قبول الأجنبی فی ظل جائحة فیروس کورونا | ||
الرافدین للحقوق | ||
Article 3, Volume 23, Issue 75, June 2021, Pages 83-130 PDF (1.03 M) | ||
Document Type: بحث | ||
DOI: 10.33899/alaw.2020.128912.1112 | ||
Author | ||
زینة حازم الجبوری* | ||
کلیة الحقوق/ جامعة الموصل | ||
Abstract | ||
تعد جائحة فیـروس کـورونا من الأمراض الخطیرة التی أثرت بشکل کبیر على العلاقات القانونیة على مستوى العالم, بالذات بعد إعلان الدول غلق الحدود فیما بینها, مما تسبب فی انقطاع العلاقات وتوقف المصالح, وأثر ذلک بشکل خاص على العلاقات الخاصة الدولیة فیما یتعلق بقبول الأجنبی، دخوله واقامته وخروجه من وإلى أراضی الدول، فکثیر من الدول منعت دخول الأجانب إلى أراضیها, ومنها ما فرضت قیوداً على هذا الدخول وفقاً لإجراءات وتدابیر احترازیة تم اتخاذها، فضلاً عن إبعاد الأجانب من أراضی دول أخرى، وتباین الموقف الدولی فی هذا الشأن ما بین دول راعت المبادئ الانسانیة التی تقر بها الدساتیر والمواثیق والاتفاقیات الدولیة، ودول أخرى کانت دون المستوى المطلوب فی معاملة الأجنبی المصاب بفیروس کورونا. | ||
Keywords | ||
دخول; إقامة; طرد; دولی | ||
Full Text | ||
قبول الأجنبی فی ظل جائحة فیروس کورونا-(*)- Visa Admission for Foreigners during Coronavirus pandemic
(*) أستلم البحث فی 8/11/2020 *** قبل للنشر فی 15/12/2020. (*) Received on 8/11/2020 *** accepted for publishing on 15/12/2020. Doi: 10.33899/alaw.2020.128912.1112 © Authors, 2021, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license (http://creativecommons.org/licenses/by/4.0). المستخلص تعد جائحة فیـروس کـورونا من الأمراض الخطیرة التی أثرت بشکل کبیر على العلاقات القانونیة على مستوى العالم, بالذات بعد إعلان الدول غلق الحدود فیما بینها, مما تسبب فی انقطاع العلاقات وتوقف المصالح, وأثر ذلک بشکل خاص على العلاقات الخاصة الدولیة فیما یتعلق بقبول الأجنبی، دخوله واقامته وخروجه من وإلى أراضی الدول، فکثیر من الدول منعت دخول الأجانب إلى أراضیها, ومنها ما فرضت قیوداً على هذا الدخول وفقاً لإجراءات وتدابیر احترازیة تم اتخاذها، فضلاً عن إبعاد الأجانب من أراضی دول أخرى، وتباین الموقف الدولی فی هذا الشأن ما بین دول راعت المبادئ الانسانیة التی تقر بها الدساتیر والمواثیق والاتفاقیات الدولیة، ودول أخرى کانت دون المستوى المطلوب فی معاملة الأجنبی المصاب بفیروس کورونا. الکلمات المفتاحیة: دخول، إقامة، دولی، طرد.
Abstract Coronavirus is one of the dangerous diseases that greatly affected the legal relations of the world, especially after the declaration of states to close the borders among them, which caused severing of relations and suspension of international interests. T’his has affected specifically international private relations with regard to foreigners' admission , entry, and residence, in addition to their exit from the countries lands ,and their entries into them. Many countries have forbidden foreigners from entering to their lands, and some have imposed restrictions on this entry according to the precautionary measures that have been taken, as well as expulsion foreigners from the lands of other countries. In this regard the international attitudes varied between ccountries that have observed the humanitarian principles recognized by the constitutions, charters and international agreements, on the one hand, and other countries that have not attained the required level in treating foreigners infected by Coronavirus. key words: Entry, Residency, International, Expulsion. المقدمـة سنبین مقدمة البحث فی البنود الآتیة: أولاً: التعریف بموضوع البحث: جائحة فـیروس کـورونا هی جائحة عالمیة لمرض فـیروس کـورونا" کوفید-19" وهو مرض معدٍ یسببه فـیروس من نوع خاص، اکتشف فی کانون الأول 2019, وبسبب هذا المرض بدت العدید من الدول والمدن شبه مهجورة مع اتخاذ الدول إجراءات قاسیة لاحتواء الفـیروس طبقاً لسیادتها التامة على اقلیمها, ومظاهر هذه السیادة متعددة ولکن أهمها سیادتها الإقلیمیة على أراضیها, إذ تخضع لسلطتها کل ما یوجد على اقلیمها من أشیاء وأشخاص سواءً کانوا مواطنین أم أجانـب، ولا توجد سلطة أخرى یمکن أن تشارک الدولة فی تحدید معاملتها للمواطنین والأجانـب، فالدولة حرّة فی تنظیمها، ولا یحد من حریة هذا التنظیم سوى ما یتعلق ببعض القیود التی ترد على سلطة الدولة فی تحدید مرکز الأجانـب سواءً الداخلیة أم الخارجیة والتی تبنى على مجموعة من الاعتبارات, فضلا عن الإجراءات القـانونیة المشددة التی من الممکن ان تتخذها الدول فی ظل الازمات ومنها ازمة جائحة فـیروس کـورونا التی کان لها الأثر الواضح والکبیر على المرکز القـانونی للأجانـب بالذات فیما یتعلق بحرکة الأجنـبی، إذ ان اصدار القرارات فی الدول بشأن الحد من انتشار هذا المرض بأنحاء العالم وغلق الحدود ما بین الدول من جهة، وبین مدن الدولة الواحدة من جهة اخرى، للحد من انتشار الوباء لمواطنیها والمقیمین على أراضیها، کان بمثابة قید على حریة الأجنـبی فی التنقل والدخول والخروج. وسنحاول فی هذا البحث معرفة مدى سلطة الدولة فی تنظیم قبول الأجانـب أثناء الأزمات الصحیة ومنها أزمة جائحة فـیروس کـورونا، أی تنظیم دخولهم لإقلیم دولة من الدول سواءً کان ذلک بقصد الإقـامة أم لمجرد المرور، ویستتبع دخول الأجانـب خروجهم. ثانیاً: أهمیة البحث:
ثالثاً: مشکلة البحث:
الثاً: منهجیة البحث: اعتمدنا فی بحثنا هذا على المنهج التحلیلی للنصوص القـانونیة والاتفاقیة فضلا عن المنهج المقارن مع القوانین التی تخص موضوع البحث مع الأخذ بموقف القضاء لبعض الدول. رابعاً: هیکلیة البحث: قسمنا بحثنا الموسوم "قبول الأجنـبی فی ظل جائحة فـیروس کـورونا" وفق الهیکلیة الآتیة: تمهید: جائحة فـیروس کـورونا المبحث الأول: دخول الأجنـبی فی ظل جائحة فـیروس کـورونا المبحث الثانی: تنقل وإقـامة الأجنـبی فی ظل جائحة فـیروس کـورونا المبحث الثالث: خروج الأجنـبی فی ظل جائحة فـیروس کـورونا تمهید جائحة فـیروس کـورونا الجائحةُ لغةً: من الجوح, والجوح هو الاستئصال، وجاحتهم السنة جوحاً وجیاحة, إذا استأصلت أموالهم، وسنة جائحة, أی جدبة([1]), یقول ابن فارس: "الجیم والواو والحاء أصل واحد وهو الاستئصال، یقال جاح الشیء یجوحه استأصله، ومنه اشتقاق الجائحة"([2]), ویتضح أن الجائحة فی اللغة هی مصیبة مذهبة أو متلفة للمال، أو النفس أو غیرهما. والجائحة اصطلاحاً: هی مالا یستطاع دفعه کالبرد والریح والحشیش([3]) او ما أتلف من معجوز عن دفعه عادةً قدراً من ثمر أو نبات بعد بیعه([4]). ولقد صنفت منظمة الصحة العالمیة فـیروس کـورونا بوصفه وباءً عالمیاً "جائحة، واستخدمت المنظمة هذا المصطلح لسببین رئیسین هما: سرعة تفشی العدوى واتساع نطاقها, والقلق الشدید إزاء قصور النهج الذی تتبعه بعض الدول على مستوى الإرادة السیاسیة اللازمة للسیطرة على هذا التفشی للفـیروس([5]). وفـیروس کـورونا او ما یعرف بکوفید-19 هو مرض تتسبب به سلالة جدیدة من الفـیروسات التاجیة، وهو فـیروس یرتبط بعائلة الفـیروسات نفسها التی ینتمی إلیها الفـیروس الذی یتسبب بمرض المتلازمة التنفسیة الحادة الوخیمة وبعض أنواع الزکام العادی، ویصنف هذا المرض على أنه حالة طارئة صحیة عمومیة تسبب قلقاً دولیاً، وقد انتشر المرض إلى بلدان ومناطق عدیدة بسبب سرعة العدوى به, اذ ینتقل عبر الاتصال المباشر بالرذاذ التنفسی لشخص مصاب والذی ینشأ عن السعال أو العطس، ویمکن أن یصاب الأفراد بالعدوى أیضاً من ملامسة الأسطح الملوثة بالفـیروس, ومن ثم لمس وجوههم مثلاً العینین والأنف والفم([6]). بدأ المرض فی الصین و أخذ ینتشر فی بلدان العالم لاسیما فی دول جنوب شرقی اسیا, و یعد الطبیب الصینی (لی وینلیانغ) هو من اکتشف الفـیروس و توفی بسببه, و لسوء الحظ لا یوجد لحد الان لقاح فعّال للوقایة من العدوى, إذ ان الفـیروس یحتوی على کمیة کبیرة من المعلومات الجینیة, و فی کل مرة یستنسخ نفسه داخل خلیة المضیف, مما یؤدی إلى خلق سلالات جدیدة اکثر قدرة على البقاء و الانتقال بسهولة بین البشر, إذ ان السلالات الجدیدة من هذا الفـیروس جعلتها تقفز إلى البشر و تحیى داخل اجسادهم([7]).