الصلح الجزائی فی ضوء القانون والشریعة- | ||
الرافدین للحقوق | ||
Article 1, Volume 19, Issue 60, June 2014, Pages 225-273 PDF (0 K) | ||
Document Type: بحث | ||
DOI: 10.33899/alaw.2014.160757 | ||
Author | ||
منى محمد بلو حسین | ||
کلیة التربیة للبنات، جامعة الموصل، الموصل، العراق | ||
Abstract | ||
مما لاشک ان کل جریمة ینشا عنها حق الدولة فی عقاب مرتکبها، ووسیلة الدولة لاقتضاء هذا الحق هی الدعوى الجزائیة، وتنقضی هذه الدعوى بالطریق الطبیعی بصدور حکم مبرم فیها و تنقضی هذه الدعوى بأسباب عامة، سواء بعد وقوع الجریمة وقبل تحریک الدعوى ام بعد تحریک الدعوى وقبل الحکم المبرم وهذه الاسباب هی التقادم، او وفاة المتهم، آو العفو عن الجریمة. وقد یکون هناک اسباب خاصة لانقضاء الدعوى الجزائیة، من هذه الاسباب الصلح الجزائی إذ یعد سبباً خاصاً له صفه استثنائیة و الذی یهدف الى التخفیف عن کاهل القضاء من خلال ما یترتب علیه من انقضاء الدعوى الجزائیة التی تنشأ عن الجریمة بإجراءات مبسطة وواضحة وتؤدی الى سرعة الفصل فیها بغیر الاجراءات الجنائیة التقلیدیة، باتفاق رضائی یتم بین المتهم والمجنی علیة ویترتب اثره بقوة القانون. | ||
Full Text | ||
الصلح الجزائی فی ضوء القانون والشریعة-(*)- Criminal reconciliation in the light of law and Sharia
(*) أستلم البحث فی 28/4/2013 *** قبل للنشر فی 27/8/2013. (*) Received on 28/4/2013 *** accepted for publishing on 27/8/2013. Doi: 10.33899/alaw.2014.160757 © Authors, 2014, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license (http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).
المستخلص مما لاشک ان کل جریمة ینشا عنها حق الدولة فی عقاب مرتکبها، ووسیلة الدولة لاقتضاء هذا الحق هی الدعوى الجزائیة، وتنقضی هذه الدعوى بالطریق الطبیعی بصدور حکم مبرم فیها و تنقضی هذه الدعوى بأسباب عامة، سواء بعد وقوع الجریمة وقبل تحریک الدعوى ام بعد تحریک الدعوى وقبل الحکم المبرم وهذه الاسباب هی التقادم، او وفاة المتهم، آو العفو عن الجریمة. وقد یکون هناک اسباب خاصة لانقضاء الدعوى الجزائیة، من هذه الاسباب الصلح الجزائی إذ یعد سبباً خاصاً له صفه استثنائیة و الذی یهدف الى التخفیف عن کاهل القضاء من خلال ما یترتب علیه من انقضاء الدعوى الجزائیة التی تنشأ عن الجریمة بإجراءات مبسطة وواضحة وتؤدی الى سرعة الفصل فیها بغیر الاجراءات الجنائیة التقلیدیة، باتفاق رضائی یتم بین المتهم والمجنی علیة ویترتب اثره بقوة القانون.
Abstract There is no doubt every crime give rise to a state's right to punish the perpetrator, the means of the state to require this right is a penal case, and shall expire at the case road issuance of governance agreement which also expire this case the reasons general, whether after the crime or before the trigger or after the trigger before governance agreement these reasons are the statute of limitations, or the death of the defendant, or an amnesty for the crime. There may be special reasons to the expiration of the criminal case, from these reasons the magistrate penal where is a special reason is described as exceptional, which aims to allveviate the burden of the judiciary through consequent expiration of the criminal case a rising from the crime simplified procedures and clear and lead to speed adjudicated otherwise by the criminal procedure traditional, and be done by agreement consensual is between the accused and the victimit entails its impact force of law.
المقـدمة الحمد لله رب العالمین والصلاة والسلام على سیدنا محمد صلى الله علیه وسلم وعلى اله وصحبه الطیبین الطاهرین اما بعد. یعد الصلح الجزائی بین المتهم والمجنی علیه من الاسباب الخاصة لانقضاء الدعوى الجزائیة, وتقع فی جرائم محددة عینها القانون لغایات الحفاظ على روابط أسریة أو تکون خاصة لخصوصیة العلاقة بین المجنی علیه والمتهم, أو لارتباط الجریمة بالمجنی علیه، فهو الأقدر على حمایة مصالحه الخاصة ومعرفتها, من دون أن یتعارض الصلح فی هذه الأحوال مع مقتضیات الحفاظ على المصلحة العامة. واذا کانت الطبیعة القانونیة للصلح الجزائی محل خلاف لدى الفقه فان الرای الراجح هو ان هذا النظام لا یخرج عن کونه نظاما اجرائیا له خصوصیته واستقلالیته. ویظهر اثر الصلح الجزائی من الناحیة الاجتماعیة فی امتصاص رد الفعل الاجتماعی للجریمة فی التعویض المادی الذی یحصل علیه المجنی علیه, ومتى تم الصلح الجزائی صحیحا کما یتطلبه القانون فانه یحدث اثره فی الدعوى العامة ویؤدی الى انقضائها بقوة القانون اما الشریعة الإسلامیة فقد کرست نظام الصلح بین الأفراد منذ ما یزید على أربعة عشر قرناً، إذ حظی بتسجیل القرآن الکریم والسنة النبویة فی العدید من الآیات والاحادیث على ما یفید ذلک. للإحاطة بموضوع البحث وما یتمتع به من اهمیه کبیرة فقد قسمناه کما یأتی:
المبحث الأول ماهیة الصلح الجزائی الصلح عموما نظام یهدف الى حل النزاعات، لذا فإننا نجد تطبیقاته فی فروع القانون المختلفة فهناک الصلح فی المواد المدنیة، والصلح فی قضایا الاحوال الشخصیة والصلح فی النزاعات الاداریة، وعلى الرغم من ان الصلح یقوم على فکرة واحدة الا انه یتأثر بالمجال الذی یطبق فیه فیستمد منه مبادئه واحکامه، فالصلح فی المواد الجنائیة نظاما مستقلا قائما بذاته له مفهومه الخاص الذی یختلف عن انواع الصلح السابقة. ولذا سیتم تقسیم هذا المبحث الى ثلاثة مطالب، المطلب الأول سیتضمن مفهوم الصلح الجزائی، أما المطلب الثانی سنمیز فیه الصلح الجزائی عما یشتبه به من المفاهیم، فی حین یتضمن المطلب الثالث نطاق تطبیق الصلح الجزائی:
المطلب الأول مفهوم الصلح الجزائی ویکون تقسیم هذا المطلب على النحو الآتی: الفرع الأول- تعریف الصلح لغة واصطلاحاً. الفرع الثانی- الطبیعة القانونیة للصلح الجزائی. الفرع الثالث- الخصائص الممیزة للصلح الجزائی.
الفرع الأول تعریف الصلح لغة واصطلاحاً أولاً- تعریف الصلح فی اللغة. یقصد بالصلح زوال الفساد، فالشیء إذا کان نافعاً أو مناسباً وأصلح فی عمله أو أمره، أتى بما هو صالح ونافع وأصلح الشیء أزال فساده، والصلاح ضد الفساد ویقال: أصلح الشیء بعد فساده: أقامه، وأصلح الدابة: أحسن إلیها فصلحت. ویقال قوم صلوح أی متصالحون، کأنهم وصفوا بالمصدر، وتصالح الصلح القوم بینهم. ثانیاً:- تعریف الصلح اصطلاحا:- 1- تعریف الفقه الإسلامی للصلح الجزائی: اختلفت المذاهب الفقهیة الاربعة فیما بینها على تعریف الصلح، إذ عرف المذهب الحنفی الصلح بأنه (عقد وضع لرفع المنازعة بعد وقوعها بالتراضی). وعرف المذهب المالکی الصلح بأنه (انتقال عن حق أو دعوى بعوض لرفع نزاع أو خوف وقوعه) ففی التعبیر بـ(خوف وقوعه) إشارة إلى جواز الصلح لتوخی منازعة غیر قائمة بالفعل، ولکنها محتملة الوقوعوعرف فقهاء المذهب الشافعی الصلح بأنه (عقد یقطع النزاع وتنتهی به الخصومة بین المتخاصمین، وهذا من باب تسمیة السبب وهو العقد باسم المسبب وهو قطع النزاع)، ویشبه تعریف الصلح فی المذهب الحنبلی فی المذهب الشافعی، إذ عرف الصلح بأنه (معاقدة یتوصل بها إلى موافقة بین مختلفین أی متخاصمین). یتضح من تتبع تعریف الصلح فی المذاهب الاربعة ان الصلح عقد یرفع النزاع، وان هذا التعریف یکاد یکون متطابقا فی المذهب الحنفی والشافعی والحنبلی، مع وجود اختلاف فی بعض صیغ التعریفات لا تؤثر على جوهر التعریف، إذ یستعمل الفقه الحنفی عبارة (رفع النزاع)، فی حین یستعمل فقهاء المذهب الشافعی عبارة (قطع النزاع)، ویستعمل الفقه الحنبلی عبارة (موافقة بین مختلفین)، إذ تکاد هذه العبارات کلها تکون متقاربة فی المعنى. فالصلح وسیلة من وسائل حل المنازعات یتم فی صورة عقد بمقتضاه یتفق اطراف النزاع او من یمثلهم على حسم الخلاف الناشئ او الذی یمکن ان ینشا بینهم بنزول کل منهم على وجه التقابل عن جزء من الحق الذی یطالب به خصمه. 2- تعریف الفقه والقضاء للصلح الجزائی: لم تتضمن نصوص قوانین الاجراءات الجزائیة فی الدول العربیة بین طیاتها تعریفاً للصلح الجزائی مکتفیة بإیراد تطبیقاته فحسب وهذا بالفعل ما لاحظناه على التشریع العراقی والمصری. فلم یرد بای منهم تعریف للصلح الجزائی. لذا ترک المشرع هذا الامر لاجتهاد الفقه والقضاء. إذ یرى البعض أن الصلح الجزائی هو (عقد یتم بین کل من المجنى علیه والجانی یعبر کل منهما بإرادته عن رغبته فی إنهاء النزاع، ویجب عرضه على المحکمة الجنائیة وذلک بخصوص جرائم محددة). ویعرف البعض الأخر الصلح بأنه (إجراء ینصرف إلى تلاقی إرادتی المجنى علیه والمتهم فی إنهاء النزاع ودیاً لأی سبب ولأی اعتبار). ویعرفه البعض الآخر بأنه (إجراء یتم بمقتضاه انقضاء الدعوى العمومیة من غیر أن ترفع على المتهم إذا ما دفع مبلغاً معیناً للمجنى علیه فی مدة محددة).
