المنازعات البیئیة کسبب من أسباب النزاعات المسلحة | ||
الرافدین للحقوق | ||
Article 10, Volume 23, Issue 73, December 2020, Pages 312-341 PDF (1 M) | ||
Document Type: بحث | ||
DOI: 10.33899/alaw.2019.167431 | ||
Authors | ||
خلف رمضان الجبوری* ; زهراء ریاض علی* | ||
کلیة الحقوق/ جامعة الموصل | ||
Abstract | ||
بدأ المجتمع الدولی بإدراک أهمیة مشاکل البیئة واعتبارها من المسائل الجدیرة بالاهتمام العالمی، وخاصة مع تزاید الخلافات البیئیة والتی زادت احتمالیة تدویلها مما یهدد السلم والأمن الدولیین، وقد بُذلت الجهود الدولیة من أجل إیجاد وسائل قانونیة لمنع وتجنب حدوث المنازعات البیئیة التی قد تتطور الى نزاع مسلح. والمنازعات البیئیة، هی کل خلاف بین أشخاص القانون الدولی فی مسألة قانونیة تتعلق باعتداء یمس أحد عناصر البیئیة ومواردها الطبیعیة، وفی تطور ملحوظ للاهتمام الدولی بالموارد البیئیة وعلاقتها بحفظ السلم والأمن الدولیین، حیث بدأت تجد طریقها فی نصوص الوثائق الدولیة، وکان لمجلس الأمن وفق التفویض الممنوح له بحفظ الأمن والسلم الدولیین، الدور الأهم فی معالجة العدید من المنازعات البیئیة. وتعتبر ندرة الموارد المائیة العذبة، المشکلة الأبرز، والتی عادة ما تکون سبب المنازعات البیئیة الدولیة، خاصة فیما یتعلق بالأنهار الدولیة، ویعانی العراق من مشکلة انخفاض منسوب المیاه العذبة بسبب حجز المیاه من قبل دول الجوار وبناء السدود، ویعد بناء سد (الیسو) على نهر دجلة، تهدید بیئی خطیر على العراق، ونطمح ان یتم التوصل الى حلول سلمیة لمعالجتها، وأن تکون هناک اتفاقیة دولیة تحت اشراف الأمم المتحدة لتنظیم الکمیة التی تغطی حاجة العراق من المیاه العذبة. | ||
Keywords | ||
المنازعات البیئیة; الموارد البیئیة; الوثائق الدولیة | ||
Full Text | ||
المنازعات البیئیة کسبب من أسباب النزاعات المسلحة -(*)- The role of environmental crises in igniting armed conflict
(*) أستلم البحث فی 14/3/2019 *** قبل للنشر فی 16/4/2019. (*) Received on 14/3/2019 *** accepted for publishing on 16/4/2019. Doi: 10.33899/alaw.2019.167431 © Authors, 2020, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license (http://creativecommons.org/licenses/by/4.0). المستخلص بدأ المجتمع الدولی بإدراک أهمیة مشاکل البیئة واعتبارها من المسائل الجدیرة بالاهتمام العالمی، وخاصة مع تزاید الخلافات البیئیة والتی زادت احتمالیة تدویلها مما یهدد السلم والأمن الدولیین، وقد بُذلت الجهود الدولیة من أجل إیجاد وسائل قانونیة لمنع وتجنب حدوث المنازعات البیئیة التی قد تتطور الى نزاع مسلح. والمنازعات البیئیة، هی کل خلاف بین أشخاص القانون الدولی فی مسألة قانونیة تتعلق باعتداء یمس أحد عناصر البیئیة ومواردها الطبیعیة، وفی تطور ملحوظ للاهتمام الدولی بالموارد البیئیة وعلاقتها بحفظ السلم والأمن الدولیین، حیث بدأت تجد طریقها فی نصوص الوثائق الدولیة، وکان لمجلس الأمن وفق التفویض الممنوح له بحفظ الأمن والسلم الدولیین، الدور الأهم فی معالجة العدید من المنازعات البیئیة. وتعتبر ندرة الموارد المائیة العذبة، المشکلة الأبرز، والتی عادة ما تکون سبب المنازعات البیئیة الدولیة، خاصة فیما یتعلق بالأنهار الدولیة، ویعانی العراق من مشکلة انخفاض منسوب المیاه العذبة بسبب حجز المیاه من قبل دول الجوار وبناء السدود، ویعد بناء سد (الیسو) على نهر دجلة، تهدید بیئی خطیر على العراق، ونطمح ان یتم التوصل الى حلول سلمیة لمعالجتها، وأن تکون هناک اتفاقیة دولیة تحت اشراف الأمم المتحدة لتنظیم الکمیة التی تغطی حاجة العراق من المیاه العذبة. الکلمات المفتاحیة: المنازعات البیئیة، الموارد البیئیة، الوثائق الدولیة.
Abstract The international community has begun to recognize the importance of environmental problems as a matter of global concern, especially as environmental differences have increased, which have increased internationalization and threaten international peace and security. International efforts have been made to find legal means to prevent and avoid environmental conflicts that may develop into a survey conflict. And environmental disputes, are all disputes between persons of international law in a legal matter relating to an attack affecting an element of the environment and its natural resources. In a remarkable development of international attention to environmental resources and its relationship to the maintenance of international peace and security, it began to find its way into the texts of international documents. The Security Council, in accordance with its mandate to maintain international peace and security, played the most important role in addressing many environmental disputes. The scarcity of fresh water resources is a major problem, which is often the cause of international environmental disputes, especially in relation to international rivers. Iraq suffers from the problem of declining freshwater levels due to water reservations by neighboring countries and the construction of dams. The construction of the (Alesso) dam on the Tigris is a serious environmental threat to Iraq , and we hope that peaceful solutions will be found to address it and that there will be an international agreement under the supervision of the United Nations to regulate the amount that covers Iraq’s need for fresh water Key words: Environmental disputes, Environmental resources, International documents.
