التنظیم القانونی للحوافز المالیة فی قوانین الطاقة - دراسة مقارنة | ||
الرافدین للحقوق | ||
Article 1, Volume 19, Issue 60, June 2014, Pages 137-180 PDF (0 K) | ||
Document Type: بحث | ||
DOI: 10.33899/alaw.2014.160756 | ||
Author | ||
قبس حسن عواد البدرانی* | ||
القسم العام، کلیة الحقوق، جامعة الموصل، الموصل، العراق | ||
Abstract | ||
تعد الحوافز المالیة من الأدوات الرئیسة التی تأخذ فیها النظم المالیة لدعم قطاع الطاقة والحفاظ علیها فی تشجیع الاستثمارات الموجهة لها فی قطاعی الطاقة التقلیدیة والطاقة المتجددة کلتیهما، وقد أسهمت الجهود الدولیة والتشریعات الوطنیة ولا سیما فی دعم مصادر الطاقة المتجددة مع الأخذ بالاعتبار الأغراض التی تسعى لتحقیقها الدول والأعراف الدولیة المرعیة فی هذا المجال. | ||
Keywords | ||
النظام المالی; قطاع الطاقة; الحوافز المالیة | ||
Full Text | ||
التنظیم القانونی للحوافز المالیة فی قوانین الطاقة دراسة مقارنة-(*)- Legal regulation of fiscal incentives in energy laws A Comparative Study
(*) أستلم البحث فی 4/9/2013 *** قبل للنشر فی 28/10/2013. (*) Received on 4/9/2013 *** accepted for publishing on 28/10/2013. Doi: 10.33899/alaw.2014.160756 © Authors, 2014, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license (http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).
المستخلص تعد الحوافز المالیة من الأدوات الرئیسة التی تأخذ فیها النظم المالیة لدعم قطاع الطاقة والحفاظ علیها فی تشجیع الاستثمارات الموجهة لها فی قطاعی الطاقة التقلیدیة والطاقة المتجددة کلتیهما، وقد أسهمت الجهود الدولیة والتشریعات الوطنیة ولا سیما فی دعم مصادر الطاقة المتجددة مع الأخذ بالاعتبار الأغراض التی تسعى لتحقیقها الدول والأعراف الدولیة المرعیة فی هذا المجال.
Abstract The financial incentives is one of the key tools that financial systems depended on to support and maintain energy sector by encouraging investments directed toward it in each of the energy sector conventional and renewable energy, international efforts and national legislation is supporting this efforts through legal framework in each national and international fields. المقدمـة باتت الطاقة بأشکالها القدیمة تشکل هاجسا کبیرا لعدید من الدول المالکة لها التی تحاول فی سیاستها المالیة المتبعة الحفاظ على نمائها على الرغم من تزاید المخاوف من نضوبها، فی المقابل نجد إن عدید من الدول توجهت نحو أشکال جدیدة للطاقة البدیلة (المتجددة) ووضعت القواعد القانونیة المنظمة لاستغلالها ومنها الحوافز المالیة.
اولا. أهمیة البحث تعد الحوافز المالیة من الأدوات الرئیسة التی تعتمد علیها السیاسة المالیة فی أیة دولة لتحقیق ما تسعى الیه من أهداف، واستخدمت هذه الحوافز فی اتجاهین ایجابی بمعنى التأثیر نحو الجذب والدخول فی مناطق استثماریة وتشجیع ممارسة الأنشطة الاقتصادیة فیها وهذه هی الحوافز بصورتها الغالبة، واتجاه سلبی بمعنى استخدام السیاسة المالیة ولا سیما الضرائب لتحویل الاتجاه الاستثماری والاستهلاکی من نمط اقتصادی الى نمط اقتصادی اخر، ولعل هذا النوع الأخیر کان من الأنواع التی تدعو الیها الدراسات العلمیة فی سبیل تشجیع التحول لاقتصاد الطاقة النظیفة فی رفع الدعم عن اقتصاد الطاقة التقلیدیة (الوقود الاحفوری). وبسبب من المخاوف التی تنجم عن تناقص وإساءة استغلال مصادر الطاقة الطبیعیة فان التشجیع نحو اعتماد سیاسة استثماریة نحو الطاقة النظیفة تدعمها دعوات للحفاظ على المناخ واقامة بیئة عمل ملائمة، نجد هنا ان للحوافز المالیة دوراً یتفاوت بین إمکانیة التأثیر المباشر او غیر المباشر لدعم هذه التحولات.
ثانیا. هدف البحث یهدف البحث الى مناقشة ماهیة الحوافز المالیة المطبقة فی مجال الطاقة الطبیعیة سواء من مواردها القابلة للنضوب ام الموارد المتجددة(النفط- الغاز- الفحم- الشمس- الریاح- المیاه)، فضلا عن إبراز الاتجاهات الدولیة المنظمة لاستخدام الطاقة المتجددة ودور التنظیم الدولی فی هذا المجال بمؤشرات دولیة وإقلیمیة. ثالثا. إشکالیات البحث تناول البحث أهم الإشکالیات الآتیة: - ماهیة الحوافز المالیة المطبقة فی قطاع الطاقة وفی قطاع الأنشطة الاقتصادیة عامة وکل ما یتعلق بذلک من قواعد وشروط وآلیات ومدى اختلافها عن الحوافز المالیة المطبقة فی قطاعات اخرى او ضمن الاطار النظری للحوافز المالیة عموماً. - ماهیة الغرض الذی تسعى له النظم المالیة وهی بصدد تقریر سیاسة التحفیز المالیة، هل اعتماد مبدأ تحریر السوق وفتح المجال أمام الاستثمارات الخارجیة والداخلیة الخاصة، ام اعتماد سیاسة حمائیة تقوم على حمایة الاقتصاد الوطنی وتشجیعه لمواجهة المنافسة الدولیة الکبیرة. - ما هی الحدود التی تؤخذ بنظر الاعتبار عند وضع الحوافز المالیة من عوامل استثماریة وبیئیة؟ - هل ان التنظیم القانونی الدولی والإقلیمی اثّر فی الأخذ بهذه الحوافز على وفق صیغ وضوابط محددة أم ان الأمر رهن بما تقرره کل دولة على وفق أهدافها الخاصة.
رابعا. فرضیة البحث
خامسا. منهجیة البحث ونطاقه اعتمدنا فی هذا البحث الأسلوب التحلیلی والمقارن للأسس النظریة لاستخدام الحوافز المالیة فی العدید من النماذج القانونیة المطبقة، وقد جرى تناول بعض النماذج التی یمکن فیها ابراز الاختلافات بین الدول سواء الآخذة بالحوافز فی نطاق الطاقة التقلیدیة کما هی الحال فی العراق والنموذج الغربی -الولایات المتحدة- فی جانب منها، والمغربیة والأردنیة المتقدمة على غیرها فی النطاق العربی من حیث النماذج القانونیة المشجعة لاستخدام مصادر الطاقة المتجددة ودولة الإمارات العربیة المتحدة نموذجا جاذبا فی الحوافز المقدمة من الدولة والإمارات کافة.
هیکلیة البحث سیتم تقسیم البحث إلى: المبحث الأول- الإطار النظری للحوافز المالیة. المبحث الثانی- الإطار التطبیقی للحوافز المالیة.
المبحث الأول الإطار النظری للحوافز المالیة فی مجال الطاقة تمثل الطاقة بمصادرها کافة عصب الحیاة البشریة، وضمانة استمرارها ووجودها وقد وعى الإنسان هذه الحقیقة منذ بدء التاریخ البشری المعروف لدینا، وقد عاشت الحضارة الإنسانیة حقبا متنوعة من وجهة نظر الطاقة المستعملة فکان البروز المبدئی لقوى الطبیعة العذراء من أی تدخل بشری فی الشمس والهواء والماء وما تلا ذلک من صور لموارد الطاقة تدّخل الإنسان فی وجودها ابتداءً من النار وظهور النفط والغاز واستخدام هذه الموارد الطبیعیة فی إنتاج الطاقة الکهربائیة والغازیة والکهرومغناطیسیة وما تطورت الیه من طاقة نوویة وذریة ..الخ. أدى هذا المسار المتطور لظهور أشکال الطاقة وتعدد المصادر التی تنبع منها سواء من نتاج الطبیعة المباشرة ام بالتدخل البشری الى ظهور تحدیات کبیرة تواجه الإنسان الحالی فی زماننا المعاصر، اذ هناک تحدی حقیقی فی نضوب موارد النفط والغاز والثروات المعدنیة الاخرى، التی یمکن وضعها تحت إطار الموارد القابلة للنضوب التی أسهم الجهد الإنسانی ایجابیا ام سلبیا فی تسارع وتیرة هذا النضوب، فی مقابل اتجاهات متزایدة نحو الرجوع الى المصادر الطبیعة الأخرى الأکثر ثباتا نسبیا من الثروات المعدنیة کما فی الطاقة المستخلصة من الریاح او من الماء او من أشعة الشمس حفاظا على النمط الاقتصادی المتنامی المتطور مع وجود العدید من القیود التی تراعی استخدام هذه الطاقة والمتمثلة بتحدیات البیئة وتأثیر الاتجاهات الاستثماریة المتنوعة فی العالم، ویظهر من ذلک کله لنا ان نوع السیاسة المالیة التی تنتهجها أی دولة فی التعامل مع هذه الجوانب تستدعی بیان الأساس الذی تستند الیه عند تنظیم قوانینها المالیة والموجهة مباشرة للطاقة او غیر مباشرة (القوانین المالیة العامة) وتحدید الأهداف التی تسعى الیها من وراء الأخذ بسیاسة التحفیز المالی وهل ان هناک عوامل قد تعد محددة لهذا النمط من التنظیم المالی ام لا، وسیجری تناول هذه الموضوعات فی هذا المبحث فی مطلبین، یرکز الأول فی تناول ماهیة الحوافز المطبقة فی مجال الطاقة ویتناول المطلب الثانی أساس لأخذ بهذه الحوافز والعوامل المؤثرة فیها.