ویعرف الدکتور مأمون محمد سلامة الصلح فی المخالفات على وفق قانون الإجراءات الجنائیة اللیبی بأنه (مکنة خولها المشرع للمتهم الحاضر فی إسقاط الدعوى الجنائیة فی جرائم محددة بدفع مبلغ معین فی معیار محدد). وقد عرفت محکمة النقض المصریة الصلح بأنه (بمثابة نزول من الهیئة الاجتماعیة عن حقها فی الدعوى الجنائیة مقابل الجعل الذی قام علیة الصلح أثناء نظر الدعوى أن تحکم بانقضاء الدعوى الجنائیة)، وهذا غیر صحیح لأنها عندما اجازت للأفراد الصلح فیما بینهم (الجانی والمجنی علیه) ورتبت على ذلک انقضاء الدعوى الجزائیة فإنها لم تتنازل عن حقها فی العقاب. کل ما هنالک انها جعلت حق الدولة فی العقاب معلقاً على شرط وهو الصلح بین الجانی والمجنی علیه. فان تم الصلح یسقط حق الدولة فی العقاب، وان لم یتم واصلت اجراءات الدعوى الجزائیة. ونقترح تعریف الصلح بانه اتفاق یتم بین الجانی والمجنی علیه او من یمثله قانونا ویترتب علیه انقضاء الدعوى الجزائیة واسقاط الجریمة ویکون ذلک بمقابل ویمکن ان یکون من دون مقابل بسبب العلاقة العائلیة التی تربط الجانی بالمجنی علیه.
الفرع الثانی الطبیعة القانونیة للصلح الجزائی کانت الطبیعة القانونیة للصلح الجزائی محل اختلاف بین الفقهاء، إذ أن إطفاء الوصف القانونی على طبیعة الصلح وتکییفه تباینت باختلاف الانظمة القانونیة التی نظمت موضوع الصلح الجزائی، إذ أن السیاسة التشریعیة للدول أدت دوراً مهماً فی تحدید الصلح مما أدى إلى وجود تباین فی طبیعته القانونیة وفیما یأتی عرض للآراء التی تناولت الطبیعة القانونیة للصلح الجزائی. اولا- الصلح الجزائی (عقد صلح مدنی). ذهب جانب من الفقه الى القول فی الصلح الذی یتم بین المتهم والمجنی عیه ذو طبیعة عقدیة، اذ ان هذا الصلح عقد یتم بین المجنی علیه والمتهم کلیهما، ویعبر فیه کل منهما بإرادته عن رغبته فی انهاء النزاع، بحیث لا یکفی لإتمام هذا الصلح ان یعبر المجنی علیه وحده عن رغبته فی الصلح مع المتهم، بل لابد من موافقة هذا الاخیر، لذا فان هذا الصلح لا ینتج اثره اذا رفضه المتهم. وذهب البعض الاخر الى ان الصلح بین المتهم والمجنی علیه یعد تصرفا قانونیا من جانبین یماثل الصلح المدنی، وان تدخل المشرع فی تحدید بعض الاثار الجنائیة کانقضاء الدعوى الجزائیة، إذ لا یفقد هذا الصلح طبیعته المدنیة، التی تجمعت فیه کافة العناصر اللازمة لقیام عقد الصلح. فعنصر النزاع القائم او المحتمل موجود فی الصلح الجزائی، بل هو نزاع مؤکد ولیس متوقعا فحسب، ویولد ارتکاب الجریمة للمجنی علیه حقا فی الالتجاء الى القضاء للمطالبة بتعویضه عما لحقه من ضرر، ویمکنه من الادعاء بذلک مباشرة امام القضاء الجنائی، ویحرک بذلک الدعوى الجزائیة. لذا فان حق المجنی علیه فی الحصول على تعویض من المتهم حق متنازع فیه لأنه لیس ثابتا له بل یجب علیه اللجوء الى القضاء لیحکم له به او یرفض الدعوى، ویتوفر عنصر التنازل الذی یکون بین طرفی عقد الصلح فهو إذ یلتزم المتهم بتعویض المجنی علیه مادیا او معنویا، فالمجنی علیه یلتزم بموجب عقد الصلح بان یقبل المقابل المتفق علیه کتعویض عما اصابه من ضرر بسبب الجریمة, ولا یکون له تبعا لذلک المطالبة بای تعویضات اخرى، اما نیة الاطراف فی حسم النزاع فهی بلا شک واضحة فی لجوء المجنی علیه والمتهم الى ابرام الصلح بینهما. لا یمکن مع هذا التوضیح کله ان نعد الصلح المبرم بین المتهم والمجنی علیه والذی یؤدی الى انقضاء الدعوى الجزائیة هو مجرد عقد صلح مدنی فهما مختلفان من حیث الموضوع ومن حیث الاثار المترتبة على کل منهما. ثانیا- الصلح الجزائی (عقد جنائی). یرى صاحب هذا الرای بأن الصلح الجزائی هو عقد جنائی على الرغم من توفر ارکان ومقومات العقد المدنی فیه، حیث ان المسائل التی ینظمها تتواجد بمبدأ سلطان الارادة، لأنها تتعلق بالدعوى الجزائیة وهی من النظام العام. إذ حاول انصار هذا الرای الحفاظ على وصف العقد مع جعله یتناسب مع الطبیعة الخاصة للصلح الجزائی، فیعدونه عقدا جنائیا بدل ان یکون مدنیا، الا ان هذا الرای تعرض للنقد لان العقود تصرفات قانونیة تتداخل ارادة اطرافها فی تحدید اثارها، وهذا الامر غیر موجود فی الصلح الجزائی، لان المشرع هو الذی یحدد اثر الصلح الجزائی ویترتب علیه انقضاء الدعوى الجزائیة، وما على المتهم والمجنی علیه الا ان تتجه ارادتیهما الى الصلح حتى یتحقق هذا الاثر بقوة القانون. أی انه یعد عملاً اجرائیاً ارادی ینهی الدعوى الجزائیة عند اتفاق ارادتی الجانی والمجنی علیه. ونحن نؤید بان الصلح الجزائی ما هو الا نظام اجرائی له خصوصیته واستقلالیته، اوجده المشرع لیقوم فضلاً عن انظمة اخرى کالعفو العام والصفح والتقادم، ویحدث الصلح الجزائی اثره فی الدعوى الجزائیة، ویؤدی الى انقضائها کتلک الانظمة. الفرع الثالث الخصائص الممیزة الصلح الجزائی اولا- اساس الصلح الرضائیة. یستند الصلح الجزائی الى مبدا الرضائیة، إذ یشترط موافقة المجنی علیه فضلاً عن موافقة المتهم فی بعض الجرائم التی تقع على الاشخاص والاموال، فالضمان الاساس فی الصلح الجزائی ان یترک قبوله لاختیار المتهم بعد عرضه علیه، اذ لا یجوز اتخاذ أی اجراء من اجراءات الدعوى الجزائیة ضد المتهم قبل عرض الصلح علیه فی الحالات التی یجوز فیها الصلح غیر ان المتهم اذا عرض علیه الصلح فانه غیر ملزم بقبوله اذ انه یمتلک الخیار بین قبول الصلح او رفضه تبعا لمصلحته الشخصیة. ثانیا- الصلح الجزائی قد یکون بمقابل او دون مقابل. 1-الصلح الجزائی بمقابل. لم یشترط المشرع العراقی لنفاذ الصلح الجزائی وترتیب اثاره وتنفیذ المتهم لأی تدابیر کمقابل للصلح. ولا یعنی سکوت المشرع العراقی عن ذلک منعه لان یکون الصلح الجزائی بمقابل بل على العکس لقد ترک لا طراف الصلح (المتهم والمجنی علیه) کامل الحریة فی الاتفاق على المقابل فی حدود ما یسمح به القانون والنظام العام. أی ان طلب الصلح الذی یقدم الى القاضی او المحکمة یجب ان لا یکون معلق على شرط انعقاد الصلح بمقایل لان الصلح المعلق على شرط لم یعتد به، وانما یتطلب فی الصلح ان یکون باتا. بمعنى ان المشرع اجاز الصلح الجزائی فی الجرائم التی یمکن إزالة اثارها الضارة على نحو یرضی المجنی علیه، فان ازالة اثر الجریمة التی تمثل فی الحقیقة مقابل الصلح اما ان یکون ذات طبیعة مادیة، واما ان تکون ذات طبیعة معنویة. فبالنسبة الى المقابل المادی یکون فی حالة اذا احدثت الجریمة اثرا مادیا ملموسا، مثال على ذلک فی جرائم الاعتداء على السلامة البدنیة للشخص فان ازالة اثر الجریمة یکون ممکنا عن طریق بدفع مصاریف علاجه. اما اذا نتج عن الجریمة فقد لاحد اعضائه فی هذه الحالة لا یمکن ازالة اثر الجریمة ولا یملک المجنی علیه سوى المطالبة بالتعویض على ذلک. اما اذا کان المقابل معنوی، أی لا یکون هناک اثر تحدثه الجریمة وانما یکون الاثر فی صورة مساس بالقیم الادبیة للإنسان کالشرف، والاعتبار، والکرامة فان مقابل الصلح یکون بالاعتذار الذی یقدمه المتهم للمجنی علیه واعترافه بذنبه. 2- الصلح الجزائی دون مقابل. لیس مقابل الصلح الجزائی شرطا من شروطه. وهذا لا یدل بانه لیس هناک سبب یستند الیه بل قد یکون سببه اندفاع من المجنی علیه، إذ یدل على حیث نبله, او یکون سببه العلاقة التی تربط المتهم بالمجنی علیه وجعلها سببا للصلح, وهذا ما اخذ به المشرع العراقی بعین الاعتبار عند اشتراطه تقدیم شکوى من الزوج المجنی علیه لتحریک الدعوى الجزائیة فی جریمة الزنا، تقدیرا للعلاقة الزوجیة، وکذلک جریمة السرقة التی تحدث بین الاصول والفروع، والازواج ، تقدیرا لعلاقات القرابة بینهم، فلما لا تکون هذه الصلات سببا موجبا للصلح بین المجنی علیه والمتهم من دون ان یکون مقابل فی ذلک. المطلب الثانی تمییز الصلح الجزائی عما یشتبه به من المفاهیم فضلاً عن نظام الصلح الجزائی هناک، أنظمة قانونیة أخرى تعتمد أساساً على تلاقی الارادات، وعلى تجنب الاجراءات القضائیة الطویلة، وفض النزاع بین أطرافه بالتراضی، ومن ثم وجب بیان أوجه الشبه والاختلاف بین هذه الانظمة وبین الصلح الجزائی ویکون التقسیم على وفق الآتی:- الفرع الأول- تمییز الصلح الجزائی عن الصلح المدنی. الفرع الثانی- تمییز الصلح الجزائی عن التحکیم. الفرع الثالث- تمییز الصلح الجزائی عن التنازل عن الشکوى. الفرع الأول تمییز الصلح الجزائی عن الصلح المدنی تنظم قوانین الإجراءات الجنائیة فی الدول العربیة الصلح الجزائی فی جرائم معینة، إذ یتم الاتفاق بین الجانی والمجنى علیه على أن یتنازل المجنى علیه عن الدعوى الجزائیة قبل الجانی لقاء مبلغ من المال من دون مقابل، أی لابد أن تتلاقى إرادتهما أو تتجه إلى النزول عن الدعوى الجزائیة. ویمتاز الصلح المدنی الذی تنظمه قوانین المعاملات المدنیة بأهمیة کبیرة فی القانون المدنی، إذ یحقق السلام الاجتماعی والوقایة من العداوة فی الخصومة ویعد عقد الصلح المدنی من العقود المسماة الذی أفرد له القانون المدنی نصوصاً لبیان أحکامه.من المعلوم ان الصلح المدنی یختلف عن الصلح الجزائی فی جوانبه أغلبها. فقد عرفت المادة (698) من القانون المدنی العراقی عقد الصلح بأنه (عقد یرفع النزاع ویقطع الخصومة بالتراضی). ونصت المادة (549) من القانون المدنی المصری بقولها (الصلح عقد یحسم به الطرفان نزاعاً قائماً أو یتوقیان نزاعاً محتملاً، وذلک بأن ینزل کل منهما على وجه التقابل عن جزء من ادعاءاته). لذا فأن الصلح الجزائی والصلح المدنی یتشابهان فی ان لکلیهما طرفین، فی الصلح المدنی هناک اطراف الخصومة المدنیة، وفی الصلح الجزائی هناک طرفین ایضا، الجانی والمجنی علیه، ویؤدی کلیهما الى انقضاء الدعوى وانتهاء الخصومة، سواء المدنیة والجزائیة.