اقترح حذف العبارة ،تکرار وباستمرار کوفید-19 بالانتشار، اتخذت المجتمعات الدولیة والمحلیة إجراءات لمنع المزید من العدوى والحد من تأثیر انتشار المرض ودعم إجراءات السیطرة علیه، من ذلک إجراءات منظمة الصحة العالمیة فی الوقایة والاعلان عن اعتبار فـیروس کـورونا جائحة فی 11/اذار/2020، وبتاریخ 16/اذار/2020 صدر بیان مشترک من الغرفة التجاریة الدولیة ومنظمة الصحة العالمیة یدعوان من خلاله القطاع الخاص فی الدول لاتخاذ إجراءات للتصدی لجائحة فـیروس کـورونا([8]), مما دفع الحکومات فی مختلف دول العالم إلى المسارعة بإصدار قرارات من شأنها أن تسهم فی الحد من تفشی الجائحة من جهة, والحفاظ على دوران عجلة الاقتصاد والتعامل بجدیة نحو وباء کـورونا وانتشاره السریع من جهة أخرى، فصدرت قرارات وزاریة واتخذت العدید من الإجراءات والتدابیر الاحترازیة والوقائیة للحد من انتشاره, منها فرض الحجر الصحی على العدید من المدن, کذلک إغلاق الحدود کوقایة من وصول الفیروس من مواطنی الدول التی ینتشر بها الوباء، والحد من حرکة الأجانـب والعمل على التباعد الاجتماعی لمنع الاختلاط بین الناس وإبطاء سیر الإصابة، مما یخفف الضغط على المؤسسات الصحیة، واصدار التشریعات وسن القوانین للحفاظ على أمن وسلامة المجتمع([9]). المبحث الأول دخول الأجنـبی فی ظل جائحة فـیروس کـورونا دخول الأجنـبی یعنی عبور شخص من دولة إلى أخرى لا یحمل جنسیتها, بموجب سمـة دخول مؤشرة فی جواز سفر أو وثیقة تقوم مقامه تمنح من الدول أو المنظمات, تخول حاملها حق الدخول خلال مدة معینة والإقـامة فیها، وعلیه سنحاول بدایة الکلام عن سمات دخول الأجنبی فی المطلب الأول باعتبارها من اهم شروط الدخول، ومن ثم قیود دخول الأجنـبی فی ظل جائحة فـیروس کـورونا فی المطلب الثانی وکما یأتی: المطلب الأول سمات دخول الأجنـبی یتطلب دخول الأجنـبی من دولة إلى اخرى الحصول على موافقة الدولة التی یروم الدخول إلیها، ویتم توثیق هذه الموافقة بالشکلیة التی تحددها الدولة حسب المعمول فی تشریعاتها القـانونیة، وتختلف تسمیة هذه الموافقة من دولة إلى اخرى، ففی العراق یطلق علیها سمـة الدخول فی حین تسمى فی الإمارات العربیة بتأشیرة الدخول، ویطلق علیها فی الدول غیر العربیة وبالذات الانکلیزیة منها والأمریکیة بالفیزا، وسنحاول توضیح تعریفها مع بیان انواعها بشکل مختصر على مختلف مسمیاتها هذه. ففی القـانون العراقی عرَّف المشرّع سمـة الدخول فی قـانون إقـامة الأجانـب العراقی النافذ بأنها([10]) الموافقة على دخول الأجنـبی اراضی جمهوریة العراق تؤشر فی جواز سفره من القنصل العراقی، أو من یقوم مقامه، أو أی جهة ترعى مصالح جمهوریة العراق فی الخارج، أو من یخوله وزیر الداخلیة بذلک. وتعد من أول إجراءات الرقابة الصارمة التی تفرضها السلطات المختصة، على الأجنـبی الذی یروم الدخول إلى جمهوریة العراق, الغرض منها تجنب دخول الأجانـب غیر المرغوب فیهم إلى العراق، وتضطلع البعثات الدبلوماسیة، والقنصلیة العراقیة، فی الخارج بهذه المهمة([11]). وحدد قـانون إقـامة الأجانـب العراقی النافذ فی المـادة (7) منه سمات الدخول إلى جمهوریة العراق بأحد عشر نوعا وکما یأتی([12]): 1. سمـة اعتیادیة : تخول حاملها دخول أراضی جمهوریة العراق مرة واحدة خلال (60) ستین یوماً من تاریخ منحها والإقـامة فیه المدة المذکورة. 2. سمـة المرور: تخول حاملها دخول أراضی جمهوریة العراق مرة واحدة خلال (30) ثلاثین یوماً من تاریخ منحها والإقـامة فیه مدة لا تزید على (7) سبعة أیام. 3. سمـة المرور بدون توقف: تخول حاملها المرور عبر أراضی جمهوریة العراق خلال (3) ثلاثة أیام تحت إشراف السلطات المختصة بدون توقف ولمرة واحدة خلال (30) ثلاثین یوماً من تاریخ منحها. 4. سمـة الزیارة: تخول حاملها دخول أراضی جمهوریة العراق مرة واحدة خلال (90) تسعین یوماً من تاریخ منحها والإقـامة فیه مدة (30) ثلاثین یوماً ولا یحق لصاحبها العمل فی أی مکان فی جمهوریة العراق سواءً بأجر أو بدون أجر. 5. سمـة سیاحیة: تمنح لزیارة المناطق السیاحیة والدینیة وتخول حاملها دخول أراضی جمهوریة العراق مرة واحدة خلال (60) ستین یوماً من تاریخ منحها والإقـامة فیه مدة (30) ثلاثین یوماً وتکون بکفالة المؤسسات والهیئات والشرکات العاملة فی مجال السیاحة ولا یحق لحاملها العمل فی أی مکان سواءً کان بأجر أو بدون أجر ولا تشترط الکفالة إذا کانت السیاحة بصورة فردیة أو عائلیة. 6. سمـة خاصة: تمنح بقرار من وزیر الداخلیة بالتنسیق مع وزیر الخارجیة لاعتبارات تتعلق بالمجاملات الدولیة ویخول حاملها البقاء فی جمهوریة العراق مدة (30) ثلاثین یوماً من تاریخ دخوله. 7. السمـة اضطراریة: تمنح من ضابط الإقـامة للأجنـبی الذی یصل إلى أراضی جمهوریة العراق قاصداً دخولها ولم یکن حائزاً على سمـة الدخول على أن یبلغ المدیر العام مباشرةً. 8. السمـة دخول سریع: تمنح خلال یوم واحد. 9. السمـة سیاسیة: ینظم منحها بتعلیمات یصدرها وزیر الخارجیة بالتنسیق مع وزیر الداخلیة عملاً بمبدأ المقابلة بالمثل. 10. سمـة دبلوماسیة: تمنح للأشخاص الذین یحملون جوازات سفر دبلوماسیة على وفق تعلیمات یصدرها وزیر الخارجیة بالتنسیق مع وزیر الداخلیة. 11. سمـة الخدمة: تمنح للأشخاص الذین یحملون جوازات سفر خدمة على وفق تعلیمات یصدرها وزیر الخارجیة بالتنسیق مع وزیر الداخلیة أو من یخوله. و للمدیر العام أو من یخوله والسفیر منح سمـة دخول لسفرة واحدة أو متعددة السفرات تخول حاملها دخول أراضی جمهوریة العراق خلال (3) ثلاثة أشهر من تاریخ إصدارها ولعدة سفرات قابلة للتمدید عملاً بمبدأ المعاملة بالمثل وتصدر على وفق تعلیمات یصدرها الوزیر وکما یلی: 1. سمـة دخول متعددة السفرات لمدة (3) ثلاثة أشهر. 2. سمـة دخول متعددة السفرات لمدة (6) ستة أشهر. 3. سمـة دخول متعددة السفرات لمدة (1) سنة واحدة([13]). أما فی الإمارات العربیة المتحدة فیطلق قـانون الهجرة والإقـامة فیها([14]) على سمات الدخول مصطلح تأشیرة الدخول, وهی وثیقة رسمیة تصدر عن الإدارة العامة للإقـامة وشؤون الأجانـب بموجب أحد أنواع أذونات الدخول التی تصدرها الدولة، ویُسمح بموجبه للوافدین الأجانـب الدخول إلى دولة الإمارات والإقـامة فیها بشکل قـانونی لفترة محددة من الزمن لقضاء حاجة أو غرض معین, وتصدر الوثیقة على شکل طبعة ورقیة أو الکترونیة، ویقدم الکفلاء الذین یستوفون متطلبات الإدارة العامة للإقـامة وشؤون الأجانـب التقدم بطلب الحصول على تأشیرة إقـامة للوافد تحت کفالتهم لمن یرغب بالبقاء فی الدولة للعمل أو العیش, وتتطلب هذه التأشیرة من الشخص المکفول الخضوع لفحص طبی وإثبات لیاقته صحیاً، کذلک اجتیاز فحص أمنی من قبل وزارة الداخلیة والجهات الأخرى المعنیة، وتمکنه هذه التأشیرة من المکوث فی الدولة حسب المدة المحددة لها والسفر بحریة من وإلى دولة الإمارات خلال فترة صلاحیة التأشیرة، وتصدر دولة الإمارات العربیة المتحدة عدة أنواع من التأشیرات وهی([15]):
أ. التأشیرة الإلکترونیة من خلال قسم الإدارة والجنسیة والمنافذ؛ ب. التأشیرة الإلکترونیة من بوابة معاملات التأشیرة والإقـامة (E-channels)؛
أما سمات الدخول فی الدول غیر العربیة ومنها الولایات المتحدة الأمریکیة فتسمى بالفیزا "visa" وهی تکون على نوعین، فیزا لغیر المهاجرین وفیزا للمهاجرین والتی تقسم إلى([16]):
المطلب الثانی قیود دخول الأجنـبی فی ظل جائحة فـیروس کـورونا بالرغم من أنّ القـانون الدولی یعترف للدولة بالسیادة المطلقة على اقلیمها، الا ان ضرورات التعامل الدولی تتضمن ان تسمح الدولة للأجانـب بالقدوم لها لأسباب واغراض مختلفة, وقیّدت ذلک بإلزامیة مراعاة مصالحها وأمنها باستثناء مبدأ المعاملة بالمثل، فالتبادل الدولی وارتباط المصالح یحتّم اعتراف کل دولة للأجانـب بحق الدخول إلى بلادهم، ولیس لدولة ما ان تحرمهم من ذلک بصورة مطلقة وبصفة نهائیة وإلا کان عملها هذا مقاطعة للمجتمع الدولی ولا یضمن لها البقاء، فارتباط المصالح أوجب فتح الحدود لدخول الأجانـب ومنحهم حق الدخول للإقـامة أو للمرور([17]). فالقاعدة العامة هی ان للأجنـبی الحق فی طلب الدخول إلى أی بلد یرید دخوله, إذ ضمنت ذلک قواعد القـانون الدولی وحقوق الانسان، إلا ان هذا الحق لا یرقى إلى درجة الالزام شأنه فی ذلک شأن أیة قاعدة دولیة، فللدولة ان تسن أی تشریع یعطل احکام هذه القاعدة اذا کان العمل بها یضر بالمصلحة الوطنیة او یخل بالنظام الداخلی للدولة, فللسلطة المختصة فی المنافذ الحدودیة لأیة دولة ان تتخذ قرارا بمنع دخول أی أجنـبی إلى اقلیمها سواءً کان یحمل سمـة دخول ام لا, لأن سلطتها هذه مستمدة من تشریعاتها الوطنیة والخاصة بتنظیم ذلک وفقا لمبادئ حقوق الانسان والقـانون الدولی, وبذلک فالدولة لا تتحمل أی التزام قـانونی یتعلق بدخول الأجانـب لإقلیمها فی سبیل حمایة مصالحها العلیا, کما ان توافر شروط الدخول کافة لا ینشئ حقا مکتسبا للأجنـبی طالما ان هذا الدخول یهدد أمن وسلامة الدولة([18]), فللدولة سلطة واسعة لوضع القواعد الخاصة بتحدید سیاستها فی دخول الأجانـب وکیفیة دخولهم, ذلک لأن ضرورات الأمن وصیانة النفس تحتمان على الدولة عدم قبول الأشخاص غیر المرغوب فیهم إمّا لأسباب سیاسیة أو صحیة أو اصلاحیة أو اقتصادیة([19]), فیُمنعون فیها من دخول أراضی الدولة، ویترتب على مخالفتهم لذلک مجموعة من