المطلب الأول ماهیة الحوافز المالیة فی مجال الطاقة
الفرع الأول- التعریف بمصادر الطاقة تواجه عدید من الدول مشاکل عدیدة وعلى المستوى العالمی ولا سیما بعد الحرب العالمیة الثانیة وما لحقها من متغیرات سیاسیة واقتصادیة واجتماعیة أدت الى ظهور مشکلة متنامیة وهاجس مستمر یتمثل بـ(تحسین استغلال الموارد الاقتصادیة دون خلق مشاکل اقتصادیة مثل التضخم او الرکود الاقتصادی)، ولعل هذا الهدف دعا الى وجود حرکة دولیة واسعة على المیادین المختلفة للوصول لهذا الهدف، وکان للطاقة دورها الرئیس والفعال والأداة المهمة لتحقیقه على الرغم من صعوبة ذلک، الا ان التقدم العلمی البشری أنتج حالة من التنوع الواضح فی موارد الطاقة دفع الى ذلک هاجسین: أ- ان الموارد المؤدیة لإنتاج الطاقة غیر کافیة ولا سیما مع تزاید وتنوع الحاجات البشریة واستمرار هذه الحاجات بالتزاید، فهناک أعداد هائلة من البشر لم یصلوا الى مستوى حیاة مرفهة کما یعیشه أبناء العالم المتقدم (أوربا وأمریکا الشمالیة وبعض دول آسیا المتقدمة) ومن ثم فان هناک حاجة کبیرة للطاقة لملامسة هذا النمط من العیش غیر الملموس بعد!!. ب- هناک حالة من الإساءة لاستخدام هذه الموارد الطبیعیة، اما نتیجة للاستخدام المتزاید او لعدم فاعلیة هذا الاستخدام لعوامل سیاسیة واقتصادیة واجتماعیة (سلبیة فی الاغلب). ان المحیط الحیوی الذی نعیشه (البیئة) محدود بطبیعته وان کان فیما سبق من فترات فی التاریخ البشری ملائم للحیاة، الا انه لم یعد کذلک فی وقتنا الراهن وهذا یرجع لعدید من العوامل التی تمثل البیئة محورها الأساس التی أدت الى هذه الهواجس التی سبق ذکرها، مما جعل المجتمع البشری یواجه خطرا فی تزاید الحاجة للطاقة بصورة اکبر مما تقدمه له إمکانات الطبیعة المحدودة ولا سیما مع تزاید إنتاج النفط والغاز وباقی الثروات المعدنیة، وهذا ألجأ الى ظهور ما یسمى بالدعوة الى التنمیة المستدامة فی العمل على إحداث التنوع البیولوجی وخلق حالة التوازن فی البیئة، فضلاً عن استثمار عوامل الطبیعة الأخرى کمصادر مضافة للطاقة تواجه هذه الاحتیاجات المتزایدة من المجتمعات الاقتصادیة، فظهرت الطاقة المتجددة Renewable energy''''، ان ظهور هذا النوع من الطاقة کان محاولة لإیجاد بدائل او تعزیز لوجود الطاقة التی تنجم من الموارد الاحفوریة (الهیدروکاربونیة) کالنفط والغاز الطبیعی بسبب المخاوف المتزایدة من نقص الموارد الناجمة منها، إلا ان الأمر الواقع ووفقا للتقدیرات العالمیة یؤکد انه لا تزال العدید من الأماکن فی العالم غنیة بالطاقة النفطیة او الناجمة من الغاز الطبیعی ومنطقتنا العربیة خیر مثال على ذلک، بل ان هناک العدید من الاکتشافات الحدیثة التی تؤمن استمراریة وجود الطاقة الناجمة من النفط (کما فی اکتشاف حقول عملاقة فی المحیط الأطلسی أمام البرازیل). والأمر ذاته بالنسبة للغاز الطبیعی، ألا انه فی المقابل فان التنمیة الاقتصادیة والتزاید فی الاحتیاجات لاستهلاک الطاقة یؤدی الى مشاکل کبیرة ولا سیما فی نطاق تلویث البیئة وما ینجم عن ذلک من آثار اجتماعیة واقتصادیة سلبیة، ولذا ولضمان العیش فی نمط متقدم من الحیاة الاقتصادیة فان الاعتماد على مصادر الطاقة الاحفوریة لوحده غیر کاف فلا بد من بدائل تعتمد على الموارد الطبیعیة الأخرى ذات القابلیة على التجدد او غیر المستنفذة التی یطلق علیها بالطاقة المستدامة وهذه الطاقة مختلفة عن الطاقة الاحفوریة (من نفط وغاز طبیعی، او الوقود النووی المستخدم فی المفاعلات النوویة) من حیث: أ- لا تنشا عن الطاقة المتجددة مخلفات ضارة بالبیئة (غاز ثنائی اوکسید الکاربون Co2). ب- لا یؤدی استغلالها الى زیادة مشکلة الاحتباس الحراری کما یحدث عند احتراق الوقود الاحفوری او المخلفات الذریة الناجمة من المفاعلات النوویة. واهم مصادر الطاقة المتجددة (الریاح/ المیاه/الشمس)، ویضاف لذلک حرکة المد والجزر او ما یمکن استغلاله من طاقة الأرض الحراریة، وکذلک ما تنتجه الطبیعة من محاصیل زراعیة وأشجار منتجة للزیوت ویلحظ ان هذا النوع الأخیر له تأثیرات مماثلة لتأثیر احتراق الطاقة الناضبة من حیث التأثیر على مشکلة الاحتباس الحراری وزیادتها. وتمثل الکهرباء اکثر صور الطاقة شیوعا والمنتجة من هذه الموارد المتجددة ولا سیما المنتج فی محطات الطاقة الکهرومائیة التی تعتمد على السدود الکبیرة المقامة على الأنهار ومساقط المیاه ویمکن الإشارة هنا الى عدید من صور الطاقة المتجددة مثل(طاقة المد والجزر، الطاقة المائیة، الطاقة الکهرومائیة، الطاقة التی تنجم من الریاح، الطاقة الشمسیة، الطاقة الحیویة، طاقة الأرض الحراریة، الوقود الحیوی المستدام..) فضلاً عن عدید من صور الطاقة المتجددة الأخرى. أدى هذا التنوع فی مصادر وأشکال الطاقة المتجددة لتزاید الاهتمام العالمی باستثمار هذه القوى التی وفرتها الطبیعة بشکل عام فی اغلب دول العالم وحفّز الدول على تشجیع الاستثمارات الوطنیة والأجنبیة فی استغلال الطاقة المتجددة فی الأنشطة الاقتصادیة وابرز مثال على ذلک طاقة الریاح المستغلة اقتصادیا والطاقة الشمسیة فیما یسمى بـ(خلایا الطاقة الشمسیة المتکاملة)، والمستخدمة فی وحدات البناء المتعدد الاستغلال اذ أصبحت تدخل بشکل متزاید فی أجزاء الأبنیة الحدیثة بوصفها المصدر الوحید او المساعد لتولید الطاقة الکهربائیة، وهذا یعنی إننا أمام أشکال جدیدة من الاستغلال الاقتصادی سواء العام ام الخاص لهذه الطاقة مما یلزم تناول أنماط السیاسة المالیة وکیفیة تأثیرها على هذا النوع من المصادر والذی سنتناوله لاحقا فی هذا البحث.
الفرع الثانی التعریف بالحوافز المالیة تمثل السیاسة المالیة المتبعة فی أیة دولة المؤشر على اتجاهات الدولة المالیة والاقتصادیة، وان الطاقة بنوعیها(المتجددة وغیر المتجددة) تمثل موردا لا تتخلى عنه الدول وانما تسعى الى تفعیله وزیادة استغلاله للوصول الى تأمین استمراریة الموارد التی تنجم منه (ان کانت دولة منتجة لأی من نوعی هذه الطاقة) او الاستفادة من أشکال الطاقة المتنوعة واستخدامها فی عملیة التنمیة الاقتصادیة. وهذه السیاسة المالیة تعتمد على عدة أدوات لعل القانون المالی احد أهم هذه الأدوات فهو المعبّر عن النموذج التشریعی الذی ترید الدولة تطبیقه ان کانت دولة تسعى الى تشجیع أشکال الاستثمار ولا سیم الخارجی منه، تسعى الى حمایة الصناعة الوطنیة ودعمها وفی الحالتین کلتیهما، فان النموذج القانونی الذی تم تشریعه یعد أداة مؤثرة على مجمل التنمیة الاقتصادیة للدولة ان کان بالإیجاب ام السلب. وفی نطاق هذه الدراسة فان أحد اوجه التنظیمات المالیة التی یضع قوالبها وأسسها وشروطها القانون المالی وهی الحوافز، تمثل سیاسة تشجیعیة ولا سیما بصورة مباشرة فی قوانین الضرائب او قوانین الاستثمار او غیر مباشرة فی قوانین حمایة البیئة او بعض القوانین الخاصة الأخرى. وهی وسائل دافعة ومشجعة نحو القیام بأعمال وأنشطة اقتصادیة تسعى الدولة للدخول فیها ویمکن أن یعد نظاما بحد ذاته توضع أسسه ونماذجه فی ضوء السیاسة المالیة للدولة ویلحظ ان هذا النظام مغایر من دولة الى أخرى أمر طبیعی تقرره قواعد الاختلاف والتنوع التشریعی بین الدول والحوافز ذات طبیعة مالیة فی الأغلب فهی تمثل اما دعما ایجابیا بمعنى تقدیم المنح والمساعدات المالیة، او الإعفاء او التخفیض الضریبی أی عدم او تخفیض التحاسب الضریبی مع النشاط الاقتصادی الذی ترید الدولة تشجیعه، ولذا ممکن القول ان هناک خصائص تتمیز بها الحوافز یمکن إجمالها فیما یأتی: أ- انه إجراء یأتی بالإرادة المنفردة للدولة بحسب توجهاتها الاقتصادیة، هذا من حیث الأساس، الا انه فی الحقیقة تؤثر على هذه الإرادة المنفردة عدید من المؤثرات سواء الدولیة منها (کما فی الاتجاهات العالمیة نحو تشجیع الاستثمار فی الموارد المنتجة للطاقة المتجددة على سبیل المثال)، او الوطنیة والتی تمثل المحرک الموجه لهذه الإرادة فالواقع الاقتصادی والاجتماعی حتى السیاسی للدولة قد یکون مؤثرا الى حد کبیر فی تحدید خیارات الدولة واتجاهاتها المالیة(کما فی حالة العراق والذی هو دولة نفطیة مهمة جدا الا ان الواقع السیاسی والاجتماعی أثر على هذه الأهمیة الى حد کبیر ولم یکن للاتجاهات المالیة للدولة فی تقریر الحوافز اثر واضح فی إعادة تنمیة او تشجیع الاستثمار فی هذا القطاع المهم بسبب التحدیات الأمنیة والسیاسیة على حد سواء). ب- انه أداة منظمة وفق آلیة تشریعیة، بمعنى ان الأمر لا یمثل منحة او إعانة غیر منظمة قانونا، بل هو یصدر ضمن نموذج تشریعی تحکمه القاعدة القانونیة فی ان النص یحتوی على شرطین (الفرض والحکم) ویأتی منح الحوافز المالیة بصیغة قانونیة تفرض هذا النموذج مثل( منح الإعفاء الضریبی للشرکات المستثمرة فی قطاع النفط على سبیل المثال مدة (10 سنوات) الا ان هذا الإعفاء یقید فی کون الشرکة ملتزمة بقواعد حمایة البیئة وضمان الحفاظ على التنوع البیولوجی والالتزام بنظم السیطرة النوعیة المعمول بها فی العراق). ت- یهدف هذا الأسلوب الى توجیه الأنشطة الاقتصادیة نحو أنواع محددة من القطاعات الاقتصادیة فی الدولة التی تکون بحاجة الى تطویر وتنمیة، إذ یرجع الى أهمیة هذه القطاعات ابتداءً وهذا یسوغ اتجاه الدول الى الأخذ بسیاسة وضع الحوافز المالیة لکافة المشروعات المتعلقة بمجال الطاقة لکونها حیویة لاستمرار الاقتصاد الوطنی وازدیاد نموه ومن ثم تحقیق مستوى من الرفاهیة المأمولة. ث- عادة تنظم هذه الحوافز بالطریق التشریعی وهو الأساس کما سبق ذکره سواء فی قوانین الضرائب فی (الإعفاءات، التخفیض الضریبی، نظام الاندثار والخسائر)، او تقدیم حوافز تدخل ضمن الحوافز المالیة لا تأخذ صورة نصوص قانونیة مختصة فی نطاق الضرائب کما هی الحال فی ما تقدمه الهیئات الوطنیة المختصة بإدارة العملیة الاستثماریة داخل الدولة والتی تمنحها القوانین المؤسسة لها او قوانین الاستثمار سلطة تقدیریة تقرر بوساطتها مدى استحقاق ای مشروع له علاقة بالطاقة على سبیل المثال بالحصول على الحوافز المالیة او الإداریة (التنظیمیة).
