التعرفة الکمرکیة وأثرها على السیاسة الحمائیة الوطنیة - دراسة قانونیة مقارنة

التعرفة الکمرکیة وأثرها على السیاسة الحمائیة الوطنیة دراسة قانونیة مقارنة-^(*)-

Customs duties and their impact on national protectionism -   Comparative Legal Study

(*) أستلم البحث  فی 17/9/2013 *** قبل للنشر فی 12/12/2013.

(*) Received on 17/9/2013 *** accepted for publishing on 12/12/2013.

Doi: 10.33899/alaw.2014.160753

© Authors, 2014, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license

     (http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).

المستخلص

   تعد التعرفة الکمرکیة جدولاً یتضمن الرسوم الکمرکیة التی تفرضها الدولة على السلع بعد تبویبها وتفصیلها عند استیرادها او تصدیرها. وتختلف فئات الرسوم من دولة لأخرى تبعاً لأختلاف الباعث على فرضها، فقد یکون الغرض مالیاً بمعنى ان یکون قصد المشرع هو الحصول على موارد مالیة لخزینة الدولة، وقد یکون الغرض منها هو حمایة الصناعة المحلیة فی فرض رسوم کمرکیة عالیة على منتجات الصناعة الاجنبیة، ومن هنا یبدو التباین واضحاً بین طبیعة الغایات و الاهداف لهاتین الفئتین کلتیهما من الرسوم.

     فالتعرفة الکمرکیة إذن الاطار الذی یمثل حاجة الدولة و مصلحتها معاً، ومن هذا اتصفت التعرفة الکمرکیة بان لها وظیفة مزدوجة، وهما وظیفة إیرادیة، بمعنى انها تعد مصدراً إیرادیاً ثابتاً. و وظیفة حمائیة، لحمایة الإنتاج المحلی من خطر المنافسة الاجنبیة وتشجیع الصناعات الولیدة، او تلک التی لا تقوى على الصمود امام مثیلاتها.

   ومن اهم استنتاجات هذا البحث، هو ان الاساس القانونی للتعرفة الکمرکیة اسوة بباقی النظم الضریبة یتمثل فی التزام قانونی یفرضه الدستور، ویستند الى اساس سیادة الدولة وسلطانها، ویهدف الى تحقیق المصلحة العامة، لذا اولىعدید من التشریعات الخاصة بالتعرفة الکمرکیة أهمیة خاصة لدرجة أنٌ عدید من الدول قد أبرمت معاهدات خاصة فیما بینها لتوحید نظام التعرفة الکمرکیة کما هو الشأن على سبیل المثال فی دول (الاتحاد الاوربی) واتفاقیات ال (GATT) فی أطار منظمة التجارة العالمیة (WTO).

    وتوصی هذه الدراسة بضرورة تحقیق التوازن بین تطبیق قانون التعرفة الکمرکیة بوصفه وسیلة لحمایة المنتجات المحلیة من جهة، وحاجة العراق فی المرحلة التی یمر بها الآن لأعمار البنى التحتیة وحاجة الصناعة الوطنیة للمواد الاولیة وحاجة السوق المحلیة للسلع المستوردة من جهة اخرى. وکذلک العمل على مواءمة التشریعات والقوانین العراقیة مع المعاییر الدولیة والایفاء بالالتزامات والشروط الواردة فی اتفاقیات منظمة التجارة العالمیة الخاصة بالکمارک التی تتمثل بالاتفاقیة العامة للتجارة والتعرفة الکمرکیة واتفاقیة قواعد المنشأ والتقییم الکمرکی.

Abstract

   Custom tariff is a table containing customs imposed by the state on the goods after tabulation and detailing them when imported or exported. The categories of fees are different from one country to another according to difference in the motive of imposing them which may be financial purpose legislature aims to get financial resources to the state treasury. That purpose may be represented in protecting local industry by imposing high customs on foreign industrial products, and thus there is obvious contrast between the nature of the goals and objectives for each of these category fees.

   Therefore, the custom tariff is the framework that represents the State's need and interest together, and custom tariff characterized that it has a dual function; the first one is revenue function, which means that it is the source of fixed revenue. The second function is protectionism in order to protect domestic production from the risk of foreign competition and to promote new established industries or those which are not strong enough to withstand in front of similar industries. One of the main conclusions of this research is that the legal base of custom tariff is that it is a legal obligation imposed by the constitution, and based on the basis of state sovereignty, and aims to achieve the public interest. So, legislatures in many countries regulated custom tariff and even many countries have concluded special treaties among them in order to standardize the custom tariff system as is the case for example in countries of (the European Union) and (GATT) of 1994.

   This study recommended that it is necessary to achieve a balance between the application of custom tariff law as a mean to protect local products, and also the need of Iraq in this stage for reconstruction of infrastructure and the need of national industry for raw materials and the need of the domestic market for imported goods. As well as that, this research recommended to work on the harmonization of Iraqi laws with international standards in order to fulfill the obligations and conditions contained in the (WTO) agreements and the Convention on the rules of origin and custom valuation.

المقدمـة

    تولی الدول المتحضرة منافذها الحدودیة اهتماماً خاصاً، لأنها تمثل وجهها الحضاری وتعکس مدى تقدمها وتطورها، لإظهار هذا الوجه بمظهر لائق تعمد إلى بناء مجمعات حدودیة متکاملة فیها وسائل الراحة کلها، مع تهیئة کوادر وموظفین یحسنون التعامل مع الوافدین والمغادرین، فضلاً عن ذلک تعد هذه المنافذ مصدراً لموارد مالیة کبیرة للدولة.

   وتتعلق المهام الاساسیة للإدارة الکمرکیة بحرکة انتقال البضائع، وتطبیق القیود على الواردات و الصادرات من سلع معینة، والتفتیش عن المواد المحظورة وضبطها، وتنفیذ القیود الصحیة وقیود الصحة النباتیة، وحقوق الملکیة الفکریة، و قیود الصرف، ومراقبة انتقال المبالغ الکبیرة من النقد السائل بما یوحی بعملیات غسیل الاموال.

   لذا اضحت التعرفة الکمرکیة اداة تستعین بها الدولة فی توجیه سیاستها الاقتصادیة، کما انها تعتبر حجر الزاویة فی بناء کیانها الاقتصادی إذ انها تثبت الاسس الصحیحة التی تقوم علیها جبایة الضرائب الکمرکیة، لذا کان من الضروری إعادة النظر فیها بین الحین والآخر، وتطویرها بالشکل الذی یتفق مع مقتضیات المصلحة العامة ویحقق تنفیذ السیاسة الاقتصادیة، ویساعد فی الوقت نفسه على تنفیذ الخطة العامة للتنمیة.  

   وعلى ضوء توجیهات الدولة العراقیة بتعمیق مفاهیم الإصلاح الاقتصادی وغرسها، کما وردت فی وثیقة العهد الدولی واستراتیجیة التنمیة الوطنیة للأعوام 2007- 2010  و استراتیجیة التنمیة الوطنیة للأعوام 2011- 2014  الهادفة لتحقیق التنمیة المستدیمة فی دعم اسس النمو الاقتصادی وبما ینسجم واتفاقیة SBA المبرمة مع صندوق النقد الدولی، یجب على ادارة الکمارک أن تطور منهجیة عمل تسایر التغییر المنشود وتتماشى معه وفق آلیة عمل مدروسة ومخطط لها ولیس على نحو عرضی. وعلیها ان تکیف نفسها مع الظروف الجدیدة، فی ظل التحدیات الموجودة.

   ویذکر أن محاولة انضمام العراق الى کل من منظمة التجارة العالمیةWTO  وخضوعه لشروط صندوق النقد الدولی IMF یستلزم إعادة تنظیم هیکلة اقتصاده على وفق هذه الالتزامات، فعلى الکمارک أن تتخذ جملة من الاجراءات بالتشاور والتنسیق مع هذه الهیئات والمنظمات العالمیة بعد تأمین المستلزمات الضروریة بما فیها الإصلاح الهیکلی لواقع السیاسات التجاریة والکمرکیة فی البلد کالدقة والشمولیة والمرونة والشفافیة.

أسباب اختیار الموضوع واهمیته

   هناک جملة من الاسباب الموضوعیة تقع وراء دراسة هذا الموضوع ، التی تتمثل فی الجدل الدائر حول ضرورة حمایة المنتجات المحلیة سواء أکانت صناعیة ام زراعیة والعمل على تطبیق قانون التعریفة الکمرکیة الجدید المرقم 22 لسنة 2010، فضلاً عن ارتباط الموضوع بدواعی محلیة - داخلیة - کالأزمات الداخلیة، والرغبة فی زیادة دخل الدولة، و منع التهریب الکمرکی، وحمایة الصناعات الداخلیة، ودواعٍی خارجیة - دولیة - کالأزمات العالمیة، والاتفاقات الکمرکیة، والتجارة والمساهمة فی تشجیع التجارة الدولیة عن بتشجیع کل دولة لتجارتها الدولیة جریاً وراء فوائد محتملة للاقتصاد الوطنی، والأخذ بنظر الاعتبار أن العراق حصل على صفة عضو مراقب فی منظمة التجارة العالمیة وما تحتاجها عملیة الانضمام من متطلبات ومفاوضات ولا سیما فی مجال تثبیت التعرفة الکمرکیة.

هدف البحث:

    یهدف البحث الى تقییم سیاسة التعرفة الکمرکیة فی ظل وجود حالة من عدم التلاؤم بین القوانین العراقیة الحالیة والنظام الاقتصادی والتجاری العراقی الجدید کقانون التعرفة الکمرکیة وقانون الکمارک العراقی وسبل معالجتها، وبیان متطلبات الانضمام الى منظمة التجارة العالمیة إذ یعد العراق عضوا مراقبا فیها، فضلا عن اعطاء صورة عن ماهیة التعرفة الکمرکیة ومدى اهمیتها فی حمایة المنتجات الوطنیة فی ضوء المعطیات القانونیة الداخلیة والدولیة.

مشکلة البحث:

    تکمن مشکلة البحث الأساسیة فی عدم ملائمة القوانین العراقیة النافذة ولا سیما (الکمارک/التعرفة الکمرکیة) للمتغیرات الجدیدة التی طرأت على الاقتصاد العراقی وتبنی نظام اقتصاد السوق وفتح الاسواق أمام التجارة العالمیة، فی الوقت الذی لم  تتخذ التدابیر المناسبة لحمایة المنتجات الوطنیة والمنتجین المحلیین، کتفعیل قانون التعرفة الکمرکیة العراقی رقم (22) لسنة2010 الذی أصبح ضرورة ملحة لبناء صناعة وطنیة وحمایتها وتفادی الاضرار التی قد تلحق بها نتیجة الممارسات الضارة من سیاسات الاغراق والزیادة غیر المسوغة فی الواردات  التی تدعمها الدول المصدرة الى العراق وإقلیم کوردستان بما یؤدی الى فقدان شروط المنافسة العادلة وحدوث آثار سلبیة على الاقتصاد الوطنی.

منهجیة البحث:

   اعتمد البحث المنهج التحلیلی المقارن بتحلیل النصوص القانونیة ذات العلاقة بموضوع البحث، سواء تلک الواردة فی الاتفاقیات الداخلة فی اطار منظمة التجارة العالمیة او تلک القائمة فی القوانین العراقیة المختلفة ذات الصلة بالتعرفة الکمرکیة وآخر تعدیلاتها، والمقارنة بین هذه النصوص لبیان ما کانت علیها القوانین العراقیة التی تتصل بها والاتجاه المستقبلی للعراق فی ظل سیاسة الاقتصادیة الجدیدة (اقتصاد السوق) وموقفه من الانضمام الى منظمة التجارة العالمیة التی تعد الاطار المؤسسی للتجارة الدولیة والتعرفة الکمرکیة اساساً لهذه التجارة.

نطاق البحث:

   یتحدد نطاق هذا البحث فی بیان مفهوم التعرفة الکمرکیة وماهیتها وعلاقتها بسیاسة التجارة الدولیة من ناحیة وحمایة الانتاج المحلی من ناحیة ثانیة فضلاً عن بیان مستلزمات انضمام العراق مستقبلاً الى منظمة التجارة العالمیة ولا سیما المستلزمات القانونیة فی ظل وجود عدید من القوانین فی العراق التی تتصل بالتعرفة الکمرکیة.

هیکلیة البحث: سیتم تقسیم هذا البحث الى مبحثین، على وفق الآتی:

 المبحث الاول: التعریف بالتعرفة الکمرکیة:

المطلب الاول: نشأة التعرفة الکمرکیة و تعریفها.

