التظلم بقرار فرض العقوبة الانضباطیة (دراسة مقارنة) | ||
الرافدین للحقوق | ||
Article 11, Volume 23, Issue 74, March 2021, Pages 197-236 PDF (1.1 M) | ||
Document Type: بحث | ||
DOI: 10.33899/rlawj.2020.126445.1049 | ||
Author | ||
ماجد الحمدانی* | ||
المدیریة العامة لتربیة نینوى القانونیة | ||
Abstract | ||
یُعَدُّ التظلم بقرار فرض العقوبة الانضباطیة، ضمانةً مهمةً من ضمانات الموظف فی مواجهة سلطات الانضباط، حیث یهدف التظلم الإداری إلى تحریک عملیة الرقابة الذاتیة من خلال تمکین الموظف من التظلُّم فی القرار الانضباطیِّ الصادر ضده، فی حالة إذا ما تعسَّفت الإدارة فی إصداره؛ وذلک من أجل إعادة النظر فیه، إمَّا تعدیله، وإما بسحبه، أو إلغائه، وتقتضی دراسة هذا الموضوع تسلیط الضوء على ماهیة التظلم الإداری، وأنواعه، وشروطه، وشکله من جهة، وبیان الآثار القانونیة للتظلُّم الإداریِّ من جهةٍ أخرى. وقد توصَّل الباحث إلى قسم من النتائج التی ظهرت أثناء الدراسة، وقسم من المقترحات لعلاج إشکالیة البحث، ونسأل الله أنْ یُوَفِّقَنِی فی تقدیم هذا البحث . | ||
Keywords | ||
انضباط; العراقی; الموظف; الوجوبی | ||
Full Text | ||
التظلم بقرار فرض العقوبة الانضباطیة -دراسة مقارنة-(*)- -Appealing against the decision of the imposition of disciplinary actions -A comparative study
(*) أستلم البحث فی 19/1/2020 *** قبل للنشر فی 19/3/2020. (*) Received on 19/1/2020 *** accepted for publishing on 19/3/2020. Doi: 10.33899/rlawj.2020.126445.1049 © Authors, 2021, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license (http://creativecommons.org/licenses/by/4.0). المستخلص یُعَدُّ التظلم بقرار فرض العقوبة الانضباطیة، ضمانةً مهمةً من ضمانات الموظف فی مواجهة سلطات الانضباط، حیث یهدف التظلم الإداری إلى تحریک عملیة الرقابة الذاتیة من خلال تمکین الموظف من التظلُّم فی القرار الانضباطیِّ الصادر ضده، فی حالة إذا ما تعسَّفت الإدارة فی إصداره؛ وذلک من أجل إعادة النظر فیه، إمَّا تعدیله، وإما بسحبه، أو إلغائه، وتقتضی دراسة هذا الموضوع تسلیط الضوء على ماهیة التظلم الإداری، وأنواعه، وشروطه، وشکله من جهة، وبیان الآثار القانونیة للتظلُّم الإداریِّ من جهةٍ أخرى. وقد توصَّل الباحث إلى قسم من النتائج التی ظهرت أثناء الدراسة، وقسم من المقترحات لعلاج إشکالیة البحث، ونسأل الله أنْ یُوَفِّقَنِی فی تقدیم هذا البحث . الکلمات المفتاحیة:- التظلم الإداری، انضباط، العراقی، الموظف، الوجوبی، الاختیاری. Abstract The aim of this paper is to state the complaint of the decision of imposing the disciplinary punishment, as an important guarantee of the employee to face disciplinary authorities. The purpose of the administrative complaint is to move self-control process by making the employee enable to complain the discipline decision that issued against him, in case if the administrative management abused to publish it in order to reconsider it , either to modify, to withdrawal, or delete it. The study of this subject required to highlight the administrative complaint, its types, conditions and form , from one hand ,and to clear the law effects from the other. The researcher concluded a part of results approved during the study, and suggestions to treat the research problems Key words : Discipline, Iraqi Employee, The Necessity, The Selective. المقدمـة لا شکَّ أنَّ الضماناتِ الانضباطیةَ اللاحقة على توقیع العقوبة الانضباطیة، تُعَدُّ من الضماناتِ الجوهریةِ التی یتعین توافرُها للموظف عقب توقیع العقوبة الانضباطیة علیه، ومنها التظلم الإداری، الذی یعدُّ أحد الضمانات الانضباطیة المُقرَّرة للموظَّف فی حال توقیع العقوبة الانضباطیة علیه، حیث یُعْرِبُ الموظف المتظلم من خلالها عن رفضه للعقوبة التی صدرت ضده. وقد ندرک أنَّ المشرع العراقیَّ حَرَصَ فی قانون انضباط موظفی الدولة رقم (14) لسنة 1991 المعدل، وقانون مجلس الدولة رقم (65) لسنة 1979 المعدل، على إتاحة الفرصة لکلِّ موظف ذی مصلحةٍ یصدر بشأنه قرارٌ یمسُّ مرکزَه القانونیَّ أو حقًّا من حقوقه أنْ یسلک سبیل التظلم الإداری من هذا القرار؛ لإنصافه قبل اللجوء إلى ساحات القضاء من جهةٍ، وجعل من سلوک التظلم الإداری أمرًا وجوبیًّا فی کافة الطعون التی ترفع أمام محکمة القضاء الإداری، أی لا بدَّ من استیفائه قبل الطعن فی القرار الإداریِّ أمام محکمة القضاء الإداری، إضافةً لذلک الدعاوى التی تقام أو ترفع أمام محکمة قضاء الموظفین، من جهة أخرى. على خلاف المشرِّع المصریِّ الذی حدَّد فی قانون مجلس الدولة رقم (47) لسنة 1972 القرارات التی یتعین أن یسبق الطعن فیها بالإلغاء التظلم منها لدى الإدارة، وذلک فی نصِّ المادة (12) منه حیث لا تُقبل الطلبات المقدَّمة رأساً بالطعن فی القرارات الإداریة المنصوص علیها فی البنود ثالثاً، ورابعاً، وتاسعاً، من المادة العاشرة، وذلک قبل التظلُّم منها إلى الهیئة الإداریة التی أصدرت القرار أو الهیئات الرئاسیة. أهمیة الدراسة: تکمن أهمیة البحث فی تسلیط الضوء على (التظلُّم بقرار فرض العقوبة الانضباطیة)، کونه وسیلةً فعالةً یلجأ إلیها صاحبُ المصلحة؛ وذلک لحمل الإدارة على مراجعة قراراتها، فإذا تبیَّن لها عدم مشروعیتها کان لها أنْ تعدلها أو تسحبها أو تلغیها، کونه ضمانةً قانونیةً لتحقیق المشروعیة الإداریة. منهجیة الدراسة : إن المنهجیة الأکثر انسجاما مع طبیعة الموضوع هی التی تتطلب الاستعانة بالمنهج التحلیلی المقارن، حیث أعرض للنصوص القانونیة التی تناولت موضوع (التظلم بقرار فرض العقوبة الانضباطیة) بین نظام التشریع العراقی ونظام التشریع المصری. أهداف الدراسة : 1- تهدف الدراسة إلى تسلیط الضوء على موضوع (التظلم بقرار فرض العقوبة الانضباطیة) وبیان موقف المشرعین العراقی والمصری منه. 2- کما یهدف التظلم الإداری إلى تحریک عملیة الرقابة الذاتیة من خلال تمکین الموظف من التظلُّم من القرار الانضباطیِّ الصادر ضده، فی حالة إذا ما تعسَّفت الإدارة فی إصداره؛ وذلک من أجل إعادة النظر فیه، إمَّا بتعدیله، وإما بسحبه، أو إلغائه. هیکلیة البحث : سنحاول فی هذه الدراسة أنْ نُلِمَّ بموضوع التظلم بقرار فرض العقوبة الانضباطیة من خلال مبحثین رئیسَیْنِ، حیث نتطرق فی المبحث الأول لماهیة التظلم الإداری، ویرتکز على مطلبین؛ نعرض فی الأول لمفهوم التظلم الإداری وأنواعه، أما فی الثانی فنتناول شروط التظلم الإداری وشکله، وأما المبحث الثانی فیتناول الآثار القانونیة للتظلم الإداری، ویرتکز على مطلبَیْنِ رئیسَیْنِ، یتناول الأول الآثار المباشرة للتظلم الإداری، أما الثانی فیتناول الآثار غیر المباشرة للتظلم الإداری، وبالشکل الآتی:- المبحث الأول :- ماهیة التظلم الإداری. المبحث الثانی :- الآثار القانونیة للتظلم الإداری. وننهی بحثنا بخاتمةٍ ندرج فیها أهمَّ نتائج البحث ومقترحاته.
المبحث الأول ماهیة التظلم الإداری التظلم الإداری وسیلةٌ من الوسائل التی تلجأ إلیها الإدارة من خلال فرض رقابتها على أعمال موظفیها، حیث تعدُّ ضمانةً إجرائیة مهمة، یستطیع الموظف العام من خلالها الطعن فی العقوبة الانضباطیة الصادرة بحقِّه فی حال تعسَّفت الإدارة أمام القضاء الإداری، وعلیه نتناول فی هذا المبحث التظلم الإداری من حیث تعریفه وأنواعه وشروطه وشکله، وذلک فی مطلبین، على النحو الآتی:- المطلب الأول مفهوم التظلم الإداری وأنواعه یمکننا تسلیط الضوء فی هذا المطلب على تعریف التظلم الإداری وأنواعه کلٌّ فی فرع مستقل، على النحو الآتی:- الفرع الأول تعریف التظلم الإداری لغة واصطلاحًا أولًا:- التظلم الإداری لغة:- یُقصد به (تشکِّی الظلم، یقال: تظلَّم الرجل؛ أی: شکا الظلم، ویقال: تظلَّم فلانٌ إلى الحاکم من فلان فظلمه تظلماً، أی أنصفه من ظالمه وأعانه علیه)،([1]) وقد عرَّفه البعض الآخر بأنه (اظَّلَمَ وانْظَلَم: احْتَملَ الظُّلْمَ. وظَلَّمه: أَنْبأَهُ أَنَّهُ ظالمٌ أَوْ نَسَبَهُ إِلَى الظُّلْم، ویقال: ظُلِمَ فلان فاظَّلم، ومعناه أنه احتمل الظلم بطیب نفس وهو قادر على الامتناع منه).([2]) ثانیًا:- التظلم الإداری اصطلاحاً:- فقد بذل فقهاء وشُرَّاح القانون الإداری محاولاتٍ عدیدةً فی تعریف التظلم الإداری، فقد عرَّفه البعض بأنه (وسیلةٌ کفلها القانون للمتهم؛ لمواجهة ما تصدره الإدارة ضده من جزاءاتٍ یُعتقد فی عدم مشروعیتها، ویلتمس فیها أن تعید النظر فی قرارها الذی أضرَّ بمرکزه القانونیِّ بالسحب أو التعدیل، وهو طریقٌ یسلکه مَنْ صدر ضده قرار الجزاء قبل لجوئه إلى الطعن علیه قضائیاً)،([3]) وقد عرَّفه آخرون بـ (أن یصدر قرارٌ إداریٌّ معیبٌ أو غیرُ ملائمٍ على الأقلِّ فی المصلحة فیُقدم أحد الأفراد ممن یعنیهم الأمر إلى الجهة التی أصدرت القرار أو إلى الجهة الرئاسیة طالباً سحبه أو تعدیله)، ([4]) أو هو (طلبٌ یتقدم به صاحب الشأن إلى الإدارة لإعادة النظر فی قرارٍ إداریّ یدعی مخالفته للقانون، أو هو کل ما یقدمه الموظفون من طلبات إلى جهاتهم الرئاسیة المباشرة أو العلیا بهدف سحب أو إلغاء القرارات التأدیبیة الصادرة فی مواجهتهم)، ([5]) وعرَّفه القضاء الإداری بأنه (التظلم الذی یفرض المشرِّع على المتضرر من القرار أو الإجراء الإداری تقدیمه قبل إقامة دعواه کإجراءٍ شکلیّ جوهریّ قبل سلوک طریق الدعوى القضائیة).