اثر التحول على الشخصیة المعنویة للشرکة دراسة تحلیلیة مقارنة | ||
الرافدین للحقوق | ||
Article 12, Volume 23, Issue 74, March 2021, Pages 237-288 PDF (1.02 M) | ||
Document Type: بحث | ||
DOI: 10.33899/alaw.2021.167839 | ||
Authors | ||
اجیاد الدلیمی; شیماء أحمد* | ||
کلیة الحقوق/ جامعة الموصل | ||
Abstract | ||
التحول عملیة من العملیات التی تقوم بها الشرکة أثناء حیاتها، الغایة منه، إما توسع نشاطها لیصبح أکثر أهمیة فی مشروعها الاقتصادی، وإما أن تسعى من خلال هذه العملیة إلى تلافی انقضاءها فی الحالات التی تستوجب هذا الانقضاء وما یترتب على هذا الانقضاء من تصفیة ذمتها المالیة وانقضاء شخصیتها المعنویة. والتحول عموما له معنیان؛ معنى ضیق ومعنى واسع. فالمعنى الضیق یقتصر مفهومه على تغییر الشکل القانونی للشرکة، أما التحول بالمعنى الواسع، فإنه یعنی التغییر الجذری للنظام القانونی الذی تخضع له الشرکة سواء صاحب ذلک التغییر تغییراً فی شکلها القانونی أم لا. والتحول بالمعنى الضیق ینحصر نطاقه فی قانون الشرکات، أما التحول بالمعنى الواسع فإن نطاقه لا یقتصر على قانون الشرکات، وإنما یخضع لقوانین اخرى خاصة کون هذا التحول یصاحبه تغییر فی النظام القانونی للشرکة المتحولة حیث تخضع للقانون الخاص بعد ان کانت خاضعة للقانون العام بفعل الخصخصة، وقد یحدث العکس فتخضع الشرکة للقانون العام بعد أن کانت خاضعة للقانون الخاص بفعل التأمیم. وقد تبین لنا من خلال البحث أن التحول وفقاً للمعنیین العام والخاص یؤدی إلى انقضاء الشخصیة المعنویة للشرکة التی خضعت له، وظهور شرکة جدیدة تحل محل الشرکة السابقة بصفها خلفاً عاماً للشرکة السلف فی حقوقها والتزاماتها کافة. وقد استنتجنا من خلال البحث أن التحول یثیر العدید من المشاکل على صعید الواقع العملی، وأن المشرع لم یعالج هذه المشاکل بنصوص قانونیة واضحة، الأمر الذی أدى على اختلاف الآراء الفقهیة، وهذا الامر بدوره یؤدی إلى اختلاف التطبیقات القضائیة، وقد بینا ذلک مفصلاً من خلال النتائج التی توصلنا إلیها، وحاولنا معالجة هذه المشاکل من خلال التوصیات التی اقترحنا فیها على المشرع بعض النصوص التی نرى انها تعالج المشاکل التی ذکرناها فی مقدمة البحث. | ||
Keywords | ||
التحول; الشخصیة المعنویة; الشرکة | ||
Full Text | ||
اثر التحول على الشخصیة المعنویة للشرکة دراسة تحلیلیة مقارنة-(*)- The impact of Company’s Transformation on its Legal Personality: A Comparative analytical study
(*) أستلم البحث فی 31/12/2018 *** قبل للنشر فی 8/1/2019. (*) Received on 31/12/2018 *** accepted for publishing on 8/1/2019. Doi: 10.33899/alaw.2021.167839 © Authors, 2021, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license (http://creativecommons.org/licenses/by/4.0). المستخلص التحول عملیة من العملیات التی تقوم بها الشرکة أثناء حیاتها، الغایة منه، إما توسع نشاطها لیصبح أکثر أهمیة فی مشروعها الاقتصادی، وإما أن تسعى من خلال هذه العملیة إلى تلافی انقضاءها فی الحالات التی تستوجب هذا الانقضاء وما یترتب على هذا الانقضاء من تصفیة ذمتها المالیة وانقضاء شخصیتها المعنویة. والتحول عموما له معنیان؛ معنى ضیق ومعنى واسع. فالمعنى الضیق یقتصر مفهومه على تغییر الشکل القانونی للشرکة، أما التحول بالمعنى الواسع، فإنه یعنی التغییر الجذری للنظام القانونی الذی تخضع له الشرکة سواء صاحب ذلک التغییر تغییراً فی شکلها القانونی أم لا. والتحول بالمعنى الضیق ینحصر نطاقه فی قانون الشرکات، أما التحول بالمعنى الواسع فإن نطاقه لا یقتصر على قانون الشرکات، وإنما یخضع لقوانین اخرى خاصة کون هذا التحول یصاحبه تغییر فی النظام القانونی للشرکة المتحولة حیث تخضع للقانون الخاص بعد ان کانت خاضعة للقانون العام بفعل الخصخصة، وقد یحدث العکس فتخضع الشرکة للقانون العام بعد أن کانت خاضعة للقانون الخاص بفعل التأمیم. وقد تبین لنا من خلال البحث أن التحول وفقاً للمعنیین العام والخاص یؤدی إلى انقضاء الشخصیة المعنویة للشرکة التی خضعت له، وظهور شرکة جدیدة تحل محل الشرکة السابقة بصفها خلفاً عاماً للشرکة السلف فی حقوقها والتزاماتها کافة. وقد استنتجنا من خلال البحث أن التحول یثیر العدید من المشاکل على صعید الواقع العملی، وأن المشرع لم یعالج هذه المشاکل بنصوص قانونیة واضحة، الأمر الذی أدى على اختلاف الآراء الفقهیة، وهذا الامر بدوره یؤدی إلى اختلاف التطبیقات القضائیة، وقد بینا ذلک مفصلاً من خلال النتائج التی توصلنا إلیها، وحاولنا معالجة هذه المشاکل من خلال التوصیات التی اقترحنا فیها على المشرع بعض النصوص التی نرى انها تعالج المشاکل التی ذکرناها فی مقدمة البحث. الکلمات المفتاحیة: التحول، الشخصیة المعنویة، الشرکة. Abstract Company’s transformation is a process carried out by the company during its existence. The purpose of transformation of a company is either to expand its activity so that they might become more economically important or to avoid termination and the consequences of the termination on financial liquidation and the legal personality has expired . Transformation has two meanings : either can be used in a broad or narrow sense. In a narrow sense, transformation refers to the change of the legal from of the company . But in the broader sense, transformation means a whole change of the legal system to which the company is subject , whether the change was accompanied by a change in its legal form or not. It turns out that transformation, in the two senses, leads to terminate the moral personality of the company and the appearance of the a new company, which replaces the old company, and becomes a successor which takes all the obligations and privileges of the old company. The research concludes that transformation, in practice, leads to many problems , and the legislator does not solve these problems with clear legal texts. The research presents recommendations to the legislator which may help solve the problems mentioned at the beginning of the research. Key words: Transformation, Corporate Entity, Company. المقدمـة الحمد لله رب العالمین والصلاة والسلام على سید المرسلین وعلى آله وصحبه أجمعین، أما بعد؛ فسنقسم هذه المقدمة على ستة فقرات: أولاً: مدخل تعریفی بموضوع البحث: ازدادت أهمیة الشرکات فی العصر الحدیث بشکل واسع وملحوظ بوصفها اداة فعالة لتجمیع جهود الافراد، ووسیلة فاعلة لا یستهان بها فی استقطاب رؤوس الأموال للقیام بمشروعات اقتصادیة کبیرة – یعجز عنها الفرد– تعکس انجازاتها على الواقع الاقتصادی والاجتماعی، وزاد من اهمیة هذا النوع من الکیانات تمتعها بشخصیة معنویة متمیزة عن اشخاص الشرکاء، ومراکزهم القانونیة فأصبحت اهلاً للقیام بالتصرفات القانونیة المعتبرة، مما یترتب علیه ازدیاد قدرتها على اکتساب الحقوق وتحمل الالتزامات التی تنشأ بمناسبة خدمة مشروعها الاقتصادی، وهذه الحقیقة الاقتصادیة والقانونیة جعلت الشرکة محط اهتمام المشرع بالتوجیه، والرقابة، والحمایة بوصفها قوة اقتصادیة یستدعی الحفاظ علیها وحمایتها, فتواترت المحاولات والتطورات التشریعیة فی جعل الشرکة تلاحق وتواکب الشخص الطبیعی فی حریة الحرکة انکماشاً واتساعاً لمواجهة التحدیات الاقتصادیة التی قد تکون سبباً فی عدم مواصلة مسیرتها أو تحقیق اهدافها الاقتصادیة المرجوة فی الربح الوفیر، فاضحت حیاة تلک الکائنات القانونیة والاقتصادیة تفوق العمر البشری المحدود، ولعل فی کل ذلک وبما تضطلع به هذه الشرکات من مهام اقتصادیة، وبما تشتمل علیه من مشاریع، ومهام وایدی عاملة، ابتدع المشرع فکرة الانقضاء المبتسر، وهو نوع خاص من الانقضاء یؤدی إلى انقضاء الشرکة فی وجودها القانونی قبل وقتها دون ان یمس ذلک الانقضاء وجودها المادی المتمثل بمشروعها الاقتصادی بما یشتمل علیه من اصول وخصوم مرتبطة بالذمة المالیة للشرکة، فتنتقل ذمتها المالیة اثر هذا الانقضاء إلى شرکة اخرى اعدت لتکون خلفاً عاماً لها فی مواصلة ما ابتدأته الشرکة السلف فی مشروعها الاقتصادی. إن هذه العملیة التی تؤدی إلى انقضاء الشرکة انقضاءً مبتسراً تسمى عملیة تحول الشرکة، ومع ذلک فإن هذا الانقضاء قد لا یتحقق فی کل تحول تقوم به الشرکة، لان تلک العملیة قد تؤدی إلى تغییر الشکل القانونی للشرکة، وما یصاحبه من تغییر الخطاب القانونی المنصوص علیه فی قانون الشرکات، وتغیر النظام القانونی الذی کانت تخضع له إلى النظام القانونی فی اطار شکلها الجدید، وقد یتمثل التحول فی تغییر النظام القانونی للشرکة تغییراً جوهریاً یجعلها تخضع لنظام قانونی جدید منبت الصلة عن النظام الذی نشأت فیه، کما فی تحول الشرکات من القطاع الخاص إلى القطاع العام بموجب التأمیم، أو تحول الشرکات من نظام القانون العام إلى القانون الخاص بموجب عملیات الخصخصة، وهذا ما یثیر الاختلاف فی مسألة انقضاء الشخصیة المعنویة للشرکة، وهذا الخلاف نابع من اختلاف التنظیم القانونی لها واختلاف النظرة الفقهیة والقضائیة ازائها. ثانیاً: مشکلة البحث: 1- تکمن مشکلة البحث فی النص التشریعی الذی تبناه المشرع العراقی فی مسألة انقضاء الشرکة بموجب التحول، إذ على الرغم من ادراج المشرع للتحول ضمن حالات انقضاء الشرکة فی المادة (147) من قانون الشرکات العراقی، إلا أنه لم یبین الأثر القانونی الذی یترتب على هذا الانقضاء على الشخصیة المعنویة بشکل واضح، واثر ذلک کله على مصیر الحقوق والالتزامات التی نشأت فی ظل الشرکة التی خضعت للتحول. 2- هناک قصور تشریعی واضح فیما یتعلق بتحول الشرکة العامة إلى شرکة خاصة (الخصخصة)، وتحول الشرکة الخاصة إلى شرکة عامة (التأمیم) من حیث اثر هذا التحول على الشخصیة المعنویة للشرکة المتحولة، وأثر هذا التحول على انتقال الحقوق والالتزامات إلى الشرکة الناتجة عن التحول. ثالثا: تساؤلات البحث: إن موضوع التحول وأثره على الشخصیة المعنویة للشرکة یهتم بإیجاد الاجوبة على الاسئلة التی تمثل اشکالیة البحث والمتمثلة بما یأتی: 1- عند تحول الشرکة إلى شرکة اخرى ما مدى تأثیر هذا التحول على الشخصیة المعنویة للشرکة المتحولة، فهل تنقضی شخصیتها المعنویة بهذا التحول ام لا، وهل تعتبر الشرکة الجدیدة الناجمة عن التحول استمرار للشرکة السابقة أم لا، وهل تعتبر الشخصیة المعنویة للشرکة الجدیدة الناجمة عن التحول استمرار للشخصیة المعنویة للشرکة القدیمة التی خضعت للتحول. 2- إذا کان التحول سبب من اسباب انقضاء الشرکة فهل تنقضی الشخصیة المعنویة للشرکة التی خضعت للتحول أیاً کانت طبیعة هذا التحول دون تمییز بین التحول الذی یقتصر على تغییر الشکل القانونی للشرکة، والتحول الذی یطال النظام القانونی للشرکة. 3- هل یترتب على تحول الشرکة إلى شرکة اخرى انتقال الحقوق والالتزامات إلى الشرکة الناجمة عن التحول. 4- هل تعتبر الشرکة المحولة، أی الناتجة عن التحول، خلفاً للشرکة المتحولة، أی الشرکة التی خضعت للتحول، بکل حقوقها والتزاماتها. 5- إذا کانت الشرکة الناتجة عن التحول خلفاً للشرکة التی خضعت للتحول فما نوع هذه الخلافة، فهل هی خلافة عامة أم خاصة. 6- إذا کانت الشرکة الجدیدة (المحولة) خلفاً للشرکة القدیمة (المتحولة) فی الحقوق والالتزامات، فهل تنتقل الیها جمیع الحقوق والالتزامات أم أن هناک موانع تمنع انتقال کل أو بعض هذه الحقوق والالتزامات. 