النظام القانونی للشرکة القابضة فی القانون العراقی دراسة تحلیلیة مقارنة | ||
الرافدین للحقوق | ||
Article 2, Volume 23, Issue 73, December 2020, Pages 50-89 PDF (939.14 K) | ||
Document Type: بحث | ||
DOI: 10.33899/alaw.2020.127301.1079 | ||
Authors | ||
دانا حمه باقی عبدالقادر* 1; عبدالباسط کریم مولود2 | ||
1کلیة القانون - جامعة السلیمانیة | ||
2کلیة القانون - جامعة تیشک الدولیة - اربیل - العراق | ||
Abstract | ||
تعد الشرکات القابضة نمطاً متقدماً من الکیانات الاقتصادیة التی تمارس دوراً فاعلاً فی النشاط التجاری على المستویین الوطنی والخارجی، لذلک باتت محل اهتمام المشرعین فی مختلف دول العالم، لکن التنظیم القانونی للشرکة القابضة حدیث العهد بالنسبة للقانون العراقی، لذلک یتناول هذا البحث الاحکام القانونیة لهذا النمط المهم من الشرکات التی باتت تؤثر بشکل فعال فی مجمل مفاصل القطاعات التجاریة والاقتصادیة. وقد تناول البحث بیان ماهیة هذه الشرکات، ومعاییر سیطرتها على الشرکات التابعة، والشکل القانونی الذی تتخذه، واغراضها، واثار نشاطها والمخاطر المصاحبة لها. کما تطرق الى نطاق مسؤولیة هذه الشرکات عن دیون شرکاتها التابعة اخذاً فی الاعتبار خصوصیة العلاقة التی تربط بینها. کما یبین هذا البحث اوجه القصور فی التنظیم القانونی لهذه الشرکة فی القانون العراقی مقارنةً بالتشریعات التی سبقت القانون العراقی فی تنظیم هذه الشرکة، کما یقترح البحث النصوص الکفیلة بمساعدة المشرع لمعالجة اوجه القصور المذکورة. | ||
Keywords | ||
قانون الشرکات؛ ؛الشرکة القابضة؛ ؛الشرکة التابعة؛ ؛؛; ؛ ؛معاییر السیطرة | ||
Full Text | ||
النظام القانونی للشرکة القابضة فی القانون العراقی دراسة تحلیلیة مقارنة-(*)- The legal Framework for holding companies in Iraqi law - a comparative analytical study
(*) أستلم البحث فی 9/6/2020*** قبل للنشر فی 4/7/2020. (*) Received on 9/6/2020 *** accepted for publishing on 4/7/2020. Doi: 10.33899/alaw.2020.127301.1079 © Authors, 2020, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license (http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).
المستخلص تعد الشرکات القابضة نمطاً متقدماً من الکیانات الاقتصادیة التی تمارس دوراً فاعلاً فی النشاط التجاری على المستویین الوطنی والخارجی، لذلک باتت محل اهتمام المشرعین فی مختلف دول العالم، لکن التنظیم القانونی للشرکة القابضة حدیث العهد بالنسبة للقانون العراقی، لذلک یتناول هذا البحث الاحکام القانونیة لهذا النمط المهم من الشرکات التی باتت تؤثر بشکل فعال فی مجمل مفاصل القطاعات التجاریة والاقتصادیة. وقد تناول البحث بیان ماهیة هذه الشرکات، ومعاییر سیطرتها على الشرکات التابعة، والشکل القانونی الذی تتخذه، واغراضها، واثار نشاطها والمخاطر المصاحبة لها. کما تطرق الى نطاق مسؤولیة هذه الشرکات عن دیون شرکاتها التابعة اخذاً فی الاعتبار خصوصیة العلاقة التی تربط بینها. کما یبین هذا البحث اوجه القصور فی التنظیم القانونی لهذه الشرکة فی القانون العراقی مقارنةً بالتشریعات التی سبقت القانون العراقی فی تنظیم هذه الشرکة، کما یقترح البحث النصوص الکفیلة بمساعدة المشرع لمعالجة اوجه القصور المذکورة. الکلمات المفتاحیة: قانون الشرکات، الشرکة القابضة، الشرکة التابعة، معاییر السیطرة. Abstract The holding companies are patterns of an economic entity that plays active roles in the local and international commercial activities. Therefore, it has become the subject of interest to the legislators in various countries in the world. The legal regulation of these companies is relatively new in the Iraqi law. Therefore, this research tackles the legal provisions for this type of companies that are now effectively influencing the whole aspects of commercial and economic sectors. The research deals with introducing these companies, their criteria to control their subsidiaries, their legal form and objectives, their activities and associated risks and the scope of their responsibility for the debts of their subsidiaries, considering their special relationship. It also shows deficiencies in their legal regulation in the Iraqi law, compared to the legislations that preceded Iraqi law in regulating it. Finally, it proposes provisions to help the legislator to address these shortcomings. Keywords: Companies laws ؛Holding Company ؛Subsidiary Company ؛ ، ؛Control standards المقدمـة اولاً: التعریف بموضوع البحث: تعد الشرکات القابضة نمطاً متقدماً من الکیانات الاقتصادیة فی العالم المعاصر لقدرتها على تحریک مقادیر ضخمة من الارصدة النقدیة، وتوظیف استثمارات هائلة، وتأثیرها على العملیة الانتاجیة والموارد المالیة. لذلک تعد من أهم وسائل تحقیق الترکیز الاقتصادی. وتقوم هذه الشرکات على فکرة السیطرة على شرکات اخرى تابعة لها اداریاً ومالیاً، لتعمل فی مجموعها على تطبیق الخطة الاقتصادیة التی تضعها الشرکة القابضة على الرغم من تمتع کل منها باستقلالها من الناحیة القانونیة .وتتحقق هذه السیطرة بوسائل معینة تمکنها من التحکم فی إدارة الشرکات التابعة، وتوجیه نشاطها بما یحقق مصالحها. وبما ان الشرکات القابضة تلعب دوراً فاعلاً فی تحریک وتنشیط الاقتصاد الوطنی، خصوصاً فی ظل تسابق الدول فی خلق کیانات اقتصادیة وشرکات عملاقة تترکز فیها القدرة الاقتصادیة، وخبرات فنیة وتقنیة عالیة دعماً للاقتصاد وسعیاً وراء کسب المزید من الارباح. فان وجود تنظیم قانونی للشرکة القابضة فی العراق واقلیم کوردستان یعد أمراً بالغ الاهمیة لدعم الاقتصاد الوطنی، لکون هذه الشرکات تمثل شکلاً قانونیاً ممیزاً من حیث قدرتها على الاتساع وتوظیف رؤوس الاموال فی مختلف اوجه الاستثمارات. ثانیاً: مشکلة البحث: ان التنظیم القانونی للشرکة القابضة على الرغم من حداثته الا انه یحتوی على العدید من جوانب القصور والتناقض، ما یجعل من تحدید ملامح هذه الشرکة فی مجمل مفاصلها واحکامها القانونیة موضع تساؤل جدی، فضلاً عن أن النقص والارتباک وعدم التحدید الدقیق للأحکام المنظمة لها جعلتها آلیة قانونیة غیر مکتملة البنیان فی مجمل أرکانها ورکائزها الاساسیة، وهذا ما یؤدی دون شک الى اثارة مشاکل قانونیة فعلیاً فی الواقع العملی. ثالثاً: اهمیة البحث ودوافع اختیاره: لم تحظ الشرکة القابضة بتنظیم قانونی فی قانون الشرکات العراقی الابعد صدور القانون رقم (17) لسنة (2019) المعدل لقانون الشرکات النافذ رقم (21) لسنة (1997)، لذلک لم یحظ هذا التنظیم القانونی بما یستحق من الدراسة والبحث القانونی نظراً لحداثته. ومن هذا المنطلق فان البحث فی الشرکة