العقوبات([20]). ومن هذه الحالات, الأسباب الصحیة التی منعت بموجبها الدول أو قیدت دخول الأجانـب إلى أراضیها بقیود معینة ومن ضمنها جائحة فـیروس کـورونا، وتباینت هذه القیود تبعا لتباین قرارات الدول فی هذا الشأن وفقا لسیاستها وقدرتها فی التصدی لهذه الأزمة والظروف المحیطة بها وموقعها الجغرافی فیما بین الدول من حیث قربها للدول المنتشر فیها الفـیروس، مما أثر على حرکة الأجانـب فیما بینها، ففی العراق اتخذت الحکومة العراقیة عدد من القرارات والإجراءات الخاصة بقبول الأجانـب من أجل التصدی لهذا المرض وللحد من انتشاره ومنها: أولاً: قرار وزارة الخارجیة بإیقاف منح سمات دخول الوافدین إلى العراق: قررت الحکومة العراقیة إیقاف منح سمات دخول الوافدین إلى العراق فی عدد من الدول التی انتشر فیها فـیروس کـورونا ومنها "الصین, ایران, تایلند, کوریا الجنوبیة, الیابان, ایطالیا وسنغافورة"، وهذا یعنی انه تم منع دخول الأشخاص منعا باتا إلى الأراضی العراقیة سواءً بالشروط التی تضمنها قـانون إقـامة الأجانـب العراقی النافذ ام من دونها، لأنه کما معلوم ان القـانون الأخیر استثنى بعض الأشخاص من شروط الدخول إلى الاراضی العراقیة وفقاً للمـادة (1/ ثالثا) منه التی تنص على ان "ثالثا : لا تسری احکام هذا القـانون على: أ . رؤساء الدول و الملوک ورؤساء الحکومات الأجنـبیة و افراد اسرهم و من هم برفقتهم اثناء الزیارة. ب. رؤساء البعثات الدبلوماسیة والقنصلیة وموظفیها الرسمیین المعتمدین وغیر المعتمدین ممن هم بمسؤولیتهم فعلا من افراد عائلاتهم مع مراعاة مبدأ المقابلة بالمثل على ان یزود هؤلاء بهویات خاصة من وزارة الخارجیة. ج. المسؤولین عن تسییر السفن و الطائرات والقطارات القادمة إلى جمهوریة العراق خلال مدة بقاء السفینة او الطائرة او القطار بشرط ان تؤشر السلطة العراقیة المختصة وثائق سفرهم فی الدخول والخروج. د. رکاب السفن والطائرات والقطارات اذا کانت السلطات العراقیة المختصة قد اذنت لهم بالنزول او البقاء مؤقتا فی أراضی جمهوریة العراق مدة بقاء السفینة او الطائرة او القطار. هـ . من یعفى بموجب اتفاقیات دولیة تکون جمهوریة العراق طرفا فیها. و. القاصرین المشمولین بجوازات سفر ذویهم. ز. سکان مناطق الحدود من تبعه الدول المجاورة الذین یدخلون أراضی جمهوریة العراق برا لقضاء اشغالهم المعتادة ممن تشملهم الاتفاقیات المعقودة بین جمهوریة العراق و دولهم بعلم السلطات الحدودیة. ح. العراقیین واولادهم من حملة الجوازات الأجنـبیة". إلا انه بعد صدور قرار اللجنة العلیا للصحة والسلامة الوطنیة لمکافحة جائحة فـیروس کـورونا، فی جلستها الثالثة المنعقدة بتاریخ 7/4/2020 تم تغییر الاستثناءات المتعلقة بدخول الأجانـب إلى العراق، فالأصل هو عدم دخول جمیع الأشخاص باستثناء فئات معینة مع بقاء فئة العمال خاضعین لشروط قـانون الإقـامة, وحصر الاستثناء الاصلی من شروط الدخول للدبلوماسیین، إذ قررت اللجنة العلیا للصحة والسلامة الوطنیة لمکافحة جائحة فـیروس کـورونا، الموافقة على استثناء دخول الفئات التالیة فقط، القادمة إلى العراق على وفق الضوابط المثبتة معها: 1- الدبلوماسیون والعاملون فی السفارات: یفضل تقدیم شهادة صحیة تؤکّد خلوهم من فـیروس کـورونا على ان یبقى داخل مبنى السفارة أو السکن لمدة اسبوعین. 2- عمال الشرکات العاملة فی العراق لضمان عدم توقف عمل المشاریع، ویکون دخولهم وفق الآلیة التی تنص على احضار کتاب من الوزارة التی تعمل معها الشرکة، ویتم حجر جمیع الوافدین فی مکان یُخصص فی الشرکة، ویُتابع من الجهات الصحیة العراقیة لمدة أسبوعین, وفی حالة وجود أعراض أو علامات اصابة بفـیروس کـورونا للفئات المذکورة آنفاً یتمّ عزلهم وادخالهم المستشفى لإکمال الإجراءات الطبیة اللازمة([21]). وهذا یعنی ان غیر هؤلاء من الأشخاص الأجانـب لا یسمح لهم بالدخول إلى الأراضی العراقیة, وهو ما یؤکد ان المستثنین بموجب المـادة (1/ثالثا) من قـانون إقـامة الأجانـب العراقی النافذ غیر مشمولین بالدخول إلى الاراضی العراقیة سواءً بشروط دخول ام بدونها باستثناء الدبلوماسیون منهم، ویمکن ایعاز السبب فی ذلک إلى خطورة السبب القائم على المنع, إذ ان قرارات الدولة المتّخذة بمنع دخول الأجنـبی هی قرارات قائمة لأسباب صحیة ووقائیة الهدف منها حمایة صحة وسلامة المواطنین, إذ ان تأمین الرعایة الصحیة یعد من مسؤولیات الدولة الأساسیة, وهو ما جاء به الدستور العراقی النافذ([22]), فی المـادة (31) منه التی تنص على انه: "أولاً: لکل عراقی الحق فی الرعایة الصحیة وتعنی الدولة بالصحة العامة وتکفل وسائل الوقایة والعلاج..." والمـادة (33) منه التی نصت على أنه "أولاً: لکل فرد حق العیش فی ظروف بیئة سلیمة. ثانیاً: تکفل الدولة حمایة البیئة والتنوع الاحیائی والحفاظ علیها". وما جاء ایضا فی قـانون الصحة العامة العراقی([23]) فی المـادة (1) منه التی تنص على ان "اللیاقة الصحیة الکاملة بدنیاً وعقلیاً واجتماعیاً حق یکفله المجتمع لکل مواطن وعلى الدولة أن توفر مستلزمات التمتع به لتمکّنه من المشارکة فی بناء المجتمع وتطویره"، کما نصت الفقرة (2) من المـادة (3) من القـانون نفسه على "مکافحة الأمراض الانتقالیة ومراقبتها ومنع تسربها من خارج القطر إلى داخله وبالعکس او من مکان إلى اخر فیه والحدّ من انتشارها فی الاراضی والمیاه والأجواء العراقیة". کذلک ضمن الاعلان العالمی لحقوق الانسان لسنة 1948 الحق فی الرعایة الصحیة, عند النص فی مادته الـ(25) على ان "1. لکل شخص حق فی مستوى معیشة تکفیه لضمان الصحة والرفاهیة له ولأسرته، وخاصة على صعید المأکل والملبس والمسکن والعنایة الطبیة وعلى صعید الخدمات الاجتماعیة الضروریة..."([24]). ثانیاً: إیقاف مبدأ المعاملة بالمثل: أوقفت الحکومة العراقیة العمل بمبدأ المعاملة بالمثل لبعض الدول من قبل وزارة الخارجیة العراقیة([25]) فیما یتعلق بمنح سمات الدخول للمواطنین دون مراجعة السفارة او القنصلیة فی الدولة المعنیة بناءً على ما جاء فی قرارات بعض الدول, ومنها ما قامت به الحکومة الترکیة فی ایقاف العمل بمذکرة تفاهم قنصلی وقعت سنة 2009 تقضی بمنح مواطنی البلدین سمـة الدخول فی المنافذ الحدودیة دون أن یراجعوا السفارة أو القنصلیة المعنیة، لتوفیر التسهیلات لتنقل رعایا البلدین، إلا أن الحکومة الترکیة أوقفت العمل بمضمون المذکرة من جهتها، لذا قررت الحکومة تعلیق العمل بها من طرف العراق، وأوقفت العمل بمبدأ المعاملة بالمثل. وعادة ما یتم استخدام مبدأ المعاملة بالمثل فی الأعراف الدبلوماسیة بهدف تخفیف القیود المفروضة على السفر بین الدول، ومتطلبات التأشیرة، وتقلیل التعرفة الجمرکیة، أو تنفیذ أحکام صادرة من دولة وتطبیقها على مواطنی دولة أخرى فی بلدهم، إلا ان مثل هذا المبدأ استخدم اثناء جائحة فـیروس کـورونا بطریقة عکسیة, أی لتشدید القیود المفروضة على المسافرین. وتقدیر کل ذلک یعنی انه حصل تغییر کبیر فیما یتعلق بدخول الأجنـبی إلى العراق, فالأصل هو ان من حق الأجنـبی الدخول إلى اقلیم أی دولة ما, اذا ما انطبقت علیه الشروط المفروضة من جانب الدولة التی ینوی الدخول إلیها, إلا ان هذا الحق تم تجمیده لحین زوال ازمة فـیروس کـورونا، ونحن نرى ان الأخذ بالمصلحة العامة الواردة فی قـانون الإقـامة العراقی فی مفهومها العام والمطلق، والتوسع فی نطاقها ودرج الوقایة من فـیروس کـورونا من ضمن الاهداف التی تسعى إلى تحقیقها اولى للمشرّع والحکومة من اصدار القرارات, طالما ان النص القـانونی یجیز ذلک ویوفر الحمایة للمواطنین والأجانـب. وفی غیر العراق اتخذت بعض الدول ما یقید حریة حرکة الأجانـب ومنها الإمارات العربیة المتحدة إذ لا یسمح فیها للمسافرین بالدخول إلى أراضیها بشکل تام باستثناء([26]):
کذلک فی الولایات المتحدة الأمریکیة فإنه لا یُسمح للمسافرین بالدخول والعبور إلى الولایات المتحدة الأمریکیة باستثناء بعض الأشخاص وبعد خضوعهم لتدابیر فـیروس کـورونا (COVID-19) التی تحددها الدولة او المنطقة التی یقصدون بها وجهتهم النهائیة، وهم کل مما یأتی([27]):
