اجراءات منح فلسطین مرکز دولة مراقب فی الأمم المتحدة | ||
الرافدین للحقوق | ||
Article 14, Volume 23, Issue 74, March 2021, Pages 333-385 PDF (970.68 K) | ||
Document Type: بحث | ||
DOI: 10.33899/alaw.2021.167841 | ||
Authors | ||
سهى حمید الجمعة* ; محمد الحمدانی | ||
کلیة الحقوق/ جامعة الموصل | ||
Abstract | ||
ان اجراءات منح فلسطین مرکز الدولة المراقب غیر العضو فی الامم المتحدة، بوصفها کیان لم یکتمل لدیها الوصف القانونی للدولة بسبب عامل الاحتلال، تتحدد فی اجراءات تقدیم الطلب الذی یتضمن شرح وافٍ للواقع القانونی الدولی لفلسطین، واجراءات التصویت داخل الجمعیة العامة للأمم المتحدة، التی تحدد مواقف الدول الاعضاء من هذا المرکز، ویتم منحها هذا المرکز بعد التثبت من تحقق عناصر قیام الدولة الفلسطینیة. | ||
Keywords | ||
الأمم المتحدة; العضویة; فلسطین | ||
Full Text | ||
اجراءات منح فلسطین مرکز دولة مراقب فی الأمم المتحدة-(*)- Measures for granting Palestine observer State Status in United Nations
(*) أستلم البحث فی 28/3/2018 *** قبل للنشر فی 15/5/2018. (*) Received on 28/3/2018 *** accepted for publishing on 15/5/2019. Doi:10.33899/alaw.2021.167841 © Authors, 2021, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license (http://creativecommons.org/licenses/by/4.0). المستخلص ان اجراءات منح فلسطین مرکز الدولة المراقب غیر العضو فی الامم المتحدة، بوصفها کیان لم یکتمل لدیها الوصف القانونی للدولة بسبب عامل الاحتلال، تتحدد فی اجراءات تقدیم الطلب الذی یتضمن شرح وافٍ للواقع القانونی الدولی لفلسطین، واجراءات التصویت داخل الجمعیة العامة للأمم المتحدة، التی تحدد مواقف الدول الاعضاء من هذا المرکز، ویتم منحها هذا المرکز بعد التثبت من تحقق عناصر قیام الدولة الفلسطینیة. الکلمات المفتاحیة: الأمم المتحدة، العضویة، فلسطین. Abstract The Procedures for granting Palestine the status of a Non-Member Observer state in the United Nations, as an entity, .did not have the legal description of the state due to the factor of occupation which is specified in the application procedures including a full explanation of the international legal reality of Palestine and the voting procedures in the General Assembly of the United Nations, which determine the membership situations from this status . It is granted this status after verifying that the elements of the establishment of the Palestinian state have been achieved . Key words: United Nations, Membership, Palestine. المقدمـة تنشط منظمة التحریر الفلسطینیة فی الامم المتحدة منذ عام 1974 بصفة (کیان مراقب) کونها الممثل الشرعی الوحید للشعب الفلسطینی وفقاً لقرارات الامم المتحدة بهذا الشأن، والذی تطور الى الاعتراف بها دولة بصفة المراقب فی المنظمة . ولا یتطلب الحصول على هذا المرکز سوى إجراءات التصویت بأغلبیة الثلثین فی الجمعیة العامة بعد تقدیم طلب الى الأمین العام للأمم المتحدة . أهمیة البحث لقد حظیت القضیة الفلسطینیة بالاهتمام الدولی فی وقت مبکر من نشأة الامم المتحدة، بل ان هذه القضیة لازمت تاریخ المنظمة الاممیة ولحد الان، ولطالما نظر الى القضیة الفلسطینیة على انها قضیة الشرق الاوسط والمهدد الاکبر للسلم والامن الدولیین. من هنا جاء تطور الوضع الفلسطینی فی الامم المتحدة بالسعی مؤخراً لمنحها مرکز (الدولة المراقب غیر العضو) فی الامم المتحدة، وهو مرکز تحظى به الفاتیکان فی الوقت الحاضر. إشکالیة البحث تثور الاشکالیة الاساسیة فی هذا البحث حول الکیفیة التی سارت علیها اجراءات منح فلسطین هذا المرکز داخل الامم المتحدة، ومنها تنطلق تساؤلات عدیدة، ابرزها هی کیف تم ترشیح فلسطین لمرکز الدولة المراقب ؟ وکیف حددت الدول الاعضاء فی الجمعیة العامة مواقفها من هذا المرکز ؟ وهل اثرت التهدیدات والضغوط الاسرائیلیة والامریکیة فی الحیلولة دون رفع مرکز فلسطین من کیان مراقب الى دولة مراقب غیر عضو فی الامم المتحدة. هدف البحث إننا سنعنى فی هذا المقام، بتتبع إجراءات منح فلسطین مرکز الدولة غیر العضو بصفة المراقب فی الأمم المتحدة، بوصفها کیان لم یکتمل لدیها الوصف القانونی للدولة، من حیث تقدیم الطلب الفلسطینی، وإجراءات التصویت وما یترتب علیها من مواقف الدول الأعضاء فی الجمعیة العامة، ومدى تحقق شرط الدولة، وانطباقها على الحالة الفلسطینیة، فی اطار عناصر قیام الدولة الفلسطینیة.
فرضیة البحث یعتمد البحث فرضیة تقوم على أساس عدم النص على هذا المرکز فی میثاق الأمم المتحدة, وبالتالی عدم النص على إجراءاته , وانما قام من خلال الممارسة العملیة التی سارت علیها الأمم المتحدة خلال تاریخها بمنح دول وکیانات لم تبلغ الوصف القانونی للدولة مرکز الدولة المراقب. نطاق البحث ینحصر نطاق البحث فی اجراءات منح فلسطین مرکز الدولة المراقب والتصویت لصالح فلسطین داخل الجمعیة العامة للأمم المتحدة ,والاعتراف لها بصفة الدولة غیر العضو فی الأمم المتحدة , وتحدید موقف کل دولة عضو من هذا المرکز. هیکلیة البحث قسمنا البحث الى المبحثین الآتیین : المقدمة المبحث الأول : عناصر قیام دولة فلسطین المطلب الأول : نبذة عن تطور القضیة الفلسطینیة فی الامم المتحدة . المطلب الثانی : العناصر المادیة لقیام الدولة الفلسطینیة. المطلب الثالث : العناصر القانونیة لقیام الدولة الفلسطینیة . المبحث الثانی: دور الأمم المتحدة فی منح فلسطین مرکز الدولة المراقب المطلب الاول: الطلب الفلسطینی المقدم إلى الجمعیة العامة . المطلب الثانی: التصویت فی الجمعیة العامة. المطلب الثالث : مواقف الدول الأعضاء فی الجمعیة العامة. الخاتمة المبحث الأول عناصر قیام الدولة الفلسطینیة جاء فی تقریر اللجنة المعنیة بقبول الاعضاء الجدد بشأن طلب فلسطین الانضمام الى عضویة الامم المتحدة ان فلسطین لا تستوفی عناصر قیام الدولة من وجهة نظر القانون الدولی، بسبب عدم سیطرة السلطة الفلسطینیة الفعلیة على الارض، وعامل الاحتلال اللذان یحولان دون منحها العضویة الکاملة. غیر اننا ارتأینا الحدیث عن تحقق عناصر قیام الدولة فی فلسطین المادیة منها والقانونیة، الامر الذی اهلها للحصول على مرکز دولة غیر عضو بصفة المراقب فی الأمم المتحدة, ذلکان وجود الدولة الفلسطینیة متحقق بعناصر قیامها، وباستمراریتها.وقبل الحدیث عن مدى تحقق عناصرقیام الدولة الفلسطینیة, نرى من الأهمیة بمکان إعطاء فکرة موجزة عن تطور القضیة الفلسطینیة فی الأمم المتحدة وفقاللمطالب الاتیة: المطلب الاول نبذة عن تطور القضیة الفلسطینیة فی الامم المتحدة سعى الفلسطینیون للاستقلال منذ فترة الاحتلال البریطانی لفلسطین، الا ان قرار التقسیم رقم (181) الصادر عن الجمعیة العامة للأمم المتحدة فی 29 تشرین الثانی 1947، احبط کل محاولات العرب والفلسطینیین فی التحرر والاستقلال . وفی اثناء حرب 1948 قام الفلسطینیون بإعلان استقلال فلسطین فی 10/10/1948، غیر ان سیطرة اسرائیل على 77% من ارض فلسطین المخصصة کإقلیم لها فی قرار التقسیم، وضم الاردن للضفة الغربیة، ووضع قطاع غزة تحت الادارة المصریة قد حال دون قیام الدولة الفلسطینیة بشکل فعلی(1). وفی عام 1964 تشکلت منظمة التحریر الفلسطینیة بهدف تحریر فلسطین کاملة طبقاً لما نص علیه المیثاق الوطنی الفلسطینی عام 1968. وقد تبنت منظمة التحریر سنة 1974 البرنامج المرحلی القائم على فکرة انشاء دولة فلسطینیة على ای بقعة محررة من ارض فلسطین، وقد منح هذا التحول الجوهری الباب امام المنظمة للدخول فی الامم المتحدة بصفة کیان مراقب یتمتع بحق المشارکة فی دورات الجمعیة العامة واعمالها بموجب القرار رقم 3237 (د-29) الصادر عن الجمعیة العامة فی 22/11/1974. الامر الذی دعا منظمة التحریر الى اعلان استقلال دولة فلسطین وقبول حل الدولتین فی 15/11/1988. وقد اعترفت الامم المتحدة بإعلان الاستقلال فی قرارها (43/177) المؤرخ فی 15/12/1988, وقررت الجمعیة استعمال اسم فلسطین بدلاً من منظمة التحریر تحت تسمیة "بعثة المراقبة الدائمة لفلسطین"([1]). توالت بعد ذلک المفاوضات بین الطرفین الفلسطینی والاسرائیلی بدعم دولی انتهت بعقد اتفاق اوسلو سنة 1993 اعترفت فیه منظمة التحریر الفلسطینیة (بدولة اسرائیل)، وبموجب هذا الاتفاق انشئت السلطة الوطنیة الفلسطینیة عام 1994، التی الغت البنود التی تتعارض مع اتفاقیة اوسلو بضمنها الکفاح المسلح([2]). اما على صعید الامم المتحدة، فقد توسعت امتیازات المشارکة لفلسطین فی دورات الجمعیة العامة واعمالها على المشارکة فی المؤتمرات الدولیة التی تعقد تحت اشراف الامم المتحدة او هیئاتها الدولیة بموجب القرار رقم (52/250) لسنة 1998. وکانت فلسطین قد تقدمت بطلب الانضمام الى عضویة الامم المتحدة فی تاریخ 23/10/2011، وفق الاجراءات المتبعة فی میثاق الامم المتحدة الا ان هذا الطلب فشل فی الحصول على توصیة بالإجماع من مجلس الامن بسبب الفیتو الامریکی. وجاء فی تقریر اللجنة المعنیة بقبول الاعضاء الجدد بشأن طلب فلسطین الانضمام الى عضویة الامم المتحدة، وهی لجنة تابعة لمجلس الامن "تتألف من ممثل واحد عن کل عضو من أعضاء المجلس "طبقا لنص(م/59) من النظام الداخلی لمجلس الامن , مختصة بفحص ما قد یقدم الى الأمم المتحدة من طلبات العضویة ومدى تحقق شروط العضویة فی الدولة مقدمة الطلب واعداد تقاریر عنها ترفع الى مجلس الامن ,تعتمد عند التوصیة بالإجماع من قبل الأعضاء الدائمیین لعضویة أی دولة . جاء فی تقریرها مقترحاً کإجراء وسط ان تتخذ الجمعیة العامة قراراً بمنح فلسطین صفة الدولة المتمتعة بمرکز المراقب، نظراً لاستیفاء فلسطین العناصر المادیة لقیام الدولة والواردة فی نص (م/1) من اتفاقیة مونتفیدیو لسنة 1933 من جهة، ولتعذر حصول الإجماع بالتوصیة على قبول عضویتها من جهة اخرى([3]). وعلى هذا الاساس تقدمت السلطة الوطنیة الفلسطینیة بطلب الحصول على وضع "دولة غیر عضو بصفة مراقب" فی 29 تشرین الثانی 2012، کما هو الحال مع دولة الفاتیکان، خصوصاً إذا ما علمنا ان فلسطین ممثلة "ببعثة المراقبة الفلسطینیة الدائمة" المصنفة تحت بند "کیانات اخرى" فی الامم المتحدة، تحمل بین طیاتها عناصر قیام الدولة. والدولة المراقب هی دولة غیر عضو فی الامم المتحدة تحظى بمرکز قانونی ادنى من ذلک المرکز الذی تحظى به الدول کاملة العضویة فی هذه المنظمة، حیث یسمح لها نظام العمل بالمنظمة المشارکة فی الحوارات والمداولات واعمال الجمعیة العامة، والتصویت على بعض الاجراءات، ولکنها لا تصوت على القرارات ولا تتم معاملتها کدولة کاملة العضویة، فلا یحق لها ان تطلب التصویت على قرار إحالة حالة او موقف للهیئات والوکالات والمنظمات التابعة للأمم المتحدة . ولن یسمح بانتخابها لمناصب او ان تتولى مناصب([4])، وبالتالی فالمراقبة تعنی المشارکة وتوضیح وجهات النظر فی المسائل الخاصة بکل حالة على حدا. المطلب الثانی العناصر المادیة