مسؤولیة الطبیب المدنیة فی التشریعین الجزائری والمقارن -عن نقل الدم نموذجاً | ||
الرافدین للحقوق | ||
Article 2, Volume 22, Issue 71, June 2020, Pages 51-100 PDF (1.12 M) | ||
Document Type: بحث | ||
DOI: 10.33899/alaw.2020.165774 | ||
Authors | ||
کوثر زهدور* 1; عبد القادر فنینخ2 | ||
1کلیة الحقوق و العلوم السیاسیة جامعة عبد الحمید بن بادیس-مستغانم الجزائر | ||
2کلیة الحقوق و العلوم السیاسیة، جامعة عبد الحمید بن بادیس مستغانم | ||
Abstract | ||
یعد نقل الدم من قبیل الأعمال الطبیة لذلک فإن مســؤولیة الطبیب المشرف علیه تعد مسؤولیة طبیة إلا أنها تختلف عنها من حیث التزام الطبیب المتولد عنه الخطأ و العلاقة السببیة. فالتزام الطبیب تجاه المریض یتمثل فی بذل عنایة کأصل عام، إلا أنه فی عملیة نقل الدم هــو ملزم بتحقــیق نتیجــة متمثلة بسلامة المریض، فإذا ما أخل بالتزامه العام تقــوم مسؤولیته و على المریض إثبات العلاقة السببیة بین خطئه و الضرر الحاصل له، أما فی المسؤولیة المتولدة عن عملیة نقل الدم فالعلاقة السببیة فیها مفترضة یکفی للمریض أن یثبت عملیة نقل الدم و الضرر الحاصل له فقط دون أن یثبــت العــلاقة السببیة بینهما. | ||
Highlights | ||
إن موضوع المسؤولیة المدنیة للطبیب فی التشریعین الجزائری و الفرنسی -عن نقل الدم نموذجا- یکتسی أهمیة بالغة سواء من الناحیة العلمیة أم الناحیة القانونیة ذلک لأنه یجمع بین میدانین أحدهما طبی و الآخر قانونی، ، فقد تنجم عن عملیة نقل الدم أضرار تلحق سواء بالمتبرع أم المتلقی فتثار مسألة التعویض و من یتحمل مسؤولیة الضرر و من ثم تطبیق أحکام المسؤولیة المدنیة، و هنا یکمن الجدید أین اسقطت أحکام المسؤولیة المدنیة طبقا للنظریة التقلیدیة على عمل الطبیب المشرف على عملیة نقل الدم و کیّفت بشکل سلس یتلاءم و طبیعة عمله، فضلا عن المقارنة التی اعتمدناها قصدا بین التشریعین الجزائری و الفرنسی ذلک أن هذا الأخیر یشهد تطورا ملحوظا فی أحکام المسؤولیة المدنیة الناجمة عن التدخلات الطبیة ومن بینها عملیة نقل الدم خاصة و أن القضاء الفرنسی کان و لایزال یوجد النظریات فی مجال المسؤولیة و التی یعتمدها المشرع بعده و غالبا ما یحذو المشرع الجزائری حذوهما.
| ||
Keywords | ||
طبیب; مریض; نقل دم; خطأ طبی; مسؤولیةمدنیة | ||
Full Text | ||
مسؤولیة الطبیب المدنیة فی التشریعین الجزائری والمقارن -عن نقل الدم نموذجاً-(*)- Civil Liability of Doctors in the Algerian and comparative Law: An examination of the liability for blood transfusions
(*) أستلم البحث فی 4/12/2019 *** قبل للنشر فی 15/3/2020. (*) Received on 4/12/2019 *** accepted for publishing on 15/3/2020. Doi: 10.33899/alaw.2020.165774 © Authors, 2020, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license (http://creativecommons.org/licenses/by/4.0). المستخلص یعد نقل الدم من قبیل الأعمال الطبیة لذلک فإن مســؤولیة الطبیب المشرف علیه تعد مسؤولیة طبیة إلا أنها تختلف عنها من حیث التزام الطبیب المتولد عنه الخطأ و العلاقة السببیة. فالتزام الطبیب تجاه المریض یتمثل فی بذل عنایة کأصل عام، إلا أنه فی عملیة نقل الدم هــو ملزم بتحقــیق نتیجــة متمثلة بسلامة المریض، فإذا ما أخل بالتزامه العام تقــوم مسؤولیته و على المریض إثبات العلاقة السببیة بین خطئه و الضرر الحاصل له، أما فی المسؤولیة المتولدة عن عملیة نقل الدم فالعلاقة السببیة فیها مفترضة یکفی للمریض أن یثبت عملیة نقل الدم و الضرر الحاصل له فقط دون أن یثبــت العــلاقة السببیة بینهما. الکلمات المفتاحیة: طبیب، مریض، نقل دم، خطأ طبی، مسؤولیة مدنیة Abstract Blood transfusion is categorized as a medical intervention; thus the liability for negligence in blood transfusion is medical. In contrast to the general rule of medical liability, the liability of the supervising doctor is based on an obligation of result, and as such a doctor involved in this medical process will not be obligated to a duty of care as the general liability rules state. This implies that in the process of blood transfusion, the doctor is obliged to achieve the result of the patient's safety. It is the patient responsibility to prove the causal relationship between the mistake and the damage done to him. In blood transfusion, while some argues that the causal relationship can be established as certain reactions may indicate a causal link in case of infection and incompatibility in the transfusing process. Keywords: doctor’s civil liability, duty to care, blood transfusion, civil liability, medical e, obligation of result, medical malpractice. المقدمـة شهدت عملیة نقل الدم عدة تطورات وذلک عبر مختلف الحقب الزمنیة، فتکاثفت البحوث وذلک لضمان سلامة المتبرع بالدم والمتبرع إلیه معا إلى أن وصلت إلى ما هی علیه الآن. ونظـرا لأهمیـة عملـیـة نقــل الدم والدور الــذی تلعبــه فــی إنقــاذ حیاة المرضى عنیت باهتمام الجمیع من أشخاص عادیین وجمعیــات وأطـبــاء وقانــونیــیــن وفقهاء، وأصبحت مجالا خصبا للمؤتمرات الطبیة والفقهیة وکذا القانونیة. وبالرغم من التطورات التی وصلت إلیها عملیة نقل الدم والرامیة إلى حمایة أطرافها إلا أنها قد تنشأ عنها أضرار تلحق بالمتبرع أو بمتلقی الدم على حد سواء، کمن ینقل له دم ملوث، فیصـاب بمـرض آخـر هـو فـی غنـى عنـه، لـذا نجـد أن المشـرعیـن العـرب منهم أو الغربیین حاولوا إیجاد إطار قانونی لعملیة نقل الدم، وتحدید المسؤول عمّا ینجم عنها من ضرر للغیر. أولا: أهمیة الدراسة. نظرا لانعدام الدراسات المعمقة القانونیة فیما یخص المسؤولیة المدنیة المتولدة عن عملیات نقل الدم فی التشریع الجزائری، و نظرا لأهمیة هذا الموضوع علمیا و عملیا و ما قــد ینعکس بسببه من آثار على المرء، فکل واحد معرض لفقد دمه لأی سبب کان و الوسیلة الطبیة لتعویضه هو نقل الدم لسد ما ضاع منه إلا أن هذه العملیة قد تنجم عنها أضرار توجب جبرها و بالنتیجة قیام المسؤولیة المدنیة لمرتکب الخطأ. کل هذه الأسباب شکّلت لدینا دافعا للبحث فی هذا الموضوع. ثانیا: مشکلة الدراسة. تتمثل إشکالیة الموضوع فی مدى تطابق قواعد المسؤولیة المدنیة للطبیب المشرف على عملیة نقل الدم مع القواعد العامة للمسؤولیة المدنیة، فهل مسؤولیة الطبیب المشرف على نقـــل الـــدم تخضع لنفس القواعد العامة الواردة فی القانون المدنی أم لها أحکام نوعیة خاصة بها؟ وهل یسأل مسؤولیة عقدیة أم تقصیریة؟ ثالثا: نطاق الدراسة. حاولنا تجمیع کل ما یتعلق بعملیة نقل الدم من أحکام وإن واجهتنا صعوبات فی ذلک لأن معظم النصوص التی نظمت عملیة نقل الدم کانت عبارة عن قرارات وزاریة عن قطاع الصحة و التی جعلت من عملیة نقل الدم تتم تحت المسؤولیة المباشرة للطبیب المشرف علیها، مما جعل مسؤولیته قائمة فی حالة وقوع ضرر من جراء نقل الدم مما دفعنا للبحث عن نوع هذه المسؤولیة و شروط قیامها و طرق انتفائها طبقا للتشریع الجزائری و التشریع الفرنسی على سبیل المقارنة. وإن کان سبب اختیارنا للتشریع الفرنسی هو السبق التشریعی والقضائی له فی هذا المجال، وغالبا ما یسایره المشرع الجزائری فی أحکامه ولو بتأخر زمنی. رابعا: منهجیة الدراسة. لقد اعتمدنا فی دراسة موضوع المسؤولیة المدنیة للطبیب المشرف على نقل الدم على المناهج الآتیة: التحلیلی، الاستنباطی والمقارن، إذ استعملنا المنهج التحلیلی فی تحلیل مختلف النصوص القانونیة الجزائریة، أما المنهج الاستنباطی فقد استعملناه فی استنتاج الاحکام الخاصة من الأحکام العامة الواردة فی کل من قانون الصحة، مدونة أخلاقیة الطب وکذا القانون المدنی، و أخیرا المنهج المقارن وجد تطبیقا له فی مقارنة النصوص القانونیة الجزائریة بالنصوص القانونیة الفرنسیة المتعلقة بنقل الدم. خامسا: خطة الدراسة. للإجابة على مشکلة الدراسة التی سبق لنا وأن وضحناها أعلاه ومعالجتها علمیا باستعمال المناهج العلمیة المختلفة، قسمنا دراستنا إلى مبحثین اثنین، خصصنا المبحث الأول لدراسة انعقاد المسؤولیة المدنیة للطبیب المشرف على عملیة نقل الدم، أما المبحث الثانی فخصصناه لدراسة الآثار المترتبة عن قیام هذه المسؤولیة لنختم الدراسة بخاتمة نبین فیها مجموع النتائج المتوصل إلیها وکذا بعض التوصیات و ذلک اتباعا وفق الاتی. المبحث الأول انعقاد المسؤولیة المدنیة للطبیب المشرف على عملیة نقل الدم لانعقاد المسؤولیة المدنیة، لابد من اجتماع أرکان ثلاث من خطأ وضرر وعلاقة سببیة بین الخطأ والضرر. وباعتبار نقل الدم من النشاطات الطبیة، ولما تعلق الأمر بالمسؤولیة الطبیة فیوصف الخطأ على أنه خطأ طبی فهل هو نفسه الخطأ طبقا للقواعد التقلیدیة فی المسؤولیة أم مفهومه یختلف ومثله الحکم بالنسبة للضرر والعلاقة السببیة بینهما؟ للإجابة على هذا التساؤل ارتأینا تقسیم هذا المبحث إلى ثلاثة مطالب، نخصص المطلب الأول لدراسة الخطأ الطبی باعتباره أول رکن متطلب لقیام المسؤولیة، والمطلب الثانی نخصصه لدراسة الرکن الثانی فی المســؤولیة وهو الضرر، أما المطلب الثالـــث فسنخصصه لدراسة العلاقة السببیة بین الخطأ و الضرر و إمکانیة انتفائها. المطلب الأول الخطأ الطبی یُعرّف الخطأ طبقا للقواعد العامة فی المسؤولیة على أنه إخلال بالتزام سابق، سواء کـان هــذا الالتــزام مصدره العقد أو القانون. فالخطأ قد یکون عقدیا، و قد یکون تقصیریا. أما الخطأ العقدی فیتمثل فی عدم تنفیذ الالتزام المحدد فی العقد أو الـتأخر فی تنفیذه. وأما الخطأ التقصیری فلقیامه لابد من توفر رکنین، الرکن المادی ویتمثل فی الانحراف عن السلوک المألوف للشخص العادی الموضوع فی نفس الظروف الخارجیة المحیطة به، أما الرکن المعنوی فیتمثل فی الإدراک والتمییز حیث لا یسأل عن الخطأ إلا الشخص الممیز، فمتى اجتمع الرکنان قام الخطأ التقصیری الذی قد یتخذ صور عدة فإما یکون ناتجا عن فعل عمدی أو ناتج عن إهمال أو رعونة أو عدم تبصر. وبالرجوع إلى قواعد المسؤولیة الطبیة، نجد أنه توجد تعریفات عدیدة للخطأ الطبی منها ما أتى بها الفقه ومنها ما حددها القضاء، فهناک من عرف الخطأ الطبی أنه یتمثل فی "عدم قیام الطبیب بالتزاماته الخاصة التی تفرضها علیه مهنته". و هناک من عرفه بأنه: "تقصیر فی مسلک الطبیب". و عرفه البعض على أنه "عدم بذل قدر العنایة المطلوبة من الطبیب". و لقد حدد القضاء الفرنسی معالم الخطأ الطبی من خلال قرار Mercier لسنة1936 حیث اعتبر الخطأ بأنه: "عدم بذل العنایة المتقنة و الدقیقة و الیقظة الموافقة للحقائق العلمیة المکتسبة فی غیر الظروف الاستثنائیة". « …du moins de lui donner des soins, non pas quelquonques, mais consciencieux, attentifs et réserve faite de circonstances exceptionnelles, conformes aux données acquises par la science ». ولقد تماشى من بعد القضاء، الفقه و التشریع على نفس المنوال حیث حدد القانون المؤرخ فی 04-03-2000 المتضمن قانون الصحة الفرنسی المعدل بالقانون المؤرخ ب 22-04-2005 طبیعة التزام الطبیب فی نص المادة 1110-5 و هی المتمثلة فی بذل عنایة، إذ على الطبیب بذل العنایة والیقظة وفق ما تسمح به الحقائق العلمیة المکتسبة، فإذا