7- هل کان المشرع العراقی موفقاً فی معالجة آثار التحول، بحیث تکفی القواعد العامة لحل المشاکل الناجمة عن أثر التحول على الشخصیة المعنویة للشرکة المتحولة السابقة، وأثر هذا التحول على انتقال الحقوق والالتزامات إلى الشرکة الناجمة عن التحول الجدیدة، أم أن الأمر یحتاج إلى تعدیل النصوص القائمة لکی تستجیب لهذا الانتقال. رابعاً: منهجیة البحث: اعتمدنا فی کتابة البحث على ثلاث مناهج: المنهج المقارن: حیث جرت المقارنة بین کل من قانون الشرکات العراقی والقوانین المتعلقة به والقانون المصری والقانون الفرنسی والأردنی. المنهج التحلیلی: ذلک لم یقتصر البحث على عرض النصوص القانونیة والآراء الفقهیة والأحکام القضائیة، بل تجاوز ذلک بالتعلیق والتحلیل والنقد والتقییم. المنهج التطبیقی: الذی یقوم بالأساس على تعزیز المواقف التشریعیة والفقهیة بالقرارات القضائیة، وبیان مدى تطابق المواقف القانونیة والفقهیة والقضائیة من عدمه. خامساً: خطة البحث: من أجل الاحاطة بالجوانب القانونیة لمشکلة البحث اقتضت دراسة هذا الموضوع ان تکون خطة البحث مقسمة على مبحثین، جرى تخصیص الأول لدراسة التحول فی قانون الشرکات والقوانین الخاصة، وهو مقسم بدوره إلى مطلبین، تناول الأول: التحول فی قانون الشرکات، وخصص الثانی: للتحول فی القوانین الخاصة. أما المبحث الثانی فقد تناول أثر التحول فی قانون الشرکات والقوانین الخاصة، وقد قسمنا هذا المبحث إلى مطلبین، تناولنا فی الأول: اثر التحول فی قانون الشرکات، وخصص الثانی: لأثر التحول فی القوانین الخاصة. وأنهینا بحثنا بخاتمة أوجزنا فیها أهم النتائج والتوصیات التی توصلنا إلیها. المبحث الأول التحول فی قانون الشرکات والقوانین الخاصة یعتبر التحول احدى العملیات المهمة التی تلجأ إلیه الشرکات لتطویر نشاطها أو توسیع مشروعها أو لتلافی انقضاءها وتصفیة ذمتها المالیة عندما یتوجب علیها هذا الانقضاء، والتحول إما ان یکون بتغییر الشکل القانونی للشرکة، وهذا التحول نظمته القواعد العامة فی قانون الشرکات، وإما أن یکون بتغییر النظام القانونی الذی تخضع له الشرکة من النظام القانونی الخاص إلى النظام القانونی العام أو العکس، وهذا التحول نظمته قوانین خاصة. ولهذا یثار التساؤل عن مصیر الشخصیة المعنویة للشرکة المتحولة، إن الإجابة عن هذا التساؤل یتطلب منا أن نعرض للتحول فی قانون الشرکات وللتحول فی القوانین الخاصة. وعلیه فإن طبیعة هذا المبحث تقتضی تقسیمه إلى المطلبین الآتیین: المطلب الأول: التحول فی قانون الشرکات. المطلب الثانی: التحول فی القوانین الخاصة. المطلب الأول التحول فی قانون الشرکات إن عملیة التحول التی نظمها قانون الشرکات تتمیز عن سائر العملیات التی تطرأ على الشرکة اثناء حیاتها من حیث ان التحول یؤدی إلى تغییر فی الشکل القانونی للشرکة، واتخاذها شکلاً من الاشکال الأخرى المنصوص علیها قانوناً إلا أن التحول لا یقتصر على تغییر الشکل القانونی للشرکة فحسب، وإنما قد یؤدی ایضاً إلى تغییر النظام القانونی الذی تخضع له، الأمر الذی یجعل الخطاب القانونی الموجه للشرکة فی شکلها السابق غیر الخطاب القانونی الموجه إلیها فی شکلها الجدید، ولهذا فإن هذا التحول یثیر اشکالیة تتمثل باثر هذا التحول على الشخصیة المعنویة للشرکة، فهل یترتب على هذا التحول انقضاء الشخصیة المعنویة للشرکة المتحولة؟ أم تبقى هذه الشرکة محتفظة بشخصیتها المعنویة متجسدة فی الشرکة الجدیدة؟ وبناء على ما تقدم فإن معرفة اثر التحول على الشخصیة المعنویة للشرکة یقتضی تحدید مفهوم التحول، وتمییزه عن غیره من الأوضاع القانونیة المشابهة، وهو ما نعرض له فی الفرعین الآتیین: الفرع الأول: تعریف التحول. الفرع الثانی: تمییز التحول مما یشتبه به. الفرع الأول تعریف التحول عرّف جانب من الفقه التحول بأنه: "تحول شرکة قائمة قانوناً إلى نوع اخر من الأنواع المنصوص علیها فی القانون بعد تعدیل عقدها واتخاذ الاجراءات التی یتطلبها القانون لهذا الغرض"([1]). وعرفه البعض الاخر بأنه: "تغییر شکل الشرکة القانونی واتخاذها شکلاً اخر من اشکال الشرکات التجاریة مع استمرار شخصیتها المعنویة"([2]). یلاحظ على التعریف الأول أنه عرف التحول بالتحول، فهو بذلک عرف الشیء بالشیء، ولم یعطی مفهوماً جدیداً لمعنى التحول, فضلاً عن ذلک فإن هذا التعریف والتعریف الذی تلاه قد قصرا معنى التحول على فکرة تغییر الشکل القانونی للشرکة, وهو بذلک قد ضیق من ابعاد مفهوم التحول فی استیعاب کافة صور التحول التی قد یتسع لها هذا المفهوم, ذلک ان مفهوم التحول عند بعض الفقه یمکن ان یتحقق دون تغییر لشکل الشرکة, فمثلا القانون المصری رقم (315) لسنة 1955 أجاز للشرکات الاجنبیة فی المادة (1) أن تتحول إلى شرکة وطنیة خاضعة للقانون المصری دون أن یتطلب ذلک تغییر الشکل, فلم یعدل هنا سوى النظام القانونی الذی تخضع له الشرکة, أی بتغییر جنسیة الشرکة([3]). کذلک نجد ان القانون الفرنسی قد اجاز فی المادة (5) من قانون سنة 1966 تحول الشرکة المدنیة إلى شرکة تجاریة باتخاذها احدى صور الشرکات التجاریة, وبذلک سیحدث التغییر بالطبیعة القانونیة للشرکة المدنیة المتحولة, أی تغییراً فی عناصرها القانونیة وخضوعها إلى نظام قانونی أخر غیر الذی کانت علیه([4]). لذا انتقد الفقه الغالب([5]) هذا الاتجاه، لأنه یعطی للتحول مفهوماً یقتصر على أن تخلع الشرکة بموجبه الشکل القدیم الذی کانت علیه وترتدی الشکل الجدید الذی قررت التحول إلیه, لذا حاول هذا الجانب من الفقه أن یعطی مفهوماً واسعاً للتحول من خلال تعریفه بأنه: (تغییر النظام الأساسی من جذوره الذی یحکم الشرکة سواء اقترن بتغییر شکلها من عدمه), ولذلک فإن مفهوم التحول الاخیر لا یقتصر على تغییر الشکل، وإنما قد یتجاوز ذلک إلى النظام القانونی للشرکة، ولهذا فإن التحول بمفهومه الواسع یمکن ان یستوعب کثیراً من حالات التغییر التی تتخذها الشرکة سواء اقتصر هذا التغییر على تغییر الشکل القانونی للشرکة أو تجاوز ذلک إلى تغییر النظام القانونی الذی تخضع له، مع اصرار هذا الجانب من الفقه على استمرار الشخصیة المعنویة للشرکة فی حال تحولها أیاً کان نوع التحول الذی آلت إلیه، وهذا یقودنا إلى أوضاع قانونیة تتناقض مع المبدأ الذی تبناه هذا الاتجاه لاسیما ان هناک صوراً للتحول وفقاً للمفهوم الاخیر وبموجب القوانین التی نظمته یؤدی فی اغلب الاحیان إلى انقضاء الشرکة المحولة کما فی حالة التحول إلى القطاع الخاص والتأمیم وهذا ما سیتم الوقوف علیه لاحقاً. وصور التحول هذه جمیعاً ترتکز على قاعدة اساسیة تتمثل فی تعدیل عقد الشرکة بما ینسجم مع وضعها الجدید، وعدم انقضاء شخصیتها المعنویة فی القوانین التی تأخذ بفکرة عدم انقضاء الشرکة جراء التحول. الفرع الثانی تمییز التحول مما یشتبه به من أوضاع قانونیة أولاً: تمییز التحول عن الاندماج : یتفق الاندماج مع التحول فی ان کلاً منهما یرد على شرکات قائمة قانوناً، ومتمتعة بشخصیتها المعنویة، مما یترتب علیه تعدیل نظامها, بما یؤثر على حقوق الشرکاء واستمرار مشروع الشرکة([6]). وعلى الرغم من ذلک فإن التحول یتمیز عن الاندماج من حیث ان الاندماج یتطلب وجود شرکتین قائمتین فی الاقل فتندمج الشرکتان بالاتفاق, ویحصل الاندماج إما بطریق المزج أو بطریق الضم مما یترتب علیه انقضاء الشخصیة المعنویة للشرکة الدامجة أو الشرکات الداخلة بالاندماج حسب نوع الاندماج الحاصل ما بین الشرکات([7])، بخلاف التحول الذی یتطلب وجود شرکة واحدة وباتخاذ القرار اللازم مع اتباع کافة الاجراءات والشروط التی نص علیها المشرع، فالتحول لا یتصور إلا بالنسبة للشرکات القائمة حتى لو کانت معرضة للانقضاء فإن انقضت فلا مجال لتطبیقه حتى لو ظلت الشرکة محتفظة خلال فترة التصفیة بالشخصیة المعنویة([8])، بعکس الاندماج الذی یمکن اجراءه ما بین الشرکات المعنیة فی القوانین المقارنة اثناء فترة التصفیة، وبالتالی لا یکون هناک مجال للقول بوجود اتفاق على التحول مع شرکة اخرى فهو تصرف قانونی صادر بإرادة منفردة من الشرکة الراغبة بالتحول، فیتغیر شکل الشرکة إلى شکل اخر، ومن ثم یخضع لنظام قانونی آخر غیر الذی کانت تخضع له، فی حین أن الاندماج لا یشترط عند اجراءه خضوع الشرکة الدامجة أو الجدیدة لنظام قانونی جدید خاصة إذا لم یترتب على الاندماج تغیر شکل الشرکة القانونی، وان ذهب البعض إلى بقاء الشخصیة المعنویة للشرکة التی خضعت للتحول دون المساس بالمشروع القائم([9])، إلا أننا لا نجد من التحول إلا سبباً من اسباب انقضاء الشرکة. ثانیاً: تمییز التحول عن التعدیل: یقصد بالتعدیل التغییر الذی یحصل فی احد العناصر المکونة للشرکة (مثل عدد الشرکاء, مقدار رأسمال, مدة الشرکة) وهو تغییر لا یمس فی الواقع الأحکام التی تخضع لها الشرکة فی حیاتها والمؤثرة فی شخصیتها المعنویة، وإنما هو تعدیل فی نظام الشرکة بالنسبة لبعض العناصر التی یشملها التصرف المنشئ للشرکة لیعلم بها الغیر([10]), اما التحول فهو تغییر فی النظام القانونی للشخص المعنوی, فهو فی الحقیقة تغییر فی الأحکام التی تخضع لها الشرکة اثناء حیاتها, فهذا التغییر لا ینعکس على العلاقات الداخلیة بین الشرکاء فحسب بل تمتد اثاره إلى العلاقات الخارجیة للشرکة بالنسبة للغیر وبالنسبة للشریک, فقد یؤدی إلى تغییر کامل فی مرکزه القانونی, کما یبدو ذلک فی تحول شرکة تضامن إلى شرکة مساهمة من حیث مدى المسؤولیة عن دیون الشرکة بعد التحول([11]). وعلى الرغم من ذلک فإن هناک تقارباً ملحوظاً بین التعدیل والتحول خاصة من حیث الاثار التی تتعلق بالشخصیة المعنویة للشرکة, حیث لا یترتب على أی من العملیتین انقضاء الشخصیة المعنویة للشرکة – فی الانظمة التی لا تأخذ بانقضاء الشرکة بالتحول – وبالتالی لا ینشأ عن هاتین العملیتین شخص معنوی جدید, فالتحول مثل التعدیل محله شرکة واحدة قائمة قانوناً، وبالتالی فلا یردان بطبیعة الحال على شرکة منقضیة([12]). ومع ذلک فإن عملیة التحول عملیة قائمة بذاتها لها أحکامها، وشروطها، واجراءاتها الخاصة بها, وکذلک التعدیل له أحکامه واجراءاته، وشروطه الخاصة به, فعندما یتعلق الأمر بالتحول فإننا نکون أمام نظام جدید, بینما التعدیل یدخل فی مفهوم تعدیل نظام الشرکة فهو اذن (نظام معدل)([13]). المطلب الثانی التحول فی القوانین الخاصة التحول فی القوانین الخاصة یقصد به التحول ما بین القطاعین العام والخاص، فإما أن یتم تحویل المشاریع والشرکات العامة إلى القطاع الخاص وهو ما یعرف بالخصخصة، وإما ان یتم تحویل الشرکات والمشاریع الخاصة إلى القطاع العام وهو ما یعرف بالتأمیم، وتتمیز هذه العملیات بأنها منظمة فی قوانین خاصة بالنسبة لقانون الشرکات، وکذلک فإن فیها معنى التحول فی الشکل فی اغلب أوجهها، مما یثیر خلافاً فقهیاً حول امکانیة انقضاءها أو احتفاظها بشخصیتها المعنویة نتیجة تغییر نظامها القانونی من جهة، وما قد یصاحب هذا التغییر من تغییر فی شکلها القانونی من جهة اخرى، وعلیه سیتم تناول مفهوم التحول إلى القطاع العام (التأمیم) من جهة والتحول إلى القطاع الخاص (الخصخصة) من جهة اخرى فی الفرعین الآتیین: الفرع الأول: التحول إلى القطاع العام التأمیم. الفرع الثانی: التحول إلى القطاع الخاص الخصخصة. الفرع الأول التحول إلى القطاع العام التأمیم یعتبر التأمیم وسیلة من الوسائل التی تتبعها الدولة بوصفها صاحبة السیادة فی نقل ملکیة المشروعات والشرکات الخاصة إلى الملکیة العامة المتمثلة بالدولة، فهی قیود ترد على حق الملکیة للمصلحة العامة"([14])، ویترتب على نقل ملکیة الشرکات الخاصة إلى الملکیة العامة آثار قانونیة تختلف باختلاف صورة التأمیم الذی اتبعته الدولة المؤممة لشرکاتها الخاصة، وهنا یثار التساؤل عن أثر التأمیم على الشخصیة المعنویة للشرکة المؤممة؟ والتأمیم عموماً یعنی نقل ملکیة المشروع من نطاق الملکیة الخاصة إلى نطاق الملکیة العامة, واستخدامه للمصلحة العامة لا للمصلحة الخاصة. وقد عرفت محکمة النقض المصریة التأمیم بأنه: "اجراء یراد به نقل ملکیة المشروعات الخاصة إلى ملکیة الدولة لتصبح ملکاً للجماعة تحقیقاً لضرورات اجتماعیة واقتصادیة وذلک مقابل تعویض اصحاب هذه المشروعات عن الحقوق المؤممة"([15]). وبما أن التأمیم یعنی نقل ملکیة المشروع المؤمم من الملکیة الخاصة إلى الملکیة العامة بحیث یکون هذا المشروع ملکاً للامة أو الجماعة([16]), لذا فإنه یتمیز عن غیره من النظم الأخرى التی لیس من عناصرها نقل ملکیة المشروع, مثل تنظیم المشروعات الخاصة باللوائح والتشریعات لا یعد تأمیماً, ولیس من قبیل التأمیم انشاء المشرع بوصفه مشروعاً عاماً ابتداءً، لأن هذا الانشاء لا یتضمن وجود مشروع خاص من قبل وانتقال ملکیته بعد ذلک للدولة من خلال التأمیم([17]), کما یتمیز التأمیم بهذه الخاصیة عن کل اجراء یکون من شأنه نقل ادارة المشروع الخاص إلى شخص قانونی دون ان یمس ذلک بحق الملکیة الخاصة للمشروع أو الشرکة, ولذلک لا یعد تأمیماً الاستیلاء المؤقت على العقارات والمنقولات اثناء الحروب دون ان یمس هذا الاستیلاء حق الملکیة. ویتمیز التأمیم عن فرض الحراسة على مشروع خاص أو تعیین مدیر مؤقت, إذ أن فرض الحراسة اجراء وقتی لا یهدف إلا إلى المحافظة على الأموال المفروضة علیها تلک الحراسة وادارتها, ولا یعدو ان یکون الحارس إلا نائباً عن المالک الذی یبقى محتفظاً بهذه الصفة على الرغم من فرض الحراسة على ملکیته، ویبقى الاخیر مسؤولاً عن مخاطر الاستغلال وتبعاته, مع ذلک یمکن اعتبار الحراسة الاداریة اجراءً تمهیدیاً تلجأ إلیه الدولة قبل اتخاذ طریق التأمیم([18]). کذلک یتمیز التأمیم عن نزع الملکیة للمنفعة العامة, فإذا کان التأمیم یتشابه فی بعض جوانبه مع نظام "نزع الملکیة للمنفعة العامة من حیث ان کل منهما یؤدی إلى نزع الملکیة الخاصة مقابل تعویض مادی, إلا أن التأمیم یختلف عن نزع الملکیة, من عدة وجوه, فمن حیث الموضوع فالتأمیم ینصب على مشروع أو مشروعات معینة, لا على عقارات فحسب کما هو علیه الأمر بالنسبة لنزع الملکیة"([19]), کما ان اجراءات التأمیم اکثر سرعة من إجراءات نزع الملکیة للمنفعة العامة, فضلاً عن أن اثر نزع الملکیة للمنفعة العامة یؤدی إلى دخول العقار المنزوعة ملکیته إلى الدومین العام للدولة بحکم تقدیره للمنفعة العامة وهو لیس کذلک دائما بالنسبة للتأمیم([20])، فنزع الملکیة یهدف إلى تحقیق اهداف اجتماعیة, بینما التأمیم یقوم بهدف احداث اصلاح اقتصادی للدولة المضیفة فی غالب الأحوال, کذلک نجد ان محل نزع الملکیة ینصب على ملکیة شخصیة معینة ومحددة, بینما التأمیم دائماً اجراء غیر شخصی الهدف منه استغلال وسائل الانتاج للصالح العام, کذلک ان نزع الملکیة یتم بموجب قرار اداری یصدر مطابقاً لنص القانون، وعادةً ما تجعل الدساتیر سلطة نزع الملکیة إلى القوانین الخاصة, فی حین ان التأمیم یتم أما بالاستناد إلى نص دستوری أو قانون خاص یجد اساسه فی الدستور, واخیراً یعتبر التعویض شرطاً لصحة اجراء نزع الملکیة, بینما هو لیس سوى اثراً من اثار التأمیم ولیس شرطاً لصحة اجراءاته([21]), ولهذا فإن ما ذهب إلیه بعض الفقه فی تعلیق مشروعیة التأمیم على قیام الدولة بدفع التعویض یتنافى فی الواقع مع الأساس القانونی الذی یقوم علیه التأمیم, فحق الدولة فی تأمیم المشروعات الخاصة ینبع من سیادتها على اقلیمها، وحقها فی تأمین کیانها الاقتصادی, وهذا یعنی أن الالتزام بدفع التعویض لیس رکناً من الارکان اللازمة للتأمیم بل هو اثراً مترتباً على قیام التأمیم فعلاً, فالتأمیم یضل مشروعاً ونافذاً على الرغم من عدم قیام الدولة بدفع التعویضات للمالکین([22]). کذلک یختلف التأمیم عن المصادرة, من حیث أن الأخیرة وسیلة عقابیة توقع فی مواجهة شخص أو اشخاص معینین, تستولی الدولة بمقتضاها على کل أو بعض الأموال المملوکة لهؤلاء الأشخاص دون ان تلتزم بأداء أی تعویض قبلهم, فهی تعتبر وسیلة وقائیة للأمن والسلامة العامة, لأنها تهدف إلى استبعاد الاشیاء المتحصلة من الجریمة أو منع وقوعها أو لمواجهة ظروف سیاسیة معینة کتجرید اعداء الدولة من الامکانیات المادیة التی فی حوزتهم, هذا وان المصادرة تنصب على منقولات معینة فتسمى حینئذ بالمصادرة الخاصة, وقد تنصب على الذمة المالیة للشخص بأکملها أو على جزء شائع منها وتسمى عندئذ بالمصادرة العامة([23]), بینما التأمیم ینصب على مشاریع, تخصص ملکیتها الخاصة للمنفعة العامة, واخیراً لا یترتب على المصادرة قیام الدولة بدفع التعویض, بینما یعتبر التعویض اثراً من اثار التأمیم. الفرع الثانی التحول إلى القطاع الخاص (الخصخصة) الخصخصة عملیة قانونیة تهدف إلى نقل ملکیة المشروعات أو الشرکات العامة للدولة إلى القطاع الخاص وفق اسالیب معینة تعتمدها التشریعات التی تعنى بالموضوع([24])، والجدیر بالذکر ان وسیلة التحول إلى القطاع الخاص تختلف فی القوانین محل المقارنة عنها فی القانون العراقی وخاصة فی قانون الشرکات العامة رقم (22) لسنة 1997، حیث یلاحظ ان التشریعات محل المقارنة غالباً ما تلجا إلى اعادة هیکلة مشاریعها أو شرکاتها العامة التی لا تتخذ شکل الشرکات الخاصة وتخضع فی علاقاتها لأحکام القانون العام، وذلک بتحویلها إلى شرکات مساهمة عامة یقسم رأسمالها إلى اسهم مملوکة بالکامل للدولة، بعد اجراء تقییم موجوداتها بغیة الوصول إلى القیمة الحقیقیة لهذه الموجودات، لکی یکون متناسباً مع النظام القانونی الذی یخضع له النشاط التجاری الخاص بها لیتسنى بعد ذلک تحویلها إلى القطاع الخاص بإحدى الأسالیب المتبعة لدیها([25]). وتجدر الإشارة إلى "أن عملیة اعادة هیکلة المشروعات والشرکات العامة لا یترتب علیها فقدان تلک المشروعات والشرکات وصف العمومیة بل تبقى شرکات عامة ولکن مساهمة، کما أن اعادة هیکلة هذه الشرکات لا یعنی تأسیس شرکة جدیدة فحسب، وإنما هی مرحلة تمهیدیة لتسهیل عملیة تحول الشرکة المساهمة العامة إلى شرکة خاصة، وما یترتب على ذلک من آثار قانونیة مهمة تتمثل بحلول الشرکة الناجمة عن التحول (أی اعادة الهیکلة) محل الشرکة العامة فی کافة حقوقها والتزاماتها"([26]). أما بالنسبة لموقف المشرع الفرنسی فعلى الرغم من أن شرکاته العامة یتکون رأسمالها من اسهم أی ان الشکل العام للشرکات العامة الفرنسیة هی شرکة مساهمة, وبالتالی لیس هناک صعوبة فی تحول الشرکات العامة إلى شرکات خاصة, ولکن إذا کانت الخصخصة تتناول مؤسسات عامة سواء کانت تجاریة أو صناعیة, فلقد اصدر المشرع الفرنسی العدید من القوانین الخاصة بإعادة هیکلة هذه المؤسسات منها تحویل مؤسسة التبوغ والکبریت (SETA) إلى شرکة مساهمة تملک الدولة رأسمالها بالکامل بموجب القانون الصادر 2/7/1980, کذلک تحویل مؤسسة التجمع الصناعی لتسلیم الاراضی إلى شرکة مساهمة بالقانون الصادر فی 23/12/1989 وتحویل مؤسسة رینو الصناعیة إلى شرکة مساهمة أیضاً بالقانون الصادر فی 4/7/1990([27]). واعادة الهیکلة غالباً ما تتم من خلال انشاء شرکات قابضة وشرکة أو شرکات تابعة، حیث تتحول المؤسسة أو الشرکة المزمع خصخصتها إلى شرکة قابضة وهی شرکة مساهمة عامة تقوم بالسیطرة المالیة والاداریة على شرکة أو شرکات تدعى بالشرکات التابعة، فتمتلک الشرکات القابضة بموجب هذا الاسلوب الشرکة التابعة، وایضا تکون مسؤولة عن النشاطات الأخرى، بینما تکون الشرکة التابعة مسؤولة عن الأعمال والنواحی الفنیة والتجاریة وهی مسؤولة عن توجیه الدعوة للشرکات الخارجیة للاستثمار من خلال العطاءات والبحث عن شرکاء أو شریک استراتیجی یساهم بنسبة من اسهم الشرکة التابعة([28]). فی حین نجد أن المشرع المصری ولغرض تسهیل مهمة تحویل أو خصخصة الشرکات العامة قد اعتمد اعادة هیکلة وحدات القطاع العام المصری بموجب قانون شرکات قطاع الأعمال المصری رقم (203) لسنة 1991، حیث جاء فی المادة الأولى من هذا القانون ما یلی: "یعمل فی شأن قطاع الأعمال العام بأحکام القانون المرافق، ویقصد بهذا القطاع الشرکات القابضة والشرکات التابعة لها الخاضعة لأحکام هذا القانون، وتتخذ هذه الشرکات بنوعیها شکل شرکات المساهمة، ویسرى علیها فیما لم یرد بشأنه نص خاص فی هذا القانون وبما لا یتعارض مع أحکامه نصوص قانون شرکات المساهمة وشرکات التوصیة بالأسهم والشرکات ذات المسئولیة المحدودة الصادر بالقانون رقم 59 - السنة 1981 ولا تسرى أحکام قانون هیئات القطاع العام وشرکاته الصادر بالقانون رقم 97 لسنة 1983 على، الشرکات المشار إلیها". وکأثر لإعادة الهیکلة نصت المادة الثانیة على أن: "تحل الشرکة القابضة محل هیئات القطاع العام الخاضعة لأحکام القانون رقم (97) لسنة 1983 المشار إلیه، کما تحل الشرکة التابعة محل الشرکات التی تشرف علیها هذه الهیئات وذلک اعتباراً من تاریخ العمل بهذا القانون ودون حاجة إلى أی اجراء اخر". وحسب هذا القانون تعتبر الشرکة القابضة شرکة مساهمة ومن اشخاص القانون الخاص، وتثبت لها شخصیتها المعنویة من تاریخ قیدها فی السجل التجاری، ویکون رأسمالها مملوکاً بالکامل للدولة أو للأشخاص المعنویة العامة([29]). أما الشرکة التابعة فهی الشرکة التی یکون لإحدى الشرکات القابضة 51% من رأسمالها على الاقل، وتتخذ الشرکة التابعة شکل شرکة مساهمة، وتثبت لها الشخصیة المعنویة من تاریخ قیدها فی السجل التجاری، ویقسم رأسمالها إلى اسهم اسمیة متساویة القیمة([30])، فضلاً عما تقدم قرر المشرع المصری فی قانون اصدار اللائحة التنفیذیة لقانون شرکات قطاع الأعمال فی المادة الخامسة منه ان یتم تقییم صافی اصول کل شرکة من الشرکات القابضة والشرکات التابعة التی حلت فی تاریخ العمل بالقانون رقم (203) لسنة 1991 محل هیئات القطاع العام وشرکاته التی کانت خاضعة للقانون رقم (97) لسنة 1983 وفقاً للقواعد التی تقررها الجمعیة العامة لکل شرکة من هذه الشرکات, وتنتقل إلى الشرکة القابضة والشرکات التابعة لها بحسب الأحوال کافة ما لهیئات القطاع العام وشرکاته الملغاة من حقوق والتزامات وتسأل مسؤولیة کاملة عنها([31]). ویجوز تداول اسهم الشرکة التابعة طبقاً للأحکام القانونیة الخاصة بتداول اسهم الشرکات المساهمة الخاصة، أما الشرکات القابضة فلا یجوز تداول اسهمها إلا فیما بین الشرکات الاعتباریة العامة، وبالتالی لیس من المتصور ان تصبح الشرکة المذکورة خاصة بخلاف الشرکة التابعة فمن الجائز تحولها إلى شرکة خاصة من ذلک بیع اسهمها إلى القطاع الخاص، ویترتب على ذلک انخفاض نسبة مشارکة الشرکة القابضة([32]). أما فیما یتعلق بموقف المشرع الأردنی؛ فإنه قد عالج عملیة اعادة هیکلة المشروعات العامة فی المادة الثامنة من قانون الشرکات الأردنی رقم (22) لسنة 1997، حیث جاء فیها: تحویل المؤسسات العامة إلى شرکات مساهمة عامة، "على الرغم مما هو منصوص علیه فی هذا القانون: أ- یجوز بقرار من مجلس الوزراء بناء على تنسیب الوزیر ووزیر المالیة والوزیر المختص تحویل مؤسسة أو سلطة أو هیئة رسمیة عامة أو مرفق عام أو أی جزء منه إلى شرکة مساهمة عامة تعمل وفق الاسس التجاریة وتمتلک الحکومة کامل اسهمها باستثناء المؤسسة أو السلطة أو الهیئة العامة التی انشئت بموجب قانون خاص بها, فیتوجب تعدیل القانون الخاص بها قبل تحویلها إلى شرکة مساهمة عامة بموجب أحکام هذه المادة. ب- یحدد رأس مال تلک الشرکة بإعادة تقدیر موجودات المؤسسة أو السلطة أو الهیئة المنقولة وغیر المنقولة وفقاً لأحکام القانون على أن یکون من بین اعضاء لجنة اعادة التقدیر مدقق