المبحث الثانی تنقل الأجنـبی وإقامته فی ظل جائحة فـیروس کـورونا تعد حریة التنقل من أهم مؤشرات الحـریات العامة التی تسعى مختلف الأنـظمة السیاسیة إلى حمایتها وتسهیلها، کمـا تعد ضمـانة صریحة لحریة الأشخاص فی التنقل بین الأمـاکن المختلفة مهما اختلفت اغراضه، سواءً الخلاص من الاضطهاد الذی یتعرض له بعض الاشخاص([28])، او رغبة الشخص فی الإقـامة فی دولة معینة حسب ظروفه وغیرها من الأغراض الأخرى، کالکوارث او انتشار الاوبئة والأمراض، وهذا یستدعینا إلى البحث فی تنقل الأجنـبی فی ظل جائحة فیروس کورونا فی المطلب الأول من هذا المبحث، ومن ثم البحث فی إقامته فی ظل جائحة فـیروس کـورونا فی المطلب الثانی منه وعلى النحو الآتی: المطلب الأول تنقل الأجنـبی فی ظل جائحة فـیروس کـورونا حریة التنقل هی احد حقوق الانسان التی یحترمها الدستور فی الکثیر من الدول والتی تعطی الحق لمواطنی الدولة فی السفر والإقـامة والعمل فی أی مکان یرغب من تلک الدولة دون التعدی على حقوق وحریات الآخرین، وان یغادر تلک الدولة والتنقل فیما بین الدول المختلفة، ولقد نص الدستور العراقی فی الفقرة (1) من المـادة (44) منه على ان "للعراقی حریة التنقل والسفر والسکن داخل العراق وخارجه", وهذا یعنی اعطاء الفرد الحق فی حریة التنقل الداخلی فی نطاق الدولة الواحدة, أی داخل اقلیمها, کذلک الحق من حریة التنقل خارج نطاق الدولة الإقلیمی, ونص کذلک فی الفقرة (2) من هذه المـادة على أنه "لا یجوز نفی العراقی، أو إبعاده، أو حرمانه من العودة إلى الوطن" وأشارت إلى مثل هذا الحق العدید من دساتیر الدول([29]). وأکد على هذا الحق الاعلان العالمی لحقوق الانسان فی مادته (13) التی تنص على ان "1. لکل فرد حق حریة التنقل وفی اختیار محل إقامته داخل حدود الدولة.2. لکل فرد الحق فی مغادرة أی بلد، بما فی ذلک بلده، وفی العودة إلى بلده). کذلک المـادة (12) من العهد الدولی الخاص بالحقوق المدنیة والسیاسیة([30]) إذ نصت على أن "1. لکل فرد یوجد على نحو قـانونی داخل اقلیم دولة ما حق حریة التنقل فیه واختیار مکان اقامته.2. لکل فرد حریة مغادرة أیّ بلد، بما فی ذلک بلده.3. لا یجوز تقیید الحقوق المذکورة أعلاه بأیة قیود غیر تلک التی ینص علیها القـانون، وتکون ضروریة لحمایة الأمن القومی أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرین وحریاتهم وتکون متمشیة مع الحقوق الأخرى، المتعارف بها فی هذا العهد.4. لا یجوز حرمان أحد، تعسفاً، من حق الدخول إلى بلده"([31]). وعلیه لا یجوز تقیید حق الشخص بالتنقل "فی ظل جائحة فـیروس کـورونا" إلا فی حالة ما اذا نص القـانون على خلاف ذلک. وهذا التقیید یجب ان یکون هدفه الموازنة بین المصالح العامة والمصالح الخاصة ومن ثم تغلب الأولى على الثانیة عند تعارضها، ومن هذه القیود ما یلی([32]):
وعلى الصعید الدولی نصت الاتفاقیة الأوروبیة لحقوق الانسان لسنة (1953)([33]) فی المـادة (2) من البروتوکول رقم (4) وتحت عنوان حریة التنقل على ان "1. لکل شخص موجود قـانونیاً على أراضی دولة الحق فی التنقل فیها بحریة واختیار مکان اقامته فیها بحریة.2. لکل شخص حریة مغادرة أی بلد بما فیه بلده.3. لا یجوز وضع قیود على حریة ممارسة هذه الحقوق غیر تلک المنصوص علیها فی القـانون والتی تشکّل تدابیر ضروریة فی المجتمع الدیمقراطی للأمن الوطنی والسلامة العامة أو الحفاظ على النظام العام أو جُنح الجرائم الجزائیة فی مناطق معینة وضع قیود على هذه الحقوق المعترف بها فی الفقرة 1 قیود ینص علیها القـانون وتبررها المصلحة العامة فی المجتمع الدیمقراطی".
کما نصت الاتفاقیة الأمریکیة لحقوق الانسان لسنة 1969([34]) فی المـادة (22) منها على حریة التنقل والإقـامة وذلک بأن "1. لکل شخص متواجد بصورة شرعیة فی أراضی دولة طرف، حق التنقل والإقـامة فیها مع مراعاة أحکام القـانون.2. لکل شخص حق مغادرة البلد المتواجد فیه بحریة، بما فی ذلک مغادرة وطنه.3. لا یجوز تقیید ممارسة الحقوق المذکورة أعلاه إلا بموجب قـانون وبالقدر الذی لابد منه فی مجتمع دیمقراطی من أجل منع الجریمة أو حمایة الأمن القومی أو السلامة العامة أو النظام العام أو الأخلاق العامة أو الصحة العامة أو حقوق الآخرین أو حریاتهم.4. یمکن أیضاً تقیید ممارسة الحقوق المذکورة فی الفقرة (1) بموجب القـانون فی مناطق محددة ولأسباب تتعلق بالمصلحة العامة". ویمکن اعتبار القیود التی حددتها بعض التشریعات الدستوریة للحفاظ على الصحة العامة فی ظل ظروف استثنائیة طارئة وهی ازمة جائحة فـیروس کـورونا هو القید الذی تم الأخذ به فی مواجهة هذه الازمة، وذلک لحالة الضرورة المتمثلة بانتشار مثل هذا الفـیروس فی جمیع أنحاء العالم، والذی من شأنه ان یمنح السلطة التنفیذیة "رئیس الدولة" سلطات واسعة تضیّق من نطاق ممارسة حریة التنقل وتوقف حرکتها فیما بین الدول. المطلب الثانی إقـامة الأجنـبی فی ظل جائحة فـیروس کـورونا یقصد بالإقـامة الترخیص للأجنـبی بالبقاء فی اقلیم الدولة لفترة تحددها هی، وتختلف مدة الإقـامة باختلاف الغرض من الدخول إلى الدولة، ووفقاً لما تقتضی به المصلحة العامة لها ولمدى العلاقة التی تربط الأجنـبی بالمجتمع الوطنی، وعادة ما یخضع الأجنـبی فی دولة الإقـامة لنظام إداری وأمنی لا یخضع له الوطنیون وذلک ضماناً للصالح العام وللاعتبارات الأمنیة، کالخضوع لمجموعة من الالتزامات الإجرائیة للتأکد من جدیة الأجنـبی وأنه جدیر بالإقـامة على اقلیم الدولة، من ذلک ضرورة الحصول على ترخیص بالإقـامة وتجدیدها إذا لزم الأمر، والواقع ان خضوع الأجنـبی لهذا النظام الإجرائی یبدو مبرراً من ناحیة انه إذا کانت الدول قد سمحت للأجنـبی بالإقـامة فی اقلیمها فإن من حقها أن تنظم هذه الإقـامة بالطریقة التی تراها مناسبة للحفاظ على أمنها الداخلی ومصالحها العلیا([35]). وفی صدد الوقایة من جائحة فـیروس کـورونا اصدرت مختلف الدول العدید من القرارات والإجراءات والتدابیر الاحترازیة المتخذة من قبل السلطة العامة والتی تعد من المسائل التی تدخل فی النظام العام للدولة، إذ من حق الدولة التدخل فی اتخاذ ما یلزم حمایة لمصلحة مواطنیها، بالذات إذا کان الأمر یتعلق بانتشار الامراض والأوبئة أو الفـیروسات کفـیروس کـورونا، لکن هل یا ترى الالتزام بمثل هذه القرارات والإجراءات على حد سواء ما بین الوطنی والأجنـبی المقیم الموجود على اقلیم الدولة؟ بالإمکان القول انه اذا کان یقع على عاتق الأجنـبی المقیم فی اقلیم الدولة عدة واجبات تفرض علیه منذ دخوله إلى حین مغادرته البلاد وعلى سبیل المثال وجوب قیام الأجنـبی بالتبلیغ فور وصوله وعند تغییر محل اقامته، والامتناع عن دخول بعض الأماکن أو المرور فیها أو الإقـامة فیها، وتسلیم وثیقة الإقـامة الممنوحة له إلى ضابط الإقـامة قبل مغادرته([36])، فمن باب اولى ان یلتزم الأجنـبی بالقرارات والتدابیر الاحترازیة التی تفرضها الدولة للوقایة من فـیروس کـورونا، طالما انه مقیم على اراضی الدولة، ولیس هذا فحسب بل یقع على عاتقه ایضا اخبار الدولة فی حالة ظهور أعراض الفـیروس علیه اذا ما اصیب به هو او أحد افراد عائلته، لاتخاذ ما یلزم من إجراءات, حاله حال المواطن، وإلا سیکون مهملاً ومتهماً بالتقصیر إذا ما أدّت اصابته بالحاق الضرر بالآخرین وذلک بنقل العدوى لهم بحکم اقامته. واذا تبین انه حامل للفـیروس فبإمکان مدیر عام مدیریة الإقـامة العامة رفض منحه الإقـامة اذا کان لایزال لم یمنح الإقـامة أو رفضها تمدیدها، وذلک استناداً للمـادة (19/ ثانیاً وثالثاً) من قـانون إقـامة الأجانـب العراقی النافذ التی تنص على أنه "ثانیاً: لمدیر عام مدیریة الإقـامة العامة أن یرفض منح الأجنـبی الإقـامة أو تمدیدها إذا اقتضت المصلحة العامة ذلک... ثالثاً: للوزیر فی أیّ وقت الغاء إقـامة الأجانـب قبل انتهاء مدتها لأسباب تتعلق بالمصلحة العامة". وعلیه بالإمکان رفض منح الأجنـبی الإقـامة من قبل مدیر عام مدیریة الإقـامة العامة العراقیة اذا ما تم اکتشاف أنه حامل لفـیروس کـورونا، إلا انه یجب التمییز فی هذا الرفض ما بین حالتین وهما: أولاً: الأجانـب القادمون من احدى الدول التی قیّد العراق منحهم سمـة الدخول: وهؤلاء لا یسمح لهم مطلقاً الدخول إلى الأراضی العراقیة سواءً کانوا حاملین المرض ام لا, وفقاً للاختبارات الطبیة والمعوّل علیها فی مکان الإقـامة الاخیرة قبل القدوم إلى العراق بغض النظر عن جنسیة الأجنـبی، باستثناء الأشخاص المسموح لهم بالدخول إلى اراضی العراق من قبل مثل هذه الدولة کالمبعوثین الدبلوماسیین وغیرهم. ثانیاً: الأجانـب القادمون إلى العراق من غیر الدول التی قیّد العراق منحهم سمـة الدخول، فهؤلاء بالإمکان أن یمنحوا سمـة الدخول ویجب التمییز فی شأنهم بین ما یأتی:
ولکن هل تتم مغادرة الأجنـبی فوراً بعد صدور مثل هکذا قرارات من قبل مدیر عام مدیریة الإقـامة العامة؟ یجیب عن هذا التساؤل نص المـادة (19/ ثانیاً) من قـانون إقـامة الأجانـب العراقی النافذ وفقاً لما جاء فی آخرها بالنص على أنه "...وللأجنـبی حق الاعتراض على قرار الرفض لدى الوزیر خلال (15) خمسة عشر یوماً من تاریخ تبلیغه على ان یتم الاجابة على الاعتراض خلال مدة لا تزید على (30) ثلاثین یوماً من تاریخ تقدیم الاعتراض". وهذا یعنی أنه بإمکان الأجنـبی الاعتراض أمام وزیر الداخلیة على قرار رفض اقامته أو تمدیدها أو انهائها قبل انتهاء مدتها إذا کان یرى فی نفسه انه لا یحمل الفـیروس بناءً على تقاریر طبیة وذلک خلال (15) یوماً من تاریخ تبلیغه بالرفض، وللوزیر النظر فی اعتراضه والاجابة خلال مدة لا تتجاوز (30) یوماً من تاریخ تقدیم الاعتراض، إلا ان الاعتراض یقتصر فقط على الحالة الأولى وذلک إذا ما رفضت اقامته أو رفض تمدیدها, أما فی حالة ما اذا تم الغاء إقامته قبل انتهاء مدتها فلم یذکر النص على حق الأجنـبی فی الاعتراض على ذلک, ونرى انه کان الاجدر بالمشرع وضع حق الاعتراض لجمیع الحالات الثلاثة السابق ذکرها وهی رفض الإقـامة ورفض تمدیدها والغائها قبل انتهاء مدتها. وبالمقابل نص قـانون الهجرة والإقـامة الإماراتیفی المـادة (20) منه على انه "مع عدم الإخلال بأیة لوائح أو قرارات صادرة من مجلس الوزراء، لوزیر الداخلیة ولأسباب تتعلق بالمصلحة العامة أن یلغی فی أی وقت أیة تأشیرة أو إذن دخول أو تصریح إقـامة قبل انتهاء مدته. وللوزیر أن یکتفی بالإجراء المنصوص علیه فی الفقرة السابقة، فی حالة مخالفة الأجنـبی لأحکام هذا القـانون أو القرارات أو اللوائح الصادرة تنفیذا له وذلک باستثناء مخالفة أحکام المادتین 32 ([37]) و34"([38])، کذلک المـادة (21) التی تنص على ان "کل أجنـبی الغی إذن تأشیرة دخوله أو تصریح إقامته أو انتهت إقامته بانتهاء مدة الإذن أو تأشیرة الدخول أو تصریح الإقـامة، ولم یبادر بالتجدید فی الحالات التی یجوز فیها ذلک خلال مهلة لا تجاوز ثلاثین یوما من تاریخ الانتهاء، أو لم یغادر البلاد خلال هذه المهلة، توقع علیه غرامة على ان لا تزید على (100) مائة درهم عن کل یوم یقیم فیه إقـامة غیر مشروعة بالبلاد اعتبارا من تاریخ انتهاء المهلة. وبالنسبة للمولود الأجنـبی تکون المهلة المنصوص علیها فی هذه المـادة أربعة أشهر من تاریخ الولادة، وبانقضائها دون تثبیت إقامته یلتزم ولی أمره أو الوصی علیه بدفع الغرامة المقررة، ویجوز للوزیر أو من یفوضه أن یقرر الإعفاء من کل أو بعض الغرامة المقررة فی هذه المـادة. وفى حالة عدم دفع الغرامة المقررة یعاقب المخالف بالحبس مدة لا تزید على ثلاثة أشهر أو بالغرامة التی لا تجاوز أربعة ألاف درهم ویجوز للمحکمة أن تأمر بأبعاده". إلا انه تم اعفاء الأجانـب فی ظل جائحة کـورونا من غرامات تجاوز مدة الإقـامة أو الزیارة لمدة محددة فیها، إذ أعفت الإدارة العامة للإقـامة فی الإمارات العربیة الأجانـب من غرامات تجاوز مدة الإقـامة أو الزیارة لمدة ثلاثة أشهر قابلة للتمدید بمن فیهم من تنتهی اقامتهم وهم خارج الدولة وذلک بعد أن کان قـانون الهجرة والإقـامة فیها([39]). وتقابل هذه المـادة نص المـادة (19/ أولاً) من قـانون إقـامة الأجانـب العراقی النافذ والذی کان أکثر تشدداً إذ نص فیها على ان "على الأجنـبی الذی یرغب بالبقاء فی جمهوریة العراق أکثر من المدة المسموح له بها فی السمـة الاعتیادیة أن یحصل قبل انتهاء تلک المدة على بطاقة الإقـامة من ضابط الإقـامة مدة لا تزید عن (1) سنة واحدة وله قبل (30) ثلاثین یوماً من تاریخ انتهائها أن یطلب تمدیدها لمدة سنة أخرى ویجوز أن یتکرر ذلک عدّة مرات مادام مبرر منح الإقـامة"، بعدها نصّ فی المـادة (41) منه بالعقوبة المترتبة على مخالفة أحکام هذه المـادة وغیرها من المواد، أی یعنی فی حالة عدم تقدیمه طلب تمدید مدة الإقـامة له بعد انتهاء مدتها فی العراق فإنه یحکم علیه بالحبس مع الغرامة وذلک بالنص على أن "یعاقب بالحبس مدة لا تزید على (1) سنة واحدة وبغرامة لا تقل عن (100000) مائة ألف دینار ولا تزید على (500000) خمسمائة الف دینار أو بإحدى هاتین العقوبتین کل من خالف أحکام احدى المواد (10) و (14) و (18) و (19) أو ساعد غیره على ارتکاب هذه المخالفة". المبحث الثالث خروج الأجنبی فی ظل جائحة فـیروس کـورونا خروج الأجنبی هو مغادرة الأجنبی لأراضی الدولة وهو یحصل إما طوعاً او جبراً, ویصطلح على الخروج طوعاً بالإخراج وعلى الخروج جبراً بالإبعاد([40]), وقد تنوعت ممارسات خروج الأجنـبی فی ظل أزمة جائحة فـیروس کـورونا ما بین "الإجلاء, الترحیل, الإخراج, الطرد والإبعاد" وأصبح هناک لبس فیما یتعلق بفهم هذه المصطلحات, وعلیه لابد من توضیح المقصود بهذه الممارسات, ومعرفة مدى التشابه والاختلاف عن بعضهم البعض, وذلک من خلال حصرها بمصطلحی الإخراج والإبعاد کونها من المصطلحات التی استعملها المشرع العراقی التی تجمع فی مضمونها کل ما سبق, وذلک فی مطلبین منفردین مع افراد مطلب خاص لمفهوم الإجلاء باعتباره من الممارسات التی اخذت صداها فی ظل جائحة کورنا, وان کان یشمل رعایا الدول من الوطنیین, إلا ان هؤلاء الوطنیین یعدون أجانب فی نظر الدول التی یقیمون على أراضیها خارج حدود دولهم وکما یلی: المطلب الأول إجلاء الأجنـبی فی ظل جائحة فـیروس کـورونا الإجلاء هو عودة المواطنین الأجانـب الراغبین فی العودة الطوعیة إلى بلادهم، بناءً على قرار من الحکومات بالتعاون مع السفارات، وتأمین هذه العودة فی ظل الأزمات المتراکمة وأهمها ازمة جائحة فـیروس کـورونا والخطر الصحی على المواطنین، فقد یتلقى الأجنـبی رعایا صحیة اقل مما یتلقاه المواطن, ویعد الاجلاء من التصرفات التی تقوم بها الدولة الأم للمواطن ولیس الدولة الأجنـبیة التی یقیم على ارضها. ویرجع حق المواطن على الدولة فی هذه المسألة إلى ما اشارت إلیه المواثیق الدولیة ومنها العهد الدولی الخاص بالحقوق المدنیة والسیاسیة([41]) والاعلان العالمی لحقوق الانسان([42])، ودساتیر الدول فی واجبات الدولة اتجاه مواطنیها وتوفیر الحمایة والأمن لهم فی مختلف بقاع العالم، فالعودة إلى موطن الإقـامة والوطن هو حق شخصی مرتبط بحق الانسان غیر القابل للتصرف، وعلى الدول ان تضمن هذه الحریة فی الأحوال الاستثنائیة، وتؤازر مواطنیها ممن تقطعت بهم السبل فی الظروف العادیة فی الرجوع والعودة إلى الوطن بعد إغلاق الدول لحدودها وتوقف الرحلات الجویة والبحریة مع الدول الأجنـبیة([43]), وعلى الرغم من ذلک کانت العملیات التی قامت بها الدول متفاوتة فی ظل جائحة فـیروس کـورونا، فمنها من استجاب مباشرة لنداء رعایاها من المواطنین، ومنها ما تباطأ فی الاستجابة، ویؤکد ذلک القضاء المغربی عندما رفض رئیس المحکمة الاداریة بالرباط، والرئیس الأول لمحکمة الاستئناف الإداریة فیها على التوالی التماس قدمه متزوجین من خلال الدعوى رقم 667/7101/2020([44]) بالإذن لهما بالدخول بعد ان سافرا إلى اسبانیا، وتعذر علیهما الرجوع إلى الوطن، من خلال میناء الجزیرة الخضراء بإسبانیا بسبب تعلیق وتوقف الرحلات بعلة؛ أن قاضی المستعجلات یحمی الشرعیة الآنیة، وإن القیود التی فرضتها الدولة المغربیة على حق العودة تمثل تلک الشرعیة، وهی من أجل حمایة الصحة العامة، واستمر قاضی المستعجلات الإداری فی تعلیل حکمه بالقول: إن الاستجابة لطلب الطاعنین والإذن لهما بالدخول إلى التراب الوطنی یشکل خرقاً لحالة الطوارئ الصحیة المقررة بالمرسوم 292.20.2، إلا أن قراءة المرسومین وخاصة المـادة (2) من المرسوم 293.20.2 لمواجهة تفشی فـیروس کـورونا, یظهر أن نطاق تطبیقه هو داخل تراب الإقلیم المغربی، وإن المرسوم نفسه عدد حصرا مظاهر التنقلات الممنوعة، ولا تشیر إلى منع حق الرجوع وحریة العودة للوطن، والمرسوم فی ذلک یتطابق مع قواعد القـانون الدولی، وإن قراءة القضاء الاستعجالی المغربی لنص المرسوم غیر موفقة، ولم یکن فی مستوى حمایة الأمن القـانونی للمواطنین الذی أنیط القضاء به تبعا لمهامه وللدستور، وما حدث هو خرق امتد إلى تحمیل قـانون الطوارئ الصحیة تدبیرا لم ینص علیه، لأنه لم یمنع حریة العودة، ویکفی للمواطن المغربی مجرد التعبیر عن ذلک لتسجیل مسؤولیة الدولة المغربیة فی تفعیل ضمان تنفیذ العودة، ولا یوجد فی مرسوم الطوارئ الصحیة ما یحرمه([45]). وعلیه فحریة العودة إلى البلد لا تخضع لأی تقیید تحت أیة ذریعة ومبرر، فهی حریة مضمونة بدلیل أنها وردت فی فقرات مستقلة بعد الاشارة إلى استثناء التقیید الوارد فی الفقرة (2) المـادة (13) من الإعلان العالمی لحقوق الانسان، والفقرة (4) من المـادة (12) من العهد الدولی الخاص بالحقوق المدنیة والسیاسیة. المطلب الثانی إخراج الأجنـبی فی ظل جائحة فـیروس کـورونا یقصد بإخراج الأجنـبی حسب ما جاء فی قـانون إقـامة الأجانـب العراقی النافذ إعادة الأجنـبی الذی دخل العراق بصورة غیر مشروعة إلى خارج العراق إذ تنص المـادة (26) من قـانون إقـامة الأجانـب العراقی النافذ على أنه "للمدیر العام أو من یخوله صلاحیة إخراج الأجنـبی الذی دخل إلى أراضی جمهوریة العراق بصورة غیر مشروعة إلى خارج الحدود"، وقد جعل المشرّع العراقی مشروعیة دخول الأجنـبی إلى الأراضی العراقیة من عدمها المعیار الذی یعتمد للتمییز بین الاخراج والابعاد الذی یسری على الأجانـب المقیمین فی العراق بصورة مشروعة, وذلک وفقاً للمـادة (27) من قـانون إقـامة الأجانـب النافذ التی تنص على أن "للوزیر أو من یخوله ابعاد الأجنـبی الذی دخل العراق بصورة مشروعة إذا ثبت أنه لم یکن مستوفیاً أیّاً من الشروط المنصوص علیها فی المـادة (8) من هذا القـانون أو المقیم الذی یفقد أحد هذه الشروط بعد دخوله"، ویقارب مصطلح الإخراج مصطلح الترحیل وهی تسمیة لم یأخذ بها المشرّع العراقی وانما اطلق علیه تسمیة الاخراج. ویقصد بالترحیل تصرف تقوم به الدولة الأجنـبیة التی یقیم على أرضها المواطن الذی یعد أجنـبیاً بالنسبة لها، وهو عبارة عن إجراء تقوم به الدولة بحق غیر مواطنیها بمقتضاه یتم ترحیل أحد الأجانـب إلى بلاد أخرى واخراجه رغماً عنه نتیجة لتواجده بصورة غیر قـانونیة داخل البلاد، ولقد نتج الترحیل عن الواقع العملی للهجرة غیر الشرعیة، إذ تقوم بعض الدول([46]) بممارسته یومیاً فی مواجهة حالات دخول الأجانـب بطریقة غیر قـانونیة أو بقائهم فی الدولة دون أیّ ترخیص شرعی للإقـامة. وتفاقمت مشکلة ترحیل الأجانـب أثناء ازمة جائحة فـیروس کـورونا، إذ رحلت الولایات المتحدة أکثر من 6300 مهاجر غیر مسجل على حدودها مع المکسیک فی إطار قرار طوارئ الصحة العامة لکبح انتشار فـیروس کـورونا، إذ سمح القرار الذی صدر فی 21 آذار للسلطات الأمریکیة بتجاوز قوانین الهجرة والتعجیل بإجراءات الترحیل، ومع ذلک استثنى الإعلان الأمریکی رقم (10014) المتعلق بـــــ" حظر الهجرة الخاص بکوفید -19"، الذی یعلق دخول بعض المهاجرین إلى الولایات المتحدة وهم([47]):
