الجزاءات الدولیة على العراق ومدى شرعیتها | ||
الرافدین للحقوق | ||
Article 7, Volume 23, Issue 75, June 2021, Pages 256-294 PDF (932.07 K) | ||
Document Type: بحث | ||
DOI: 10.33899/alaw.2021.168453 | ||
Author | ||
طه الحدیدی* | ||
کلیة الحدباء الجامعة - قسم القانون | ||
Abstract | ||
تعد الجزاءات الدولیة المنصوص علیها فی الفصل السابع من میثاق الأمم المتحدة ذات أهمیة بالغة فی المجتمع الدولی المعاصر کوسیلة لإحترام أحکام قواعد القانون الدولی الخاصة بحفظ السلم والأمن الدولیین ، ولقد تناولنا حالة تطبیق الجزاءات الدولیة على العراق وما شاب قرارات مجلس الأمن من غموض آثارت العدید من الانتقادات والتساؤلات حول طبیعة هذه القرارات ، ومدى شرعیتها. أن ما جرى فی حالة العراق من خلال قیام مجلس الأمن باصدار العدید من القرارات السریعة والمخالفة لاختصاصاته الوظیفیة المقررة فی مواد المیثاق قد شکلت إنتهاکاً سافراً لسیادة العراق وسلامة آمنه فقد مثلت أکبر إنتهاک لسیادته وإستقلاله لما تمخض عنها من تدمیر کامل للبنیة التحتیه ومحو کل مظهر من مظاهر سیادته الأمر الذی یعد إنتهاکاً واضحاً لقواعد القانون الدولی ومبادئ میثاق الأمم المتحدة. | ||
Keywords | ||
الجزاءات الدولیة; مجلس الأمن; العراق | ||
Full Text | ||
الجزاءات الدولیة على العراق ومدى شرعیتها-(*)- International sanctions imposed upon Iraq and its legitimacy
(*) أستلم البحث فی 29/5/2018 *** قبل للنشر فی 20/6/2020. (*) Received on 29/5/2018 *** accepted for publishing on 30/6/2020. Doi: 10.33899/alaw.2021.168453 © Authors, 2021, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license (http://creativecommons.org/licenses/by/4.0). المستخلص تعد الجزاءات الدولیة المنصوص علیها فی الفصل السابع من میثاق الأمم المتحدة ذات أهمیة بالغة فی المجتمع الدولی المعاصر کوسیلة لاحترام أحکام قواعد القانون الدولی الخاصة بحفظ السلم والأمن الدولیین، ولقد تناولنا حالة تطبیق الجزاءات الدولیة على العراق وما شاب قرارات مجلس الأمن من غموض أثارت العدید من الانتقادات والتساؤلات حول طبیعة هذه القرارات، ومدى شرعیتها. أن ما جرى فی حالة العراق من خلال قیام مجلس الأمن بإصدار العدید من القرارات السریعة والمخالفة لاختصاصاته الوظیفیة المقررة فی مواد المیثاق قد شکلت انتهاکاً سافراً لسیادة العراق وسلامة آمنه فقد مثلت أکبر انتهاک لسیادته واستقلاله لما تمخض عنها من تدمیر کامل للبنیة التحتیة ومحو کل مظهر من مظاهر سیادته الأمر الذی یعد انتهاکاً واضحاً لقواعد القانون الدولی ومبادئ میثاق الأمم المتحدة. الکلمات المفتاحیة: الجزاءات الدولیة، مجلس الأمن، العراق. Abstract International sanctions of Chapter VII of the Charter of the United Nations are of great importance in the contemporary international community as a means for the maintenance of peace and security. However, what happened in the case of Iraq that the Security Council issued a rapid decisions that violate the functional competency rules established in the UN Charter, and constitute a blatant violation of Iraq’s sovereignty and security. The issue that has been considered as a clear violation of the rules of international law and the United Nations Charter. This paper examines with the situation of the application of these international sanctions against Iraq and the ambiguity of the Security Council resolutions which have led to criticisms and questions. These resolutions raise many questions about their legitimacy, through the framing of international sanctions in Chapter VII of the Charter of the United Nations in their abstract legal framework. Key words: International Sanctions Security Council Iraq المقدمـة تعد الجزاءات الدولیة فی الفصل السابع من میثاق الأمم المتحدة ذات أهمیة بالغة فی المجتمع الدولی المعاصر بوصفها وسیلة لاحترام أحکام قواعد القانون الدولی الخاصة بحفظ السلم والأمن الدولیین، ذلک لأن الأمن الجماعی لم یعد أمن کل دولة على حدة، بل أصبح یمثل وحدة مترابطة لا تقبل التجزئة، على أساس أن المجتمع الدولی أصبح مترابط الاحتیاجات والمصالح فی کل مناحی الحیاة، ومن ثم فإن أی اخلال باستقرار أی جزء فیه أو سلامة أی عضو من أعضائه، یعَد تهدیداً للمصالح المشترکة التی تجمع کل الأعضاء، وتهدد الاستقرار العام للبقیة. لقد اعتمدنا فی بحثنا حالة ( العراق) بوصفها سابقة تاریخیة لمجلس الامن لکثرة القرارات التی صدرت ضده من حیث فرض الجزاءات الدولیة علیه بموجب احکام الفصل السابع من المیثاق وهو امر لا تلجأ الیه الامم المتحدة الا نادرا ومدى شرعیة قرارات مجلس الأمن بهذا الخصوص، والآثار المدمرة التی نجمت عنها وعدم إنهاءها على الرغم من زوال سبب فرضها . فضلا عن ان هناک شکاً فی صحة بعض القرارات بسبب فقدانها لأی أساس قانونی خاصة وقد أسندت أکثر القرارات إلى الفصل السابع من المیثاق فضلا عن غموض هذه القرارات وعدم الدقة فی صیاغتها منه خلال تخویل مجلس الأمن ذروة ما یمتلکه من سلطات یتعین أن یکون هذا القرار صریحا واضحاً ومحدداً أی أنه یشیر إلى تخویل استخدام القوة بقرار صریح یبین فیه حدود استخدام وحجم القوات وحدود الهدف المطلوب وآلیة الرقابة من جانبه على التنفیذ إذ أن جمیع هذه المسائل البالغة الأهمیة ترکها مجلس الأمن لدول التحالف وتخلی عن واجباته الرئیسیة فی ذلک الجانب مما یحمله المسؤولیة الدولیة فضلا عن ذلک فإن هذه الأعمال وما نتج عنها تعد مخالفه صریحة للقواعد التی أشرتها الاتفاقیات الدولیة وقواعد القانون الدولی الإنسانی . اهمیة البحث تنبع أهمیة دراسة مدى شرعیة تطبیق الجزاءات الدولیة من واقع أن مجلس الأمن فی الفترة التی اعقبت انتهاء الحرب الباردة فی أذار 1991 لجأ الى الکثیر من القرارات على وفق سلطاته فی الفصل السابع من المیثاق، وتضمنت جزاءات دولیة أثارت العدید من الانتقادات،والتساؤلات حول طبیعة الدور الذى یقوم به فی مجال سلطاته الخاصة بحفظ السلم والأمن الدولیین، وحول الضوابط والأسس والمعاییر التی یمارس على ضوئها سلطاته فی هذا الشأن، ومدى توافقها مع القواعد القانونیة الناظمة لهذه السلطات . هدف البحث یهدف البحث إلى تناول موضوع مدى شرعیة تطبیق الجزاءات الدولیة المفروضة على الدول الخاضعة لأحکام الفصل السابع من میثاق الأمم المتحدة على ضوء أحکامها المنصوص علیها فی المیثاق، وبما یتوافق مع روح أهدافها محاولین الترکیز على حالة تطبیق الجزاءات الدولیة على العراق وما شاب قرارات مجلس الأمن من غموض أثار العدید من الانتقادات والتساؤلات حول طبیعة هذه القرارات، ومدى شرعیتها والهدف من دراستنا تأطیر الجزاءات الدولیة فی الفصل السابع من میثاق الأمم المتحدة فی إطارها القانونی المجرد، لتحدید ما یعد من الجزاءات الدولیة ویدخل فی نطاقها، وما یخرج منها، إما لانعدام السند القانونی، أو بسبب عدم توافر أرکان وشروط أو ضوابط إقرارها أو تطبیقها أو تنفیذها، وإما لخروج المسألة من دائرة الاختصاص بها، وکل ذلک بقصد تقدیم بحث قانونی للجزاءات الدولیة على وفق الفصل السابع من میثاق الأمم المتحدة. مشکلة البحث أن الباحث القانونی لمسألة الجزاءات الدولیة تثار امامه مشکلة فی أنه أصبح من المتعارف علیه عند الکثیر أنه یکفی للقول بشرعیة الجزاءات الدولیة مجرد صدور قرار بها من مجلس الامن، دون الالتفات الى حقیقة وروح الأحکام القانونیة الناظمة لها، والحاکمة لسلطات مجلس الأمن فی ممارسة سلطاته على وفق الفصل السابع من میثاق الأمم المتحدة، الأمر الذى أحدث خلطا بین مفهومی الشرعیة السیاسیة والشرعیة القانونیة، التی تعنی بالنسبة للأولى،(مجموعة المبادئ الالزامیة بالنظر الى مصدرها فقط، ولکن بوصف طابعها الکونی والانسانی)، بینما (تعنی الشرعیة القانونیة، فی مفهومها الضیق تطابق التصرف أو الفعل أو القرار للنص أو لحکم القاعدة القانونیة وقبولها اجتماعیا بوصفها عادلة) علما أن المعول علیه فی الجزاءات الدولیة هی الشرعیة القانونیة ولیس السیاسیة باعتبار القواعد الحاکمة لها هی قواعد قانونیة. منهجیة البحث اعتمدنا فی بحثنا المنهج التحلیلی القانونی الذى یمکن ان یساعدنا على استقراء الحکمة من النصوص القانونیة المنظمة للجزاءات الدولیة فضلاً عن أنه یساعد على التحلیل التنظیمی للمؤسسات الدولیة ذات العلاقة بالجزاءات الدولیة، من کل جوانبها وکل ذلک بقصد الاحاطة بکل ظاهرة للجزاءات الدولیة من حیث تنظیمها وأحکامها، وممارساتها، ذلک من أجل تحدیدها تحدیداً موضوعیاً بما یتفق مع الأحکام القانونیة التی تنظمها. هیکلیة البحث حاولنا عرض جمیع الأفکار المتعلقة بموضوع البحث بطریقة متناسقة ومتوازنة قدر الإمکان تکفل تغطیة جمیع جوانبها، وقد اقتضت طبیعة البحث أن یتم تقسیمه الى ثلاث مباحث : تناولنا فی المبحث الاول : الجزاءات الدولیة واثارها على العراق واستعرضنا فی المبحث الثانی : فاعلیة الجزاءات الدولیة العسکریة واثارها على العراق وتطرقنا فی المبحث الثالث الى:مدى جواز تفویض مجلس الأمن لسلطاته ومدى شرعیة تفویضها ضد العراق