حسابات قانونی واحد على الاقل وتعتبر هذه الموجودات اسهماً نقدیة فی رأس مال الشرکة. ج- یعین مجلس الوزراء لجنة خاصة تتولى اعداد عقد التأسیس والنظام الأساسی للشرکة متضمناً اسلوب بیع وتداول اسهمها واتمام الاجراءات الخاصة بتحویل المؤسسة أو السلطة أو الهیئة الرسمیة العامة إلى شرکة مساهمة عامة وتسجیلها بهذه الصفة وفقاً لأحکام هذا القانون. د- لدى تحویل المؤسسة أو السلطة أو الهیئة الرسمیة العامة إلى شرکة وتسجیلها بهذه الصفة یعین مجلس الوزراء مجلس ادارة لها یتولى تصریف شؤونها ویمارس جمیع الصلاحیات المخولة له بموجب هذا القانون. ه- تخضع الشرکة المؤسسة على الوجه المتقدم للأحکام والشروط المنصوص علیها فی هذا القانون وذلک فی الحالات وعلى المسائل التی تنص علیها عقود تأسیسها وانظمتها الأساسیة وتنتخب مدقق حسابات مستقل لها. و- تعتبر الشرکة المؤسسة على هذا الوجه خلفاً عاماً للمؤسسة أو السلطة أو الهیئة الرسمیة العامة التی تم تحویلها وتحل محلها حلولاً قانونیاً وواقعیاً فی کل ما لها من حقوق وما علیها من التزامات". ثم ما لبث ان اصدر المشرع الأردنی قانوناً خاصاً یعرف بقانون التخاصیة یعالج مسائل الخصخصة، وینظم الأحکام القانونیة، والاجراءات العملیة لخصخصة المشروعات العامة الأردنیة، وعلى الرغم من أن قانون التخاصیة لم یتضمن أحکاماً تتعارض مع ما نصت علیه المادة (8) من قانون الشرکات الأردنی، إلا أنه اضاف أحکاماً فی تحدید الهیئات القائمة على تنفیذ التخاصیة، وتحدید اسالیب خصخصة على سبیل المثال لا الحصر واعادة هیکلة المشروعات العامة، کما اشار إلى حالة خلافة الشرکة المساهمة الناتجة عن التحول خلافة قانونیة وواقعیة للمؤسسة أو الهیئة العامة التی تم اعادة هیکلتها([33]). وقد اخذ المشرع الأردنی بأسلوب اعادة الهیکلة وخصخصة عدة مؤسسات وشرکات کأحد اسالیب التحول إلى القطاع الخاص, من خلال قانون الاتصالات رقم (53) لسنة 1995 الذی اکد على انشاء هیئة لتنظیم قطاع الاتصالات فی المادة (1) من القانون، وعلى تمتع الهیئة بالشخصیة المعنویة، وباستقلال مالی واداری, کما واکدت المادة (87) من نفس القانون على أن تسجل مؤسسة الاتصالات بقرار من مجلس الوزراء شرکة عامة مساهمة تمتلک الحکومة کامل اسهمها وأخضعها لقانون الشرکات الأردنی, ونصت المادة (88) على ان تکون هیئة تنظیم قطاع الاتصالات الخلف القانونی لمؤسسة الاتصالات فی کل ما یتعلق بتنظیم قطاع الاتصالات([34]). أما فیما یتعلق بوقف المشرع العراقی؛ نجد أنه لم یولی عملیات أعادة الهیکلة اهتماماً یذکر على الرغم من أهمیتها فی تحویل الشرکات العامة التی لا یقسم رأسمالها إلى أسهم، وإنما یتکون من حصة عینیة واحدة أو عده حصص عینیة بعدد الأشخاص المعنویة العامة المشترکة فی المشروع، ومن ثم فإنه وان عالج مسألة التحول إلى القطاع الخاص بتحویل تلک الشرکات إلى شرکات مساهمة استناداً إلى أحکام المادة (36) من قانون الشرکات العامة إلا إن تحولها وفقاً لهذا النص لا یمر بمرحلة أعادة الهیکلة، وإنما یتم بشکل مباشر إلى شرکة مساهمة خاصة أو مختلطة ولیس إلى شرکة مساهمة عامة. ونظراً لأهمیة عملیات اعادة الهیکلة فی تسهیل تحویل الشرکات العامة إلى شرکة مساهمة، وما تحققه تلک العملیات من مرونة واسعة فی تحویل أسهم الشرکات المملوکة للدولة إلى القطاع الخاص، وفاعلیتها فی تعدد الخیارات والأسالیب المراد تطبیقها عند خصخصة الشرکات العامة، وما تمنحه للجهات الحکومیة التی تتولى عملیة الخصخصة من سلطة تقدیریة فی اختیار الاسلوب الذی یتناسب وعملیة تحویل الشرکة بالنظر إلى أهمیتها وقدرتها الاقتصادیة، والوقت المناسب لتحویلها، وطرح اسهمها، ومقدار هذا الطرح، ندعو المشرع العراقی إلى تبنی عملیة اعادة هیکلة الشرکات العامة العراقیة، مع الأخذ بنظر الاعتبار ما ذهب إلیه المشرع الأردنی فی قانون الشرکات الأردنی فی المادة (8) منه. المبحث الثانی اثر التحول فی قانون الشرکات والقوانین الخاصة بعد التعرف على مفهوم التحول سواء کان التحول الذی نظمه قانون الشرکات أو التحول الذی نظمته القوانین الخاصة، نجد ان هذا التحول یترتب علیه أثراً مهماً على الشخصیة المعنویة للشرکة المتحولة، فهو إما ان یؤدی إلى انقضاءها أو یؤدی إلى استمرارها، وهذا الاختلاف فی انقضاء الشرکة المتحولة أو عدم انقضائها نابع من اختلاف القوانین التی نظمت أحکام التحول ومن اختلاف الفقه فی النظر إلى التحول اختلافاً انعکست آثاره على الأحکام القضائیة لا سیما فی الدول التی لم یرد فیها نص یشیر إلى انقضاء أو عدم انقضاء الشرکة بالتحول. وللإحاطة بأثر تحول الشرکات نقسم هذا المبحث إلى مطلبین وعلى النحو الآتی: المطلب الأول: اثر التحول فی قانون الشرکات. المطلب الثانی: اثر التحول فی القوانین الخاصة. المطلب الأول اثر التحول فی قانون الشرکات إن فکرة التحول فی الفقه المصری والفرنسی تقوم على مبدأ أساسی یحکمها، هذا المبدأ یتمثل فی أن عملیة التحول تهدف إلى بقاء الشرکة، وتفادی انقضاءها، فهو یفترض بحسب غایته إلى استمرار الشخصیة المعنویة للشرکة بعد التحول، وعدم انشاء شخص معنوی جدید([35]). أما بالنسبة لموقف التشریعات من هذا المبدأ؛ نجد أن المادة (5) من قانون الشرکات الفرنسی لسنة 1966 قد نصت على هذا المبدأ صراحة، فضلاً عن تبنی المادة 1844/3 من القانون المدنی الفرنسی بعد تعدیله بقانون 4 ینایر لسنة 1978 لهذا المبدأ. أما المشرع الأردنی؛ فقد اخذ هو الآخر بمبدأ استمرار الشخصیة المعنویة للشرکة المحولة بموجب المادة (221) من قانون الشرکات رقم (22) لسنة 1997([36]) . أما بالنسبة لموقف المشرع المصری؛ فإنه قد سکت عن النص على مبدأ استمرار الشخصیة المعنویة للشرکة المحولة، وعلى الرغم من ذلک فإن هذا المبدأ یقرره ویتبناه غالبیة الفقه المصری، ویعتبره اثراً طبیعیاً لعملیة التحول، وهو یستند فی رأیه إلى نص المادة (136) من قانون الشرکات المصری([37]) التی نصت على أنه: "یجوز تغییر الشکل القانونی لشرکات التوصیة بالأسهم او الشرکات ذات المسؤولیة المحدودة بقرار یصدر من الجمعیة العامة غیر العادیة او ....". ونعتقد أن هذا النص لا یشیر إلى مبدأ استمرار الشخصیة المعنویة للشرکة التی خضعت للتحول. ویستند الفقه المصری فی تبنیه لمبدأ استمرار الشخصیة المعنویة للشرکة التی خضعت للتحول إلى معاییر نعرض لها على النحو التالی: أولاً: المعیار التقلیدی: هذا المعیار یفرق بین التحول الذی ینص علیه القانون صراحةً، وهو ما یعرف بالتحول القانونی أو ینص عقد الشرکة على جوازه، وهو ما یعرف بالتحول الاتفاقی، والتحول الغیر منصوص علیه فی القانون أو العقد، ففی الحالة الأولى فإن التحول لا اثر له على الشخصیة المعنویة حیث تعتبر الشرکة فی شکلها الجدید امتداد للشرکة الأصلیة أی یعتبر الشخص المعنوی قد نشأ عند تأسیس الشرکة فی شکلها الأصلی أی قبل التحول، والقول بغیر ذلک معناه تجرید النص من کل قیمة قانونیة بالنص على التحول([38])، وعلى العکس من ذلک، فإذا کان التحول غیر مصرح به قانوناً أو اتفاقاً یکون من شأنه انهاء الشرکة فی شکلها القدیم وانشاء شرکة جدیدة لا ترتبط بالشرکة محل التحول بأدنى صلة([39]). وهذا المعیار کان سائداً لدى الفقه الفرنسی قبل صدور قانون الشرکات لسنة 1966([40]). ونعتقد أن التمییز بین وجود النص أو عدم وجوده للقول باستمرار الشخصیة المعنویة للشرکة المتحولة قول محل نظر، لأن تحول الشرکة إلى شرکة أخرى غیر جائز إن لم یکن هناک نص قانونی یجیز هذا التحول، ومن ثم فإن التحول دائماً یستند إلى نص یجیزه. وذهب جانب من الفقه المصری إلى استنباط اخذ مشرعه بمبدأ استمرار الشخصیة المعنویة من خلال عده مرتکزات اهمها:
وهذا الرأی یمکن تجاوزه بالقول أن الشرکة قد انقضت جراء التحول، ولکن هذا الانقضاء مبتسر لا یترتب علیه تصفیة اصول الشرکة وموجوداتها. فضلاً عن ذلک فإن التحول لا یرد على عقد شرکة قد شابه البطلان([42])، کما أن القول بأن التحول لا یؤدی إلى انشاء شرکة جدیدة لعدم فرض المشرع رسوماً واعباء مالیة على التحول لتبریر القول باستمرار الشخصیة المعنویة للشرکة المحولة یمکن الرد علیه بأن المشرع المصری قرر اعفاءات ضریبیة فی عملیات الاندماج ما بین الشرکات على الرغم من انقضاء الشرکة انقضاءً مبتسراً([43])، ومن ثم فإن الافکار التی ساقها هذا الاتجاه لا تصلح للأخذ بها أن تکون مبرراً لمبدأ استمرار الشرکة المحولة. وذهب البعض إلى تأسیس اخذ المشرع المصری بمبدأ استمرار الشخصیة المعنویة عند تحول الشرکة إلى نصوص قانون شرکات قطاع الأعمال رقم (203) لسنة 1991 على اعتبار ان هذا القانون الذی قضى بتحول هیئات القطاع العام وشرکاته إلى شرکات قابضة وشرکات تابعة لا یؤدی إلى انهاء الشخصیة المعنویة للهیئات والشرکات المحولة وانشاء شخصیة معنویة جدیدة. بحیث ان الذمة المالیة للهیئة أو الشرکة المحولة بما لها أو علیها قد انتقل إلى الشرکة القابضة أو التابعة دون اتخاذ أی اجراء یتعلق بنقل الملکیة، کذلک وفقاً للمادتین (6) و (41) من القانون المذکور تستمر الدعاوى التی تکون طرفاً فیها احدى هیئات القطاع العام وشرکاته والتی تحولت إلى شرکة قابضة أو تابعة منظوره سواء أمام مجلس الدولة أو التحکیم، ولم یطرأ علیها الانقطاع المنصوص علیه فی المادة (130) من قانون المرافعات المدنیة والتجاریة وخاصة ما یتعلق بوفاة احد الخصوم، أما بالنسبة للشخص المعنوی فینتهی بزوال شخصیته الاعتباریة وبالتالی یقف سیر الخصومة بقوه القانون لانقطاع اجراءاتها([44]). إن مجمل ما طرحه هذا الاتجاه قد جانب الصواب فی کثیر من المواطن، ویمکن الرد على ما ساقه من مبررات بالآتی؛ یفهم من نص المادة (2/1) من قانون قطاع الأعمال بانقضاء الشخصیة المعنویة لهیئات القطاع العام وشرکاته وإلا لما احتاج هذا القانون لاستخدام مصطلح (الحلول) و (الانتقال) فباستخدام هذین الاصطلاحین اعطى صورة بوجود شخصیتین. انقضت الشخصیة المعنویة الأولى وحلت محلها شخصیة معنویة ثانیة ظهرت فی الوقت التی انقضت فیه الشخصیة الأولى، وهذا یعنی خلافة الشرکة القابضة والشرکات التابعة لها لهیئات القطاع العامة وشرکاته. وهذا ما اکدته العدید من القرارات القضائیة الواردة بهذا الشأن، والتی سیتم الوقوف علیها فی حینه، هذا مع التأکید على ان هذا الاتجاه قد اجرى قیاس حالة التحول المنصوص علیها فی قانون الشرکات رقم (159) لسنة 1981 المصری والتی تعنی تغییر الشکل القانونی للشرکة، وحالة التحول إلى القطاع الخاص المنصوص علیه فی القانون رقم (203) لسنة 1991 قطاع الأعمال المصری وهو قیاس مع الفارق، ذلک لأن التحول فی القانون الاخیر یؤدی إلى تغییر النظام القانونی من نظام القانون العام إلى نظام القانون الخاص، فالنظام الاخیر منبت الصلة عن نظام القانون العام، بینما نجد التحول فی قانون الشرکات المصری یؤدی إلى تغییر الشکل القانونی للشرکة وان رافق تغییر النظام القانونی الذی تخضع له الشرکة، ولکنه لا یخرج عن القواعد المنظمة فی قانون الشرکات ای یبقى فی نطاق نظام القانون الخاص، فضلاً عن أن القانون رقم (203) لسنة 1991 هو قانون خاص بالنسبة للقانون رقم (159) لسنة 1981، ومن ثم فإن القانون الأخیر هو القانون الأسبق على قانون قطاع الأعمال المصری بالوجود وبالتالی یجب قیاس قانون قطاع الأعمال المصری على قانون رقم (159) لسنة 1981ولیس العکس، ولهذا لا یمکن الأخذ بهذا الرای جملةً وتفصیلاً فیما یتعلق بمبدأ استمرار الشخصیة المعنویة. ثانیاً: المعیار الحدیث: تم الأخذ بهذا المعیار مع اتساع نطاق فکرة التحول فی فرنسا، ومؤدى هذا المعیار أن "العبرة فی الأخذ بمبدأ استمرار الشخصیة المعنویة للشرکة بعد التحول یکون بالنظر إلى