وأدى تزاید عملیات الترحیل هذه إلى تفاقم ازمة فـیروس کـورونا فی مراکز الترحیل ومنشآت الاحتجاز التی اصبحت تعانی من الاکتظاظ بهم, وهو الأمر الذی زاد من احتمال تعرُّض الأشخاص المعتقلین للعدوى وازدیاد انتشار الفـیروس, بالذات إذا ما خالفوا قواعد الحجر الصحی، مما یهدد سلامة البلاد وسلامة هؤلاء العالقین, وهذا دعا اتحاد الحریات المدنیة الأمریکی الذی یُعد من أکبر منظمات حقوق الإنسان فی الولایات المتحدة فی سان فرنسیسکو إلى رفع دعوى بالنیابة عن13مهاجراً محتجزاً فی الولایات المتحدة واعتبر أن "الاکتظاظ والظروف غیر الصحیة" فی سجون هیئة الهجرة والجمارک فی مرکزی میسا فیردی ویوبا فی کالیفورنیا قد تجعل المهاجرین أکثر عرضة للإصابة بالفـیروس الذی أدّى إلى وفاة أکثر من 900 مصاب فی البلاد مطالبین بإطلاق سراحهم بسبب المخاطر الکبیرة التی تهدد حیاتهم إذا ما أصیبوا بفـیروس کـورونا, نظراً لسنّهم و ظروفهم الصحیة، إذ یعانی المهاجرون أصحاب الدعوى من أمراض السکری وارتفاع ضغط الدم والربو وحتى السلّ، ولیس هناک من تبریر معلّل لسجن المهاجرین وتعریض حیاتهم للخطر([49]).
المطلب الثالث إبعاد الأجنـبی فی ظل جائحة فـیروس کـورونا إبعاد الأجنـبی هو اقصاء الأجنـبی من اقلیم الدولة وهو یتشابه مع الطرد فی ان کلاهما عبارة عن إجراء تتخذه السلطة العامة فی الدولة لإنهاء إقـامة الأجنـبی المقیم على ارضها بصورة مشروعة والأمر بمغادرة اقلیمها خلال مدة محددة کونه اخل بالنظام العام او هدد امنها وسلامتها([50]), ولقد حدد معهد القـانون الدولی فی المـادة (28) من القواعد الخاصة بدخول وطرد الأجانـب بتحدید الأشخاص الذین یمکن طردهم من خلال الاعمال التی یقومون بها او یتسببون فیها، ومن بینها انتهاک قـانون الهجرة، وتهدید الصحة العامة([51]). ویتقیّد الطرد بمجموعة من المبادئ التی وضعتها العدید من المعاهدات والمواثیق الدولیة واجتهادات محکمة العدل الدولیة والمحکمة الاوربیة لحقوق الانسان، ومنها مبدأ عدم طرد الدولة لمواطنیها, ومبدأ عدم طرد عدیمی الجنسیة، ومبدأ عدم طرد اللاجئین، ومبدأ تحریم الطرد الجماعی، وفی هذا الصدد اکدت لجنة القـانون الدولی فی المـادة (9) المتعلقة بحظر الطرد الجماعی، والمقصود بعبارة الطرد الجماعی هو طرد الأجانـب بوصفهم مجموعة، والذی عرفته المحکمة الاوربیة لحقوق الانسان بأنه کل إجراء تتخذه السلطات المختصة, یتم بمقتضاه اجبار الأجانـب بوصفهم مجموعة على مغادرة البلد، ماعدا الحالة التی یتخذ فیها القرار بناءً على دراسة موضوعیة لحالة کل فرد بشکل مجموعة([52]), ونصت المـادة (22) من الاتفاقیة الدولیة لحمایة جمیع العمال المهاجرین وافراد اسرهم، على انه لا یجوز ان یتعرض العمال المهاجرون وافراد اسرهم لإجراءات الطرد الجماعی, وینظر ویبت فی کل قضیة طرد على حدة([53]), کما نصّت الاتفاقیة الأمریکیة لحقوق الانسان فی المـادة (22/9) منها على انه "یمنع طرد الأجانـب جماعیاً". وبالفعل واجه الاف من العمال الأجانـب والمقیمین فی أنحاء دول العالم حالة من الذعر وعدم الیقین بعد إعلان إغلاقات شاملة وعدم دفع بعض المشغلین للرواتب، فی إطار إجراءات الحد من انتشار فـیروس کـورونا، وحذرت منظمات حقوقیة من أن حیاة هؤلاء العمال قد تکون معرضة للخطر، الأمر الذی أدى معه إلى قیام بعض الدول بالإعلان عن ترحیل المقیمین بها من عماله وطردهم بشکل جماعی. کما یتشابه الإبعاد مع الإخراج إذ کلاهما یؤدیان إلى إقصاء الأجنـبی, إلا انهما یختلفان من الناحیة الشکلیة، فالإبعاد یفترض به ان دخول الأجنـبی کان بطریقة قـانونیة ومشروعة، ومن ثم یصدر عن الأجنـبی ما یشکل تهدیداً لکیان الدولة وأمنها ونظامها العام، مما یستدعی ضرورة صدور قرار الإبعاد من وزیر الداخلیة مع مراعاة الأسباب التی دعت إلى اتخاذه, إذ نصت المـادة (13) من العهد الدولی الخاص بالحقوق المدنیة والسیاسیة على أنه "لا یجوز ابعاد الأجنـبی المقیم بصفة قـانونیة فی اقلیم دولة طرف فی هذا العهد إلا تنفیذاً لقرار اتخذ وفقاً للقـانون وبعد تمکینه ما لم تحتم دواعی الأمن القومی خلاف ذلک من عرض الاسباب المؤیدة لعدم ابعاده ومن عرضه قضیة على السلطة المختصة أو على من تعنیه او تعنیهم خصیصا لذلک، ومن توکیل من یمثّله أمامها أو أمامهم". بعکس الإخراج فهو یکون نتیجة لعدم قـانونیة دخول الأجنـبی إلى اقلیم الدولة أو اقامته فیه، ولا یلتزم وزیر الداخلیة فیه بإصدار قرار به أو ذکر أسبابه([54]), وقد أعطى حق الابعاد فی العراق لوزیر الداخلیة أو من یخوّله، إذا دخل الأجنـبی العراق بصورة مشروعة إذا ثبت انه لم یکن مستوفیاً أیاً من الشروط المنصوص علیها فی المـادة (8) من قـانون إقـامة الأجانـب العراقی النافذ، وإذا ما رجعنا إلى هذه المـادة لرأیناها تنص على الشروط الآتیة لدخول الأجنـبی إلى العراق: "أولاً: ان یقدم إلى ممثلیات جمهوریة العراق فی الخارج ومنافذ الدخول ما یثبت قدرته المالیة للمعیشة خلال مدة بقائه فی جمهوریة العراق. ثانیاً: عدم وجود مانع یحول دون دخوله أراضی جمهوریة العراق لسبب یتعلّق بالصحة العامة أو بالآداب العامة أو بالأمن العام أو بالتنسیق مع الجهات المختصة. ثالثاً: أن لا یکون متهماً أو محکوماً علیه خارج جمهوریة العراق بجنابة. رابعاً: أن لا یکون قد صدر قرار بإبعاده أو إخراجه من أراضی جهوریة العراق الا بعد زوال أسباب، ابعاده أو اخراجه ویشترط مرور (2) سنتین على قرار الابعاد او الاخراج الصادر بحق الأجنـبی. خامساً: ثبوت خلوه من الامراض الساریة المعدیة والعوز المناعی المکتسب على وفق القـانون (على وفق تعلیمات وزارة الصحة العراقیة)". وعلیه وبناءً على ما جاء فی الشروط الموضحة والمطلوب استیفاؤها من الأجنـبی عند دخوله للعراق، فبإمکان السلطات العراقیة ابعاد الأجنـبی المصاب بفـیروس کـورونا بناءً على فقدانه احد الشروط المطلوبة لدخوله للعراق، لاعتبار ان اصابته بمثل هذا المرض یُعد من قبیل احد الموانع المرتبطة بالصحة العامة والتی تحول دون دخوله لجمهوریة العراق وفقاً لـ(ثانیاً) من المـادة (8) المبینة أعلاه، وما یؤکده أیضاً النص الملحق بخلوه من الامراض الساریة والمعدیة وفقاً للتعلیمات الصادرة من وزارة الصحة العراقیة استناداً لـ(خامساً) من المـادة نفسها. فیحق للدولة ابعاد الأجنـبی إذا کان مصاباً بمرض من الأمراض الفتّاکة، ویُؤخذ هذا المرض بمفهومه الواسع، بحیث یشمل الامراض الوبائیة والمعدیة "ومنها فـیروس کـورونا"، ویندرج فی عداد المرضى حتى المجانین والبلهاء، اذ ان من متطلبات حفاظ الدولة على النظام العام هو الحفاظ على الصحة العامة، إذ یقع على عاتق السلطة العامة اتخاذ الإجراءات اللازمة بفرض وقایة صحیة للأفراد أیاً کان مصدر الخطر والمرض، وإذا ما تبین لها وجود ذلک([55]) الخطر من قبل الأجانـب المتواجدین على اقلیمها جاز لها ابعادهم فوراً. إلا ان هناک([56]) من یمیز فی ابعاد الأجانـب للأسباب الصحیة بین ثلاث حالات وهی: 1- حالة الأجانـب الذین اصیبوا بمرض معدی أو وباء أثناء اقامتهم داخل اقلیم الدولة، ویعد ابعاد هؤلاء المصابین شیئاً منافیاً للإنسانیة؛ 2- حالة الأجانـب الذین دخلوا اقلیم الدولة ولم یتم کشف مرضهم قبل دخولهم أراضی الدولة؛ 3- حالة الأجانـب المصابین بأمراض وقت وصولهم اقلیم الدولة أو الذین تحایلوا على الدولة ونجحوا من دخول اقلیماً. إذاً بالإمکان الاعتماد على قـانون إقـامة الأجانـب وابعاد الأشخاص المصابین بفـیروس کـورونا، وان یتم استثناء الأشخاص المقیمین اذا ما تمّ اصابتهم اثناء اقامتهم فی العراق لأن ذلک یتنافى مع مبادئ الانسانیة وحقوق الانسان، ویمکن أن یقتصر على من دخل العراق ولم یمنح الإقـامة بعد على الأجانـب المصابین بالمرض وقت وصولهم إلى العراق أو على من تحایل على الدولة واستطاع الدخول باعتباره سالماً من المرض، فهؤلاء من حق الدولة ان تصدر قراراً بإبعادهم عن اراضیها، خوفاً على المصلحة العامة لمواطنیها، والمحافظة على صحة وسلامة المقیمین على ارضها. ومن الحالات التی تم فیها ابعاد الأجانـب من العراق بسبب الاصابة بفـیروس کـورونا، ابعاد الطالب الإیرانی المصاب بفـیروس کـورونا من العراق "النجف" إلى طهران والذی یعد أول إصابة یعلن العراق تسجیلها لفـیروس کورونا, وقالت دائرة صحة النجف فی بیان لها إنه: "تم إخلاء المواطن الإیرانی المصاب بفـیروس کـورونا من مستشفى الحکیم العام فی النجف حیث کان یرقد منذ یومین إلى إیران", وأکدت أن تلک الخطوة تمت بعد الاتفاق والتنسیق بین وزارة الصحة والقنصلیة الإیرانیة فی النجف, وموافقة منظمة الصحة العالمیة،