المبحث الأول الجزاءات الدولیة واثارها على العراق من المعلوم أن میثاق الأمم المتحدة قد أقام تنظیماً قانونیاً للمجتمع الدولی، وإن لم یکن مطلقاً وشاملاً، إلا أنه یسمو على سلطة أعضاء المنظمة فی اتخاذ القرارات، وعلى أجهزة الأمم المتحدة والدول غیر الأعضاء، ولم یتقرر نظام الجزاءات سوى لصیانة هذا النظام الذى أقامة المیثاق([1]). وتحقق أهدافه، وفی طلیعتها هدف حفظ السلم والأمن الدولیین ونظر للأهمیة التی یحظى بها حفظ السلم والأمن الدولیین، فقد حاول واضعوا المیثاق وضع الضوابط العامة لهذه الجزاءات، ولتطبیقها وتنفیذها، ورتبوا على ذلک حقوقا والتزامات، لذا فأننا سنقسم هذا المبحث الى مطلبین نخصص الأول منه لتطبیق وتنفیذ الجزاءات الدولیة غیر العسکریة وآثارها على العراق ونستعرض فی المطلب الثانی تطبیق وتنفیذ الجزاءات العسکریة وآثارها التدمیریة على العراق على الرغم من السلطات التقدیریة الواسعة التی منحها المیثاق لمجلس الأمن فی ممارسة سلطاته الخاصة بحفظ السلم والأمن الدولیین، فأنه أحتوى صراحةً أو ضمناً العدید من الضوابط لتطبیق وتنفیذ هذه الجزاءات، فمیثاق الأمم المتحدة لم یترک تطبیق وتنفیذ الجزاءات الدولیة مطلقة من دون الضوابط، بل وضع لذلک العدید منها، وتأتی أهمیة هذه الضوابط من کونها تُمیز بین واقع تطبیق وتنفیذ الجزاءات الدولیة على وفق قواعد الشرعیة الدولیة، وعلى وفق مقاصد وروح المیثاق، وبین الممارسات التی تتم باسم الجزاءات الدولیة، ولیست لها من هذه الجزاءات إلا الغطاء الشکلی، والحد الفاصل بین تطبیق وتنفیذ الجزاءات الدولیة وبین الممارسات التی تتم باسم الجزاءات الدولیة هو أن اللجوء إلى أی من جزاءات الفصل السابع من میثاق الأمم المتحدة لا یکون إلا بناءً على قرار من مجلس الأمن، وهذا شرط لتوافر الاختصاص للمجلس وهذا الضابط لتطبیق وتنفیذ الجزاءات الدولیة یجد أساسه فی معظم نصوص مواد الفصل السابع وخاصة المادة (39)([2]) والمادة (41)([3])، والمادة (42)([4]) من المیثاق، وهذا یعنی أنه لا یمکن وضع الجزاءات الدولیة فی مواجهة الدولة المستهدفة موضع التنفیذ دون قرار من مجلس الأمن یحدد الحالة الموجبة للجزاء، والجزاء اللازم لمواجهتها. لذى فقد تم تقسیم هذا المبحث الى مطلبین : تناولنا فی المطلب الاول منها الاساس القانونی فی تطبیق وتنفیذ الجزاءات الدولیة واستعرضنا فی المطلب الثانی مدى الزام الدول فی تطبیق الجزاءات غیر العسکریة المطلب الاول الاساس القانونی فی تطبیق وتنفیذ الجزاءات الدولیة إن الالتزام بتطبیق وتنفیذ قرارات مجلس الأمن بالجزاءات الدولیة یجد أساسه فی عدة مواضع من المیثاق، بعضها جاء ضمناً کما جاء فی دیباجة المیثاق من أن شعوب الأمم المتحدة قد آلت على نفسها أن تنقذ الأجیال المقبلة من ویلات الحروب ... کما جاء فی الدیباجة أیضا أن شعوب الأمم المتحدة تؤکد من جدید أیمانها بالحقوق الأساسیة للإنسان وبکرامة الفرد، مما یعنی أن الدولة مسؤولة عن احترام هذه الحقوق وکفالتها، أما الأساس الصریح للالتزام بقرارات الجزاءات الدولیة فنجده فی المادة (2/5) من المیثاق التی تقضی بأن یقدم جمیع أعضاء الأمم المتحدة کلما فی وسعهم من عون إلى الأمم المتحدة فی أی عمل تتخذه على وفق المیثاق، والامتناع عن مساعدة أیة دولة تتخذ الأمم المتحدة إزائها عملاً من أعمال المنع أو القمع، والمادة (24/1) التی یعهد بموجبها أعضاء الأمم المتحدة إلى مجلس الأمن بالتبعات الرئیسیة فی أمر حفظ السلم والأمن الدولیین، وتعهدهم بموجب المادة (25) بقبول قراراته وتنفیذها على وفق المیثاق، والمادة (49) التی تنص على تضافر أعضاء الأمم المتحدة فی تقدیم المعونة المتبادلة لتنفیذ التدابیر التی یقرها مجلس الأمن. وان یتم إقرار وتطبیق أو تنفیذ الجزاءات الدولیة على وفق مبادئ وأهداف الأمم المتحدة، أی أن یکون الهدف من قرار الجزاءات وتطبیقها أو تنفیذها هو تحقیق السلم والأمن الدولیین أو إعادتها إلى نصابها وأن لا تتخذ الجزاءات وسیلة للتدخل فی الشؤون الداخلیة للدول بما لا یعد ضرورة لتحقیق هدف حفظ السلم والأمن الدولیین. أی أنه یجب أن تتسق قرارات مجلس الأمن بالجزاءات الدولیة، وإجراءات تطبیقها أو تنفیذها مع قواعد الشرعیة الدولیة القانونیة([5]). ویتوقف القول باتفاق الجزاءات أو عدم اتفاقها مع قواعد الشرعیة على مدى استیفائها لشروط الشرعیة، سواء من حیث غایتها أو موضوعها أو إقرارها أو تطبیقها أو تنفیذها. وهذا یعنی أن الجزاءات إذا لم تکن متسقة مع قواعد وأحکام المیثاق فإن الدول لا تکون ملزمة بقبولها أو تطبیقها أو المشارکة فی تنفیذها وأن یراعى فی إقرار وتطبیق أو تنفیذ الجزاءات الدولیة مبادئ وقواعد العدالة([6]). وأن تکون جزاءات الفصل السابع من المیثاق لحالات الضرورة ذلک أن الأصل فی النزاعات الدولیة هو الحل السلمی، وهذا ما أکدته المادة (1/1) من المیثاق التی توجب على الأمم المتحدة أن تتذرع بالوسائل السلمیة لحل النزاعات الدولیة، وما أکدته المادة (33/1) منه التی توجب على أطراف أی نزاع من شأن استمراره أن یعرض حفظ السلم والأمن الدولی للخطر أن یلتمسوا حلة بطریق المفاوضة والتحقیق والتفویض والتحکیم والتسویة القضائیة أو أن یلجئوا الى الوکالات والتنظیمات الإقلیمیة أو غیرها من الوسائل السلمیة التی یقع علیها اختیارهم([7]) وأن یتم تحقیق الهدف المشروع (حفظ السلم والأمن الدولیین) بوسیلة مشروعة، أی أن مشروعیة الهدف لا تضفی الشرعیة على تطبیق أو تنفیذ الجزاءات الدولیة بغیر الطرق والأسس والقواعد التی حددها میثاق الأمم المتحدة ([8])، وأن یتبع فی إقرار الجزاءات وتطبیقها وتنفیذها مبدأ حسن النیة وهذا ما نصت علیه المادة (2/2) من المیثاق فی قولها " لکی یکفل اعضاء الهیئة لأنفسهم جمیعا الحقوق والمزایا المترتبة على صفة العضویة یقومون فی حسن نیة بالالتزامات التی اتخذوها على أنفسهم فی هذا المیثاق لکن المشکلة فی هذا الشأن أنه لا یوجد معیار حاسم لتحدید حسن النیة أو سواها فی تنفیذ الالتزامات الدولیة وکل ما موجود مؤشرات تساعد فقط على الاقتراب من مضمون وجوهر هذا المبدأ([9]). وأن یتوقف تطبیق أو تنفیذ الجزاءات الدولیة بمجرد توقف التصرف الذى أوجبها، حتى لو استمرت آثار ذلک التصرف ([10]). فأن استمرار الجزاءات مرهون بتحقیق أهدافها التی حددتها القرارات الدولیة، التی لا تخرج بدورها عن غایة حفظ السلم والأمن الدولیین . أما من حیث مدى وجوب التدرج فی الجزاءات الدولیة فقد أنقسم الفقه القانونی الدولی بشأن التدرج فی الجزاءات الدولیة إلى عدة اتجاهات، الأول: یرى وجوب التدرج فی استخدام مجلس الأمن الدولی لسلطته بالجزاءات، إذ یبدأ بالجزاءات الدولیة غیر العسکریة المنصوص علیها فی المادة (41) من المیثاق، فإذا لم تؤد الغرض المنشود، جاز له استخدام الجزاءات الدولیة العسکریة وقد أسس هذا الاتجاه رأیه فی أن عدم الالتزام بالتدرج فی الجزاءات الدولیة، واللجوء إلى الجزاءات الدولیة العسکریة أولاً قد یعرقل أعمال مجلس الأمن نحو ترتیب متطلبات العمل العسکری المنظم بما یتطلبه من حسن التخطیط والاتفاق والتنسیق خاصة فی ظل غیاب القوة العسکریة العاملة تحت أمُرة المجلس وغیر الجاهزة للعمل حتى الآن الأمر الذى سیصیب تلک الإجراءات بالرعونة، وعدم التثبت من رقابة وإشراف المجلس علیها، بعکس الحال فیما لو اتخذت الجزاءات الدولیة غیر العسکریة أولا والتی لا تحتاج ذلک القدر من الأعمال الفنیة والقانونیة والتجهیزات الدقیقة. فضلاً عن أن فی اللجوء الى الجزاءات الدولیة غیر العسکریة اتاحة الفرصة الکافیة لدراسة وبحث أسلوب ونظام وهدف العمل العسکری حتى لا یکون مجرد رد فعل غیر محدد الأطر والأهداف، وخال من الموضوعیة، ومطلق القیود. فضلا عن أن أهمیة الجزاءات الدولیة غیر العسکریة وضرورة إعمالها قبل اللجوء إلى الجزاءات الدولیة العسکریة من التدرج الوارد بینهما فی المادتین (41،42) من المیثاق بهدف تجنب العمل العسکری بقدر الإمکان وترک الفسحة والمجال کی تؤدی الجزاءات الدولیة غیر العسکریة مفعولها فی تحقیق الهدف منها([11]). کما أن نص المادة (42) نفسها تفید التتابع فی الجزاءات الدولیة ابتداءً من الجزاءات الدولیة غیر العسکریة، وهذا یتضح من قولها "إذا رأى مجلس الأمن أن التدابیر المنصوص علیها فی المادة (41) لا تفی بالغرض أو ثبت أنه لا تفی به.." إلا أنه قد یقال بأن النص على الرغم من استظهار إرادة التدرج فی الجزاءات منه قد أعطى لمجلس الأمن سلطة تقدیریة لإتباع اسلوب التدرج فی الجزاءات أو تجاهله حسبما یقدر هو دون معقب، لکن هذه السلطة التقدیریة فی إتباع اسلوب التدرج أو عدم أتباعه کان لحکمه قدرها واضعوا المیثاق وذلک لمواجهة بعض حالات خرق أحکام حفظ السلم والأمن الدولیین . والثانی: یرى أن مجلس الأمن لا یُلزمّ بالتدرج فی الجزاءات الدولیة، وأن التتابع بین المادتین (41،42) من المیثاق لا یفید أن على المجلس أن یتبنى الجزاءات الدولیة غیر العسکریة أولاً، فإذا لم تف بالغرض لجأ الى الجزاءات الدولیة العسکریة، ویرون أن للمجلس الحریة المطلقة فی أن یقرر اتخاذ التدبیر الجزائی الذى یقع إختیاره علیه لمعالجة الموقف الذى یبحثه([12]) وقد أسسوا رأیهم على أن التتابع الموجود فی المادتین (41، 42) من المیثاق لا یعنی التزام مجلس الأمن بأعمال التدرج والبدئ بالجزاءات غیر العسکریة([13]). کما لا یجب أن تقیید سلطات مجلس الأمن تجاه اتخاذ الجزاءات الدولیة العسکریة مباشرة، خاصة وان له سلطة تقدیریة أمام الحالات الخطرة التی تشکل تهدیداً للسلم والأمن الدولیین أو اخلالاً بهما أو عمل من أعمال العدوان التی لا تجدی معها الجزاءات الدولیة غیر العسکریة فی معالجة الأمر([14]) . فضلاً عن أنه لا یوجد نص صریح فی میثاق الأمم المتحدة یفید وجوب تَقیّد مجلس الأمن بالتدرج فی الجزاءات الدولیة. ولکن على الرغم من وجاهة حجج هذا الاتجاه من الفقه القانونی الدولی فأن هذه الحجج وجهت إلیها بعض الانتقادات ومنها فالقول أن التتابع بین المادتین ( 41،42) لا یفید التدرج هو قول غیر دقیق . فالقاعدة أن ترتیب الأحکام القانونیة لا یکون اعتباطیا، ولا خالیاً من الحکمة هذا من جانب، ومن الجانب الآخر، فإن نص المادة (42) الذى یأتی فی الترتیب بعد المادة (41) جاء فیه ما یفید التدرج وذلک لاستخدامه عبارة "إذا" الشرطیة التی استهل بها النص أحکامه، فضلاً عن عبارة أو ثبت أنها لم تف به أی أو ثبت أن الجزاءات غیر العسکریة لم تف بتحقیق هدف حفظ السلم والأمن الدولیین ومن ثم فإن دلالة التدرج فی هذا النص هی الأظهر. أما القول بأن سلطات مجلس