أحکام الذمة المالیة للزوجة | ||
الرافدین للحقوق | ||
Article 1, Volume 19, Issue 60, June 2014, Pages 1-60 PDF (0 K) | ||
Document Type: بحث | ||
DOI: 10.33899/alaw.2014.160751 | ||
Authors | ||
یسرى ولید ابراهیم* ; حبیب ادریس عیسى | ||
القسم الخاص، کلیة الحقوق، جامعة الموصل، الموصل، العراق | ||
Abstract | ||
تعرف الذمة المالیة للزوجة بأنها مجموع ما لها من حقوق وما علیها من التزامات مالیة سواء أکانت موجودة فعلاً أم ستوجد فی المستقبل. وهی محل اعتباری افتراضی لا تقدر بالمال لأنها لیست مادیة، والذی یُقَّوَمُ بالمال هو عناصرها وهی الحقوق والالتزامات المالیة، وتعد الذمة المالیة للزوجة الضمان العام للوفاء بدیون دائنیها. ویلتقی الفقه القانونی مع الفقه الإسلامی فی الذمة المالیة من حیث تطلبهما لوجود شخصیة لإسناد الذمة المالیة إلیها. ویختلف الفقه القانونی عن الفقه الإسلامی من وجوه عدیدة أهمها: تعد ذمة المدین فی الفقه الإسلامی وصفاً تشمل الحقوق والواجبات المالیة وغیر المالیة، فی حین لا تشمل ذمة المدین فی الفقه القانونی سوى الحقوق والالتزامات المالیة. وتبدأ الذمة المالیة فی الفقه الإسلامی بشخص المدین وتنتهی بأمواله، فی حین تبدأ الذمة المالیة فی الفقه القانونی بأموال المدین وتنتهی بشخصه، وتبدأ الذمة المالیة ببدء حیاة الجنین فیکون له ذمة قاصرة إذ تثبت له الحقوق التی لا تتوقف على قبوله، وإذا ولد حیاً تتکامل ذمته المالیة. وتبقى الذمة المالیة للزوجة بعد موتها قائمة حتى تصفى ترکتها وتوفى دیونها وتنفذ وصایاها وتوزع الباقی إلى ورثتها. وأخیراً للزوجة ذمة مالیة مستقلة کالرجل، وهذا من مقتضى المساواة بینهما فی الإنسانیة والتکریم. وللزوجة أن تتصرف بعناصر ذمتها المالیة من دون قید أو شرط من أحد علیها إذا کانت بالغة وعاقلة ورشیدة، وإن کان یستحسن مشاورة زوجها للمحافظة على وحدة الأسرة ودیمومتها. | ||
Keywords | ||
الذمة المالیة; الزوجة; النفقه | ||
Full Text | ||
أحکام الذمة المالیة للزوجة-(*)- Financial provisions of the wife
(*) أستلم البحث فی 9/9/2013 *** قبل للنشر فی 31/12/2013. (*) Received on 9/9/2013 *** accepted for publishing on 31/12/2013 . Doi: 10.33899/alaw.2014.160751 © Authors, 2014, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license (http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).
المستخلص تعرف الذمة المالیة للزوجة بأنها مجموع ما لها من حقوق وما علیها من التزامات مالیة سواء أکانت موجودة فعلاً أم ستوجد فی المستقبل. وهی محل اعتباری افتراضی لا تقدر بالمال لأنها لیست مادیة، والذی یُقَّوَمُ بالمال هو عناصرها وهی الحقوق والالتزامات المالیة، وتعد الذمة المالیة للزوجة الضمان العام للوفاء بدیون دائنیها. ویلتقی الفقه القانونی مع الفقه الإسلامی فی الذمة المالیة من حیث تطلبهما لوجود شخصیة لإسناد الذمة المالیة إلیها. ویختلف الفقه القانونی عن الفقه الإسلامی من وجوه عدیدة أهمها: تعد ذمة المدین فی الفقه الإسلامی وصفاً تشمل الحقوق والواجبات المالیة وغیر المالیة، فی حین لا تشمل ذمة المدین فی الفقه القانونی سوى الحقوق والالتزامات المالیة. وتبدأ الذمة المالیة فی الفقه الإسلامی بشخص المدین وتنتهی بأمواله، فی حین تبدأ الذمة المالیة فی الفقه القانونی بأموال المدین وتنتهی بشخصه، وتبدأ الذمة المالیة ببدء حیاة الجنین فیکون له ذمة قاصرة إذ تثبت له الحقوق التی لا تتوقف على قبوله، وإذا ولد حیاً تتکامل ذمته المالیة. وتبقى الذمة المالیة للزوجة بعد موتها قائمة حتى تصفى ترکتها وتوفى دیونها وتنفذ وصایاها وتوزع الباقی إلى ورثتها. وأخیراً للزوجة ذمة مالیة مستقلة کالرجل، وهذا من مقتضى المساواة بینهما فی الإنسانیة والتکریم. وللزوجة أن تتصرف بعناصر ذمتها المالیة من دون قید أو شرط من أحد علیها إذا کانت بالغة وعاقلة ورشیدة، وإن کان یستحسن مشاورة زوجها للمحافظة على وحدة الأسرة ودیمومتها.
Abstract The Wife Financial disclosure define as all she have from rights & financial obligations if was be existence in present time or n future. Financial disclosure cannot estimate by financial value but its elements can be estimate. wife Financial disclosure represented general guarantee for all debaters, the legal and Islamic law scholars both of them met n requirement independent legal personality to tracing back the Financial disclosure to it. But both of them disagree in some points like in Islamic law the disclosure contain the financial and non financial duties and rights but in law the disclosure contain just financial duties & rights, in Islamic law the Financial disclosure starting with the debtor & ending with his financial funds but in law the disclosure starting in the debtor financial funds & ending with his personality. The Financial disclosure starting with fetus in restricted way when establish to him such rights don’t need his acceptance. If the fetus born alive then will acquire full disclosure. When The wife death its disclosure will still till liquidate all his debits, the will executed & its legacy disrupted on his inheritors. At last the wife have independent disclosure like male that’s belong to principal of equality between of them & for principle of Honoring the Divine. The wife can acting in his financial funds without any restrictions if she was adult, rational & reasonable but prefer to asking her husband in some matters to saving the family unified.
المقدمـة الحمد للهِ رب العالمین والصلاة والسلام على مُحَمَدٍ وعلى آله وأصحابه الطیبین الطاهرین. وبعد. فقد تمیز الفقه الإسلامی بمذاهبه المختلفة بمبدأ استقلال الذمم عن بعضها، إذ تختص کل ذمة بحقوقها والتزاماتها، وبناءً على ذلک تتمتع الزوجة بذمة مالیة مستقلة ومنفصلة عن ذمة زوجها، فأموالها والتزاماتها خاصة بها ولا علاقة لزوجها بها ولا یحق له التدخل بطلب الاشتراک فی ذمة زوجته بأن یقاسمها ملکیة الحقوق سواء أکانت شخصیة أم عینیة، أو یطلب من زوجته تسدید التزاماته المالیة ما لم یتم ذلک بموافقتها ورضاها. وبناءً على ما تقدم یضم موضوع البحث المعنون بأحکام الذمة المالیة للزوجة الفقرات الآتیة: أولاً: أهمیة البحث. تظهر أهمیة البحث فی خلال استقلال ذمة الزوجة عن ذمة زوجها، إذ تستقل عن زوجها بتحصیل الأموال سواء أکان بالعمل أم المیراث وتتولى إنفاقه فی جوانب حیاة زوجها المختلفة سواء أکان بشراء عقار أم منقول أم بمشارکته بالإنفاق ما لم تنفق لوحدها بصورة مستقلة عن الزوج. ثانیاً: مشکلة البحث. هناک کثیر من المشاکل التی أفرزتها الحیاة فیما یخص تمتع الزوجة بذمة مالیة مستقلة ومنفصلة عن زوجها، إذ کثیرا ما یطلب الزوج من زوجته مشارکتها فی الحقوق المالیة التی تملکها مثلاً مناصفتها فی ملکیة عقار تملکته بالشراء أو المیراث، أو مساهمتها فی نفقات البناء للعقار الذی یشیده من دون أن یثبت تلک المشارکة قانونا فی سند العقار، بل وأکثر من ذلک فقد تنفق لوحدها على بناء هذا العقار من دون أن یکون لزوجها أی مشارکة مالیة فیه. ثالثاً: هدف البحث. یهدف البحث إلى تحقیق أمور عدیدة من أهمها:1.إبراز مکانة المرأة فی الشریعة الإسلامیة.2.تجسید دور الزوجة وأهمیة ما تقوم به انطلاقاً من فاعلیة عملها وتأثیرها فی داخل الأسرة.3.صیاغة بعض أراء الفقه الإسلامی ضمن نصوص قانونیة مقترحة تضمن للزوجة حقوقها المالیة المشترکة مع زوجها.