لقیام الدولة الفلسطینیة وهذه العناصر هی إقلیم الدولة الفلسطینیة، والشعب الفلسطینی، والسلطة الفلسطینیة. الفرع الاول الاقلیم الفلسطینی الاقلیم الفلسطینی هو الاقلیم الذی وضع تحت الانتداب البریطانی (British Mandate) عام 1922، تحت اسم "فلسطین". وهی ذات الحدود الاداریة التی کانت بین الولایات فی عهد الدولة العثمانیة . بید انه قد لحق هذا الاقلیم تعدیل جوهری فی قرار التقسیم رقم (181) لعام 1947، اذ اضحى إقلیم الدولة الفلسطینیة لا یتعدى 46% من إقلیم فلسطین الاصلی . ونذکر هنا، ان قرار التقسیم لم یعمل على زوال الشخصیة القانونیة الدولیة لفلسطین، بل جعل هناک شخصیتین قانونیتین على إقلیم فلسطین هما الدولة العربیة والدولة الیهودیة([5]) . وهکذا ثبت قرار التقسیم (181) حدود اقلیم الدولة الفلسطینیة بشکل دقیق جداً، مصحوباً بخرائط مثبت علیها جمیع النقاط التی تدخل فی اطار هذا الاقلیم . وهو ما یدعو للقول بان حدود فلسطین الدولیة معروفة اکثر من أی دولة فی المجتمع الدولی فقد مسحتها بریطانیا براً وبحراً وجواً مرات عدیدة ولا یمکن ان یتسرب أی شک نحو حدودها الدولیة مع الدول المجاورة، تحت أی صورة من الصور . وقد استند اعلان قیام الدولة الفلسطینیة عام 1988 فی شرعیته إلى القرار (181) واعترافه به . ما یعنی التسلیم بحدود الدولة الفلسطینیة کما حددها القرار([6])، ومن ثم تکون حدود اقلیم الدولة الفلسطینیة هی تلک الحدود التی نص علیها قرار التقسیم . واذا کان هذا الاقلیم الفلسطینی قد خضع للاحتلال الإسرائیلی سواء فی ذلک ما احتلته إسرائیل فی عامی 1948 و 1967، فان هذا لا ینفی السیادة الفلسطینیة على کامل هذا الاقلیم، کما تحدد فی قرار التقسیم، فالاحتلال لا یؤدی إلى نقل السیادة إلى الدولة المحتلة، وانما تظل هذه السیادة للدولة صاحبة الاقلیم مهما طال امد الاحتلال طالما ان دولة السیادة لم تتنازل عنه أو تسکت عن المطالبة به([7]) . ومن ثم فان عنصر الاقلیم – رغم الاحتلال – یتوافر بکل تأکید للدولة الفلسطینیة، ومما یؤکد ذلک قرارات مجلس الامن (605 لسنة 1987، 607، 608 لسنة 1988) التی اعترفت بالأراضی التی تحتلها إسرائیل بانها اراضی عربیة (الجولان والضفة الغربیة قبل فک الارتباط) بالإضافة إلى قرار (242) فی 22 تشرین الثانی 1967 الذی اکد على انها اراضی فلسطینیة محتلة . ویقصد فی التفسیر السلیم لهذا القرار کامل اراضی فلسطین وفق قرار التقسیم([8]). وقد فسرت إسرائیل القرار على ان المقصود به هو الانسحاب من بعض الاقالیم التی یتم تحدیدها عن طریق المفاوضات، حیث طالب القرار بانسحاب القوات الإسرائیلیة من الاقالیم التی احتلتها عام 1967 . والسؤال هنا، هل یعد القرار (242)([9])، تعدیلاً لحدود الدولة الفلسطینیة الواردة فی قرار التقسیم ؟ صحیح ان هذا القرار خلا من الاشارة إلى قرار التقسیم، لکن مضمونة ایضاً لا یشیر إلى أی تعدیل فی القرار (181)، وعلیه فان قیام إسرائیل بالتجاوز لما خصصه لها قرار التقسیم من اراضی یؤکد عدم مشروعیة احتلالها لهذه الاراضی، والتی اشار لها صراحة القرار (242)، فی دیباجته بعدم جواز اکتساب أی اقلیم عن طریق الحرب، مما یعنی ضمناً ان القرار اکد على الحقوق الاقلیمیة للشعب الفلسطینی التی ثبتها قرار التقسیم، وبالتالی عدم مشروعیة احتلال إسرائیل لأجزاء من اقلیم الدولة الفلسطینیة([10]). لکن إسرائیل لم تلتزم ببنود هذا القرار خاصة البند المتعلق بالانسحاب من الاراضی التی احتلتها عام 1967 ولم تستطع الأمم المتحدة ان تلزمها بتنفیذ هذا القرار . وهو ما یفسر لنا، لما یطالب الفلسطینیون اقامة الدولة الفلسطینیة على حدود 1967، ولیس على حدود قرار التقسیم 1947، وهو ما اصطلح على تسمیته (اراضی 48) تلک الاراضی التی احتلتها إسرائیل فی حرب 1948 واعلانها "ان هذه الاراضی هی دولة إسرائیل" وتوالى اعتراف دول العالم بها حین دخلت الأمم المتحدة عام 1949، واصبحت شرعیة وتابعة لها ولا یجوز الدعوة إلى استرجاعها، لأنها دولة معترف بها عالمیاً ذات حدود دولیة. اما القدس فان ادارتها دولیة حسب قرار التقسیم، الا ان اسرائیل احتلت القسم الغربی منها عام 1948، ثم احتلت القدس الشرقیة عام 1967 الاضافة إلى غزة والضفة الغربیة، وهذا الاقلیم عملیاً اصبح هو اقلیم الدولة الفلسطینیة"([11]) . وقد اعترف الطرف الإسرائیلی فی اتفاق اوسلو لسنة 1993، بان الضفة الغربیة وقطاع غزة وحدة جغرافیة واحدة منفردة ومنفصلة عن اقلیم دولة إسرائیل([12])، الا ان واقع الامر یقول غیر ذلک، فاستمرار السلطة القائمة بالاحتلال بفرض طوق من المستوطنات غیر القانونیة فی الضفة والقطاع وفی القدس الشرقیة تبقی هذه المناطق مقیدة، ذلک ان هذه المستوطنات کمرکز قانونی تعتبر جزء لا یتجزأ من اراضی الضفة والقطاع، بینما تمثل ایضاً اماکن جغرافیة خارج النطاق الجغرافی لدولة إسرائیل، یطبق علیها القانون الإسرائیلی وبشکل خاص القانون الاساسی المتعلق بضم القدس. ومن اخطر مشاریع الاستیطان هو مشروع (E1) المخطط له منذ عام 1994 فی منطقة القدس الکبرى([13])، وفی هذا الخصوص اعتبر قرار الجمعیة 67/42 لسنة 2013 فرض السلطة القائمة بالاحتلال لقوانینها وولایتها وادارتها على مدینة القدس غیر قانونیة وباطلة ولاغیة وطالب القرار إسرائیل بالوقف الفوری لجمیع هذه التدابیر([14]). وقد طالبت السلطة الفلسطینیة بوقف جمیع انشطة الاستیطان الإسرائیلی فی الاراضی الفلسطینیة المحتلة، بما فیها القدس الشرقیة، فی الطلب الذی تقدمت به لنیل مرکز الدولة المراقب، کما اکدت على الانسحاب من إقلیم الدولة الفلسطینیة إلى ما قبل 5 حزیران 1967 مستندة فی ذلک إلى قرارات مجلس الامن التی تؤکد على عدم جواز القیام بای اجراء من شأنه ان یخلق واقع جغرافی یزعزع ملکیة السلطة الفلسطینیة وسیادتها على اقلیمها. ویجب ان لا نغفل ان تقریر اللجنة المعنیة بالأعضاء الجدد عند بحثها معاییر قیام الدولة الفلسطینیة، ذکرت ان فلسطین تستوفی شرط الاقلیم، وان عدم وجود حدود معینة بدقة لا یقف عائقاً امام قیام الدولة الفلسطینیة([15]). ونشیر هنا إلى ان مجلس الامن أصدر اخر قرار رقم (2334) فی 23 دیسمبر 2016 حث فیه على وضع نهایة للمستوطنات الإسرائیلیة فی الاراضی الفلسطینیة وطالب إسرائیل بوقف الاستیطان فی الضفة الغربیة بما فیها القدس الشرقیة، ووصفها بعدم شرعیة انشاء المستوطنات فی الارض المحتلة منذ عام 1967، وهو أول قرار یمرر فی مجلس الامن متعلق بإسرائیل وفلسطین منذ عام 2008، بدون فیتو امریکی([16]) بتصویت 14 وامتناع صوت واحد من اصل15. الفرع الثانی الشعب الفلسطینی لم یرد تعریف قانونی للشعب فی القانون الدولی او المواثیق الدولیة، الا ان الفقه عرفه على انه مجموعة من الناس المرتبطین باطار إقلیمی محدد والخاضعین جمیعا لسلطة واحدة یلتزمون نحوها بالولاء([17]). والشعب بالمفهوم القانونی الدولی ینصرف الى کونه رکن من ارکان الدولة والتی لا تقوم بدونه، وهو یعاصر وجود الدولة. ویرتبط افراد الشعب بالدولة برابطة الجنسیة التی تعد رابطة سیاسیة وقانونیة وترتب اثارا معینة ابرزها ولاء الافراد للدولة مقابل شمولهم بحمایتها، ویطلق على الافراد الذین یحملون جنسیة الدولة بالمواطنین لتمییزهم عن الاجانب المقیمین فی الدولة، ویتمتع الفرد بحمایة دولته سواء وجد على اقلیمها ام خارجها. اما الشعب فی إطار مبدا حق تقریر المصیر، فان جانب کبیر من الفقهاء([18]) یعد هذا الحق مقررا للشعوب المستعمرة وهی وحدها لها حق الاستفادة من هذا المبدأ بناءً على الرابطة الاستعماریة القائمة بین تلک الشعوب والاستعمار. فضلا عن الشعوب التی تعیش فی اقالیم تم اخضاعها للاحتلال الأجنبی او للضم بعد اعتماد میثاق الأمم المتحدة عام 1945، وذلک حسب القرار(2625) الخاص بتنمیة العلاقات الودیة بین الأمم والشعوب الصادر فی27/10/ 1970. والشعب الفلسطینی هو ذلک الشعب الذی حدده المیثاق الوطنی الفلسطینی فی مادته الخامسة، والذی یشمل العرب – مسلمون ومسیحیون ویهود – الذین اقاموا فی فلسطین حتى عام 1947، سواء من اخرج منها أو بقی فیها وکل من له اب فلسطینی داخل فلسطین أو خارجها بعد هذا التاریخ([19]). ولیس هناک أدنى شک فی ثبوت مفهوم الشعب لدى مواطنی الضفة الغربیة وقطاع غزة والقدس الشرقیة وفلسطینی المهجر، بتوافر الأسس المعنویة المتضمنة نضوج مسالة حق تقریر المصیر بالنسبة للشعب الفلسطینی وایمانه بالمصیر المشترک. فضلا عن الاسس الموضوعیة من وحدة اللغة والاصل والعادات والثقافة والترابط والاتصال الجغرافی (2)محامید ص26. والواقع ان الاعتراف للفلسطینیین بوصفهم "شعب" قد تأکد قبل عام 1947 وبعده، فوضع فلسطین تحت الانتداب (A) وفقاً للمادة (22) من عهد العصبة، یعنی التسلیم بان الفلسطینیین امة مستقلة أی شعب مستقل أو اهل للاستقلال. کما ان صدور قرار التقسیم (181) عام 1947 متضمناً انشاء دولة عربیة یؤکد على ان الفلسطینیین – عرب فلسطین وقت صدور القرار – هم شعب هذه الدولة. وتؤکد العدید من قرارات الأمم المتحدة التی صدرت منذ عام 1969 على کون الفلسطینیین شعب له الحق الکامل فی اقامة دولته([20]). واهم ما تضمنته قرارات الأمم المتحدة هو حق العودة للاجئین الفلسطینیین من الدول الاخرى. وحق العودة حسب د.محمد المجذوب هو حق کل فرد أو افراد وحق ذریاتهم فی العودة إلى الاماکن التی کانوا یقیمون فیها، والتی أکرهوا على مغادرتها، وفی استرداد ممتلکاتهم التی ترکوها أو فقدوها، أو فی الحصول على تعویضات عنها([21]). ویشمل حق العودة طبقاً للقانون الدولی المعاصر جمیع ضحایا التهجیر القسری. ویتصدر هذا المبدأ جمیع الوثائق الدولیة الخاصة بحقوق الانسان لضمان حد أدنى من الاستقرار لکل انسان فی بلده، إذا ما اکره على المغادرة فله حق العودة إلى بلده، من ذلک نص (م/13) من الاعلان العالمی لحقوق الانسان التی قالت لکل انسان حق العودة إلى بلده. وعلى هذا الاساس تضمن قرار الجمعیة العامة (194) لسنة 1948، على حق العودة للاجئین الفلسطینیین إلى دیارهم وارضهم وتعویض من لا یرغب فی العودة . وتأسست لهذه الغایة – العودة أو التعویض والتوطین لمن لا یرغب العودة – وکالة غوث اللاجئین الفلسطینیین فی الشرق الادنى (UNRWA) بموجب القرار (203) الصادر عن الجمعیة العامة فی 8/12/1949 . مما یعنی رفض الأمم المتحدة لتهجیر الفلسطینیین من المناطق المخصصة لهم فی قرار التقسیم([22]). وازدادت هذه المشکلة حدة بعد حرب 1967 وجاء قرار مجلس الامن 242 (1967) الذی تضمن بنداً على تحقیق تسویة عاجلة لمشکلة اللاجئین([23]) ونشیر هنا ان خلال الفترة 1948-1967 تعاملت الأمم المتحدة مع القضیة الفلسطینیة على انها مشکلة لاجئین فقط([24]). الا انه مع تصاعد وتیرة المقاومة الوطنیة الفلسطینیة فی عام 1969 وتأسیس منظمة التحریر الفلسطینیة، اتخذت القضیة الفلسطینیة بعداً عالمیاً، فصدر قرار (2535) بتاریخ 1/12/1969 وهو أول قرار یعترف صراحةً بالفلسطینیین کشعب "شعب فلسطین" خاضع للقانون الدولی، ویصنف حقوقه "غیر قابلة للتصرف" وبالدرجة الأولى حقه فی تقریر المصیر وحقه فی إقامة دولته المستقلة أی ان له نفس الحقوق المثبتة