الأمن بالجزاءات الدولیة العسکریة یجب إلا تُقیّد، بحجة أن له سلطة تقدیریة، فلا تعارض بین السلطة التقدیریة ووجوب التدرج فی الجزاءات، إذا الحکمة من السلطة التقدیریة مراجعة الحالات غیر المتوقعة، التی لم تعالجها نصوص المیثاق أو تتحسب بها، أی أن السلطة التقدیریة وسیلة لحسن قیام مجلس الأمن بواجبات سلطاته على الوجه الأمثل، وفقاً لقواعد وأهداف ومبادئ الأمم المتحدة، ومن ثم إذا أمکن لمجلس الأمن القیام بوجبات مسؤولیاته دون أعمال سلطاته التقدیریة فلا شیء یحول دون ذلک، ولذلک فلا تعارض بین السلطة التقدیریة والقیود القانونیة على مباشرة المجلس لسلطاته، أما القول بعدم وجود نص صریح فی المیثاق یوجب التدرج فی الجزاءات وأن من سمات قواعد میثاق الأمم المتحدة العمومیة، على الرغم من حقیقة هذه السمة فی نصوصه، فأنه جاء فی المادة ( 42) منه تحدیداً، ما یفید التدرج فی الجزاءات أظهر وأقوى من دلالة الإطلاق . اما الثالث: یقول بالتدرج فی الجزاءات الدولیة الواردة فی المادة (41) فقط، أی یجب أن تطبق بشکل متدرج إذ تبدأ بقطع العلاقات الدبلوماسیة کخطوة أولى ثم الإجراءات الاقتصادیة([15]). والرأی الرابع: یقول أن سلطات مجلس الأمن المتدرجة لا تقتصر على الجزاءات الدولیة وحسب بل علیه التقید بها فی کل سلطاته الخاصة بحفظ السلم والأمن الدولیین، إذ یبدأ من دعوة الأطراف المتنازعة إلى تسویة منازعاتها بالطرق السلمیة المعروفة فی القانون الدولی التقلیدی، التی احتوتها نصوص الفصل السادس من المیثاق، وصولاً إلى الفصل السابع، وإتباع التدرج فی أحکامه([16]). ومما یؤکد مبدأ التدرج فی الجزاءات، مواقف الدول منها، سواء تم التعبیر عن هذه المواقف فی مجلس الأمن، أو فی مناسبات خاصة، ومن ذلک ما أکده مندوب الصین فی مجلس الأمن، تعلیقاً على مشروع قرار المجلس ( 687 /19919) ضد العراق بقوله "إن المشروع المعروض للتصویت، الذى یتضمن تعبیر استخدام کل الوسائل اللازمة، یسمح باستخدام العمل العسکری، وهذا یتعارض مع الموقف الثابت للحکومة الصینیة الذى یحبذ السعی نحو الحل السلمی بکل الوسائل، ولذلک فإن الوفد الصینی یجد صعوبة فی التصویت لصالح مشروع القرار ... أن الحکومة الصینیة مازالت تتمسک بأنه على المجتمع الدولی أن یحافظ على تشدید الضغط السیاسی والاقتصادی على العراق، وطالما أن هناک بصیص من الأمل فی السلام فیجب متابعة الجهود حتى النهایة([17]). وقد أیده فی ذلک مندوب الیمن حین قال .. ألیس غریبا أن مجلس الأمن ولفترة طویلة لم یخرج بقرار واحد یطلق ید الأمین العام ویفوضه بوضوح بالدخول فی جهود وساطة لحسم الأزمة بالطرق السلمیة، مضیفا أن من دواعی السخریة أن الدول التی ظلت تحاضرنا فی العالم العربی عن فضائل الحوار والتفاوض الدبلوماسی هی نفسها التی تقول الآن لا لمبادرات السلام([18]). وإلى ذلک ذهب مندوب کوبا فی قوله "أن التدابیر السیاسیة والتجاریة التی اتخذت أکثر من کافیة، والیوم لا یستطیع العراق أن یتلقى البضائع سواء عن طریق الجو أو البر أو البحر .... ومن الواضح أنه لا یمکن لأی دولة أن تصمد طویلاً أمام العزلة السیاسیة والاقتصادیة المفروضة على ذلک البلد لأی فترة من الوقت مما یغنی عن الحاجة الى تجویع النساء والأطفال والمسنین أو إلى شن حرب دمویة ([19]). وقد أیده بذلک وزیر الدفاع الفرنسی "جان بییرشیفتمان بقوله" أن عملیة المقاطعة الاقتصادیة المفروضة على العراق تتم بفاعلیة بنسبة 95% وأضاف أنه یؤمن بالدبلوماسیة وصولا للحل السلمی([20]). من ذی قبل یتضح لنا مما تقدم أن التدرج فی الجزاءات الدولیة هو القاعدة التی یجب على مجلس الأمن مراعاتها عند مباشرته لسلطاته الجزائیة، على أن تبدأ بالجزاء الذى یعتقد أنه کافیاً لتحقیق الغایة منه، وأنه لا یجوز اللجوء إلى الجزاءات الدولیة العسکریة مباشرة بوصفها أشد جزاءات الفصل السابع وأکثرها مساساً بسیادة الدولة المستهدفة. ومن مجمل ما سبق یتضح أن مسألة تطبیق الجزاءات الدولیة غیر العسکریة مسألة هامة ومتعددة الجوانب، الأمر الذى یقتضی تناول الأساس بالالتزام بتطبیقها ومدى جواز استخدام القوة العسکریة فی تطبیقها. المطلب الثانی مدى الزام الدول فی تطبیق الجزاءات غیر العسکریة من المعلوم ان الأساس فی ألزم الدول الأعضاء فی الأمم المتحدة بتطبیق الجزاءات الدولیة غیر العسکریة مثله فی ذلک مثل الإلزام بکل قرارات مجلس الأمن الخاصة بحفظ السلم والأمن الدولیین یتمثل فی تعهد الدول الأعضاء بموجب المادة (25) من المیثاق([21]) بقبول قرارات المجلس وتنفیذها طالما جاءت متسقة مع أهداف الأمم المتحدة ومبادئها، التی جاءت مکملة للمادة (24) من المیثاق([22]) التی أوضحت مسؤولیات وتبعات مجلس الأمن فی حفظ السلم والأمن الدولیین . أما التزام الدول غیر الأعضاء بتطبیق الجزاءات الدولیة فیجد أساسه فی نص الفقرة السادسة من المادة الثانیة من المیثاق التی تقضی بأن "تعمل الهیئة على أن تسیر الدول غیر الأعضاء فیها على هذه المبادئ بقدر ما تقضیه ضرورة حفظ السلم والأمن الدولی". أن واضعی المیثاق قد حرصوا على أن لا تستفید الدول غیر الأعضاء فی الأمم المتحدة من وضعها المحاید للتحلل من الالتزامات الدولیة، والتقاعس عن تنفیذ القرارات الدولیة بالشکل الذى قد یضر بالنظام الأمنی الدولی ویحبط أهدافه فحرصوا على تعاون جمیع الدول مع المنظمة الدولیة بهدف حفظ السلم والأمن الدولیین([23]). إلى ما تقدم تبین أهمیة الجزاءات الدولیة غیر العسکریة فی حفظ السلم والأمن الدولیین فأنه یثار التساؤل حول مدى جواز استخدام القوة العسکریة فی تطبیق الجزاءات الدولیة غیر العسکریة ؟ وللإجابة على هذا التساؤل فقد انقسم الفقه القانونی الدولی بشأن جواز أو عدم جواز استخدام القوة العسکریة لتطبیق الجزاءات الدولیة غیر العسکریة الى ثلاث اتجاهات فقد ذهب الاتجاه الأول إلى القول بشرعیة استخدام القوة العسکریة لضمان أحکام الجزاءات الدولیة الاقتصادیة وحجته فی ذلک أن الهدف هو منع التهرب والتحایل على تطبیقها، مضیفین أنه على الرغم من أن الحصار البحری عملاً من أعمال الحرب فأن هذه الصفة تنتفی عندما رخص به مجلس الأمن للدول الأعضاء أو لدول بذاتها، بوصفه عملا من أعمال القمع الجماعی([24]). إن هذا الاتجاه یعتنق مبدأ الغایة تبرر الوسیلة، ومثل هذه القاعدة إذا کانت مقبولة واقعیاً فی العمل السیاسی، فإنها غیر مقبولة فی القانون الذى یجب التقید فی تطبیق أحکامه بالشروط والضوابط التی حددها، هذا من جانب ومن الجانب الآخر فأن هذا الاتجاه قد تجاهل القاعدة العامة فی القانون الدولی، القاضیة بعدم جواز تحقیق الهدف المشروع بوسیلة غیر شرعیة، فأحکام الجزاءات الدولیة الاقتصادیة عمل مشروع، متى کان حفظ السلم والأمن الدولیین یتطلبان ذلک، ولکن هذه المشروعیة لا تضفی الشرعیة على الوسیلة غیر الشرعیة، ذلک إن تحقیق هذه الغایة بالعمل العسکری یتنافی مع عسکرة الجزاءات الدولیة غیر العسکریة التی مضمونها أنها جزاءات لا تتم فیها اللجوء إلى القوة العسکریة کما تنص على ذلک المادة (41) من المیثاق([25]). وقریب من الاتجاه السابق ذهب فریق فقهی أخر إلى القول أن فرض الحصار البحری بالقوة المسلحة لا یعنی الانتقال من جزاءات المادة (41) إلى جزاءات المادة (42) من المیثاق، أی أنه لا یمثل انتقالاً من الجزاءات الدولیة غیر العسکریة الى الجزاءات الدولیة العسکریة، وإنما یمثل مرحلة جدیدة ابتکرها مجلس الأمن خلال أزمة الخلیج وهى بمثابة محطة انتقالیة تتناسب مع مبدأ التدرج فی الجزاءات الدولیة المستفاد من تسلسل نصوص الفصل السابع من المیثاق، وتحقق هذه المرحلة الانتقالیة درجة عالیة من المرونة، تسمح لمجلس الأمن بإدارة الأزمة بشکل یکفل له الاحتفاظ لأطول فترة ممکنة بالخیار بین التسویة السلمیة من جهة، والبدیل العسکری من جهة أخرى والنتیجة المنطقیة حسب رأیهم لذلک شرعیة استخدام القوة لضمان تنفیذ جزاءات لا تزال غیر عسکریة وإن مجلس الأمن قد ابتکر هذه المرحلة الأنتقالیة لکی یضع مبدأ التضامن الدولی فی مواجهة العدوان موضع التطبیق الفعلی، وهو ما یتفق فی النهایة حسب هؤلاء مع الهدف الأساسی للأمم المتحدة فی حفظ السلم والأمن الدولیین حتى وإن کان ذلک لا یعنی تطبیقاً حرفیاً لأحکام المیثاق([26]). والحقیقة أن القبول بوجود مرحلة انتقالیة بین الجزاءات الدولیة غیر العسکریة والجزاءات الدولیة العسکریة یحتاج إلى تعدیل المیثاق الأمم المتحدة یجیز هذه المرحلة الانتقالیة، وقبل ذلک لا یمکن قبول هذه الفکرة، لأن منهاج التفسیر القانونی المتعارف علیه لا یسمح بالاجتهاد مع وضوح النصوص وقطعیتها، وأحکام المیثاق فی هذا الشأن فی غایة الوضوح، إذ لا یوجد منها مرحلة انتقالیة بین الجزاءات الدولیة غیر العسکریة والجزاءات الدولیة العسکریة بل یوجد مرحلتین فقط هما مرحلة الجزاءات الدولیة غیر العسکریة والجزاءات الدولیة العسکریة المنصوص علیها فی المادة (42) من المیثاق. فضلا عما سبق فأن قولهم أن الجزاءات الدولیة الاقتصادیة تضل جزاءات غیر عسکریة على الرغم من تطبیقها بالقوة العسکریة أمر لا یستقیم قانوناً، لأن القانون یقول بنوعین من الجزاءات الدولیة على وفق الفصل السابع من المیثاق، هى أما جزاءات دولیة غیر عسکریة، أو جزاءات دولیة عسکریة، والمعیار الممیز بینهما هو استخدام القوة العسکریة، فمتى استخدمت هذه الأخیرة ونفذت فی ذات الوقت أعمال عسکریة بموجب قرارات مجلس الأمن على وفق المادة (42)، فأننا نکون بصدد نوعین من الجزاءات کل واحد منهما قائم بذاته وأساسه القانونی وآلیاته. وعلى خلاف ما ذهب إلیه الاتجاهان الفقهیان السابقان قال فریق ثالث بأنه لا یجوز من الناحیة القانونیة استعمال القوة العسکریة لضمان تطبیق الجزاءات الدولیة غیر العسکریة مستندین فی ذلک الى العبارات الصریحة التی بدأت بها المادة (41) من المیثاق أحکامها، وذلک بنصها على أن " لمجلس الأمن أن یقرر ما یجب أتخاذه من التدابیر التی لا تتطلب استخدام القوة المسلحة لتنفیذ قراراته ([27])... ویبدو لنا أن الرأی الأخیر هو الأولى بالإتباع، لاتفاقه مع صریح نص المادة (41) من المیثاق، ولاتفاقه مع إقامه المیثاق للتفرقة بین الجزاءات الدولیة العسکریة والجزاءات الدولیة غیر العسکریة، واختصاص کل منهما بسند قانونی، وقواعد وضوابط وآلیات وشروط مستقلة عن الآخر. لکن هذا لا یعنی عدم جواز الجمع بین نوعی الجزاءات لکن الجمع بینهما لا یعنی أن أحدهما وسیلة لتطبیق الآخر، ولکن غایتهما جمیعاً تحقیق هدف حفظ السلم والأمن الدولیین ومتى أقتضى هذا الهدف من الجمع بین نوعی الجزاء فلا شئ یحول دون ذلک، لأنه لا یوجد نص یمنع ذلک، وهذا على خلاف القول باستخدام القوة العسکریة لتطبیق الجزاءات الدولیة غیر العسکریة، التی نصت المادة (41) من المیثاق صراحة أن هذه الأخیرة مما لا تتطلب القوة المسلحة لتنفیذ قرارات مجلس الأمن. استنادا الى ما تقدم نخلص الى القول بأنه إذا کان من المُسلّم به أن مجلس الأمن یستطیع أن یفرض ما یشاء من التدابیر فی سبیل حفظ السلم والامن ومواجهة العدوان، على وفق سلطاته لسلطاته المخولة له بموجب الفصل السابع، فإنه لا یملک أن یتجاوز الحدود القانونیة المرسومة فی المیثاق، التی تبین کیفیة ممارسة أعمال القمع الجماعی التی تقوم بها الأمم المتحدة ([28]). إن تطبیق أحکام الجزاءات الدولیة غیر العسکریة یقوم بها جمیع الدول الأعضاء فی الأمم المتحدة تطبیقاً لمبدأ المساواة الذى ینطوی هنا على التساوی فی تحمل الأعباء غیر أن للمجلس على وفق تقدیره أن یقرر إسناد هذه المهمة إلى دولة بذاتها ([29]). أو دول محددة وذلک متى ما رأى أن لانفراد هذه الدولة أو الدول بالتطبیق میزة خاصة، وأن هذه المیزة کافیة لأن تحدث الجزاءات غایتها فی حفظ السلم والأمن الدولیین. فمجلس الأمن وحده هو الذى یقرر فیما إذا کان تطبیق الجزاءات الدولیة غیر العسکریة یلزم أن تقوم بها دولة محددة أو عدة دول معینة، أو یلزم لها أن تطبق من قبل جمیع الدول الأعضاء فی الجماعة الدولیة، وذلک على وفق ظروف کل حالة على حده، إذ لا یوجد نص فی المیثاق یلزم المجلس بإتباع أسلوب معین فی تطبیق الجزاءات الدولیة غیر العسکریة أو فی تحدید نطاقها. وسواء تم تطبیق أحکام الجزاءات الدولیة غیر العسکریة من قبل دولة أو مجموعة من الدول أو من قبل الجماعة الدولیة، فأنه لا یجوز للدول المکلفة بذلک أن تمتنع عن تطبیق هذه الجزاءات أما بسبب وضعها الحیادی، او لارتباطها التعاقدی القائم مع الدولة المستهدفة فلا یمکن لهذه الدول أن تتحلل من هذا الالتزام، طالما أن مجلس الأمن هو المختص باختیار من یقوم بالتطبیق([30])، لأن الدول ملزمة بتطبیق قرارات مجلس الأمن بموجب المادة (25) من المیثاق([31]). ولضمان تطبیق الجزاءات الدولیة غیر العسکریة (الاقتصادیة) ینشئ مجلس الأمن طبقاً للمادة (29) من المیثاق([32]) ما یراه ضروریاً من الفروع الثانویة واللجان الخاصة، من أجل الإشراف على تطبیق هذه الجزاءات على النحو الذى حدده المیثاق، وتقوم هذه اللجان بتقدیم التقاریر الدوریة المتعلقة بعملها، مشفوعة بملاحظاتها وتوصیاتها([33]). وتتحمل هذه اللجان مهام عدیدة تختلف باختلاف الجزاءات ونطاقها وتقوم بدراسة الأضرار التی تقع على الدول التی تتولى تطبیق الجزاءات ورفع التوصیات إلى مجلس الأمن بما یجب القیام به لتعویض هذه الدول وذلک طبقا للمادة (50) من المیثاق . وکذلک دراسة المعلومات وتقضى الحقائق عن حدوث الانتهاکات للجزاءات، وإصدار التوصیات الخاصة لمواجهة هذه الانتهاکات، فضلا عن تحدید للحالات الإنسانیة التی تقتضی استثناء الجزاءات من المواد الغذائیة والطبیة، والتأکد من حصول الدولة الهدف على هذه المواد، علاوة على تعریف وتوضیح وتفسیر قرارات الجزاءات إذ تساعد الدول على کشف أی غموض یشوب هذه القرارات([34]). خلاصة القول یتضح لنا تطبیق الجزاءات متعدد الجوانب والأحکام وکیف أنه یثیر قضایا عدة ومع ذلک تظل مسألة تطبیق وتنفیذ الجزاءات الدولیة غیر العسکریة أقل تعقیداً من الناحیة القانونیة مقارنة بتنفیذ الجزاءات الدولیة العسکریة . اما ما یخص الجزاءات الدولیة غیر العسکریة التی طبقت على العراق فقد تجاوز مجلس الأمن مرحلة التدابیر الاقتصادیة إلى مرحلة الحصار الاقتصادی وذلک بموجب القرار 665(1990) إذ أتسم القرار المذکور عن بقیة القرارات التی سبقته بکونه یفرض حصاراً اقتصادیاً تم وضعه موضع التنفیذ من خلال حصار بحری وبری جوی وبشکل تعسفی لم یسبق له مثیل فضلا عن ذلک فإن مجلس الأمن باتخاذه لهذه التدابیر یکون قد ارتکب فی وقت مبکر عملاً من أعمال الحرب، لأن الحصار فی وقت السلم یعد بمفهوم القانون الدولی التقلیدی عملاً حربیاً ([35]). المبحث الثانی الجزاءات الدولیة العسکریة وآثارها على العراق فی الواقع ان تنفیذ الجزاءات الدولیة العسکریة یعد من أهم وأخطر حالات ممارسة مجلس الأمن لسلطاته الجزائیة على وفق الفصل السابع من میثاق الأمم المتحدة، وذلک للمساس المادی المباشر لهذه الجزاءات بسیادة الدولة الهدف، ولکون استخدام القوة فی هذه الحالة مجرد استثناء من الأصل العام لتحریم استخدام القوة فی العلاقات الدولیة المنصوص علیها فی المادة (2/4) من المیثاق الذى یجب أن یُقدّر بقِدرِة ([36]).وتم تقسیم هذا المبحث الى مطلبین : تناولنا فی المطلب الاول : الیة انشاء القوات لتنفیذ الجزاءات الدولیة العسکریة واستعرضنا فی المطلب الثانی : الیة تنفیذ الجزاءات الدولیة العسکریة المطلب الاول الیة انشاء القوات لتنفیذ الجزاءات الدولیة العسکریة إن تطبیق وتنفیذ الجزاءات الدولیة العسکریة یتطلب تکوین القوات العسکریة اللازمة لتنفیذ هذه الجزاءات بخصوص تشکیل القوات اللازمة لتنفیذ الجزاءات فقد تعهدت الدول الأعضاء فی الأمم المتحدة على وفق المادة (43) من المیثاق بأن تضع تحت تصرف مجلس الأمن وبناءً على طلبه، وطبقاً لاتفاق أو اتفاقات خاصة ما یلزم من القوات المسلحة والمساعدات والتسهیلات الضروریة لحفظ السلم والأمن الدولیین، ومن ذلک حق المرور وعدد القوات وأنواعها ومدى استعدادها وأماکنها، ونوع التسهیلات والمساعدات التی تقدم، وتبرم الاتفاقات بین مجلس الأمن وبین أعضاء الأمم المتحدة، أو بینه وبین مجموعة منها، وتصدق علیها الدول الموقعة على وفق مقتضیات أوضاعها الدستوریة([37]). ویتضح من أحکام المادة (43) أن مجلس الامن هو الذى یختار الدولة أو الدول، التی یتعاقد معها لإنشاء القوات العسکریة لتنفیذ الجزاءات الدولیة العسکریة، وهذه الأخیرة ملزمة بتلبیة طلب المجلس([38]). وکما یتضح من أحکام المادة (43) من المیثاق إن الاتفاقات بشأن تشکیل القوات أما أن تتم بین مجلس الأمن وکل دولة یختار التعاقد معها على حده، أو أن یعقد اتفاقاً واحداً مع بعضها أو معها جمیعاً، لکن المنطق القانونی یقتضی أن یتم اتفاق مجلس الأمن مع کل دولة على حده، وذلک لأن لکل اتفاق خصوصیاته لکل طرف متعاقد من حیث حدود الالتزامات المتقابلة ومن حیث نوع المهام و التسهیلات التی یلتزم بتقدیمها . فأن المادة المذکورة لم تحدد وقت عقد الاتفاقات بین الدول ومجلس الأمن وهل یتم بمناسبة کل حالة على حدة، أو أن یتم بالمطلق على أن تفعل أحکام هذه الاتفاقات عند توافر أسبابها. والراجح وفی رأینا المتواضع أن نص المادة (43) قصد عقد اتفاقات بین المجلس والدول بصفة مطلقة، دون أن یرهن ذلک بحالة أو وضع معین یؤکد ذلک قول المادة (43) فی فقراتها الثالثة "بأن تجری المفاوضة فی الاتفاقات المذکورة بأسرع ما یمکن بناءً على طلب مجلس الأمن..."، وهذا یعنی أنه یشترط لعقد هذه الاتفاقات أن یطلب ذلک مجلس الأمن من الدول، وأن تبرم لهذه الغایة اتفاقات تحدد عدد القوات وأنواعها ومدى استعدادها وأماکنها ونوع المساعدات والمهام التی تقدمها أو تنفذها، وأن یکون ذلک فی المطلق، ولیست بصدد حالة معینة، مما یعنی أن الاتفاقات یجب أن تکون سابقة على وقت الحاجة لعملها. أما طبیعة الاتفاقات على وفق المادة (43) من المیثاق، فأنها لا تخرج عن کونها معاهدات دولیة والأطراف فیها هی الأمم المتحدة ممثلة فی مجلس الأمن کطرف أول، والدول الأعضاء سواء فرادا أو جماعات کطرف ثانی، ویترتب على ذلک أن الدول التی تدخل مع مجلس الأمن لهذا الخصوص فی معاهدة واحدة تمثل أمام الأمم المتحدة شخصاً قانونیاً دولیاً واحداً، ولکن ذلک یتطلب أن یکون لها، لهذه الغایة جهاز یختص بتمثیلها تجاه الأمم المتحدة([39]). هذا وإن الآثار القانونیة التی تترتب على عقد اتفاقات المادة (43) من المیثاق هی نفس الآثار القانونیة التی تسری على اتفاق طرفین دولیین ولیست قرارات من مجلس الأمن یتخذها بمقتضى سلطاته الالزامیة، یتعین على الدول الالتزام بها. ومن ثم فأن الالتزام بأحکام هذه الاتفاقات یخضع للشروط التی تقبلها الدول، فلا یزال مبدأ السیادة فی هذا الشأن هو الأساس فی العلاقة بین الدول مع بعضها، وبینها وبین الأمم المتحدة على الرغم من التطورات التی طرأت على هذا المبدأ([40]). وبذلک یتضح أن لمجلس الأمن حق الدخول فی اتفاقات دولیة، نیابة عن الامم المتحدة، بقصد توفیر الآلیات اللازمة للقیام بواجبات مهام مسؤولیاته وفقا لأحکام الفصل السابع من میثاق الامم المتحدة . وهذا ما یؤکد أن لیس لمجلس الامن القیام بتنفیذ الجزاءات الدولیة العسکریة قبل عقد اتفاقات المادة ِ(43) وإن هذه الاتفاقات شرط لأزم لقیام المجلس بتنفیذ جزاءات المادة (42) من المیثاق. المطلب الثانی الیة تنفیذ الجزاءات الدولیة العسکریة أما عن آلیة تنفیذ الجزاءات الدولیة العسکریة فما من شک أن هناک ارتباطاً وثیقاً بین المادة (43) والمادة (47) من المیثاق، فالأولى تستوجب لشرعیة ممارسة مجلس الأمن لسلطاته الجزائیة العسکریة إنشاء قوات عسکریة تکون تحت تصرف المجلس عند الاقتضاء([41]) بینما تنص الثانیة المادة (47) على إنشاء جهاز فنی متخصص یساعد المجلس على القیام بمهامه تلک . وحیث نصت المادة (46) من المیثاق على أن "الخطط اللازمة لاستخدام القوة المسلحة یضعها مجلس الأمن بمساعدة لجنة أرکان حرب...".