وتکون اوجه الاختلاف بینهما من عدة نواحی عدیدة هی:- 1- یتم الصلح المدنی بتلاقی إرادة المتعاقدین، إذ یتمتع الاطراف بحریة الاتفاق وتحدید شروط الصلح وأثاره، وذلک بما لهم من سلطة التصرف بمصالحهم الخاصة، فی حین یتکفل القانون الصلح الجزائی بتحدید أحکامه، ویترتب على ذلک إذا کان الصلح بأحکامه المدنی أن یتناول منازعات عدیدة تتعلق بالمصالح الخاصة لطرفی العقد، التی لا یمکن حصرها أما الصلح الجزائی لا یکون إلا بصدد جرائم معینه حصرها القانون وحددها. 2- یعد الصلح المدنی یُعد تصرفاً قانونیاً، إذ یشترط لتحققه إتجاه الارادة إلى تحقیق الصلح وإتجاه تلک الارادة إلى آثار هذا العمل، إذ یکون لها سلطة تعدیل تلک الآثار. فی حین یعد الصلح الجزائی عملاً قانونیاً بالمعنى الضیق، ذلک أن القانون یرتب علیه أثره، سواء أتجهت الارادة إلى ترتیب هذا الأثر أو لم تتجه، فالعبرة هی باتجاه الارادة إلى الواقعة المکونة للفعل فحسب. 3- إذا کان الصلح المدنی یقبل الرجوع فیه لإکراه أو تدلیس أو غبن فإن الصلح الجزائی لا یمکن الرجوع فیه، لأن الصلح یرتب أثراً خطیراً، یتمثل فی انقضاء الدعوى الجزائیة، أو وقف تنفیذ العقوبة، ویترتب على ذلک أیضاً عدم جواز العدول عن الصلح بعد تمامه، لذا یملک کل من المجنی علیه، أو ورثته، أو المتهم التمسک بحصول الصلح والمطالبة بإثباته رغم رجوع الطرف الثانی عنه. 4- قد یکون الصلح الجزائی بمقابل او من دون مقابل بسبب العلاقة الأسریة التی تربط بین الجانی والمجنی علیة فی حین الصلح المدنی یکون بمقابل.
الفرع الثانی تمییز الصلح الجزائی عن التحکیم یتفق الصلح الجزائی مع التحکیم بأنه لا یجوز التحکیم إلا فی المسائل التی یجوز فیها الصلح، ویتفق الاطراف فی الحالتین کلتیهما على حسم نزاعاتهم بالتراضی. ویتفقان فی أن الاثبات لا یکون إلا بالکتابة وهذا ما نصت علیه المادة (254) من قانون المرافعات المدنیة العراقی على أن (التحکیم لا یثبت إلا بالکتابة، ولا یجوز التحکیم فی المسائل التی لا یجوز الصلح فیها، ولا یصح التحکیم إلا لمن له أهلیة التصرف بحقوقه). ویتفق الصلح مع التحکیم فی أن کلیهما یُعد وسیلة من وسائل حسم النزاع من دون اللجوء إلى القضاء الوطنی للدولة، کما أن المحکم والمصالح لا یتقیدان بأحکام قانون المرافعات عند الفصل فی النزاع. ویتضمن الاختلاف الجوهری بین الصلح والتحکیم ما یأتی: 1- یکون عنصر التنازل فی الصلح الجزائی متبادلاً بین أطراف النزاع أنفسهم أو بین من یمثلهم وبموجبه یتنازل کل طرف عن جزء من ادعاءاته ضد الطرف الآخر، على عکس التحکیم فهو یتم عن بالحکم الذی یقوم بمهمة القاضی ویصدر حکماً فاصلاً فی النزاع الذی ینشأ بین الأطراف، ومن ثم فإنه قد یقضی بکل الحق لخصم واحد. 2- یتم الصلح بحوار مباشر بین الأطراف أو ممثلیهم، فهم لا یختارون شخصاً یتولى مهمة التوفیق بینهم بتقدیم مقترحات تتم مناقشتها منهم، ولکن یتصدى الاطراف مباشرة لمناقشة جوانب نزاعهم والتوصل إلى حل وسط یرضی الاطراف کافة، وإذا تدخل شخص ثالث بینهم للصلح (المصالح) فهو لا یملک اتخاذ قرار فاصل فی النزاع، بل إنه یسعى إلى تقریب وجهات نظر الطرفین للتوصل إلى حل وسط یرضیهما معاً. أی أن المحکم یتمتع بمرکز قانونی خاص بمقتضاه یملک صلاحیة إصدار قرار ملزم للأطراف المحتکمة أمامه، أما المصالح فإنه على العکس من ذلک، لا یملک مثل هذا القرار، بل کل ما یملکه هو أن یعرض ما لدیه من اقتراحات لتسویة النزاع على الطرفین کل على حدة، ویناقشها مع کل واحد منهما، وینقل النتیجة من طرف لآخر إلى أن یقرب بین رغبتهما، وعندها یتوصل إلى اتفاق یأخذ صورة عقد الصلح. 3- لا یکون عقد الصلح ملزماً فی ذاتهِ إلا إذا جرى أمام المحکمة وکان تنفیذه ممکناً، أما التحکیم فیکون ملزماً عند جمهور الفقهاء، ویکتسب الالزامیة فی القوانین الحدیثة بعد التصدیق علیه من المحکمة.
الفرع الثالث تمییز الصلح الجزائی عن التنازل عن الشکوى یقصد بالتنازل کل تصرف قانونی من المجنى علیه یعبر بمقتضاه عن إرادته فی وقف الاثر القانونی لشکواه، أی وقف السیر فی إجراءات الدعوى، والتنازل عن الشکوى حق متفرع عن الحق فی الشکوى ویرتبط بذات المصلحة التی یقوم المشرع حمایتها بتعلیق تحریک الدعوى الجزائیة على شکوى المجنى علیه، فجوهر التنازل هو تعبیر المجنى علیه فی إرادته فی عدم الاستمرار فی الدعوى الجزائیة المقامة من قبله. إذن یتفق النظامان بأنهما من الاسباب الشخصیة لانقضاء الدعوى الجزائیة وانهما یتسمان بطابع استثنائی، إذ لا یحدثان هذا الاثر إلا فی الحالات المنصوص علیها صراحة، إذ یکون الصلح جائز عندما ینص القانون على ذلک صراحة الامر نفسه بالنسبة للتنازل عن الشکوى. ویکون الاختلاف بینهما من نواحی عدیدة: 1- یقصد بالتنازل عن الشکوى أنه تصرف قانونی من جانب المجنى علیه بمقتضاه یعبر عن إرادته فی وقف الاثر القانونی لشکواه وهو وقف السیر فی إجراءات الدعوى، الذی یستند بدوره إلى إنتفاء المصلحة التی دفعت المجنى علیه إلى تقدیم شکواه. أما الصلح الجزائی فهو تصرف قانونی تبادلی بین الجانی والمجنى علیه لا یترتب آثاره فی الجرائم المعاقب علیها بالحبس أکثر من سنة وفی جرائم الإیذاء والتهدید وإتلاف الاموال مهما کانت عقوبتها لا یتم الصلح إلا بعد موافقة القاضی أو المحکمة علیه، لذا یمکن القول أن کل صلح یتضمن تنازلاً ولکن لیس کل تنازل یتضمن صلحاً. 2- لا یکون الصلح الجزائی إلا مکتوباً وصریحاً، أما التنازل عن الشکوى فیستوی أن یتنازل مقدمها شفویاً أو کتابة، صراحة أو ضمناً، طالما کان دالاً بطریقة قاطعة على رغبته فی عدم استمرار انتاج الشکوى لآثارها. 3- لا ینشأ الصلح الجزائی بین الجانی والمجنى علیه إلا منذ بدء التحقیق، تطبیقاً لنص المادة (197/أ) من قانون أصول المحاکمات الجزائیة العراقی، ویبدأ التنازل عن الشکوى من لحظة تقدیم الشکوى وفی ایة مرحلة کانت علیها الدعوى إلى لحظة صدور الحکم النهائی وقد أشار إلى هذا الحق المشرع العراقی فی المادة (9/جـ) من قانون أصول المحاکمات الجزائیة بأنه (یحق لمن قدم الشکوى أن یتنازل عنها...).