المطلب الثانی التأصیل النظری للحوافز فی مجال الطاقة عندما تقرر الدولة إتباع سیاسة ما ومالیة على وجه الدقة لابد من أسس تنطلق منها تدفعها لإتباع هذه السیاسة وتتکون مکامن هذه الأسس عادة فی منهج او فکر تعتمده اقتصادی او اجتماعی بحسب الأولویات التی تتبناها الدولة ولابد من أسباب تدفعها لاعتماد هذه السیاسة تسعى من ورائها لتحقیق جملة أغراض والا کنا أمام سیاسة عشوائیة خالیة من ای مسوغ لاعتمادها، وهذا ما لا یقبله المجتمع المعاصر خاصة مع وجود وفاعلیة الأدوات المراقبة والمدققة لأنشطة الدولة (الحکومة) واتجاهاتها سواء فی شکل الرقابة البرلمانیة ام الرقابة المتخصصة (المالیة) حتى رقابة الرأی العام فلیس من احد بعید عن الرقابة والتدقیق، ان هذه المحاور سنتناولها فی هذا المطلب فیما یأتی: الفرع الأول: السیاسة المالیة للدولة بین الحمایة والتقیید والانفتاح والتحرر. تعد الحوافز المالیة من أهم المظاهر التشجیعیة فی ای نظام مالی، ویکون التشجیع هنا بقصد ما تود الدولة تحقیقه اما اقتصادیاً او اجتماعیاً او ای هدف اخر فی الأحوال کلها فإن وضع الدولة لمبدأ التحفیز المالی یعنی اننا أمام نظام یتبع احد الأدوات المالیة التی قد تستخدم بطریقة تنفذ فیها رغبات الدولة، فان کنا امام دولة راغبة فی حمایة الصناعة الوطنیة وتشجیعها فان ذلک یکون فی سیاسة الحوافز المالیة بالدرجة الأساس سواء فی الإعفاءات او الإجراءات المالیة الراغبة فی تقیید التجارة الخارجیة (فی مجال الاستیرادات) ویمکن إبراز أهم أشکال سیاسة الحمایة التی تنتهجها الدول وتستخدم الحوافز المالیة بطریق مباشر ام غیر مباشر لتنفیذها فی ثلاث صور أساسیة:
یسوغ هذه السیاسة الحمائیة المبدأ القائل ان تدخل الدولة یعد من مقتضیات المصلحة الاقتصادیة للبلاد، وانها ستؤدی الى تضییق الفجوة فی الظروف الإنتاجیة بین الدول المتقدمة والدول النامیة ومن وجهة النظر المالیة- وهی محورنا هنا- تامین السلع المستوردة والحد من تسریب العملة الصعبة خارج الدولة فضلا عن عدید من الأهداف ذات المضمون الاقتصادی بالدرجة الأساس. فی مقابل ذلک نجد ان هناک سیاسة او مذهبا مغایرا یمثل اتجاها دولیا غالبا فی الاقتصاد العالمی المعاصر له أدواته التی یستخدمها بشکل فعال لتحقیق هدفه فی تحریر التجارة العالمیة فی الدول جمیعها ای مبدأ حریة التجارة من ای قید وتسعى الى إحداث عدم التوازن بین المنتج الوطنی والمنتج الأجنبی، ویعد هذا المبدأ جزأ من نظام الاقتصاد الحر واقتصاد السوق الذی یسعى لأهداف عدیدة من بینها: 1- تحقیق غایة التخصیص فی الإنتاج مما یعنی ان هناک استغلالا امثل لمصادر الثروة فی العالم مما یؤدی فی تخفیض کلف الإنتاج وجعل الأسعار منخفضة مما یتیح إمکانیة استهلاک السلع المنتجة من عدد اکبر من المستهلکین. 2- تحقیق مفهوم التقدم التقنی على المستوى العالمی وتحفیز الإمکانات الاقتصادیة لتحقیق ذلک مما یعنی استخدام امثل لموارد الطاقة المتوفرة. 3- تحقیق الهدف الأسمى لأی اقتصاد منتج (الاشتغال الکامل للطاقة الإنتاجیة). ونجد فی هذه الأهداف منظمة التجارة العالمیة فی اتفاقیة الجات سعت لتطبیق هذه السیاسة او المذهب من خلال تأکید على تحریر التجارة من القیود الکمرکیة والغاء سیاسة التمییز فی المعاملة الوطنیة، ای عدم تفضیل الصناعة الوطنیة على الصناعة الخارجیة فی سیاسة الاعفاءات الضریبیة او الرسوم الکمرکیة او تقدیم المنح والاعانات الحکومیة، ویلحظ هنا اننا أمام اتجاهین احدهما مغایر للآخر ویعتمد مدى نجاحه او اعتماده على معاییر عدیدة لعل البیئة الاقتصادیة الملائمة والاستقرار السیاسی وما تبع ذلک من استقرار امنی ومجتمعی قد یؤدی الى إنجاح سیاسة تحریر التجارة على العکس فیما لو لم تتوفر هذه العوامل فإننا أمام سیاسة حمائیة لا غِنى عنها ولو فی حدها الأدنى، ونخلص فی الحالتین کلتیهما الى ان الحوافز المالیة حجر الأساس فی المذهبین، وهی وسیلة تستخدمها الدولة فی ای مذهب شاءت حامیة لصناعتها الوطنیة ام محررة للتجارة ومساهمة فی اقتصاد التجارة الحرة الا ان الاختلاف فی ذلک یکمن فی الحد الأدنى الذی ستصل الیه الدولة ان اختارت مذهب الحریة التجاریة اذ لا غنى عن استخدام الحوافز المالیة سواء لتشجیع الاستثمارات الأجنبیة وفتح أسواقها الوطنیة(من خلال الإعفاءات والتخفیضات الضریبیة) او تشجیع القطاعات الوطنیة (فی ذات السیاسة السابقة مضافا لها الإعانات او المساعدات الحکومیة والإجراءات التنظیمیة الداعمة لها). ولو قلنا ماهی السیاسة المتبعة فی مجال الطاقة؟ هنا سنجد ان الأمر مختلف الى حد ما، إذ یعود ذلک الى عوامل اقتصادیة وبیئیة ففی مجال الطاقة وخاصة الطاقة غیر المتجددة کالنفط والغاز الطبیعی فان هناک عوامل متداخلة قد تؤثر على إتباع الدولة السیاسة الراغبة فیها، فعلى سبیل المثال نجد ان العراق فی أثناء فترة الامتیاز المباشر من قبل شرکات النفط العالمیة کان یقدم شروطا تسهیلیة وتفضیلیة واسعة جدا لتلک الشرکات ولا سیما فی بدایة نشأة الدولة العراقیة الحدیثة عام 1932 ولم تکن الدولة العراقیة تفرض الضرائب او الرسوم او أیة وسیلة من وسائل التقیید او حمایة الموارد الوطنیة (النفط هنا) وقد تغیرت الحالة نتیجة لتطور الحیاة السیاسیة والاقتصادیة فی العراق فظهرت وسائل قانونیة وتنظیمیة لاستثمار النفط (الریع، بدل إیجار الأراضی المستثمرة من شرکات النفط، رسوم قلیلة الأهمیة) وصولا الى اتفاقیة النفط الشهیرة فی عام 1952 التی اعتمدت فرض ضریبة بنسبة 50% على الدخل الذی تحصل علیه الشرکات النفطیة، ومما یعنی اننا امام تنوع فی السیاسة المالیة المتبعة ونجد ان الأمر قد اختلف تماما بعد تأمیم النفط عام 1972 وحصول الحکومة العراقیة على حصص الشرکات النفطیة وتأسیس الشرکة العراقیة للعملیات النفطیة بالقانون رقم 69 لسنة 1972، وهنا نجد ان الحوافز المالیة قد برزت بصورتها التشجیعیة بقوة فی إعفاء أموال الشرکة وأرباحها من الخضوع لکافة الضرائب والرسوم المطبقة فی العراق باعتبارها مؤسسة ذات نفع عام. ویشیر هذا المثال السابق، الى حد بعید ،مدى تأثیر العوامل السیاسیة فی إتباع سیاسة الحمایة او التحریر، ونجد فی الحالتین کلتیهما ان للحوافز المالیة دورها الذی یشتد او یضعف بحسب توجهات الدولة وتشریعاتها المنظمة لذلک.
الفرع الثانی أسباب الأخذ بالحوافز المالیة على الرغم من تجاذب الدول ما بین سیاسة الحمایة وسیاسة تحریر التجارة، إلا ان استخدام الحوافز المالیة بقی وسیلة تلجأ لها الدول بصورة شبه مستقرة، وهناک عدید من الأسباب التی تدفع الدول الى الأخذ بالحوافز المالیة وتنظیمها فی تشریعاتها الوطنیة، الا انه فی مجال قطاع الطاقة سواء التقلیدیة ام المتجددة فان هناک عاملین رئیسین یجذبان الدول نحو إتباع سیاسة التحفیز المالی یرتکزان على مبدأین مهمین (تشجیع وتنمیة الاستثمار بکافة أشکاله- الوطنیة والأجنبیة) و(حمایة وتحسین البیئة والاستغلال الأمثل لمواردها).