([6]) ویمکننا تعریف التظلُّم الإداریِّ الذی یحیط بأهم عناصره بأنه:- طلبٌ یلتمس فیه الموظَّف المعاقب من الجهه المختصَّة إعادة النظر فی قرارها الذی أصدرته ضدَّه ویعتقد فیه عدم مشروعیته، إمَّا بسحبه وإمَّا بإلغائه وإمَّا بتعدیله. الفرع الثانی أنواع التظلُّم الإداری قسم فقهاء القانون التظلم الإداری بحسب إلزامیته إلى: تظلم اختیاری وتظلم وجوبی، کما قسَّموا التظلم بحسب الجهة التی یقدَّم إلیها إلى: تظلم ولائی ورئاسی وتظلم إلى اللجان الإداریة التی یُشکلها القانون لهذا الغرض، لذا سنتطرق لهذه التقسیمات وفقاً لما یأتی:- أولًا:- التظلم الإداری من حیث الإلزام. سنتطرق للتظلُّم من حیث إلزامیته إلى: تظلم اختیاری، وتظلم وجوبی، وفقاً للآتی: 1- التظلم الإداری الاختیاری. عُرِّفَ التظلم الاختیاری بأنه (وسیلةٌ یُخَیَّرُ الموظف باستعمالها فی مواجهة القرار الإداریِّ الذی صدر لغیر صالحه، وهو غیرُ مُلْزَمٍ بسلوکه إذا ما أراد تجاوزه للطعن بالقرار أمام القضاء).([7]) فالقاعدة العامة للتظلُّم الإداریِّ هی أنه اختیاریٌّ ما لم ینصّ القانون على خلاف ذلک، أی لصاحب الشأن مطلقُ الحریة فی اللجوء بتظلُّمه إلى الإدارة المختصَّة قبل رفع دعواه تجنباً لمشقة التقاضی وطول مدته، أو عدم اللجوء إلیه ویرفع تظلُّمه إلى القضاء بدعوى الإلغاء دون اللجوء إلى الإدارة. وفی ظلِّ التشریع العراقیِّ فإنَّ التظلم الإداری فی قانون انضباط موظفی الدولة والقطاع الاشتراکی رقم (69) لسنة 1936 الملغى کان اختیاریّاً، إذ نصت المادة (29) منه (للموظف أن یعترض على قرار اللجنة الصادرة ضده....)، والملاحظ أنَّ (اللام) التی سبقت کلمة الموظف فی نص المادة تفید أنه مُخَیَّرٌ بین تقدیم التظلم للجهة المختصة من عدمه، فهی - بلا شکّ - تدلُّ على اختیار ذلک الأمر، ولکنْ فی ظلِّ قانون انضباط موظفی الدولة والقطاع العام رقم (14) لسنة 1991 المعدل، ([8]) اتخذ المشرِّع العراقیُّ مسلکاً مغایراً عن قانون الانضباط الملغى؛ حیث ألزم الموظف الذی یصدر قرارٌ انضباطیٌّ بحقِّه أنْ یتظلم لدى الجهة التی أصدرت القرار قبل الطعن القضائی، بمعنى آخر: أن المشرِّع العراقیَّ لم یتطرق لمثل هذا النوع من التظلم فی ظلِّ قانون الانضباط الحالی. ویبدو موقف المشرِّع المصریِّ مختلفاً فی هذه المسألة عن المشرِّع العراقیِّ فی ظل المادة (84) من نظام قانون العاملین المدنیین بالقطاع العام المصری رقم (48) لسنة 1978، حیث أخذ بمثل هذا النوع من التظلُّم، والتی لم توجب تقدیم التظلُّم للإدارة، وبالتالی أخذت بالتظلم الجوازی الذی یمکن الأخذ به، ولا ضیرَ من صرف النظر عنه واللجوء للطعن القضائی حتى قبل أن تقوم الإدارة بالبتِّ فیه خلال مدة (60) یومًا، حیث لا یترتب علیه أیُّ أثرٍ کشرط لقبول الطعن فی قرارات فرض العقوبة الانضباطیة، ([9]) ولکنْ دأب القضاء المصریُّ على العمل على وجوب التظلم کشرطٍ أساسٍ من أجل قبول الطعن القضائی، وهذا واضحٌ من نص المادة (12) من قانون مجلس الدولة المصری رقم (47) لسنة 1972، إذ إنَّ هناک طائفةً من القرارات الإداریة أوردتها المادة على سبیل الحصر لا یُقبل إلغاؤها ما لم تکن قد سُبقت بتظلُّم منها؛ لذا أصبح التظلُّم وجوبیّاً؛ لکونه شرطًا لقبول الطعن القضائی فی تلک القرارات،([10]) وربما یکون اشتراط التظلُّم من تلک القرارات قبل اللجوء للقضاء طلباً لإلغائها، دافعاً للمحافظة على حسن العلاقة بین الإدارة ورجالها، من خلال التسویة الودِّیَّة لِمَا یثور فی المجال الوظیفیِّ من نزاع؛ رغبةً فی توقِّی التوتُّر فی العلاقة الوظیفیة الناجم عن الخصومة القضائیة.([11]) 2- التظلم الإداری الوجوبی. یُعَدُّ هذا النوع من التظلم استثناءً من الأصل العام، حیث أوجبت بعض التشریعات الوظیفیة على صاحب الشأن ضرورة تقدیم تظلمٍ إداریّ مُسبق لدى الجهة التی أصدرت العقوبة الانضباطیة قبل رفع دعوى الإلغاء، لهذا یُلزم الشخص بتقدیم التظلم الإداری مسبقًا، وإلا رُدَّتْ دعواه شکلاً؛ لعدم استیفائها لشکلیة تقدیم التظلم. ویمکننا تعریف التظلم الوجوبی بأنه:- التظلُّم الذی یستوجب تقدیمه کل ذی مصلحة إلى الجهة التی أصدرت القرار المتظلم منه، فی المدة المُحددة قانوناً، کشرطٍ لقبول دعوى الإلغاء أمام القضاء الإداری، وبخلافه تُرَدُّ الدعوى شکلا. وقد سلک المشرِّع العراقیُّ من خلال ما أدرج صراحةً للتظلم الوجوبیِّ بنصِّ المادة (15) من قانون انضباط موظفی الدولة رقم (14) لسنة 1991 المعدل، وفی نصِّ المادة (7/ ثانیًا) من قانون مجلس شورى الدولة رقم (65) لسنة 1979 المعدل،([12]) بأنه (یُشترط قبل تقدیم الطعن إلى محکمة قضاء الموظفین أنْ یتظلَّم صاحب الطعن لدى الجهة المختصة...)،([13]) ویُستفاد من نصِّ المواد أنَّ المشرِّع جعل التظلُّم الإداریَّ وجوبیًّا أمام الإدارة على قراراتها فی فرض العقوبة الانضباطیة، بمعنى أنَّ التظلم یعدُّ شرطاً جوهریّاً لقبول الطعن على قرارات الانضباط، وفی هذا الصدد قضى مجلس الانضباط العام فی العراق بأنه (...وحیث إنَّ التظلم هذا یعدُّ أمراً وجوبیّاً ولا ینهض للمعترض حقّ الاعتراض أمام المجلس إلا بعد استنفاد الشکلیة الواردة فیه، وحیث إنَّ ذلک لم یحصل فی هذه القضیة، تقرر ردّ الاعتراض شکلاً).([14]) وقد حَرَصَ المشرِّع المصریُّ فی قانون مجلس الدولة على تحدید مواعید للإجراءات التی یتمُّ اتِّخاذها حتى یتحقق بذلک الاستقرار للمراکز القانونیة،([15]) ومِن بین هذه الإجراءات التظلم الذی یتقدم به ذو الشأن إلى جهة الإدارة عن قرارها الصادر فی مواجهته؛ وذلک حتى یکون أمام هذه الجهة فرصة إعادة النظر فی هذا القرار، وتغییر موقفها منه إنْ هی رأت لذلک وجهاً.([16]) والعلة من نصِّ المشرِّع على التظلم الوجوبیِّ والاختیاریِّ هی تمکین جهة الإدارة من إعادة النظر فی قرارها الذی أصدرته، وبذلک ینحسم طریق النزاع القضائیِّ قبل بدایته. وخلاصة القول أنَّ التظلم الوجوبی:- هو الذی ألزم القانونُ ذا الشأن بتقدیمه قبل رفع دعواه بالإلغاء، فإذا رفعت دون تقدیمه، فإنَّ الدعوى تکون غیرَ مقبولة، أمَّا التظلم الاختیاری:- فهو الذی ترک المشرِّع تقدیره لصاحب الشأن: إنْ شاء تقدَّم به، وإنْ شاء ذهب إلى طریق التقاضی مباشرة. لذلک یعتبر التظلم الوجوبی أفضل بالنسبة للموظف، فهو ضمان یمنح بقوة القانون ولایترک فیه الخیار للموظف، وهذا یعنی الاثناء على موقف المشرع العراقی الذی اعتد به حفاظا على حقوق الموظفین. ثانیًا:- التظلُّم الإداریُّ من حیث الجهة التی یقدَّم إلیها. ینقسم التظلُّم من حیث الجهة التی یُقدم إلیها إلى: تظلم ولائی، وتظلم رئاسی، کما یمکن تقدیم التظلم إلى اللجان الإداریة التی یُشکلها القانون لهذا الغرض، وعلى النحو الآتی:- 1- التظلم الولائی. اختلف الفقهاء فی تسمیة هذا النوع؛ فبعضهم یطلق علیه (التظلم الاستعطافی)،([17]) وبعضهم الآخر یسمیه (الرقابة بطریق الالتماس)،([18]) وآخرون یطلقون علیه (التظلم الاسترحامی)، ([19]) هذا وإن اختلف الفقهاء فی تسمیته، إلا أنهم یتفقون على معناه، فالتظلم الولائیُّ هو (طلبٌ یتوجَّه به صاحب الشأن إلى الجهة الإداریة التی أصدرت القرار موضوع التظلم یسألها فیه مراجعة قرارها وإعادة النظر فیه لغرض تعدیله أو إلغائه أو سحبه، بما یتفق وقواعد المشروعیة، وبما یتلاءم مع الاعتبارات المحیطة، وذلک بعد أنْ یوضح المتظلم أوجه المخالفة فی قرار الإدارة، مشیرًا إلى الأسباب التی یستند إلیها)، ([20]) أو أنه (التماسٌ یقدَّم إلى من صدر منه القرار المشکوُّ منه، ویطالب فیه الإدارة بدراسة قرارها ومراجعته).([21]) والتظلُّم فی ظلِّ قانون انضباط موظفی الدولة رقم (14) لسنة 1991 المعدل، یعدُّ تظلُّمًا (وجوبیًّا) من جهة، أی یجب على الموظف العام تقدیم التظلُّم أمام الجهة التی أصدرت القرار قبل الطعن به أمام محکمة قضاء الموظفین،([22]) بمعنى أنه لا یُقبل الطعن أمام محکمة قضاء الموظفین،([23]) إلا إذا سبق تقدیم التظلم أمام الإدارة التی أصدرت القرار، ومن جهةٍ أخرى یُعَدُّ تظلمًا (ولائیًّا)؛ أی یجب على الموظف المعاقب تقدیم التظلم أمام الجهة التی أصدرت قرار العقوبة الانضباطیة طالباً فیه سحب القرار أو تعدیله أو إلغاءه، عکس التظلم (الرئاسی) الذی یقدّم فیه التظلم أمام الجهة التی تعلو الجهة التی أصدرت قرار فرض العقوبة استناداً إلى ما تتمتع به الأخیرة من سلطاتٍ إداریةٍ تفوق سلطات الجهة مُصدرة القرار.([24]) 2- التظلم الرئاسی. یتمثل التظلم الرئاسیُّ فی نوع من أنواع الرقابة الرئاسیة التی یتضمنها مفهوم (السلطة الرئاسیة)، حیث یتمتع الرئیس الإداریُّ وفق هذا المفهوم بسلطةٍ واسعةٍ إزاء مرؤوسه، وبموجب هذه السلطة یملک الرئیس الإداریُّ إلغاء قرار مرؤوسه وإصدار قرارٍ جدیدٍ محلَّ القرار الملغى، وله أن یعدل القرار المتظلم منه. ([25]) والقاعدة العامة أنَّ المشرِّع العراقیَّ أخذ بالتظلم الولائیِّ أمام ذات الجهة التی أصدرت قرار فرض العقوبة الانضباطیة، فضلاً عن إمکانیة لجوء الموظف المتظلِّم من القرار إلى الجهة الرئاسیة للإدارة والتظلم أمامها، ویعدُّ الوزیر أو رئیس الجهة غیر المرتبطة بوزارة هو الرئیس الإداری الأعلى لوزارته؛ لذلک فإنَّ التظلم الولائی یأخذ صورتین، فإمَّا أن یکون التظلم متعدد الدرجات، أی یمکن للمتظلم من القرار الإداری اللجوء إلى درجاتٍ متعددةٍ فی الهرم الإداری للمؤسسة التی یتظلم فیها، فالتظلم من قرارٍ إداریّ أصدره عمید کلیة یستطیع التظلم منه أمام رئیس الجامعة وأمام وزیر التعلیم العالی، أمَّا التظلم بدرجةٍ واحدةٍ فهو یتمُّ بدرجةٍ واحدةٍ کما هو حال التظلم من قرار محافظ برفض تأسیس جمعیةٍ تعاونیةٍ، إذ یتمُّ التظلم أمام وزیر الداخلیة. ومما لا شکَّ فیه أنَّ للتظلم الرئاسیِّ بالمقارنة مع التظلم الولائی أهمیةً فی أنه یمثل إدارة لرئیس الدائرة على أعمال المرؤوسین، فیساعد على کشف أوجه الخلل والقصور لدى الجهة الإداریة التی یشرف علیها الرئیس الإداریُّ الأعلى من جهة، ومن جهةٍ أخرى، تزید احتمالات توافر ضمانات الحیدة والنزاهة فی نظر المتظلم، والفصل فیه من قبل الرئیس الإداری، وهو أمرٌ قد لا یتوافر فی التظلم الولائی.