القابضة لتحدید ملامحها وطبیعتها، ودراسة الاحکام المنظمة لها، والکشف عن مواطن النقص وجوانب القصور فیها مقارنة بالتشریعات المقارنة، وطرح الحلول المناسبة لها، سوف تسهم دون شک فی وضع المعالجات القانونیة لأوجه القصور وجوانب النقص فی القانون العراقی بهذا الخصوص، لإعادة هیکلة بنیانها بشکل أصوب. علاوة على ان البحث یمثل اضافة لإغناء المکتبة القانونیة العراقیة نظراً لحداثة الموضوع. رابعاً: اهداف البحث: یهدف البحث الى بیان ماهیة الشرکة القابضة من حیث مفهومها القانونی وغرضها وشکلها، وتحدید المعاییر والالیات التی تسیطر من خلالها على الشرکات التابعة، وتمییز هذه الشرکة عن ما یشتبه بها من الاوضاع القانونیة. کما یبین البحث نطاق مسؤولیة هذه الشرکة عن دیون الشرکات التابعة لها. وکل ذلک فی اطار بیان وتحلیل أوجه النقص والتناقض والارتباک فی القواعد القانونیة المنظمة لهذه الشرکة فی القانون العراقی، ووضع المعالجات القانونیة المناسبة لها. خامساً: منهجیة البحث: لقد اتبعنا فی هذا البحث المنهج التحلیلی المقارن من خلال دراسة وتحلیل الاحکام القانونیة ذات الصلة فی القانون العراقی ومقارنتها بالقانون المصری والاردنی والکویتی واللبنانی، لکونها قوانین رائدة وسباقة فی تنظیمها للشرکات القابضة على مستوى الدول العربیة، مع الاشارة الى بعض التشریعات الاخرى فی بعض مواقع البحث بهدف إغناء البحث، وذلک للوقوف على مکمن القصور فی القانون العراقی لغرض طرح المعالجات المناسبة له. سادساً: هیکلیة البحث: یتکون البحث من ثلاثة مباحث، نخصص الاول للبحث فی ماهیة الشرکة القابضة، من خلال مطلبین، نبین فی الاول مفهوم هذه الشرکة، وفی الثانی تمییز الشرکة القابضة عن ما یشتبه بها من اوضاع قانونیة. اما المبحث الثانی فسوف یتم البحث فیه عن الشکل القانونی للشرکة القابضة وأغراضها، کل فی مطلب مستقل. اما المبحث الثالث فسوف نخصصه للبحث فی مسؤولیة الشرکة القابضة عن دیون شرکاتها التابعة، من خلال مطلبین ایضاً، نبین فی الاول طبیعة مسؤولیة الشرکة القابضة، وفی الثانی الخروج عن مبدأ المسؤولیة المحدودة فی الشرکات القابضة. ونختم البحث بخاتمة تتضمن اهم الاستنتاجات والتوصیات. المبحث الاول ماهیة الشرکة القابضة لغرض الاحاطة بماهیة الشرکة القابضة نبین مفهومها فی المطلب الاول، ونبحث فی تمییزها عما یشتبه بها من اوضاع قانونیة فی المطلب الثانی. المطلب الاول مفهوم الشرکة القابضة سوف نبین مفهوم الشرکة القابضة من خلال بیان تعریفها، ومن ثم البحث فی معاییر سیطرة الشرکة القابضة على شرکاتها التابعة، وذلک وفق الآتی : الفرع الاول تعریف الشرکة القابضة لقد تباینت الآراء بصدد بیان مفهوم محدد لهذه الشرکة بین من یوسع فی هذا المفهوم لاعتبار الشرکة قابضةً بمجرد کون غرضها المشارکة مع شرکات اخرى بصرف النظر عن الهدف من هذه المشارکة، فیما اذا کان لمجرد الاستثمار او السیطرة الفعلیة علیها. بینما یضیق اتجاه اخر من هذا المفهوم باشتراط ان یکون هدف الشرکة هو السیطرة على الشرکات الاخرى بشکل یتیح لها سلطة اتخاذ القرار فیها. لکن الراجح هو الاتجاه الثانی، وعلى هذا الاساس یفید رأی انه بدلاً من لجوء الشرکات الى الاندماج بشرکات أخرى أو شراء کامل اسهمها، یمکن لها السیطرة المالیة والاداریة على شرکة او شرکات أخرى بامتلاکها لغالبیة أسهمها، حینها تسمى الشرکة الاولى بـ (الشرکة القابضة) والشرکات الاخیرة بـ (الشرکات التابعة).کما یمکن للشرکة الاولى توجیه قرارات الشرکات الاخرى لتحقیق مصالحها، وذلک باتفاقها مع غالبیة المساهمین الاعضاء فی الهیئة العامة عند اجتماعها، وبذلک تکون للشرکة الاولى السیطرة الاداریة. ویرى اخر أن الشرکة القابضة هی التی تملک اسهماً او حصصاً فی رأس مال شرکة او شرکات اخرى مستقلة عنها قانوناً بنسبة تمکنها فی الواقع او بشکل قانونی من السیطرة على الادارة فیها. وعلیه فان الشرکة القابضة هی التی تمتلک أسهماً فی شرکة او عدة شرکات أخرى تسمى بالشرکات التابعة بالقدر الکافی الذی یمکنها من ادارة وتسییر الشرکات التابعة. او أن تکون للشرکة القابضة السیطرة على شرکة اخرى تابعة لها بحیث تستطیع الأولى أن تقرر من یتولى إدارة الشرکة التابعة أو أن تؤثر على القرارات التی تتخذها الشرکة التابعة. وعلیه فان التبعیة للشرکات القابضة تتحقق کنتیجة طبیعیة لأمساک شرکة قابضة بسلطة القرار فی هیئتها العامة او بزمام الامور فی مجلس ادارتها لتنفیذ السیاسات التی ترسمها الشرکة القابضة وتحت رقابتها. وبهذه الکیفیة فان الشرکة القابضة تعد إطاراً قانونیاً للترکز الاقتصادی وتجمع الشرکات، وتقوم على أساس من الرقابة والسیطرة فی الإدارة والمشارکة فی رأس المال. اما بخصوص التعریف التشریعی فان مواقف التشریعات المقارنة قد تباینت بصدده، حیث لم تورد بعض التشریعات تعریفاً للشرکة القابضة مکتفیةً ببیان المعاییر التی تصبح بموجبها الشرکة قابضةً، کالقانون المصری الذی تناول الشرکة القابضة فی نطاق القطاع الخاص من خلال المادة (188) من اللائحة التنفیذیة لقانون شرکات المساهمة وشرکات التوصیة بالأسهم والشرکات ذات المسؤولیة المحدودة المصری رقم (159) لسنة (1981) المعدل، والتی بینت ان الشرکة تکون قابضةً إذا کانت مالکة لما یزید عن نصف راس مال شرکة تابعة أو اکثر، او إذا کانت الشرکة مساهمة فی شرکة أخرى ولها السیطرة على تکوین مجلس إدارتها. کما لم یورد المشرع اللبنانی تعریفاً للشرکة القابضة مکتفیاً ببیان شکلها القانونی من خلال المادة (2) من المرسوم الاشتراعی اللبنانی رقم(45) لسنة (1983) حیث قضى بانه (تنشأ شرکات الهولدنغ بشکل شرکات مغفلة وتخضع للأحکام التی تخضع لها الشرکات المغفلة). اما المشرع الاردنی فقد بین فی المادة (204) من قانون الشرکات رقم (22) لسنة (1997) المعدل بان الشرکة القابضة هی شرکة مساهمة عامة تقوم بالسیطرة المالیة والاداریة على شرکة او شرکات اخرى تدعى الشرکات التابعة وذلک بان تمتلک اکثر من نصف رأس مالها، و/ أو ان تکون لها السیطرة على تألیف مجلس إدارتها. اما قانون الشرکات الکویتی رقم (1) لسنة (2016) فقد اکتفى فی المادة (243) منه ببیان اغراض الشرکة القابضة دون تعریفها، حیث نصت على ان (الشرکة القابضة هی شرکة الغرض من تأسیسها الاستثمار فی أسهم أو حصص أو وحدات استثمار فی شرکات أو صنادیق کویتیة أو أجنبیة، أو الاشتراک فی تأسیس هذه الشرکات وإقراضها وکفالتها لدى الغیر). وفی التشریعات الغربیة نذکر موقف المشرع الفرنسی الذی بین فی المادة (355/1) من قانون الشرکات الفرنسی لسنة (1985)المعدل ان الشرکة تکون قابضةً اذا کانت تحوز بطریق مباشر او غیر مباشر جزءاً من راس مال شرکة اخرى بحیث یخولها اغلبیة الاصوات فی الهیئة العامة لهذه الشرکة، او عندما تکون لها وحدها اغلبیة الاصوات بمقتضى اتفاق مع باقی المساهمین بشرط عدم الاضرار بمصلحة الشرکة. ویستخلص من ذلک التعریف بأن الشرکة القابضة تتکون عندما تمتلک نسبة من رأس شرکة أخرى