رابعاً: فرضیة البحث. استقلال الذمة المالیة للزوجة وانفصالها عن الذمة المالیة لزوجها، وبعبارة أخرى استقلال ملکیة أموالها بصورة منفصلة عن زوجها، فلا یحق له طلب مشارکتها فیما تملک وکیفیة إنفاق هذه الأموال، ولا یحق له مطالبتها الوفاء بالتزاماته المالیة، فعبء الوفاء بها یقع علیه هذا من ناحیة، ومن ناحیة أخرى لا یملک الزوج الوفاء بالتزاماتها المالیة فتلک الالتزامات خاصة بها، ولکن یجوز ذلک بموافقتها ورضاها، فیحق لها مشارکة زوجها فی الحقوق والالتزامات المالیة للمحافظة على وحدة الأسرة واستمرارها. خامساً : نطاق البحث. یقتصر البحث على تنظیم أحکام الذمة المالیة للزوجة فی نطاق القانونالمدنی العراقی، بتسلیط الضوء على التصرفات المالیة للزوجة سواء أکانتمعاوضات أم تبرعات. لذا یخرج من نطاق البحث عن الأمور التی تتعلق بقانون الأحوال الشخصیة العراقی.
سادساً: منهج البحث. یعتمد البحث على المنهج المقارن، إذ سیتم مقارنة القانون المدنی العراقی بالفقه الإسلامی للتوصل إلى الآراء المناسبة التی تمثل موقف الرأی الغالب لهذا الفقه وصیاغتها ضمن نصوص قانونیة مقترحة لموضوع البحث.
سابعاً: هیکلیة البحث. لقد تم توزیع البحث على وفق ما یأتی:
المبحث الأول: ماهیة الذمة المالیة للزوجة. المطلب الأول: تعریف الذمة المالیة للزوجة. المطلب الثانی: عناصر الذمة المالیة للزوجة. المطلب الثالث: خصائص الذمة المالیة للزوجة. المبحث الثانی: طبیعة الذمة المالیة للزوجة ووقت نشوئها وانتهائها. المطلب الأول: طبیعة الذمة المالیة للزوجة المطلب الثانی: وقت نشوء الذمة المالیة للزوجة. المطلب الثالث: وقت انتهاء الذمة المالیة للزوجة. المبحث الثالث: تصرف الزوجة بأموالها. المطلب الأول: إنفاق الزوجة لأموالها. المطلب الثانی: معاوضات الزوجة. المطلب الثالث: تبرعات الزوجة.
المبحث الأول ماهیة الذمة المالیة للزوجة تتمتع کل زوجة بحقوق یقررها القانون ویحمیها، لکن بالمقابل هناک التزامات علیها القیام بها، وقد جمعت فکرة الذمة المالیة بین حقوق الزوجة والتزاماتها، ولتوضیح ماهیة الذمة المالیة للزوجة سیتم تقسیم هذا المبحث على ثلاثة مطالب على وفق ما یأتی : المطلب الأول : تعریف الذمة المالیة للزوجة. المطلب الثانی : عناصر الذمة المالیة للزوجة. المطلب الثالث : خصائص الذمة المالیة للزوجة.
المطلب الأول تعریف الذمة المالیة للزوجة لبیان حقیقة الذمة المالیة للزوجة ینبغی بحث معناها فی الاصطلاح اللغوی، والفقه الإسلامی، والاصطلاح القانونی، فی ثلاثة فروع على وفق ما یأتی : الفرع الأول : تعریف الذمة المالیة للزوجة فی الاصطلاح اللغوی. الفرع الثانی : تعریف الذمة المالیة للزوجة فی اصطلاح الفقه الإسلامی. الفرع الثالث : تعریف الذمة المالیة للزوجة فی الاصطلاح القانونی.
الفرع الأول تعریف الذمة المالیة للزوجة فی الاصطلاح اللغوی الذمة: لغةً العهد لأن نقضه یوجب الذم، والمذمة: الحق والحرمة، لما جاء فی الحدیث الشریف عن عَمْرِو بن شُعَیْبٍ عن أبیه عن جَدِّهِ قال: قال رسول اللَّهِ : "الْمُسْلِمُونَ تَتَکَافَأُ دِمَاؤُهُمْ یَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ "، أی إذا أعطى أحد المسلمین عهداً للعدو بالأمان سرى ذلک فی حق المسلمین جمیعاً، فلیس لهم أن ینقضوا عهده. والذمة: الکفالة والضمان، ویصف به المکان أیضاً فیقال: هذا المکان مذمَّم: أی له حرمة، وتعنى والذمة الأمان لما جاء فی الحدیث الصحیح عن أَنَسِ بن سِیرِینَ قال: سمعت جُنْدَبَ بن عبد اللَّهِ یقول: قال رسول اللَّهِ: "من صلى الصُّبْحَ فَهُوَ فی ذِمَّةِ اللَّهِ". و(الذمی) هو المعاهد الذی أعطى عهدا للمسلمین لیأمن به على نفسه وماله وعرضه ودینه وجاء فی قوله (سبحانه وتعالى): {لاَ یَرْقُبُونَ فِی مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً وَأُوْلَـئِکَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ}. وإذا کنا نتفق مع فقهاء اللغة العربیة على أن الذمة تطلق على: العهد، والأمان، والحرمة، والضمان، والکفالة، فأننا لا نتفق معهم على أنها تطلق أیضاً على الحق ذاته؛ لأن الذمة تمثل محل الحق ولیس الحق ذاته.
الفرع الثانی تعریف الذمة المالیة للزوجة فی اصطلاح الفقه الإسلامی لقد اختلف الفقه الإسلامی فی تعریفهم للذمة المالیة للزوجة وانقسموا إلى ثلاثة اتجاهات وعلى وفق ما یأتی:
الاتجاه الأول: یرى أصحابه أن الذمة هی وصف اعتباری مقدر وجوده فی الزوجة تجعلها أهلاً لأن تکون لها حقوق وعلیها واجبات. ویرون أیضاً أن الذمة خاصة بالإنسان لقوله تعالى: (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّکَ مِنْ بَنِی آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّیَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّکُمْ قَالُوا بَلَى...). فهذه الآیة الکریمة إخبار عن عهد جرى بین الله (سبحانه وتعالى) وبین بنی آدم (علیه السلام)، والإشهاد علیهم دلیل على أنهم یؤاخذون بموجب إقرارهم من أداء حقوق الله (سبحانه تعالى) علیهم، فلا بدّ إذن من وصف یکونون به أهلاً للوجوب وهو الذمة بالمعنى اللغوی والشرعی، وهو وصف خاص بهم دون غیرهم. لذا فلا ذمة للحیوانات. ویساوی هذا الاتجاه بین الذمة المالیة للزوجة وأهلیة الوجوب. ویعرف أحد الفقهاء المعاصرین الذمة المالیة للزوجة بأنها محل اعتباری فی الزوجة تشغلها الحقوق التی تتحقق علیها، وفیما یأتی توضیح لهذا التعریف: فقوله (محل اعتباری): تصور لحلول الحقوق فی الذمة المالیة، وثبوتها فیها وهذا المحل لیس محلاً مادیاً وإنما هو اعتباری افتراضی لا وجود له فی الأصل. وقوله (فی الزوجة) بیان لاختصاص الذمة بشخصیتها، أما الجمادات والحیوانات فلا ذمة لها. وقوله (تشغلها الحقوق) بیان للفائدة من هذا الافتراض فی المحل فلولا تعلق الحق بالزوجة لما احتجنا إلى افتراض هذا المحل ولا فرق فی هذا بین حقوق الله (سبحانه وتعالى) وحقوق العباد سواء أکانت مالیة أم غیر مالیة. وقوله (التی تتحقق علیه): أی مهما کان سببها ومن المعلوم أن کل زوجة تثبت لها ذمة، وعلیها حقوق مختصة بها هذا من ناحیة. ومن ناحیة أخرى التی لا نتفق فیها أنه لا تثبت الذمة أو الأهلیة للجنین فی بطن أمه إلا بعد ولدته حیاً؛ لأننا أوضحنا آنفاً أنه تثبت للجنین ذمة مالیة وأهلیة وجوب ناقصة، فتثبت له الحقوق المالیة کالوصیة أو الهبة أو المیراث أو الوقف. وهناک علاقة وثیقة بین الذمة المالیة وبین أهلیة الوجوب إذ تثبت للجنین