                الفرع الاول: نشأة التعرفة الکمرکیة و تطورها واهمیتها.

                 الفرع الثانی: ماهیة التعرفة الکمرکیة.

المطلب الثانی: علاقة التعرفة الکمرکیة بسیاسة التجارة الدولیة ومسوغات الأخذ بها.

                 الفرع الاول: علاقة التعرفة الکمرکیة بسیاسة التجارة الدولیة.

                 الفرع الثانی: مسوغات الأخذ بالتعرفة الکمرکیة.

 المبحث الثانی: التعرفة الکمرکیة و الحمائیة الوطنیة و الموقف من مفاوضات العراق

                   للأنضمام الى منظمة التجارة العالمیة:

   المطلب الاول: حمایة الانتاج المحلی باستخدام التعرفة الکمرکیة.

                   الفرع الاول: التعرفة کأساس لحمایة الانتاج المحلی.

                  الفرع الثانی: أوجه الحمایة.

 المطلب الثانی: العراق ومفاوضات الانضمام الى منظمة التجارة العالمیة (WTO).

                   الفرع الاول: مستلزمات الانضمام الى منظمة التجارة العالمیة (WTO.

                  الفرع الثانی: تثبیت التعرفة الکمرکیة.

استنتاجات وتوصیات

المبحث الاول

التعریف بالتعرفة الکمرکیة

   أصبحت التعرفة الکمرکیة من الأدوات القانونیة والاقتصادیة المهمة التی تأخذ بها الدول جمیعها، لتحاشی الآثار الاقتصادیة والاجتماعیة و الثقافیة والصحیة السلبیة المحتملة التی قد تحدث لو لم توجد مثل هذه التعرفة. فالتعرفة الکمرکیة وسیلة فعالة لحمایة السلع والمنتجات الوطنیة، وتفرد الدول المختلفة  قوانین خاصة لتنظیم مرور السلع والمواد المختلفة من إقلیم الدولة والیه، وتضع أحکاماً وجداولاً وقوائم لتنظیم هذه العملیة، وتفرض بموجبها الرسوم الکمرکیة على السلع المستوردة المختلفة، ویدخل تنظیم هذه الامور فی إطار ما تسمى بقانون التعرفة الکمرکیة.

   نتناول بالدراسة فی هذا المبحث نشأة التعرفة الکمرکیة وماهیتها وذلک فی مطلب اول، وعلاقة التعرفة الکمرکیة بسیاسة التجارة الدولیة ومسوغات الأخذ بها فی مطلب ثان.

المطلب الاول

نشأة التعرفة الکمرکیة وما تعریفها

   ونتناول فیه بالدراسة نشأة التعرفة الکمرکیة و ماهیتها فی فرعین، ندرس فی الفرع الاول نشأة التعرفة الکمرکیة وتطورها التاریخی من عهد الرومان وصولاً الى القوانین العراقیة المتصلة بعها، وندرس فی الفرع الثانی تعریف التعرفة الکمرکیة وانواعها والموضوعات التی تتصل بها.

الفرع الاول

نشأة التعرفة الکمرکیة وتطورها واهمیتها

  تنصرف الدراسة فی هذا الفرع الى الإلمام بنشأة التعرفة الکمرکیة وتطورها التاریخی وبیان ماهیتها وما احاط بها من ظروف خاصة حتى استقرت فی شکلها الحالی، فلا یمکننا فهم القوانین المعاصرة المنظمة للتعرفة الکمرکیة الا بالرجوع الى اصولها التاریخیة.

   التعرفة الکمرکیة معروفة منذ عهد بعید، وقدیمة قدم تعامل الناس بالتجارة. لقد عرفت التعرفة الکمرکیة بشکلها البسیط فی الیونان القدیمة فی ظل ازدهار حرکة السفن والبضائع، وفرض الضرائب على البضائع المستوردة وان کانت تختلف فی اسعارها باختلاف درجة التحالف مع الدولة المصدرة للبضائع , فکانت اسعار التعرفة ضئیلة مقارنة مع تلک الدول الواقعة تحت سیطرة اثینا وترتفع هذه النسبة کلما بعدت درجة التحالف معها.

          وعرف الرومان ایضاً التعرفة الکمرکیة إذ کانت تفرض على البضائع التی تدخل الى الامبراطوریة الرومانیة, وکانت تفرض بنسبة معینة من قیمة السلعة التی تختلف باختلاف ضرورة السلعة وأهمیتها فی الدرجة , فکانت بنسبة (1/4) من قیمة البضاعة مقارنة مع أشیاء الزینة والحاجیات الکمالیة, بنسبة (1/8) من قیمة البضاعة مقارنة مع الحاجیات الضروریة.

    وشهدت التعرفة الکمرکیة فی العصر الحدیث تطورات تشریعیة مهمة تبعا لتطور الأنظمة السیاسیة والاقتصادیة, وفی مرحلة الحکم العثمانی فرضت الحکومة العثمانیة رسوم استیراد عالیة، وفرضت الضرائب الکمرکیة على سلع الترانسیت بین ولایات الدولة العثمانیة بسعر مرتفع نسبیاً ( 15 %) ولقد کانت للضرائب المفروضة داخل نطاق الامبراطوریة العثمانیة تأثیراً هاماً على تشجیع الاستیراد وتثبیت الانتاج المحلی"

    دخلت القوات البریطانیة العراق فی سنة 1914، و استعان البریطانیون بالتشریعات المطبقة فی مستعمراتهم ومنها قانون الکمارک البحریة الهندی رقم (8) لسنة 1878. ویعد هذا القانون من اهم القوانین الهندیة التی طبقته سلطة الاحتلال البریطانی فی المناطق العراقیة المحتلة و الذی اصبح نافذا بموجب اعلان الکمارک رقم (1) لسنة 1916 وظل مطبقاً حتى صدور قانون الکمارک رقم (56) لسنة 1931 والذی تم بموجبه إلغاء اعلان الکمارک.

     ویلحظ على قانون الکمارک البحریة الهندیة رقم (8) لسنة 1878 انه لم یتضمن تحدیداً لنسب الضرائب الکمرکیة، وانما جاء باحکام تنظیمیة عامة وترک امر تحدید نسب الضرائب الى التشریعات المستقلة. ثم صدر بیان تعرفة الرسوم الکمرکیة رقم (19) لسنة 1919. ویعد اول قانون فی تاریخ العراق الحدیث نظم موضوع التعرفة الکمرکیة، وتم بموجبه فرض رسوماً عامة لا تتجاوز( 11% ) من قیمة البضائع المستوردة.  وظل هذا القانون نافذاً حتى تم إلغاؤه بموجبقانون التعرفة الکمرکیة رقم (11) لسنة 1933 الذی فرض رسوماً تتراوح قیمتها  ما بین (8%) و(100%) على نحو (680) سلعة، ورسوماً نوعیة على (275) سلعة یصل سعرها إلى ( 300%)، وجاء قانون (1933) عقب نیل العراق لاستقلاله وانضمامه الى عصبة الامم فی سنة 1932 الذی وضع من لجنة بإشراف خبیرین دولیین بالاستفادة من لائحة قانون سنة 1932 وقانون التعرفة الکمرکیة المصری رقم (2) لسنة 1930. وقد استمر العمل بهذا القانون لمدة (22) سنة.

    بعد التعدیلات الکثیرة التی أجریت على قانون التعرفة رقم  (11) لسنة 1933 صدر قانون التعرفة الکمرکیة رقم (77) لسنة 1955 النافذ فی العراق حالیا الذی اخذ بالاسس والتصنیف الذی جرت علیه تعرفة بروکسل الموضوعة دولیا، وألغى قانون (1933).

    ومن جهة اخرى صدر قانون الکمارک العراقی رقم ( 23 ) لسنة 1984،  وألغی بصدوره قانون الکمارک رقم (56) لسنة 1931 الذی کان نافذاً لأکثر من نصف قرن فی العراق وأجریت علیها تعدیلات کثیرة.

   وقد عبر قانون الکمارک  الجدید  لسنة 1984 النافذ حالیاً عن النهج الاشتراکی للدولة، وکان من اهم ممیزات القانون هو المرونة فی الاجراءات الکمرکیة لمجابهة الظروف والتقلبات الاقتصادیة المحتملة مقتصراً على اقرار المبادئ العامة من دون الاحکام التفصیلیة. لذلک أناط  القانون مهمة اصدار الاحکام بوزیر المالیة ومدیر عام هیئة الکمارک على وفق مقتضیات الاحوال لکی یحافظ القانون على مرونته من دون ان یمس جوهره.

             ونشیر هنا الى مسألة فی غایة الاهمیة الا وهی تعطیل العمل بقانون الکمارک العراقی المعدل رقم 23 لسنة 1984، وقانون التعرفة الکمرکیة رقم 77 لسنة 1955 فی الفترة الممتدة من  18/2 لغایة 26/8 من عام 1991 لأسباب تتعلق بحاجة البلاد الى دخول مواد متنوعة فی الفترة من بدایة الحصار الاقتصادی الذی فرض على العراق بموجب قرار مجلس الامن المرقم 687 فی 6/8/1990 إذ سمح بدخول جمیع انواع البضائع الى العراق (ما عدا الممنوع منها بموجب القوانین النافذة) من دون اخضاعها الى الضریبة الکمرکیة او ضریبة الدفاع الوطنی او ایة رسومات اخرى. ومن ثم أعید العمل بالقانونین مع التضییق من نطاق تطبیقهما.

ونتیجة للظروف التی مر بها العراق من جدید و احتلاله من الولایات المتحدة الأمریکیة تم تعطیل العمل ثانیة بقانون الکمارک العراقی المعدل رقم 23 لسنة 1984 وکذلک تعطیل العمل بقانون التعرفة الکمرکیة رقم 77 لسنة 1955 فی المدة التی تلت تغییر النظام السابق ، وذلک بناء على الامر ذی الرقم (12) الصادر عن سلطة الائتلاف المؤقتة (CPA) بشأن سیاسة تحریر التجارة. وترتب على القرار المذکور فتح الحدود العراقیة امام البضائع من دون ان تفرض علیها ایة رسوم او ضرائب، وکذلک الحال بالنسبة الى التصدیر حیث اعتبرت کافة السلع العراقیة متاحة للتصدیر باستثناء السلع المدرجة فی ملحق سلطة الائتلاف المؤقتة للقرار رقم (12) والخاص بسیاسة تحریر التجارة، وکان من ضمن الصادرات المحظورة: المواد الغذائیة, السکر، الشای، الرز المستورد، الدهون والزیوت النباتیة المستوردة و العدس والحمص....الخ.

     ثم صدر بعد ذلک القرار رقم (30) فی 8/10/2003 عن مجلس الحکم(المنحل) بجلسته المنعقدة بتاریخ 23/9/2003 بشأن ممتلکات الدوائر المنحلة ومنع تصدیر المواد الانشائیة للحفاظ على مرتکزات البنیة التحتیة للبلاد وبغیة ایقاف عملیات السلب والنهب والتخریب وتعریض امن الاقتصاد الوطنی للخطر. 

    انتقل العمل الکمرکی فی العراق الى مدار جدید بعد تغییر النظام فی 9/4/2003، اذ قامت سلطة الائتلاف المؤقتة (CPA) بالغاء الرسوم الکمرکیة، وتعلیق العمل بالتعرفة الکمرکیة والرسوم وضرائب الاستیراد، وفرضت بدلاً من کل ذلک رسم اعمار العراق بنسبة( 5% ) من قیمة البضاعة على السلع والبضائع المستوردة جمیعها الى العراق ابتداء من 1/3/2004. ویصب فی هذا الاتجاه سیاسة (تحریر التجارة) الذی اتخذتها سلطة الائتلاف المؤقتة (المنحلة) ضمن امرها المرقم (54) لسنة 2004، والقاضی بتعلیق رسوم الکمارک ما عدا رسم إعمار العراق. یلحظ بذلک توحید تسعیرة الضرائب الکمرکیة بنسبة واحدة وهی ( 5% ) من قیمة البضاعة من دون تحدید لنوعیة هذه البضاعة، وبالتالی انخفض الى حد بعید الاعتماد على الإیراد الکمرکی فی رفد الوعاء الضریبی فی ظل السقف المتدنی البالغ ( 5%) من قیمة البضاعة ولا سیما مع سلسلة الإعفاءات من هذه الضریبة المتدنیة والتی شملت السلع الاساسیة والاستیرادات الحکومیة والمنظمات العراقیة ذات المشاریع الانسانیة والخدمیة وغیر الربحیة، والمؤسسات الدولیة وتلک التابعة للأمم المتحدة، وشملت السلع والامتعة الشخصیة العائدة للأجانب والقنصلیات الاجنبیة الموجودة فی العراق.