لذا نرى من الضروری التطرق إلى لجنة أرکان حرب من حیث تشکیلها، ومهامها فقد نصت المادة (47) فی فقرتها الأولى([42]) على تشکیل لجنة أرکان حرب، فقد نصت الفقرة الثانیة منها على تکوین اللجنة بالنص على "تشکل لجنة أرکان حرب من رؤساء أرکان حرب الأعضاء الدائمین فی مجلس الأمن أو من یقوم مقامهم .."، ومن هذا النص یتضح أن عضویة لجنة أرکان حرب حکراً على الدول الدائمة العضویة فی مجلس الأمن، وأنها تشکل من رؤساء أرکان الحرب لهذه الدول، أو من یقوم مقامهم. ومن مهام لجنة أرکان حرب ما تحمل فی طیاتها الکثیر من الأحکام الهامة، والعدید من المهام المرتبطة بسلطات مجلس الأمن الخاصة بتنفیذ الجزاءات الدولیة العسکریة وما یتصل بها إذ تتوزع هذه المهام فی اسداء المشورة لمجلس الأمن فقد نصت على هذه المهمة للجنة أرکان حرب الفقرة الأولى من المادة (47) من المیثاق، إذ تتولى تقدیم المشورة إلى مجلس الأمن ومعاونته فی مسؤولیاته العسکریة، وذلک فی جمیع المسائل المتصلة بما یلزمه من حاجات حربیة لحفظ السلم والأمن الدولیین، ولاستخدام القوة العسکریة الموضوعة تحت تصرفه وقیادتها، وذلک من خلال تقدیم المشورة لمجلس الأمن والاسهام فی کل ما یتعلق بهذا الخصوص، فأن المشورة التی تقدمها لجنة أرکان حرب لمجلس الأمن فیما یخص مسؤولیاته فی حفظ السلم والأمن الدولیین لیست ملزمة له، لا فی مجملها ولا تفاصیلها إذ له أن یأخذ بکل توصیاتها أو تعدیلها أو عدم الأخذ بها نهائیاً، والاکتفاء بالاسترشاد بتوجیهاتها العامة . لکن من الناحیة الواقعیة لا غنى للمجلس عن تلک المشورات، لأنها صادرة من هیئة متخصصة إلى هیئة سیاسیة. وتجدر الإشارة إلى أن أحکام المادة (47/1) لا تقتصر على حصر مهام لجنة أرکان حرب فی إسداء المشورة، بل نصت على مهام عملیة لها تتمثل فی استخدام القوة الموضوعة تحت تصرف مجلس الأمن وقیادتها، وتحدید نوعها وتجهیزاتها والتقنیة والتسلیح التی تتطلبها، إذ أن العملیات العسکریة تختلف باختلاف المقصود بها، والهدف منها والطبیعة التی تجرى علیها، وزمن تنفیذها، لأن الأعمال العسکریة لها حساباتها التکتیکیة والفنیة والاقتصادیة، فی الحالات التی یحتاج فیها المجلس لتنفیذ جزاءات دولیة عسکریة بقصد حفظ السلم والأمن الدولیین إذ أن هذه الأعمال لا یستطیع القیام بها غیر المتخصصین لها. فضلا عن أن نص المادة ( 47/1) ارید بها أن لا یترک أمر تقدیر القوة العسکریة المطلوبة لتنفیذ للجزاءات الدولیة العسکریة للدول، التی قد تسئ التقدیر، أو قد تتعمد ذلک لأهدافها السیاسیة أو العسکریة، وهو بذلک أراد أن لا تکون الأمم المتحدة أداة لغیر مقاصدها. إن تنفیذ الجزاءات الدولیة العسکریة تنفیذاً قانونیاً حسبما تقتضی بذلک نصوص وروح المیثاق، یتوقف على توافر ثلاث أرکان أساسیة، هی صدور قرار من مجلس الأمن بذلک مستوفیا لکل شروطه الشکلیة والموضوعیة، وسلیم من حیث غایاته وأسبابه، وأن یتم مباشرة التنفیذ بقوات دولیة مشکلة على وفق أحکام المادة (43) وأن یتم ذلک بواسطة لجنة أرکان حرب تحت رقابة وإشراف مجلس الأمن. هذا وإن تنفیذ الجزاءات الدولیة العسکریة أما أن یتم بعملیات عسکریة بطریق القوات الجویة أو البحریة أو البریة أو بها جمیعاً أو بعض منها ویختص مجلس الأمن بمعاونة لجنة أرکان حرب بوضع الخطط اللازمة لاستخدام القوات الموکل إلیها تنفیذ الجزاء، وذلک طبقاً لما تقضی به المادة (46) من المیثاق. وتنفیذ الجزاءات الدولیة العسکریة یقتضی وجود قوات عسکریة معدة ومدربة لذلک وهذا یقتضی وجود تنظیم عسکری ملموس للأمم المتحدة . ولتکون هذه القوات على أهبة الاستعداد لاستخدامها بمعرفة مجلس الأمن کلما دعت الحاجة([43]). أن میثاق الأمم المتحدة قد رسم أطاراً محدداً لإمکانیة تنفیذ الجزاءات الدولیة العسکریة بقصد حفظ السلم والأمن الدولیین . ویقتضى هذا الإطار خضوع عملیة التنفیذ لرقابة وإشراف الأمم المتحدة ( مجلس الأمن)، الأمر الذى یقصد به ضمان عدم انحراف القوات التی تقوم بأعباء هذا التنفیذ عن الأهداف التی یتوخاها مجلس الأمن من إصدار قراراته بذلک([44]).
وعلیه فإن المیثاق وضع ضمناً أو صراحةً عدة قیود فیما یتعلق باللجوء إلى الجزاءات الدولیة العسکریة إذ أشار إلى أن اللجوء إلى الجزاءات الدولیة العسکریة لا تکون إلا فی حالة الضرورة کما فی نص المادة (42) من المیثاق، الذى تطلب التثبت من أن الوسائل غیر العسکریة لا تفی بغرض هدف السلم والأمن الدولیین . کما یستفاد ضمناً من مبدأ تحریم استخدام القوة فی العلاقات الدولیة المنصوص علیها فی المادة (2/4) من المیثاق والذى جعل من استخدام القوة مجرد استثناء محاط بالقیود والشروط والضوابط . ومن القیود التی ترد على الجزاءات الدولیة العسکریة تتمثل فی التناسب فی استخدام القوة مع الحاجة لتحقیق الهدف من قرارات الأمم المتحدة بالجزاء بحیث لا یستخدم من القوة العسکریة ووسائلها إلا ما یکفی لتحقیق هدف حفظ السلم والأمن الدولیین مع مراعاة عدم جواز استخدام الأسلحة المحرمة أو أسلحة الدمار الشامل([45]). إلا أننا لو أخذنا بالجزاءات الدولیة العسکریة التی طبقت ضد العراق فی حرب الخلیج الثانیة على اعتبار أنها تمت تحت غطاء قرارات مجلس الأمن لوجدنا أن هذا القید لم یراع إذ استخدام من الأسلحة والنیران ما یوازی أثره سبع قنابل نوویة ( من غیر اشعاع نووی) معظمها على أهداف ومنشآت مدنیة لا صلة لها بهدف الجزاء، إذ استمر القصف المرکز على العراق قرابة 42 یوم متصلة، القیت على جمیع أراضی العراق قرابة 88 ألف طن من المتفجرات أی ما یعادل سبع قنابل نوویة([46]). أن من أهم ضوابط تنفیذ الجزاءات الدولیة العسکریة أن یتم التنفیذ بواسطة قوات دولیة مشکلة على وفق أحکام المادة (43) من المیثاق([47]) وبواسطة الآلیة التی نصت علیها لجنة أرکان حرب وتحت رقابة وإشراف مجلس الأمن، فأنه فیما یخص حرب الخلیج الثانیة لم یتقید مجلس الأمن بهذا الضابط إذ تم تشکیل قوات التحالف على أساس تطوعی، وتم التنفیذ تحت عِلم وإشراف وقیادة الولایات المتحدة الأمریکیة. کما یجب على مجلس الامن أن یقصر قراراته بالجزاءات الدولیة العسکریة على حدود وسائل حفظ السلم والأمن الدولیین، ولا یتعدها إلا ما سواها، کأن یتدخل فی أصل النزاع وفرض حلول فیه بقرارات منه، لأن هذه مسائل قد تکون قانونیة تتعلق بحقوق الأطراف المتنازعة ولا یختص بها مجلس الأمن، وکلما له بشأنها إذا کان استمرار النزاع یعرض السلم والأمن للخطر أن یوصی بوسائل الحلول التی یراها مناسبة کأن یوصی الأطراف المتنازعة بالتفاوض أو اللجوء الى القضاء الدولی، أو یوصی الأمین العام للأمم المتحدة أو غیره ببذل جهوده لحل النزاع فأن مجلس الأمن لم یتقید بهذا الضابط أیضا فیما یخص تطبیق وتنفیذ القرارات الدولیة العسکریة ضد العراق إذ أوجب فی القسم الثانی من القرار (687/1991) ترسیم الحدود بین العراق والکویت وهذه المسالة هی أحدى مسائل أساس النزاع بین البلدین وقد أثار هذا التصرف من مجلس الأمن خلافاً شدیداً بین أعضائه أثناء مناقشة مشروع القرار، وما یتعلق بمدى شرعیة تصدی المجلس لمسألة ترسیم الحدود إذ ذهب مندوب الصین وکوبا والیمن إلى الاعتراض على ذلک وخالفت دول أخرى هذا الاتجاه، فإن الاتجاه الغالب فی الفقه القانونی الدولی یؤکد على خروج مسألة تخطیط الحدود بین الدول من نطاق اختصاصات مجلس الأمن على وفق أحکام المیثاق، وما استقر علیه العرف الدولی فی هذا الشأن، بل وأعتبره البعض خروجاً من المجلس عن الشرعیة الدولیة([48]). المبحث الثالث مدى جواز تفویض مجلس الأمن لسلطاته ومدى شرعیةق تفویضها ضد العراق فی الواقع أن مسألة تفویض مجلس الأمن لسلطاته باستخدام القوة اکتسبت أهمیة قصوى منذ نهایة الحرب الباردة عندما أصبحت قرارات التفویض الآلیة الاساسیة للمجلس وذلک باعتماده اسلوب الإحالة عندما یعتقد أن العمل العسکری أصبح ضرورة، والتبریر لذلک أن المجلس یمارس سلطاته الضمنیة . فأنه هناک من یرى أن قواعد میثاق الأمم المتحدة ومبادئها یرفضان مبدأ التفویض وخصوصاً التفویض المطلق، الذى ینتهک سلطات ومسؤولیات مجلس الأمن الخاصة بنظام الأمن الجماعی([49]). من المعلوم أن المادة (43) من المیثاق تضع إمکانیة تکوین قوات عسکریة دولیة توضع تحت تصرف مجلس الأمن عند الحاجة لقیامه بجزاءات دولیة عسکریة وأن المادتین (46،47) من المیثاق یحددان کیفیة عمل هذه القوات، إلا أن أی من أحکام المادتین (43، 47) لم یفعل لکی یتمکن مجلس الأمن من القیام بواجبات مسئولیاته فی حفظ السلم والأمن الدولیین عن طریق الجزاءات الدولیة العسکریة على وفق متطلبات المیثاق الأمر الذى حد بالمجلس إلى الخروج على قواعد المیثاق بشأن تنفیذ هذه الجزاءات، على وفق القواعد التی أقرها المیثاق . استنادا الى ما تقدم یتضح أن مسالة التفویض هذه قد أثارت الکثیر من الجدل بشأن اختصاص مجلس الأمن بتبنی قرارات بالعمل العسکری فی ظل غیاب آلیاته المنصوص علیها فی المیثاق، اذ من المفترض أن مجلس الأمن هو الذى یتحمل مسؤولیة عقد اتفاقات المادة (43) من المیثاق، وإنشاء لجنة أرکان الحرب لأن اتفاقات المادة (43) بید مجلس الأمن وعلیه المبادرة للتفاوض مع الدول بشأنها، والدول وفقاً لالتزاماتها بأحکام المیثاق لا تملک حق الرفض فی الدخول فی اتفاقات مع المجلس فی هذا الشأن. ولفرض الاحاطة بمفردات هذا المبحث ارتأینا الى تقسیمه الى مطلبین وکما یلی : تناولنا فی المطلب الاول: الاتجاهات الفقهیة فی جواز تفویض مجلس الامن لسلطاته واستعرضنا فی المطلب الثانی: مخاطر تفویض مجلس الامن لسلطاته ومدى شرعیة تفویضها فی حالة العراق. المطلب الاول الاتجاهات الفقهیة فی جواز تفویض مجلس الامن لسلطاته لقد أختلف الفقهاء فی مسألة التفویض الى اتجاهین رئیسیین، فقد ذهب الاتجاه الأول الى القول بأنه لیس هناک سبب قانونی یحول دون تنفیذ الجزاءات الدولیة العسکریة عن طریق قوات یمکن توفیرها بمقتضى بعض الترتیبات الخاصة([50])، ومن ثم فأن فشل مجلس الأمن فی استخدام الألیة العسکریة المنصوص علیها فی المادة (43) من المیثاق، والمادة (47) منه لا یجب أن تکون سبب لعدم نهوض المجلس بمهمته الأساسیة فی حفظ السلم والأمن الدولیین. وذلک عن طریق اتخاذ أعمال عسکریة باستخدام قوات غیر تلک