المسؤولیة الجنائیة الدولیة بوصفها آلیة ردع لبناء السلام فی الشرق الأوسط | |||||||
الرافدین للحقوق | |||||||
Article 5, Volume 24, Issue 77, December 2021, Pages 130-180 PDF (991.22 K) | |||||||
Document Type: بحث | |||||||
DOI: 10.33899/alaw.2020.128351.1103 | |||||||
Author | |||||||
فتیحة خالدی* | |||||||
استاذ محاضر بجامعة البویرة-الجزائر | |||||||
Abstract | |||||||
تعد المسؤولیة الجنائیة الرکیزة الأساسیة فی أی نظام قانونی، وطنیا کان أو دولیا، نظرا لما تقره من ضمانات تکفل احترام حقوق الضحایا وتحقیق العدالة وبناء السلام والأمن بین الدول، خاصة وان القضاء الجنائی الدولی الدائم ممثلا فی المحکمة الجنائیة الدولیة أصبح واقعا ملموسا، یمکن بموجبه متابعة مجرمی الحرب عن انتهاکات قواعد القانون الدولی الإنسانی والقانون الدولی لحقوق الإنسان المرتکبة أثناء النزاعات الدولیة، حیث أکدت دیباجة اتفاق روما لإنشاء المحکمة الجنائیة الدولیة على ضرورة الحیلولة دون الرجوع إلى ارتکاب الفظائع التی سببتها الحروب وراح ضحیتها ملایین البشر، والتی لا تزال ترتکب یومیا ودون توقف فی جمیع أنحاء العالم وتشکل تهدیدا للسلم والأمن الدولیین. وتعد النزاعات الدولیة التی نشبت فی بعض دول الشرق الأوسط وأثرت على استقرار المنطقة من بین النزاعات التی خلف ارتکابها انتهاکات دولیة ترقى إلى مصاف الجرائم الدولیة، منها على الخصوص الانتهاکات الإسرائیلیة المرتکبة فی فلسطین، والانتهاکات المرتکبة من طرف قوات التحالف فی العراق، التی تکیّف على أنها جرائم دولیة تدخل فی اختصاص المحکمة الجنائیة الدولیة . غیر أن تفعیل اختصاص المحکمة الجنائیة الدولیة لمتابعة مرتکبی هذه الجرائم تعترضه عوائق سیاسیة وأخرى قانونیة، تسعى هذه الدراسة إلى توضیحها، بعد الوقوف على أهم تلک الانتهاکات التی تشکل جرائم دولیة وفقا لنظام روما الأساسی. | |||||||
Keywords | |||||||
المسؤولیة الجنائیة الدولیة; ؛المحکمة الجنائیة الدولیة الدائمة; ؛الجرائم الإسرائیلیة; ؛; ،; ؛الجرائم الدولیة المرتکبة فی العراق | |||||||
Full Text | |||||||
المسؤولیة الجنائیة الدولیة بوصفها آلیة ردع لبناء السلام فی الشرق الأوسط-(*)- International Criminal responsibility being a Deterrent Mechanism for Peace building in the Middle East
(*) أستلم البحث فی 13/9/2020 *** قبل للنشر فی 20/12/2020. (*) Received on 13/9/2020 *** accepted for publishing on20/12/2020. Doi: 10.33899/alaw.2020.128351.1103 © Authors, 2021, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license (http://creativecommons.org/licenses/by/4.0). المستخلص تعد المسؤولیة الجنائیة الرکیزة الأساسیة فی أی نظام قانونی، وطنیا کان أو دولیا، نظرا لما تقره من ضمانات تکفل احترام حقوق الضحایا وتحقیق العدالة وبناء السلام والأمن بین الدول، خاصة وان القضاء الجنائی الدولی الدائم ممثلا فی المحکمة الجنائیة الدولیة أصبح واقعا ملموسا، یمکن بموجبه متابعة مجرمی الحرب عن انتهاکات قواعد القانون الدولی الإنسانی والقانون الدولی لحقوق الإنسان المرتکبة أثناء النزاعات الدولیة، حیث أکدت دیباجة اتفاق روما لإنشاء المحکمة الجنائیة الدولیة على ضرورة الحیلولة دون الرجوع إلى ارتکاب الفظائع التی سببتها الحروب وراح ضحیتها ملایین البشر، والتی لا تزال ترتکب یومیا ودون توقف فی جمیع أنحاء العالم وتشکل تهدیدا للسلم والأمن الدولیین. وتعد النزاعات الدولیة التی نشبت فی بعض دول الشرق الأوسط وأثرت على استقرار المنطقة من بین النزاعات التی خلف ارتکابها انتهاکات دولیة ترقى إلى مصاف الجرائم الدولیة، منها على الخصوص الانتهاکات الإسرائیلیة المرتکبة فی فلسطین، والانتهاکات المرتکبة من طرف قوات التحالف فی العراق، التی تکیّف على أنها جرائم دولیة تدخل فی اختصاص المحکمة الجنائیة الدولیة . غیر أن تفعیل اختصاص المحکمة الجنائیة الدولیة لمتابعة مرتکبی هذه الجرائم تعترضه عوائق سیاسیة وأخرى قانونیة، تسعى هذه الدراسة إلى توضیحها، بعد الوقوف على أهم تلک الانتهاکات التی تشکل جرائم دولیة وفقا لنظام روما الأساسی. کلمات المفتاحیة: المسؤولیة الجنائیة الدولیة، المحکمة الجنائیة الدولیة الدائمة، الجرائم الإسرائیلیة، الجرائم الدولیة المرتکبة فی العراق. Abstract
المقدمـة تمثل العدالة الجنائیة مطلب المجتمع الدولی من منطلق مساءلة کل من ینتهک قواعد القانون الدولی الإنسانی وقواعد القانون الدولی لحقوق الإنسان، بارتکابه جرائم ضد الإنسانیة وجرائم إبادة وجرائم حرب، وجرائم عدوان، لذلک بات تفعیل المسؤولیة الجنائیة ضد مرتکبی الجرائم الدولیة یشکل آلیة ردعیة تساهم فی إحلال السلام فی ربوع العالم عامة، والشرق الأوسط على وجه الخصوص، الذی انتشرت النزاعات داخل بعض دوله، وأدت إلى ارتکاب جرائم دولیة بحق المدنیین. من هذا المنطلق تعد المسؤولیة الجنائیة وسیلة فعالة لمنع إفلات مرتکبی جرائم الحرب فی الشرق الاوسط من العقاب، وعلى رأسهم الانتهاکات الإسرائیلیة المرتکبة فی فلسطین والانتهاکات الأمریکیة البریطانیة المرتکبة اثناء غزو العراق سنة 2003، التی تکیف على انها جرائم حرب، اذ یمتد اختصاص المحکمة تأسیسا على نص المادة 25 من نظام روما الاساسی لیشمل المسؤولین والقادة الإسرائیلیین والأمریکیین کفاعلین أو آمرین بارتکاب جرائم الحرب دون الاعتداد بالحصانة والصفة الرسمیة . أهمیة الموضوع تکمن أهمیة تناول هذا الموضوع فی إبراز جرائم الحرب المرتکبة فی النزاعات التی نشبت فی الشرق الأوسط على اثر التدخلات الدولیة واحتلال بعض الدول کالعراق والانتهاکات المتعددة من طرف المحتل الإسرائیلی فی الأراضی الفلسطینیة، ودور العدالة الجنائیة الدولیة ممثلة فی المحکمة الجنائیة الدولیة فی مساءلة مرتکبی هذه الجرائم، وتأثیر ذلک على تحقیق السلام فی الشرق الأوسط، سیما بعد سعی فلسطین إلى تحقیق هذا المطلب بانضمامها إلى النظام الأساسی للمحکمة الجنائیة الدولیة ومحاولة تحریکها اختصاص المحکمة على الجرائم التی ارتکبتها و ترتکبها قوات الاحتلال الصهیونی فی فلسطین، هذا المطلب الذی تمنع تحقیقه عراقیل قانونیة وأخرى سیاسیة تأتی هذه الدراسة إلى توضیحها.
إشکالیة البحث بناء على ما تقدم فان المسؤولیة الجنائیة الدولیة وفق نظام روما الأساسی للقادة العسکریین والسیاسیین المتورطین فی ارتکاب جرائم حرب فی حق شعوب بعض دول الشرق الأوسط وعلى رأسها جرائم الحرب المرتکبة فی فلسطین والعراق، تمثل آلیة قضائیة دولیة لردع مرتکبی الجرائم الدولیة ومنع الإفلات من العقاب، ومن ثم إحلال السلام فی منطقة الشرق الأوسط، لذلک فان الإشکالیة التی ترتکز علیها هذه الدراسة تدور حول: هل یمکن للمسؤولیة الجنائیة الدولیة عن جرائم الحرب المرتکبة اثناء احتلال فلسطین والعراق، أن تکون آلیة ردع تساهم فی بناء السلام فی منطقة الشرق الأوسط فی ظل العقبات السیاسیة والقانونیة التی تعیق تفعیلها؟. أهداف البحث یهدف موضوع البحث إلى توضیح دور المساءلة الجنائیة ضد مرتکبی جرائم الحرب أثناء النزاعات المسلحة التی نشبت فی دول الشرق الأوسط، مسلطا الضوء على الانتهاکات المرتکبة أثناء احتلال العراق، والحرب الإسرائیلیة على الشعب الفلسطینی، وتأثیر ذلک على ردع هؤلاء، الذی یؤدی لا محالة إلى إحلال السلام والاستقرار فی منطقة الشرق الأوسط، ومن ثم یمکن حصر الهدف الأساسی من هذه الدراسة فی محاولة توضیح تأثیر عدم متابعة القادة الأمریکیین والإسرائیلیین مرتکبی جرائم الحرب فی فلسطین والعراق وإفلاتهم من العقاب على تحقیق السلام فی الشرق الأوسط، وکشف العوائق التی تمنع هذه المساءلة وبالتالی التمادی فی ارتکاب جرائم دولیة أخرى فی المنطقة. فرضیة البحث یشکل قیام المسؤولیة الجنائیة الدولیة على جرائم الحرب المرتکبة أثناء احتلال فلسطین والعراق کأهم انتهاکات أثرت على استقرار منطقة الشرق الأوسط، آلیة مهمة للردع تساهم فی منع الإفلات من العقاب ومن ثم بناء السلام فی المنطقة، لکن تفعیل ذلک لیس بالأمر الهین أمام العوائق السیاسیة والقانونیة التی تعترض تفعیل اختصاص المحکمة الجنائیة الدولیة الدائمة. منهجیة البحث لمعالجة الموضوع وعرض الأفکار المتعلقة به اعتمدنا بشکل أساسی المنهج الاستقرائی الوصفی من خلال عرض الانتهاکات الإسرائیلیة فی فلسطین والأمریکیة أثناء الحرب على العراق المشکلة لجرائم حرب، وهی معلومات تم استقراؤها من الکتب والبحوث والرسائل الجامعیة وغیرها، اضافة الى المنهج التحلیلی من خلال استقراء النصوص القانونیة ذات الصلة بالموضوع لأجل توضیح أهم المعوقات والأسباب الکامنة وراء تعثر القضاء الجنائی الدولی الدائم ممثلا فی المحکمة الجنائیة الدولیة لحد الآن فی ممارسة اختصاصها على جرائم الحرب المرتکبة فی فلسطین والعراق لوضع حد للإفلات من العقاب. خطة البحث للإجابة عن الإشکال المطروح آثرنا إتباع المنهجیة الآتیة: المبحث الأول: إثارة المسؤولیة الجنائیة الدولیة عن جرائم الحرب المرتکبة فی الشرق الأوسط المطلب الأول: الانتهاکات الإسرائیلیة المشکلة لجرائم الحرب فی فلسطین المطلب الثانی: الانتهاکات الأمریکیة المشکلة لجرائم الحرب أثناء احتلال العراق(2003-2011) المبحث الثانی: معوقات تفعیل المسؤولیة الجنائیة الدولیة فی مواجهة جرائم الحرب المرتکبة فی الشرق الأوسط المطلب الأول: المعوقات القانونیة لتفعیل اختصاص المحکمة الجنائیة المطلب الثانی: المعوقات السیاسیة لتفعیل اختصاص المحکمة الجنائیة