المطلب الثالث نطاق تطبیق الصلح الجزائی تجمع التشریعات المعاصرة للدول المختلفة تجمع على الاخذ بنظام الصلح الجزائی إلا أنها تختلف فی نطاق هذه الجرائم، ویستند المشرع فی تحدیده الجرائم المشمولة بالصلح الجزائی على بساطة أو ضآلة الضرر الذی تحدثه الجریمة، ومساس الجریمة بالمصلحة الخاصة أکثر من مساسها بالمصلحة العامة. ونلحظ بتمییز الصلح الجزائی عن التنازل عن الشکوى بأن المشرع العراقی قد ربط نطاق تطبیق الصلح بنطاق تطبیق الشکوى، فلا یجوز تحریک الدعوى الجزائیة إلا بشکوى من المجنى علیه أو من یقوم مقامة قانوناً. لذا ینصرف الصلح الجزائی بین الجانی والمجنى علیه إلى طائفة معینه من الجرائم حددتها المادة (3/أ) من قانون اصول المحاکمات الجزائیة العراقی التی یمکن تقسیمها إلى ما یأتی. أولاً- الجرائم التی تقع على الاشخاص. أ- الجرائم الماسة بالشرف والاعتبار وهی من أبرز هذه الجرائم جریمة القذف، او السب او افشاء الاسرار والتی نصت علیها المادة (3/أ-2) من قانون اصول المحاکمات الجزائیة العراقی، وتتمثل هذه الجرائم فی تلک الاعتداءات التی تمس الجانب المعنوی للمجنی علیه الذی یتمثل بالشرف والاعتبار إذ یمکن ان تتلاءم واجراء الصلح. ب- جرائم الاعتداء على سلامة الجسم وتشمل جرائم (القتل العمد، القتل الخطأ، الضرب المفض إلى الموت، الجرح والضرب والایذاء العمد، الجرح والضرب، والایذاء الخطأ، الاجهاض، إخفاء جثة قتیل). وتشکل هذه الجرائم عدواناً إما على حق الانسان فی الحیاة أو فی سلامة جسمه، ونلحظ بأن المشرع العراقی لم یعلق إقامة الدعوى الجزائیة على شکوى المجنى علیه فی هذه الجرائم جمیعها وإنما قصد جریمة الایذاء فحسب، ولعدم مساس هذه الجریمة إل حد کبیر بالمصلحة العامة ومن الممکن التصالح بین طرفیها وفسح المجال للإصلاح بینهم. إن جریمة الایذاء التی کانت تخضع لقید الشکوى هی جریمة الایذاء البسیط قبل تعدیل المادة (3) من قانون اصول المحاکمات الجزائیة بموجب قانون التعدیل الحادی عشر بقانون رقم (9) لسنة 1992 الذی جعل جریمة الایذاء الخاضعة لقید الشکوى هی الایذاء بصورته المطلقة والتی تشمل المواد (412-416) من قانون العقوبات العراقی. فإننا نقترح على المشرع توسیع نطاق تطبیق الصلح لیشمل جرائم القتل الخطأ المادة (411) من قانون العقوبات العراقی. فضلاً عن ذلک نجد أن المشرع العراقی قد نص على ان لا تکون الجریمة قد وقعت على مکلف بخدمة عامة أو أثناء قیامه بواجبة أو بسببه لأن الاعتداء لا یقتصر على مصلحة المجنى علیه وإنما اعتداء على هیبة الدولة أو الجهة العامة التی ینتمی إلیها. ج- جرائم الاعتداء على الحریة وتشمل جرائم الخطف وجرائم الاعتداء على حریة المسکن حیث نصت المادة (3/ أ-5) على أنه (انتهاک حرمة الملک أو الدخول أو المرور فی ارض مزروعة أو مهیأة للزرع أو أرض فیها محصول أو ترک الحیوانات تدخل فیها). وتشمل جرائم التهدید بموجب التعدیل الثانی عشر لقانون اصول المحاکمات الجزائیة رقم (9) لسنة 1992 بأنه یشمل التهدید بصورة مطلقة. د- جریمة الزنا سواء کانت الجریمة هی زنا الزوجة أو زنا الزوج. ثانیاً- الجرائم الواقعة على الأموال. أ- السرقة بین الاقارب فالقانون العراقی إذ اشترط الشکوى لتحریک الدعوى فی جریمة السرقة بین الاصول والفروع والازواج وأشترط المشرع أن لا تکون الاشیاء التی وقعت علیها السرقة محجوزاً علیها قضائیاً وإداریاً وأن لا تکون مشغله بحق لشخص آخر المادة (3/أ-3) من قانون أصول المحاکمات الجزائیة، وشملت هذه المادة جریمة خیانة الامانة وجریمة اغتصاب الاموال، أما المادة (3/أ-4) شملت جریمة إتلاف الأموال أو تخریبها بشرط أن لا تکون من أموال الدولة ولا تقترن بظرف مشدد. ب- جریمة الدخول أو المرور فی أرض مزروعة أو مهیأة للزرع أو أرض فیها محصول أو ترک الحیوانات تدخل فیها المادة (3/أ-5)، ونصت المادة (3/أ-6) على رمی الاحجار والاشیاء الاخرى على وسائط النقل أو بیوت أو مبان أو بساتین أو حظائر. ویلحظ على هذه الجرائم بصفة عامة أنها تنضوی على مساس بمصالح مختلفة شخصیة أو مالیة، ومع ذلک یجمع بینهما قاسم مشترک هو انتهاکها بصفه أساسیة لإرادة المجنى علیه. جعل المشرع العراقی قبول الصلح فی هذه الجرائم یقسم على ثلاثة أنواع وحدد الجهة المسؤولة عنها وهی : 1- اذا کانت الجریمة المشار الیها فی المادة (194) معاقبا علیها بالحبس مدة سنة فأقل او بالغرامة فیقبل الصلح من دون موافقة القاضی او المحکمة. 2- اذا کانت الجریمة معاقبا علیها بالحبس مدة تزید على سنة فلا یقبل الصلح الا بموافقة القاضی او المحکمة. 3- یقبل الصلح بموافقة القاضی او المحکمة فی جرائم التهدید والایذاء واتلاف الاموال او تخریبها ولو کان معاقبا علیة بالحبس مدة لا تزید على سنة. ویتضح فی نص المادة (195) من قانون أصول المحاکمات الجزائیة العراقی أن الجهات التی یتم الصلح أمامها اما یکون قاضی التحقیق فی هذه الحالة لا یجوز إصدار قرار المصالحة من المحقق أو الاشخاص الممنوحین سلطة تحقیق. ویجوز للهیئات التحقیقیة ان منحت سلطة تحقیق أن تقبل الصلح، اما بالنسبة للجهة الثانیة التی یقبل الصلح امامها فهی المحکمة (محکمة الجنح أو محکمة الجنایات أو المحاکم الخاصة أو الاستثنائیة). فی حین نلحظ أن المشرع الاردنی جعل الصلح من اختصاص محاکم الصلح المنظم بموجب قانون محاکم الصلح رقم (15) لسنة 1952 المعدل بموجب القانون رقم (30) لسنة 2008، وسار نفس النهج نفسه المشرعان المصری والسوری.
المبحث الثانی الاثار القانونیة المترتبة على الصلح الجزائی إن الأثر الذی یحدثه الصلح الجزائی هو إسقاط الجریمة وحق الدولة فی العقاب من دون اقتضاء، ویکون الصلح الجزائی عادة ما قبل صدور حکم نهائی بالدعوى الجزائیة مما یؤدی الى انقضاء الدعوى الجزائیة. ویکون الأثر الذی سنتکلم عنه بخصوص الصلح الجزائی المبرم بین الجانی والمجنى علیه، ویکون فی ثلاثة مطالب، یتوضح فی المطلب الأول انقضاء الدعوى الجزائیة، ونتکلم فی المطلب الثانی عن اخلاء سبیل المتهم او الحکم بالبراءة، فی حین نبین فی المطلب الثالث أثر الصلح على الدعوى المدنیة.
المطلب الأول إنقضاء الدعوى الجزائیة ترتب بعض التشریعات على الصلح المبرم بین الجانی والمجنى علیه انقضاء الدعوى الجزائیة، ولکن تحت مسمیات مختلفة أطلقتها على الأثر المترتب على الصلح الجزائی، فهناک من قال بانقضاء الدعوى العمومیة وهذا ما نص علیه المشرع المصری صراحة فی المادة (18) مکرراً (أ) من قانون الإجراءات الجنائیة رقم (145) لسنة 2006ینص بأنه (...ویترتب على الصلح انقضاء الدعوى الجنائیة ولو مرفوعة بطریق الادعاء المباشر)، أی أن قیام الصلح صحیحاً وبإثباته أمام القضاء المختص یؤدی إلى انقضاء الدعوى الجزائیة ولو کانت مرفوعة بطریق الادعاء المباشر. ونصت المادة (18) من قانون الإجراءات الجزائیة الفلسطینی المرقم (3) لسنة 2001 على أنه (تنقضی الدعوى الجزائیة بدفع مبلغ التصالح ولا یکون لذلک تأثیر على الدعوى المدنیة). ونصت المادة (17) من قانون الإجراءات الجنائیة القطری رقم (23) لسنة 2004 على أنه (تنقض الدعوى الجنائیة بدفع مبلغ الصلح وبوقت تنفیذ العقوبة الجنائیة فی حالة الصلح بعد صدور حکم وتزول جمیع الآثار الجنائیة المترتبة علیه). وهناک من أستخدم ((التنازل عن السیر فی الدعوى الجنائیة)) أو ((وقف الملاحقة)). ولم ینص بالنسبة المشرع العراقی صراحة فی قانون اصول المحاکمات الجزائیة على انقضاء الدعوى الجزائیة بوصفها أثراً للصلح وإنما نص فی المادة (197/ف أ) على أنه (یقبل الصلح فی مراحل التحقیق والمحاکمة جمیعها حتى صدور القرار فی الدعوى)، أی أن الأثر المترتب علیها واحد فی جمیعها هو سقوط الجریمة وانقضاء الدعوى الجزائیة وهذا ما استقر علیه قضاء محکمة النقض من أن تفسیر عبارات القوانین یجب أن یرد إلى معنى مثیلاتها فی القوانین الأخرى. نستدل من هذا التوضیح بأنه إذا أجاز القانون الصلح بین الجانی والمجنی علیه فی جریمة من الجرائم فأن هذا الصلح یؤدی إلى انقضاء الدعوى الجزائیة حتى لو أن المشرع لم ینص على ذلک مباشرة. وإذا تم الصلح بعد رفع الدعوى وقبل صدور حکم نهائی فیها فعلى المحکمة أن تحکم بانقضائها بالصلح. أما إذا صدر حکم فی الدعوى بالإدانة والعقوبة إلا أنه نقض بسبب أخطاء فی إجراءات المحاکمة وأعیدت القضیة إلى محکمة الموضوع فأنه یمکن أیضاً من قبول الصلح فی تلک الدعوى بشرط مراعاة الإجراءات والشروط والحدود التی بینها القانون لقبول الصلح. أما بالنسبة للمادة (197/ ف ب) من قانون أصول المحاکمات الجزائیة العراقی فقد نصت على أنه (إذا توافرت الشروط القانونیة فی طلب الصلح فیصدر قاضی التحقیق أو المحکمة قراراً بقبوله وإخلاء سبیل المتهم إن کان موقوفاً). إی أنه یجب الافراج عن المتهم إذا کان موقوفاً أو إذا کان محبوساً بصدور قرار الصلح من قاضی التحقیق أو محکمة الموضوع. ولا یقبل الصلح إلا أذا کان تاماً، وعلیه فلا یقبل الصلح المقترن بشرط أو المعلق على شرط، أو مرور مدة معینة، أو تسلیم مال معین بعد قبوله فلا یعتد به ومن ثم لا ینتج اثره فی انقضاء الدعوى الجزائیة. یعد الصلح الجزائی بین الجانی والمجنى علیه حقاً للمجنى علیه أو من یقوم مقامه قانوناً ولا ینتقل إلى الورثة. وإذا کان المجنى علیه قاصرا أو معتوهاً أو مجنوناً ولکن یُثار التساؤل فی حالة تعدد الجناة هل یشمل هذا الاثر جمیعهم أم الجانی الذی رغب المجنى علیه فی التصالح معه فحسب. والأمر نفسه بالنسبة إلى تعدد المجنى علیهم. وهذا ما سنوضحه فی فرعین وکالاتی:
الفرع الأول تعدد الجناة إذا رغب المجنى علیه بالصلح مع بعض الجناة من دون البعض الآخر هناک رأیین، الرأی الأول یرى بأن الصلح مع أحد الجناة فی جریمة واحدة بمثابة صلح مع باقی المساهمین فیها لوحدة الجریمة، وهذا ما قضت به محکمة النقض المصریة لأن المشرع المصری لم ینظم هذه الحالة فتعمل المحکمة على قیاس الصلح على التنازل عن الشکوى، فیشیر إلى حکم المادة (10/3) من قانون الإجراءات المصری على أن (التنازل بالنسبة لأحد المتهمین یعد تنازلاً بالنسبة للباقین). ویرى الرأی الثانی أن الصلح لا یسری إلا بالنسبة للمتهم الذی کان طرفاً فیه، ولا یتعداه إلى غیره من المساهمین معه ما لم یتصالحوا بدورهم مع المجنی علیه وهذا الرأی هو الاجدر بالقبول، لأن الصلح المبرم بین الجانی والمجنى علیه أو من یمثله قانوناً عادة ما یقوم على اعتبارات شخصیة لا یمکن تعمیمها على الغیر. وهذا ما أخذ به المشرع العراقی بموجب المادة (196/ ف أ) من قانون أصول المحاکمات الجزائیة العراقی الذی ینص على أنه (طلب الصلح مع متهم لا یسری إلى متهم آخر). ولا یجوز الرجوع فی الصلح بعد إقراره فإذا صدر قرار الصلح فأنه ینتج أثره وتنقضی به الدعوى الجزائیة حتى لو تم الرجوع فیه وعلى النیابة أن تتصرف فی الجریمة على أساس أن الصلح بشأنها منتجاً بغض النظر عن رجوعه فیه.
