الشعبیة فی تحقیق أهدافها، ومن هنا یأتی دور الجمعیات والاجتماعات فی المجتمع. المادة (23) ((4- لکلِّ شخص حقُّ إنشاء النقابات مع آخرین والانضمام إلیها من أجل حمایة مصالحه)). تعتبر النقابات والاتحادات من أهم وسائل الدبلوماسیة الشعبیة ومن أبرز أدواتها النقابات التی تمتلک علاقات صداقة بمنظمات موازیة لها من مختلف أنحاء العالم، ونتیجة لذلک اضحت الدبلوماسیة الشعبیة أکثر تأثیراً من الدبلوماسیة الرسمیة ؛ بسبب بعدها عن القیود والبروتکولات الرسمیة التی تتسم بها الدبلوماسیة الرسمیة، وعادة ما تکون نشاطاتها أکثر فاعلیة بالنسبة للأوساط الشعبیة وأعمق مردوداً، لاسیما مع الفشل المتکرر للدبلوماسیة الرسمیة. ثانیاً : العهد الدولی الخاص بالحقوق المدنیة والسیاسیة أن علاقة العهد الدولی الخاص بالحقوق المدنیة والسیاسیة بالوسائل والهیئات والمجموعات التی تستند علیة الدبلوماسیة الشعبیة نجدها واضحة فی نصوص مواده، وهی کتالی:- المادة(1): ((1. لجمیع الشعوب حق تقریر مصیرها بنفسها. وهى بمقتضى هذا الحق حرة فی تقریر مرکزها السیاسی وحرة فی السعی لتحقیق نمائها الاقتصادی والاجتماعی والثقافی)). ارتبط مفهوم حق تقریر المصیر فی شکله التقلیدی بفکرة تمکین الشعوب الرازحة تحت سیطرة الاستعمار الأجنبی من تقریر مصیرها والحصول على استقلالها فی کیان تجسده دولة مستقلة ذات سیادة تضم مکوناتها کلّها على إقلیمها الوطنی وتحقق لها مصالحها وازدهارها، وهو مفهوم لا یثیر من حیث المبدأ أی إشکال قانونی فی تفسیره أو تطبیقه، وإن أعاقته - فی بعض الأحیان- عقبات سیاسیة لا أساس قانونی لها کما هو حال القضیة الفلسطینیة. ولکن الإشکال یدور الیوم حول ما یراد لهذا الحق من تفسیر وتطبیق یتاح من خلاله لشرائح أو فئات شعبیة تعمل بکل الوسائل المتاحة للمطالبة بهذه الحق، وخیر مثال على الواقع القضیة الفلسطینیة والتی استندت الى وسائل الدبلوماسیة الشعبیة من خلال النقابات والاتحادات وتبویب الرأی العام والمهرجانات الثقافیة والاجتماعیة للمطالبة بحق تقریر المصیر من الاحتلال الصهیونی، وکانت لتک الفواعل والاسالیب الدبلوماسیة الشعبیة الاثر الواضح فی السعی الى تحقیق مطالب الشعب الفلسطینی. المادة(22) : ((1. لکل فرد حق فی حریة تکوین الجمعیات مع آخرین، بما فی ذلک حق إنشاء النقابات والانضمام إلیها من أجل حمایة مصالحه)). یلاحظ نص المادة اعلاه تشیر بوضوح الى الأدوات الرئیسیة للدبلوماسیة الشعبیة على اعتبار ان الاخیرة قائمة على نشاط الذى یبذله بلد أو دولة ممثلة فی شعبها لکسب الرأی العام الخارجی بعیداً عن نشاط السفارات والبعثات الرسمیة والإعلام التقلیدی للدبلوماسیة الرسمیة، ومن أبرز أدواتها النقابات العمالیة والمهنیة، واتحادات الطلاب، ومنظمات الشباب والمرأة، وأعضاء البرلمانات، والأحزاب، والفرق الریاضیة، وفرق الفنون الشعبیة، وغیرها من المنظمات الأهلیة غیر الحکومیة التی تمتلک علاقات صداقة بمنظمات موازیة لها فی مختلف أنحاء العالم، وأصبحت الدبلوماسیة الشعبیة من العوامل المهمة والمکملة فی توجیه السیاسات الخارجیة، ومثال على ذلک، ما حدث فی مصر حیث ظهر مصطلح الدبلوماسیة الشعبیة بوضوح عقب ثورة 30 یونیو فقد قامت عدة وفود غیر رسمیة من النقابات والاتحادات والجمعیات والتی یمثلها فئات من السیاسیین والفنانین والإعلامیین بالسفر إلى