للشعوب الاخرى، ویقر بأن مشکلة اللاجئین العرب ناشئة عن انکار حقوقهم الثابتة التی لا یمکن التنازل عنها"([25]). وتوالت بعد ذلک القرارات([26]) التی تؤکد على حق العودة للاجئین الفلسطینیین وربط هذا الحق بحق تقریر المصیر، ما یمکننا استنتاج ان عدم التنازل عن هذه الحقوق یعنی عدم امکان توطین اللاجئین خارج فلسطین . وتضمن القرار (3089) لسنة 1973 الاحترام التام لحقوق شعب فلسطین الثابتة وتحقیقها خصوصاً حقه فی تقریر المصیر وعودة اللاجئین لابد منه لممارسة هذا الحق. ویتمیز حق العودة للاجئین الفلسطینیین بانه حق فردی یتمتع ببعد جماعی لکونه ینطبق على اغلبیة الشعب الفلسطینی بمعنى انه حق منشئ لحقوق قومیة تربطه بالحق فی تقریر المصیر. کما انه حق مدنی یؤدی إلى استعادة اللاجئ وضعه الحقیقی کمالک لأموال منقولة وغیر منقولة، ویؤدی إلى اعادة دمجه فی مجتمع سیاسی له حقوق وعلیه واجبات المواطنة. استناداً إلى ذلک، فان جمیع الفلسطینیین سواء القاطنین داخل فلسطین أو اللاجئین هم شعب فلسطین المعترف به فی الجمعیة العامة . هذا الاعتراف یکون کیان وطنی ممیز یوفر غطاءً قانونیاً لتمتع الشعب الفلسطینی بنفس الحقوق التی تتمتع بها الشعوب الاخرى طبقاً لمیثاق الأمم المتحدة([27]). وهذا ما تأکد فی اتفاق اوسلو 1993 الذی تضمن الاعتراف الصریح بحق الشعب الفلسطینی فی ممارسة حقوقه الشرعیة والسیاسیة، والحق فی العیش فی أمان، فی نصوص المواد (3، 6، 11) کما نصت رسالة الاعتراف بمنظمة التحریر الفلسطینیة التی وجهها رئیس الحکومة الإسرائیلیة رابین إلى الرئیس یاسر عرفات (رحمه الله) على الاعتراف المباشر بالشعب الفلسطینی وحقه فی تقریر المصیر . کما جاء فی وثیقة بیلن – ابو مازن فی 1/11/1995 فی البند الثانی ان الدولة الفلسطینیة ستکون وطن جمیع الفلسطینیین([28]). الا ان إسرائیل ما زالت ترفض حق العودة، جاء هذا على لسان شمعون بیریس عندما قال "حان الوقت للبحث عن حل معقول ومناسب لمشکلة اللاجئین والعودة حل غیر مقبول لأنه یقوض الطابع القومی لدولة إسرائیل"([29]). ومن الجدیر بالذکر ان مشکلة اللاجئین الفلسطینیین وحق العودة من المسائل التی ترکت لمفاوضات الحل النهائی بین فلسطین وإسرائیل حسب اتفاقات اوسلو . وفی المقابل ما فتئت السلطة الفلسطینیة تتمسک بحل مشکلة اللاجئین حلاً عادلاً طبقاً للقرار (194) واعمال حقوق الشعب الفلسطینی غیر القابلة للتصرف بما فیها حق العودة. ولقد اقر صفة "الشعب" للفلسطینیین تقریر اللجنة المعنیة بقبول الأعضاء الجدد بشأن طلب فلسطین الانضمام إلى عضویة الأمم المتحدة، وتم التأکید على ان فلسطین تستوفی شرط السکان الدائمیین کأحد عناصر قیام الدولة([30]) . وطالما ثبت مفهوم الشعب الفلسطینی قانونیاً ودولیاً، فانه یقع على عاتق السلطة الفلسطینیة تحدید من یکون ضمن هذا الشعب من خلال الجنسیة الفلسطینیة، وهو ما نصت علیه (م/12) من مشروع الدستور الفلسطینی لسنة 2003 التی تضمنت "الجنسیة الفلسطینیة ینظمها القانون دون المساس بحق کل من اکتسبها قبل الخامس عشر من ایار 1948 وفقاً للقانون أو بحق الفلسطینی الذی کان یقیم فی فلسطین قبل ذلک التاریخ وهجر أو نزح منها أو منع من العودة الیها"([31]) . و"للفلسطینی الذی هجر من فلسطین أو نزح عنها لحرب عام 1948، ومنع من العودة الیها حق العودة إلى الدولة الفلسطینیة وحمل جنسیتها"([32]). الا انه فی واقع الامر فان الفلسطینیین والإسرائیلیین اتفقوا على ارجاء مناقشة موضوع الجنسیة إلى حین الانتهاء من مشکلة اللاجئین([33]). الفرع الثالث السلطة الوطنیة الفلسطینیة تکونت السلطة الوطنیة الفلسطینیة بموجب اتفاق اوسلو الذی وقعته حکومة إسرائیل ومنظمة التحریر الفلسطینیة عام 1993، لتکون اداة مؤقتة للحکم الذاتی للفلسطینیین فی الضفة الغربیة وقطاع غزة([34])، فقد نصت اتفاقیة اعلان المبادئ على اقامة سلطة حکومة ذاتیة انتقالیة فلسطینیة تتمثل بمجلس فلسطینی منتخب لیمارس سلطات وصلاحیات فی مجالات محددة ومتفق علیها لمدة خمس سنوات([35]). وعلیه فان تشکیل السلطة یعد نواة الدولة الفلسطینیة المقبلة، لان الهدف النهائی لاتفاقات السلام هو دولة فلسطینیة مستقلة على کامل الضفة الغربیة وغزة وعاصمتها القدس الشرقیة، حسب الاتفاقیة. وعلى هذا الاساس تسلمت السلطة الفلسطینیة الحکم فی غزة واریحا 10 ایار عام 1994 بعد انسحاب إسرائیل من (85%) من هذه المناطق فی هذا التاریخ تطبیقاً لاتفاقیة اعلان المبادئ، وعاش سکان المدینتین لأول مرة فی ظل "سلطة فلسطینیة" ثم توسعت صلاحیاتها لتمتد إلى مناطق اخرى فی الضفة الغربیة وقطاع غزة عام 1995 . وجرى انتخاب أعضاء المجلس التشریعی الفلسطینی الأول فی 20/12/1996، لیمارس فیها الفلسطینیون ولأول مرة انتخابات فی ظل سلطة وطنیة فلسطینیة فوق الاراضی الفلسطینیة والتی عدتها السلطة الفلسطینیة بدایة مرحلة جدیدة على طریق تطور النظام السیاسی الفلسطینی، الذی کان یجب ان یؤدی إلى قیام الدولة الفلسطینیة فی 4 ایار 1999([36]) . تختلف السلطة الفلسطینیة عن منظمة التحریر الفلسطینیة، فمنظمة التحریر الفلسطینیة هی کیان سیاسی یعتبر الممثل الشرعی والوحید للشعب الفلسطینی وفقاً لمؤتمر القمة العربی المنعقد فی الرباط عام 1974، والقرارات الصادرة عن الأمم المتحدة . اما السلطة الفلسطینیة فهی کیان اداری وسیاسی لتنفیذ اتفاقیة لحکم اداری وسیاسی محدود فی بعض مناطق الضفة الغربیة وقطاع غزة([37]) . وتتکون السلطة الفلسطینیة من المجلس التشریعی والسلطة التنفیذیة. والمجلس التشریعی یعتبر بمثابة الهیئة التشریعیة أو البرلمان بالنسبة للدول المعترف بها، وقد انتخب فلسطینیو الضفة وغزة والقدس الشرقیة والخلیل أعضاء المجلس التشریعی ورئیس السلطة التنفیذیة انتخاباً مباشراً تحت اشراف دولی، طبقاً لنص (م/3) من اتفاقیة اعلان المبادئ، ونص (م/1) من البروتوکول الخاص بالانتخابات الملحق باتفاقیة المرحلة الانتقالیة([38]). ما یعنی فصل انتخاب السلطتین (التشریعیة والتنفیذیة)، وهو تحول مهم فی صیغة المشارکة الشعبیة فی الحیاة السیاسیة الفلسطینیة، والانتقال من الشرعیة الثوریة إلى الشرعیة الشعبیة المعبرة عن ارادة الشعب بطرائق دیمقراطیة. ویضطلع المجلس التشریعی بمهام تشریعیة ورقابیة وسیاسیة، ویقوم المجلس التشریعی بمنح الثقة لرئیس الوزراء ومجلس الوزراء. ویتکون من (132 عضو) خصصت (6 مقاعد) منها للمسیحیین ومقعد للطائفة السامریة، حسب الانتخابات الثانیة التی جرت فی 25 کانون الثانی 2006، وفقاً لقانون الانتخابات التشریعیة المعدل رقم (9) لسنة 2005([39]) . وعلى الرغم من ان اتفاقیات اوسلو منحت المجلس حق التشریع واقرار القوانین ضمن ولایته الا انها فرضت علیه نوعین من القیود القید الأول : هو عدم امکانیة المجلس اصدار تشریعات تلغی قوانین ساریة المفعول أو اوامر عسکریة تفوق ولایته أو تکون مخالفة لأحکام الاتفاقیات المعقودة بین الطرفین([40])، اما القید الثانی : فهو للجانب الإسرائیلی لفت نظر اللجنة القانونیة لأیة تشریعات تعتبر إسرائیل ان البند الرابع ینطبق علیه([41]) . حیث اکدت (م/4) من اتفاقیة اعلان المبادئ لسنة 1993، وبوضوح على ان ولایة المجلس الفلسطینی ستمتد على منطقة الضفة الغربیة وقطاع غزة، باستثناء تلک المسائل التی سیتم التفاوض علیها بمفاوضات الوضع الدائم، وهی الامن الداخلی والخارجی والحدود واللاجئین والنظام العام للمستوطنات والإسرائیلیین والقدس، واستمرار استخدام طرقات قطاع غزة ومنطقة اریحا بحریة من قبل القوات الإسرائیلیة والمدنیین والإسرائیلیین لان هذه الصلاحیات غیر منقولة للمجلس الفلسطینی([42]). وهکذا فان إسرائیل تمارس ولایتها على هذه القضایا مباشرةً خلال المرحلة الانتقالیة، وهی من اخطر القضایا التی تم تأجیلها إلى مرحلة المفاوضات النهائیة . وبموجب اتفاق 1995 تم تقسیم قطاع غزة والضفة الغربیة إلى ثلاثة اقسام، مناطق (أ) تخضع امنیاً واداریاً بالکامل للسلطة الفلسطینیة. مناطق (ب) وتخضع اداریاً للسلطة الفلسطینیة وامنیاً لإسرائیل، ومناطق (ج) تخضع للسیطرة الإسرائیلیة فقط، (المستوطنات الإسرائیلیة والقدس الشرقیة)([43]) . یتبین مما تقدم، ان الصلاحیة التشریعیة للسلطة الفلسطینیة هی صلاحیات منقوصة محکومة ببنود الاتفاقیة فلا تمتلک السلطة صلاحیة التشریع فی المسائل التی لم تنتقل الیها، أو التشریع على المناطق غیر الخاضعة لها (المستوطنات)، الا بعض الاستثناءات، تمتلک السلطة الفلسطینیة الولایة الجنائیة على الفلسطینیین الذین یرتکبون مخالفات ضد الفلسطینیین شرط عدم المساس بالأمن الإسرائیلی، کما لها الولایة فی القضایا المدنیة والاحوال الشخصیة طبقاً للأوامر العسکریة الإسرائیلیة الصادرة من وزارة الدفاع الإسرائیلیة عام 1967([44]) . وفیما یتعلق بالسلطة التنفیذیة فإنها تتکون من رئیس ومجلس وزراء، یعتبر بمثابة الحکومة وهو الاداة التنفیذیة لما یتخذه من قرارات وما یتم التوصل الیه من اتفاقات. وتختص السلطة التنفیذیة بتسییر امور الحکم الذاتی فی مناطق السلطة فی المرحلة الانتقالیة، ویتم فرض الضرائب وتحصیلها لدفع رواتب الموظفین وقد تم بناء العدید من البنى التحتیة (طرق ومطار غزة ...الخ)، کما تم تأسیس العدید من المؤسسات الاقتصادیة (البنک المرکزی)، رغم ان إسرائیل منعت السلطة المؤقتة من اصدار عملة خاصة بها([45])، واخیراً، تم انشاء الشرطة الفلسطینیة والاجهزة الامنیة منها الامن الوقائی والامن الوطنی والمخابرات العامة یمکن ان تظهر وکأنها نواة لجیش فلسطینی، وتوطئة لاحتکار وممارسة القوة والقمع مهمتها فرض النظام والامن الداخلی . مما یعنی ان السلطة الفلسطینیة لا یحق لها تشکیل جیش خاص بها، ولا ادخال أیة اسلحة الا بموافقة إسرائیل([46]) . وقد نظم القانون الاساس المعدل لسنة 2003 و 2005، ونص على ان السلطة القضائیة مستقلة تتولاها المحاکم على اختلاف انواعها، کما نص على استقلال القضاة . وجاء فی نص (م/100) من القانون الاساس المعدل لسنة 2003 على ان یتولى مهام ادارة شؤون القضاء، مجلس اعلى للقضاء . ویتکون نظام المحاکم فی اراضی السلطة من المحاکم النظامیة والمحاکم الشرعیة والدینیة والمحاکم الاداریة ومن المحکمة الدستوریة([47]) . استنتاجاً، نقول ان قیام الدولة الفلسطینیة یستند حتماً إلى قدرتها فی بناء مؤسسات الدولة والمحافظة علیها، ویشکل هنا احد أهم مبادئ اتفاقیات اوسلو الانتقالیة حتى یومنا هذا، وهی المستندات الوحیدة التی تحکم السلطة الفلسطینیة وتحدد علاقاتها داخلیاً وتجاه إسرائیل والمجتمع الدولی . غیر ان معادلة بناء الدولة کمقدمة للحصول علیها، یفترض ان تقوم على علاقة عکسیة، بین "بناء الدولة" الفلسطینیة والاحتلال الإسرائیلی، ویبدو واضحاً من وجهة نظر إسرائیل انها تعتبر ان "بناء دولة" فلسطینیة تحت سیطرتها یحافظ على الوضع الراهن ویضع الفلسطینیین فی غموض سیاسی وقانونی، ویحررها من مسؤولیتها تجاه الشعب المحتل کما یتطلب القانون الدولی، کما ان بناء دولة فلسطینیة لم یعطل الاستیلاء الإسرائیلی المتواصل على الاراضی فی المناطق المحتلة على شکل مستوطنات وجدران وطرق التفافیة، فی المقابل