فاعلیة مجلس الامن الدولی فی مکافحة الارهاب | ||
الرافدین للحقوق | ||
Article 5, Volume 23, Issue 75, June 2021, Pages 159-196 PDF (896.97 K) | ||
Document Type: بحث | ||
DOI: 10.33899/alaw.2021.129990.1148 | ||
Author | ||
عبدالعزیز رمضان الخطابی* | ||
کلیة الحقوق جامعة الموصل | ||
Abstract | ||
یقع على عاتق مجلس الامن الدولی بوصفه الجهاز التنفیذی لمنظمة الامم المتحدة العبء الاکبر فی مواجهة التهدیدات التی تعترض السلم والامن الدولیین، من ثم یمتلک المجلس الاختصاص الحصری فی تکییف هذه التهدیدات ومن ثم اختیار الوسائل الکفیلة بمکافحتها سواء ان کانت وسائل وقائیة ام علاجیة، ومن هذه التهدیدات الارهاب الدولی الذی تراوحت استجابة مجلس الامن له من اعتباره جریمة وطنیة قد یتوافر فیها عنصر اجنبی یقع على عاتق الدولة عبء مکافحتها وتجریمها وملاحقة مرتکبیها الى جریمة ذات بعد دولی تتعاون الدول فیما بینها طوعیا فی ملاحقة مرتکبیها وتقدیمهم الى العدالة الجنائیة ضمن دائرة القانون الوطنی وصولا التطور الاهم بوصفها جریمة تهدد السلم والامن الدولیین یمکن معها اللجوء الى حق الدفاع عن النفس او اعمال نظام الامن الجماعی وقد تباینت فاعلیة مجلس الامن فی مواجهة الارهاب تبعا لتطور وسائل الارهاب وخطورته وواقع العلاقات الدولیة المتغیر. | ||
Keywords | ||
مجلس الامن; الارهاب; السلم والامن الدولیین; التعاون الدولی | ||
Full Text | ||
فاعلیة مجلس الامن الدولی فی مکافحة الارهاب -(*)- The Effectiveness Of The UN Security Council in Fighting Terrorism
(*) أستلم البحث فی 20/4/2021 *** قبل للنشر فی 10/5/2021. (*) Received on 20/4/2021 *** accepted for publishing on 10/5/2021. Doi: 10.33899/alaw.2021.129990.1148 © Authors, 2021, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license (http://creativecommons.org/licenses/by/4.0). المستخلص یقع على عاتق مجلس الامن الدولی بوصفه الجهاز التنفیذی لمنظمة الامم المتحدة العبء الاکبر فی مواجهة التهدیدات التی تعترض السلم والامن الدولیین، من ثم یمتلک المجلس الاختصاص الحصری فی تکییف هذه التهدیدات ومن ثم اختیار الوسائل الکفیلة بمکافحتها سواء ان کانت وسائل وقائیة ام علاجیة، ومن هذه التهدیدات الارهاب الدولی الذی تراوحت استجابة مجلس الامن له من اعتباره جریمة وطنیة قد یتوافر فیها عنصر اجنبی یقع على عاتق الدولة عبء مکافحتها وتجریمها وملاحقة مرتکبیها الى جریمة ذات بعد دولی تتعاون الدول فیما بینها طوعیا فی ملاحقة مرتکبیها وتقدیمهم الى العدالة الجنائیة ضمن دائرة القانون الوطنی وصولا التطور الاهم بوصفها جریمة تهدد السلم والامن الدولیین یمکن معها اللجوء الى حق الدفاع عن النفس او اعمال نظام الامن الجماعی وقد تباینت فاعلیة مجلس الامن فی مواجهة الارهاب تبعا لتطور وسائل الارهاب وخطورته وواقع العلاقات الدولیة المتغیر. الکلمات المفتاحیة: مجلس الامن، الارهاب، السلم والامن، التعاون الدولی. Abstract The Security Council, as the executive organ of the United Nations, bears the greatest burden in confronting threats to international peace and security. The Council has exclusive competence to adapt these threats and then select the means to fighting them, whether they are preventive or remedial means. Among these threats is international terrorism. The response of the Security Council ranged from considering it a national crime in which might provide a foreign element on which the state bears the burden of criminalizing it and prosecuting its perpetrators, to a crime which has an international dimension. Up to the most important development, as a crime threatening international peace and security, it is possible to resort to the right of self-defense or use the collective security system. The effectiveness of the Security Council in fighting terrorism has varied according to the development and severity of the means of terrorism and the changing reality of international relations. Key words: Security Council, Terrorism, Peace And Security, International Cooperation. المقدمـة یعد مجلس الامن الجهاز التنفیذی الرئیس فی الامم المتحدة ویقع علیه العبء الأکبر فی مواجهة التهدیدات التی تواجه السلم والأمن الدولیین، من ثم استخدام التدابیر الوقائیة والعلاجیة فی مواجهة هذه التهدیدات، وتتطور الیات مجلس الامن الدولی بمواجهة التحدیات تبعاً، لطبیعة التهدیدات ومصدرها لذلک نجد ان فاعلیة المجلس تتغیر حسب کل تهدید ومصدره وطبیعته ومن هذه التهدیدات المرتبطة بالإرهاب، إذ رغم ان الارهاب جریمة غیر جدیدة وقد واجهتها الامم المتحدة ومجلس الامن الدولی مع بواکیر نشأة الامم المتحدة وتحدیدا مع اغتیال الوسیط الاممی فولک برنادوت (Folke Bernadotte) من العصابات الصهیونیة، الا ان طبیعة الاستجابة وفاعلیتها اختلفت وفقاً لتغیر طبیعة الجرائم الارهابیة وخطورتها بحیث تحولت الى نموذج من نماذج تهدیدات السلم والامن الدولیین التی تبیح استخدام القوة المسلحة وفق متطلبات الدفاع عن النفس الواردة فی المادة (51) من میثاق الامم المتحدة فضلا عن إمکانیة تفعیل تدابیر الأمن الجماعی وفق متطلبات الفصل السابع. اهمیة البحث: تکمن اهمیة البحث من خلال تتبع مسار قرارات مجلس الامن الدولی بشأن الارهاب الدولی والوقوف على تقییم فاعلیة المجلس واستجابته لمتطلبات واقع العلاقات الدولیة، إذ انعکس واقع هذه العلاقات على فاعلیة المجلس فی مواجهة الارهاب الدولی بشکل ملموس تبعا لتغیر هذه العلاقات. مشکلة البحث: تدور مشکلة البحث حول تحدید مفهوم الارهاب الدولی من ثم تقییم فاعلیة مجلس الامن الدولی فی مواجهة التحدیات الارهابیة عبر حیاة منظمة الامم المتحدة. فرضیة البحث: یبنى البحث على فرضیة تأثر فاعلیة مجلس الامن الدولی بمواجهة الارهاب الدولی تبعا لمواقف الدول الدائمة العضویة فیه ، وتحول الارهاب الدولی الى تهدید للسلم والامن الدولیین. منهجیة البحث: اعتمدنا فی کتابة هذا البحث على المنهج التحلیلی الذی یعول على تحلیل موقف مجلس الامن الدولی من خلال قرارات المجلس ذات الصلة بالإرهاب فضلا عن تحلیل فاعلیة المجلس فی ضوء متغیرات العلاقات الدولیة واختلاف توازنات القوى. هیکلیة البحث: تم تقسیم البحث الى مبحثین یتناول اولها تعریف الارهاب وعلاقته بالسلم والامن الدولیین، بینما خصص المبحث الثانی لقیاس فاعلیة مجلس الامن الدولی فی مکافحة الإرهاب من خلال مسار تعامل مجلس الامن الدولی مع الإرهاب قبل هجمات 11 أیلول 2001 وبعدها. المبحث الأول الإرهاب وعلاقته بالسلم والامن الدولیین یعد استخدام العنف ظاهرة قدیمة قدم التاریخ نفسه، ولا یرتبط بمکان جغرافی او فکری محدد و یرتبط الإرهاب باستخدام العنف او التهدید باستخدامه ضد مدنیین او موظفین رسمیین لغرض الوصول الى اهداف محددة، وقد عرفت الدولة فی شؤونها الداخلیة ظاهرة الإرهاب وتعاملت القوانین الداخلیة معها بشکل حازم، ولکن القانون الدولی قد تأخر کثیرا عن مواکبة البنیان التشریعی الذی عرفته القوانین الوطنیة، إذ بدأ القانون الدولی فی التعامل مع ظاهرة الإرهاب بعد الحرب العالمیة الأولى وتحدیدا عندما قدمت فرنسا سنة 1935، مذکرة الى مجلس عصبة الأمم تطالب فیها بعقد معاهدة دولیة تجرم الجرائم ذات البعد السیاسی([1]) ، ومن ثم عملت العصبة على تشکیل لجنة تدرس الافعال الإرهابیة ووضع مشروع معاهدة تعاقب مرتکبیها، وسنتناول فی هذا المبحث الإرهاب من حیث جدلیة التعریف، ومن ثم علاقته بالسلم والأمن الدولیین. المطلب الأول جدلیة تعریف الإرهاب صاغت القوانین الداخلیة تعاریف متعددة للإرهاب ووضعت معاییر للسلوک الإرهابی، لکن لازال الجدل فیه محتدما فی القانون الدولی العام حول تعریف الإرهاب، وفی هذا المطلب سنبحث هذه الجدلیة من خلال تعریف الإرهاب وتطور وسائل العمل الإرهابی وصولا الى تحول الإرهاب الى مشکلة ذات بعد عالمی . أولا: تعریف الإرهاب یتبادر الى الذهن عند سماع مصطلح الإرهاب مصطلحات أخرى مثل الخوف، الذعر المنظم، القتل، التفجیر وربما قد یثیر مصطلح الإرهاب البعض ویدفعهم الى ربط هذا المصطلح بدین معین او حتى طائفة دینیة بعینها، وعند بحث هذا المصطلح وتتبع جذوره تاریخیا نجد انه ارتبط ارتباطا وثیقا بفترة العصور الوسطى التی کانت تتسم بسیادة السلطة الزمنیة المطلقة او السلطة الدینیة وما نتج عن صراع مستمر مع الشعوب إذ کان الإرهاب یمثل ردة فعل عنیف ضد تعنت وظلم هاتین السلطتین او فعل سلبی یصدر عن السلطة لکبح جماح الشعوب وتمردها ضد الحاکم المطلق([2])، وبدأ لفظ الإرهاب یدخل قاموس المصطلحات القانونیة والسیاسیة مع نهایة الثورة الفرنسیة الکبرى وفی اطار التشریعات الوطنیة او کتابات الفقه القانونی نجد ان تعریف الإرهاب انحصر فی اتجاهین، إذ یرکز الاتجاه الأول على المظاهر الخارجیة للفعل الذی یمکن وصفه بالصفة الإرهابیة وهذه المظاهر تتضمن اللجوء الى الأفعال المسلحة ذات الطبیعة العشوائیة فی انتقاء الأهداف او الرغبة بإیقاع اکبر قدر من الإصابات فی الجهة المستهدفة، وقد یصدر هذا الفعل عن افراد او جماعات منظمة، ویکون عن طریق القتل العشوائی او الاستهداف المنظم لشخصیات معینة داخل الدولة بطریقة الاغتیال المباشر([3])، ومن نماذج هذه الاتجاه تعریف وکالة الاستخبارات المرکزیة الامریکیة والتی عرفت بأنه "التهدید الناشئ عن عنف من افراد او من جماعات"، وکذلک تعریف دائرة المعارف الروسیة والتی عرفته بأنه "سیاسة تخویف ممنهج للخصوم بما ذلک استئصالهم بشکل نهائی"([4])، بینما یذهب الاتجاه الثانی الى الترکیز على الغرض من الفعل والهدف المبتغى من وراء القیام بالفعل المسلح، والتی ینصرف جوهرها الى ارسال رسالة سیاسیة الى المجتمع الدولی او الى الدولة او حتى الى الجمهور فیکون التعریف عن طریق وصف السلوک بکونه سلوک غیر مشروع قانونا یرمی الى الوصول الى اهداف سیاسیة محددة، وهناک من التعریفات ما یحاول الجمع بین السلوک والهدف المبتغى منه من خلال دمج الاتجاهین معا من خلال تعریف الإرهاب على انه استخدام سلوک مادی ینطوی على العنف المسلح وبشکل مخالف للقانون لغرض الوصول الى غایات سیاسیة([5])، وهنا نجد ان الإرهاب هو سلوک یتضمن عنف مسلح للوصول الى هدف مشروع او غیر مشروع ولکن الوسائل فی کل الأحوال هی غیر مشروعة مما تؤثر على وصف الفعل وتنزع عنه الصفة القانونیة وتحیله الى دائرة التجریم، وفی العودة الى التشریعات القانونیة المحلیة نجد ان الإرهاب قد تم تعریفه فی اکثر من قانون وطنی، فقد عرفه المشرع الفرنسی فی القانون رقم 86/1020 لسنة 1986بأنه "انتهاک للقانون یقدم علیه فرد او مجموعة بقصد اثارة اضطراب خطیر فی النظام العام عن طریق التهدید بالتخویف" وعرفه المشرع المصری فی القانون رقم 97 لسنة 1992بأنه "....