ما أخل بهذا الالتزام عدّ مخطئا، یلزم خطؤه قیام مسؤولیته. أمـا التشریع الجزائری، فلم ینص صراحة على تعریف واضح، شامل و جامع للخطأ الطبی، إنما اکتفـى بالتنصیــــص علــــى التزامات و واجبات الطبیب تجاه مریضه ســواء فـی قانـون الصحــة أوفی مـدونــة أخلاقیـات الطب أو حتى فی المراسیم والقرارات و الأوامر التی تلت صدور القانون ونظمت قطاع الصحة بکل فروعه العامة والخاصة، فلقد نص مثلا فی المادة 04 من مدونة أخلاقیات الطب على أن رسالة الطبیب تتمثل فی الدفاع عن صحة الإنسان البدنیة و العقلیة، و فی التخفیف من المعاناة، ضمــن احترام حیاة الفرد و کرامته الإنســـانیــــة دون تمییز من حیث الجنس و السن و العرق والدین و الجنسیـة و الوضـع الاجتماعی والعقیدة السیاسیة أو أی سبب آخر فی السلم أو الحرب. و ما جاء فی نص المادة 45 من نفس المدونة على أن الطبیب یلتزم بمجرد موافقته على أی طلب معالجة بضمان تقدیم علاج لمرضاه یتسم بالإخلاص و التفانی ولمطابقة لمعطـیــات العلـم الحــدیثة والاستعــانة عنــد الضرورة بالزملاء المختصین والمؤهلین. و أضـافــت المــادة 46 علــى أن علــى الطبــیـب التقید بالسلوک المستقیم وحسن الرعایة و احترام کرامة الإنسان. و من ملاحظة هذه المواد، یستشف أن المشرع الجزائری و إن لم ینص صراحة على تعریف الخطأ الطبی، إنما ذهب فی اتجاه موقف القضاء و التشریع الفرنسیین حینما حدد التزام الطبیب فی نص المادة 45 من مدونة أخلاقیات الطب باستعماله مصطلحات تدخل فی نفس سیاق ما استعمله المشرع الفرنسی فی ما یخص التزام الطبیب. کما ذهب القضاء الجزائری إلى تحدید التزام الطبیب فی الالتزام ببذل عنایة کأصل عام و بتحقیق نتیجة فی حالات استثنائیة فقط ، و أعطى تعریفا للالتزام بالعنایة فی قرار المحکمة العلیا فـی غـرفـتـها المـدـنیة المـؤرخ فــی 23-01-2008 بأنــه بـذل الجهــود الصادقة المتفقة و الظروف القائمة والأصول العلمیة الثابتة بمناسبة قضیة تتلخص وقائعهـا أن مریضا اتفق مع طبیب جراح على نزع حصاة من إحدى کلیته لکن الجراح نزع له الحصاة و الکلیة معا الأمر الذی جعل المریض یطلب التعویض نتیجة خطأ الطبیب و کـان له ذلــک بحکـم و تأیـیـد مـن قـرار صـادر عـن مجلـس قضـاء تبـسة مـؤرخ فی 04-04-2005 فطعن الطبیب بالنقض مؤسسا نقضه على عدة أوجه منها انعدام الأساس القانونی للحکم اعتبارا على أن الطبیب باستئصاله الکلیة یکون قد قام بالإجراءات التی یملیها علیه ضمیره وأخلاقیات المهنة بحیث أن الکلیة کانت متعفنة، إلا أن المحکمة العلیا رفضت طعنه مؤسسة قرارها على أن الطبیب فی هذه القضیة خالف التزامه المقرر فی بذل عنایة حیث جاء فی حیثیاتها: "حیث الثابت من الملف أن المطعون ضده اتفق مع الطاعن الذی هو طبیب جراح على نزع له حصاة من إحدى کلیته لکن الجراح نزع له الحصاة و الکلیة الأمر الذی جعل المطعون ضده یطالب بالتعویض نتیجة خطأ الطبیب. حیث من المقرر فقها و قضاء أن الالتزام الذی یقع على عاتق الطبیب کأصل عام هو بذل عنایة مثل قضیة الحال ما عدا الحالات التی یقع فیها على الطبیب تحقیق نتیجة. حیث یعنی الالتزام ببذل عنایة بذل الجهود الصادقة التی تتفق و الظروف القائمة و الأصول العلمیة الثابتة بهدف شفاء المریض و تحسین حالته الصحیة. حیث أن الإخلال بهذا الالتزام یشکل خطأ طبیا یثیر مسؤولیة الطبیب و بالتالی الخطأ الطبی من جهة ثانیة هو تقصیر فی مسلک الطبیب. حیــــث أن قضاة الموضوع ناقشوا هذه الخبرة طبقا لسلطاتهم التقدیریة التی لا رقابة للمحکمة العلیا علیهم و توصلوا أن الطاعن أخطأ و هذا الخطأ سبب ضررا للمطعون ضده و أن هناک علاقة سببیة بینهما". وعلیه، هنــاک مــن ذهــب إلى تعــریــف الخطــأ الطبــی معتـمـدا علــى ما ورد فــی نصــوص القانــون الطبی وما توصل إلیه القضاء الجزائری على أنه "إحجام الطبیــب على القیام بالواجبـات الخاصــة التــی تفــرضهـا علــوم الطــب وقـواعــد المهـنـة وأصــول هــذا الفــن أو مجــاوزتها بأن یأتی الطبیب عملا یتجاوز العمل المعتاد والرسم المتبع والمألوف الذی یقوم به طبیب آخر من نفس المستوى و فی ذات الظروف". ویقدر خطأ الطبیب بالنظر إلى سلوک أقرانه من الأطباء المحیطین بنفس الظروف المحیطة به أی ذلک الشخص الیقظ ممن یمارس نفس المهنة. ولقیاس خطأ الطبیب فی الالتزام ببذل العنایة وجد معیاران، معیار شخصی یأخذ بعین الاعتبار قدرة کل طبیب على دفع الضرر فلا یسأل إلا فی حدود طاقته، ومعیار موضوعی ویعتد فیه بقیاس سلوک الطبیب مع سلوک طبیب مثله وضع فی نفس الظروف الخارجیة المحیطة به. إلا أن الأخذ بأحد المعیارین دون الآخر انتقد من طرف الفقه، مما دفع بجانب آخر مــن الفقــه إلى اعتـماد المعیار المختلط وهو المعیار الذی یجمع بین المعیارین الشخصی والموضوعی معا، فیصبح خطأ الطبیب تقصیر فی مسلکه لا یقع من طبیب یقظ وجد فی نفس الظروف الخارجیة المحیطة بالطبیب المسؤول. و الخطأ الطبی نوعان، فهناک خطأ مادی (خطأ علاجی) و خطأ مهنی (خطأ فنی). أما الخطأ المادی أو العلاجی فهو ذلک الخطأ الذی ینشأ عن العمل العلاجی الذی یقوم به أحـد المستخـدمیـن أو الممـرضین الذیــن یعمـلـون تحت إمرة الطبیب کمراقبة المریض وإعطائه الطعام و قیاس حرارته بینما الخطأ المهنی أو الفنی فهو ذلک الذی ینجم عن عمل الطبیب الفنی الذی یعتبر من صلاحیات الطبیب لوحده لتمتعه بالطابع الفنی و یستحیل على غیره القیام به لتطلبه تحصیلا علمیا ووسائل علمیة دقیقة، فهو "ذلک الخطأ الذی یقـع مـــن الطبــیب أثنــاء ممارسته لمهنة الطب، و یتصل اتصالا مباشرا بفنون تلک المهنة و أصولها بحیث یکون لصیقا بصفة الطبیب الممارس لها و یستحیل نسبته إلى غیره". والخطأ الطبی بوجه عام، یوجب قیام ثلاثة أنواع من المسؤولیة، مسؤولیة جزائیة عندما یشکل الخطأ فعلا مجرما فی قانون العقوبات، ومسؤولیة موضوعها التعویض عندما یرتکب الخطأ ویسبب ضررا موجبا للتعویض و هی نوعان: مسؤولیة مدنیة عندما یرتکب الخطأ طبیب یعمل بالقطاع الخاص أو العیادات، و مسؤولیة إداریة عندما یرتکب الخطأ من طرف طبیب یعمل بالمستشفیات العامة. وأخیرا مسؤولیة تأدیبیة، تقام عندما یخالف الطبیب قواعد أخلاقیات المهنة. أما فی ما یخص المسؤولیة المدنیة للطبیب فلقد، شهدت تطورا ملحوظا فی القضاء الفرنسی فبعد أن اعتبرها سنة 1936 مسؤولیة عقدیة و حدد التزام الطبیب الموجب لقیام المسؤولیة إذا ما خالفهفمسؤولیته المدنیة تقوم على أساس الخطأ و هذا ما أکدته محکمة النقض الفرنسیة فی آخر قرار لها مؤرخ فی 08-11-2000. کما أن محکمة النقض قلبت عبء إثبات واجب إعلام المریض بمرضه وطریقة علاجه بصورة واضحة وبسیطة من المریض إلى الطبیب إذ على هذا الأخیر إثبات أنه قام بإعلام المریض بصورة واضحة عن طریقة علاجه و کذا الآثار المحتملة الوقوع من التدخل العلاجی حسب القرار المؤرخ ب 25-02-1997 و کل ما عداه یقع عبء إثباته على المریض. أما المسؤولیة الإداریة، و هی مسؤولیة المستشفیات العامة عن أخطاء الطبیب، أنشأ أحکامها القضاء من خلال قرارات مجلس الدولة، فلقد أسس أحکامها هذا الأخیر فی بادئ الأمر على الخطأ الذی کان یرى فیه نوعان، خطأ علاجی و خطأ مهنی، أما الخطأ المهنی فقسمه إلى خطئ یسیر و خطئ جسیم، فالأول لا یـوجــب قیــام المســؤولیة بینـما الثانی تقــوم المسؤولیة المدنیة بشأنه و تقدیر جسامة الخطأ خاضعة لتقدیره و قد یستعین بأهل الخبرة. کما حمّل القضاء المسؤولیة للطبیب عن الخطأ العادی فی جمیع درجاته سواء کان بسیطا أو جسیما. ثم حاد عن هذا المبدأ وحمّل المستشفیات المسؤولیة تأسیسا على توفر الخطأ الیسیر فقط دون التفرقة بین ما إذا کـــــان الخطـــأ علاجیا أو مهنـــیــــا بسیطا کان أو جسیما و ذلک من خلال قراره المؤرخ فی 10-04-1992 الموسوم بقرار Les époux V حیث تتلخص وقائعه فی أن السیدة V أثناء إجراء عملیة قیصریة لها تحت تخدیر جولجافیّ (anesthésie péridurale) ارتکبت فی حقها أخطاء وعدم حیطة و حذر من قبل عدید من المتدخلین الطبیین، مما أدى إلى توقف قلبها لمدة نصف ساعة أدخلت على إثره إلى قسم العنایات المرکزة ثم أصیبت بعد ذلک بشلل نصفی أیسر (hémiplégie gauche) واضطرابات عصبیة و جسمیة. فلقد خلص مجلس الدولة إلى أن المستشفى یتحمل المسؤولیة متى أصیب المریض بضرر حتى و لو کان ناتجا عن خطأ بســــیط و قرر أن الخطأ یشمــل کــل المراحل الطبیة من تشخیص للمرض، اختیار العلاج، إجراء العملیة و الرقابة الطبیة بعد العملیة. أما الوضع بالنسبة للتشریع الجزائری، فتقوم مسؤولیة الطبیب عقدیة کانت أو تقصیریة على الخطأ الواجب الإثبات، إلا أنه لم یشترط فی هذا الخطأ أن یکون بقدر من الجسامة وکل فعل کُیّف على أنه خطأ یوجب التعویض، فتـــرفع دعـوى مدنیة إذا ما کان الطبیب یعمل بالقطاع الخــاص طبـقـا للمادة 13 و ما بعدها من قـانون الإجراءات المدنیة والإداریة و ترفع دعوى قضاء کامل أمام القضاء الإداری إذا کان الطبیب یعمل بالقطاع العام طبقا للمادة 800 و ما بعدها من نفس القانون . کما أنه للخطأ الطبی صور و تطبیقات عدة، فقد ینجم عن علاج طبی و قد ینجم عن علاج جراحی خاصة منه التجمیلی و قد ینجم عن عملیة نقل الدم و حقنه و هو ما یهمنا فی هذه الدراسة، فما هی صور الخطأ الطبی فی عملیة نقل الدم و حقنه؟ و إلى أی مدى یسأل الطبیب المشرف علیها؟ فلقد علمنا أن الطبیب یعدّ مخطئا عندما یخل بالتزامه المهنی، و التزامه المهنی یتمثل بصفة عامـة فــی بـذل العنایـة المتقـنة و الدقیقة و الیقظة الموافقة للحقائق العلمیة المکتسبة و یقاس التزامه بالتزام الطبیب ذی نفس التخصص و الموضوع بنفس الظروف الخارجیة المحیطة بالطبیـب المســؤول. إذن الطبیب هـو مطالـب ببــذل عنایة و لیس بتحقیق نتیجة کأصل عام و لکن لکل أصل استثناء، و الاستثناء حدده القضاء الفرنسی فی بعض الحالات التی یُطالَب فیها الطبیب بتحقیق نتیجة و لیس ببذل عنایة فقط و هی: - الطبیب الذی یمارس عملیة جراحیة هو ملزم بسلامة المریض الذی یعتبر التزام بتحقیق نتیجة. - الأضرار الناجمة عن الإصابات الاستشفائیة و هی إصابة یلتقطها المریض فی البیئة التی یعالج فیها((L’infection nosocomiale) . وفی هذا الصدد صدر عن محکمة النقض الفرنسیة القرار المؤرخ ب 29-06-1999 و الذی أقر أن الطبیب فی مجال الإصابات الاستشفائیة ملزم بتحقیق السلامة و هی التزام بنتیجة، و ترجع وقائع القضیة إلى أن السید المدعو M.F بتاریخ 22-10-1987 أجری له فحص مفاصل بواسطة الأشعة: (Une arthrographie) لرکبته الیمنى من طرف الطبیب المختص فی المعالجة بالأشعة المدعو M.Fr فی محلات تابعة لعیادة Val Fourré. بعد أیام من ذلک أصیب السید M.F بإصابة جدیة لم یکن من الممکن نسبتها إلى دخول "المکوّرات العنقودیة الذهبیة" (Des Staphylocoques dorés) إلى رکبته أثناء إجراء الفحص الإشعاعی و نتیجة هذه الإصابة أجریت له عملیات جراحیة عدیدة، و قدر عجزه نصف الدائم بخمسة عشر(15) بالمائة. فرفع دعوى ضد الطبیب یطالبه بالتعویض أمام محکمة فرسای فأصدرت هذه الأخیرة حکما مؤرخا فی 18-05-1994 أعفت فیه العیادة من المسؤولیة تأسیسا على أن المحل المجرى فیه الفحص لیس هو المسؤول لأن أجرة الفحص للطبیب و هو مستقل عن العیادة سواء فی الإدارة أو فی آلاته أو تنظیمه. کما أعفت الطبیب من المسؤولیة لعدم ثبوت الخطأ فی حقه . و بعد ذلک أید مجلس استئناف فرسای هذا الحکم بموجب القرار المؤرخ فی 18-09-1997، فطعن المریض بالنقض