مراجعة مؤلف دور المجنى علیه فی الدعوى الجزائیة (دراسة مقارنة) للدکتور أسامة أحمد محمد | ||
الرافدین للحقوق | ||
Article 14, Volume 23, Issue 73, December 2020, Pages 404-409 PDF (519.27 K) | ||
Document Type: مراجعة مؤلف | ||
DOI: 10.33899/alaw.2020.167487 | ||
Author | ||
فارس أحمد اسماعیل* | ||
کلیة القانون/ کلیة النور الجامعة | ||
Full Text | ||
مراجعة مؤلف دور المجنى علیه فی الدعوى الجزائیة (دراسة مقارنة) للدکتور أسامة أحمد محمد-(*)- Book Review Role of the victim in the criminal Proceedings: A Comparative study by Dr. Osama Ahmed Mohammed
(*) مقال مراجعة الموضوع. Doi: 10.33899/alaw.2020.167487 © Authors, 2020, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license (http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).
یعد المجنى علیه محورا هاما من محاور الدعوى الجزائیة، بوصفه من وقع علیه الفعل، ومن هنا کان ترکیز الکثیر من الدراسات الخاصة بالعلوم الجنائیة على الدور الذی یؤدیه المجنى علیه فی ادوار الدعوى الجزائیة، سواء اکان ذلک اثناء تحریک الدعوى او فی دور التحقیق او المحاکمة؛ لابل حتى اثناء الطعن بالحکم الجزائی. ورصد المؤلف د. اسامة احمد محمد النعیمی فی کتابة الصادر عندار الجامعة الجدیدة فی مصر دور المجنى علیه فی الدعوى الجزائیة دون الدعوى المدنیة التی ینظرها القضاء الجنائی تبعا للدعوى الجزائیة، الا بالقدر الذی یمکن من خلاله بیان الدور الذی یمارسه المجنى علیه فی مباشرته للدعوى الجزائیة. تعرض المؤلف لموضوعه من خلال بابین الاول جاء بعنوان دور المجنى علیه فی مباشرة الدعوى الجزائیة، والآخر تحت عنوان دور المجنى علیه فی انهاء الدعوى الجزائیة، وسبق ذلک فصل تمهیدی جاء تحت عنوان تأصیل دور المجنى عیله فی الدعوى الجزائیة. قراءة الفصل التمهیدی تعطی للقارئ نبذة تاریخیة عن دور المجنى علیه فی مراحل زمنیة قدیمة، وقبل الاشارة الى تلک المراحل الزمنیة لابد من اعطاء تعریف للمجنى علیه، إذ تباینت التعریفات وذلک لاختلاف الزاویة التی ینظر منها الى المجنى علیه، ومکمن الاختلاف یمکن ان یثور طبقا لمن ینسب الیه التعریف، فهناک تعریفا طبقا للمدلول اللغوی والفقه وآخر طبقا تناولته القوانین والاتفاقیات الدولیة وکل ذلک تناوله المؤلف بمطلبین. وان کنا سوف لا نتطرق الى التعریف اللغوی، فان المقصود بالمجنى علیه فی المنظور الفقهی "بأنه کل من أضرت به الجریمة، او هو کل شخص یلزم الجانی قبله بتعویض الضرر الناشئ عن فعله"، ثم تصدى المؤلف الى مجموعة اخرى من التعاریف التی تنظر الى المقصود بالمجنى علیه من خلال القصد الجنائی. أما الاتجاه الاخر فقد تصدى لبیان المقصود بالمجنى علیه بالترکیز على المصلحة المحمیة، وهذا هو الرأی الغالب فی الفقه. والمؤلف قد تطرق فی عدد من جزئیات الفصل التمهیدی لدور المجنى علیه فی القوانین القدیمة فی الدعوى الجزائیة کالقوانین العراقیة القدیمة والقوانین المصریة القدیمة، فضلا عن القانون الرومانی والقانون الانکلیزی. الباب الاول جاء تحت عنوان دور المجنى علیه فی مباشرة الدعوى الجزائیة، وتم تقسیمه الى فصلین تناول فیه المؤلف دور المجنى علیه فی تحریک الجزائیة