استخدام القوة او العنف او التهدید او الترویع، یلجأ الیه الجانی تنفیذا لمشروع فردی او جماعی بهدف الاخلال بالنظام العام او تعریض سلامة المجتمع وأمنه للخطر..." اما المشرع العراقی فی القانون رقم 13 لسنة 2005 فقد عرف الإرهاب بوصفه (کل فعل اجرامی یقوم به فرد او جماعة منظمة استهدف فردا او مجموعة او مجموعة افراد او جماعات او مؤسسات رسمیة او غیر رسمیة .....بغیة الاخلال بالوضع الأمنی او الاستقرار او الوحدة الوطنیة او ادخال الرعب والخوف والفزع بین الناس او اثارة الفوضى تحقیقا لغایات إرهابیة"([6])، وبعیدا عن الانتقادات الموجهة الى التعریفات فی اطار النظم القانونیة الداخلیة، إذ انعکست جدلیة تعریف الإرهاب على المستوى الدولی ومن ثم أثارت خلافا حادا بین الفقهاء وحتى الدول فی تحدید زاویة النظر الى الإرهاب وإمکانیة تعریفه، إذ ما قد یعده البعض عملا إرهابیا، قد یمجده الاخر ویعده عملا بطولیا وثوریاً، حتى ان بعض الفقه قد حاول حسم هذا الجدل من خلال القول بعدم وجود نفع حقیقی من تعریف الإرهاب والاکتفاء بوصف الأفعال المسلحة وتجریمها دون وضع تعریف جامع مانع لها،([7]) وترجع مشکلة تعریف الإرهاب فی القانون الدولی الى بدایات عمل عصبة الأمم والجهود التی بذلت من أجل معاقبة المتسببین فی اندلاع الحرب العالمیة الأولى وضرورة محاکمتهم دولیا، وجاء مشروع اتفاقیة جنیف الخاصة بمنع وقمع الاعمال الارهابیة لسنة 1937 بتعریف الإرهاب بأنه "الاعمال الاجرامیة التی ترتکب ضد الدولة، وتستهدف بشکل مباشر او من خلال اثارة الرعب شخصیات معینة او مجموعة اشخاص او العامة"، وفسر هذا التعریف بکونه انتقائی ویقصر الحمایة على الموظفین العامین فی الدولة ویخرج الارهاب الموجه ضد الافراد الطبیعیین او الموجه من الدولة وسلطاتها ضد الافراد او حرکات التحرر والمقاومة من وصف الافعال الإرهابیة، وفی مرحلة الأمم المتحدة تم التطرق الى مصطلح الإرهاب أولا فی مدونة الجرائم الماسة بالسلم والامن البشری لسنة 1954 والتی قدمت الى الجمعیة العامة للأمم المتحدة وجاء فی المادة (6) الفقرة (2) منها ان الافعال الإرهابیة هی ما ترتکب من دولة ضد دولة أخرى وحصرت الوصف القانونی لها بتوافر الرکن الدولی من ثم عادت موضوعة الإرهاب للظهور مجددا فی اعقاب حادثة میونخ سنة([8])1972، وطرحت للبحث والنقاش فی الأمم المتحدة وتحدیدا فی الجمعیة العامة للأمم المتحدة وفی الدورة (27/1972)، والتی شکلت لجنة خاصة معنیة بالإرهاب وقدم الوفد الأمریکی امام الجمعیة العامة فی دورتها (28/1973) تعریفا یجعل من الإرهاب جریمة فردیة او مساهمة یرتکبها افراد طبیعیین ضد اخرین، بینما کان تعریف الوفد الفرنسی والیونانی للإرهاب على انه عمل ممنهج یرتکب من أجانب على إقلیم دولة أخرى بغیة الحصول على مکاسب سیاسیة([9])، بینما ذهبت مجموعة من دول اسیا وافریقیا الى ان الاعمال الإرهابیة یجب ان تتضمن ما یصدر من الدول من أفعال ضد حرکات المقاومة والتحرر الوطنی، ونجد تفاوت فی الرؤیا اذ کانت بعض الدول تحاول مد وصف الإرهاب على اعمال الثوار وحرکات التحرر الوطنی من خلال وصفها بالأفعال المسلحة الفردیة وتجریمها، بینما کانت دول أخرى تنظر الى اعمال الدولة فی مکافحة حرکات التحرر ومناهضة الاحتلال الأجنبی بوصفها نتیجة إرهاب سابق صادر عن الدولة، ولم ینجح التعریف المقدم من اللجنة الخاصة المعنیة بالإرهاب فی سنة 1980 سوى فی تعداد أفعال عنف مسلح ومن ثم اسباغ الصفة الإرهابیة علیها، وکررت لجنة القانون الدولی فی سنة 1984 ومن خلال مسودة مشروع الجرائم ضد السلم والامن البشری التعریف الوارد فی مشروع اتفاقیة جنیف لسنة 1937 من دون إضافة أی جدید علیها([10])، ورغم کل التطورات فی العلاقات الدولیة والتی ترکت انعکاساتها على القانون الدولی العام خصوصا التحول باتجاه نظام القطب الواحد سنة 1991 ومن ثم احداث 11 أیلول 2001، اذ لم تنجح أی اتفاقیة دولیة فی صیاغة تعریف للإرهاب، وحتى النظام الأساسی للمحکمة الجنائیة الدولیة لسنة 1998 لم یستوعب هذه الجریمة ضمن نماذج الاختصاص الموضوعی للمحکمة الوارد فی نص المادة الخامسة من النظام الاساسی، وهو ذات الموقف الذی اتبعته محاکم نورمبرغ وطوکیو التی اختصت بمحاکمة کبار مجرمی الحرب العالمیة الثانیة، إذ اهملت هذه الجریمة رغم کونها احدى مقترحات لجنة الخبراء فی لجنة جرائم الحرب التی شکلت فی 1934([11]). وعند بحث محاولة تعریف فقهی للإرهاب یجب أولا ان نحدد الفعل الإرهابی بوصفه عنف مسلح من ثم ان هذا العنف یستهدف اشخاص بصفتهم الوظیفیة او المعنویة او حتى افراد عادیین وقد یستهدف حتى مؤسسات عامة او خاصة، ویکون الهدف الذی یقع ما وراء الفعل الإرهابی هو تحقیق هدف ذو بعد سیاسی حتى وان رافقه رسائل ذعر ورعب عند الجمهور اما عن کیفیة تحدید الفعل الإرهابی بوصفه جریمة وطنیة ام دولیة فهذا یعتمد على توافر العنصر الأجنبی سواء فی الهدف او القائم به او المستفید منه او حتى مکان تنفیذ الفعل، وأخیرا قد یکون الفعل الإرهابی هو مشروع فردی او مشروع جماعة مسلحة ذات بعد محلی او دولی، وقد یکون الفعل الارهابی صادرا عن الدولة بشکل مباشر عن طریق ارتکابه بواسطة مؤسسات او اشخاص تابعین للدولة وقد تتحول الدولة الى راعیة للإرهاب اذا کان الفعل الإرهابی قد ارتکب من مجموعة تحظى بتأیید او دعم مباشر او غیر من مباشر من الدولة حتى لو کانت ذات جنسیة غیر جنسیة الدولة. ثانیاً: تطور وسائل الإرهاب ابتدأ الارهاب بوصفه مشروع فردی بغیة تحقیق هدف شخصی للقائم بالفعل من ثم تطور هذا الفعل الى مشروع جماعی یقدم علیه شخص او مجموعة اشخاص وکان یتم بصورته الأولى من خلال جرائم قتل تقلیدیة لشخصیات سیاسیة او عامة او استهداف عشوائی للجمهور، او مؤسسات ذات طابع أمنی او مدنی او حتى اختطاف رهائن او طائرات بقصد تسلیط ضغط سیاسی او اعلامی لتحقیق هدف معین، سواء بإرغام صانع القرار السیاسی على اتخاذ قرار معین ام التراجع عن قرار معین، وقد یتضمن الإرهاب إیصال رسالة معینة الى الجمهور او المجتمع الدولی قوامها لفت الانتباه الى قضیة معینة. وتعد وسیلة الاغتیال السیاسی اقدم صور الإرهاب فی العلاقات الدولیة منها اغتیال ملک إیطالیا سنة 1900، واغتیال ولی عهد النمسا فی 1914 والذی یؤشر بوصفه احد أسباب اندلاع الحرب العالمیة 1914، وتطورت وسائل الإرهاب فی اطار العلاقات الدولیة الى نماذج اشد خطورة إذ ظهرت منظمات عنف مسلح سواء بخلفیات دینیة او قومیة او وطنیة اتخذت من العنف المسلح وسیلة لتحقیق أهدافها، واتخذت هذه الاعمال المسلحة صور مختلفة مثل خطف الرهائن أو الطائرات او مهاجمة المرافق العامة ومؤسسات الدولة المدنیة([12])، وشهدت نهایة العقد الثامن من القرن الماضی تشکیل جماعات مسلحة اتخذت من العنف المسلح المنظم وسیلة أساسیة لتحقیق غایاتها السیاسیة او إیصال رسائلها الإعلامیة وجاء میلاد هذه المجامیع مع محاربة الاحتلال السوفییتی لأفغانستان سنة 1979، وتحول هذه المجموعات بعد انسحاب الاتحاد السوفییتی الى نهج مقاومة الدول الغربیة من خلال استهداف سفارات هذه الدول او الاعتداء على مصالحها الاقتصادیة او مواطنیها، من ثم جاءت اعتداءات 11 سبتمبر 2001 فی الولایات المتحدة الامریکیة لترسم الحد الفاصل بین مراحل مکافحة الإرهاب، إذ کشفت عن تطور خطیر فی وسائل الهجمات الإرهابیة وازاحت الستار عن رغبة هذه الجماعات فی إیقاع اکبر قدر ممکن من الخسائر فی صفوف الجهة المستهدفة، فضلا عن القدرات التنظیمیة والتخطیطیة لهذه الجماعات وامکانیاتها العسکریة([13])، وتنباً الباحثون بجیل جدید من الإرهاب لن یتوانى عن استخدام أسلحة الدمار الشامل فی حال تمکنه من اقتنائها خصوصا مع سهولة تصنیع الأسلحة البیولوجیة والکیماویة وتوافر إمکانیة اقتناء حتى أسلحة نوویة من مخلفات الاتحاد السوفییتی السابق، وکشفت دراسة لمکتب الأمم المتحدة لمکافحة المخدرات والجریمة صدرت عام (2013) عن القدرات التنظیمیة والتعبویة والاعلامیة والمالیة والتی تمتلکها الجماعات الإرهابیة من خلال استخدامها لشبکة الاتصالات العالمیة فضلا عن إمکانیات التحریض على الإرهاب وتدریب المجندین على ارتکاب العمل الإرهابی و تزویدهم بالمعرفة الأساسیة فی صنع المواد المتفجرة ونحوها، وأیضا هناک إمکانیة شن الهجمات الالکترونیة (Cyber Attacks) عن طریق الدخول للنظم الالکترونیة ومحاولة تعطیلها وسرقة المعلومات التی تغذیها او تخزنها او بای طریقة تستهدف الاخلال بنظام التعاملات الالکترونیة([14])، وقد أفرزت الممارسات المعاصرة وجود هجمات الکترونیة على المصالح العامة والخاصة دون أن تتبنى أی جهة هذه الهجمات والتی بقت فی خانة الاتهامات السیاسیة. ثالثا: التعاون الدولی فی مواجهة الإرهاب لم یتعامل المجتمع الدولی ابتداءً مع الجریمة الإرهابیة بوصفها جریمة دولیة، إذ کان ینظر الیها على انها جریمة داخلیة تقع ضمن نطاق القانون الجنائی الداخلی وتکون المعاقبة علیها من ضمن الاختصاص الحصری للدولة، حتى ان بعض الدول کانت تعامل مرتکبی هذه الجرائم فی حال وصولوهم الیها بوصفهم مجرمین سیاسیین وکانت تقدم الدعم لهم وتوفر الحمایة وتستثنیهم من معاهدات تسلیم المجرمین([15])، ولکن مع تنامی خطورة الجریمة الإرهابیة وتحولها عن انماطها التقلیدیة واستخدامها کمشروع منظم وممنهج بغیة تحقیق اهداف سیاسیة، وتطور هذه الجریمة وتجاوزها الحدود الإقلیمیة الى اکثر من دولة، اضطر المجتمع الدولی الى البدء جدیاً فی البحث عن نماذج لتعاون دولی