قبل الولادة ذمة مالیة وأهلیة وجوب ناقصة، إذ یمکن أن تثبت للجنین حقوق مالیة غیر متوقفة على قبوله کالوصیة أو الهبة أو المیراث أو الوقف، وهذا ما ذهب إلیه بعض الفقهاء المسلمین. ونتفق مع الرأی القائل:على الرغم من العلاقة الوثیقة والتقارب بین الذمة المالیة للزوجة وأهلیة الوجوب إلا أنهما لیسا بمعنى واحد بل یختلف أحدهما عن الآخر؛ إذ تعنی الذمة المالیة للزوجة الوعاء الذی یتضمن حقوق الزوجة والتزاماتها المالیة، فی حین تعنی أهلیة الوجوب صلاحیة الزوجة لاکتساب الحقوق وتحمل الالتزامات، وبعبارة أخرى أهلیة الوجوب هی الصلاحیة والذمة محل لتلک الصلاحیة. الاتجاه الثانی: ذهب بعض الفقهاء إلى أنه یراد بالذمة نفس الزوجة، والنفس إما أن تکون صالحة للتکلیف أو غیر صالحة للتکلیف، ولهذا فسرت المادة (612) من مجلة الأحکام العدلیة الذمة بالذات. وعرف أحد فقهاء المالکیة الذمة بوصفها نفسها صالحة للتکلیف على أنها معنى شرعی مقدر فی المکلف قابل للإلزام والالتزام. فهذا الرأی یساوی بین الذمة المالیة للزوجة وأهلیة الأداء، وهذا محل نظر؛ لأنه قد خلط بین الشیء الحال وبین محله إذ إن تسمیة نفس الزوجة بالذمة من قبیل تسمیة المحل باسم الشیء الذی حل فیه، فنفس الزوجة محل للذمة المالیة، وتعلق الحقوق والالتزامات بنفس الزوجة نقل من النفس إلى محلها وهی الذمة المالیة. ویلحظ أن مساواة الذمة المالیة للزوجة بأهلیة الأداء کلام غیر دقیق؛ لأن ذلک یلزم القول: بأن الصغیرة لا ذمة لها، لأنها معدومة لأهلیة الأداء وهذا غیر صحیح، لأن الصغیرة لها ذمة مالیة. فمن ناحیة قد تثبت لها حقوق مالیة على غیرها على وفق أهلیة الوجوب الناقصة کالمیراث والوصیة والهبة والوقف، وقد یثبت للغیر علیها حقوق مالیة کضمان المتلفات. ومن ناحیة أخرى فالذمة المالیة للزوجة غیر أهلیة الأداء؛ وتعنی أهلیة الأداء صلاحیة الزوجة فی مباشرة التصرفات على وجه یعتد به شرعاً، أما الذمة المالیة فهی ما یثبت للزوجة من حقوق والتزامات مالیة، فضلاً عن ذلک تشترط لصحة أهلیة أداء الزوجة أن تکون عاقلة وممیزة، فی حین لا یشترط ذلک فی الذمة المالیة للزوجة، وبعبارة أخرى تعنی أهلیة الأداء صلاحیة الزوجة، أما الذمة المالیة فهی محل لتلک الصلاحیة، وهذه الصلاحیة مرحلة لاحقة على مرحلة تحقق الذمة المالیة للزوجة وأهلیة وجوبها. ویشترط بعض الفقهاء لتحقق الذمة المالیة للزوجة أن تکون بالغةً ورشیدةً، وعلیه إذا کانت الزوجة صغیرة أو سفیهةً أو محجوراً علیها أو مفلسةً فلا ذمة لها. فی حین لا یشترط البعض الآخر لتحقق الذمة المالیة للزوجة أن تکون بالغةً ورشیدةً. ونرجح الرأی الثانی؛ ذلک لأن هذه الشروط خاصة بمن یکون کامل أهلیة الأداء، وقد ذکرنا آنفاً اختلاف أهلیة الأداء عن الذمة المالیة للزوجة فی أن الذمة المالیة للزوجة تعد الوعاء الذی تتجمع فیه الحقوق والالتزامات المالیة، أما أهلیة الأداء فهی صلاحیة الزوجة لمباشرة التصرفات الواردة على الحقوق والالتزامات المالیة، إذن فالذمة المالیة للزوجة سابقة على أهلیة أدائها وهی لاحقة علیها. وبناءً على ما تقدم یمکن توضیح الفرق بین الذمة المالیة للزوجة وأهلیة الوجوب وأهلیة الأداء على وفق ما یأتی:
الاتجاه الثالث: قال بعض الفقهاء الأصولیین: إن الذمة أمر زائد لا معنى له فهم لا یعترفون بوجودها لأنها من مخترعات الفقهاء ویعبرون بها عن وجوب الحکم على المکلف، فالإنسان مکلف له حقوق وعلیه واجبات فلا تخرج الذمة عن معناها اللغوی أی العهد، فالحق الذی لشخص على آخر ما هو إلا التزام التزمه أو تعهد به لآخر، إذ أمره الشارع بالوفاء ومکن الدائن من المطالبة به. وهناک من رد على أصحاب هذا الاتجاه بالقول: إن الذمة المالیة للزوجة ثابتة بالإجماع فمن أنکرها فهو مخالف للإجماع؛ لأنه تثبت الذمة للإنسان بولادته إذ یکون صالحاً لثبوت الحقوق المالیة بإجماع الفقهاء. فهم یساوون بین الذمة المالیة للزوجة وأهلیة الوجوب. وهذا الرد فیه میزة وملاحظة أما المیزة فهی إثبات الذمة المالیة للزوجة، وأما الملاحظة فهی مساواة الذمة المالیة بأهلیة الوجوب، ونوجه لهذه الملاحظة الانتقادات المذکورة آنفاً، ولا حاجة لتکررها. على الرغم من إنکار أصحاب هذا الاتجاه للذمة إلا أنهم یعترفون بها ویعرفونها بأهلیة الأداء؛ إذ لا یلزم العهد إلا البالغ العاقل، فهم وقعوا فی تناقض مع أنفسهم لأنهم ینکرونها ولا یعترفون بها ثم یعرفونها على أنها أهلیة الأداء ویستشف من کلامهم، فالذمة هی محل الوجوب إذ تشتغل بالوجوب علیها حتى یقوم الشخص بتفریغها بالأداء، وتکون أمواله جمیعها ضامنة لهذا الأداء، فمرحلة تفریغ الذمة متأخرة عن مرحلة اشتغالها. ویرى أحد فقهاء الامامیة المعاصرین أن التعاریف المذکورة آنفاً تجعل من الذمة المالیة للزوجة شیء افتراضی مقدر الوجود وهذا شیء صحیح، لکن فی الوقت نفسه یؤخذ علیها أنها تخلط بین الذمة المالیة والعهدة، ویرى: بأن بین الذمة المالیة والعهدة عموماً ولا سیما من وجهٍ، إذ یجتمعان فیرتبط المال الکلی بالعهدة والذمة معاً، کما لو أتلفت زوجة مال غیرها فقد انشغلت ذمتها بالمال وانشغلت عهدتها به لوجوب إفراغ ذمتها وأداء المال. وقد یختلفان بان توجد عهدة (وعاء التکلیف فقط) من دون انشغال للذمة، کما فی نفقة الأقارب الواجبة على الزوجة، فعهدة الزوجة مشغولة بالنفقة، فی حین لیست ذمتها مشغولة بها، لذا لا ضمان علیها لو ترکت فماتت مثلاً إذا لم تؤخذ هذه النفقة (التی عصى ولم یعطها إلى مستحقها) من ترکتها هذا من ناحیة. ومن ناحیة أخرى قد توجد ذمة مالیة من دون عهدة، کما فی الطفلة التی أتلفت مال غیرها فانشغلت ذمتها بالمال فحسب، ولا یکون على عهدتها شیء؛ لعدم تکلیفها ـ وهی طفلة ـ بشیء من التکالیف، وکذلک الأمر بالنسبة إلى المجنونة. یستدل مما تقدم على أن الفقه الإسلامی یختلف فی تعریف الذمة المالیة للزوجة اختلافاً شکلیاً من حیث اللفظ فی کونها إما وصفٌ شرعیٌ أو أمرٌ اعتباریٌ أو افتراضیٌ أو معنى یقدر وجوده فی الزوجة أی بوصفها محلاً للحقوق والالتزامات المالیة، لکنه یتفق من حیث معنى الذمة المالیة للزوجة ومضمونها فی کونها محلاً صالحاً لثبوت الحقوق والالتزامات وبها تصیر الزوجة أهلاً لذلک. بصرف النظر عن اختلاف الذمة المالیة عن أهلیة الوجوب وأهلیة الأداء. وبناءً على ما تقدم نتفق مع البعض وتعریف الذمة المالیة على وفق الآتی: الذمة المالیة هی مجموع ما یثبت للزوجة من الحقوق والالتزامات المالیة فی الوقت الحاضر أو المستقبل.