وأشارت إلى أن الابعاد "تم عن طریق البر وبواسطة سیارة إسعاف مجهزة ومهیأة لهذا الغرض"([57]). وهذه الحالة تثیر التساؤل عن الموقف القـانونی لمدى جواز سحب سمـة الدخول الممنوحة للأجنـبی اذا ظهر بعد منحه ایاها انه حامل لفـیروس کـورونا بعد دخوله البلاد؟ هناک من یرى([58]) ان المـادة (3) من قـانون إقامة الأجانب العراقی الملغی([59]) وان اعتبرت سمـة الدخول إلى العراق منحة إلاّ ان هذه المنحة بعد منحها تصبح حقاً مکتسبا تخول الممنوح له حق الدخول إلى العراق، ولا یمکن سحب هذا الحق إلا بنص صریح فی القـانون، وفی الحالات التی یتبین فیها ان هذا الأجنـبی بعد دخوله إلى العراق لم تتوافر فیه الشروط القـانونیة لدخول اقلیم الدولة او فقد احدها، فیمکن فی هذه الحالة إبعاده من العراق وفق نص المـادة (26 و27) من القانون نفسه. وهو ما نؤیده اذا ما قسناه على نص المادة (3) من قانون إقامة الأجانب النافذ التی تقابل المادة السابق ذکرها بنصها على ان " یشترط لدخول الأجنبی أراضی جمهوریة العراق والخروج منها ما یأتی: أولاً: ان یکون لدیه جواز او وثیقة سفر نافذتین مدة لا تقل عن (6) ستة اشهر وصالحتین لدخول جمهوریة العراق او الخروج منها. ثانیاً: أن یکون حائزاً على سمة دخول نافذة المفعول عند دخوله مؤشرة فی جواز سفره او وثیقة سفره بختم الدخول عند قدومه إلى جمهوریة العراق وبختم الخروج عند مغادرته لها. ثالثاً: ثبوت خلوه من الأمراض الساریة والمعدیة والعوز المناعی المکتسب على وفق القانون. رابعاً: ان یسلک فی دخوله وخروجه من وإلى أراضی جمهوریة العراق المنافذ الحدودیة الرسمیة وبعد التأشیر على جواز او وثیقة سفره بختم الدخول عند قدومه إلى جمهوریة العراق وبختم الخروج عند مغادرته لها" . وعلیه فنحن نرى ان النصوص القـانونیة الواردة فی قـانون إقـامة الأجانـب العراقی النافذ کانت کفیلة بمعالجة العدید من الحالات فی التصدی لمواجهة جائحة فـیروس کـورونا سواءً فیما یتعلق بدخول الأجانـب ام اقامتهم ام خروجهم, اذ ان من احد شروط دخول الأجنـبی هو سلامته من الامراض المعدیة التی تهدد الصحة العامة، والا فیمنع من الدخول، فتطبیق هذا الشرط کان کفیلا بمنع دخول الأجنـبی الحامل لفـیروس کـورونا, وحتى فی حالة دخوله واصابته لاحقا بهذا المرض فبالإمکان ابعاد الأجنـبی المصاب استنادا إلى قـانون إقـامة الأجانـب، فالنصوص القـانونیة کانت موجودة وتستوعب وتحل ازمة هذا المرض، فلم یکن هناک حاجة للتعویل على قرارات خلیة الازمة الصحیة "قرارات اللجنة العلیا للصحة والسلامة الوطنیة لمکافحة جائحة فـیروس کـورونا فی العراق" فیما یتعلق بقبول الأجانـب بوجود مثل هذه النصوص، وذلک لعدة اسباب منها السبب الذی من أجله تم تشکیل هذه الخلیة وهو الظروف الاستثنائیة. فالظروف الاستثنائیة هی وضع غیر عادی وخطیر یحتم التصرف على وجه السرعة للمحافظة على المصلحة العامة، التی یتعذر معها تطبیق قواعد المشروعیة فی الظروف العادیة، فإذا ما نشأت ظروف استثنائیة قاهرة من شأنها المساس بکیان الدولة أو السلامة العامة للمجتمع، لابد من مواجهتها باتخاذ تدابیر استثنائیة، فحالة الضرورة هذه هی التی تجیز لإحدى هیئات الدولة, ألا وهی السلطة التنفیذیة متمثلة فی رئیسها أن تعلق کل أو بعض نصوص الدستور، وتباشر بممارسة وظیفیة التشریع خلال مدة من الزمن وفقا لنظریة الظروف الاستثنائیة, غیر أن القضاء لم یترک النظریة عامة دون شروط لتطبیقها، وأهم تلک الشروط تتمثل فی تعذر مواجهة الظروف الاستثنائیة وفق قواعد الشرعیة العادیة، وهذا الشرط یتمثل بتعذر التصرف طبقاً للقواعد العادیة، أو عند عدم کفایتها للتصدی للأخطار، وبناءً على ذلک فإن الإدارة تظل ملتزمة حتى فی هذه الظروف بالوسائل التی ینص علیها القـانون فی الأحوال العادیة، إلا إذا تعذر علیها مواجهة المواقف بهذه الوسائل لعدم کفایتها, فاستحالة مواجهة التهدید بالخطر الجسیم والحال بالطرق الاعتیادیة وعن طریق المؤسسات المختصة هو شرط یجمع الفقه صراحة وضمناً علیه، وهو یعنی أنه إذا وجدت وسیلة قـانونیة أو دستوریة تستطیع أن تواجه المخاطر التی تهدد سلامة الدولة، فإنه یجب الرجوع إلى تلک الوسائل، أما إذا کانت هذه الوسائل عاجزة عن مواجهة تلک المخاطر، فإن الرجوع إلى نظریة الضرورة یصبح أمراً لا غنى عنه، وهی بمثابة الملجأ الأخیر([60]), وهذا عکس ما وجدناه فی قـانون إقـامة الأجانـب العراقی النافذ لأنه کان یستوعب هذه الازمة وبنصوص صریحة وواضحة، بل ان بعض الدول عطلت قراراتها المتخذة بإعلان حالة الطوارئ بالرغم من افتقاد النصوص القـانونیة والاعتماد على مبادئ العدالة التی تخول القضاء التدخل لتحقیق دوره الإیجابی فی حمایة الحریات العامة للأفراد ومراکزهم القـانونیة فی ظل ازمة جائحة فـیروس کـورونا، وهذا ما یؤکده القضاء المغربی فی قضیة المواطن اللیبی الجنسیة الذی یعمل لدى شرکة للاستثمار فی إحدى الدول الإفریقیة، وکان قد أخذ رحلة إلى تونس متوجهة عبر مطار محمد الخامس الدولی بالدار البیضاء، إلا أنه تفاجأ عند وصوله إلى المغرب بإعلان السلطات المغربیة إغلاق حدودها الجویة، مما تعذر معه إقلاع الطائرة التی کان سیتوجه عبرها إلى تونس، وهکذا بقی عالقا بقاعة العبور بالمطار دون أی مبرر لمدة تزید عن ثلاثة أیام، وفوجئ بالمطار بمنعه من الدخول إلى المغرب رغم أنه لا ید له فی بقائه بالمطار، مؤکدا أنه لم یرتکب أیة مخالفة، حتى یتم منع دخوله إلى التراب المغربی إلى حین انتهاء فترة الحظر الجوی، ملتمسا من رئیس المحکمة رفع الضرر اللاحق به، وإصدار إذن له بولوج التراب الوطنی مع تعهد قنصلیة بلده بالتکفل به لغایة رفع الحظر الجوی, وقد استجاب رئیس المحکمة الاداریة بالدار البیضاء لطلب المدعی معتبرا أنه "ولئن کان تواجد المدعی بنقطة العبور بمطار محمد الخامس ومنعه بالخروج من المطار له ما یبرره نظرا للظروف الراهنة التی تعیشها جلّ دول العالم نتیجة الحظر الصحی الذی قررته السلطات العلیا فی البلاد، لتفادی انتشار فـیروس کـورونا المستجد کوفید 19 إلا أن ذلک لا یمنع من إمکانیة دراسة طلبه بخصوص الولوج إلى التراب المغربی خلال فترة الحظر الجوی", واعتبر القرار أن طلب المدعی استند إلى مبررات تتمثل فی "حالته الاجتماعیة والصحیة لا سیما وأنه مصاب بمرض مزمن وهو داء السکری"، وأضاف القرار أنه "ولئن کانت حالة المدعی لم ترد فی قـانون 02-03 المتعلق بدخول وإقـامة الأجانـب وبالهجرة غیر الشرعیة، إذ لم یتطرق إلى حالة بقاء المسافرین الأجانـب عبر المطارات الدولیة بتراب المملکة نتیجة أی منع اضطراری للطیران، إلا أن ذلک لا یحول دون تدخل قاضی المستعجلات لرفع أی ضرر یتظلم منه الشخص العالق بالمطار فی إطار القواعد العامة ومبادئ العدالة بمفهومها الواسع والتی تراعى من طرف قاضی المستعجلات لتحقیق دوره الإیجابی فی حمایة الحریات العامة للأفراد ومراکزهم القـانونیة" وعلیه أصدر رئیس المحکمة الإداریة بالدار البیضاء بتاریخ 23/03/2020 أمره بأحقیة المدعی فی الولوج إلى التراب الوطنی بعد التأکد من عدم إصابته بفـیروس کـورونا المستجد، وذلک طیلة فترة الحظر الجوی مع تحدید مکان إقامته بالدار البیضاء وتسجیل تعهد قنصلیة بلده بالسهر على إجراءات سفره مباشرة بعد رفع الحجر الجوی، مع شمول هذا الأمر بالنفاذ المعجل([61]). وتکمن أهمیة القرار القضائی فی کونه تطرق إلى حالة فریدة لم ترد فی القـانون المنظم لدخول وإقـامة الأجانـب إلى المغرب، وهی حالة بقاء المسافر الأجنـبی عبر المطارات الدولیة عالقا فی أحد المطارات الوطنیة نتیجة منع اضطراری للطیران, وقد اعتمد رئیس المحکمة الاداریة لحلّ هذا الاشکال وفی موقف لافت وغیر مألوف على "مبادئ العدالة", التی خولت للقاضی دوره الإیجابی فی حمایة الحریات العامة والمراکز القـانونیة للأفراد، بالرغم من قرار السلطات المغربیة بإغلاق الحدود وفرض حالة طوارئ صحیة لمواجهة خطر تفشی فـیروس کـورونا. الخاتمـة بعد الانتهاء من کتابة بحثنا الموسوم "قبول الأجنـبی فی ظل جائحة فـیروس کـورونا" توصلنا إلى مجموعة من النتائج والتوصیات وکما یأتی: أولاً: النتائج:
ثانیاً: التوصیات:
إلى: "ثالثاً: للوزیر فی أی وقت إلغاء إقـامة الأجانـب قبل انتهاء مدتها لأسباب تتعلق بالمصلحة العامة، وللأجنـبی حق الاعتراض على قرار الوزیر بالرفض لدى محکمة القضاء الاداری خلال ( 15 ) خمسة عشر یوماً من تاریخ تبلیغه ."