    ویمکن ان نسجل الملاحظات الآتیة على قرار رسم اعمار العراق:

1. انه جاء على نحو غیر مدروس ولا سیما من الناحیة الاقتصادیة, لکونه قد شرع من سلطة الائتلاف المؤقتة والتی هی غیر ملمة على نحو دقیق بالأوضاع الاقتصادیة التی تسود الصناعات العراقیة العامة منها والخاصة.
2. انه رکز بالدرجة الاولى على الناحیة المالیة, إذ اکد بالنص على عدم استخدام ایرادات هذه الضریبة الا لتمویل مشاریع اعادة الاعمار فقط.
3. انه لم یعر اهتماماً بالحمایة الکمرکیة للصناعات الوطنیة ولا سیما الصناعات المشیدة حدیثاً والتی کان یحمیها قانون التعرفة الکمرکیة السابق.

  وکنتیجة للسیاسة الکمرکیة غیر السلیمة اضطر عدید من المعامل الصناعیة الوطنیة ولا سیما منها (کصناعة الملابس على اختلاف انواعها، وصناعة الجواریب والاحذیة والبسکویت وغیرها) الصغیرة الحجم الى التوقف عن الانتاج وتسریح کادرها العمالی لعدم قدرتها على الوقوف کمنافس امام السلع المثیلة المستوردة، مما ادى الى زیادة نسبة البطالة و المتفشیة اصلاً نتیجة السیاسات الاقتصادیة الخاطئة، فضلاً عن حرمان هذه الصناعات من الدعم الاقتصادی خاصة بالنسبة للمصانع المشیدة حدیثاً التی کانت تمثل النواة الحقیقیة لنمو وتطور قطاع الصناعة فی المستقبل، کما اضطرت بعض المعامل ذات الانتاج الواسع الى تقلیص حجم انتاجها لإنخفاض الطلب على منتجاتها، وحتى على المستوى القطاع الصناعی الحکومی، کانت حاجة الشرکات ملحة، کالشرکة العامة للصناعات القطنیة الى فرض ضرائب کمرکیة على السلع المثیلة المستوردة حمایة لمنتوجاتها.

    واستناداً للأمر المرقم ( 38) لسنة( 2003) کان من المفترض ان ینتهی العمل بضریبة إعادة اعمار العراق فی 1/1/2006 ویعاد العمل بأحکام قانون الکمارک إلا ان الذی حصل هو انه لم یعمل بأحکام قانون الکمارک منذ عام 2006 لحد الان، لذا کان من الضروری توجیه الإدارة الکمرکیة فی العراق نحو إصدار قانون جدید للتعرفة الکمرکیة یحدد نسبة الرسوم الکمرکیة على البضائع الداخلة إلى العراق عبر حدودها مع دول العالم.

    وأخیراً وبعد انتظار طویل وترقب مشوب بالحذر، صدر فی العراق قانون التعرفة الکمرکیة الجدید رقم 22 لسنة 2010، الذی یتضمن شمول (8000) مادة  برسوم  کمرکیة  تتراوح ما بین (الصفر - 80% ) على مجموعة من السلع المستوردة، حیث بلغت النسبة 5% على الرز والسکر و80% على المشروبات الکحولیة والمیاه المعدنیة و15% على السیارات الخ. ویفرض رسم کمرکی على البضائع المستوردة غیر الواردة فی جدول تعرفة الرسوم الکمرکیة بنسبة لا تزید عن (20%) من قیمتها. لحمایة الصناعة الوطنیة من سیاسات الإغراق ومنع دخول السلع الضارة بالصحة وبالحالة الاجتماعیة وتنظیم سیاسة الاستیراد العشوائیة.

   على وفق المادة (11) من القانون الجدید الذی کان من المفترض ان یکون نافذاً فی (6/3/2011) ویلغى بذلک جمیع القوانین التی کانت نافذة فی العراق، الا انه وعلى الرغم من صدور التعدیل الاول للقانون فی عام( 2011) على ان یکون نافذاً فی (30/6/2012) بقی اصل القانون و تعدیله معطلاً عن التطبیق لیوم کتابة هذا البحث، على الرغم من حاجة العراق  الماسة الى تطبیق القانون لتنظیم انسیابیة السلع والبضائع المستوردة والمصدرة من و الى العراق مما یشکل فی رأینا أمراً غیر مسوغ.

الفرع الثانی

تعریف التعرفة الکمرکیة

    و نتناول بالدراسة ماهیة التعرفة الکمرکیة فی ثلاث نقاط، نبحث فی أولاهما تعریف التعرفة الکمرکیة واهمیتها، وفی ثانیتهما انواع التعرفة الکمرکیة، وأخیراً الاساس القانونی للتعرفة الکمرکیة.

أولاً: تعریف التعرفة الکمرکیة واهمیتها:

    المراد بالتعرفة الکمرکیة فئات الرسوم المفروضة على البضائع الداخلة الى البلاد والخارجة منه، ویطلق لفظ التعرفة الکمرکیة على الرسوم المقررة على کل سلعة مصدرة او مستوردة. ولأهمیة التعرفة الکمرکیة فقد تطرق الیه عدید من الباحثین و المختصین و نورد فی ادناه بعض التعاریف التی قدمت بشأنها للوقوف علیها:

   انها قائمة بالرسوم الکمرکیة المفروضة على مختلف السلع المستوردة، وتسمى هذه القائمة التعرفة الکمرکیة. و تعرف ایضاً بأنها رسوم کمرکیة تفرض على السلع عند خروجها من الدول او عند دخولها الیها، أی انها تفرض على التصدیر وعلى الاستیراد. فی حین یرى اخر بانها ضریبة کمرکیة تحصلها الدولة على السلعة عند اجتیازها حدودها سواء اکانت بریة أم بحریة أم جویة دخولا او خروجا, أی فی حالة دخول السلعة او خروجها وتسمى فی الحالة الاولى رسم وارد وفی الثانیة رسم صادر.  وذهب رای آخر الى انها رسوم تعریفیة تفرض على السلع المستوردة الى البلد فحسب، وهناک من یرى بان لفظ التعرفة الکمرکیة یطلق على الرسوم الکمرکیة المقررة على کل سلعة وعلى القانون الصادر بفرضها، او انها ضریبة على الواردات من السلع والخدمات التی تتأتى الى داخل الدولة ، ویتم جبایتها بوساطة موظفی الکمارک عند مکان الدخول.

                 یتضح من التعریفات السابقة، بأنها تتفق فی مضامینها وأن اختلفت فی الفاظها، فهی جمیعها تتفق على ان التعرفة الکمرکیة هی من اهم انواع الضرائب غیر المباشرة التی تفرض على السلع المستوردة والسلع المصدرة، وکما وهی احدى الوسائل الفعالة لحمایة المنتجات الوطنیة.

                 ویلحظ وجود تباین بین هذه المسمیات والتعاریف فمنهم من اطلق علیها (رسم) و البعض الاخر(ضریبة) واخر (تعرفة), وان درجت اغلبیة التشریعات الحدیثة على إطلاق اسم الرسوم على هذه الضریبة، ویلاحظ أیضا فی هذا الخصوص استخدام التشریعات لمصطلح الضریبة للدلالة على الرسم او بالعکس، واصبحت الادارة المالیة فی العصر الحدیث لا تهتم کثیرا لهذا التمییز النظری بین مصطلحی الضرائب الکمرکیة والرسوم الکمرکیة، لان ذلک لا یغیر من طبیعتها القانونیة بوصفها رسوماً ولیست ضرائب بالمعنى الدقیق. ومهما کان الأمر یمکن ان نقدم تعریفاً للتعرفة الکمرکیة على انها جداول تتضمن الرسوم الکمرکیة التی تفرضها الدولة على السلع بعد تبویبها وتفصیلها عند استیرادها او تصدیرها.

   وتحتل التعرفة الکمرکیة المرکز الاول فی المجتمع الاشتراکی و الرأسمالی على حد سواء بالنظر لإسهامها فی تنمیة الاقتصاد القومی. وتعد بالنسبة للدول النامیة عماد الحیاة الاقتصادیة، وترتکز علیها سیاسة التنمیة فی حمایة الصناعات الناشئة وتشجیع برامج التصنیع لخفض الرسوم الکمرکیة على السلع الانتاجیة والمواد الخام وتشجیع الصادرات عن طریق الانظمة الکمرکیة مثل السماحات و الاعفاءات وإعادة الرسوم (الدروباک) عند إعادة التصدیر.

   ولأهمیة التعرفة الکمرکیة فقد أولتها التشریعات أهمیة خاصة لدرجة أنٌ عدید من الدول قد أبرمت معاهدات خاصة فیما بینها لتوحید نظام التعرفة الکمرکیة کما هو الشأن مثلاً، فی دول السوق الاوربیة المشترکة(الاتحاد الاوربی)، وکذلک ما ذهب الیه ممثلو (23) دولة فی اجتماع  فی جنیف الى إجراء مفاوضات حول التعرفة الکمرکیة، و وقعوا اتفاقیة بهذا الشأن سمیت بالإتفاقیة العامة للتعرفة الکمرکیة والتجارةGeneral Agreement On Tariff And Trade (GATT 1947)، و قد تم التوقیع على هذه الاتفاقیة فی تشرین الاول لعام 1947، وبدأ تنفیذها فی بدایة عام 1948.              

           ثانیاً: انواع التعرفة الکمرکیة.

     الواقع ان للتعرفات الکمرکیة انواع متعددة، وتختلف الدول عادة عن بعضها عند وضع سیاسة التعرفة الکمرکیة بما یتلائم و وضعها الاجتماعی و مدى حاجتها الى السلع، إذ  انها تعد فی الواقع نظاماً یوضع لتنفیذ السیاسة الاقتصادیة وتعد ایضاً الحارس الامین لثروة البلاد.

     و بصورة عامة یمکن التمییز بین التعرفات الفرضیة (الذاتیة او المستقلة) الناشئة عن إرادة تشریعیة داخلیة، أی تلک التی تفرضها الدولة بمعزل عن ایة معاهدات او اتفاقات او أی التزامات دولیة أخرى، والتعرفات الأتفاقیة (التعاقدیة) القائمة على اساس تعاقد دولی، ای تلک التی تنشأ بموجب اتفاق کمرکی (تجاری) بین الدول تبعاً لأهمیة المعاملات التجاریة التی تقوم بینهما.

   وتقسم التعرفة الکمرکیة من حیث سعر الضریبة او الرسم المفروض، عادة الى الانواع الآتیة:

1. التعرفة الکمرکیة العادیة (البسیطة) : وهی التعرفة التی تنظر بمنظار واحد لا یختلف الى البضائع المستوردة جمیعها مع مراعاة الاستثناءات او الاعفاءات التی نصت علیها قانوناً، ای تطبق على الواردات کافة ولا تمیز فی تطبیقها بین دولة و أخرى، حیث تفرض تعرفة موحدة على کل سلعة مستوردة من فئة محددة، بصرف النظر عن البلد الذی استوردت منه السلعة، إلا فی حال إعفاء دولة معینة منها تماماً. 
2. التعرفة الکمرکیة المزدوجة: وهی التی تجمع بین تعرفتین فی آن واحد, وتعد احداهما تخفیضاً للاخرى بوجود تعرفة دنیا وتعرفة قصوى, وبموجب هذه التعرفة تتمکن الدولة من اجراء التعدیلات فی فئات الرسوم المفروضة من دون ان تخل بشروط الاتفاقیات. ای یوجد سعرین مختلفین، سعر عادی یُعمل به بشکل عام، وسعر اتفاقی یُعمل به فی حال وجود اتفاق معین. و یتمیز هذا النظام بعدد من المزایا تتمثل فی حمایة الإنتاج الوطنی إذ لا یسمح بخفض التعریفة الکمرکیة عن الحد الأدنى المسموح به، ویمنح الدولة ذاتها الحق فی معاملة منتجاتها الوطنیة ومنتجات الدول الأخرى المستوردة محلیاً، بمقتضى التعرفة المنخفضة فی شرط التبادلیة.