المبحث الأول إثارة المسؤولیة الجنائیة الدولیة عن جرائم الحرب المرتکبة فی الشرق الأوسط شکلت الانتهاکات المرتکبة فی النزاعات التی دارت فی بعض دول الشرق الأوسط جرائم حرب دولیة، وعلى الخصوص الانتهاکات المتکررة المرتکبة من طرف قادة الکیان الصهیونی بحق الشعب الفلسطینی والانتهاکات الدولیة التی ارتکبتها قوات التحالف أثناء احتلالها للعراق والتی تکیف بأنها جرائم حرب تدخل فی اختصاص المحکمة الجنائیة الدولیة تترتب عنها المسؤولیة الجنائیة الدولیة، ویتعلق الأمر بالانتهاکات المرتکبة بعد الأول من جویلیة سنة 2002 تاریخ نفاذ النظام الأساسی للمحکمة، لذلک نعرض أهم الانتهاکات المرتکبة أثناء احتلال فلسطین والعراق التی تکیف على أنها جرائم حرب تستدعی قیام المسؤولیة الجنائیة الدولیة. المطلب الأول الانتهاکات الإسرائیلیة المشکلة لجرائم الحرب فی فلسطین قسم النظام الأساسی للمحکمة الجنائیة الدولیة الدائمة جرائم الحرب إلى ستة أقسام، تتعلق أربعة منها بالنزاعات المسلحة غیر ذات الطابع الدولی، ویتعلق القسمان المتبقیان بالانتهاکات المرتکبة أثناء النزاعات الدولیة، وهی الأفعال المجرمة التی تختص بها المحکمة الجنائیة الدولیة، عندما ترتکب فی إطار خطة أو سیاسة عامة أو فی إطار عملیة ارتکاب واسعة النطاق([1]). ولما کان النزاع الفلسطینی الإسرائیلی یصنف ضمن النزاعات المسلحة الدولیة تطبیقا لنص المادة الأولى من برتوکول جنیف الإضافی الأول لسنة 1977، نتناول الأفعال المکونة لجرائم الحرب المتعلقة بالانتهاکات الإسرائیلیة المرتکبة ضد الأشخاص والممتلکات الفلسطینیة المحمیة بموجب اتفاقیات جنیف الأربع لسنة 1949، وکل الانتهاکات الخطیرة للقوانین والأعراف الساریة على المنازعات الدولیة المسلحة، و التی تدخل فی اختصاص المحکمة الجنائیة الدولیة. الفرع الأول الانتهاکات الجسیمة ضد الأشخاص أو الممتلکات الذین تحمیهم اتفاقیات جنیف الأربع لسنة 1949 تشمل الانتهاکات الجسیمة المرتکبة ضد الأشخاص أو الممتلکات المحمیة بموجب اتفاقیات جنیف الأربع والمنفذة فی إطار خطة أو عملیة ارتکاب واسعة النطاق وفقا لنص المادة الثامنة من النظام الأساسی للمحکمة الجنائیة الدولیة، القتل العمد، والتدمیر الواسع النطاق للممتلکات والاستیلاء علیها والمعاملة اللاإنسانیة وإجراء التجارب البیولوجیة وتعمد إحداث معاناة شدیدة أو إلحاق أذى خطیر بالجسم والصحة، وانتهاک حقوق الأسرى ...([2])، حیث ارتکبت القوات الإسرائیلیة فی سیاق النزاع المسلح الدولی الإسرائیلی الفلسطینی انتهاکات جسیمة ضد الأشخاص الفلسطینیین وممتلکاتهم التی تحمیها اتفاقیات جنیف الأربع والموصوفة بأنها جرائم حرب وفق نظام روما الأساسی، لذلک نأتی إلى ذکر أهم صورها مع توضیح أرکان کل جریمة على حدا، ثم تطبیق ذلک على الانتهاکات الإسرائیلیة المشکلة لجرائم حرب . أولا: جریمة القتل العمد حظرت المواثیق والاتفاقیات الدولیة الاعتداء على الحق فی الحیاة، لذلک نص النظام الأساسی للمحکمة الجنائیة الدولیة على جریمة القتل العمد فی مقدمة جمیع الجرائم المنصوص علیها، ومنها جریمة الحرب فی نص المادة (8/2/أ/ بند 1)عندما یرتکب القتل فی إطار خطة أو سیاسة عامة أو فی إطار عملیة واسعة النطاق([3]). ولقیام جریمة القتل العمد کجریمة حرب، یجب توفر رکنها المادی المتمثل فی قیام الفاعل بقتل شخصا أو أکثر من الفئات المشمولة بالحمایة بموجب اتفاقیات جنیف لسنة 1949 والبرتوکول الأول الملحق لسنة 1977([4])، أو یشرع فی ذلک، فی إطار خطة أو سیاسة عامة أو فی إطار عملیة ارتکاب واسعة النطاق، أما الرکن الثانی یتمثل فی الرکن المعنوی، والمتضمن قصد الجانی وعلمه بقتله فئات محظور قتلها وفقا للاتفاقیات الدولیة المذکورة ذات الصلة، وقد حددت وثیقة أرکان الجرائم لنظام المحکمة الجنائیة الدولیة أرکان جریمة القتل العمد باعتبارها جریمة حرب بـــ([5]): - أن یقتل مرتکب الجریمة شخصا واحدا أو أکثر - أن یکون ذلک الشخص أو أولئک الأشخاص ممن تشملهم بالحمایة اتفاقیة أو أکثر من اتفاقیات جنیف لعام 1949. - أن یکون مرتکب الجریمة على علم بالظروف الواقعیة التی تثبت ذلک الوضع المحمی - أن یصدر السلوک فی سیاق نزاع مسلح دولی ویکون مقترنا به - أن یکون مرتکب الجریمة على علم بالظروف الواقعیة التی تثبت وجود نزاع مسلح. وبرغم تحریم القتل العمد کجریمة حرب ارتکب الجیش الإسرائیلی القتل على نطاق واسع من خلال إطلاق النار العشوائی على المدنیین خلال انتفاضة الأقصى واحتلاله مدن الضفة الغربیة، وکذا التعذیب والإعدام خارج القانون الممارس کسیاسة حکومیة رسمیة أجازه القانون الإسرائیلی دون أی اعتبار للقیم الإنسانیة والمواثیق الدولیة، حیث ارتکبت القوات الإسرائیلیة فی الفترة الممتدة من 27/12/2007 إلى 18/12/2009، مجازر مروعة بحق الأطفال والنساء وجمیع الفئات، من خلال شنها هجوما جویا وبحریا واسع النطاق سمی" عملیة الرصاص المصبوب"، إذ أشار المرکز الفلسطینی لحقوق الإنسان إلى قتل 1419 فلسطینیا([6]). وفی حملة القصف التی شنتها قوات الاحتلال على قطاع غزة سنة 2014 قصفت الطائرات الإسرائیلیة المنازل والتجمعات واستخدمت المواطنین کدروع بشریة، فمن بین هذه الاعتداءات نذکر قصف تجمع المواطنین فی سوق" البسطات" الذی یوجد فی حی "الشجاعیة" شرق مدینة غزة بتاریخ 30/07/2014، خلف استشهاد وإصابة عدد کبیر من المواطنین، ولم تنجُ أطقم الإسعاف والدفاع المدنی والصحفیین الذین هرعوا لمکان القصف، والذین باغتهم قصف اخر لطیران المحتل بستة صواریخ، مما أدى إلى مضاعفة عدد القتلى والجرحى ([7]). کما أکدت لجنة تقصی الحقائق للأمم المتحدة بأنها حققت فی عشرة أحداث شنت فیها القوات المسلحة الإسرائیلیة هجمات مباشرة على المدنیین، ووجدت انه لم یکن هناک ای هدف عسکری یبرر تلک الهجمات، بل أن سلطات الاحتلال کانت تسیطر على المناطق التی وقع فیها الهجوم، وخلصت البعثة إلى أن جمیع الحوادث استهدفت قتل المدنیین عمدا وإحداث معاناة لهم وهو ما یشکل انتهاکا وخرقا لاتفاقیة جنیف الرابعة ([8]) . ثانیا: إحداث معاناة شدیدة أو إلحاق أذى خطیر بالجسم والصحة یشکل إحداث معاناة شدیدة أو إلحاق أذى خطیر بجسم أو صحة الأشخاص المشمولین بالحمایة أثناء النزاعات المسلحة الدولیة انتهاکا جسیما لاتفاقیات جنیف الأربع، یعتبر جریمة حرب وفق نص المادة(8/2/أ/بند3)، حیث یتمثل رکنها المادی فی ارتکاب الجانی أفعالا تحدث معاناة شدیدة للأشخاص المشمولین بالحمایة بدافع الکراهیة والانتقام، سواء کان فعل الجانی مادیا أو معنویا کإخبار الضحیة أخبارا سیئة أو تقدیم(حذف) معلومات کاذبة تؤدی إلى إحداث معاناة شدیدة له، وأیضا ممارسة الجانی لأی تصرف على جسم الضحیة أو صحته یؤدی إلى إصابته بأذى خطیر، کتقدیم (حذف) وجبات غیر صحیة أو ممارسة الضرب علیهم...وغیرها([9]). أما الرکن المعنوی الذی یشترط توافره لقیام الجریمة المذکورة فیتمثل فی تعمد الجانی عن علم وإدراک منه بالظروف الواقعیة التی تثبت الوضع المحمی، أی إحداث معاناة شدیدة أو إلحاق أذى خطیر بصحة أو جسم الأشخاص المشمولین بحمایة اتفاقیات جنیف الأربعة التی سبقت الإشارة إلیهم، وان یکون على علم بالظروف الواقعیة التی تثبت وجود نزاع مسلح([10]). تطبیقا على ما سبق ارتکبت إسرائیل الجریمة المذکورة من خلال استخدامها للأسلحة المحرمة دولیا کالرصاص المتفجر(دمدم) الذی یلحق أذی بالصحة خاصة على الأطفال، والرصاص المصبوب فی حربها على غزة سنة2008، لذلک منعت استخدامه خلال النزاعات المسلحة اتفاقیة حظر استعمال الرصاص القابل للانتشار والتمدد فی الجسم بسهولة المؤرخة فی 19/07/1899([11]). ثالثا: جریمة الإبعاد أو النقل غیر المشروعین للسکان یقصد بالإبعاد أو النقل غیر المشروعین ترحیل الأشخاص المحمیین بموجب اتفاقیة جنیف الرابعة لعام 1949([12]) إلى أماکن أخرى تبعد عن أوطانهم لأی سبب کان، ما عدا إذا کان إبعادهم مؤقتا لسبب امنی مشروع، بفعل خطر محدق بهم کوجود عملیات عسکریة فی تلک المناطق أو أمراض وأوبئة معدیة، بحیث یعودون إلى دیارهم بمجرد زوال الخطر. وعلیه نص النظام الأساسی للمحکمة الجنائیة الدولیة الدائمة على اعتبار هذه الجریمة جریمة حرب فی المادة (8/2/أ/ بند 7)، بحیث یتمثل رکنها المادی فی قیام الجانی أثناء النزاع المسلح بنقل او إبعاد الأشخاص المحمیین من موطنهم إلى أماکن أخرى سواء داخل دولتهم او خارجها دون سبب مشروع، فی حین ینصرف رکنها المعنوی، الى عنصری العلم والإرادة، أی أن یرتکب الجانی فعل الإبعاد والنقل وهو عالم مدرک بان ما یقوم به مخالف للقانون، کأن یکون غرضه من النقل والإبعاد إحلال رعایا الدولة المحتلة مکان الأشخاص الذین تم نقلهم أو إبعادهم بطریقة غیر مشروعة([13]). بالاعتماد على ما سبق ارتکب الاحتلال الإسرائیلی جرائم الإبعاد والنقل القسری بحق الشعب الفلسطینی والمتمثل فی التهجیر الجماعی للسکان بهدف التغییر الدیموغرافی للأراضی المحتلة، وقد استخدمت فی ذلک عدة وسائل منها تدمیر الممتلکات ومصادرة الأراضی من أصحابها وممارسة الضغوط على السکان بغرض دفعهم لترک منازلهم والهجرة دون رجعة، وکذلک التهجیر الفردی إلى خارج الأراضی المحتلة، أی الإبعاد الفردی للشخصیات المهنیة والنقابیة والاجتماعیة والسیاسیة والدینیة، وأیضا التهجیر الفردی داخل الأراضی المحتلة أی بین المحافظات خاصة بین المحافظات الشمالیة وقطاع غزة([14]). وکنموذج لارتکاب إسرائیل جریمة الإبعاد، إبعاد أفراد المقاومة الفلسطینیة وعائلاتهم من الضفة الغربیة إلى قطاع غزة خلال انتفاضة الأقصى عند اجتیاحها مدن الضفة الغربیة ضمن عملیة "السور الواقی" فی مارس 2002([15]).