1- التظلم إلى اللجان الإداریة. یُقصد به التظلم الذی یقدِّمه ذو الشأن فی صورة الشکوى إلى اللجان الإداریة الخاصَّة التی تُحددها القوانین، وهذه اللجان تُشَکَّلُ عادةً من موظفین إداریین من طبقةٍ معینةٍ، وتحقق للأفراد بعض الضمانات التی لا تتوافر فی التظلمات الولائیة والرئاسیة، وهذه الطریقة الثالثة کانت حلقة الوصل بین نظام الإدارة القاضیة ونظام المحاکم الإداریة بمعناها الفنی.([26]) وهذا ما سلکه المشرِّع العراقیُّ فی الکثیر من هذه اللجان التی تنظر فی التظلمات التی تُقَدَّمُ إلیها،([27]) حیث أتاح لکلِّ ذی مصلحةٍ صدر بشأنه قرارٌ غیر مناسب له أنْ یرفع تظلمًا أمام اللجان الإداریة التی رسمها القانون، وتکون لهذه اللجان صلاحیةُ الفصل فی بعض صور التظلم الإداری دون الرجوع إلى الرئیس الإداری؛ وذلک لعدم فاعلیة التظلمات السابقة (الولائی والرئاسی) فی أغلب الأحیان، ومن هذه اللجان: لجنة النظر فی قضایا المتقاعدین فی هیئة التقاعد الوطنیة المُشَکَّلة بموجب قانون التقاعد الموحَّد رقم (9) لسنة 2014 المعدل، ومنها لجنة النظر بطعون المفصولین السیاسیین المشکَّلة بموجب قانون المفصولین السیاسیین رقم (24) لسنة 2005 المعدل. مما تقدم یمکن أن نستنتج أن موقف المشرع العراقی کان جیدا ووضحا فیما یتعلق بتنظیمه لصور التظلم الإداری، فهو اجاز التظلم على درجات، وهذا یشکل ضمانة قویة تجاه الإدارة للموظف العام. المطلب الثانی شروط التظلم الإداری وشکله یتطلب تناول شروط التظلم الإداری وشکله تقسیم المطلب إلى فرعین، یتناول الفرع الأول شروط التظلم الإداری، ثم ننتقل للحدیث عن شکل التظلم من خلال فرعٍ ثانٍ، على النحو الآتی:-
الفرع الأول شروط التظلم الإداری سمحتْ أغلب التشریعات المختلفة للموظف العام بأنْ یتظلَّم أمام الإدارة فی قرار فرض العقوبة الصادرة بحقِّه، وذلک وفق شروطٍ وأوضاعٍ معینة، من أجل سحب أو إلغاء أو تعدیل القرار الإداری، ولکی نکون أمام تظلُّمٍ إداریّ بالمعنى القانونیِّ، فلا بدَّ أن یکون مکتملاً لشروطه القانونیة، وهذا ما سنتحدث عنه تباعاً، على النحو الآتی:- أولا:- من حیث المدة اللازمة لتقدیمه. لکی یُقبل التظلم الإداریُّ من ذوی المصلحة، یتوجب علیهم أنْ یُقدموا تظلمهم خلال المدة المقرَّرة قانوناً لدى الجهة المختصَّة من تاریخ تبلیغهم بقرار المشکوِّ منه. وقد أوجب التشریع العراقیُّ أنْ یقدِّم الموظف تظلُّمه لدى الجهة الإداریة مُصدرة القرار الإداری خلال المُدة التی حدَّدها القانون، وهی ثلاثون یوماً من تاریخ تبلیغه بقرار فرض العقوبة الانضباطیة، وهذا ما وجب فی المادة (7/ ثانیاً / و) من قانون مجلس الدولة رقم (65) لسنة 1979 المعدل بقانون التعدیل الثانی رقم (106) لسنة 1989،([28]) وما اشترط فی الفقرة (ثانیاً) من المادة (15) من قانون انضباط موظفی الدولة والقطاع العام رقم (14) لسنة 1991 المعدل، للموظف المعاقب بأیة عقوبةٍ من العقوبات المنصوص علیها فی المادة (8) من نفس القانون، قبل تقدیم الطعن لدى محکمة قضاء الموظفین فی القرار الصادر بفرض العقوبة الانضباطیة - التظلم لدى الجهة التی أصدرته، وذلک خلال (30) یوماً من تاریخ تبلیغ الموظف بقرار فرض العقوبة ،([29]) وفی هذا الصدد ذهب مجلس الدولة بشأن المدة القانونیة المحددة للتظلم بأنه (... وجد أن المعترضة قد تبلغت بقرار فرض العقوبة فی 21/7/1998 وتظلمت منه فی 20/8/1998، وأن المدة من 21/7/1998 ولغایة 20/8/1998هی (31) یومًا ولیست (30) یوماً، وبالتالی یکون تظلمها مقدماً خارج المدة القانونیة المنصوص علیها فی الفقرة (ثانیاً) من المادة (15) ... ویکون قرار فرض عقوبة التوبیخ قد اکتسب درجة البتات؛ أی إن العقوبة صارت باتة، فلا یجوز الطعن فیها للسبب المتقدم...)،([30]) وعلیه فالتظلم الإداریُّ فی التشریعات العراقیة وأحکام القضاء یعدُّ شرطاً لقبول الدعوى أمام محکمة القضاء الإداری فی المدة المحددة قانوناً، وبانقضائها یسقط الحقُّ بالتظلم استناداً إلى ما جاء فی المادة (171) من قانون المرافعات المدنیة رقم 83 فی 1969 المعدل، والذی أشار فیها إلى أنَّ المدة المعنیة لمراجعة طرق الطعن فی القرارات حتمیةٌ یترتب على عدم مراعاتها وتجاوزها سقوط الحقِّ فی الطعن، وتقضی المحکمة من تلقاء نفسها بردِّ عریضة الطعن إذا ما حصل بعد انقضاء المدة القانونیة. کما أخذ المشرِّع المصریُّ بالمدة المحددة لتقدیم التظلم الإداری فی المادة (24/ ثانیاً) من قانون مجلس الدولة رقم (47) لسنة 1972 بأنه (ینقطع سریان هذا المیعاد بالتظلم إلى الهیئة الإداریة التی أصدرت القرار أو الهیئات الرئاسیة، ویجب أنْ یبتَّ فی التظلُّم قبل مضیِّ ستین یوماً من تاریخ تقدیمه، وإذا صدر قرارٌ بالرفض وجب أنْ یکون مسبباً، ویعتبر مضیُّ ستین یوماً على تقدیم التظلم دون أنْ تجیب عنه السلطات المختصَّة بمثابة الرفض...)، فإذا لم یتمّ تقدیم التظلم فی المیعاد المنصوص علیه قانونًا یقضى بعدم قبول دعوى الإلغاء. والعبرة هنا بالتظلم الأول فی حالة تکرار التظلمات؛ بهدف قطع میعاد رفع دعوى الإلغاء.([31]) ثانیًا:- أنْ یقدَّم التظلُّم من صاحب المصلحة الذی أثَّر القرار المتظلَّم منه فی مصلحته أو مرکزة القانونی. استقرَّت التشریعات الوظیفیة وأحکام القضاء الإداری على ألاَّ تُقبل الطلبات المقدَّمة من أشخاص لیست لهم مصلحةٌ شخصیة، ولکی یکون التظلم مقبولاً، فلا بدَّ أن یقدَّم ممن له مصلحة شخصیة أو کان للقرار الإداریِّ أثرٌ فی مرکزه القانونیِّ أو أثَّر تأثیراً مباشراً فی مصلحة شخصیة له،([32]) أو أنْ یتمَّ تقدیم التظلم من نائبه القانونیِّ فی حالة ما إذا کان صاحب الشأن ناقص الأهلیة أو عدیمها،([33]) أمَّا إذا قدِّم التظلُّم من شخص ناقص الأهلیة أو عدیمها فلا یرتب أثره فی قطع سریان مواعید الطعن القضائی.([34]) وقد أخذ المشرِّع العراقیُّ فی قانون انضباط موظفی الدولة والقطاع العام العراقی خاصة، والدستور العراقی عامة، بوسیلة یتمُّ من خلالها المحافظة على مرکز الموظف القانونیِّ من خلال حقِّه فی التظلم الإداری أمام الجهات المختصَّة، وحقُّ التظلم بالقرار الإداریِّ هو حقٌّ مکفولٌ لیس فقط للموظف بل لکل الأفراد فی المجتمع ممن له مصلحةٌ بذلک([35])، سواء التی تأخذ بالنظام القضائیِّ المزدوج أو الموحد، کما أخذ المشرِّع العراقیُّ بشرط المصلحة فی قانون مجلس الدولة العراقی رقم ( 65) لسنة 1979 المعدل فی المادة (7/ رابعاً) بأنه (تختص محکمة القضاء الإداریِّ بالفصل فی صحة الأوامر والقرارات الإداریة ... بناءً على طعن ذوی مصلحةٍ معلومةٍ وحالةٍ ممکنة ...)،([36]) فإذا ما انتفت المصلحة رُدَّ التظلم المقدَّم، کما هو الحال ترد الدعوى أثناء نظرها إذا انتفت مصلحة الطاعن.([37]) وقد أخذ المشرِّع المصریُّ أیضاً بشرط المصلحة فی المادة (12) من قانون مجلس الدولة رقم (47) لسنة 1972 بأنه (لا تُقبل الطلبات المقدَّمة من أشخاصٍ لیست لهم مصلحة شخصیة)، ویبدو من هذه النصوص أنَّ المصلحة شرطٌ أساسٌ لقبول التظلمات من قبل الجهة المختصَّة. ثالثًا:- أن یکون التظلم من قرارٍ إداریّ نهائیّ. ینصبُّ التظلم الإداریُّ على قرارٍ إداریّ بالمعنى القانونیِّ المُحدد له، وقد استقرَّ الفقه والقضاء الإداریان على أنه یُشترط فی القرار الإداریِّ المطعون فیه حتى یکون محلّاً لدعوى الإلغاء أربعة شروطٍ، هی:- أن یکون القرار المطعون فیه قراراً إداریّاً، وأن یصدر هذا القرار من سلطةٍ إداریةٍ وطنیة، وأنْ یُرتب القرار الإداری أثراً قانونیّاً معیناً، وأنْ یکون القرار الإداریُّ تنفیذیّاً ونهائیّاً،([38]) بمعنى آخر: أنْ یکون محل التظلم قراراً انضباطیّاً نهائیّاً بوصفه قراراً إداریّاً یتضمن عقوبةً انضباطیة، أی أنْ تتجه سلطة الإدارة من خلال قرارها الانضباطیِّ الى إحداث مرکزٍ قانونیّ أو أثرٍ قانونیّ یمسُّ المرکز الوظیفیَّ للموظف بهدف مُعاقبته عن المخالفة التی ارتکبها متى کان ذلک ممکناً وجائزاً قانوناً، وبهدف تحقیق المصلحة العامة،([39]) فلا یجوز التظلم من الأعمال التحضیریة التی تسبق إصدار القرار أو من قرارٍ إداریّ غیر نهائی.([40]) رابعًا:- أنْ یقدَّم التظلم إلى الجهة الإداریة المختصَّة. أدرج المشرِّع العراقیُّ هذا الشرط فی الفقرة (و) البند (الثانی) من المادة (7) من قانون مجلس الدولة رقم (165) لسنة 1979 المعدل، حیث أوجب على صاحب الشأن أنْ یقدِّم تظلُّمه أمام الجهة الإداریة المختصَّة دون أن یذکر مزیداً من التفاصیل،([41]) فإذا ما حدَّد المشرِّع الجهة الإداریة المختصَّة لنظر التظلم الإداریِّ فإنه یجب مراعاة هذا التحدید، وإلاَّ فإنَّ التظلم یقدَّم إلى الجهة التی أصدرت القرار،([42]) وتملک الجهة مُصدرة القرار والجهة الإداریة الرئاسیة لها سلطة البتِّ فی هذه التظلُّمات التی تقدَّم إلیها، حیث کلاهما یملک سلطة تعدیل القرار المتظلَّم منه أو إلغائه أو سحبه،([43]) ویعدُّ الوزیر أو رئیس الجهة غیر المرتبطة بوزارة هو الرئیس الإداریَّ الأعلى لوزارته، وبالتالی یمکن أن یقدّم إلیه التظلم إذا کان النزاع خاصّاً بوزارته. وقد أشار المشرِّع المصریُّ لهذا الشرط فی قانون مجلس الدولة رقم (27) لسنة 1972 المعدل، وعلة إیراد هذا الشرط هو أنَّ تقدیم التظلم إلى الجهة الإداریة المختصَّة یؤدِّی إلى علمها بالقرار المتظلم منه، وبالتالی یمکن أنْ تَعْدِلَ عنه إذا ما اقتنعت بوجهة نظر المتظلم، فیُحل النزاع فی مراحله الأولى وبطریقةٍ ودیة، فإذا قدِّم إلى غیر الجهة المختصة انعدمت الغایة من وراء التظلم.