لم تستطیع السلطة الفلسطینیة تخفیف قدرة إسرائیل على التحکم بکافة جوانب الحیاة فی فلسطین. واذا کان وضع العراقیل عند التطبیق السیاسی للسلطة الفلسطینیة ومؤسساتها بسبب واقع الاحتلال واتفاقات اوسلو اثره السلبی على مسار تأسیس الدولة، فان مشارکة حماس([48]) – وهی لا تشکل جزءاً من منظمة التحریر الفلسطینیة – فی السلطة اثارت مشاکل صعبة وکبیرة فی تقاسم السلطة، وذلک بعد فوزها الساحق فی الانتخابات التشریعیة عام 2006، فقد حصلت على (67) مقعد من المقاعد النیابیة من اصل (132) . الامر الذی اهلها بتشکیل حکومة "الوحدة الوطنیة" التی تضم جمیع الفصائل الفلسطینیة بأغلبیة من حماس وبرئاسة السید (اسماعیل هنیة). غیر ان الولایات المتحدة وإسرائیل ودول اوربیة وعربیة وتیار داخل السلطة الفلسطینیة (فتح) لم تعترف بنتائج الانتخابات وقاطعت الحکومة الجدیدة، ونشب خلاف وصل إلى حد الاقتتال فی الداخل الفلسطینی بین السلطة الفلسطینیة التی تسیطر علیها فتح، وبین الحکومة الفلسطینیة التی تتولاها حماس فی غزة بسبب اختلاف الرؤى بینهما، مما ساهم فی شل عمل المجلس وانقسامه إلى مجلسین، الأول لحماس وتسیطر على قطاع غزة، والثانی لحرکة فتح فی الضفة الغربیة، ولم یعترف أی منهما بالأخر([49]) . ولعل ابرز ما یعرقل العملیة السیاسیة فی فلسطین، هو ان مؤسسات السلطة الفلسطینیة على الرغم من کونها منتخبة الا انها غیر مؤهلة حسب اتفاقات اوسلو للقیام بالمفاوضات الدولیة بما فیها محادثات السلام مع إسرائیل. فمنظمة التحریر الفلسطینیة هی التی وقعت المعاهدات والاتفاقیات الدولیة، وهی الممثلة الوحیدة والشرعیة للشعب الفلسطینی فی الأمم المتحدة، لذلک فان الضرورة تقتضی الفصل التام بین رئاسة السلطة الفلسطینیة ورئاسة اللجنة التنفیذیة لمنظمة التحریر الفلسطینیة، وتحدید صلاحیات الرئاسة والحکومة وصلاحیات المجلس الوطنی الفلسطینی والمجلس التشریعی للسلطة الفلسطینیة، لان التداخل فی رئاسة السلطة ورئاسة المنظمة اوجدته ظروف مرحلة معینة لم تعد موجودة، واصبح من المستحیل استمراره حالیاً مع دخول شریک جدید فرض نفسه بعد الانتخابات التشریعیة([50]) . وعلى ذلک جاء تقریر اللجنة المعنیة بقبول الأعضاء الجدد بشأن طلب فلسطین الانضمام إلى الأمم المتحدة، مؤکداً على ان فلسطین تستوفی معیار الحکومة. غیر ان سیطرة حماس على غزة هی السلطة القائمة بحکم الواقع، کما ان الاحتلال الإسرائیلی عامل یحول دون بسط الحکومة الفلسطینیة سیطرتها الکاملة على ارضها . کما اکد على ان منظمة التحریر الفلسطینیة هی الممثل الشرعی للشعب الفلسطینی ولیس حماس([51]). وقد تکثفت الجهود العربیة للتوصل إلى اعادة تشکیل حکومة الوحدة الوطنیة الا انها لم تصل إلى نتیجة، کما ان اجراء انتخابات جدیدة فی ظل الوضع الراهن غیر ممکن. ومنذ 24/10/2010 انتهت ولایة الرئیس الفلسطینی ولا زال یمارس صلاحیاته، والحکومة الشرعیة موجودة فی غزة رغم تشکیل حکومة واقعیة فی الضفة الغربیة، اما البرلمان فإسرائیل تعتقل رئیسه و (40) اخرین من اعضائه فلا یجتمع ابداً کما ان ولایته منتهیة، وعلیه فلا شیء قانونی وشرعی فی السلطة الفلسطینیة الحالیة([52]) . وعلى الرغم من هذه الخلافات ومحاولات إسرائیل استغلالها فی المنابر الدولیة([53])، الا ان قیام السلطة الفلسطینیة یعد تجسید للدولة الفلسطینیة (المستمرة)([54]) لممارسة سلطتها على اقلیم فلسطین، والتی کان متفقاً الاعلان عن استقلالها فی 5/5/1999، الا انه لعدم التوصل إلى تسویة نهائیة لم یتحقق ذلک، ولکن هذا قانونیاً لا ینفی وجود الدولة الفلسطینیة التی ارست قواعدها مظاهر الدولة کالسلطة التشریعیة (المجلس التشریعی الفلسطینی) والسلطة التنفیذیة (مجلس الوزراء)، والجهاز القضائی (المحاکم الفلسطینیة)، والمؤسسات والشرکات الفلسطینیة (البنیة التحتیة). المطلب الثالث العناصر القانونیة لقیام الدولة الفلسطینیة الفرع الاول قرارات الأمم المتحدة تشکل قرارات الأمم المتحدة الاساس القانونی لحق الشعب الفلسطینی فی تکوین دولته المستقلة، والقرار الاهم فی تأسیس الدولة الفلسطینیة هو قرار التقسیم رقم (181) لسنة 1947 الصادر عن الجمعیة العامة للأمم المتحدة، وکذلک القرار (242) (1967) الصادر عن مجلس الامن. فیما یتعلق بالقرار (181) نشیر، إلى ان القرارات الصادرة عن الجمعیة العامة غیر ملزمة الا فیما یتعلق باختصاصاتها، فقراراتها لا تعدو ان تکون توصیة ولا تتمتع بالقوة القانونیة الملزمة الا فی مواجهة من قبلها من الدول. الا ان الملاحظ على قرار التقسیم تواتر الاعتراف الدولی به صراحةً أو ضمناً وتواتر الاشارة الیه فی جمیع قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالقضیة الفلسطینیة، وهو ما یمکن ان یؤدی إلى القول بنشوء عرف دولی یحمل ذات المعانی الواردة فی القرار. اضافة إلى قبول إسرائیل به فی اللحظة التی صدر بها، واعلان المجلس القومی الیهودی قیام دولة إسرائیل عام 1948، وتعهدها بتنفیذه فی قرار قبول عضویتها فی الأمم المتحدة . واذا کان الفلسطینیون قد رفضوا الاعتراف بالقرار فی البدایة الا انهم قبلوه صراحة حین اعلن المجلس الوطنی الفلسطینی فی "اعلان الاستقلال" الصادر فی 15 تشین الثانی 1988، حیث جاء فیه : "مع الظلم التاریخی الذی لحق بالشعب العربی الفلسطینی اثر قرار الجمعیة العامة رقم (181) لسنة 1947، الذی قسم فلسطین إلى دولتین عربیة ویهودیة، فان هذا القرار ما زال یوفر شروطاً للشرعیة الدولیة تضمن حق الشعب العربی الفلسطینی فی السیادة والاستقلال الوطنی"([55]) . وهکذا فان طرفی النزاع المباشرین – الیهود والفلسطینیین – اعلنا قبولهما صراحةً بالقرار لإقامة دولتیهما مما یعنی اکتساب القرار الصفة الالزامیة، وعلى المجتمع الدولی العمل على تنفیذه کاملاً ولیس مجرد الاقتصار على تنفیذ جزء منه دون الاخر، فهذا القرار الوحید الذی ینص صراحةً على اقامة الدولة الفلسطینیة – العربیة وفی هذا تحدید لهویة هذا الشعب واعتراف مباشر فی حقه بإقامة دولته المستقلة . اما القرار (242) لسنة 1967 الصادر عن مجلس الامن الذی نص على الانسحاب الإسرائیلی إلى حدود ما قبل 5 حزیران 1967، فهو قرار ملزم ویعد الاساس القانونی فی تثبیت حدود الدولة الفلسطینیة إلى ما قبل ذلک التاریخ، ونصه على احترام السیادة الاقلیمیة واحترام حق کل دولة فی المنطقة فی العیش داخل حدود امنه ومعترف بها، انما یرتب التزاماً باحترام حدود الدول العربیة المعترف بها من جهة، وحدود الدولتین الإسرائیلیة والفلسطینیة کما حددها قرار التقسیم من جهة اخرى([56]). الا ان إسرائیل فسرت القرار لمصلحتها، کما سبق وان شرحنا، واستمرت فی احتلالها لتلک الاراضی مما یشکل خرقاً للالتزام الوارد بقرار المجلس . ما یهمنا من القرار رقم (242) انه تحدث فی الفقرة (ب) على انهاء الحرب واحترام واقرار الاستقلال والسیادة الاقلیمیة والاستقلال السیاسی لکل دولة فی المنطقة، مما یفسر على ان هذا القرار یعد استمراراً لقرار التقسیم فیما یتعلق بالإقرار بضرورة قیام دولة فلسطینیة مستقلة، رغم ان القرار لم یشر صراحةً إلى موضوع الدولة الفلسطینیة([57]). الا انه نص صراحةً على الاستقلال والسیادة الاقلیمیة. کما ان القرار (338) الصادر فی 22 تشرین الأول 1973 عن مجلس الامن تضمن صراحةً تنفیذ القرار (242) بکل اجزائه فوراً([58]). ورغم الزامیة القرار الا ان ما نفذ منه فقط وقف اطلاق النار لحمایة إسرائیل ولم یتم تنفیذ أی من القرارین لقیام الدولة الفلسطینیة . وعلى هذا الاساس اقتضت (م/1) من اتفاق اعلان المبادئ لسنة 1993 بان هدف الحل الرئیس هو الوصول إلى تطبیق وتفعیل قراری (242) و (338) . وهذا یعنی ان الطرفان الإسرائیلی والفلسطینی قد اقرا واعترفا بان المنطلق الاساسی للحل هو تحقیق وتنفیذ ما جاء فی القرارین. والتساؤل الذی یثار هو لماذا لم یتفق الطرفان على الاعتماد على القرار (181) کأساس غیر بدیل للحل الذی ینص صراحةً وبشکل قطعی على اقامة دولة فلسطینیة، فی الوقت الذی ینص قرار (242) على الانسحاب من اراضی محتلة لم یخصصها القرار، وانما یخضع هذا التخصیص للمفاوضات بین اطراف النزاع . وهذا یعنی ان القیادة الفلسطینیة تفاوض فقط على اراضی 1967 المحتلة. خلاصة القول ان القرار (242) لا یمکن تجریده من اثاره القانونیة لأنه یُرسی حقوق شرعیة للشعب الفلسطینی فی اقامة دولته المستقلة على حدود 1967 . کما ان القرار (181) المؤسس للدولة الفلسطینیة منذ عام 1947 ما فتئت السلطة الفلسطینیة تستند الیه فی المطالبة بهذه الدولة فی کل مناسبة. الفرع الثانی حق الشعب الفلسطینی فی تقریر المصیر وهناک بالإضافة إلى قرارات الأمم المتحدة التی تؤسس لدولة فلسطینیة، هناک ایضاً حق الشعب الفلسطینی فی تقریر المصیر . ینبغی لأی کیان محتل یسعى إلى تقریر مصیره ان تتحقق فیه متطلبات هذا الحق، ولعل اهمها، القدرة على التمتع بالحکم الذاتی الکامل مع النضوج السیاسی والاقتصادی والتربوی. ووجود تنظیم سکانی على اقلیم معین محدد، کذلک القدرة على ایجاد عوامل الدولة القابلة للحیاة والاستمرار وکذلک السیطرة الفعلیة على الاقلیم. وینبغی توافر مجموعة من الاسس المعنویة التی تربط ابناء الشعب مع بعضهم، اضافة إلى توفر مستلزمات الدولة من مؤسسات وموارد مالیة وتنظیم قانونی بالإضافة إلى التشریع والقضاء والادارة والقدرة على فرض القانون([59]). ولیس هناک داعی للقول بان مثل هذه الضوابط متحققة فی الکیان الفلسطینی، ونکتفی بالتدلیل على قرارات الأمم المتحدة الخاصة بحق الشعب الفلسطینی فی تقریر المصیر استناداً إلى اسس قانونیة وعوامل موضوعیة فی الاستقلال السیاسی والاقتصادی والاجتماعی والثقافی([60])، ونخص هنا تحدیداً القرار (3236) لسنة 1974، الذی عرف ماهیة حق تقریر المصیر للشعب الفلسطینی الذی اقر من بین تأکیداته حق الشعب فی تقریر مصیره السیاسی، واحترام جمیع حقوقه غبر القابلة للتصرف، وطالب مجلس الامن باتخاذ إجراءات وخطوات من شأنها تمکین الشعب الفلسطینی من ممارسة هذا الحق، وانسحاب إسرائیل من الاراضی المحتلة سنة 1967، وتسلیم الاراضی لمنظمة التحریر الفلسطینیة بالتعاون مع جامعة الدول العربیة([61]) . ویشکل نص (م/1) المشترکة الواردة فی العهدین الدولیین لحقوق الانسان لسنة 1966، والاعلان العالمی لحقوق الانسان لسنة 1948، ونص (م/1 ف2) و(م/55) من میثاق الأمم المتحدة، اساساً قانونیاً مرسخاً لتأکید ثبوتیة حق الشعب الفلسطینی بالتمتع بحق تقریر المصیر وفی الاستقلال والحق فی ان یقرر بحریة کیانه السیاسی ومواصلة نموه الاقتصادی والاجتماعی والثقافی. ومن الجدیر بالذکر ان القرارات الاخیرة الصادرة عن الأمم المتحدة تؤکد على قراراتها السابقة فی حق الشعب الفلسطینی فی تقریر مصیره، فقد جاء فی القرار رقم (58/292) الصادر بتاریخ 6 حزیران 2004، لیؤکد "حق الفلسطینیین فی تقریر المصیر والسیادة على اراضیهم، وان إسرائیل الدولة المحتلة تمتلک فقط واجبات والتزامات الدولة المحتلة بموجب معاهدة جنیف الرابعة ومعاهدة لاهای الرابعة لعام 1907"([62]). وکذلک القرار رقم (66/146) المؤرخ فی 29 مارس 2012، اکد على حق