المقدمـة تعد البیئة الطبیعیة بما تشمله من عناصرها الثلاث "الماء والهواء والتربة" هی أصل حیاة البشر، وإن تعرض أحد هذه العناصر لضرر أو تهدید سیعرض حیاة الآلاف للخطر، ویضاف للبیئة الطبیعیة مجموعة ما شیده الإنسان من بیئة صناعیة تنظم استعمال موارد البیئة الطبیعیة وتجعل الاستفادة منها بشکل أکبر وأسهل ومثال على ذلک إنشاء السدود لتجمیع الماء وتولید الطاقة الکهربائیة، وإنشاء الجسور وطرق النقل لتسهیل الحرکة والسیر، وإنشاء الأقمار الفضائیة للأبحاث والدراسات وغیرها، وأن استهداف هذه المنشآت وتخریبها یؤثر على الأمن القومی للدول، لهذا نجد أن التلوث البیئی أو التسبب بأضرار بیئیة لدولة أو مجموعة دول من شأنه أن یُسبب خلاف وتوتر فی العلاقات الدولیة قد یتطور الى نزاع مسلح . أهمیة الموضوع: لم یبدأ المجتمع الدولی بإدراک أهمیة المشاکل البیئیة وعدها من المسائل الجدیرة بالاهتمام العالمی إلا فی الفترة الأخیرة، وذلک لحداثة الموضوع نسبیاً، فضلا عن تزاید أعداد هذه المنازعات وتنوع أسبابها، وقد بدأت تبرز أهمیة الموضوع من خلال تزاید الخلافات البیئیة والتی ازدادت احتمالیة تدویلها مما یهدد الأمن الدولی المرتبط بالأمن الغذائی والأمن المائی والأمن الصحی وهؤلاء جمیعاً لا یمکن تحقیقهم إلا بوجود الأمن البیئی، فمن هذا المنطلق تکمن أهمیة هذه الدراسة . إشکالیة البحث: تکمن إشکالیة البحث فی بیان ماهیة المنازعات البیئیة؟ ومدى اهتمام المجتمع الدولی بمعالجة أسباب المنازعات البیئة ؟ وایجاد الحلول السلمیة لها قبل أن تتطور الى نزاعات مسلحة، ومعرفة ما هی السبل الأکثر حداثة فی تجنب حدوث المنازعات البیئیة ؟ وبیان مدى فعالیة الوسائل التی یعتمدها المجتمع الدولی فی حل ومعالجة المنازعات البیئیة ؟. فرضیة البحث: تدور فرضیة البحث حول التعرف على مفهوم المنازعات البیئیة الدولیة، وأهمیة معالجة أسبابها والوقایة منها، قبل أن تتطور الى نزاع مسلح تطال آثاره المدمرة البیئة والإنسان على حدِ سواء، کما یطرح البحث موضوع "حرب المیاه" کتطبیق لأکثر أشکال المنازعات البیئیة العالمیة. منهجیة البحث: سنتبع فی دراستنا هذه، المنهج المقارن، للمقارنة بین النصوص القانونیة، کما سنتبع المنهج التحلیلی فی تحلیل النصوص القانونیة لبیان تطور الجهود الدولیة فی معالجة المنازعات البیئیة الدولیة. هیکلیة البحث: سنتناول هذا الموضوع فی مبحثین، یتضمن الأول : ماهیة المنازعات البیئیة . ویتناول المبحث الثانی : أسباب المنازعات البیئیة وسبل الوقایة منها. المبحث الأول ماهیة المنازعات البیئیة تعتبر المنازعات البیئیة أحد أهم وأخطر المشاکل العالمیة، والتی من شأنها أن تؤدی الى توتر العلاقات الدولیة وقد تتطور الى نزاع مسلح، ومن أجل الوصول الى مفهوم وخصائص المنازعات البیئیة، سنتناول فی هذا المبحث، بیان مفهوم البیئة والنزاعات المسلحة فی مطلبٍ أول، وبیان مفهوم المنازعات البیئیة وخصائصها فی مطلبٍ ثانٍ. المطلب الأول مفهوم البیئة والنزاعات المسلحة من أجل التعرف على مفهوم البیئة محل النزاع والخلاف، ومفهوم النزاعات المسلحة التی تهدف الدراسة الى تجنبها من خلال إیجاد الحلول السلمیة للمنازعات البیئیة الدولیة، سوف نتناول فی هذا المطلب فرعین، یتضمن الأول منهما : التعریف بالبیئة، ویتضمن الثانی: النزاعات المسلحة ... الفرع الأول التعریف بالبیئة أولا : البیئة لغة : یرجع أصل الاشتقاق اللغوی لکلمة البیئة الى الجذر "بوأ " والذی أخذ منه الفعل الماضِ باء وأباء والاسم البیئة والمباءة بمعنى المنزل، وکما یقال "تبوأ" أی حل ونزل وأقام، ووردت ایضاً بمعنى إصلاح المکان وتهیئته للمبیت فیه فقد قیل : "تَبوأهُ" أی أصلحه وهیأه وجعله ملائماً للعیش، أن تبوأ منزلا تعنی نزل وأقام، وبوأه منزلا تعنی هیأ له أو اتخذه منزلا، ومکن له فیه ویقال دم فلان بواء لدم فلان إذا کان کفؤا له والاسم " البیئة " وتبوأت منزلاً أی نزلته، والبیئة والباءة والمباءة: أی المنزل، وفی الصحاح: المُباءة : منزل القوم فی کل موضع، ویُقال کل منزل ینزله القوم. ثانیا: البیئة اصطلاحاً: تعد کلمة البیئة Environment اصطلاح کان أول ظهور له فی مؤتمر الأمم المتحدة الأول للبیئة الذی عقد فی إستوکهولم سنة 1972م، بدلا من لفظ الوسط الإنسانی milieu du human الذی کان سائدا قبل ذلک، وکان مصطلح جدیداً وحدیثاً فی ذلک الوقت، وقد عرف مؤتمر استکهولم البیئة بأنها : مجموعة النظم الطبیعیة والاجتماعیة والثقافیة التی یعیش بها الإنسان والکائنات الأخرى والتی یستمدون منها زادهم ویؤدون فیها نشاطهم. ویقال إنَّ واضع هذا المصطلح هو العالم الألمانی ارنست هیجل(*) عام 1866م والذی عرفها بأنها (العلم الذی یدرس علاقة الکائنات الحیة بالوسط الذی تعیش فیه، ویهتم هذا العلم بالکائنات الحیة وطرق معیشتها وتغذیتها کما یتضمن أیضاً دراسة العوامل غیر الحیة مثل خصائص المناخ والخصائص الفیزیائیة والکیمیائیة للأرض والماء والهواء). والبیئة اصطلاحاً تعنی: المحیط أو الوسط الحیوی للکائنات، حیث یعیش فیه الإنسان مع غیره من المخلوقات وتتوافر فیه وسائل الحیاة وأسباب البقاء. ثالثا: البیئة فی التشریعات القانونیة : لقد اهتمت التشریعات القانونیة بتعریف البیئة وتوضیح عناصرها وبیان مدلولاتها لما لها من أهمیة کبیرة فی حیاة الإنسان وصحته، ورغم إن النصوص القانونیة لم تعرف مصطلح البیئة إلا مؤخراً فی السبعینات من القرن الماضی، إلا إنها مع هذا کانت تنص على حمایتها بطرق غیر مباشرة من خلال تجریم کل فعل یضر بعناصرها، وأقرت منظمة الیونسکو التابعة للأمم المتحدة