الفرع الثانی الانتهاکات الخطیرة للقوانین والأعراف الساریة على المنازعات الدولیة المسلحة یتعلق الأمر بالانتهاکات الخطیرة لاتفاقیة لاهای الرابعة لسنة 1907 والبرتوکول الإضافی الأول لاتفاقیات جنیف، والاتفاقیات التی تحظر بعض الأسلحة کالاتفاقیات المتعلقة بحظر استخدام الأسلحة المحرمة دولیا، إذ یعد جریمة دولیة تدخل فی اختصاص المحکمة الجنائیة الدولیة تعمد توجیه هجمات ضد السکان المدنیین والمواقع المدنیة أو ضد الموظفین والمنشآت الخاصة بمهام المساعدة الإنسانیة، بالإضافة الاستیطان والإبعاد والاغتیالات واستخدام الرصاص المتمدد والأسلحة والقذائف العشوائیة والمعاملة المهینة والاغتصاب وتعمد تجویع المدنیین([16]). أولا : جریمة تعمد توجیه هجمات ضد السکان المدنیین بصفتهم هذه أو ضد أفراد مدنیین لا یشارکون مباشرة فی الأعمال الحربیة یمثل الرکن المادی لجریمة تعمد توجیه هجمات ضد السکان المدنیین بصفتهم هذه أو ضد أفراد مدنیین لا یشارکون مباشرة فی الأعمال الحربیة، فی توجیه القوات المسلحة لهجوم ضد السکان المدنیین، وهم مجموع الأشخاص الذین لا یشارکون فی الأعمال القتالیة، لذلک یتمتعون بالحمایة ما لم یقوموا بدور مباشر فی الأعمال العدائیة وفقا لنص المادة 51/ف 3 من البرتوکول الإضافی الأول التی نصت على ان: "یتمتع الأشخاص المدنیون بالحمایة التی یوفرها هذا القسم ما لم یقوموا بدور مباشر فی الأعمال العدائیة وعلى مدى الوقت الذی یقومون خلاله بهذا الدور"، لذلک حظرت الفقرة الرابعة من نفس المادة الهجوم العشوائی على الأشخاص المدنیین بالنص على: " تعتبر هجمات عشوائیة : أ. تلک التی لا توجه إلى هدف عسکری محدد. ب. أو تلک التی تستخدم طریقة او وسیلة للقتال لا یمکن أن توجه إلى هدف محدد. ج. أو تلک التی تستخدم طریقة أو وسیلة للقتال لا یمکن حصر آثارها على النحو الذی یتطلبه هذا البرتوکول، ومن ثم فان من شانها أن تصیب فی کل حالة کهذه، الأهداف العسکریة والأشخاص المدنیین أو الأعیان المدنیة دون تمیز"، وأضافت الفقرة الخامسة من المادة 51 إلى أنواع الهجمات العشوائیة، الهجوم قصفا بالقنابل أیا کانت الطرق والوسائل، وأیضا والهجوم الذی یمکن أن یتوقع منه أن یسبب خسارة فی أرواح المدنیین أو أضرارا بالأعیان المدنیة([17]). أما الرکن المعنوی لهذه الجریمة فیتمثل فی تعمد مرتکب الجریمة جعل السکان المدنیین بصفتهم هذه أو الأشخاص الذین لا یشارکون فی الأعمال الحربیة هدفا للهجوم، أی یجب أن یقصد مرتکب الفعل ذلک لتقوم الجریمة، وهو ما أشارت إلیه وثیقة أرکان الجرائم للمحکمة الجنائیة الدولیة من أن أرکان جریمة الحرب المتمثلة فی الهجوم على المدنیین : - توجیه مرتکب الجریمة هجوما - أن یکون هدف الهجوم سکانا مدنیین بصفتهم هذه أو أفرادا مدنیین لا یشارکون مباشرة فی الأعمال الحربیة - أن یتعمد مرتکب الجریمة جعل هدف الهجوم السکان المدنیین بصفتهم هذه أو..... - أن یصدر السلوک فی سیاق نزاع مسلح دولی ویکون مقترنا به - أن یکون مرتکب الجریمة على علم بالظروف الواقعیة التی تثبت وجود نزاع مسلح. وتطبیقا لما سبق، تعمدت سلطات الاحتلال الصهیونی ارتکاب جریمة حرب متمثلة فی الهجمات العشوائیة على السکان المدنیین والأعیان المدنیة، ففی الحادثة الأکثر دمویة فی تاریخ قطاع غزة أغارت 60 طائرة إسرائیلیة بتاریخ 27/12/2008 فی الساعة الحادیة عشر صباحا، ونفذت 250 غارة جویة على منشآت من المبانی والأعیان المدنیة والأمنیة فی عملیة أطلق علیها تسمیة (الرصاص المصبوب)، لیستمر الاعتداء إلى غایة یوم 18/01/2009، وقد کانت النتیجة مروعة، حیث قتل خلال مدة (23) یوما من الاعتداء حوالی(1419) شخصا من المدنیین من بینهم (318) طفلا و(111) امرأة و(249) عنصرا من عناصر الشرطة المدنیة من غیر الضالعین فی العملیات الحربیة، إضافة إلى التدمیر الکلی والجزئی لعدد هائل من المنازل([18]). من جهتها حققت بعثة تقصی الحقائق الذی أسسها مجلس حقوق الإنسان بتاریخ 12/01/2009، فی (11) هجوم شنته قوات الاحتلال على غزة (حذف)أسفر عن سقوط عدد هائل من القتلى والجرحى وتدمیر المنشآت والممتلکات والمبانی الحکومیة بالإضافة إلى التدمیر الواسع لأساسیات الحیاة، مما یعنی عدم التزام إسرائیل باتخاذ الاحتیاطات الضروریة لحمایة المدنیین فی قطاع غزة بما فیه الالتزام بتوجیه إنذار فعال ومسبق بالهجمات، وهو ما یعد توثیقا قانونیا لجرائم الحرب المرتکبة فی قطاع غزة یمکن الاستناد علیه لقیام المسؤولیة الجنائیة الدولیة لمرتکبی الجرائم فی فلسطین([19]). وقد أکدت شهادات أدلى بها جنود إسرائیلیون خلال المؤتمر الذی عقدته المدرسة التحضیریة العسکریة فی کلیة "اورانیم" شمال إسرائیل فی 03/02/2009، عن ارتکابهم جرائم قتل أثناء الحرب على غزة وإطلاقهم النار بشکل عشوائی ومتعمد دون تحذیر للسکان بهدف إخلاء المساکن، وهذا بعد تلقی الأوامر من قادتهم العسکریین([20]). وأثناء عدوانها على قطاع غزة سنة 2014 تعمدت قوات الاحتلال قصف المنازل مع علمها بوجود مدنیین فی داخلها، إذ أشارت الإحصائیات إلى تدمیر "8377" منزلا بالکامل، وتعرض ما یقارب " 23597" منزل للتدمیر الجزئی، الأمر الذی أدى إلى استشهاد المئات وهجر الذین تبقوا على قید الحیاة لمنازلهم قسرا، وکأمثلة على ذلک نذکر([21]).: - قصف منزل عائلة البطش بتاریخ 12/07/2014 فی حی التفاح شرق غزة، وتم تدمیره بالکامل. - قصف بنایات متعددة الطوابق فی قطاع غزة. - قصف بنایة الدالی السکنیة بأربعة طوابق الواقعة وسط خان یونس بتاریخ 29/07/2014، نتج عنه تدمیرها بالکامل وتضرر المنازل المجاورة. ثالثا :استخدام الأسلحة المحظورة دولیا یجد استخدام الأسلحة المحظورة دولیا أساسه القانونی کجرائم حرب فی المادة 8/2/ب/بند 17،18،19،20 من النظام الأساسی للمحکمة الجنائیة الدولیة([22])، یتمثل رکنها المادی فی قیام مرتکب الجریمة باستخدام السلاح المحظور بموجب الاتفاقیات والبرتوکولات الدولیة المعنیة فی سیاق نزاع مسلح، والمتمثل فی السموم والأسلحة المسممة أو الغازات الخانقة أو السامة أو الرصاص الذی یتمدد وبتسطح فی الجسم البشری أو الأسلحة والقذائف أو المواد أو الأسالیب الحربیة التی تسبب بطبیعتها إضرارا أو آلاما لا لزوم لها...ویتمثل رکنها المعنوی فی علم مرتکب الجریمة بالظروف الواقعیة التی تثبت وجود نزاع مسلح([23]). ارتکبت القوات الإسرائیلیة هذه الجریمة من خلال استخدامها فی عدوانها على غزة الأسلحة التدمیریة المحظورة دولیا، ومن بینها قنابل الفسفور الأبیض المحظورة بموجب البرتوکول الثالث الملحق بالمعاهدة الدولیة حول حظر بعض الأسلحة التقلیدیة لسنة 1983، حیث استعمل هذا السلاح بکثافة ضد الفلسطینیین فی مناطق آهلة بالسکان، والقنابل الوقودیة الهوائیة وقنابل الحرارة والضغط الفراغیة، وقنابل الکثافة المعدنیة الخاملة (دایم)([24]). وتثبت درجات الحروق وإصابات المدنیین فی العظام آثار استخدام تلک الأسلحة، وخیر مثال على ذلک حالة الطفل "لؤی" الذی فقد عینیه من تأثیر الفسفور الأبیض التی تضاف إلى حالات کثیرة حیرت الأطباء الذین اتفقوا على جسامة الإصابات غیر المألوفة لدیهم وهو ما أکدته صحیفة "التایمز" البریطانیة التی نشرت مقالا بعنوان "الشظایا والقنابل تثبت استخدام الاحتلال للفسفور الأبیض" حیث أوضحت أن الجیش الإسرائیلی یستخدم هذه القنابل تحت إثارة ستارة من الدخان فی میدان القتال من اجل السماح للقوات البریة التحرک دون مقاومة، کما استخدم الجیش الإسرائیلی خلال عملیتی السور الواقی فی الضفة سنة 2002، وفی غزة 2008 الرصاص المصبوب، وأثناء انتفاضة الأقصى استخدم الرصاص القابل للانتشار أو التمدد، بالإضافة إلى الاستخدام المتکرر وعلى نطاق واسع للغازات السامة المسیلة للدموع لتفریق المتظاهرین([25]). بالإضافة إلى استخدام إسرائیل فی حربها على الشعب الفلسطینی قنابل ارتجاجیة تسبب نوعا من الزلزال وتدمر الأنفاق التی بناها الفلسطینیون من اجل تهریب السلاح، خاصة على امتداد الشریط الحدودی مع مصر قصد تدمیر الأنفاق بمنطقة جنوب رفح، وقد أحدثت خسائر وتصدعات فی بیوت وممتلکات الفلسطینیین القریبة من أماکن وضعها، وأیضا استخدمت إسرائیل قنابل الیورانیوم التی تسبب الأمراض السرطانیة حالیا وعلى الأمد الطویل بعد 50 سنة على الأقل، وأیضا القنابل العنقودیة والأسلحة الکیماویة التی استخدمتها بکثرة فی حربها على غزة([26]). رابعا : جریمة تعمد تجویع المدنیین کأسلوب من أسالیب الحرب بحرمانهم من المواد التی لا غنى عنها لبقائهم، بما فی ذلک تعمد عرقلة الإمدادات الاغاثیة على النحو المنصوص علیه فی اتفاقیات جنیف حظرت قواعد القانون الدولی الإنسانی تجویع المدنیین کأسلوب من أسالیب الحرب عن طریق حرمانهم من المواد التی لا غنى عنها لبقائهم، بما فیه تعمد عرقلة الإمدادات الاغاثیة، وأوجبت على دولة الاحتلال تزوید السکان الواقعین تحت احتلالها بالمؤن الغذائیة والإمدادات الطبی، وان تستورد ما یلزم من الأغذیة والمعدات الطبیة إذا لم تکن مواد الأراضی المحتلة کافیة([27]). نصت المادة (8/2/ب/بند 25 ) على جریمة التجویع کأسلوب من أسالیب الحرب، حیث یتجسد رکنها المادی فی تعمد الجانی تجویع المدنیین کأسلوب من أسالیب الحرب بحرمانهم من مواد لا غنى عنها لبقائهم على قید الحیاة، على ان یصدر السلوک فی سیاق نزاع مسلح دولی ویکون مقترنا به، اما الرکن المعنوی لقیام الجریمة المذکورة فیتمثل فی علم مرتکب الجریمة بالظروف الواقعیة التی تثبت وجود نزاع مسلح ([28]). وقد شنت سلطات المحتل الصهیونی ثلاثة حروب همجیة متتالیة فی غزة من عام 2008 إلى 2014 ارتکبت خلال جریمة تجویع المدنیین، حیث قامت بمنع وصول المساعدات الإنسانیة ومنظمات الإغاثة إلى الجرحى والمرضى من المدنیین، ضف إلى ذلک تدمیر العشرات من المستشفیات والمساجد والمدارس، وهو ما أکده تقریر بعثة الأمم المتحدة لتقصی الحقائق، من أن سلطات الاحتلال تعمدت تدمیر أهداف مدنیة، مما یشکل انتهاکا لقواعد القانون الدولی الإنسانی([29]) . وقد تسبب الحصار المفروض على الأراضی المحتلة خاصة قطاع غزة، الذی یخضع للحصار منذ أکتوبر 2000 بعد أیام من اندلاع انتفاضة الأقصى الثانیة، فی انتشار الأمراض والأوبئة سیما عند الأطفال، رغم أن المادة (54/ف1 و2) من برتوکول جنیف الأول تحرم استخدام التجویع کوسیلة من وسائل الحرب، وتدمیر وتعطیل الأعیان والمواد التی لا غنى عنها لبقاء السکان المدنیین کالمناطق الزراعیة والمحاصیل والماشیة ومرافق میاه الشرب وأشغال الری وغیرها([30]). وبذلک تخالف إسرائیل بحصارها للقطاع التزاماتها الدولیة کدولة احتلال، وهو ما أکده مقرر الأمم المتحدة المعنی بحالة حقوق الإنسان فی الأراضی الفلسطینیة "ریتشارد فولک" بقوله:" أن الحصار على قطاع غزة غیر مشروع، ویشکل ممارسة ممنهجة من العقوبات الجماعیة المفروضة على السکان المدنیین، وحتى فی الحالات والظروف التی یتم فیها التخفیف من الحصار، فان سماته الأساسیة قائمة وتستمر معه المشقات والمخاطر التی یتعرض لها سکان غزة المدنیون"، وهو ما یشیر الى ارتکاب إسرائیل لجرائم حرب بأمر وقرارات متعمدة من القیادة السیاسیة والعسکریة للدولة([31]). خامسا: تعمد توجیه هجمات ضد المبانی والمواد والوحدات الطبیة ووسائل النقل والأفراد من مستعملی الشعارات الممیزة تمثل المبانی والمواد والوحدات الطبیة ووسائل النقل وغیرها، أعیانا طبیة محمیة بموجب قواعد القانون الدولی الإنسانی ([32])، ویشکل الاعتداء علیها جریمة حرب بموجب نص المادة 8/2/ب/بند24 من نظام روما الأساسی تترتب عنها المسؤولیة الجنائیة الدولیة، یتمثل رکنها المادی فی توجیه الجانی هجومه الى المنشآت والوحدات العسکریة او المدنیة التی خصصت لأغراض طبیة، سواء کانت ثابتة او متحرکة، کالمستشفیات ومراکز نقل الدم ومراکز ومعاهد الطب الوقائی والمستودعات والمخازن الطبیة والصیدلانیة، وتمتد الحمایة لوسائل النقل المخصصة لنقل الجرحى والمرضى والمنکوبین، وکذا أفراد الهیئات الطبیة ورجال الدین مستخدمی الشارات الممیزة ([33]). الشعارات أم الشارات؟ وباعتبار الجریمة المذکورة جریمة عمدیة یشترط لقیامها توفر رکنها المعنوی، إذ یجب أن یقصد الجانی عن علم منه وإدراک بان الهجمات موجهة ضد المبانی والمواد والوحدات الطبیة ووسائل النقل والأفراد من مستعملی الشعارات الممیزة، أی یکون عالما بالظروف الواقعیة التی تثبت وجود نزاع مسلح([34]) . بناء على ما سبق قامت سلطات الاحتلال الإسرائیلیة بقمع قوافل الإغاثة الموجهة لقطاع غزة لکسر الحصار، ووصل الأمر لحد الاعتداء علیهم باستـخدام الأسلحة ومنع وصول المؤونة والمساعدات الإنسانیة وعرقلة الإمدادات الغوثیة، وبالتالی منع تامین المتطلبات الیومیة للمدنیین وهو ما یخالف أحکام قواعد القانون الدولی الإنسانی. ارتکبت القوات الإسرائیلیة الجریمة المشار إلیها أعلاه من خلال هجومها على أسطول الحریة -الذی کان متجها الى قطاع غزة محملا بمساعدات إنسانیة لسکان غزة المحاصرة- فی أعالی البحار على بعد 70 میلا بحریا من الشواطئ الفلسطینیة وقتلها تسعة من رکاب سفینة "مرمرة" وإصابة خمسین آخرین من الناشطین الحقوقیین المتواجدین على متن الأسطول الذین یحملون جنسیات دول مختلفة واعتقال البعض الآخر وحجز المساعدات التی کانت على متنه، وبذلک تکون القوات الإسرائیلیة قد اعتدت على فئات محمیة بموجب اتفاقیات جنیف الأربع لسنة 1949([35]). وأثناء عدوان (2014) على غزة استهدفت القوات الإسرائیلیة أعضاء الفرق الطبیة وعمال الإغاثة الإنسانیة، وأعاقت وصولهم إلى القتلى والجرحى، حیث توفی ثلاثة عشر من المسعفین وطواقم الإسعاف أثناء قیامهم بعملهم فی المیدان، بواسطة قصفهم بالمدفعیة والصواریخ([36]). بناء على ما سبق، تشکل الجرائم المرتکبة ضد المدنیین فی قطاع غزة، انتهاکات جسیمة ترقى إلى جرائم حرب تولد المسؤولیة الدولیة لمرتکبیها، وهو ما أکده تقریر "غولدستون" رئیس بعثة تقصی الحقائق الذی أسسها مجلس حقوق الإنسان بتاریخ 12/01/2009 بعد العدوان الإسرائیلی على غزة بین 27/12/2008 و18/01/2014، حیث بیّن جرائم الحرب المرتکبة ضد المدنیین فی تلک الفترة، التی راح ضحیتها من 1387 إلى 1417 قتیلا نتیجة الهجمات العشوائیة المتعمدة على المدنیین واستخدام أسلحة محظورة دولیا، وعدم الالتزام باتخاذ احتیاطات لحمایة المدنیین والحصار المفروض على قطاع غزة، وهو ما یعتبر دلیلا قانونیا یمکن للمحکمة الجنائیة الدولیة الاستناد علیة لمتابعة واتهام مرتکبی هذه الجرائم([37]). غیر انه نظرا للحصانة التی یتمتع بها مجرمو الحرب الإسرائیلیون الآمرون والمنفذون للجرائم المذکورة أعلاه والممنوحة لهم بموجب تشریعات بلدهم وعدم إظهار دولة إسرائیل لأی جدیة فی التعاون مع لجان التحقیق الأممیة وعدم تنفیذ توصیاتها، وکذا الامتناع عن التحقیق مع الجناة وتقدیمهم للمحاکمة، مما یعد هذا الأمر تقاعسا یمنح الاختصاص التکمیلی للمحکمة الجنائیة الدولیة لبسط ولایتها القضائیة على الجرائم المرتکبة فی فلسطین بالاستناد على المسؤولیة الجنائیة الفردیة للقادة السیاسیین والعسکریین الذین ارتکبوا جرائم حرب تدخل فی اختصاص المحکمة، خاصة بعد انضمام فلسطین فی 31/12/2014 إلى النظام الأساسی للمحکمة الجنائیة الدولیة([38])، ثم إیداعها بتاریخ02/01/2015 صک انضمامها إلى النظام الأساسی لدى الأمین العام للأمم المتحدة تطبیقا لنص المادة 125/فقرة 2 من النظام الأساسی([39]).