لمواجهة هذه الجریمة، وکانت اول أوجه التعاون الدولی قد تمثلت فی اخراج نموذج هذه الجریمة من تصنیف الجرائم السیاسیة، ومن ثم تم عقد اتفاقیات دولیة لمکافحة النماذج المستجدة من الجرائم الارهابیة فی وقتها، وجاءت اتفاقیة طوکیو لسنة 1963 المتعلقة بالجرائم وبعض الافعال الاخرى المرتکبة على متن الطائرات ، بوصفها اول اتفاقیة دولیة لمواجهة الإرهاب من ثم توالت عدة اتفاقیات دولیة من أهمها اتفاقیة منع وقمع الجرائم والاعمال المرتکبة ضد الأشخاص الاشخاص المتمتعین بحمایة دولیة بما فیهم الموظفون الدبلوماسیون والمعاقبة علیها عام 1973، والاتفاقیة الدولیة لمناهضة اخذ الرهائن المعروفة (اتفاقیة الرهائن) عام 1979، وتطور التعاون الدولی فی اطار مکافحة الإرهاب الى عقد اتفاقیات متعددة تناولت سلامة المواصلات البحریة ومنع الاعتداء على المنصات الثابتة فی مناطق الجرف القاری وتجریم الاستیلاء او حیازة أی مواد نوویة خطرة دون وجه مشروع، من ثم تحولت أنماط التعاون الدولی منذ 1999 الى مواجهة تمویل الإرهاب فضلا عن عقد اتفاقیات إقلیمیة متعددة حددت اطر التعاون الاقلیمی فی مواجهة الإرهاب مثل الاتفاقیة العربیة لمکافحة الإرهاب فی 1997، والاتفاقیة الاوربیة لمکافحة الإرهاب المعقودة فی سنة 1977 ومن ثم عدلت ببروتوکول 2003، واتفاقیة مجلس أوروبا لمواجهة الجرائم فی الفضاء الحاسوبی فی 2010، والاتفاقیة الامریکیة لمکافحة الإرهاب فی 2002([16]). ان مراجعة اطر التعاون الدولی ببعدیها العالمی والإقلیمی تفرز حقیقة عدم الاتفاق على وجود تعریف دولی موحد للإرهاب ، فضلا عن انعدام وجود اتفاقیة دولیة شاملة تتضمن تجریم بأبعاد دولیة شاملة للعمل الارهابی، فضلا عن غیاب أی اتفاقیة دولیة تجرم الإرهاب الالکترونی إذ ان هذه الاتفاقیات تعنى بنماذج معینة من الجرائم الإرهابیة مثل جرائم خطف الطائرات او احتجاز الرهائن او الاعتداء على الأشخاص المحمیین دولیا بصفتهم الدبلوماسیة او حتى تتضمن تجریم أفعال مثل دعم الإرهاب لوجستیاً او مالیاً، والمأخذ الثانی على التعاون الدولی یترکز فی ان هذه الاتفاقیات تحدد خطورة هذه الجرائم من ثم تترک امر العقاب واثارة المسؤولیة الجنائیة للتشریعات الداخلیة، مع وجود اتفاق بین الدول الأطراف فی هذه الاتفاقیات على عدم اعتبار مرتکبی هذه الجرائم مجرمین سیاسیین بغض النظر عن نوایاهم الحقیقة او المعلنة، ومن ثم خضوعهم للتسلیم ([17])، وهناک أیضا اتفاق على ادراج هذه الجرائم ضمن مبدأ الاختصاص العالمی (Universal Jurisdiction) والذی یجعل من مرتکبی هذه الجرائم اشخاص مطلوبین فی کل دولة طرف فی الاتفاقیة ومن ثم تستطیع أی دولة من ممارسة اختصاصها الجنائی على مرتکبی هذه الجرائم حال القبض علیهم فوق إقلیم الدولة، فضلا عن نماذج تعاون فی التحقیقات ومتابعة مرتکبی هذه الجرائم، وتجدر الإشارة الى ان هذه الاتفاقیات هی اتفاقیات نسبیة الأثر لا تلزم الا الدول الأطراف فیها دون ان تتعداها الى غیرها. المطلب الثانی اثر الإرهاب على السلم والامن الدولیین نتناول فی هذا المطلب العلاقة بین الإرهاب والسلم والامن الدولیین من خلال تعریف السلم والامن الدولیین وتحدید الجهة التی تمتلک القدرة القانونیة على تکییف أی فعل بوصفه تهدیداً للسلم والأمن الدولیین من ثم نحلل بعض الوقائع التی کیفت على انها فعال إرهابیة.
أولا: ماذا نعنی بالسلم والامن یعد حفظ السلم والامن الدولیین المقصد الرئیس لمنظمة الأمم المتحدة، بل وهو الهدف الأساسی من انشائها، وهذا ما رکزت علیه دیباجة المیثاق بالقول "لننقذ الأجیال القادمة من ویلات الحروب" من ثم کررت القول بان "نحیا بسلام جنبا الى جنب"([18])، ومن ثم وضع المیثاق الخطوات العملیة لحفظ السلم والامن من خلال منع استخدام القوة او التهدید بها فی العلاقات الدولیة وتجرید الدولة من کل وسائل استخدام القوة المسلحة التی کانت تلجأ الیها فی حقبة القانون الدولی العرفی وترک لها فقط حق الدفاع عن النفس بوصفه اجراء تحفظی ووقتی لحین تدخل الجهاز المختص وقیامه باتخاذ الإجراءات الکفیلة بحفظ السلم والامن واعادتهما الى نصابهما، وهنا یجب ان نُعرف ما هو السلم وما هو الامن ؟ من ثم ما یعنی وصفهما بالدولیین؟ اذا افردنا کلمة السلم فهی کما اشرنا الیها تعنی غیاب النزاع المسلح من ثم انتظام الدولة فی مجال القانون الدولی واختیاره وسیلة واساس لعلاقاتها الدولیة مع باقی اعضاء الجماعة الدولیة وإذ وجدت نزاعات فأنها یجب ان لا تصل الى حد استخدام القوة المسلحة، إذ یمکن اللجوء الى الوسائل السلمیة بتنویعاتها الدبلوماسیة والسیاسیة والقضائیة لحلها، واشار المیثاق الى حفظ السلم (Maintain of Peace) وقمع أی تهدید للسلم (Suppression of Peace) وفی مجال التمییز بین الاجرائیین فأن الفقیه هانز کلسن یقول انه فی حالة خرق السلم فانه من المستحیل حفظه بل یجب على المنظمة فقط اعادته الى نصابه([19])، اما حالة الحفاظ على السلم فمعناها اتخاذ الإجراءات الضروریة کافة لمنع ومعالجة الأسباب والمشاکل التی تقود الى النزاع سواء فی مجتمع الدولة او الجماعة الدولیة، وکان الفقه سابقا ینظر الى مصطلح السلم الدولی فی میثاق الأمم المتحدة بوصفه غیاب او منع استخدام القوة المسلحة بین الدول، وکان یُدعم رأیه من خلال استدراک نص المادة (2) الفقرة (7) من المیثاق والتی تمنع التدخل فی المسائل التی تعد أساسا من صمیم الاختصاص الداخلی للدولة([20])، ولکن یأخذ السلم فی التفسیرات والممارسات الدولیة المعاصرة درجة اکثر تقدماً اذ ینظر الى تحقق الاستقرار الدولی من خلال تحقق الاستقرار الداخلی فی مجتمع الدولة فی غیاب أسباب التطرف والنزاع داخل الدولة فیمکن النظر الى قضایا حقوق الانسان والنزاعات المسلحة غیر ذات الطابع الدولی الدولیة وقضایا الإرهاب والمشاکل الاقتصادیة والاجتماعیة المزمنة بوصفها مخاطر قد تعرض السلم والامن الدولیین الى خطر واقعی لذلک ینظر الى تحقق السلم داخل مجتمع الدولة على انه واقع ینعکس إیجابیا على السلم الدولی. بینما یشمل مصطلح الامن معانی الاطمئنان والتحرر من الخوف وغیاب التهدید للدولة بکل مستویاته الاقتصادیة والاجتماعیة والعسکریة والإنسانیة والحفاظ على المصالح الحیویة للدولة، ومن خلال مجموع امن الدول یتحقق الامن الدولی، ویتحقق الامن من خلال إجراءات استباقیة او علاجیة تواجه هذه التهدیدات وتعمل على ازالتها([21])، وکان نظام الامن المتبع من الدولة فی القانون الدولی التقلیدی نظاما فردیا فکلما زادت قوة الدولة العسکریة زادت قدرتها على مواجهة التهدیدات الأمنیة التی تواجهها سواء ان کانت هذه القوة تمثل قوة ردع لهذه التهدیدات او قوة قمع فی حال تحولها من تهدید الى سلوک فعلی، ومع تغیر النظام الدولی مع نهایة الحرب العالمیة الأولى والتوجه نحو التنظیم الدولی حاول عهد عصبة بناء منظومة امن جماعی ترتکز على مفاهیم تحدید التسلح وتمییز الحرب المشروعة عن غیر المشروعة فضلا عن المساعدة المتبادلة من الدول الأعضاء للدولة ضحیة الحرب العدوانیة، ومع انهیار العصبة جاء میثاق الأمم المتحدة عام 1945 لیرسم نظام اکثر تکاملا للأمن الجماعی من خلال تجاوز الثغرات التی أًشرت على عهد العصبة([22]). وتبدو الحاجة للتحول من نظام الامن الفردی الى نظام الامن الجماعی ضرورة ملحة فی ظل تطور نظریة التضامن الدولی والمصالح الدولیة المشترکة للجماعة الدولیة، إذ ان الاستقرار الدولی هو مصلحة مشترکة یجب على جمیع الدول العمل على تحققه والحفاظ على الوضع الدولی دون أی تغییرات عنیفة تؤثر على استقرار العلاقات الدولیة فی ظل تطورات عسکریة هائلة افرزت تهدیدات وجودیة للدولة فضلا عن تطورات دولیة مکنت من بناء مصالح دولیة مشترکة فی عدة اتجاهات اقتصادیة وثقافیة واجتماعیة، هذه التطورات بشقیها تتطلب جهدا غیر تقلیدیا لمواجهتها لا یمکن لدولة واحدة ان تقف بوجه دون تعاون باقی الدول معها فضلا عن ما اثبته واقع الممارسات الدولیة بتأثر أمن دولة بما قد یحدث بدولة أخرى. ثانیاً:تکییف التهدیدات للسلم والامن یعد مجلس الامن الدولی هو الجهاز المخول فی تکییف التهدیدات التی تواجه السلم والامن الدولیین من ثم اتخاذ القرار الخاص بإعمال التدابیر الخاصة بالأمن الجماعی، وظاهر هذا الاختصاص یعود الى نص المادة (39) من میثاق الأمم المتحدة، إذ یکیف مجلس الامن الواقعة ومن ثم یعمل وفق المادة (41) والمادة (42) من المیثاق، ومع غیاب أی تحدید وتعریف واضح لمصطلحات تهدید السلم او خرق السلم وأعمال العدوان یظهر الاختصاص المطلق وغیر المقید لمجلس الامن فی تکییف الوقائع فیما إذا کانت تشکل او لا تشکل ما یهدد او یخرق السلم او ما یمکن تکییفه عملا من اعمال العدوان، ونجد ان مجلس الامن وفی اطار مساره العملی قد المجلس قام بتکییف عدم قبول دولة بقرارات مجلس الامن واللی قدتوقف عن استمراریة اعمال القوة المسلحة بمثابة اخلال بالسلم والامن الدولیین من خلال غزو دولة إقلیم دولة أخرى بوصفه یمثل خرقا للسلم والامن الدولیین، وفی اطار تکییف العدوان ومع محاولة الجمعیة العامة صیاغة تعریف للعدوان جاء القرار (3314) فی (1974) بمثابة محاولة لردم ثغرة انعدام التحدید الواضح للعدوان([23]) ورغم ما جاء فی التعریف من عبارات وتحدیدات لحالات استخدام القوة المسلحة سواء ان کانت مباشرة ام غیر مباشرة، الان نهایة التعریف ترکت الباب مفتوحا امام أی استخدامات على غیر ما جاء فی القرار من تحدیدات، ویستطیع مجلس الامن بما یمتلکه من اختصاص قانونی ان یکیف أی حالة مستقبلیة على انها عدوان، وسبق لمجلس الامن ان کیف بعض الوقائع على انها عدوان مثل الاعمال العسکریة التی کانت تجری بین منظمة التحریر الفلسطینیة وإسرائیل على الأراضی اللبنانیة، وبعد 1991 خرج مجلس الامن عن الاطار التقلیدی فی تکییف ما یمکن اعتباره خرق او تهدید للسلم او عمل من اعمال العدوان، إذ بدأ بتکییف الکثیر من المسائل والتی کانت تکیف على انها تقع ضمن الاختصاص الداخلی للدولة وجرها باتجاه الاختصاص الدولی ومن ثم اعتبارها تهدیدات جدیة للسلم والامن الدولیین، فتم تکییف انتهاکات لحقوق الأقلیات او انتهاکات واسعة لحقوق الانسان او حتى حالات الاستحواذ على الحکم بالقوة العسکریة او حالات قمع الاحتجاجات الداخلیة بقوة مفرطة على وصفها تهدیدا للسلم