       مما یعنی انه بموجب هذا النظام (نظام التعرفة المزدوجة) تضمن الدولة حقها فی تعدیل التعرفة الکمرکیة الاتفاقیة مع غیرها من الدول، وفقاً للمبادلات التجاریة المرغوبة، ویمنحها أیضاً فرصة تعدیلها بموجب الاتفاقات التجاریة القائمة، لذا فإن الدولة لا تطبق التعرفة المنخفضة إلا بموجب الاتفاقات التجاریة و السیاسیة التی تتضمن شرط الدولة الأولى بالرعایة (او الأکثر رعایة).

1. التعرفة الکمرکیة المتعددة: وتشمل مستویات عدیدة من الاسعار، منها المرتفعة، ومنها الأقل ارتفاعاً، ومنها الأدنى، تبعاً للبلد الذی تأتی منه وارداتها.
2. التعرفة الکمرکیة الأضافیة: وهی تلک التعرفة التی تتضمن رسماً اضافیاَ فی حالة الآزمات الاقتصادیة، وتدهور عملة الدولة او قیامها بحملات إغراق.
3. التعرفة الکمرکیة التفضیلیة: وهی التی تطبقعلى سلع معینة لإیجاد إتحاد کمرکی او روابط أقتصادیة. و تطبق وفقاً للاتفاقیات المعقودة لهذا الغرض مع البلدان التی عقدت مع بعضها اتفاقات کمرکیة، ویسمى هذا النوع من التعرفات بالتعرفة التعاقدیة إذ یتم بموجبها تخفیض الضرائب الکمرکیة على عدد من السلع المنتجة فی البلدین المتعاقدین والمتبادلة فیما بینهما. والجدیر بالذکر ان التعرفة التفضیلیة اقرت فی عام 1965 عندما أتخذت فی إطار الـ(GATT) تعدیلات تتعلق بالبلدان النامیة و حقها فی رفع الرسوم الکمرکیة على بعض السلع لحمایة اقتصادها الوطنی، و فی المقابل إلزام الدول المتقدمة على تخفیض الرسوم على سلع الدول النامیة، ای منح هذه الدول ما یسمى ب(النظام التفضیلی) الذی لا یشمله اعمال مبدأ الدولة الأکثر رعایة. مما یعنی ان التعرفة المخفضة على سلعة من دولة نامیة، لا یمکن ان تسری على الشرکاء التجاریین الذین یطبقون فی ما بینهم نظام الدولة الأکثر رعایة. لذا یمکن القول بأن الانواع المختلفة للتعرفة الکمرکیة یمکن جمعها تحت ثلاث فئات من التعرفات وهی:

الفئة الاولى: التعرفة الکمرکیة ذات عمود واحد(جدول واحد): وهی التی تحدد فئة واحدة للرسم (للبضاعة) سواء کان نوعیاً او قیمیاً دون تمییز بین الدول المختلفة ویطلق علیها بهذا الوصف تعرفة ذات فئة موحدة.

الفئة الثانیة: التعرفة الکمرکیة ذات عمودین (جدولین): وتضع هذه التعرفة حدین لکل رسم مفروض على البضاعة، أی حداً أعلى وآخر أدنى، ویطبق الرسم الأعلى على الواردات من البضاعة من الدول کافة، ما لم یکن هناک إتفاق تعاقدی بین الدولة و دولة أخرى فیطبق الرسم الأدنى، وتکون التعرفة الکمرکیة بهذه الصفة وسیلة للمساومة فی المفاوضات والاتفاقیات التجاریة لذا تسمى بالتعرفة الاتفاقیة.

الفئة الثالثة: التعرفة الکمرکیة ذات ثلاثة أعمدة( جداول): وهذا النوع من التعرفة تضعها الدول ذات المستعمرات، وکانت ساریة عادة بین الدول ومستعمراتها, وکان الغرض منها  تشجیع العلاقات التجاریة بین الدولة، والدول التی ترتبط معها سیاسیاً او بینها وبین مستعمراتها، ومن ذلک النوع التعرفة البریطانیة مع مستعمراتها. 

الفرع الثالث

الأساس القانونی للتعرفة الکمرکیة

     ونقصد به تحدید الوصف القانونی للواقعة محل التکییف لتحدید القواعد القانونیة الواجبة التطبیق علیها. ولإعطاء التکییف القانونی الصحیح للتعرفة الکمرکیة لابد من تحدید الوصف القانونی للضریبة الکمرکیة بوصفه قانوناً للتعرفة الکمرکیة شکلاً من اشکال القانون الضریبی.

   اقترنت التعرفة الکمرکیة عادةً بوجود السلطة فی المجتمع السیاسی، وتطور مفهومها بتطور وظائف السلطة وأهدافها. والمفهوم المعاصر للتعرفة الکمرکیة یقوم على أنها إحدى المصادر الرئیسة للتمویل، ووسیلة تمکن الدولة من حمایة منتجاتها الوطنیة، والتدخل فی الحیاة الاقتصادیة و الاجتماعیة وتوجیه النشاط الاقتصادی.

   وللتطور الدستوری للدول الحدیثة فقد استقرت قاعدة دستوریة مهمة تعرف بقاعدة "قانونیة الضریبة" والتی مفادها ان فرض الضرائب و تعدیلها أو إلغاءها والإعفاء منها لا یتم إلا وفقاً لأحکام القانون. وهذا یعنی صدور القانون عن السلطة التشریعیة عملا بأحکام الدستور، وقد یأخذ هذا القانون اشکالاً عدة کقانون ضریبة الدخل، قانون ضریبة العقار، قانون الکمارک وقانون التعرفة الکمرکیة وغیرها.

 وقد اخذ المشرع العراقی بهذا المبدأ الدستوری المهم الذی انعکس فی القوانین العراقیة ذات الصلة بالضرائب مسایراً بذلک معظم التشریعات الضریبیة الحدیثة التی تأخذ بمبدأ قانونیة الضریبة. والتی تقرر بأن لا یصدر تکلیف ضریبی إلا بقانون، والذی بدوره یصدر عن السلطة التشریعیة .

   والاساس الذی تقوم علیه قانونیة الضریبة هی فکرة السیادة ، اذ ان الحدود الجغرافیة والسیاسیة تعدّ أسوارا مغلقة لا یجوز مرور البضائع و الخدمات عبرها إلا فی منافذ معینة على وفق القوانین والأنظمة التی تقررها الدولة بما لها من سیادة على إقلیمها، مع الاقرار بما حصل من تغیرات على فکرة السیادة نتیجة تبنی البلدان لنظام اقتصاد السوق وتکوین التکتلات الاقتصادیة وملائمة القوانین لقواعد التجارة الدولیة، اذ لم تبق فکرة السیادة مطلقة کما کان فی السابق.

    لذا تستحق التعرفة الکمرکیة بغض النظر عن اشکالها على البضائع جمیعها التی تمر عبر حدود الدولة، أی عندما تجتاز الخط الکمرکی على السکان من وطنیین أو أجانب جمیعهم بصرف النظر عن البلد الواردة منه او المصدرة إلیه إلا إذا کانت هناک اتفاقات تفضیلیة کمرکیة.

   وتعد التعرفة الکمرکیة من الضرائب غیر المباشرة لأنها تجبى نتیجة لفعل اقتصادی معین, الاستیراد أو التصدیر أو العبور، وتحدد أحکام التعرفة الکمرکیة وأسعارها بقوانین خاصة مثل قانون الکمارک الذی یبحث فی الأحکام العامة للضریبة، وقانون التعرفة الکمرکیة الذی یعین معدل الضریبة ونبستها للبضائع المختلفة التی تخضع للضرائب الکمرکیة.

  وإذا کان الأصل هو سریان قانون التعرفة الکمرکیة على السلع الخاضعة جمیعها، الا انه من الممکن أن یتضمن القانون معاملة کمرکیة خاصة لسلع دولة معینة , وتسمى التعرفة فی هذه الحالة بالتعرفة المزدوجة کما اشرنا الیها سابقاً. 

  وأمام ما یشهدها لعالم الیوم من تکتلات اقتصادیة، نلحظ انتشار ظاهرة التعرفة الکمرکیة المزدوجة والتعرفة الکمرکیة المتعددة وذلک بغیة تحقیق اعتبارات التکامل والتبادل التجاری بین الدول، وهذا ما یسوغ ظاهرة التکتلات الاقتصادیة التی تنطوی على معاملة کمرکیة خاصة لدول الاتحاد بالتسهیلات او الاعفاءات او التخفیضات التی یوفرها اتفاق الاتحاد، إذ نلحظ بأن هذه الدول تعامل بعضها البعض معاملة کمرکیة خاصة تنطوی على قسط کبیر من التسهیلات أو الإعفاءات أو التخفیضات فی بعض الأحیان.

   وتعد الضرائب الکمرکیة المتمثلة بالتعرفة الکمرکیة دیناً فی ذمة المستورد واجب الاداء لخزینة الدولة مع حق الاولویة فی اقتضائها باعتبارها من الدیون الممتازة، وینشأ هذا الدین بمجرد توفر الظروف التی ینص علیها القانون. وبعبارة اخرى متى ما تحققت الواقعة المنشئة للضریبة یعد هذا الدین مستحقاً. نستخلص من ذلک ان الرسم الکمرکی المتمثل بالتعرفة الکمرکیة اسوة بباقی النظم الضریبة تعد التزاماً قانونیاً یفرضه الدستور، ویستند على اساس سیادة الدولة وسلطانها، ویهدف الى تحقیق المصلحة العامة.

المطلب الثانی

علاقة التعرفة الکمرکیة بسیاسة التجارة الدولیة ومبررات الأخذ بها

    نتناول فی هذا المطلب دراسة السیاسة التجاریة الدولیة، ومسوغات الأخذ بالتعرفة الکمرکیة، فی فرعین متعاقبین, وبیان رأینا فی الموضوع.

الفرع الأول

علاقة التعرفة الکمرکیة بسیاسة التجاریة الدولیة

     من المعلوم ان السیاسة الکمرکیة تؤثر فی تقدم التجارة الخارجیة (الدولیة) والعلاقات الاقتصادیة المختلفة بین الدول مما تنعکس على حجم الانتاج والاستهلاک واسعار السلع المحلیة والاجنبیة. ترسم الدولة عادة السیاسة الکمرکیة فی مجال العلاقات التجاریة الدولیة، لتحقیق اغراض مختلفة منها حمایة القیم الوطنیة بما فیها حمایة الاسواق الوطنیة، او إعطاء الوضع الأمثل للإنتاج الوطنی ولاسیما حالات الإغراق من قبل منتوج أجنبی مستورد. والتعرفة الکمرکیة بهذا المعنى, هی التی تتحکم بشکل حاسم ومباشر فی عملیة التصدیر والاستیراد فی مجال العلاقات التجاریة الدولیة.

   وأما السیاسة التجاریة الخارجیة فی جانبها الاجرائی (القیود والتنظیمات) التی تتعلق بالتجارة الدولیة، فهی مجموع القیود التی تفرضها الدولة على حریة تدفق التجارة الخارجیة کفرض التعرفة الکمرکیة، او نظام الحصص والإعانات وغیرها. 

  ومن هنا یمکن تعریف سیاسة التجارة الخارجیة على أنها (مجموعة من الاستراتجیات والخطط التی تتبناها الدولة فی  تجارتها الخارجیة فضلاً عن الاجراءات والتدابیر التی تتخذها الدولة فی نطاق علاقاتها التجاریة مع الدول الأخرى بقصد تحقیق أهداف معینة)  وقد تکون هذه الاهداف اقتصادیة، أو سیاسیة، او اجتماعیة...الخ

   وتکون السیاسة التجاریة الخارجیة للدول على نوعین :

اولاً- سیاسة حریة التجارة : Free trade policy

     والمبدأ الاساس الذی تقوم علیه سیاسة تحریر التجارة الخارجیة، هو عدم تدخل  الدولة فی العلاقات التجاریة الدولیة، وخفض الرسوم الکمرکیة ورفع الحواجز التی تعیق تطور العلاقات التجاریة الخارجیة.

   لذا یمکن القول بأن حریة التجارة تتمثل فی تدفق السلع  والخدمات عبر الحدود الدولیة من دون قیود، وتقوم على الفکر التقلیدی المؤسس على فکرة التخصص فی النشاط الاقتصادی، ای تخصص الدولة فی انتاج السلعة التی لها میزة نسبیة بالنسبة لها مقارنة بالدول الاخرى، مما یعنی انتاجها بتکلفة اقل وحصولها على ما تحتا جها من سلع من غیرها من الدول بتکلفة ارخص مما لو أنتجتها هی بنفسها.