تابعة تمکنها من الحصول على اغلبیة الأصوات فی الهیئة العامة للشرکة التابعة. لکن ما یلفت الانتباه أن المشرع الفرنسی أضاف معیاراً آخر للشرکة القابضة، یتمثل فی حیازة الأغلبیة من حقوق التصویت فی الشرکات التابعة بفضل الاتفاق مع المساهمین فیها. اما فی القانون العراقی، وقبل بیان موقفه من تعریف الشرکة القابضة، لابد من الاشارة الى أن قانون الشرکات العراقی النافذ رقم (21) لسنة (1997) المعدل لا یتضمن حداً اعلى لمساهمة القطاع الخاص فی راس مال الشرکات المساهمة، مما یتیح امکانیة نشوء الشرکات المساهمة القابضة، الا انه لم ینظم بأحکام خاصة هذا النوع من الشرکات، ولم یذکرها ضمن انواع الشرکات التی عالج احکامها، على الرغم من وجود احکام قانونیة واضحة فی تشریعات خاصة اخرى تجیز هذا النوع من الشرکات. فقد اجاز القسم (7)من امر سلطة الائتلاف المؤقتة رقم (39) لسنة(2003) الملغی والمتعلق بالاستثمار الأجنبی للشرکات الأجنبیة الاستثمار فی العراق عن طریق شراء أو تملک کیان تجاری استثماری یمکن ان یکون شرکة تابعة، ومنحها صلاحیة إدارة الکیان التجاری أو الاشتراک فی ادارته. کما ان قانون المصارف الصادر بموجب امر السلطة نفسها رقم (94) لسنة (2004) عرف فی المادة (1) منه الشرکة القابضة المصرفیة بانها:( شرکة تملک مصرفاً أو تسیطر على مصرف)، وبین فی المادة نفسها مفهوم الشرکة التابعة بانها (أی شخص اعتباری یملک فیه شخص آخر أو مجموعة أشخاص یعملون بشکل متضافر ما یعادل (50%) أو أکثر من حصص التصویت لمثل ذلک الشخص الاعتباری أو حیازة مؤهلة تتیح لهذا الشخص الآخر أو مجموعة الأشخاص ممارسة سیطرة فعالة على إدارة أو سیاسات الکیان الاعتباری الذی توجد لدیه الحیازة). ولکن بعد صدور القانون رقم (17)لسنة (2019) المعدل لقانون الشرکات تمت اضافة المادة (7/مکررة) الى قانون الشرکات لغرض تنظیم الشرکات القابضة، حیث نصت على انه: ( اولاً: أ- الشرکة القابضة هی شرکة مساهمة أو محدودة تسیطر على شرکة أو شرکات مساهمة أو محدودة تدعى الشرکات التابعة بإحدى الحالتین:- 1/ ان تتملک أکثر من نصف رأس مال الشرکة إضافة إلى السیطرة على إدارتها. 2/ أن تکون لها السیطرة على مجلس إدارتها فی الشرکات المساهمة. ب- یجب أن یقترن اسم الشرکة بالإضافة إلى نوعها کلمة (قابضة) تذکر فی جمیع الأوراق والاعلانات والمراسلات التی تصدر عن الشرکة). یتبین من خلال عرض التعریفات الفقهیة والتشریعیة الاختلاف حول تعریف محدد للشرکة القابضة تبعاً لاختلاف الرؤى والمنطلقات التی تم الاستناد الیها، ومع ذلک تبقى مسألة سیطرة الشرکات القابضة على الشرکات التابعة لها اهم رکائز الشرکة القابضة. مما یستلزم البحث فی معاییر هذه السیطرة، والتی تتبین بموجبها تبعیة الشرکة التابعة للشرکة القابضة ایضاً.
الفرع الثانی معاییر سیطرة الشرکة القابضة على الشرکات التابعة تتخذ مسألة سیطرة الشرکة القابضة على الشرکات التابعة صوراً متعددة، فقد تکون السیطرة قانونیةً، وذلک اما فی شکل السیطرة المالیة، والتی تتحقق عند امتلاک الشرکة القابضة لأکثر من نصف راس مال الشرکة التابعة، او فی شکل السیطرة الاداریة التی تتحقق فی حال تمکن الشرکة القابضة من بسط سیطرتها على مجلس ادارة الشرکة التابعة. وقد تکون السیطرة فعلیة او اتفاقیة، حیث نکون امام السیطرة الفعلیة عندما یکون للشرکة القابضة جزء من رأس المال بالقدر الذی یخولها أغلبیة الأصوات فی الهیئة العامة للشرکة التابعة، خاصة عندما یکون عدد المساهمین کبیراً حیث تفقد حقوق التصویت أهمیتها بسبب ظاهرة تغیب المساهمین عن حضور اجتماعات الهیئة العامة للشرکات التابعة، فاذا احسنت الشرکة القابضة إدارة واستغلال ما لدیها من حقوق التصویت، فإنها ستنجح فی اغتنام فرص السیطرة على الشرکة الأخرى التابعة، لیس من خلال الاستحواذ على أکثر من نصف رأس مال تلک الشرکة، وانما من خلال توجیه الهیئة العامة للشرکة التابعة الى اتخاذ القرارات التی تریدها. اما السیطرة الاتفاقیة، فهی التی تتحقق عندما تسیطر الشرکة القابضة على الشرکة التابعة بموجب عقد یلزم الشرکات التابعة بتنفیذ خطة الإنتاج والتسویق التی تضعها الشرکة القابضة، وتحت اشراف ورقابة الاخیرة، وبذلک تتجسد السیطرة بالقدرة على تقریر سیاسات الشرکات التابعة بشکل ینسجم مع الاستراتیجیة التی تضعها الشرکة القابضة. وفی جمیع الاحوال لا یشترط ان تمارس الشرکة القابضة هذه السیطرة مباشرة، وانما یمکن ان تکون بشکل غیر مباشر عن طریق السیطرة على شرکة أخرى وسیطة تسیطر بدورها على شرکة أخرى تابعة. وبذلک تکون الشرکة الوسیطة شرکة قابضة، لکنها شرکة تابعة لشرکة قابضة فی نفس الوقت. اما بخصوص موقف التشریعات المقارنة، فقد تبین لنا من عرضنا لتعریف الشرکة القابضة عدم اتفاق هذه التشریعات حول تبنی معاییر موحدة للسیطرة، فلم یحدد کل من القانون الکویتی واللبنانی معیاراً محدداً لذلک، تارکین بذلک الامر الفرصة للشرکات لبسط سیطرتها على الشرکات التابعة بأی وسیلة او کیفیة، سواءً اتخذت السیطرة شکلها القانونی او الفعلی او الاتفاقی. ویقترب موقف القانون الفرنسی من هذا النهج ایضاً، غیر انه صرح بذلک بخلاف القانون اللبنانی والکویتی. اما فی القانون المصری والاردنی فان الامر مختلف، فقد تبنت المادة (188) من اللائحة التنفیذیة لقانون الشرکات المصری السیطرة القانونیة (المالیة والاداریة) عندما اعتبرت الشرکة قابضةً فی حالتین: وهما امتلاک ما یزید عن نصف رأس مال الشرکة التابعة أو المساهمة فی شرکة أخرى والسیطرة على تکوین مجلس إدارتها. وهو موقف القانون الاردنی نفسه عندما حصر فی المادة (204) من قانون الشرکات معاییر السیطرة بالسیطرة المالیة والاداریة، وذلک بتملک اکثر من نصف رأس مال الشرکة التابعة، و/ أو السیطرة على تألیف مجلس إدارتها. اما بخصوص موقف القانون العراقی المتجسد فی المادة (7/مکررة /اولاً/ أ) من قانون الشرکات، والمذکورة سابقاً، یلاحظ ان هذا القانون:
وقد کان قانون المصارف العراقی اکثر وضوحاً فی تحدید مفهوم السیطرة الفعلیة، حیث بینت فی المادة (1) منه ان (السیطرة تعد موجودة لتحکم شرکة اخرى اذا کان الشخص یمتلک او یسیطر بشکل مباشر او غیر مباشر او من خلال شخص واحد او اکثر اوله قوة تصویت(25%) او اکثر من حصص التصویت للشرکة، او یتمتع بصلاحیة اختیار غالبیة المدراء للشرکة او یمارس سیطرة مؤثرة کما یحددها البنک المرکزی). وعلى هذا الاساس وضحت المادة نفسها المقصود بالشرکة التابعة بانها (تعنی ای شخص اعتباری یملک فیه شخص أخر أو مجموعة أشخاص یعملون بشکل متضافر ما یعادل (50%) او اکثر من حصص التصویت لمثل ذلک الشخص الاعتباری أو حیازة مؤهلة تتیح لهذا الشخص الأخر او مجموعة الأشخاص ممارسة سیطرة فعالة على إدارة او سیاسات الکیان الاعتباری والذی توجد لدیه الحیازة). وهذا دلیل واضح على اقرار المشرع العراقی فی هذا القانون بالسیطرة الفعلیة التی قد تتحقق حتى عند عدم امتلاک اغلبیة رأس المال فی الشرکة.