مضمون التحول، أی بالبحث فیما یحدثه التحول من تغییر فی الشرکة، فإذا کان التحول یقتصر على مجرد تغییر الشکل القانونی دون المساس بجوهر الشرکة فهذا التحول البسیط أو العادی ویترتب علیه استمرار الشخصیة المعنویة للشرکة المحولة، کتحول الشرکة التجاریة إلى شرکة مدنیة فی فرنسا إذا کان النشاط التجاری سیصبح مدنیاً"([45])، أما إذا کان التحول لا یقتصر على مجرد التغییر فی الشکل القانونی للشرکة، ولکن امتد إلى المساس بجوهر الشرکة بإحداث تغییرات فیها فهو اذن تحول غیر عادی، ویترتب علیه فی هذه الحالة انقضاء الشخصیة المعنویة([46]) لاقتران عملیة التحول بقلب الأوضاع بحیث تنتفی الصلة بین الکیان الأصلی للشرکة وبین کیانها الجدید الذی نشأ بعد التحول([47]). وتبدو اهمیة هذا المعیار بالنظر فی الاثار الضریبیة التی تترتب على اعتباره غیر عادی لأن هذا معناه انقضاء الشرکة، وبالتالی خضوعها للضرائب المقررة للتنازل عن اصول الشرکة([48]). وتقدیر ما إذا کان التحول عادیاً یترتب علیه استمرار الشخصیة المعنویة للشرکة المحولة أم أنه تحول غیر عادی تنقضی فیه الشرکة وتنشأ على اثره شخصیة معنویة جدیدة إنما یخضع لسلطة محکمة الموضوع فی تقدیرها بحسب کل حالة على حدى([49]). ونعتقد أن هذا المعیار یتسم بالمرونة، وهذه المرونة یمکن أن ینشأ عنها صعوبات عملیة فی تطبیق مفهوم التحول، الأمر الذی یقتضی إیجاد مرتکزات ثابتة تحدد نطاق هذا المعیار یبینها القانون فی تحدید ما یعتبر جوهریاً من عدمه، لذلک فإننا بحاجة إلى تدخل المشرع لوضع نص قانونی یحدد لنا معیاراً دقیقاً یجری بموجبه التفریق ما بین التحول العادی والتحول الجوهری. ذلک أن مثل هذه المرونة التی یتسم بها هذا المعیار سوف تؤدی إلى اختلاف الآراء الفقهیة بشأنه، واختلاف الأحکام من محکمة إلى أخرى، وهذا الاختلاف بدوره سوف ینعکس على مبدا استقرار المعاملات الذی یقوم علیه العمل التجاری. ثالثاً: المعیار الصحیح للتحول: هذا المعیار تبنته محکمة النقض الفرنسیة بعد هجرها للمعیار السابق، ومعیار التحول الصحیح هو ذلک التحول المستوفی للشروط القانونیة الواجبة بغض النظر عن مضمونه وما یترتب علیه من تعدیلات فی الشرکة ودون أن یؤثر ذلک على استمرار الشخصیة المعنویة للشرکة، وعلى ما یبدو ان اخذ محکمة النقض الفرنسیة بهذا المعیار إنما کان نتیجة التوسع فی مفهوم التحول لیشمل کافة انواع التغییرات التی تطرا على الشرکة والحد من تأثیرها على شخصیتها المعنویة، من ذلک تغییر الغرض الذی یقره الیوم قانون الشرکات باعتباره من قبیل التعدیل کذلک من الجائز تغییر المقر أو مرکز الشرکة کما ان تغییر الاسم لم یعد له تأثیر على شخصیتها المعنویة، وحتى تغیر شکلها القانونی، فی القانون الفرنسی([50]). والجدیر بالذکر أن هذا المعیار الذی تبنته محکمة النقض الفرنسیة هو الذی یتفق مع النص على هذا المبدأ فی المادة (1844/3) من القانون المدنی الفرنسی بعد تعدیلها بقانون سنة 1978، والذی لم تعلق تطبیقه إلا على صحة التحول دون ارتباط تطبیقه مع مضمون التحول([51]). وقد ذهبت محکمة النقض الفرنسیة فی نزاع یتعلق بشرکة تضامن تنازل فیها الشرکاء عن حصصهم، ثم قامت الشرکة بالتحول إلى شرکة ذات مسؤولیة محدودة، حیث قضت هذه المحکمة بصحة التحول وبالتالی استمرار الشخصیة المعنویة للشرکة استناداً إلى نص المادة 1844/3 من القانون المدنی الفرنسی، ولم تعتبر المحکمة تغییر الشرکاء عن طریق التنازل عن الحصص دلیلاً بذاته على اخفاء التصرف فی اصولها وانشاء شخصاً معنویاً جدیداً مادام التحول قد تم صحیحاً وفقاً للقانون([52]). کذلک قضت محکمة النقض الفرنسیة بشان نزاع حول تنازل شرکة توصیة بسیطة عن محلها التجاری الذی تأسست لغرض استغلاله ثم قامت هذه الشرکة بالتحول إلى شرکة مدنیة مع تغییر غرضها للقیام بنشاط عقاری فی وقت قصیر –شهرین ونص- فحکمت بصحة التحول واستندت فی استمرار الشخصیة المعنویة إلى المادة 1844/3 من القانون المدنی الفرنسی([53]). یتضح مما تقدم أن الاتجاه الحدیث فی فرنسا هو الأخذ بمعیار التحول الصحیح المستوفی للشروط القانونیة، دون النظر إلى ما یترتب على التحول من تعدیلات اخرى، ودون ان یؤثر ذلک على استمرار الشخصیة المعنویة للشرکة المحولة. أما بالنسبة لقانون الشرکات العراقی؛ نجد ان الفقه([54]) یذهب إلى أن التحول المنصوص علیه فی المادة (147) من قانون الشرکات رقم (21) لسنة 1997 المعدل لا یؤدی إلى انقضاء الشخصیة المعنویة للشرکة، وإنما هو انقضاء من حیث الشکل، ومن ثم فإن النتیجة التی تترتب على هذا الاتجاه تتمثل فی کون الشرکة الناتجة أو الناجمة عن التحول هی امتداد للشرکة السابقة، ومع ذلک فإننا لا نتفق مع ما ذهب إلیه الفقه فی هذا الخصوص، وذلک لأننا إذا امعنا النظر فی مضمون التحول والنتائج التی تترتب علیه، نجد ان الشرکة التی خضعت للتحول نتج عنها شرکة اختلفت إلى حد بعید عن سابقتها فی معظم ارکانها وجوانبها، فنجد أنه لم یعد هناک وجود لمجموعة الشرکاء الذین کانوا فی الشرکة السابقة بل اصبحوا شرکاء فی الشرکة الناجمة عن التحول، وقد یصاحب ذلک زیادة فی عدد الشرکاء یترتب علیه اتساع نطاق التعاون فاصبح یشمل الشرکاء فی الشرکة الناجمة عن التحول والشرکاء الجدد الذین انضموا إلیها بعد تحولها، وهذا بدوره یؤثر على نیة المشارکة حیث لم تعد ذاتها التی کانت لدى الشرکاء قبل التحول نتیجة اتساع هذا النطاق، وقد یؤدی التحول إلى تغییر فی مسؤولیة الشرکاء، وتقسیم رأس المال الذی یمثل الذمة المالیة للشرکة، وهذا یرتبط بالاعتبار الذی تقوم علیه الشرکة فیما إذا کان الاعتبار شخصیاً أو مالیاً، ومما لا شک فیه ان الشرکة المحولة تتخذ اسماً غیر الاسم الذی نشأت فیه وفی محصلة هذا کله نجد ان الشرکة عند تحولها تخضع لنظام قانونی آخر غیر النظام الذی تأسست بموجبه، وبالتالی سنجد ان الخطاب القانونی الذی یوجه إلیها غیر الذی کان علیه، فهناک تغییراً فی القواعد الشکلیة والموضوعیة، ومن ثم سنجد أمامنا کائن اخر غیر الذی کانت علیه قبل التحول. فإذا ما قیل ان الشرکة لا تستوجب انشاء عقد جدید کل ما هنالک سیتم تعدیل العقد، صحیح ان المشرع قد نص على ذلک الأمر، ولکن الشیء الذی لا یمکن نکرانه أن العقد فی حقیقته لیس هو الذی منح الشرکة شخصیتها المعنویة، وإن کان هذا العقد سبباً لإنشاء الشرکة باعتبارها اتفاق ما بین الشرکاء للاشتراک فی مشروع اقتصادی، رغم ذلک فإن هذا العقد لا یمنح الشرکة الشخصیة المعنویة، فإن کان کذلک کان من الأحرى به أن یمنح شرکات المحاصة تلک الشخصیة - بالنسبة للقوانین التی تأخذ بشرکات المحاصة- وبالتالی فإن من مَنَحَ هذا الکیان الاقتصادی الشخصیة المعنویة هو المشرع بعد أن توافرت فیه مقومات الشخص المعنوی من الناحیة الموضوعیة والشکلیة، ومما یؤکد هذا التصور أن المشرع عندما مَنَحَ الشرکة الشخصیة المعنویة منحها ایاها عندما شکلت بالشکل الذی یجیزه المشرع، فلولا هذا الشکل ما کان للمشرع ان یعترف بها کشخص معنوی، وهذا دلیلاً على ان شکل الشرکة لازماً لمنح الشخصیة المعنویة ابتداءً وانتهاءً فإذا ما تحولت الشرکة إلى شکل آخر فإن تلک الشخصیة تنتهی فی اللحظة التی قررت ان تتخلى فیها عن شکلها السابق. فضلاً عن أن المشرع العراقی قد جعل التحول سبباً من اسباب انقضاء الشرکة فی المادة (147/4) من قانون الشرکات متزامنةً ومقترنةً مع الاندماج، وکما هو معلوم ان الاندماج یؤدی حتماً إلى انقضاء الشخصیة المعنویة للشرکة بحسب الصورة التی اتخذها هذا الاندماج ، مع الأخذ بنظر الاعتبار أن هذا الانقضاء من نوع خاص مبتسر، فکأنما أراد المشرع ان یعطی للاندماج والتحول نفس الحکم، فإن لم یکن کذلک لکان الواجب أن ینص على موضوع التحول فی فضاء اخر غیر موضوع الانقضاء. ونحن بدورنا نرجح ما ذهب إلیه المشرع العراقی فی اعتبار التحول سبباً من اسباب انقضاء الشرکة، وعلى الرغم من ترجیحنا لموقف المشرع العراقی فی اعتبار التحول سبباً من اسباب انقضاء الشرکة إلا أننا لا نتفق معه فی أغفال النص صراحةً على مسالة خلافة الشرکة الناجمة عن التحول للشرکة المحولة، والنص على مسؤولیة الشرکة الناجمة عن التحول عن دیون والتزامات الشرکة التی خضعت للتحول، لعدم کفایة المادة (157) من قانون الشرکات التی قضت باستمرار مسؤولیة الشرکاء التضامنیة فی الشرکة القائمة على الاعتبار الشخصی رغم التحول حتى یتم تسویة تلک المدیونیة، وبذلک یتضح ان هناک قصور تشریعی واضح لا ینسجم مع ما انتهجه المشرع قِبَل هذا الموضوع (التحول)، الأمر الذی یتطلب تدارکه من خلال النص بشکل واضح لا یقبل التأویل بخلافة الشرکة الناجمة عن التحول للشرکة التی خضعت للتحول فی کل حقوقها والتزاماتها، واستمرار مسؤولیة الشرکة الخلف عن التزامات الشرکة السلف، وهکذا یکون هناک مرکز قانونی واضح فی مسؤولیة الشرکة الناجمة عن التحول تجاه الشرکة السابقة فی کافة حقوقها والتزاماتها باعتبارها خلفاً قانونیاً عاماً لها. وبناءً على ما تقدم نقترح على المشرع العراقی تعدیل المادة (156) من قانون الشرکات لتکون بالصیغة الآتیة: (یعتبر التحول نافذاً من تاریخ اخر نشر لقرار التحول والعقد المعدل، وتنتهی فی هذا التاریخ الشخصیة المعنویة للشرکة المحولة، وتحل محلها من تاریخ العقد المعدل للشرکة الناجمة عن التحول فی کافة حقوقها والتزاماتها باعتبارها خلفاً عاماً لها). المطلب الثانی اثر التحول فی القوانین الخاصة نتناول فی هذا المطلب اثر التحول فی قوانین التحول إلى القطاع العام (التأمیم)، وقوانین التحول إلى القطاع الخاص (الخصخصة)، لأن التحول بموجب هذه القوانین یؤدی إلى تغییر النظام القانونی الذی تخضع له الشرکة، فضلاً عن أن هذا التغییر قد یصاحبه تغییر فی الشکل القانونی للشرکة. لذا تثار مسألة انقضاء الشخصیة المعنویة للشرکات التی تخضع للتحول بموجب هذه القوانین، وللإجابة على هذا التساؤل سنقسم هذا المطلب إلى الفرعین الآتیین: الفرع الأول: اثر التحول فی قوانین التحول إلى القطاع العام (التأمیم). الفرع الثانی: اثر التحول فی قوانین التحول إلى القطاع الخاص (الخصخصة). الفرع الأول اثر التحول فی قوانین التحول إلى القطاع العام التأمیم یعتبر التأمیم قیداً من القیود التی ترد على حق الملکیة للمصلحة العامة، ووسیلة من الوسائل التی تتبعها الدولة فی نقل ملکیة الشرکات من القطاع الخاص إلى القطاع العام، فتنتقل بموجبه ملکیة الشرکات الخاصة الى الملکیة العامة التی تمثلها الدولة. لذا یثار التساؤل عن أثر التأمیم على الشخصیة المعنویة للشرکة المؤممة؛ فهل تنقضی ویقوم مقامها شخص قانونی جدید؟ وما مدى مسؤولیة الشخص المعنوی الجدید عن حقوق والتزامات الشرکة المؤممة التی نشأت قبل التأمیم؟ بادئ ذی بدئ, حتى یمکن الإجابة على هذا التساؤل, لا بد من طرح الصور التی یمکن ان یتم فی اطارها التأمیم وهی: الصورة الأولى: "قد یکون نقل الملکیة مباشرة بقصد تصفیة المشروع الخاص المؤمم بحیث تنهی فیها الشخصیة المعنویة وتذوب فی شکل قانونی جدید قد یکون مؤسسة أو هیئة عامة أو شرکة مساهمة أو شرکة من الشرکات المختلطة بحیث لا یمکن اعتبار الشکل الجدید امتداداً للشکل السابق"([55]), وبذلک فإن المؤسسات أو الهیئات العامة التی هی من اشخاص القانون العام تعتبر اشخاصاً قانونیة جدیدة قامت على انقاض الشرکات المؤممة التی انقضت وانحلت بالتأمیم, مع ملاحظة أن تصفیة الشرکات المؤممة لا تتم بنفس الطریقة التی تتم فیها تصفیة الشرکات بصفة عامة، بل هی تصفیة نظریة تهدف إلى تحدید التعویض المستحق للشرکاء([56]), وهذه الصورة من صور التأمیم لا تثیرأیةصعوبة بشأن انقضاء شخصیة الشرکة أو المشروع المؤمم الذی اخذ شکلاً آخر، فنهض بعد التأمیم شخصاً معنویاً جدیداً([57])، بالتالی تکون الشرکة أو الهیئة فی شکلها الجدید خلفاً عاماً فی کافة حقوق الشرکة المؤممة والتزاماتها. والجدیر بالذکر ان المشرع المصری أتى بصور عدیدة لتطبیق مبدأ الخلافة العامة بموجب التأمیم بمناسبة تأمیم الشرکات الخاصة، لاسیما ما کان منها فی صورة استرداد الالتزام قبل انتهاءه، فمثلاً تأمیم شرکة قناة السویس بموجب القانون رقم (185) لسنة 1956، وتحویلها إلى هیئة، حیث قضى فی المادة (1) بنقل جمیع ما للشرکة من اموال وحقوق وما علیها من التزامات مع حل جمیع الهیئات واللجان القائمة على ادارتها، کذلک انهاء ترخیص شرکة مارکونی رادیو التلغرافیة بموجب القانون رقم (107) لسنة 1957، وقد أُسِسَ هذا الانهاء على أن: 1- تؤول جمیع موجودات الشرکة إلى الحکومة. 