الفرع الثانی تعدد المجنى علیهم أما بالنسبة إلى حالة تعدد المجنى علیهم نتیجة فعل إجرامی واحد فلا یکون للصلح اثراً فی انقضاء الدعوى الجزائیة إلا إذا صدر من المجنى علیهم جمیعهم، وإذا تعدد المجنى علیهم فی جرائم متعددة سواء أکانت مرتبطة ببعضها ارتباطاً لا یقبل التجزئة، أو غیر مرتبطة فلا یکون للصلح أثر إلا بالنسبة للدعوى الجزائیة التی صدر بشأنها الصلح. ویلحظ أن المشرع المصری قد تبنى هذا الوضع فی أحکام التنازل عن الشکوى، فنص فی المادة (10/2) من قانون الإجراءات الجنائیة المصری على أنه (فی حالة تعدد المجنى علیهم لا یعتبر التنازل صحیحاً إلا إذا صدر من جمیع من قدموا الشکوى). ونص المشرع العراقی تبنى هذا الوضع فی أحکام التنازل عن الشکوى فی المادة (9/ج) من قانون اصول المحاکمات الجزائیة على أنه (یحق لمن قدم الشکوى ان یتنازل عنها، واذا تعدد مقدمو الشکوى فان تنازل بعضهم لا یسری فی حق الاخرین ). ونص المشرع الکویتی فی المادة (242) من قانون الاجراءات والمحاکمات الجزائیة رقم (17) لسنة 1960 على أنه (إذا تعدد المجنی علیهم فی جریمة، وصدر العفو أو الصلح عن بعضهم، فلا یکون له آثار إلا إذا أقره الباقون، أو أقرته المحکمة رغم معارضتهم إذا تبین لها أنها معارضة تعسفیة).
المطلب الثانی اخلاء سبیل المتهم أو الحکم بالبراءة یمیز المشرع أحیاناً الصلح حتى بعد صدور حکم بات فی الدعوى الجزائیة وهذا ما نص علیه المشرع المصری عند تعدیله للمادة (18) مکرر (أ) من قانون الإجراءات الجنائیة على أنه (یجوز الصلح فی أیة حالة کانت علیها الدعوى ولو بعد صدور حکم بات، وتأمر النیابة العامة بوقف تنفیذ العقوبة إذا حصل الصلح أثناء تنفیذها). وإذا تم الصلح بعد صیرورة الحکم باتاً أو فی أثناء تنفذ العقوبة، فعلى النیابة العامة أن تبادر إلى إرسال ملفات القضایا مرفقا بها الطلبات والاوراق والمستندات المتعلقة بالصلح إلى النیابة الکلیة المختصة للأمر وقف تنفیذ العقوبة المقضی بها والافراج فوراً عن المتهمین المحبوسین تنفیذاً لهذا الحکم بعد التحقق من تمام الصلح وفقاً للقواعد المقررة قانوناً. ویشمل وقف التنفیذ العقوبات التبعیة والتکمیلیة لأن نصوص القانون التی رتبت هذا الأثر على الصلح وردت مطلقة لم تفرق بین العقوبات الاصلیة أو التبعیة أو التکمیلیة ومن ثم یتعین وقف تنفیذ کل العقوبات التی شملها الحکم. فی حین المشرع العراقی لم یقبل الصلح بعد صدور القرار فی الدعوى إی بعد إصدار حکم بات فی الدعوى وإنما یعتبر ما یصدر من المجنى علیه فی هذه المرحلة أی بعد صدور حکم بات صفحاً وهذا ما نص علیه المشرع العراقی فی المادة (338) من قانون اصول المحاکمات الجزائیة. فی حین أن هناک بعض التشریعات ترتب على الصلح الحکم ببراءة المتهم وهذا ما نص علیه صراحة المادة (198) من قانون اصول المحاکمات الجزائیة العراقی بأنه (یترتب على القرار الصادر بقبول الصلح نفس الاثر المترتب على الحکم بالبراءة).ای ان القرار الصادر بقبول الصلح یرتب نفس اثر الحکم بالبراءة وتعد البراءة قانونیة، او حکمیة، لا براءة قضائیة. ونصت المادة (241) من قانون الإجراءات والمحاکمات الجزائیة الکویتی على أنه (یترتب على الصلح أو العفو الفردی ما یترتب على الحکم بالبراءة من آثار...). أی أنه یؤدی إلى انقضاء حق الدولة فی العقاب وما یشتمل علیه من العقوبات الاصلیة والفرعیة والمصاریف التی تتعلق بالدعوى الجزائیة. لذا یجب إیقاف التعقیبات القانونیة بحق المتهم وإخلاء سبیله إذا کان موقوفاً. وإذا تمت المصالحة فأنه لا تسمع، بعد ذلک، دعوى المشتکی مجدداً بالنسبة للجریمة التی جرى الصلح عنها، ولا یمکن للمحکمة بعد قبولها الصلح أن تحکم فی موضوع الدعوى وتصدر حکماً بهذا الخصوص ولو بالبراءة ما دامت المصالحة تعنی الحکم بالبراءة.
المطلب الثالث أثر الصلح الجزائی على الدعوى المدنیة بما أن المشرع العراقی قد ربط بین الصلح الجزائی والتنازل عن الشکوى من حیث نطاق التطبیق فإنه من الممکن قیاس الصلح على التنازل عن الشکوى من حیث الأثر على الدعوى المدنیة فیشار إلى ذلک بموجب المادة (9/و) من قانون أصول المحاکمات الجزائیة العراقی التی تنص على أنه (التنازل عن الشکوى یستتبع تنازل المشتکی عن حقه الجزائی ولا سیتتبع تنازله عن الحق المدنی ما لم یصرح بذلک). لقد نص المشرع الفلسطینی على آثر الصلح الجزائی على الدعوى المدنیة فی المادة (18) من قانون الإجراءات الجزائیة الفلسطینی على أنه (تنقضی الدعوى الجزائیة بدفع مبلغ التصالح ولا یکون لذلک تأثیر على الدعوى المدنیة). ونصت المادة (18) مکرر (أ) من قانون الإجراءات الجنائیة المصری على أنه (...ولا أثر للصلح على حقوق المضرور من الجریمة). وعلیه فإن انقضاء الدعوى الجزائیة لا یحول دون ضمان حقوق المضرور من الجریمة. وقد یتم الصلح الجزائی إما قبل رفع الدعوى إلى المحکمة، وهنا لا یجوز للمدعی المدنی (المضرور من الجریمة) رفع دعواه المدنیة أمام القضاء الجنائی نهائیاً، ولا سبیل له إن شاء المطالبة بالتعویض المدنی باللجوء إلى المحاکم المدنیة، فإن لجأ على الرغم من ذلک إلى المحاکم الجزائیة وجب علیها عدم قبول الدعوى، استناداً إلى عدم توفر شروط الدعوى المدنیة التبعیة. أو قد یقع الصلح الجزائی بعد رفع الدعوى إلى المحکمة فإن الدعوى الجزائیة تنقضی بالصلح من دون أن یکون لذلک تأثیر على الدعوى المدنیة التابعة أمام القضاء الجنائی استناداً إلى نص المادة (259/2) من قانون الإجراءات الجنائیة المصری التی تنص على أنه (إذا انقضت الدعوى الجنائیة بعد رفعها لسبب من الأسباب الخاصة بها، فلا تأثیر لذلک فی سیر الدعوى المدنیة المرفوعة معها).
المبحث الثالث موقف الشریعة الاسلامیة من الصلح الجزائی تعد الشریعة الاسلامیة اکثر الشرائع التی عرفتها البشریة جمعاء شمولا فمنهجها یتفرد بنظام لا یوجد له مثیل او نظیر فی الشرائع الاخرى، لان الله سبحانه وتعالى هو الذی ارتضى لنا الدین الاسلامی, وجعله نظاما دقیقا نسیر علیه, ویعد نظام الصلح فی الشریعة الاسلامیة من الاسباب الخاصة لانقضاء الدعوى الجزائیة.
سنعرض فی هذا المبحث اربعة مطالب على وفق ما یأتی: المطلب الاول – مشروعیة الصلح الجزائی فی الشریعة الاسلامیة. المطلب الثانی – تمییز الصلح الجزائی عن الانظمة المشابهة له. المطلب الثالث – نطاق تطبیق الصلح الجزائی فی الشریعة الاسلامیة. المطلب الرابع – آثار الصلح الجزائی فی الشریعة الاسلامیة.
المطلب الاول مشروعیة الصلح الجزائی فی الشریعة الاسلامیة یقصد بمشروعیة الصلح هو البحث عن ادلة من الشریعة الاسلامیة تدل على جواز الصلح فیکون جائزا شرعا, ولما کان الصلح وسیلة من وسائل حسم المنازعات والقضاء علیها وقد جاءت الشریعة الاسلامیة بالأحکام کلها التی تحقق مصالح العباد فأحلت الوفاق والسلام بین المسلمین محل النزاع والشقاق فانه یتضح من نصوص القرآن الکریم والسنة النبویة المطهرة, أن هناک نصوصا کثیرة تناولت الصلح, فإجازته مما یفید مشروعیته, لذا فالصلح مشروع بنصوص من الکتاب الکریم والسنة النبویة المطهرة والاجماع والمعقول. وسنتناول هذا المطلب على وفق الاتی: الفرع الاول – القران الکریم الفرع الثانی – السنة النبویة المطهرة الفرع الثالث – الاجماع الفرع الرابع – المعقول
الفرع الاول القران الکریم استدل فقهاء الشریعة الاسلامیة على المشروعیة آیات کثیرة من القرآن الکریم منها قوله تعالى )وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَیْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِی تَبْغِی حَتَّى تَفِیءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَیْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ یُحِبُّ الْمُقْسِطِینَ(, وقوله تعالى )وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَیْمَانِکُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَیْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِیعٌ عَلِیمٌ(. وقوله تعالى )لَا خَیْرَ فِی کَثِیرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَیْنَ النَّاسِ وَمَنْ یَفْعَلْ ذَلِکَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِیهِ أَجْرًا عَظِیمًا(.ومحل الاستدلال من هذه الآیة هو قوله تعالى (اصلاح بین الناس), إذ یعد الاصلاح بین الناس ابتغاء مرضاة الله تعالى من الاعمال العظیمة التی یؤجر علیها, وقد وردت هذه الآیة بألفاظ عامة إذ تسری على انواع المنازعات بین الناس کافة, سواء کانت فی الدماء او الاموال او الاعراض, وفی کل شیء یقع التداعی والاختلاف فیه بین المسلمین.. وقوله تعالى )یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آَمَنُوا ادْخُلُوا فِی السِّلْمِ کَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّیْطَانِ إِنَّهُ لَکُمْ عَدُوٌّ مُبِینٌ(. ومحل الاستدلال من هذه الآیة الکریمة هو قوله تعالى (ادخلوا فی السلم), إذ امر الله سبحانه وتعالى بالدخول فی السلم وترک النزاعات التی تثیر الفتن وتنشر الاحقاد والمفاسد بین افراد المجتمع الاسلامی, فاذا حصل الصلح بین الافراد او بین الجماعات فانه ینقاد کل واحد من هؤلاء الى صاحبه بلا نزاع ولا شقاق بل بأخوة ومساواة فیما بینهم. الفرع الثانی السنة النبویة المطهرة فی السنة النبویة احادیث کثیرة واردة عن النبی r وهی دعوة صریحة الى الصلح نذکر منها. صلحه فی دعوى دین بین کعب بن مالک وابن ابی حدرة, فقد جاء فی صحیح مسلم عن ابی هریرة tان رسول الله r قال: ((تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ یَوْمَ الاِثْنَیْنِ وَیَوْمَ الْخَمِیسِ فَیُغْفَرُ لِکُلِّ عَبْدٍ لاَ یُشْرِکُ بِاللَّهِ شَیْئًا إِلاَّ رَجُلاً کَانَتْ بَیْنَهُ وَبَیْنَ أَخِیهِ شَحْنَاءُ فَیُقَالُ أَنْظِرُوا هَذَیْنِ حَتَّى یَصْطَلِحَا أَنْظِرُوا هَذَیْنِ حَتَّى یَصْطَلِحَا أَنْظِرُوا هَذَیْنِ حَتَّى یَصْطَلِحَا)). وعَنْ أَبِى الدَّرْدَاءِ t قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِr : ((أَلاَ أُخْبِرُکُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّیَامِ وَالصَّلاَةِ وَالصَّدَقَةِ)). قَالُوا: بَلَى. قَالَ ((إِصْلاَحُ ذَاتِ الْبَیْنِ وَفَسَادُ ذَاتِ الْبَیْنِ الْحَالِقَةُ)). حیث افاد ان اصلاح ذات البین امر له فضل کبیر, یکون جزاؤه الثواب العظیم من الله سبحانه وتعالى, وان ترک الاصلاح یترتب علیه مفاسد کبیرة, حیث تستأصل الین کما یستأصل الموس الشعر. وروى الترمذی فی سننه عن النبی r انه قال : ((الصلح جائز بین المسلمین إلا صلحا حرم حلالا أو أحل حراما والمسلمون على شروطهم إلا شرطا حرم حلالا أو حل حراما)). وعنه r انه قال : ((ما أهدى المرء المسلم لأخیه هدیة أفضل من کلمة حکمة یزیده الله بها هدى أو یرده بها عن ردى )), ویعمل القاضی جهده فی فهم الدعوى ویتوصل الى حقیقة الامر فیها, وعلیه الا یسارع فی اصدار الحکمة فیها وانما علیه التأکد من نوع الحق المتنازع فیه, فان کان یدخل فی قائمة الحقوق التی یصح التنازل والصلح فیها فعلیه حسم القضیة صلحا ما امکنه جهده ذلک, لأن الصلح یزیل الاحقاد ویرفع الضغائن, ولا بد للقاضی أن یبادر المبادرة فی جعل الخصم ازاء غریمه ودودا لا لدودا, اذ انه هاد للمسلمین وناصح قبل ان یکون حاکما فیهم وحکما بینهم.