فی الفصل الاول، فالقوانین الاجرائیة اعطت للمجنى علیه دورا فی تحریک الدعوى فهو من یملک سلطة استعمال الوسیلة القانونیة من اجل بث الروح بالدعوى الجزائیة، باعتبار ان وقوع الجریمة قد اصاب حقه دون غیره، على ان البعض یرجع الى اسس اخرى لحق المجنى علیه فی الشکوى الجزائیة، ومنها النص على هذا الحق فی التشریعات الجزائیة. وهناک اتجاه آخر قید دور المجنى علیه فی تحریک الدعوى الجزائیة وجعله دورا استثنائیا، وخصوصا فی الجنح والجنایات کما فی قانون اصول المحاکمات الجزائیة اللبنانی رقم 328 لسنة 2001، الذی سمح بتحریک الجنح عن طریق احالة المتهم مباشرة امام المحاکم المختصة، ففی الجنایات اجاز للمجنى علیه تقدیم شکوى مصحوبة بادعاء مدنی لقاضی التحقیق، اما الاتجاه الاخیر فهو التوسع فی منح المجنى علیه دور فی تحریک الدعوى الجزائیة ، مثل قانون الاجراءات الجنائیة السودانی لسنة 1991، فالدعوى تبدأ بإبلاغ او شکوى من الشخص الذی ارتکبت الجریمة بحقه، وفی ذات الاتجاه ذهب المشرع العراقی فی قانون اصول المحاکمات الجزائیة رقم 23 لسنة 1971 فی مادته الاولى. ان حق تقدیم الشکوى هو حق خالص للمجنى علیه لا یثبت الا له وحده، على ان المجنى علیه ممکن ان یکون شخصاً طبیعیاً او شخصاً معنویاً وهو من تعرض للاعتداء ولحقه الضرر جراء ارتکاب الجریمة من قبل الجانی، وقد یختلف الوضع احیانا فیما اذا تعدد المجنى علیهم. الفصل الثانی تناول المؤلف فیه دور المجنى علیه اثناء سیر الدعوى الجزائیة، کحضوره اجراءات الدعوى، اذ من حقه حضور جلسة المحاکمة ونص قانون اصول المحاکمات الجزائیة فی المادة 143 الى ضرورة ان تتولى المحکمة تبلیغ المجنى علیه بموعد المحاکمة، لیتمکن من حضور جمیع اجراءات التحقیق النهائی، على ان من المهم الاشارة الى ان حضور المجنى علیه جلسات المحاکمة لیس شرطا لصحة الجلسات او لانعقاد المحکمة. وللمجنى علیه دور ایجابی فی جلسات المحاکمة اثناء حضوره منها الحق فی تقدیم الدفوع والطلبات ذات العلاقة بموضوع الشکوى وفی اثباتها وطلب سماع الشهود ومناقشتهم، ویمتد حق المجنى علیه حتى بعد صدور الحکم، إذ من حقه الطعن بالحکم امام المحکمة الاعلى درجة، وفی العراق له الحق فی الطعن بالحکم الصادر سواء من محکمة الجنح او من محکمة الجنایات، ویعد الطعن بالأحکام احدى الوسائل المباشرة للوصول الى الحق الذی یدعیه المجنى علیه، وبین المشرع العراقی فی المادة 249 من قانون اصول المحاکمات الجزائیة اجراءات الطعن واثاره. الباب الثانی من الکتاب قد جاء تحت عنوان دور المجنى علیه فی انهاء الدعوى الجزائیة، قسمه الباحث الى فصلین، الاول جاء تحت عنوان دور المجنى علیه فی انهاء الدعوى الجزائیة بإرادته المنفردة ومنها التنازل عن الشکوى الذی یعد تصرفا قانونیا صادراً بإرادة منفردة للمجنى علیه الخالیة من ای عیب من عیوب الارادة، وبمقتضاه یصرح امام جهة قضائیة فی مدة معینة بوقف السیر فی الشکوى والتنازل عن مضمون الحق الذی سبق وان صرح به. والتنازل بلا شک یختلف عن حق المجنى علیه فی تقدیم الشکوى، فالتنازل یمثل عدول المجنی علیه عن رأیه وانصراف ارادته الى التنازل الذی یختلف عن العفو، فصاحب الحق فی التنازل هو المجنى علیه، فی حین ان صاحب حق العفو یتجسد بالمجتمع ممثلا