([44]) خامسًا:- أن یکون التظلم واضحاً ومُجْدِیاً. لا بدَّ أن یکون التظلم مبیناً أن الموظف یرغب فی إلغاء أو سحب أو تعدیل القرار المتظلم منه، وبیان أوجه القصور التی لحقت بهذا القرار، کما یجب أن توضع فیه البیانات المتعلقة باسم المتظلم ووظیفته وعنوانه وتاریخ صدور القرار، وموضوع القرار المتظلم منه، والأسباب التی بُنی علیها التظلم، ویرفق مع التظلم کافة المستندات التی یرى المتظلم تقدیمها حتى تتمکن الإدارة من فحصه والبتِّ فی مدى أحقیة المتظلم فی الطعن على القرار. وعلى العکس من ذلک، فإذا کانت عبارات التظلم عامةً غیرَ محددةٍ یشوبُها الغموض وعدم الوضوح، وکان القصد منها إثارة الشفقة والعطف، دون تحدیدٍ دقیقٍ للقرار المشکوِّ منه، بحیث یقدم التظلُّم بصورةٍ لا یمکن للإدارة من خلال معرفة شخصیة المتظلم والقرار المتظلم منه مما یجعل التظلم مجهولاً، فإنه یقع باطلاً؛ لأنه لا یعدُّ تظلماً بالمعنى الفنیِّ الذی قصده الشارع، ومن ثم لا ینتج أثره القانونی، ویخضع تقدیر کون التظلم مجهولاً أم لا إلى القضاء، ([45]) وهذا ما قضت به محکمة القضاء الإداری المصری بأنه (إذا جاء التظلم فی عباراتٍ عامةٍ لا تحدید فیها بالذات لما یریده الطاعن، وإنما اشتمل على مقارنةٍ أقامها بین مختلف طوائف سلاح الحدود، وبیان ما لحق بهم من غبن، وما أصاب غیرهم من سعة، فإن هذا التظلم غیر مُجْدٍ .....)،([46]) وقد استقرَّ القضاء الإداریُّ على أنَّ التظلم لکی یکون منتجاً لآثاره فلا بدَّ أن یکون لاحقًا لصدور القرار المطعون فیه لا سابقًا له؛ وذلک حتى تتمکَّن الإدارة من إعادة النظر فیه،([47]) إضافةً لذلک فإنه یکون للإدارة صلاحیة تعدیل القرار أو إلغائه أو سحبه المقدَّم إلیها للتظلم، فلا یجوز التظلم من قرار منع القانون التظلُّم منه. الفرع الثانی شکل التظلم الإداری لا تشترط فی التظلم الإداریِّ شکلیةٌ معینةٌ ما لم ینصّ القانون على خلاف ذلک، فالتظلم قد یکون شفویّاً أو مکتوباً، کما لا یشترط فیه أنْ یکون على صیغةٍ معینةٍ، وإنما یکتفى بعرض محتویات القرار بطریقةٍ أو بشکلٍ یدلُّ على علم المتظلم من القرار لاحتساب مدة الطعن،([48]) والتظلم المکتوب هو أفضل من التظلم الشفهیِّ؛ لما یحتاجه الأخیر من جهدٍ ووقتٍ لإثباته، ولکن یبقى الأصل هو عدم اشتراط شکلیةٍ معینةٍ فی التظلم إلاَّ فی الحالات التی ینصُّ فیها القانون على خلاف ذلک.([49]) وهناک من التشریعات الوظیفیة ما لم تُحدد شکلاً معیناً ومحدداً للتظلم الإداری، ومنها التشریع العراقی فی قانون انضباط موظفی الدولة رقم (14) لسنة 1991 المعدل، مما یدلُّ على أنَّ القاعدة العامة فی العراق هی عدم اشتراط شکلیةٍ معینةٍ فی التظلم، على الرغم من وجوبیة التظلم کونه شرطاً لإمکانیة الطعن بقرار فرض العقوبة الانضباطیة أمام القضاء الإداری، وقبول الطعن القضائی؛ لذا یمکن أن یقدَّم التظلم شفاهاً أو کتابةً أو بالبرید المسجل أو ببرقیة، المهم أن یکون قابلاً للإثبات بأیة وسیلةٍ من وسائل الإثبات،وعلیه یمکننا القول: إنه ما لم ینص المشرِّع على شکلٍ معینٍ للتظلم الإداری، فإنَّ للطاعن الحریةَ فی إفراغ تظلمه فی أیِّ شکلٍ یراه، مع الحرص على ما تقتضیه بعض التشریعات العراقیة من تقنین الإجراءات المدنیة. ویلحظ أنَّ المشرِّع العراقیَّ قد اشترط فی بعض الحالات شکلیةً معینةً، إذ اشترط أن یکون التظلم مکتوباً فی المادة (33) من قانون ضریبة الدخل رقم 133 لسنة 1982، وما ورد فی قانون التنفیذ رقم (45) لسنة 1980 المعدل فی المادة (120) منه، أنْ یتمَّ التظلم من خلال عریضةٍ یقدِّمها المتظلم خلال (3) أیام من تاریخ تبلیغه بالقرار. وقد حدَّد المشرع المصری الأحکام والضوابط الخاصَّة بشکل التظلم الإداری بصورةٍ أدقَّ: فی قانون مجلس الدولة رقم (47) لسنة 1972، وکذلک قرار رئیس مجلس الدولة رقم (72) لسنة 1973، حیث اشترط أنْ تتضمن لائحة التظلم اسم المتظلم وظیفته وعنوانه وتاریخ صدور القرار المتظلم منه وتاریخ نشره فی الجریدة الرسمیة أو فی النشرة المصلحیة أو تاریخ إعلان المتظلم بالقرار، ویجب أنْ یبین فی التظلم موضوع القرار.([50]) وبالتالی لکی یکون التظلم صحیح شکلاً وموضوعًا کقاعدةٍ عامةٍ؛ یجب أنْ یشتمل على البیانات الأساسیة الآتیة :- (1- اسم المتظلم وعنوان وظیفته وجهة عمله وتاریخ تقدیمه للتظلم. 2- رقم وتاریخ القرار المتظلم منه. 3- موضوع التظلم والأسباب التی بنی علیها، مرفقاً به المستندات التی یرى أهمیة تقدیمها فی التظلم)، وبمجرد تقدیم التظلم إلى الجهة المختصَّة تقوم هذه الجهة بقید التظلُّم برقمٍ متسلسلٍ فی سجلّ خاصّ یُسمى (سجل وارد التظلم) یبین فیه تاریخ تقدیمه أو وروده. لا شکَّ إذًا أنَّ التظلم الوجوبی هو أحد الشروط الشکلیة لرفع دعوى الإلغاء بالنسبة لبعض القرارات فی مصر ولکلِّ القرارات فی العراق، ویترتب على عدم استیفائه رفضُ قبول الدعوى شکلاً، إلا أنه إذا ثبت للقضاء امتناع الإدارة عن إعادة النظر فی قرارها لاستنفاد ولایتها بإصداره أو لعدم وجود سلطةٍ رئاسیةٍ تملک التعقیب على الجهة التی أصدرته؛ فإنه یقتضی علیها أنْ تقبل الدعوى شکلاً ولو لم یسبقها التظلم المنصوص علیه فی القانون.([51])
المبحث الثانی الآثار القانونیة للتظلم الإداری إذا توافرت الشروط القانونیة لصحة التظلم الإداری فإنَّ ذلک ینتج عنه آثارٌ مباشرة وآثار غیر مباشرة، وسنتطرق لکلّ من هذه الآثار فی مطلبین :- المطلب الأول الآثار المباشرة للتظلم الإداری یترتب على الطابع الإلزامیِّ للتظلم الإداری، آثارٌ مهمةٌ على القرار الإداری محل التظلم، بحیث یسهم فی تحریک الرقابة الإداریة على القرار الإداری غیر المشروع، وفی حالة عدم الاستجابة للتظلم أو رفضه، فإنه یفتح باب المخاصمة القضائیة، وتتمثل الآثار المباشرة للتظلم الإداری بکل من قطع میعاد الطعن بالإلغاء، إضافةً إلى البتِّ فی التظلم، وسیتم تناولها فی فرعین مستقلین:- الفرع الأول قطع میعاد الطعن بالإلغاء إذا توافرت شروط التظلم فإنَّ ذلک یؤدِّی إلى قطع میعاد الطعن بالإلغاء، وتعدُّ هذه نتیجةً مهمةً بالنسبة لصاحب الشأن؛ إذ بعد الانتهاء من التظلم تبدأ مدة الطعن فی القرار الإداری. ویُقصد بانقطاع المیعاد هو (حدوث واقعةٍ عند بدء سریان المیعاد أو أثناء سریانه، ویکون من شأنها إسقاط المدة التی جرتْ قبل حدوث تلک الواقعة وزوال کلِّ أثر لها، فیبدأ میعادٌ جدیدٌ بعد انتهاء تلک الواقعة)،([52]) ولا شکَّ أن التظلم الإداری یعدُّ قاطعاً لمدة الطعن بإلغائه،([53]) إذا ما قدِّم خلال المدة المحددة لرفع دعوى الإلغاء أمام القضاء التی تبدأ من تاریخ نشر القرار أو تبلیغه لصاحب الشأن أو علمه به علماً یقینیّاً ثابتاً، وکی یحقق التظلم الأثر السابق یتعین اتِّصال علم جهة الإدارة به على نحوٍ یمکِّنها من فحصه وإصدار قرارٍ بشأنه قبولاً أو رفضاً، ویُستخلص هذا العلم من أیة قرینةٍ تدلُّ علیه.([54]) وإذا کان التظلم من القرار سبباً قاطعاً لمیعاد الطعن بالإلغاء فإنَّ هذا المیعاد یبدأ بالسریان من جدید من تاریخ البتِّ بالتظلُّم قبولاً أو رفضاً، وسواء أکان هذا الرفض صریحاً أم ضمنیّاً یُستنتج من مضیِّ المدةِ المُحددة للإدارة، للبتِّ بالتظلم،([55]) دون تلقِّی المتظلم إجابةً من الإدارة على تظلُّمه. وفی مصر استقرَّ المشرِّع والقضاء المصریَّ على أنه سواء أکان التظلم اختیاریّاً أم إجباریّاً فإنَّ التظلم یکون قاطعاً لمیعاد رفع الدعوى، فقد عَدَّتْ المادة (24) من قانون مجلس الدولة رقم (47) لسنة 1972 أن تقدیم التظلم یؤدِّی إلى انقطاع سریان میعاد إقامة دعوى الإلغاء، وأوجبت على الجهة الإداریة التی أصدرته أو الجهة الرئاسیة البتَّ فی التظلم خلال ستین یوماً، وعَدَّتْ عدم إجابة الإدارة خلال هذه الفترة بمثابة رفضٍ، وتسری عندئذٍ مدة إقامة دعوى الإلغاء المحددة بستین یوماً من تاریخ البتِّ بالتظلم أو انقضاء فترة البتِّ فیه. أمَّا فیما یتعلق بالعراق فإنَّ المشرِّع العراقیَّ تبنَّى موقفاً مغایراً لما هو علیه فی مصر بصدد التظلم، فجعل منه شرطاً واجباً لقبول دعوى الإلغاء أمام محکمة القضاء الإداری، حیث نصت المادة (7/ سابعاً /أ) من قانون مجلس الدولة رقم (65) لسنة 1979 المعدل بأنه (یُشترط قبل تقدیم الطعن إلى محکمة القضاء الإداری أنْ یتمَّ التظلم منه لدى الجهة الإداریة المختصة...)،([56]) کما اشترط فی نصِّ المادة (15/ ثانیاً) من قانون انضباط موظفی الدولة والقطاع العام رقم (14) لسنة 1991 بأنه (یُشترط قبل تقدیم الطعن لدى محکمة قضاء الموظفین على القرار الصادر بفرض العقوبة التظلم من القرار لدى الجهة التی أصدرته ..)،([57]) ویتضح من النصین أنه لکی یقطع التظلُّم المدة یجب أنْ یقدَّم خلالها، بمعنى آخر: أنه ینقطع سریان هذا المیعاد بالتظلُّم إلى الجهة المختصَّة التی أصدرت القرار، ویجب أنْ یبتَّ فی التظلم قبل مضیِّ ثلاثین یوماً من تاریخ تقدیمه، وإذا صدر القرار بالرفض وجب أنْ یکون مسبباً، ویُعَدُّ فوات مدة ثلاثین یوماً على تقدیم التظلم دون أنْ تجیب عنه السلطاتُ المختصَّة بمنزلة رفضه،([58]) لذلک فإنَّ التظلم فی العراق لا یعدُّ سببًا لانقطاع میعاد إقامة دعوى الإلغاء، وإنما یُعَدُّ شرطاً من شروط قبول الدعوى، ولکنْ یقطع میعاد التظلم الاداری. وخلاصة القول أنَّ تقدیم التظلم الإداریِّ فی میعاده القانونیِّ یعدُّ حافظاً للطعن القضائیِّ، حیث إن رفع التظلم إلى الجهة المختصة بعد فوات المیعاد المنصوص عنه فی التشریعات العراقیة والمصریة یترتب علیه فواتُ میعاد رفع الدعوى إلى القضاء الإداری بالنسبة للقرار المتظلم منه؛ أی إنَّ الدعوى تکون غیرَ مقبولةٍ شکلاً. الفرع الثانی البتُّ فی التظلم الإداری إذا قدِّم التظلم فی المیعاد المحدد قانوناً، فإنَّ جهة الإدارة یکون أمامها عدة احتمالات، إمَّا أن تجیب المتظلم لما طلب، وإمَّا أن ترفض التظلم صراحة خلال مدةٍ حدَّدها القانون، وإمَّا أن تسکت فلا ترد لا بالقبول أو الرفض لهذا التظلم، ولذلک سوف نتناول تباعاً کل هذه الآثار وفق ما یأتی.