والامن الدولیین([24]). وفی ظل الاختصاص المطلق لمجلس الامن فی تکیف التهدیدات التی تحیق بالسلم والامن الدولیین، نجد انه من الضروری استدراک ان هذه الاختصاص المطلق محاط ببعض العراقیل التی تمنع من الوصول الى الهدف النهائی المتمثل بمباشرة اختصاص الامن الجماعی واستخدام إجراءات وقائیة او علاجیة لمواجهة هذه التهدیدات، فقد تمنع احد الدول دائمة العضویة الوصول الى قرار یتعلق بتکییف التهدید وتمنع أی إجراءات لاحقة لمعالجته من خلال استخدام حق النقض، او قد لا تظهر مصلحة للدول الدائمة العضویة فی معالجة هذه التهدیدات من ثم اهمال الحالة وحتى عدم اخضاعها للنقاش، او قد تظهر المصلحة بنحو مغایر من خلال عدم التعرض للحالة والنظر فیها من مجلس الامن الدولی. ثالثاً: تکییف مجلس الامن الدولی للإرهاب استدرکنا فیما سبق ان لمجلس الامن صلاحیة واسعة فی تکییف أی واقعة بوصفها تهدیدا للسلم والامن الدولیین من ثم اعمال الفصل السابع لمواجهتها، وهذه الصلاحیة غیر ثابتة ومتغیرة مع تغییرات العلاقة الدولیة بمعنى ان ظاهر هذه الصلاحیة هو قانونی ولکن محتواها سیاسی بالکامل یخضع لظروف العلاقات الدولیة وتوافق الدول دائمة العضویة فی مجلس الامن الدولی. وفی اطار تکییف الإرهاب نجد ان القوانین الجنائیة الوطنیة تتعامل مع الإرهاب بوصفه جریمة داخلیة تخضع للقانون الوطنی ویمتد علیها من حیث الاصل الاختصاص القضائی الجنائی الإقلیمی فی حال تم ارتکاب الجریمة على إقلیم الدولة، وفی حال وجود تنازع فی الاختصاص مع دولة أخرى یمتد اختصاصها لیشمل احد عناصر الجریمة الإرهابیة، فهنا یستلزم تطبیق مبدأ التسلیم او المحاکمة، بینما ینادی بعض الفقه بجعل الجرائم الإرهابیة ضمن جرائم الاختصاص الشامل بحیث یمکن لأی دولة تلقی القبض على مرتکبیها ان تمارس اختصاصها الجنائی على مرتکبی الجریمة الإرهابیة([25])، وفی اطار القانون الدولی العام فهناک فراغ تشریعی بمواجهة الجریمة الإرهابیة، إذ تشیر الاتفاقیات الدولیة کافة والتی عولجت من خلالها نماذج من السلوک الذی صنف بوصفه جرائم إرهابیة الى اعمال التعاون الدولی فی تفعیل مکافحة الإرهاب دون تکییف الأفعال بوصفها جرائم دولیة وهذا المسار عینه ما تم اتباعه مع نظام المحکمة الجنائیة الدولیة لسنة 1998 ، إذ تم اهمال الجریمة الإرهابیة بوصفها جریمة دولیة مستقلة وان کان هذا لا یمنع من ان تتداخل الجریمة الإرهابیة مع نماذج أخرى من الجرائم الدولیة، إذ یمکن ان نجد نماذج للسلوک الإرهابی متداخلة مع جرائم الإبادة الجماعیة او جرائم الحرب او حتى الجرائم ضد الإنسانیة، ان واقع القانون الدولی یلزمنا بالقول بعدم وجود أی اتفاقیة دولیة تجعل من الارهاب جریمة دولیة خالصة، مع غیاب تام لتعریف الإرهاب فی أی اتفاقیة دولیة، ولکن هل هذا یعنی ان الإرهاب یستمر النظر الیه بوصفه جریمة داخلیة حتى لو مست الأفعال المکونة له مصالح دولیة؟ هنا یمکن ان نتسأل هل یمکن لمجلس الامن الدولی ان یجذب الإرهاب من دائرة الاختصاص الوطنی الى دائرة الاختصاص الدولی؟ هذا یدفعنا الى قراءة نص المادة (2) الفقرة (7) من المیثاق، إذ یمنع ظاهر النص الأمم المتحدة وأجهزتها المختلفة من التدخل فی الاختصاص الداخلی للدول الأعضاء ولکن أیضا یشیر هذا النص ان للأمم المتحدة صلاحیة التدخل فی الاختصاص الداخلی فی حال وجود أی تهدید للسلم والامن الدولیین تستوجب تفعیل تدابیر القمع الواردة فی الفصل السابع من المیثاق، فهنا یستطیع مجلس الامن ربط أی واقعة إرهابیة بالسلم والامن الدولیین من ثم جذبها من الاختصاص الوطنی الى الاختصاص الدولی، وهذا ما سنبحثه فی تفصیل اکثر فی المبحث الثانی. المبحث الثانی تعامل مجلس الامن الدولی مع الإرهاب یتطلب قیاس فاعلیة مجلس الامن الدولی فی مکافحة الإرهاب دراسة واقع تعامل مجلس الامن مع الوقائع الإرهابیة وکیف واجه مجلس الامن الوقائع ذات البعد الدولی، وقد شکلت هجمات 11 أیلول 2001 على الولایات المتحدة الامریکیة بوحشیتها وطریقة تنفیذها وما خلفته من نتائج واثار حدا فاصلا یمکن مع قراءة واقع تعامل مجلس الامن الدولی مع الإرهاب فی مرحلة ما قبل هذه الهجمات وما بعده، وسنقسم هذا المبحث الى مطلبین نبحث فی أولهما مسار تعامل مجلس الامن الدولی مع الإرهاب قبل هجمات 11 أیلول 2001 بینما سنبحث فی المطلب مسار التعامل بعد هذه الهجمات. المطلب الأول مسار التعامل قبل هجمات 11 ایلول 2001 یکیف بعض الفقه مجلس الامن الدولی بوصفه مجلس ذو طبیعة سیاسیة تخضع قراراته لمصالح الدول دائمة العضویة فیه، ولا یمکن ان یتحرک المجلس دون توافق الأعضاء الدائمین، بینما نجد ومن وجهة نظرنا ان هذا المجلس وان کان طبیعة ترکیبته تعکس جانب سیاسی یمثل واقع العلاقات الدولیة المعاصرة الا ان ترکیبة وإجراءات المجلس وطریقة اتخاذه للقرارات تعکس أیضا واقع قانونی منصوص علیه فی میثاق الأمم المتحدة وما ممنوح من امتیازات للدول الأعضاء فیه هی امتیازات قانونیة حتى لو تم استغلالها لمصالح سیاسیة ضیقة، وهذا ما افرزه نظام القطبیة الثنائیة الذی انتهى مع انهیار الاتحاد السوفییتی السابق والذی اثر بشکل کبیر جدا على تفعیل اختصاصات مجلس الامن الدولی ومنعه من القیام بالوظائف المسندة، ولغرض قیاس فاعلیة مجلس الامن الدولی فی ما یتعلق بمکافحة الإرهاب فی مرحلة ما قبل هجمات 11 أیلول 2001 فأننا سندرس موقف المجلس من الأفعال الإرهابیة التی مورست فی اطار الصراع العربی الإسرائیلی من ثم ندرس تعامل مجلس الامن مع قضیة لوکربی سنة 1988، فضلا عن دراسة بعض الوقائع الأخرى والتی سنختارها بوصفها نماذج تحلیلیة. أولا: الاعمال الارهابیة المتعلقة بالنزاع العربی الإسرائیلی یرجع اصل النزاع العربی الإسرائیلی الى ما بعد الحرب العالمیة الأولى وإصدار بریطانیا لوعد بلفور فی عام 1917 والذی من خلاله وعدت بإنشاء وطن قومی للیهود فی فلسطین والذی تجسد فعلیا بإعلان قیام دولة إسرائیل فی 14 أیار 1948 وما اعقب هذا الإعلان من نزاع مسلح بین إسرائیل وبعض الدول العربیة فضلا عن حرکات المقاومة الفلسطینیة([26])، ویمکن ان نقدم واقعة اغتیال الوسیط الاممی السویدی (Folke Bernadotte) فی 1948 بوصفها اول واقعة إرهابیة واجهت الأمم المتحدة بشکل فعلی، واصدر مجلس الامن الدولی القرار (57) وقد عبر المجلس عن اسفه وصدمته من واقعة الاغتیال التی قامت بها عصابات إرهابیة من ثم خول الأمین العام بمتابعة تنفیذ هذا القرار، من ثم تم اصدار القرار ذی الرقم (59) والذی طالب إسرائیل بمعاقبة جمیع الأشخاص الذین اشترکوا فی ارتکاب جریمة الاغتیال([27])، وفی اطار اعمال العنف الممنهج ضد العرب فی فلسطین المحتلة اصدر مجلس الامن قرارات عدة منها القرار ذی الرقم (101) لسنة 1953 والذی ادان هجوم إسرائیلی على قریة قبیة راح ضحیته نحو (67) مدنیا، والقرار رقم (237) فی 1967 والذی طلب من إسرائیل احترام حقوق الإنسان فی المناطق التی تأثرت بنزاع 1967، ومن ثم القرار رقم 265 لعام 1969 الذی ادان فیه الهجوم على القرى فی الأردن، والقرار رقم (270) لعام 1969 والذی عبر فیه المجلس عن اسفه للهجوم الإسرائیلی على القرى اللبنانیة فی الجنوب([28])، والقرار رقم 271 لعام 1969 الذی ادان فیه حرق المسجد الأقصى فی القدس المحتلة، وادان المجلس فی قراره رقم (471) لعام 1980 محاولة اسرائیل اغتیال بعض الموظفین العمومیین الفلسطینیین فی الأراضی التی تحتلها، وفی القرار رقم 605 لعام 1987 وفیه یشجب مجلس الأمن الممارسات الإسرائیلیة التی تنتهک حقوق الإنسان للشعب الفلسطینی فی الأراضی المحتلة ویطلب من إسرائیل أن تتقید فوراً وبدقة باتفاقیة جنیف المتعلقة بحمایة المدنیین فی إثناء النزاعات المسلحة([29])، واصدر مجلس الامن سنة 1988 القرارین (607 و608) طلب فی أولهما ان تمتنع إسرائیل عن ترحیل مدنیین فلسطینیین عن الأراضی المحتلة وفی الثانی طلب إلغاء أمر ترحیل المدنیین الفلسطینیین وعودة من تم ترحیلهم فعلاً، ومن القرارات الهامة التی تدین الإرهاب الاسرائیلی القرار ذی الرقم (672) لعام 1990 والذی یدین مجزرة قتل واصابة (170) فلسطینی اعزل فی باحة المسجد الأقصى، وادان المجلس فی القرار رقم (904) لسنة 1994 مجزرة قتل نحو (50) مصلی فی مدینة الخلیل([30])، وطالب المجلس فی قراره رقم (1397) لسنة 2002 بالوقف الفوری لجمیع أعمال العنف، بما فی ذلک أعمال الإرهاب والاستفزاز والتحریض والتدمیر([31]). ومع کم القرارات التی صدرت لإدانة الإرهاب الإسرائیلی ضد المدنیین فی خضم النزاع العربی الإسرائیلی ورغم تصنیف الأفعال التی ارتکبتها قوات الاحتلال الإسرائیلی بحق المدنیین فی فلسطین او الأردن او لبنان بالأفعال الارهابیة، الا اننا نلحظ عدم قیام مجلس الامن بإصدار أی قرار ذو قیمة قانونیة ملزمة، وبقیت القرارات فی اطار الفصل السادس، وتراوحت ما بین الشجب والادانة وحتى فی قضیة اغتیال المبعوث الاممی (Folke Bernadotte) رغم تعلقها بموظف دبلوماسی أممی نجد سکوت الأمم المتحدة عموما ومجلس الامن خصوصا عن ملاحقة مرتکبی الجریمة وصوریة المحکمة وعدم تنفیذ العقوبة بحق من ادینوا بارتکابها، ومن ثم یجب استدراک موقف الولایات المتحدة الامریکیة بوصفها واحدة من الدول دائمة العضویة فی مجلس الامن الدولی، واستخدامها لحق النقض بمواجهة مشاریع قرارات تتعلق بالإرهاب الإسرائیلی ضد المدنیین منها مشروع قرار سنة 1976 کان یدعو إسرائیل إلى احترام حرمة الأماکن المقدسة التی تحتلها، والامتناع من مصادرة الأراضی والممتلکات العربیة أو الاعتداء علیها، أو إقامة مستوطنات فیها، والامتناع من أیة أعمال وسیاسات أُخرى تهدف إلى تغییر الوضع القانونی لمدینة القدس، وإلغاء أی إجراءات اتخذت فی هذا الاتجاه، ومشروع قرار آخر فی سنة 1985یدین الممارسات الإسرائیلیة القمعیة ضد الفلسطینیین، ویطالب إسرائیل (السلطة القائمة بالاحتلال) أن توقف فورًا جمیع تدابیر القمع، بما فیها حظر التجول والاحتجاز الإداری والترحیل القسری، والإفراج عن جمیع المحتجزین، ومشروع قرار قدم فی سنة 1989 یشجب بشدة استمرار إسرائیل فی اتباع سیاسات وممارسات ضد الشعب الفلسطینی فی الأراضی الفلسطینیة التی تحتلها منذ عام 1967 بما فیها القدس، وخاصة انتهاک حقوق الإنسان، وعلى وجه التحدید إطلاق النار الذی أسفر عنه إصابة ومقتل