وبناءً علیه نرى ان على المشرع العراقی معالجة الاشکالیة المرتبطة بالسیطرة الاداریة، وان یراعی حالات السیطرة الفعلیة والاتفاقیة لاحتمال حدوثهما فی الواقع العملی، وان ینص علیهما جنباً الى جنب مع معاییر السیطرة القانونیة، المالیة والاداریة، لعدم افلات الشرکات التی تسیطر بشکل مباشر او غیر مباشر من حکم الشرکات القابضة. ویکون ذلک بتبنی النصوص القانونیة التی تکفل ذلک وفق ما نقترحه فی خاتمة البحث. المطلب الثانی تمییز الشرکة القابضة عما یشتبه بها من الاوضاع القانونیة قد تتشابه اوضاع قانونیة مع الشرکة القابضة من نواحی معینة، لکن للشرکة القابضة ذاتیتها التی تمیزها عن هذه الاوضاع، نبین ذلک وفق الاتی : الفرع الاول شرکة الاستثمار المالی شرکة الاستثمار المالی غالباً ما تکون مساهمة غرضها تکوین حافظة قیم منقولة وإدارتها وتحدید المخاطر وتوزیعها توزیعاً قانونیاً واقتصادیاً وجغرافیاً، وتمتنع عن التمویل او السیطرة او المضاربة. وعرفت ایضاً بانها الشرکات التی یکون نشاطها استثمار الاموال لحساب الغیر بإدارة الاوراق المالیة والتعامل بها. وقد عرفها المشرع العراقی بانها شرکة منظمة فی العراق، نشاطها الرئیس توجیه المدخرات نحو الاستثمار فی الاوراق المالیة العراقیة، بما فی ذلک، الاسهم والسندات وحوالات الخزینة والودائع الثابتة. وتعد من المؤسسات المالیة الوسیطة، ویعد البنک المرکزی الجهة القطاعیة المختصة بنشاطها ویمارس سلطة الاشراف والرقابة علیها. وتتشابه هذه الشرکة مع الشرکة القابضة لکونها تستحوذ على نسبة من الاسهم فی رأس مال شرکة او شرکات اخرى، کما تلعب شرکة الاستثمار فی الواقع العملی دوراً مماثلاً للشرکات القابضة داخل مجموعة الشرکات التی تسهم فیها، فغالباً ما تقتصر شرکة الاستثمار على المساهمة فی قطاع اقتصادی معین، کما قد تسیطر عملیاً على ادارة الشرکات التی تساهم فیها ولو کانت نسبة مساهمتها لا تمکنها بحسب الظاهر من ذلک. لکن الذی یمیزها عن الشرکة القابضة هو ان تملک الشرکة القابضة اسهماً فی شرکات اخرى بنیة السیطرة على تلک الشرکات وادارتها، فی حین الامر فی شرکات الاستثمار یکون بقصد الحصول على الارباح، ولیس السیطرة والادارة. بمعنى ان شرکات الاستثمار لا تهدف إلى السیطرة على إدارة الشرکات التی تسهم فیها، وإنما تهدف الى استثمار أموالها فی أسهم هذه الشرکات للحصول على ربح، لذلک فهی توظف أموالها بالمساهمة فی شرکات مختلفة عن النشاط الذی تقوم به، کما ان مساهمتها تکون عادة محددة وموزعة على عدة شرکات بحسب القدر الذی تراه مناسبًا لتحقیق الأرباح التی تسعى إلیها. وعلى هذا الاساس منع المشرع العراقی على شرکة الاستثمار المالی ان تستثمر اکثر من (5%) فی راس مالها فی أسهم شرکة واحدة، ولم یجز لها ان تمتلک فی شرکة واحدة اکثر من (10%) من رأسمالها ، فی حین ان الشرکة لکی تکون قابضةً لابد من امتلاکها لأغلبیة الاسهم فی الشرکة التابعة وفق معیار السیطرة القانونیة التی تبناها القانون العراقی او على الاقل لنسبة مؤثرة فی رأس مالها وفق معیار السیطرة الفعلیة. الفرع الثانی الشرکات متعددة الجنسیات هذه الشرکات عبارة عن مجموعة شرکات تتوزع بین عدة دول من اجل تحقیق مشروع اقتصادی واحد او عدة مشروعات اقتصادیة متکاملة . وتعد الشرکة القابضة إحدى أدوات إنشاء الشرکات متعددة الجنسیات وإحدى مکوناتها، ووسیلة من وسائل تشکیلها، لکنها لیست المکون الوحید لها، ولیست الوسیلة الوحیدة لتشکیلها. فالشرکات متعددة الجنسیات لا تقتصر سیطرتها على شرکاتها التابعة حصراً، وإنما تعمد فی کثیر من الأحیان الى فتح فروع لها و لشرکاتها التابعة فی الدول الأخرى لتکون أذرعاً فعالة لتنفیذ مشروعها الاقتصادی الکبیر. وتعد الشرکات متعددة الجنسیات نمطاً متقدماً مما یسمى مجموعة الشرکات، ویقصد به تجمع الشرکات التی تمارس نشاطاً اقتصادیاً متماثلاً أو متمیزاً، وتخضع لإدارة اقتصادیة موحدة من قبل إحدى الشرکات التی تأتی على رأس التجمع، والتی تسمى الشرکة الأم، والتی تمارس سیطرتها على الشرکات الاعضاء فی التجمع لملکیتها لجزء من رأس مال هذه الشرکات. وإذا تأملنا المفهوم القانونی للشرکة القابضة والتی سبق بیانها، نجد ان الشرکة القابضة لا تخرج عن مفهوم مجموعة الشرکات من ضرورة مشارکة الشرکة القابضة فی شرکاتها التابعة بجزء من رأس المال یمنحها السیطرة وسلطة اتخاذ القرار فی هذه الشرکات. وعلیه فان الشرکة القابضة وسیلة من وسائل تجمع الشرکات ایضاً. علماً ان المشرع العراقی لم یستعمل مصطلح مجموعة الشرکات فی قانون الشرکات، لذلک فان ما نلاحظه من استخدام لمصطلح (مجموعة الشرکات) للدلالة على الشرکات القابضة فی اقلیم کوردستان العراق یعد خطأً شائعاً ینبغی تصحیحه. واخیراً ان الشرکة القابضة غالباً ما تقوم بالسیطرة على شرکات تابعة تقع کلها فی اطار وطنی واحد، لذلک فان التشریعات الخاصة بها ایضاً غالباً ما تصدر لتنظیم هذه الشرکة فی اطارها الوطنی، خلافاً للشرکات متعددة الجنسیات التی تسیطر بموجبها الشرکة الأم، وتهیمن على مجموعة شرکات تحمل کل منها جنسیة مختلفة، وقد تقع کل منها فی دولة مختلفة.
الفرع الثالث الکارتل یعرف الکارتل بأنه اتفاق عدة مشروعات تنتمی إلى فرع معین من مشروع للإنتاج بقصد احتکار السوق أو لتنظیم المنافسة فی حدود الاتفاق، ورفع مستوى الأرباح التی تحصل علیها المشروعات، مع بقاء شخصیة کل مشروع. فمن ممیزات الکارتل انه اتحاد تعاقدی او اتفاقی ینشأ لالتزامات قانونیة بین المشروعات فی فرع واحد من فروع الانتاج، وکل مشروع قائم یحتفظ باستقلاله الاقتصادی والقانونی، والغرض منه التأثیر فی السوق والتخلص من المنافسة وتحدید الاسعار. اما الشرکة القابضة فإنها تقوم على أساس المساهمة الفعلیة فی رؤوس أموال الشرکات التابعة، والتعاون بینها وبین تلک الشرکات دون احتکار معلن او ظاهر. واخیراً فان الشرکات القابضة تتطلب من حیث الاصل تحقیق السیطرة على الوحدات القانونیة الداخلة فی مجموعة الشرکات بأسالیب وادوات قانونیة مستمدة من قانون الشرکات، وهذا العنصر هو الذی یمیزها عن الکارتل وغیره من أشکال التجمع التی تتم بأسالیب عقدیة، کـ(الترست) المعروف فی القوانین الانجلوسکسونیة، أو اتفاقات التکامل الانتاجی. المبحث الثانی الشکل القانونی للشرکة القابضة واغراضها نتناول فی هذا المبحث الشکل القانونی للشرکة القابضة واغراضها فی مطلبین، نخصص الاول للشکل القانونی للشرکة القابضة، ونخصص الثانی لدراسة اغراضها، وفق الاتی: المطلب الاول الشکل القانونی للشرکة القابضة حددت التشریعات المقارنة الشکل القانونی الذی یمکن ان تتخذه الشرکة القابضة من بین الاشکال القانونیة للشرکات التی نظمها القانون، فقد اوجب کل من القانون الاردنی واللبنانی ان تتخذ الشرکة القابضة شکل شرکة مساهمة حصراً. اما المشرع المصری وعلى الرغم من انه لم یصرح بذلک فی المادة (188) من اللائحة التنفیذیة لقانون الشرکات، الا انه صرح بذلک فی نطاق قطاع الاعمال العام الحکومی المصری، اذ حصر الشکل القانونی للشرکة القابضة بالشرکة المساهمة. وخلافاً لذلک اجاز المشرع الکویتی ان تتخذ الشرکة القابضة شکل شرکة مساهمة او شرکة ذات المسؤولیة المحدودة او شرکة الشخص الواحد. وعلى هذا الاساس لا تقتصر الشرکات القابضة فی القانون الکویتی على الشرکات المساهمة حصراً، لکنها تبقى محصورة فی نطاق شرکات الاموال فقط، لکون الشرکة المحدودة وشرکة الشخص الواحد من شرکات الاموال ایضاً وفق القانون الکویتی. اما القانون العراقی فقد جاء موقفه بشکل مغایر، فبموجب المادة (7مکررة/اولاً/أ) من القانون رقم (17) لسنة (2019) المعدل لقانون الشرکات تکون الشرکة القابضة شرکة مساهمة أو محدودة، تسیطر على شرکة أو شرکات مساهمة أو محدودة. بمعنی ان المشرع أجاز ان تتخذ الشرکة القابضة شکل شرکة مساهمة او محدودة، واجاز لکل منهما السیطرة على شرکة مساهمة او محدودة ایضاً. وعلى هذا الاساس یمکن لنا ابداء الملاحظات الاتیة على موقف القانون العراقی:
وعلیه نهیب بالمشرع العراقی لمعالجة الاشکالیات المذکورة من خلال تعدیل قانون الشرکات وفق النصوص التی نقترحها فی خاتمة البحث.