عام 1967 م، تعریف الأستاذ النرویجی (س. ویک) للبیئة بکونها "ذلک الجزء الذی یؤثر فیه الإنسان ویتأثر به، أی الجزء الذی یستخدمه ویستغله ویؤثر فیه، ویتکیف معه". وعلى صعید التشریعات الوطنیة فقد تناولت هذه التشریعات تعریف البیئة والنص على حمایتها وخاصة بعد مؤتمر استکهولم عام 1972م، لکن السوابق التاریخیة ترجع إصدار بعض التشریعات البیئیة الى ما قبل القرن التاسع عشر إذ أصدر عدد من حکام المقاطعات فی بعض الدول تشریعات تدعو للمحافظة على الأنهار والبحیرات وذلک بعدم تلویثها حفاظاً على النظافة والصحة العامة، ویرى بعضهم أن میلاد القواعد القانونیة الخاصة بحمایة البیئة یرجع الى النصف الثانی من القرن العشرین إذ صدر العدید من التشریعات فضلاً عن إبرام الدول للاتفاقیات الدولیة ومنها اتفاقیة عام 1954م، الخاصة بمنع تلوث میاه البحر بالبترول أو الزیت. والقانون یتطور تبعاً لحاجة المجتمعات والناس، وبازدیاد المشاکل البیئیة تطور القانون البیئی لکی یلبی الحاجة فی تنظیم علاقة الإنسان ببیئته ولمعالجة المشاکل المستحدثة، ولما کان التطور التشریعی هو سمة رئیسیة للقانون فهو على الدوام یتطور وکما قیل إن القانون ینظر الى الأمام لا الى الوراء ، لهذا نجد أن معظم التشریعات الوطنیة حرصت على حمایة الموارد الطبیعیة وتحریم کل ضرر یطالها ونجد ذلک بوضوح وانتشار أوسع فی الدول التی تحترم حقوق الإنسان وتحرص على مراعاتها فی جمیع المجالات. و تناولت بعض التشریعات القانونیة البیئیة تعریف مصطلح البیئة، مثل قانون حمایة وتحسین البیئة العراقی رقم 27 لسنة 2009المادة 2/الفقرة 5 جاء فیه (البیئة هی المحیط بجمیع عناصره الذی تعیش فیه الکائنات الحیة والتأثیرات الناجمة عن نشاطات الانسان الاقتصادیة والاجتماعیة والثقافیة). أما قانون حمایة البیئة المصری رقم 4 لسنة 1994م، فقد نص فی الفقرة الأولى من م1، من الفصل الأول بأن البیئة هی (المحیط الحیوی الذی یشمل الکائنات الحیة وما یحُیط بها من هواء وماء وتربة وما یقیمه الإنسان من منشآت )، أما قانون حمایة البیئة الأردنی رقم 52لسنة 2006م عرفها فی م2 (أنها المحیط الذی یشمل الکائنات الحیة وغیر الحیة وما یحتویه من مواد وما یحیط به من هواء وماء وتربة وتفاعلات أی منها وما یقیمه الإنسان من منشآت فیه).
الفرع الثانی التعریف بالنزاعات المسلحة یعد النزاع المسلح من أخطر الأحداث التی تواجهها الدول والشعوب لما تسببه من کوارث والآم للبشریة قد تمتد لسنوات طوال وقد یطال دول وشعوب لیس لها علاقة به، ومع أن الاحتکام للقانون ووسائل تسویة النزاعات السلمیة خیر وسیلة لفض النزاعات وتجنبها، إلا أن ما یزید الأمر حاجة، اللجوء للضرورة العسکریة لدفع اعتداء واقع فعلاً یُهدد سیادة واستقلال دول وأمن شعوبها، فالضرورة العسکریة کمبدأ له تأثیر على العلاقات الدولیة ویعتبر من أهم موضوعات القانون الدولی الإنسانی، وبصورة خاصة فی ضبط وتحدید استخدامها وما یترتب علیها من آثار کبیرة تضر بالإنسان وبیئته المحیطة به ولأجیال متلاحقة. أولاً : تعریف النزاع المسلح : 1. النزاع لغة : یرجع أصل کلمة نزاع الى نزع-ینزع- نزعا فهو منزوع ونزیع، وأنتزعه نزعا، وقد درج على لسان العامة بالقول، نزع الشیء أی تلف، والنِزاعة والمنَزعة بمعنى الخصومة، والمنازعة فی الخصومة: مجاذبة الحجج فیما یتنازع فیه الخصمان، والتنازع بمعنى التخاصم، وتنازع القوم بمعنى اختصموا، وبینهم نزاعة أی خصومة فی حق ومصطلح النزاع یقابله باللغة الفرنسیة Confliوباللغة الانکلیزیة Conflictوهی من أصل کلمة Conflictus والتی تعنی الصراع والنزاع، الشقاق، القتال. 2. النزاع المسلح اصطلاحاً : تعددت الأراء فی بیان مدلول النزاع المسلح، حیث لا یوجد تعریف لمصطلح النزاعات المسلحة فی الاتفاقیات الدولیة، لذلک ذهب بعض الفقهاء للقول بأن النزاع المسلح هو استخدام القوة المسلحة لدولة ضد دولة أخرى سواء کان الهجوم مشروع أو غیر مشروع ، وهو الوضع الخطیر الناشئ عن اصطدام وجهات النظر بین دولتین أو أکثر بسبب تعارض مصالحهما بشکل یتعذر معالجته بالطرق الدبلوماسیة وصار یهدد بلجوئهم أو لجوء أحدهم الى القوة المسلحة. والنزاع فی معناه الواسع فی القانون الدولی یعنی عدم الاتفاق أو الخلاف بین مصالح الأطراف المتنازعة، وبمعناه الضیق یعنی أن أحد الأطراف یتقدم بادعاء خاص یقوم على أساس خرق القانون فی الوقت الذی یرفض فیه الطرف الأخر هذا الادعاء. والنزاع فی العلاقات الدولیة، هو توتر العلاقات بین دولتین أو بین دولة وعدة دول، کنتیجة للتغیر الجذری الذی حصل فی داخل دولة أو عدة دول، ففی القانون الدولی التقلیدی اقتصر نظام الحرب على المنازعات المسلحة بین الدول المستقلة، ولذلک بقیت عدة منازعات مسلحة وخاصة حروب التحریر الوطنیة خارج إطار النظام القانونی. والنزاع المسلح یستخدم فی بعض المواضع مرادفاً للحرب، والتی تطلق على الأعمال العدائیة المسلحة بین دولتین أو حکومتین أو أکثر، ویهدف من ورائها کل طرف صیانة حدوده ومصالحه فی مواجهة الطرف الأخر، والحرب لا تکون إلا بین الدول أما النزاع المسلح فیتم بین الدول وغیرها أو بین جماعات داخل الدولة أو جماعة من الأفراد ضد دولة أجنبیة . ثانیاً : أنواع النزاعات المسلحة : 1. النزاع المسلح الدولی : یعد النزاع دولیاً، إذا کان بین دولتین أو بین شخصین أو أکثر من أشخاص القانون الدولی العام وعلى مسألة من المسائل التی تخص القانون الدولی العام. ویعرف النزاع المسلح الدولی، بأنه استخدام القوة المسلحة من قبل طرفین متحاربین أو أکثر ولابد من أن یکون أحدهما جیش نظامی وتمتد