تقریر المصیر للشعب الفلسطینی بما فی ذلک الحق فی ان تکون له دولته المستقلة فلسطین([63]). فضلا عن قرار مجلس الامن رقم (1397) فی 2002 الذی احدث تحولاً على صعید الشعب الفلسطینی والوضع السیاسی للقضیة الفلسطینیة، وعلى صعید الشرعیة الدولیة عندما اطلق القرار تسمیة "الدولة الفلسطینیة" جنباً إلى جنب مع دولة إسرائیل لأول مرة فی مداولاته منذ تأسیسه . وتبدو اهمیة هذا القرار فی انه جاء تتویجاً وتأکیداً على جمیع القرارات التی اصدرتها الأمم المتحدة الخاصة بفلسطین، خصوصاً القراران (194) و(242). وهذه المرة الأولى التی یصدر فیها قرار من مجلس الامن بقیام دولة فلسطینیة بعد قرار التقسیم (181) عام 1947([64]). وهکذا، فان الشعب الفلسطینی یکون قد استکمل کافة العناصر اللازمة لاعتباره شعباً یتمتع بحق تقریر المصیر. بناءً على ذلک، فان إسرائیل ملزمة بتطبیق حق تقریر المصیر للشعب الفلسطینی، ما دامت انها عضو فی الأمم المتحدة ومصادقة على المیثاق والعهدین الدولیین والاعلان العالمی لحقوق الانسان، ومادام "حق الشعوب فی تقریر المصیر" قاعدة الزامیة فی القانون الدولی، ومادامت اعترفت بصراحة بحق هذا الشعب فی تقریر مصیره فی اتفاق اعلان المبادئ لسنة 1993 والاقرار للشعب الفلسطینی بممارسة حقوقه الشرعیة والسیاسیة بنص صریح فی هذا الاتفاق . وممارسة هذا الحق هو اقامة الدولة الفلسطینیة ولیس ادل على ذلک من قول بروسور فی الأمم المتحدة: "ان إسرائیل مستعدة للعیش فی سلام مع دولة فلسطینیة، ولکن یجب ان یعترف الفلسطینیون بالدولة الیهودیة"([65]) . نخلص مما تقدم، ان حق تقریر المصیر یشکل اساساً قانونیاً للشعب الفلسطینی للاستناد الیه فی اقامة الدولة الفلسطینیة مع تحقق العناصر المادیة لهذه الدولة . وهذا ساعدها على تقدیم طلب الاعتراف بها "دولة" غیر عضو فی الأمم المتحدة بصفة المراقب، مع قیام حالة الاحتلال. المبحث الثانی دور الجمعیة العامة فی منح فلسطین مرکز دولة مراقب ینحصر دور الجمعیة العامة حسب ما جرت علیه الممارسة الدولیة فی المنظمة فی اجراءین، هما قبول طلب فلسطین الخاص بتغیر مرکزها القانونی الى دولة مراقب غیر عضو فی الأمم المتحدة، وعرضه للتصویت على الدول الاعضاء داخل الجمعیة العامة، لتحدد کل دولة موقفها من منح فلسطین هذا المرکز. وهو ما سنتحدث عنه فی المطلبین الآتیین: المطلب الاول الطلب الفلسطینی المقدم إلى الجمعیة العامة على اثر عجز مجلس الامن عن الوصول إلى توصیة بالإجماع لمنح فلسطین العضویة الکاملة([66]) فی الأمم المتحدة، بناءً على الطلب الذی تقدمت به فلسطین فی 23/9/2011 قدمت اللجنة المعنیة بقبول الأعضاء الجدد التابعة لمجلس الامن بشأن طلب فلسطین الانضمام الى عضویة الامم المتحدة، تقریراً تضمن مقترحاً بمنح فلسطین صفة "الدولة" غیر العضو المتمتعة بمرکز المراقب فی الأمم المتحدة([67]). وهکذا تم ترشیح فلسطین من قبل مجلس الامن بعد فشل الجهود الفلسطینیة لنیل صفة "الدولة" کاملة العضویة بسبب الفیتو الامریکی الذی هددت به الولایات المتحدة بشکل علنی فی حال تقدمت فلسطین بطلب العضویة وعلى اساس هذا الترشیح تقدمت السلطة الوطنیة الفلسطینیة، وعبر مجموعة من الدول العربیة والصدیقة الأعضاء فی الأمم المتحدة بتاریخ 29/11/2012 بمشروع قرار یتناول ترفیع مکانة فلسطین من کیان مراقب إلى "دولة مراقب" فی الأمم المتحدة([68]). وتناول الطلب الفلسطینی المقدم إلى الجمعیة العامة للأمم المتحدة، والمعنون "مرکز فلسطین فی الأمم المتحدة"، التأکید على مجموعة من القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة التی تؤکد حق الشعب الفلسطینی فی تقریر مصیره، وعلى تحقیق مبدأ الحقوق المتساویة فی اشارة إلى قرار (2625) (د-25) المؤرخ فی 24 تشرین الأول 970 . وعلى هذا الاساس، اشار الطلب إلى حق الشعب الفلسطینی فی ان تکون له دولة متمتعة بالاستقلال والسیادة والدیمقراطیة، وذلک بالاستناد إلى القرار رقم (181) المؤرخ فی 29 تشرین الثانی 1947. وفی هذا الاطار جاء التأکید على مبدأ میثاق الأمم المتحدة، بعدم جواز الاستیلاء على الاراضی بالقوة، وفقاً لقرارات مجلس الامن ذات العلاقة، بما فیها القرارات (242) لسنة 1967 وقرار (338) لسنة 1973 وقرار (446) لسنة 1979، وقرار (478) بتاریخ 1980، وقرار (1197) سنة 2002، وقرار (1515) سنة 2003، والقرار (1850) سنة 2008 . وهکذا فان اتفاقیة جنیف المتعلقة بحمایة المدنیین وقت الحرب لسنة 1949، تنطبق على الاراضی الفلسطینیة المحتلة بما فیها القدس الشرقیة. کما اکد مشروع القرار على الوضع القانونی الدولی لفلسطین، فقد رکز الطلب على ان وضع الاراضی الفلسطینیة المحتلة منذ عام 1967 بما فیها القدس الشرقیة لا یزال وضع الاحتلال العسکری، وان للشعب الفلسطینی وفقاً للقانون الدولی وقرارات الأمم المتحدة الحق فی تقریر مصیره والسیادة على ارضه([69]) . وفی اطار التأکید على تحقیق عناصر قیام الدولة فی فلسطین، فقد اکد مشروع القرار على ان اعلان استقلال دولة فلسطین فی 15 تشرین الثانی 1988 الصادر عن المجلس الوطنی الفلسطینی، وهی اعلى هیئة تشریعیة فی السلطة الوطنیة الفلسطینیة([70])، حظی باعتراف الجمعیة العامة طبقاً لقرارها رقم (43/177) الصادر فی 15 کانون الأول 1988، والذی قررت فیه استبدال اسم "فلسطین" بدلاً من "منظمة التحریر الفلسطینیة" . کما تم تبادل الاعتراف بین حکومة "دولة إسرائیل" ومنظمة التحریر الفلسطینیة ممثلة للشعب الفلسطینی فی 9 ایلول 1993 رغم ان فلسطین اعترفت لها (132) دولة عضو فی الأمم المتحدة بصفة الدولة منذ عام 1988. کما ان الطلب اشار إلى تقریر اللجنة المعنیة بقبول الأعضاء الجدد الصادر فی 11 تشرین الثانی 2011 . مما یعنی ان مشروع القرار جاء لیؤکد تحقق جمیع العناصر المادیة لقیام الدولة الفلسطینیة، بموجب تقریر صادر عن لجنة تابعة لمجلس الامن المتخصص فی اصدار توصیة بقبول الأعضاء الجدد. وقد اشاد مشروع القرار بخطة السلطة الوطنیة الفلسطینیة لعام 2009 الرامیة إلى بناء مؤسسات الدولة المستقلة فی غضون سنتین، مما یعنی ان السلطة الوطنیة الفلسطینیة حققت جمیع عناصر قیام الدولة. وجاء مشروع القرار على ذکر ان منظمة التحریر الفلسطینیة سابقاً، تتمتع بمرکز المراقب فی الأمم المتحدة، وفقاً لقرار الجمعیة العامة رقم (3237) 1974، للمشارکة فی اعمال الجمعیة العامة ومؤتمراتها ودوراتها . وان فلسطین حصلت على حقوق وامتیازات اضافیة بصفتها مراقب فی القرار رقم (52/250) المؤرخ فی 7 تموز 1988 . وانها تتمتع بالعضویة الکاملة فی منظمة الیونسکو وجامعة الدول العربیة ومنظمة التعاون الاسلامی ومجموعة الدول 77 والصین ومجموعة دول اسیا والمحیط الهادی . واللجنة الاقتصادیة والاجتماعیة لغربی اسیا مما یعنی ان الکیان الفلسطینی یستوفی متطلبات الاعتراف به دولة فی الأمم المتحدة. وعلى هذا الاساس طالب مشروع القرار منح فلسطین وضع دولة مراقب غیر عضو فی الأمم المتحدة، لکن دون المساس بالحقوق والامتیازات المکتسبة ودور منظمة التحریر الفلسطینیة کممثل للشعب الفلسطینی بموجب القرارات والممارسة ذات الصلة، ونص على حث جمیع الدول والوکالات المتخصصة والمنظمات فی نظام الأمم المتحدة على مواصلة دعم ومساعدة الشعب الفلسطینی فی نیل حقه فی تقریر المصیر وفی الاستقلال والحریة، فی اطار دولة فلسطین المستقلة على حدود 1967 بما فیها القدس الشرقیة([71]). واکد الطلب، ان الحراک الفلسطینی من اجل الحصول على اعتراف وعضویة فی الأمم المتحدة لا یؤثر على مکانة منظمة التحریر الفلسطینیة بوصفها الممثل الشرعی والوحید للشعب الفلسطینی، وان اعتراف الأمم المتحدة بفلسطین لا یغیر فی حد ذاته من القوانین الداخلیة لمنظمة التحریر الفلسطینیة([72]) . وعلى الرغم من ان مشروع القرار المقدم تناول الابقاء على الوضع التمثیلی لمنظمة التحریر الفلسطینیة، الا ان هناک من یرى([73]) بعض المخاطر فیما یخص وضع التمثیل الفلسطینی، فمن المعروف وفقاً للقانون الدولی ان منظمة التحریر الفلسطینیة تمثل الشعب الفلسطینی فی کافة مناطق تواجده فی الداخل والشتات، وهو تمثیل اوسع واشمل بالنسبة للفلسطینیین. لذا ینبغی التعامل بحذر مع مسألة التمثیل لما لذلک من مخاطر قانونیة والترکیز على المعانی القانونیة لذلک، والعمل على ضمان التمثیل لمنظمة التحریر الفلسطینیة کحرکة تحرر وطنی لان مفهوم التمثیل لها اوسع واشمل من مفهوم الدولة فی القانون الدولی، التی تمثل مواطنیها فقط، من جهة اخرى، فان القانون الدولی والانسانی لم یجیزا لحرکات التحریر الوطنیة التنازل عن اراضی أو تبادل اراضی مع الدولة المحتلة، فی حین انه من صلاحیات الدول وفقاً للقانون الدولی تبادل الاراضی لان ذلک یعتبر من اختصاصها، فقد یحدث فی المستقبل رفض سلطات الاحتلال الإسرائیلی التعامل مع الدولة الفلسطینیة فی مسائل محددة، وتفاوض منظمة التحریر الفلسطینیة، وفق مصالحها، بحجة ان ذلک لیس من اختصاص دولة فلسطین وانما من اختصاص منظمة التحریر الفلسطینیة([74]) . ولکننا نرى انه، من الناحیة القانونیة الدولیة فان الاعلان عن "الدولة الفلسطینیة" على حدود 1967 فی الأمم المتحدة، والاعتراف لها بصفة الدولة، یعنی عملیاً الغاء وضع منظمة التحریر الفلسطینیة فی الجمعیة العامة، اذ لا یجوز ان یمثل ذات الشعب اکثر من طرف لدى الأمم المتحدة، لان اسناد تمثیل الشعب الفلسطینی سیؤول إلى الدولة الفلسطینیة، مما یعنی ربط هویة الفلسطینی بالمواطنة الفعلیة ضمن الحدود الجغرافیة المعترف بها للدولة، فإلى متى یبقى جزء من الشعب الفلسطینی فی الشتات، الم یحن الوقت لتوحید الرؤى بین الفلسطینیین، والوقوف بموقف موحد فی الأمم المتحدة لإنهاء الاحتلال أولاً، وتحقیق الدولة المستقلة ثانیاً، کما حدث مع کل دول العالم التی قادتها حرکات تحرریة انتهت باستقلال دولها، وتحول تلک الحرکات إلى احزاب سیاسیة، فالمطالبات هنا یجب ان تنصب على حقوق ومکاسب "دولة" فلسطینیة بقیادة منظمة التحریر الفلسطینیة، لا ان تنصب إلى الحفاظ على مکاسب وامتیازات حرکة تحرریة . ومع ذلک، فان الطلب الفلسطینی کان واضحاً فی الحفاظ على مکانة ومکاسب منظمة التحریر الفلسطینیة، وافرد بنداً بهذا الخصوص فی طلب رفع مکانة فلسطین فی الأمم المتحدة، واکد ان تمنح فلسطین مرکز الدولة المراقب غیر العضو فی الأمم المتحدة، دون المساس بحقوق المنظمة وامتیازاتها. اما بخصوص اللاجئین وحق العودة، ترى منظمة العفو الدولیة فی تعلیقها على حصول فلسطین على دولة مراقب، بان "الاعتراف بفلسطین لن یؤثر على المرکز والوضع القانونی للاجئین، وهو حق مکفول لکل اللاجئین الفلسطینیین بشکل فردی، ولا یمکن المساس به سواء نالت فلسطین العضویة ام لا"([75]). وبخصوص التخوف من اقتصار المواطنة على المتواجدین فی اراضی العام 1967، یمکن لدولة فلسطین اصدار قانون الجنسیة الفلسطینی، وتستطیع وفقاً للقانون ان تحدد الاشخاص الذین تعتبرهم مواطنوها کما تشاء([76]). المطلب الثانی التصویت فی الجمعیة العامة جرى التصویت على مشروع القرار الذی تقدمت به مجموعة من الدول الأعضاء فی الجمعیة العامة بتاریخ 29 تشرین