المسؤولیة المدنیة الناشئة عن الاضرار بالمصنفات الإعلامیة الالکترونیة | ||
الرافدین للحقوق | ||
Article 2, Volume 23, Issue 75, June 2021, Pages 37-82 PDF (1.09 M) | ||
Document Type: بحث | ||
DOI: 10.33899/alaw.2020.128406.1104 | ||
Authors | ||
محمد الزبیدی* 1; سارة حمد2 | ||
1کلیة الحقوق/ جامعة الموصل | ||
2جامعة الموصل /کلیة الحقوق | ||
Abstract | ||
یسلط البحث الضوء على حمایة حقوق الملکیة الفکریة للمصنفات الإعلامیة الالکترونیة للمؤسسات الإعلامیة فی حالة اساءت الغیر لها باستغلالها أو التصرف غیر القانونی لهذه الحقوق ومسألته عن الاضرار التی تلحق بها. فالتطورات التکنولوجیة الحدیثة فی مجال الاعلام الالکترونی ومع کل جوانبها الإیجابیة فی سرعة نشر الاخبار والحوادث والمعلومات وتمکین الجمهور من الحصول علیها بسهولة ویسر وبطریقة أکثر تفاعلیة إلا أنها جاءت ومعها العدید من الانتهاکات لقوانین الملکیة الفکریة للمصنفات الإعلامیة الالکترونیة عن طریق نسخها أو طبعها أو إعادة نشرها بدون موافقة المؤسسة الإعلامیة صاحبة هذه المصنفات أو تشویه أو تعدیلها بغیة الإساءة إلى سمعتها. | ||
Keywords | ||
المسؤولیة المدنیة; الاعلام الالکترونی; المؤسسات الاعلامیة | ||
Full Text | ||
المسؤولیة المدنیة الناشئة عن الأضرار بالمصنفات الإعلامیة الالکترونیة -(*)- Civil Liability arising from Damage to Electronic Media Works
(*) أستلم البحث فی 19/9/2020 *** قبل للنشر فی 15/11/2020. (*) Received on 19/9/2020 *** accepted for publishing on 15/11/2020. Doi: 10.33899/alaw.2020.128406.1104 © Authors, 2021, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license (http://creativecommons.org/licenses/by/4.0). المستخلص یسلط البحث الضوء على حمایة حقوق الملکیة الفکریة للمصنفات الإعلامیة الالکترونیة للمؤسسات الإعلامیة فی حالة اساءت الغیر لها باستغلالها أو التصرف غیر القانونی لهذه الحقوق ومسألته عن الاضرار التی تلحق بها. فالتطورات التکنولوجیة الحدیثة فی مجال الاعلام الالکترونی ومع کل جوانبها الإیجابیة فی سرعة نشر الاخبار والحوادث والمعلومات وتمکین الجمهور من الحصول علیها بسهولة ویسر وبطریقة أکثر تفاعلیة إلا أنها جاءت ومعها العدید من الانتهاکات لقوانین الملکیة الفکریة للمصنفات الإعلامیة الالکترونیة عن طریق نسخها أو طبعها أو إعادة نشرها بدون موافقة المؤسسة الإعلامیة صاحبة هذه المصنفات أو تشویه أو تعدیلها بغیة الإساءة إلى سمعتها. الکلمات المفتاحیة: المسؤولیة المدنیة، الاعلام الالکترونی، المؤسسات الاعلامیة.
Abstract The research sheds light on the protection of intellectual property rights of electronic media works in the event that these material is utilized without the permission of the electronic media institutions, and the question arises here is about damages to these institutions. The research problem is manifested in the following question; to what extent the contemporary legal system specifically the tort law rules of the Iraqi civil transaction Act can protect rights of electronic media works. The aim is to identify areas of deficiencies and finding solutions that are compatible with the electronic transformation. Key words: Civil Responsibility, Electronic Media, Media Institutions. المقدمـة سیتم تناول المقدمة من خلال النقاط الاتیة. أولاً: التعریف بموضوع البحث وأهمیته: تعد المؤسسات وسیلة لنشر المعرفة الإعلامیة بکل جوانبها سواء الثقافیة أو التربویة أو الدینیة أو السیاسیة أو الاجتماعیة أو الاقتصادیة. والاعلام الالکترونی یعتبر مظهر متطور لهذه المؤسسات الذی یتم بالطرق الالکترونیة ویعتمد فی تکوینه ونشره على عناصر الکترونیة تستبدل الأدوات التقلیدیة بتقنیات الکترونیة عبر شبکة الاعلام الالکترونی، وبالتالی سهولة الوصول الیها وسرعة انتشارها، وتتعدد صورها حتى انها نقلت الاعلام التقلیدی بصورته الورقیة لتحجز لها أماکن داخل صفحات الانترنت المتعددة عن طریق المؤسسات الإعلامیة. وتکمن أهمیة البحث فی ابراز الحمایة القانونیة المدنیة للمصنفات الإعلامیة للمؤسسات الإعلامیة لما تتمتع به من حقوق الملکیة الفکریة على هذه المصنفات إذ اصبح من السهل أخذ مقالات وحوارات وندوات مملوکة لمؤسسات إعلامیة معینة ونسبتها لغیر أصحابها وإعادة نشرها على أحد المواقع الالکترونیة بدون ترخیص منها. بل حتى بالإمکان العبث بالمحتوى الالکترونی المملوک للمؤسسة الإعلامیة بهدف الاضرار بها والإساءة لسمعتها. وهذا بالتأکید سیؤدی إلى عرقلة الابداع الفکری للمؤسسات الإعلامیة. ثانیاً: مشکلة البحث: تتجلى مشکلة البحث فی مدى امکانیة النصوص القانونیة فی التشریع العراقی على حمایة حقوق الملکیة الفکریة للمصنفات الإعلامیة الالکترونیة لتحدید مواضع النقص او الثغرات القانونیة واقتراح معالجتها وایجاد قواعد قانونیة تتلاءم مع الوضع الالکترونی ، وما هو التکییف القانونی لمسؤولیة من اضر بالمصنفات الاعلامیة هل هی مسؤولیة تقصیریة ام عقدیة ؟ وهل تتوافق المصنفات الالکترونیة مع المصنفات التقلیدیة من حیث نشأتها وطبیعتها الالکترونیة التی تتم عبر شبکة المعلومات العالمیة التی تخترق حدود الدول. ثالثاً: منهجیة البحث: یعتمد البحث أسلوب المنهج العلمی لشرح المصنفات الإعلامیة الالکترونیة وتحلیل النصوص القانونیة الخاصة وبالرجوع للقواعد العامة ومقارنتها ببعض التشریعات، کالقانون الاماراتی والمصری والأردنی بغیة وضع اطار قانونی لحمایة المصنفات الإعلامیة الالکترونیة للمؤسسات الإعلامیة. رابعاً: هیکلیة البحث: تضمنت دراسة البحث مبحثین وکالآتی: المبحث الأول: مفهوم المصنفات الإعلامیة الالکترونیة للمؤسسات الإعلامیة
المبحث الثانی: أرکان المسؤولیة التقصیریة المترتبة على الاضرار بالمصنفات الإعلامیة الالکترونیة وحکمها.