الى خارج حدود أحد الأطراف، وتبدأ عادة بإعلان وتتوقف لأسباب میدانیة أو لأسباب استراتیجیة کالهدنة، وتنتهی بالاستسلام أو باتفاق صلح. ویقصد بالنزاعات المسلحة الدولیة العملیات القتالیة بین مسلحین ینتمون الى الدول المختلفة التی تکون فی حالة احتراب، ویأخذ النزاع الدولی ثلاث أشکال قانونیة، فهو إما أن یکون عدوان وهو ما حرمه القانون الدولی الوضعی، أو یکون دفاعا عن النفس فردیا أو جماعیا حسب ما ورد فی المادة( 51) من میثاق الأمم المتحدة أو تطبیقا لمفهوم الأمن الجماعی الذی ورد ذکره فی الفصل السابع من المیثاق غیر إن هذه التصنیفات وان لم تکن ذا تأثیر فی سیر العملیات القتالیة إلا أنها فی غایة الأهمیة بالنسبة للشرعیة الدولیة التی تعد العدوان هو أم الجرائم الدولیة فی حین یبقى الدفاع عن النفس الفردی والجماعی أمراً قانونیاً ومشروعاً . 2. النزاع المسلح ذو الطابع غیر الدولی(*): یعتبر کثیر من النزاعات المسلحة فی وقتنا الراهن غیر دولیة بطبیعتها, وأی نزاع مسلح غیر دولی هو نزاع مسلح تحدث فیه الأعمال العدائیة بین القوات المسلحة لدولة وجماعات مسلحة منظمة غیر تابعة لدولة أو بین هذه الجماعات ذاتها. وکان الفقیه Vattel أول الفقهاء الذین تطرقوا لموضوع النزاعات الداخلیة وبوجوب تطبیق مبادئ القانون الدولی الانسانی على المتمردین أبان النزاعات المسلحة الداخلیة. وعرفت المادة الثالثة المشترکة من اتفاقیات جنیف النزاعات المسلحة غیر الدولیة على أنها نزاعات ذو طابع غیر دولی، إلا أن البروتوکول الإضافی الثانی لعام 1977م، تناول حالة الحرب المعلنة وغیر المعلنة وجمیع أشکال الاحتلال الجزئی ونضال الشعوب ضد التسلط الاستعماری، حیث نصت المادة الأولى منه على أن (یسری هذا البروتوکول الذی یطور ویکمل المادة الثالثة المشترکة بین اتفاقیات جنیف لعام 1949م دون أن یعدل من الشروط الراهنة لتطبیقها على جمیع المنازعات المسلحة التی تشمل المادة الأولى من البروتوکول الإضافی الأول المتعلق بحمایة ضحایا النزاعات المسلحة الدولیة والتی تدور على إقلیم أحد الأطراف السامیة المتعاقدة بین قواته وقوات مسلحة منشقة أو جماعات نظامیة مسلحة أخرى وتمارس تحت قیادة مسؤولة على جزء من إقلیمه من السیطرة ما یمکنها من القیام بعملیات عسکریة متواصلة ومنسقة، وتستطیع تنفیذ هذا اللحق ..)، ونصت الفقرة الثانیة من المادة السابقة على أن هذا البروتوکول لا یسری على حالات الاضطرابات والتوترات الداخلیة کأعمال العنف العرضیة وأعمال الشغب وغیرها من الأعمال ذات الطبیعة المماثلة، وبذلک یتبین أن المادة الأولى من البروتوکول الإضافی الثانی اعتبرت النزاعات المسلحة التی تخضع لأحکامها، هی النزاعات التی تدور على اقلیم دولة واحدة بین القوات المسلحة القائمة من جهة والقوات المسلحة لجماعة المتمردین من جهة اخرى. إن الفرق الرئیسی بین النزاع المسلح الدولی والنزاع المسلح غیر الدولی هو صفة الأطراف المشارکة فی النزاع، ففی حین یفترض استخدام القوة المسلحة بین دولتین أو أکثر فی النزاع المسلح الدولی، بینما یفترض النزاع المسلح غیر الدولی عملیات عدائیة بین دولة وجماعة مسلحة منظمة من غیر الدول أو بین الجماعات المسلحة ذاتها. المطلب الثانی ماهیة المنازعات البیئیة لقد بدأ المجتمع الدولی بإدراک أهمیة المشاکل البیئیة الدولیة، والتی بدأت بالتزاید بنسب کبیرة فی مناطق عدیدة من العالم، وتتمثل أسباب هذه الخلافات والمشاکل فی عدة میادین منها استخدام وتلویث الأنهار الدولیة والتحکم فی کمیات المیاه المتدفقة الى الدول المشترکة فی مجری النهر، فضلا عن مشاکل التجارب النوویة، وإجراء التجارب العلمیة على سطح الأرض أو فی الفضاء الخارجی، مما ینجم عنه أضرار بیئیة دولیة، ولغرض التعرف على ماهیة المنازعات البیئیة، سنتناول فی هذا المطلب فرعین، یتضمن الأول مفهوم المنازعات البیئیة ویتضمن الثانی خصائص المنازعات البیئیة.
الفرع الأول مفهوم المنازعات البیئیة یعرف النزاع البیئی، بأنه الخلاف فی وجهات النظر أو التنازع فی المصالح بین الدول، بشأن مسألة تتعلق بتلوث البیئة أو مشاکل أخرى تتعلق بالموارد البیئیة، مثل الخلافات المتعلقة بتوزیع الثروات الطبیعیة والأنهار الدولیة وآبار النفط. ولقد بذل المجتمع الدولی ممثلا بالدول والمنظمات الدولیة جهوداً کبیرة من أجل فض المنازعات البیئة التی تثور بین الدول وبعضها البعض من جراء ارتکاب أی منها لجرائم بیئیة فی حق دولة أخرى أو عندما تثور أیة خلافات بین هذه الدول من منظور البیئة. کما باتت مشکلة التلوث البیئی والأضرار البیئیة تشغل فکر العلماء والباحثین وأصحاب القرار السیاسی ویدعون لوقف مثل هذه الانتهاکات والحد منها، ولأن المشاکل البیئة هی عالمیة الطابع فهی لا تعرف حدود سیاسیة، فلقد حظیت باهتمام دولی لأنها فرضت نفسها فرضاً ولأن التصدی لها یجاوز حدود وإمکانیات تحرک دولة بمفردها لمواجهة هذا الخطر المخیف، والحق إن الأخطار البیئیة لا تقل خطراً عن النزاعات والحروب والأمراض الفتاکة إن لم تزد علیها. ویمکن تعریف النزاع البیئی، بأنه التنازع بالمصالح أو الحقوق فیما بین الدول والجماعة الدولیة أو فیما بین الدول والاشخاص العادیین، وذلک فیما یتعلق بالمشاکل أو الأضرار الناجمة عن المساس بالبیئة الإنسانیة سواء أکان ذلک فی زمن السلم أو فی زمن الحرب. والنزاع البیئی یحدث عادة نتیجة إلحاق ضرر ناشئ عن تلوث البیئة بسبب أنشطة یمارسها أحد أشخاص القانون الدولی، وعلى الغالب فإن العنصر الأجنبی أو الطابع الدولی لا یغیب عن المنازعات البیئیة، فقد یکون المدعی وطنیاً والمدعى