The Author declare That there is no conflict of interest
References (Arabic Translated to English) First: Books: 1. Abu Al-Hasan Al-Maliki, Kifaya Al-Talib, Part Two, Dar Al-Maarifa, Beirut, 1992. And Ahmad Bin Ghoneim Al-Nafrawi, Al-Fawik Al-Dawani on the Risala of Ibn Abi Zaid Al-Qayrawani, Part Two, Dar Al-Fikr, Beirut, 1995 2. Ahmed bin Faris bin Zakaria, Dictionary of Language Standards, Part, Dar Al-Fikr, 1979, Beirut. 3. Jamal al-Din Ibn Manzur, Lisan al-Arab, Part Two, Third Edition, House of Revival of the Arab Heritage, Beirut, 1993. 4. Dr. Abdul Rasoul Abdul Redha Al-Asadi, Private International Law, Nationality, Citizenship, Foreigners Center, International Conflict of Laws, Conflict of International Jurisdiction, Sanhouri House, Beirut, 2018. 5. Ali Al-Saidi Al-Adawi, Al-Adawi’s Footnote on Explaining the Adequacy of the Rabbani Student, Edited by: Yusef Al-Beqai, Part Two, Dar Al-Fikr, Beirut, 1992. 6. Dr. Ghaleb Ali Al-Daoudi, and Dr. Hassan Muhammad Al-Haddawi, Private International Law, Nationality, Ibn Al-Jajab and its Provisions in Iraqi Law, Part One, Al-Atak for Book Industry, Cairo. 7. Dr. Kamel Al-Samarrai, The General Group of the General Public Channel, Accommodation and Travel, Asaad Press, Baghdad, 1987. 8. D. Muhammad Jalal Hassan Al-Mazouri, International Law on Nationality and Foreign Citizenship, First Edition, Yadkar Sulaymaniyah Library, 2018. Second: Research and Article: 1. M. M. Ibrahim Abbas Al-Jubouri, The Legal Center for Foreigners According to the Iraqi Foreigner Residence Law No. (76) of 2017 in force, Al-Hali Investigator for Legal Sciences Journal, issued by the College of Law at the University of Babylon, third issue, eleventh year, 2019. 2. Dr. Ahmad Omar Al-Rawi, Health Rights of the Individual, Issue thirty-second at the university, 2010. 3. Dr. Anwar Bouziani, Expulsion of Foreigners between Sovereignty Obligations and the Principles of International Law, a research published in the Journal of Political Science and Law, published by the Arab Democratic Center for Economic Studies Three, Sixteenth Issue, 2019. 4. Dr. Enas Abdel-Majid Rashid, Coronavirus, a working paper given in a scientific symposium "Coronavirus nCoV- 2019", Faculty of Pharmacy, University of Tikrit, 2020. 5. Bin Saghir Abdel Mouman, Deportation of Foreigners in the Light of Laws and Provisions of International Law, a research published in the Journal of Rights Generation, a publication of the Jeel Center for Scientific Research, First Issue, 2013.. 6. Sajida Farahan Hussein, third issue, a comparative study, published in the Journal of Intercalation Studies issued by the Center for Foreign Studies, University of Mosul, Issue Three, 2020. 7. D. Abd Ali Sawadi, The Legal Status of Foreigners in Light of the Iraqi Foreigner Residency Law No. 118 of 1978, published research in Karbala Scientific Journal, issued by Karbala University, Volume Five, Number Two, 2007. 8. Sabri Haw, Return to Morocco is guaranteed by the constitution, and the emergency law does not prevent entry to stranded people, 2020, an article published on the Internet and on the following website: https://banassa.com/orbites/19243.html 9. Dr. A reference to the formation of the Crisis Cell in Iraq, published in Al-Naba 'Information Network, 2020, published on the Internet and on the following website: https://www.annabaa.org 10. Mohamed Radhi Bekai, The Foreigner Center in Algerian Law, an article published in the Jeel Journal for in-depth legal research, issued by the Jeel Center for Scientific Research, Issue 28, 2018. 11. Yasser Ataiwi Al-Zubaidi, Freedom of Movement “A Comparative Constitutional Study, research published on the Internet and on the following website: http //: www.http: //fcdrs.com/mag/issue-4-9.html Third: Master Theses: 1. Zainab Shaibani, The System of Exclusion and Expulsion of Foreigners in International Law: Discounts, Master Thesis submitted to the Faculty of Law and Political Science, Orabi Bin Mahidi University, Umm Al-Bouaghi, 2016. Fourth: Laws and Decisions: Iraqi Public Health Law No. (89) of 1981..1 . The Iraqi Foreigners' Residence Law in force No. (60) of 2017.2 3. The repealed Iraqi Foreigners Residence Law No. (118) of 1978. 4.The Egyptian Law of Residence of Foreigners and Their Deportations No. (89) of 1960. . UAE Federal Immigration and Residence Law No. (6) of 1973.5 6.The English Coronavirus Act of 2020 "UK Coronavirus Act". The texts of the articles of this law published on the Internet and on the following website are to be considered: https://www.legislation.gov.uk/ukpga/2020/7/enacted 7.Decision of the Supreme Committee for National Health and Safety, the Coronavirus Pandemic in Iraq, the third session held on 7/4/2020. 8.Decisions of the International Law Institute, the International Law Institute, are published on the Internet and on the following website: https://www.unescwa.org/ar/institute-international-law%C2%A0 Fifth: constitutions and government declarations: . The Iraqi constitution in force 2005.1 . The Egyptian Constitution of 1971.2 . The Constitution of the United Arab Emirates of 1971.3 4.Decree No. (293.20.2) for the year 2020 declaring the Moroccan state of health emergency to confront the outbreak of Coronavirus - Covid 19. 5.The announcement by the President of the United States of America, President Donald Trump, to stop entering mail that sent a threat to the labor market during the economic recovery after the outbreak of COVID-19, "4/22/2020. Posted on the Internet and on the following website: https://www.whitehouse.gov/presidential Sixth: International facts and documents: 1.International flowers to protect the number of immigrants and their families for the year 1991. 2.European Convention on Human Rights (ECHR) of 1953, published on the Internet and on the following website: http //: www.conventions.coe.int 3.American Statements on Human Rights The American Convention on Human Rights of 1969 is published on the Internet and on the following website: http://hrlibrary.umn.edu/arab/am2.html 4.Lisa Bender, Key messages and activities document for KOV prevention. Seventh: government departments: 1.Najaf Health Department, Iraq, is published on the Internet and on the following website: http://www.alnajafhealth.gov.iq 2.The UAE Department of Health, published on its website and on the following website: https://doh.gov.ae/404?item=%2fhealth-information%2fnovel-coronavirus&user=extranet%5cAnonymous&site=website 3.The official portal of the United Arab Emirates. Its website is published on the Internet and on the following website: https://u.ae/en-ae/information-and-services/visa-and-emirates-id/entry-permits-and-residence-visa
Eighth: Judicial decisions: 1.The decision of the President of the Administrative Court in Casablanca, No. 239 in File No. 358/7101/2020, issued on 3/23/2020, is unpublished. 2.The decision of the President of the Administrative Court in Rabat, and the CEO of the Administrative Appeals Company, in Case No. 667/7101/2020, is published on the Internet and on the following website: https://legal-agenda.com
References (Enghlish) Ninth: Foreign Sources: 1.CDC COVID Data Tracker. see: 2. ICC-WHO Joint Statement: An unprecedented private sector call to action to tackle COVID-19, see: 3. Lawsuit Demands ICE Release Immigrants at Risk of Death from COVID-19. see: https://www.aclunc.org/news/lawsuit-demands-ice-release-immigrants-risk-death-covid-19 4.Travel.State.Gov U.S Department of State Bureau of Consul Affairs of. see: https://travel.state.gov/content/travel.html 5. WHO Director-General's opening remarks at the media briefing on COVID-19 - 11 March 2020, see: | ||
References | ||
أولاً: الکتب:
ثانیاً: البحوث والمقالات وأوراق العمل:
http//:www.http://fcdrs.com/mag/issue-4-9.html
https://banassa.com/orbites/19243.html
ثالثاً: رسائل الماجستیر:
رابعاً: القوانین والقرارات:
https://www.legislation.gov.uk/ukpga/2020/7/enacted
https://www.unescwa.org/ar/institute-international-law%C2%A0 خامساً: الدساتیر والإعلانات الحکومیة:
https://www.whitehouse.gov/presidential - سادساً: الاتفاقیات والوثائق الدولیة:
http//:www.conventions.coe.int
http://hrlibrary.umn.edu/arab/am2.html
سابعاً: الدوائر الحکومیة:
http://www.alnajafhealth.gov.iq
https://u.ae/ar-ae/information-and-services/visa-and-emirates-id/entry-permits-and-residence-visa
ثامناً: القرارات القضائیة:
تاسعاً: المصادر الأجنبیة: 1. CDC COVID Data Tracker. see: 2. ICC-WHO Joint Statement: An unprecedented private sector call to action to tackle COVID-19, see: 3. Lawsuit Demands ICE Release Immigrants at Risk of Death from COVID-19. see: https://www.aclunc.org/news/lawsuit-demands-ice-release-immigrants-risk-death-covid-19 4.Travel.State.Gov U.S Department of State Bureau of Consul Affairs of. see: https://travel.state.gov/content/travel.html 5. WHO Director-General's opening remarks at the media briefing on COVID-19 - 11 March 2020, see: | ||
Statistics Article View: 628 PDF Download: 256 |