المبحث الأول مفهوم المصنفات الإعلامیة الالکترونیة للمؤسسات الإعلامیة یقتضی البحث فی المصنفات الإعلامیة للمؤسسات الالکترونیة التعرف على ماهیة المؤسسات الإعلامیة الالکترونیة ثم نبین المقصود بالمصنفات للمؤسسات الإعلامیة ثم بعد ذلک نوضح الشروط القانونیة للمصنفات الإعلامیة الالکترونیة للمؤسسات الإعلامیة وطرق نشرها عبر النت واخیراً نبین الطبیعة القانونیة للمسؤولیة الناشئة عن الاضرار بالمصنفات الإعلامیة الالکترونیة، وهذا ما سنبحثه فی المطالب الاتیة: المطلب الأول التعریف بالمؤسسات الإعلامیة الالکترونیة قبل الخوض فی تعریف المؤسسات الإعلامیة الالکترونیة یجب أن نبین بأن هذه المؤسسات هی التی تقوم بدور أساسی وهو إصدار الاعلام الالکترونی وهذا یقتضی التعرف على هذا النوع من الاعلام الذی جاء کأثر للتطورات التکنولوجیة الحدیثة. فالإعلام الالکترونی هو البث والنشر الالکترونی للمعلومات بکافة جوانبها العلمیة والثقافیة والاجتماعیة والاقتصادیة بقصد معرفی، لذا عرفه البعض([1]) بأن (الاعلام الالکترونی هو الاعلام الذی یعتمد فی تکوینه ونشره على عناصر الکترونیة تستبدل الأدوات التقلیدیة بتقانات الکترونیة اتصالیة حدیثة کالأنترنت والخلوی والاقراص المدمجة، وتستبدل مخرجاتها الورقیة أو البصریة أو السمعیة التماثلیة بأخرى رقمیة)، کما عُرف الاعلام الالکترونی بأنه (کافة المعلومات ذات الطابع الإعلامی بأنماطه المختلفة التی یتم التعبیر عنها فی شکل نصوص أو رموز أو أصوات أو برامج الحاسب الالی أو غیرها باستخدام أحد وسائل تقنیة المعلومات الحدیثة)([2]). وبالتالی فأن المؤسسات الالکترونیة هی المؤسسات التی تصدر الاعلام الالکترونی بوسائل تقنیة الکترونیة حدیثة عبر شبکة المعلومات العالمیة وهذا ما یؤدی إلى وصوله إلى کافة انحاء الأرض. وهذا یقتضی الحمایة القانونیة للإعلام الالکترونی وما یترتب علیه من مسؤولیة مدنیة فی حالة الاضرار الناجمة عنه نتیجة الاستخدام غیر القانونی للمصنفات الالکترونیة فی المؤسسات الإعلامیة بسبب تقدیمها مواد إعلامیة متنوعة تطرحها فی سوق المنافسة الإعلامیة التجاریة .مما یتیح الفرصة امام الغیر بالحاق ضرر بهذه المصنفات من خلال استنساخ المصنف او تعدیله او تحریفه بقصد الاضرار بالمؤسسة صاحبة المصنف. نخلص إلى القول بأن المؤسسات الإعلامیة الالکترونیة هی المؤسسات التی تصدر أو تقوم بإنتاج الاعلام الالکترونی للجمهور بوسیلة الکترونیة وهذا الاعلام یتخذ أحد الصور الآتیة:
المطلب الثانی التعریف بالمصنفات للمؤسسات الإعلامیة ظهرت أنماط جدیدة من المصنفات الفکریة بسبب ظهور شبکة المعلوماتیة أطلق علیها المصنفات الالکترونیة. وعلى الرغم من أن قوانین حمایة المؤلف والحقوق المجاورة أکدت على حمایة المصنفات الفکریة إلا أنها لم تضع تعریفاً محدداً للمصنفات الالکترونیة. ولذا سوف نتطرق إلى اتجاه الفقه فی تعریفه للمصنف حسب التعریف التقلیدی له بأنه "کل نتاج ذهنی، أیاً کان مظهر التعبیر عنه کتابة أو صوتاً أو رسماً أو تصوریاً أو حرکة، وأیاً کان موضوعه أدبیاً أو فنیاً أو علوماً"([6]). وعرف کذلک بأنه "کل محل مبتکر أدبی أو علمی أو فنی أیاً کان نوعه أو طریقة التعبیر عنه أو أهمیته أو الغرض من تصنیفه"([7]). وکذلک یعرف بأنه " کل نتاج ذهنی یتضمن ابتکاراً یظهر للوجود مهما کانت طریقة التعبیر عنه أو الغرض منه أو لونه أو نوعه "([8]). ولو دققنا فی التعاریف السابقة نجد أن التعریف الأخیر هو الادق لأنه یتناول تعریف المصنف من حیث شروطه التی یتطلبها القانون. وهو أن المصنف نتاج ذهنی مبتکر وبالتالی لا یمکن أن یصدر إلا عن شخص طبیعی وهو المؤلف، کما یجب أن یعبر المؤلف عن هذا النتاج الذهنی بکافة الطرق أی أن یظهر إلى الوجود بشکل محسوس یدرکه الاخرین سواء کان هذا النتاج الذهنی فی مجال الادب أو العلم أو الفن. لکی یحظى بالحمایة القانونیة، وهذا ما أکده قانون حق المؤلف والحقوق المجاورة الاماراتی عندما عرف المصنف بأنه "کل تألیف مبتکر فی مجال الادب أو الفنون أو العلوم أیاً کان نوعه أو طریقة التعبیر عنه أو أهمیته أو الغرض منه"([9]). کما عرفت المادة (138) من قانون حمایة الملکیة الفکریة المصری المصنف بأنه "کل عمل مبتکر أدبی أو فنی أو علمی أیاً کان نوعه أو طریقة التعبیر عنه أو أهمیته أو الغرض من تصنیفه"([10]).وبهذا یکون للمؤسسات حق المؤلف على مصنفاتها الجماعیة. ویثور السؤال هنا هل عرف التشریع العراقی مثل هذا النوع من المصنفات الالکترونیة ؟ نرى ان المشرع العراقی عرف مثل هذا النوع من المصنفات عندما اشارت المادة الثانیة من قانون حمایة حق المؤلف العراقی رقم 3 لسنة 1971 على ما یلی "تشمل هذه الحمایة المصنفات المعبر عنها بطریق الکتابة أو الصوت أو الرسم أو التصویر أو الحرکة وبشکل خاص ما یلی:- (2- برامج الکمبیوتر، سواء برمز المصدر أو الالة، التی یجب حمایتها کمصنفات أدبیة، 6- المصنفات التی تؤدى بحرکات أو خطوات فنیة ومعدة أساساً للإخراج، 8- المصنفات الفوتوغرافیة والسینمائیة، 9- المصنفات المعدة للإذاعة والتلفزیون، 12- التسجیلات الصوتیة، 13- البیانات المجمعة)"، ویترتب على ما تقدم بأنه متى ما ظهر المصنف المبتکر فی شکل مادی وأدرکه الغیر بحواسه فهو یتمتع بالحمایة القانونیة ومهما کانت نوعیة هذه المصنفات سواء کانت أدبیة (کالکتب الشعریة أو الروائیة أو برامج الکمبیوتر أو قواعد البیانات ...الخ)، أو مصنفات فنیة (کالرسوم أو أعمال النحت أو التصویر أو الالحان الموسیقیة أو الأفلام السینمائیة أو البرامج الاذاعیة ...الخ)، أو مصنفات علمیة (کالرسائل والأبحاث الاکادیمیة والتصمیمات الهندسیة ...