مدنیین فلسطینیین، من بینهم أطفال، وفی اعقاب احداث غزة 2006 اجهضت الولایات المتحدة مشروعی قرارین یتعلق احدهما بإدانة الهجوم العسکری الذی تشنه إسرائیل (السلطة القائمة بالاحتلال) فی قطاع غزة، ویطالب بالإفراج الفوری وغیر المشروط عن الجندی الإسرائیلی المختطف، وبأن تفرج إسرائیل فورًا، وبدون شروط، عن جمیع الوزراء الفلسطینیین، وأعضاء المجلس التشریعی الفلسطینی، وغیرهم من المسؤولین الفلسطینیین المحتجزین، وکذلک عن المدنیین الفلسطینیین الآخرین المحتجزین بصورة غیر قانونیة، بینما یرتبط الثانی بإدانة المجزرة التی ارتکبتها إسرائیل فی بیت حانون بقطاع غزة، وآخر استخدام لحق النقض کان فی سنة 2018 على مشروع قرار حول انشاء بعثة دولیة لحمایة الفلسطینیین تقدمت به دولة الکویت بعد مقتل العشرات من الفلسطینیین برصاص الجیش الإسرائیلی خلال تظاهرات على الحدود بین غزة واسرائیل اثر نقل الولایات المتحدة لسفارتها الى القدس([32]). ثانیاً: تعامل مجلس الامن مع قضیة لوکربی تعد حادثة تفجیر الطائرة (N739 Pan Am) فی 21 کانون الاول 1988 والتی تحمل الجنسیة الامریکیة فوق قریة لوکربی الاسکتلندیة من القضایا التی تمت مناقشتها کثیرا من باحثی القانون الدولی لما اثارته من إشکالیات قانونیة معقدة وموقف مختلف فی مسار التعامل من مجلس الامن الدولی، وبدئت بوادر هذه الحادثة بالتطور تدریجیا مع صدور قرار اتهام من محکمة أمریکیة یتضمن تفاصیل عن الجهات التی قامت بتدبیر الحادثة ویشیر قرار الاتهام الى اشخاص یحملون الجنسیة اللیبیة مع مطالبات فوریة بتسلیمهم للخضوع لمحاکمة جنائیة امریکیة([33])، ومع رفض لیبیا تسلیم المتهمین بذریعة مخالفة قواعد تسلیم المجرمین، اذ یتم اللجوء الى الاتفاقیات الدولیة الخاصة بالتعاون الدولی وتحدیدا اتفاقیة مونتریال لسنة 1971 الخاصة بسلامة الملاحة الجویة وقمع الاعمال غیر المشروعة الموجهة ضد سلامة الطیران المدنی، والتی تنص على تسلیم او محاکمة من یتهم بمثل هذه الجرائم، ومع اعلان لیبیا رغبتها بمحاکمة المتهمین وفق المادة (14) من اتفاقیة مونتریال، تم اللجوء الى مجلس الامن الدولی الذی اصدر القرار رقم (731) لسنة 1992 المتضمن وجوب تعاون لیبیا فی مکافحة الإرهاب الدولی وأعطى للیبیا مهلة زمنیة لتنفیذ متطلبات القرار([34])، وهنا نجد توصیف مجلس الامن للحادثة بوصفها إرهاب دولی، مع وجود شکوک بدعم حکومی رسمی من لیبیا للحادثة، من ثم اصدر مجلس الامن القرار رقم (748) الذی یعد نقلة مفصلیة فی التعامل مع الاعمال الإرهابیة إذ صدر وفق الفصل السابع وطالب الحکومة اللیبیة بوجوب التوقف عن رعایة الإرهاب مع فرض عقوبات اقتصادیة منها حظر الطیران من والى لیبیا ([35]) ، من ثم تشدیدها فی القرار (883) فی 1993([36]) ، ونلاحظ فی هذا القرار استخدام عبارات مباشرة تؤکد وجود دعم حکومی لیبی للإرهاب، ویجد مجلس الامن تبریر موقفه فی ان اعمال الإرهاب التی تصیب نتائجها اکثر من دولة هی فی جوهرها مواضیع تخرج عن نطاق الاختصاص الداخلی للدولة وتتعلق اکثر بالسلم والامن الدولیین، فضلا عن ثبوت رعایة حکومیة للأعمال الإرهابیة فی الحالة اللیبیة، وجاء موقف مجلس الامن فی توصیف حادثة قد استخدمت قوانین الاختصاص الوطنی والتعاون الدولی فی التعامل مع مثیلاتها سابقا، ونعتقد انه لا یمکن التحلل من التزام دولی اعلى بذریعة وجود التزام قانونی اخر، إذ ان تبریر لیبیا عدم التسلیم للمتهمین بداعی وجود قوانین وطنیة تمنع تسلیم المواطن لیحاکم فی خارج الدولة او حتى طلب لیبیا من محکمة العدل الدولیة تفسیر اتفاقیة مونتریال لسنة 1971 و الخاصة بسلامة الطیران المدنی للتحلل من متطلبات قرارات مجلس الامن، إذ یعد المیثاق معاهدة اعلى واسمى من باقی الالتزامات القانونیة الوطنیة او الدولیة، فضلا عن قرارات مجلس الامن التی تصدر وفق الفصل السابع هی واجبة التنفیذ وهی اعلى من القانون الوطنی، وبقدر تعلق الامر بمسار التعامل الخاص بتکییف هذه الواقعة نجد ان مجلس الامن الدولی قد تصرف وفق الفصل السابع وقام بتکییف الأفعال المکونة لهذه الواقعة بوصفها أفعال إرهاب دولة ضد مدنیین وهذه الافعال موجود وصفها القانونی فی اتفاقیة مونتریال لسنة 1971 ورغم ان تاریخ الحادثة قد تأخر عن تدخل مجلس الامن لنحو ثلاث سنوات الا ان مجلس الامن قام بربط هذه الواقعة بصلاحیاته الخاصة بحفظ السلم والامن الدولیین من ثم عمد الى فرض تدابیر دبلوماسیة واقتصادیة على لیبیا الدولة المتهمة بإیواء الإرهابیین ودعمهم دون التحول باتجاه التدابیر العسکریة. ثالثاً: بعض الوقائع وموقف مجلس الامن منها سنختار فی هذه الفقرة حالتین تم اختیارهما لما رافق معالجته من مجلس الامن من تطورات قانونیة هامة و للتعرف على موقف مجلس الامن بها ومن ثم قراءة الوقائع بشکل قانونی وهذه الحالات کلها تقع ضمن الفترة السابقة على احداث 11 سبتمبر 2001، أولى هذه الحالات التی اخترناها ترتبط بحادثة محاولة اغتیال الرئیس المصری الاسبق حسنی مبارک فی اثیوبیا سنة 1995، إذ اصدر مجلس الامن قراره المرقم (1044) ومن خلاله تمت ادانة محاولة الاغتیال ووصفها بالإرهابیة والمخالفة لاتفاقیة منع الجرائم المرتکبة ضد اشخاص محمیین دولیا بمن فیهم الموظفین الدبلوماسیین والمعاقبة علیها لسنة 1973([37])، ویطلب الى السودان تسلیم المجرمین المختبئین فیها اعمالا لاتفاقیة تسلیم المجرمین المبرمة ما بین اثیوبیا والسودان فی سنة 1964، وفی القرار رقم (1054) شدد على وجوب تسلیم المتهمین والامتناع عن دعم الجماعات الإرهابیة وایوائها، من ثم عمد المجلس الى تطبیق بعض التدابیر العقابیة ذات الطبیعة الدبلوماسیة للضغط على حکومة السودان([38])، وفی القرار (1070) اعتبر المجلس عدم تسلیم المتهمین تهدیدا للسلم والامن الدولیین، من ثم تشدید العقوبات على السودان من خلال فرض تدابیر عقابیة متعلقة بالنقل الجوی([39])، وهنا نشهد ان مجلس الامن بات یتدخل بقوة من اجل تطبیق الاتفاقیات المتعلقة بالتعاون الدولی لمکافحة الإرهاب، إذ استشهد باتفاقیة نیویورک لسنة 1973 فضلا عن وجوب احترام معاهدة التسلیم المعقودة بین اثیوبیا والسودان، وهنا نشهد أیضا ارتقاء فی توصیف العمل الإرهابی بأنه یشکل تهدیدا للسلم والامن الدولیین، وتبقى الحالة الثانیة المتعلقة فی الحالة فی أفغانستان، وانتشار الجماعات الجهادیة فیها والتی تعود جذور تواجدها فی أفغانستان الى مقاتلة المد السوفییتی فی هذه الدولة، وبعد الانسحاب السوفییتی تم تأسیس تنظیم القاعدة فی سنة 1988 من أسامة بن لادن، والتی کان الهدف من تأسیسها قلب أنظمة الحکم العربیة وتأسیس دولة إسلامیة بدیلة عنها، وهذا ما أقرته القاعدة من تصدیر للقتال الى خارج أفغانستان، من ثم انتقل مؤسسها من السعودیة الى السودان وعاد الى أفغانستان فی سنة 1996 والتی اعلن منها صراحة الحرب على الولایات المتحدة الامریکیة([40])، وتعامل مجلس الامن مع حالة النزاع الداخلی فی أفغانستان بوصفها ارض خصبة توفر الملاذ الامن للجماعات الإرهابیة وذلک فی القرار رقم (1076) الذی صدر فی سنة 1996([41])، مما سیؤثر سلبا على السلم والأمن الدولیین، وبعد عدة اعمال عنف منفصلة جاءت تفجیرات نیروبی ودار السلام التی وجهت ضد السفارات الامریکیة فی کینیا وتنزانیا سنة 1998، بمثابة نقطة تحول فی الحالة فی أفغانستان، إذ تم تحدید تنظیم القاعدة الذی تتواجد قیاداته فی أفغانستان بوصفه هو المسؤول عن هذه التفجیرات الإرهابیة، واصدر مجلس الامن قراره ذی الرقم (1189) فی سنة 1998 إذ ربط بشکل مباشر بین الإرهاب والسلم والامن الدولیین وطلب من جمیع الدول والمنظمات الدولیة التعاون فی کشف وملاحقة المسؤولین عن هذه التفجیرات الإرهابیة، وفی القرار رقم (1214) لسنة 1998 عبر المجلس عن قلقه من دعم وایواء الإرهاب فی أفغانستان وطلب تسلیم الارهابیین([42])، الامر الذی تم توصیفه بعبارات اکثر دقة فی القرار رقم (1267) لسنة 1999 ، والذی صدر وفق الفصل السابع من المیثاق، إذ ادان المجلس إیواء ودعم تنظیم القاعدة وزعیمها بن لادن، وطلب من أفغانستان تسلیم المطلوبین من تنظیم القاعدة لغرض محاکمتهم، وغلق جمیع معسکرات التدریب الخاصة بهذا التنظیم، الامر الذی تم التأکید علیه مجدداً فی القرار رقم (1333) لسنة 2000 ووجوب امتثال أفغانستان للقرار رقم (1267)، وتم تصنیف الحالة فی أفغانستان بوصفها تهدیدا للسلم والامن الدولیین([43])، ونجد من خلال تحلیل القرارات المتعلقة بالوضع فی أفغانستان انها تدرجت من شعور بالقلق من توفیر بیئة خصبة للإرهاب الى تحدید أولی بوجود حالة فوضى تسمح بتواجد جماعات إرهابیة تهدد السلم والامن الدولی مستقبلا من ثم التعامل مع الوضع بوصفه یوفر ملاذ امن للتواجد والتمویل والتخطیط والتنفیذ لهجمات إرهابیة مع طلب من السلطات الفعلیة وقف نشاطات هذه الجماعات وقمعها من ثم مطالبتها بتنفیذ الالتزامات الدولیة المتعلقة بمکافحة الإرهاب وتسلیم المطلوبین بجرائم إرهابیة وصولا الى اعتبار ان الوضع فی أفغانستان برمته یشکل تهدیدا للسلم والامن الدولیین، إذ یمکن تتبع التدرج فی لغة القرارات وشدتها وتحولها من الدعوة (call) التی تندرج فی اطار متطلبات الفصل السادس والتی یترک تنفیذها طوعا للدول الى الطلب (request) والذی یندرج تحت متطلبات الفصل السابع من المیثاق والذی تلتزم الدولة بتنفیذه قسراً. المطلب الثانی مسار العمل بعد احداث سبتمبر 2001 کان للهجوم على الولایات المتحدة الامریکیة فی 11 سبتمبر 2001 أثره الکبیر فی تغیر النظرة للتعامل مع الإرهاب دولیاً، إذ کشفت عن قدرة ورغبة کبیرة لدى الجماعات الإرهابیة فی إیقاع اکبر قدر ممکن من الضحایا، فضلا عن قدرة الوصول الى أماکن حساسة للغایة وتجاوز التحصینات الأمنیة کافة وبأسالیب مبتکرة، وقد سببت هذه الهجمات صدمة کبیرة للمجتمع الدولی عموما وللولایات المتحدة الامریکیة خصوصاً، مما دفع الأمم المتحدة ومجلس الامن تحدیداً الى اتخاذ قرارات غیر مسبوقة واکثر جدیة وفاعلیة فی مکافحة الإرهاب الدولی، وندرس فی هذا المطلب التحولات الجوهریة فی مکافحة الإرهاب من خلال دراسة القرار 1373 والقرارات المرتبطة فیه، من ثم ندرس محاربة الجماعات الإرهابیة غیر المرتبطة بدولة، وأخیرا نحلل فاعلیة مجلس الامن الدولی فی مکافحة الإرهاب الدولی.