أمریکا وبعض الدول الأوروبیة، لشرح حقیقة ما حدث فی مصر ومواجهة حرب التزویر والتشویه ونشر الأکاذیب التی شنها التنظیم الدولی لجماعة الإخوان، کان لبعض هذه الوفود تأثیر إیجابی فی مساندة موقف مصر. المادة(28): ((12. تؤلف اللجنة من مواطنین فی الدول الأطراف فی هذا العهد، من ذوى المناقب الخلقیة الرفیعة المشهود لهم بالاختصاص فی میدان حقوق الإنسان)). وتنص المادة 28 من العهد الدولی الخاص بالحقوق المدنیة والسیاسیة على إنشاء لجنة من أجل مراقبة فعالة لتطبیق مواد هذا العهد وعلى اختصاصها وعلى آلیات الرقابة المتبعة من قبله، وهذه إشارة واضحة لإعطاء دور للجهات غیر الرسمیة للرقابة والمتابعة والتی تستند الى المواطن بصفته الشخصیة ومراکزهم الاجتماعیة والثقافیة والقانونیة والاکادیمیة وهؤلاء یعتبرون من الأدوات المهمة والفاعلة التی تعتمد علیها الدبلوماسیة الشعبیة فی حمایة حقوق الأنسان والدفاع عنها أمام التنظیمات الرسمیة کمنظمات الدولیة. ثالثاً : العهد الدولی الخاص بالحقوق الاقتصادیة والاجتماعیة والثقافیة یتمتع العهد الدولی الخاص بالحقوق الاقتصادیة والاجتماعیة والثقافیة بمکانة مهمة وبخصوصیة تمیزه عن غیره من الحقوق ومن الاتفاقیات الدولیة لحقوق الإنسان، وتبدو خصوصیة هذا العهد فی الحقوق المحمیة بمقتضاه وفی طبیعة الالتزامات الناشئة عنه، أن ما یهمنا فی دراستنا هذه هو معرفة العلاقة بین نصوص العهد الدولی الخاص بالحقوق الاقتصادیة والاجتماعیة والثقافیة والأدوات والوسائل الرئیسیة للدبلوماسیة الشعبیة ومدى تلک العلاقة بالاستناد علیه فی ممارسة هذا النوع من الدبلوماسیة غیر الرسمیة، والتی یمکن أن نجدها شدیدة التکامل والارتباط من خلال الاستنتاجات القانونیة المبنیة على مفهوم بعض النصوص التی تتطابق واهداف الدبلوماسیة الشعبیة والتی سوف نتطرق الیة من خلال تلک النصوص :- المادة (8) ((أ- حق کل شخص فی تکوین النقابات بالاشتراک مع آخرین وفى الانضمام إلى النقابة التی یختارها...إلخ)). ومن خلال المادة اعلاه فهی اشارت واضحة للدور المهم للاتحادات والنقابات فی ممارسة دورها الفاعل من خلال المجتمع المدنی وتأثیرها على الشعوب بشکل رئیسی، وتعتبر کل المنظمات غیر الحکومیة والتی اشار النص اعلاه الیها هی بالأساس أدوات تعتمد الدبلوماسیة الشعبیة فی أداء مهامها والسعی الى تحقیق أهدافها، وحق الاضراب من أهم الوسائل المباشرة التی تعتمد علیة الدبلوماسیة الشعبیة بتوظیف ادواتها واسالیبها فی الضغط عل الرأی العام للمحافظة على حقوق الانسان بکافة أشکالها. المادة (15) :((أ- أن یشارک فی الحیاة الثقافیة )). تظهر الحیاة الثقافیة فی العالم الدبلوماسی کأداة جدیدة لخلق علاقات دبلوماسیة أفضل لأن تغیر أفکار الناس مرتبط بنشر ثقافة بلدانها، وتعتبر الدبلوماسیة الشعبیة نمطا جدیدا ومتطورا من أنماط الدبلوماسیة غیر الرسمیة، ویقصد بها تلک الجهود التی ترمی إلى إحداث تغییر فی التصورات التی تحتفظ بها الدول عن غیرها وما یرتبط بذلک من تغیر فی أنماط سلوکها تجاه الدول الأخرى، ومن ابرز المساهمات فی الحیاة الثقافیة تلک الجهود الحثیثة التی تبذلها المنظمات غیر الحکومیة الناشطة بالعمل الثقافی، والتی تعمل على تدعیم ونشر الثقافة والعلوم عن طریق تیسیر الحصول على التعلیم والثقافة، وتنشیط الدراسات العلمیة وتوحید جهود العلماء