المطلب الثانی الانتهاکات الامریکیة -البریطانیة المشکلة لجرائم الحرب أثناء احتلال العراق(2003-2011) یکیّف الغزو الأمریکی للعراق على انه حرب عدوانیة ارتکبت فیها جرائم حرب أثناء الاحتلال الأمریکی للعراق(2003-2011)، حیث سعت الولایات المتحدة الأمریکیة إلى إقامة الشرق الأوسط الکبیر، من خلال إعادة رسم الخریطة الإقلیمیـة للشرق الأوسط، ولتحقیق هذا الهدف ارتکبت الدول المتدخلة منذ بدء العملیات الحربیة على العراق أبشع الجرائم ضد الشعب العراقی، التی تتنافى وأحکام القانون الدولی لحقوق الإنسان والقانون الدولی الإنسانی، حیث ارتکبت القوات الأمریکیة جرائم الحرب من خلال تعریض السکان المدنیین للخطر بفعل استخدام الأسلحة المحرمة دولیا ضد المدنیین، بموجب قواعد قانون الحرب والاتفاقیات الدولیة ذات الصلة، وتدمیر الممتلکات الثقافیة العراقیة([40]). وبناء علیه تشکل الأفعال المرتکبة أثناء احتلال العراق جرائم حرب تضمنت صورها المادة الثامنة من النظام الأساسی للمحکمة الجنائیة الدولیة ترتب المسؤولیة الجنائیة على مرتکبیها، تدخل ضمن الاختصاص الزمنی للمحکمة الجنائیة الدولیة الدائمة باعتبارها قد ارتکبت بعد عام 2003، ومن بین هذه الانتهاکات: توجیه الهجمات للسکان والأعیان المدنیة، انتهاک حقوق الأسرى والمحتجزین، استخدام الأسلحة المحظورة دولیا، وهو ما نأتی إلى تفصیله فی الفروع الموالیة. الفرع الأول توجیه الهجوم للسکان المدنیین والأعیان المدنیة یشکل الهجوم الموجه للسکان والأعیان المدنیة المحمیة بموجب اتفاقیات جنیف لسنة 1949 جریمة حرب نص علیها النظام الأساسی للمحکمة الجنائیة فی المادة (8/2/ب/بند1)، والتی یشترط لقیامها توفر الأرکان الآتیة([41]) : - توجیه مرتکب الجریمة هجومه إلى السکان المدنیین بصفتهم هذه، أی باعتبارهم أفرادا مدنیین لا یشارکون مباشرة فی الأعمال الحربیة. - صدور هذا السلوک فی سیاق نزاع مسلح دولی ویکون مقترنا به. - أن یعلم مرتکب الجریمة بالظروف الواقعیة التی تثبت وجود نزاع مسلح. وقیاسا على ذلک ارتکبت القوات الأمریکیة الجریمة المذکورة من خلال ممارسة القتل على أوسع نطاق، والإفراط فی استخدام القوة ضد الفئات المحمیة بموجب اتفاقیات جنیف الأربعة لسنة 1949 والقتل العشوائی للمدنیین وقصف الأحیاء السکنیة واستخدام الأسلحة المحرمة دولیا، مما أدى إلى هلاک عدد کبیر من العراقیین لم تستطع السلطات تقدیره بدلیل الاعتراف الصادر عن العمید الأمریکی "مارک کیمیث" سنة 2004 بقوله:" أننا لا نملک القدرة على تسجیل جمیع الإصابات التی تقع فی صفوف المدنیین"، حیث قدر عدد القتلى فی استطلاع صحة الأسرة العراقیة المدعوم من طرف الأمم المتحدة بـــ 150 ألف قتیل بین شهری مارس وجوان 2006، وهو ما أکدته المنظمة العربیة لحقوق الإنسان فی تقریرها السنوی عن تزاید عدد القتلى المدنیین وقدمت شهادات تثبت ذلک([42]). کما انتهکت الإدارة الأمریکیة حقوق الإنسان فی العراق وارتکبت انتهاکات جسیمة بسبب القصف البری والجوی الذی طال المدنیین العزل، وتجنید المرتزقة وتمویلهم وتدریبهم لقتل المدنیین وارتکاب جرائم دولیة، إذ أشار تقریر بعثة الأمم المتحدة لتقدیم المساعدات للعراق سنة 2006 أن وضع حقوق الإنسان فی العراق مقلق جدا بسبب الممارسات الخطیرة، کالقتل خارج إطار القانون والاعتداءات على المدنیین وتقویض حریة التعبیر وتدمیر التراث الثقافی([43]). ومن امثلة تلک الانتهاکات ارتکبت قوات المارینز الأمریکیة جریمة القتل على نطاق واسع فی مدینة الفلوجة سنة 2004 لأکثر من (1700) شخص غالبیتهم من النساء والشیوخ والأطفال، انتشرت جثثهم فی أنحاء شوارع المدینة وداخل البیوت وعلى الأسطح، وهذا على مرأى ومسمع العالم کله، وارتکبت القوات الأمریکیة سنة 2004 فی قریة تقع على الحدود مع سوریا مجزرة (وکر الدیب)، إذ فاجأت الأهالی وهم نائمون وقصفت منازلهم وکانت النتیجة سقوط (42) قتیل من المدنیین العزل، ونحصی کذلک من بین الجرائم الأمریکیة المرتکبة أثناء احتلال العراق، جریمة ساحة النسور عندما أطلق الجنود النار على المواطنین العزل فی الشارع بشکل عشوائی([44]). أما نصیب الأطفال من الانتهاکات فقد کان الأکبر، حیث انه توفی الکثیر منهم بسبب الطلقات الجویة المتعمدة، ومن لم یلق حتفه توفی بسبب سوء ونقص الغذاء، ناهیک عن الآثار الصحیة المترتبة عن الاحتلال التی خلفها الاستخدام العشوائی للأسلحة المحرمة دولیا، والآثار الاجتماعیة والاقتصادیة المترتبة عن الاحتلال عموما([45]) . الفرع الثانی انتهاک حقوق الأسرى والمحتجزین تولت اتفاقیة جنیف الثالثة لعام 1949 والبرتوکول الإضافی الأول لسنة 1977 حمایة أسرى الحرب، من خلال تعداد أصناف الأسرى، وحقوقهم والتزاماتهم، حیث تضمن الباب الثانی من الاتفاقیة المبادئ الأساسیة التی یجب أن یحظى بها الأسیر فی جمیع الأوقات والأماکن، من حیث معاملته معاملة إنسانیة واحترام شرفه ومراعاة المساواة فی المعاملة بین الأسرى([46]). انتهکت القوات الأمریکیة البریطانیة أثناء غزوها للعراق حقوق الأسرى والمحتجزین خاصة فی سجن ابو غریب التابع للقوات الأمریکیة، وسجن الموصل والبصرة وتکریت، الحقوق الواردة فی اتفاقیة جنیف الثالثة لعام 1949، منها: ممارسة القتل العمد، التعذیب، المعاملة القاسیة واللاإنسانیة والحاطَّة بالکرامة الإنسانیة، اعتقال الأطفال والنساء واغتصابهم، الحرمان من الرعایة الصحیة والإضرار بالسلامة البدنیة، الاعتقال التعسفی غیر المحدد المدة، حرمانهم من المحاکمات العادلةّ، العقاب الجماعی، التمثیل بالأسرى وغیرها. فمنذ احتلال العراق سنة2003 قامت القوات الأمریکیة والبریطانیة بحملة اعتقالات واحتجاز واسعة النطاق، دون توجیه الاتهام ولا محاکمة، اذا بلغ عدد المعتقلین فی سجن ابو غریب وحده مع بدایة سنة 2004، (4500) معتقل، حیث تفننت القوات الأمریکیة فی أسالیب التعذیب وسوء المعاملة، بالإضافة إلى افتقاد أماکن الاحتجاز لمتطلبات السلامة والصحة، کما تم حجز الأسرى والمعتقلین انفرادیا وتعریضهم لدرجات حرارة عالیة، وقد شاهد العالم عبر وسائل الإعلام عملیات القتل جماعیة للأسرى والمعتقلین رمیا بالرصاص، وتعذیب الأطفال بشکل مهین وماس بالکرامة الإنسانیة، واستخدام العنف الجنسی والاضطهاد والإکراه على البغاء وغیرها.. ([47]). کما انتهجت الإدارة الأمریکیة أسالیب وممارسات ممنهجة منافیة لاتفاقیة جنیف الثالثة بشان معاملة الأسرى، خاصة المادة (130) منها، حیث ارتکبت جریمة التعذیب بحقهم حتى الموت، من خلال سکب المیاه الساخنة والباردة على المعتقلین وهم مجردین من ثیابهم وممارسة اللواط بحقهم واغتصاب النساء المعتقلات، بالإضافة إلى ضربهم بمقابض المکانس والکراسی، وجرهم وهم مقیدون بالحبال، مما نتج عنه إصابة بعضهم بالجنون وتوفی الکثیر منهم فی السجون والمعتقلات، وتم إلقاء جثثهم فی أماکن الاشتباک لإخفاء جرائمهم ([48]). ورغم فظاعة الجرائم الانجلو-امریکیة المرتکبة فی سجن أبو غریب، التی تخالف الاتفاقیات الدولیة لحمایة الأسرى والمعتقلین، خاصة اتفاقیة جنیف الثالثة لسنة 1949، التی یشکل انتهاکها جریمة حرب وفقا لنص المادة (8/فقرة 2) من النظام الأساسی للمحکمة الجنائیة، إلا انه لم یحاکم القادة العسکریون والسیاسیون الذین أمروا وخططوا لهذه الأفعال المجرمة التی ترقى کما اشرنا إلى جرائم حرب، واکتفت الإدارة الأمریکیة بمحاکمات صوریة وشکلیة لبعض الجنود أمام المحاکم الأمریکیة، کما لم تستطع المحاکم العراقیة الانتصاف للضحایا بسبب اتفاقیات الحصانة المبرمة مع الولایات المتحدة الأمریکیة، وفی ذلک اعتبرت منظمة العفو الدولیة أن إفلات عناصر الأجهزة الأمریکیة من العقاب على ما ارتکبوه من جرائم دولیة بحق المحتجزین ظلم وانتهاک کبیر لحقوق هؤلاء وإفلات من العقاب ([49]). فالانتهاکات الخطیرة ضد الأسرى فی سجن أبو غریب وغیره من سجون الاحتلال الأمریکی فی العراق، والمتمثلة فی صور المعاملة اللاإنسانیة والمهینة والتعذیب، والاغتصاب...، تعد جرائم حرب تدخل فی اختصاص المحکمة الجنائیة الدائمة، ومع ذلک لم تحرک الدعوى بسبب السیطرة الأمریکیة على کل المنافذ المؤدیة للمحکمة الجنائیة الدولیة. الفرع الثالث استخدام الرصاص المحظور یشکل استخدام الأسلحة الممنوعة دولیا أوقات النزاعات المسلحة جریمة حرب أشار إلیها نص المادة الثامنة من النظام الأساسی للمحکمة الجنائیة الدولیة، التی صنفتها لأکثر من جریمة، ومنها جریمة استخدام الرصاص المحظور فی البند (19) من الفقرة( 2/ب)، التی تشکل جریمة حرب ترتب المسؤولیة الجنائیة للأفراد مرتکبیها شرط توفر أرکانها المتمثلة فی([50]) : - أن یستخدم مرتکب الجریمة رصاصا معینا - أن یکون الرصاص من النوع الذی ینتهک استخدامه القانون الدولی للمنازعات المسلحة لأنه یتمدد أو یتسطح بسهولة فی الجسم البشری - أن یکون مرتکب الجریمة على علم بان طبیعة هذا الرصاص تجعل استخدامه یضاعف الألم أو الجرح الناجم عنه بدون جدوى. - أن یصدر السلوک فی سیاق نزاع مسلح دولی ویکون مقترنا به - أی یکون مرتکب الجریمة على علم بالظروف الواقعیة التی تثبت وجود نزاع مسلح. بناء على ما سبق، استخدمت قوات الاحتلال الأسلحة الضارة والمحرمة دولیا أثناء غزوها العراق، ومنها قذائف الیورانیوم المنضب التی تسببت فی وفاة خمسین ألف طفل عراقی على الأقل، وما خلفه استخدامه من انتشار الأمراض السرطانیة والتشوهات الخلقیة، ناهیک عن الآثار الخطیرة على البیئة الطبیعیة، ففی تقریر للدکتور "کلاوس تویفر" رئیس برنامج الأمم المتحدة للبیئة، أشار إلى أن کمیة الیورانیوم المنضب المستخدمة فی العراق سنة 2003 تشکل تهدیدا لمصادر المیاه المختلفة فی العراق، کما أن انتشار الغبار المشع من شانه تهدید حیاة وصحة الإنسان والبیئة وکافة الکائنات الحیة، وهو ما نتج عنه انتشار الإصابة بأمراض السرطان، وارتفاع عدد الموالید بتشوهات خلقیة الذین کانوا یموتون غالبا، فبموجب إحصائیات صادرة سنة2009 بینت أن 24٪من الموالید الجدد فی الفلوجة یموتون بعد ولادتهم بتشوه خلقی([51]). وفی هذا السیاق أشار تقریر لوزارة البیئة العراقیة أن ما یقارب 2000 طن من الیورانیوم المنضب استخدمت سنة 2003 أدت إلى تلوث 350 موقعا فی العراق أثرت على الصحة العامة، فقد أصیب 140 ألف شخص بمرض السرطان، وظهور 8000 ألاف إصابة جدیدة کل سنة، حیث وصل عدد الوفیات سنة 2005 إلى 15 ألف وفاة([52]). کما نشرت صحیفة (الاندبندت) اللندنیة تقریرا لفریق طبی متخصص کشف بعد المسح الذی قام به فی مدینة الفلوجة سنة 2010 عن استخدام مادة الیورانیوم المنضب، خاصة الأسلحة الفسفوریة المحملة بالیورانیوم المنضب، فی معارک المدینة سنة 2004، مما أدى إلى تلوث بیئی وصحی یفوق ما تعرضت له مدینتا (هیروشیما) و(ناغازاکی) فی الیابان، وانعکس ذلک على الولادات التی حصلت بعد 2004 ([53]). الفرع الرابع الهجوم على الممتلکات الثقافیة العراقیة وتخریبها تعبر الآثار والممتلکات الثقافیة للدولة عن هویتها الثقافیة، لذلک أسندت حمایتها إلى اتفاقیات دولیة خاصة، ومن ثم فان تدمیرها أو الهجوم علیها أثناء احتلال البلد یشکل إخلالا بالتزام دولی تترتب عنه المسؤولیة، حیث أولت اتفاقیة لاهای