أولا:- استجابة جهة الإدارة للتظلم المقدَّم إلیها. من الممکن أن یثمر عن التظلم الإداری استجابة الجهة المختصَّة لطلبات المتظلم وقبول تظلمه؛ أی أنْ تقبل الجهة المختصة بما ورد فی التظلم، وتستجیب لطلبات واعتراضات المتظلم سواء بتعدیل القرار المتظلم منه أو سحبه أو إلغائه حسبما یتضح من طلبات المتظلم، وهذا ما سوف نتناوله على النحو الآتی:- 1- تعدیل القرار الإداری. إنَّ صلاحیة التعدیل تفترض مشروعیة القرار المتظلم منه، أمَّا إذا کان القرار غیر مشروع فلا یجوز للإدارة ممارسة صلاحیة التعدیل، بل یجب علیها سحبه أو إلغاؤه.([59]) والسؤال الذی یطرح نفسه: هل القرار المعدل للقرار المتظلم منه هو قرارٌ جدیدٌ لا صلةَ له بالقرار المتظلم منه، وبالتالی یجب التظلم منه إذا کان التظلم وجوبیّاً قبل الطعن فیه بالإلغاء؟ ذهب بعض الفقه إلى اعتبار أنَّ القرار المعدل هو قرارٌ جدیدٌ غیر القرار القدیم المتظلَّم منه، وبالتالی یجب التظلم منه إذا کان وجوبیّاً، قبل رفع دعوى الإلغاء بشأن وانتظار مواعید البتِّ فی التظلم، بل یذهبون إلى أبعدَ من ذلک، فیعدون القرار الصادر برفض التظلم قراراً جدیداً، وأنَّ الطعن فی هذه الحالة هو طعنٌ فی قرارٍ جدید بالرفض، مستندین إلى ما ورد فی المادة (24) من قانون مجلس الدولة المصری بأنه (... ویکون میعاد رفع الدعوى بالطعن فی القرار الخاصِّ بالتظلم ستین یوماً....).([60]) فی حین ذهب جانبٌ من الفقه إلى أنَّ القرار الجدید الذی أصدرته الإدارة ما هو إلا ردٌّ منها على التظلم الذی قدِّم فی المیعاد القانونیِّ للطعن، وهو نتیجة لاستجابتها للتظلم، وهذا القرار الجدید غیرُ منقطع الصِّلة بالقرار محل التظلم، وذلک یعنی تحقیق الغایة من التظلم فی فسح المجال أمام الإدارة لإعادة النظر فی قرارها، فتکفی نفسها وصاحب الشأن مشقة التقاضی.([61]) ونحن نؤید الرأیَ الثانیَ؛ إذ القول بخلاف ذلک معناه أنْ یتخذ صاحب الشأن من التظلم وسیلةً لتأبید میعاد الطعن فی القرار، وهذا ما استقرَّ علیه القضاء المصریُّ على ما انتهى إلیه الرأی الثانی من أن القرارات الصادرة من الإدارة بصدد ما یُقَدَّمُ إلیها من تظلماتٍ هی تعقیبٌ وردٌّ منها على التظلم حتى لو کانت معدلةً للقرار محل التظلم، فهی تتصل بذات الوقائع التی کان یشتمل علیها القرار الأولی المتظلم منه، ولسنا - والحالة هذه - بصدد قرارٍ جدیدٍ یستلزم تظلماً جدیداً صریحاً أو ضمنیّاً من جانب الإدارة تراعی فیه مواعید جدیدة، وإلاَّ نظلُّ ندور فی حلقة مفرغة.([62]) أما بالنسبة لموقف التشریع العراقی نلحظ إن القرار الصادر بنتیجة التظلم قد عدل فقط فی القرار المتظلم منه على نحوٍ لا یحقق مصلحة المتظلم کاملة، فیمکن الطعن مباشرة خلال الـ (60) یوماً التالیة من دون أن یعدَّ هذا القرار الصادر بنتیجة التظلم والمعدل للقرار المتظلم منه قراراً جدیداً یجوز الطعن فیه استقلالاً، استنادًا إلى نصِّ المادة ( 7/ سابعاً/ ب) من قانون مجلس شورى الدولة المعدل بأنه (... عند عدم البتِّ فی التظلم أو رفضه من الجهة المختصة تقوم محکمة القضاء الإداری بتسجیل الطعن لدیها بعد استیفاء الرسم القانونی). ([63]) وذهبَ جانب من الفقه فی العراق إلى أنَّ نص الفقرة أعلاه یعتریه بعض الغموض الذی یفسح المجال لتفسیراتٍ قد تقلص من ولایة محکمة القضاء الإداری؛ لأنه لم یُبین بشکلٍ واضحٍ إمکانیة التقاضی أمام المحکمة فی حالة عدم امتناع الإدارة، أی فی حالة قبول التظلم والبتِّ فیه خلافًا لمصلحة المتظلم، وأن عدم البتِّ فی التظلم یُمثل فقط التصرفَ السلبیَّ للإدارة، بینما کان اللازم أن یتضمن النص - وبشکلٍ واضحٍ - الجانب الإیجابی من تصرُّف الإدارة، وما یترتب علیه من عدم اقتناع المتظلِّم بقرارها حول تظلمه ([64])، لهذا نقترح على المشرع العراقی تعدیل نصِّ المادة أعلاه وتصبح کالآتی (1- عند قبول التظلم والبتِّ فیه خلافاً لمصلحة المتظلم أو عدم البتِّ فی التظلم أو رفضه من الجهة المختصة تقوم محکمة القضاء الإداری بتسجیل الطعن لدیها بعد استیفاء الرسم القانونی، 2- إذا صدر القرار بالرفض أو قبول التظلم والبتِّ فیه خلافاً لمصلحة المتظلم وجب أن یکون مسبباً). 2- سحب القرار الإداری. لم یتفق الفقه حول تعریفٍ محددٍ لسحب القرار الإداریِّ، فمنهم من عرَّفه بأنه (وقف نفاذ القرار فی الماضی والمستقبل؛ أی اعتباره کأن لم یصدر)، ([65]) ومنهم من عرَّفه بأنه (إظهار الإدارة التی أصدرت القرار أو الإدارة الأعلى منها إرادتها بمحو القرار الإداریِّ من تاریخ صدوره؛ أی إنهاء القرار ومحو آثاره للماضی والمستقبل).([66]) ویمکننا تعریف سحب القرار من جانبنا بأنه (محو القرار الإداری وإلغاء کافة الآثار التی رتَّبها فی الماضی والتی یمکن أن یُرتبها فی المستقبل عن طریق الجهة المختصَّة). والسحب فی المجال الانضباطی ما هو إلا إجراءٌ تُصدره السلطة المختصَّة التی قدِّم الیها التظلم، سواء کانت للجهة مصدرة القرار أو الجهة الرئاسیة صلاحیة سحب القرار الإداری، ویتمُّ بمقتضاه إزالة الآثار المترتبة على صدور قرار فرض العقوبة الانضباطیة بالنسبة للماضی والمستقبل؛ وذلک لأسبابٍ تتعلق بالمشروعیة؛ وحیث إنَّ سحب القرار الإداریِّ یزیل القرار وما نتج عنه من آثارٍ منذ صدوره؛ أی یعدم وجوده بأثرٍ رجعیّ ویُعد کأنه لم یکن قد صدر، فیما یقتصر دور الإلغاء الإداری على إزالة القرار بالنسبة للمستقبل فقط، ویمنعه من إنتاج آثار جدیدة دون أن یمسَّ ما أنتجه من آثار فی الماضی،([67]) فإن سحب القرار فی الحقیقة قد تجاوز الإلغاء من حیث الآثار التی تترتب على کلّ منها. 3- إلغاء القرار الإداری. عُرِّفَ إلغاء القرار الإداری بأنه (وضع حدّ للقرار الإداری بالنسبة للمستقبل، ویتم ذلک بإصدار قرارٍ إداریّ یقضی بإلغاءٍ إداریّ سابق، وإنهاء وجوده فی اللحظة التی یُحددها القرار الملغى، وفی حالة عدم تحدیدها تکون من لحظة صدور القرار الملغى)،([68]) وقد عُرِّفَ أیضاً بأنه (إنهاء آثار القرار الإداریِّ بالنسبة للمستقبل مع بقاء آثاره بالنسبة للماضی قبل قرار الإلغاء)،([69]) وبالرغم من التعریفات الکثیرة التی أوردها الفقهاء للإلغاء الإداری فإننا نجد أن جمیع هذه التعریفات متفقة من حیث المعنى والمضمون على کون الإلغاء الإداری فیما یخص العقوبة الانضباطیة، والتی فُرضت بقرارٍ إداریّ من قبل الإدارة إیقافاً لها عن الاستمرار فی إنتاج آثارها اعتباراً من لحظة سریان قرار إلغائها، أمَّا ما یخص الآثار التی أنتجتها منذ صدورها ولغایة بدء سریان قرار إلغائها فإنها تبقى قائمةً، وهذا هو ما یمیز قرار الإدارة بإلغاء العقوبة الانضباطیة من قرارها بسحبها، وأن دیوان التدوین القانونی قد عبَّر عن ذلک فی قراره المرقم (132) بتاریخ (27/5/1972) بالقول: ( ... ولا شکَّ فی أنَّ الفرق بین الإبطال والإلغاء وبین السحب هو فی مدى ما یُرتبان من أثر؛ فالأول لا ینسحب على الماضی، ولیس له أثرٌ رجعیٌّ، بینما یمحو الثانی أثر العقوبة بالنسبة للماضی والمستقبل). ([70]) وهناک اختلافٌ بین الإلغاء القضائیِّ والإلغاء الإداریِّ؛ فیُقصد بالإلغاء القضائی (قیام القضاء بإزالة آثار القرار الإداریِّ غیر المشروع بالنسبة للماضی والحاضر والمستقبل، وذلک من تاریخ صدور القرار الإداریِّ من الإدارة)،([71]) أمَّا الإلغاء الإداریُّ فیُقصد به (إعدام هذا القرار واعتباره کأن لم یکن، وذلک تطبیقاً للمبدأ القائل: إنَّ کل ما یُبنى على الباطل یبطل، ویتضح مما سبق أنَّ الحکم القضائیَّ بإلغاء القرار الإداریِّ یُلزم الإدارة بإعادة تصحیح الوضع القانونیِّ بأثرٍ رجعیّ([72]). ونحن نتفق مع الرأی القائل بأنَّ محور الاختلاف بین الإلغاء القضائیِّ والإلغاء الإداریِّ یترکز فی ثلاثِ مسائلَ أساسیة، هی ما یأتی:- 1- إنَّ الإلغاء الإداریَّ یتمُّ بقرارٍ إداریّ یصدر من الإدارة نفسها ولیس من القضاء. 2- أن الأصل فی الإلغاء الإداریِّ أنه لا یکون بأثرٍ رجعیّ کما هو الحال فی الإلغاء القضائیِّ، فأثر الإلغاء الإداریِّ ینصرف إلى المستقبل فقط. 3- إنَّ الإلغاء الإداریَّ لا یکون إلا للقرارات الإداریة التنظیمیة والقرارات الفردیة التی لا تولِّد حقوقاً للغیر. لا یوجد فی المجال الانضباطیِّ ما یُسمى بالقرارات الانضباطیة التنظیمیة، وإن محور بحثنا هنا یقتصر على الضوابط التی یجب على الإدارة اتِّباعها فی إلغاء القرارات الانضباطیة باعتبارها قراراتٍ فردیةً تخصُّ موظفًا بعینه أو مجموعةً من الموظفین قد تعرَّضوا للمُعاقبة الانضباطیة. ولمعرفة مدى سلطة الإدارة فی إلغاء قراراتها الفردیة ینبغی التمییز بین القرارات المعیبة أو غیر المشروعة والقرارات السلیمة أو المشروعة؛ إذ یجوز للإدارة إلغاءُ القرار غیر المشروع بعد إصداره خلال المدة المُقررة لرفع دعوى الإلغاء إذا کان هذا القرار قد رتَّب حقّاً مکتسباً، وإلا فإنه یکون بانتهاء هذه المدة قد تحصَّن ضد الإلغاء، وفی حالةِ لم یُرتب القرار غیر المشروع حقًّاً مکتسباً، فیجوز للإدارة إلغاؤه حتى بعد فوات المدة الخاصَّة برفع دعوى الإلغاء،وفیما یخصُّ القراراتِ السلیمةَ فإنَّ القاعدة تنصُّ أنَّ إلغاءَها غیرُ جائزٍ إذا کانت قد رتَّبت حقوقًا، أمَّا إذا لم تکن هذه القرارات قد رتَّبت حقوقًا للغیر فیجوز إلغاؤُها فی أیِّ وقتٍ، والأمثلة کثیرة على هذه الحالة، ومنها القرارات الولائیة وقرارات الرفض (القرارات السلبیة)، وکذلک القرارات الوقتیة والقرارات الصادرة بفرض جزاءات إداریةٍ.