والفنانین والأدباء و تقدیم المساعدات الفنیة للدول فی میادین الثقافة، وهی تتلقى لهذا الغرض اعتمادات من برنامج الأمم المتحدة للتنمیة، لمعاونتها فی تنفیذ برامج الثقافیة. الفرع الثانی الأساس القانونی للدبلوماسیة الشعبیة فی الاتفاقیات والمؤتمرات الدولیة تقوم العلاقات الدولیة فی ظل المتغیرات الراهنة على تلک الاتفاقیات الدولیة التی تهتم بتنظیم وتسییر الشؤون الدولیة وفق معاییر التعایش والتحاور فیما بینها، وذلک من خلال إتباع أسس تطبیق أحکام القانون الدولی للتوفیق بین مصالح الدول المتباینة وإجراء المفاوضات والاجتماعات والمؤتمرات الدولیة. علیه سوف نتناول الوثائق الاتفاقیات الدولیة فی الفقرة الاولى، ونستعرض أهم المؤتمرات الدولیة التی أشارت الى الدبلوماسیة. أولاً : الأساس القانونی للدبلوماسیة الشعبیة فی الوثائق والاتفاقیات الدولیة أن تطور أشکال التنظیم الدولی وازدیاد تأثیر الرأی العام الذی بدأ یتحرک ضد أسلوب الدبلوماسیة الرسمیة القائم على السریة , وظهور الدبلوماسیة الشعبیة القائمة على العلنیة. علیه سوف نتطرق إلى أهم الوثائق الدولیة والاتفاقیات التی اشارة الى إطراف الدبلوماسیة الشعبیة, وهی :
أن أول تجسید للدبلوماسیة الشعبیة من خلال الطروحات التی وضعتها حکومة روسیا والولایات المتحدة الأمریکیة على لسان کل من لینین وولسون، من خلال وثیقة مرسوم السلام الذی طرحها لینین عام 1918 ووثیقة ولسون لمبادئه الأربعة عشر، دعا لینین فی مرسومه إلى تدخل الرأی العام فی قوله: "ولیعلم کل واحد بما تفکر به حکومته فنحن لا نرید أسرارا، وإنما نرید أن تکون الحکومة دائما تحت مراقبة الرأی العام وأطراف المجتمع فی بلدها فما یشکل قوة الدولة هو وعی الجماهیر". فکانت بذلک الانطلاقة الأولى لترسیخ ملامح جدیدة للعمل الدبلوماسی العلنی الذی مهد الطریق لمشارکة الرأی العام، بالاعتماد على المبادئ الدیمقراطیة فی ظل أطراف غیر حکومیة قد تحدث التغییر الجذری من خلال ممارسة الدبلوماسیة الشعبیة.
جاءت اتفاقیة مونتریال التی تم توقیعها فی 16 سبتمبر 19867، حیث أن هذا التاریخ یشکل بدایة لعصر جدید یحتاج إلى دبلوماسیة جدیدة أطلق علیها الدبلوماسیة غیر الرسمیة، تم توقیع بروتوکول مونتریال للمحافظة على طبقة الأوزون، والتقلیل من استخدام العناصر الکیمیائیة التی تؤدی إلى تآکلها، کانت هذه الاتفاقیة استجابة لنوع جدید من المشاکل التی تهدد العالم، وتعبیراً عن إدراک لحقیقة أن العوامل البیئیة تشکل خطراً على کل الشعوب، کما ظهر دور مجموعات المواطنین التی تجمعت فی المنظمات البیئیة التی قامت بدور مهم فی التوعیة العامة بالأخطار، وشکلت ضغطاً على الحکومات وأثرت على الرأی العام. ونحن نرى أن هذه الاتفاقیة قد أوضحت بعض ملامح الدبلوماسیة الشعبیة، واهمها :- دور المواطنین فی الضغط على الحکومات. ارتباط الدبلوماسیة الشعبیة بالتأثیر على الرأی العام. توسیع نطاق الدبلوماسیة الشعبیة على المستوى العالمی، من خلال ظهور فاعلین جدد. ثانیاً : الأساس القانونی للدبلوماسیة الشعبیة فی المؤتمرات الدولیة بسبب التطور الذی شهدته العلاقات الدولیة اصبح من الضروری للقانون الدولی البحث عن وسائل جدیدة لتنظیم المجتمع الدولی، وعلیه فقد اخذ یقل دور الدبلوماسیین الرسمیین تدریجیاً وذلک لترک المجال للمؤتمرات والاجتماعات الدولیة، وهی إحدى أسالیب الاتصال المهمة والتی تعقد حول قضیه معینة تهم المجتمع وتکون فی نقاش للتوصل إلى حالة من التفاهم بین تلک الهیئات والمؤسسات غیر الحکومیة مع الاطراف الرسمیة، وسوف نتطرق الى أهم تلک المؤتمرات التی إشارات إلى تفعیل الأطراف غیر الرسمیة فی العلاقات الدولیة وتعزیز دور الدبلوماسیة الشعبیة، وهی کما یلی:-