المطلب الثانی أغراض الشرکة القابضة یمثل غرض الشرکة ارادة المؤسسین المتجسدة فی عقد تأسیس الشرکة، وهو مناط أهلیة الشرکة بوصفها شخصاً معنویاً، ومحور لنشاطها، لذلک یرى الفقه إن الغرض من تأسیس الشرکة والذی یشتمل علیه عقد تأسیسها، یعد منطلقاً لتحدید سلطات وصلاحیات العاملین فی الشرکة. ولأهمیة غرض الشرکة، واتصاله المباشر بمصالحها اهتمت التشریعات التی نظمت الشرکة القابضة بتحدیده. فقد اورد المشرع الاردنی فی المادة (205) من قانون الشرکات غایات الشرکة القابضة بالقیام بما یأتی: (1/ إدارة الشرکات التابعة لها. 2/ المشارکة فی إدارة الشرکات الاخرى التی تساهم فیها. 3/ استثمار أموالها فی الاسهم والسندات والاوراق المالیة. 4/ تقدیم القروض والکفالات والتمویل للشرکات التابعة لها. 5/تملک براءات الاختراع والعلامات التجاریة وحقوق الامتیاز وغیرها من الحقوق المعنویة واستقلالها وتأجیرها للشرکات التابعة لها أو لغیرها). وبذلک یکون المشرع الاردنی قد حدد اغراض وغایات الشرکة القابضة على سبیل الحصر، وبما لا یدع مجالاً لمباشرة ای نشاط اقتصادی خارج حدود هذه الغایات. وهو نهج المشرع اللبنانی ایضاً والذی حصر بموجب المادتان (2) و(3) من المرسوم الاشتراعی رقم (45) لسنة(1983) المعدل اغراض الشرکات القابضة بالأعمال المتعلقة بــ (تملک أسهم أو حصص فی شرکات مغفلة أو محدودة المسؤولیة، لبنانیة أو أجنبیة قائمة أو الاشتراک فی تأسیسها، وإدارة الشرکات التی تملک فیها حصص شراکة أو مساهمة وإقراضها وکفالتها تجاه الغیر إضافة الى تملک براءات الاختراع والاکتشافات والامتیازات والمارکات المسجلة وتملک أموال منقولة أو غیر منقولة). اما المشرع المصری فانه وضع فی المادة (68) من قانون الشرکات قاعدة عامة تمکن الشرکة القابضة من التعامل بشیء من المرونة مع غرضها المدرج فی عقد تأسیسها او نظامها، حیث سمحت للشرکة أن تعدیل نظام الشرکة لتضیف أغراضاً مکملة او مرتبطة او قریبة من غرض الشرکة الاصلی. وحیث ان المشرع لم یضع معیاراً لتحدید ما هو مکمل او مرتبط او قریب من غرض الشرکة الاصلی فان تقدیر ذلک یخضع للسلطات التقدیریة للجهات المختصة.. وفیما یخص موقف المشرع الکویتی فقد حدد فی المادة (243) من قانون الشرکات الاغراض الرئیسة للشرکات القابضة والمتمثلة فی ( الاستثمار فی اسهم أو حصص أو وحدات استثمار فی شرکات أو صنادیق کویتیة أو اجنبیة أو الاشتراک فی تأسیسها وإقراضها وکفالتها لدى الغیر)، ولغرض تحقیق هذه الاغراض، أجاز المشرع فی المادة (246) من القانون نفسه قیام هذه الشرکات بجمیع الانشطة التالیة أو البعض منها: 1- إدارة الشرکات التابعة لها او المشارکة فی إدارة الشرکات الاخرى التی تساهم فیها وتوفیر الدعم اللازم لها. 2- استثمار أموالها فی الاتجار بالأسهم والسندات والأوراق المالیة الأخرى. 3- تملک العقارات والمنقولات اللازمة لمباشرة نشاطها فی الحدود المسموح بها وفقاً للقانون. 4- تمویل أو إقراض الشرکات التی تملک فیها أسهما أو حصصاً وکفالتها لدى الغیر، وفی هذه الحالة یتعین ألا تقل نسبة مشارکة الشرکة القابضة فی رأس مال الشرکة المقترضة عن عشرین بالمائة. 5- تملک حقوق الملکیة الفکریة من براءات الاختراع والعلامات التجاریة أو النماذج الصناعیة وحقوق الامتیاز وغیرها من الحقوق المعنویة، واستغلالها وتأجیرها للشرکات التابعة لها أو لغیرها، سواء فی داخل الکویت أو خارجها. ویبدوا ان المشرع العراقی تأثر بموقف القانون الکویتی حینما نص فی المادة (7مکررة/ثانیاً) من قانون تعدیل قانون الشرکات على انه :( تهدف الشرکة القابضة إلى دعم الاقتصاد الوطنی ولها القیام بما یأتی :
أ- تملک الأموال المنقولة وغیر المنقولة فی إطار نشاط الشرکة . ب- تأسیس الشرکات التابعة لها وإدارتها أو المشارکة فی إدارة الشرکات الأخرى التی تساهم فیها. ج- استثمار أموالها فی الأسهم والسندات والأوراق المالیة. د- تقدیم القروض والکفالات والتمویل للشرکات التابعة لها. هـ- تملک براءات الاختراع والعلامات التجاریة وحقوق الامتیاز وغیرها من الحقوق المعنویة واستغلالها وتأجیرها للشرکات التابعة لها أو لغیرها). فقد ربط المشرع العراقی أهدف الشرکة القابضة بدعم الاقتصاد الوطنی، وجعلها أمام الخیار فی القیام بهذه الاعمال التجاریة بأسلوب جوازی، ولم یحدد الغایات الرئیسة للشرکات القابضة کما هو الشأن فی التشریعات المقارنة. ولنا على هذا الموقف الملاحظات الاتیة:
لکن القانون العراقی لم یضمن بشکل صریح عدم سیطرة الشرکات القابضة الأجنبیة وحتى العراقیة على قطاعات صناعیة او تجاریة او مالیة معینة، وبالشکل الذی یمنع الشرکات القابضة من الاحتکار، ولم یقم بحصر نشاط هذه الشرکات فی قطاعات معینة، على الرغم من خطورة ذلک، وبشکل خاص عندما یتعلق الامر بالشرکات القابضة الاجنبیة. فعلى الرغم من ان المادة (12/ثانیاً) من قانون الشرکات بعد تعدیلها بموجب القانون رقم (17) لسنة (2019)، اشترط لجواز اکتساب الأجنبی لعضویة الشرکات فی العراق ان لا تقل نسبة مساهمة العراقیین عن (51%) واحد وخمسین من المئة من رأس مالها. الا ان ذلک لا یمنع من ظهور شرکات قابضة اجنبیة تسیطر على شرکات عراقیة تابعة لها، لا من الناحیة القانونیة ولا من الناحیة العملیة، فمن الناحیة القانونیة لا یقتصر وجود الشرکة القابضة على حالة امتلاکها لأکثر من نصف راس مال الشرکة التابعة، وانما یجوز ان تصبح الشرکة قابضةً فی حال سیطرتها على مجلس ادارة الشرکة التابعة. اما من الناحیة الواقعیة فان احکام قبضتها على الشرکات الاخرى یمکن ان یتم بطرق اخرى، فسیطرة الشرکات القابضة فضلاً عن السیطرة القانونیة، یمکن ان تکون سیطرة فعلیة او اتفاقیة، وفق ما سبق بیانه. وبناءً علیه کان على المشرع عند تنظیمه للشرکة القابضة ان یتنبه الى خطورة هذه الشرکات، خصوصاً الاجنبیة منها على مسألة الاحتکار ومنع المنافسة، خصوصاً وان المادة (9) من قانون المنافسة ومنع الاحتکار العراقی رقم (14) لسنة (2010) تحضر ای اندماج بین شرکتین او اکثر و ایة ممارسة تجاریة مقیدة اذا کانت الشرکة او مجموعة من الشرکات مندمجة او مرتبطة مع بعضها تسیطر على (50%) او اکثر من مجموع انتاج سلعة او خدمة معینة، او اذا کانت تسیطر على (50%) او اکثر من مجموع مبیعات سلعة او خدمة معینة.