2- تلتزم الحکومة بأیة خصوم على الشرکة، ولکن فی حدود قیمة التزام الحکومة بموجودات الشرکة التی تقدرها لجنة مختصة، وقد اسس البعض التزام الحکومة بالتزامات شرکة مارکونی بالحدود المتقدمة بأنه استخلاف قانونی فی تلک الحدود لا خلافة عامة وفقاً للقواعد العامة فی القانون المدنی، حیث تنصرف الذمة المالیة للشرکة بحکم القانون إلى ذمة الحکومة([58])، ومع ذلک فقد ذهب البعض إلى أن مسؤولیة الدولة عن التزامات الشرکة بحدود قیمة موجوداتها التی انتقلت إلیها، یجعلها متعلقة بمجموع معین من الأموال هو أشبه بالوارث بشرط الجرد أو بانفصال الذمتین فی القانون الفرنسی، واقرب شبهاً بالوارث فی الشریعة الإسلامیة، حیث یخلف الوارث موروثه فی حقوقه ولا تنتقل إلیه التزاماته([59]). الصورة الثانیة: قد یخالف المشرع الصورة السابقة ویشیر إلى استمرار شخصیة المشروع المؤمم السابقة على التأمیم على الرغم من تغییر شکل المشروع، وهیکله التنظیمی. وفی هذه الحالة تعتبر تلک الشخصیة هی الامتداد القانونی والطبیعی للشرکة ما قبل التأمیم، وتبقى فی استمراریة حیال الحقوق والالتزامات المتعلقة بها, ومن الامثلة على ذلک تأمیم البنک الأهلی بالقانون رقم (40) لسنة 1960، حیث کان البنک یتخذ قبل التأمیم شکل شرکة مساهمة وتقرر ان یتخذ بمقتضى قانون التأمیم شکل مؤسسة عامة, ومع ذلک فوفقاً للمادة (6) من القانون الصادر بتأمیمه یظل البنک الأهلی هو البنک المرکزی للدولة، ویستمر فی مباشرة کافة اختصاصاته المخولة له بمقتضى القانون رقم (163) لسنة 1975 بشأن البنوک والائتمان, ویستفاد من ذلک ان المشرع أبقى على شخصیة البنک المؤمم رغم تغییر شکله القانونی من شرکة مساهمة إلى مؤسسة عامة([60]). أما الصورة الثالثة: وهی تتم بنقل ملکیة اسهم المشروع کلها أو بعضها إلى الدولة إذا کان المشروع یتخذ شکل شرکة مساهمة مع بقاء الشرکة المؤممة دون ان یحدث تغییراً فی شکلها. ولکن هل یترتب على التأمیم وفق هذه الصورة انقضاء الشخصیة المعنویة؟. ابتداءً لا بد من القول أن التأمیم الجزئی لا یثیر خلافاً بخصوص بقاء الشخصیة المعنویة للشرکة، حیث تظل محتفظة بکیانها وشخصیتها المعنویة([61]), إلا أن الخلاف یثور عندما یکون التأمیم کلیاً؛ حیث ذهب جانب من الفقه إلى أن التأمیم الکلی یترتب علیه زوال الشخصیة المعنویة للشرکة وظهور شرکة أخرى تختلف فی نظامها عن النظام القدیم، فهی تنتقل بالکامل للدولة فتزول تبعاً لذلک شخصیتها المعنویة بالکامل، ومن ثم تعود علیها الدولة من جدید فی اسباغ الشکل القانونی الذی کان لها قبل التأمیم – کشکل شرکة مساهمة – وبالتالی فإن الشخصیة المعنویة للشرکة المؤممة مبتداها بعد التأمیم ولا امتداد لهذه الشخصیة فی الفترة ما قبل التأمیم, ولا یغیر مجرى هذا التصور اعتراف المشرع باستحداث المشروع واحتفاظه بشکله القانونی السابق([62])، وبذلک یعتبر التأمیم وفقاً لهذا الاتجاه سبباً فی انقضاء الشخصیة المعنویة للشرکة المؤممة وحلها. بینما یرى جانب أخر من الفقه أن التأمیم لا یترتب علیه وفقاً لهذه الصورة انقضاء الشخصیة المعنویة للشرکة المؤممة, حیث تمتد شخصیها المعنویة إلى ما بعد التأمیم, ذلک لأن المشرع عندما قرر الاحتفاظ بالمشروع أو الشرکة بالشکل القانونی السابق قصد من ذلک الاحتفاظ بذات الشخصیة المعنویة للشرکة المؤممة لا بمجرد الاحتفاض الشکل، وکل ما طرأ على الشرکة المؤممة من تغییر هو امتلاک الدولة لجمیع حصصها أو اسهمها بالتأمیم، وهذا الأمر لا ینال من شخصیها المعنویة، ولا یؤثر فی کیانها القانونی([63])، لذلک تبقى الشرکة المؤممة مسؤولة عن کافة حقوقها والتزاماتها السابقة على التأمیم، أی أنها فی حالة استمرار حیال حقوقها والتزاماتها، وبالتالی لا یتطلب الأمر وفقاً لهذا الاتجاه أن نؤسس مسؤولیة الشرکة تجاه هذه الحقوق والالتزامات على فکرة الخلافة، لأنه لم یصاحب عملیة التأمیم انقضاء لتلک الشرکة، فکل ما تغیر من تلک الشرکة هو ایلولة ملکیتها للدولة، أی تغییر فی صفة المالک من شخص خاص إلى شخص عام. وقد ایدت محکمة النقض المصریة هذا الاتجاه حیث جرى قضاءها على ان: "مؤدى نصوص قانون رقم (117) لسنة 1961 بتأمیم بعض الشرکات والمنشآت فی مذکرته الایضاحیة أن الشارع لم یشأ انقضاء المشروع المؤمم بمقتضى هذا القانون بل رأى الابقاء على شکله القانونی واستمرار ممارسة نشاطه مع اخضاعه لإشراف الجهة الاداریة التی یرى الحاقه بها, وهذا الاشراف لا یعنی زوال شخصیة المشروع المؤمم بل تظل له هذه الشخصیة الاعتباریة التی کانت له قبل التأمیم وذمته المالیة المستقلة بما عساه یکون عالقاً بها من التزامات، وبناء على هذا الحکم تکون مسؤولیة المشروع مسؤولیة کاملة عن جمیع التزاماته السابقة على التأمیم کنتیجة حتمیة لاستمرار شخصیته المعنویة، ولا یغیر من ذلک ایلولة أسهم المشروع المؤمم أو حصص رأسماله فی الشرکات ذات المسؤولیة المحدودة إلى الدولة مع تحدید مسئولیتها عن التزاماته السابقة فی حدود ما آل إلیها من امواله وحقوقه فی تاریخ التأمیم ذلک بأن مسؤولیة الدولة – وقد اصبحت المالک الوحید لجمیع الاسهم أو الحصص – لا تعدو ان تکون تطبیقاً للقواعد العامة فی مسئولیة المساهم أو مقدم الحصة الذی لا یسأل اثناء قیام الشرکة عن التزاماتها وإنما تتحدد مسئولیته عند التصفیة بما یملکه من اسهمها أو ما قدمه من حصص فی رأس مالها"([64]). کما هو الحال فی قانون تأمیم بعض الشرکات والمنشأة رقم (99) لسنة 1964 العراقی حیث نصت المادة (4/أ) منه على أن: "تحتفظ الشرکات والمنشآت المشار إلیها فی المادة الأولى بشکلها القانونی عند صدور هذا القانون وتستمر الشرکات المنشأة المشار إلیها فی مزاولة نشاطها ولا تنتقل التزاماتها السابقة إلى الدولة إلا فی حدود ما آل إلیها من اموال تلک الشرکات والمنشآت وحقوقها فی تاریخ التأمیم". حقیقة أن النص المتقدم یوحی بأن المشرع قد أخذ بفکرة انقضاء الشرکة المؤممة، وإن بقت على نفس الشکل القانونی الذی کانت علیه قبل التـأمیم، وذلک لا یراده عبارة انتقال الحقوق والالتزامات إلى الدولة فی حدود ما آل الیها من أموال تلک الشرکة، وهذه العبارة توحی بأن الدولة أصبحت خلفاً قانونیاً عاماً للشرکة التی خضعت للتأمیم لانتقال ملکیتها إلیها، ویلاحظ أن الأخذ بفکرة الاستخلاف وفق الصیغة التی جاءت بها المادة (4) من قانون التأمیم العراقی أشبه ما یکون بالوارث بشرط الجرد فی القانون الفرنسی واکثر شبها بالوارث وفق قواعد الشریعة الإسلامیة حیث لا یخلف مورثه فی التزاماته ولا تنتقل إلیه حقوقه إلا بعد سداد الدیون. مع ذلک فإن اقرار القانون باستمرار الشرکة بشکلها القانونی السابق والاستمرار فی مزاولة نشاطها لیس إلا مجرد عملیة نقل لملکیة الاسهم من المساهمین إلى الدولة لتکون المالک الوحید لها. ولهذا نرى أن التأمیم وفقاً للنص المتقدم لا یترتب علیه انقضاء الشخصیة المعنویة للشرکة المؤممة، وإنما تمتد شخصیها المعنویة إلى ما بعد التأمیم، لأن المشرع عندما قرر الابقاء على الشرکة المؤممة بشکلها القانونی السابق، واستمرارها فی مزاولة نشاطها قصد من ذلک الاحتفاظ بذات الشخصیة المعنویة للشرکة المؤممة لا مجرد الاحتفاض الشکل، وکل ما طرأ على الشرکة المؤممة من تغییر هو امتلاک الدولة لجمیع اسهمها بالتأمیم، وهذا الأمر لا ینال من شخصیها المعنویة، ولا یؤثر فی کیانها القانونی، ولا یغیر من هذا التصور ایلولة أسهم الشرکة المؤممة إلى الدولة وتحدید مسئولیتها عن التزاماتها السابقة فی حدود ما آل إلیها من اموالها وحقوقها فی تاریخ التأمیم، ذلک أن مسؤولیة الدولة وقد اصبحت المالک الوحید لجمیع الاسهم لا تعدو أن تکون تطبیقاً للقواعد العامة فی مسئولیة المساهم أو مقدم الحصة الذی لا یسأل اثناء قیام الشرکة عن التزاماتها، وإنما تتحدد مسئولیته عند التصفیة بما یملکه من اسهمها أو بما قدمه من حصص فی رأس مالها، ولا ینال من هذا التصور أیضاً قیام الدولة بتسدید التعویضات اللازمة للمساهمین والدائنین وفقاً لأحکام المادة الثانیة من قانون تأمیم بعض الشرکات والمنشأة العراقی. وهذا یعنی احتفاظ المشروع أو الشرکة المؤممة بالشخصیة المعنویة، اللهم إلا إذا کان القانون الذی صدر بموجبه التأمیم یتضمن ما یفید تحویل المشروع المؤمم إلى مرفق عام أو دمجه فی منشأة اخرى, ففی هذه الحالة تنقضی الشخصیة المعنویة نهائیاً وتنشأ بعد التأمیم شخصیة معنویة جدیدة للمشروع أو الشرکة([65])، لما للاندماج من أثر على الشرکة المندمجة أو الداخلة بالاندماج على التفصیل السابق. حیث ان الشرکة الدامجة تحل محلها فیما لها من حقوق وما علیها من التزامات، حیث تکون خلفاً لها فی ذلک([66]). نخلص مما تقدم بأن عملیات التأمیم هی عملیات مرتبطة بالدولة صاحبة السیادة، وهی التی تحدد الشکل الذی یتم التحول فیه من النظام القانونی الخاص إلى النظام القانونی العام، فضلاً عن ذلک فهی التی تقرر حسب قوانینها الخاصة بالتأمیم مدى انقضاء الشخصیة المعنویة للشرکة سواء کان التأمیم یقتصر على تغییر الشکل القانونی للشرکة أو یتجاوز ذلک إلى تغییر النظام القانونی الذی تخضع له، وقد تقرر استمرار الشخصیة المعنویة للشرکة على الرغم من تغییر شکلها ونظامها القانونی معاً. الفرع الثانی اثر التحول فی قوانین التحول إلى القطاع الخاص (الخصخصة) إن أغلب الدول التی اخذت بالخصخصة لجأت إلى عملیة اعادة هیکلة شرکاتها العامة بتحویلها إلى شرکات مساهمة تمهیداً لتحولها إلى شرکات خاصة، ولهذا نجد أن المشرع الفرنسی اصدر العدید من القوانین التی تتضمن اعادة هیکلة بعض المنشاة العامة الصناعیة والتجاریة وتحویلها إلى شرکات مساهمة([67])، وقرر انتقال حقوق والتزامات المشروعات والمؤسسات العامة عند اعادة هیکلیتها إلى الشرکة المساهمة الناتجة عن هذه العملیة کالقانون الفرنسی الصادر فی 26/7/ 1996 الذی قضى بتحویل المؤسسة العامة للاتصالات الفرنسیة إلى شرکة مساهمة تملک الدولة اسهمها بالکامل على النحو الذی تعتبر فیه الشرکة الأخیرة خلفاً عاماً للمؤسسة العامة([68]). ویرى جانب من الفقه الفرنسی "أن الخصخصة ما هی إلا تغییر فی الشکل القانونی للشرکة أو المنشاة العامة عن طریق تحویلها إلى شرکة مساهمة، وإن عملیة التحول هذه تؤدی إلى انقضاء الشخصیة المعنویة للمنشاة العامة أو الشرکة بوصفها شخصیاً معنویاً عاماً، ونشوء شخصیة معنویة جدیدة هی شخصیة الشرکة الناجمة عن اعادة الهیکلة بوصفها شخصیة معنویة خاصة"([69]). أما بالنسبة للمشرع المصری نجد أنه قد انتهج اسلوب اعادة هیکلة الهیئات والشرکات العامة، حیث نص على أن تحل الشرکات القابضة محل هیأت القطاع العام، کما تحل الشرکات التابعة محل الشرکات التی تشرف علیها هذه الهیآت، وتنتقل إلى الشرکات القابضة والشرکات التابعة لها، کافة ما لهیئات القطاع العام وشرکاته الملغاة من حقوق، کما تتحمل جمیع التزاماتها وتسأل مسؤولیة کاملة عنها، وللشرکة القابضة تأسیس شرکات مساهمة بمفردها أو بالاشتراک مع الأشخاص المعنویة العامة أو الخاصة أو الأفراد([70]). ولکن یلاحظ ان مسألة انقضاء هیئات القطاع العام وشرکاته لم تکن محل اتفاق لدى الفقه المصری، فقد اختلف بشأن تحدید المقصود بالحلول الذی اشار إلیه النص المتقدم، ولذلک ظهرت إلى السطح ثلاث آراء، أولها ذهب إلى ان المقصود بالحلول هو تغییر فی الشکل القانونی، أی فی الاسم فقط([71])، وستند فی ذلک إلى الأسباب الآتیة: 1- إن المادة (13) من القانون رقم (203) لسنة 1991 نصت على أن یبقى اعضاء مجالس الادارة الحالیون لکل من هیئات القطاع العام وشرکاته قائمین على ادارتها حتى یتم تشکیل مجالس ادارة جدیدة. 