و کان له ذلک حیث نقضت محکمة النقض القرار و أسست قرارها على أن الطبیب ملزم فی هذه الحالة بتحقیق نتیجة و لیس ببذل عنایة فقط و لا یمکنه التنصل من مسؤولیته إلا بإثابته السبب الأجنبی. - الطبیب المشرف على إجراء التطعیمات الإجباریة هو ملزم بتحقیق نتیجة و لیس ببذل عنایة فقط. - الطبیب المشرف على عملیات نقل الدم، فهو ملزم أیضا بتحقیق السلامة و التزام بتحقیق نتیجة. و علیه، یلتزم الطبیب فی مجال عملیة نقل الدم بتحقیق نتیجة، لکنه یبقى کأصل عام ملزم ببذل عنایة، فهو ملزم بالأولى من ناحیة سلامة العملیة، أما فی ما یخص شفاء المریض بالدم فلــیس مــن التزامـه بل یبـقى ملــزما ببذل عنایة، فلقد حمل القضاء الفرنسی الطبیب المسؤولیة عن الخطأ الحادث فی تحلیل الدم و معرفة نوع الفصیلة حتى ولو قامت به الممرضة کما ألزمه بضمان ألا یترتب على عملیة نقل الدم فی حد ذاتها أی أضرار للأطراف. إلا أنه أعفى الطبیب من المسؤولیة فی حالة نقل دم حامل لفیروس VIH أو لفیروس التهاب الکبد C، و حملت مرکز الدم المسؤولیة دون خطأ إذا ما تعلق الأمر بالمسؤولیة الإداریة و بتحقق النتیجة إذا ما تعلق الأمر بالمسؤولیة المدنیة حیث أن الطبیب لیس مســؤولاً عن مراقبـة سلامـة الدم، فإذا حصلت أی عدوى فلیس هو المسؤول، و إنما قد یسأل استثناء إذا ما ارتکـب خطأ مهـنیـا یتعـلق بحـفظ أو استعمال المواد إذا ما کان یعمل بالمستشفیات الخاصة، أمــا إذا کـان یعمـل بالمستـشفـیات العامة فهذه الأخیرة هی المسؤولة مدنیا إذا ما ارتکب الطبیب خطأ مهنیا اللهم إلا إذا ثبت أن تدخل الطبیب کان فی حالة خارجة عن الخدمة و هی حالة نادرة الوقوع. أما المشرع الجزائری، فبمراجعة المادة368 من قانون الصحة نجد أنه أشار إلى عملیة التبرع بالدم و اشترط فیها أن تسبقها مقابلة طبیة، إلا أنه لم ینص صراحة على أن العملیة تتم تحت مسؤولیة الطبیب کما کان ینص علیها صراحة فی قانون حمایة الصحة وترقیتها الملغى و بالضبط فی نص المادة 158 منه و التی جاء فی نصها: "...یتـولى الأطباء أو المستخدمون الموضوعون تحت مسؤولیتهم جمع الدم، و تحصین المتـبرعیــن الفعــال و تحلیــل مصــل الدم "البلازما فیریز" و کذلک العلاج بواسطة الدم ومصله "البلازما" و مشتقاته...". و لکن یستخلص ضمنا من نص المادة 259 من قانون الصحة أن عملیة نقل الدم تتم تحت مسؤولیة الطبیب حیث اعتبرها فی نص هذه المادة نشاط طبی کما أکد القرار الوزاری المؤرخ فی 24-05-1998 المنظم لقواعد التبرع بالدم و مکوناته مسؤولیة الطبیب عن العملیة حیث نص فی المادة 07 منه على أن التکفل بالمتبرعین یقع على عاتق الأطباء وتحت مسؤولیتهم، وذهب فی نفس المنوال القرار الوزاری المؤرخ فی 24-05-1998 المتعلق بقواعد الحیطة الواجب اتخاذها فی حالة وقوع حادث أثناء عملیة نقل الدم إلى تحمیل الأطباء المسؤولیة فی حالة وقوع حادث أثناء عملیة نقل الدم حیث جاء فی المادة 02 منه أن عملیة نقل الدم تعتبر نشاط طبی تحت المسؤولیة المباشرة للطبیب المعالج، کما وضعت المادة(7) من نفس القرار على عاتقه إخطار الهیئة التی مونته بالدم فی حالة وقوع حادث أثناء عملیة النقل. و التزام الطبیب فی هذه الحالة هو التزام بسلامة المتبرع و المتلقی الذی یعتبر التزام بتحقیق نتیجة، و علیه متـى لـم تتحقـق النتیجة وهی سلامة المریض من جراء عملیة النقل و لیس شفاؤه قامت مسؤولیة الطبیب. إلا أن هذه النصوص، لم تفرق بینما إذا کان الطبیب المشرف على عملیة نقل الدم یعمل بالمستشفیات العامة أو العیادات الخاصـة، فالظاهر من النصوص مع عدم وجود ما یخالفها تشریعا أو قضاء، یسأل الطبیب عن أی حادث یحدث من جراء عملیة نقل الدم حتى ولـو کـان تابـعا لمستـشـفى عـام أی حتى فی انعدام أی علاقة تعاقدیة بینه و بین المریض وبما أن عملیة نقل الدم تعتبر من بین النشاطات الطبیة التی یمارسها الأطباء فمتى أخطأوا فیها قامت مسؤولیتهم. وإذا ما قامت مسؤولیة الطبیب الذی یعمل بالقطاع العام تقوم مسـؤولیة المستشفى تأسیــسا على مسؤولیة المتبوع عن فعل تابعه الشـیء الذی یتماشى و السیاسة التشریعیة و الأسس القانونیة التی بنــــیت علیها قواعد الصحة والتی دأب القضاء على السهر على تطبیقها، فمن المقرر قانونا و قضاء أن المستشفى یسأل مدنیا عن أخطاء الأطباء التابعین له تأسیسا على مسؤولیة المتبوع عن فعل تابعه، خاصة أن الغرض من قیام المسؤولیة المدنیة هو تعویض المتضرر، فمن باب أولى أن یحصل المتضرر على التعویض من ذمة مالیة یفترض یسرها و هی ذمة المستشفى على أن یحصل علیه من الطبیــب الذی تعتـبر ذمتــه المالیة أقل بکثیر من ذمة الشخص المعنوی لذا نجد أن المشرع و بعده القضاء یحمیان مصالح المتضرر من عملیة نقل الدم. أما الطبیب المشرف على عملیة نقل الدم و الذی یعمل بالقطاع الخاص، فیعتبر هو الآخر مسؤولا عما ینجم من أضرار عن عملیة نقل الدم، إلا أنه قد تقوم مقامه فی المسؤولیة المدنیة العیادة التی یعمل بها متى تحققت شروط إعمال قواعد مسؤولیة المتبوع عن فعل تابعه مع عدم وجود أی شرط فی العقد تعفى فیه العیادة من المسؤولیة، ذلک العقد المبرم بین العیادة و مستخدمیها. إلا أن الخطأ لا یکفی لوحده لقیام المسؤولیة، بل لابد من وقوع ضرر، والسؤال هنا فیم یتمثل الضرر فی مجال عملیة نقل الدم؟ المطلب الثانی الضرر حتى تقوم المسؤولیة المدنیة بوجه عام، لابد من توفر کل من الخطأ و الضرر. و هذا الأخیر یعتبر الرکن الثانی الذی تقوم علیه المسؤولیة، و هو ما یصیب المرء فی حق من حقوقه أو هو إخلال بمصلحة مشروعة یحمیها القانون. و لقد نظم المشـرع الجزائری أحکام الضرر فی القانون المدنی سواء تعلق الأمر بالمسؤولیة العقدیة أو المسؤولیة التقصیریة مفصلا قواعده و أنواعه و حکم کل نوع منها. وکما سبق بیانه، تعتبر عملیة نقل الدم من بین الأعمال الطبیة، التی توجب قیام المسؤولیة الطبیة فی حال وقوع الضرر، فهل تنطبق على الضرر الحاصل من عملیة نقل الدم نفس الشروط المتطلبة لقیام المسؤولیة الطبیة؟ وهل شروط الضرر المتطلبة لقیام المسؤولیة الطبیة هی نفسها الشروط الواجب توفرها فی الضرر الحاصل من عملیة نقل الدم أم هناک شروط أخرى تمیزه عن باقی الأضرار الطبیة؟ نظرا لاعتبار عملیة نقل الدم من الأعمال الطبیة، فالمسؤولیة المتولدة عنها تعتبر مسؤولیة طبیة لذا تشترط فی الضرر الحاصل من جراء عملیة نقل الدم نفس الشروط المتطلبة فیه لاعتباره ضررا موجبا للتعویض. و لکن و نظرا لخصوصیة عملیة نقل الدم، و ما تشکله من خطورة على حیاة الإنسان و سلامته فالتعویض عن الضرر فیها یشمل ثلاثة أنواع من هذا الأخیر، الضرر المادی الضرر المعنوی و ضرر آخر من نوع خاص تتمیز به المسؤولیة المدنیة عن عملیة نقل الدم و هو ضرر نوعی یتمثل فی التقلیل من الأمل فی الحیاة و فقدانه. و یظهـر خاصة هذا الضرر، فی حالة الإصابة بعدوى السیدا من جراء نقل دم ملوث للمریض أو أحد المنتجات المحضرة من الدم الملوث أو بواسطة استخدام الإبر الملوثة بفیروس الایدز، فتترتب على الإصابة بهذا المرض عدة آثار طبیة، اقتصادیة وأخرى اجتماعیة. أما الآثار الطبیة، فتتلخص فی تدمیر جهاز المناعة لدى المصاب به الأمر الذی یفضی به إلى الموت المحقق و لیس للأطباء أدویة مضادة له بل هناک مسکنات فقط تساعد على تحمل الألم، فمرض السیدا تصحبه أعراض أخرى مثل الضعف و التعرق اللیلی و نقص الوزن و الإسهال ثم یحدث تضخم فی الغدد اللمفاویة الأمر الذی ینتهی بالموت. و أما الآثار الاقتصادیة، فتتمثل فی ما تصرفه الدول و تخصصه من میزانیات عامة مخصصة لعلاج المرضى المصابین بهذا المرض، و کذا ما ینعکس على المریض من جراء مرضه على قدرته فی العمل و بالتالی على مدخوله. و أخیرا الآثار الاجتماعیة، و یقصد بها البعد الاجتماعی، فمرض نقص المناعة لا یؤثر على المریض الذی یصاب به فحسب، و إنما یؤثر على المجتمع ککل لما یسببه هذا المرض من نتائج نفسیة و اجتماعیة مدمرة. فکما سبق توضیحه یحطم هذا المرض الجهاز المناعی للإنسان فیصاب بتشوهات جسمیة الأمر الذی یؤدی إلى نفور المحیطین به وخوفهم منه، بالإضافة إلى الضعف العام الذی ینتج عن الإصابة بهذا المرض و الذی ینعکس على قـــدرة المریض على التکفل بالذات و یفقده القدرة الجنسیة و ما یصاحب ذلک من انعزال الفرد عن المجتمع المحیط به أو انعزال المجتمع المحیط به عنه، الشیء الذی یفقد المریض قیمته الذاتیة و ثقته بنفسه و یفقده الأمل فی الحیاة. کما قد تثیر الإصابة بهذا المرض، مشاکل عائلیة ینجم عنها التفکک الأسری، فغالبا ما یعمد الزوج إلى طلاق زوجته المصابة بهذا المرض و العکس صحیح فقد تطلب الزوجة التطلیق من الزوج المصاب بالفیروس. و کل هذه الآثار، تجعل من الضرر الناجم عن عملیة نقل الدم یتمتع بخصوصیة نوعیة لا تتصف بها باقی الأضرار الناجمة عن مختلف التدخلات الطبیة. لذا نجد أن تفویت الفرصـة التـی سبــق لنـا الإشـارة إلیها تجد تطبیقا واسعا فی مجال المسؤولیة عن عملیة نقــل الـدم، ذلـک أن المریـض یصاب بضرر نتیجــة معرفته أن الحادثة تؤدی بطبیعتها إلى تقصیر عمره لعدد من السنوات کان یأمل فی عیشها مقارنة مع أقرانه الأصحاء کما تُفوّت علیه هذه الإصابة فرصة الحیاة و الحرمان من مباهجها. فلقد قرر مجلس الدولة الفرنسی فی قرار له مؤرخ فی 27-02-2002 تعویض مریض قدم له علاج دون إعلامه بمخاطر عملیة نقل الدم تأسیسا على فوات فرصة تجنب خطر انتقال العدوى حیث تبین من تقریر الخبرة أن عملیة نقل الدم لم تکن ضروریة للعلاج، لذا لو تم إخبار المریض لما قبل بهذه العملیة. إلا أن اجتماع الخطأ و الضرر لا یکفیان لقیام المسؤولیة المدنیة، بل یجب أن تثبت العلاقة السببیة بینهما، أی أن یکون الضرر الحاصل راجع إلى الخطأ، لذا وجب توفر رکن ثالث لقیام المسؤولیة و هو العلاقة السببیة، فهل القواعد التی تحکمها طبقا للقواعد العامة هی نفسها بالنسبة للمسؤولیة عن عملیة نقل الدم؟ و هل من وسیلة لانتفائها؟ المطلب الثالث العلاقة السببیة لقیام المسؤولیة المدنیــة بوجــه عام لابد من توفر ثلاثة أرکان، الخطأ والضرر والعلاقة السببیة بینهما. سبق لنا دراسة کل من الخطأ والضرر فی مجال المسؤولیة المدنیة عن عملیة نقل الدم. تبقى لنا دراسة آخر رکن لقیام المسؤولیة، فـهــل أحکــامــه هی نفســها بالنسبــة لجمیع أنواع المسؤولیة العامة منها أو الخاصة؟. لتحدید العلاقة السببیة بین الخطأ والضرر فی مجال عملیة نقل الدم، ینظر إلیها من منظورین منظور طبی و منظور قانونی. أما العلاقة السببیة من منظور طبی، فهی تتمثل فی البحث عن السبب المؤدی للإصابة أو بعبارة أخرى إسناد الإصابة بالمرض إلى عملیة نقل الدم عن طریق خبرة یقوم بها أهل الطب تتمحور حول إثبات أن الدم الذی تم نقله کان دما ملوثاً، الأمر الذی یصعب فی بعض الحالات خاصة فی حالة المرض بداء نقص المناعة حیث أن هذا الأخیر یستغرق وقتا للظهور فهو یمر بعدة مراحل مرضیة تتلخص فی الآتی: أولا- مرحلة العدوى: و فیها یهاجم الفیروس مجموعة من الخلایا اللمفاویة (الخلایا اللمفاویة المساعدة، الخلایا الملتهمة التی تلتهم الجراثیم و الأجسام الغـــــریبة التی تغزو الجسم، و الخلایا العصبیة فی المخ و النخاع الشوکی) و لا یسبب فی هذه المرحلة أی أعراض مرضیة. ثانیا- مرحلة تنشیط الخلایا: حیث یتکاثر الفیروس بسرعة فائقة داخل الخلایا اللمفاویة التی یتغـــذى مـن نــواتــهـا و یفــتــت حمضــهـا النـووی فتنفجر هذه الخلیة و تخــرج منها فـیروســات جدیدة. ثالثا- مرحلة تکاثر فیروس الایدز: تتجـه الفـیـروسـات الجـدیدة نحو الخلایا اللمفاویة الأخــرى و تحطمــها بدورهـا فتبــدأ فی العد التنازلی و بالتعدی تحطم مناعة المصاب بها وهکذا تبدأ علامات نقص المناعة تظهر تدریجیا على المریض. لذا یصعب تحدید ما إذا کان الدم هو الذی کان سببا فی حدوث المرض نظرا للمدة التی یستغرقها للظهور خاصة إذا کانت المدة طویلة بین التبرع بالدم و نقله للمریض، کما أنه هناک عـدة أسبــاب أخــرى للإصــابـة بهــذا الفیـروس منها الاتصال الجنسی الطبیعی أو الاتصال الجنسی الشاذ حیث یتلقى الشاذ السلبی (المفعول به) السائل المنوی عن طریق المستقیم فیصل الفیروس إلى الدم على أثر خدش الغشاء المخاطی المبطن للشرج نظرا لکونه رقیقا یسهل خدشه و من ثم یصل السائل المنوی المحتوی على الفیروس إلى الأوعیة الدمویة الموجودة فی جدار الشرج المخدوش و تتم العدوى. فکل هذه الأسباب تبقى واردة عند ثبوت الإصابة بهذا المرض و یأتی دور الخبیر الطبی لتحدید السبب الحقیقی فی الإصابــة بالعدوى و مـن ثـم تحـدیــد المسؤول حـتى یتسـنى للقضــاء النطـق بالمسـؤولیـة وتقریر التعویض للمضرور. أما العلاقة السببیة من منظور قانونی، فتکمن فی إسناد الإصابة بالمرض إلى الدم المنقول الملوث و لاشک أن إثبات العلاقة السببیة من منظور طبی یُسهّل کثیرا عبء إثباتها من منظور قانونی، إلا أن القضاة غالبا ما یأخذون بقرینة قضائیة لمصلحة المضرور مفادها أنه متى تمت عملیة نقل الدم إلى المریض، و أصیب هذا الأخیر بعدوى فیروسیة فهذا دلیل و قرینة على أن الضرر هو ناجم عن عملیة نقل الدم، و لا یتحمل المضرور عبء إثبــــات العــــــلاقـــــة السببیة بل یکتفـی بإثبـات إجـراء عملیة نقل الدم و حدوث الإصابة دون أن یثبت العلاقة السببیة بینهما، فینقلب عبء الإثبات من المریض إلى الطبیب إذ على هذا الأخیر إثبات نفی العلاقة السببیة بین العملیة و الإصابة أی نفی القرینة و هذا ما حدث فی قرار مجلس استئناف ران المؤرخ فی 17/11/1992 و کذا قرار مجلس الاستئناف الإداری بباریس بتشکیلته المجتمعة المؤرخ فی 12-02-1998 الذی أقام قرینة السببیة بین عملیة نقل الدم والضرر و أیضــا قرار مجلس الدولة الفرنسی المؤرخ فی 15-01-2001 الذی سار على نفس المنوال. و أخیرا قرار محکمة النقض الفرنسیة المؤرخ فی 29-04-2003 الذی قضى بالتعویض للمضرور بانیا قراره على هذه القرینة. کما أخذ القضاء الفرنسی بنظریة تعادل الأسباب فی إثباته العلاقة السببیة بین الخطأ و الضرر فی مجال عملیة نقل الدم عند اشتراک عوامل عدیدة فی تحقیق النتیجة، بدءا من الفعل الذی تسبب فی نقل الدم کالسائـق الـذی صـدم شخصـا بسیارته، ففقد بعضا من دمه و عند نقله إلى المستشفى قرر الطبیب نقل الدم إلیه الذی تحصل علیه من مرکز الدم، فتعدد المسؤولون من سائق و طبیب و مستشفى بالتبعیة ومرکز دم، فطبقا لنظریة تکافؤ الأسباب یسألون جمیعا عن الضرر الحاصل للمریض و هذا ما فعلته محکمة النقض الفرنسیة من خلال قرارها المؤرخ فی 17-02-1993 حیث حملت سائق السیارة الذی تسبب فی الحادث المسؤولیة إلى جانب مرکز الدم تطبیقا لنظریة تعادل الأسباب. أما فـی الجزائر، فلا یـوجـد أی نص قانــونی یوجب الأخذ بنظریة تعادل الأسباب أو نظـریة السبـب المنتـج فی إطـار المسـؤولیة المـدنیـة المتـولدة عـن عملیة نقل الدم، و مع انعدام الاجتهادات القضائیة فی هذا المجال، یبقى السؤال مطروحا هل یأخذ بقرینة توافر السببیة بین عملیة نقل الدم و الإصابة بالفیروس؟ و هل یسأل کل من لعب دورا و لو صغیرا فی إحداث الضرر؟ و السؤال الذی یمکن إثارته فی هذا الموضوع (قیام العلاقة السببیة)، هو هل یمکن انتفاء العلاقة السببیة بین الخطأ و الضرر؟ لا یمکــن انتـفـاء العلاقة السببیة بین الخطأ و الضرر سواء فی المسؤولیة التقصیریة أو فی المسؤولیة العقدیة إلا بإثبات السبب الأجنبی المتمثل فی القوة القاهرة و خطأ المتضرر و خطأ الغیر. فهل تنتفی العلاقة السببیة بنفس السبب فی إطار کل من المسؤولیة الطبیة و المسؤولیة المدنیة المتولدة عن عملیة نقل الدم؟ بالرجوع إلى أحکام المسؤولیة الطبیة، نجد أن الطبیب لیس له من مخرج لینفی المسؤولیة عن نفسه إلا بإثباته السبب الأجنبی لقطع العلاقة السببیة بین الضرر و الخطأ المفترض نسبته إلیه و هو فی ذلک یخضع لنفس الطرق المقررة لقطع العلاقة السببیة طبقا للقواعد العامة للمسؤولیة. أما القوة القاهرة، فهی حادث خارجی لا یمکن توقعه و لا دفعه، و یشترط للاعتداد به الشروط التالیة: - ألا یکون فی الإمکان توقع الحادث عقلا بشکل مطلق لا نسبی. - ألا یکون وقوعه فی حدوث المألوف. - ألا یمکن مقاومته والتغلب علیه. - أن یکون تنفیذ الالتزام معه مستحیلا. و مثال القوة القاهرة، فی المجال الطبی، الانقطاع المفاجئ للتیار الکهربائی بسبب الزلزال فتسبب بوفاة مریض فوق طاولة العملیات الجراحیة، فالطبیب فی مثل هذه الحالة لا یسأل عن الوفاة و لا یعد مخطئا لانتفاء العلاقة السببیة بین خطئه و الضرر الحاصل للوفاة المتمثل فی الوفاة، أما إذا اشترک خطأ الطبیب مع القـوة القاهـرة فیسأل الطبیب رغم القوة القاهرة، کما لو کان یجری عملیة جراحیة لمریض و ضرب زلزال، فهرب مسرعا إلى الخارج و ترک مریضه کما هو فوق طاولة الجراحة، فهنا یسأل الطبیب عن خطئه و القوة القاهرة المتمثلة فی الزلزال لا تنفی عنه المسؤولیة. أما خطأ المتضرر، و هو خطأ المریض فی المسؤولیة الطبیة، فصورته مثلا أن لا یقوم المریض باتباع الوصفة العلاجیة التی منحه إیاها الطبیب بأخذ جرعات زائدة ظنا منه أن زیادة الجرعة تساهم فی الشفاء بسرعة، أو کأن یکذب المریض على الطبیب و لا یخبـره عــن مـرض ســابـق لـه أو مـرض مزمن یعانی منه، أو علاج لنفس المرض أخذه و یکـون هــذا العلاج یتعارض مع العلاج الذی وصفه الطبیب الثانـــی فیصاب بأضـــرار فهنا لا مسؤولیة على الطبیب طالما أنه قام بواجبه على أکمــل وجـه و الخطـأ کـان خطـأ المریض فتنتفی علاقة السببیة بین خطأ الطبیب و الضرر الحاصل للمریض وعلیه تنتفی بالضرورة مسؤولیته. و بالرجوع إلى قانون الصحة الجزائری نجد أن المشرع أعطى للمریض الحریة فی رفض العلاج و لکن یجب أن یکون بشکل کتابی تطبیقا لنص المادة 49 من المرسوم التنفیذی رقم 92-276 المتضمن مدونة أخلاقیات الطب، و على الطبیب احترام إرادته طبقا لنص المادة 42 من نفس المرسوم بشرط مراعاة نص المادة 09 من ذات المرسوم التی توجب على الطبیب التدخل بالعلاج فی حالة الضرورة. أی بمفهوم المخالفة متى لم یوجد الطبیب فی حالة ضرورة و رفض المریض علاجه کتابة، و من ثم تفاقمت حالة المریض و أصیب بضرر، ففی هذه الحالة لا مسؤولیة على الطبیب لثبوت إحدى صور السبب الأجنبی و هی خطأ المریض. و أخیرا خطأ الغیر، و هو أن یصدر الخطأ الذی ألحق ضرار بالمریض عن شخص أجنبی غیر الطبیب أو المریض، کأن یخطئ الصیدلی مثلا ، فیعطی للمریض دواء آخر غیر الموصوف من طرف الطبیب، فیصاب المریض بضرر ففی هذه الحالة لا یسأل الطبـیــب عن الأضرار التی لحقت بالمریض لأن الخطأ لا یرجع إلیه و إنما إلى الصیدلی و هو یعتبر بمثابة غیر. کما تثور مسألة فی هذا الموضوع، وهی اشتراک خطأ الطبیب مع خطأ الغیر و خطأ المریض ففی هذه الحالة تشملهم کلهم المسؤولیة عن الضرر الحاصل للمریض و یسألون بالتضامن ما لم یقرر القاضی توزیع المسؤولیة بینهم على حسب جسامة الأفعال المنسوبة لکل واحد منها. أما فی ما یتعلق بانتفاء العلاقة السببیة فی إطار قواعد المسؤولیة المدنیة المتولدة عن عملیة نقل الدم، فهی مسؤولیة مؤسسة على الخطر و لیس الخطأ، أی أن الخطأ غیر واجب الإثبات بل تقوم قرینة على السببیة بین الخطأ و الضرر الحاصل من جراء عملیة نقل الدم و لکن باعتبار عملیة نقل الدم من الأعمال الطبیة فالمسؤولیة عنها مسؤولیة طبیة، وبالتالی تنتـفی العـلاقة السببیة فیها بالسبب الأجنبی. و لقد أثارت مسألة رفض المریض لنقل الدم إلیه لمعتقدات دینیة کما هو الشأن بالنسبة للفئة المنتمیة لمذهب شهود الجیهوفاه Les témoins de Jéhovah ضجة کبیرة فی فرنسا، فهذه الفئة من الناس یرفضــون نقل الدم إلیهم کاملا أو أحد مکوناته کما أنهم لا یتبرعون بدمهم حتى و لو کان للاستعمال الذاتی و یؤسسون رفضهم لنقل الدم على عدة آیات من الإنجیل منها ما جاء فی أعمال الرسل. و من منطلق أن الطبیب لا یمکن إجراء أی عمل علاجی إلا بعد الحصول على الموافقة الواضحة و الصریحة من المریض حسب ما نصت علیه المادة 1111-4 من قانون الصحة العمومیة الفرنسی فإن هؤلاء الأشخاص و تأسیسا على ما سبق، کانوا إذا تنقلوا إلى المستشفى للعلاج، یملؤون استمارات یعربون فیها عن رفضهم نقل الدم إلیه تحت أی ظرف کان، إلا أن الأطباء و فی غالب الأحیان لم یستجیبوا لرغبتهم و تدخلوا حتى ینقذوا حیاتهــم و نقلــوا الـدم إلیهم مما دفع بهؤلاء الأشخاص المنقول إلیهم الدم بمقاضاة الأطباء أو المستشفیات طالبین التعویض عن الضرر المعنوی الذی حصل لهم من جراء نقل الدم إلیهم لمنافاته مع عقائدهم الدینیة. إلا أن القضاء الفرنسی و فی قرارات عدیدة قضائیة، رفض طلبهم، کما أنه فی بعض الحالات الأخرى أصدر أوامر استعجالیة یطالب فیها الأطباء بنقل الدم إلى هؤلاء الأشخاص لإنقاذ حیاتهم ومن هذه القرارات: قرار مجلس الاستئناف الإداری لباریس مؤرخ فی 09-06-1998: تتلخـص وقـائعـه فی أن(حذف) سیــدة مـن شهــود الجیهــوفاه انتقــلت إلـى مستـشفى بـاریــس لإجـراء عملیة جراحیة لها و أعربت عن رفضها کتابة لنقل الدم إلیها إلا أنه وأثناء العملیة حصل لها نزیف أفقدها الدم الکثیر فاضطر الأطباء إلى نقل الدم إلیها (وحدتی دم)، فرفعت دعوى تطلب فیها التعویض إلا أن مجلس الاستئناف الإداری رفض دعواها. أما القوة القاهرة فی المسؤولیة المتولدة عن نقل الدم، فقلما یؤخذ بها. فکل ما یمکن تصوره هو أن یقع مثلا فیضان عارم فینقطع الکهرباء و یخرب حتى المولد الکهربائی فیفسد الدم، فلا یقوم الطبیب بعملیة نقل الدم إلى المریض الذی هو بحاجته، مما یؤدی إلى وفاته ففی هذه الحالة لا یمکن مساءلة الطبیب عن الضرر الحاصل من رفضه نقل الدم إلى المریض لأن السبب فی الضرر لا یرجع إلى خطأ الطبیب و إنما إلى القوة القاهرة التی قطعت علاقة السببیة بین خطأ الطبیب و الضرر الذی حصل للمریض. أما عن خطأ المریض، فقد یرجع الضرر الحاصل للمریض المنقول إلیه الدم لخطئه و لیس لخطأ الطبیب المشرف على العملیة کما لو أقام المریض المنقول إلیه الدم علاقة جنسیة مع شخص مصاب بمرض نقص المناعة مثلا. و أخیرا خطأ الغیر، فصورته مثلا فی المسؤولیة المدنیة عن عملیة نقل الدم، أن یقوم طبیب بنقل الدم إلى المریض فی مستشفى معین، و عند خروجه من المستشفى وصف له الطبیب مضادات حیویة عن طریق الحقن، فالتجأ المریض إلى مساعد طبی یعمل بالقطاع الخاص لیحقنه، إلا أن هذا المساعد استعمل إبر غیر معقمة حاملة للفیروس، فأصیب المریض بداء نقص المناعة، فهنا لا تثار مسؤولیة الطبیب الذی أشرف على عملیة نقل الدم، لأن العدوى لم تنتج عن عملیة نقل الدم و بالتالی خطأ الطبیب لا یثار و إنما نتجت عن خطأ المساعد الطبی، الأمر الذی من شأنه أن یقطع العلاقة السببیة بین نقل الدم وخطأ الطبیب) و الضرر الحاصل للمریض و بالتالی لا مسؤولیة على الطبیب. و فی غیاب السبب الأجنبی و ثبوت العلاقة السببیة بین الضرر و الخطأ، تکون قد اجتمعت الأرکان الثلاثة لقیام المسؤولیة المدنیة عن عملیة نقل الدم، و کل رکن من هذه الأرکان کما سبق و أن رأینا یتمتع بنفس الشروط الواجب توفرها طبقا للقواعد العامة فی المسؤولیة إلا فی ما یخص العلاقة السببیة فهی مفترضة لا یحتاج المریض المتضرر من عملیة نقل الدم إلى إثبات خطأ الطبیب و هو التزام بتحقیق نتیجة فبمجرد عدم تحقق النتیجة تقوم مسؤولیة الطبیب، أی متى نجم عن عملیة نقل الدم ضرر بالمریض الذی نقل إلیه، تقوم مسؤولیة الطبیب، ففیما تتمثل آثار المسؤولیة المدنیة عن عملیة نقل الدم؟ ستتم الإجابة على هذا التساؤل بالتفصیل فی المبحث التالی. المبحث الثانی آثار انعقاد المسؤولیة فی إطار عملیة نقل الدم متى نجم عن عملیة نقل الدم ضرر بالمریض، قامت مسؤولیة کل من الطبیب المشرف على عملیة نقل الدم لکون العملیة تتم تحت مسؤولیته المباشرة، والمستشفى العام بالتبعیة. و الغرض من قیام المسؤولیة المدنیة، هو جبر الضرر بالتالی یستحق المضرور من عملیة نقل الدم تعویضا جبرا له عن الضرر الذی لحق به. فیم یتمثل هذا التعویض أیخضع لنفس القواعد فی تقدیره و إجراءات الحصول علیه المقررة طبقا للقواعد العامة فی المسؤولیة المدنیة أم یخضع لنظام خاص بالمسؤولیة المدنیة المتولدة عن عملیة نقل الدم؟ ومن یستحق التعویض؟ ومن یدفع التعویض؟ وهل یمکن إجراء تأمین على المسؤولیة الناجمة عن عملیة نقل الدم؟ و هل یغطی الضمان الاجتماعی الأضرار الناجمة عن عملیة نقل الدم؟ کل هذه الأسئلة، سنجیب عنها تباعا من خلال تقسیمنا لهذا المبحث إلى ثلاثة مطالب نخصص المطلب الأول لدارسة القواعد العامة للتعویض و مدى تطبیقها على عملیات نقل الدم، أمـا المطلب الثـانــی فنخـصـصه لدراسـة إمکانیة التأمـین فی نطاق عملیة نقل الدم وأخیرا نخصص المطلب الثالث لدراسة إمکانیة التعویض عن طریق صنادیق الضمان فی مجال عملیة نقل الدم. المطلب الأول القواعد العامة للتعویض التعــویض هــو ذلــک المبلغ المالی الذی یقدم للمضرور بغیة محو الضرر الحاصل أو تخفیف وطأته.. و تجب الملاحظة، أنه لا یوجد نص خاص بالتعویض فی المسؤولیة المتولدة عن عملیة نقل الدم لذا یخضع التعویض فیها للقواعد العامة، فیشمل کل من التعویض عن الضرر المادی و الضرر المعنوی و کذا الضرر النوعی الذی ینجم عن عملیة نقل الدم. و السؤال الذی یمکن إثارته فی هذا الموضوع، هو من یستحق التعویض؟ أیقتصر على المتضرر؟ و فی من یتمثل هذا الأخیر؟ أم یتعداه إلى الغیر؟ غالبا ما یتمثل المتضرر من عملیة نقل الدم فی المریض المنقول إلیه الدم، إلا أنه قد یصاب کذلک المتبرع بالدم من جراء سحب الدم منه، و قد یصاب الطبیب المشرف على عملیة نقل الدم، فإذا أصیب الطبیب المشرف على عملیة نقل الدم أو أحد المساعدین الطبیین فلا یحق له المطالبة بالتعویض تطبیـقا لقــواعــد المســؤولیة المتـولـدة عـن عملیـة نقل الدم و إنما یعــد الضـرر الذی أصیــب بـه مـن قبـیـل الحـوادث المهنیة التی یتعرض لها أثناء ممارستـه الوظیـفة و هـذا مـا قضـت بـه المحکـمـة الإداریـة ببـاریس فی قرار لها مؤرخ فی 20-12-1990. أما الوضع فی الجزائر، فلا یمکن الجزم فیه بقاعدة لعدم ورود أی نص یعالج هذه المسألة أو حکم قضاء. إلا أننا لا نرى مانعا من تعویض الطبیب المتضرر من عملیة نقل الدم خاصة إذا أصیب بداء نقص المناعة أو بالتهاب الکبد الوبائی C نظرا لخطورتهما على حیاته و کذا الضرر النوعی الذی یلحق به فلمَ لا یعوض ، و لو بشرط أن لا یجمع بین التعویضین؟ و یشمل التعویض کل من الضرر المادی و الضرر المعنوی معا. و لقد نظمت أحکامه کل من المواد 124 و 176 و ما بعدها من القانون المدنی الجزائری على حسب نوع المسؤولیة المثارة تقصیریة کانت أو عقدیة. کما أن التعویض قد یکون اتفاقیا، خاضعا لاتفاق أطراف العلاقة إما فی العقد أو باتفاق لاحق للعقد، و قد یکون قانونیا، ینص علیه القانون، و قد یکون التعویض قضائیا فی حالة ما إذا لم یوجد اتفاق على التعویض أو لم یُحدد بنص قانون. و المتضرر قبل مطالبته بالتعویض عند انعقاد المسؤولیة العقدیة، أوجب علیه القانون استیفاء بعض الإجراءات المتمثلة فی توجیه إعذار للمدین یطلبه بتنفیذ الالتزام وفق ما تنص علیه المادة 180 من القانون المدنی الجزائری، بینما أعفاه من مثل هذا الإجراء عند قیام المسؤولیة التقصیریة طبقا للمادة 181 من نفس القانون. و یخضع حق المتضرر فی التعویض للتقادم الطویل المحدد حسب القانون المدنی الجزائری فی خمسة عشر سنة ابتداء من یوم وقوع الضرر حسب المادتین 308 و 315 من القانون المدنی الجزائری، کما وضحت المادة 322 من نفس القانون أنه لا یجوز الاتفاق على تغییر مدة التقادم بالنقصان أو الزیادة إلا أنه یجوز التنازل عن التقادم متى ثبت أما إذا کان المتضرر من عملیة نقل الدم، الشخص المتبرع، فله أن یرجع على مراکز الدم بدعوى المسؤولیة العقدیة دون أن یثبت الخطأ لأن التزام مراکز الدم هو التزام بتحقیق نتیجة، فیکفیه إثبات عملیة سحب الدم منه، و الإصابة فقط دون إثباته العلاقة السببیة بینهما فهی مفترضة فی هذه الحالة. وأخیرا، إذا کان المتضرر من عملیة نقل الدم، هو المریض المنقول إلیه الدم، ففی هذه الحالة یستحق التعویض کاملا عن کل من الأضرار المادیة و المعنویة و النوعیة و له أن یرفع دعواه ضد مراکز الدم أو الطبیب المشرف على عملیة نقل الدم تحت مسؤولیة المستشفى، أو الطبیب لوحده متى ارتکب خطئا مهنیا لا یخضع لعلاقة التبعیة بینه و بین المستشفى، أو الطبیب الذی یعمل بالقطاع الخاص لوحده أو تحت مسؤولیة العیادة الخاصة التی یعمل بها إذا لم یغط العقد الذی بینهما الأضرار الناجمة عن عملیة نقل الدم، فالأولى تبنى على قواعد المسؤولیة العقدیةو لا یلزم فیها المریض بإثبات الخطأ. أما الثانیة فتبنى على قواعد المسؤولیة التقصیریة، إلا أن المریض فی هذه الحالة لا یقع على عاتقه واجب إثبات خطأ الطبیب لأن التزام هذا الأخیر فی عملیة نقل الدم هو التزام بتحقیق نتیجة فمتى لم تتحقق النتیجة قام الخطأ فی جانب الطبیب وهنا یکمن الاختلاف بین قواعد المسؤولیة التقصیریة طبقا للقواعد العامة التی هی واجبة الإثبات و بین قواعد المسؤولیة التقصیریة عن عملیة نقل الدم التی تعتبر مفترضة أما المستشفى فلا یثبت خطؤه لأن مسؤولیة هذا الأخیر هی مسؤولیة تبعیة مفترضة. وأما الحالة الثالثة فتبنى على قواعد المسؤولیة التقصیریة. وأما الحالة الرابعة والأخیرة فتبنى على قواعد المسؤولیة العقدیة. أما إذا اشـتـرک کـل هــؤلاء فــی تحقیــق الضــرر، أی کل مــن الطبیب والمستشفى و مرکـز الدم، للمتـضـرر أن یـرفـع دعــوى ضدهم کلهم، لیحکم علیهم بالتعویض تضامنا و یبقى لکل واحد من هؤلاء أن ینفی المسؤولیة عن نفسه وفق الطرق المقررة لذلک. و قــد یقرر التعویض للمتضرر و هو الأصل، و قد یقرر لذوی حقوقه فی حال مماتــه دون أن یتعـداه إلى غیرهم طبقا للتشریع الجزائری، ذلک أن التعویض فی هذه الحالة یعتبر بمثابة إرث و هو ما یفهم من نص المادة 135 من قانون الأسرة الجزائریالذی فی تحدیده للأشخاص الممنوعین من الإرث ذکر القاتل الخطأ الذی یمکن له الإرث من أموال الترکة ماعدا الدیة أو التعویض فیحرم منهما أی بمفهوم ضمنی اعتبر المشرع التعویض من قبیل الترکة یرثه الورثة العادیون ماعدا القاتل الخطأ و بقیة الأشخاص الذین حددتهم نفس المادة. أما القضاء الفرنسی، فیقرر التعویض لأقارب المضرور الذی هو على قید الحیاة إذا ما ارتد إلیهم الضرر بناء على قواعد التعویض عن الضرر المرتد خاصة فی حالة الإصابة بداء نقص المناعة وعلیه، إذا ما قـامت المسـؤولیة عن عملیة نقل الدم، و حدد کل من المضرور والمســؤول یقــوم الحــق فــی التعــویض الــذی یشمــل الأضـرار المادیــة و المعنــویـة والنوعیة، و لکن کیف یقدر هذا التعویض؟ أیجوز تحدیده مسبقا؟ أو یخضع لتقدیر القضاء؟ تقتضی القاعدة العامة فی تقدیر التعویض، أن یکون هذا الأخیر بقدر کاف یستطاع معه جبر الضرر الحاصل. و للتذکیر و طبقا للتشریع الجزائری لا یعوض إلا على الضرر المباشر دون غیره. و فی المسـؤولیة المدنیـة عـن عملیة نقل الدم، یقوم القاضی المعروض علیه النزاع بتقدیر التعویض مستعینا فی ذلک على خبرة طبیة من ذوی الاختصاص لما تشکله مسألة تقدیر التعویض من مشاکل من حیث الدقة لأن فی بعض الأمراض الناجمة عن عملیة الدم لا تظهر أعراضها و لا یقدر العجز فیها نهائیا إلا بعد مرور وقت من الزمن. لذا کان للقاضی أن یحتفظ للمضرور بالحق فی أن یطالب خـــلال مـــدة معینة بإعادة النظر فی تقدیر التعویض، مع مراعاة التغیرات و تطور مراحل الضرر و التغیرات الاقتصادیة کزیادة تکلفة العلاج مثلا إلا أن الطبیب الخبیر لا یقدر التعویض و إنما یقتصر دوره على إبداء الرأی فی المسائل الفنیة و العلمیة التی یصـــعب على القاضی استقصاؤها بنفسه ویتولى القضاء بعد ذلک تقدیر التعویض طبقا للمعاییر القانونیة. و یراعی القضاء فی تقدیره للتعویض بعض العناصر التی نصت علیها کل من المواد 131 182 و 182 مکرر من القانون المدنی، و علیه أن یشیر إلیها فی حکمه وهی تتلخص فی ما لحق الدائن من خسارة و ما فاته من کسب مع مراعاة الظروف الملابسة. کما أن مسألة تقدیر التعویض خاضعة للسلطة التقدیریة للقضاة و لا رقابة علیهم فی ذلک من المحکمة العلیا. و للمتضرر إذا تفاقم الضرر بعد الحکم له بالتعویض، أن یرجع إلى القضاء و یطلب منه ما یعرف بالتعویض عن الضرر المتفاقم ، و القضاء آنذاک و بناء على الخبرة الطبیة التی یطلبها له أن یرفع من قیمة التعویض و یحسب التعویض على أساس تاریخ الخبرة الطبیة التی أثبتت التفاقم، هذا ما استقرت علیه اجتهادات المحکمة العلیا و التی نذکر منها على سبیل المثال: القرار المؤرخ فی 17-10-2007 الذی رفض فیه طعن تقدمت به الشرکة الجزائریة للتأمین ضد السید ب.ع تطلب فیه نقض القرار الصادر عن مجلس قضاء باتنة فی 08-11-2003 الذی أید حکم محکمة عین التوتة المؤرخ فی 13-07-2002 الــذی صـادق فیـه على تقـریر الخبـرة و ألـزم السید ب.ص تحت ضمان الشرکة الجزائریة للتأمین وکالة عین التوتة رمز 308 بدفع مبلغ 54.900.00 دینار تعویضا عن تفاقم الأضرار مؤسسة طعنها على وجه الخطأ فی تطبیق القانون، إلا أن المحکمة العلیا حیثت قرارها بما یلی: "... إن ما استقر علیه قضاة المحکمة العلیا هو أنه عندما یکون التعویض متعلــق بضرر التفاقم فإن حساب التعویض یتم على أساس الخبرة الطبیة التی أثبتت التفاقم و لیس تاریخ الحادث...". مما یستنتج من هذا القرار، أن القضاء یعوض على تفاقم الضرر بشرط أن تکون هناک خبرة طبیة تتثبت التفاقم، فما على المضرور فی هذه الحالة سوى الرجوع على المحکمة التی حکمت له بالتعویض و یطلب تعیین خبیر لتحدید التفاقم فی الضرر حتى یحکم له بتعویض إضافی معادل للتفاقم. الخلاصة هی أنه متى نجم عن عملیة نقل الدم ضرر، قام للمتضرر حق فی التعویض، و هذا الأخیر یقدره القاضی بناء على عناصر قانونیةو استعانة بتقریر الخبرة الطبیة، و یشمل التعویض کل من الضرر المادی و الضرر المعنوی و الضرر النوعی. کما أنه للمضرور الحق فی الرجوع إلى القضاء طالبا منه التعویض عن الضرر المتفاقم بشرط أن تکون له خبرة طبیة تثبت تفاقم الضرر. إلا أنه، و رغم قیام مسؤولیة الأطباء أو المستشفیات أو مراکز الدم، فقد تحل محلها شرکات التأمین فهل یمکن تأمین المسؤولیة عن عملیة نقل الدم؟ و کیف للمضرور أن یحصل على التعویض جبرا له عن الضرر الذی لحق به؟ و من هی الجهة مختصة بالنظر فی طلبه؟ تجد هذه الأسئلة جوابا عنها، فی المطلبین الثانی و الثالث من هذا المبحث (حذف) تباعاً فی ما یلی.