الخ)([11]). وبهذا فان المصنفات بکافة أنواعها واشکالها تعتبر من اهم مصادر نشر المعلومات المفیدة التی یستفید منها الانسان بکافة مجالات الحیاة، وبالتالی فان المصنف بشکله التقلیدی الورقی لا یختلف عن المصنف الالکترونی الا بالوسیلة التی یصلها بها. فاذا ما عبر عن المصنف الورقی بای طریقة الکترونیة حدیثة یکون مصنف الکترونی ویقتضی حمایته من الوجهة القانونیة کحمایة المصنف الورقی. من خلال ما تقدم یمکن ان نستنتج بان مصنفات الاعلام الالکترونی لا تخرج عن احدى الصورتین عند نشرها الکترونیاً وهی کالاتی([12]): أولاً: النشر الالکترونی الموازی: أی ان المصنف الإعلامی یکون قد سبق نشره ورقیاً بوسائل النشر التقلیدیة ثم تقوم المؤسسة الإعلامیة بإعادة نشره بطریقة الکترونیة عن طریق الانترنت. ثانیاً: النشر الالکترونی الخالص: حیث تقوم المؤسسة الإعلامیة بنشر المصنف الالکترونی بوسیلة الکترونیة مباشرةً دون أن یسبق نشره بطریقة ورقیة فهو مصنف الکترونی خالص. لذا نخلص الى القول بان المصنفات الالکترونیة لا تختلف عن المصنفات التقلیدیة إلا بالوسیلة التی تنشر من خلالها. فهی نتاج فکری فی أی مجال من مجالات الحیاة المختلفة. وبالتالی جدیرة بالحمایة عن طریق حمایة الملکیة الفکریة للمؤلف أو الحقوق المجاورة له وهذا سیشجع الابتکار التکنولوجی ونقله إلى کافة جوانب الحیاة الاجتماعیة والاقتصادیة والثقافیة والترفیهیة عبر مواقع الانترنت ویحقق الفائدة للجمیع. المطلب الثالث الشروط القانونیة للمصنفات الإعلامیة الالکترونیة للمؤسسات الإعلامیة وطرق نشرها عبر النت بعد ان عرفنا المصنفات الالکترونیة وبینا انها نتاج ذهنی مبتکر فی أی مجال من مجالات الحیاة الأدبیة أو العلمیة أو الفنیة والتی یجب ان یعبر عنه بای صورة محسوسة کالکتابة أو الرسم أو التصویر أو الصوت أو الحرکة والتی ترد علیها حقوق المؤلف والحقوق المجاورة التی تقتضی الحمایة القانونیة ولکی تتوفر هذه الحمایة یتبین مما بیناه انه یشترط فی هذه المصنفات الشرطین الآتیین وهما بالتفصیل کالاتی: الشرط الأول: أن یکون المصنف الإعلامی الالکترونی مبتکراً: یشترط لحمایة المصنفات الإعلامیة ان تکون مبتکرة أی تتصف بالطابع الإبداعی فما المقصود بالابتکار؟ نرى ان المشرع العراقی لم یورد تعریف الابتکار مما أدى الى ظهور اتجاهات فقهیة لتحدید معنى الابتکار، فذهب الفقه العراقی الى تعریف الابتکار بانه "بروز المجهود الشخصی لصاحب الفکرة بصرف النظر عن قیمتها الأدبیة واهمیتها المادیة، سواء کان الإنتاج من خلق المؤلف أو قام على عناصر مختلفة جمعها ورتبها بشکل خاص أی ان شخصیة المؤلف یجب ان تبرز فی انتاج مصنفه"([13])، بینما یرى الفقه الفرنسی بان الابتکار هو "البصمة الشخصیة التی یضعها المؤلف على مصنفه"([14]). أم الفقه المصری فیرى بان المقصود بالابتکار هو "أن یتمیز المصنف بطابع أصیل إما فی الانشاء أو فی التعبیر"([15]). بینما یشترط قانون حق المؤلف والحقوق المجاورة الاماراتی فی المصنف أن یکون مبتکراً، أی ان یتمتع المصنف بطابع ابداعی یسبغ علیه الاصالة والتمیز([16]). بینما عرفت المادة (138) من قانون حمایة حقوق الملکیة الفکریة المصری الابتکار بانه "الطابع الإبداعی الذی یسبغ الاصالة على المصنف"([17]). وهو بهذا متفق مع ما ذهب الیه المشرع الاماراتی ولذلک کان من الأفضل على المشرع العراقی حذو التشریعات الحدیثة وان یورد تعریف للابتکار. لذلک نرى بان الابتکار فی المصنف الإعلامی الالکترونی یقصد به وجود جهد ابداعی یعکس شخصیة المؤسسة الإعلامیة واتجاهاتها. بدون الحاجة الى ان یکون المصنف جدیداً بأکمله. بل یکفی ان یتمتع بالتمیز والتفرد النابع من توجهات المؤسسة الإعلامیة. فالبرامج الترفیهیة والمقالات الصحفیة والتحقیقات الإخباریة واللقاءات الحواریة التی تنشرها المؤسسات الإعلامیة عبر مواقعها الالکترونیة هی مصنفات یتوافر فیها عنصر الابتکار وبالتالی تستحق الحمایة القانونیة. الشرط الثانی: أن یتم التعبیر عن المصنف بشکل محسوس: لکی تستحق المصنفات الإعلامیة الحمایة القانونیة یجب ان یتم التعبیر عنها بطریقة مادیة محسوسة. أی یجب ان یدرکها الاخرین بإحدى الحواس اما السمع أو النظر أو اللمس([18]). وهذا یتفق مع ما استقر علیه العمل على المستوى الدولی عند تحدید معنى المصنف الذی عرفته المنظمة العالمیة للملکیة الفکریة بانه "الطریقة التی تسمح بادراک أی مصنف حسیاً أو عقلیاً بما فی ذلک التمثیل أو الأداء أو التلاوة أو التثبت المادی أو ایة طریقة أخرى مناسبة([19])، المصنفات یمکن التعبیر عنها بأی وسیلة کانت سواء بالکتابة کالمصنفات الأدبیة والعلمیة أو بالرسم والتصویر کمصنفات الرسم والتصویر أو یعبر عنها بالصوت کالمصنفات السمعیة کالموسیقى أو یعبر عنها شفویاً کالمحاضرات والخطب والمواعظ([20])، وبالتالی فان المصنفات الإعلامیة الالکترونیة جدیرة بالحمایة القانونیة ما دامت المؤسسات الإعلامیة تعبر عنها بطریقة یدرکها الاخرین. أما مجرد شروع المؤسسة الإعلامیة فی عمل مصنف جماعی فلا یتم حمایته الا بعد نشره على الموقع الالکترونی للمؤسسة الإعلامیة او نسخه على أسطوانات مدمجة او عبر القنوات الفضائیة او بای طریقة بحیث یصل الى الجمهور. وبالتالی یجب ان نبین اهم الطرق التی تقوم من خلالها المؤسسات الإعلامیة بطرح مصنفاتها الالکترونیة الى الجمهور عبر شبکة المعلومات العالمیة والتی تتم بإحدى الطرق الآتیة:
اذ تعتبر الطرق أعلاه عنوان المؤسسة الإعلامیة والتی من خلالها تنشر مصنفاتها الإعلامیة من خلال شبکة المعلومات العالمیة اذ تکون مصممة بشکل معین ومتضمنة بیانات ومعلومات تعود للمؤسسة الإعلامیة وتخضع لسیطرتها. المطلب الرابع الطبیعة القانونیة للمسؤولیة الناشئة عن الاضرار بالمصنفات الإعلامیة الالکترونیة لکی نبحث فی طبیعة المسؤولیة الناجمة عن الاضرار بالمصنفات الإعلامیة هل هی مسؤولیة عقدیة ام مسؤولیة تقصیریة یجب ان نبین طبیعة الحقوق التی تتعامل معها هذه المؤسسات. فاذا کان أصحاب هذه الحقوق اشخاص طبیعیة فلا بد انهم عقدوا عقداً مع المؤسسة الإعلامیة والاخلال بای التزام سیرتب مسؤولیة عقدیة. اما الحقوق التی تملکها المؤسسة فاذا اساء الغیر استخدامها وترتب علیها ضرراً للمؤسسة الإعلامیة کان لها الرجوع علیه بالتعویض استناداً الى احکام المسؤولیة التقصیریة. وهذه الحقوق اما ان تکون حقوق المؤلف أو الحقوق المجاورة وحسب التفصیل الاتی: بما ان الاعلام الالکترونی یکمن أساسه فیما یتضمنه من محتوى الکترونی یجسد فی مواد إعلامیة أدبیة وفنیة، فلا شک ان هناک ارتباطاً وثیقاً ین الاعلام الالکترونی وحق المؤلف والحقوق المجاورة اذ ان هذه الحقوق تمثل الأساس القانونی لحمایة المحتوى الالکترونی للمؤسسات الإعلامیة. إن حقوق المؤلف والحقوق المجاورة او ما یطلق علیها الملکیة الأدبیة والفنیة هی عبارة عن الحقوق التی ترد على النتاج الذهنی فی کافة المجالات المختلفة سواء فی مجال العلوم أو الآداب أو الفنون([24])، إن حقوق المؤلف التی یحمیها القانون یجب ان تکون مبتکرة أی یتمتع المصنف الاعلام للمؤلف بطابع ابداعی یسبغ علیه الاصالة والتمییز([25]). وان یتم افراغه فی صورة