  لذا تتحقق اهداف التجارة الدولیة المتمثلة فی تبادل السلع والخدمات بین الدول. فإذا اعتمدت کل دولة سیاسة حمایة  صناعاتها المحلیة وأحجمت عن الاستیراد أو قلصت إلى الحد الأدنى وارداتها، ستجد نفسها عاجزة فی نهایة المطاف عن تصدیر فوائض إنتاجها، مع ما یمکن أن ینجم عن ذلک من رکود اقتصادی وتراجع فی مستوى الرفاهیة الاقتصادیة. فلن یکون بإمکان أیة دولة تصدیر فائض إنتاجها بصورة مستمرة دون أن تستورد فائض إنتاج الدول الأخرى، وتؤدی هذه السیاسة الحمائیة إلى إفقار الغیر نتیجة تعرقل حرکة تدفق السلع والخدمات بین الدول. و فضلاً عن ذلک، تقدم انصار سیاسة حریة التجارة مسوغات اخرى کثیرة منها: وجود الترابط  بین الانفتاح الاقتصادی وتحریر التجارة والنمو الاقتصادی علاوة على ما تحققه حریة التجارة من خفض لأسعار السلع المستوردة کنتیجة طبیعیة للحد من نشوء الاحتکارات الدولیة، وتؤدی حریة التجارة الى تشجیع التقدم الفنی والتکنولوجی وتحسین وسائل الانتاج، والمساهمة فی وصول المؤسسات الانتاجیة إلى أحجامها المثلى وفرص توسیع الإنتاج و الاستفادة من التخصص والتقسیم الدولی للعمل.

ثانیاً- سیاسة حمایة التجارة:

    والمبدأ الأساس الذی تقوم علیه سیاسة حمایة التجارة، هو تدخل الدولة فی المؤثرات الضروریة لتسهیل المبادلات التجاریة على وفق ما تفرضها مصالحها الاستراتجیة السیاسیة و الاقتصادیة والمالیة وغیرها.

    لذا یمکن القول، بان سیاسة حمایة التجارة هی الحالة التی تستخدم فیها الدولة سلطتها العامة للتأثیرفی حجم المبادلات الدولیة او اتجاهاتها او تسویتها، لذا تمثل مظهراً من مظاهر تدخل الدولة فی الحیاة الاقتصادیة فی فرض التعرفات الکمرکیة على الواردات لرفع أسعار السلع المستوردة محلیاً. إلا انه فی یومنا الحاضر تم استحداث ادوات وأسالیب متعددة لتدخل الدولة فی النشاط الاقتصادی والتجارة الدولیة، إذ أصبحت الحمایة أکثر شمولیة وامتدت  لتشمل کافة صور تدخل الدولة فی النشاط الاقتصادی.

   واذا کانت الحمایة التعرفیة تتمثل فی الضرائب الکمرکیة، فان الحمایة غیر التعرفیة تتعلق بأنواع الأنظمة والقوانین والممارسات والإجراءات کافة التی تطبقها الدولة، وتشکل فی الوقت نفسه عوائق امام التجارة الدولیة. لذا قدم انصار سیاسة حمایة التجارة مبررات مختلفة منها  اقتصادیة واخرى غیر اقتصادیة. وتتمثل أهم المسوغات الاقتصادیة فی حمایة الصناعات الوطنیة التی تنشأ لتمکینها من الصمود فی وجه الصناعات الأجنبیة الأکثر تطوراً، فضلاً عن دور سیاسة حمایة التجارة فی اجتذاب رؤوس الأموال الأجنبیة، ومعالجة مشکلة البطالة، وتنویع الانتاج، و المساهمة فی سد العجز فی میزان المدفوعات، وتعزیز موقع الدولة التفاوضی، و مکافحة سیاسة الإغراق، و عدها من مصادر إیرادات الدولة. فالتعرفة الکمرکیة فی رأی أنصار السیاسة الحمائیة وسیلة من وسائل الحصول على الإیرادات و زیادة الایرادات المالیة للدولة.

     واما اهم المسوغات غیر الاقتصادیة فهی التی تتعلق بالأمن الاقتصادی، والأمن الغذائی، والحفاظ على الهویة الوطنیة.   

ثالثاً : العلاقة بین حریة التجارة و حمایة التجارة:

   على الرغم من اختلاف وجهات النظر حول حریة التجارة وحمایتها،  فقد اخذت الدول فیها بصورة او بأخرى، لرفع مستوى رفاهیة شعبها، وزیادة دخلها القومی، ومعدلات النمو الاقتصادی بکلتی  السیاستین بشکل یحقق لها التخطیط و التنظیم و الأشراف والمراقبة على سیاستها فی التجارة الدولیة.

   لذلک یذهب رأی بحق الى ان التقسیم الثنائی للسیاسة التجاریة بین الحمائیة والحریة، وأن کان مقبولاً من الناحیة النظریة، إلا إن الواقع العملی یکشف عن مزیج بینهما، إذ یصعب الحدیث عن صورة مطلقة لهذه السیاسة التجاریة أو تلک. بل أن أکثر الدول دعوة وحماسة لتحریر التجارة الخارجیة، التی تحاول إلزام الدول الأخرى على اتباعها، تستخدم أسالیب و أدوات تندرج فی سیاق السیاسة الحمائیة کلجوء الولایات المتحدة وبعض الدول الاوروبیة، مثلاً، الى تقدیم الدعم لمنتجاتها الزراعیة. وتتفاوت درجات الحریة و الحمایة ذاتها تتسع و تضییق تبعاً للسیاسات الاقتصادیة والمالیة التی تتبعها کل دولة على حدة، على الرغم من غلبة الاتجاه لتحریر التجارة الیوم، فی ظروف العولمة المتزایدة وقیام منظمة التجارة العالمیة التی تقوم اساساً على مبدأ حریة التجارة والنفاذ الى الاسواق.

   وفی الواقع، لا یوجد دلیل تاریخی واحد یثبت على أن دولة ما تمکنت یوماً من تحقیق اقتصاد صناعی متقدم فی فتح أسواقها المحلیة بالمطلق أمام الواردات، من دون فرض نوعاً من الحمایة لمنتجیها بل وازنت البلدان دائماً فی سیاستها التجاریة الخارجیة بین حریة التجارة وحمایتها.                                    

الفرع الثانی

مسوغات الأخذ بالتعرفة الکمرکیة

   قدمت کثیر من المسوغات لفرض التعرفات الکمرکیة ومن أهمها: حمایة الصناعات الوطنیة، وتحقیق اقتصاد صناعی متقدم. وتؤدی الزیادة فی مستویات التعرفة الکمرکیة الى زیادة الدخل الحقیقی لعنصر الانتاج الذی یستعمل بکثافة فی انتاج الصناعة المنافسة للاستیرادات، وتؤدی فی الوقت نفسه الى انخفاض الدخل الحقیقی لعنصر الانتاج الذی یستعمل بکثافة فی الصناعات التصدیریة، وخاصة ما تسمى بالتعرفة المثلى، أی عندما تفرض الدولة رسوماً کمرکیة، فأن الاسعار فیها سوف ترتفع، فی حین تنخفض المبالغ التی تدفع للبائعین الاجانب. ومن المسوغات الأخرى هو تشجیع التوظف الکامل، یمکن أن تضیف التعرفات الکمرکیة الى مجموع التوظف للبلاد فی الامد القصیر، بتشجیعها لخلق فرص العمل فی الصناعات المنافسة للاستیرادات.

   و لا یمکن فی رأینا الاعتراض و بشکل مطلق على ما لحریة التجارة من مزایا تتعلق بتقسیم العمل والتخصص الدولی، ولکن هناک أهداف أخرى للمجتمع ینبغی العمل على تحقیقها ولو أدى الأمر الى التضحیة ببعض مزایا تقسیم العمل  والتخصص، للأسباب الأتیة:

1. ضرورة حمایة و دعم الصناعات الوطنیة للوقوف بوجه الصناعات  الاجنبیة و منافستها، وعدم تعرض البلد لحالة الإغراق بالسلع الردیئة و بقاء الأموال فی داخل البلد، فالصناعة المحلیة تمکن الدولة من الحصول على السلع المحلیة بدلاً من إنفاق الأموال على استیرادها من الخارج.
2. تؤدی الحمایة إلى توسع الصناعات الوطنیة وزیادة استخدام  العمالة المحلیة وتقلیل البطالة.
3. ضرورة التعرفة الکمرکیة لتعویض المنتج المحلی عن الفرق بین تکالیف الإنتاج فی داخل والخارج.
4. و فیما یتعلق الامر بالعراق، فلیس من مصلحته اتباع سیاسة حریة التجارة حالیاً، او استخدام رسم الأعمار البالغ (5%) منذ عام 2003 حتى الوقت الحاضر فی عالم تتبع معظم الدول فیه مبدأ الحمایة، إذ بلغت نسبة الرسم الکمرکی لأغلبیة دول الجوار الجغرافی بین (18-20) % وابتداءً من الحرب العالمیة الثانیة قیدت دول العالم أغلبها تجارتها الخارجیة وبوسائل متعددة.
5. تکون تکالیف الصناعات الوطنیة الناشئة مرتفعة فی مراحلها الاولى مما تجعلها فی وضع تنافسی صعب فی مقابل المستوردات المماثلة او المشابهة لذا تکون سیاسة الحمایة ضروریة حتى تصبح لهذه الصناعات قوة تنافسیة الى الحد الذی لا تصیبها اضراراً کبیرة عند تخفیض القیود الحمائیة او ازالتها.

   و نستخلص من ذلک کله، بأنه وفی ظل السیاسة الحمائیة لدول الجوار فان الصناعات الوطنیة عرضة للمنافسة الخارجیة لان الحد الاقصى للرسوم الکمرکیة المفرضة على وفق القانون العراقی هو( 5%) فحسب، الأمر الذی یمنح السلع الداخلة الى العراق میزة نسبیة ومعاملة تفضیلیة على السلع المحلیة المنافسة ویجعلها فی وضع غیر قادر على المنافسة، مما قد یؤدی فی النهایة الى اختفاءها من السوق المحلیة وما قد تترتب على ذلک من خسائر وقد تتم ازاحتها من السوق فی ظل هذه الأوضاع الصعبة التی تعیشها الصناعة المحلیة، بما فی ذلک من خسائر مالیة کبیرة یتحملها الاقتصاد الوطنی. و هناک أمثلة کثیرة على صناعات  وتکاد تنقرض، ومنها صناعة منتجات الالمنیوم  وصناعة الملابس الجاهزة و الطابوق وغیرها من الصناعات. 

   وینبغی ألا یغیب عن البال، بأن العراق حالیاً من اکثر الدول المستوردة للسلع والمواد الغذائیة ولاسیما الاساسیة منها والسلع الرأسمالیة والاستهلاکیة فی الوقت الذی یمر بمرحلة البناء وإعادة اعمار البنى التحتیة، وعلیه، یجب الأخذ بنظر الاعتبار بأن تطبیق قانون التعرفة الکمرکیة بشکل مطلق على السلع والمواد کافة فی غیاب المنتوج المحلی البدیل سوف تضعف القدرة التنافسیة لهذه المنتجات، و لا یحقق المنافع المرجوة منها وبالتالی قد تکون الحمایة عبئاً على الاقتصاد وعلى المستهلک. لأن تطبیق القانون بشکله المطلق یسهم حتماً فی رفع تکالیف المعیشة للمواطن ویضعف من قدرته الشرائیة من خلال ارتفاع اسعار السلع فی السوق المحلیة، ومن ثم یؤثر سلباً على مستوى الرفاهیة الاقتصادیة وخاصة لأصحاب الدخول المحدودة، لذا نوصی بتطبیق التعرفة الکمرکیة على السلع المستوردة التی لها بدیل فی الانتاج المحلی، وعدم تطبیقها على السلع الاخرى التی یحتاجها البلاد لإعادة الاعمار ولضمان وجود المنافسة. ومن استقراء الواقع العملی الاقتصادی والتجاری فی العراق فی ظل الظروف الراهنة و على المدى القریب  والمتوسط یحتاج العراق الى المزج بین السیاستین، سیاسة الحریة التجاریة والسیاسة الحمائیة، لأنه من الصعب الحدیث عن احدى السیاستین بصورة مطلقة بمعزل عن السیاسة الأخرى.