الثانی 2012 لترقیة مکانة فلسطین فی الأمم المتحدة، من کیان مراقب إلى دولة غیر عضو بصفة المراقب، وسط ترحیب اممی منقطع النظیر لم تشهده القضیة الفلسطینیة منذ الانتداب البریطانی علیها عام 1922، کما لم تشهده الأمم المتحدة خلال تاریخها الطویل مع هذه القضیة، وکنا نأمل وکذلک الفلسطینیین ان یتم الاعتراف بفلسطین دولة بالإجماع الا انه لا زال هناک من یقف موقف المعارض من هذا الحق التاریخی للفلسطینیین فی ان یکون لهم دولتهم الخاصة بهم . وقد جرى تحدید مواقف الدول من خلال التصویت على مشروع القرار . ولقد اعلن الرئیس محمود عباس رئیس السلطة الوطنیة الفلسطینیة ورئیس منظمة التحریر الفلسطینیة فی 27 أیلول 2012 للجمعیة العامة، بان حکومته سوف تبحث ترقیة وضع فلسطین فی الأمم المتحدة فی الجلسة الحالیة . وجاء فی الاعلان بان "التقدم باتجاه صنع السلام هو من خلال المفاوضات بین منظمة التحریر الفلسطینیة وإسرائیل" واضاف برغم "کل التعقیدات لحقیقة السیادة والاحباطات الکثیرة نقول للمجتمع الدولی، انه لا تزال هناک فرصة وربما الاخیرة لإنقاذ حل الدولتین ولانتشال السلام([77]). بعد ان اعلن السید محمود عباس عن نوایاه فی التوجه إلى الأمم المتحدة لطلب مرکز دولة مراقب لفلسطین، قام مساعدوه بالتشاور مع الدول الاخرى قبل کتابة مسودة القرار، ولم یتم جدولتها الا بعد الانتخابات الرئاسة الامریکیة([78]) . لقد قررت السلطة الفلسطینیة رفع وضع فلسطین من "کیان مراقب (Observer Entity"bserver Entityن من "کیان مراقب () إلى "دولة مراقبة غیر عضو" (Non-member Observer State)، وفی یوم 27 تشرین الثانی 2012، تم الاعلان بشکل رسمی عن هذا الترفیع، وانه سیوضع مشروع القرار قید التصویت فی 29 تشرین الثانی، حیث کان من المتوقع ان یدعم مشروع القرار اغلبیة الدول([79]). ووفقاً لبعثة المراقبة الدائمة لفلسطین المتواجدة فی نیویورک حیث مقر الأمم المتحدة، وفی اطار جمع التأیید الدولی، تبین ان مشروع القرار الفلسطینی سیتمکن من جمع غالبیة تسمح له بالتحول إلى دولة مراقب فی ظل عشرات الدول التی تتعاطف مع الشعب الفلسطینی والتی سبق لها الاعتراف بفلسطین کدولة. فضلاً عن ان دول عظمى ومحوریة عدیدة اعلنت دعم مشروع القرار کفرنسا وروسیا والصین وإندونیسیا والبرتغال، بالإضافة إلى دول عدیدة([80]) . وجرى تصویت تاریخی فی یوم الخمیس 29 تشرین الثانی 2012([81]) فی الجمعیة العامة للأمم المتحدة على مشروع القرار الفلسطینی المقدم بطلب نیل دولة مراقب غیر عضو فی الأمم المتحدة، وحاز مشروع القرار على اغلبیة ساحقة بتأیید (138) صوت من اصل (193) دولة عضو، وعارضته (9) دول([82])، وامتنعت (41) دولة عن التصویت([83])، وتم رفع التمثیل الفلسطینی إلى صفة "دولة غیر عضو مراقب" فی الأمم المتحدة، وتبنت الجمعیة العامة للأمم المتحدة مشروع القرار (A/67/L.28) المعنون "مرکز فلسطین فی الأمم المتحدة"، فی القرار رقم 67/19 المؤرخ فی 29 تشرین الثانی 2012([84]) . ونشیر هنا إلى انه طلب ان یکون التصویت مسجلاً . وکان یأمل الفلسطینیون بالفوز بتصویت (150) من اصل (170) دولة فی الأمم المتحدة([85])، لإظهار انعزال الولایات المتحدة وإسرائیل فی هذه القضیة . ومن المهم ان نذکر ان القرار تضمن نصاً یعرب عن الامل فی ان ینظر مجلس الامن "ایجاباً" فی قبول طلب العضویة الکاملة المقدم من السلطة الفلسطینیة فی ایلول 2011([86]) . ان القرار اقر لفلسطین وضع دولة مراقب غیر عضو فی الأمم المتحدة، وهی المرة الأولى التی تعتبر فیها الجمعیة العامة فلسطین "دولة" . وعلى اثر ذلک، وفی 12 کانون الأول 2012، ارسلت بعثة المراقبة الدائمة لفلسطین (The Permanent Observer Mission of Palestine) لسکرتاریة الأمم المتحدة تطلب القرار (67/19) وتطالب بتغییر جمیع وثائق الأمم المتحدة، من فلسطین إلى "دولة فلسطین" وان السید محمود عباس رئیس دولة فلسطین . وفی 17 کانون الأول 2012 ردت الامانة العامة على البعثة واکدت على جمیع التغیرات، والان تصنف فلسطین کدولة غیر عضو، بعد فئة الفاتیکان، ولها دعوة قائمة للمشارکة کدولة مراقب، فی اعمال الجمعیة العامة وجلساتها . اما بالنسبة لبعثة المراقبة الدائمة فی المقرات الرئیسیة، فقد تم تسمیتها "بعثة المراقبة الدائمة لدولة فلسطین" فی الأمم المتحدة([87]) . وفی اذار 2013 نشر الامین العام للأمم المتحدة التقریر (A/67/738) مطابق لقرار (67/19) الذی یعید التأکید على ان مرکز فلسطین فی الأمم المتحدة، یسمح لدولة فلسطین بالمشارکة فی المؤتمرات الدبلوماسیة والمعاهدات المفتوحة للدول([88]). ولأول مرة یتم رفع العلم الفلسطینی فی الجمعیة العامة وسط ترحیب دولی کبیر، وتهانی تلقاها المسؤولین الفلسطینیین. ولحصول فلسطین على مرکز دولة مراقب العدید من الاثار القانونیة على مستوى القانون الدولی منها ان تغییر المرکز القانونی لدولة فلسطین یضع حدا للمزاعم الإسرائیلیة بان الأرض الفلسطینیة هی ارض متنازع علیها . وجاء القرا ر67/19 تأکید جدید لکل قرارات الأمم المتحدة السابقة على انها أرض فلسطینیة محتلة منذ عام 1967 بما فیها القدس . وبالمقابل فان هذا لا یغیر کون فلسطین هی دولة تحت الاحتلال، ولا یقلل من مسؤولیات دولة الاحتلال تجاه الأراضی المحتلة, فقد اکد القرار على انطباق اتفاقیات جنیف الأربعة لسنة 1949على الأراضی الفلسطینیة المحتلة وخاصة الاتفاقیة الرابعة بشان حمایة السکان المدنیین والسجناء . کما یؤکد القرار على ان المجتمع الدولی لا یعترف بضم القدس الشرقیة , ویترتب على انطباق القانون الدولی الإنسانی على الأراضی الفلسطینیة المحتلة الملاحقة القانونیة فی حال الانتهاکات الجسیمة للقانون الدولی الإنسانی , وعلیه یمکن محاکمة الاحتلال الإسرائیلی وممارساته کدولة احتلال کونها تخالف القانون الدولی لاحتلالها الأراضی الفلسطینیة , خصوصا وان الوضع الجدید لفلسطین یتیح لها الانضمام الى الاتفاقیات الدولیة الخاصة بحقوق الانسان والانضمام الى القانون الدولی الإنسانی فضلا عن انضمامها الى المحکمة الجنائیة الدولیة بعد انتهاء الجدل عما اذا کانت فلسطین دولة ام لا بقبولها عضوا مراقبا فی الأمم المتحدة. المطلب الثالث مواقف الدول الأعضاء فی الجمعیة العامة ان القرار الخاص بمنح فلسطین مرکز دولة مراقب المرقم (67/19) والمؤرخ فی 29 تشرین الثانی 2012، جوبه بانتقادات قبیل وبعد التصویت علیه، وقد جاءت هذه الانتقادات من بعض الدول التی عارضت القرار، والتی امتنعت عن التصویت على حد سواء، وحتى الدول التی ایدت القرار بررت هذا التأیید استناداً إلى مواقفها من القضیة الفلسطینیة، وقد منح کل متحدث عشر دقائق لتعلیل تصویت بلاده. وعلیه یمکن تبویب مواقف الدول الاعضاء بالشکل الاتی : الفرع الأول مواقف بعض الدول المؤیدة لقد عرض مشروع القرار للمناقشة قبل التصویت علیه امام الجمعیة العامة ممثل جمهوریة السودان والرئیس الحالی لمجلس السفراء العرب فی الأمم المتحدة (2012) . والذی صوت لصالح مشروع القرار حیث وصف مشروع القرار بانه یأتی استکمالاً طال انتظاره لتنفیذ تشریع قامت به الجمعیة العامة فی مثل هذا الیوم قبل (65) عاماً، حین قرر تقسیم فلسطین التاریخیة إلى دولتین حصلت احداها على استقلالها، وبقیت الدولة الاخرى فلسطین تنتظر حتى هذه اللحظة . وعد مشروع القرار یمثل اضافة نوعیة على طریق تحقیق الارادة الدولیة المتمثلة فی احلال السلام فی الشرق الاوسط القائم على وجود حل الدولتین . ودعا جمیع الدول إلى التصویت لصالح القرار، والمساهمة فی صنع التاریخ وفتح افاق المستقبل امام الفلسطینیین بدولتهم المستقلة([89]). ثم خطب السید محمود عباس على منبر الجمعیة العامة قبیل التصویت على القرار، وطالب الجمعیة العامة "بإصدار شهادة میلاد دولة فلسطین" موضحاً انه "قبل (65) عاماً وفی مثل هذا الیوم اصدرت الجمعیة العامة للأمم المتحدة القرار (181) الذی قضى بتقسیم ارض فلسطین التاریخیة، وکان بمثابة شهادة میلاد دولة إسرائیل" . واکد الرئیس الفلسطینی على ان الجمعیة العامة "تقف الیوم امام واجب اخلاقی لا یقبل القیام بأدائه تردداً وامام استحقاق تاریخی لم یعد الوفاء به یحتمل تأجیلاً" . واکد على ضرورة انهاء الاحتلال الإسرائیلی ونیل شعبنا الاستقلال والحریة، بما یملک من قناعة بان "الاسرة الدولیة الیوم امام الفرصة الاخیرة لإنقاذ حل الدولتین"، مضیفاً على انه "لا یوجد شعب فی العالم بحاجة إلى ان یفقد عشرات الاطفال الفلسطینیین کی یتذکر ان هناک احتلالاً یجب ان ینتهی" . ورکز على ان الشعب الفلسطینی لم یتنازل عن حقوقه الوطنیة الثابتة التی شرعتها القرارات الاممیة، وحقه فی الدفاع عن نفسه امام الاعتداءات والاحتلال من خلال المقاومة الشعبیة السلمیة، وقال : لن نقبل الا باستقلال دولة فلسطین وعاصمتها القدس فوق جمیع الاراضی التی احتلت عام 1967، وحل قضیة اللاجئین على اساس القرار (194) . وقال "لا اعتقد ان هذا ارهاباً نمارسه فی الأمم المتحدة" . کما انه صرح بوضوح على العالم ان یقف ضد الاحتلال والمستوطنات . اما ممثل إندونیسیا السید (ناتالیغاوا) الذی شارکت دولته فی تقدیم مشروع القرار، فقد قال بانه لا یوجد سبب یمنع المجتمع الدولی من الموافقة على منح فلسطین مرکز دولة غیر عضو بصفة مراقب، وهو الکیان الذی اعترفت له الجمعیة العامة بصفة الدولة قبل نحو (24) عاماً، عبر قرارها (77/43) عام 1988 . واعرب عن امله فی منحها العضویة الکاملة الذی یتفق مع الرؤیة المشترکة لحل الدولتین . وقال نعتقد بان الدولة الفلسطینیة المستقلة بحصولها على حقوقها المتساویة سوف تسهم فی التوصل إلى السلام فی الشرق الاوسط . وبالمقابل طالب إسرائیل بإنهاء الانشطة الاستیطانیة غیر القانونیة ورفع الحصار عن غزة وانهاء العقاب الجماعی . وتعزیز الحوار الفلسطینی الداخلی فی هذه اللحظة التاریخیة([90]) . ثم تحدث المندوب الترکی السید (داؤد اوغلو) معلناً تأییده للطلب الفلسطینی لتصبح دولة مراقب غیر عضو، مدرکاً حق الفلسطینیین فی اقامة دولة، حرموا منها لعقود بدون أی تبریر اخلاقی أو سیاسی أو قانونی، کما انه اعتبر اقامة دولة فلسطینیة مستقلة وعاصمتها القدس على حدود فلسطین لعام 1967 حلاً مقبولاً دولیاً لتحقیق السلام فی المنطقة، وعد منح فلسطین هذا المرکز عامل مساعد للتوصل إلى هذا الحل([91]) . اما ممثل سویسرا السید (سیغر) فقد کان الدافع وراء قرار سویسرا التصویت مؤیدةً للقرار (67/19) هو "رغبتنا فی حل المأزق الحالی" لإعادة اطلاق عملیة السلام، واعتقادنا بان ترقیة فلسطین إلى مرکز الدولة المراقب، سیبعث الحیاة من جدید فی مفهوم الحل القائم على وجود الدولتین معلناً تأیید دولته لجهود السلام التی یبذلها المجتمع الدولی([92]) . وقال ممثل بلجیکا السید (غرولس)، ان دولته تؤید تأییداً تاماً البیان الذی ادلى به الاتحاد الاوربی خلال هذه المناقشة واعتبر تصویت الیوم خطوة هامة فی اتجاه انشاء دولة فلسطین([93]). اما ممثل صربیا السید (ستارشیفتش) اعلن بان تأیید بلاده القرار منح فلسطین صفة الدولة، بناءً على اعتراف (132) دولة عضو فی الأمم المتحدة، واعتبر دعم