الفرع الثالث الاجماع ذهب جمهور الفقهاء الى ان مشروعیة الصلح ثابتة بالأجماع ایضا فضلاً عن الکتاب الکریم والسنة النبویة المطهرة. واستدلوا على ذلک بأقوال کبار الصحابة وافعالهم. من ذلک ما روی عن عمر بن الخطاب t انه کان یدعو الخصوم الى التصالح, ومنها قضیة الرجلین اللذین تخاصما بشأن الدراهم الثمانیة التی وهبها لهما الضیف الذی استضافاه لمشارکتهما طعام الغداء لاختلافهما فی حصة کل منهما من الأرغفة التی تناولاهما معا وایضا قوله (ردوا الخصوم حتى یصطلحوا فان فصل القضاء یورث بینهم الضغائن) بمحضر من الصحابة رضی الله عنهم, ولم ینکر علیه احد فاعتبر اجماعا.
الفرع الرابع المعقول الدلیل على مشروعیة الصلح من المعقول ان ترکه یترتب علیه استمرار النزاع بین المتخاصمین واثارة الثائرات بین الناس وتأجیج الفتن بین الامم والشعوب فضلا عن ان العقود شرعت للحاجة والحاجة الى الصلح امس واحوج لأنه یندفع به الشر ویحل الخیر محل وبذلک تزول الاحقاد والضغائن من نفوس الناس.
المطلب الثانی تمییز الصلح الجزائی عن الانظمة المشابهة له لقد عرفت الشریعة الاسلامیة الغراء بتبسیط الاجراءات واختصارها للفصل فی القضیة الجنائیة, وتعد الشریعة الاسلامیة أکثر الشرائع التی عرفتها البشریة انسانیة فأجازت العفو والتسامح حتى فی مجال التجریم والعقاب إذ عرفت العفو والدیة والصلح. وهذا ما سنوضحه فی فرعین على وفق ما یأتی: الفرع الاول – تمییز الصلح الجزائی عن العفو. الفرع الثانی – تمییز الصلح الجزائی عن الدیة.
الفرع الاول تمییز الصلح الجزائی عن العفو یعرف العفو بانه (صلح على عیر مقابل دنیوی, ای انه نزول واسقاط للحق بغیر مقابل). ویعرف العفو بانه الصفح فی بعض التشریعات, وهو حق مقرر لمن له الحق فیه سواء اکان المجنی علیه, ام ورثته, ام اولیاؤه, على ان یتوافر فی العافی شرطا العقل والتمییز بوصفه من التصرفات المحضة التی لا یملکها الصبی او المجنون, فیرى جانب من الفقه ان العفو الذی یکون له مقابل, کتنازل عن حق القصاص مقابل الدیة هو الصلح, بینما العفو بدون مقابل فذلک هو العفو بالمعنى الدقیق. ویصدر وینتج اثاره من دون توقف على رضا الجانی. ای یکون العفو دائما بلا مقابل, اما الصلح فلا یکون الا بمقابل, ولا یتوقف العفو لا یتوقف على موافقة الجانی, على عکس الصلح الذی یتطلب موافقة الجانی و المجنی علیه.
الفرع الثانی تمییز الصلح الجزائی عن الدیة تعرف الدیة بانها (المال الذی یدفعه الجانی او عائلته الى المجنی علیه او ورثته تعویضا عن الدم المهدر).والاصل فیها الکتاب والسنة والاجماع, قال تعالى )وَمَا کَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ یَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِیرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِیَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ یَصَّدَّقُوا فَإِنْ کَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوّ لَکُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِیرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ کَانَ مِنْ قَوْمٍ بَیْنَکُمْ وَبَیْنَهُمْ مِیثَاقٌ فَدِیَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِیرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ یَجِدْ فَصِیَامُ شَهْرَیْنِ مُتَتَابِعَیْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَکَانَ اللَّهُ عَلِیمًا حَکِیمًا(. وتعد الدیة بدیلا عن تنفیذ القصاص, ویدفعها الجانی فی جرائم القصاص اجبارا ولیس له اختیار فیها, اذا طلبها المجنی علیه او ولیه, واذا عجز الجانی قامت عائلته او قبیلته التی ینتمی الیها بدفعها. واذا کانت الدیة تعد بدیلا عن تنفیذ القصاص, وما دام ان للمجنی علیه الحق فی التنازل عن القصاص, فان له ایضا ان یتنازل عن الدیة او یتصالح علیها مع الجانی بما هو اقل منها او یزید من دون ان ینفی عنها ذلک وصف العقوبة. وبناءً علیه یمکن القول ان ما یمیز الصلح الجزائی عن الدیة بان الدیة مقدرة القیمة مسبقا من طرف الشارع، فکون الدیة عقوبة فهی تخضع لمبدا الشرعیة فی التشریع الجنائی الاسلامی. ولم یتکفل الصلح الجزائی المشرع بتحدید قیمة بدل الصلح بل ترک ذلک لإرادة اطراف الصلح.
المطلب الثالث نطاق تطبیق الصلح الجزائی فی الشریعة الاسلامیة یعالج الفقه الاسلامی اقساما مختلفة من الصلح وهی الصلح بین المسلمین انفسهم وبین المسلمین والکفار من جهة اخرى والصلح بین الامام والبغاة, والصلح فی مسائل الاحوال الشخصیة, والصلح فی المعاملات المدنیة, والصلح فی الجنایات, وهو محل إذ حیث قسم الفقهاء الجرائم فی الشریعة الاسلامیة الى جرائم الحدود, وجرائم القصاص (جرائم الدم), وجرائم التعزیر, لذا سنقسم المطلب الى ثلاث فروع على وفق ما یأتی: الفرع الاول – جرائم الحدود. الفرع الثانی- جرائم القصاص. الفرع الثالث- جرائم التعزیر.
الفرع الاول جرائم الحدود یقصد بالحدود (العقوبة المقدرة والواجبة حقا لله تعالى جل شأنه) وکلمة العقوبة مقصود بها ان الحدود عقوبات محضة, وکونها مقدرة مقصود بها ان الشارع حدد کمها وکیفها سلفا بخلاف التعزیر, اما کونها حقا لله تعالى احتراز عن القصاص الذی هو حق للعباد فی عناصره أغلبها. وقد جاءت فی القران الکریم آیات کثیرة فیها ذکر الحدود منها قوله تعالى )التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاکِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآَمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْکَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِینَ(, وقوله تعالى )یَا أَیُّهَا النَّبِیُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّکُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُیُوتِهِنَّ وَلَا یَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ یَأْتِینَ بِفَاحِشَةٍ مُبَیِّنَةٍ وَتِلْکَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ یَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِی لَعَلَّ اللَّهَ یُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِکَ أَمْرًا(. ولا یجوز فی الحدود الصلح, لأنها من حقوق الله سبحانه وتعالى, وان الغایة منها رفع الفساد الواقع فی المجتمع, وحفظ النفوس من الهلاک, وحفظ الاعراض, والانساب من الاختلاط, وحفظ الاموال سالمة عن الابتذال والانتهاک. وجرائم الحدود معینة ومحددة هی سبع جرائم (الزنا, والقذف, شرب المسکر, الحرابة, والردة, والبغی, والسرقة) ویسمیها الفقهاء الحدود من دون اضافة لفظ الجرائم الیها وعقوبتها تسمى بالحدود ایضا, ولکنها تمیز بالجریمة التی فرضت علیها فیقال حد السرقة, وحد الشرب, ویقصد من ذلک عقوبة السرقة وعقوبة الفرع الثانی جرائم القصاص یقصد بالقصاص :معاملة الجانی بمثل اعتدائه, فان القصاص معناه المماثلة, ومنه قص الحدیث اذا اتى به على وجهه, ولا یسمى القصاص حداً لأنه حق العبد هو الغالب, وله ان یعفو عنه. والقصاص مشروعیته ثابتة فی القران الکریم والسنة النبویة, کما فی قوله تعالى )یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آَمَنُوا کُتِبَ عَلَیْکُمُ الْقِصَاصُ فِی الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِیَ لَهُ مِنْ أَخِیهِ شَیْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَیْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِکَ تَخْفِیفٌ مِنْ رَبِّکُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِکَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِیمٌ (. وجاء فی صحیح البخاری عن النبی r انه قال: ((وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِیلٌ فَهُوَ بِخَیْرِ النَّظَرَیْنِ إِمَّا یُودَى وَإِمَّا یُقَادُ)). الاصل فی القصاص هی العقوبة, ای قتل الجانی بید أولیاء الدم, ای والد القتیل واخوته وعمومته لیشفی غلیل ولی المجنی علیه, ویجوز ان یسقط القصاص صلحا بین الطرفین, بدلا من القصاص من الجانی, وقد جرت العادة ان یذهب وفداً من الوجهاء الى أهل القتیل, بعد ان تهدأ النفوس, ویتوسط فی حل الخلاف صلحا, فان وافقوا, فأهل القتیل إما ان یأخذوا الدیة وإما أن یعفوا ویتنازلوا عن حقوقهم المشروعة. اما بالنسبة للدیة فقد اجاز القران الکریم والسنة النبویة الصلح فیهما کما فی قوله تعالى )وَمَا کَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ یَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِیرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِیَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ یَصَّدَّقُوا فَإِنْ کَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَکُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِیرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ کَانَ مِنْ قَوْمٍ بَیْنَکُمْ وَبَیْنَهُمْ مِیثَاقٌ فَدِیَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِیرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ یَجِدْ فَصِیَامُ شَهْرَیْنِ مُتَتَابِعَیْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَکَانَ اللَّهُ عَلِیمًا حَکِیمًا(, اما فی السنة النبویة فقد ورد عن النبی r انه قال: ((أَلَا إِنَّ قَتِیلَ الخطأ قَتِیلَ السَّوْطِ وَالْعَصَا فِیهِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ مُغَلَّظَةٌ أَرْبَعُونَ مِنْهَا فِی بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا)). ونلحظ ان الحدیث الشریف یشمل نوعین من القتل وهو القتل شبه العمد والقتل الخطأ إذ یشترکان فی عدم توفر القصد الجنائی فی ارتکاب جریمة القتل, فیعاقبان بدفع الدیة سواء رضی اهل المقتول او لم یرضوا. وقد قسم الفقهاء الجرائم الى عمدیة موجبة للقصاص, وجرائم شبه عمدیة او قتل خطأ فإنها توجب الدیة, وتعد مجالا رئیساً للصلح, ای ایقاف سیر الدعوى الجنائیة دون توقیع العقوبة المقررة سواء کانت قصاصا او دیة. ولا یعنی التنازل عن الحق فی القصاص اعفاء الجانی من العقاب تماما, وانما یترک للسلطة التقدیریة للقاضی بحسب مقتضیات المصلحة العامة والخاصة على السواء. مثال على ذلک ما اکده القاضی بمحکمة مکة المکرمة طنف الدعجانی, ان تنازل والدة الطفل عن قاتلة ابنها یسقط عنها القصاص ویبقى علیها الحق العام وهو السجن مدة خمسة أعوام, ولا یشملها العفو الملکی الا بعد مضی ربع المدة على الأقل.