أولا: العامل الاستثماری ان مبدأ التدخل الاقتصادی الذی یمثل قانونا عاما للدول العربیة أغلبها فی مرحلة تاریخیة سابقة فرض على الدول أعباء اقتصادیة کبیرة فی کفالة تقدیم الخدمات العامة ومنح مستوى معیشی مقبول لمواطنیها، الا ان الوصول الى هذه الأهداف فی ظل المتغیرات الدولیة والاقتصادیة (نظام العولمة وحریة التجارة) بات یشکل عبئا على الدول النامیة یثقل کاهلها ولا سیما الدول النامیة ومنها الدول العربیة فی اغلبها عدا بعض التجارب الاقتصادیة وخاصة الدول المعتمدة على الطاقة التقلیدیة(الدول المنتجة للنفط) نجد ان هناک تحدیات مختلفة واجهتها خاصة عوامل الاستقرار السیاسی والمتغیرات الدولیة فضلا عن الدور المهم الذی لعبته منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبک) فی فرض اسعار نفطیة حققت وفرات مالیة هائلة للدول المنتجة للنفط، مع ذلک فان الدول العربیة فی مجملها منتجة للنفط ام غیر ذلک تحولت او اتخذت منهج التشجیع لمشارکة القطاع الخاص الوطنی وفتح المجال أمام الاستثمارات الخارجیة، بل لعل محاولة جذب مزید من الاستثمارات الأجنبیة أصبح هاجسا واضحا لدى عدید من الدول النامیة وهدفا تضعه نصب أعینها وهی تعلن عن مخططاتها الاقتصادیة او تضمه فی محتویات موازناتها العامة او فی قوانینها النافذة. ویظهر فی مجال الطاقة المتجددة دور العامل الاستثماری المؤدی لاستخدام الحوافز المالیة وذلک راجع بالدرجة الأساس الى النمو الواضح فی اقتصادات الطاقة المتجددة اذ لا ینکر ان للطاقة المتجددة أهمیة فی التحول نحو اقتصاد یعتمد ضمن ما یسمى بمفهوم (الکربون المنخفض) للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراری، مما یعنی تعزیز التکنولوجیا وتنویعها والتحوط ضد تقلبات اسعار الوقود مما یعنی فی الدرجة الاساس تعزیز الاستقرار الاقتصادی والتنمیة وتوفیر فرص عمل، وتمثل هذه المقدمات کلها اهدافا جاذبة للدول معظمها مع ویلحظ ان هناک التزاما دولیا متزاید لتطویر الطاقات المتجددة من قبل الدول النامیة والآخذة بالنمو حتى المتخلفة منها بتشجیع التوجهات الاستثماریة نحو هذا النوع من المجالات، ولا سیما وانها تشکل أسهاما متزایدا فی قدرة العالم على انتاج الطاقة وما یتبع ذلک من صناعات ترتبط بها إذ تسهم على وفق التقدیرات الوکالات الدولیة المتخصصة UNEP و Bloomberg Energy Finance فی عام 2010 بحدود 7% باستثناء الطاقة المتحققة من المیاه، وان تزاید الاستثمارات العالمیة خاصة فی الدول الآخذة بالنمو بدأت بالبروز فهناک ثلاثة دول تمثل أعلى 10 دول فی العالم من حیث کونها جهات جاذبة للاستثمار فی الطاقات المتجددة وقد حققت أرباحا مجتمعة بحدود 44,2 ملیار دولار أمریکی عام 2009 ویمثل هذا 37% من الاستثمارات المالیة العالمیة فی الطاقة النظیفة، وفی عام 2009 أوجدت هذه النوعیة من الاستثمارات ما یقارب ملیون وظیفة واعتبرت الصین من أکبر موردی الطاقة الشمسیة وتوربین الریاح. ونجد هنا ان استخدام سیاسة الحوافز المالیة ولا سیما فی إطار الخصم الضریبی والتعریفة الجمرکیة فی أعوام 1994- 1995 (فی البرازیل) أدت الى زیادة الاستثمارات فی قطاع طاقة الریاح وجرى إدخال تعدیلات ضریبیة عدیدة على نسب التخفیض الضریبی وصلت الى 80% عام 2002 وقد أدى ذلک الى جذب شرکات ذات قدرة إنتاجیة عالیة مع توفر إمکانیات ضریبیة مریحة ومسهلة لعمل هذه الشرکات. نخرج من ذلک الى ان العامل الاستثماری یمکن ان یحقق جملة أهداف منها: 1- إقامة مشاریع استثماریة ولا سیما فی مجال الطاقة المتجددة التی تسمح للقطاع الخاص بالدخول بشکل اکثر حریة فی مجال الطاقة التقلیدیة (النفط والغاز الطبیعی) ولا سیما القطاع الخاص الوطنی فی الدول العربیة ومنها العراق. 2- توجیه الاستثمارات نحو هذه المجالات الاقتصادیة الواعدة فی تقریر الحوافز المالیة التی تدفع المستثمرین نحو القطاعات الاقل حظا فی النمو او الاستثمار فی نشاط تحدده الدولة. 3- توفیر فرص عمل للأیدی العاملة التی بحاجة لاستثمار طاقاتها ومن ثم العمل على تخفیض مستویات الفقر المتحققة. 4- تنویع الموارد المالیة العامة وزیادتها فقد تؤدی الحوافز المالیة الى ما یسمى بإعادة استثمار الارباح المتحققة بدلا من تحویلها الى الخارج. ثانیا: العامل البیئی ویمثل عاملا مهما وحیویا فی مجال الأنشطة الاقتصادیة فی قطاع الطاقة، ولا سیما ان هناک تحدیات تواجه اغلب دول العالم تترکز بالدرجة الأساس فی مواجهة الهدر غیر المنظم للموارد الطبیعیة مما یلزم ترشید استغلالها فی حمایة البیئة الحاضنة لها والتحکم فی مصادر التلوث، لذا نجد ان الحوافز المالیة تعد على وفق هذا العامل نظاما یمنح المنشآت والأفراد الذین قد تؤدی الأنشطة الاقتصادیة التی یقومون فیها الى الإضرار بالبیئة خصما عن هذا الهلاک او التناقض فی القیمة او الإعفاء من دفع الضریبة البیئیة فی حال تم الامتثال لتدابیر مکافحة التلوث فی المقابل تستخدم الحوافز المالیة بوصفها عوامل تشجیع للاستثمار فی مجالات الطاقة النظیفة (کما فی الطاقة الشمسیة وطاقة الریاح)، ونجد ان هذا التوجه دعمه اتجاه عالمی مهم تمثل فی هیئة المناخ التابعة للأمم المتحدة (UNFCCC) ومعاهدة کیوتو والملزمة على المستوى العالمی قانونا عام 1997 التی نصت على تخفیض الدول الصناعیة لکمیات الغازات العادمة التی تنبعث بسبب أنشطتها الاقتصادیة، والحفاظ علیها عند مستوى معین، ولعل مفهوم التنمیة المستدامة یتداخل مع هذا الأمر فی الاتجاهات الدولیة التی تضع على عاتق الدول واجب التخلی عن وسائل الانتاج والاستهلاک التی تتعارض مع تحقیق نمو دائم، وعدم الإضرار ببیئة الدولة المحلیة وبیئات الدول او المناطق التی لا تخضع لاختصاصها الوطنی. ولإثبات دور العامل البیئی فی اعتماد سیاسة الحوافز المالیة نجد اعتماد المساعدات المالیة او التسهیلات القانونیة او الإعفاءات الضریبیة للمشروعات الصناعیة التی تعمل على إعادة استعمال النفایات او استعمال المنتجات البدیلة التی لا تحتوی على الغازات الضارة بطبقة الأوزون او التی تستخدم مصادر الطاقة الشمسیة(کالألواح المستخدمة لإنتاج الکهرباء من الطاقة الشمسیة). ومنح قانون حمایة وتحسین البیئة العراقی رقم 27 لسنة 2009 السلطة التقدیریة لوزیر البیئة صلاحیة منح مکافآت للأشخاص الطبیعیة والمعنویة من الذین یقومون بأعمال ومشروعات من شأنها حمایة البیئة وتحسینها، ویجری تحدید مقدارها وکیفیة صرفها بحسب التعلیمات الصادرة بموجب القانون أعلاه، وبغض النظر عن مدى فاعلیة التشریعات الوطنیة الحامیة للبیئة فی إیقاف مد التلوث ومحاولة تحسین البیئة فان استخدامها للحوافز المالیة المباشرة فی نطاق قوانین البیئة أصبح سمة لا تخلو منه هذه القوانین ویدعمها فی ذلک اتجاهات تشریعیة عامة فی إیراد النصوص الدستوریة المثبتة لواجب الدولة والأشخاص فی حمایة البیئة والحفاظ علیها وتحسینها.
المبحث الثانی الإطار التطبیقی للحوافز المالیة سنتناول فی هذا المبحث أشکال الحوافز المالیة المطبقة فی القوانین سواء الوطنیة ام العربیة، والتنظیمات الدولیة، لمحاولة إبراز أهمیة هذه الأدوات فی مجال الطاقة التقلیدیة والطاقة المتجددة، مع ملاحظة ان الحوافز المطبقة هی تنظیمات مقررة على وفق قوانین مالیة (کما فی قوانین الضرائب والرسوم والکمارک) او قوانین مقررة لتنشیط الاستثمار او حمایة البیئة او ای قوانین متخصصة اخرى، فی مطلبین، یبحث الأول فی أنواع الحوافز المالیة عامة والقواعد المشترکة عند الأخذ بهذه الحوافز، ثم تناول لتجارب قانونیة نافذة فی مجال الطاقة بکافة مواردها (التقلیدیة ام المتجددة) فی مطلب ثانٍ.
المطلب الأول أنواع الحوافز المالیة عندما تعمد الدول الى وضع نظم او برامج تحفیزیة، فإنها تنطلق من قواعد تعتمدها وتعدها أساسا لتحدید ماهیة الحوافز التی ستقدمها سواء فی نطاق النشاط الاقتصادی العام ام فی نطاق نشاط اقتصادی محدد بعینه ویمکن صیاغة قواعد عدیدة تأخذ بها الدول عندما ترید تنظیم الحوافز المالیة فیما یأتی: أولاً: قاعدة الشمولیة ان وضع ای نظام مالی یقوم على مبادئ وأسس دستوریة وقانونیة تفترض مبدأ الشمول لکافة الأشخاص الطبیعیة والمعنویة وهی تمارس نشاطها الاقتصادی، وأساس هذه القاعدة مبدأ مهم هو العدالة ولهذه القاعدة وجهان، الأول: إن أی دخل یتحقق فی الدولة یجب ان یخضع فی مرحلة من مراحل نشوئه للضریبة، اما الثانی: فان هذا الدخل لکی یتحقق یجب ان یمنح المجال القانونی الذی یجعله یتحقق بطریقة لا تعد خاسرة لمن حققه ای ان إمکانیة حصوله على إعفاء او تخفیض ضریبی ضمن التنظیم التشریعی العام فی الدولة. ثانیا: قاعدة التجانس ویعد من المبادئ السلیمة لأیة سیاسة مالیة وضریبیة على وجه الدقة، اذ یجب ان یحدث التطابق فی المعاملة التشریعیة (فی قوانین الضرائب على وجه الخصوص) للأرباح والخسائر، فکما یخضع الربح للتحاسب یجب ان تشمل الخسائر بالتخفیضات القانونیة. ثالثا: الحصول على الحافز بطلب او تلقائیا ویرجع هذا عادة الى التنظیم القانونی، فقد تقرر القوانین شمول المشروع بالحوافز المالیة بمجرد استکمال الإجراءات اللازمة (من ترخیص وموافقات وبنیة متکاملة وهیکلیة عمل ثم ممارسة للنشاط الفعلی وحصول مخرجات مادیة للمشروع) فان هذا المشروع تلقائیا من دون تقدیم طلب بذلک یحصل على الحافز المالی وهذا ما یسمى بآلیة التحفیز التلقائیة فی حین ان الصورة الثانیة تستلزم طلب من المشروع للحصول على الحوافز وحصول موافقة على هذا الطلب باستخدام السلطة التقدیریة للهیئة او الوکالة أو الجهة الإداریة المسؤولة عن تنفیذ منح الحوافز المالیة على وفق الصیغ القانونیة السابقة الفرض، وتسمى هذه الصورة بـ(آلیة التفعیل الاستصوابی) وعادة هذه الآلیة على الرغم من مستوى الضمان العالی من توافر الأهلیة المطلوبة قانونا تؤدی الى الافتقار الى الشفافیة وإمکانیة حدوث الفساد الإداری والمالی فی عملیة اتخاذ القرار بموافقة المعروض من إمکانات للمتطلبات التشریعیة للحصول على هذه الحوافز، فی المقابل فان آلیة الحوافز التلقائیة على الرغم من نسبة المرونة العالیة فیها والتی تتفق مع طبیعة النشاط الاقتصادی المتحرک فإنها قد لا تؤدی الى إیجاد الحلول لعدید من الحالات الاستثنائیة غیر المتفقة تماما مع متطلبات الصلاحیة للحصول على الحافز او مجموعة الحوافز المالیة. وتدفع هذه القواعد وغیرها مما یمکن ان یضاف فی هذا المجال الى تناول انواع الحوافز المالیة التی تقررها الدولة، وهنا یجب ان یبرز الاساس التشریعی ای القالب القانونی لهذه الحوافز الذی یمثل الضمان لحمایة النظام القانونی للدولة فی الوقت ذاته ضمان لحمایة امکانیة ممارسة النشاط الاقتصادی ضمن بیئة قانونیة منسقة ومنظمة لحد یسمح بالعمل فیها وفق شروط وضوابط. ویمکن إجمال اهم الحوافز التی تعتمد علیها النظم المالیة معظمها بثلاثة صور هی: (الحوافز الضریبیة) (المساعدات او المنح المالیة) (العقود الجمرکیة).