مادیة أی یعبر عنه اما بالکتابة کالمصنفات العلمیة والأدبیة أو بالصوت کالمصنفات السمعیة کالموسیقى أو بالرسم أو التصویر کمصنفات الرسم والتصویر([26]). أی یمکن ادراکه بأحد الحواس الإنسانیة([27]) فحق المؤلف حق استشاری یخول صاحبه منع الغیر من نسخ مصنفه أو تعدیله أو تحویره أو ترجمته أو اتاحته للجمهور بای شکل من الاشکال وذلک لمدة یقررها القانون([28]). فالمؤلف یملک الحقوق الأدبیة والمالیة لمصنفه الإعلامی. أما الحقوق المجاورة لحق المؤلف فهی الحقوق المتمثلة بحقوق المؤدین والعازفین والمنتجین فی حق التسجیلات الصوتیة وحقل الإذاعة، فللمؤلف حق الملکیة الفکریة على مؤلفاته الشخصیة أی له حق مزدوجاً فله حق معنوی (ادبی) على ابداعاته الأدبیة والفنیة والعلمیة وکذلک حقاً مالیاً یخوله حق استثمار هذا الابداع استثماراً مشروعاً([29])، وبالتالی یمکن القول بان الأصل فی المؤلف ان یکون شخصاً طبیعیاً قادراً على الابتکار. أما المؤسسات الإعلامیة فهی شخص اعتباری (معنوی) لا یمکن ان یکون مالکاً لحق المؤلف أی لا یمکن ان تؤلف مصنفات أدبیة أو فنیة الا استثناء فی حالة واحدة وهی المصنفات الجماعیة([30])، ویعرف المصنف الجماعی (المؤلف الجماعی) بانه المصنف (المؤلف) الذی تصنعه جماعة من المؤلفین بتوجیه شخص طبیعی او اعتباری یتکفل نشره باسمه وتحت ادارته، عمل المؤلفین فیه لمصلحة هذا الشخص، بحیث یستحیل فصل عمل کل مؤلف وتمیزه على حدة([31]). وبالتالی یمکن ان یکون صاحب المصنف الجماعی شخص طبیعی او اعتباری کالمؤسسات الإعلامیة الالکترونیة فتکون صاحبة ابتکار المصنف الجماعی وتملک الحقوق الأدبیة والمالیة ما لم یتم الاتفاق على خلاف ذلک([32]). حیث تتمتع هذه المصنفات بالحمایة القانونیة اسوة بالمصنفات التی یؤلفها المؤلف([33]). کما یجب الإشارة الى ان للمؤسسات الإعلامیة حقوق على المصنفات المشتقة من مصنفاتها الالکترونیة وهذه المصنفات یتم ابتکارها من خلال مصنفات سابقة عن طریق إعادة صیاغتها او تجمیعها او الاقتباس منها او تحویرها او ترجمتها الى لغة أخرى والتی تتطلب الحصول على اذن أو ترخیص من صاحب المؤلف الأصلی سواء کان شخص طبیعی او اعتباری. حیث عرف المشرع المصری المصنف المشتق فی الفقرة السادسة من المادة (138) من قانون الملکیة الفکریة المصری بانه "المصنف الذی یستمد اصله من مصنف سابق الوجود کالترجمات والتوزیعات الموسیقیة وتجمیعات المصنف بما فی ذلک قواعد البیانات المقروءة سواء من الحاسب أو من غیره" کما أشار الى نفس المعنى المشرع الاماراتی فی المادة (5) من قانون حمایة المؤلف النافذ([34]). اذ یجب ان یتوافر شرطین فی المصنف المشتق وهی أولاً ادماج مصنف سابق فی مصنف جدید وثانیاً عدم مساهمة مؤلف المصنف السابق فی المصنف الجدید، بینما نرى أن المشرع العراقی([35]) لم یضع تعریفاً للمصنفات المشتقة وانما اکتفى ببیان الصورة الخاصة لهذه المصنفات التی تشملها الحمایة. وندعو المشرع العراقی ان یضع تعریفاً للمصنفات المشتقة وینظم احکامها تنظیماً مفصلاً اسوة بالتشریعین المصری والاماراتی. وبالتالی فان أی اقتباس او ترجمة او تحویر او إعادة صیاغة للمصنف الأصلی للمؤسسة الإعلامیة بدون استحصال موافقتها یمثل اعتداء على مصنفاتها یوجبه تعویضها استناداً إلى احکام المسؤولیة التقصیریة. غالباً ما یکون مصدر حق المؤلف تجاه المؤسسات الإعلامیة على المصنفات الالکترونیة تعاقدیاً. وفی هذه الحالة یکون مؤلف المصنف قد تنازل للمؤسسة الإعلامیة عن حق استغلال مصنفه الالکترونی نظیر مقابل مالی تم الاتفاق علیه فیما بینهم حیث یقتصر دور المؤسسات الإعلامیة على نشر المصنفات الأدبیة والفنیة والعلمیة المملوکة للغیر على موقعها الالکترونی وبالتالی إذا اساءت هذه المؤسسة لحق استغلال المصنف الالکترونی تنهض مسؤولیتها التعاقدیة تجاه صاحب هذا المصنف. فمثلاً الکتابات الصحفیة تعتبر من المصنفات الأدبیة المبتکرة وبالتالی تستحق الحمایة القانونیة، لذلک یجب ان یکون هناک اتفاق مکتوب بین الصحفی والمؤسسة الإعلامیة على نشر مقالاته على الموقع الالکترونی للمؤسسة، ویکون للمؤسسة حق الاستغلال المالی للمصنف مع احتفاظ الصحفی بحقه الادبی، ومن ثم اذا قام أی شخص بنسخ المقالة دون موافقة المؤسسة الإعلامیة یکون لها الحق فی الرجوع علیه بدعوى المسؤولیة التقصیریة ومطالبته بالتعویض. اما إذا کان الاعتداء قد تضمن إساءة للمؤلف أو الصحفی وتشویه لسمعته. فیحق للصحفی الرجوع علیه بالتعویض([36]). وقد تکون المؤسسة الإعلامیة أحد أصحاب الحقوق المجاورة لحق المؤلف إذا قامت هذه المؤسسة بدور فتح التسجیلات الصوتیة لفنانی الأداء([37]). اذ ان قیام المؤسسة الإعلامیة بتوفیر الإمکانات لإنجاز مصنف سمعی وبصری تقوم بنشره على موقعها الالکترونی یجعلها صاحبة حق مجاور لحق المؤلف ولا یجوز لأحد ان یعید نشره إلا بعد الحصول على موافقتها، فیکون للمؤلف حق ادبی على هذا المصنف أما المؤسسة فتکون صاحبة الحق المالی علیه وبذلک یکون للمؤسسة حق منع الغیر من استغلال هذا المصنف بدون موافقتها. فاذا ما قام الغیر بنسخ المصنف أو تأجیره عبر شبکة الانترنت أو غیر ذلک من الوسائل کان للمؤسسة إقامة المسؤولیة التقصیریة على الاضرار التی تلحق بها نتیجة هذا الاستغلال. بالنتیجة لکی نکون امام مسؤولیة عقدیة لابد من توافر شرطین: الشرط الاول: هو ابرام عقد صحیح بأن تکون المؤسسة الاعلامیة طرفا فیه وجود هذا العقد شرط اساسی لابد منه فلا وجود للمسؤولیة العقدیة بغیر العقد المبرم([38])، فالمتعاقد مع احدى المؤسسات لنشر صور له او حوار معه او اعلان عن منتجاته، تکون المسؤولیة عقدیة اذا اخل احدهما بأحد البنود الواردة فی العقد. ولا یکفی لقیام المسؤولیة ارتباط الایجاب مع القبول بل یجب ان یکون العقد صحیحا, والعقد الصحیح هو العقد المشروع ذاتا ووصفا بأن یکون صادر من اهله مضافا الى محل قابل لحکمه وله سبب مشروع واوصافه سالمة من الخلل([39]). ففی حالة ما اذا کان العقد باطلا کأن یکون محله ممنوع قانونا او مخالفا للنظام العام والآداب([40]), فلا نکون امام مسؤولیة عقدیة, والحال ذاته اذا کان سبب العقد ممنوعا او مخالفا للنظام العام والآداب([41]).اما الشرط الثانی لقیام المسؤولیة العقدیة فهو ان یکون الضرر الذی اصاب احد العاقدین نتیجة الاخلال بالالتزام الناشئ عن العقد الصحیح. ویحدث الاخلال اما بسبب عدم تنفیذ العقد او بسبب التنفیذ المعیب او قد یکون الاخلال بسبب التأخر فی التنفیذ او نتیجة التنفیذ الجزئی.