علیه الذی تسبب بالضرر البیئی أجنبیاً، أو یکون ذلک النشاط قد تم فی إقلیم دولة أجنبیة وألحق الضرر بالأشخاص والممتلکات على إقلیم دولة أخرى، وفی جمیع الأحوال قد یلجأ أطراف النزاع الى جهة اختصاص ذات طابع دولی للفصل فی النزاع البیئی، کمحکمة العدل الدولیة، أو محکمة تحکیم دائمة، أو محکمة تحکیم خاصة . الفرع الثانی خصائص المنازعات البیئیة إن منازعات القضایا البیئیة بطبیعتها تنعکس على دول متعددة، کما تتجاوز تداعیاتها وآثارها السیادة الوطنیة والنطاق الجغرافی، لذلک لا بد من لفت أنظار المجتمع الدولی لأهمیة معالجة المنازعات البیئیة وإیجاد حلول شمولیة لتجنبها وللوقایة من نشؤها وتطورها الى نزاعات مسلحة،وتتمیز المنازعات البیئیة بِسمات وخصائص تمیزها عن صور المنازعات الأخرى وفیما یتقدم نبین بعضاً منها: 1- التنوع فی أطراف النزاع : تتنوع أطراف المنازعات الدولیة البیئیة فقد تکون أشخاص القانون الدولی أو أشخاص القانون الداخلی، کما یمکن أن تکون الجماعة البشریة فی مجموعها إذا تعلق الأمر بأضرار بیئیة تلحق بالتراث المشترک للإنسانیة. 2- تعلق النزاع البیئی بمشکلة تهم المجتمع الدولی: من المعلوم أن حمایة حیاة الإنسان وصحته وضمان توفیر مقومات معیشته کلها مرتبطة ببیئته وسلامتها، کما أنها تؤثر بشکل سلبی على رفاهیة الإنسان وسلامته سواء من الناحیة البدنیة أو النفسیة والمعنویة، لهذا فإن أی تعدی وضرر یصیب البیئة یهدد بالضرورة المجتمع الدولی، سواء کانت هذه المشاکل على الصعید الوطنی أو الإقلیمی أو العالمی. 3- عالمیة المنازعات البیئیة وخطورة التلوث العابر للحدود: یعتبر التلوث العابر للحدود أخطر مهددات البیئة الإنسانیة، لأن الأخطار التی تنتج عنه تنتقل من مکان لأخر ومن دولة الى أخرى لهذا فإن النزاع بهذه الصورة یکون بین أکثر من دولة. 4- کثرة المشاکل والخلافات القانونیة للنزاع البیئی: تثیر المنازعات الدولیة البیئیة الکثیر من الخلافات والمشاکل القانونیة التی یصعب تسویتها بالوسائل القانونیة المعتادة، کما أنه من الصعوبة تقدیر التعویض عن الأضرار التی تلحق بالبیئة، ذلک أن إعادة الحال الى ما کان علیه (التعویض العینی)یعد أمراً صعب التحقق فی معظم الأحوال، وبفرض إمکانیة ذلک فإنه یحتاج الى تمویل کبیر یصعب على محدث الضرر توفیره. الفرع الثالث أسباب المنازعات البیئیة وسبل الوقایة منها ترجع أسباب المشاکل والخلافات الدولیة المتعلقة بمسائل الأضرار البیئیة، الى عدة أسباب، أهمها الأنشطة التی تمارسها الدولة فی أراضیها ویمتد أثرها الضار الى حدود دول أخرى، فضلاً عن التجارب النوویة وغیرها سواء على الأرض أو فی الفضاء الخارجی، والتی تسبب تلوث بیئی یمتد الى مساحات کبیرة، واستناداً الى مبدأ الوقایة خیر من العلاج، خاصة فی أضرار البیئة التی عادة ما یستحیل علاجها وارجاع الحال الى ما کان علیه، لذلک ظهر توجه عالمی یطالب بوضع سبل لتجنب المنازعات البیئیة قبل حدوثها، ولغرض الإحاطة بهذه المواضیع سوف نتناول فی هذا المبحث أسباب المنازعات البیئیة فی مطلب أول، وإجراءات تجنب أو منع المنازعات الدولیة البیئیة فی مطلب ثانٍ. المطلب الأول أسباب المنازعات البیئیة تتنوع أسباب المنازعات البیئیة حسب کل زمان ومکان، فالمنازعات البیئة التی کانت سابقاً فی العصور القدیمة لا تتجاوز أسبابها الاختلاف على مجرى الأنهار والسیطرة على الأراضی التی تحوی على الأشجار والأخشاب أو غیرها من موارد الطبیعة، لکن مع تطور المجتمعات وظهور وسائل التکنلوجیا والتطور العلمی، ظهرت هناک مجموعة من المشاکل التی یصعب السیطرة علیها، کإنشاء السدود على مجاری الأنهار الدولیة وحرمان دول أخرى من المیاه العذبة، أو الاختلاف بشأن السیطرة على آبار النفط والغاز الطبیعی وغیرها من المسببات التی أدت الى حدوث نزاعات وتوتر فی العلاقات الدولیة، والتی تزداد کلما تقدم العلم وقطاع الصناعة. إن ندرة الموارد الطبیعیة وضرورة استخدامها استخداماً یتسم بالکفاءة، وإیجاد موارد بدیلة عن الموارد الطبیعیة المهددة بالانقراض، والحد من الأنشطة والتی تقع داخل اقلیم دولة أو تحت ولایتها أو سیطرتها ویکون لها أثر بیئی ضار على دول أخرى أو على مواطنیها، هذا الجانب الواقعی من جوانب الترابط العالمی یؤدی الى الحد من المشاکل والخلافات البیئیة، فالتضامن والتعاون الدولیین من التوجهات التی تفرض نفسها فی مجال مکافحة المنازعات البیئیة بصفة عامة. وبما أننا لن نتمکن من الإحاطة بجمیع أسباب المنازعات البیئیة، لذا سنقتصر على ذکر أهم الأسباب ألا وهو ندرة المیاه، وسنتناول ذلک فی الفرع الأول، ثم نورد فی الفرع الثانی مشکلة سد الیسو وتأثیره السلبی على بیئة العراق. الفرع الأول ندرة المیاه إن من أبرز المشاکل البیئیة التی تسبب نزاعات وحروب هی مشکلة ندرة الموارد المائیة المتوزعة بشکل متفاوت، والتی تُسبب ما یُعرف (بحروب المیاه)، والتی تعد مشکلة العصر والسبب الرئیسی فی تهدید الأمن والسلم الدولیین، إن ندرة المیاه التی تتسارع من جراء تغیر المناخ وبناء السدود وتغییر مجرى الأنهار إضافة للاستخدامات المتعددة للموارد المائیة مع زیادة النمو السکانی مما یؤثر على توفر المیاه ومدى کفایة الحاجة البشریة منها، مما یهدد السلم والأمن الدولیین بوصفه عاملاً مساهماً فی التسبب بالحروب، وبناءً علیه یتبین مدى أهمیة حمایة المیاه أثناء النزاعات المسلحة وحفظ الثروة المائیة من أثر الحروب، والمحافظة على مورد طبیعی لا غنى عنه للحیاة. إن المیاه العذبة هی أثمن الموارد الطبیعیة ولا تشکل سوى 1% من مجموع المیاه على کوکب الأرض