أولا: الحوافز الضریبیة تعد الحوافز الضریبیة ابرز أنواع الحوافز المالیة وأکثرها استخداما فی النظم المالیة، ویرجع ذلک الى لکون الضرائب تمثل وسیلة تستخدمها الدولة فی تنظیم ممارسة الانشطة الاقتصادیة فی إخضاعها للتحاسب الضریبی فضلاً عن کونها اداة توجیهیة مباشرة ام غیر مباشرة للتأثیر فی أصحاب العمل والمستهلکین کلیهما فی التوجه الى قطاعات إنتاجیة واستهلاکیة معینة، ولعل دورها یبرز بشکل اکبر فی مجال الطاقة الحدیثة واستخدام وسائل التقدم التقنی العالی مما قد یکون له آثار ایجابیة على باقی القطاعات الاقتصادیة واحداث عملیات التحول الاقتصادی -فیما لو کنا ضمن نطاق دولة نامیة او آخذة بالنمو- ومن هذه الحوافز الضریبیة:
اما الإعفاءات الضریبیة المؤقتة، ویمثل الصورة الأکثر شیوعا من الإعفاءاتوعادة یکون الدافع لها استثماری ویمکن أن تعد إعفاءات موجهة لأغراض استثماریة، قصد الدولة من تنظیمها جذب الاستثمارات الوطنیة والأجنبیة للدخول فی هذا القطاع المعفى مؤقتا وعادة تکون مدة الإعفاء فی بدایة حیاة المشروع وتتراوح مدة الإعفاء بین الـ(5 سنوات الأولى والى الـ 10 سنوات وقد تصل فی بعض التشریعات الى خمسة عشرة سنة)، وتعد هذه بحد ذاتها مشکلة، فعلى الرغم من انها الأکثر انتشارا فی الدول النامیة وفقا للدراسات المتخصصة الا انها ملیئة بالعیوب رغم بساطة إدارتها فان الغرض الأساس من هکذا نوع من الحوافز تحقیق ارباح واضحة للمستثمر فی اعفاء المشروع من الخضوع للتحاسب الضریبی سواء عن ضریبة معینة ام عن حزمة ضرائب وتکالیف مالیة ومن ثم فان السؤال المهم هل ان عدم وجود هکذا نوع من الحوافز سیمنع المستثمر من الدخول فی استثماراته ولا سیما ان کانت الدولة واعدة فی المجالات الاستثماریة ولا سیما فی مجال الطاقة المتجددة؟، فضلا عن احتمالیة واضحة لحدوث التهرب الضریبی فی امکانیة تصفیة المشروع قبل انتهاء مدة الاعفاء الأولی لتوسیع المشروع والتحول الى شکل اخر للتمتع بالإعفاءات مجددا، ویمکن ان نضیف عیبا آخر فی کون هذه الصورة من الإعفاءات تجذب المشروعات قصیرة الاجل التی لا تعد ذات نفع کبیر للاقتصاد مقارنة بالمشاریع طویلة الاجل.
أ- التنزیلات الضریبیة: وهی مقدار من المبالغ تنزل من دخل المکلف الشخص الطبیعی او المعنوی لأنها تعد نفقات تصرف منه للحصول على الدخل الذی سیخضع لاحقا للضریبةولهذه التنزیلات طبیعة مادیة وعینیة ولا دخل لظروف المکلف الشخصیة فی إقرارها وانما تعد الاعتبارات الاقتصادیة الدافع وراء النص علیها فی التشریعات. ب- تنزیل الخسائر الضریبیة وترحیلها: وهو حافز تقرره النظم القانونیة توجب عدم محاسبة المشروع او المکلف الذی یخضع للضریبة فی التحاسب عن الخسائر التی تحققت فی السنة الضریبیة، ویقصد بذلک تنزیل کل نقص حقیقی ومؤکد على وفق ادلة قانونیة تثبت ذلک اصاب أصلا او أصولا مملوکة للمکلف، وهذا الحافز عادة یکون محاطا بمجموعة من الشروط التی تحدد نطاق استخدامه بضرورة توفر الشروط بحسب ما نظمها القانون وعادة تتراوح الاستفادة من هذا الحافز بین السنة الواحدة او سنوات عدیدة لا تتجاوز فی بعض القوانین الضریبیة الـ 5 سنوات کما فی قانون ضریبة الدخل العراقی النافذ.
ثانیا: المساعدات والمنح الحکومیة لعدید من المتغیرات على المستوى الدولی والإقلیمی فی توجهات تشجیع الاستثمار وخاصة الأجنبی، نجد ان الدول وفی نوع آخر من انواع الحوافز المالیة، وبعیدا عن استخدام الضریبة بوصفها وسیلة لذا، تدفع بسلسلة إجراءات ودفوعات تمثل مساعدات ومنح مالیة لتشجیع الاستثمار فی القطاعات الحیویة بالنسبة للدولة، فبعد ان کانت سیاسة تقدیم المنح والمساعدات الحکومیة موجهة للصناعات والاقتصاد الوطنی لدعمه ومساعدته على مواجهة المنافسة الاجنبیة او فی الشرکات العامة التابعة للدولة التی تحصل على هذه المنح او التمویل الحکومی بصورة منحة او فی تمویل الموازنة العامة، نجد ان العدید من الدول أدرکت مدى اهمیة الاستثمار الخاص(الوطنی والاجنبی خاصة) وما تحققه هذه الاستثمارات للسوق المحلیة، دفعت الدول الى تقدیم منح مالیة او عینیة وقد تظهر بصورة مشارکة الدولة لهذه الشرکات فی رأسمال الشرکة المؤسسة فی الدولة ویمکن تحدید اهم هذه المساعدات بما یأتی:
یمکن أن یقال ان سیاسة تقدیم المنح والمساعدات الحکومیة موجودة على مستوى الدول المتقدمة والدول المتخلفة مع وجود اختلاف فی الاغراض الداعمة، فغرض الدولة المتقدمة مساندة النشاط الخاص والعمل على تحقیق الاستقرار الاقتصادی فی حین تنطلق السیاسة المالیة فی الدولة المتخلفة من غرضین هما: العمل على رفع معدلات رأس المال اللازم للقیام بالبرامج الاقتصادیة والثانی تحقیق الاستقرار الاقتصادی للمجتمع بصفة عامة حتى تتحقق الظروف اللازمة لحدوث التنمیة الاقتصادیة.
ثالثا: القیود الکمرکیة وتعد الإجراءات الکمرکیة ولا سیما سیاسة التعریفة والرسوم المفروضة فی المناطق الکمرکیة من الأدوات التی تعد عامل جذب لأی نشاط اقتصادی، ویتحقق ذلک فی تقدیم أسعار للرسوم وتقوم التعریفات الجمرکیة على قواعد رئیسة: 1- عدم التمییز فی المعاملة الکمرکیة بین المنتجات المستوردة وما تنتج محلیا. 2- إیجاد مستوى محدد من التعریفة الکمرکیة بتخفیض هذه التعریفة وتجمیدها عند مستویات معینة. 3- استخدام مبدأ الدولة الأولى بالرعایة، فی تقدیم شروط تفضیلیة للدول المنظمة الى تجمع اقتصادی او اتفاقیة دولیة متعددة ام ثنائیة، کما فی دول مجلس التعاون الخلیجی فی تعاملات دولها مع بعضها الآخر.
المطلب الثانی الاتجاهات القانونیة الدولیة والعربیة فی استخدام الحوافز المالیة لا یوصلنا الاکتفاء بالمجال النظری فی ای علم الى نتیجة ما نبحث فیه ان لم یقترن الأمر بتطبیق عملی یقرر مدى نجاح الأفکار والنظریات من عدمها، والحوافز المالیة فی مجال قوانین الطاقة استخدمت فی عدید من الأنظمة المالیة وفی مستوى عالمی یمکن ان یطلق علیه بالشامل، ان هدف هذا الوصف یمکن ان یرجع الى دور التنظیم الدولی وتأثیره فی اعتماد الحوافز المالیة فی قوانین الطاقة (التقلیدیة والطبیعیة) ویمکن التأشیر لذلک فی إتجاهات عدیدة:
اولا: الاتفاقیات العالمیة التجاریة المتخصصة: لقد کان لهذه الاتفاقیات دور کبیر فی الأخذ بسیاسة التحفیز المالی، خاصة مع اتجاه المجهودات الدولیة الى سیاسة تحریر التجارة العالمیة وفتح الحدود الوطنیة أمام السلع من دول العالم معظمها فضلا عن تشجیع سیاسة الاستثمارات الأجنبیة ودخولها فی أسواق استثماریة کانت مغلقة علیها سابقا لسیادة مبدأ الحمایة القانونیة للاقتصادات الوطنیة الذی کانت تدفعه الأفکار ذات الأسس الاشتراکیة الى هذا الاتجاه ونتیجة للمتغیرات الدولیة التی أدت الى انتشار مفهوم الرأسمالیة وفتح الأسواق وتحریر التجارة مع وجود التحفظات حول مبدأ السیادة الوطنیة للدول ولعل ابرز تنظیم دولی مؤثر فی هذا المجال منظمة التجارة العالمیة (WTO) وما انبثقت عنها من اتفاقیات داعمة بالدرجة الأساس للمنظومة الاقتصادیة التی أنشأت لأجلها هذه المنظمة، فنجد هنا ان الاتفاقیة العامة حول التجارة والتعریفة او ما یرمز لها بـGAAT* قامت على قواعد عدیدة یجب الأخذ بها لأی دولة تنظم لمنظمة التجارة العالمیة وتوقع علیها، وهی الأخذ بسیاسة التعریفات الجمرکیة فی حدّها الأدنى من باب العمل على حمایة المنتجات الوطنیة من منافسة المنتجات الأجنبیة ولکن فی مستویات سعریة منخفضة، ویجب ان تکون هذه المستویات ثابتة عند حدود معینة ولا تزید عما هو معتمد لتحریر أسواق الدول الداخلة فی الاتفاقیة فی عدم التمییز فی المعاملة الضریبیة بین النشاط الاقتصادی المحلی او المقیم فی اقلیم الدولة عن النشاط الاقتصادی الخارجی او الأجنبی. وفی موضوع مدى اهلیة الدولة لتقدیم المساعدات الحکومیة فانه قد أجازت تقدیم المساعدات الحکومیة والمنح ولکن فی حدود لا تؤدی الى الإخلال بشروط المنافسة فی التجارة العالمیة ومنع تقدیم ما یسمى بـ منح التصدیر او ای إجراءات قد تؤدی الى تفضیل السلع الوطنیة على السلع الأجنبیة، وفی المقابل لها ان تقدم تعویضات اذا ما تعرضت المشاریع الاقتصادیة الوطنیة الى الإغراق او الضرر لزیادة الاستیرادات.