([42]) ام بالنسبة للمسؤولیة التقصیریة فهی الجزاء الذی یترتب على الاخلال بالزام ای بواجب یفرضه القانون على الجمیع بعدم الاضرار بالغیر([43]), یتبین لنا ان المسؤولیة العقدیة للمؤسسة الاعلامیة تدور وجودا وعدما مع وجود عقد صحیح بین الطرفین, بینما المسؤولیة التقصیریة فتثور فی کل حالة ینصب فیها الاخلال على التزامات لا تکون الادارة مصدرا لها, وتثور ایضا فی کل حالة یخالف الغیر الذی یلحق ضررا بالمؤسسة الاعلامیة النصوص القانونیة کمخالفة النصوص المتعلقة بالنظام العام والآداب العامة او متعلقة بحقوق الملکیة الفکریة, کما لو قام شخص بنشر مصنف او حوار اعلامی او فلم یتمتع بحقوق الملکیة الفکریة على احدى المواقع الالکترونیة بدون اذن المؤسسة صاحبة حق الملکیة. وتکثر حالات الاضرار و الاعتداء على حقوق الملکیة الفکریة للمؤسسات الاعلامیة بشکل عام وحقوق المؤلف بشکل خاص بتطور شبکة المعلومات العالمیة, کإدخال تعدیل على مصنف لیس هو مؤلفه او ترجمته الى لغات اخرى من دون اذن مؤلفه, فالمصنفات الاعلامیة تکون محمیة بموجب قوانین الملکیة الفکریة ویتمتع صاحبها بالحقوق الادبیة علیها والحق فی استغلالها, کالمصنفات الادبیة کالکتب او المحاضرات او المصنفات الفنیة کالأفلام السینمائیة او الاغانی وغیرها سواء اکانت فی صورة کتابة او صورة او مقطع صوت او فیدیو([44]). وخلاصة القول إن المسؤولیة التی تحکم المؤلف بالمؤسسة الإعلامیة تکون مسؤولیة تعاقدیة، وکذلک اذا کان الغیر متعاقد مع المؤسسیة الاعلامیة وفیما عدا ذلک تکون المسؤولیة التی تحکم علاقة الغیر بالمؤسسة الإعلامیة مسؤولیة تقصیریة وهی التی تدخل فی نطاق بحثنا هذا وسوف نتناولها فی المبحث الثانی. المبحث الثانی أرکان المسؤولیة التقصیریة المترتبة على الاضرار بالمصنفات الإعلامیة الالکترونیة وحکمها تقوم المسؤولیة التقصیریة على ثلاثة ارکان أساسیة وهی الخطأ والضرر والعلاقة السببیة، وهذا ما سنتناوله فی المطالب الثلاثة الاتیة اما فی المطلب الرابع سنبین الحکم المترتب علیها, وسوف نرى فی هذا المبحث هل تنطبق القواعد العامة فی القانون المدنی على الاضرار بالمصنفات الالکترونیة ام انها تحتاج الى نوع من الخصوصیة وهذا ما سنتناوله فیما یلی:
المطلب الأول الخطأ الناشئ عنه الاضرار بالمصنفات الإعلامیة الالکترونیة الخطأ رکن من ارکان المسؤولیة التقصیریة اذ لا تنهض المسؤولیة بدون خطأ ویجب ان یترتب علیه ضرر لکی یستلزم التعویض([45]). ویعرف الخطأ التقصیری بانه الاخلال بالتزام قانونی، فهو الانحراف عن سلوک الشخص المعتاد فی الیقظة والتبصر([46]). والخطأ اما یکون عمداً أی قصد الاضرار بالغیر او عن اهمال دون قصد الاضرار بالغیر، ویتکون الخطأ من عنصرین هما العنصر المادی وهو الاخلال بواجب قانونی والعنصر المعنوی وهو الادراک والتمییز([47]). ان المشرع المصری اشترط توافر العنصرین لقیام المسؤولیة التقصیریة فی المادة (164) من القانون المدنی([48]). بینما المشرع الاماراتی فی المادة (282) یقیم المسؤولیة التقصیریة على عنصر مادی فقط وهو کل من تسبب ضرر للغیر التزم بالتعویض([49])، أی ان المسؤولیة التقصیریة تقوم على أساس الفعل الضار دون اشتراط صدوره عن تمییز وادراک ویتأتى موقف قانون المعاملات المدنیة الاماراتی فی هذا الخصوص متأثرا بأحکام الشریعة الإسلامیة والتی تقضی بان مناط المسؤولیة المدنیة هو الفعل غیر المشروع أو الاضرار([50])، أما المشرع العراقی ففی المادة (186/1) مدنی تطلب عنصری الادراک والتمییز اذ نصت على انه "إذا اتلف احد مال غیره أو نقص قیمته مباشرة او تسبباً یکون ضامناً، إذا کان فی أحداثه هذا الضرر قد تعمد أو تعدى". من خلال هذا النص یتبین لنا بأنه لا مسؤولیة دون خطأ بصرف النظر عما اذا کان الضرر الحادث نتیجة مباشرة لفعل الفاعل ام کان نتیجة غیر مباشرة له. فاذا کان المشرع العراقی قد ابقى على اصطلاح (المباشر والمتسبب) فأنه جعل هذه التفرقة لفظیة ظاهرة لیست حقیقیة اذ انه اشترط لمسألة کل من المباشر والمتسبب صدور خطأ سواء کان تعمد او تعدی . أما المادة (191/1) فنصت على انه "إذا اتلف صبی ممیز أو غیر ممیز أو من فی حکمهما مال غیره لزمه الضمان فی ماله" فمسؤولیة عدیم التمییز لا یمکن ان تکون مبنیة على خطأ لان عدیم التمییز لا ادراک له وانما تقوم مسؤولیته على تحمل التبعة اذ تعالج هذه المادة حالة خاصة فهی استثناء تحمل عدیم التمییز التعویض من ذمته المالیة ماعدا فی حالة فراغها یحل محله ولیه مع الاحتفاظ بحق الرجوع علیه بما دفع ([51])، وحسناً فعل کل من المشرع الاماراتی والأردنی حینما رتبا المسؤولیة التقصیریة على کل من ارتکب فعلاً ضاراً أو ممیزاً أو غیر ممیز، ولم یتطلب توافر عنصر الادراک لقیام المسؤولیة، فالخطأ فی نطاق المسؤولیة التقصیریة الناشئة عن الاضرار بالمصنفات الإعلامیة الالکترونیة تکون فی أحوال عدیدة من عدیمی التمییز، إذ ان صغار السن غیر الممیزین یفوقون احیاناً من هم اکبر منهم فی مجال استخدامات الحواسیب وأجهزة الهواتف النقالة التی تتم عبر شبکة الانترنت، فلو قام احد هؤلاء الصغار عدیمی التمییز أو ناقص التمییز بنشر فلم (أفلام أطفال) یتمتع بحقوق الملکیة الفکریة من دون اذن المؤسسة الإعلامیة المنتجة لهذا الفلم على احد المواقع الالکترونیة فانه یکون قد ارتکب خطأ یلحق ضرراً بهذه المؤسسة الإعلامیة صاحبة حق المؤلف على هذا الفلم. والخطأ الصادر من الغیر والذی یمثل اعتداء على حق المؤلف أو الحقوق المجاورة للمؤسسات الإعلامیة بشأن مصنفاتها الالکترونیة یأخذ أحد الصور الاتیة:
المطلب الثانی الضرر بالمصنفات الإعلامیة الالکترونیة لا تتحقق المسؤولیة التقصیریة بمجرد ارتکاب الفاعل فعلاً یشکل انحرافاً عن السلوک المعتاد، بل لا بد لقیام هذه المسؤولیة من ان یترتب ضرر یصیب الغیر بسبب ذلک الفعل، ویعرف الضرر "بأنه الأذى الذی یصیب الشخص فی حق من حقوقه أو مصلحة مشروع له"([62]). والضرر اما ان یکون مادیا یصیب المضرور فی جسمه او ماله کإتلاف مال او تفویت صفقة او احداث اصابة تکبد المصاب نفقات وهو الاغلب والاعم وقد یکون الضرر ادبیا یصیب المضرور فی عاطفته او شعوره او کرامته او شرفه او مرکزه الاجتماعی ,ویشترط فی الضرر المادی ما یلی:([63]) 1. ان یصیب حقا او مصلحة مالیة مشروعة للمضرور : فیجوز ان یکون الضرر اخلالا بحق للمضرور فإتلاف عضو او اصابة للجسم من شأنه ان یخل بقدرة الشخص على الکسب ویحمله نفقة العلاج, وقد یکون الضرر اخلالا بمصلحة مالیة للمضرور کمن یفقد شخصا کان یعیله دون ان یکون له حق ثابت فی النفقة. 2. ان یکون الضرر محققا : یجب ان یکون الضرر محقق الوقوع بان یکون وقع فعلا او سیقع حتما فی المستقبل ,ومثال الضرر الذی وقع فعلا کأن یموت المضرور او یصاب بتلف فی ماله, اما الضرر المستقبلی فیکون محققا ویصلح اساسا للمطالبة بالتعویض کلما کان نتیجة لازمة لضرر وقع فعلا, فیجوز للمضرور ان یطالب بالتعویض عن ضرر مستقبل متى کان محقق الوقوع . 3. ان یکون الضرر مباشرا متوقعا کان او غیر متوقع : والضرر المباشر هو ما یکون نتیجة طبیعیة للإخلال بالالتزام القانونی بعدم الاضرار بالغیر ,اذ یلتزم الغیر بتعویض الضرر المباشر متوقعا کان او غیر متوقع ,اما الضرر غیر المباشر فلا یجوز التعویض عنه لانقطاع علاقة السببیة بین الخطأ والضرر. اما الضرر الادبی([64]) فهو الضرر الذی لا یصیب الشخص فی ماله ,ویجب تعویضه کما هو الشأن فی الضرر المادی بشرط ان یکون ضررا محققا غیر احتمالی ,والضرر الادبی قد یصیب الجسم کالجروح تسبب الالم فهو ضرر ادبی او یصیب الشرف او الاعتبار او یصیب العاطفة والشعور او یصیب الشخص من جراء الاعتداء على حق ثابت له کتقیید الحریة بدون وجه حق.([65]) ویعتبر عنصر الضرر فی الاعتداء على المصنفات الاعلامیة شرطاً أساسیاً لتوقیع الجزاء المدنی المتمثل بالتعویض, فالاعتداء على المصنفات الإعلامیة قد ینطوی على نوعین من الاضرار، اضرار مادیة تتمثل فی تفویت کسب مالی لاستغلال المصنفات الإعلامیة وضرر معنوی یتمثل فی الاعتداء على شخصیة المؤلف أو الشخصیة الاعتباریة للمؤسسة الإعلامیة([66]) فقد یقع الضرر على المؤسسة الإعلامیة من قبل المؤلف أی الصحفی، فالصحفی اعلامی وصاحب حق ابتکار على مقالاته ومنشوراته، والضرر الادبی فی الوقت ذاته قد یلحق بالمؤسسة الإعلامیة ضرراً مالیاً. کما لو قام الصحفی بنشر تحقیقاً صحفیاً ثم تم نشره من قبل صحفی آخر فی مؤسسة إعلامیة أخرى ونسبه إلیه دون الإشارة إلى الصحفی الأصلی ففی هذه الحالة تظهر صورة الضرر نتیجة الاعتداء على حقوق الملکیة الفکریة والأدبیة للصحفی الأخر ویلحق ضرر أدبی ومالی للمؤسسة الإعلامیة التی نشر تحقیقه الصحفی فیها لأنه سوف یشوه سمعتها ومرکزها الاجتماعی، کذلک تظهر هذه الصورة من الضرر فی قیام الصحفی أو الغیر بنقل کتابات شخص أخر وینسبها الى نفسه أو یحذف أو یعدل فی المصنف بما یؤثر فیه ویؤدی بالتالی إلى الحاق الضرر بحقوق المؤلف الذهنیة، کما لا یملک الصحفی أو الغیر الحق فی ان ینقل ما تم نشره فی مؤسسة إعلامیة تقلیدیة أو الکترونیة المقالات العلمیة أو الأدبیة أو الفنیة أو الروایات المسلسلة أو القصص القصیرة دون اذن مسبق، لان المؤسسة الإعلامیة التی نشرته قد تکون دفعت للمؤلف مقابلاً لها([67])، کما یعتبر من قبیل الضرر الادبی للمصنفات الإعلامیة الالکترونیة للمؤسسات الإعلامیة، اقتباس الغیر من هذه المصنفات دون الإشارة إلى اسم المؤسسة الإعلامیة صاحبة المصنف الجماعی التی تولت ادارته والاشراف على انتاجه وانها صاحبة حق اصیل فی ان یصل هذا المصنف الى الجمهور حاملاً اسمها([68]) أو قیام أی شخص أو الغیر بتعدیل المصنف الالکترونی ونسبته الیه ونشره وهذا سیلحق بالمؤسسة الإعلامیة ضرراً أدبیاً لأنها صاحبة حق المؤلف على مصنفاتها الجماعیة([69])، کما یعد قیام الغیر بإعادة نشر المصنف الالکترونی واتاحته للجمهور بدون اذن من المؤسسة الإعلامیة المالکة له بمثابة نشر غیر مرخص به یتضمن اعتداء على الحق الادبی للمؤسسة الإعلامیة على مصنفها الالکترونی حتى لو کان هذا الغیر قد أشار عن نشر المصنف للمؤسسة الإعلامیة المالکة له. أما الضرر المادی وکما اسلفنا القول بأنه ضرر یصیب الجسم أو المال وکون المؤسسة الإعلامیة الالکترونیة هی شخص اعتباری لا تملک سوى المال ما عدا الحق الادبی فان الضرر المادی سوف یمس ذمتها المالیة وبالتالی یمکن ان نتصور الضرر المادی فی قیام الغیر بنسخ المصنف الالکترونی للمؤسسة الإعلامیة بدون الحصول على موافقتها، وعرضه على الجمهور عبر شبکة الانترنت أو عرضه للبیع مثبت على أقراص مدمجة أو تحمیله فی صورة تطبیق على أجهزة الهواتف النقالة أو بای وسیلة کانت مقابل حصوله على المال، فهذا یعتبر انتهاکاً للحقوق المالیة للمؤسسة الإعلامیة لأنها هی وحدها صاحبة حق الاستغلال المالی لمصنفاتها. وخلاصة القول بأن المصنفات الإعلامیة الالکترونیة للمؤسسات الإعلامیة یمکن أن یصیبها الضرر الادبی أو المالی وبالتالی فإن هذه المؤسسات هی صاحبة الحق فی أن ترخص للغیر استغلال مصنفاتها الالکترونیة، بأن تسمح له بإعادة نشر المصنف الکترونیاً أو بأی طریقة أخرى لمدة معینة مقابل مال یتم الاتفاق علیه، ویشترط لصحة هذا الاتفاق أن یکون مکتوباً ومبیناً فیه نوع المصنف وکیفیة استغلاله ومدته ونطاقه المکانی([70]). المطلب الثالث العلاقة السببیة بین الخطأ والضرر بالمصنفات الإعلامیة الالکترونیة تتحقق العلاقة السببیة متى تبین ان الخطأ هو سبب الضرر وأن الضرر ما کان یمکن أن یقع إذا لم یرتکب الخطأ([71]). فلا یکفی لقیام المسؤولیة التقصیریة أن یوجد خطأ وضرر بل لا بد أن یکون الضرر نتیجة مباشرة للعمل غیر المشروع أی الخطأ، فالمسؤولیة لا تقوم مالم یرتبط الخطأ بعلاقة مباشرة بالضرر، فإذا لم تکن هناک علاقة انتفت المسؤولیة([72]). وقد اشارت إلى ذلک المادة (207) من القانون المدنی العراقی([73])، إذ من السهل أن نتبین علاقة السببیة إذا کان الخطأ مرتکب من قبل شخص واحد وکان السبب فی الضرر الذی لحق بالمصنفات الإعلامیة الالکترونیة ولکن قد تکون هناک صعوبة فی تحدید علاقة السببیة بسبب تعدد الظروف المحیطة بوقوع الضرر وتداخلها مع بعضها البعض، فقد تجتمع عدة أسباب فی احداث الضرر، فیثور السؤال عما إذا کانت رابطة السببیة تتوافر فی هذه الحالة بین الأخطاء وبین الضرر؟ وللإجابة على هذا التساؤل ظهرت نظریتان لمعالجة هذه المشکلة وتحدید الشخص المسؤول عن الضرر بسبب تعدد الاسباب التی ادت الى هذا الضرر وهما : اولا: نظریة تعادل الاسباب: مضمون هذه النظریة هو انه یجب الاعتداد بکل سبب من الاسباب التی ادت الى حدوث الضرر وبالتالی تعد جمیع الاسباب التی ساهمت فی وقوع الضرر اسبابا حقیقیة متعادلة ومتکافئة فی وقوع الضرر([74]), فاذا ترک مالک جهاز الحاسوب حاسوبه مفتوحا وبریده الالکترونی مفتوحا کذلک ,وجاء اخر واستخدم هذا الجهاز والبرید الموجود فیه واساء من خلاله الى مصنف اعلامی الکترونی لإحدى المؤسسات الاعلامیة ,فنکون فی هذه الحالة امام سببین قد تضافرا لوقوع الضرر, اولهما اهمال مالک الحاسوب فی المحافظة علیه وثانیهما الاساءة المرتکبة من الاخر الذی استخدم الحاسوب والبرید دون اذن مالکه, فلولا اهمال مالک الحاسوب فی المحافظة على حاسوبه وبریده مفتوحین ,ولولا استخدام الحاسوب والبرید من قبل غیر مالکهما, لما وقعت الاساءة, فالسببان وفق هذه النظریة متعادلان فی احداث الضرر ومن ثم یعد کل منهما سببا له([75]). ثانیا: نظریة السبب المنتج :مفادها انه لا یکفی لکی یعد الفعل سببا فی حدوث الضرر اسهامه فی وقوع الضرر بحیث لولاه لما وقع الضرر ,ذلک ان الافعال المتعددة التی ساهمت فی احداث الضرر لا یکون لها النصیب ذاته فی احداثه فبعضها تکفی لوحدها لإحداث الضرر وبعضها الاخر لا تکفی لوحدها لإحداث ذلک الضرر. فیعد الاول هو السبب الحقیقی للضرر ویوصف بأنه السبب المنتج والثانی مجرد سبب عارض لأنه لیس من شأنه ان یحدث الضرر وانما اسهم فی احداثه مصادفة باقترانه بذلک السبب المنتج.([76]) وعلیه فأنه فی المثال السابق استخدام الحاسوب والبرید الإلکترونی من الشخص غیر المالک هو السبب المنتج الذی من شأنه وحده احداث الضرر بالمصنفات الاعلامیة, اما اهمال مالک الحاسوب فلا یعد الا سببا عارضا لا یقام لها وزنا فی تقصی رابطة السببیة بین الضرر والخطأ. وقد استقرت محکمة النقض المصریة ([77]) ومحکمة التمییز الاردنیة ([78])على ان علاقة السببیة لا تقوم الا على السبب المنتج المحدث للضرر دون السبب العارض الذی لیس من شأنه بطبیعة الحال احداث الضرر مهما کان مقترنا بالسبب المنتج. کما أنه فی الحالة السابقة لو ترتب على إصابة المؤسسة بخسارة مالیة کبیرة أن أصیب مالک المؤسسة بنوبة قلبیة أدت الى وفاته، فبالنسبة الى حالة تعدد الاضرار المترتبة على خطأ الشخص الثانی والتی یترتب بعضها کنتیجة للبعض الاخر، فإن السببیة التی تقوم علیها المسؤولیة لا تعتبر متوافرة إلا بالنسبة الى النتائج المباشرة للخطأ دون النتائج غیر المباشرة لانتفاء السببیة وتوصف هذه النتائج المباشرة بالإضرار المباشرة([79])، وفی هذه الحالة لا یسأل الشخص عن الوفاة وانما فقط على الضرر المالی. وتنتفی علاقة السببیة عن طریق اثبات أن الضرر کان نتیجة لسبب اجنبی هو الذی أحدث الضرر([80]). والسبب الأجنبی هو کل فعل أو حادث معین لا یمکن أن ینسب إلى محدث الضرر ویؤدی إلى جعل منع وقوع الفعل الضار أمراً مستحیلاً. وصور السبب الأجنبی التی تقطع العلاقة السببیة هی القوة القاهرة وخطأ المتضرر وفعل الغیر، إذ لا یمکن أن نتصور وقوع أضرار بالمؤسسات الإعلامیة وتعتبر من قبیل القوة القاهرة، وبالنسبة لخطأ المتضرر وفعل الغیر فتخضع للقواعد العامة فی نفس الرابطة السببیة([81]). إلا أننا فی نطاق المصنفات الإعلامیة الالکترونیة للمؤسسات الإعلامیة نواجه صعوبة فی تحدید الأشخاص الذین یستخدمون الانترنت ونشر المعلومات عبرها، إذ بإمکان أی شخص أن یدخل الى شبکة الانترنت ویقوم بتشویه وتحریف المصنفات الإعلامیة ویحافظ على هویته سراً من خلال استخدام أنظمة التشفیر. کما أن نشر المصنفات الإعلامیة عبر الشبکة العنکبوتیة التی تتصف بالعالمیة لکونها تعبر الحدود إذ بالإمکان نشر هذه المصنفات عبر دول العالم أجمع وبالتالی صعوبة تحدید الأشخاص الذین یلحقون ضرراً بالمؤسسات الإعلامیة. کما من الصعوبة تحدید القانون الواجب التطبیق فنقع أمام مشکلة تنازع القوانین وتحدید المحکمة المختصة بنظر النزاع بالنظر لعالمیة شبکة الانترنت. هذه الصعوبات والمشاکل یجب أن تؤخذ بنظر الاعتبار عند تنظیم تشریع خاص بالإعلام الالکترونی العراقی.
المطلب الرابع حکم المسؤولیة التقصیریة المترتبة على الاضرار بالمصنفات الإعلامیة الالکترونیة متى ما توافرت أرکان المسؤولیة التقصیریة من خطأ وضرر وعلاقة سببیة ووفقاً للقواعد العامة یجوز للمؤسسة الإعلامیة التی تم الاعتداء على مصنفتها الالکترونیة بأن تطالب الشخص المعتدی علیها بتعویضها عما أصابها من اضرار أدبیة ومادیة نتیجة لانتهاکه لحقوق الملکیة الأدبیة على مصنفتها المحمیة. وعندما یتم اثبات ارکان المسؤولیة التقصیریة یترتب حکمها وهو التعویض ویعرف بأنه "مبلغ من النقود أو أیة ترضیة من جنس الضرر تعادل ما لحق المضرور من خسارة وما فاته من کسب کانا نتیجة طبیعیة للفعل الضار"([82]). والتعویض هو وسیلة لإزالة الضرر أو التخفیف منه ویتضمن القانون المدنی العراقی مبدأ عاماً یضمن التعویض عن کل خطأ یسبب ضرراً للغیر([83]) والتعویض قد یکون تعویض عینی أو تعویض بمقابل، وهی موضحة کالاتی: النوع الأول: التعویض العینی فهو الحکم بإعادة الحال إلى ما کانت علیه قبل ان یرتکب المسؤول الخطأ الذی أدى إلى وقوع الضرر وهو بهذا المعنى أفضل من التعویض بمقابل لأنه یؤدی إلى محو الضرر وإزالته([84])، وغالباً ما یسعى المتضرر إلى هذا النوع من التعویض لأنه یعتبر وسیلة لجبر الضرر وما یسعى المتضرر إلى هذا النوع من التعویض لأنه یعتبر وسیلة لجبر الضرر اعادة الحالة إلى ما کانت علیه قبل وقوع الضرر وهو خیر وسیلة للتعویض عن الاضرار المادیة، وفی أغلب الأحیان یلجأ إلى التعویض العینی للتعویض عن الاضرار الأدبیة التی تلحق بسمعة الشخص وشرفه، فمثلاً أی ضرر یمس أو یشوه المصنفات الإعلامیة الالکترونیة سوف یؤدی إلى الحاق ضرر أدبی ومادی بسمعة المؤسسة الإعلامیة وبالتالی تستطیع هذه المؤسسات المطالبة بالتعویض العینی وهو إعادة الحال إلى ما کانت علیه وذلک استناداً إلى المادة (209/2) مدنی عراقی وذلک بانه یجوز للمحکمة أن تحکم بإعادة الحال إلى ما کانت علیه قبل وقوع الضرر وتأمر بوقف الاعتداء على السمعة أو الخصوصیة([85]) کما أضاف قانون المعاملات المدنی الاماراتی إلى التعویض العینی، إمکانیة المتضرر المطالبة بالتعویض عما لحقه من ضرر([86])، کما قد یلحق الغیر ضرراً کبیراً بالمصنفات الإعلامیة الالکترونیة کأن یقوم بإجراء تغییرات بسیطة وینسبها الیه فقد یکون هذا الغیر ایضاً مؤسسة إعلامیة بغیة منافسة المؤسسات الإعلامیة الأخرى فیحق للمؤسسة التی أصابها الضرر أن تطلب بالتعویض العینی استناداً إلى احکام المادة (41) من القانون المدنی العراقی([87]).