الفرع الثالث تعریف الذمة المالیة للزوجة فی الاصطلاح القانونی أما بالنسبة لموقف التشریعات الوضعیة حول الذمة المالیة للزوجة، فلم ینظم المشرع العراقی الذمة المالیة للزوجة فی القانون المدنی العراقی رقم (40) لسنة 1951 النافذ بل أشار إلیها فی مواقف متفرقة هی: إذ تنص المادة (350) منه على أنه:"تبرأ ذمة المحال علیه من الدین بأداء المحال به أو بحوالته إیاه على آخر أو بالإبراء أو الهبة أو باتحاد الذمة أو بأی سبب آخر یقتضی الالتزام"، وتنص المادة (418) منه على أنه: "فی الدین الواحد إذا اجتمع فی شخص واحد صفتا الدائن والمدین انقضى الدین لاتحاد الذمة بالقدر الذی اتحدت فیه". وتنص المادة (419) منه على أنه: "ذا زال السبب الذی أدى إلى اتحاد الذمة وکان لزواله أثر رجعی عاد الالتزام إلى الوجود هو وملحقاته بالنسبة لذوی الشأن جمیعاً، ویعد اتحاد الذمة کأن لم یکن"، وتنص الفقرة الأولى من المادة (526) منه على أن: "الثمن ما یکون بدلاً للمبیع ویتعلق بالذمة"، وتنص المادة (1008) منه على أن: "الکفالة ضم ذمة الى ذمة فی المطالبة بتنفیذ التزام"، وتنص المادة (1317) على أنه:" إذا انقضى الرهن التأمینی باتحاد الذمة فی المرتهن أو فی مالک العقار، ثم زال سبب انتقال حق المالک أو حق الرهن وکان لزواله أثر رجعی عاد الرهن بحالته"، ونص المشرع العراقی على أنه ینقضی أیضاً الرهن الحیازی بأحد الأسباب الآتیة وذکر منها: "ب. إذا اجتمع حق الرهن مع حق الملکیة فی ید شخص واحد، یعود الرهن إذا زال سبب اتحاد الذمة بأثر رجعی". وتلک الحال بالنسبة لمشرع القانون المدنی المصری رقم (131) لسنة 1948 النافذ ومشرع القانون المدنی الأردنی رقم (43) لسنة 1976 النافذ ومشرع القانون المدنی الیمنی رقم (41) لسنة 2002 النافذ إذ لم ینظموا الذمة المالیة کالمشرع العراقی بل أشاروا إلیها فی موقف متفرقة. وبالنسبة لفقهاء القانون فقد اختلفوا فی تعریفهم للذمة المالیة على وفق ما یأتی: إذ یعرف أحد الفقهاء بأن الذمة المالیة هی ما للزوجة من حقوق وما علیها من التزامات منظورا إلیها کمجموع. یلحظ على هذا التعریف أنه لم یتضمن أبرز خصائص الذمة المالیة إذ لم یذکر أن تکون هذه الحقوق والالتزامات ذات قیمه مالیة ولم یذکر أن الذمة المالیة تضم الحقوق والالتزامات المالیة فی الحاضر والمستقبل. ویعرف غیره الذمة المالیة بأنها مجموع ما یکون للزوجة من الحقوق والالتزامات المالیة. یلحظ على هذا التعریف انه أهمل أحد الخصائص الأساسیة للذمة المالیة إذ لم یذکر أن تضم الذمة المالیة الحقوق والالتزامات المالیة فی الحاضر والمستقبل. وعرفت الذمة المالیة أیضا بأنها مجموعة الأموال والدیون التی تتعلق بالزوجة فی وقت معین. یلحظ على هذا التعریف انه قد عبر عن عناصر الذمة المالیة بأنها دیون وأموال بدلا من الحقوق والالتزامات وأنه قد حددها بوقت معین فی حین تشمل الذمة المالیة الحقوق والالتزامات المالیة فی الحاضر والمستقبل. وعرفت کذلک بأنها مجموع ما یتعلق بالزوجة من حقوق مالیة أو علیها فی الحال أو الاستقبال. وهناک من یعرف الذمة المالیة للزوجة بأنها مجموع ما للزوجة من حقوق وما علیها من التزامات ذات قیمة مالیة فالذمة المالیة هی مجموع الحقوق والالتزامات والحقوق تکون الجانب الایجابی أما الالتزامات فإنها تکون الجانب السلبی. ویلحظ على هذا التعریف أن فیه أطالة غیر مبررة، وقد رکز على عناصر الذمة المالیة،ولم یذکر أهم خصائصها وهو أن الذمة المالیة تضم الحقوق والالتزامات المالیة فی الحاضر والمستقبل. ونتفق مع بعض فقهاء القانون الذین یعرفون الذمة المالیة للزوجة على أنها مجموع ما للزوجة من حقوق وما علیها من التزامات مالیة موجودة فعلاً أو ستوجد فی المستقبل. لأن هذا التعریف جامع ومانع لعناصر الذمة المالیة وخصائصها. وتتمثل أهمیة الذمة المالیة للزوجة، أی حقوقها والتزاماتها المالیة فی النقاط الآتیة: أولاً: أدى استقلال الذمة المالیة عن شخصیة الزوجة إلى تخلیص الزوجة من فکرة ضمان الدین ینصب على شخصیتها أی على جسدها سواء أکان بالاسترقاق أم بالقتل. ثانیاً: للذمة المالیة للزوجة أهمیة کبیرة من الناحیة القانونیة والعملیة، لأن الذمة المالیة للزوجة تشکل الضمان العام لدیون المدین جمیعها، وکلما زادت حقوق الزوجة المالیة ازداد الضمان لحقوق الدائنین واطمأنوا إلى کفاءة مدینهم المالیة، إذ تنص المادة (260) من القانون المدنی العراقی النافذ على أن: "1.أموال المدین جمیعها ضامنة للوفاء بدیونه 2.وجمیع الدائنین متساوون فی هذا الضمان إلا من کان له منهم حق التقدم طبقا للقانون". ویشمل حق الضمان العام أموال المدین الحاضرة التی توجد فی ذمته وقت حلول میعاد الوفاء، وإذا کانت هذه الأموال لا تکفی لسداد دیونها فتقسم قسمة غرماء بین الدائنین العادیین، فی حین إذا کان الدائنون لهم حق امتیاز فإنهم یستوفون حقهم قبل الدائنین العادیین، لذا یکون للدائنین حق خاص فضلاً عن حقهم فی الضمان العام. ثالثاً: إن حق الضمان العام بما یقرره من حمایة للدائنین لا تمنع الزوجة المدینة من التصرف فی أموالها، أی تبقى لها حریة التصرف فیها، لأن الدیون تتعلق بذمتها المالیة ولیس بأعیانها ومفرداتها، وفی ذلک فائدة مشترکة للزوجة المدینة والدائن إذ تستطیع الزوجة المدینة تنمیة أموالها مما یزید من قدرتها على الوفاء بدیونها. ومع ذلک یستطیع الدائنون لحمایة حقهم من تصرفات مدینهم الضارة بحقوقهم اللجوء إلى الدعوى غیر المباشرة أو دعوى عدم نفاذ التصرف: رابعاً: أخیراً تبرز أهمیة الذمة المالیة للزوجة فی مبدأ لا ترکة إلا بعد سداد الدین، مفاده أنه لا یمکن أن تستقر العناصر الإیجابیة من الترکة للورثة إلا بعد سداد دیون مورثتهم.