بالسلطة التشریعیة، واذا کان العفو یصدر فی ای مرحلة کانت علیها الدعوى؛ لابل حتى وان کان قد صدر حکم بها، فان التنازل یجب ان یصدر اثناء السیر فی الشکوى ومن المجنى علیه بالذات بوصفه صاحب الحق، ولکن قبل صدور الحکم الفاصل بالدعوى، فإذا ما صدر الحکم تکون الدعوى والحکم فیها قد اصبح حقا للمجتمع لا یمکن للمجنى علیه ان یتنازل عنه. والتنازل یجب ان یکون صریحا، بعبارات والفاظ واضحة لا تحتمل التأویل صادرة عن المجنى علیه او وکیله، ویصدر کتابة او شفویاً، ولا یشترط ان یرد بلغة معینة، وربما یرد ضمنیا یستنج من بعض تصرفات المجنى علیه، والتنازل یجب ان لا یکون معلقا على شرط؛ بل باتا. وان یصدر اثناء الاجراءات او التحقیق ولا محل له بعد صدور الحکم، الا ان المشرع قد اشار فی نصوص قانون اصول المحاکمات الجزائیة الى نظام الصفح عن الجانی بعد صدور الحکم، فی المواد338-341، ویقبل منه سواء أکان الحکم قد اکتسب الدرجة القطعیة ام لم یکتسب بعد. والجرائم التی یسری علیها تنازل المجنى علیه لیست من طبیعة واحدة، إذ لا ینتج التنازل اثره مباشرة بعد تقدیم المجنى علیه طلبه للقضاء، فالجرائم تتفاوت عقوبتها ومن ثم فإن التنازل لا ینتج اثره فی بعض الجرائم، واشار المشرع العراقی فی قانون اصول المحاکمات الجزائیة الى ان التنازل یسری اثره على الجرائم التی اشترط لتحریکها من قبل المجنى علیه، التی عقوبتها الحبس اقل من سنة، والجرائم التی یتم قبول الصلح فیها دون اشتراط موافقة القاضی علیه. اما الجرائم التی تتجاوز عقوبتها الحبس السنة، فالتنازل لا ینتج اثره ما لم یقترن طلب التنازل بموافقة القاضی، کما فی جرائم التهدید والایذاء واتلاف الاموال على الرغم من ان عقوبة هذه الجرائم هی الحبس اقل من سنة. تطرق المؤلف بعد ذلک الى العفو عن الجریمة فی النظام الاجرائی الجنائی الاسلامی فی المبحث الثانی، مستعرضا المقصود بالعفو لغة واصطلاحا ثم بین الحکمة من العفو ومصادره التی هی القرآن الکریم والسنة النبویة الشریفة ومن الاجماع، وصولا الى الرأی الذی طرحه المؤلف بمشروعیة العفو فی النظام الاجرائی الجنائی الاسلامی. الفصل الثانی من الباب الثانی تناول فیه المؤلف دور المجنى علیه فی انهاء الدعوى الجزائیة بالاتفاق مع المتهم فی مبحثین، الاول بعنوان الصلح فی الجرائم الواقعة على الافراد، فیما خصص الثانی للصلح بین المجنى علیه والجانی فی النظام الاجرائی الجنائی الاسلامی. اذ اختلف الفقه فی اعطاء تعریف دقیق للمقصود بالصلح فی اطار القانون الجنائی، فالبعض قال بأن الصلح هو عقد یتم بین المجنى علیه والجانی یعبر کل منهما بإرادته عن رغبته فی انهاء النزاع، فهو اذن تصرف قانونی بین ارادتی المجنى علیه والجانی، ولا یمکن ان ینتج اثره ما لم یکن فی المدد القانونیة التی اشترطها المشرع. ویبدو ان القوانین الجنائیة قد اتفقت على الجرائم التی یجوز فیها الصلح، ومنها تلک الجرائم التی یتوقف تحریکها على شکوى من قبل المجنى علیه، ومنها قانون اصول المحاکمات الجزائیة العراقی فی مادته الثالثة، بوصف ان الضرر یمس المجنى علیه فی جسده او فی ماله. ویتبادر الى الذهن سؤال مؤداه بانه هل یحق للورثة الصلح مع الجانی، بعض القوانین اجابت بان حق الصلح حق خاص بالمجنى علیه دون غیره