أولاً: التحولات الجوهریة فی مکافحة الإرهاب تحدثنا عن خطورة هجمات 11 سبتمبر وما کشفت عنه من قدرات تنظیمیة وأسالیب عند الجماعات المتطرفة، وقد مثل هذا الهجوم اکبر خسارة بشریة تلحق بالولایات المتحدة الامریکیة فاقت حتى الهجوم الیابانی على (Pearl Harbor) عام 1941، والذی اجبر الولایات المتحدة على اعلانها دخول الحرب العالمیة الثانیة رسمیاً، وسریعاً تحرک مجلس الامن الدولی وأصدر القرار ذی الرقم (1368) فی 12/9/2001، إذ أشار المجلس مباشرة الى إمکانیة استخدام حق الدفاع عن النفس بالإطار الذی رسمته المادة (51) من میثاق الأمم المتحدة، من ثم شدد القرار على ان کل من کان له دور فی هذه الهجمات سواء فی التنفیذ او المساهمة سوف یعاقب ویتحمل المسؤولیة القانونیة عنها، ونشیر الى عدم توجیه الاتهام الى أی دولة او جماعة إرهابیة عن تنفیذ هذه الهجمات، فضلاً عن صدور القرار على شکل عبارات عامة ولم یتخذ وفق الفصل السابع لعدم التعرف وقتها على الجهات المتهمة بتنفیذ هذه الهجمات([44])، وفی الشهر ذاته وفی اعقاب مرور نحو (17) عشر یوما على تنفیذ هذه الهجمات اصدر مجلس الامن الدولی وتحت الفصل السابع فی 28 ایلول 2001، قراره ذی الرقم (1373) وفقاً للنص المقدم من الولایات المتحدة الامریکیة الى باقی أعضاء المجلس وبعد الإشارة الى القرارات السابقة المتعلقة بمکافحة الإرهاب ومنها القرار ذی الرقم (1368) اکد القرار على التصدی ومواجهة الإرهاب بالوسائل الممکنة کافة، وعلى واجب تعاون الدول وبشکل ودی لمکافحة اشکال الإرهاب والتطرف کافة على أسس قرار الجمعیة العامة للأمم المتحدة ذی الرقم (2625) فی الدورة (25) من ثم طلب الى جمیع الدول الالتزام بتنفیذ متطلبات مکافحة الإرهاب الواردة فی الاتفاقیات الدولیة ذات الصلة وعلى الدول کافة الالتزام بعدم إیواء الجماعات الارهابیة أو القیام بأفعال التحریض او المساعدة او الاسهام فی اعمال إرهابیة، وقد منح القرار للمجلس ووفقا للاختصاصات القانونیة الممنوحة له حق اتخاذ القرارات اللازمة للتعامل مع الهجمات الإرهابیة بما یراه مناسبا من تدابیر دبلوماسیة او اقتصادیة او عسکریة، وقرر المجلس تشکیل لجنة خاصة یقع على عاتقها واجب مراقبة تنفیذ الدول لمضمون القرار وتقدیم تقاریر للمجلس عن اعمال اللجنة وتقییماتها لخطوات الدول. ورغم ان القرار قد صدر وفق الفصل السابع فأن مضمون القرار لم یشر الى أی جهة او دولة ضالعة بهجمات 11 سبتمبر، ولم یتضمن أی توصیفات قانونیة للفعل الإرهابی، وهذا ربما یعود بتقدیرنا الى معالجة کل حالة بشکل منفرد تبعاً لخطورتها وما قد تفرزه من تأثیرات على السلم والامن الدولیین مما یرسم معیاراً عاماً یمکن الاستناد الیه فی مواجهة ایة أفعال إرهابیة مستقبلیة، ونعتقد بصواب هذه الخطوة التی جعلت من الإرهاب فعلا خطراً موازیا لخطورة الهجوم المسلح التقلیدی الذی ذکرته المادة (51) من المیثاق فضلاً عن تصور الهجوم المسلح بشکله التقلیدی الذی یتطلب القیام به من دولة بشکل مباشر او حتى غیر مباشر عبر جماعات مسلحة تتلقى الدعم او تنشط من إقلیم دولة الثانیة على وفق قرار تعریف العدوان ذی الرقم (3314) فی 1974، إذ ان أفعال الإرهاب باتت تمثل خطورة موازیة للعدوان فضلا عن ان الإرهاب قد لا یکون مدعوما من دولة ما بل قد تشنه جماعات غیر مرتبطة بدولة تستغل الأوضاع الداخلیة للدولة وتدهور النظام السیاسی فیها لاتخاذ موطئ قدم تشن منه او تخطط لهجمات إرهابیة، ولا نعتقد بصواب الهجمات الإرهابیة ولا نجد تبریر لها فی حق تقریر المصیر على ما یحاول ان یربط البعض بین هذا الحق والهجمات الإرهابیة، إذ تظل هذه الهجمات وسیلة غیر مشروعة حتى لو استخدمت لغرض مشروع، وهذا براینا یعد الحد الفاصل بین الجریمة الإرهابیة والجریمة السیاسیة، واکثر من ذلک فأن تشکیل لجنة مکافحة الإرهاب قد فسح المجال واسعا امام الأمم المتحدة عموما ومجلس الامن خصوصا لتغییب الخط الفاصل بین المسائل التی تعد ضمن الاختصاص الداخلی عن تلک التی تقع ضمن الاختصاص الدولی، إذ تم وصف الإرهاب صراحة بانه مما یتنافى مع مقاصد الأمم المتحدة وأهدافها([45])، وفی اعقاب هذا القرار صدر قرار اخر تحت الرقم (1377) یؤکد من خلاله أهمیة تظافر الجهود الدولیة لمکافحة الإرهاب والتعاون الدولی فی سبیل ذلک فضلا عن ضرورة انضمام الدول للاتفاقیات الدولیة ذات الصلة بمکافحة الإرهاب، ولزوم اتخاذ إجراءات سریعة لتنفیذ القرار (1373) ([46]). ثانیاً: مواجهة الجماعات المسلحة غیر المرتبطة بدولة یستخدم مصطلح الجماعات المسلحة للإشارة الى مجموعة من الافراد تتخذ من العنف وسیلة لتحقیق أهدافها الخاصة، وعادة ما تنغمس الجماعات المسلحة بنزاع مع الدولة وقد تتخذ هذه من إقلیم دولتها او إقلیم دولة مجاورة منطلقاً لعملیاتها، وقد یکون هذا التواجد اما برغبة الدولة المجاورة او لفقدانها القدرة على منع تواجد هذه الجماعات، ولکن یجب الاستناد الى عوامل موضوعیة تربط ای مجموعة مسلحة بدولة راعیة لها (Sponsor State) على النحو الذی اشارت الیه محکمة العدل الدولیة فی قضیة الانشطة العسکریة وشبه العسکریة فی نیکاراغوا عام 1986([47])، ولکن قد تکون الجماعة المسلحة غیر مرتبطة بای دولة وقد ینتشر نشاطها على اقلیم اکثر من دولة مستغلا ظروف سیاسیة او جغرافیة، ومن ضمن هذا التصنیف یمکن ان نستدل بجماعة حزب العمال الکردستانی(PKK) التی تتخذ من المناطق الحدودیة مع العراق منطلقاً لعملیاتها ضد ترکیا، او تنظیم القاعدة وما تنتج عنه من فروع فی دول مختلفة، وقد عرف القانون الدولی الإنسانی هذه الجماعات فی البروتوکول الإضافی الثانی فی المادة (1/1) لاتفاقیات جنیف لعام 1949 بوصفها قوات مسلحة منشقة أو تقاتل قوات مسلحة نظامیة أو تقاتل بعضها بعضًا على أرض دولة أو عدة دول، وأشارت المحکمة الجنائیة الخاصة بیوغسلافیا السابقة التی تأسست فی عام 1993 الى هذه الجماعات فی قضیة ( (Boskoski and Tarculovski cas الى ذات تعریف اتفاقیات جنیف مع إضافة عناصر وجود البنى التحتیة ومعسکرات التدریب والقدرة على التخطیط وقیادة العملیات العسکریة([48])، وأشار قرار تعریف العدوان رقم (3314) لسنة 1974 فی المادة (3/ ز) الى ان إرسال عصابات أو جماعات مسلحة أو قوات غیر نظامیة أو مرتزقة من دولة ما أو باسمها ، وتقوم بأعمال من أعمال القوة المسلحة فی إقلیم دولة ثانیة هو من اعمال العدوان([49])، ومع التطورات التی عصفت بالعلاقات الدولیة بعد انهیار الاتحاد السوفییتی السابق ظهرت جماعات مسلحة غیر مرتبطة بدولة وتشن هجمات بطرق وأسالیب مبتکرة على رعایا ومصالح دول أخرى وعلى إقلیم اکثر من دولة، فضلاً عن امکانیة هذه الجماعات من تجمیع قوات مسلحة قادرة على شن هجمات مسلحة والسیطرة على اجزاء من اقالیم الدول، وهذا ما کشفت عنه هجمات هذه الجماعات مثل الانفجارات المتسلسلة فی مومبای الهندیة فی 1993، وتفجیرات السفارات الأمریکیة فی دار السلام ونیروبی فی 1998، وهجمات 11 سبتمبر 2001 فی الولایات المتحدة الامریکیة، وصولاً الى سیطرة مثل هذه الجماعات على أجزاء واسعة من العراق وسوریا فی 2014 فضلا عن انتشار جماعات موالیة لها فی بقاع عدة من العالم، إذ باتت هذه الجماعات تشکل تهدیدا خطیرا على السلم والامن الدولیین، ویمکن ان نعرف هذه الجماعات بانها جماعات مستقلة عن سیطرة أی دولة وتستخدم العنف المسلح بوصفه وسیلة لتحقیق أهدافها، وتعامل مجلس الامن مع تهدیدات هذه الجماعات والذی ظهر بشکل اکثر بروزا بعد الانسحاب السوفییتی من أفغانستان سنة 1989، وانتشار الفوضى فیها وظهور جماعات مسلحة تتخذ من العنف المسلح لتحقیق أهدافها وتستهدف من خلاله مصالح ورعایا دول أخرى. ترتبط التحولات فی مواجهة الجماعات المسلحة غیر المرتبطة بدولة بقرار مجلس الامن ذی الرقم 1373 لسنة 2001، والذی مکن الدول من اللجوء الى استخدام القوة المسلحة دفاعاً عن النفس على وفق اشتراطات المادة (51) من میثاق الامم المتحدة او حتى استخدام القوة بشکل مشترک وفق صیغة الامن الجماعی المنصوص علیه فی الفصل السابع من میثاق الامم المتحدة، إذ رسم هذا القرار امکانیة الاستخدام المباشر للقوة المسلحة من الدولة التی تقع ضحیة هجوم ارهابی فضلا عن التحول من التعاون الدولی التقلیدی المتضمن تبادل المعلومات القضائیة او تسلیم المجرمین الى التعاون الاستخباری والتحقیقات المشترکة وتجمید الارصدة المالیة، فضلا عن التعاون العسکری وشن عملیات عسکریة مشترکة ضد هذه الجماعات، ونستطیع ان نبین هذه الافتراضات من خلال قیام جماعة مسلحة غیر مرتبطة بدولة بشن هجمات ارهابیة على دولة اخرى انطلاقا من اقلیم دولة ثانیة لا تمتلک القدرة او الرغبة فی قمع افعال هذه الجماعة المسلحة هنا تتحرک المادة (51) وتفسح المجال امام الدولة الضحیة فی توجیه افعال الدفاع عن النفس ضد هذه الجماعة وهذا ما یشهده واقع حال العلاقات الترکیة العراقیة فیما یتعلق بنشاطات حزب العمال الکردستانی الذی ینشط من داخل العراق، وفیما یبدو هذا الافتراض تقلیدیا وقد نص علیه قرار تعریف العدوان ذی الرقم (3314) لسنة 1974، نجد ان القرار (1373) وبدلالة القرار (1368) یؤکد حق الدفاع عن النفس بمواجهة العملیات الارهابیة وتم تکییفها على انها عمل من اعمال العدوان وتدخل ضمن تهدیدات السلم والامن الدولیین، اما الافتراض الثانی فانه یلزم الدول بالتعاون غیر التقلیدی بمواجهة نشاط الجماعات الارهابیة ونعتقد اننا نحتاج هنا الى رفع کلمة تعاون التی تحمل الدلالات الطوعیة واستبدالها بالزام الدولة بالدخول فی المعاهدات ذات الصلة بمکافحة الارهاب ووضع تشریعات وطنیة فعالة لمنع وقمع الافعال الارهابیة، وعدم تقدیم ای ملاذ امن لأعضاء الجماعات الارهابیة، من ثم تبادل المساعدة الجنائیة والتحقیقات المشترکة، واجراءات تسلیم المجرمین، ومن خلال القرار ذاته فأن رصد ای حالة عدم التزام او توفیر دعم مباشر او غیر مباشر للجماعات الارهابیة فأن المجلس سیکون امام خیار التحول نحو فرض تدابیر القسر والاکراه بمستویاتها الدبلوماسیة والاقتصادیة والعسکریة ضد الدولة المخالفة من غیر امکانیة استخدام القوة العسکریة المباشرة ضد هذه الجماعات والتی سوف تکون تحت تکییف الامن الجماعی، ومع سیطرة تنظیم الدولة الاسلامیة (داعش) على مناطق واسعة من العراق وسوریا، بادر مجلس الامن فی قراره ذی الرقم (2249) فی 2015([50])، الى دعوة الدول کافة الى اتخاذ الاجراءات اللازمة لدعم ومساندة العراق فی مواجهة نشاطات هذا التنظیم الإرهابی والذی یعد تهدیدا للسلم والامن الدولیین، من ثم طالب الدول فی القرار (2253) لسنة 2015 بتجمید الاصول المالیة لأعضاء التنظیم وحظر سفرهم ودخولهم الى اقالیم الدول الاطراف فضلا عن منع ای توریدات اسلحة لهذا التنظیم، وبارک القرار (2299) لسنة 2016 المحلس الجهود العسکریة التی تبذلها الدول لمساعدة العراق فی الحرب ضد تنظیم الدولة الاسلامیة([51]).