المنصوص علیها فی المادة (43) وإن المجلس یستطیع ممارسة مسؤولیاته بشکل فعال على وفق المادة (42) دون أبرام الاتفاقات التی أشارت إلیها المادة (43) مضیفین إلى أن لمجلس الأمن تفویض التنفیذ الى دولة بذاتها أو مجموعة دول، وأن مسألة التفویض عبارة عن تفسیر مرن للفصل السابع من المیثاق على وفق سلطاته الضمنیة . وقد استند أصحاب هذا الرأی إلى تجربة الأزمة الکوریة عندما حاولت کوریا الشمالیة إعادة توحید الکوریتین بالقوة، قائلین أن للتفویض سوابق فی عمل مجلس الأمن([51]). وهنا لابد من التعلیق على حجج أصحاب هذا الاتجاه. ففیما یتعلق بالقول بأنه لا یوجد سند قانونی یحول دون تنفیذ الجزاءات الدولیة العسکریة عن طریق ترتیبات خاصة، فإن هذا القول یدحضه أن میثاق الأمم المتحدة أسس منظمة عالمیة، وضَمنّة نص المادة (43) التی بموجبها یتم توفیر القوات العسکریة اللازمة لتصدی مجلس الامن لأی تهدید أو خرق أو عدوان على السلم والامن الدولیین، التی لم تأت أحکامها على سبیل التخییر للمجلس والدول الاعضاء، وهذا الوضع جاء على خلاف ما سارت علیه معظم مواد الفصل السابع التی تمنح مجلس الأمن سلطة تقدیریة، بل جاء فی الفقرة الرابعة منها على أن المفاوضات لعقد الاتفاقات یجب أن تجری بأسرع ما یمکن([52]). فضلا عن ما سبق فأن حکم المادة ( 46) والمادة (47) من المیثاق لا تدعما القول بجواز تفویض مجلس الأمن لسلطاته فی تنفیذ الجزاءات الدولیة العسکریة، لأنهما فَصّلا المسؤولیات الهامة لتنفیذ الجزاءات من حیث التخطیط لها وإدارتها وقیادتها، وتنفیذها، ومن ثم فأن القانون الدولی (المیثاق) محدد فی احکام هذه المواد. أما القول بأن فشل مجلس الأمن فی تفعیل ترتیبات المادة (43) والمادة (47) من المیثاق یجب أن لا یحول دون اضطلاع المجلس بمهام مسؤولیاته الأساسیة فی حفظ السلم والأمن الدولیین([53])، فأنه من یتحمل مسؤولیة هذا هو مجلس الأمن نفسه الذى علیه أن یتخذ المبادرة فی هذا الشأن وهو لم یقم بذلک، ومن ثم فأنه یتحمل المسؤولیة عن هذا الفشل، ویجب أن لا یغطی فشلة على حساب الشرعیة وسیادة الدول، هذا من جانب، ومن الجانب الآخر أن الجزاءات العسکریة لیست الوسیلة الوحیدة لقیام المجلس بواجبات مسؤولیاته فی حفظ السلم والأمن الدولیة . فهناک الجزاءات الدولیة غیر العسکریة، وطالما أن آلیات الجزاءات العسکریة غیر مستوفاة فأن علیه القیام بهذه الواجبات عن طریق الجزاءات الدولیة غیر العسکریة، وهى قادرة على تحقیق الغایة([54]) . أما الاحتجاج بالتجربة الکوریة فهو احتجاج فی غیر موضعه، لأن لهذه الأزمة خصوصیتها زماناً ومکاناً، وما جرى فیها کان عبارة عن حرب استخدم فیها النفوذ الغربی لتوفیر غطاء قانونی لها([55])، ومع ذلک فإن الاتجاه الغالب فی الفقه ذهب الى القول بعدم شرعیة قرارات مجلس الأمن بشأنها ومن ثم بعدم شرعیة الأعمال العسکریة التی تمت تحت غطائها کجزاء دولی، مؤکدین أن ما جرى کان حرباً أمریکیة، ولیس تدابیر أمن جماعی([56]). أما التجاه الثانی والذی یمثله غالبیة الفقهاء بأنه لیست لمجلس الأمن حق تفویض سلطاته فی تنفیذ الجزاءات الدولیة العسکریة، ویؤکدون على مرکزیة اختصاصه فی ذلک واحتکاره لاستخدام القوة فی حفظ السلم والأمن الدولیین. ویؤکد أصحاب هذا الاتجاه على إن میثاق الأمم المتحدة لم یخول مجلس الأمن سلطة تفویض دولة أو أکثر بالإشراف والرقابة على القوات القائمة بإجراءات التدابیر الجماعیة القمعیة وذلک ضماناً لعدم انحرافها عن الأهداف التی یحددها المجلس([57]). أن أغلب قرارات التفویض تأتی مبهمة، وغیر محددة الدلالة والسند، وذلک لضمان تمریرها، أما من خلال ضمان تصویت المعارضین لصالح القرار أو على أقل تقدیر عدم معارضتها([58]) ومثال ذلک ما جاء فی القرار(687) الذی أتخُذ ضد العراق من أن الغایة منه هو أعادة السلم والأمن الدولیین إلى المنطقة فأن حقیقة الأمر أن التحالف المضاد للعراق قد تعدى تحقیق الأهداف والغایات المعلنة فی هذا القرار إلى أهداف استعماریة وانتهاکات صریحة للقوانین والأعراف الدولیة تمثلت فی تدمیر القدرات الاقتصادیة والعسکریة ومحاولة تجزئة وحدة العراق وتدمیره([59]). وعلى عکس أصحاب الاتجاه المؤید، فقد وجد أصحاب هذا الاتجاه المعارض فی التجربة الکوریة مثالاً واقعیاً على صحة مذهبهم، إذ یرون أن ما حدث فی هذه الأزمة لا یمکن اعتباره عمل قمع عسکری ضمن تدابیر مجلس الامن فی هذا الشأن، وذلک لعدم الترابط بین المواد (39،42،43) من المیثاق مؤکدین أن ما قامت به القوات فی الأزمة الکوریة لا یعدو أن یکون جهداً جماعیاًً طوعیاً قامت به الولایات المتحدة الأمریکیة بشکل أساسی تحت علم الأمم المتحدة([60]). وأن مجلس الأمن لم یکن له إزاء هذه الأزمة أی دور سوى إضفاء الشرعیة على وضع فرضة الأمر الواقع الذى نشأ عن سلوک الولایات المتحدة لأن قواتها المسلحة کانت قد تدخلت فی تلک الأزمة فعلاً لصالح کوریا الجنوبیة قبل الحصول على أی تفویض من مجلس الأمن([61]). ولتأکیدهم على عدم جواز التفویض فقد اضافوا أن التفویض یعطی للدولة أو الدول المفوضة سلطة تقدیریة واسعة فی العمل، وتتحکم فی التنفیذ طلبات وقرارات القیادة العسکریة العلیا، مما یؤدى إلى اتساع الهوة بین غایات الجزاءات، وما یحصل على أرض الواقع، مؤکدین أن التجربة للإجراءات التی تساهم فیها دولة کبرى بالجزء الأکبر من القوات، تخضع العمل العسکری لرغبات وسیاسات هذه الدولة، وتتداخل عن التطبیق العوامل السیاسیة والعسکریة الخاصة بهذه الدولة([62])، مضیفین أنه إذا کان من المستقر أن الاختصاص الأساسی لمجلس الأمن هو المحافظة على السلم والأمن الدولیین وإعادتها إلى نصابهما بالقوة الجبریة على وفق المادة (42) من المیثاق، فإن ذلک لا یعنی سوى قیام المجلس بتنفیذ هذه التدابیر بواسطة قوات تابعة للامم المتحدة وتعمل تحت علمها، وعلى مسؤولیاتها وتحت رئاسة وإشراف المجلس، فإذا فوض ذلک إلى دولة أو عدة دول فأنه بذلک یکون قد تجاوز سلطاته، لأنه لا یوجد سند قانونی یجیز له ذلک([63]). ومن ثم فإنه لا یجوز للمجلس أن یکلف غیره بتحقیق السلم والأمن الدولیین، لأن ذلک اختصاص أصیل له وحدة. تجدر الإشارة إلى أن الاتجاه الغالب من الفقه المعارض لتفویض مجلس الأمن لسلطاته بتنفیذ الجزاءات الدولیة یسوقون هذه الحجج المنطقیة، وهذه الحقائق الموضوعیة، بقصد تأکید موقفهم مع صریح نصوص المیثاق، وخصوصا نص المادة (43) والمادة (46)، والمادة (47) منه . لذا فإننا وحسب رأینا المتواضع نرجح رأی هذا التوجه القانونی الدولی الغالب، لتوافق مذهبهم مع صریح نصوص المیثاق المشار إلیها ومع روحها، ولما سقناه من رد على حجج القائلین بحق مجلس الأمن بتفویض سلطاته فی تنفیذ الجزاءات. فضلاً عن ذلک فإن القول بعدم جواز تفویض مجلس الأمن لسلطاته هو ما یتفق مع ما کان علیه قصد واضعوا المیثاق فی مؤتمر سان فرانسیسکو، إذ أعلن ممثل المملکة المتحدة نیابة عن الحکومات الداعیة للمؤتمر أن مجلس الأمن لا یملک سلطة الطلب الى الدول الأعضاء بالأمم المتحدة تقدیم قوات مسلحة أو مساعدات أو تسهیلات بخلاف ما تنص علیه اتفاقات المادة ( 43) من المیثاق، وهذا التفسیر قد أُدخل بقرار من اللجنة الفرعیة الثالثة وهذه اللجنة کانت مکلفة بدراسة وإعداد مواد ما أصبح الفصل السابع من المیثاق من مقترحات (دمبارتون أوکس) وبعد موافقتها علیه([64])، وهذا یؤکد أن لیست لمجلس الأمن الخروج على صریح منطوق نصوص الفصل السابع بشأن ممارسة سلطاته وإذا کان لا یملک أن یطلب إلى دولة أن تضع تحت تصرفاته قوات خلاف ما أتفُق علیه معها، فمن باب أولى لا یجوز له تخویل سلطاته لها أو لغیرها . مما یؤکد عدم جواز تفویض مجلس الأمن لسلطاته ما اتفقت علیه لجنة أرکان الحرب من أن القوات المسلحة التی یجب أن تضع تحت تصرف مجلس الأمن، یجب أن تخضع للقیادة المطلقة للدول الأعضاء المساهمة کل على حده، باستثناء عندما تعمل تحت إدارة مجلس الأمن، وإن لجنة أرکان حرب یجب أن تکون مسؤولة تحت إشراف مجلس الأمن عن توجیه هذه القوات من الناحیة الاستراتیجیة عندما یستخدمها المجلس([65]). وهذا کله یؤکد بما لا یدع مجالاً للشک أن تنفیذ الجزاءات الدولیة العسکریة لا یکون سلیماً قانوناً إلا إذا تم بواسطة الآلیات التی نص علیها المیثاق فی المواد (43،46، 47) تحت رقابة وإشراف مجلس الأمن نفسه، وأن لیس له تفویض سلطاته فی هذا الشأن لما یمثله ذلک من خروج للمجلس عن نطاق سلطاته ومن مخاطر على نظام الأمن الجماعی. استنادا الى ما تقدم یتضح أن القول بأن لمجلس الأمن حق تخویل سلطاته فی تنفیذ الجزاءات الدولیة العسکریة یتعارض مع طبیعة سلطاته العسکریة فی ظل الترکیبة القانونیة للمجتمع الدولی المعاصر، لأن المجلس هو الذى ینبغی أن یمارس سلطاته بنفسه. وبعبارة أخرى یجب أن تبرز فی أعماله الصفة الموضوعیة، وأن تکون منفصلة عن الأعمال التی تمارسها الدول التی تتشکل منها القوات الدولیة، حتى یمکن أن تنجح فی مهمتها، ولا تتعرض للانتقادات بداعی التدخل فی الشؤون الداخلیة للدول المستهدفة([66])، لأن التدخل فی الشؤون الداخلیة للدول ممنوع قانوناً على الدول الأعضاء فی الأمم المتحدة بصفة مطلقة، والاستثناء فی نص المادة (2/7) من المیثاق مقصور على مجلس الأمن، وفی حدود متطلبات حفظ السلم والأمن الدولیین([67]). المطلب الثانی مخاطر تفویض مجلس الامن لسلطاته ومدى شرعیة تفویضها فی حالة العراق ولا یقتصر خطر تفویض تنفیذ الجزاءات الدولیة العسکریة عند حد انتهاک قاعدة تحریم تدخل الدول فی شؤون غیرها، بل أنه یؤدى الى جعل العمل العسکری لا یتم فی إطار مؤسسی دولی یحدد السلطات والواجبات والإجراءات اللازمة لاتخاذ العمل العسکری وطبیعته، لذا فأن القرار بشأن الخطط العسکریة وأهدافها وتوقیت العمل العسکری بدایة ونهایة، ونوعه بید القوة العسکریة ذات الغلبة المسیطرة على القوات المشارکة فی التنفیذ([68])، وهذا یؤدى فی الغالب إلى عدم التقید بمبدأ التناسب فی الجزاءات العسکریة، الذى یعد احد الضمانات الأساسیة لعدم خروج الجزاءات الدولیة عن أهدافها. فضلاً عن ذلک فإن التفویض فی تنفیذ الجزاءات الدولیة العسکریة بمنح الدولة أو الدول التی تتولى عملیة التنفیذ سلطة تقدیریة واسعة فیما تقوم به وما لا