الخاصة بحمایة التراث الثقافی فی حال النزاع المسلح لعام 1954 وبرتوکولیها الملحقین حمایة للممتلکات والآثار إذ نصت على :" 1- تتعهد الأطراف السامیة المتعاقدة باحترام الممتلکات أو الوسائل المخصصة لحمایتها والأماکن المجاورة لها مباشرة لأغراض قد تعرضها للتدمیر أو التلف فی حال نزاع مسلح أو بامتناعها عن أی عمل عدوانی إزائها، 2- لا یجوز التخلی عن الالتزامات الواردة فی الفقرة الأولى من هذه المادة إلا فی حالات الضرورات الحربیة القهریة، 3- تتعهد الأطراف السامیة المتعاقدة أیضا بتجریم أی سرقة أو نهب أو تبدید للممتلکات الثقافیة ووقایتها من هذه الإعمال ووقفها عند اللزوم مهما کانت أسالیبها، وبالمثل تحریم ای عمل تخریبی موجه ضد هذه الممتلکات، کما تتعهد بعدم الاستیلاء على ممتلکات ثقافیة منقولة کائنة فی أراضی ای طرف سامی متعاقد أخر...." ([54]). وقبل ذلک حظرت اتفاقیة جنیف الرابعة لسنة 1949 فی المادة 53 منها تدمیر الممتلکات الخاصة الثابتة أو المنقولة التی تتعلق بالإفراد أو الجماعات أو الدولة أو السلطات العامة أو المنظمات الاجتماعیة أو التعاونیة، إلا إذا کانت العملیات العسکریة تقتضی حتما هذا التدمیر. وقد کرس البرتوکول الثانی لعام 1999 فی الفصل الثانی منه المسؤولیة الجنائیة الدولیة للأفراد عن انتهاک قواعد وأحکام حمایة الممتلکات الثقافیة المقررة بموجب اتفاقیة لاهای لعام 1954، بعد الإشارة إلى ذلک فی المادة 28 من الاتفاقیة المذکورة التی لم تحدد الأفعال التی ترتب المسؤولیة الجنائیة ولا العقوبات المقررة لذلک، حیث جاء البرتوکول المذکور بقائمة جدیدة من المخالفات الجسیمة المرتکبة أثناء النزاعات الدولیة أو غیر الدولیة والتی تکیف على أنها جرائم حرب ترتب المسؤولیة الجنائیة الدولیة، حیث یکون أی شخص مرتکبا لجریمة بالمعنى المقصود فی هذا البرتوکول إذا اقترف ذلک الشخص عمدا وانتهاکا للاتفاقیة لو لهذا البرتوکول، أیا من الأفعال الآتیة:([55]) - الهجوم على الممتلکات الثقافیة المشمولة بالحمایة المعززة. - استخدام الممتلکات الثقافیة المشمولة بالحمایة المعززة أو جوارها المباشر لدعم العملیات العسکریة - إیقاع التدمیر الواسع النطاق بالممتلکات الثقافیة المحمیة بموجب الاتفاقیة وبرتوکولها الثانی أو الاستیلاء علیها. - الهجوم على الممتلکات الثقافیة المحمیة بموجب الاتفاقیة وبروتوکولها الثانی. - ارتکاب السرقة والنصب والاختلاس أو التخریب للممتلکات الثقافیة المحمیة بموجب الاتفاقیة . بناء على ما سبق اعتبر النظام الأساسی للمحکمة الجنائیة الدولیة الدائمة، الانتهاکات المرتکبة ضد الممتلکات الثقافیة أوقات النزاعات المسلحة جرائم حرب بموجب المادة 8/2/ب/بند 9، إذ یعتبر توجیه الهجمات ضد المبانی المخصصة للعبادة والتعلیم والفنون والعلوم والآثار التاریخیة، جریمة حرب شرط ألا تشکل هذه الممتلکات أهدافا عسکریة، إذ یکون الشخص مسؤولا سواء ارتکب الفعل بمفرده او بالاشتراک أو بالأمر من طرف شخص آخر([56]). ومن ثم تقوم جریمة الحرب المذکورة إذا توفرت أرکانها، والمتمثلة فی وجود انتهاک خطیر یرتکب خلافا للقواعد الاتفاقیة الخاصة بحمایة الممتلکات الثقافیة، ووقوع الانتهاک على مصلحة دولیة محمیة أو قیمة إنسانیة جوهریة للمجتمع الدولی(الرکن الدولی)، بالإضافة إلى الرکن المعنوی المتمثل فی أن یکون الانتهاک عن علم وإرادة([57]). وبالتطبیق على ما حصل أثناء احتلال العراق سنة 2003، فقد تعرضت الآثار التاریخیة العراقیة للتخریب والسرقة أثناء غزو العراق واحتلاله، أهمها المتحف الوطنی العراقی فی بغداد الذی تعرض لکارثة إنسانیة وثقافیة، طالته اکبر سرقة للآثار فی التاریخ المعاصر، حیث کان یضم أکثر من 180 ألف قطعة أثریة، تمت سرقة منها ما یقارب 15 ألف قطعة، بالإضافة إلى تضرر منحوتات فیه وتکسیر خزائن العرض وسرقة ما بداخلها، کما تعرضت مواقع عراقیة کثیرة للتدمیر المتعمد والنهب والتهریب([58]). کما دمرت مدن تاریخیة وممتلکات دینیة وثقافیة أثناء احتلال العراق، اذ أتى القصف على مئات المساجد والکنائس، وحرق وتخریب المؤسسات والمنشآت الحضاریة والثقافیة، وتحویل بعض المتاحف إلى ثکنات عسکریة، أو إنشاء قواعد عسکریة قریبة منها، مثل متحف الناصریة وذی قار، فی إشارة واضحة إلى محاولة محو الذاکرة الحضاریة العراقیة، حیث یقع الالتزام بحمایة الآثار والممتلکات الثقافیة العراقیة على الولایات المتحدة الأمریکیة کدولة احتلال، الذی تم إخطارها بإمکانیة قیام عملیات نهب للمنشآت الثقافیة والتاریخیة للعراق، فبموجب اتفاقیة لاهای لحمایة الممتلکات الثقافیة لسنة 1954 التی حرمت نهب وسرقة أو تبدید هذه الممتلکات، وأوجبت احترامها ومنعت استعمالها أو الأماکن المجاورة لها لأغراض عسکریة([59]) . إذن فمسؤولیة دول الاحتلال فی العراق عن الانتهاکات المرتکبة أثناء احتلال البلد تبقى قائمة، ویشملها اختصاص المحکمة الجنائیة الدولیة، الذی دخل حیز النفاذ قبل ارتکاب هذه الأفعال المجرمة، غیر انه نظرا لکون العراق لیس طرفا فی النظام الأساسی للمحکمة الجنائیة الدولیة فانه لا یمکنه مساءلة مرتکبی الجرائم الدولیة من أفراد الدول المحتلة إلا بعد أن یصبح عضوا أو یقبل باختصاص المحکمة دون أن یکون عضوا فیها، کما لا یمکنه مقاضاة الولایات المتحدة الأمریکیة باعتبارها هی الأخرى لیست طرفا فی نظام روما، لذلک اکتفى العراق بتوجیه اتهامه لبریطانیا باعتبارها عضوا بالمحکمة منذ 1998([60]). المحور الثانی معوقات تفعیل المسؤولیة الجنائیة الدولیة فی مواجهة جرائم الحرب المرتکبة فی الشرق الأوسط یعترض ممارسة المحکمة الجنائیة الدولیة الدائمة لصلاحیتها عراقیل کثیرة تحول دون ملاحقة القادة الإسرائیلیین وقوات التحالف الأمریکیة البریطانیة الذین ارتکبوا جرائم حرب ضد الشعب الفلسطینی والعراقی الذین لا یزالون بمنأى عن أیة متابعة أو مساءلة جنائیة، وهو ما اثر على تحقیق السلام فی منطقة الشرق الأوسط. تتمثل هذه العراقیل والمعوقات فی معوقات قانونیة داخلیة تتعلق بالنظام الأساسی للمحکمة الجنائیة(المطلب الأول)، وأخرى سیاسیة أو خارجیة تخص إحجام الدول عن الانضمام إلى المحکمة والدور الواسع الممنوح لمجلس الأمن والمتمثل إحالة جرائم الدولیة ومنها جرائم الحرب إلى المحکمة الجنائیة الدولیة وکذا سلطة إرجاء التحقیق والمقاضاة التی قیدت اختصاص المحکمة فی المتابعة ومنع الإفلات من العقاب (المطلب الثانی). المطلب الأول المعوقات القانونیة لتفعیل اختصاص المحکمة الجنائیة الدولیة تقف أمام تفعیل المسؤولیة الجنائیة الدولیة ضد مرتکبی جرائم الحرب فی فلسطین وتلک المرتکبة أثناء احتلال العراق قیود قانونیة ترتبط بنظام روما الأساسی، أهمها قیدان یحدان من تفعیل اختصاص المحکمة الجنائیة الدولیة، یتعلق الأول بالاختصاص القضائی التکمیلی للمحکمة(الفرع الأول)، أما القید الثانی فیتمثل فی محدودیة بعض النصوص القانونیة فی نظام روما الأساسی (الفرع الثانی). الفرع الأول الدور القضائی التکمیلی للمحکمة الجنائیة الدولیة یکون اختصاص المحکمة الجنائیة الدولیة الدائمة مکملا للاختصاص القضائی الوطنی، عندما ینهار النظام القضائی الوطنی أو عند رفضه أو فشله فی القیام بالتزاماته القانونیة تجاه مرتکبی الجرائم المنصوص علیها، وبهذا یکون الاختصاص الوطنی وفقا لمبدأ التکامل ضمانة أساسیة لسیادة الدولة فی مجال الردع الدولی الجنائی من خلال منح الأولویة للدولة فی متابعة رعایاها أو من ارتکب جرائم على إقلیمها([61])، لذلک نبین مضمون مبدأ التکامل ثم نأتی إلى توضیح کیف یمثل هذا التکامل عائقا فی وجه تحقیق العدالة الدولیة ومنع مرتکبی الجرائم الدولی فی الشرق الأوسط من الإفلات من العقاب. أولا: مضمون التکامل فی الاختصاص بین القضاء الوطنی والدولی یقتضی مبدأ التکامل انعقاد الاختصاص بمتابعة مرتکبی الجرائم الدولیة للقضاء الوطنی أولا، فان عجزت سلطات الدولة أو تقاعست عن المتابعة القضائیة الجنائیة ینعقد الاختصاص للمحکمة الجنائیة الدولیة، والهدف من ذلک تأکید احترام السیادة الوطنیة للدول على ما یقع فی إقلیمها أو یرتکب من رعایاها من جرائم دولیة([62]). فمبدأ التکامل یمثل تلک الصیاغة التوفیقیة التی تبناها المجتمع الدولی لتکون بمثابة نقطة الارتکاز لحث الدول على محاکمة المتهمین بارتکاب اشد الجرائم الدولیة خطورة، على أن تکمل المحکمة الجنائیة الدولیة هذا النطاق من الاختصاص فی حالة عدم قدرة القضاء الوطنی على إجراء هذه المحاکمة، بسبب عدم اختصاصه أو فشله فی ذلک لانهیار بنیانه القضائی أو الإداری، أو عدم إظهار الجدیة فی تقدیم المتهمین للمحاکمة([63]). فطالما تقوم الدولة بواجبها فی متابعة المجرمین تبقى المحکمة الجنائیة بعیدة عن الاختصاص وتلعب دور المراقب، ویبقى الدور الکبیر منوطاً بالهیئات القانونیة الداخلیة التی من واجبها مراعاة احترام الإجراءات وتطبیق القانون ومنع الإفلات من العقاب، غیر انه إذا أخلت الدولة بواجب المتابعة أو تقاعست جزئیا أو کلیا عن ردع الجریمة، أو عجزت عن ذلک، ففی هذه الحالة یحق للمحکمة الجنائیة الدولیة التدخل . فوفقا لنص المادة 17 من نظام روما الأساسی([64])، فالأصل أن تلتزم کل دولة بمتابعة ومحاکمة مرتکبی الجرائم الدولیة، إذ لا ینعقد الاختصاص للمحکمة الجنائیة طالما تقوم الدولة بواجبها فی الاضطلاع أو المحاکمة، أما إذا لم ترغب أو کانت غیر قادرة على القیام بذلک فیحال الاختصاص إلى المحکمة الجنائیة الدولیة، وبذلک یکون الاختصاص القضائی الوطنی التزاما یقع على الدولة لیس متروکا لها تمارسه کیفما شاءت، وإنما فی حال إخلالها یحق للمحکمة الجنائیة الدولیة الحلول محلها للتصدی للإفلات من العقاب([65]). ثانیا: مبدأ التکامل یعیق متابعة مرتکبی جرائم الحرب فی الشرق الأوسط بالرغم من أهمیة مبدأ التکامل خاصة من ناحیة تحقیق احترام سیادة الدولة من جهة وضمان عدم معاقبة الشخص عن فعله مرتین من ناحیة أخرى، إلا انه یمثل عائقا فی وجه متابعة القضاء الدولی لمرتکبی الجرائم الدولیة، إذ یجعل دور المحکمة الجنائیة الدولیة استثنائیا وضیقا وأحیانا مستحیلا، سیما إذا تعلق الأمر بالدول الکبرى کالولایات المتحدة الأمریکیة التی عملت على تکریس الاختصاص المکمل للمحکمة لغرض حمایة جنودها وقادتها من المتابعة الجنائیة([66]). وفی الآتی نبین أهم العوائق التی تحول دون ممارسة المحکمة الجنائیة الدولیة لاختصاصها القضائی التکمیلی: - مرونة معیار تحدید عنصری عدم رغبة وقدرة الدولة على التحقیق أو المحاکمة المذکورین فی نص المادة 17 من النظام الأساسی للمحکمة الجنائیة الدولیة، إذ یعتبر عاملا مساعدا على تحایل الدول من اجل سلب الاختصاص التکمیلی للمحکمة الجنائیة الدولیة، خاصة فی حالة مراوغة الدولة بغرض تمکین المتهم من الإفلات من العقاب، لذلک فان أی تصرف صادر عن المحکمة الجنائیة الدولیة یشیر إلى سوء نیة الدولة قد یثیر حفیظة هذه الأخیرة، وقد ینعکس سلبا على جهود تعاون الدولة مع المحکمة مستقبلا([67]). - تثار إشکالیة التکامل الموضوعی بین القضاء الداخلی والقضاء الدولی، مثلا من ناحیة انعقاد اختصاص المحکمة فی متابعة الأشخاص الذین تجاوزوا سن الثمانی عشرة سنة فقط، فی