2- إن المادة (2) والمادة (48) من اللائحة التنفیذیة للقانون المذکور نصت على یبقى راس مال تلک الشرکات کما هو دون تعدیل من حیث مقداره، وملکیتة، ونسبة المساهمة فیه. 3- إن الذمة المالیة للهیئة أو الشرکة التی خضعت للخصخصة بما لها أو علیها قد انتقلت إلى الشرکة القابضة أو التابعة دون اتخاذ أی اجراء یتعلق بنقل الملکیة. 4- إن قید الشرکة القابضة والتابعة فی السجل التجاری إنما هو اجراء اشترطه المشرع المصری لأنها کانت هیئة قطاع عام ولم تکن مقیدة فی هذا السجل، أما وقد اصبحت شرکة مساهمة فیجب قیدها فی هذا السجل، وأن قید الشرکة التابعة فی السجل التجاری لا یعنی سوى التأشیر فی السجل بالتسمیة الجدیدة لهذه الشرکة. ویتابع هذا الجانب من الفقه القول؛ أن اشتراط المشرع المصری لهذا القید لم یرتبط باکتساب الشرکة الشخصیة المعنویة على خلاف ما ذهب إلیه بالنسبة للشرکة القابضة والتابعة التی تؤسس لأول مرة([72])، وبالتالی فإن تلک المغایرة فی الحکم بالنسبة لهذه الشرکات إنما کانت مغایرة مقصودة من جانب المشرع للتدلیل على ان الشخصیة المعنویة للشرکة القائمة تستمر ولا تنشا بدلاً منها شخصیة معنویة جدیدة، فی حین ان المشرع رتب على قید الشرکات التی تنشا لأول مرة فی السجل التجاری اکتسابها الشخصیة المعنویة. 5- ان المادة (6) والمادة (41) من القانون المذکور تؤکدان على أن تستمر الدعاوى التی یکون طرفاً فیها هیئات القطاع العام وشرکاته والتی تحولت إلى شرکة قابضة وتابعة منظورة سواء أمام مجلس الدولة أو التحکیم ولم یطرا علیها الانقطاع المنصوص علیه فی المادة (130) من قانون المرافعات المدنیة والتجاریة المصری، ذلک لان من أسباب انقطاع الخصومة، هی وفاة احد الخصوم، أما بالنسبة للشخص المعنوی فینتهی بزوال شخصیته الاعتباریة، فطالما أن المشرع المصری فی المادتین اعلاه قرر استمرار الخصومة التی کانت الشرکة المحولة طرفاً فیها، فهذا یعنی بالضرورة عدم زوال الشخصیة المعنویة لتلک الشرکة واستمرارها بالنسبة للشرکة التی حلت محل هیئة القطاع العام حسب الأحوال. ویذهب الرای الثانی([73]) إلى أن تحول هیئات القطاع العام والشرکات التابعة لها إلى شرکات قابضة وتابعة یؤدی إلى انقضاء الشخصیة المعنویة لهیئات القطاع العام والشرکات التابعة لها، وتثبت شخصیة معنویة جدیدة للشرکات القابضة وشرکاتها التابعة، ابتداءً من تاریخ العمل بقانون شرکات قطاع الأعمال، ذلک أن المقصود بالحلول محل البحث هو عدم ضرورة مراعات اجراءات التأسیس المنصوص علیها قانوناً، وتثبت للشرکة القابضة والشرکة التابعة الشخصیة المعنویة من تاریخ العمل بقانون شرکات قطاع الأعمال العام دون تعلیق ذلک على القید فی السجل التجاری، خلافاً للشرکات التی تؤسس ابتداءً. فی حین یذهب الرای الثالث إلى وجوب التمییز ما بین حالتین؛ أولهما: حلول الشرکة القابضة محل هیئات القطاع العام، فهذه الحلول لا یعد من قبیل التغییر فی التسمیة بل هو تغییر جوهری لتعلقه بالنظام القانونی لهیئات القطاع العام وهی من الأشخاص الاعتباریة التی تخضع للقانون العام، واختلافه عن النظام القانونی التی تخضع له الشرکات القابضة وهی من اشخاص القانون الخاص، وبالتالی فإن اختلاف هذین النظامین سیستلزم انقضاء الشخصیة المعنویة لهیئات القطاع العام، وبالتالی عدم استمرارها. أما بالنسبة للشرکات التابعة لا یترتب على هذا الحلول انقضاء الشخصیة المعنویة لشرکة القطاع العام واکتساب الشرکة التابعة الشخصیة المعنویة الجدیدة، ذلک لأن شرکات القطاع العام هی شرکات مساهمة فتبقى محتفظة بشکلها القانونی وتخضع فیما لم یرد بشأنه نص فی قانون قطاع الأعمال لقانون الشرکات المصری رقم (159) لسنة 1981([74]). ونعتقد أن الرأی الأول الذی ذهب إلى عدم انقضاء الشخصیة المعنویة لهیئات القطاع العام وشرکاته وان الأمر لا یعدو أکثر من مجرد تغییر فی التسمیة، قد جانب الصواب فی عدة مواطن، ذلک ان التحول الذی حصل لهذه الهیئات لم یقتصر على مجرد تغییر الشکل القانونی لهیئات القطاع العام وصیرورتها شرکات قابضة، وإنما تبعه تغییر جوهری فی النظام القانونی الذی تخضع له هذه الهیئات وشرکاتها وهو منبت الصلة عن النظام القانونی الذی تحولت إلیه، حیث تم التحول من نظام القانون العام إلى نظام القانون الخاص، هذا من جانب، ومن جانب آخر إذا امعنا النظر فی المادة (2) من قانون رقم (203) لسنة 1991 المصری، نجد أن المشرع قد استخدم مصطلح الحلول، وهذا یعنی حلول شخصیة معنویة جدیدة فی ذات المرکز القانونی للشخصیة المعنویة التی انقضت بفعل التحول، وعلیه إذا لم یقصد المشرع الانقضاء لاستعاض عن مصطلح التحول بمصطلح اخر یدل على تغییر التسمیة ولیس مصطلح الحلول، کما أن استدلال هذا الرای باستمرار الدعاوى التی تکون الشرکات القابضة والشرکات التابعة لها طرفاً فیها بعد التحول لدعم رأیه، فإننا نرى أن ذلک نتیجة منطقیة لفکرة الحلول التی اصبحت فیه الشرکة القابضة والشرکات التابعة خلفاً قانونیاً للشرکات السابقة، هذه الخلافة جاءت نتیجة الانقضاء المبتسر لتلک الهیئات وشرکاتها ومن ثم لا مجال للقول بوقف اجراءات الدعوى لانقطاع الخصومة، والمادة التی اشار إلیها هذا الرای إنما قصد بها الانقضاء التام الذی یرافقه عملیة التصفیة قیاساً على حالة الشخص الطبیعی عند الوفاة. أما بالنسبة للرأی الثالث؛ حقیقةً أن نص المادة الثانیة من قانون رقم (203) لسنة 1991 لم یمیز فی الحلول بین الشرکة القابضة والشرکة التابعة، وإن کان الرای قد وافق الصواب بالنسبة للتقسیم الذی أتى به خاصة فیما یتعلق بالشرکة التابعة، على اساس أنها فی الأصل شرکة مساهمة وبالتالی تخضع للقانون رقم (159) لسنة 1981، إلا أنه یتعارض مع نص المادة (2) من قانون قطاع الأعمال التی جعلت من نطاق حلول الشرکات القابضة محل هیئات القطاع العام یشمل فضلاً عن ذلک شرکات تلک الهیئات التی تحل محلها الشرکات التابعة. ولما تقدم نرى أن ما ذهب إلیه الرای الثانی جدیر بالتأیید، ذلک أنه جعل من التحول سبباً لانقضاء هیئات القطاع العام وشرکاته لتتحول إلى شرکات قابضة وشرکات تابعة لها دون الحاجة إلى اتباع اجراءات التأسیس المنصوص علیها قانوناً، ودون تعلیق ذلک على القید فی السجل التجاری، وهذا ما أکدته محکمة النقض المصریة فی قرارات عدة، حیث قضت بأن: (النص فی المادة الثانیة من مواد اصدار قانون شرکات القطاع الأعمال العام رقم (203) لسنة 1991 على ان تحل الشرکات القابضة محل هیئة القطاع العام الخاضعة لأحکام قانون رقم (97) لسنة 1983 المشار إلیه، کما تحل الشرکات التابعة محل الشرکات التی تشرف علیها هذه الهیئات وذلک اعتباراً من تاریخ العمل بهذا القانون ودون الحاجة إلى أی اجراء، وتنتقل إلى الشرکات القابضة والشرکات التابعة لها بحسب الأحوال کافة ما لهیئات القطاع العام وشرکاته الملغاة من حقوق بما فیها حقوق الانتفاع والایجار کما تتحمل جمیع الالتزامات وتسال مسؤولیة کاملة عنها..." مفاده أنه اعتباراً من تاریخ العمل بهذه القانون 19 یولیو 1991 تنقضی هیئات القطاع العام التی کانت خاضعة لأحکام القانون رقم (97) لسنة 1983 وتحل محلها الشرکات القابضة حلولاً قانونیاً فیما لها من حقوق وما علیها من التزامات، وتخلفها فی ذلک خلافة عامة، ومن ثم تکون مسؤولة مسؤولیة کاملة عن جمیع التزاماتها قبل الغیر، وکان الثابت بالأوراق ان هیئة القطاع العام للصناعات المعدنیة قد ضمنت المطعون ضدها الثانیة فی سداد مدیونیاتها الثابتة بالسندات الأولیة موضوع النزاع، وإذا انقضت هذه الهیئة وحلت محلها الشرکة القابضة للصناعات المعدنیة بموجب المادة الثانیة من مواد اصدار القانون رقم (203) لسنة 1991 سالف البیان، فإن جمیع التزاماتها تنتقل إلیها وتسال مسؤولیة کاملة، ومنها التزامها بضمان سداد السندات الاذنیة المشار إلیها طوال فترة بقاء شخصیتها المعنویة مستمرة ما لم تنقض، ولما کان ذلک، وکان صدور قرار مجلس الوزراء رقم (1499) لسنة 2000 ینقل تبعیة المطعون ضدها الثانیة إلى الطاعنة مع استمرار الشخصیة المعنویة للشرکة القابضة للصناعات المعدنیة التی حلت محل الهیئة العامة الصناعیة لیس من شأنة ان تتحمل الطاعنة التزامات هذه الشرکة القابضة التی کانت تتبعها المطعون ضدها الثانیة قبل ذلک بل تظل هی المسؤولة وحدها عن الالتزامات التی ترتبت فی ذمتها بسداد قیمة المدیونیة الثابتة فی السندات الاذنیة محل المطالبة ولو انتقلت تبعیتها الإشرافیة والإداریة إلى شرکة قابضة اخرى، فإن الحکم المطعون فیه وقد خالف هذا النظر ورتب على مجرد انتقال تبعیة المطعون ضدها الثانیة الاشرافیة والاداریة إلى الطاعنة انتقال التزامات الشرکة القابضة التی کانت تتبعها بضمان سداد المدیونیة السالفة الذکر إلى الثانیة فإنه یکون قد خالف القانون أو أخطأ فی تطبیقه بما یوجب نقضه نقضاً جزئیاً فی خصوص ما قضى به من التزام الطاعنة بأن تؤدی للمطعون ضده الأول بالتضامن مع المطعون ضدها الثانیة مبلغ الدین المطالب به لهذا السبب دون حاجة لبحث باقی اسباب الطعن) ([75]). وفی حکم اخر ذهبت محکمة النقض المصریة إلى أن: "النص فی المادة الثانیة من مواد اصدار قانون رقم (203) لسنة 1991 بشان شرکات قطاع الأعمال العام على ان تحل الشرکة القابضة محل هیئات القطاع العام الخاضعة لأحکام القانون رقم (97) لسنة 1983... کما تحل الشرکات التابعة محل الشرکات التی تشرف علیها هذه الهیئات اعتبار من تاریخ العمل بهذا القانون... وتنتقل إلى الشرکات القابضة والشرکات التابعة لها بحسب الأحوال کافة ما لهیئات القطاع العام وشرکاته الملغاة من حقوق.. کما تتحمل جمیع التزاماتها وتسال مسؤولیة کاملة عنها... یدل على ان هیئات القطاع العام المنشاة بالقانون رقم (97) لسنة 1983قد الغیت وحلت محلها الشرکات القابضة المنشاة بالقانون رقم (203) لسنة 1991 وأضحى للأخیرة کافة الحقوق المقررة للأولى وعلیها کافة التزاماتها باعتبارها الخلف العام لها وان شرکات القطاع العام التی کانت تشرف علیها تلک الهیئات قد ألغیت أیضاً وحلت محلها الشرکات التابعة وأضحى للأخیرة کافة الحقوق المقررة للأولى لشرکات القطاع العام وعلیها کافة التزاماتها باعتبارها الخلف العام لها" ([76])، وبذلک تکون شرکات القطاع العام قد انقضت شخصیتها المعنویة بموجب قانون إصدار قانون شرکات قطاع الاعمال العام رقم (203) لسنة 1991 ومن تاریخه وهو 19 تموز 1991، وبذلک یکون هذا التاریخ هو المیعاد الذی تنقضی فیه شرکات القطاع العام، وبذلک تکون الشرکات القابضة خلفاً عاماً لهیئات القطاع العام، والشرکات التابعة خلفاً عاماً لشرکات القطاع العام، وهی مسألة حتمیة لا تحتاج إلى إجراء اخر، کأجراء شهر قرار التحول إلى القطاع الخاص، أو اتخاذ إجراءات تأسیس الشرکة الجدیدة، وحیث کان النص واضحاً وجلیاً فی الدلالة على المراد منه، فلا مجال لتأویله أو الخروج علیه بدعوى استهداء قصد المشرع لأن ذلک لا یکون إلا عند غموض النص أو وجود لبس فیه. أما بخصوص المشرع الأردنی، فإنه قد