المطلب الثانی التأمین فی نطاق عملیة نقل الدم یهدف التأمین بصفة عامة إلى تقدیم الضمان و الأمان للأشخاص ضد المخاطر التی لا یمکن توقعها و لا معرفة درجة خطورتها. و یوّلد عقد التأمین التزامات فی عاتق کل من المؤمن و المؤمن له، أما التزامات المؤمن له فتتمثل فی دفع الأقساط و التصریح بالبیانات المتعلقة بالخطر، و یلتزم المؤمن له بدفع مبلغ التأمین الذی قد یکون فی شکل إرادات أو فی شکل تعویض إذا کنا أمام حالة التأمین عن المسؤولیة المدنیة، ففی هذا العقد وهو موضوع دراستنا یکون المؤمن فیه ضامنا للمؤمن له من کل التبعات المالیة المترتبة على مسؤولیته المدنیة تجاه الغیر، فیلتزم المؤمن بالتعویض عن الأضرار اللاحقة بالغیر. فالهدف من التأمین على المسؤولیة: (L’assurance de responsabilité) هو ضمان المؤمن له من رجوع الغیر علیه بالمسؤولیة، و علیه فالتأمین على المسـؤولیة یشمـل ثلاثة أشخاص، المؤمن والمؤمن له (المسؤول مسؤولیة مدنیة) و المستفید (المتضرر من خطأ المؤمن له)، إلا أن المحل فی التأمین على المسؤولیة نادرا ما یکون معینا، و بذلک یصعب معرفة مدى آثار هذه المسؤولیة وقت التعاقد مما یعقد مسألة تقدیر مبلغ التأمین فجـرى العمـل علـى تحـدید مبلـغ أقصـى للتأمین، و إن لم یحدد فی العقد یلتزم آنذاک المؤمن بدفع التعویض کاملا وقت تحقق الخطر مهما کان حجم المسؤولیة. إذن، یجوز لأی کان أن یؤمن على مسؤولیـته المدنیة بوجه عام، سواء کانت مسؤولیة شخصیة أو مسؤولیة عن فعل الغیر، أو مسؤولیة عن فعل الأشیاء، أو مسؤولیة عن الحریق، فما هی أحکام هذا النوع من التأمین، و هل قواعده تطبق على المسؤولیة الطبیة؟ و هل هو إجباری أم اختیاری؟ و هل یجوز التأمین على المسؤولیة عن عملیة نقل الدم ؟ نص المشرع الجزائری، فی قانون التأمین، الکتاب الخامس منه على التأمینات الإلزامیة، و من بین هذه التأمینات الإلزامیة، تأمین المسؤولیة المدنیة، و حدد من یلزم بتأمین مسؤولیته و منهم المؤسسات الصحیة الطبیة و کل أعضاء السلک الطبی و الشبه الطبی و الصیدلانی الممارسین لحسابهم الخاص حسب نص المادة 167 من هذا القانون إذ جاء فیها: "یجـب علـى المـؤسسـات الصحـیة الطبـیة و کل أعـضاء السلـک الطبـی و الشبـه الطبی و الصیدلانی الممارسین لحسابهم الخاص أن یکتتبوا تأمینا لتغطیة مسؤولیتهم المدنیة المهنیة تجاه مرضاهم و تجاه الغیر". وتماشیا مـع هـذا النص ما ورد فـی المرسوم رقـم 88-204 المـؤرخ فــی 18-10-1988 المحـدد لشــروط إنجـاز العیـادات الخـاصـة و فتـحـها و عمـلـها المعـدل و المتمم بالمرسوم التنفیذی رقم 02-69 المؤرخ فی 06-02-2002و بالضبط فی نص المـادة 12 مـنه حیـث ألــزمـت العیـادة عـلى اکتـتاب تـأمـیـن لتـغطـیة مسـؤولیة المؤسسة ومستخدمیها مدنیا. وعلیه، حسب هذه النصوص، یلزم الأطباء الممارسین لحسابهم الخاص و کذا العیادات الخاصة، بتأمین مسؤولیتهم عن الأضرار التی تلحق بالمرضى أو بالغیر. و ما یهمنا هو تأمین المسؤولیة عن الأضرار التی تلحق بالمرضى أی تأمین المسؤولیة الطبیة فهو إلزامی بالنسبة للقطاع الصحی الخاص. هذا عن تأمین مسؤولیة الأطباء المدنیة، فهل یجب تأمین المسؤولیة عن عملیة نقل الدم؟ وهل تخضع لقواعد خاصة بها، أم تخضع للقواعد العامة لتأمین المسؤولیة بصفة عامة؟ من مراجعة قواعد قانون التأمین، نجده نص فی المادة 169 على إلزامیة تأمین المسؤولیة المدنیة عن العملیات المتعلقة بالدم حیث جاء فیها: "یجـب علــى المـؤسـسـات التـی تقـوم بنـزع و/أو تغییـر الدم البشری من أجل الاستعمال الطبـی أن تکتتـب تأمـیـنا ضــد العـواقــب المضـرة التی قد یتعرض لها المتبرعون بالدم أو المتلقون له". أی ألزمت المادة مراکز الدم على تأمین مسؤولیتهم المدنیة عن عملیات نقل الدم من المتعلقة بسحبه أو تلک المتعلقة بالتعدیلات الواردة علیه من خلال فصل مکوناته مثلا. ولکن، هذه المادة لم تشر بصریح العبارة إلى عملیة نقل الدم، إلا أنه یفهم من استعمالها لمصطلح "الأضرار اللاحقة بالمتلقین" أنها تشمل عملیة نقل الدم، فلا یمکن الحدیث عن متلق للدم إلا إذا نقل الدم إلیه. و بالتالی جعلت هذه المادة من تأمین المسؤولیة المدنیة عن عملیة نقل الدم تأمینا إلزامیا، یتعهد فیه المؤمن بدفع التعویض عن الأضرار المادیة و الجسمانیة المتولدة التی لحقت بالمتضرر سواء کان المتبرع أو المتلقی. و یخضع عقد تأمین المسؤولیة المدنیة عن عملیة نقل الدم، لنفس الشروط المقررة لعقد تأمین المسؤولیة بصفة عامة لعدم ورود أی نص خاص به، و بالتالی تطبق علیه نفس الأحکام التی سبق لنا بیانها فی حدیثنا عن تأمین المسؤولیة المدنیة للأطباء الممارسین لحسابهم و العیادات الخاصة. کما تجدر الملاحظة، إلى أنه فی حالة ما إذا تخلف الأطباء الممارسین لحسابهم الخاص أو العیادات الخاصة، أو مراکز الدم عن اکتتاب تأمین عن مسؤولیتهم المدنیة فی مواجهة الغیر المتضرر، و لم یمتثلوا لمثل هذا الالتزام توقع علیهم عقوبات جزائیة نصت علیها المادة 184 مــن قـانون التأمین تتمثل فــی الغرامة تتـراوح قیمتـها ما بین 5.000 و 100.00 دینار جزائری. و نشیر فی الأخیر أن دعوى التأمین تتقادم بالتقادم القصیر المحدد فی 03 سنوات بالنسبة لدعاوى تأمین المسؤولیة عن عملیة نقل الدم، ابتداء من تاریخ وقوع الخطر المؤمن منه و هذا کأصل عام. و الخلاصة هــی أن تأمیــن المســؤولیة المدنیة عن عملیات نقل الدم هو تأمین إلزامی فإذا ما نجم عن عملیة نقل الدم فی العیادات الخاصة، تقوم مسؤولیة الأطباء فیها لالتزامهم بسلامة المریض، کما تقوم مسؤولیة مراکز الدم، و فی کلا الحالتین، أی سواء رفعت الدعوى ضد الطبیب الممارس لحسابه الخاص أو بالعیادة الخاصة التی اکتتبت تأمینا تغطــی فیــه مسؤولیتــه، تحل شرکة التأمین محلهما فی التعویض عن الأضرار الجسمانیة و المادیة فقط، بینــما الأضرار النفسیة أو المعنویة و التی تدخل فی نطاقها الأضرار النوعیة الخاصة بعملیة نقل الدم و لعدم تغطیتها من شرکات التأمین، یبقى الطبیب أو مرکز الدم مسؤولا على جبرها بعدما یقدرها القضاء مستعینا بالخبرة الطبیة، فلا یوجد أی نص فی قانون التأمین یشیر إلى إمکانیة التعویض عن الأضرار المعنویة من طرف شرکات التأمین. أما إذا کان الضرر الناجم عن عملیة الدم راجع إلى خطأ الطبیب الذی یعمل بالقطاع العام، فلا تحل شرکة التأمین محله فی التعویض، لعدم إمکانیة اکتتاب تأمین المسؤولیة للطبیب الذی یعمل بالمستشفیات العامة أصلا أو حتى المستشفیات العامة لا یمکنها أن تکتتب تأمینا عن المسؤولیة المدنیة فالتأمین من المسؤولیة مقتصر و بنص القانون على الأطباء الذی یمارسون مهنتهم لحسابهم الخاص أو العیادات الخاصة فقط، لذا إذا ارتکب الطبیــب الذی یمارس مهنته بالقطاع العام خطأ عند قیامه بعملیة نقل الدم، تقــوم مسؤولیته و بالتبعیة مسؤولیة المستشفى، فکیف یمکن استیفاء التعویض عن طریق القضاء، أی ما هی شروط رفع دعوى المسؤولیة عن عملیة نقل الدم؟ المطلب الثالث دعوى المسؤولیة المدنیة عن عملیة نقل الدم بعد تحدیدنا للمسؤول عن عملیة نقل الدم، و المتضرر منها، فقد یکون المسؤول الطبیـب المشــرف علـى عمـلـیة نقـل الـدم الممارس لمهنته بعیادة خاصة فیطالب بالتعویض تحت مسؤولیة شرکة التأمین حیث أن تأمین المسؤولیة فی مجال عملیة نقل الدم یعد کما رأینا إلزامیا حسب قانون التأمین. أما إذا وقع الخطأ من الطبیب المشرف على عملیة نقل الدم الذی یعمل بالمستشفیات العامة، فیکون هو الآخر مطالبا بالتعویض تحت مسؤولیة المستشفى طبقا لقواعد مسؤولیة المتبوع عن فع تابعه. و علیه، یتحدد الاختصاص القضائی النوعی فی مجال دعوى المسؤولیة المتولدة عن عملیة نقل الدم بحسب الطرف المسؤول، أی إذا کان المخطئ طبیبا یمارس مهامه بالقطاع الخاص، فإن الدعوى تؤول إلى اختصاص جهة القضاء العادی، أما إذا کان الطبیب المشرف على عملیة نقل الدم یمارس مهامه بالقطاع العام، فیؤول الاختصاص للنظر فی الدعوى إلى جهة القضاء الإداری. إذ یقوم التنظیم القضائی الجزائری على مبدأ ازدواجیة القضاء، أی استقلالیة کل من القضاء العادی عن القضاء الإداری و لقد کرس هذه الازدواجیة قانون الإجراءات المدنیة و الإداریة الجزائری حیث أتى بأحکام إجرائیة مفصلة لکل جهة قضائیة على حدة مجسدا بذلک ازدواجیة القضاء. تعتبر المحاکم المدنیة، صاحبة الاختصاص العام للنظر فی جمیع المنازعات کیفما کان نوعها ما عدا المنازعات الإداریة إلا ما استثنی منها بنص و هو ما نصت علیه المادة32 من قانون الإجراءات المدنیة و الإداریة الجزائری. و بالنظر إلى عدم وجود أی نص یوجب الاختصاص نوعیا لقسم معین من أقسام المحکمة بالنظر فی دعوى المسؤولیة المدنیة عن عملیة نقل الدم المرفوعة ضد الطبیب الذی یمارس مهنته بالقطاع الخاص، فیؤول الاختصاص للنظر فی هذه الدعوى إلى القسم المدنی بالمحکمة التی یقع فی دائرة اختصاصها الفعل الضار و هو مکان تقدیم العلاج بنقل الدم عملا بالمادتین 39 و 40 من قانون الإجراءات المدنیة و الإداریة. و دعـوى المسؤولیة، ککل دعوى یتطلب لرفعها، قیام أرکانها، و أرکان الدعوى ثلاثة المدعی والمدعى علیه و المدعى به. أما المدعی فی دعوى المسؤولیة المدنیة عن عملیة نقل الدم فهو المتضرر منها أی المریض، و أما المدعى علیه فیتمثل فی الطبیب المسؤول تحت ضمان شرکة التأمین، و یکمن الشیء المدعى به فی طلب التعویض من جراء قیام مسؤولیة الطبیب. و متى رفعت الدعوى، و بعد الاستماع إلى کل دفع و دفاع بما یحمله من إثبات تصبح القضیة مهیأة للفصل فیها، فیحکم القاضی إن ثبت له قیام مسؤولیة الطبیب بإلزام هذا الأخیر تحت ضمان شرکة التأمین بدفع التعویض للمتضرر من جراء عملیة نقل الدم معتمدا فی تقدیره على العناصر القانونیة التی سبق لنا الإشارة إلیهامستعینا فی أغلب الأحیان بتقریر الخبرة الطبیة التی یکون تطبیقا لما المادة 125 وما بعدها من قانون الإجراءات المدنیة والإداریة. و على المدعی المریض فی هذه الحالة