المبحث الثانی

التعرفة الکمرکیة و الحمائیة الوطنیة و الموقف من مفاوضات العراق للإنضمام الى منظمة التجارة العالمیة

   نتناول بالدراسة فی هذا المبحث التعرفة الکمرکیة وسیاسة الحمایة الوطنیة على أساس ان التعرفة الکمرکیة هی بحد ذاتها اداة لحمایة الاقتصاد الوطنی ولاسیما الصناعات الولیدة او الناشئة، ومن ثم نتطرق الى الموقف فی العراق وعملیة انضمامه الى المنظمة وآثار التعرفة الکمرکیة المحتملة, فی مطلبین على وفق الآتی.

المطلب الاول

حمایة الانتاج المحلی باستخدام التعرفة الکمرکیة

الفرع الاول

التعرفة کاساس لحمایة الانتاج المحلی

    تتعدد أسالیب حمایة الانتاج المحلی باستخدام وسائل التعرفة المختلفة، ولعل أهمها الحمایة بالتعرفة الکمرکیة المتعارف علیها وفق التبویب الکمرکی فی إطار نظام منسق للتعرفة الکمرکیة، وهی الوسیلة الاساسیة المشروعة فی ظل اتفاقات منظمة التجارة العالمیة، لما تحققها من الحمایة المطلوبة للإنتاج المحلی,

  وهذا ما یؤکده أهم المبادىء التی أقرتها اتفاقیة الجات بإلغاء القیود غیر التعرفیة، وحظر استخدامها إلا فی حالات محددة على سبیل الحصر، وضرورة الاعتماد على القیود التعرفیة فی المبادلات التجاریة على السلع عند نفاذها إلى الاسواق الدولیة.

   ومما ینبغی الاشارة إلیه هو ان جولات الجات التفاوضیة التی تمت منذ إنشاء اتفاقیة الجات 1947، وقبل توقیع اتفاقات جولة اورکوای، والبالغ عدها سبع جولات، تمکنت من تخفیض التعرفة الکمرکیة إلى نسبة(10%) فی المتوسط للسلع الصناعیة، بنسبة تتراوح ما بین (25–30%) للسلع الزراعیة، فی الدول الصناعیة، فی حین عکست اتفاقات جولة اورکوای التخفیضات الکبرى على متوسط التعرفة الکمرکیة، إذ وصلت إلى مستوى (40%) فی اسواق الدول المتقدمة، ولم یکن مستوى هذه التخفیضات ملزماً للدول النامیة.

    وعلیه هناک من یقول بأن اتفاقات جولة اورکوای فی مجال تخفیض التعرفة الکمرکیة وتثبیتها فی الدول النامیة، لم یحدد لها نسبة معینة للتخفیض، بل إنها کانت بشکل عام نتیجة للمفاوضات المتبعة (حالة فی مقابل حالة أخرى)، على وفق الظروف کل الدولة، فیما عدا بنود التعرفة الکمرکیة للسلع الزراعیة والمنسوجات و الملابس الجاهزة. 

  ویجب الا یغیب عن البال، بانه حتى منظمة (WTO) وتعطی فی اتفاقیات الحواجز الفنیة  (TBT)  للدول الحق فی وضع قوانین لحمایة المنتجات المحلیة فضلاً عن المستهلک.

الفرع الثانی

اوجه الحمایة

 و اما اوجه الحمایة التی توفرها التعرفة الکمرکیة فیمکن الاشارة الى ما یأتی:

اولاً: العلاقة بین التعرفة الکمرکیة والدخل القومی .

   للضرائب اثرها المباشر فی مستوى الدخل القومی، فهی تؤثر فی مستوى الانتاج و حوافزه، لذا ترتبط بالتنمیة الاقتصادیة ارتباطاً وثیقاً. ومن المعروف ان الاستیراد عامل یرتبط بمستوى الدخل القومی بعلاقة عکسیة. لذا یؤدی فرض التعرفة الکمرکیة (الرسوم الکمرکیة) الى انخفاض حجم الواردات، او انخفاض المیل للاستیراد، ومما یؤدی الى زیادة محتملة فی الدخل القومی. وتأتی زیادة الدخل القومی عن طریق تخفیض حجم الاستیراد، وارتفاع معدلات إنتاج السلعة التی کانت تستورد بالکامل سابقاً، و ایضاً عن بالفائض الذی یحصل علیه المنتجون من انخفاض تکالیف انتاجهم، والذی یتمثل فی الفرق بین السعر الذی یتعین على المستهلکین دفعه بعد فرض الرسم الکمرکی، وبین نفقة إنتاج السلعة داخلیاً. ومن الواضح ان ذلک یؤدی إلى إعادة توزیع الدخل القومی بین المنتجین والمستهلکین داخل الدولة ایضاً.

   و یتمثل الدخل القومی فی ما تستهلکه الامة او تضیفه الى مواردها الانتاجیة فی فترة معینة  من دون ان تتأثر القدرة الاقتصادیة لتوفیر مثل ذلک الدخل فی الفترة التالیة, لذا یعد حجم الدخل القومی مقیاساً سلیماً للمستوى المادی لرفاهیة المجتمع.

ثانیاً: العلاقة بین التعرفة الکمرکیة و القطاعین الزراعی و الصناعی:

  و التعرفة الکمرکیة بوصفها اداة للسیاسة الاقتصادیة تساهم فی تطویر البناء الاقتصادی، لذا، یجب ان تهدف السیاسة الاقتصادیة فی العراق و اقلیم کوردستان الى تحقیق التنوع فی الانتاج والانتقال بالاقتصاد العراقی من مرحلة الزراعة المجردة الى مرحلة الزراعة المتصلة بالصناعة من دون التقلیل من اهمیة الزراعة ذاتها, وان تراعى التعرفة المبادئ الاقتصادیة التی تحکم الانتاج الزراعی وحمایته فضلاً عن سیاسة التشجیع لتطویره. لذا تسهم السیاسة الکمرکیة فی التنمیة الزراعیة فی حمایة حاصلات الدولة من نباتات حیة وازهار وخضر و فواکه و غیرها بزیادة الرسوم الکمرکیة على الواردات من هذه المواد.

   واما فیما یتعلق بالقطاع الصناعی فمن الضروری ان توضع السیاسة الکمرکیة فی خدمة الصناعة الوطنیة و دعمها سواء بالإعفاءات الکمرکیة او تخفیضها بهدف التوسع الصناعی لیس لإشباع حاجات الاستهلاک المحلی فحسب بل التصدیر ایضاً و التوسع فی التجارة الخارجیة و استغلال مزایاها. و فی هذا السیاق, ذهب قانون التعرفة الکمرکیة العراقی الملغی الى اعفاء کثیر من المواد المستوردة من الآلات والمکائن و الاجهزة المستخدمة فی الصناعات الانتاجیة, وسلک قانون التعرفة الکمرکیة الجدید رقم ( 22) لسنة ( 2010) المعدل الذی لم ینفذ لحد الان نفس مسلک القانون الملغی متضمناً کثیر من التسهیلات و الاعفاءات, ولاسیما ان القانون الجدید قد اخذ  بنظر الاعتبار التسهیلات و الامتیازات التی جاء بها قانون الاستثمار العراقی الجدید رقم (13) لسنة (2006). فان التعرفة الکمرکیة اداة لحمایة المنتجات الوطنیة تبرز اثرها عندما تفرض على السلع المستوردة مما یؤدی الى ارتفاع اسعارها فی مقابل السلع المنتجة محلیاً مما تتیح الفرصة للمنتجین المحلیین فی تغطیة تکالیف الانتاج المرتفعة نسبیاً و توسیع نطاق الانتاج و تطویره. و اذا ما استطاعت الصناعات المحلیة من استغلال فترة الحمایة لتطویر و توسیع انتاجها و تخفیض تکالیفها فإنها تستطیع بعد ذلک الاستمرار فی النشاط حتى بعد تخفیض مستویات التعرفة الکمرکیة او حتى  بعد الغائها مع بقاء قدرتها على المنافسة من دون الحاجة الى استمرار الحمایة. و من هنا فان التکلفة الاقتصادیة التی یتحملها الاقتصاد الوطنی و المستهلک من جراء فرض الحمایة یقابلها النمو و التطور و التوسع التی یمکن ان یحصل فی الصناعة المحلیة والذی یمثل المنفعة الاجتماعیة التی توفرها الحمایة للصناعة ولاسیما وللاقتصاد الوطنی فی المحصلة النهائیة المستهلک.

   و مما تقدم، یمکن ابراز العلاقة بین التعرفة الکمرکیة و مواضیع اخرى مهمة ترتبط بها، کالادخار والاستهلاک فضلاً عن علاقتها بموارد الدولة المالیة ذات الصلة بالواردات و الصادرات, وتترتب على فرض التعرفة الکمرکیة یترتب علیه انخفاض معدلات الاستهلاک نتیجة لارتفاع الاسعار وبالمقابل زیادة فی الطاقة الادخاریة التی یمکن  توجیهها نحو الاستثمار. ونفس الشیء فیما یتعلق بالواردات، فان التعرفة الکمرکیة بوصفها من اهم الضرائب غیر المباشرة تمثل مصدراً مهماً للموارد المالیة للدولة و توفر الحمایة للمنتجات الوطنیة و لکنها تؤدی الى انخفاض فی معدلات الواردات، و بالمقابل فان فرض تعرفة کمرکیة منخفضة یؤدی الى زیادة الطلب الخارجی مما یترتب علیه انتعاش الصناعة المحلیة. وهکذا یلحظ بان التعرفة الکمرکیة یمکن استخدامها اداة لتحقیق اغراض مختلفة بین استخدامها اداة حمائیة للإنتاج المحلی او اداة للحد من الاستهلاک و التوجه نحو الادخار و التوظیف فی المجالات الاستثماریة المتاحة.

المطلب الثانی

العراق ومفاوضات الانضمام الى منظمة التجارة العالمیة (WTO)

الفرع الاول

مستلزمات انضمام العراق الى منظمة التجارة العالمیة (WTO)

   تستلزم محاولة انضمام العراق الى منظمة التجارة العالمیة(WTO) وخضوعه لشروط صندوق النقد الدولی (IMF) إعادة هیکلة اقتصاده وفق هذه الالتزامات لذا ینبغی البحث عن افضل السبل لمواءمة اجراءات الکمارک مع منظمة التجارة الدولیة ومنظمة الکمارک العالمیة (WCO). ان هذه المحاولة بحد ذاتها تشکل تحدیاً کبیراً للعراق ولاسیما فی ظل الاوضاع السیاسیة والامنیة الخطیرة التی یمر بها حالیاً.

   وقبل ان نبین مستلزمات الانضمام الى منظمة التجارة العالمیة لابد من بیان بان مسألة الانضمام لیست بالعملیة السهلة من ناحیة، والآثار التی تترتب على الانضمام قد تکون مکلفة بالنسبة للعراق فی ظل الوضع الاقتصادی الصعب الذی یعانیه من غیاب البنیة التحتیة الصناعیة والزراعیة، او الانتاجیة والخدمیة بشکل عام. لان الانضمام لا یتعلق بسیاسة التعرفة الکمرکیة فحسب وانما الخضوع للاتفاقیات الداخلة جمیعها فی اطار منظمة التجارة العالمیة ومنها فتح الحدود امام البضائع والخدمات الاجنبیة وتطبیق قواعد الاستثمار الدولیة والملکیة الفکریة وغیرها ولاسیما اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار المبادئ الواجب تطبیقها فی علاقات العراق التجاریة مع الدول الاخرى من اتباع سیاسة الرعایة الوطنیة والدولة الاولى بالرعایة  وسیاسة عدم التمییز. ومع ذلک فأنه من الصعب البقاء خارج المنظمة الدولیة التی تتحکم بالتجارة الدولیة مما یتطلب الانضمام حسابات معقدة ودراسات دقیقة لواقع الاقتصاد العراقی، لذا فان عملیة الانضمام الى منظمة التجارة العالمیة عملیة معقدة وطویلة، وبعد ان قدم العراق فی نهایة عام 2003 طلباً للانضمام الى المنظمة، حصل على صفة عضو مراقب. وانطلاقاً من هذا یمکن تلخیص متطلبات عملیة انضمام العراق الى المراحل الاربع الآتیة:-

المرحلة الاولى : المفاوضات متعددة الاطراف/فریق العمل.

المرحلة الثانیة : المفاوضات الثنائیة بشأن السلع.

المرحلة الثالثة : المفاوضات الثنائیة بشأن الخدمات.

المرحلة الرابعة : المفاوضات متعددة الاطراف بشأن الزراعة.