لهذا تعد أهم وأخطر أسباب المنازعات البیئیة، وإن ندرة المیاه العذبة فی العالم دفعت الکثیرین الى تسمیة المیاه "الذهب الأزرق"، ومما یُشاهد عالمیاً أنه وبعد عقد من الزمن سیُصبح الماء أهم من النفط، ولیس من العبث أن تجار المیاه العالمیین فی الشرکات العملاقة، قد شرعوا ببناء "ناقلات المیاه"، على غرار ناقلات النفط. ویعود أصل تحلیل الصلة بین المیاه والنزاع المسلح الى الدراسات بأن العوامل البیئیة کدوافع للنزاعات بین الدول، وقد أکدت دراسات الأمن البیئی على دور الموارد البیئیة کمسبب محتمل للصراعات المسلحة، وقد اعتُبرت المیاه أنها المشکلة الرئیسیة للحروب البیئیة فی الماضی ویفترض على الأرجح أنها ستسبب حروب جدیدة فی المستقبل. کل ذلک أدى الى ظهور نوع جدید من المناقشات والمؤتمرات المهتمة بالتحذیر من حروب المیاه، بالتزامن مع ازدیاد هذه التکهنات الدولیة بوقوع هذه الحروب، حیث أن للمیاه إمکانیة التسبب بنزاعات باعتبارها من الموارد الشحیحة، ویتمثل أحد المخاوف الرئیسیة بخصوص إمکانیة نشوب نزاع بسبب المیاه، وقد یتخذ هذا النزاع أشکال عدة من قبیل النزاعات المسلحة داخل الدول أو أعمال عنف على المستوى الوطنی والمناوشات واحتلال الأراضی، کما یمکن أن تستخدم الثروة المائیة کسلاح للنزاعات المسلحة وهدف لها، وهذا موضوع غالباً ما تغفله الدراسات البیئیة حول العلاقة بین المیاه والنزاعات المسلحة لقد باتت المیاه تعد مورداً طبیعیا له تشریع خاص، وقد عالج الإعلان الوزاری بشأن أمن المیاه فی القرن الحادی والعشرین الذی تم اعتماده فی عام 2000م، فی المنتدى العالمی الثانی للمیاه فی لاهای، حیث أکد هذا الإعلان على الصلة بین المیاه والأمن الدولی وأکد على أن أمن المیاه یترافق مع الأمن والاستقرار السیاسی. وخلال الدورة الثامنة والخمسین للجمعیة العامة، أعلنت الجمعیة فی قرارها الوارد فی الوثیقة A/RES/58/217 فی الفترة الممتدة من 2005-2015 بوصفها العقد الدولی للعمل بمبدأ "الماء من أجل الحیاة"، وتم تحدید الیوم العالمی للمیاه فی22/3/2005، وکان الهدف من الدورة هو تعزیز الجهود الرامیة الى الوفاء بالالتزامات الدولیة بشأن القضایا المتعلقة بالمیاه، وفی إطار الجهود الدولیة، أقرت الجمعیة العامة للأمم المتحدة عام 2010م، قراراً یقر بالحق فی الحصول على المیاه، وتم إدراج هذا الحق فی الکثیر من صکوک حقوق الإنسان الدولیة، وتندرج حمایة الحق فی میاه الشرب أثناء النزاعات المسلحة ضمن الالتزامات بالاحترام المندرجة فی التعلیق العام رقم(15) الذی أعتمد من قبل اللجنة المعنیة بالحقوق الاقتصادیة والاجتماعیة والثقافیة عام 2002م وتقر هذه الوثیقة على أن الحق فی الماء یشمل الالتزامات التی تعهدت بها الدول الأطراف بموجب القانون الدولی الإنسانی. وبناء على ما تقدم یتضح لنا الصلة الوثیقة بین دیمومة الموارد البیئیة وبین حفظ السلم والأمن الدولیین، ومع الأخذ بنظر الاعتبار أن الانتهاکات التی تتعرض لها البیئة ممکن أن تُسبب نزاع مسلح بین المسبب والمتضرر، لذلک فإن حمایة عناصر البیئة والمحافظة علیها یکون أحد أسباب حفظ السلم والأمن الدولیین وکذلک یکون عنصراً هاماً فی عملیة بناء السلام والانتقال الى السلم فی الدول التی تمر بمراحل ما بعد النزاع.
الفرع الثانی تطبیقات على أسباب المنازعات البیئة (سد الیسو_ النزاع البیئی المرتقب) یعد مبدأ الانتفاع والمشارکة المنصفان من أهم المبادئ الحاکمة والمنظمة للاستخدامات القانونیة للمیاه على المستوى الدولی، ویُقصد بهذا المبدأ، أن یکون لکل دولة من دول المجرى المائی الدولی حقاً فی نطاق إقلیمها فی تقاسم منصف ومعقول للماء، وقد نصت فی هذا الشأن م2 من قرار مجمع القانون الدولی فی دورته المنعقدة عام1961م، على أنه (من حق کل دولة استخدام المیاه العابرة للحدود على وفق القواعد التی یحددها القانون الدولی، ویتحدد هذا الحق بما للدول الأخرى المشترکة فی ذات المجرى من حق فی استخدامه بصورة منطقیة ومنصفة)، وقد تم تبنى هذا المبدأ فی مؤتمر استوکهولم عام1972م، فی التوصیة رقم(51) والتی نصت على ضرورة الاقتسام المنصف للمزایا الناتجة عن المناطق المائیة المشترکة بین عدة دول، وجاءت المادة الخامسة من اتفاقیة الأمم المتحدة بشأن استخدام المجاری المائیة الدولیة فی الأغراض غیر الملاحیة لعام1997م، لتؤکد على مبدأ الانتفاع والمشارکة المنصفان والمعقولان فی مجرى النهر، وبالرجوع لما نصت علیه معاهدة فرسای لعام1919م فی الفقرة ب/م2، حیث عرفت المجرى المائی الدولی، بأنه " أی مجرى مائی تقع أجزاءه فی دول مختلفة "، واستناداً لذلک یعتبر نهری دجلة والفرات هما نهرین دولیین، لا یحق لأحد الدول الاستئثار بهما أو التحکم بکمیة المیاه الجاریة فیهما حتى لو کانت دولة المنبع، وتعتبر مشکلة إنشاء السدود وحجز المیاه عن الدول المشترکة فی مجرى النهر الدولی، من المشاکل البیئة الأکثر انتشاراً وخطورة، لما تسببه من نقص فی کمیات المیاه العذبة التی یعتمد علیها المدنیین فی معیشتهم الیومیة. وکمثال على المشاکل البیئیة المعاصرة والتی یُتخوف أن تتطور الى نزاع بیئی مسلح هی مشکلة إنشاء الحکومة الترکیة (سد الیسو) على نهر دجلة والذی بدأت الحکومة الترکیة بنائه عام 2006م وأکملت إنشائه فی کانون الثانی 2018م، وهو سد على نهر دجلة تم إنشائه بالقرب من قریة الیسو على طول محافظتی ماردین وشرناق فی ترکیا، وهو جزء من مشروع شرق الأناضول المائی المعروف باسم(GAP)، والذی یشمل إقامة (22) سداً بینها (14) سداً على الفرات وثمانیة على دجلة، فضلاً عن عشرات من محطات تولید الطاقة، لقد