ثانیا: الوکالة الدولیة للطاقة المتجددة IRENA، وتمثل المنظمة الدولیة المهتمة بتنمیة وتشجیع المجتمع الدولی وتشجیعه فضلاً عن الطاقة لمتجددة کمصادر أخرى الى مع مصادر الطاقة التقلیدیة، ویلحظ ان هذه الوکالة الدولیة فی أهدافها التی أوردتها فی النظام الأساس الصادر فی بونBonn 2009، أکدت استخدام الحوافز المالیة بوصفها أحدث الأدوات الداعمة للتحول نحو استخدام مصادر الطاقة الجدیدة والطاقة النظیفة ونجد انها فی المادة (4) من النظام الأساس أولا- تعد ان دور الوکالة متابعة اتجاهات الدول الأعضاء وسیاستها فی تشجیع وتنمیة استخدام مصادر الطاقة المتجددة من خلال عدة مؤشرات" أدوات السیاسة العامة والحوافز المالیة، وأفضل التطبیقات للآلیات الاستثماریة فیها.."، ویلحظ ان الوکالة الدولیة قد ألزمت نفسها باحترام ومراعاة مبدأ السیادة الوطنیة من دون فرض ای التزامات على السیاسة المتبعة من الدول الأعضاء. ثالثا: اللجنة الدولیة حول التغیر المناخی IPCC، ولهذه اللجنة الدولیة إسهامات واضحة فی ابراز استخدام الحوافز المالیة وخاصة فی مجال الطاقة التقلیدیة والطاقة النظیفة فی الدراسات التی قامت بها ضمن إطار خیارات التکییف والتخفیف من مخاطر تغیر المناخ فی حقل الطاقة ویمکن توضیح ذلک فیما یأتی: 1- العمل على الاهتمام من الدول بالبنى التحتیة وطرق النقل وتوزیع مصادر الطاقة فوق الأرض واستخدام الأسلاک تحت الأرض للحفاظ على البیئة. 2- تقلیل الاعتماد على المصادر التقلیدیة (النفط والغاز الطبیعی..) واستخدام مصادر الطاقة المتجددة. 3- وضع سیاسات عامة فی الدول وتشریع قوانین وطنیة خاصة بالطاقة. 4- تقدیم حوافز مالیة وضریبیة لتشجیع استخدام مصادر الطاقة البدیلة والعمل على فرض الضرائب على مصادر الطاقة التقلیدیة ویلحظ التأثیر على صعوبة حدوث الأمر لأخر بسبب المصالح العالمیة المؤثرة التی تمنع تقیید قطاع النفط وفرض الضرائب علیه بشکل مماثل لباقی القطاعات الأخرى، وهی قد أکدت ذلک بالنص" تحسین فاعلیة التورید والتوزیع والتحوّل من الفحم الى الغاز واستخدام الطاقة المتجددة (هیدرولیکیة- شمسیة إحیائیة- طاقة الأرض الحراریة) فی استخدام سیاسة خفض الدعم عن مصادر الوقود الاحفوری وفرض الضرائب والرسوم على الوقود الاحفوری. ومما یعنی توجیه الحوافز الضریبیة والمالیة باتجاهین مباشر وغیر مباشر نحو التحول او تشجیع استخدام الطاقة المتجددة(الطاقة النظیفة)، ونتیجة لهذه الاتجاهات الدولیة نجد ان الاتحاد الأوربی قد بحث فی موضوع استخدام السیاسة الضریبیة (الضرائب والحوافز المالیة) فی قطاع الطاقة ویمکن إبراز الاتجاهات الآتیة: 1- العمل على تقیید منح الإعفاءات الضریبیة او التخفیضات الضریبیة ذات المدد الطویلة او الدائمة على قطاع الطاقة الثقیلة والمقصود بذلک قطاع الوقود الاحفوری(النفط والغاز الطبیعی..) لأنها تمثل سوقا مفتوحة تتحقق فیها المنافسة على مستوى واسع وکبیر. 2- العمل على تنویع وتطویر مصادر الطاقة الجدیدة فی استخدام سیاسة الحوافز الضریبیة (الإعفاء او التخفیض الضریبی) حتى المساعدات الحکومیة بشرط ألاّ تؤدی الى مفهوم المنافسة المشوهة او المفرطة Excessive competition distortions، ویلحظ هنا تفضیل المفوضیة الأوربیة لاستخدام الإعفاءات الضریبیة فی حقل الطاقة المتجددة مع الأخذ بالاعتبار مفهوم المنافسة فی الأسواق، الى جانب عدم رغبة دول عدیدة داخل الاتحاد الأوربی بعدم التمییز فی المعاملة الضریبیة تجاه استخدامات معینة من منتجات الطاقة (البنزین ووقود التدفئة) على سبیل المثال مما یمنح میزة لقطاع على آخر ویشوه مبدأ المنافسة ویؤثر سلبا على التجارة بین الدول الأعضاء فی الاتحاد الأوربی. ویلحظ فی هذا المجال التوجیه الأوربی Ec /96/2003 والخاص بالضرائب على الطاقة اقر بتحدید الحد الأدنى لمعدل الضریبة وذلک للحد من التشوهات الناجمة عن المنافسة بین دول الاتحاد الأوربی نتیجة لتفاوت معدلات الضریبة على الطاقة فیها، فضلا عن زیادة الحوافز لاستخدام الطاقة على وفق معیار الکفاءة ای تقلیل الاعتماد على الطاقة المستوردة والأخذ بسیاسة خفض انبعاث ثانی اوکسید الکاربون، ویلحظ هنا ان هذا التوجیه قد سمح للدول الأعضاء بتقدیم حوافز ضریبیة للشرکات فی مقابل تعهدها بالحد من الانبعاثات. ویمکن ان نشیر الى عدد من الامثلة تعد مهمة من حیث فاعلیة استخدام سیاسة الحوافز المالیة على المستویین الدولی والعربی:
أولا: الولایات المتحدة الأمریکیة : قامت الولایات المتحدة الأمریکیة فی سیاستها المالیة بتقدیم عدید من الحوافز المالیة والضریبیة فی مجال الطاقة التقلیدیة النفط والغاز الطبیعی على وجه الخصوص إذ قدمت سلسلة حوافز لتشجیع شرکات النفط الکبرى لدیها فی ظل المنافسة الدولیة الکبیرة على أسواق النفط العالمیة فنجد انها قد أقرت ما یسمى بـ Tax Break وهی تمثل إعفاءات ضریبیة خاصة، لشرکات النفط الأمریکیة الکبرى، ونجد فی هذا المجال انها قد أقرت نظام منح الائتمان الضریبی للشرکات النفطیة العاملة خارج الولایات المتحدة عن الضرائب التی تفرض على أنشطتها الاقتصادیة فی عدید من دول العالم فی سبیل منع ما یسمى بـ( الازدواج الضریبی). اما فی مجال الطاقة المتجددة فإنها قد دعمت تشجیع الصناعات القائمة على طاقة الریاح والطاقة الشمسیة فی قانون الإنعاش الاقتصادی او ما یسمى بـ( الهاویة المالیة) الذی أقرّه الکونغرس الأمریکی عام 2012 والذی سبقتها برامج تطبیقیة على مستوى الولایات الأمریکیة التی شکلت ائتلافا من 20 ولایة سمی بـ( ائتلاف ولایات الطاقة النظیفة) لدعم مشاریع وأسواق الطاقة المتجددة فی تقدیم الحوافز الإنتاجیة، تمویل سداد دیون مشروعات الطاقة، وتأتی أموال المنح من صنادیق أنشأتها الولایات کمخصصات للطاقة المتجددة تقدم فی صورة منح وقروض لیس للمنتجین فحسب وانما للمستهلکین الذین یرغبون باستخدام تجهیزات تعتمد على الطاقة الشمسیة او طاقة الریاح فی منازلهم.
ثانیا: الأردن تعد الأردن من بین الدول العربیة التی اهتمت بتشجیع الطاقة المتجددة ولذلک ما یسوغه بوصفها دولة ذات إمکانیة اقتصادیة غیر قائمة على الموارد الطبیعیة التی تتمثل بالنفط والثروات المعدنیة الأخرى، لذا کان لتوجهها مبررات منطقیة وفی هذا الإطار فانها اتبعت سیاسة التحفیز المالی فی قانون الطاقة المتجددة وترشید الطاقة الصادر فی عام 2012 والذی نصت المادة 11 و 12 على نوعین من الحوافز هی: - نصت المادة (11) الفقرة (أ) على منح إعفاءات ضریبیة شاملة بأسلوب تحفیزی واسع، إذ أعفیت جمیع أنظمة وأجهزة ومعدات مصادر الطاقة المتجددة وترشید استهلاک الطاقة ومدخلات إنتاجها وتصنیعها سواء مصنعة فی داخل الأردن او خارجه من الرسوم الجمرکیة جمیعها ومن ضریبة المبیعات. - استخدام مفهوم المساعدات الحکومیة والمنح فی "إنشاء صندوق تشجیع الطاقة المتجددة وترشید الطاقة" یهدف الى توفیر التمویل اللازم للمساهمة فی استغلال مصادر الطاقة المتجددة وفی ترشید استهلاک الطاقة.
ثالثا: المغرب تعد المغرب فی مقدمة الدول العربیة التی سعت لاستغلال مصادر الطاقة المتجددة فی انتاج الطاقة المستغلة فی المشروعات الاقتصادیة او على مستوى الاستهلاک الوطنی ولا سیما الطاقة الشمسیة، ونجد ان التجربة المغربیة شبه متکاملة من حیث إیجاد البنى الأساسیة لتطویر وتشجیع استخدام مصادر الطاقة المتجددة فقد أنشأت الوکالة الوطنیة لتنمیة الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقیة بالقانون رقم 16,09 فی 2010 وهی مؤسسة حکومیة غرضها الإشراف ومتابعة والتخطیط فضلا عن تنفیذ الأنشطة التی لها علاقة بإنعاش الطاقة المتجددة والنجاعة الطاقیة. ویلحظ ان هذه الوکالة قد أعطیت حق اقتراح الإجراءات التحفیزیة لتنمیة استخدام مصادر الطاقة المتجددة وتقویة النجاعة او بمعنى اخر کفاءة الطاقة بل ان الأمر أوکل الى هذه الوکالة تحدید شروط إصدار الافتراضات وأشکال الطاقة ویمکن إبراز بعض الجوانب التحفیزیة التی اعتمدتها المغرب: 1- تقدیم المساعدات الحکومیة فی التمویل للنفقات الخاصة فی قطاعات معینة. 2- الإعفاء من الرسوم الجمرکیة استنادا الى المادة 107 من قانون المالیة المغربی رقم 12-98. 3- إعفاء من الضریبة على القیمة المضافة عند الاستیراد استنادا للمادة123- 22ب من المدونة العامة للضرائب. ویلحظ ان هذا التوجه دعمه سلسلة قوانین صدرت لتنظیم مجال الطاقة النظیفة کما فی قانون الطاقات المتجددة رقم 13.09 والقانون الخاص بالوکالة المغربیة للطاقة الشمسیة رقم 57.09 قوانین عدیدة اخرى، ونتیجة لذلک بلغت الاستثمارات فی قطاع الکهرباء 24 ملیار درهم للفترة من 2008 لغایة 2013، وقد فرضت رسوم على استهلاک الکهرباء أدت الى تقلیص الطلب على الکهرباء فی ساعات الذروة. رابعا: العراق بما ان العراق من الدول المنتجة للنفط والمعتبرة دولة تمتلک احتیاطات نفطیة هائلة فان ذلک أثر سلباً على موضوع تبنی اتجاهات بدیلة للنفط، ولعل ذلک لیس بمؤشر سلیم لاتخاذ سیاسة متعددة الاتجاهات فالنفط والثروات المعدنیة الاخرى مصادر محدودة وتؤدی عملیة اطالة استغلالها الى ضرورة البحث عن مصادر مضافة فی الطاقة الشمسیة وطاقة المیاه وطاقة الریاح وکلها متوافرة فی هذا البلد بشکل واضح، وفی المقابل نجد ان العراق بعد 2003 اتخذ سیاسة استثماریة فی اصدار قوانین عدیدة لها علاقة بتشجیع الاستثمار فی قطاع النفط والغاز العراقی فی اعادة فتح المجال امام الاستثمار الاجنبی وعقد جولات التراخیص لاستثمار الحقول النفطیة الکبرى ولا سیما ان البنى التحتیة لقطاع النفط العراقی قد تضررت بشکل کبیر بسبب الحروب والتدمیر الذی لحقها، لذا نجد صدور القانون رقم 64 لسنة 2008 والخاص بالاستثمار الخاص فی تصفیة النفط الخام، إذ اقر سلسلة اجراءات تحفیزیة منها: 1- للقطاع الخاص الحق فی إنشاء مصافی لتکریر النفط الخام وامتلاک منشأتها وتشغیلها وإدارتها وتسویق منتجاتها عدا امتلاک الأراضی مما یمثل حافزا کبیرا جدا للاستثمار فی قطاع حیوی وخطیر على اقتصاد الدولة. 2- تتمتع المشروعات الخاصة بتصفیة النفط الخام بالإعفاءات من الرسوم والضرائب المقررة استنادا للأمر ذاته المطبق بالنسبة للمشروعات المشیدة فی المناطق الحرة فی العراق. وأعفى قانون ضریبة الدخل العراقی رقم 113 لسنة 1982 الدخل المتحقق لأصحاب او مستأجری وسائط النقل البحریة والبریة من ضریبة الدخل اذا کانت مشحونة بالنفط او مخصصة لتصدیر النفط الخام لخارج العراق وتوزیع النفط والغاز سواء کان أصحابها من العراقیین او غیر العراقیین المتعاقدین مع وزارة النفط العراقیة.