یعد مؤتمر بیلاجیو الذی نظمه معهد الاتصال فی مدینة بیلاجیو "Belajue" فی عام 1973 أکد على دور الجهات غیر الرسمیة فی إحداث السلام، وفی سنة 1977 حیث أکد کل من برمان وجینسون من نفس المعهد على النمو الهائل لدور هذه الجهات غیر الرسمیة فی تعزیز خدمات العمل الدبلوماسی وتحسین التفاهم الدولی ورفض العنف وترسیخ المصالحة، وأضافا أن هذه الجهات غیر الحکومیة قد وضعت سلسلة من أدوات حفظ السلام والتعایش الدولی.
فی اَذار (مارس) 1991، وبعد انتهاء حرب الخلیج الثانیة، دعا الرئیس الأمریکی جورج بوش الأب فی خطاب ألقاه أمام الکونغرس، إلى تسویة قضیة الشرق الأوسط على أساس مبدأ "الأرض مقابل السلام" وتطبیق قرارات الأمم المتحدة 242 و 338، على نحو یضمن لإسرائیل الأمن والاعتراف ویضمن للفلسطینیین حقوقهم السیاسیة المشروعة، وما یشیر فی هذا المؤتمر الى الاعتراف بالأطراف غیر الرسمیة وإفساح المجال أمام الدبلوماسیة الشعبیة فی أن تمارس دورها فی العلاقات الدولیة من خلال مشارکة منظمة التحریر الفلسطینیة کجهة رئیسیة بتمثیل الشعب الفلسطینی، حیث عقد مؤتمر مدرید للسلام فی الشرق الأوسط فی 30 (أکتوبر) 1991، برعایة الولایات المتحدة الأمریکیة وروسیا، وبحضور أوربی فی مدینة مدرید، وشارکت فی المؤتمر: (مصر، الأردن، سوریا، لبنان، المغرب، تونس، الجزائر، ودول مجلس التعاون الخلیجی الست). وبمشارکة منظمة التحریر الفلسطینیة.
عقد مؤتمر مالطا عام 2012م حول الابتکار فی الدبلوماسیة، وقد أکد فیه الباحثون على أهمیة الابتکار فی الدبلوماسیة من جوانب مختلفة ومن مناظیر دولیة متعددة، وکان من بین أهم المفاهیم التی ظهرت فی المؤتمر الدولی للدبلوماسیة الابتکاریة فی مالطا مفهوم الثقافة الدبلوماسیة غیر الرسمیة (الشعبیة)، فهذه الثقافة تتناسب مع تطور تکنولوجیا المعلومات والاتصال وتتجاوز مفهوم الدبلوماسیة التقلیدیة، وکذلک من أهم النتائج التی توصل الیه مؤتمر مالطا أن تتجاوز الثقافة الدبلوماسیة الابتکاریة الإطار الرسمی البروتوکولی الذی یتم فی سیاقه الدبلوماسیة التقلیدیة، فالدبلوماسیة التی نادى بها المؤتمر تعتمد على نظم الاتصال الحدیثة وهی بطبیعتها غیر رسمیة وتندرج تحت مفهوم الدبلوماسیة الشعبیة. الخاتمـة من خلال بحثنا فی الإطار القانونی للدبلوماسیة الشعبیة، توصلنا إلى العدید من الاستنتاجات والمقترحات من أبرزها ما یأتی: أولاً : الاستنتاجات
ثانیاً : المقترحات
The Authors declare That there is no conflict of interest
References (Arabic Translated to English) and References (English) The sources are in Arabic
First: dictionaries
1. Al-Munajjid in Language and Media, Maalouf Lewis, Dar Al-Mashreq, Beirut, Lebanon, 1997.
Second: books
2. Thamer Kamel Muhammad, Contemporary Diplomacy and Negotiation Management Strategy, 1st Edition, Dar Al Masirah for Publishing, Distribution and Printing, Amman, 2000.