ویرى بعض الفقهاء([88]) أن اعتبار الحق فی الرد والتصحیح صورة من صور التعویض العینی([89]). فالتصحیح یمثل حق الشخص سواء طبیعی أو معنوی الذی تناولته الصحیفة بخبرها أو مقالها الرد على الوقائع المنشورة أو تصحیح الخاطئ منها فقد یکون الخبر المنشور مفتقراً کله أو بعضه إلى الصحة فیوصف الحق حینئذ بأنه الحق فی التصحیح وقد یکون المقال بحاجة إلى إیضاح أو إضافات أو متضمناً لرأی معین، فیکون من حق الشخص أن یرد علیه وهذا ما یسمى بحق الرد([90]) فمثلاً لو قام صحفی بأخذ مصنف اعلامی الکترونی لإحدى المؤسسات الإعلامیة وقام بإعادة نشره بعد تحویره أو شوه سمعة هذا المصنف کان للمؤسسة الإعلامیة صاحبة هذا المصنف الإعلامی أن تطلب الرد والتصحیح، أی تطالب بالتعویض العینی وهو إعادة الحال إلى ما کانت علیه کما یحق لهذه المؤسسة المطالبة بالتعویض بمقابل، فقد ذهب جانب من الفقه([91]) إلى أن حق المؤسسة المتضررة أن تجمع بین التعویض العینی والتعویض بمقابل، خاصة وأن الضرر قد لا یزول بشکل کامل خاصة فیما أصابها من ضرر معنوی نتیجة الفعل الضار. أما النوع الثانی من التعویض فهو التعویض بمقابل وهو إما ان یکون تعویضاً نقدیاً أو غیر نقدی ویعد التعویض النقدی هو القاعدة العامة فی المسؤولیة التقصیریة بشأن التعویض عن الاضرار ویجب على المحکمة أن تقضی بالتعویض النقدی باعتباره الأصل، فالنقود إضافة إلى کونها وسیلة للتداول فإنها تعتبر خیر وسیلة لتقویم الاضرار بما فیها الاضرار الأدبیة([92])، أما التعویض غیر النقدی فقد یتخذ صورة نشر الحکم الصادر بالتعویض فی الصحف الیومیة أو فی المواقع الالکترونیة للمؤسسة الاعلامیة([93]). وهذا ما تقتضیه المادة (209/2) حیث تجیز للقاضی أن یحکم بأداء أمر معین متصل بالعمل غیر المشروع وذلک على سبیل التعویض عن الضرر الادبی. ویستحسن أن یتضمن قانون المطبوعات العراقی نص یعطی للمحکمة الحق للمتضرر أن یطلب نشر الحکم المتضمن رد اعتبار المؤسسة الإعلامیة فی الصحف الیومیة التقلیدیة أو المواقع الالکترونیة بالإضافة إلى نشره فی نفس الموقع الالکترونی الذی الحق ضرراً بالمؤسسة الإعلامیة وفی هذا تعویض عن الضرر الادبی. التعویض یجب أن یقدر بقدر ما لحق المتضرر من ضرر وما فاته من کسب. فیجب أن یکون التعویض بمقدار الضرر الذی أصاب المؤسسة الإعلامیة بسبب نشر المصنفات المحرفة أو المتضررة أو التی نسبها الغیر له متى کان هذا الضرر نتیجة طبیعیة للعمل غیر المشروع استناداً إلى المادة (207/1) من القانون المدنی العراقی([94]). ویجب الإشارة إلى أن تقدیر التعویض یجب أن یکون مساویاً للضرر المباشر المتوقع وغیر المتوقع إذ یجب أن یشمل التعویض على عنصرین هما الخسارة التی لحقت المضرور والکسب الذی فاته، أی یجب أن یکون هناک عدالة فی تقدیر التعویض أی ألا یکون هناک نقص أو زیادة فی تقدیر التعویض بحیث لا یُثرى المضرور على حساب فاعل الضرر([95]). إذ یجب على المحکمة أن تدخل فی التعویض ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من کسب وأن تأخذ بنظر الاعتبار الظروف الملابسة عند إصدار حکمها بالتعویض، أی أن تراعی المرکز والموضوع الاجتماعی للمؤسسة الإعلامیة المتضررة([96]). تبین لنا مما سبق أنه تطبق القواعد العامة على الاضرار بالمصنفات الإعلامیة للمؤسسة الإعلامیة الالکترونیة .وعلى المؤسسة اثبات الضرر طبقا للمادة 7 من قانون الاثبات العراقی "البینة على من ادعى والیمین على من انکر" ونعتقد أنه من الأفضل على المشرع العراقی أن یورد نص خاص ومشابه للمادة (49) من قانون حق المؤلف الأردنی والتی تنص على أنه "للمؤلف الذی وقع الاعتداء على أی حق من الحقوق المقررة له على مصنفه بمقتضى أحکام هذا القانون الحق فی الحصول على تعویض عادل عن ذلک. على أن یراعی فی تقدیره مکانة المؤلف الثقافیة وقیمة المصنف الأدبیة أو العلمیة أو الفنیة وقیمة المصنف الأصلی فی السوق، ومدى استفادة المعتدی من استغلال المصنف ویعتبر التعویض المحکوم به للمؤلف فی هذه الحالة دیناً ممتازاً على صافی ثمن بیع الأشیاء التی استخدمت فی الاعتداء على حقه وعلى المبالغ المحجوزة فی الدعوى". ونتفق مع جانب من الفقه([97]) بأن المشرع الأردنی حدد الأسس التی تبنى علیه الحمایة المدنیة للمؤلف والمتمثلة بالتعویض عن الضرر الذی أصابه وخاصة الضرر الادبی، کما اعتبر المشرع الأردنی قیمة التعویض الواجب دفعه لصاحب الحق أی المتضرر دیناً ممتازاً على ثمن الأشیاء التی تم بیعها نتیجة الاعتداء. أما على باقی أموله فیکون دیناً عادیاً. ولکنه لم یحدد درجة الامتیاز وهذا یعنی أنه یتم الرجوع الى القانون المدنی بالنسبة للحقوق الممتازة([98]). الخاتمـة من خلال دراستنا لموضوع البحث یتبین لنا مجموعة من النتائج والتوصیات وهی کالآتی: أولاً: النتائج
ثانیاً: التوصیات
The Authors declare That there is no conflict of interest References (Arabic Translated to English) List of References First: books
Second: Articles published in scientific periodicals and conferences
Third: websites
https://www.mobt3ath.com/uplode/book/book-1680.pdf Fourth: University theses
Fifth: foreign sources
Sixth: Laws 1. Iraqi Civil Law No. (40) of 1951, as amended 2. Iraqi Copyright Protection Law No. (3) of 1971 as amended 3. The code of honor for Iraqi journalists, at the following website: http://iraqinfo.net/Arabic/armethaqalhamaliraqi.htm 4. Iraqi Publications Law No. 206 of 1968 5. Egyptian Civil Law No. (131) of 1948, as amended 6. The Egyptian Intellectual Property Protection Law No. 82 of 2002 7. UAE Transactions Law No. (5) for the year1985 as amended 8. UAE Federal Law No. (7) of 2002 regarding copyright and related rights 9. UAE Federal Law No. (1) of 2006 in the matter of electronic transactions and commerce 10. The decision to regulate the activities of the UAE electronic media, this decision issued 6/3/2018, which was based on the Law on the Organization and Powers of the National Media Council No. (11) of 2016 11. Jordanian Civil Law No. (43) of 1976 12. A draft amendment to the Syrian Publications Law No. 50 of 2001 is published on the site
References (Enghlish)
| ||
References | ||
أولاً: الکتب
ثانیاً: البحوث
ثالثا: المقالات
رابعا: المواقع الالکترونیة
www.arablawinfo.com
https://www.mobt3ath.com/uplode/book/book-1680.pdf
رابعاً: الرسائل الجامعیة
خامساً: المصادر الأجنبیة
سادساً: القوانین اولاً: القوانین العراقیة:
http://iraqinfo.net/Arabic/armethaqalhamaliraqi.htm
ثانیاً: القوانین المصریة:
ثالثاً: القوانین الامارتیة:
رابعاً: القوانین الأردنیة:
خامساً: القوانین السوریة:
| ||
Statistics Article View: 823 PDF Download: 306 |