الفرع الثالث جرائم التعزیر التعزیر هو: هو التأدیب بما یراه الحاکم زجرا لمن یفعل فعلا محرما عن العودة الى ذلک الفعل, فکل من اتى فعلا محرما لا حد فیه, ولا قصاص, ولا کفارة, فان على الحاکم ان یعزره بما یراه زاجرا له عن العود, من ضرب, او سجن, او توبیخ. فقد نص الشارع على ضرورة عقاب مرتکب الجریمة, إذ نص على العقوبة بالنسبة للحد والقصاص, اما فی التعزیر فیترک ذلک لاجتهاد ولی الامر, فبحسب المصلحة على قدر الجریمة یحدد العقوبة قد یزید الامام فیه عن الحد اذا رأى المصلحة العامة فی ذلک, روی عن عمر بن الخطاب t انه کتب الى ابی موسى الاشعری : لا تبلغ بنکال اکثر من عشرین سوطا وروی عنه ثلاثین وروی عنه ما بین الثلاثین والاربعین. یمکن أن تتفرع جرائم التعزیر الى ما هو حق خالص لله تعالى, ومنها ما هو حق خالص للعبد, ومنها ما یشترک فیه الحقان مع امکانیة غلبة احداهما على الاخر, فالصلح یکون جائزا فی الجرائم التی یکون فیها حق العبد هو الغالب, کالسباب والشتائم والسخریة, ولا یقبل فی الحق الخالص لله تعالى الصلح. اما فی حالة اشتراک الحقان حق الله وحق العبد مع غلبة حق العبد, فیجوز الصلح بین الافراد فیما یتعلق بحقوقهم المشترکة وتوقیع عقوبة تعزیریة اذا رأى مصلحة فی ذلک, مثال على ذلک انتهاک حرمة الحیاة الخاصة, وانتهاک حرمة السکن تطبیقا لقوله تعالى )یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُیُوتًا غَیْرَ بُیُوتِکُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِکُمْ خَیْرٌ لَکُمْ لَعَلَّکُمْ تَذَکَّرُونَ(. فالحکمة من ترک التعزیر الى سلطة الحاکم هی انه مما لا ریب فیه ان احوال الناس تختلف باختلاف الازمنة والامکنة, فالعقوبة التی تناسب جماعة لهم حالة خاصة, لا تناسب جماعة اخرى تخالفها فی عاداتها واطوارها, فلا یمکن وضع عقوبة منضبطة یمکن تطبیقها على سائر الناس, فالله تعالى هو العالم بأحوال عباده, الخبیر بما تقتضیه طبائعهم ناط امر تقدیر العقاب بأولی الامر, ثم کلفهم بالسهر على مصالح رعایاهم, والقیام بتأدیب المجرمین بالعقوبات المناسبة, کی یعیش الناس فی امن واطمئنان. المطلب الرابع اثر الصلح الجزائی فی الشریعة الاسلامیة یختلف اثر الصلح الجزائی فیما اذا کانت من جرائم الحدود, او القصاص والدیة, او التعزیر فاذا کانت الجنایة من جرائم الحدود, فلا یکون للصلح اثر فیها, لان الاصل فی تلک الجرائم, انها شدیدة الجسامة ولصیقة بحق الله تعالى. اما جرائم القصاص فان موجب الجنایة العمدیة هو القصاص عینا, ای انه لا یلزم الجانی بدفع الدیه ان ارادها ولی الدم, فأما ان یقتص منه واما ان یعفو مجانا ان لم یرضى الجانی بدفع الدیه وهذا رای الحنفیة والمالکیة والشافعیة, فاذا کان یستحق القصاص واحدا مکلفا رجلا او امرأة فهو یملک الصلح وحدة ویکون صلحه نافذا منتجا لأثارة وهذا اتفاق جمهور الفقهاء. اما اذا کان مستحقو القصاص اولیاء الدم جماعة راشدین اما ان یتفقوا على الصلح فلا اشکال فی ذلک لان صلحهم ینفذ, واما ان یصالح بعضهم من دون البعض الآخر وهذا محل خلاف بین الفقهاء, والصحیح قول الجمهور من الحنفیة والمالکیة والشافعیة والحنابلة, وهو انه اذا صالح بعضهم سقط حق الباقین فی القصاص ولم یکن لهم الا الدیة, لذا فمن صالح منهم فله ما صالح علیه, ومن لم یصالح فله حق المطالبة بنصیبه من الدیة ولا قصاص. اما اذا کان یستحق القصاص صغیرا بمعنى انه مستقل فی ولایة الدم ولیس معه مشارک, فان قول الحنفیة والمالکیة والحنابلة والظاهریة هو ان للولی (اب أو وصی) ان یصالح عن القصاص الواجب للصغیر فی النفس وما دونها شریطة الا یقل عن الدیة لان الولی یرى ان المصلحة فی الصلح. اما بالنسبة لتعدد الجناة فی القصاص, فقد ذهب جمهور الفقهاء من الحنفیة والمالکیة والشافعیة والحنابلة الى انه اذا ثبت القتل العمد واستحق الجماعة القصاص فان ولی الدم یجوز له ان یصالح البعض او الکل على ما یرید ویطلب القصاص ممن له مصالحهم. اما اذا کانت الجنایة قتل خطا او شبة عمد فأنها موجبة للدیة, والدیة مقدرة شرعا جنسا وقدرا, ولکن یکون الخلاف فی الزیادة علیها او ابدالها. ویکون الصلح بمقدار الدیة کالمئة من الابل مثلا, ولو صالح على اقل من المقدر کان صالح على خمسین من الابل فهذا لا اشکال فیه, لأنه استیفاء لبعض حقه وابراء عن الباقی فیصح. اما اذا وقع الصلح على اکثر من المقدر فی الدیة, مثلا الصلح عنها بمئة وخمسون من الابل او الفی مثقال من الذهب فان الرای الراجح للفقهاء انه لا یجوز لان الزیادة عن المقدر ربا واکل مال بالباطل. اما بالنسبة الى الجنایة الموجبة للتعزیر, على حق الله تعالى فحسب من دون اعتداء على حق احد من الاشخاص, کانت عقوبة التعزیر حقا خالصا لله تعالى, اما ان کان فی الجنایة اعتداء على حق احد من الاشخاص إذ یکون فی التعزیر حقان حق الشخص المجنی علیه فی معاقبة الجانی, وحق الله تعالى فی التأدیب والقمع. فاذا اسقط المجنی علیه حقه فی العقوبة, قبل القضاء بها او بعده, سقطت العقوبة, وهذا ما ذهب الیه بعض الفقهاء, وذهب البعض الآخر الى ان العقوبة التعزیریة لا تسقط کلها بإسقاط صاحب الحق لحقه, لان صاحب الحق کما یقولون انما یملک العفو عن حقه, ای یبقى حق الله تعالى, فیعاقب القاضی به الا ان للقاضی ان یخفف العقوبة بعد عفو المجنی علیه عن حقه, لنقصان الحق فیها. الخاتمة توصلنا فی بحثنا الموسوم الصلح الجزائی فی ضوء القانون والشریعة الى جملة من النتائج والتوصیات یمکن اجمالها بما یأتی : اولا- النتائج. 1- تکمن الغایة التشریعیة من اقرار الصلح فی الدعاوى الجزائیة فی اهمیة بعض المصالح، وضرورة حمایتها، والحفاظ علیها، ولو ادى ذلک الى تقیید حق الدولة فی العقاب، فان بعض هذه المصالح التی یحققها الصلح الجزائی العلة التشریعیة لتبنی هذا النظام فی القوانین الجنائیة، إذ یحقق الصلح الجزائی مصلحة المتهم الذی یخلصه من المتابعة الجزائیة، ویوفر علیة عناء الوقوف فی قفص الاتهام، اما المجنی علیه فانه یستفید ایضا لما یوفره له من فرصة للحصول على تعویض عما لحقه من ضرر بسبب الجریمة، فضلاً عن ذلک ینعکس الاثر الایجابی للصلح على المجتمع ایضا فیحقق بذلک مصلحة عامة تتجاوز المصلحة الخاصة للمتهم والمجنی علیه. 2- الصلح الجزائی ما هو الا نظام اجرائی له خصوصیته واستقلالیته، أوجده المشرع لیقوم الى جانب انظمة اخرى کالعفو العام والصفح والتقادم، ویحدث الصلح الجزائی اثره فی الدعوى الجزائیة، ویؤدی الى انقضائها کتلک الانظمة. 3- تنص القوانین الوضعیة على الصلح الجزائی, وتکون مشروعیته فی الشریعة الاسلامیة فی القران الکریم والسنة النبویة والاجماع والمعقول 4- التشریعات المعاصرة للدول المختلفة على الاخذ بنظام الصلح الجزائی الا انه تختلف فی نطاق هذه الجرائم, ویستند المشرع فی تحدیده الجرائم المشمولة بالصلح الجزائی الى بساطة او ضالة الضرر الذی تحدثه الجریمة, ومساس الجریمة بالمصلحة الخاصة, ویشمل الصلح الجزائی فی الشریعة الاسلامیة الجنایات القصاص التی فیها حق العبد هو الغالب, والتعزیر الصلح فیها جائز ولا یجوز فی الحدود الصلح لان حق الله تعالى وهو الغالب. 5- قد یکون الصلح الجزائی بمقابل یدفعه الجانی الى المجنی علیه, ویکون برضا الطرفین, او یکون الصلح من دون مقابل مادی لاعتبارات له علاقة بالعائلة او للصلات الحمیمة بین الطرفین, فی حین الصلح الجزائی فی الشریعة الاسلامیة عن الدیة یکمن فی ان الدیة یتحقق وجوبها بناء على الارادة المنفردة للمجنی علیه او ولیه, من دون التفات الى رضاء الجانی أو عدمه. ثانیا- التوصیات 1- على المشرع العراقی توسیع نطاق المصالحة فی الجانب الجزائی لیشمل مجالات متعددة وحالات اکثر, والخروج من محدودیته من حیث الشروط والاثار. 2- العمل على ایجاد قضاة متخصصین فی هذا المجال, أی یکون هناک قضاء او فرع خاص بالصلح القضائی على غرار ما هو موجود فی عدید من الدول منها مصر وسوری وفرنسا والسودان. 3- تفعیل دور القاضی لإنجاح جلسات الصلح فی دور لجان المصالحة وتدعیم القائمین علیها.