أثار إنشاء هذا السد غضباً دولیاً واسعاً ولعدة أسباب من أهمها انخفاض مستوى المیاه المتدفقة الى سوریا وإیران والعراق، حیث یُهدد سد الیسو بحیرة الحور العظیم بالجفاف والذی سیؤدی الى کارثة بیئیة فی المناطق المحیطة بالبحیرة، وعلى أثر ذلک قامت إیران بتغییر مجرى (43) رافداً من أصل (45) التی کانت تتدفق الى العراق وتصب فی نهر دجلة وهذا عجل فی جفاف الأراضی الزراعیة وساهم فی تقلیل نسب المیاه، وهذه المشکلة أضرت کثیراً بمحافظات الوسط والجنوب وساهمت فی تجفیف الأهوار وزیادة نسبة الملوحة فی المیاه والتی أصبحت غیر صالحة للاستعمال الحیاتی. إن امتدادات حوضی دجلة والفرات فی دول الجوار وبخاصة مع ترکیا جعل مشکلة المیاه فی العراق أکثر تعقیداً، لأن أکثر من 75% من مصادر المیاه السطحیة هی من خارج العراق، مما یجعل عملیة التحکم بها وضمان تدفق الکمیة المطلوبة منها الى العراق أمراً عسیراً، لأن کثیراً من الدول أخذت تنظر الى المیاه کسلاح سیاسی وعسکری، تستطیع من خلاله أن تحقق أهدافاً سیاسیة واستراتیجیة، وقد تحول التهدید المائی بالنسبة للعراق الى مشکلة حقیقیة خاصة بعد أن رفضت ترکیا الاعتراف بأن نهری دجلة والفرات هما نهرین دولیین، لأنها تقول أنهما نهرین عابرین للحدود لکی لا تُطالب بتطبیق القانون الدولی الخاص بتقسیم میاه الأنهار الدولیة، إن الأبعاد المستقبلیة لمشکلة المیاه فی العراق ستکون وخیمة وخطیرة، فالتهدید الخارجی المتمثل بمشاریع ترکیا على منابع دجلة والفرات، لم یراعی القانون الدولی فی تقسیم المیاه والذی یفرض على ترکیا التنسیق الشامل والتفصیلی مع العراق وسوریا، وبما لا یلحق الضرر بالدول المشترکة بمیاه النهرین. ویمکن إیجاز أهم الأضرار السلبیة لبناء سد الیسو على العراق بما یأتی: 1- انخفاض المیاه المتدفقة من نهر دجلة للعراق من 22.93 ملیار متر مکعب الى9.7ملیار متر مکعب فی السنة. 2- خسائر العراق من واردات نهر دجلة، وانخفاض مناسیب المیاه فی النهر الى ما دون 50%سیُلحق الضرر فی البیئة العراقیة، إذ سوف یؤدی الى حرمان العراق من مساحات واسعة من الأراضی الصالحة للزراعة کما سیقضی على الثروة السمکیة التی یعتمد علیها الکثیر من السکان فی معیشتهم. 3-خطورة بناء السد على الأمن المائی العراقی، إذ إن انخفاض المیاه سیعمل على حرمان أعداد کبیرة من السکان من الحصول على میاه الشرب الکافیة، فضلاً عن تردی نوعیتها وسیرتفع نسب التلوث والملوحة فی المیاه، فضلاً عن جفاف الأهوار والتی تم إدراجها ضمن التراث الثقافی العالمی. 4- التأثیر السلبی المباشر لبناء السد على سد الموصل وسدة سامراء عبر التقلیل من کمیة المیاه الداخلة للعراق، وسیؤدی هذا ذلک الى توقف العمل فی منظومات تولید الطاقة الکهربائیة وسیؤثر هذا على النشاط الصناعی والبنى التحتیة کمحطات تصفیة المیاه ومصافی النفط وغیرها، وستنخفض مناسیب الخزانات الطبیعیة التی یعتمد علیها العراق فی خزن الماء للاستفادة منها فی موسم الجفاف کبحیرتی الثرثار والحبانیة. لم یکن العراق مستعداً لمواجهة هذه الأزمة الکبیرة فی ظل الظروف الأمنیة التی عصفت فی البلاد ولسنین طوال والتی أثرت على عدد المشاریع التنمویة مما أدى الى تهدید الثروة المائیة، حیث یعانی العراق من مشاکل بیئیة کبیرة خاصة على صعید نقص الموارد المائیة بسبب تحکم دول الجوار فی منسوب نهری دجلة والفرات، إضافة لعدم انتظام هطول الأمطار والتی تتصف بالشحة والتذبذب وذلک نتیجة الاحتباس الحراری فی العالم الذی یؤدی الى مزید من الشحة فی الأمطار وتذبذبها فی عموم الکرة الارضیة. لهذا نأمل أن یتم التوصل الى اتفاق دولی ینظم کمیة الماء الواجب تدفقها عبر الأراضی الترکیة للعراق وأن تشرف الأمم المتحدة على معاهدة دولیة بین الدول المُشترِکة فی مجرى نهر دجلة، حتى یُتجنب أی نزاع بین دول الجوار الآن ومستقبلاً... المطلب الثانی إجراءات تجنب أو منع المنازعات الدولیة البیئیة إن مصطلح تجنب أو منع النزاع یعنی مجموعة الإجراءات الوقائیة التی یفترض الأخذ بها للحیلولة دون التسبب بضرر بیئی یصعب معالجته أو توخی نتائجه السلبیة خصوصاً أنه یصعب إرجاع الحال الى ما کان علیه فی حالات الإضرار بالبیئة، والخوف من احتمالیة تطوره الى نزاع مسلح عسکری، لذلک یکون من الإنصاف اتخاذ الإجراءات الوقائیة قبل الإقدام بعمل ینتج عنه تخریب أو إضرار بالبیئة سواء کانت طبیعیة أو صناعیة. ویُذکر أن الأستاذ Richard B Bilder سُئل قبل أکثر من ثلاثین عاماً على تساؤل بخصوص ما إذا کانت هناک التزامات على الدول بموجب القانون الدولی تتعلق بتجنب النزاع البیئی قائلا " إن القانون الدولی لا یفرض فی المرحلة الحالیة أی التزام عام على الدول لتجنب المنازعات البیئیة، إلا أن هناک بعض المؤشرات التی تؤکد على أن القانون یسیر بهذا الاتجاه". لقد تمت دراسة مبدأ تجنب النزاع بوصفه مفهوم متمیز عن تسویة النزاعات، لأول مرة فی مؤتمر بیلاجو عقد عام 1974م، وقد توصل المؤتمر الى ضرورة بذل الجهود الدولیة لتجنب المنازعات البیئیة والأخذ بوسائل التسویة السلمیة لفض أی نزاع بیئی، کما ناقش مؤتمر الأمم المتحدة الثالث الخاص بقانون البحار مفهوم "تجنب النزاع" بوصفه مفهوم مختلف عن تسویة النزاع فی ضوء نتائج مؤتمر بیلاجو باعتباره عنصراً هاماً یتم من خلاله تقلیل نسب المنازعات البیئیة وتجنب حدوثها الى الحد الأدنى. ولقد أولى مجلس الأمن منذ نهایة التسعینات من القرن الماضی اهتماماً بإدارة وحمایة الموارد الطبیعیة فی إطار منع نشوب النزاعات المسلحة وبناء السلام فی مرحلة ما بعد النزاعات المسلحة، کما