3. Haider Ahmed Ali Al-Qutbi, Popular Diplomacy between Media, Propaganda and Psychological Warfare, Osama Publishing House, Amman, without a year of publication.
4. Khaled Mustafa Fahmy, Freedom of opinion and expression in the light of international conventions, national legislation, Islamic law, and crimes of opinion and expression, Dar Al Fikr Jamiy - Alexandria, 2012.
5. Smouhi Extraordinary, Dictionary of Diplomacy and International Relations, 2nd Edition, Library of Lebanon, Beirut, 1996.
6. Suhail Hussein Al-Fatlawi, Diplomacy between Theory and Practice, House of Culture for Publishing and Distribution, Amman, 2006.
7. Mr. Abu Attia, Diplomacy in the Time of Digital, Dar Al Fikr Al Jamia, Alexandria, 2018.
8. Mr. Amin Al-Shibli, On Contemporary Diplomacy, Dar Alam Al-Kutub Publishing, Cairo, 1997.
9. Shafiq Abdul Razzaq al-Samarrai, Diplomacy, first edition, The Open University, Tripoli, 2002.
10. Salah El-Din Abdel-Rahman Al-Doma, Introduction to the Science of International Relations, J Town Publishing and Printing, Khartoum, 2006.
11. Abbas Musa Mustafa, Lights on Popular Diplomacy, The Sudanese Journal, No. 4, 2005.
12. Abdel-Majid Hammadi Al-Issawi, Diplomatic Relations and their Role in Resolving International Conflicts, Dar Al-Fikr Al-Jamii, Alexandria, 2015.
13. Abdul Majeed Hammadi Al-Issawi, Diplomatic Relations and their Role in Resolving International Disputes, Dar Al-Fikr Al-Jamii, Alexandria, 2015, p. 34.
14. Atta Muhammad Salih Zahra, On Diplomatic Theory, first edition, Amman - Jordan, Majdalawi Publishing and Distribution House, 2004.
15. Ali Hussein Al-Shami, Diplomacy: its inception, rules, and the system of diplomatic immunities and privileges, House of Culture, Amman, 2009.
16. Ali Sadiq or Heif, Diplomatic Law, Mansha’at al-Maaref, Alexandria, third edition, 1975.
17. Ali Abdul Qawi Al Ghafari, Ancient and Contemporary Diplomacy, First Edition, Al Awael for Publishing, Distribution and Printing Services, Syria, 2002.
18. Imad Muhammad Al Hafeez, Cultural Diplomacy: Building and Civilization, First Edition, Dar Safaa for Publishing and Distribution, Amman, 2018
19- Lewis Diamond and Ambassador John MacDonald, Multi-track Diplomacy, A Systemic Approach to Peace, Translated into Arabic, Abdel Karim Nassif, Dar Al-Farqad for Printing, Publishing and Distribution, Syria - Damascus, 2017.
20. Muhammad Al-Majzoub, International Crisis Management in the Light of the Collective Security System, 1st Edition, Al-Halabi Human Rights Publications, Lebanon, 2014.
21- Muhammad Medhat Ghassan, International Legitimacy and Transparency in the Light of the Current International Order, 1st Edition, Dar Al Raya Publishing and Distribution, Jordan, 2013.
22. Muhammad Yusuf Alwan, d. Muhammad Khalil Al-Mousa, International Human Rights Law (Sources and Control Methods), Part One, First Edition, Third Edition, House of Culture, Amman.
23. Nagham Luqman Muhammad Al-Hayali, International Protection of the Right to Development, Modern University Office, Alexandria, 2017.
24. Jeffrey Elaine Begman, Contemporary Diplomacy, Representation and Communication in the World of Globalization, translated into Arabic by Dr. Muhammad Safwat Hassan, 1st Edition, Dar Al-Fajr for Publishing and Distribution, Cairo, 2014.
Third: Theses
1. Ahmad Muhammad Tozan, The shift in the legal concept of the right to self-determination between achieving independence and secession, PhD thesis, Faculty of Law - University of Damascus, 2013.
2. Bouderdaben Mounira, The Role of Informal Diplomacy in the Implementation of Foreign Policy - A Case Study of the United States, Master's Thesis, Faculty of Law - University of Constantine Mentouri, Algeria, 2009.