خامسا: الإمارات العربیة المتحدة تعد أنموذجا متطورا من حیث البنى التشریعیة والتطبیقات التی اعتمدتها فی سیاسة الحوافز المالیة ولا سیما انها تعد من أکثر الجهات الجاذبة للاستثمارات على مستوى العالم، وذلک یرجع الى وجود نظام مالی لا یعتمد بالدرجة الأساس على الضرائب کأداة تنظیمیة فمن حیث النظام الضریبی لا تفرض ضرائب اتحادیة على ارباح الشرکات العاملة فی الدولة على الرغم من وجود نماذج لضرائب داخل الإمارات، الا انه یلاحظ هنا فرض الضرائب على شرکات النفط الاجنبیة والتی یبلغ المعدل الضریبی لها بواقع 55% من ارباح التشغیل مع وجود الامکانیة فی الحصول على امتیازات ضریبیة تتراوح بین 55 الى 85% لهذه الشرکات فضلا عن عدم وجود ضریبة تفرض على دخل الافراد ولا ضریبة على القیمة المضافة فی المقابل نجد ان الرسوم تمثل اداة واضحة تستخدمها الدولة والإمارات لتنظیم ممارسة الانشطة الاقتصادیة فیها ولا سیما رسوم منح التراخیص لممارسة الشرکات الاجنبیة فی الانشطة التجاریة فی الدولة سواء فی الإمارات او فی المناطق الحرة فی منح الإعفاءات الضریبیة وبنسب عالیة تصل لمستوى الإعفاء الکلی. ان هذه الأمثلة على مستوى الاستثمار التجاری العام اما فی مجال الطاقة المتجددة فان دولة الإمارات العربیة المتحدة قد تقدمت کثیرا فی هذا المجال، نتیجة للتوجهات السیاسیة نحو تنویع مصادر الطاقة وعدم الاکتفاء بالطاقة التقلیدیة اذ ان إمارة ابو ظبی تعد هی المقر الرسمی للوکالة الدولیة للطاقة المتجددة وهذا مؤشر على الدور المهم لهذه الدولة فی هذا المجال، ونجد ان لدیها عدید من القوانین التی نظمت الاستثمار وإدارة الموارد التی تنجم عن مصادر الطاقة المتجددة، فقد أصدرت قانون تنمیة استخدامات الطاقة المتجددة والرسوم بقانون اتحادی رقم (6) لسنة 2009 والخاص بالاستعمالات السلمیة للطاقة النوویة، والذی یعد من القوانین ذات الأهمیة الواضحة فی موضوع سیاسة التحفیز المالی اذ نجد ان الهیئة الاتحادیة للرقابة النوویة منحها القانون حق إعفاء بعض المرافق والأنشطة التی تتعلق بنشاط الهیئة من اشتراط الحصول على الترخیص من الهیئة لممارسة نشاطها مع الأخذ بالاعتبار أمرین أساسیین هما : 1- یلتزم هذا الإعفاء بما هو مستقر فی الاتفاقیات الدولیة والأعراف الدولیة ولا سیما موضوع المساواة فی المعاملة وعدم التمییز الا وفق ما تقره هذه المراجع. 2- یجب ألا تشکل هذه المرافق او الأنشطة تهدیدا جوهریا لتحقیق الأولویات والأهداف الواردة فی القانون، ای عدم إحداث ای تهدید جوهری ورئیس" الأمان والأمان النووی والأمن النووی والوقایة من الإشعاعات والضمانات". ویمکن القول ان هذا الإعفاء لم یأتی مطلقا دون قید او شرط وهذا مما یجب لضمان الاستخدام الآمن وتجنب المخاطر التی یمکن ان تنشأ عن الاستعمالات للطاقة النوویة. والمقصود بالترخیص هنا الموافقة الصادرة عن الهیئة للقیام بنشاط محدد او أکثر من الأنشطة الخاضعة للرقابة التی تتعلق بمرفق او نشاط، او أیة موافقة أخرى تمنحها الهیئة فی الأنشطة الآتیة: أ- تحدید موقع منشأة نوویة او تصمیمها او تشییدها او إدخالها الى الخدمة او إخراجها منها. ب- القیام بأی نشاط یؤهل للتصرف بالوقود المستهلک او النفایات المشعة. ویلحظ انه فی إطار تشجیع هذه السیاسة نحو تنویع موارد الطاقة فان القانون المشار الیه فی أعلاه اعفى الهیئة المسئولة عن الطاقة النوویة فی الإمارات من الضرائب والرسوم الاتحادیة جمیعها، بما فی ذلک الرسوم الجمرکیة على المواد والمعدات والآلات والأجهزة وقطع الغیار التی تستوردها بهدف تحقیق اغراضها. ونجد فی مجال الطاقة الشمسیة، ان دولة الإمارات قد تمیزت نحو الاستفادة الکاملة من هذه الطاقة فمن العمل على نشر تقنیة السخانات الشمسیة فی المنازل والبنایات السکنیة، مرورا الى استخدام أسلوب "الصکوک الخضراء" لتمویل إقامة مزارع شمسیة ومحطات للغاز الحیوی ومعدات تتمیز بکفایة الطاقة للاستخدام المنزلی وتمثل الصکوک الخضراء وسیلة تمویل فی تقدیم المساعدات والمنح الحکومیة والقروض لتمویل المشاریع المستثمرة للطاقة الشمسیة وذلک کله فی ضوء الهدف الأساس فی تخفیض الانبعاثات الکربونیة. ویمکن ان یذکر فی هذا المجال ان هذه التجارب العربیة التی وردت هنا على سبیل المثال لا تعنی انها التجارب القانونیة الوحیدة فالبلاد العربیة باغلبها تمثل بیئة غنیة بموارد الطاقة المتجددة والطاقة التقلیدیة، اذ قُدّرت عائدات النفط والغاز بـ 571 بلیون دولار عام 2008 وهی المصدر الرئیس للدخل فی البلدان العربیة معظمها على وفق صندوق النقد العربی یساهم قطاع النفط والغاز بـ 38% من مجمل الناتج المحلی العربی وله دور مباشر او غیر مباشر فی تحقیق التنمیة الاقتصادیة والاجتماعیة فی الدول العربیة الا انه بالرغم من هذه الموارد الطبیعیة الهائلة الا انها مهددة بالنضوب مما یجعل التحدی کبیرا امام الدول العربیة لتنویع مصادر الطاقة وتقلیل العبء على استغلال موارد الطاقة التقلیدیة، ویلحظ ان المنطقة العربیة تحتوی موارد طاقة متجددة ضخمة، اذ توجد محطات للطاقة الکهرومائیة فی کل من العراق ومصر مع تواجد لمحطات صغیرة فی بلدان عربیة اخرى، ویعد خلیج السویس والأردن أکثر المناطق العربیة إمکانیة للاستثمار فی إنتاج الکهرباء من طاقة الریاح، فضلا عن وقوع جزء کبیر من البلدان العربیة ضمن ما یسمى بـ(حزام الشمس) الذی یستفید من أشعة الشمس الکثیفة معظمها على الکرة الأرضیة ، واکبر وابرز استثمار للطاقة الشمسیة نجده فی المغرب وسبق تناوله ودولة الإمارات العربیة المتحدة من حیث مستوى التقدم التقنی والإمکانات الاقتصادیة العالیة، وتعد سخانات المیاه الشمسیة الأکثر استعمالا فی القطاع السکنی والتجاری فی مصر والأردن ولبنان والمغرب. یقابل کل ذلک حالة عجز واضح فی موارد الطاقة البیئیة ولا سیما من انخفاض المیاه العذبة المتوفرة للفرد العربی بنحو اربع أضعاف ووصول مستویات استهلاک البضائع والخدمات الأساسیة لاستمرار الحیاة لأکثر من ضعفی ما یمکن للأنظمة الطبیعیة المحلیة توفیره. مما یعنی وجود محدودیة فی الموارد فی البلدان العربیة من حیث قدرة الطبیعة على التجدید، وهذا یجب ان یؤخذ بالاعتبار عند وضع سیاسات التنمیة الاقتصادیة، ویمکن ان نخرج فیما سبق الى ان سیاسة الحوافز المالیة تؤثر الى حد کبیر وخاصة فی المجال الاستثماری نحو تشجیع الاخذ بصور الطاقة المتجددة اذ تبین انها من الوسائل الداعمة للجهود الدولیة فی التحول نحو مصادر طاقة متجددة وتحقق فی الوقت ذاته اهداف الحمایة للبیئة الى حد کبیر. الخاتمـة فی إطار استخدام الحوافز المالیة فی مجال الطاقة سواء کانت ناضبة ام متجددة فإننا یمکن ان نخرج بجملة استنتاجات نوجزها فیما یأتی: 1-تعد الحوافز المالیة والضریبیة من بین الوسائل التی تستخدمها الدول فی مجال الطاقة التقلیدیة والطاقة المتجددة بشکل یحقق ما ترغبه من أغراض وعادة توجه سیاسة التحفیز المالی نحو تلک الأنشطة الاقتصادیة التی تدعمها الدولة والتی تمثل سوقا اقتصادیة نشطة ومحققة للأرباح (الصناعات النفطیة مثلا) او سوقا واعدة تمثل إمکانیة مستقبلیة نحو تحقیق أهداف عدة اقتصادیة ومالیة وبیئیة(الطاقة المتجددة). 2-ینطلق اعتماد سیاسة الحوافز المالیة تسعى أن تکون سیاسة قائمة على إرادة الدولة الداعمة لهذه الأداة، تحکمها ضوابط وأطر قانونیة لا تجعلها غیر منضبطة وانما ضمن نموذج قانونی یبرز فیه ما ترید الدولة القیام به من سیاسة حمائیة او سیاسة مفتوحة للتبادل التجاری والنشاط الاقتصادی عامة. 3-ان قیام ایة دولة بوضع الحوافز المالیة والضریبیة وخاصة فی مجال الطاقة المتجددة یستلزم وجود هیئات علیا تشرف وتراقب على استغلال هذه الموارد الطبیعیة ولها سلطة تقدیریة فی وضع الحدود والمعدلات المقرر منحها فی الحوافز المالیة والضریبیة کما هی الحال فی النظام القانونی المغربی، وائتلاف الولایات الـ20 فی امریکا والخاص بالطاقة النظیفة، والتجربة الإماراتیة فی قوانین الطاقة (النوویة والشمسیة). 4-تختلف الدول فی مناهجها وهی تقرر منح الحوافز المالیة، فهناک من یسعى لمنح الحوافز المالیة فی نطاق الاقتصاد الوطنی من إعفاءات ومنح حکومیة وائتمانات ضریبیة فی مواجهة المنافسة على المستوى الدولی، وهناک من یقدم حوافز مالیة من إعفاءات من الضرائب والرسوم الجمرکیة لجذب الاستثمارات الأجنبیة. 