المطلب الثانی عناصر الذمة المالیة للزوجة تتکون الذمة المالیة للزوجة من عنصرین أساسیین هما العناصر الموجبة والعناصر السالبة وسیتم توضحیهما على وفق ما یأتی: الأول- العناصر الموجبة للذمة المالیة للزوجة: وتسمى أیضاً بأصول الذمة المالیة للزوجة وتضم الحقوق المالیة المقررة للزوجة الموجودة فی الحال أو المستقبل، وسواء أکانت هذه الحقوق حقوقاً عینیة کملکیة شیء معین أم حقوقاً شخصیة کالدیون التی تترتب للزوجة تجاه غیرها. الثانی- العناصر السالبة للذمة المالیة للزوجة: وتسمى أیضاً بخصوم الذمة المالیة للزوجة وتتضمن الالتزامات المالیة التی تترتب علیها فی الحال أو المستقبل منظور إلیها کمجموع، کالتزامها بمبلغ من المال أو القیام بعمل لمصلحة غیرها. وتشکل هذه الحقوق والالتزامات جمیعها وحدة واحدة قائمة بذاتها أو مجموعة قانونیة یطلق علیها أسم الذمة المالیة للزوجة. ولا تقتصر الذمة المالیة على الحقوق والالتزامات المالیة العائدة للزوجة فی وقت من الأوقات فحسب وانما تتضمن أیضاً الحقوق والالتزامات المقبلة. فهی أشبه بوعاء تنصب فیه الحقوق والالتزامات التی تتغیر باستمرار فیزول بعضها ویتغیر بعضها لکن من دون أن یؤثر ذلک فی مفهوم الذمة المالیة للزوجة. فقد تتغیر عناصر الذمة المالیة للزوجة المتمثلة بالحقوق والالتزامات باستمرار فهی تزید وتنقص، فإذا زادت حقوق الزوجة عن التزاماتها أی العناصر الایجابیة (الأصول) على العناصر السلبیة (الخصوم) کانت موسرةً وقد تزید الالتزامات على الحقوق فتکون معسرةً. وتعد العلاقة بین هذین العنصرین علاقة وثیقة فیضمن العنصر الأول أی الأموال للوفاء بالعنصر الثانی أی الدیون، وإذا لم تشغل الذمة المالیة للزوجة بأی حق أو التزام کانت فارغة، وقد تتعادل العناصر الإیجابیة مع العناصر السلبیة، وقد یکون للزوجة حقوق ولیس علیها أی التزام وقد تکون علیها التزامات ولیس لها أی حقوق، ولا یتأثر فی الأحوال جمیعها وجود الذمة المالیة للزوجة فهی تبقى ثابتة على الرغم من التغیرات التی ترد علیها. المطلب الثالث خصائص الذمة المالیة للزوجة ترتبط الذمة المالیة بالزوجة ارتباطاً وثیقاً وتعد خاصة من خصائصها، وهی تمثل الجانب المالی والاقتصادی من شخصیتها. ومن الترابط بین الذمة المالیة للزوجة والشخصیة یمکن استخلاص أهم خصائص الذمة المالیة للزوجة على وفق ما یأتی : أولاً : الذمة وعاء وهی صفة أو محل اعتباری افتراضی، لا تقدر بالمال لأنها لیست مالیة ولا حسیة حتى یتم تقویمها بالمال، وإنما الذی یُقَّوَمُ بالمال هو محتویاتها وعناصرها أی الحقوق والالتزامات المالیة نتیجة لثبوت هذه الصفة لها، وسواء أکانت الحقوق عینیة أم شخصیة. ولا یدخل فی نطاقها تلک الحقوق التی لا یمکن تقویمها بالمال، کالحقوق السیاسیة، وحقوق الأسرة، والحقوق الشخصیة اللصیقة بالإنسان. ثانیاً : ینظر إلى الذمة المالیة للزوجة بوصفها مجموعة قانونیة متجردة ومتمیزة عن العناصر التی تدخل فی نطاقها، أی أن عناصر الذمة وهی الحقوق والالتزامات تذوب فیها وتفقد ذاتیتها، وتظهر الذمة المالیة للزوجة وتسمو على العناصر إذ یکون لها کیان وذاتیة مستقلة عنها. ثالثاً : لا تثبت الذمة المالیة إلا للشخص القانونی سواء أکان شخصاً طبیعیاً کالزوجة أم معنویاً کالشرکة. مما یعنی أنه لیس هناک من ذمة مالیة من دون شخص تتعلق به وتعود إلیه الحقوق والالتزامات المالیة التی تحویها. أما ولیست للکائنات الأخرى ذمة مالیة ولا أهلیة. رابعاً : تعبر الذمة المالیة للزوجة عن مجموع الحالة المالیة للزوجة بعنصریها الإیجابی (أصول الذمة) والسلبی (خصوم الذمة) فهناک صلة لا تقبل الانفصال تربط بین هذین العنصرین فتعد مجموع الحقوق ضماناً للوفاء بمجموع الالتزامات سواء أکانت حال الحیاة أم بعد الوفاة إذ تعد أموالها جمیعها حال الحیاة ضامنة لدیونها والتزاماتها ولا تبرأ ذمتها إلا بأدائها سواء أکانت بالأصالة أم النیابة أم النیابة عنها من المستحقین، أما بعد الوفاة فلا ترکة إلا بعد سداد الدیون، ومن ثم یؤول ما بقی من أموال الزوجة إلى ورثتها، فلو لا نظریة الذمة المالیة للزوجة لوقع حق الضمان العام للدائنین على أموال الزوجة المدینة نفسها فتبقى منشغلة بهذا الحق لحین انقضاء الدین ولا یجوز لها التصرف فیها، وهذا یعیق تداول الأموال المنشغلة بحقوق الدائنین، ویزول هذا الخطر على وفق فکرة الذمة المالیة للزوجة التی تتحمل بالضمان فیقع الضمان على مجموع الأموال من دون أن تستقر على أحدها. خامساً: على الرغم من تجرد الذمة المالیة للزوجة من محتویاتها وعناصرها إلا أنه لا یمکن التصرف بها لأنها اعتباریة افتراضیة فلا یمکن للزوجة أن تقوم ببیع ذمتها أو التنازل عنها ولکن تملک التصرف بما یثبت فیها من الحقوق والالتزامات التی یعبر عنها بأصول الذمة وخصومها، أی بعناصرها. ومن هنا یظهر أنه لا یمکن للزوجة أن تکون لها فی حیاتها إلا خلف خاص وهو الذی یتلقى عن سلفه ملکیة شیء معین کالمشتری الذی یعد خلفاً خاصاً للبائع فی ملکیة المبیع. أما بعد وفاة الزوجة فیمکن أن یکون لها خلف عام وخلف خاص. فتتحدد الذمة المالیة بالموت وتنقلب إلى ترکة تؤول إلى مستحقیها من الدائنین والموصى له بجزء شائع کالثلث والورثة. وهؤلاء یعدون بمثابة خلف عام للزوجة المتوفی أما الموصى له بأحد أعیان الترکة فیعد خلفاً خاصاً للزوجة المتوفی. سادساً: تثبت انتقال الحقوق والالتزامات فی ذمة الزوجة بصفة خاصة بالتصرفات القانونیة کالبیع أو الهبة أو المیراث أو الوصیة، إذ تنتقل هذه الحقوق والالتزامات وتتغیر أما الذمة فتبقى ثابتة من دون تغییر هذا فی حال الحیاة، أما فی حال الموت فتنتهی ارتباط الذمة بشخصیة الزوجة القانونیة، مما لا یعنی انتقال الذمة إلى الورثة بل إن الذی ینتقل هو ما استقر فیها، فالذمة مرتبطة بحیاة الزوجة وجوداً وعدماً، وأما ما یثبت فی الذمة فی حال الوفاة فهو یکون بصفة خاصة. سابعاً: یمکن للزوجة أن تجزء ذمتها المالیة إذ تستخدم جزء منها فی مشروع اقتصادی معین وجزء ثانٍ فی مشروع اقتصادی آخر وهکذا بحیث تعدد المشاریع الاقتصادیة للزوجة مع وحدة ذمتها المالیة. ثامناً : لا یوجد اشتراک فی الذمة المالیة للزوجة، فلا یکون للذمة الواحدة أکثر من صاحب واحد، لأنه لو تصورنا اشتراک نساء عدیدات فی ذمة واحدة لما ثبت لأی واحدة منهن ذمة، وهذا ممتنع لتلازم الشخصیة والذمة المالیة للزوجة. تاسعاً : لا یقتصر مفهوم الذمة المالیة للزوجة على الحاضر من الأموال والحقوق وإنما یشمل ما یستجد منها مستقبلاً، إذ تتجرد الذمة المالیة عن محتویاتها وعناصرها، وإذا افترض وجود زوجة لیس لها حق أو التزام فلا یعنی ذلک أنه لیس لها ذمة بل إن ذمتها تبقى ثابتة ما دامت على قید الحیاة ولکنها خالیة أو فارغة بدلیل صلاحیتها لأن تتحمل تلک الحقوق والالتزامات فی المستقبل، فالذمة موجودة وثابتة فی هذه الحالة لکنها غیر مشغولة. یستدل مما تقدم على أن العناصر المالیة للذمة المالیة للزوجة تکون محلاً للتقوّم، ومن ثَم لها التصرف بها من دون الذمة المالیة بحد ذاتها بوصفها محل اعتباری افتراضی ولیس وجود له. المبحث الثانی طبیعة الذمة المالیة للزوجة ووقت نشوئها وانتهائها تعد الذمة المالیة للزوجة من المواضیع المهمة فی واقع حیاة المجتمع؛ لأنها ترکز على الحقوق والالتزامات المالیة التی تمتلکها الزوجة، وسیتم فی هذا المبحث بیان طبیعة الذمة المالیة للزوجة التی تتمثل بوجود نظریتین حولها إحداها تربط الذمة المالیة بشخصیة الزوجة ویطلق علیها بالنظریة الشخصیة، وثانیها تقوم على تخصیص الذمة المالیة للزوجة بغرض معین ویطلق علیها بنظریة التخصیص، ومن ثَمَ نوضح وقت نشوء الذمة المالیة للزوجة التی ظهر الخلاف بشأنها، إذ یربط البعض نشوء الذمة المالیة للزوجة بأهیلة الوجوب، فی حین یربطها البعض الآخر بأهلیة الأداء، وأخیراً سنتطرق إلى أهم الطرائق والوسائل التی تؤدی إلى انتهاء الذمة المالیة للزوجة، وبناءً على ما تقدم سیتم دراسة المسائل المذکورة فی ثلاثة مطالب وعلى وفق ما یأتی: المطلب الأول: طبیعة الذمة المالیة للزوجة. المطلب الثانی: وقت نشوء الذمة المالیة للزوجة. المطلب الثالث: وقت انتهاء الذمة المالیة للزوجة.