لا ینتقل الى غیره، سواء اکانوا ورثة ام من شخص آخر، وهذا ما ذهبت الیه اغلب القوانین الجزائیة کالقانون العراقی والقانون الکویتی، الا ان المشرع المصری ذهب خلاف ذلک بان اجاز الصلح فی حالة وفاة المجنى علیه. ونتفق مع المؤلف فی الرأی الذی تبناه من ان الصلح المقدم من قبل المجنى علیه یجب ان یقترن بموافقة المتهم، فربما تکون الدعوى کیدیة وانه لا یمکن اثباتها، علیه لابد من اخذ موافقة المتهم سواء اکانت هذه الموافقة صریحة ام ضمنیة، وسکوت المتهم عند عرض الصلح دون ان یعلق علیه یستفاد من انه رضى ضمنی یفسر على انه موافقة على الصلح. والصلح لا یشترط شکلا خاصا به، فیمکن ان یقدم کتابة او شفاهه، واذا قدم الطلب شفاهه فان قاضی التحقیق او المحقق ان یثبت ذلک فی محاضر الدعوى، وان یکون واضحا لا لبس فیه او ان یؤول عکس المراد منه، وقبول الصلح یجب ان لا یکون معلقا على شرط، والقانون العراقی لم یرد فیه نص یجیز الصلح بین طرفی الدعوى فی الجرائم الواقعة على الافراد بعد صدور الحکم، ویفسر البعض ان هذا الاتجاه الرغبة فی استقرار الاحکام، سیما وان التهمة المسندة الى الجانی قد تم اثباتها، وقبول الصلح فی هذه المرحلة یفسر على انه اعطاء الفرصة للأفراد فی تعطیل حکم القانون، وهذا یعنی تعلیق الاحکام على رغبة المتخاصمین. المشرع العراقی فی المادة 198 من قانون اصول المحاکمات الجزائیة قصر قبول الصلح على الجرائم التی عقوبتها الحبس مدة سنة او اقل، فی حین ان الصلح فی الجرائم التی تزید عقوبتها على السنة لا ینتج اثره ما لم یکون مقترنا بقبول من القاضی المختص. وان کان المؤلف یعترض على موقف المشرع العراقی من اشتراطه موافقة القاضی على قبول الصلح فی جرائم محددة عقوبتها بما لا تزید عن سنة، بوصف ذلک یفوت الفرصة من الصلح ویفرغه من محتواه کونه یزیل البغضاء والضغینة، وان هذه الجرائم لا تشکل تهدیدا للمجتمع وقلیلة الخطورة، وعدم قبول الصلح تکون له التأثیرات السلبیة على طرفی الدعوى او على المجتمع. ویطرح المؤلف سؤلا عن مدى الاثر الذی یترکه الصلح المقبول من طرفی الدعوى الجزائیة على الدعوى المدنیة المصرح بها اثناء قیام الدعوى الجزائیة. فالقانون العراقی خلا من نص لبیان اثر الصلح على الدعوى المدنیة، فبقی الرای للفقه، الذی اشار بعضه الى ان الدعوى المدنیة تسقط تبعا للدعوى الجزائیة فیما اذا کان الصلح بمقابل ای بتعویض قد اتفق علیه الطرفان، اما اذا کان الصلح من دون ای اتفاق سابق فان الاثر المترتب انما هو اثر البراءة . ختاما ان المؤلف اجاد فی عرض الموضوع وتناوله بصورة جیدة، فضلا عن الاسلوب الممتع فالباحث اضفى على مؤلفة صورة جمیلة تجعل من القارئ مستمرا فی قراءته، وخرج بالعدید من النتائج والتوصیات التی نتمنى على المشرع العراقی الاخذ بها، فالمؤلف رجع فی کتابه الى العدید من المراجع والمصادر التی تجاوز عددها200 مصدرا بین کتاب وبحث قانونی واحکام قضائیة، فضلا عن الدساتیر والقوانین العراقیة والعربیة، بالإضافة للمصادر الاجنبیة. والکتاب بمجمله یعد اضافة مهمة للمکتبة القانونیة، اذ سیکون مصدرا للباحثین والطلبة الذین یتناولون عناوین تجد لها علاقة بهذا المؤلف.
| ||
References | ||
| ||
Statistics Article View: 357 PDF Download: 272 |