ثالثاً: تقییم فاعلیة مجلس الامن الدولی یعد مجلس الامن الدولی الجهاز التنفیذی للأمم المتحدة وتتراوح اختصاصاته بین اصدار القرارات ذات الطابع الملزم الى غیر ملزم، وقبل تقییم فاعلیة المجلس یجب استدراک الطبیعة السیاسیة لعمل مجلس الامن اذ ان المجلس یمثل انعکاس الارادات السیاسیة للدول دائمة العضویة فیها اکثر مما یمثل حکومة عالمیة او موقف عالمی موحد من القضایا الاساسیة المتعلقة بالسلم والامن الدولیین، اذ لا یمکن للمجلس ان یتحرک دون توافق او على الاقل عدم اعتراض واحدة من الدول الدائمة العضویة فیه، إذ اینما وجد توافق او مصلحة لدولة دائمة العضویة تحرک المجلس فی حال عدم استخدام حق النقض من دولة دائمة العضویة، وبالعودة الى عمل مجلس الامن فیما یرتبط بمکافحة الارهاب یمکن ان نرصد ثلاث مراحل مهمة تتجسد المرحلة الأولى بالفترة الممتدة من 1945 الى 1991، هذه الفترة التی تنتهی بتفکک دولة الاتحاد السوفییتی السابق والتحول من نظام ثنائی القطبیة باتجاه نظام القطب الواحد، إذ یمکن ان نجد عدم التوافق على تعریف الارهاب وتباین المواقف السیاسیة فی تکییف بعض الاحداث التی تم تصنیفها ارهابیة من اطراف دون اخرى، إذ کان هناک خلافا حادا فی فهم مصطلحات الارهاب والمقاومة المسلحة وحق تقریر المصیر وحق الدفاع عن النفس بمواجهة الجماعات المسلحة، حتى ان الدول دائمة العضویة کانت تتبادل التهم فیما یتعلق بتمویل ودعم انظمة سیاسیة او جماعات مسلحة تتخذ من الارهاب وسیلة لتحقیق اهدافها الذاتیة، هذه المواقف افرزت شللاً تاما فی عمل مجلس الامن ولم یستطیع التعامل مع احداث ادت الى ازهاق حیاة مدنیین، هذا الامر الذی انعکس على فاعلیة الادوات القانونیة الدولیة ککل، إذ لم تشهد هذه الفترة الا معاهدات ذات طابع تعاونی لغرض مواجهة الجرائم الارهابیة. وتتشکل المرحلة الثانیة بالفترة الممتدة من 1991 الى 2001، وتمتد من انهیار الاتحاد السوفییتی السابق حتى هجمات 11 سبتمبر هذه المرحلة بدأت معها تغییرات فی واقع العلاقات الدولیة انعکست على واقع عمل الامم المتحدة بشکل عام وعلى مجلس الامن الدولی بشکل خاص، إذ بدأت موجة من النزاعات الداخلیة ذات الطابع القومی و الدینی والتی رافقتها انتهاکات ممنهجة ومنظمة وواسعة لحقوق الانسان، ابرزت رد فعل عکسیة من خلال تشکیل مجموعات مسلحة تقوم بشن هجمات منظمة ضد المدنیین، ومن الجانب الموضوعی نجد ان افرازات هذه المرحلة مرتبطة جذریا بما سبقها، إذ بدأت ملامح تنظیمات ارهابیة مسلحة بالتشکل من بقایا تنظیمات مسلحة کانت تتلقى الدعم من الدول الاطراف فی الحرب الباردة فی النظام ثنائی القطبیة، إذ قامت هذه الجماعات بالتحول نحو تنظیمات غیر تقلیدیة من حیث التشکل او اسلوب العمل وتکتیکات الهجمات، استغلت التطرف الدینی والقومی وما افرزه من نتائج لتکون الضد النوعی له، ویمکن ان نلحظ التغیر بموقف مجلس الامن واداءه فی مجال مکافحة الارهاب من خلال القرارات التی اتسمت بالوضوح فی ادانة الارهاب وملاحقة الاشخاص المتهمین بالضلوع فی الهجمات الارهابیة مع ممارسة الضغوط الدبلوماسیة والاقتصادیة ضد الدول المتهمة برعایة الارهاب، فضلا عن الضغط على الدول الاخرى ودعوتها الى تبنی اطر عمل وتعاون مشترک فی مکافحة الارهاب وصولا الى ربط اثار الهجمات الارهابیة بالسلم والامن الدولیین واعتبارها تهدیدا مباشرا لهما. واخیرا تمتد المرحلة الثالثة من 2001 الى حد الان وتحدیدا فی اعقاب احداث 11 سبتمبر إذ تعد هذه المرحلة مفصلیة وجوهریة فی التعامل مع ظاهرة الارهاب وربما یکمن سبب هذه التحولات فی طریقة تنفیذ هذه الهجمات ورمزیة الاماکن المستهدفة لدولة عظمى وعضو دائم فی مجلس الامن الدولی، إذ تم الاعتراف بحق الدفاع عن النفس ضد الهجمات الارهابیة والسماح برد عسکری (Armed Responsive)، وهذا بحد ذاته خروج عن الاطر النمطیة لحق الدفاع عن النفس والتی تفترض ان یکون رد الفعل علاجی وسریع بمواجهة الهجوم المسلح الذی تتعرض له دولة ما، فضلا عن طبیعته المؤقتة التی تنتهی حال تدخل مجلس الامن او طلبه الکف عن ممارسة افعال الدفاع، إذ ان افعال الدفاع فی حالة مواجهة الأفعال الارهابیة یفترض فسحة من الزمن تتطلب معرفة الجهة المنفذة وارتباطاتها الدولیة او الجهة التی تنتمی الیها، ومما یمیز هذه المرحلة نمط التعاون الالزامی بین الدول فی تعقب الجماعات والافراد المتهمین بالإرهاب وتحوله الى اطر غیر تقلیدیة على النحو الذی اشرنا الیه سابقاً، ویتبقى التغیر الاخیر والبارز فی امکانیة اللجوء الى نظام الامن الجماعی بمستویاته الثلاث الدبلوماسیة والاقتصادیة والعسکریة، ورغم هذه التطورات فی عمل مجلس الامن الا ان الانتقادات الکلاسیکیة الموجهة لعمل المجلس وطبیعة ترکیبته السیاسیة تجعل من عمل المجلس محکوما بتوافقات ومصالح الدول الدائمة العضویة فیه. الخاتمـة ننهی بحثنا بجملة استنتاجات ومقترحات حول فاعلیة مجلس الامن فی مکافحة الارهاب. اولا: الاستنتاجات 1- رغم توافر التعریفات القانونیة فی اطار القانون الوطنی مع تعدد التعریفات الفقهیة ولکن لازال القانون الدولی بعیداً عن صیاغة تعریف شامل للإرهاب. 2- وجود عدة اتفاقیات دولیة تناولت انواع محددة من الجرائم الارهابیة ووسائل التعاون الدولی فی ملاحقة المتهمین بجرائم ارهابیة لکن دون وجود اتفاقیة دولیة شاملة تتناول موضوعة الارهاب بحد ذاته. 3- الى حد هذا الیوم لازال الارهاب جریمة وطنیة لها ابعاد دولیة ولم تدخل ضمن نطاق التجریم فی اطار القضاء الجنائی الدولی عبر مراحل تطوره الاساسیة. 4- یخضع تقییم عمل مجلس الامن الى اعتبارات سیاسیة اکثر مما هی قانونیة فی اطار مکافحة الاعمال الارهابیة. 5- یتأثر عمل المجلس وفاعلیة اداءه بمصالح وتوافقات الدول دائمة العضویة فیه. 6- رغم تطور اداء مجلس الامن فی مکافحة ظاهرة الارهاب الا ان هذه التطورات تکاد تکون قاصرة على الجانب العلاجی دون الجانب الوقائی رغم محاولات لجنة مکافحة الارهاب التی شکلت وفق القرار (1373). المقترحات 1- نقترح بحاجة المجتمع الدولی الى ضرورة عقد اتفاقیة دولیة شارعة تتناول جوانب التعاون الدولی بمستویاته المتطورة والحدیثة والتی تتجاوز اطر التعاون التقلیدی المؤطَّر سابقاً. 2- تحول نموذج الجریمة الارهابیة الدولیة من نموذج الجریمة الوطنیة معاقب علیها فی القانون الداخلی الى جریمة دولیة اسوة بالجرائم المنصوص علیها فی اطار المحکمة الجنائیة الدولیة، مع استیعاب النموذج الاجرامی لصورة الجریمة الدولیة والتی توازی نتیجتها الاجرامیة جسامة النماذج المنصوص علیها فی المادة الخامسة من النظام الاساسی للمحکمة الجنائیة الدولیة لسنة 1998. 3- تطویر الجانب الوقائی فی عمل مجلس الامن الدولی من خلال اصلاح الیات الامم المتحدة الخاصة بمکافحة الارهاب، والترکیز على المعالجات الوقائیة لهذه الظاهرة. 4- نقترح على ان تعمل الامم المتحدة على انشاء مراکز بحثیة دولیة تعمل على دراسة هذه الظاهرة للوقوف على مسبباتها الحقیقیة والتعامل معها، بدل الترکیز على اعراضها المتمثلة بالعنف المسلح. 5- نقترح على حکومات الدول ومنها العراق ممن تعانی مثل هذه الظاهرة اطلاق حوارات مجتمعیة معمقة تقضی على خطاب الکراهیة وتنشر ثقافة التسامح وقبول الاختلاف بوصفه ظاهرة صحیة تقوی المجتمع . 6- ترتبط ظاهرة الارهاب بانتشار ثقافة قمع حقوق الانسان او عدم توافرها فی حدها الادنى لذلک یجب الترکیز على الحوکمة الرشیدة والقضاء على اسباب انتشار هذه الظاهرة من خلال تفعیل مبدأ سیادة القانون وثقافة حقوق الانسان. 7- هناک مشاکل مزمنة فی العلاقات الدولیة تشکل منجم غنی لتغذیة دوافع التطرف والارهاب مثالها الصراع العربی الاسرائیلی وازدواجیة المعاییر الدولیة فی حل هذه المشکلة لمصلحة طرف على حساب الآخر، مما یتطلب ایجاد حل دائم وشامل لمثل هذه المشاکل. The Author declare That there is no conflict of interest References (Arabic Translated to English) Arabic Reference: I: The books 1- Amal Yousfi, The Illegality of Terrorism in International Relations, Dar Houma, Algeria, 2008. 2- Burhan Amr Allah, The Right to Political Asylum: A Study in the Theory of the Right to Refuge in Public International Law, Dar Al-Nahda Al-Arabiya, Cairo, 1983. 3- Hassan Nafaa, The Role of the United Nations in Achieving International Peace and Security in the Light of the Current International Changes, Center for Arab Unity Studies, Beirut, 1996. 4- Sami Gad Abdul Rahman Wasel, State terrorism within the framework of public international law, Mansha’at al-Maaref, Alexandria, 2003. 5- Saeed Ali Obaid Al-Jamahi, Al-Qaeda Organization (Engagement..Intellectual Background..Extension), Madbouly Library, Cairo, 2008. 6- Said Ondi, The Death of the United Nations: The Crisis of International Organizations in the Time of American Hegemony, Egypt's Renaissance House, Cairo, 2004. 7- Samouhi Extraordinary, Public International Law, Al-Irshad Press, Damascus, 1960. 8- Salah El-Din Amer, Armed Popular Resistance in Public International Law with special reference to the international legitimacy of the Palestinian resistance, Dar Al-Fikr Al-Arabi, Cairo, 1977. 9- Adel Mashmoshi, Combating Terrorism, Zain Human Rights Publications, Beirut, 2011. 10- Ghazi Hussein, The Arab-Israeli Conflict and International Legitimacy, Damascus, 1995. 11- Muhammad Daoud Yaqoub, The Legal Concept of Terrorism, A Comparative Analytical Study, Zain Human Rights Publications, Beirut, second edition, 2012. 