حین یعتبر تجنید أو تطوع الأطفال بین سن أکثر من15 سنة واقل من 18 سنة مباح، باعتبار ان تجنید الأطفال دون الخامسة عشرة سنة بصفة إلزامیة او طواعیة فی القوات المسلحة الوطنیة یعد جریمة حرب([68]). - اختلاف الوصف القانونی للفعل المجرم بین الاختصاص القضائی الوطنی والاختصاص الدولی، یجعل الفعل المجرم یحمل أکثر من وصف قانونی تبعا للجهة المطروح أمامها، اذ انه یتم نظر الفعل أمام القضاء الوطنی تحت وصف معین، وإذا ما انتقل الاختصاص للمحکمة الجنائیة الدولیة تنظر فیه بوصف قانونی آخر، بالرغم من وحدة الفعل والفاعل([69]). - لم یفصل النظام الأساسی للمحکمة الجنائیة الدولیة فی مسالة العفو العام، فإذا ما قامت سلطات الدولة بإصدار عفوا شاملا یشمل مرتکبی الجرائم الدولی فلا ینتقل الاختصاص إلى المحکمة الجنائیة الدولیة باعتبار أن نص المادة 17 من النظام الأساسی لم یشر إلى ذلک([70]). الفرع الثانی محدودیة النصوص القانونیة فی نظام روما الأساسی أثرت محدودیة نصوص نظام روما الأساسی، فی إغفال الکثیر من التفاصیل المتعلقة بالتجریم على تفعیل اختصاص المحکمة، ضف إلى ذلک محدودیة الاختصاص الشخصی والزمانی للمحکمة، الأمر الذی أعاق اختصاص المحکمة الجنائیة الدولیة فی متابعة مرتکبی اخطر الجرائم الدولیة وفی مقدمتها جرائم الحرب، وهو ما نأتی إلى توضیحه فی الآتی: أولا: محدودیة نصوص التجریم لقد اغفل النظام الأساسی للمحکمة الجنائیة الدولیة الإشارة إلى جرائم أخرى خطیرة، منها على سبیل المثال غیاب نص فی المادة الثامنة( 8/2/ب/20) الخاصة بجریمة حظر استخدام الأسلحة، یجرم استخدام الأسلحة النوویة والکیماویة کجریمة حرب قائمة بذاتها بالرغم من آثارها التدمیریة، بسبب هیمنة الدول الکبرى المالکة لهذا النوع من الأسلحة حال دون ذلک، وکذلک الأمر بالنسبة للجریمة الإرهابیة وجرائم تبییض الأموال التی لم تدرج فی النظام الأساسی بالرغم من انتشار هذا النوع من الإجرام وتغلغله فی الدول([71]) . ثانیا: محدودیة الاختصاص الزمانی بموجب نص المادة 11 من النظام الأساسی فان المحکمة تختص بمتابعة الجرائم المرتکبة بعد دخول النظام الأساسی للمحکمة حیز النفاذ، ولا یسری بأثر رجعی على الجرائم المرتکبة قبل ذلک، وبالنسبة للدولة التی تنضم بعد نفاذ النظام الأساسی فالمحکمة الجنائیة الدولیة تمارس اختصاصها على الجرائم الدولیة المرتکبة بعد تاریخ انضمامها، مما یجعل أکثر الجرائم الإسرائیلیة المرتکبة بحق الشعب الفلسطینی قید النسیان، ویشکل هذا عائقا فی متابعة مرتکبی الجرائم الدولیة([72])، والأکثر من ذلک نصت المادة 124 من النظام الأساسی على انه یجوز للدولة الطرف التنصل من اختصاص المحکمة بالنسبة لجرائم الحرب لمدة (07) سنوات من بدء سریان النظام الأساسی، وهو ما یعنی تعلیق نظر المحکمة الجنائیة الدولیة فی جرائم الحرب لمدة طویلة قد یعطی ترخیصا ضمنیا لارتکاب جرائم أخرى أکثر وحشیة، کما یتناقض هذا الطرح مع نص المادة (12) من النظام الأساسی التی تنص على أن أیة دولة طرف فی هذا النظام تکون بذلک قد قبلت اختصاص المحکمة ([73]). ثالثا: محدودیة الاختصاص الشخصی للمحکمة کرس النظام الأساسی للمحکمة المسؤولیة الجنائیة للأشخاص الطبیعیین عند ارتکابهم لجرائم دولیة التی تدخل فی اختصاص المحکمة، غیر انه بالمقابل لم یعطهم الحق فی تحریک الدعوى أمام المحکمة الجنائیة الدولیة، محملا إیاهم التزامات دون الاعتراف لهم بالحقوق، لهذا یجب إعادة النظر فی المادة 13 لیصبح الفرد له الحق فی تحریک الدعوى إلى جانب الأطراف الأخرى([74]). کما أن اقتصار النظام الأساسی على مساءلة الأشخاص الطبیعیة دون الأشخاص المعنویة بموجب نص المادة 25 من النظام الأساسی یحد من اختصاص المحکمة، خاصة أمام خصخصة النزاعات المسلحة وظهور ما یسمى بالشرکات الأمنیة التی ارتکبت انتهاکات ترقى إلى مصاف الجرائم دولیة([75]). المطلب الثانی المعوقات السیاسیة لتفعیل اختصاص المحکمة الجنائیة الدولیة لقد برز دور الاعتبارات السیاسیة فی صیاغة النظام الأساسی للمحکمة فی محاولة تقریب وجهات النظر بین الدول المشارکة فی مؤتمر روما، الأمر الذی انعکس على بعض نصوص النظام الأساسی مما شکل عائقا على تفعیل اختصاص المحکمة، منها إعطاء مجلس الأمن سلطات تعیق اختصاصها (الفرع الأول)، وإحجام الدول الکبرى وعلى رأسها الولایات المتحدة وإسرائیل عن الانضمام إلى النظام الأساسی للمحکمة وإبرام الولایات المتحدة الأمریکیة اتفاقیات حصانة خشیة متابعة قادتها العسکریین والسیاسیین المتهمین بارتکاب جرائم حرب(الفرع الثانی). الفرع الأول السلطات الواسعة الممنوحة لمجلس الأمن الدولی ربط النظام الأساسی للمحکمة الجنائیة الدولیة بین مجلس الأمن الدولی واختصاص المحکمة، وهذا من شانه جعل اختصاص المحکمة عرضة للأهواء السیاسیة وتحکم الدول الکبرى، حیث منحه النظام السیاسی حق إحالة القضایا الدولیة إلى المحکمة للنظر فیها([76])، وسلطة إرجاء التحقیق أو المقاضاة([77])، هذه السلطة التی لا تعطل فقط اختصاص المحکمة، بل أیضا العمل بمبدأ الاختصاص التکمیلی، أی سلب القضاء الوطنی اختصاصه الأصیل، سیما وان الإحالة الصادرة من مجلس الأمن تسری على الدول الأطراف وغیر الأطراف([78]). أجاز نص المادة (13/فقرة ب) من النظام الأساسی للمحکمة لمجلس الأمن الدولی أن یحیل مواقف إلى المحکمة متصرفا بموجب أحکام الفصل السابع من میثاق الأمم المتحدة، إذ یحق لهذا الأخیر لفت نظر المحکمة الجنائیة الدولیة إلى وقوع جریمة تدخل فی اختصاصها، ومن شروط هذه الإحالة([79]): - موافقة تسعة أعضاء بمجلس الأمن من بینها أصوات الأعضاء الدائمین متفقة على قرار الإحالة - ارتباط الحالة المنظور فیها بنصوص الفصل السابع من میثاق الأمم المتحدة - أن تشکل الواقعة المطروحة أمام المجلس جریمة أو أکثر ترتکب طبقا لنص المادة الخامسة من النظام. وفی حالة الإحالة من طرف مجلس الأمن، یکون للمحکمة الجنائیة الدولیة ممارسة اختصاصها بغض النظر عن قبول أو عدم قبول الدولة التی ارتکبت الجریمة على إقلیمها أو التی یحمل المتهم جنسیتها، ودون أی اعتبار لکونها طرفا أو غیر طرف فی النظام الأساسی، ومرد ذلک أن الإحالة فی هذه الحالة تتم وفقا للفصل السابع من المیثاق التی تعد کل الدول أعضاء فیه، والذی یعد المجلس نائبا عنهم فی حفظ السلم والأمن الدولیین([80]). ویضاف إلى ما سبق نص المادة (16) من النظام الأساسی للمحکمة الجنائیة التی جاءت تحت عنوان "إرجاء التحقیق والمقاضاة" التی تساهم فی کبح عمل المحکمة والعدالة الجنائیة، إذ یتمتع مجلس الأمن بسلطة تأجیل التحقیق والمحاکمة لمدة اثنی عشر شهرا قابلة للتمدید، حیث لم یحدد النص عدد طلبات التأجیل المسموح بها وکذا سریان هذه السلطة على المحکمة الجنائیة الدولیة دون المحاکم الوطنیة، وهو ما قد یستغل لصالح الولایات المتحدة الأمریکیة وإسرائیل وغیرها لتأجیل التحقیق ومحاکمة مرتکبی الجرائم الدولیة فی فلسطین والعراق ویشکل عقبة حقیقیة فی وجه اختصاص المحکمة الجنائیة الدولیة، مما یجعل المحکمة کجهاز قضائی تابعة لمجلس الأمن الاممی کجهاز سیاسی([81]). تبین من خلال ممارسات مجلس الأمن الدولی أنها لا تعکس بحق توجه الأمم المتحدة التی تعهدت بحمایة حقوق الشعوب من خلال إحالة مرتکبی جرائم حقوق الإنسان إلى القضاء الجنائی الدولی، بالرغم من انتهاکات حقوق الإنسان فی منطقة الشرق الأوسط وتأثیرها على تهدید السلم والأمن الدولی،(حذف)لم یتدخل مجلس الأمن باستخدام الفصل السابع من المیثاق مثلما کان علیه الحال فی دارفور ورواندا واکتفى بإصداره قرارات وفقا للفصل السادس بشان انتهاکات حقوق الإنسان فی فلسطین والذی لم تمتثل لها السلطات الإسرائیلیة([82]). وهذا یدل على إخفاق بل عجز منظمة الأمم المتحدة فی التصدی للعدوان الصهیونی ضد الفلسطینیین، ولعل ما یمنع صدور قرار دولی بإدانة إسرائیل والتدخل لمنع انتهاک حقوق الشعب الفلسطینی، یرجع بالدرجة الأولى إلى استخدام حق الفیتو والاعتراض من طرف الولایات المتحدة الأمریکیة، للحیلولة دون إدانة هذه الدولة بانتهاکات حقوق الإنسان فی فلسطین، فحتى سنة 1989 استخدمت حق الاعتراض ضد أربعة مشاریع من أصل ثمانیة مقدمة إلى مجلس الأمن بشأن الممارسات الصهیونیة ضد الشعب الفلسطینی([83]): إذن رغم انتهاکات حقوق الإنسان المرتکبة من طرف السلطات الإسرائیلیة التی ترقى بلا شک إلى جرائم دولیة، إلا أن مجلس الأمن الدولی لم یستطع إصدار قرار بإحالة الانتهاکات المرتکبة من طرف القادة الإسرائیلیین إلى المحکمة الجنائیة الدولیة، مثلما فعل فی قضیة "دارفور" بالرغم من السودان لیس عضوا فی المحکمة الجنائیة الدولیة، وبذلک تظل متابعة مجرمی الحرب ومنتهکی قواعد القانون الدولی الإنسانی فی الشرق الأوسط رهن الفیتو الأمریکی وتقاعس مجلس الأمن([84]) . الفرع الثانی امتناع الدول المنتهکة عن الانضمام إلى المحکمة الجنائیة الدولیة أنشئت المحکمة الجنائیة الدولیة بموجب اتفاقیة دولیة بعد جدال طویل، وبالتالی لا تعد ملزمة إلا للدول الأعضاء الموقعة على النظام الأساسی للمحکمة، وهو ما یعرف بالأثر النسبی للمعاهدة، ما عدا بعض الاستثناءات الواردة فی النظام الأساسی أین یمکن بسط اختصاص المحکمة الجنائیة الدولیة على الدول غیر الأطراف عند الإحالة علیها من طرف مجلس الأمن الدولی أو عن طریق امتثال الدولة غیر الطرف برضاها إلى اختصاص المحکمة، کما یمکن أن تمارس اختصاصها على مواطنی دولة غیر طرف بطریق التبعیة حینما ترتکب الجریمة على إقلیم دولة طرف أو على إقلیم دولة قبلت اختصاص المحکمة([85]). هذا الحق مکّن بعض الدول الکبرى وعلى رأسها الولایات المتحدة الأمریکیة- التی ارتکب رعایاها جرائم دولیة- من الامتناع عن الانضمام للمحکمة، ولم تکتفِ بذلک بل سعت إلى إبرام اتفاقیات للتملص من جرائمها والضغط على مجلس الأمن لاستصدار قرارات حصانة. أولا: إحجام الدول المرتکبة لانتهاکات دولیة عن الانضمام للمحکمة الجنائیة الدولیة یشکل عدم مصادقة الولایات المتحدة الأمریکیة وإسرائیل على النظام الأساسی للمحکمة عائقا قویا یحد من جهود المحکمة الجنائیة فی متابعة مرتکبی الجرائم الدولیة وعلى رأسهم القادة السیاسیین والعسکریین الإسرائیلیین والأمریکان الذین ارتکبوا جرائم دولی فی الشرق الأوسط، فبعد توقیعها على النظام الأساسی بتاریخ 31/12/2000 فی عهد الرئیس (کلینتون)، عادت بعد خمسة أشهر وسحبت توقیعها فی مای سنة 2001 فی عهد الرئیس (جورج بوش) بحجة ان المحکمة تعیق کفاحها للإرهاب([86]). وعلى غرار الولایات المتحدة رفضت دولة الکیان الصهیونی انضمامها إلى النظام الأساسی للمحکمة التی ألغت توقیعها فی 28/08/2002، خشیة متابعة مسؤولیها وقادتها الذین ارتکبوا جرائم دولیة فی فلسطین، وقد تحججت إسرائیل بعدة حجج من اجل التهرب من التزاماتها منها معارضة إدراج جریمة العدوان وجریمة الاستیطان فی النظام الأساسی للمحکمة([87]). لقد تحججت إسرائیل لتبریر انسحابها من عضویة المحکمة الجنائیة الدولیة، بکون أعمال العدوان التی ترتکبها الدول لا یمکن إدراجها فی اختصاص المحکمة الجنائیة الدولیة التی اسند إلیها تجریم وعقاب الأفعال المرتکبة من طرف الأفراد، بالإضافة إلى معارضتها إدراج جریمة الاستیطان ضمن فئة جرائم الحرب فی نص المادة الثامنة من النظام الأساسی، خشیة أن یفسح ذلک المجال من اجل ملاحقة جنودها وقادتها العسکریین على ارتکابهم جرائم الإبعاد والنقل غیر المشروع للسکان، لذلک أعلنت بتاریخ 12/06/2002 رفضها التصدیق على میثاق إنشاء المحکمة الجنائیة الدولیة([88]). بناء على ما سبق، لا یمکن متابعة مجرمی الحرب الأمریکیین والإسرائیلیین فی الوقت الراهن أمام المحکمة الجنائیة الدولیة غیر انه یمکن استغلال فرصة انضمام بعض الدول المنتهکة للمحکمة الجنائیة الدولیة، کبریطانیا من اجل بسط اختصاص المحکمة الجنائیة الدولیة لمتابعة مرتکبی جرائم دولیة فی العراق، على شرط انضمام العراق إلى نظام المحکمة الجنائیة الدولیة، حیث سبق وان رفع المحامی الفرنسی (جاک فیرجاس) عام 2003 دعوى ضد بریطانیا أمام المدعی العام للمحکمة اتهمها بارتکاب جرائم حرب فی العراق استند فیها على مذکرات الجنرال الأمریکی (Antonio Taguba) بخصوص ارتکاب الجنود البریطانیین لجرائم التعذیب والمساس بالکرامة وقتل السجناء ...