المطلب الأول طبیعة الذمة المالیة للزوجة ترتبط الذمة المالیة بشخصیة الزوجة ارتباطا وثیقاً، وتعد أحد خصائصها وتمثل الجانب المالی لشخصیتها، غیر أن هذا الترابط هو موضوع اختلاف بین الفقه القانونی، فمنهم من یسندها لشخصیة الزوجة ویجعلها ملازمة لها وهی النظریة الشخصیة، ومنهم من یفصلها عن شخصیة الزوجة وهی نظریة التخصیص، ویکون توضیح ذلک فی الفرعین الآتی: الفرع الأول : النظریة الشخصیة. الفرع الثانی : نظریة التخصیص. الفرع الأول النظریة الشخصیة وتسمى بالنظریة التقلیدیة، وقال بهذه النظریة الفقیهین الفرنسیین أوبری ورو فی القرن التاسع عشر وهی تنظر إلى الذمة المالیة على أنها الجانب المالی للشخصیة القانونیة للزوجة منظوراً إلیها من الناحیة الاقتصادیة، وبعبارة أخرى فهی تعنی الصلاحیة أو القابلیة لاکتساب الحقوق وتحمل الالتزامات المالیة، لذا یربط أنصار هذه النظریة الذمة المالیة بشخصیة الزوجة ارتباطا وثیقا ویعدونها جزءاً من شخصیتها القانونیة، ورتبوا على هذا التصور النتائج الآتیة :
وقد اخذ بمبدأ وحدة الذمة المالیة للزوجة المشرع العراقی إذ تنص المادة (260) من القانون المدنی العراقی على أن: "1.أموال المدین جمیعها ضامنة للوفاء بدیونه 2.وجمیع الدائنین متساوون فی هذا الضمان إلا من کان له منهم حق التقدم طبقا للقانون". والمشرع الفرنسی فی المادة (2092) من القانون المدنی الفرنسی التی تنص على أن کل شخص یکون ملزما بوفاء ما تعهد به من أمواله المنقولة وغیر المنقولة الحاضرة والمستقبلة جمیعها. وتنص المادة (2093) منه أیضاً على أن أموال المدین ضمان عام للدائنین وهم یتزاحمون فی اقتسام أثمانها ما لم یوجد بینهم من یتمسک بأسباب مشروعة فی التقدم على الآخرین. تقدیر النظریة: لقد تعرضت هذه النظریة للنقد من زوایا عدیدة، فمن ناحیة غلو أنصارها فی الربط بین الذمة المالیة للزوجة وشخصیتها القانونیة الأمر الذی یؤدی إلى نتائج غیر مقبولة فإقامة الذمة المالیة على أساس شخصیة الزوجة هو الذی دفع أنصار هذه النظریة إلى القول: لکل زوجة ذمة مالیة حتماً، فی حین انه یجب التمییز بین شخصیة الزوجة بوصفها قابلیة أو صلاحیة الزوجة لان تکون لها حقوق أو علیها التزامات وبین الذمة المالیة بوصفها مجموع ما للزوجة من حقوق وما علیها من التزامات، ومن ثم لا یتحتم أن تکون لکل زوجة ذمة مالیة، فوجود زوجة لیس لها حقوق أو علیها التزامات وإن کان نادرا إلا انه قد یتم تصوره، وفی نطاق هذا التصور لا یجوز أن تسند للزوجة ذمة حینما لا تکون لها ذمة بالفعل. ومن ناحیة أخرى أن الخلط بین شخصیة الزوجة والذمة المالیة دفع بأنصار هذه النظریة إلى أن یعد الذمة المالیة للزوجة واحدة لا تتجزأ ولا تتفق هذه النتیجة مع استقلال بعض أموال الزوجة عن البعض الآخر فی حالات معینة إذ تتجزأ فیها ذمة الزوجة تحقیقا لأغراض معینة. فقد تخضع بعض أموال الزوجة والتزاماتها لأنظمة قانونیة خاصة تختلف عن الأنظمة القانونیة العامة التی تخضع لها بقیة أموالها کالترکة التی تؤول إلى الوارث إذ تخضع لنظام قانونی یختلف عن النظام القانونی الذی یحکم أموالها الأخرى فبمجرد موت الزوجة تنتقل أموالها والتزاماتها إلى ورثتها ولکن لا یسأل الوارث عن دیون مورثتها إلا فی حدود ما ترکت من أموال فلا یقوم بسداد دیون الترکة من أمواله الخاصة الأخرى لذا یکون للوارث ذمتین: ذمته الأصلیة وذمة أخرى منفصلة عنها هی ذمة مورثها التی آلت إلیه بالمیراث وهذه الذمة المنفصلة یتکفل جانبها الإیجابی بتسدید جانبها السلبی فلا یکون الوارث مسؤولاً فی ذمته الأصلیة عن وفاء دیون الذمة الموروثة. وإذا کان المشرع العراقی قد أخذ بمبدأ وحدة الذمة المالیة فی المادة(260) من القانون المدنی العراقی التی تجعل أموال الزوجة المدینة جمیعها ضمانة للوفاء بدیونها الذی نادى به أصحاب النظریة التقلیدیة أو الشخصیة للذمة المالیة فإنه فی الوقت نفسه قد خالف المبدأ المذکور فبین أن بعض الأموال الداخلة فی الذمة المالیة للزوجة للمدینة لا یجوز للدائنین الحجز علیها ومن ثم لا تخضع لدعواهم. إذ نصت المادة (260) من القانون المدنی العراقی على أنه:" یجوز لکل دائن ولو لم یکن حقه مستحق الأداء أن یستعمل باسم مدینه حقوق هذا المدین إلا ما اتصل منها بشخصه خاصة أو ما کان منها غیر قابل للحجز..." ونصت الفقرة الثانیة من المادة (271) منه أیضاً على أنه:" یجوز لأی دائن بمقتضى هذا الحکم (أی الحجر) أن یحصل من دائرة التنفیذ على قرار بحجز جمیع أموال المحجور من عقارات ومنقولات ودیون فی ذمة الغیر عدا الأموال التی لا یجوز حجزها...".
الفرع الثانی نظریة التخصیص وتسمى بالنظریة الحدیثة وقال بها بعض الفقهاء الألمان: وهی تقوم على أساس الفصل التام بین الذمة المالیة والشخصیة القانونیة للزوجة، ولا تقوم الذمة المالیة على أساس شخصیة الزوجة بل على أساس تخصیص الذمة المالیة لغرض معین، فکلما وجدت مجموعة من الأموال مخصصة لغرض معین أمکن القول بوجود ذمة مالیة ولو لم تستند إلى زوجة. وقد أراد أنصار هذه النظریة بهذا التصور الاستغناء عن فکرة الشخص المعنوی فهم یرون أن الشخصیة القانونیة لا تثبت إلا للشخص الطبیعی ولاسیما للزوجة، وکل اعتراف بالشخصیة القانونیة لمجموعة من الأموال أو الأشخاص کالشرکات والمؤسسات والجمعیات هو مجرد افتراض یخالف الواقع لأنه یعنی نسبة الحقوق والالتزامات التی تتعلق بنشاط هذه المجموعة إلى شخص افتراضی لا وجود له، ولما کان الهدف من هذا الافتراض البحت هو إمکان الاعتراف لهذه المجموعات من الأموال أو الأشخاص بذمة مالیة مستقلة عن ذمة أعضائها أو المنتفعین بها فإنه یمکن الوصول إلى هذه النتیجة بالفصل بین الذمة المالیة والشخصیة، وأن تعد الذمة المالیة موجودة فی کل مجموعة من الأموال قد خصصت لتحقیق غرض معین من دون أن تستند فی وجودها إلى شخص ما، ویترتب على هذه النظریة نتائج مغایرة تماماً لنتائج النظریة التقلیدیة أهمها:
وقد أخذ المشرع العراقی بتطبیقات نظریة تخصیص الذمة المالیة فی التأمینات العینیة وهی الرهن التأمینی والرهن الحیازی وحقوق الامتیاز وهذه التأمینات تقوم على فکرة الضمان الخاص بتقریر حق عینی على عقار أو منقول للدائن یخصص لوفاء دینه متقدماً على الدائن العادی والدائن التالی له فی المرتبة فی استیفاء حقه من ثمن ذلک العقار أو المنقول فی أی ید یکون وفکرة الکفالة الواردة فی المادة (1008) من القانون المدنی النافذ التی تنص على أن " : الکفالة ضم ذمة إلى ذمة فی المطالبة بتنفیذ التزام".