3. Dilmy Amal, International Legal Regulation of International Relations, Master Thesis, Faculty of Law - Mouloud Mammeri University - Tizi Ouzou, 2012.
4. Ziad Subhi Muhammad Al-Ghariz, The Role of Popular Diplomacy in Strengthening the International Position towards the Palestinian Issue, Master Thesis, Al-Aqsa University, 2015.
5. Zaid Riad Hani, Evaluation of the Media Function of the Iraqi Embassies, Master's Thesis, Middle East University - College of Mass Communication, 2011.
6. Sheikh Musa Ahmed Diwali, The Role of Civil Society Organizations in Building Peace - A Field Study in the Nineveh Plain for the period 2013-2014, Master's Thesis, University of Dohuk - College of Law and Political Science, 2015.
7. Saddam Ibrahim Sahweil, The future of Palestinian diplomatic representation in light of the problem of the state and the Palestine Liberation Organization, Master’s thesis, Management and Politics Academy for Graduate Studies - Al-Aqsa University, 2014.
8. Abdullah Fathi Abdullah Khojaly, Popular Diplomacy and its Effectiveness in Improving the Mental Image of Sudan, Master’s Thesis, Sudan University of Science and Technology - College of Communication Sciences, 2016.
9. Wissam Neamat Ibrahim Muhammad Al-Saadi, International Law Legislation, PhD thesis, College of Law - University of Mosul, 2011.
10. Walid Omran, The Means of Organizing External Relations (External Representation and Treaties), Master's Thesis, Faculty of Law, Constantine University, 2014.
Fourth: Researchs and legal studies
1. Dr. Karram Mohammed Al-Akhdar, Non-governmental diplomacy between the modernity of the concept and the effectiveness of influence, published research, Journal of Political and Law Notebooks, Algeria, thirteenth issue, 2015.
Fifth: International conventions, charters, declarations and conferences
1. Peace Decree Document 1918.
2. The Charter of the United Nations 1945.
3. Universal Declaration of Human Rights 1948.
4. International Covenant on Civil and Political Rights 1966.
5. International Covenant on Economic, Social and Cultural Rights 1966.
6. Montreal Convention 1967.
7. The Bellagio Conference 1973.
8. Madrid Peace Conference in the Middle East 1991.
9. Malta Conference 2012.
Sixth: Sources of the International Information Network
1. Ahmed Baraa, First Lady of Libya: | ||
References | ||
المصـادر المصادر بالغة العربیة أولاً : المعاجم
ثانیاً : الکتب
ثالثاً : الرسائل والأطاریح الجامعیة
رابعاً : البحوث والدراسات القانونیة
خامساً : الاتفاقیات والمواثیق والاعلانات والمؤتمرات الدولیة
سادساً : مصادر شبکة المعلومات الدولیة
https://www.youm7.com/story/2011/8/22/
تاریخ الزیارة 17/11/2018.
www.beyondintractability.org/essay/public
تاریخ الزیارة 12/12/2018.
http://egypthistory.net
تاریخ الزیارة 10/12/2018.
http://www.un.org/ar/universal-declaration-human-rights
تاریخ الزیارة 19/12/2018.
https://www.youtube.com/watch?v=udHafXCfRBU
تاریخ الزیارة 17/11/2018.
https://www.almasryalyoum.com/news/details/1318856
تاریخ الزیارة 16/11/2018
https://annabaa.org/arabic/authorsarticles
تاریخ الزیارة 19/12/2018.
تاریخ الزیارة 17/11/2018.
https://units.imamu.edu.sa/Conferences/smumc/Documents
تاریخ الزیارة 23/12/2018.
تاریخ الزیارة 18/3/2019.
((www.opendialogue.org، تاریخ الزیارة 17/11/2018..
تاریخ الزیارة 17/11/2018.
http://uscpublicdiplomacy.com/index.php/about/what_is_pd
تاریخ الزیارة 12/12/2018.
تاریخ الزیارة 21/12/2018.
http://www.unep.fr/ozonaction/information/mmcfiles
تاریخ الزیارة 23/12/2018.
20. public diplomacy، program description http//www.bakerinstitute.org / program 1.12.2018.
21. Yaginder Sikand، public diplomacy. http:/ www.contercurrents.org/us
تاریخ الزیارة 5/11/2018. سابعاً : المصادر الأجنبیة
| ||
Statistics Article View: 361 PDF Download: 366 |