المبحث الثالث مسؤولیة الشرکة القابضة عن دیون شرکاتها التابعة بما ان الشرکة القابضة تسیطر على شرکاتها التابعة بحیث تصبح الأخیرة الیة قانونیة لتنفیذ سیاسات الشرکة القابضة، فان احدى اهم المسائل المرتبطة بالموضوع تتمثل فی مدى تحمل الشرکة القابضة لدیون شرکاتها التابعة. ولغرض الاحاطة بهذا الموضوع، یتوجب اولاً بیان طبیعة مسؤولیة الشرکة القابضة عن دیون الشرکات التابعة کمبدأ عام على اعتبار الشرکة القابضة مساهماً فی الشرکة التابعة، ومن ثم البحث فی مدى جواز الخروج عن هذا المبدأ العام فی المسؤولیة نظراً لخصوصیة طبیعة العلاقة بین الشرکات القابضة وشرکاتها التابعة. وسوف نبحث فی هذه المسائل من خلال مطلبین، وفق الاتی : المطلب الاول طبیعة مسؤولیة الشرکات القابضة عن دیون الشرکات التابعة لقد بینّا ان الشرکات القابضة وفق القانون العراقی والتشریعات المقارنة تتخذ شکل شرکات الاموال، وسیطرتها تتم على شرکات الاموال ایضاً. ومن اهم خصائص شرکات الاموال انه تتحدد مسؤولیة المساهم فیها عن دیون والتزامات الشرکة بمقدار القیمة الاسمیة للاسهم التی ساهم بها فی رأس مال الشرکة. ای لا یلتزم المساهم الا بدفع القیمة الاسمیة للاسهم التی اکتتب بها عند تأسیس الشرکة او حصل علیها فیما بعد عن طریق الشراء او التصرفات القانونیة الاخرى. ولا تتجاوز ذلک مهما کان حجم خسائر الشرکة، ولا یجوز التنفیذ على الاموال الاخرى للمساهمین لسداد دیون الشرکة، لکون اموال الشرکة تمثل الضمان العام لدائنی الشرکة دون الاموال الخاصة للمساهمین. وبناءً على ذلک اذا استغرقت دیون الشرکة جمیع موجوداتها، فان المساهم لا یخسر سوى قیمة اسهمه، ویکون بمأمن من التنفیذ على امواله الاخرى. وعلى هذا الاساس لا یترتب على افلاس الشرکة افلاس المساهمین فیها لاستقلال الذمة المالیة للشرکة عن ذمة المساهمین فیها، وعدم وجد تضامن بین المساهمین فی استیفاء دیون الشرکة. وتعد مسألة تحدید المسؤولیة بهذا الشکل من اهم مزایا شرکات الاموال، وهو من النظام العام، فیکون باطلاً کل اتفاق یخالفه. وذلک نظراً للحمایة التی تمنحها للمساهمین من المخاطر المصاحبة لمزاولة النشاط التجاری ما یحفز المدخرین والمستثمرین عموماً على الاقدام على تنمیة مدخراتهم وتوجیهها نحو الاستثمار المنتج، مما یؤدی الى جذب الفائض من رأس المال غیر الموظف، وتحویله من مال خامل إلى رأسمال موظف وفعال فی الدورة الاقتصادیة. ومن الضروری ایضاً بیان ان (حذف) المسؤولیة المحدودة تتحدد بمسؤولیة المساهم عن دیون الشرکة فقط دون المسؤولیة التی قد تترتب علیه بصفته الشخصیة، کثبوت قیامه بأفعال غیر مشروعة الحقت ضرراً بالشرکة او غیره من المساهمین او دائنی الشرکة، او المسؤولیة التی تترتب علیه نتیجة ارتکابه اخطاء تسببت فی خسارة الشرکة بصفته عضواً فی مجلس ادارة الشرکة او مدیراً مفوضاً فیها، ففی هذه الاحوال تکون المسؤولیة شخصیة ومطلقة وفق القواعد العامة فی المسؤولیة عن الفعل الضار الواردة فی القانون المدنی، لعدم ارتباطها بدیون والتزامات الشرکة. فلا ینبغی ان تترتب على تحدید المسؤولیة نتائج غیر مقبولة فی شکل أضرار بمصلحة الشرکة او حاملی اسهمها او الدائنین فیها، وبعکسه ینبغی الخروج على قاعدة المسؤولیة المحدودة. وقد کان قانون التجارة العراقی رقم (149) لسنة (1970) الملغی، والذی لایزال الفصل الخاص بالإفلاس منه نافذ المفعول یتضمن احکاماً بهذا الخصوص قدر تعلق الامر بحالات الافلاس، فقد نصت المادة (721) منه على انه (إذا طلب إشهار إفلاس الشرکة جاز للمحکمة أن تقضی أیضاً بإشهار إفلاس کل شخص قام باسمها بأعمال تجاریة لحسابه الخاص وتصرف فی أموالها کما لو کانت أمواله الخاصة).کما نصت المادة (722/2) منه ایضاً على انه (إذا تبین أن موجودات الشرکة لا تکفی لوفاء عشرین بالمائة على الأقل من دیونها جاز لحاکم التفلیسة أن یأمر بإلزام أعضاء مجلس الإدارة أو المدیرین کلهم أو بعضهم بالتضامن بینهم أو بدون تضامن بدفع دیون الشرکة کلها أو بعضها الا إذا أثبتوا أنهم بذلوا فی تدبیر شؤون الشرکة عنایة الرجل المعتاد). وعلى هذا الاساس فانه وفقاً للقواعد العامة فی مسؤولیة المساهمین فی شرکات الاموال، تکون مسؤولیة الشرکات القابضة محدودة بمقدار مساهمتها فی راس مال الشرکات التابعة. ومع ذلک یمکن ان تمتد اثار افلاس الشرکات التابعة الى الشرکة القابضة اذا تبین ان الأخیرة قامت باسمها بأعمال تجاریة لحسابها الخاص وتصرف فی أموالها کما لو کانت أموالها الخاصة. کما انه إذا تبین أن موجودات الشرکة التابعة لا تکفی لوفاء عشرین بالمائة على الأقل من دیونها یجوز ایضاً إلزام الشرکة القابضة عند کونها عضواً فی مجلس ادارة الشرکة التابعة، بدفع دیون الشرکة الاخیرة کلها أو بعضها، الا إذا ثبت ان الشرکة القابضة بذلت فی تدبیر شؤون الشرکة التابعة عنایة الشخص المعتاد. ویرتکز مد الافلاس فی حالة عدم اکتفاء موجودات الشرکة لوفاء (20%) على الأقل من دیونها على افتراض قرینة الخطأ فی الادارة، والتی یمکن نفیها بإثبات بذل عنایة الشخص المعتاد. اما بالنسبة لحالة مد الافلاس عند قیام الشخص باسم الشرکة بأعمال تجاریة لحسابه الخاص والتصرف فی أموالها کما لو کانت أمواله الخاصة، ولعدم افصاح القانون عن اساس هذا الاجراء، فقد اختلف الفقه بشأنه بین من یرى ان مد الافلاس عقوبة مدنیة توقع نتیجة السلوک المخالف لآداب الشرکة المتمثل بسوء التصرف من المدیر. بینما یرى اخرون ان مد الافلاس تطبیق للقواعد العامة فی الصوریة والاسم المستعار. فی حین یرى اتجاه اخر انه جزاء للانحراف بالشخصیة المعنویة للشرکة. وعلى الرغم من ان قواعد الافلاس هذه تسعف فی مد مسؤولیة الشرکات التابعة الى الشرکات القابضة، استثناءً من المبدأ العام للمسؤولیة المحدودة للمساهمین فی شرکات الاموال، لکن هذا الاستثناء یقتصر على حالات الافلاس حصراً، ولا یجوز التوسع فیه. وعلیه تبقى الحاجة ماسة الى اقرار القواعد القانونیة التی تکفل الخروج عن مبدأ المسؤولیة المحدودة للشرکات القابضة عن دیون شرکاتها التابعة، نظراً لخصوصیة العلاقة بین هذا النمط من الشرکات، وهذا ما سوف نبحث فیه فی المطلب الثانی.