اجاز تحویل المؤسسة أو السلطة أو الهیئة الرسمیة العامة إلى شرکة مساهمة عن طریق إعادة هیکلة تلک المؤسسات، وقضى بانقضاء تلک المؤسسة أو الهیئة مع انتقال کافة حقوقها والتزاماتها إلى الشرکة المساهمة، وبالتالی تصبح الأخیرة هی الخلف القانونی لتلک المؤسسات أو الهیئات، حیث جاء فی المادة (16) من قانون التخاصیة الأردنی رقم (25) لسنة 2000 ما یأتی: "على الرغم من أحکام أی تشریع آخر مع مراعاة الشروط الواردة فی أی اتفاق مترتب على اعادة هیکلة المشروع أو اجراء التخاصیة على المؤسسة تنتقل جمیع حقوق والتزامات المشروع أو المؤسسة اللذین جرت التخاصیة على أی منهما إلى الجهة أو الجهات الناتجة من التخاصیة وتصبح الخلف القانونی والواقعی لها". وبذلک یعتبر قانون التخاصیة الأردنی قانوناً خاصاً ینظم الأحکام القانونیة والاجراءات العملیة لخصخصة المشروعات العامة الأردنیة على الرغم من أن هذا القانون لم یتضمن أحکاماً تعارض ما نصت علیه المادة (8) من قانون الشرکات الأردنی، إلا أنه اضاف أحکاماً فی تحدید الهیئات العامة القائمة على تنفیذ التخاصیة وتحدید اسالیب الخصخصة واعادة الهیکلة([77]). اما فیما یتعلق بموقف المشرع اللبنانی؛ فقد نصت المادة (10) قانون تنظیم عملیات الخصخصة رقم (2000) لسنة 2000 على ما یأتی: "خلافاً لأی نص آخر یحل الشخص الطبیعی أو المعنوی الذی ینتقل إلیه المشروع المخصخص فوراً أو حکماً ویحل محل المشروع العام فی جمیع حقوقه وموجباته تجاه الغیر" یتضح من هذا النص أن المشرع الاردنی نص على خلافة الشرکة الناتجة عن الخصخصة للشرکة التی جرى الخصخصة علیها إلا أنه لم یحدد طبیعة هذه الخلافة. ولکن یتضح من ظاهر النص أنه أخذ بفکرة الخلافة العامة. أما بالنسبة للمشرع العراقی؛ فإنه لم ینص صراحة على انقضاء الشرکة العامة جراء تحولها إلى شرکة مساهمة، ولکن یمکن الاستدلال على ذلک من نص المادة (37) من قانون الشرکات العامة العراقی التی نصت على أنه: "تکتسب الشرکة المساهمة الشخصیة المعنویة ابتداءً من تاریخ اخر نشر لقرار التحول"، وهذا یعنی بالضرورة انقضاء الشخصیة المعنویة للشرکة العامة نتیجة التحول لتکتسب الشرکة المساهمة العامة شخصیتها المعنویة فی الوقت الذی اشارت إلیه هذه المادة، إلا أن المشرع لم یحدد بشکل صریح المیعاد أو الوقت الذی تنقضی فیه الشخصیة المعنویة للشرکة العامة الأمر الذی دعى البعض إلى القول بأن تحقق هذا الوقت یکونأ فی تاریخ اتخاذ قرار التحول من مجلس الوزراء، وان الشرکة المساهمة تنشأ شخصیتها المعنویة من تاریخ اخر نشر لقرار التحول([78])، یلاحظ أن هذا الرای محل نظر ذلک أنه یؤدی إلى ایجاد فترة زمنیة ما بین انقضاء الشرکة العامة ونشوء الشرکة المساهمة مما قد ینجم عنه القیام بعملیات قد تغیر من عناصر الذمة المالیة للشرکة العامة سواء کانت هذه العملیات تزید من العناصر الایجابیة أو السلبیة للذمة المالیة، الأمر الذی قد یلحق ضرراً بالغیر، وخاصة إذا کان حسن النیة لا یعلم بانقضاء الشرکة العامة فیتعامل معها على اساس أنها لازالت قائمة. وعلى هذا الأساس ومراعاةً لتلک المصلحة نرجح الرای القائل بأن الشرکة العامة تفقد شخصیتها المعنویة من تاریخ اکتساب الشرکة الناجمة عن التحول أی المساهمة شخصیتها المعنویة وهو تاریخ آخر نشر لقرار التحول([79]). والجدیر بالذکر أن انقضاء الشرکة العامة هو انقضاء مبتسر لا تعقبه عملیة تصفیة، ویمکن استدلال على ذلک من خلال ان المشرع حدد ثلاث اسباب لانقضاء الشرکة العامة وهی:
فضلاً عن ذلک فإن قرار مجلس قیادة الثورة المنحل رقم (100) لسنة 1995، لم ینص على انتقال الحقوق والالتزامات من الشرکة العامة إلى الشرکة المساهمة الخاصة والمختلطة، إلا ان قرار مجلس قیادة الثورة (المنحل) نص فی الفقرة (3/2/أ) على أنه: "یتم تقییم موجوداتها وفق الأسعار السائدة مع الأخذ بنظر الاعتبار حقوقها والتزاماتها وتعتبر القیمة المقدرة رأسمال الشرکة المساهمة"، فمراعاة هذه الحقوق والالتزامات فی عملیة التقدیر یدل على ان هذه الحقوق والالتزامات تنتقل إلى الشرکة المساهمة, وفی المفهوم المخالف للنص یعنی أنه لا حاجة لمراعاة هذه الحقوق والالتزامات طالما أنها لا تنتقل إلى الشرکة الناجمة عن التحول (المساهمة)([80]). مما تقدم نستنتج أن انقضاء الشرکة العامة بتحولها إلى شرکة مساهمة یعتبر انقضاءً مبتسراً، ذلک أن قرار مجلس قیادة الثورة (المنحل) نص على انتقال حقوق والتزامات الشرکات العامة إلى الشرکة المساهمة وهذا وهو جوهر مفهوم الانقضاء المبتسر، الأمر الذی یجعل من الشرکة المساهمة خلفاً عاماً للشرکة العامة فی کل هذه الحقوق والالتزامات. وازاء هذا القصور التشریعی فی عدم بیان الأثر المترتب على تحول الشرکة العامة إلى شرکة مساهمة بانقضاء الأولى بشکل صریح، وانتقال جمیع حقوقها والتزاماتها إلى الشرکة المساهمة، ندعو المشرع العراقی إلى النص بشکل صریح وواضح لا یدع مجالاً للتأویل والاختلاف على انقضاء الشرکة العامة جراء التحول، ولتکون الشرکة المساهمة المعنیة فی هذا القانون هی الخلف العام لها فی کافة حقوقها والتزاماتها، وذلک حمایة لحقوق الاطراف المعنیة والمتعاملة مع الشرکة العامة قبل تحولها. وعلیه نقترح على المشرع العراقی النص فی قانون الشرکات العامة على هذا الأثر، ونرى ان یکون النص بالصیغة الآتیة: "تنقضی الشرکة العامة من تاریخ اخر نشر لقرار التحول وتحل الشرکة المساهمة الناجمة عن التحول محلها فی کافة حقوقها والتزاماتها فی هذا التاریخ باعتبارها خلفاً عاماً للشرکة العامة المنقضیة". نخلص مما تقدم إلى أن القوانین التی تعنى بالخصخصة إنما هی قوانین خاصة لها نصوصها التی قضت بانقضاء الشخصیة المعنویة للشرکة العامة التی خضعت لعملیة التحول واعادة هیکلیتها والتی تقوم على مبدأ تغییر النظام القانونی من جذوره من النظام العام إلى النظام الخاص ولیس مجرد تغییرها إلى الشکل القانونی الجدید الذی یرتبط إلى حد کبیر بالنظام القانونی الجدید، ومن ثم یؤدی إلى حلول الشرکات الناجمة عن عملیة التحول محل الشرکات العامة فی کافة حقوقها والتزاماتها الأمر الذی یبرر وجود فکرة الخلافة القانونیة. الخاتمـة بعد الانتهاء بحمد الله وفضله من کتابة هذا البحث تم التوصل إلى جملة من النتائج والتوصیات نعرضها على النحو الاتی: أولاً: النتائج: 1- تبین لنا من خلال البحث أن التحول هو تغییر فی الشکل القانونی للشرکة واتخاذها شکلاً آخر من اشکال الشرکات التجاریة أو تغییر جذری فی النظام القانونی الذی تخضع له، وهذا التحول یؤدی إلى انقضاء الشخصیة المعنویة للشرکة التی خضعت له. 2- اتضح لنا من خلال البحث أن الأثر المترتب على التحول یتمثل بانقضاء الشخصیة المعنویة للشرکة التی خضعت للتحول وظهور شخصیة معنویة جدیدة للشرکة الناجمة عن التحول. 3- تبین لنا ایضاً أن الشرکة التی خضعت للتحول تفقد شخصیتها المعنویة من تاریخ اکتساب الشرکة الناجمة عن التحول شخصیتها المعنویة وهو تاریخ آخر نشر لقرار التحول. 4- اتضح لنا أیضاً أن الشرکة الناجمة عن التحول تعد خلفاً عاماً للشرکة التی خضعت للتحول فی جمیع حقوقها والتزاماتها، وتسأل مسؤولیة کاملة عنها قبل الغیر نتیجةً لانقضاء الشرکة السلف انقضاءً مبتسراً ولکن فی حدود ما آل الیها من حقوق. 5- إن التأمیم عملیة قانونیة تهدف إلى نقل ملکیة الشرکات والمشروعات الخاصة إلى القطاع العام، وما قد یصاحب ذلک من تغییر فی النظام القانونی الذی تخضع له الشرکة من النظام القانونی الخاص إلى نظام قانونی العام. أما الخصخصة فهی عملیة تهدف إلى نقل ملکیة الشرکات والمشروعات العامة إلى القطاع الخاص، وما یصاحب ذلک من تغییر فی النظام القانونی الذی تخضع له من النظام القانونی العام إلى نظام القانون الخاص، واختلاف النظام القانونی هو الذی یدحض فکرة استمرار الشخصیة المعنویة للشرکة الأصلیة. 6- اتضح لنا من خلال البحث أن انتقال ملکیة الشرکات الخاصة وایلولة أسهمها إلى الدولة بالتأمیم یجعل الأخیرة مسؤولة عن التزامات الشرکة المؤممة، ولکنها مسؤولیة تتحدد بحدود ما آل إلیها من اموال وحقوق الشرکة المؤممة فی تاریخ التأمیم. 7- یترتب على عملیة اعادة الهیکلة بمناسبة التحول إلى القطاع الخاص انقضاء الشخصیة المعنویة للشرکة التی جرى اعادة هیکلتها انقضاءً مبتسراً لأنه لا یترتب على هذا الانقضاء تصفیة الذمة المالیة لهذه الشرکة فتنتقل إلى الشرکة الناتجة عن عملیة اعادة الهیکلة کافة حقوق والتزامات الشرکة التی تم اعادة هیکلتها باعتبارها خلفاً عاماً لها. 8- إن القوانین التی تعنى بالخصخصة قضت بانقضاء الشخصیة المعنویة للشرکات العامة التی خضعت للتحول، وحلول الشرکات الناتجة عن عملیة التحول محلها فی کافة حقوقها والتزاماتها الأمر الذی یبرر وجود فکرة الخلافة القانونیة. 9- إن القوانین التی تعنى بالتأمیم هی التی تحدد الشکل الذی یتم التحول فیه من النظام القانونی الخاص إلى النظام القانونی العام، وهی التی تقرر انقضاء الشخصیة المعنویة للشرکة المؤممة أو تقرر استمرار شخصیتها المعنویة على الرغم من تغییر شکلها أو نظامها القانونی أو کلاهما معاً. ثانیاً- التوصیات: 1- ندعو المشرع العراقی إلى النص فی قانون الشرکات على اعتبار القواعد المنظمة لعملیة التحول فی ذلک القانون قواعد عامة یتعین الرجوع إلیها عند انتفاء النص فی القوانین الأخرى. 2- ندعو المشرع العراقی إلى تبنی نظام التحول فی مفهومه الواسع لیشمل کل تحول یؤدی إلى تغییر النظام القانونی للشرکة فی جوهره وأن لا یقتصر على المفهوم الضیق لیکون اکثر استیعاباً للمستجدات التی تواکب التطور بشأن العملیات التی تقوم بها الشرکات بما فی ذلک التأمیم والتحول إلى القطاع الخاص، واعتبار الشرکة الناجمة عن التحول خلفاً عاماً للشرکة المحولة فی کافة حقوقها والتزاماتها، إلا ما استثنى بنص خاص فی القوانین الخاصة بهذا الشأن. 3- ندعو المشرع العراقی إلى النص بشکل صریح على انقضاء الشخصیة المعنویة للشرکة التی خضعت للتحول وما یترتب على هذا الانقضاء من أثر فی خلافة الشرکة الناتجة عن التحول للشرکة السلف فی کافة حقوقها والتزاماتها باعتبارها خلفاً عاماً لها، لذا نقترح على المشرع العراقی تعدیل المادة (156) من قانون الشرکات العراقی لتکون بالصیغة الآتیة: (یعتبر التحول نافذاً من تاریخ اخر نشر لقرار التحول والعقد المعدل، وتنتهی فی هذا التاریخ الشخصیة المعنویة للشرکة المحولة، وتحل محلها من تاریخ العقد المعدل الشرکة الناجمة عن التحول فی کافة حقوقها والتزاماتها باعتبارها خلفاً عاماً لها). 4- نوصی المشرع العراقی بتبنی عملیات اعادة هیکلة الشرکات العامة عندما یروم خصخصتها کمرحلة ابتدائیة لتحویلها إلى القطاع الخاص مما یسهل اتباع الأسالیب الناجعة لغرض هذا التحول. 5- نقترح على المشرع العراقی النص صراحة على انقضاء الشرکة العامة عند تحولها إلى شرکة خاصة فی الوقت المبین فی النص المقترح الآتی: "تنقضی الشرکة العامة من تاریخ اخر نشر لقرار التحول، وتحل الشرکة المساهمة الناجمة عن التحول محلها فی کافة حقوقها والتزاماتها فی هذا التاریخ باعتبارها خلفاً عاماً للشرکة العامة". The Authors declare That there is no conflict of interest
| ||
References | ||
المصـادر أولاً - الکتب القانونیة
ثانیاً – الرسائل والاطاریح
ثالثا- البحوث
رابعاً- المصادر الاجنبیة
خامساً- القوانین 36. قانون الشرکات العراقی رقم (21) لسنة 1997 المعدل. 37. قانون الشرکات العامة العراقی رقم (22) لسنة 1997. 38. قانون تأمیم بعض الشرکات والمنشأة رقم (99) لسنة 1964 العراقی. 39. قانون الشرکات المصری رقم (159) لسنة 1981.
| ||
Statistics Article View: 377 PDF Download: 286 |