سوى اتباع اجراءات تنفیذهذا الحکم القضائی القاضی له بالتعویــــــض بعد صیرورته نهائیا ممهورا بالصیغة التنفیذیة الذی لا یسلم إلا للمستفید شخصیا أو لوکیل عنه بوکالة خاصة. و ذلک بالتجائه إلى المحضر القضائی الـذی یبلـغ إلى المدعى علـیه السند التنفیذی و یکلفه بالوفاء فی أجل خمسة عشر (15) یوما. هذا، إذا کان المسؤول هو الطبیب الذی یمارس مهامه بالقطاع الخاص. أما إذا کان الطبیب المسؤول یعمل بالقطاع العام، فالقضاء الإداری هو المختص عندما یُرتکب الخطأ فی مجال عملیة نقل الدم من طبیب یمارس مهامه بالقطاع العام کالمستشفیـات الجامعـیة مثلا، تقوم مسؤولیته و إذا قامت مسؤولیته تقوم مسؤولیة المستشفى بالتبعیة لأن العلاقة التی تربط المستشفى بالطبیب هی علاقة تبعیة تحکمها قواعد مسؤولیة المتبوع عن فعل تابعه، إذن یعتبر المستشفى المسؤول المدنی فی حالة وقوع خطأ من الطبیب الذی یمارس مهامه فیه. و باعتبار المستشفى العام، مؤسسة عمومیة ذات طابع إداری، فیؤول الاختصاص فی النظر فی الدعوى التی ترفع على الطبیب تحت مسؤولیة المستشفى إلى المحاکم الإداریة التی تعتبر صاحبة الولایة العامـــــة فــــی المنازعات الإداریة حسب ما تشیر إلیه المادتین 800 و 801 من قانون الإجراءات المدنیة و الإداریة. و شـروط رفع دعوى القضاء الکامل (دعوى المسؤولیة)، هی نفس الشروط التی سبق لنـا دراستـها مــن صفـة و مصلحـة و أهلـیـة بالإضافة إلى وجوب تمثیل المدعی بمحام وذلک تحــت طائــلة عـدم قبـول العریضة طبقا لنص المادة 826 من قانون الإجراءات المدنیة و الإداری، أما المدعى علیه وباعتباره مؤسسة ذات طابع إداری أعفته المادة 827 من نفس القانون بتمثیله من طرف محام. ویؤول الاختصاص حسب المادة 804 من قانون الإجراءات المدنیة والإداریة إلى المحکمة التی وقع فی دائرة اختصاصها الفعل الضار وهو مکان تقدیم الخدمات الطبیة أی المکان الذی یوجد به المستشفى. کما أنه یجوز للقاضی الإداری الناظر فی دعوى المسؤولیة أن یستعین بخبیر لإنجاز خبرة طبیة الخبرة فی القضاء الإداری تخضع لنفس الأحکام المقررة فی الخبرة فی القضاء العادی. وبعد صدور القرار القاضی بالتعویض، و مهره بالصیغة التنفیذیةیعمد المدعی المتضرر مـن عملیـة نقـل الدم إلـى المحضر القضائی لینفذ له القرار طبقا لإجراءات التنفیذ المعمول بها فی تنفیذ السندات التنفیذیة، ذلک التعویض المحدد طبقا للقواعد العامة المقررة فی القانون المدنی. و بهذا، نکون قد انتهینا من دراسة مسؤولیة الطبیب المدنیة المشرف على عملیة نقل الدم، تلک المسؤولیة و إن کانت تخضع فی جل أحکامها إلى القواعد العامة فی المسؤولیة، إلا أنها تتمتع بخصوصیة تمیزها عن باقی المسؤولیات، و هـی افتـراض الخطـأ فیهـا لنـوعــیــة و خصوصیة عملیة نقل الدم و ما تشکله من أخطار على حیاة المریض و فرص شفائه. الخاتمـة بعد دراستنا لموضوع مسؤولیة الطبیب المدنیة فی التشریعین الجزائری و المقارن-عن نقل الدم نموذجا- خلصنا إلى عدة استنتاجات متعلقة بأحکام هذه الأخیرة و لنا فی ذلک من الاقتراحات ما سیساهم حسب رأینا فی حمایة أکثر للمتضررین حتى و لو لم نصل إلى تغطیة شاملة و کاملة للأضرار التی یصابون بها فعلى الأقل منحهم ما یغطی معظمها. أولا: الاستنتاجات 1: حاول المشرع الجزائری فی قانون الصحة الجدید و ضع قواعد علمیة دقیقة لضبط عملیة نقل الدم، من حیث تحضیر الدم و خزنه و تموینه و فی الأخیر نقله للمریـض الـذی هــو بحاجة إلیه مراعیا بذلک المهمة النبیلة التی یرجى تحقیقها من هذه العملیة و هی إنقاذ حیاة الإنسان من الهلاک، مما جعله ینص على مجانیة عملیة نقل الدم و التأکید على تطوعیته فمنع بذلک بیعه و الاتجار فیه و مثله فعل المشرع الفرنسی. 2: صدرت عدة قرارات وزاریة نظمت جل العملیات التی ترد على الدم و التی تضمن سلامته و طرق التعامل فیه بالإضافة إلى ما جاء من أحکام فی قانون الصحة و هی تعتبر نصوصا تطبیقیة و عملیة تبین الإجراءات الواجب اتباعها من یوم سحب الدم ثم معالجته ونقله إلى محتاجه فی حین أ، المشرع الفرنسی نظم کل العملیات المتعلقة بالدم فی قانون الصحة الفرنسی. 3: تدور عملیة نقل الدم، حول ثلاثة أطراف، المتبرع و المریض و مراکز الدم، أما المتـبـرع فهــو ذلک الشخص الذی یتمتع ببنیة جسدیة جیدة و الذی یتراوح سنه ما بین 18 و 65 سنة بالإضافة إلى شروط أخرى یجب أن یتمتع بها و التی اختلفت التشریعات فی تقدیرها ، فیتبرع بدمه بإرادته الحرة و تطوعا منه لإنقاذ شخص یعد هو الطرف الثانی فی العلاقة یتمثل فی المریض الذی هو بحاجة إلى الدم الذی فقده بسبب من الأسباب التی قد تکون راجعة إلى حوادث سیر أو حالات مرضیة أو استعجال جراحی. إلا أنه لا ینقل الدم مباشرة من المتبرع إلى المریض بل یتوسطهما طرف ثالث وهو مرکز الدم الذی یشرف على مراقبة الدم المنقول و یتعهد بسلامته. 4: قد تنجر عن عملیة نقل الدم أضرار بمتلقی الدم، فیثار السؤال حول تحدید من هو المسؤول؟ بعد مد وجزر استطاع القضاء الفرنسی منه خاصة و بعده التشریع تحدید المســؤول عـن عمـلـیة نقـل الـدم، فقد یکون المسؤول إما مرکز الدم الذی قام بتموین الدم أو الطبیب المشرف على عملیة نقل الدم أو المستشفى عاما کان أو خاصا الذی تمت فیه عملیة نقل الدم و مثله فعل المشرع الجزائری. 5: عند قیام مسؤولیة المتدخلین فی عملیة نقل الدم یلزمون بدفع التعویض للمتضرر جبرا منهم للضرر والمسؤولیة هنا هی مسؤولیة مدنیة لکون موضوعها متمثل فی جبر الضرر، حیث أن هذه الأخیرة هی عبارة عن إخلال بالتزام قد یکون قانونیا فتقوم المسؤولیة التقصیریة و قد یکون عقدیـا فتقــوم المســؤولیــة العقــدیة، فهاتان المســؤولیتان تشکلان أنواع المسؤولیة المدنیة و کلاهما لکی تقوم لابد من توفر ثلاثة أرکان و هی الخطأ و الضرر و العلاقة السببیة بینهما. 6: على اعتبار عملیة نقل الدم، من بین الأعمال الطبیة، فالمسؤولیة المتولدة عنها تعتبر مسؤولیة طبیة إلا أنها تختلف عنها من حیث التزام الطبیب المتولد عنه الخطأ، والعلاقة السببیة. فالتزام الطبیب تجاه المریض یتمثل فی بذل عنایة کأصل عام، إلا أنه فی عملیة نقل الدم هو ملزم بتحقیق نتیجة متمثلة فی سلامة المریض، فإذا ما أخل بالتزامه العام تقوم مسؤولیته و على المریض إثبات العلاقة السببیة بین خطئه و الضرر الحاصل له، أما فی المسؤولیة المتولدة عن عملیة نقل الدم فالعلاقة السببیة فیها مفترضة یکفی للمریض أن یثبت عملیة نقل الدم و الضرر الحاصل له فقط دون أن یثبت العلاقة السببیة بینهما وفی هذا اتفق کل من التشریع الجزائری و التشریع الفرنسی. 7: نظرا للخطورة التی تشکلها عملیة نقل الدم، و صغر حجم ذمة الأطباء مقارنة بالشرکات و حفاظا منه على حقوق المتضررین من عملیة نقل الدم ألزم المشرع مراکز الدم باکتتاب تأمین یغطی المسؤولیة، کما ألزم الأطباء الذین یمارسون المهنة لحسابهم الخاص و العیادات الخاصة بضمان مسؤولیتهم المدنیة من طرف شرکات التأمین تحسبا منه لإمکانیة تغطیة أی ضرر ینجم عن عملیة نقل الدم. 8: متى قامت المسؤولیة، یحق للمتضرر إلزام المسؤول بدفع تعویض لجبر الضرر الحاصل له باللجوء إلى القضاء، و القضاء الفاصل فی دعوى المسؤولیة المدنیة عن عملیة نقـل الـدم قد یکون قضاء عادیا و قد یکون قضاء إداریا على حسب شخص المدعى علیه فإذا کان المدعى علیه طبیبا یمارس مهامه بالقطاع الخاص یؤول الاختصاص لجهة القضاء العادی، بینما إذا کان المدعى علیه یمارس مهامه بالقطاع العام فیؤول الاختصاص لجهة القضاء الإداری. و یعمل کل من القضاء العادی أو الإداری المعروض علیه النزاع، على تقدیر التعویض معتمدا على عناصر نص علیها القانون المدنی، و یمکن له تحت سلطته التقدیریة و هو الغالب تعیین خبیر لإجراء خبرة طبیة تساعده فی تقدیر التعویض و هو نفس الحکم بالنسبة للتشریعین الجزائری و الفرنسی. 9: إن التعویض الذی یحکم به للمتضرر، یلزم به الطبیب تحت مسؤولیة شرکة التأمین إذا کان یعمـل بالقطـاع الخـاص طبقـا لعقـد التأمین الذی جمع بین شـرکة التأمین و العیـادة مثلا، أو یلزم به الطبیب تحت مسؤولیة المستشفى طبقا لمسؤولیة المتبوع عن فعل تابعه. کما یشمل التعویض کل من الأضرار المادیة و المعنویة و یلحق بهذه الأخیرة أضرار أخرى نوعیة متعلقة بعملیة نقل الدم و تتمثل فی تقلیل الأمل فی الحیاة أو فقدانه خاصة إذا ما نشأت عن عملیة نقل الدم إصابة بفیروس نقص المناعة أو فیروس التهاب الکبد الوبائی C الذی غالبا ما ینتهی بالموت، إلا أن شرکة التأمین طبقا للقانون الجزائری لا یشمل التعویض الذی تدفعه فی محل المسؤول الأضرار المعنویة عکس القانون الفرنسی. ثانیا: التوصیات. 1: نلاحظ على المشرع الجزائری أنه لم یأت بالأحکام الکافیة لتغطیة الضرر الناجم عــن عمـلـیة نقــل الـدم، بل لم ینص على المسؤولیة المتولدة عن مثل هذا العملیات، بل اکتفى بالنص على مسؤولیة الأطباء ومثلها المستشفیات و العیادات بوجه عام. فحبذ لو یتدخل لیعالج هذه المسؤولیة خاصة أنها تتمیز بخصائص تفردها من نوعها نظرا للأخطار التی قد تنجم عنها، و یجعل الخطأ فیها مفترضا قانونا حتى یسهل على المتضرر طلب التعویض وذلک بإدراج نص صریح فی قانون الصحة یفصل فیه أحکام مسؤولیة الطبیب المتولدة عن عملیة نقل الدم. 2: ما یلاحظ عملیا هو بطء إجراءات تنفیذ الحکم القضائی، مما ینعکس سلبا على المتضرر، فیستحسن من المشرع أن یتدخل و یجعل الحکم القاضی بالتعویض عن الأضرار الناجمة عن عملیة نقل الدم حکما مشمولا بالتنفیذ المعجل لکی ینفذ الحکم بدون صیرورته نهائیا و بدون منح المسؤول مهلة للدفع و الوفاء. 3: اقتراح إنشاء صندوق للتعویض عن الأضرار الناجمة عن عملیة نقل الدم، دون الحاجة للجوء إلى القضاء إلا اضطرارا و لیضع الصندوق شروطا لاستحقاق التعویض و لجنة لدراسة الملفات و البث فی الطلبات فی أجل قصیر یحدده القانون و هو ما فعله المشرع الفرنسی و أغفله المشرع الجزائری بالنسبة لضحایا تلقی الدم الملوث.