تقوم به، وفی اختیار الأهداف التی تهاجمها، الأمر الذى قد یخرج الجزاءات الدولیة عن أهدافها إذ من المعروف أن هدف الجزاءات الدولیة العسکریة (والجزاءات الدولیة فی الفصل السابع من میثاق الأمم المتحدة عموماً) هو تنفیذ قرارات مجلس الأمن الخاصة بحفظ السلم والأمن الدولیین، لکن التفویض بما یمنحه من سلطة تقدیریة للدولة أو الدول التی تتولى عملیة التنفیذ إذ یمنح من یتولى التنفیذ تحدید الأهداف التی یختار مهاجمتها وهذه غالبا ما تکون خارج نطاق أهداف الجزاءات وغالبا ما یحدث ذلک لأهداف خاصة بالدول القائمة على التنفیذ، کما یمنحها حریة العمل خارج حدود المواجهة العسکریة مما یترتب علیها تدمیر الأهداف المدنیة، وانتهاک حقوق المدنیین فی الحمایة أثناء النزاعات المسلحة وهذه مسائل رآها وعاشها المجتمع الدولی بأسرة فی حرب الخلیج الثانیة ضد العراق. وکیف حول العمل العسکری الدولی إلى عمل حربی لا صله له بالجزاءات الدولیة([69]). فضلا عن ما سبق فإن من مخاطر تفویض مجلس الأمن لسلطاته بتنفیذ الجزاءات الدولیة العسکریة، أن المجلس لا یبقى له صلة بالعملیات العسکریة، لا فی تحدید بدایتها، ولا نهایتها، وهذا یعنی أن العمل العسکری قد لا یتوقف عن حد تحقیق الأهداف التی حددتها قرارات مجلس الأمن، وهذا یعنی أیضاً عدم التقید بشرط وجوب توقف العملیات العسکریة فی الجزاءات الدولیة العسکریة بمجرد تحقیقها لأهدافها. وخیر مثال ما شهدناه بین کل فترة وأخرى من عملیات عسکریة من جانب الولایات المتحدة الأمریکیة وبریطانیا تجاه العراق التی تغطی أعمالها تلک بحجة أن ما تمارسه یدخل فی إطار التفویض الذی حصلت علیه بموجب قرار مجلس الأمن (678/ 1990) والقرارات اللاحقة (القرار 687/ 1991) وبحجة أنها لا تحتاج إلى تفویض لاحق([70]). فضلاً عن ذلک أن من مخاطر تفویض مجلس الأمن لسلطاته فی تنفیذ الجزاءات العسکریة أنه یترک للدولة أو الدول القائمة بالتنفیذ تحدید نوع الأسلحة المستخدمة وهذا قد یؤدى إلى استخدام أسلحة غیر تقلیدیة بما لا یتناسب مع مجرى العملیات العسکریة، ولا تستدعیه ضرورة حربیة، علاوة على تجاوز نطاق وحدود الهدف المرجو منها ([71]). أن ما طبق على العراق من القرارات المجحفة بحقه هو القرار (678/ 1990) الذی بموجبه تم تفویض الدول المتعاونة مع الکویت باستخدام القوة ضد العراق قد آثار مجموعة تساؤلات حول شرعیته القانونیة إذ یعد القرار المذکور سابقة خطیرة لمجلس الأمن فی مسألة نقل سلطاته إلى الغیر وذلک من خلال التراخیص لمجموعة من الدول (أطلق علیها تسمیه الدول المتعاونة مع الکویت) للقیام نیابة عنه بممارسة أخطر سلطة خولها إیاه المیثاق وهی استخدام التدابیر العسکریة، أن القرار المذکور یبدو غامضاً وغریباً من حیث الأساس القانونی الذی استند إلیه المجلس فی إصداره فإذا کان المجلس یمتلک سلطة تقریر استخدام القوة فی الحالات والظروف التی حددها الفصل السابع من المیثاق فی المادة ( 42) فإنه لا یوجد فی هذا الفصل أو غیره ما یمکنه الاستناد إلیه فی التراخیص للغیر باستخدام سلطاته فی مجال القمع مما یفسح المجال للطعن فیه بعدم الاختصاص أولاً والافتقار إلى الأساس القانونی الذی استند إلیه ثانیاً. إن هناک شکاً قویاً فی صحة هذا القرار بسبب فقدانه لأی أساس قانونی خاصة وأنه استند إلى الفصل السابع من المیثاق وأن الدول المتحالفة ضد العراق قد تجاوزت حدود تخویل مجلس الأمن الدولی فی اتخاذ التدابیر القمعیة وقد تعدت تحقیق الأهداف المعلنة فی القرار المذکور وأن ما حصل فی العراق جراء تفویض الدول المتعاونة مع الکویت یظهر بأن التجاوز کان أکبر بکثیر عن الهدف المعلن ([72]). وقد مثل هجوم القوات المتحالفة ضد العراق انتهاکاً واضحاً لقواعد القانونی الدولی لأن استخدام القوة من قبل الولایات المتحدة الأمریکیة وحلیفاتها ضد مدن العراق ومواطنیه بعیداً عن الجبهة العسکریة دلیل قاطع على أن الهدف من الهجوم هو تدمیر العراق کاملاً. ووجود نیة سیئة یعنی تجاوز مجلس الأمن للقیود الواردة على سلطاته على وفق المادة ( 24) من میثاق الأمم المتحدة التی تشیر إلى أن مجلس الأمن هو یعمل فی أداء هذه الواجبات یجب أن یکون على وفق مقاصد الأمم المتحدة ومبادئها([73]). وللتدلیل على أن الولایات المتحدة الأمریکیة کانت تخطط لتدمیر العراق ولیست لإخراج القوات العراقیة من الکویت یشیر (جیف سیمونز) إلى ذلک بقوله "إن المطلب الرئیسی الذی حدد فی قرار مجلس الأمن 661 قد نفذ فعلاً بانسحاب القوات العراقیة من الکویت وهناک الکثیر من المؤشرات التی تدلل على أن أهداف واشنطن الآنیة تجاوزت کثیراً الأهداف المحددة فی القرارات الصادرة من مجلس الأمن وأضُیفت إلى الهدف الرئیسی وهو انسحاب العراق من الکویت کما حدد فی القرار 678 الذی یشیر إلى القرار (660) أهداف أخرى لم یخولها أی تصویت فی مجلس الأمن من قبل مثل تدمیر قدرة العراق الکیمیائیة والنوویة وتدمیر طاقة العراق العسکریة التقلیدیة ([74]). وتأسیساً على ما تقدم تتحمل الدول المتحالفة ضد العراق المسئولیة الدولیة لقاء تجاوزها الهدف المحدد فی القرار 678 وانتهاکها لقواعد القانون الدولی الإنسانی، کما أن تجاوز مجلس الأمن لحدود سلطاته وإلحاق الضرر بالعراق من شأنه أن یُحَمّل المجلس المسئولیة الدولیة جراء ذلک الخاتمـة فی ختام هذا البحث والذی تطرقنا فیه الى تطبیق وتنفیذ الجزاءات الدولیة على العراق ومدى شرعیة تطبیقها فی الفصل السابع من میثاق الأمم المتحدة من خلال التطرق إلى تطبیق وتنفیذ الجزاءات الدولیة على العراق ومدى شرعیتها وقد توصلنا الى مجموعة من : اولا:الاستنتاجات 1- ان شرعیة الجزاءات الدولیة لیست مجرد صدور قرار من مجلس الأمن بها، بل لابد للقول بذلک من قیام ای من المحاولات الموجبة لها، المنصوص علیها فی المادة (39) من المیثاق، ولابد للقرار ان یکون مستوفیاً لکل الشروط الاجرائیة والموضوعیة، وان یکون سلیماً من حیث الغایة والوسیلة وان یکون الجزاء مما یمکن لمجلس الأمن تنفیذه وفق أحکام المیثاق ومن ثم فإن السلطة لمجلس الأمن فی الجزاءات الدولیة فی وضعه الراهن هی الجزاءات هی الجزاءات الدولیة غیر العسکریة، على الرغم من أن الجزاءات الاقتصادیة لا تتمتع بسمعة حسنه، وأثبت العمل انها وسیلة عشوائیة، وعلیه یمکن القول انه لم یتم حتى الآن تنفیذ جزاءات دولیة عسکریة على وفق لما یقضى به المیثاق وخیر مثال الجزاءات الدولیة العسکریة على العراق. 2- الأصل فی الجزاءات الدولیة التدرج والأکتفاء بالقدر الذی یفی بتحقیق الهدف لأن الأساس فی الجزاءات الدولیة التناسب، ومن ثم یمکن القول بأن الجزاءات الدولیة الشاملة محظورة قانوناً، إذ لابد لها فی کل الأحوال مراعاة الاعتبارات الإنسانیة وقواعد حمایة المدنیین والأعیان المدنیة. 3- تعسف مجلس الأمن فی استخدام سلطاته المخولة له بمقتضى احکام المیثاق وخروجه على طبیعة اختصاصاته الوظیفیة ویعود السبب فی ذلک الى هیمنه الولایات المتحدة الأمریکیة على مجلس لأمن وتطویع وتوجیه قرارته الصادرة بعد احداث حرب الخلیج (1990) بما یخالف احکام الشرعیة الدولیة. 4- إن التدابیر الاقتصادیة التی أتخاذها مجلس الأمن إزاء العراق مثلت انتهاکاً واضحاً لسیادة العراق وتهدیداً لأمنه القومی فی شقه الاقتصادی لما ترتب علیه من فقدانه السیطرة على موارده الطبیعیة وثرواته القومیة وذلک بوضعها تحت الوصایة الدولیة. فضلا عن أن مجلس الأمن الدولی قد تجاوز مرحلة التدابیر الاقتصادیة إلى مرحلة الحصار الاقتصادی وذلک بموجب القرار 665 (1990) الصادر عن مجلس الأمن أذ أتسم القرار المذکور عن بقی القرارات التی سبقته یکون یفرض حصار اقتصادیاً تم وضعه موضع التنفیذ من خلال حصار بحری وبحری وبری وجوی بشکل تعسفی فضلا عن ذلک بأن مجلس الأمن باتخاذه لهذه التدابیر قد أرتکب فی وقت مبکر عملا من أعمال الحرب، لأن الحصار فی وقت السلم یعد بمفهوم القانون الدولی التقلیدی عملاً حربیاً وأن الحظر الاقتصادی الشامل على العراق أدى الى حرمانه من حقه الطبیعی فی الدفاع عن نفسه عن طریق منعه من التزود بالأسلحة التقلیدیة وقطع غیارها ووسائل تصنیعها وإنتاجها. 5- وعند تصدینا لقرار مجلس الأمن الدولی الرقم 678 (1990) تبین لنا أن هناک شکاً قویا فی صحة هذا القرار بسبب فقدانه لأی أساس قانونی خاصة وأنه أستند إلى الفصل السابع من المیثاق فضلاً عن ذلک أن القرار المذکور یعد غامضاً وغیر دقیق فتخویل مجلس الأمن ذروه ما یمتلکه من سلطات یتعین أن یکون صریحاً وواضحاً ومحدداً أی أن یشیر إلى تخویل استخدام القوة بقرار صریح، ویبین حدود استخدامها وحجم القوات وحدود الهدف المطلوب وآلیه الرقابة من جانبه على التنفیذ، وجمیع هذه المسائل البالغة الأهمیة شرکها مجلس الأمن لدول التحالف وتخلی عن واجباته الرئیسیة فی هذا الجانب، ذلک ما یحمله المسؤولیة الدولیة. ثانیا:التوصیات : 1- انشاء آلیه خاصة لتنفیذ قرارات مجلس الأمن بالجزاءات الدولیة العسکریة، والإشراف على تطبیق الجزاءات الدولیة غیر العسکریة بحیث یکون تشکیلها معبراً عن متطلبات حفظ السلم والأمن الدولیین، ولیست على وفق حساب التوازنات وبحیث یکون دورها رکناً لأعمال الجزاءات الدولیة ویکون اختیار أعضائها من أصحاب الاختصاصات المطلوبة لمهامها، ویکون اختیارهم على غرار انتخاب أعضاء محکمة العدل الدولیة، أی بحسب المؤهلات المهنیة العلمیة والشخصیة. 2- تتحمل الولایات المتحدة والدول المتحالفة معها المسؤولیة الدولیة جراء تدمیرها للبنى التحتیة للعراق وتدمیر القدرات الاقتصادیة والعسکریة، علیه فأنها تتحمل کافة التعویضات العینیة وفی حالة تعذر ذلک تکون ملزمة بالتعویضات المالیة فضلاً عن أنها ملزمة بتقدیم اعتذار للشعب العراق جراء أفعالها المشینة التی تجاوزت بها الأهداف المعلنة فی قرارات مجلس الأمن. 