   ویتمثل التحدی امام العراق فی المرحلة الاولیة للانضمام اعداد مذکرة حول نظام تجارته وملحقاته، لتشکل بذلک قاعدة لاجتماعات فریق العمل والمفاوضات متعددة الاطراف. ویجب ان تتضمن المذکرة وملحقاتها على وثائق تتناول وصفاً للنظام السیاسی والقضائی والتنظیمی فیما یتعلق بالتجارة الخارجیة فی السلع والخدمات والملکیة الفکریة والاستثمار ومشتریات الحکومة، وتحتوی على معلومات تتعلق بالسیاسات الاقتصادیة واحصاءات خاصة بالمشتریات واحصاءات اقتصادیة، فضلاً عن معلومات عن کیفیة اتخاذ القرارات فی العراق.

   اما فی المرحلة الثانیة فعلى العراق ان یقدم عرضه الاول الذی یتعلق بالسلع ویتضمن السقوف الکمرکیة التی یقترحها العراق لجمیع المنتجات الزراعیة المنتجات غیر الزراعیة معظمها التی یتبعها فی الوقت الراهن و الرسوم الکمرکیة التی یعتمدها او التی سوف یعتمدها.

   وتتضمن المرحلة الثالثة تقدیم عرضه الاول المتعلق بتجارة الخدمات. والمرحلة الرابعة والاخیرة وتتضمن اعداد تقریر عن الدعم المحلی ودعم الصادرات.

الفرع الثانی

تثبیت التعرفة الکمرکیة

   وسنرکز فی دراسة هذا الفرع على المرحلة الثانیة، التی تتعلق بموضوع هذا البحث، وهی مرحلة اعداد الالتزامات المحددة فی مجال السلع (تثبیت التعرفة الکمرکیة).

   قبل الولوج فی دراسة هذا الموضوع، لابد من الاشارة الى موضوع تحدید قیمة البضائع المستوردة  والمصدرة لاستیفاء الرسوم الکمرکیة ولأغراض التثبیت الکمرکی، کما هو مطلوب من العراق دولیاً و ای الطرق یعتمدها  قانون الکمارک العراقی النافذ بهذا الشأن.

   اولت مؤسسات الکمارک و الکثیر من التشریعات وعدید من الاتحادات الاقتصادیة الدولیة اهتماماً خاصاً بموضوع القیمة فی ارساء قواعد لتحدیدها والتحقق من صحة قیم البضائع المستوردة تحقیقاً لمبدأ عدالة فرض الرسوم الکمرکیة. ومع ذلک فلا زال الخلاف قائماً بین الکثیر من الاتفاقیات المتخصصة والتشریعات النافذة بصدد کیفیة تحدید القیمة، فنجد على سبیل المثال اعتماد اتفاقیة مجلس التعاون الکمرکی فی بروکسل لعام 1950 على اساس نظریة القیمة، ای السعر الاعتیادی الذی یتحقق فی سوق منافسة حرة بین البائع والمشتری  الى حدود بلد الوصول، والمقصود بالقیمة بحسب اتفاقیة بروکسل هو ثمن البضاعة نقداً على اساس احتساب عنصری القیمة وهما الزمان والمکان، وان تکون الصفقة قد تمت فعلاً عندما تم تحدید قیمة البضاعة فی السوق الحرة بین البائع والمشتری اللذین لا توجد بینهما مصلحة مشترکة، مضافاً الیها المصاریف المتعلقة بتسلیم البضاعة الى میناء الوصول مثل اجور الشحن والتأمین. ونصت المادة السابعة من الاتفاقیة العامة للتجارة والتعرفة الکمرکیة فی هذا السیاق على انها (قیمة السلعة المستوردة هی ثمنها فی مکان الصنع او الشراء ولیس فی بلد اخر لان اسعار السلع تختلف من بلد الى آخر ومن مصنع الى آخر).

   وتوجب اتفاقیة بروکسل على المستورد ان یثبت صحة القیمة بموجب المستندات المقدمة واستناداً الى اسعار السوق المتوفرة فی حین ان القیمة بموجب الاتفاقیة العامة للتجارة (الکات) والآن منظمة التجارة العالمیة (WTO) تقبل کما هی مالم یکن هناک دلیل مادی یثبت خلاف ذلک. ویتضح من هذین المفهومین للقیمة ان هناک خلاف جوهری بینهما یتعلق بزمان و مکان تحدید القیمة واستحقاق الرسوم الکمرکیة، إذ تعتمد اتفاقیة بروکسل على القیمة فی میناء الوصول (فی بلد الاستیراد) فی حین تعتمد الاتفاقیة الثانیة على القیمة فی مکان الصنع او الشراء (بلد المنشأ او التصدیر).

   اما فی القانون الکمرکی العراقی، فیمکننا معرفة کیفیة تحدید قیمة البضاعة لأغراض استیفاء الرسوم الکمرکیة فی تعریف القیمة و عناصرها والقواعد المعتمدة لتحدیدها و المنصوص علیها فی الباب الخامس من الفصل الثالث من قانون الکمارک العراقی رقم 23 لسنة 1984 المعدل. فقد تناولت المادة (34) من القانون المبدأ الاساس لاحتساب قیمة البضاعة لغرض تحدید مقدار الرسوم الکمرکیة المترتبة علیها، إذ نصت على انه: (القیمة الواجب التصریح عنها فی الاستیراد للاستهلاک و للأوضاع المعلقة للرسوم هی الثمن العادی للبضاعة (الکلفة مضافاً الیها اجور النقل و التأمین)). لذا یکون المشرع العراقی قد اخذ بمبدأ اتفاقیة مجلس التعاون الکمرکی فی بروکسل فیما یتعلق بتحدید القیمة من ناحیة المکان و هو میناء الوصول. اما تحدید القیمة للبضائع المصدرة فهذا ما نص علیه القانون بالقول: (تعتبر القیمة المصرح عنها فی التصدیر قیمة البضائع وقت تسجیل البیان الکمرکی مضافاً الیها جمیع النفقات حتى خروج البضاعة من الحدود ولا تشمل هذه القیمة الرسوم والضرائب المفروضة على التصدیر، وکذلک الضرائب الداخلیة وضرائب الانتاج وغیرها مما تسترد عند التصدیر).

   لذا، فالمحور الاساس امام العراق فی مفاوضات تثبیت التعرفة الکمرکیة یقوم على اسلوب (العرض و الطلب)، بمعنى ان یقوم العراق بعد احراز تقدم فی عرض السیاسة التجاریة بأعداد عرض (التثبیت الکمرکی)، الذی یتم توزیعه على الدول الاعضاء تمهیداً لمفاوضات ثنائیة او جماعیة و تقدیم طلبات الى العراق لتثبیت التعرفة الکمرکیة للسلع التی تهم الطرف الآخر تصدیریاً الى الصفر او ما یقارب منه.

ویتم تثبیت التعرفة الکمرکیة بثلاث طرائق فی مفاوضات الانضمام هی:

أ‌.التثبیت على النسب الحالیة  المطبقة (ویلحظ ان هذا الخیار متوقف العمل به حالیاً بسبب تعلیق العمل بنظام الرسوم الکمرکیة وفقاً  لقرار سلطة الائتلاف المؤقتة المرقم (38) لسنة 2003. الخاص بفرض ضریبة اعادة الاعمار على اجمالی قیمة البضائع المستوردة بنسبة (5%) کما اشرنا الیه سابقاً), ومن هنا یتجلى بوضوح مدى ضرورة الاسراع فی تطبیق قانون التعرفة الکمرکیة الجدید.

ب‌.       التخفیض ثم التثبیت الکمرکی، ویتم ذلک استجابة للضغوط التی یجریها الشرکاء التجاریین. مع المحافظة فی تلک المفاوضات على المصالح العراق الاقتصادیة قدر الامکان، ومن هنا تبرز اهمیة القوة التفاوضیة للعراق.

ج. التثبیت على حدود علیا عن النسب المطبقة حالیاً، ویعطى هذا الاسلوب حریة للحرکة فی  المستقبل نحو امکانیة زیادة التعرفة الکمرکیة من دون الرجوع الى الاطراف الاخرى وتعویضهم على وفق النص المادة (28) من اتفاقیة الکات، وهذا الاسلوب هو الطریق الوحید لتعدیل و زیادة التعرفة الکمرکیة المثبتة بعد تقدیم الالتزامات و اقرارها, ویجب ان  یراعى عند تقدیم العرض من العراق معاییر یجب اخذها بنظر الاعتبار عند وضع حدود التثبیت الکمرکی، ومنها:

1. حمایة الانتاج الوطنی: من الاهمیة تقییم احتیاجات الصناعة الحالیة والمستقبلیة عند بحث التثبیت الکمرکی، اذ ان الوسیلة الاساسیة للحمایة فی اطار اتفاقات التجارة هی التعرفة الکمرکیة، وبناءً على ذلک فأنه فی الاختیارات الثلاثة السابقة الاشارة الیها لتثبیت التعرفة الکمرکیة یجب تحدید البنود الکمرکیة المطلوب حمایتها لتکون حدود التثبیت مرتفعة.
2. حصیلة التعرفة الکمرکیة: تؤدی التعرفة الکمرکیة فی بعض الدول ولاسیما النامیة منها دوراً مهماً فی حجم الحصیلة الحکومیة، لذا یفضل الابقاء على بعض البنود مرتفعة لتحقیق هذا الهدف، وفی بعض الحالات یقتضی هذا الهدف اعادة هیکلة التعرفة الکمرکیة بخفض بعض بنودها و زیادة البعض الآخر.
3. الاثار الاخرى على الاقتصاد الوطنی: تؤثر التعرفة الکمرکیة على بعض قطاعات الاقتصاد الوطنی من حیث الناتج المحلی الاجمالی، میزان المدفوعات وسوق العمالة......الخ،  سبق وان اشرنا الیها.

     من هذا کله اهمیة التعرفة الکمرکیة و دورها الحاسم فی النشاط الاقتصادی کماً و نوعاً، و التعرفة الکمرکیة بهذا المعنى سلاح ذو حدین، فهی اهم وسیلة من وسائل  الحمایة من ناحیة ومصدراً مهماً من مصادر تمویل الخزینة العامة فی حالة استخدامها من الدولة، و وسیلة خطرة فی الوقت نفسه فی حالة تخفیض معدلاتها او ازالتها وفقاً لمتطلبات التجارة الدولیة فتصبح باب الدولة مفتوحة على مصراعیها امام تدفقات السلع و البضائع المنافسة للمنتجات الوطنیة التی قد لا تکون لها القدرة على المنافسة مما یسبب اضراراً بالغةبالاقتصاد الوطنی مما یتطلب التعامل معها بحکمة و جدیة بشکل یحقق التوازن المطلوب بین اضرار التعامل معها و فوائدها.  

الخاتمـة

بعد هذه الدراسة لابد ان ننهیها بخاتمة نسجل فیها ما توصلنا الیها من استنتاجات وما نقدمه من توصیات.