The Author declare That there is no conflict of interest
References (Arabic Translated to English) First - the legal books. III. Legal books. IV - Letters and university papers. Arab laws. Web sites. 1. Ahmed Barak, The Privatization of Criminal Case - Innovative Means to Address the Criminal Justice Crisis, article published on the Palestine Legal Portal at www.pal-lp-org
| ||
References | ||
اولا – الکتب الشرعیة. 1- ابن نجیم, البحر الرائق شرح کنز الدقائق, مطبعة دار الکتب العربیة, مصر, ج7, 1333هـ. 2- ابو محمد فخر الدین عثمان الزیعلی, تبیین الحقائق شرح کنز الدقائق, دار الکتاب الاسلامی, القاهرة, ج5, 1313 ه 3- د. أحمد فتحی بهنسی, التعزیر فی الاسلام, مؤسسة الخلیج العربی, القاهرة, ط1, 1988. 4- د. أحمد فتحی بهنسی, الدیة فی الشریعة الاسلامیة, دار الشروق, بیروت, ط4, 1988. 5- د. سیف رجب قزامل, العاقلة فی الفقه الاسلامی, مطبعة الاشعاع الفنیه, مصر, 1999. 6- السید سابق, فقه السنه, دار التراث العربی, بیروت, ج2, (ب, ت) 7- شمس الدین محمد بن أحمد الشربینی, مغنی المحتاج الى معرفة الفاظ المنهاج, مطبعة مصطفى الحلبی, القاهرة, ج2, 1352ه 8- عبد الرحمن الجزیری, الفقه على المذاهب الاربعة, الکتبة العصریة, بیروت, ج1, 2008. 9- عبد الله بن أحمد ابن قدامه, المغنی شرح مختصر الخرقی, دار الفکر, بیروت, ج9, 1992. 10– عبد القادر عوده، التشریع الجنائی الاسلامی مقارنا بالقانون الوضعی، مؤسسة الرسالة، بیروت، ط14، 2000. 11- علاء الدین بن مسعود الکسانی, بدائع الصنائع فی ترتیب الشرائع, دار الکتب العلمیة, بیروت, ط2, ج7, 1986. 12- الفخر الرازی, التفسیر الکبیر, دار الکتب العربیة, مصر, ج5, (ب, ت) 13- القرطبی, تفسیر القرطبی, دار الکتاب العربی, القاهرة, ج5, (ب, ت) 14- محمد ابن أحمد ابن رشد, بدایة المجتهد ونهایة المقتصد, دار المعرفة, بیروت, ط8, ج2, 1986 . 15 - محمد أبو زهرة, الجریمة والعقوبة فی الفقه الاسلامی, دار الفکر العربی, القاهرة, (ب, ت). 16- محمد الخطیب الشربینی, مغنی المحتاج الى معرفة معانی الفاظ المنهاج, دار الفکر, بیروت, ج4, (ب, ت). 17- محمد بن علی الشوکانی, نیل الاوطار شرح منتقى الاخبارمن کلام سید الاخیار, دار الجیل, بیروت, ج7, (ب, ت). 18- منصور بن یونس بن ادریس البهوتی, کشاف القناع عن متن الاقتناع, دار الفکر, بیروت, ج3, 1402 ه. 19- الموسوعة الفقهیة, إصدار وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامیة, الکویت, ط2, ج23, 2004. ثانیا- المعاجم. 1. إبراهیم مصطفى وآخرون, المعجم الوسیط, الکتبة الاسلامیة, استانبول, ط1, ج1972,1. 2. ابن منظور, لسان العرب, دار احیاء التراث العربی, بیروت, ط3, ج1999, 7. ثالثا – الکتب القانونیة. 1- د. أحمد فتحی سرور, الجرائم الضریبیة, دار النهضة العربیة, القاهرة, 1990. 2- د. ادور غالی الدهبی, دراسات فی قانون الاجراءات الجنائیة, مکتبة غریب, القاهرة, 1977. 3- د. أسامة حسنین عبید, الصلح فی قانون الاجراءات الجنائیة ماهیة والنظم المرتبطة به, دار النهضة العربیة, القاهرة, 2005. 4- د. أشرف فایز اللمساوی و فایز السید اللمساوی, انقضاء الدعوى الجنائیة سقوط العقوبة ووقف تنفیذها بالقانون (80)لسنة 1997, المرکز القومی للإصدارات القانونیة, ط7, 2006. 5- د. أشرف فایز اللمساوی وفایز السید اللمساوی, الصلح الجنائی فی الجنح والمخالفات وقانون التجارة والجرائم الضریبیة والجمرکیة, المرکز القومی للإصدارات القانونیة, ط1, 2009. 6- د. الانصاری حسن النیدانی, الصلح القضائی, دار الجامعة الجدیدة, الاسکندریة, 2009. 7- د. أمین مصطفى محمد, انقضاء الدعوى الجنائیة بالصلح, دار النهضة العربیة, القاهرة, 2002. 8- د. حمید السعدی, شرح قانون العقوبان الجدید, مطبعة المعارف, بغداد, ج3, 1976. 9- د. سامی النصراوی, دراسة فی اصول المحاکمات الجزائیة, مطبعة دار السلام, بغداد, ج2, 1976. 10- سعید حسب الله عبدالله, شرح قانون اصول المحاکمات الجزائیة, دار الحکمة, الموصل, 1990. 11- د. شریف السید کامل, الحق فی سرعة الاجراءات الجنائیة, دار النهضة العربیة, القاهرة, 2005. 12- د. عبد الرحمن الدراجی خلفی, الحق فی الشکوى کقید على المتابعة الجنائیة, منشورات الحلبی, بیروت, ط1, 2012. 14- د. عبد الرؤوف مهدی, شرح القواعد القانونیة للإجراءات الجنائیة, دار النهضة العربیة, القاهرة, ط2, 1997. 15- د. عبد الفتاح بیومی حجازی, سلطة النیابة العامة فی حفظ الاوراق والامر بالأوجه لإقامة الدعوى الجنائیة, دار الکتب القانونیة, مصر, 2007. 16- عبد الرزاق احمد السنهوری, الوسیط فی القانون المدنی, ج5, 1962. 17- د. عوض محمد، المبادئ العامة فی قانون الاجراءات الجنائیة، دار المطبوعات الجامعیة، الاسکندریة, (د.ت) 18- لیلى قاید, الصلح فی جرائم الاعتداء على الافراد, دار الجامعة, الاسکندریة, 2001. 19- د. مأمون محمد سلامة, الاجراءات الجنائیة فی التشریع اللیبی, مطبعة دار الکتب, بیروت, ط1, ج1, 1971. 20- د. محمد السید عرفه, التحکیم والصلح وتطبیقاتها فی المجال الجنائی, مرکز الدراسات والبحوث, الریاض, ط1, 2006. 21- د. محمد حنفی محمود, الحقوق الاساسیة للمجنی علیه فی الدعوى الجنائیة, دار النهضة العربیة, القاهرة, ط1, 2006. 22- د. محمد زکریا ابو عامر, الاجراءات الجنائیة, دار الجامعة الجدیدة, الازاریطه, ط9, 2009. 23- د. محمود محمد هاشم, النظریة العامة للتحکیم فی المواد المدنیة والتجاریة, دار الفکر العربی, مصر, 1990. 24- د. نبیل عبد الصبور النبراوی, سقوط الحق فی العقاب بین الفقه الاسلامی والتشریع الوضعی, دار الفکر العربی, مدینة نصر, 1996. رابعا- الرسائل والاطاریح الجامعیة. 1- اسماعیل احمد محمد الاسطیل, التحکیم فی الشریعة الاسلامیة, اطروحة دکتوراه, کلیة الحقوق, جامعة القاهرة, 1986. 2- سعید حسب الله عبد الله, قید الشکوى فی الدعوى الجزائیة اطروحة دکتوراه, کلیة الحقوق, جامعة الموصل, 2000. 3- سعادی عارف محمد, الصلح فی الجرائم الاقتصادیة, رسالة ماجستیر, جامعة نجاح الوطنیة, فلسطین, 2010. 4- د. سر الختم عثمان ادریس, النظریة العامة للصلح فی القانون الجنائی, اطروحة دکتوراه, جامعة القاهرة, مصر, 1979. خامسا- المجلات والدوریات. 1- محمد ابو لیل, التحکیم واثره فی حل الخصومات فی ضوء الشریعة الاسلامیة, مجلة الدراسات, عمان, المجلد(12), العدد(8), 1985. 2- د. عبد الوهاب حومد, نظرات معاصرة على قاعدة قانونیة للجرائم والعقوبات فی التشریع المقارنت, مجلة الحقوق, الکویت, العدد(4), السنة(24), 2000. 3- د. انور محمد صدقی المساعدة, الصلح الجزائی فی التشریعات الاقتصادیة القطریة, مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادیة والقانونیة, المجلد(24), العدد(2), 2008. 4- د. أحمد بن سلیمان العرینی, الصلح فی الجنایات واقع وتصویبات, مجلة الدعوة, السعودیة, العدد(1906), 1424 ه. سادسا- قرارات المحاکم المنشورة. 1- قرار محکمة التمییز العراق 3/1965. 2- قرار محکمة التمییز العراق رقم 529 م 12/1966 3-جریدة الوقائع العراقیة, العدد(3402)بتاریخ 20/4/1992. سابعا- القوانین العربیة. 1. القانون المدنی المصری رقم (133) لسنة 1948 م. 2. القانون المدنی العراقی رقم (40) لسنة 1951 م. 3. قانون الاجراءات الجنائیة اللیبی لسنة 1953م. 4. قانون العقوبات الاردنی رقم (16) لسنة 1960م. 5. قانون الاجراءات والمحاکمات الجزائیة الکویتی رقم (17) لسنة 1960م. 6. قانون المرافعات المدنیة العراقی رقم (83) لسنة 1969م. 7. قانون العقوبات العراقی رقم (111) لسنة 1969م. 8. قانون اصول المحاکمات الجزائیة العراقی رقم(23) لسنة 1971م. 9. القانون المدنی الجزائری رقم (58) لسنة 1975م 10. القانون المدنی الاردنی رقم (43) لسنة 1976 م. 11. مشروع القانون المدنی الفلسطینی. 12. قانون الاجراءات الجزائیة الفلسطینی رقم (3) لسنة 2001م. 13. قانون الاجراءات الجزائیة القطری رقم (23) لسنة 2004م. 14. قانون الاجراءات الجنائیة المصری رقم (145) لسنة 2006م. ثامنا- مواقع الانترنیت. 1- احمد براک, خصخصة الدعوى الجزائیة- وسائل مستحدثة لمواجهة ازمة العدالة الجنائیة, مقالة منشورة على بوابة فلسطین القانونیة على الموقع الالکترونی www.pal-lp-org 2- محمد بیل, اثر الصلح فی انقضاء الدعوى الجزائیة فی القضایا البسیطة, کتاب دوری (12) لسنة 2006 بشان نظام الصلح فی بعض الجرائم, منشور على موقع منتدیات کلیة الحقوقwww.justice-lawhome.com. 3- عبد الکریم الذیابی, العفو عن قاتلة طفل الطائف, منشور على الموقع الالکترونی Http://www.shms.com. | ||
Statistics Article View: 588 PDF Download: 7,306 |