، وبما أن دولة بریطانیا ستتمسک بنظر الدعوى تکریسا لمبدأ التکامل مثلما فعلت والتی انتهت إلى عدم مسؤولیة جنودها عن الانتهاکات المرتکبة فی سجن أبو غریب باعتبارها نتائج عادیة للحرب فی العراق، والنتیجة عدم تسلیم رعایا الدولة للمحکمة وهو ما یقف عائقا أمام تکریس العدالة الجنائیة الدولیة([89]). ثانیا: إبرام اتفاقیات الحصانة للإفلات من العقاب لجأت الولایات المتحدة الأمریکیة إلى عقد عدة اتفاقیات ثنائیة مع دول أطراف وغیر أطراف فی النظام الأساسی من اجل التهرب من متابعة المحکمة لرعایاها الذین ارتکبوا جرائم حرب فی الدول التی احتلتها ومنها العراق([90])، وتمثل هذه الاتفاقیات تعهدا أو اتفاقا یتمثل فی التخلی وعدم المتابعة والقیام بإجراءات التحقیق أو نقل أو تسلیم المواطنین أو الأشخاص الأمریکیین، موظفین کانوا أو عسکریین المشتبه بارتکابهم الجرائم التی تدخل فی اختصاص المحکمة الجنائیة الدولیة، إلا بموافقة الولایات المتحدة الأمریکیة، وهو ما یعبر عن التفسیر الأمریکی أحادی الجانب للعدالة الجنائیة الدولیة، الذی تسعى من خلاله الحیلولة دون توقیع العقاب على قادتها وساستها مرتکبی الجرائم الدولیة، وهو ما یتناقض مع القانون الدولی والاتفاقیات الدولیة المرعیة فی هذا الشأن وعلى الأخص اتفاقیة فینا لقانون المعاهدات التی صادقت علیها([91]). وتؤسس الولایات المتحدة الأمریکیة إبرام اتفاقیات الحصانة على أعمال السلطة التشریعیة أو الکونغرس، من خلال تعدیل قانون العلاقات الخارجیة وإدخال حمایة أفراد القوات المسلحة الأمریکیة إلى مجلس النواب، مکرسة بذلک واجب حمایة الجنود الأمریکیین من أی إجراء أو متابعة ضدهم، بالإضافة تضمین قانون حمایة أفراد القوات المسلحة الأمریکیة امتناع الولایات المتحدة الأمریکیة عن تقدیم الدعم العسکری للدول الموقعة على النظام الأساسی للمحکمة الجنائیة الدولیة، کما یقید مشارکتها فی عملیات السلام للأمم المتحدة، إلا إذا حصلت على التزام مجلس الأمن الدولی بعدم متابعة جنودها أمام المحکمة الجنائیة الدولیة، کما یمنع القانون المذکور أی شکل من أشکال التعاون مع المحکمة بما فیه حظر تسلیم أی مواطن أمریکی إلیها([92]). وتمکنت بذلک من سن القانون المؤرخ فی 30/09/2002 الذی یتضمن حمایة أفراد القوات المسلحة الأمریکیة، یهدف على الأخص إلى منع الأجهزة والهیئات الأمریکیة التعاون مع المحکمة الجنائیة الدولیة، والامتناع عن تقدیم مساعدات عسکریة للدول الأعضاء فی النظام الأساسی للمحکمة أو إلى المحکمة([93]). کما تضمن القانون المذکور ما یسمى (بقانون غزو لاهای) أی الترخیص للرئیس استخدام کافة السبل الضروریة من اجل تحریر أی مواطن أمریکی تعتقله المحکمة الجنائیة الدولیة، من خلال سلسلة من الآلیات تسمح للرئیس بذلک([94]). کما تؤسس الولایات المتحدة الأمریکیة إبرام هذه الاتفاقیات على تفسیر بعض نصوص النظام الأساسی للمحکمة الجنائیة الدولیة لأجل خدمة مصالحها وأغراضها الشخصیة، لا سیما نص المادة (98) المتعلق بالتعاون فیما یتعلق بالتنازل عن الحصانة والموافقة على التقدیم، والتی تقصد الاتفاقیات السابقة التی أبرمتها الدول والتزمت بها قبل توقیعها أو تصدیقها على النظام الأساسی، ولیس إبرام اتفاقیات جدیدة من اجل توفیر الحصانة لمواطنی الدول، حیث أبرمت الولایات المتحدة الأمریکیة بناء على ذلک اتفاقیات ثنائیة مع أکثر من 40 دولة، ومنها العراق بموجب الاتفاقیة الأمنیة الموقعة بین الدولتین سنة 2009، من اجل حمایة قادتها وجنودها الذین ارتکبوا جرائم دولیة فی العراق([95]). وأکثر من ذلک قامت بسحب المعونات العسکریة من 35 دولة طرف فی النظام الأساسی للمحکمة الجنائیة الدولیة رفضت التوقیع على اتفاقیات الحصانة معها، وأکثر من ذلک سحبت معوناتها الاقتصادیة من الدول التی تمسکت برفض التوقیع عن هذه الاتفاقیات([96]). ولم تکتف الولایات المتحدة الأمریکیة بما سبق بل مارست ضغوطها على مجلس الأمن الدولی من اجل استصدار قرارات الحصانة لمواطنیها ضد أیة ملاحقة للمحکمة الجنائیة الدولیة فی هذا السیاق اصدر مجلس الأمن عدة قرارات تمنع المحکمة الجنائیة الدولیة من نظر بعض الجرائم المرتکبة من طرف قوات الأمریکیة، کان أولها القرار رقم 1422 لسنة 2002، الذی منع بموجبه ملاحقة أفراد قوات الدولة غیر الطرف المشارکة فی عملیات حفظ السلام الأممیة، حیث صدر هذا القرار بعد الضغوط الأمریکیة من اجل حمایة جنودها الذین ارتکبوا جرائم دولیة أثناء عملیات حفظ السلام فی البوسنة والهرسک، وقد تم تجدید القرار السابق بمقتضى القرار 1487 لسنة 2003، لتسحب القرار برمته من التداول فیما بعد([97]). وأمام موقف إسرائیل والولایات المتحدة الأمریکیة من الانضمام إلى نظام روما تهربا من متابعة رعایاهم مرتکبی الجرائم الدولیة، والعراقیل التی تحد من اختصاص المحکمة فی الوقت الراهن، سیما ما تعلق بالاختصاص التکمیلی والصلاحیات الواسعة الممنوحة لمجلس الأمن کجهاز سیاسی، یبقى بسط اختصاص محکمة الجنائیة الدولیة لولایتها القضائیة محکوم باعتبارات سیاسیة أکثر منها قانونیة. الخاتمـة لقد أنشئت المحکمة الجنائیة الدولیة بغرض قمع الجرائم الدولیة الأشد خطورة على المجتمع الدولی، بملاحقة مرتکبیها وتحقیق العدالة الجنائیة الدولیة، غیر أنها لم تستطع لحد الآن فرض اختصاصها على متابعة مجرمی الحرب الإسرائیلیین والأمریکیین الذین ارتکبوا بما لا یدعو للشک جرائم حرب أثناء احتلال فلسطین وغزو العراق، بالرغم من توفر الأدلة والآلیات القانونیة التی تسمح بالمتابعة، سیما بعد انضمام فلسطین إلى المحکمة الجنائیة، وعلیه من خلال مناقشة موضوع البحث خلصت الباحثة إلى جملة من النتائج والاقتراحات نوردها فی الآتی: أولا: النتائج - أثرت جرائم الحرب المرتکبة فی فلسطین وأثناء احتلال العراق على استقرار وأمن منطقة الشرق الأوسط، أین تشکل المساءلة الجنائیة بلا شک رادعا حقیقیا من اجل منع الإفلات من العقاب، وبناء السلام والأمن فی المنطقة، خاصة أن اغلب جرائم الحرب ارتکبت بعد دخول نظام روما الأساسی حیز النفاذ، أی بعد الأول من جویلیة سنة 2002. (ملاحظة)أین، تتعارض مع السیاق - تکیف الانتهاکات المرتکبة فی الأراضی الفلسطینیة المحتلة، وتلک المرتکبة أثناء احتلال العراق، بأنها جرائم حرب ارتکبت ضد الأشخاص والممتلکات المحمیة بموجب اتفاقیات جنیف الأربع لسنة 1949 والقوانین والأعراف الساریة على المنازعات الدولیة المسلحة، تدخل فی اختصاص المحکمة الجنائیة الدولیة تطبیقا لنص المادة الثامنة من النظام الأساسی. - حالت أوجه القصور ومظاهر الخلل الموجودة فی النظام الأساسی للمحکمة الجنائیة الدولیة دون ممارسة اختصاص المحکمة على جرائم الحرب المرتکبة فی فلسطین والعراق. - یحد الاختصاص التکمیلی الذی یکرس سیادة الدولة من اختصاص المحکمة الجنائیة الدولیة فی متابعة مرتکبی جرائم الحرب فی فلسطین والعراق، بسبب صعوبة التشکیک فی القضاء الداخلی لهذه الدول واثبات عنصری عدم القدرة أو الرغبة من جهة، ومن جهة أخرى مرکز هذه الدول فی مجلس الأمن الاممی الذی له حق إرجاء التحقیق والمقاضاة . - تلعب الاعتبارات السیاسیة والانتقائیة فی معالجة القضایا من طرف مجلس الأمن الدولی دورا کبیرا فی إعاقة ممارسة اختصاص المحکمة، خاصة من ناحیة تقاعسه وسکوته عن إحالة الجرائم الإسرائیلیة والأمریکیة إلى المحکمة الجنائیة الدولیة. ثانیا: المقترحات بنا على النتائج المذکورة توصلنا إلى الاقتراحات الآتی ذکرها: 1- یجب أن تعمل العدالة الجنائیة الدولیة جنبا إلى جنب مع تحقیق السلم والأمن الدولیین الذی یتأتى من خلال تفعیل المتابعة الجنائیة ضد الذین أمروا أو خططوا أو نفذوا الأعمال الإجرامیة خلال النزاعات التی نشبت فی الشرق الأوسط، وفی مقدمتها جرائم الحرب المرتکبة ضد الشعب الفلسطینی خاصة بشان الجرائم المرتکبة بعد تاریخ 01/07/2002 أی بعد نفاذ النظام الأساسی للمحکمة الجنائیة الدولیة، وجرائم الحرب التی ارتکبتها القوات الأمریکیة البریطانیة أثناء احتلال العراق. 2- مراجعة النظام الأساسی للمحکمة الجنائیة الدولیة لیتلاءم مع القوانین الجنائیة الداخلیة للدول، ومعالجة الثغرات التی تحد من اختصاص المحکمة، کتجمید نص المادة 124 من النظام الأساسی التی تمنح الدول المنظمة حدیثا إلى المحکمة حق تعلیق اختصاصها لمدة (07) سنوات على متابعة مرتکبی جرائم الحرب من مواطنیها او جرائم الحرب المرتکبة على أراضیها، وهو حق یعطل اختصاص المحکمة دون أی داع. 3- إعادة النظر فی الاختصاص التکمیلی للمحکمة الجنائیة الدولیة، بإعطاء هذه الأخیرة الأسبقیة فی الاختصاص أو إلغائه تماما. 4- یمکن الاستناد إلى الطبیعة الآمرة لقواعد حقوق الإنسان من اجل فرض المحکمة الجنائیة ولایتها القضائیة على کل دول العالم بغض النظر إذا ما انضمت أو لم تنضم إلى النظام الأساسی للمحکمة. 5- وضع حد لاتفاقیات الحصانة وعدم تسلیم المجرمین للإفلات من العقاب التی تبرمها الدول للتهرب من متابعة رعایاها الذین ارتکبوا جرائم دولیة، مع ضرورة مراجعة نص المادة 98 من النظام الأساسی من اجل سد أیة ثغرة قانونیة یمکن الاستناد علیها لإبرام هذه الاتفاقیات. 6- بثبوت مسؤولیة القادة العسکریین والسیاسیین الإسرائیلیین عن ارتکابهم جرائم حرب دولیة بحق الشعب الفلسطینی، وارتکاب جرائم حرب أثناء احتلال العراق من طرف القوات الأمریکیة والبریطانیة، یجب على المجتمع الدولی بمؤسساته العمل على تکریس قواعد المتابعة وفق أحکام القانون الدولی، خاصة ما تعلق بتفعیل الاختصاص القضائی العالمی . 7- ضرورة انضمام دول الشرق الأوسط خاصة تلک التی ارتکبت الجرائم الدولیة فی حق شعوبها إلى النظام الأساسی للمحکمة الجنائیة الدولیة، وتعدیل بعضها لتشریعاتها الجزائیة الداخلیة بإضافة الجرائم الدولیة إلیها . وأخیرا یجب أن یسعى المجتمع الدولی إلى العمل على أن تکون المساءلة الجنائیة رادعاً فعاّلا ولا یتحقق ذلک إلا بإلغاء الشروط المسبقة لممارسة المحکمة لاختصاصها، عندئذ سیکون الاختصاص عالمیا غیر مقید بشروط أو مواعید محددة.