المطلب الثانی الخروج عن مبدأ المسؤولیة المحدودة للشرکات القابضة على الرغم من ان المسؤولیة المحدودة للمساهمین تعد من ممیزات شرکات الاموال بشکل عام، الا انها لا تخلو من مخاطر فی اطار مجموعة الشرکات بشکل عام و الشرکات القابضة بوجه خاص، لکونها تهدد مصالح الدائنین فی الحالات التی تتحصن فیها الشرکة القابضة وراء محدودیة مسؤولیتها، وتقوم بإساءة استغلال هذه المسؤولیة فی توجیه شرکاتها التابعة و ادارتها على وفق مصالحها، او تجازف بها وتحملها مخاطر غیر ضروریة تؤثر سلباً على مصالح دائنیها، او تقوم بتوجیهها للقیام بأعمال غیر قانونیة أو حتى احتیالیة. ونتیجة لذلک قد تقع الشرکات التابعة تحت طائلة ضآلة أو عدم کفایة رأس المال بشکل لا تکون قادرة معه على تغطیة التزاماتها والدیون التی تترتب فی ذمتها، وبالتالی تعرضها للإفلاس. وبما ان القواعد المقررة لامتداد الافلاس فی القانون العراقی، والتی یمکن الاستناد الیها لمد اثار افلاس الشرکات التابعة الى الشرکات القابضة لها، لا تکفی لاستیعاب جمیع الفرضیات المذکورة اعلاه، لتعلقها بحالات الافلاس فقط، فان الحاجة ماسة لإقرار القواعد القانونیة التی تکفل التجاوز و الخروج عن مبدأ المسؤولیة المحدودة للشرکات القابضة بشکل یکفل اعادة التوازن لطبیعة العلاقات بین الشرکات القابضة والشرکات التابعة لها، وبما یحفظ لهذا المبدأ خصوصیتها واهمیتها من ناحیة، ویوفر ضمانات لدائنی الشرکات التابعة من أی عمل احتیالی أو إساءة استغلال شکل الشرکة والتستر وراء ستار المسؤولیة المحدودة من ناحیة أخرى. وقد کانت بعض التشریعات المقارنة سباقةً فی تنظیمها لهذه المسألة بتبنی نظریة الخروج عن مبدأ المسؤولیة المحدودة لشرکات الاموال بشکل عام، والتی اوجدها القضاء فی دول مختلفة وعلى الأخص فی أوروبا والولایات المتحدة الأمریکیة، ویشار عادة الى القانون الألمانی فی هذا الخصوص. کما أن القضاء فی الولایات المتحدة الامریکیة واوروبا قد خرج عن قاعدة المسؤولیة المحدودة فی الحالات التی تفرض متطلبات العدالة بأن التمسک بالمسؤولیة المحدودة ینتج عنه عدم العدالة، و یشجع على الاحتیال وإساءة استغلال شکل الشرکة لتحقیق أغراض غیر قانونیة، وتقلیل الثقة بالشرکات نتیجة سیطرة الشرکة الأم على الشرکة التابعة لها بشکل یصعب معه الفصل التام بین رأس مال الشرکة والأموال الخاصة للشرکاء فیها. وقد اعتمد القضاء للحکم باختراق قاعدة المسؤولیة المحدودة بشکل عام على نظریتین اساسیتین وهما: (1- نظریة (Alter ego theory) إی الشخصیة البدیلة أو النظیر، ومضمونها أن مالکی الأسهم فی الشرکة هم الشرکة ذاتها , أی (أنا الثانیة) للشرکة (second self)، بمعنى أن الشرکة فی تعاملاتها مع الغیر تتصرف وکأنها الأنا الثانیة للشرکاء المکونین لها, وتتطلب تطبیق هذه النظریة توافر عنصرین: أ/ وحدة الملکیة والمصلحة بین الشرکة ومالکی الأسهم فیها , وفی العلاقة بین شرکات الأم والشرکات التابعة لها , تکون وحدة الملکیة والمصلحة بشکل لا تبقى للشرکة التابعة شخصیتها من الناحیة الفعلیة . ب/ أن تترتب على الإقرار بالشخصیة المستقلة للشرکة والمسؤولیة المحدودة للشرکاء فیها نتائج غیر عادلة بحق الدائنین. 2- نظریة (Instrumentality Theory) أی عندما تصبح الشرکة أداة أو واسطة بید مالکی اسهمها لتحقیق مصالحهم الخاصة على حساب مصالح الشرکة ذاتها , وتتطلب تطبیق هذه النظریة توافر شروط ثلاثة وهی : أ/ ان تکون الشرکة الأم قد مارست نفوذها على الشرکة التابعة الى حدود غیر معقولة بحیث تصبح هذه الأخیرة مجرد أداة بید الشرکة الأم . ب/ ان مالکی رأس المال فی الشرکة , سواء کامل رأس مال الشرکة أو الجزء الأکبر منه, ونتیجة لسیطرتهم على الشرکة قد أداروا الشرکة لتحقیق غایات غیر مشروعة أو ترتبت على سوء إدارتهم للشرکة نتائج غیر عادلة بحق دائنیها. ج/ أن تترتب على التمسک بقاعدة المسؤولیة المحدودة للشرکاء نتائج غیر عادلة بحق الدائنین.) ومع الاقرار بحقیقة ان المسؤولیة المحدودة هی الأصل فی شرکات الاموال، والحکم باختراقها واقرار المسؤولیة الشخصیة للمساهمین فیها فی الحالات الضروریة یمثل خروجاً عن الأصل، لکنه قد یشکل أساساً لحمایة الدائنین من جهة، والثقة بالشرکات من جهة أخرى. ومن هنا ینبغی القول أن هناک قصوراً واضحاً فی قانون الشرکات العراقی فی أحکام المسؤولیة بهذا الخصوص، إذ لم ینظم هذه الأحکام بشکل دقیق بالنسبة للشرکات الاموال بشکل عام، والشرکات القابضة بشکل خاص. وانما اکتفی بذکر بعض حالات المسؤولیة تارکاً تفاصیلها للقواعد العامة، على الرغم من انه اشار ضمن أهدافه الى حمایة الدائنین من الاحتیال، وحمایة حاملی الأسهم من تضارب المصالح وسوء تصرف مسؤولی الشرکة والمسیطرین على شؤونها فعلیا وفق ما سبق بیانه، کما منع القانون مالکی رأس المال فی الشرکة من ممارسة سلطاتهم فی التصویت أو القیام بأی عمل، أو موافقتها على أی عمل من شأنه إلحاق الضرر بالشرکة لتحقیق مصالحهم الخاصة أو مصالح المتعاونین معهم على حساب الشرکاء الاخرین أو تعریض حقوقهم للخطر، وخاصة عنما یکون افلاس الشرکة وشیک الوقوع. فهذه الأهداف کما یرى جانب من الفقه کان من شأنها أن توفر قاعدة حمائیة عریضة للشرکة ذاتها، ولحاملی الاسهم فیها، وکذلک الغیر، ولکن القانون لم یترجم ذلک الى قواعد قانونیة تنظم حالات المسؤولیة، وانما ترکها للقواعد العامة فی المسؤولیة، وهذا یشکل نقصاً کبیراً فی القانون کان ینبغی تلافیه. وبناءً علیه یمکن القول ان احد اهم اوجه القصور فی التنظیم القانونی للشرکة القابضة فی القانون العراقی یتمثل فی عدم اقرار القواعد القانونیة الخاصة التی تکفل مسؤولیة الشرکة القابضة عن دیون شرکاتها التابعة بشکل تراعی خصوصیة وخطورة العلاقة بین هذه الشرکات، وتتجاوز مبدأ المسؤولیة المحدودة المقرر فی شرکات الاموال بشکل عام. وهذا القول ینطبق على موقف کل من المشرع اللبنانی والاردنی والمصری ایضاً. لذلک نوصی المشرع العراقی بان یسلک مسلک المشرع الکویتی الذی انفرد من بین التشریعات المقارنة محل البحث بتنظیم محکم لمعالجة هذه الاشکالیة، مقراً بمسؤولیة الشرکة القابضة وعلى سبیل التضامن عن دیون شرکاتها التابعة عند تحقق شروط معنیة. فقد نصت المادة (249) من قانون الشرکات الکویتی على أنه: (تکون الشرکة مسئولة – على سبیل التضامن – عن دیون شرکاتها التابعة فی حالة توافر الشروط التالیة: 1- عدم کفایة أموال الشرکة التابعة للوفاء بما علیها من التزامات 2- أن تتملک الشرکة فی الشرکة التابعة نسبة من رأس مالها تمکنها من التحکم فی تعیین غالبیة أعضاء مجلس الإدارة أو المدیرین، أو فی القرارات التی تصدر عن الإدارة . 