([73]) أمَّا إذا کان إلغاء العقوبة یُؤثِّر فی حقوق الغیر فیجوز الإلغاء، ولکن فی حالتین:- الحالة الأولى:- أن یکون الإلغاءُ خلال المدةِ المُحددة للطعنِ الإداریِّ أمام القضاء بدعوى الانحراف بالسلطة. الحالة الثانیة :- أن یکون الغرض من إلغاء العقوبة هو إزالة مخالفةٍ قانونیةٍ. ثانیًا:- رفض جهة الإدارة التظلم صراحةً أو ضمنیّاً. قد تُحدد الجهة الإداریة موقفها من جهة التظلم سلباً، سواء بالرفض الصریح، أی أن تکشف الجهة المختصَّة بنظر التظلم عن رأیها برفض لا یحتمل جدلاً وعلى وجه صریح، وقد یکون رفض التظلم ضمنیّاً، ویتمثل ذلک فی مضیِّ المدة المُحددة على تقدیم التظلُّم دون أن تجیب الجهات المختصة. وهذا ما نُظِّمَ فی أحکامٍ واضحةٍ ومُحددة النتائج عن رفض الإدارة الصریح للتظلم المقدَّم إلیها، ففی التشریع العراقیِّ أوجب المشرِّع فی المادة (15/ ثانیًا) من قانون انضباط موظفی الدولة والقطاع العام رقم (14) لسنة 1991 المعدل على الإدارة أن تبتَّ فی التظلُّم المقدَّم إلیها خلال ثلاثین یوماً من تاریخ تسجیله لدیها، فإذا انتهت هذه المدة ولم تبتّ الإدارة بالتظلم المقدَّم إلیها عُدَّ ذلک رفضاً (حکمیّاً) للتظلم.([74]) ویجب أنْ تکون صیغة الرفض واضحة المعنى من قبل جهة الإدارة، ولا یُعَدُّ رفضاً للتظلُّم تعلیق الجهة المختصَّة بکلمة (اطَّلعت). وفی هذا الصدد ما ذهب إلیه مجلس الانضباط العام فی أحد قراراته بـ (.... أن وزارة النفط کانت قد أصدرت قرارها الإداریَّ فی 29/1/2000 بمعاقبة المعترض ... بعقوبة الفصل لمدة سنةٍ واحدةٍ ... وتمَّ تنفیذ العقوبة وانفکاک المعترض من الوظیفة 13/2/2000 بعد الظهر، وبتاریخ 1/3/2000 تقدَّم المعترض بمواجهة السید وزیر النفط ولم تحصل المواجهة إلا بتاریخ 9/3/2000، حیث علق بهامش فی التاریخ المذکور على الاستمارة المرفقة بکلمة اطلعت، وبتاریخ 12/4/2000 اعترض المعترض على قرار المطعون فیه، وحیث إن هامش السید وزیر النفط المشار إلیه لا یعتبر رفضاً للتظلم ولعدم نهوض ما یشیر إلى تبلیغ المعترض بأیِّ إشارة برفض التظلم، مما یکون التظلم مرفوضاً حکماً فی 9/4/2000، ویکون الاعتراض معه واقعاً ضمن المدة القانونیة فقرَّر قبوله شکلاً ...)([75]). أمَّا فی مصر، فقد أوجب المشرِّع على السُّلطة المختصَّة أن تبتَّ فی التظلم قبولاً أو رفضًا قبل مضیِّ ستین یوماً من تاریخ تقدیمه إلیها، فی نص المادة (24) من قانون مجلس الدولة على أنه (... یجب أن یبتَّ بالتظلم قبل مضیِّ ستین یوماً من تاریخ تقدیمه، وإذا صدر القرار بالرفض وجب أن یکون مسبباً...). والملاحظ أنَّ المشرع قد أحسن صنعاً عندما أوجب على الإدارة فی حال رفضها للتظلم، بأن یکون قرارها مسبباً، وأنَّ المشرِّع یدرک أهمیة هذا التسبیب؛ لکونه یمکِّن الفرد من إعلامه بالأسباب القانونیة الواقعیة التی أدَّت إلى رفض التظلم، من تقدیر مدى نجاح الطعن القضائی بالإلغاء، وبالتالی عدم تقدیم هذا الطعن إذا کانت نسبة نجاحه ضئیلة؛ نظراً لما ینطوی علیه من جهدٍ ومالٍ ووقتٍ طویل،([76]) وقد ذهبت المحکمة الإداریة العلیا فی مصر فی هذا الصدد، إلى أنه إذا کان رفض التظلم صریحاً فهنا على الإدارة فی هذه الحالة تسبیب قرار الرفض، إلا أنَّ مخالفة الإدارة لذلک لا یبطل قرارها؛ لأن رفض التظلم دلیلٌ على إصرارها على التمسُّک بذات الأسباب التی بُنیت علیها قرارها المتظلم منه.([77]) وقد لا تجیب الجهة الإداریة على التظلم المقدَّم إلیها سلباً أو إیجاباً، فقد تلتزم جانب الصمت حیاله دون أن تقبله أو ترفضه صراحةً أوضمناً، ولحلِّ تلک الإشکالیات تدخَّل المشرِّع العراقی فی المادة (7/سابعاً/أ/ب) والمشرِّع المصری فی المادة (24) من قانون مجلس الدولة، وفقًا لهذه المواد، بأنَّ مضیَّ مدة (30) یوماً فی التشریع العراقیِّ، ومضیَّ مدة (60) یومًا فی التشریع المصریِّ على تقدیم التظلم دون أن تجیب عنه السلطات المختصَّة یعدُّ بمثابة رفضه ضمنیّاً؛ وذلک لکی لا یبقى الموظف المعنیّ أسیر ردِّ الإدارة فتتعطل بذلک مصالحه. والسؤال الذی یطرح نفسه: متى یبدأ حساب المیعاد عند الرفض الصریح أو الضمنی للتظلم؟ یبدأ حساب المیعاد الجدید لرفع دعوى الإلغاء فی حالة رفضت الإدارة التظلم المقدَّم إلیها صراحةً اعتباراً من الیوم التالی لعِلْم الموظف المعترض بقرار الرفض الصریح للتظلم،([78]) ولکن لو اتخذت الجهة المختصة الصمت ولم تردَّ بأیِّ رأیٍ على طلب التظلُّم المقدَّم إلیها فیکون بهذه الحالة بمثابة رفضٍ ضمنیّ للتظلم، ویبدأ حساب المیعاد من الیوم التالی لانقضاء المدة اللازمة للبتِّ فی التظلم، وهی (30) یومًا فی العراق، فی حین ذهب القضاء المصریُّ إلى اتِّخاذ الإدارة جانب الصَّمت عن الردِّ على التظلم ومرور المُدة المحدَّدة على تقدیم التظلم، وإنْ کان قرینة على رفضه إلا أنها قابلةٌ لإثبات العکس، فهی تنتفی إذا ما اتخذت الإدارة مسلکاً إیجابیّاً ینبئ بشکلٍ واضحٍ أنها فی سبیلها لإجابة المتظلِّم إلى طلباته، وفی هذه الحالة لا یسری میعاد الطعن بالإلغاء إلا من تاریخ إبلاغ المتظلم بموقف الإدارة النهائیِّ من تظلمه.([79]) المطلب الثانی الآثار غیر المباشرة للتظلم الإداری هناک جملةٌ من الآثار غیر المباشرة للتظلم الإداری، منها ما یتعلق بإثبات علم المتظلم بالقرار الإداری علماً یقینیّاً، والبعض الآخر یتعلق بنیة الإدارة ومسلکها حیال المتظلم، وهذا ما نتناوله على النحو الآتی:-
الفرع الأول إثبات علم المتظلم بالقرار الإداری علماً یقینیّا إنَّ الموظف المتظلِّم یقدِّم تظلمه إلى الجهة المختصَّة قبل تقدیم الطعن القضائی، کدلیلٍ على علمه بالقرار المطعون فیه، وعلمُ المتظلم هذا محددٌ بما ورد فی التظلم من بیانات، وذلک أنه من الجائز أن یقدِّم المتظلم تظلماً دون تحدید القرار المطعون فیه تحدیداً کاملاً، بل یکفی أن یبنی القرائن الظاهرة له، فلا یُشترط أن یکون المتظلم على علمٍ کاملٍ یقینیّ بالقرار المطعون فیه،([80]) ویُقصد بالعلم الیقینیِّ (علم صاحب المصلحة بمضمون القرار ومشتملاته علماً یقینیّاً نافیاً للجهالة).([81]) وقد أوجب المشرِّع العراقیُّ بنصِّ المادة (15) من قانون انضباط موظفی الدولة والقطاع العام رقم (14) لسنة (1991) المعدل قبل تقدیم الطعن القضائی لدى محکمة قضاء الموظفین التظلم من القرار لدى الجهة التی أصدرته خلال ثلاثین یوماً من تاریخ تبلیغ الموظف بقرار فرض العقوبة، حیث یعدُّ الموظف مبلغاً بالقرار الإداریِّ اعتباراً من علمه الیقینیِّ بالقرار، وأنَّ مُدد الطعن فی القرارات حتمیة والتی یترتب على عدم مراعاتها وتجاوزها سقوط الحقِّ فی الطعن، وتقضی المحکمة من تلقاء نفسها بردِّ عریضة الطعن إذا حصل بعد انتهاء المدد القانونیة. أمَّا بالنسبة لموقف القضاء العراقیِّ من حالة العلم الیقینی بوصفه وسیلةً لبدء سریان میعاد دعوى الإلغاء، فإنَّ القضاء الإداریَّ العراقیَّ، ممثلاً بالهیئة العامة لمجلس شورى الدولة،([82]) قد ذهب فی قرارٍ للاعتداد بالعلم الیقینیِّ بوصفه وسیلةً قانونیةً لبدء سریان میعاد دعوى الإلغاء، حیث جاء فیه (لدى التدقیق والمداولة وجدت الهیئة العامة لمجلس شورى الدولة أن الطعن التمییزی مقدمٌ ضمن المدة القانونیة، قررت قبوله شکلاً. ولدى عطف النظر فی الحکم الممیز وجد أنه غیر صحیح ومخالف للقانون؛ ذلک أن المدعی (الممیز علیه) صُرف له راتب آذار لسنة 2004 فی31/3/2004 ولم یتمّ صرف الفروقات المطالب بها، فکان على المدعی إقامة الدعوى خلال المدة القانونیة المنصوص علیها فی المادة التاسعة من قانون الخدمة المدنیة والبالغة (30) یوماً من تاریخ التبلغ، وهو تاریخ استلامه الراتب لعلمه علمًا "یقینیًّا" بعدم دفع الفروقات مع راتب شهر آذار فی حین أقامتها فی 16/5/2004؛ مما یجعل إقامته بعد فوات المدة القانونیة المذکورة، وحیث إن مدد الطعن حتمیةٌ یترتب على عدم مراعاتها وتجاوزها سقوطُ الحقِّ فی الطعن - المادة (171) من قانون المرافعات المدنیة، وحیث إنَّ الحکم الممیز لم یلتزم بوجهة النظر القانونیة المتقدمة - قرر نقضه، ولکون موضوع الدعوى صالحاً "للفصل فیه واستناداً إلى أحکام المادة (214) مرافعات - قرَّر رد الدعوى…)([83]). وأمَّا القضاء الإداری المصری فأخذ أیضاً بفکرة العلم الیقینی، حیث أوضحت المحکمة الإداریة العلیا فی قرار لها ذلک، حیث جاء فیه بهذا الصدد بأنه (فإذا لم یثبت من الأوراق أن هناک تاریخاً معیناً علم فیه المدعی بالقرارین المطعون فیهما علماً یقینیّاً شاملاً على وجهٍ یستطیع معه تبیین مرکزه القانونیِّ منهما، ویُحدد على مقتضاه طریق الطعن فیهما، وذلک قبل تقدیم تظلمه المذکور فی 22/5/1965، ومن ثمَّ یجب التعویل على هذا التاریخ باعتباره بدء علم المدعی بقراری الترقیة المطعون فیهما ...).([84])