بلاده للقضیة الفلسطینیة قد اعطى نتائج وعزز حق الفلسطینیین فی تقریر المصیر واقامة دولة مستقلة([94]) . وقال ممثل الدنمارک، ان بلاده صوتت لصالح انشاء دولتین فی عهد فلسطین (السابقة) تحت الانتداب، واذ صوتنا لصالح القرار (67/19) حیث نؤکد على حل الدولتین، وحق فلسطین فی دولة مستقلة ودیمقراطیة ومتصلة الاراضی وتتوافر لها مقومات الحیاة([95]). ممثل روسیا الاتحادیة صوت لصالح قرار منح فلسطین دولة مراقب غیر عضو، مشیراً إلى ان دولته قررت الاعتراف بإعلان قیام الدولة الفلسطینیة منذ عام 1988، وانها فتحت سفارة فلسطینیة فی موسکو، وان القضیة الاساسیة التی تعیق الطموحات التشریعیة للشعب الفلسطینی کانت الاحتلال، وشدد على ان أی نشاطات انتقامیة من القرار سیکون غیر مقبولاً اطلاقاً، کما ان روسیا ستستمر فی رعایة المفاوضات([96]). وجاء فی تعلیق (معتز احمد الدین خلیل) من مصر، ان تبنی القرار من قبل اغلبیة هائلة اظهرت اعتراف المجتمع الدولی بحق فلسطین بامتلاک حکومة وارض ذات حدود امنة . برغم استمرار قوات الاحتلال الاجنبی على الاراضی الفلسطینیة . کما تحدث ممثل فرنسا السید (أرو) بعد التصویت، ان تصویتها للاعتراف بفلسطین دولة غیر عضو لها صفة المراقب، انما هو دعم لحل الدولتین فلسطین وإسرائیل تعیشان جنباً إلى جنب بأمن وسلام فی اطار حدود معترف بها دولیاً. وقد تعهد الرئیس الفرنسی فرانسوا هولاند بالالتزام "بدعم الاعتراف الدولی بدولة فلسطین". وکان ممثل النرویج من المؤیدین بقوة للحق الفلسطینی فی مرکز الدولة وفقاً للقانون الدولی([97]) . الفرع الثانی مواقف بعض الدول المعارضة تأتی إسرائیل فی مقدمة الدول التی عارضت وبشدة، منح فلسطین صفة دولة مراقب غیر عضو فی الأمم المتحدة، ونجد فی طرح موقفها ضرورة للإحاطة بالصورة العامة للمواقف المناوئة للقرار حیث تحدث الممثل الإسرائیلی قبیل التصویت امام الجمعیة، وقال لا توجد مصلحة واحدة من المصالح الحیویة للسلام تتمثل فی مشروع القرار الذی سیطرح للتصویت علیه الیوم، "لذلک لا یمکن لإسرائیل ان تقبله". وقال رداً على السید محمود عباس، فانه لم یستخدم عبارة "دولتین لشعبین" لان القیادة الفلسطینیة "لم تعترف ابداً بان إسرائیل دولة امة للشعب الیهودی". وانه طالب العالم الیوم بان یعترف بدولة فلسطینیة الا انه ما زال یرفض الاعتراف بالدولة الیهودیة". وذکر فی تهجمه على مشروع القرار "المنحاز" بانه "لن یدفع بالسلام قدماً" و "أن مشروع القرار هذا لن یغیر الوضع على ارض الواقع"، ولن یخلع "صفة الدولة على السلطة الفلسطینیة" "لاسیما وانها لم تسیطر على غزة"، وقال منتقداً حتى الأمم المتحدة "هناک طریق واحد لتحقیق الدولة الفلسطینیة، لا یمر عبر هذه القاعة فی نیویورک، ان الطریق یمر عبر المفاوضات المباشرة"([98]) . متجاهلاً ان نشأة "الدولة الإسرائیلیة" نفسها کان عن طریق هذه القاعة، بل انها الدولة الوحیدة التی قامت من خلال اوراق الأمم المتحدة . وقال "من صوت لصالح القرار فانه یقوض عملیة السلام"، اما "إسرائیل فتظل ملتزمة بالسلام" متهماً الفلسطینیین بتحویل "غزة إلى قاعدة ارهابیة"([99]). وسارعت الولایات المتحدة التی صوتت ضد القرار إلى التعبیر عن "اسفها" لإقراره، مؤکدةً ان هذا التصویت "مؤسف وغیر مجدی" و"یضع عراقیل امام عملیة السلام"، على لسان هیلاری کلنتون، وقالت فی تعلیقها على القرار التاریخی للجمعیة العامة، ان هذا القرار "یضع مزیداً من العراقیل امام طریق السلام" معتبرة ان الطریق الوحید لقیام دولة فلسطینیة هو استئناف مفاوضات السلام بین الفلسطینیین وإسرائیل([100]). وبدورها قالت السفیرة الامریکیة فی الأمم المتحدة، سوزان رایس امام الأمم المتحدة "ان هذا القرار لا یجعل من فلسطین دولة" و"ولا یشکل اهلیة للعضویة فی الأمم المتحدة"([101]). اما موقف کندا، فقد شدد السید (بیرد) ممثل کندا فی الأمم المتحدة، ان دولته تعارض القرار بأقوى العبارات واعتبره اجراء احادی الجانب یقوض اسس الحل القائم على وجود دولتین وان الفرصة الوحیدة "الواقعیة" لدولتان جارتان تعیشان بسلام، تأتی عبر التسویة عن طریق المفاوضات، وتحدث هذا الممثل بفخر عن دور بلاده فی اعداد خطة التقسیم عام 1947، کما انه حذر من ان السعی احادی الجانب یتناقض مع اتفاقات اوسلو([102]). الفرع الثالث مواقف الدول الممتنعة عن التصویت ان الدول التی عارضت القرار لا تتجاوز فی اعدادها اصابع الید وهی معروفة مسبقاً، ولکن المؤسف کان من الدول التی امتنعت عن التصویت، والتی بدا التردد واضحاً على مواقفها تجاه منح فلسطین وصف "الدولة" المراقب غیر العضو فی الأمم المتحدة. فقد بدأ القلق یساور الموقف الانکلیزی، حیث جاء على لسان السیر مارک (لایل غرانت) ممثل المملکة المتحدة ان دولته "تشعر بقلق بالغ ازاء المأزق الخطیر فی عملیة السلام"، وقال : "ان هدفنا الرئیسی هو العودة إلى المفاوضات للتوصل إلى حل قائم على وجود الدولتین"، والسعی للحصول "على التزام من القیادة الفلسطینیة بالعودة فوراً إلى المفاوضات دون شروط مسبقة کان العامل الاهم الذی اثر على تصویت المملکة المتحدة . فقد قال ممثلها "طلبنا تأکید من الفلسطینیین بانهم لن یتخذوا إجراءات فوریة فی وکالات الأمم المتحدة وفی المحکمة الجنائیة الدولیة لان ذلک سیجعل العودة إلى المفاوضات امراً مستحیلاً". وقال : "وقد عملنا بشکل مکثف مع الفلسطینیین قبل التصویت الیوم فی محاولة للحصول على هذه التأکیدات، ولکن فی غیابها لم نتمکن من التصویت مؤیدین للقرار ولذلک امتنعنا عن التصویت"([103]) . وکان موقف المانیا مماثلاً لموقف المملکة المتحدة من حیث التصویت، فقد قال ممثلها السید (فیتیغ) "بان المانیا تؤمن ایماناً راسخاً بوجود دولتین إسرائیل وفلسطین لشعبین فی الشرق الاوسط" . وقال : نحن "نؤید الهدف المتمثل فی اقامة دولة فلسطینیة"، وقد "عملت المانیا لسنوات من اجل دعم جهود بناء الدولة التی تضطلع بها السلطة الفلسطینیة" الا انه لا یمکن "اقامة الدولة الفلسطینیة الا عبر المفاوضات المباشرة بین الطرفین"، ولذلک فان هناک ما یدعو إلى الشک فیما اذا کانت الخطوة التی اتخذت الیوم مفیدة لعملیة السلام، وابدى قلقه من ان یؤدی ذلک إلى تصلب المواقف بدلاً من تحسین فرص التوصل إلى حل الدولتین([104]) . وفی معرض شرحه الامتناع عن التصویت قال ممثل بلغاریا: لقد امتنع وفد بلدی عن التصویت على القرار (67/19) "بعد تحلیل دقیق، نجد ان هذا القرار لا یغیر الواقع على الارض أو یسرع التوصل إلى الحل القائم على وجود دولتین". واکد ان السبیل الوحید لإقامة دولة فلسطینیة ذات سیادة هو المحادثات القائمة على اساس مبادئ المجموعة الرباعیة وقرارات مجلس الامن والجمعیة العامة . واستدرج، ان بلغاریا تؤید باستمرار التطلعات المشروعة للشعب الفلسطینی المتعلقة بحق تقریر المصیر، وذکر بان دولته کانت من أولى الدول التی اعترفت بدولة فلسطین عام 1988 "ونظراً للحالة الحرجة فی المنطقة والسیاق الدولی الذی قام فیه القرار، لدینا شکوک حقیقیة بشأن ما اذا کان سیدفع عملیة السلام بشکل اکبر إلى الامام"([105]) . نخلص مما تقدم، انه حتى الدول الممتنعة عن التصویت لدیها قناعة بحق الشعب الفلسطینی فی تقریر مصیره واقامة دولته المستقلة . وکذلک الدول التی عارضت القرار لا تبتعد کثیراً عن هذه الرؤیة، الا انها تربط اعترافها بفلسطین کدولة، باعتراف إسرائیل بدولة فلسطین من خلال اتفاق سلام ینهض بین الطرفین على اساس حل الدولتین، رغم ان منظمة التحریر الفلسطینیة فی اتفاق اوسلو 1993 اعترفت (بدولة إسرائیل)، متجاهلین فی الوقت نفسه الاحتلال الإسرائیلی طویل الامد، للإقلیم الفلسطینی المثبت فی قرار التقسیم، والغارات المستمرة على المدنیین الفلسطینیین وحصار غزة وغلق المعابر الحدودیة، والاستمرار فی بناء المستوطنات غیر الشرعیة فی الاراضی المحتلة بما فیها القدس الشرقیة، ینتج عن ذلک کله ان إسرائیل هی من لا یلتزم بعملیة السلام ولا تحترم التزاماتها الدولیة کسلطة احتلال . والتساؤل المثار هنا، من یوقف إسرائیل عند حدها وما هو رد فعل المجتمع الدولی على تصرفات إسرائیل غیر الشرعیة تجاه السلطة الفلسطینیة والفلسطینیین بعد اصدار القرار، الم یعبر القرار عن ارادة الدول الأعضاء وعن صلاحیاتهم، کما عبر عن ذلک السید بان کی مون، حین قال : "ان القرار الذی اتخذته الجمعیة العامة بمنح فلسطین مرکز دولة غیر عضو فی الأمم المتحدة، کان من صلاحیات الدول الأعضاء"([106]). ولکن ماذا کان رد الفعل الإسرائیلی على القرار الاممی؟ لقد ورد فی تصریح لرئیس الوزراء الإسرائیلی نتنیاهو بانه "لا یمکن انشاء دولة فلسطینیة بدون ضمانات لأمن إسرائیل من خلال المفاوضات" وهاجم المجتمع الدولی وقال "انه لا یهم کم من الایادی تم رفعها ضده، لا یوجد قوة فی العالم قد تجعلنی اساوم على امن إسرائیل"([107]) . ان هذا التحدی للمجتمع الدولی من قبل إسرائیل، هو ما یجعلنا نعتقد ان رد فعل إسرائیل على الحرکة الفلسطینیة فی الأمم المتحدة دلیل ضعف موقفها ولیس قوته، فقد قامت إسرائیل باستخدام الترهیب والتهدید للإطاحة بالسلطة الفلسطینیة، والتهدید بإلغاء اتفاقات اوسلو من خلال تحدید حرکة المسؤولین الکبار فی السلطة الفلسطینیة، والغاء بطاقات العبور الحر التی تسمح لهم المرور فی نقاط تفتیش جیش الدفاع الإسرائیلی فی الضفة الغربیة، وخصم دیون السلطة الفلسطینیة التی تدین بها لمؤسسات إسرائیلیة ابرزها مؤسسة إسرائیل الکهربائیة، من العوائد الضریبیة الشهریة التی تجمعها إسرائیل . ووضع خطط جدیدة لبناء المستوطنات فی القدس الشرقیة على المدى البعید . وهناک خطوات حسب مسؤول إسرائیلی کبیر فی القدس، سیتم اللجوء الیها فی حال توجه الفلسطینیین إلى المحکمة الجنائیة الدولیة، أو انضمت إلى وکالات الأمم المتحدة الاخرى([108]) . الخاتمـة لقد توصلنا من خلال هذا البحث الى الاستنتاجات والمقترحات الاتیة : أولاً : الاستنتاجات
ثانیاً : المقترحات