5-یعد العامل الاستثماری والعامل البیئی محددین مهمین فی الأخذ بسیاسة الحوافز الضریبیة والمالیة، اذ ان النمو الواضح لاقتصادات الطاقة البیئیة وما تحققه من أرباح على المستوى العالمی دفع الى تقدیم أنواع من الحوافز المالیة والضریبیة فضلا عن أهمیة وتأثیر العامل البیئی فی دعم هذا النوع من مصادر الطاقة من دون ان یغیب عن الأذهان النفوذ الکبیر لقطاع النفط والاستثمارات الأجنبیة والأرباح الکبرى التی تتحقق فیه والتی تدفع الدول منتجة ومستثمرة الى تقدیم الحوافز المتفقة مع هذه الاتجاهات. 6- تأخذ الإعفاءات الضریبیة الکلیة والجزئیة الاهتمام التشریعی الأکبر فی النظم المالیة أغلبها لا سیما فی مجال النفط والثروات المعدنیة، فی مقابل بروز الحافز القائم على الائتمان الضریبی Tax credit فی مجال الطاقة المتجددة وتقدیم المنح والمساعدات الحکومیة للمشاریع المهتمة باستخدام الطاقة المتجددة او ترشید استخدام الطاقة عموما کما یدل على ذلک النموذج القانونی المتبع فی الاردن والمغرب على سبیل المثال، والنموذج الإماراتی الخاص بمنح حکومة دبی الصکوک الخضراء لتمویل إقامة مشاریع الطاقة الشمسیة واستخداماتها المتعددة. 7-أدت التنظیمات الدولیة دورا مهما فی تنشیط استخدام الحوافز المالیة فی نطاق تشجیع التحول نحو مصادر الطاقة المتجددة فیما نجده فی مقررات اللجان الدولیة الخاصة بالتغیر المناخی، والوکالة الدولیة للطاقة المتجددة IRENA فضلا عن الدور الأقدم لمنظمة التجارة العالمیة والاتفاقات التی تنبثق عنها والداعمة لسیاسة تقدیم الحوافز المالیة باتجاه تحریر الأسواق وفتحها أمام التجارة العالمیة فی سیاسة التخفضیات الضریبیة وتخفیف القیود الجمرکیة. 8-نجد ان القانون العراقی وان اعتمد نظام الحوافز المالیة فی النص على الإعفاءات والمنح المالیة و التخفیضات الضریبیة الا ان ذلک کان فی نطاق الطاقة التقلیدیة (النفط والغاز) فی حین اننا لا نزال بعیدین عن مجال التشجیع للاستثمار فی مجالات الطاقة المتجددة ولیس من سیاسة تحفیزیة مالیة واضحة فی هذا النطاق وهذا مما یؤشر سلبا على اتجاه القانون العراقی.
المقترحات 1-الدعوة الى الإصلاح القانونی فی النظام القانونی العراقی فی إحداث بنیة تشریعیة متناسقة من دون حدوث إمکانیة للتضارب بینها الى جانب إیجاد بنیة إداریة منظمة قانونا وآلیات شفافة تجعل بالإمکان ان تحدث الحوافز المالیة والضریبیة الآثار الایجابیة المنشودة من جذب للاستثمارات فی قطاع الطاقة المتجددة تحدیدا ولا سیما أن الاتجاهات الدولیة والوطنیة فتحت المجال للاستثمارات الخاصة حتى لمستهلکی موارد الطاقة المتجددة من الاستفادة من المزایا المالیة والضریبیة. 2-إعادة النظر بسیاسة الإعفاءات الضریبیة الکلیة والجزئیة ذات المدى الزمنی الطویل فی القانون العراقی، اذ ثبت ان المستثمر ان وجد بیئة استثماریة جیدة فان وجود الإعفاءات الضریبیة او عدم وجودها یکون مانعا قویا من دخوله الى تلک البیئة الاستثماریة، ولا سیما مع وجود جوانب سلبیة واضحة عند إقرار سیاسة الإعفاءات الضریبیة من هدر للإیرادات العامة التی یمکن ان یجری تحصیلها فیما لو أخضعت تلک الأنشطة للتحاسب الضریبی المنظم على وفق أهداف ورؤیة اقتصادیة شاملة وواضحة.
The Author declare That there is no conflict of interest
References (Arabic Translated to English) and References (English) First: Sources in Arabic Research, studies and articles C) Agreements, laws and official documents Foreign sources | ||
References | ||
اولا: المصادر باللغة العربیة أ- الکتب 1. ادوارد کاسیدی وبیترز غرو سمان، مدخل الى الطاقة المصادر والتکنولوجیا والمجتمع. ترجمة: صباح صدیق الدملوجی، مرکز دراسات الوحدة العربیة، بیروت، بلا- ت. 2. المرسی السید حجازی، النظم الضریبیة، الدار الجامعیة، الإسکندریة، 2001. 3. درید محمود السامرائی، الاستثمار الأجنبی المعوقات والضمانات، مرکز دراسات الوحدة العربیة، بیروت، 2004. 4. ریاض صالح ابو العطا، حمایة البیئة من منظور القانون الدولی العام، دار الجامعة العربیة، مصر، 2009. 5. سرمد کوکب الجمیل، معوقات الاستثمار فی الدول العربیة، دار العابد للطباعة والنشر، الموصل، العراق، 2009. 6. صفوت عبد السلام، الحوافز الضریبیة وأثرها على الاستثمار والتنمیة فی مصر، دراسة على ضوء التشریعات الاستثمار والقانون رقم 8 لسنة 1979 بشأن ضمانات وحوافز الاستثمار، دار النهضة العربیة، القاهرة، 2002. 7. عادل احمد حشیش، أساسیات المالیة العامة، مدخل لدراسة أصول الفن المالی للاقتصاد العام، دار الجامعة الجدیدة للنشر، الإسکندریة، 2006. 8. قبس حسن عواد، المالیة العامة والتشریع المالی، دار ابن الأثیر للطباعة والنشر، جامعة الموصل، 2010. 9. کامل ابو صقر، العولمة التجاریة والإداریة والقانونیة رؤیة إسلامیة جدیدة، دار الوسام ومکتبة الهلال، بیروت، 2000. 10. محمد حلیم عبد الکریم، الوسیط فی علم المالیة العامة، دار ابو المجد، القاهرة، 1989. 11. هشام صفوت العمری، الضرائب على الدخل، مطبعة الجاحظ، بغداد، 1989. ب- البحوث والدراسات والمقالات 1. سعید عبد المنعم محمد، الحوافز الضریبیة المتعلقة بهلاک الأصول الرأسمالیة " تقییم واقتراح بتعدیل النصوص" المجلة العلمیة للاقتصاد والتجارة، الجزء الأول، کلیة التجارة، جامعة أسیوط، 1985. 2. طالبی محمد، اثر الحوافز الضریبیة وسبل تفعیلها فی جذب الاستثمار الأجنبی المباشر فی الجزائر، مجلة اقتصادیات شمال افریقیا، العدد السادس منشورة على الموقع الإلکترونی: www.Univ-chlf.dz 3. عصام خوری وعبیر ناعسة، النظام الضریبی واثره فی الحد من التلوث البیئی، مجلة جامعة تشرین للدراسات والبحوث العلمیة- سلسلة العلوم الاقتصادیة والقانونیة، المجلد (29)، العدد(1)، سوریا، 2007. 4. فیتو تانزی وهاول زی، البلدان النامیة والسیاسة الضریبیة، صندوق النقد الدولی، سلسلة قضایا اقتصادیة، واشنطن العاصمة، 2001. 5. قبس حسن عواد وسهاد عبد الجمال، التعامل الضریبی لشرکات النفط الأجنبیة المستثمرة فی العراق، وقائع مؤتمر کلیة الحقوق العلمی الخامس، الجزء الأول کلیة الحقوق، جامعة الموصل، 2013. 6. خلایا الطاقة الشمسیة المستخدمة فی وحدات البناء، مقالة منشورة على موقع الشبکة الکندیة للطاقة الشمسیة: www.Solarbuildings.Ca 7. خیارات الفکر الاقتصادی بین حریة التجارة والحمایة، مقالة منشورة على الموقع الإلکترونی:www.alnajafnews.net 8. خیارات التکیف والتخفیف مقالة منشورة على الموقع الإلکترونی: publications. www.ipcc.ch/ 9. الحوافز الحکومیة تمهد الطریق امام تطور الطاقة المتجددة، مقالة منشورة على موقع الإلکترونی: Http//:iipdigital.USembassy.gov. 10. منجزات وزارة الطاقة والمعادن والماء والبیئة المغربیة منشورة على الموقع : www.mem.gov.ma 11. دبی الخضراء، مقالة منشورة على البوابة الرسمیة لحکومة دبی:www.dubai. ae جـ -الاتفاقیات والقوانین والوثائق الرسمیة 1. النظام الأساس للوکالة الدولیة للطاقة المتجددة IRENA بون- المانیا 2009. 2. قانون ضریبة الدخل العراقی رقم 13 لسنة 1982 وتعدیلاته. 3. قانون ضریبة الدخل المصری رقم 91 لسنة 2005. 4. قانون حمایة وتحسین البیئة العراقی رقم 27 لسنة 2007. 5. قانون الاستثمار الخاص بتصفیة النفط الخام العراقی رقم 64 لسنة 2008. 6. القانونی الاتحادی رقم 6 لسنة 2009 بشأن الاستعمالات السلمیة للطاقة النوویة فی دولة الإمارات العربیة المتحدة. 7. قانون الوکالة الوطنیة لتنمیة الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقیة المغربی رقم 16,09 لعام 2010. 8. قانون الطاقة المتجددة وترشید الطاقة الأردنی رقم 13 لسنة 2012. 9. دلیل الإجراءات والرسوم للمشاریع الاستثماریة فی دولة الإمارات العربیة المتحدة، وزارة الاقتصاد، 2010- 2011. المصادر الأجنبیة First: Sources in Arabic Research, studies and articles C) Agreements, laws and official documents Foreign sources | ||
Statistics Article View: 766 PDF Download: 534 |