أکدت مؤسسات أخرى تابعة للأمم المتحدة على دور الموارد الطبیعیة بوصفها وسیلة لتعزیز السلم والأمن، وفی تطور ملحوظ للاهتمام الدولی بالموارد البیئیة وعلاقتها بحفظ السلم والأمن الدولیین حیث بدأت تجد طریقها فی نصوص بعض الوثائق الدولیة خلال سبعینات وثمانینات القرن الماضی، وکان أول اعتراف بالصلة بین الموارد الطبیعیة والتنمیة الاجتماعیة وقضایا السلم فی إعلان الأمم المتحدة المعنی بالبیئة البشریة الذی عقد فی استوکهولم عام 1972م، حیث نص على أن الحمایة البیئیة للموارد الطبیعیة هی هدف أساسی للدول الى جانب الأهداف المحددة والأساسیة للسلم والتنمیة الاقتصادیة فی جمیع أنحاء العالم. وبنفس المعنى أکدت التوصیات الختامیة لاتفاق هلسنکی لعام 1975م، الذی تم اعتماده فی (مؤتمر الأمن والتعاون) فی أوربا کخطوة أخرى فی تأکید العلاقة بین الموارد الطبیعیة والسلم والأمن الدولیین ویؤکد الصک على أهمیة العلاقات السلمیة بین الدول. وأتسع تحلیل المختصین للصلات بین تأمین الموارد الطبیعیة وحفظ الأمن السلم الدولیین من منظور أوسع مع شمول الأبعاد الاجتماعیة والاقتصادیة، ویعالج تقریر بروندتلاند لعام 1987م، والمعروف بتقریر "مستقبلنا المشترک" موضوع السلم والأمن الدولیین ضمن سیاق الحاجة الى حمایة الموارد البیئیة وموازنة علاقتها بالتنمیة المستدامة، والندرة المتزایدة فی بعض الموارد الطبیعیة، وفی عام 1989م، أعادت النمسا طرح مفهوم تجنب المنازعات البیئیة ودعت المجتمع الدولی الى أن یجد طرقاً جدیدة للتصدی لأسباب التلوث البیئی المتزاید والذی یشکل تهدیداً للسلم والأمن الدولیین، کما تم اقتراح تشکیل نظام "القبعة الخضراء للحفاظ على البیئة" حیث تقتصر مهمته على منع وتسویة المنازعات البیئیة والتحری عن أی خطر یهدد البیئة، وقد أوحى هذا الاقتراح للقائمین على الأعمال التحضیریة لمؤتمر ریو 1990-1992 م، حیث کانت مسألة تجنب المنازعات البیئیة من بین المسائل الی تم عرضها أمام مجموعة العمل القانونیة، کما دعوا الى تأسیس لجنة تقصی بإشراف المدیر التنفیذی لبرنامج الأمم المتحدة للبیئة UNED وکنتیجة لهذه الجهود خرج مؤتمر ریو بتوصیات أهمها المادة (61) الخاصة بالامتثال وتجنب المنازعات وتنص (على الدول الأطراف المحافظة أو تعزیز الإجراءات القائمة والآلیات ذات النهج القانونی لمساعدة الدول على الامتثال کلیاً لالتزاماتها وتجنب المنازعات البیئیة). کذلک تم التأکید على معالجة أسباب النزاعات المسلحة والعلاقة بین البیئة والتنمیة والسلم الدولی فی إعلان ریو فیما یتعلق بالمبدأ(25)منه الذی نص على إن السلم والتنمیة وحمایة البیئة أمور مترابطة لا تتجزأ، وفی الحدیث عن دور مجلس الأمن وفق التفویض الممنوح له فی حفظ السلم والأمن الدولیین، فقد عالج القضایا البیئیة فی بدایات تشکیله، حیث أصدر قرارین خلال خمسینیات القرن الماضی بشأن مشاریع التنمیة الخاصة بنهر الأردن فی المنطقة منزوعة السلاح التی أنشئت بموجب اتفاق الهدنة بین الکیان الصهیونی وسوریة عام 1949م، کما عالج مجلس الأمن وضع موارد المیاه فی الشرق الأوسط بعد حرب الأیام الستة واحتلال مرتفعات الجولان والضفة الغربیة وأشار الى استخدام المیاه من قبل الکیان الصهیونی کسلاح اقتصادی وسیاسی من أجل تعزیز سیاستها الخاصة بالمستوطنات، أیضاً تولى مجلس الأمن حل العدید من المشاکل البیئیة المتعلقة بموارد الطبیعة مثل الماس والخشب خاصة أنها کانت تشکل سبب فی النزاعات المسلحة فی بعض بلدان افریقیا مثل جمهوریة الکونغو، ولیبیریا وکوت دیفوار. وفی إطار تجنب ومنع الضرر العابر للحدود الناشئ عن الأنشطة الخطرة، حیث اعتمدت لجنة القانون الدولی فی دورتها المنعقدة فی آب عام 1998م، مجموعة نصوص مشروع قانون المسؤولیة الدولیة عن النتائج الضارة الناجمة عن أفعال لا یحظرها القانون الدولی، وقد انتهجت اللجنة الدولیة سیاسة وقائیة للمسؤولیة الدولیة عن الأضرار البیئیة تستهدف منع الضرر العابر للحدود الناجم عن أنشطة خطرة، وإن الالتزام العام بالوقایة من الخطر یُعد السمة الرئیسیة للسیاسة البیئیة ذلک أن البیئة الإنسانیة یجب أن تبقى بمنأى عن المساس بها. الخاتمـة فی نهایة البحث توصلنا الى مجموعة من النتائج، وبناءً علیها قدمنا مجموعة من المقترحات والتوصیات لمعالجة ظاهرة المنازعات البیئیة، وکما یأتی : النتائج :
التوصیات : إن تزاید مشکلة المنازعات البیئیة على الصعید الدولی، أمر یهدد السلم والأمن الدولیین لذلک یجب على المجتمع الدولی اتخاذ مجموعة من الخطوات لتجنب ذلک ولمعالجة النزاعات البیئیة التی ممکن ان تتطور الى نزاع مسلح، وعلیه نوصی باتخاذ ما یأتی:
The Authors declare That there is no conflict of interest
References (Arabic Translated to English) Sources 16. Dr. Fares Mohammed Omran, Legislative Policy for Environmental Protection in Egypt and Qatar and the Role of the United Nations in Protecting It, I1, Modern University Office, Alexandria, 2005. Internet sources: References (English) English books: | ||
References | ||
المصـادر کتب اللغة العربیة:
الکتب :
البحوث والدوریات :
الرسائل والأطاریح :
الوثائق والتشریعات القانونیة:
مصادر شبکة الانترنت:
https://www.icrc.org/ar/doc/resources.
http://www.hlrn.org/img/documents/Luhebe_Water_War_Iraq_Ar.pdf
Jura Gentium https://www.juragentium.org .
https://www.ohchr.org
https://sudaneseonline.com.
کتب اللغة الانکلیزیة :
| ||
Statistics Article View: 598 PDF Download: 393 |