الفرع الثانی إثبات نیة الإدارة ومسلکها حیال المتظلم یُقصد فی إثبات نیة الإدارة أنَّ جهة الإدارة لم تُهمل التظلم المقدَّم إلیها، بل اتخذت حیاله إجراءً إیجابیّاً، أو حسب تعبیر المحکمة الإداریة العلیا: مسلکاً إیجابیّاً فی سبیل إجابة المتظلم إلى تظلمه، بعد استشعار جهة الإدارة بحقِّه فی هذا التظلم.([85]) لا شکَّ أنَّ الإدارة هی الطرف القوی، وتملک من الإمکانیات ما لا یملکه المتظلم، فیقع على عاتقها باعتبارها خصماً شریفاً وحَکَماً فی آن واحد، رفعُ الضرر عنه قدرَ الاستطاعة، ووفقاً للقانون، تلافیاً لإقامة دعوى الإلغاء، وعلى ذلک فإنه ینبغی أنْ تبحث الإدارة التظلم المقدَّم إلیها بحثاً جدیّاً وموضوعیّاً وبدرجةٍ عالیةٍ من الحیادیة، فلا ترفض إلا لسببٍ قانونیّ ومنطقیّ ومعقول، ولعلَّ هذا هو سببُ النصِّ فی الفقرة الثانیة من المادة (24) من قانون مجلس الدولة المصری رقم (47) لسنة 1972 على أنه (إذا صدر القرار بالرفض وجب أنْ یکون مسبباً معللاً). ([86]) وفی التشریع العراقی نصِّت المادة (7/ ثانیاً) من قانون مجلس شورى الدولة رقم (65) لسنة 1979 المعدل،([87]) بأنه (یُشترط قبل تقدیم الطعن إلى محکمة قضاء الموظفین أنْ یتظلَّم صاحب الطعن لدى الجهة المختصة خلال (30) ثلاثین یوما من تاریخ تبلیغه بالأمر أو القرار الإداری المطعون فیه أو اعتباره مبلغا، وعلى هذه الجهة أن تبت فی التظلم خلال (30) یوما من تاریخ تسجیل التظلم لدیها )،([88]) وقد تستطیع الجهة المختصَّة تجاهل هذا النص ومخالفته، ولکنَّ هذا التصرف منها یدلُّ على سوء نیتها، وبالتالی مُقاضاتها وإلزامها بالتعویض، إذا توافرت شروطه وعناصره. الخاتمـة بعد الانتهاء من البحث بموضوع التظلم بقرار فرض العقوبة الانضباطیة توصلنا إلى مجموعةٍ من النتائج والمقترحات التی نسوقها على النحو الآتی:- النتائج :- 1- الأصل أنَّ التظلم الإداریَّ اختیاریٌّ لصاحب الشأن، فله مطلقُ الحریة بأنْ یرفع تظلمه إلى الإدارة، أو یترافع أمام القضاء المختص، بَیْدَ أنَّ المشرِّع قد یوجب على سبیل الاستثناء التظلم من القرار الإداری قبل الترافع أمام المحاکم المختصة. 2- یعدُّ التظلم الإداریُّ شرطاً لقبول کافة دعاوى الإلغاء فی التشریع العراقی، وبعض دعاوى الإلغاء فی التشریع المصری. 3- غموض النصوص الإجرائیة الدقیقة المنظمة للتظلم الإداریِّ فی قانون انضباط موظفی الدولة رقم (14) لسنة 1991 المعدل. 4- یعدُّ الموظف مبلغاً بالقرار الإداریِّ اعتباراً من علمه الیقینیِّ بالقرار، وأنَّ مُدد الطعن فی القرارات حتمیة والتی یترتب على عدم مراعاتها وتجاوزها سقوط حقه فی الطعن. المقترحات:- 1- ندعو المشرِّع العراقیَّ إلى ضرورة تنظیم التظلم الإداریِّ بشکلٍ دقیقٍ فی صلب قانون انضباط موظفی الدولة والقطاع العام رقم (14) لسنة (1991) المعدل. 2- نتمنى من المشرِّع العراقیِّ أنْ یحذوَ حذوَ نظیره المشرِّع المصریِّ، وذلک بالنصِّ الصریح فی قانون انضباط موظفی الدولة والقطاع العام رقم (14) لسنة 1991 المعدل على أنه فی حالة رفض الجهة المختصَّة للتظلم المقدَّم إلیها، فإنه یجب أن یکون مسبباً؛ نظراً لأهمیة التسبیب. 3- نقترح على المشرع العراقی تعدیل نصِّ المادة ( 7/ سابعاً/ ب) وتصبح کالآتی ( 1- عند قبول التظلم والبتِّ فیه خلافاً لمصلحة المتظلم أو عدم البتِّ فی التظلم أو رفضه من الجهة المختصة تقوم محکمة القضاء الإداری بتسجیل الطعن لدیها بعد استیفاء الرسم القانونی،2- إذا صدر القرار بالرفض أو قبول التظلم والبتِّ فیه خلافاً لمصلحة المتظلم وجب أن یکون مسبباً). وفی الختام، نأمل من المشرِّع العراقیِّ أن یأخذ بما ذکرنا آنفاً من مقترحاتٍ بسیطةٍ عند تشریعه لقانونٍ جدید. The Author declare That there is no conflict of interest References (Arabic Translated to English) First: Language books: 1- Abu Mansour Muhammad bin Ahmed Al-Azhari: Refining the Language, Volume 3, 1st Edition, Dar Al-Maarefa for Printing, Publishing and Distribution, Beirut, Lebanon, 2001. 2- Jamal Al-Din Muhammad Bin Makram Al-Ansari: Ibn Manzoor, Lisan Al-Arab, vol. 12, 1st floor, Dar Al-Kutub Al-Alami, Beirut, Lebanon, 2003. Second: Legal books : 1- Abu Bakr Ahmed Othman Al-Nuaimi: The Limits of the Administrative Judicial Authorities in the Cancellation Law - A Comparative Study, New University House, Alexandria, 2013 . 2- Dr. Hamid Mustafa, Principles of Administrative Law in Iraq, Al-Ahlia Distribution and Publishing and Printing Company, Baghdad, 1968 . 3- The Chancellor. Hamdi Yassin Okasha: Encyclopedia of Administrative Decision in the State Council Judiciary, Book Two, Arab House of Thought, Cairo, 2018 . 4- Dr. Khaled Samawah, The Administrative Decision Between Theory and Practice - A Comparative Study in France, Egypt, Lebanon, and Jordan, The Arab Center for Student Services, Amman, 1993 . 5- Dr. Khalid Muhammad Al-Mawla: The authority responsible for imposing disciplinary punishment on the public employee, Dar Al-Kutub Al-Qanuni and Dar Shatat for Publishing and Software, Egypt, UAE, 2012 . 6- Dr. Sami Jamal Al-Din: Administrative dispute procedures in a lawsuit to annul administrative decisions, Al-Maaref Institution, Alexandria, 2005. 7- Dr. Suleiman Muhammad Al-Tamawi: General Theory of Administrative Decisions, 7th edition, Dar Al-Fikr Al-Arabi, Cairo, 2017 . 8- Dr. Suleiman Muhammad Al-Tamawi: Elimination Judiciary, 2nd edition, Dar Al-Fikr Al-Arabi, 1998. 9- Dr. Abdul Rahman Nurjan Al-Ayoubi: The Administrative Judiciary in Iraq Present and Future - A Comparative Study, Al-Shaab Printing House, Cairo, 1965. 10- Dr. Abdel-Aziz Abdel-Moneim Khalifeh: Lawsuit to cancel the administrative decision in the State Council Judiciary, 4th edition, Monsha`at Al-Maaref, Alexandria, 2004 . 11- Abdel Aziz Abdel Moneim Khalifa: Claim to cancel the administrative decision and requests to stop its implementation, Alexandria, Dar Al-Fakr Al-Jami'a, 2009. 12- Dr. Abdel-Ghani Basyouni: Administrative Judiciary, Ma'arif Al-Maarif, Alexandria, 1996 . 13- Dr. Abdel Moneim Abdel Azim Jira, Effects of the Ruling of Cancellation, 1st Floor, Dar Al-Fikr Al-Arabi, Cairo, 1971 . 14- Dr. Othman Suleiman Ghaylan Al-Aboudi: Explanation of the provisions of the Law for Discipline of State and Public Sector Employees No. (14) for the year 1991 amended, House of Books and Documents, 2nd edition, Baghdad, 2012. 15- Dr. Adnan Amr: Administrative Judiciary, Cancellation Judiciary, 2nd edition, Part 2, Al-Maaref Establishment, Cairo, 2004. 16- Dr. Ali Bedair, d. Issam Al-Barzanji, d. Mahdi Al-Salami, Principles and Provisions of Administrative Law, Dar Al-Kutub for Printing and Publishing, 1993. Dr. Ali Khattar Shatnawi: Encyclopedia of Administrative Judiciary, part 1, 1st floor, Dar Al-Thaqafa wa-ul-Publishing, Jordan, 2004. 17- Dr. Ali Khattar Shatnawi, Jordanian Administrative Judiciary, Cancellation Judiciary, K1, Arab Center for Student Services, Amman, 1995 . 18- Dr. Ghazi Faisal Mahdi: Explaining the provisions of the Law for the Discipline of State Employees and the Socialist Sector, Al-Azza Press, Baghdad, 2001. 19- Dr. Farooq Ahmad Khammas: Control over the Administration's Work in Iraq, Dar Al-Kutub for Printing and Publishing, University of Mosul, 1988. 20- Dr. Fouad Al-Attar: A comparative study of the principles of judiciary control over the actions of the administration and its workers and the extent of their application to positive law, without a place of printing, without a year of publication. 21 - Dr. Fouad Muhammad Musa Abdul Karim: The obligatory complaint as a condition for accepting the cancellation lawsuit before the Board of Grievances in the Kingdom of Saudi Arabia, Arab Renaissance House, Cairo, 2004 . 22- Judge Lifta Hamel Al-Ajili: Administrative Investigation of the Public Service, Al-Halabi Human Rights Publications, Lebanon, 2015 . 23- Dr. Mazin Lilo Radhi: Al-Wajeez in the Administrative Judiciary, University Press House, Alexandria, 2003. 24- Dr. Mazen Lilo Radhi: Al-Wajeez in the Libyan Judiciary, University Press House, Alexandria, 2003. 25- Dr. Maher Saleh Allawi: Administrative Decision, Dar Al-Hekma for Printing and Publishing, Baghdad, 1991 . 26- Mohamed Ibrahim Khairy Al-Wakeel: Administrative Grievance and Positive Management Behavior in the Light of Opinions of Jurisprudence and Judicial Provisions, 1st Edition, Dar Al-Fikr Al-Jami'a, Alexandria, 2008. 27- Dr. Mohamed Refaat Abdel-Wahab: The Origins of the Administrative Judiciary, Without the Place of Publication, 1993 . 28- Dr. Mohamed Kamel Leila: Judicial Oversight on the Work of the Administration, Arab Renaissance House, Cairo, 1970 . 29- Dr. Mohiuddin Al-Qaisi, General Administrative Law, Al-Halabi Human Rights Publications, 1st edition, Beirut, 2007 . 30- Dr. Mustafa Kamal Wasfi: Principles of Administrative Judicial Procedures in accordance with Law No. (47) of 1972, 2nd Floor, Al-Amana Press, 1978. 13- Dr. Nawaf Kanaan: Administrative Judiciary, 1st floor, Dar Al-Thaqafa for Publishing and Distribution and the International Scientific House for Publishing and Distribution, Amman, 2002.. 32- Dr. Novan Al-Aqil Al-Ajawma: Disciplinary Authority for the Public Employee, House of Culture, Amman, 2007. Second: Scientific Theses: 1- Dr. Majid Najim Idan, The Legal System of the Laws of Cancellation in Iraq, Master Thesis, Al-Nahrain University, College of Law, 2000. 2- Saleh Ibrahim Al-Mottawi: Conditions of Appeal before the Administrative Judicial Court in Iraq, Master Thesis, College of Law, University of Baghdad, 1995. 3- Muhammad Bin Abdullah Al-Hussein: Administrative Grievance - A Comparative Theoretical and Applied Study, Master Thesis, University of Jordan, 2001. 4- Muammar Mahdi Salih Al-Kabees, Principle of Irrevocability of Administrative Decisions, Master Thesis, College of Law, Baghdad, 2001. Third: Research allocated in scientific journals : 1- Dr. Suleiman Muhammad Al-Tamawi: Employee guarantees between theory and practice, research published in the Journal of Administrative Sciences, first issue, first year, April, 1969 . 