The Author declare That there is no conflict of interest
References (Arabic Translated to English) 1/ books 1. 5- Muhammad Izz al-Din Mustafa Hamdan, Violations of the Rules of International Humanitarian Law: An Analytical Study of the Goldstone Report, Arab Democratic Center for Strategic, Political and Economic Studies, Berlin-Germany, 2020. 2. Abd al-Rahman Muhammad Ali, Israeli crimes during the aggression on the Gaza Strip, Zaytuna Center for Studies and Consultations, Beirut-Lebanon, 2011. 3. haer Khaled Abdullah Al-Akkad, Victims' Rights in Light of International Criminal Law Provisions, Center for Arab Studies, Egypt, 2017.
6. Omar Mahmoud Al-Makhzoumi, International Humanitarian Law in Light of the International Criminal Court, House of Culture for Publishing and Distribution, First Edition, Jordan, 2008 7. Ould Youssef Mouloud, The International Criminal Court between the Law of Force and the Force of Law, Dar Al-Amal for Printing and Publishing, Algeria, 2013. 9. Sawsan Tamarkhan Bakkah, Crimes against humanity in light of the statute of the International Criminal Court, Al-Halabi Human Rights Publications, First Edition, Lebanon, 2006. 10. Yusef Abkir Muhammad, The Trial of War Criminals Before International Criminal Courts (A Comparative Study of Islamic Law and Contemporary International Law), Legal Books House, Egypt, 2011. 2 /Journals and articles 1. 13. Al-Arabi Hamani, The Effectiveness of the International Criminal Court in Light of American Threats, Journal of International Law for Research Studies, Issue 3, Arab Democratic Center, 2020. 2. 14. Ali Shamkhi Jabr, Targeting the civilized memory of Iraq - the looting and destruction of antiquities as a model -, Journal of the Arts of Kufa, Volume 1, Issue 43, 2020, p.535. 3. 15. Imad Khalil Ibrahim, International Responsibility for the Occupation of Iraq, Al-Rafidain Journal of Rights, Volume 15, Issue 53, 2012. 4. 17.Mabkhouta Ahmed, The Principle of Complementarity and the Mechanism of Jurisdiction between the International Criminal Court and the National Judiciary, Journal of Law and Political Science, Zian Ashour University, Djelfa, Volume 10, Issue 2, 2017. 5. Abd al-Latif Dihya, Obstacles to the Effectiveness of the Permanent International Criminal Court, Al-Haqiqa Magazine, Volume 15, Issue 37, 2016. 6. Abdel Halim bin Mashri, Muhammad Jagham, Globalization of the Statute of the International Criminal Court: Amputated Jurisdiction and Obstacles that Increase Deficiencies, Journal of Political Attitudes, published by the Arab Democratic Center, Berlin, Germany, September 2019. 7. Abdul Qadir Zarqin, The Use of Nuclear Weapons from the Perspective of the International Criminal Court, Humana Journal for Research and Studies, Volume 5, Issue 1,2014. 8. Adel Hamza Othman, Legal Responsibility for International Crimes (a study in the case of the American position), Journal of International Studies, Center for International Studies - University of Baghdad, Issue 48, 2011. 9. Ahmed Jamal Shaqoura, Activating the Jurisdiction of the International Criminal Court in facing Israeli crimes, Journal of Human Sciences, Volume 30, Issue 3, 2019. 10. Ahmed Si Ali, International Criminal Responsibility for Crimes Arising from the Aggression on Gaza, Al Mafiker Magazine, Volume 5, Issue 5, Muhammad Khaider University, Biskra, 2010. 11. Aisha Bel Abbas, Security Council’s Power to Refer to the International Criminal Court, Journal of Law and Political Science, Zian Ashour University, Djelfa, Volume 10, Issue 2, 2017. 12. Amal Hamdi Dakak, The American Occupation of Iraq and the Violation of the Rights of Iraqi Children (a field study of a research sample of refugee children in Damascus), Damascus University Journal, Volume 26, Issue 3, 2010. 13. Asma Ibrahim Ali Al-Yasiri, Security Companies Responsibility for Violations of International Humanitarian Law in Iraq, Journal of Rights Letter, Eighth Year, First Issue, 2016. 14. Bin Issa Al-Amin, Obstacles that Prevent the International Criminal Court's Follow-up of Violators of the Rules of International Humanitarian Law, Al-Ma'ar Magazine, Volume IX, Issue Two, 2018. 15. Daoudi Mansour, Ait Iftan Sara, Obstacles to International Criminal Responsibility in the Statute of the International Criminal Court, Journal of Law and Political Science, Volume Five, Issue 1, 2019. 16.Hafiza Moustaoui, International Responsibility for Violating the Rules for the Protection of Cultural Property in Armed Conflicts, Journal of Legal and Political Sciences, Volume 7, Issue 2, 2016. 17. Hamid Hamad Al-Saadoun, The American Use of Depleted Uranium in Iraq, Journal of International Studies, Center for International Studies - University of Baghdad, Issue 54, 2012. 18. Khalafawi Khalifeh, Conventions of Escape from Law before the International Criminal Court, Law Journal, published by Relizane University Center, Issue 4, 2014. 19. Khaled Hassani, The Principle of Complementarity in International and National Jurisdiction in the Statute of the International Criminal Court, Journal of the Kuwait International Law College, Fourth Year, Issue 13, 2016. 20. Malika Qadri, The American War on Iraq in 2003 under the umbrella of the Just War, Journal of Social Sciences and Humanities, Issue 12, 2016. 21. Memon Muna, War Crimes in Iraq During the Invasion of the Legislation Movement, Muhammad Khaider University of Biskra, 2020. 22. Mohammad Hassan Khamo, International Mechanisms for Recovering Stolen Iraqi Antiquities, Al-Rafidain Journal for Rights, Volume 19, Issue 68, 2019. 23. Rashid Bashar, International Criminal Responsibility for Israeli Crimes against the Freedom Flotilla, Journal of Law and Human Sciences, Volume 5, Issue 2,2012. 24. Scheter Abdel-Wahab, The Results of Palestine’s Accession to the International Criminal Court in the Face of Israeli Crimes, Academic Journal of Legal Research, Volume 12, Number Two, 2015. 25. Talaat Jiyad Laji Al-Hadidi, The Impact of the Principle of Complementarity in Defining the Concept of International Crime, Al-Rafidain Journal of Rights, Volume 11, Issue 39, 2009. 26. Tarabit Rachida, Legal Obstacles Preventing the ICC from Exercising its Judicial Powers in the Face of Israeli Crimes Committed in the Occupied Palestinian Territories, Sawt al-Qanun Magazine, Volume Five, Number Two, 2018. 27. Yasser Muhammad Abdullah, Obstacles to Achieving International Criminal Justice Before the International Criminal Court, Journal of the College of Law for Legal and Political Sciences, University of Kirkuk, Volume 6, Issue 2 / Part 1, 2017. 28. Yusef Azarwal, The Reality of Iraq After the American Occupation: An Analysis of the Dimensions of Human Security between 2003-2011, Journal of Social Sciences and Humanities, Volume 7, Issue 2, Al-Arabi Tebsi University, Tebessa, 2016. 29. Yusef Mazhar Ahmad al-Issawi and others, International Criminal Responsibility for Violations of the Rights of Iraqi Prisoners by Members of the US-British Forces, Studies, Sharia and Law Sciences, Volume 46, Issue 4, 2019. 3/ University theses 1. 3.Fatima Ahmed Muhammad Al-Sharif, Prosecuting the Israelis according to the International Criminal Court "Rome Charter", Master's Degree, Al-Azhar University - Gaza, 2019. 2. Ahmad Muhammad Daghmish, The Crime of Deportation in Light of International Law, Israel's Deportation of Palestinians since 1967, Master’s Memorandum, Al-Azhar University - Gaza, Palestine, 2014. 3. Boufergan Hamama, Individual International Criminal Responsibility for Violations of International Humanitarian Law in Non-International Armed Conflicts, PhD thesis, University of Mouloud Mammeri-Tizi Ouzou, 2020 4. Hossam Hassan Mustafa Hassan, Humanitarian Intervention in Contemporary International Law, PhD Thesis, Zagazig University, Egypt, 2004. 5. Muhammad Abd al-Aal Muhammad Abd al-Ati, The American aggression against Iraq in the light of public international law, Ph.D., Assiut University, Egypt, 2009. 6. Yasser Jihad Hussein Al-Manamah, Israeli Practices Toward the Role of Human Rights Institutions in Protecting Palestinian Civilians in the Gaza Strip, Master's Degree, Al-Azhar University - Gaza, 2019. 4/ International documents 1. The Four Geneva Conventions of 1949. 2. The First Geneva Protocol to the Geneva Conventions of 1977 3. The Elements of Crimes Document of the International Criminal Court was adopted by the Assembly of States Parties to the Rome Statute of the International Criminal Court at its first session held in New York from 3 to 10 September 2002 4. The Rome Statute, Document No. A / CONF.183 / 9 dated 17/07/1998, which entered into force on 01/07/2002. | |||||||
References | |||||||
المصـادر أولا: الکتب 1- إبراهیم الدراجی، جریمة العدوان ومدى المسؤولیة القانونیة الدولیة عنها، منشورات حلبی الحقوقیة، ط1، لبنان، 2005. 2- ثائر خالد عبد الله العقاد، حقوق الضحایا فی ضوء أحکام القانون الدولی الجنائی، مرکز الدراسات العربیة، مصر، 2017. 3- سامح خلیل الوادیة، المسؤولیة الدولیة عن جرائم الحرب الإسرائیلیة، مرکز الزیتونة للدراسات والاستشارات، لبنان، 2009. 4- سوسن تمرخان بکة، الجرائم ضد الإنسانیة فی ضوء النظام الأساسی للمحکمة الجنائیة الدولیة، منشورات الحلبی الحقوقیة، الطبعة الأولى، لبنان، 2006. 5- عبد الرحمان محمد علی، الجرائم الإسرائیلیة خلال العدوان على قطاع غزة، مرکز الزیتونة للدراسات والاستشارات، بیروت-لبنان، 2011. 6- عمر محمود المخزومی، القانون الدولی الإنسانی فی ضوء المحکمة الجنائیة الدولیة، دار الثقافة للنشر والتوزیع، الطبعة الأولى، الأردن، 2008. 7- محمد عزالدین مصطفى حمدان، انتهاکات قواعد القانون الدولی الإنسانی: دراسة تحلیلیة لتقریر جولدستون، المرکز الدیمقراطی العربی للدراسات الاستراتیجیة والسیاسیة والاقتصادیة، برلین-ألمانیا، 2020. 8- نبیل محمود حسن، الحمایة الجنائیة لضحایا الجریمة فی القانون الدولی الإنسانی، دار الجامعة الجدیدة، الإسکندریة، 2009. 9- ولد یوسف مولود، المحکمة الجنائیة الدولیة بین قانون القوة وقوة القانون، دار الأمل للطباعة والنشر، الجزائر، 2013. 10- یوسف أبکیر محمد، محاکمة مجرمی الحرب أمام المحاکم الجنائیة الدولیة (دراسة مقارنة بین الشریعة الإسلامیة والقانون الدولی المعاصر)، دار الکتب القانونیة، مصر، 2011.
ثانیا: المجلات
ثالثا: الرسائل الجامعیة
الوثائق الدولیة
| |||||||
Statistics Article View: 669 PDF Download: 297 |