3- أن التحالف الدولی الذى قادته الولایات المتحدة وبریطانیا ضد العراق قد تعدى تحقیق الأهداف المنوه عنها فی قرارات مجلس الأمن إلى أهداف استعماریة مما یرتب المسؤولیة الدولیة جراء الآثار التدمیریة التی حاقت بالعراق فأننا نقترح إنشاء محکمة خاصة أو أی محکمة دولیة من أجل محاکمة "عرابی الحرب" الرئیس الأمریکی السابق "جورج بوش" ورئیس وزراء بریطانیا السابق تونی بلیر وقادتهم العسکریة عن الجرائم التی ارتکبت فی العراق ومنها الإبادة الجماعیة للشعب العراقی من خلال الجزاءات الدولیة المشکوک فی صحتها التی فرضت على العراق. The Author declare That there is no conflict of interest References (Arabic Translated to English) books 1- Dr. Alssaeed Abu Aita, International Sanctions between Theory and Practice, University Culture Foundation, Alexandria, 2001. 2- Dr. Hassan Nafaa, The United Nations in Half a Century, A Study of the Development of International Organization Since 1945, The World of Knowledge, Kuwait, 1995. 3- Dr. Aisha Ratib, International Organization, Arab Renaissance House, Cairo 1994. 4- Dr. Abdel Aziz Sarhan, Returning to the Practice of Christian European International Law, A Study in the Real Concept of the Nature of International Law in the Light of the So-Called New International Order and in the Light of the Judgments of International Courts and Egyptian Applications, Dar Al-Nahda Al-Arabiya, Cairo 1995. 5- Dr. Abdel Aziz Sarhan, The Fate of the United Nations after the Gulf Crisis, Dar Al-Nahda Al-Arabiya, Cairo, 1990. 6- Dr. Abdullah Al-Ashal, The General Theory of Sanctions in International Law, Cairo, first edition, 1997. 7- Dr. Abdullah Al-Ashal, The United Nations and the Arab World in the Light of the Transformations of the International System, Cairo 1997. 8- Dr. Ali Sadiq Abu Heif, Public International Law, Mansha’at Al Maaref, Alexandria, Twelfth Edition, 1975. 9- Dr. Amr Reda Bayoumi, Disarming Iraq of Weapons of Mass Destruction, Studying the Legal and Political Effects of the Gulf War, Arab Renaissance House, Cairo, 2000. 10- Dr. Muhammad Al-Saeed Al-Daqqaq, Global and Regional International Organizations, University Culture Foundation, 1978. 11- Dr. Muhammad Sami Abdel Hamid, Law of International Organizations, The General Theory of the United Nations, University Youth Foundation for Printing and Publishing, third edition, 1972
Journals 1- Jeff Simmons, Abuse in Iraq (Penalties, Law and Justice), translated by the Center for Arab Unity Studies, Beirut, he said, published in Umm Al-Maarik magazine, Issue 17, April 1999. 2- Dr. Hossam Ahmed Mohamed Hendawy, The extent to which the Security Council is committed to international legitimacy, a realistic and future view, International Politics Journal, Issue / 117 for the year 1994, Al-Ahram Center, Cairo 1994. 3- Dr. Muhammad Al-Douri, The Legitimacy of Security Council Resolutions Concerning the Gulf Crisis, published research with other research groups within the book International Law and the Gulf Crisis, Dar Al-Hikma for Printing and Publishing, Baghdad / 1992. 4- Dr. Nagat Kassar, Legal Limits to the Use of International Force through the Practice of the United Nations, Egyptian Journal of International Law, Volume 31, 1975. 5- Dr. Nizar Jassem Al-Anbaki, Deviation in the Security Council’s Applications of Chapter Seven of the Charter, Volume Studies No. 3 of 2001, House of Wisdom, Baghdad 2001. 6- Dr. Nizar Jassem Al-Anbaki, The Security Council’s Authority to Inflict Sanctions, Chapter Seven, and Estimating Their Use in Implementing Economic Sanctions (The Case of Iraq), Journal of Legal Sciences, College of Law, University of Baghdad, Volume Fourteen, First and Second Aggression 1999. 7- Dr. Nizar Jassem Al-Anbaki, Abuse and Deviation of Power in Security Council Resolutions Related to the Gulf Crisis, Research published within the book International Law and the Gulf Crisis, Dar Al-Hikma for Printing and Publishing, Baghdad.1992.
Dissertations and Theses 1- Abdullah Al-Ashal, Non-military Sanctions, Ph.D. thesis submitted to the Faculty of Economics and Political Science, Cairo University, 1976. 2- Nabil Muhammad Nour El-Din Bishr, The Appropriateness of the Security Council’s Authorities to Contemporary Development, Master’s Thesis submitted to the Faculty of Law, Cairo University 1996 3- Wassa Saleh, Armed Aggression in International Law, Basic Aspects of Using Armed Force in International Relations, Ph.D. thesis submitted to the Faculty of Law, Cairo University, 1975. 4- Yassin Seif Abdullah Al-Shaibani, International Solidarity in Confronting Aggression (A Study of the Effectiveness of the Collective Security System Thesis) Ph.D. thesis submitted to the Faculty of Law, Cairo University, 1997. 5- Yahya El-Shimy Ali, The Prohibition of War in International Relations, Ph.D. thesis submitted to the Faculty of Law, Cairo University 1976 6- Muhammad Abdulaziz Abu Akhilah, International Responsibility for the Implementation of United Nations Resolutions, Ph.D. thesis submitted to the Faculty of Law, Cairo University, 1978. References (Enghlish) 1- Gray, Christine, from Unity to Polarization: International Law and the use of force against Iraq, ejil, vol, 13-No1(2002) on the internet site.
| ||
References | ||
اولا : الکتب : 1- د. السید أبو عیطة، الجزاءات الدولیة بین النظریة والتطبیق، مؤسسة الثقافة الجامعیة، الاسکندریة، 2001. 2- د. حسن نافعة، الأمم المتحدة فی نصف قرن، دراسة تطور التنظیم الدولی منذ عام 1945، عالم المعرفة، الکویت، 1995 . 3- د. عائشة راتب التنظیم الدولی، دار النهضة العربیة، القاهرة 1994. 4- د. عبد العزیز سرحان، العودة لممارسة القانون الدولی الأوربی المسیحی دراسة فی المفهوم الحقیقی لطبیعة القانون الدولی فی ظل النظام الدولی الجدید المزعوم وعلى ضوء أحکام المحاکم الدولیة والتطبیقات المصریة، دار النهضة العربیة، القاهرة 1995. 5- د. عبد العزیز سرحان، مصیر الأمم المتحدة بعد ازمة الخلیج، دار النهضة العربیة، القاهرة، 1990. 6- د. عبد الله الأشعل، النظریة العامة للجزاءات فی القانون الدولی، القاهرة، الطبعة الأولى، 1997. 7- د. عبد الله الأشعل، الأمم المتحدة والعالم العربی فی ظل تحولات النظام الدولی، القاهرة 1997. 8- د/ على صادق أبو هیف، القانون الدولی العام، منشأة المعارف، الاسکندریة، الطبعة الثانیة عشر، 1975. 9- د. عمرو رضا بیومی، نزع اسلحة الدمار الشامل العراقیة، دراسة الأثار القانونیة والسیاسیة لحرب الخلیج، دار النهضة العربیة، القاهرة، 2000. 10- د. محمد السعید الدقاق، المنظمات الدولیة العالمیة والاقلیمیة، مؤسسة الثقافة الجامعیة، 1978. 11- د. محمد سامی عبد الحمید، قانون المنظمات الدولیة، النظریة العامة للأمم المتحدة، مؤسسة شباب الجامعة للطباعة والنشر، الطبعة الثالثة، 1972. ثانیا : الدوریات 1- جیف سیمونز، التنکیل بالعراق (العقوبات والقانون والعدالة) ترجمة مرکز دراسات الوحدة العربیة، بیروت، فقال منشور فی مجلة ام المعارک العدد (17)، نیسان 1999. 2- د. حسام أحمد محمد هنداوی، مدى التزام مجلس الأمن بالشرعیة الدولیة نظرة واقعیة ومستقبلیة، مجلة السیاسة الدولیة العدد / 117 لسنة 1994 مرکز الأهرام، القاهرة 1994. 3- د. محمد الدوری، شرعیة قرارات مجلس الأمن الخاصة بأزمة الخلیج بحث منشور مع مجموعة ابحاث اخرى ضمن کتاب القانون الدولی وازمة الخلیج دار الحکمة للطباعة والنشر بغداد/ 1992. 4- د. نجاة قصار، الحدود القانونیة لاستخدام القوة الدولیة من خلال ممارسة الأمم المتحدة، المجلة المصریة للقانون الدولی، مجلد 31، 1975. 5- د. نزار جاسم العنبکى، الانحراف فی تطبیقات مجلس الأمن للفصل السابع من المیثاق، مجلد دراسات العدد / 3 لسنة 2001 بیت الحکمة، بغداد 2001. 6- د. نزار جاسم العنبکى، سلطة مجلس الأمن فی توقیع الجزاءات الفصل السابع وتقدیر استخدامها فی تطبیق جزاءات الاقتصادیة ( حالة العراق) مجلة العلوم القانونیة، کلیة القانون جامعة بغداد، المجلد الرابع عشر العدوان الأول والثانی 1999. 7- د. نزار جاسم العنبکی، التعسف فی استعمال السلطة والانحراف بها فی قرارات مجلس الأمن المتعلقة بأزمة الخلیج، بحث منشور ضمن کتاب القانون الدولی وازمة الخلیج دار الحکمة للطباعة والنشر، بغداد .1992. ثالثا: الرسائل والاطاریح 1- عبد الله الأشعل، الجزاءات غیر العسکریة رسالة دکتوراه مقدمة إلى کلیة الاقتصاد والعلوم السیاسیة، جامعة القاهرة 1976. 2- نبیل محمد نور الدین بشر، مدى ملائمة سلطات مجلس الأمن للتطور المعاصر، رسالة ماجستیر مقدمة إلى کلیة الحقوق، جامعة القاهرة 1996. 3- ویصا صالح، العدوان المسلح فی القانون الدولی الجوانب الأساسیة لاستخدام القوة المسلحة فی العلاقات الدولیة، رسالة دکتوراه مقدمة إلى کلیة الحقوق، جامعة القاهرة 1975. 4- یاسین سیف عبد الله الشیبانی، التضامن الدولی فی مواجهة العدوان ( دراسة رسالة مدى فاعلیة نظام الأمن الجماعی) رسالة دکتوراه مقدمة إلى کلیة الحقوق، جامعة القاهرة، 1997. 5- یحیى الشیمی علی، تحریم الحرب فی العلاقات الدولیة رسالة دکتوراه مقدمة إلى کلیة الحقوق، جامعة القاهرة 1976. 6- محمد عبدالعزیز ابو اسخیله، المسؤولیة الدولیة عن تنفیذ قرارات الامم المتحدة، رسالة دکتوراه مقدمة الى کلیة الحقوق، جامعة القاهرة، 1978.
2- المصادر الاجنبیة 1- Gray, Christine, from Unity to Polarization: International Law and the use of force against Iraq, ejil, vol, 13-No1(2002) on the internet site. | ||
Statistics Article View: 550 PDF Download: 257 |