أ‌.       الاستنتاجات:

1. تتضمن الحمایة تکلفة یتحملها المستهلک والاقتصاد الوطنی مقابل المنفعة المتوقعة من جراء تمکین الصناعة الوطنیة من تراکم الخبرة والمعرفة وتحقیق التطور المطلوب وتخفیض تکالیف الانتاج الناجمة عن ارتفاع الانتاجیة لکی یتم فیما بعد تخفیض ومن ثم إلغاء هذه الرسوم لحین تصبح الصناعة الوطنیة قادرة على المنافسة من دون الحاجة الى هذه الرسوم، واذا لم تستطع الصناعة الوطنیة استغلال فترة الحمایة لرفع مستوى انتاجها وتطویر النوعیة والجودة وتوسیع الانتاج واستغلال طاقاتها الانتاجیة القائمة فأن الاقتصاد الوطنی والمستهلک یتحملان تکلفة الحمایة من دون تحقیق المنافع المرجوة منها ومن ثم تکون الحمایة عبئاً على الاقتصاد وعلى المستهلک.
2. ینبغی للعراق البحث عن افضل السبل لمواءمة اجراءات الکمارک مع منظمة التجارة الدولیة ومنظمة الکمارک العالمیة لتعزیز فعالیة الادارة الکمرکیة وتقدیم المساعدة لوضع تدابیر التنسیق والتبسیط من خلال قیامها بوضع نظام الترمیز والتوصیف المنسق للسلع لتصنیفها.
3. ان للتعرفة الکمرکیة انواع متعددة والدول تختلف عادة عن بعضها عند وضع سیاسة التعرفة الکمرکیة بما یتلاءم و وضعها الاجتماعی و مدى حاجتها الى السلع، إذ  انها تعتبر فی الواقع نظاماً یوضع لتنفیذ السیاسة الاقتصادیة وتعد ایضاً الحارس الامین لثروة البلاد.
4. أولت التشریعات المنظمة للتعرفة الکمرکیة أهمیة خاصة لدرجة أن عدید من الدول قد أبرمت معاهدات خاصة فیما بینها بقصد توحید نظام التعرفة الکمرکیة کما هو الشأن مثلاً، عند دول الاتحاد الاوربی فی مجال الاقتصاد، و کذلک الاتفاقیة العامة للتعرفة و التجارة General Agreement On Tariff And Trade (GATT 1947).
5. ترسم السیاسة الکمرکیة سیاسة الدولة فی مجال العلاقات التجاریة الدولیة، وحمایة لبعض القیم الوطنیة بما فیها حمایة الاسواق الوطنیة، او إعطاء الوضع الأمثل للإنتاج الوطنی حتى لا یسوده الإغراق من قبل منتوج أجنبی مستورد، والتعرفة الکمرکیة هی التی تتحکم بشکل حاسم ومباشر فی عملیة التصدیر والاستیراد فی مجال العلاقات التجاریة الدولیة.
6. یعد الاساس القانونی للرسم الکمرکی بالتعرفة الکمرکیة اسوة بباقی النظم الضریبة التزاماً قانونیاً یفرضه الدستور، ویستند الى اساس سیادة الدولة وسلطانها، ویهدف الى تحقیق المصلحة العامة.
7. حدد المشرع العراقی قیمة البضاعة لأغراض استیفاء الرسوم الکمرکیة فی تعریف القیمة و عناصرها والقواعد المعتمدة لتحدیدها المنصوص علیها فی الباب الخامس من الفصل الثالث من قانون الکمارک العراقی رقم 23 لسنة 1984 المعدل، و یبدو ان المشرع العراقی اخذ بمبدأ اتفاقیة مجلس التعاون الکمرکی فی بروکسل فیما یتعلق بتحدید القیمة من ناحیة المکان و هو میناء الوصول.

أ‌-    التوصیات:

1. العمل على موائمة التشریعات العراقیة مع المعاییر الدولیة والایفاء بالالتزاماتوالشروط  الواردة فی اتفاقیات منظمة التجارة العالمیة الخاصة بالکمارک (الاتفاقیة العامة للتجارة و التعرفة الکمرکیة واتفاقیة قواعد  المنشأ والتقییم الکمرکی).
2. ضرورة تحقیق التوازن الصحیح بین تطبیق قانون التعرفة الکمرکیة بوصفها وسیلة لحمایة المنتجات المحلیة من جهة، و حاجة العراق الفعلیة فی الوقت الحاضر الى الاعمار وحمایة الصناعات الوطنیة لأعمار البنى التحتیة  وحاجتها للمواد الاولیة وحاجة السوق المحلیة للسلع المستوردة من جهة اخرى.
3. نوصی المشرع العراقی بإعادة النظر فی قانون الکمارک العراقی رقم 23 لسنة 1984المعدل، ولاسیما المواد التی تتعلق بتصنیف المواد وترتیبها وتعریفه لکل تصنیف، وإلغاء بعض مواد القانون التی لا تنسجم مع التحول الاقتصادی و الدیمقراطی الذی یراعی حقوق الانسان، والغاء القرارات المجحفة وغیر الانسانیة التی أصدرها النظام السابق فی ظروف غیر طبیعیة، وهی قرارات تعسفیة لا جدوى منها، کعقوبة الاعدام للجرائم الاقتصادیة مثل القرار المرقم (76) لسنة 1994، والقرار رقم(95) لسنة 1994 اللذان صدرا لتعدیل الفقرة(اولاً) من المادة (194) من قانون الکمارک رقم 23 لسنة 1984المعدل، ونأمل بان یضیف المشرع فقرة او مادة تنص على حظر دخول الملابس والفرش والاثاث المستعملة لکونها واسطة لنقل الامراض الخطیرة، لکونه لا توجد مثل هذا النص فی القانون، فلا بد من معالجة هذا النقص.    
4. یجب ان یکون قانون التعرفة الکمرکیة العراقی رقم 22 لسنة 2010 بالقدر و المستوى الذی یلغی فرق السعر بین السلعتین المحلیة و الاجنبیة حتى لا تکون السلعة الاجنبیة مفضلة من حیث السعر على السلعة المحلیة. وأن تکفی نسبة الرسم الکمرکی (التعرفة الکمرکیة) لتغطیة تکلفة انتاج السلعة المحلیة وتمکن من تصریف الانتاج المحلی وتحقیق الربح وهذا ما یعرف بـ(Made to Measure tariff) ای یفصل الرسم على قدر حاجة السلعة المحلیة للحمایة.
5. نوصی بمراجعة و تعدیل قرار رقم 38 لسنة 2003 الصادر عن سلطة الائتلاف المؤقتة (المنحلة) فی العراق، الخاص بفرض ضریبة إعادة الاعمار على اجمالی قیمة البضائع المستوردة بنسبة 5%. لما لهذا القرار من تداعیات سلبیة على الاقتصاد العراقی وما ینجم عن تطبیقه من خسائر فادحة نتیجة الاستیراد المفتوح (العشوائی) الذی تسبب فی اغراق البلد بالبضائع الاجنبیة الردیئة، و توقف اکثر معامل القطاع الخاص والعام عن الانتاج لعدم قدرتها على منافسة البضائع المتدفقة للسوق العراقیة.
6. نوصی بإصدار الانظمة والتعلیمات ذات الصلة بتطبیق قانون التعرفة الکمرکیة و قانون حمایة المنتجات الوطنیة، بصورة سلیمة وتحدید مدى تطبیقهما لکی تؤدی الکمارک دورها فی تحریر التجارة و ازالة القیود غیر الکمرکیة لأهمیتهما.

The Authors declare That there is no conflict of interest

References (Arabic Translated to English) and References (English)

A. References in Arabic:
First: Books:
1. Dr. Abu Al-Yazid Ali Al-Matait, Indirect Taxes, Modern University Office, Alexandria, 1987.
2. Dr. Istvan B. Mackie, International Trade, d. Hassan Ali Bakr, and the presentation of d. Walid Ismail Seifu, Higher Education Press, Baghdad, 1990.
3. Dr. Ayad Abdul-Jabbar Maluki and others, Financial and Commercial Legislation, Dar Al-Tasni for Printing and Publishing, Al-Maheyat Technical Institute Press, Baghdad, 1985.
4. Dr. Hikmat al-Hares, Tax Policy, Dar al-Nahda al-Arabiya, Cairo, 1974.
5. Hilmi Al-Bassiouni, Customs Tax Calculations, University House for Printing, Publishing and Distribution, 1986.
6. Dr. Other than Abdul-Jaber Khallaf, customs restrictions and the development of foreign trade of developing countries, Arab Thought House, Cairo, without the year of publication.
7. Dr. Delaware Ali and Dr. Mohammed Taha Badawi, Origins of Tax Law, Introduction to Tax Laws Study, Egyptian Printing House.
8. Dr. Rizkallah Antaki, Customs Legislation, Syrian University Press, 1951.
9. Dr. Zakaria Ahmed Nasr, International Economic Relations, Cairo, 1966.
10. Dr. Sami Enify Hatem, Foreign Trade Between Endoscopy and Organization, First Book, The Egyptian Lebanese House, Cairo, 1991.
11. Said Aboud al-Samarrai, The Financial Policy in Iraq, 1, The Judicial Press, Najaf, 1976.
12. Dr. Salah Eddin Namik, International Trade Policies, Ain Shams Library, Cairo, 1978.
13. Dr. Abdul Gawad Nayef, Economics of Public Finance and Financial Policy, University Press, Baghdad, 1967.
14. Dr. Medhat Kazem Al-Quraishi, Protection and Industrial Growth in Iraq, 1, Arab Institute for Studies and Publications, Beirut, 1982.
15. Dr. Mohamed Diab, International Trade in the Era of Globalization, Al-Manhal Lebanese Center for Studies and Documentation, Beirut, 1 st, 2010.
16. Dr. Mohamed Sayed Abed, International Trade, Library and Printing of Artistic Radiation, Alexandria, 2001.
17. Mohamed Abbas Zaki and Anwar Abdelkalek, Free Zones and their Impact on Foreign Trade - Comparative Study, The Arab Renaissance Press, Egypt.
18. Harry Schatt, New Democracy, Alternatives to a Global Regime Crashing, Arabic Translation, World Book Company, Beirut, 2003.
19. Youssef Al-Ariani, Customs Exemptions Note and Action, Press Publishing House of Culture, Alexandria, 1953.

Second: Messages and Notes:
1 - Sadiq Abdul-Moin Abdul Latif Al-Ani, Analysis of the effectiveness of tax policy in the Iraqi economy during the period of economic siege, Master Thesis, Faculty of Management and Economics, University of Mustansiriya, 2001.
2 - Talal Mahmoud Kaddawi, Customs Taxation and its Role in Economic Development in Iraq, Master Thesis submitted to the Faculty of Management and Economics, University of Mosul, 1982.
3 - Abdul Hadi Abdullah Hardan, General Agreement on Tariffs and Trade, ...., PhD thesis, Faculty of Law - Cairo University, 1999.
4- Mohammed Sami Younis Al-Asali, Exemptions from Customs Tax, Comparative Study, with Special Reference to Iraqi Legislation, Master Thesis, Introduction to the Faculty of Law, Mosul University, 2004.
5- Dr. Naguib Qlara, The Customs Tariff as a Tool for Economic Policy, Dissertated Dissertation, Al-Ma'aref Establishment, Alexandria, 1965.

Third: Research and Articles:
1- Dr. Khalid Saad Zaghloul, Al-Gatt and the Path to the World Trade Organization and its Impact on the Economies of the Arab Countries, Research published in the Journal of Law, Kuwait, Kuwait University, second issue, the twentieth year, 1996.
2- Abdul Sattar Jabbar Shaker Al-Ani, The Role of Law and Customs Administration in Combating Smuggling, Research Presented to the Financial and Accounting Center of the Ministry of Finance, 1998.
3- Dr. Mohsen Helal, Development of Syrian Exports in Light of the New International Trading System - Damascus Chamber of Commerce - 1996.
4- Mohammed Ali Al-Maghlawi, Accounting and Taxes in Arab Socialism, Research presented to the Second Tax Conference, 14-19 March 1964, United Arab Emirates Tax Authority, 1964.
5- Munir Shaker Mohammed, Customs Taxation in Iraq Comparative Study, Section II, The Journal of Customs, No. 85, February, 1979.
6 - Hashim Mohammed Saleh, customs tariff - C2, research published in the Journal of Customs, Iraq, No. 84, 1978, the twenty-fourth year.

Fourth: Laws and Conventions:
1- The Iraqi Federal Constitution of 2005.
2- The Iraqi Customs Tariff Law No. 77 of 1955.
3. The amended Iraqi Customs Law No. 23 of 1984.
4- The Iraqi Customs Tariff Law No. 22 of 2010.
5- Coalition Provisional Authority (dissolved) No. 38 of 2003 regarding the IRR and its amendments.
6. Coalition Provisional Authority (dissolved) No. 54 of 2004 on Trade Liberalization Policy for 2004.
7. General Agreement on Trade and Customs Tariff (CAT).
8- The Egyptian Customs Law No. 66 of 1963.
9- The Syrian Customs Law promulgated by Law No. 9 of 16/7/1975.
10- The Jordanian Customs Law No. (20) for the year 1998.

Fifth: Iraqi facts:
- The Iraqi Chronicle, No. 2985 on 19/3/1984.
- Iraqi Chronicle, No. 3343, 18/2/1991.
 - Iraqi Chronicle, No. 3368, 26 August 1991.
- Iraqi Chronicle No. 3378 on 4/11/1991.
 - The Iraqi Chronicle No. (4170) on 6/12/2010.

B. In English:
1. Evans; P. and J. Walsh, The Eiu (Economist intelligence unit) Guide to The New GATT (London: E14, 1994).
2. H. G: International Economics, 1st Edition, Richard Dirwin, Inc., 1997.
3. peter. F. Draker, The changed world Economy foreign affairs, Vol 64. No 4, Spring 1986.
4. P. Linderer and A. Pugel, International Economics, 10th Edition, R. donneller and sons company, 1996.