The Authors declare That there is no conflict of interest
References (Arabic Translated to English) and References (English) First: Books - Ibrahim Sayed Ahmed Alwajez in the responsibility of the doctor and pharmacist Fiqha and the judiciary. Modern University Office, Alexandria, 1st floor, 2003. - Ahmed Hosni Ahmed Taha, criminal responsibility arising from the transmission of AIDS. New University House, Azarita, Egypt, 2007 Ahmed Mahmoud Saad, sex change between prohibition and permissibility, Dar al-Nahda al-Arabiya, Cairo, first edition, in 1984. - Bassam Muhtasib Billah, civil and criminal medical responsibility between theory and practice. Dar al-Iman, Lebanon, 1st floor, 1984 - Derbal Abdul Razzaq, brief in the general theory of commitment. Sources of Commitment, Dar Al Uloom, Annaba, First Edition, 2004 - Zuhdi Yakan, civil liability and unauthorized actions. Modern Yemeni Library, Saida, Beirut, first edition - Taheri Hussein, medical error and therapeutic error in public hospitals. Comparative Study, Dar Houma, Algeria, 2008 - Talal Hajjaj, Civil Liability of the Doctor, Comparative Study. Modern Book Foundation, Lebanon, first edition, 2004 - Abdul Hamid Al-Shawarbi, the responsibility of doctors, pharmacists and civil, criminal and disciplinary hospitals. Al-Ma'arif Publishing House, 2nd edition, 2000 - Mohamed Hussein Mansour, Medical Responsibility, New University Publishing House, Alexandria, Egypt, 2001 - Mohamed Sadek Sabour, HIV / AIDS. Al-Ahram Center for Translation and Publishing, Third Edition, 1993 - Mohamed Abdel Maksoud Hassan Daoud, the extent of the legitimacy of hospitalization of human blood and the impact of its disposal in Islamic jurisprudence and civil law. New University Publishing House Alexandria Egypt, 1999. - Mohamed Youssef Yassin, medical responsibility, responsibility of hospitals, doctors and nurses. Al-Halabi Human Rights Publications Lebanon, 2003 - Meraj Jedidi, introduction to the study of the Algerian insurance law. Office of University Press, Algeria, fourth edition, 2004 - Dominique Poitout, Jacques Hureau, Pierre Sargos, medical expertise in medical liability and compensation for bodily injury. Masson, 4th Ed, - H. Capitan, F. Terré, Y. Lequette, the grand stops of the civil jurisprudence. Volume 2, 11th edition, 1998. - Philippe Malaurie, Laurent Aynès, Philippe Stoffel-Munck, The Bonds. Defrénois, Paris, 2nd edition, 2005 Second: Scientific articles Kedar Abdul Qader Salih, The Idea of the Attachment Error, Article, Rafidain of law Journal, Iraq, No. 38, Year 13, p. 313, 10,33899 / alaw. - Mona Hamid Faris, Duha Mohammed Saeed, legal provisions arising from the commitment of the doctor to psychotherapy - a comparative study -, an article, Rafidain of law Journal, No. 68, 31, p 355, 10333899 / alaw.2019163139 - Nada Salem Hamdoun, Duha Mohammed Said, Civil liability of the psychiatrist, a comparative study, an article, Rafidain of law Journal, Iraq, No. 57 in 2018, p. 11, 10,33899 / alaw.2013.160726
- Catherine Meimon Nisembum, Medical Liability. Article, the French-speaking magazine of the handicap, yanous, January 2006, p 02. - Claire Maignan, Medical responsibility. Article, www.droit-medical.net, p3. - Clotilde Rouge-Maillart, the medical responsibility. Article published on the net ,. - Durrieu-Diebolt, Hepatitis C. Article, www.sosdroit.org, p03 - Guy Nicolas, Law of the sick; information and responsibility Article, Adap, n ° 36, Sep 2001 Third: Theses - Saheb Lidya, late the opportunitymedical responsibility. Master Note, Faculty of Law, Algeria University Year 2006-2007. - David Picovschi, plastic surgeon and justice .thèse, Paris 2002 Fourth: Judicial magazines - Journal of the Supreme Court, No. 2, 2007. - The Judicial Journal No. 1, 2008. - Journal of the Supreme Court, No. 02, 2008. - Judges' Bulletin, No. 62, 2008. - Judicial Magazine Special Issue, Part I, 2014.
FIfth: Legal Texts - Order No. 95-07 regulating the provisions of the insurance contract dated 25-01-1995, Official Gazette No. 13, p. - Law No. 85-05 of 16/02/1985, Official Gazette No. 8 of 1985, p. 176, - Law n ° 05-09, dated 04-05-2005, amending and supplementing Law n ° 84-11 of 09-06-1984 containing the Family Code, JR No. 43, 2005, p. - Law 05-10 of 20/06/2005, Official Gazette No. 44 of 2005, p. 17. - Law No. 08-09 of 25-02-2008 containing the Code of Civil and Administrative Procedures, Official Gazette No. 21 of 2008, p. 3 - The Act of 04-03-2000 containing the French Health Act amended by the Act of 22-04-2005. - Decree No. 88-204 of 18-10-1988 defining the conditions for the completion, opening and operation of private clinics, Official Gazette No. 42, p. 1429 - Executive Decree No. 92-276 of 06-07-1992 containing the Code of Ethics of Medicine, Official Gazette No. 52 of 1992, p. 1419 - Executive Decree No. 02-69 of 06-02-2002, Official Gazette No. 11 of 2002,p40. | ||
References | ||
المصـادر أولا: الکتب. 1. ابراهیم سید احمد الوجیز فی مسؤولیة الطبیب و الصیدلی فقها و قضاء، الطبعة الأولى، المکتب الجامعی الحدیث، الاسکندریة، 2003. 2. احمــد حسنی احمد طه، المســؤولیة الجنائیة الناشئة عن نقل عدة الایدز، دار الجامعة الجدیدة، الأزاریطة، مصر، 2007، 3. احمد محمود سعد، تغییر الجنس بین الحظر و الاباحة، الطبعة الأولى، دار النهضة العربیة، القاهرة، 1984. 4. بسام محتسب بالله، المسؤولیة الطبیة المدنیة و الجزائیة بین النظریة و التطبیق، الطبعة الأولى، دار الإیمان، لبنان، .1984 5. دربال عبد الرزاق، الوجیــز فــی النظریة العامة للالتزام، مصادر الالتزام، الطبعة الأولى، دار العلوم، عنابة، 2004، 6. زهدی یکن، المسؤولیة المدنیة و الأعمال غیر المباحة. طبعة أولى، المکتبة العصریة الیمنیة، صیدا، بیروت، بدون سنة نشر, 7. طاهری حسین، الخطأ الطبـی و الخطأ العلاجی فی المستشفیات العامة. دراسة مقارنة ، دار هومة، الجزائر، 2008 8. طلال حجــاج، المســؤولیــة المــدنیــة للطبیب، دراسة مقارنة، طبعة أولى، المؤسسة الحدیثة للکتاب، لبنان، .2004 9. عبد الحمید الشواربی، مسؤولیة الأطباء و الصیادلة و المستشفیات المدنیة و الجنائیة و التأدیبیة، طبعة ثانیة ، منشأة المعارف للنشر، 2000. 10. محمد حسن قاسم، إثبات الخطأ فی المجال الطبی، دار الجامعة الجدیدة، الاسکندریة، 2006. 11. محمد حسین منصور، المسؤولیة الطبیة، دار الجامعة الجدیدة للنشر، الاسکندریة، مصر، 2001. 12. محمد صادق صبور، مرض نقص المناعة المکتسب الایدز، طبعة ثالثة، مرکز الأهرام للترجمة و النشر، 1993. 13. محمد عبد المقصود حسن داود، مدى مشروعیة الاستشفاء بالدم البشری و أثر التصرف فیه فی الفقه الإسلامی و القانون المدنی، دار الجامعة الجدیدة للنشر الاسکندریة مصر، 1999. 14. محمد یوسف یاسین، المسؤولیة الطبیة، مسؤولیة المستشفیات و الأطباء والممرضین، منشورات الحلبی الحقوقیة لبنان، 2003 15. معراج جدیدی، مدخل لدراسة قانون التأمین الجزائری، الطبعة الرابعة، دیوان المطبوعات الجامعیة، الجزائر، 2004.
16. Dominique Poitout, Jacques Hureau, Pierre Sargos, L’expertise médicale en responsabilité médicale et en réparation du préjudice corporel. Masson, 4ème Ed,
17. H.Capitant, F.Terré, Y. Lequette, les granbds arrets de la jurisprudence civile. Tome 2, 11ème edition, 1998.
18. Philippe Malaurie, Laurent Aynès, Philippe Stoffel-Munck, Les Obligations. Defrénois, Paris, 2ème édition, 2005
ثانیا: البحوث العلمیة. 1. د. قیدار عبد القادر صالح، فکرة الخطأ المرفقی، بحث منشور فی مجلة الرافدین للحقوق، تصدر عن کلیة الحقوق فی جامعة الموصل ،العراق، العدد 38، سنة 13، ص313. 2. منى حمید فارس، د. ضحى محمد سعید، الأحکام القانونیة الناشئة عن التزام الطبیب بالعلاج النفسی-دراسة مقارنة-، بحث منشور فی مجلة الرافدین للحقوق، تصدر عن کلیة الحقوق فی جامعة الموصل ،العراق العدد 68، سنة 31، ص355. 3. ندى سالم حمدون، د. ضحى محمد سعید، المسؤولیة المدنیة للطبیب النفسی، دراسة مقارنة، بحث، منشور فی مجلة الرافدین للحقوق، تصدر عن کلیة الحقوق فی جامعة الموصل ،العراق العدد57 سنة 2018، ص11. 4. Alain Miras, Responsabilité médicale. Article, Service de Médecine Légale, CHU de Bordeaux, mai 2006.
5. Catherine Meimon Nisembum, Responsabilité Médicale. Article, le magazine franco- -phone du handicap, yanous, Janvier 2006, p 02.
6. Claire Maignan, La responsabilité médicale. Article, www.droit-medical.net, p3.
7. Clotilde Rouge-Maillart, la responsabilité médicale. Article publié sur le net,.
8. Durrieu-Diebolt, l’hépatite C. article, www.sosdroit.org, p03
9. Guy Nicolas, Droit des malades ; information et responsabilité Article, Adap, n° 36, Sep 2001
ثالثا: الرسائل العلمیة. 1. صاحب لیدیة، فوات الفرصة فی إطار المسؤولیة الطبیة، مذکرة ماجستیر، کلیة الحقوق، جامعة الجزائر، الجزائر السنة الجامعیة 2010-2011. 2. کوثر زهدور، المسؤولیة المدنیة الناجمة عن عملیة نقل الدم فی التشریع الجزائری مقارنا، أطروحة دکتوراه، جامعة وهران، الجزائر، السنة الجامعیة 2007-2008. 3. David Picovschi, le chirurgien plastique et la justice .thèse, Paris 2002-
رابعا: المجلات القضائیة. 1. مجلة المحکمة العلیا، العدد2، سنة 2007. 2. المجلة القضائیة عدد1، سنة 2008. 3. مجلة المحکمة العلیا، عدد02، سنة 2008. 4. نشرة القضاة، عدد 62، سنة 2008. 5. المجلة القضائیة عدد خاص، الجزء الأول، سنة 2014. خامسا: التشریعات و الأوامر و المراسیم. 1. الأمر رقم 95- 07 الذی نظم أحکام عقد التأمین المؤرخ فی 25-01-1995 ، جریدة رسمیة عدد 13. 2. القانون رقم 85-05 المؤرخ فی 16/02/1985، جریدة رسمیة عدد 8 لسنة 1985. 3. قانون رقم 05-09، مؤرخ فی 04-05-2005، المعدل و المتمم للقانون رقم 84-11 المؤرخ فی 09-06-1984 المتضمن قانون الأسرة، ج ر عدد 43 ، لسنة2005. 4. القانون 05-10 المؤرخ فی 20/06/2005، جریدة رسمیة عدد44 لسنة 2005، ص 17. 5. القانون رقم 08-09 المؤرخ فی 25-02-2008 المتضمن قانون الإجراءات المدنیة و الإداریة ، جریدة رسمیة عدد 21 لسنة 2008. 6. القانون رقم 18-11 المؤرخ فی 02/07/2018 المتضمن قانون الصحة، جریدة رسمیة عدد46 لسنة 2018. 7. القانون المؤرخ فی 04-03-2000 المتضمن قانون الصحة الفرنسی المعدل بالقانون المؤرخ ب 22-04-2005. 8. المرسوم رقـم 88-204 المـؤرخ فــی 18-10-1988 المحـدد لشــروط إنجـاز العیـادات الخـاصـة وفتـحـها و عمـلـها، جریدة رسمیة عدد42. 9. المرسوم التنفیذی رقم 92-276 المؤرخ فی 06-07-1992 المتضمن مدونة أخلاقیا ت الطب، جریدة رسمیة عدد52 لسنة 1992. 10. المرسوم التنفیذی رقم 02-69 المؤرخ فی 06-02-2002، جریدة رسمیة عدد 11لسنة 2002. | ||
Statistics Article View: 487 PDF Download: 385 |