The Authors declare That there is no conflict of interest References (Arabic Translated to English) Sources First: the sources are in Arabic A- Books 1. A. Basem Jalal Al-Qassem, The Establishment of the Palestinian National Authority, from the book The Palestinian National Authority Studies of Experience and Performance 1999-2013, a group of researchers, Al-Zaytouna Center for Studies and Consultations, 1st Edition, Beirut,2015. 2. Dr. Hossam Deeb Ibrahim Al-Haddad, Arbitration in International Law, Settlement Occupation and Refugee Issues, Dar Al-Kitab Al-Hadith, Cairo 2009. 3. Sami Muslim, United Nations Resolutions on Palestine 1947-1972, Institute for Palestine Studies, Beirut, Center for Documentation and Studies, Abu Dhabi. 4. A. Saleh Mahmoud Al-Shanat, The Road to Oslo, a group of researchers, the Palestinian National Authority, Experience and Performance Studies 1999-2013, Al-Zaytouna Center for Studies and Consultations, I, Beirut 2015. 5. . Dr. Dhari Rashid Al-Yaseen, Segregation and Racial Discrimination in Light of Public International Law, Al-Rasheed Publishing House, Ministry of Culture and Information Publications, Baghdad 1983. 6. D. Adel Samara, Refugees and Introducing Defeat, Reading in the Right of Return, 2nd Edition, House of Literary Treasures, Beirut, 2001. 7. Dr. Abdul Aziz Muhammad Sarhan, Introduction to the Study of the Palestinian State, a Study of United Nations Resolutions and International Law, Dar Al-Nahda Al-Arabiya, Cairo, 1989. 8. Dr. Ali Zaraqet, Mediator in International Law, 1st Edition, Majd University Foundation for Studies, Publishing and Distribution, Beirut, 2011. 9. Dr. Muhammad Sami Abdel-Hamid, The Fundamentals of Public International Law, Part 1, 2nd Edition, University Culture Foundation, Alexandria, 1980. 10. Dr. Muhammad Shawqi Abdel-Al Hafez, The Palestinian State, A Legal Political Study in Light of the Provisions of International Law, The Egyptian General Book Organization, Cairo, 1992 11. Dr. Wassef Mansour, The Refugee Question, The Essence of the Palestinian Question, Arab Network for Research, Beirut, 2008. B- The Journals 1. Dr. Ayman Salameh, A New Legal Status: Palestine is an Observer State in the United Nations, Al-Siyasa Al-Dawlia, No. 191, Volume 48, January 2013. 2. Jihad Harb Odeh, The Palestinian Legislative Council for the Transition Towards Establishing a Parliamentary Life, Emirates Center for Strategic Studies and Research, Issue 100, Edition 1, 2004. 3. George Bisharat, Mobilizing Palestinian Support for the Idea of One State, The Arab Future, The Thirty-third Year, Issue Three Hundred and Seventy-five, May 2010. 4. Dr. Shafiq Abd Al-Razzaq Al-Samarrai, Developments of the Palestinian Resistance Movement 1980-1986, Journal of Legal and Political Sciences, Fifth Volume, First and Second Issues, 1986. 5. Dr. Fayez Sayegh, Notes on Security Council Resolution 242, Palestinian Affairs, No. 15, November 1972. Walid Mahameed, The Palestinian State from the Point of View of International Law, Jerash for Research and Studies, Volume VI, Issue 1, 2001. 7. D. Yasser Ghazi Alawneh, Palestine and its member state in the United Nations, the Independent Commission for Human Rights, Board of Grievances, Legal Reports Series, Ramallah, Palestine, 2011. 8. Dr. Yasser Ghazi Alawneh, The Legal Dues Consequent to Palestine Obtaining an Observer State in the United Nations, the Independent Commission for Human Rights, Board of Grievances, Legal Reports Series, No. (79), Ramallah, Palestine 2013.
References (Enghlish) Second: The sources are in English 1. General Assembly, (GA/11317), General Assembly votes overwhelmingly to accord Palestine "Non-Member Observer State" status in United Nations, Department of public information, News and Media division, New York, 9 November 2012. 44 & 45 meetings (PM & Night).
Third: International instruments A- International agreements 1. The Protocol on Legal Issues, Annex IV to the Palestinian-Israeli Declaration of Principles Agreement of 1993. 2. The election protocol attached to the 1995 Transitional Phase Agreement 3. The Palestinian-Israeli Agreement for the Interim Period for the West Bank and Gaza Strip, signed on 9/28/1995 The Palestinian-Israeli Declaration of Principles Agreement on Interim Self-Government Arrangements, signed on 9/13/1999. B- UN Security Council Resolutions 1. Resolution No. 237 regarding the right of the Palestinians to return to their homes, June 14, 1967. 2. Resolution No. 242 (1967), establishing the principles of a just and comprehensive peace in the Middle East, dated November 22, 1967. 3. Resolution No. 338 (1973), Security Council, Session No. (1747), October 22, 1973. 4. Resolution No. 478 (1980), regarding Jerusalem, dated August 2, 1980. 5. Resolution No. (1397) regarding the Palestinian issue, (S / RES / 1397) (2002), 12 March 2002. 6. Report of the Committee on New Members on Palestine's Application for Membership in the United Nations, United Nations, Security Council,11 (S / 2011/705). Resolution No. 2334, Concerning Cessation of Israeli Activities in the Occupied Territories, 23 December 2016 (S / RES / 2334/2012). C- General Assembly Decisions 1. Partition Resolution: Resolution No. 181 of the General Assembly, November 29, 1947. 2. Resolution No. 1514 announcing the granting of independence to colonial countries and peoples, dated December 14, 1960. 3. Resolution No. (2535), regarding regrettable failure to implement the decision to return refugees or compensation for them, and confirm the inalienable rights of the people of Palestine, and referred the Security Council to the Israeli policy in the occupied territories, session (24), on December 22, 1969. 4. Resolution No. (2649), on condemning the denial of the right to self-determination especially for the peoples of South Africa and Palestine, 25th session, dated November 23, 1970. 5. Resolution (2625) on developing friendly relations between nations and peoples, 10/17/1970. . Resolution No. (3236) on the question of Palestine, Session (29), dated November 22 1974. 7. Palestinian application submitted to the General Assembly regarding Palestine's status in the United Nations, (A / 67 / L.28), 26 November, 2012. 8. General Assembly, Official Records, The Question of Palestine, Sixty-seventh Session, 44th Plenary Meeting, Document (A / 67 / pv.44), November 29, 2012. 9. Resolution No. (66/146), The Right of the Palestinian People to Self-Determination, Sixty-sixth Session, Document No. (A / RES / 66/146), dated March 29, 2012. 10. The General Assembly, The Question of Palestine, Draft Resolution, The Palestine Center at the United Nations, (A / 67 / L.28), 26 November, 2012. 11. Resolution No. (67/24) on Jerusalem, Document (A / RES / 67/24) Session (67), 28 February 2013 12. Resolution (67/19) concerning the Palestine Center in the United Nations, the Sixty-seventh Session, (A / RES / 67/19). Fourth: National constitutions and laws 1. The Palestinian National Charter of 1968. 2. The third draft of the constitution for the state of Palestine until May 4, 2003. 3. Palestinian Declaration of Independence Document, National Council, Session (19), Algeria, November 15, 1988. Fifth: The International Network sites / The Arabic Language 1. The Palestinian State from a Palestinian Perspective, research published at http://www.shams-pal.prg/pay. 2. Dr. Hanna Issa, East Jerusalem, occupied territory subject to the law of occupation, article published on January 14, 2013, on the website, http://marsadpress.net/?p=6461. 3. Dr. Ahmed Abdel Amir Al-Anbari, Israeli settlements undermine the two-state solution, a panel discussion at the Center for Palestinian Studies, University of Baghdad, 4/15/2013, www.uobaghdad.edu.iq 4. The decision to establish the Palestinian National Authority issued by the Palestinian Central Council in its session held from 10-12 / 10/1993 in Tunis, the Palestinian National Information Center, https: www.info.wafa.ps 5. Dr. Ahmed Saeed Nofal, The Experience of Palestinian Democracy Under the Israeli Occupation, www.decters.org/s2636.html 6. D. Shafiq Al-Masry, The Question of the Palestinian State in International Law, The National Defense Journal, the official website of the Lebanese Army: http://www.lebarmy.gov.lb/ar / news /? 33993. 7. D. Abdul Hakim Suleiman Wadi, The Status of the State of Palestine in the United Nations in Light of the Provisions of International Law, Merits and Exceptions, Rachel Corrie Palestinian Center for Human Rights and International Justice, a book published in the form of serial episodes, Civilized Dialogue, No. 4130, 6/21/2013, episode ( 7), www.alhewar.com. 8. What are the political, legal and economic benefits of a non-member state, Ma'an News Agency, on the website: www.maannews.net Sixthly:International web sites / English language 1. Barak David, Palestinian Un bid , In Historic Vote, Palestine becomes Non-Member UN state with observer status, 30 Nov. 2012, www.bbc.com. 2. David Ariosto and Michael Pearson, UN approves Palestinian "Observer State", bid, www.cnn.net, 30 Nov. 2012. 3. General Assembly grants Palestine Non-Member Observer State status of UN, www.un.org. 4. Israel-Palestine : Time for a bi-national state. http://www.electronic intifad.net/conected/israel-pale 5. Israel, Palestine and the United Nations, http://en.wikipedia.org/ w/index.php? title=israel.palestineandtheunitednation&oldi= 580645987actiondetaildid11616. 6. Q & A, "Palestinians" upgraded UN status, BBC News, 30 November 2012, www.bbc.uk. And www.bbcnews.com 7. Status of Palestine , www.un.org and www.un.int . | ||
References | ||
المصـادر أولاً : المصادر باللغة العربیة أ- الکتب
ب- الدوریات
ثانیاً: المصادر باللغة الانکلیزیة
ثالثاً: الصکوک الدولیة أ- الاتفاقیات الدولیة
ب. قرارات مجلس الامن الدولی
جـ- قرارات الجمعیة العامة
رابعاً : الدساتیر والقوانین الوطنیة
خامساً : مواقع الشبکة الدولیة / اللغة العربیة
http://www.shams-pal.prg/pay .
http://www.lebarmy.gov.lb/ar /news/?33993 .
مواقع الشبکة الدولیة / اللغة الانکلیزیة
| ||
Statistics Article View: 504 PDF Download: 277 |