3- أن تتخذ الشرکة التابعة قرارات أو تقوم بتصرفات تستهدف مصلحة الشرکة المالکة والمسیطرة علیها وتضر بمصلحة الشرکة التابعة أو دائنیها، وتکون هی السبب الرئیسی فی عدم قدرة الشرکة التابعة على الوفاء بما علیها من التزامات. وذلک کله ما لم تکن الشرکة القابضة مسئولة عن دیون الشرکة التابعة استناداً إلى سبب اخر). ویعد موقف المشرع الکویتی بهذا الخصوص متمیزاً لإدراکه لخصوصیة العلاقة بین الشرکة القابضة وشرکاتها التابعة، فأقر بمسؤولیة الشرکة القابضة عن دیون شرکاتها التابعة وعلى وجه التضامن مخترقاً بذلک مبدأ المسؤولیة المحدودة. ومما یزید تمیزاً من موقف المشرع الکویتی انه اورد حالات تحقق مسؤولیة الشرکة القابضة على سبیل المثال ولیس الحصر، عندما اختم النص بعبارة (ما لم تکن الشرکة القابضة مسؤولة عن دیون الشرکة التابعة استناداً إلى سبب اخر). وبذلک تصبح الشرکة القابضة ضامنة تجاه دائنی شرکاتها التابعة اذا تسببت بشکل رئیس فی عدم قدرة الشرکة التابعة على الوفاء بما علیها من التزامات لعدم کفایة أموالها، وذلک نتیجة تملک الشرکة القابضة لنسبة فی راس مال الشرکة التابعة، تمکنها من التحکم فی تعیین غالبیة أعضاء مجلس الإدارة أو المدیرین فیها، أو فی القرارات التی تصدر عن ادارتها، وقد قامت الشرکة التابعة بتصرفات تستهدف مصلحة الشرکة القابضة على حساب مصلحة الشرکة التابعة أو دائنیها. او لأی سبب اخر من شأنه تحمیل هذه المسؤولیة على الشرکة القابضة. فإقرار هذه المسؤولیة یقتضیه الدور الأساسی للشرکة القابضة فی حیاة الشرکة التابعة من حیث التحکم والسیطرة فیها ولکونهما تشکلان معاً وحدة اقتصادیة متکاملة تستلزم وحدة المسؤولیة تجاه دائنیها. ولغرض سد النقص فی قانون الشرکات العراقی بهذا الخصوص سوف نقترح النصوص القانونیة الملائمة لمعالجة هذه الاشکالیة فی خاتمة البحث. الخاتمـة وتتضمن استنتاجات البحث وتوصیاته: اولاً: الاستنتاجات: تبین لنا من خلال البحث فی تنظیم الشرکة القابضة فی القانون العراقی ما یأتی :
ثانیاً: التوصیات: لغرض المساهمة فی معالجة اوجه القصور فی تنظیم الشرکة القابضة فی القانون العراقی نهیب بالمشرع للقیام بإلغاء المادة (7/ مکررة) من قانون الشرکات، وتبنی النص الاتی بدلاً منها: ((اولاً: یقصد بالشرکة القابضة شرکة مساهمة خاصة او مختلطة تسیطر بشکل مباشر او غیر مباشر على شرکة او اکثر من الشرکات المساهمة الخاصة او الشرکات المحدودة الخاصة المنصوص علیها فی المادة (6/ثانیاً) من هذا القانون. وتعد السیطرة متحققةً على هذه الشرکات، والتی تدعى بالشرکات التابعة، بتحقق ای من الحالات الاتیة: 1/ تملک أکثر من نصف رأس مال الشرکة، او نسبة مؤثرة من راس مالها لا تقل عن (30%) اذا کان من شأنها تحقیق سیطرة فعالة على إدارة او سیاسات الشرکة. 2/ التحکم فی تکوین مجلس إدارتها فی الشرکات المساهمة. 3/ صلاحیة تقریر سیاسات الشرکة وخطة الإنتاج والتسویق والاشراف والرقابة على تنفیذها، بموجب اتفاقات عقدیة. ثانیاً: یضاف الى اسم الشرکة ونوعها کلمة (قابضة) وتذکر فی جمیع الأوراق والإعلانات والمراسلات التی تصدر عن الشرکة . ثالثاً: تنحصر غایات الشرکة بالقیام بما یلی: أ- تملک الأموال المنقولة وغیر المنقولة فی نطاق حاجاتها او نشاط الشرکة التابعة. ب- ادارة الشرکات التابعة لها او المشارکة فی إدارة الشرکات الأخرى التی تساهم فیها . جـ- استثمار أموالها فی الاوراق المالیة . د- تقدیم القروض والکفالات والتمویل للشرکات التابعة لها. هـ- تملک براءات الاختراع والعلامات التجاریة وحقوق الامتیاز وغیرها من الحقوق المعنویة واستغلالها وتأجیرها للشرکات التابعة لها او لغیرها. رابعاً: یحظر على الشرکة التابعة تملک الأسهم فی الشرکة القابضة، ویعد باطلا کل تصرف من شانه نقل ملکیة الأسهم من الشرکة القابضة الى الشرکة التابعة . خامساً: تقوم الشرکة القابضة بتعیین ممثلیها فی مجلس إدارة الشرکة التابعة بنسبة مساهمتها فی راس مالها، ولا یحق لها الاشتراک فی انتخاب بقیة أعضاء المجلس. سادساً: تعد الشرکة القابضة فی نهایة کل سنة مالیة (میزانیة مجمعة، وبیانات بالأرباح والخسائر، والتدفقات النقدیة) لها و لجمیع شرکاتها التابعة، مشفوعة بالإیضاحات والبیانات المقررة وفقاً لما تتطلبه المعاییر المحاسبیة الدولیة، وتقدمها لهیئتها العامة، والجهات المختصة. وفقاً لأصول المحاسبة والتدقیق الدولیة المعتمدة . سابعاً: تؤسس الشرکة القابضة من خلال تأسیس شرکة مساهمة او تعدیل اغراض شرکة مساهمة قائمة إلى شرکة قابضة وفقاً لأحکام هذا القانون. ثامناً: تکون الشرکة القابضة مسؤولة على وجه التضامن عن دیون شرکاتها التابعة اذا تسببت، بما تملکه من سلطة التوجیه والقرار والرقابة، فی عدم قدرة الشرکات التابعة على الوفاء بها لعدم کفایة أموالها، ما لم تکن الشرکة القابضة مسؤولة عن دیون الشرکة التابعة استناداً إلى سبب اخر. تاسعاً: یحظر على الشرکة القابضة امتلاک اکثر من (40%) من الاسهم فی اکثر من شرکتین تعملان فی النشاط نفسه، اذا کان من شأن ذلک ترتیب اثار مخالفة للمنافسة وحدوث الاحتکار. عاشراً: تخضع الشرکة القابضة فی کل ما لم یرد به نص فی هذه المادة لأحکام قانون الشرکات رقم (21) لسنة (1997) )).
The Authors declare That there is no conflict of interest
References (Arabic Translated to English) References:
8.Dr. Salah Amin Abo Talib, Holding companies in the Public Business Sector Law, Cairo University Press and University Book, Cairo , 1993
13. Dr. Fawzi Muhammed Sami, Explanation of commercial law, Dar Maktabat- el Tarbiya, Amman, 1997.
Secondly: University dissertations
Thirdly: Researches
Fourthly: Legislations: - Iraqi Legislations:
- Arabic Legislations: -French Legislations: Article 355-1/ Créé par Loi n°85-705 du 12 juillet 1985 - art. 3 JORF 13 juillet 1985 Available at : {https://www.legifrance.gouv.fr/affichTexteArticle.do?idArticle=LEGIARTI000006280936&cidTexte=LEGITEXT000006068288&dateTexte=19850713 } Last visited (10.4.2020). | ||
References | ||
المصـادر اولاً: الکتب :
ثانیاً: الرسائل الجامعیة:
ثالثاً: البحوث :
رابعاً: التشریعات:
أ/ قانون التجارة العراقی رقم (149) لسنة (1970) الملغی ب/ قانون الشرکات العراقی رقم (21) لسنة (1997) المعدل. ت/ قانون الاستثمار الأجنبی العراقی رقم (39)لسنة(2003) ث/ قانون المصارف العراقی رقم (94) لسنة (2004) ج/ قانون المنافسة ومنع الاحتکار العراقی رقم (14) لسنة (2010) ح/ قانون تعدیل قانون الشرکات العراقی رقم (17) لسنة (2019).
أ/ قانون التجارة اللبنانی رقم (304) لسنة (1942) المعدل . ب/ قانون شرکات المساهمة وشرکات التوصیة بالأسهم والشرکات ذات المسؤولیة المحدودة المصری رقم (159) لسنة (1981) المعدل. ت/ المرسوم الاشتراعی اللبنانی رقم (45) لسنة (1983) ث/ قانون شرکات القطاع العام المصری رقم (203) لسنة (1991). ج/ قانون الشرکات الأردنی رقم (22) لسنة ( 1997 ) المعدل. ح/ قانون الشرکات الکویتی رقم (1) لسنة (2016). 3/ التشریعات الفرنسیة :
| ||
Statistics Article View: 912 PDF Download: 472 |