2- Dr. Issam Al-Barzanji: Monitoring the Administration's Business and Development Prospects, Journal of Legal Sciences, Volume 4, No. 1, 2, 1985. 3- Dr. Najm Al-Ahmad: Administrative Grievance, research published in Damascus University Journal of Economic and Legal Sciences, University of Damascus, Faculty of Law, Volume 29, Third Issue, 2003, p. 39. 4- The Journal of Legal Codification, No. 1, Year 2, Government Press, Baghdad, 1972, p. 1952. Fourth: Groups :- 1- The set of legal principles decided by the Supreme Administrative Court in fifteen years (1965-1980), part 42, the Egyptian General Book Authority, 1983 edition . . The decisions and fatwas of the State Shura Council for the year 208 2- A set of provisions of the State Council, for the year 2 BC . 3- . 4- The Fifteen Years Encyclopedia, part 1 .A set of provisions for the thirty-sixth year5- .6- Decisions and fatwas of the State Shura Council for the year 2009 .7- The Modern Administrative Encyclopedia, Part 46 Fifth: Laws:- 1- Egyptian State Council Law No. (47) of 1972. 2.State and Public Sector Discipline Law No. (14) of 1991 amended. 3- Law No. (5) of 2008, the first amendment of the Law on Discipline of State and Public Sector Employees No. (14) of 1991 amending. 4- Law of the State Shura Council No. (65) of 1979 amended. 5- State Council Law No. (71) of 2017, the Iraqi Fact Sheet, No. 4456 on 7/8/2017. 6- Iraqi Code of Procedure No. (83) of 1969 amended. 7- Law No. (17) of 2013, the fifth amendment to the State Shura Council Law No. (65) of 1979 8- Law No. (106) of 1989, the second amendment to the State Shura Council Law No. (65) of 1979 | ||
References | ||
المصـادر أولاً: معاجم اللغة: 1- أبو منصور محمد بن أحمد الأزهری: تهذیب اللغة، المجلد 3، ط1، دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزیع، بیروت، لبنان، 2001. 2- جمال الدین محمد بن مکرم الأنصاری: ابن منظور، لسان العرب، ج12، ط1، دار الکتب العلمیة، بیروت، لبنان، 2003. ثانیًا: الکتب القانونیة: 1- أبو بکر أحمد عثمان النعیمی: حدود سلطات القضاء الإداری فی دعوى الإلغاء - دراسة مقارنة، دار الجامعة الجدیدة، الإسکندریة، 2013. 2- د. حامد مصطفى، مبادئ القانون الإداری فی العراق، شرکة التوزیع والنشر والطباعة الأهلیة، بغداد، 1968. 3- المستشار. حمدی یاسین عکاشة: موسوعة القرار الإداری فی قضاء مجلس الدولة، الکتاب الثانی، دار الفکر العربی، القاهرة، 2018. 4- د. خالد سماوة، القرار الإداری بین النظریة والتطبیق - دراسة مقارنة فی فرنسا ومصر ولبنان والأردن، المرکز العربی للخدمات الطلابیة، عمان 1993. 5- د. خالد محمد المولى: السلطة المختصة بفرض العقوبة الانضباطیة على الموظف العام، دار الکتب القانونیة ودار شتات للنشر والبرمجیات، مصر، الإمارات، 2012 . 6- د. سامی جمال الدین: إجراءات المنازعة الإداریة فی دعوى إلغاء القرارات الإداریة، منشأة المعارف، الإسکندریة، 2005 . 7- د. سلیمان محمد الطماوی: النظریة العامة للقرارات الإداریة، ط7، دار الفکر العربی، القاهرة، 2017. 8- د. سلیمان محمد الطماوی: قضاء الإلغاء، ط2، دار الفکر العربی، 1998. 9- د. عبد الرحمن نورجان الأیوبی: القضاء الإداری فی العراق حاضره ومستقبله - دراسة مقارنة، دار مطابع الشعب، القاهرة، 1965. 10- د. عبد العزیز عبد المنعم خلیفة: دعوى إلغاء القرار الإداری فی قضاء مجلس الدولة، ط4، منشأة المعارف، الإسکندریة، 2004 . 11- عبد العزیز عبد المنعم خلیفة: دعوى إلغاء القرار الإداری وطلبات إیقاف تنفیذه، الإسکندریة، دار الفکر الجامعی، 2009. 12- د. عبد الغنی بسیونی: القضاء الإداری، منشأة المعارف، الإسکندریة، 1996. 13- د. عبد المنعم عبد العظیم جیرة، آثار حکم الإلغاء، ط 1، دار الفکر العربی، القاهرة، 1971 . 14- د. عثمان سلیمان غیلان العبودی: شرح أحکام قانون انضباط موظفی الدولة والقطاع العام رقم (14) لسنة 1991 المعدل، دار الکتب والوثائق، ط2، بغداد، 2012. 15- د. عدنان عمرو: القضاء الإداری، قضاء الإلغاء، ط2، ج2، منشأة المعارف، القاهرة، 2004. 16- د. علی بدیر، د. عصام البرزنجی، د. مهدی السلامی، مبادئ وأحکام القانون الإداری، دار الکتب للطباعة والنشر، 1993. 17- د. علی خطار شطناوی: موسوعة القضاء الإداری، ج1، ط1، دار الثقافة والنشر، الأردن، 2004. 18- د. علی خطار شطناوی، القضاء الإداری الأردنی، قضاء الإلغاء، ک1، المرکز العربی للخدمات الطلابیة، عمان، 1995 . 19- د. غازی فیصل مهدی: شرح أحکام قانون انضباط موظفی الدولة والقطاع الاشتراکی، مطبعة العزة، بغداد، 2001 . 20- د. فاروق أحمد خماس: الرقابة على أعمال الإدارة فی العراق، دار الکتب للطباعة والنشر، جامعة الموصل، 1988. 21- د. فؤاد العطار: دراسة مقارنة لأصول رقابة القضاء على أعمال الإدارة وعمالها ومدى تطبیقها على القانون الوضعی، بدون مکان طبع، بدون سنة نشر . 22- د. فؤاد محمد موسى عبد الکریم: التظلم الوجوبی کشرط لقبول دعوى الإلغاء أمام دیوان المظالم بالمملکة السعودیة، دار النهضة العربیة، القاهرة، 2004 . 23- القاضی لفته هامل العجیلی: التحقیق الإداری فی الوظیفة العامة، منشورات الحلبی الحقوقیة، لبنان، 2015. 24- د: مازن لیلو راضی: الوجیز فی القضاء الإداری، دار المطبوعات الجامعیة، الإسکندریة، 2003. 25- د. ماهر صالح علاوی: القرار الإداری، دار الحکمة للطباعة والنشر، بغداد، 1991. 26- محمد إبراهیم خیری الوکیل: التظلم الإداری ومسلک الإدارة الإیجابی فی ضوء آراء الفقه وأحکام القضاء، ط1، دار الفکر الجامعی، الإسکندریة، 2008. 27- د. محمد رفعت عبد الوهاب: أصول القضاء الإداری، بدون مکان النشر، 1993. 28- د. محمد کامل لیلة: الرقابة القضائیة على أعمال الإدارة، دار النهضة العربیة، القاهرة، 1970. 29- د. محیی الدین القیسی، القانون الإداری العام، منشورات الحلبی الحقوقیة، ط1، بیروت، 2007. 30- د. مصطفى کمال وصفی: أصول إجراءات القضاء الإداری طبقًا للقانون رقم (47) لسنة 1972، ط 2، مطبعة الأمانة، 1978 . 31- د. نواف کنعان: القضاء الإداری، ط1، دار الثقافة للنشر والتوزیع والدار العلمیة الدولیة للنشر والتوزیع، عمان، 2002. 32- د. نوفان العقیل العجاومة: سلطة تأدیب الموظف العام، دار الثقافة، عمان، 2007 . ثانیًا: الرسائل العلمیة: 1- صالح إبراهیم المتوتی: شروط الطعن أمام محکمة القضاء الإداری فی العراق، رسالة ماجستیر، کلیة القانون، جامعة بغداد، 1995. 2- د. ماجد نجم عیدان، النظام القانونی لدعوى الإلغاء فی العراق، رسالة ماجستیر، جامعة النهرین، کلیة الحقوق، 2000 . 3- محمد بن عبد الله الحسین: التظلم الإداری - دراسة نظریة وتطبیقیة مقارنة، رسالة ماجستیر، الجامعة الأردنیة، 2001. 4- معمر مهدی صالح الکبیس، مبدأ عدم رجعیة القرارات الإداریة، رسالة ماجستیر، کلیة القانون، بغداد، 2001. ثالثًا: الأبحاث المتخصصة فی المجلات العلمیة: 1- د. سلیمان محمد الطماوی: ضمانات الموظفین بین النظریة والتطبیق، بحث منشور فی مجلة العلوم الإداریة، العدد الأول، السنة الأولى، نیسان، 1969. 2- د. عصام البرزنجی: الرقابة على أعمال الإدارة وآفاق تطورها، مجلة العلوم القانونیة، المجلد4، العدد 1، 2، 1985. 3- د. نجم الأحمد: التظلم الإداری، بحث منشور فی مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادیة والقانونیة، جامعة دمشق، کلیة الحقوق، المجلد 29، العدد الثالث، 2003، ص 39. 4- مجلة دیوان التدوین القانونی، العدد1، السنة 2، مطبعة الحکومة، بغداد، 1972، ص1952. رابعًا: المجموعات:- 1- مجموعة المبادئ القانونیة التی قررتها المحکمة الإداریة العلیا فی عشر سنوات (1965،1955)، الهیئة العامة لشؤون المطابع الأمیریة، القاهرة. 2- مجموعة المبادئ القانونیة التی قررتها المحکمة الإداریة العلیا فی خمسة عشر عامًا (1965-1980)، جزء 42، الهیئة العامة المصریة للکتاب، ط 1983. 3- مجموعة المبادئ التی قررتها المحکمة الإداریة العلیا فی الخمسة عشر عامًا ( 1965، 1980)، ج 1، 1984، الهیئة المصریة لکتاب، القاهرة. 4- مجموعة المبادئ القانونیة التی قررتها المحکمة الإداریة العلیا، السنة السادسة والثلاثون، العدد الثانی ( من أول مارس سنة 1991 إلى اخر سبتمبر سنة 1991)، مجلس الدولة، المکتب الفنی . 5- قرارات وفتاوى مجلس شورى الدولة للعام 2007. 6- قرارات وفتاوى مجلس شورى الدولة للعام 2008. 7- قرارات وفتاوى مجلس شورى الدولة للعام 2009.
خامسًا: القوانین:- 1- قانون المرافعات العراقی رقم (83) لسنة 1969 المعدل. 2- قانون مجلس الدولة المصری رقم (47) لسنة 1972. 3- القانون رقم (106) لسنة 1989، التعدیل الثانی لقانون مجلس شورى الدولة رقم (65) لسنة 1979. 4- قانون انضباط موظفی الدولة والقطاع العام رقم (14) لسنة 1991 المعدل. 5- القانون رقم (5) لسنة 2008، التعدیل الأول لقانون انضباط موظفی الدولة والقطاع العام رقم (14) لسنة 1991 المعدل. 6- القانون رقم (17) لسنة 2013 التعدیل الخامس لقانون مجلس شورى الدولة رقم (65) لسنة 1979. 7- قانون مجلس الدولة رقم (71) لسنة 2017، جریدة الوقائع العراقیة، بالعدد 4456 فی 7/8/2017. | ||
Statistics Article View: 3,155 PDF Download: 654 |