12- Muhammad Abdulaziz Shukri, International Terrorism, Dar Al-Ilm for Millions, Beirut, 1991. II: Periodicals and Research 14- Ahmed Ibrahim Mahmoud, The New Terrorism, the Main Form of Armed Conflict on the International Arena, Journal of International Politics, Issue (147), Al-Ahram Foundation, Egypt, 2002. 15- Al-Jilali bin Al-Tayeb, The Powers of the Security Council in Application of Article 39 of the Charter of the United Nations in Adaptation to Modern Developments, Sawt al-Qanun Magazine, Issue (1), Volume (7), Algeria, May 2020. 16- Amer Abdul-Fattah Al-Jumard, United Nations Intervention in State Affairs, Al-Rafidain Journal of Law, issued by the College of Law at the University of Mosul, No. (3) Year (42), 2009. III: Master's & Doctoral ThesisTheses 17- Muhammad Munis Mohib El-Din, Terrorism in Criminal Law, PhD thesis submitted to the Faculty of Law, Ain Shams University, Cairo, 1983. IIII: United Nations documents 1- S/RES/ 57 (1948) . 2- S/RES/ 59 (1948). 3- S/RES/ 101 (1953) 4- S/RES/ 265 (1967) . 5- S/RES/ 271 (1969) . 6- S/RES/ 471 (1980). 7- S/RES/ 605 (1987) . 8- S/RES/ 607 (1988) . 9- S/RES/ 608 (1988) . 10- S/RES/ 627 (1990) . 11- S/RES/ 731 (1992). 12- S/RES/748(1992). 13- S/RES/883 (1992). 14- S/RES/ 904 (1994). 15- S/RES/ 1044 (1996). 16- S/RES/ 1054 (1996). 17- S/RES/ 1070 (1996) . 18- S/RES/ 1076 (1996). 19- S/RES/ 1189 (1998) . 20- S/RES/ 1214 (1998). 21- S/RES/ 1267 (1999) . 22- S/RES/ 1333 (2000) . 23- S/RES/ 2397 (2000). 24- S/RES/ 1377 (2001) . 25- S/RES/ 2249 (2015) . 26- S/RES/ 2299 (2016). 27-Report of the International Law Commission to the General Assembly (1980) 2 (2) YB Intl L Comm’n 1, 53, UN Doc A/CN.4/SER.A/1980/Add. References (Enghlish) V: English sources 48- Carsten Stahn, Justice As Message: Expressivity Foundations of International Criminal Justice, Oxford University Press, 2020. 49- Castor Miguel Diaz-Barrado, The Definition of Terrorism and International Law, in , International Legal Dimension of Terrorism, International humanitarian law series ; v. 23, Edit by , Pablo Antonio Fernández-Sánchez, Martinus Nijhoff Publishers, Netherlands, 2004. 50- Daniel O’Donnell, International treaties against terrorism and the use of terrorism during armed conflict and by armed forces, International Review of the Red Cross, Volume 88 Number 864 December 2006 51- Dr. Rosa Giles-Carnero , Terrorist Acts as Threats to International Peace and. Randall D. Law, TERRORISM A HISTORY, Polity Press, , Cambridge, 2009. 52- Hans Kelsen, The Law of The United Nations, Stevens & sons Press, London, 1951. 53- Michael P. Allswede, Medical Response to Chemical and Biological Terrorism, in : Thomas A. Johnson, National Security Issues in Science, Law, and Technology, CRC Press, France, 2007. 54- Myra Williamson, Terrorism, War and International Law (The Legality of the Use of Force Against Afghanistan in 2001), Ashgate Publishing Limited, USA, 2009. 55- Neil A. Englehart, Non-state Armed Groups as a Threat to Global Security: What Threat, Whose Security? Journal of Global Security Studies, Vol (1&2), 2016. 56- Roger Douglas, Law, Liberty, and the Pursuit of Terrorism, University of Michigan Press, USA. 2014. 57- Victor V. Ramraj, Michel Hor & Kent Roach, Global Anti-Terrorism Law & Policy, Cambridge University Press, 2005.
| ||
References | ||
المصادر العربیة: أولاً: الکــتــب 1- امال یوسفی، عدم مشروعیة الإرهاب فی العلاقات الدولیة ، دار هومة ، الجزائر، 2008. 2- برهان أمر الله ، حق اللجوء السیاسی دراسة فی نظریة حق الملجأ فی القانون الدولی العام، دار النهضة العربیة، القاهرة، 1983. 3- حسن نافعة، دور الامم المتحدة فی تحقیق السلم والامن الدولی فی ظل التغیرات الدولیة الراهنة، مرکز دراسات الوحدة العربیة، بیروت، 1996. 4- سامی جاد عبدالرحمن واصل، إرهاب الدولة فی اطار القانون الدولی العام، منشأة المعارف، الاسکندریة،2003. 5- سعید علی عبید الجمحی ، تنظیم القاعدة (النشأة.. الخلفیة الفکریة .. الامتداد)، مکتبة مدبولی، القاهرة ، 2008. 6- سعید لاوندی، وفاة الامم المتحدة : ازمة المنظمات الدولیة فى زمن الهیمنة الامریکیة، دار نهضة مصر، القاهرة، 2004. 7- سموحی فوق العادة، القانون الدولی العام، مطبعة الإرشاد، دمشق، 1960. 8- صلاح الدین عامر، المقاومة الشعبیة المسلحة فی القانون الدولی العام مع اشارة خاصة الى اسس الشرعیة الدولیة للمقاومة الفلسطینیة، دار الفکر العربی، القاهرة، 1977. 9- عادل مشموشی، مکافحة الارهاب، منشورات زین الحقوقیة، بیروت، 2011. 10- غازی حسین، الصراع العربی الاسرائیلی والشرعیة الدولیة، دمشق، 1995. 11- محمد داوود یعقوب، المفهوم القانونی للإرهاب دراسة تحلیلیة تأصیلیة مقارنة، منشورات زین الحقوقیة، بیروت، الطبعة الثانیة، 2012. 12- محمد عبدالعزیز شکری، الارهاب الدولی، دار العلم للملایین، بیروت، 1991. 13- میلود المهذبی، قضیة لوکربی واحکام القانون الدولی جدلیة الشرعیة والمشروعیة، الدار الجماهیریة للنشر، لیبیا، ط2، 1996. 14- نبیل احمد حلمی، الارهاب الدولی وفقا للقانون الدولی العام، دار النهضة العربیة، القاهرة، 1988. 15- هشام ال قطیط، اللوبی الیهودی یحکم البیت الأبیض، دار المحجة البیضاء للنشر، بیروت،2004. 16- وسام حسام الدین الاحمد، أصول تسلیم المجرمین فی ضوء الاتفاقیات الدولیة والتشریعات الداخلیة، دار غیداء للنشر والتوزیع، الاردن، 2020. ثانیاً: الدوریات والبحوث 17- أحمد ابراهیم محمود، الارهاب الجدید الشکل الرئیسی للصراع المسلح على الساحة الدولیة، مجلة السیاسة الدولیة، العدد (147)، مؤسسة الاهرام، مصر، 2002. 18- الجیلالی بن الطیب، صلاحیات مجلس الامن تطبیقا للمادة (39) من میثاق الامم المتحدة بالتکییف مع التطورات الحدیثة، مجلة صوت القانون، العدد (1) المجلد (7)، الجزائر، مای 2020. 19- عامر عبدالفتاح الجومرد، تدخل الامم المتحدة فی شؤون الدول، مجلة الرافدین للحقوق، تصدر عن کلیة الحقوق بجامعة الموصل، العدد (3) السنة (42)، 2009. ثالثاً: الرسائل والاطاریح 20- محمد مؤنس محب الدین، الإرهاب فی القانون الجنائی، رسالة دکتوراه مقدمة الى کلیة الحقوق بجامعة عین شمس، القاهرة، 1983. رابعا: وثائق الامم المتحدة 21- S/RES/ 57 (1948) .
22- S/RES/ 59 (1948).
23- S/RES/ 101 (1953)
24- S/RES/ 265 (1967) .
25- S/RES/ 271 (1969) .
26- S/RES/ 471 (1980).
27- S/RES/ 605 (1987) .
28- S/RES/ 607 (1988) .
29- S/RES/ 608 (1988) .
30- S/RES/ 627 (1990) .
31- S/RES/ 731 (1992).
32- S/RES/748(1992).
33- S/RES/883 (1992).
34- S/RES/ 904 (1994).
35- S/RES/ 1044 (1996).
36- S/RES/ 1054 (1996).
37- S/RES/ 1070 (1996) .
38- S/RES/ 1076 (1996).
39- S/RES/ 1189 (1998) .
40- S/RES/ 1214 (1998).
41- S/RES/ 1267 (1999) .
42- S/RES/ 1333 (2000) .
43- S/RES/ 2397 (2000).
44- S/RES/ 1377 (2001) .
45- S/RES/ 2249 (2015) .
46- S/RES/ 2299 (2016).
47- Report of the International Law Commission to the General Assembly (1980) 2 (2) YB Intl L Comm’n 1, 53, UN Doc A/CN.4/SER.A/1980/Add.
خامساً: المصادر الاجنبیة 48- Carsten Stahn, Justice As Message: Expressivity Foundations of International Criminal Justice, Oxford University Press, 2020.
49- Castor Miguel Diaz-Barrado, The Definition of Terrorism and International Law, in , International Legal Dimension of Terrorism, International humanitarian law series ; v. 23, Edit by , Pablo Antonio Fernández-Sánchez, Martinus Nijhoff Publishers, Netherlands, 2004.
50- Daniel O’Donnell, International treaties against terrorism and the use of terrorism during armed conflict and by armed forces, International Review of the Red Cross, Volume 88 Number 864 December 2006
51- Dr. Rosa Giles-Carnero , Terrorist Acts as Threats to International Peace and. Randall D. Law, TERRORISM A HISTORY, Polity Press, , Cambridge, 2009.
52- Hans Kelsen, The Law of The United Nations, Stevens & sons Press, London, 1951.
53- Michael P. Allswede, Medical Response to Chemical and Biological Terrorism, in : Thomas A. Johnson, National Security Issues in Science, Law, and Technology, CRC Press, France, 2007.
54- Myra Williamson, Terrorism, War and International Law (The Legality of the Use of Force Against Afghanistan in 2001), Ashgate Publishing Limited, USA, 2009.
55- Neil A. Englehart, Non-state Armed Groups as a Threat to Global Security: What Threat, Whose Security? Journal of Global Security Studies, Vol (1&2), 2016.
56- Roger Douglas, Law, Liberty, and the Pursuit of Terrorism, University of Michigan Press, USA. 2014.
57- Victor V. Ramraj, Michel Hor & Kent Roach, Global Anti-Terrorism Law & Policy, Cambridge University Press, 2005. | ||
Statistics Article View: 762 PDF Download: 461 |