تقدیر النظریة: لم تَسْلَمْ هذه النظریة أیضا من الانتقاد، فمن ناحیة یؤخذ علیها مغالاتها فی الفصل بین الذمة المالیة وشخصیة الزوجة وهذه المغالاة هی التی دفعت أنصار هذه النظریة إلى القول بإمکان وجود ذمة مالیة لا تستند إلى زوجة، ویتعارض هذا القول مع ما هو مسلم فی القوانین الحدیثة من أن الحقوق والالتزامات لا توجد إلا مستندة إلى شخص معین سواء أکان طبیعیاً کالزوجة أم معنویاً کالجمعیات، واعتراف القوانین المدنیة الحدیثة بالشخصیة القانونیة للأشخاص المعنویة قد افقد علة نشوء هذه النظریة؛ لأنها نشأت أصلا على أساس إنکار فکرة الشخصیة المعنویة وعلى الرغم من ذلک فإن نظریة تخصیص الذمة المالیة قد أفادت فی تمییز بعض أموال الزوجة بإخضاعها لأنظمة قانونیة خاصة تکفل تحقیق الغرض الذی خصصت له. فقد رأینا أن هناک حالات تتجزأ فیها ذمة الزوجة تحقیقا لأغراض معینة کالترکة إذ تعد أبرز مثال على تجزئة الذمة المالیة للزوجة تبعا لتخصیص جزء من أموالها لغرض معین إذ یتمیز هذا الجزء عن بقیة أموالها. ومن ناحیة أخرى فالقول: بتجزئة الذمة المالیة للزوجة بصفة مطلقة لا یخلو من عنصر الخطورة، لما یترتب على ذلک من صعوبة التعامل، فضلا عن أنه یساعد على سهولة التلاعب من الزوجة لتتهرب من دائنیها بإنشاء ذمة مستقلة تکون بمنأى عن مطالبتهم ویدخل فیها ما لدیها أو ما یکتسبها من الحقوق. یستدل مما تقدم على أن المشرع العراقی قد أخذ ببعض تطبیقات النظریتین کلتیهما إذ أخذ بالنظریة الشخصیة أو التقلیدیة بالنسبة إلى الضمان العام لأموال المدین، والقول: بأن لکل شخص طبیعی أم معنوی ذمة مالیة، وأخذ بنظریة تخصیص الذمة المالیة بالنسبة إلى القاصر المأذون له بالتجارة بتخصیص جزء من ذمته المالیة، وانتقال ترکة المورث إلى الورثة مثقلة بحقوق المورث والتزاماته، وفی التأمینات العینیة بتخصص جزء من الذمة المالیة للمدین لمصلحة الدائن، وفی حوالة الدین وحوالة الحق، وفی الکفالة أیضاً. ونجد أنه من الأفضل الجمع بین مزایا النظریتین مع استبعاد سلبیاتهما لنخرج بحلة جدیدة للذمة المالیة ویمکن أن نطلق على هذه الحلة الجدیدة بالنظریة المختلطة للذمة المالیة، ویترتب على هذه النظریة النتائج الآتیة: 1.لا توجد ذمة مالیة من دون شخص سواء أکان شخصاً طبیعیاً کالزوجة أم معنویاً کالجمعیة. 2.یمکن تجزئة الذمة المالیة للزوجة إذ یجوز لها أن تخصص جزء من ذمتها المالیة لمشروع معین وجزء آخر لمشروع آخر وهکذا. 3.یمکن للزوجة أن تتصرف بعناصر بذمتها المالیة أی حقوقها والتزاماتها المالیة أو تتنازل عنها إذا کانت بالغة عاقلة رشیدة. وفی هذا المقام یثار تساؤل مفاده ما هو موقف الفقه الإسلامی من الذمة المالیة للزوجة؟ لقد سبق الفقه الإسلامی الفقه القانونی کثیراً فی تحلیل نظریة الذمة المالیة للزوجة فهو ینظر إلیها بنظرة المقلدین والمحدثین إذ ینظر إلى الذمة المالیة للزوجة کمجموعة من المال تندمج فیها أجزاؤها ولیس کوحدة لا تتجزأ أی وعاء تقدیری تقوم بالزوجة، وتتعلق بها حتى تلقى الله (سبحانه وتعالى)، وربما تبقى بعد موتها عندما تحتاج إلیها، وتزول أحیاناً بأحد عوارض الأهلیة کالجنون والسف والحجر، فتبقى الذمة المالیة مع وجود هذه الحالات. إلا أن هناک من ذکر بأن الفقه الإسلامی تأثر بالنظریة الشخصیة التقلیدیة التی تأخذ بمبدأ وحدة الذمة المالیة للزوجة، والصحیح أن هناک خلافاً بین الفقهین الإسلامی والقانونی، ولکن قبل أن نبین أوجه الخلاف الفقهین نود أن نبین أوجه الالتقاء بینهما على وفق الآتی: أولاً : أوجه التشابه بین الذمة المالیة للزوجة فی الفقه الإسلامی والفقه القانونی. یمکن توضیح ذلک على وفق النقاط الآتیة:
ثانیاً : أوجه الاختلاف بین الذمة المالیة للزوجة فی الفقه الإسلامی والفقه القانونی. یمکن توضیح ذلک على وفق النقاط الآتیة:
یستدل مما تقدم على أن الفرق الجوهری بین الذمة المالیة للزوجة فی الفقهین الإسلامی والقانونی هو أن الفقه الإسلامی ینظر إلى الذمة المالیة للزوجة بوصفها شخصیة قانونیة ولیس مجموعاً من الأموال کما هی الحال فی الفقه القانونی، ومن ثم یترتب على الذمة المالیة للزوجة فی الفقه الإسلامی نتائج نظریة الشخصیة القانونیة.
المطلب الثانی وقت نشوء الذمة المالیة للزوجة تعد العناصر الایجابیة للذمة المالیة للزوجة ضمانة أساسیة للدائنین، إذ من خلالها یستوفون فیها حقوقهم التی بذمة مدینهم، وللمحافظة على تلک العناصر لأبد من تحدید الوقت الذی تبدأ الذمة المالیة للزوجة بالتکوین. لقد ثار خلاف حول وقت نشوء الذمة المالیة للزوجة من عدمه وعلى وفق ما یأتی: الرأی الأول: ذهب جانب من الفقه إلى أن الذمة المالیة للزوجة سابقة لوجود الأهلیة فهی تثبت للجنین فی بطن أمه إذ یکون له ذمة ناقصة وتصبح کاملة حین ولادته حیاً، لذا یصبح له أهلیة وجوب ناقصة یصلح أن یکون أهلاً لاکتساب الحقوق، فعندما یکون الجنین فی بطن أمه تکون له ذمة وأهلیة ناقصة تخوله حقوقاً کثیرة کالمیراث والوقف والوصیة والهبة، وعندما یولد حیاً یمکن أن یکتسب الحقوق ویتحمل الالتزامات وینوب عنه فی ذلک ولیه أو وصیه أو القیم علیه. یستدل من هذا الرأی على أن الذمة المالیة للزوجة سابقة للأهلیة فلا یشترط لها البلوغ ولا الرشد ولا التکلیف ولا التمییز، وإنما یجعل الولادة مع الحیاة شرطاً لتمام الذمة المالیة التی تترتب علیها أهلیة الوجوب. الرأی الثانی: یرى جانب من الفقه أن الذمة المالیة للزوجة ما هی إلا وعاء تقدیری اعتباری یقدر قیامه فی الزوجة لإثبات الدیون والالتزامات فی شخصها. لذا یذهب هذا الرأی إلى أن الذمة المالیة لا تثبت للجنین إلا بعد أن ولدته حیاً، فلا یکون له ذمة مالیة، ومن ثم لا أهلیة للجنین فی بطن أمه. یستدل مما تقدم على أن الرأی الأول یختلف عن الرأی الثانی من عدة نواح أهمها: فمن ناحیة یرتب الرأی الثانی الذمة المالیة للزوجة على الأهلیة، أی یجب أن تکون للزوجة أهلیة حتى تکون لها ذمة مالیة لأنها مجرد وعاء، فی حین یرتب الرأی الأول الأهلیة على الذمة المالیة للزوجة، أی یجب أن تکون للزوجة ذمة مالیة حتى تکون لها أهلیة. ومن ناحیة ثانیة یذهب الرأی الثانی إلى أنه لا تکون للجنین ذمة مالیة ولا أهلیة إلا بعد ولادته حیاً، فی حین یذهب الرأی الأول إلى أنه تکون للجنین ذمة مالیة وأهلیة وجوب ناقصة کالمیراث والوصیة والوقف والهبة. ومن ناحیة ثالثة إذا کان الرأی الثانی یجعل الولادة مع الحیاة شرطاً لاکتساب الأهلیة کنتیجة لثبوت الذمة المالیة، فإن الرأی الأول یجعل الولادة مع الحیاة شرطاً لتمام الذمة المالیة التی تترتب علیها أهلیة الوجوب. الرأی الثالث: یرى جانب آخر من الفقه بأنه تثبت للزوجة الذمة المالیة وأهلیة الوجوب معاً فی وقت واحد، وبعبارة أخرى تبدأ الذمة المالیة للزوجة مع بدء تصور وجود العنصر الثانی للأهلیة وهو عنصر المدیونیة أو الالتزام. ویثار فی شأن ثبوت الذمة المالیة للزوجة التساؤل الآتی: هل یعد الجنین جزء من أمه یقر بقرارها وینتقل بانتقالها؟ لقد نصت المادة (34) من القانون المدنی العراقی على أنه:" 1.تبدأ شخصیة الإنسان بتمام ولادته حیاً وتنتهی بموته. 2.ومع ذلک فحقوق الحمل یحددها قانون الأحوال الشخصیة"، وتنص الفقرة الأولى من المادة (68) من قانون الأحوال الشخصیة العراقی على أنه یشترط فی الموصى له: "أن یکون حیاً حقیقةً أو تقدیراً حین الوصیة وحین موت الموصی، وتصح الوصیة للأشخاص المعنویة والجهات الخیریة والمؤسسات ذات النفع العام". یستدل من النصوص القانونیة أن المشرع العراقی یجعل للجنین ذمة مالیة فیکون أهلاً لاکتساب الحقوق التی لا تتوقف على قبوله کالوصیة والمیراث والوقف والهبة، وذلک بقوله:(أن یکون حیاً حقیقة...تقدیراً). أما بالنسبة إلى موقف الفقهاء فقد اختلفوا حول ذلک فذهب أحد الفقهاء إلى أنه لیس للجنین ذمة مالیة ولا أهلیة وجوب إلا إذا ولد حیاً وانفصل عن أمه، إذ لا تثبت له الإرث إلا إذا تحقق سببه وهو الولادة حیاً وانفصاله عن أمه. لذا لو انفصل میتاً لا یوزع المال على ورثته، وإنما یوزع على ورثة المورث کأن الجنین لم یکن، والوصیة فإن الموصى به یرجع إلى ورثة الموصی لا إلى ورثة الجنین. وعلیه متى انفصل الجنین حیاً ثبت استقلاله وتمت ذمته المالیة فصار أهلاً لاکتساب الحقوق. فی حین یذهب جانب آخر من الفقه إلى ثبوت المیراث للجنین وجواز الوصیة له فقال:" تبدأ الذمة ببدء حیاة الإنسان، ثم یولد حیاً فتتکامل ذمته شیئاً فشیئاً فی المعاملات والعبادات والحدود حتى تصیر کاملة، وتبقى ذمة الإنسان ما بقی حیاً". یستدل مما تقدم على أنه یوجد اتجاهان بشأن استقلال ذمة الجنین عن أمه من عدمه، الاتجاه الأول یرى أن الجنین جزء من أمه یقر بقرارها وینتقل بانتقالها، فیحکم بعدم استقلاله فتنتفی عنه الذمة المالیة فلا یعد أهلاً لاکتساب الحقوق. ویجد الاتجاه الثانی الذی نتفق معه أن الجنین نفس مستقلة بحیاة فله ذمة مالیة وهو أهل لاکتساب الحقوق.
المطلب الثالث وقت انقضاء الذمة المالیة للزوجة تعد العناصر الایجابیة للذمة المالیة للزوجة ضمانة أساسیة للدائنین، إذ یستوفون فیها حقوقهم التی بذمة مدینهم، وللمحافظة على تلک العناصر لأبد من تحدید الوقت الذی تنتهی الذمة المالیة للزوجة لتفادی الأضرار التی قد تنجم عن ذلک. ولقد ثار خلاف حول وقت انتهاء الذمة المالیة للزوجة من عدمه على وفق الاتجاهین الآتیین: الاتجاه الأول: لفقهاء الحنفیة والمالکیة والشافعیة والحنابلة ومفاده بقاء الذمة المالیة للزوجة بعد الموت حتى تصفى ترکتها وتوفى دیونها.
واستدلوا بالحدیث الشریف عن أبی هُرَیْرَةَ (رضی الله عنه) قال: قال رسول اللَّهِ e: "نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَیْنِهِ حتى یقضی عنه". بل وقد تثبت للزوجة حقوق جدیدة بعد الوفاة لم تکن ثابتة إذا باشر أسبابها فی حیاتها. ویرى فقهاء الحنفیةأن الموت لا ینهی الذمة المالیة للزوجة ولکن یضعفها، ویترتب على ذلک أن الدیون تتعلق بالذمة المالیة للزوجة وترکتها معاً؛ لأن الذمة المالیة للزوجة صارت ضعیفة بالموت. وتنص المادة (158) من مجلة الأحکام العدلیة على أن:" الدین ما یثبت فی الذمة " وقال أحد الفقهاء المعاصرین: أن المیتة لها ذمة مالیة ما دامت لها ترکة ومنها تسدد دیونها، أو تنفذ وصایاها، حتى إذا سددت الدیون ونفذت الوصایا، لم تبق لها ذمة قط، وإذا انقطعت الحقوق والالتزامات کلها، وصارت من الغابرین، وقبل أن تسدد الدیون تتعلقة بذمتها المالیة وترکتها معاً؛ لأن الذمة المالیة للزوجة وحدها لا تتحمل الدیون، إذ قد صارت ضعیفة بالموت وإن کانت لم تزلها، فلا تقوى على احتمال الدیون وحدها فضمت إلیها الترکة؛ لکی توفى الدیون منها. الاتجاه الثانی: لفقهاء الشافعیة الحنابلة فی روایة عندهم ومفاده انتهاء الذمة المالیة للزوجة بمجرد الموت، ودلیلهم على ذلک أن الذمة المالیة للزوجة من خصائص شخصیة الزوجة، ویعصف الموت بالزوجة وبذمتها ویترتب على هذا أن الدیون تتعلق بالترکة، فإذا ماتت الزوجة ولا ترکة لها سقطت دیونها. ونرجح الاتجاه الأول القائل: ببقاء الذمة المالیة للزوجة بعد موتها حتى توفى دیونها وتنفذ وصایاها وتصرف الباقی إلى المستحقین من ورثتها استناداً إلى مبدأ مفاده أنه لا ترکة إلا بعد سداد الدیون. وهذا الاتجاه أقرب إلى تحقیق العدل والحق. أما بالنسبة إلى انتهاء الذمة المالیة للزوجة فی القانون العراقی فأنها تنقضی مبدئیاً بوفاة الزوجة التی تؤدی إلى انقضاء شخصیتها القانونیة، وتحدد بالوفاة نهائیاً أموال الزوجة ودیونها وتخصص هذه الأموال لوفاء دیون الزوجة المتوفى أولاً ثم ینتقل الباقی إلى الموصى لهم والورثة، إذ تنص المادة (87) من قانون الأحوال الشخصیة العراقی النافذ على أن:" الحقوق المتعلقة بالترکة بعد وفاة المورث أربعة مقدم بعضها على بعض هی: 1.تجهیز المتوفى على الوجه الشرعی. 2.قضاء دیونه وتخرج من جمیع ماله. 3.تنفیذ وصایاه وتخرج من ثلث ما بقی من ماله. 4.إعطاء الباقی إلى المستحقین". وإذا لم تکفی أموال الزوجة المدینة لتسدید دیونها فالورثة لا یتحملون المسؤولیة أیاً من تلک الدیون.
المبحث الثالث تصرف الزوجة بأموالها یظهر استقلال الذمة المالیة للزوجة عن ذمة زوجها بوضوح فی اختصاصها وانفرادها بأموالها فتستطیع إنفاقها والتصرف فیها معارضة أو تبرعاً من دون اشتراط موافقة أحد من بعید أو قریب ولا سلطان له علیها مادامت کانت راشدة وبالغة وعاقلة، فلها الحق فی تملک المال والتصرف فیه کیفما تشاء. وتوضیح ذلک یکون على وفق المطالب الثلاثة الآتیة: المطلب الأول : إنفاق الزوجة لأموالها. المطلب الثانی: معاوضات الزوجة. المطلب الثالث: تبرعات الزوجة.
المطلب الأول إنفاق الزوجة لأموالها قد تنفق الزوجة أموالها على أولادها وزوجها وغیرهم، فما هو رأی الفقه الإسلامی فی ذلک؟ وهل یحق لها الإنفاق فی القانون المدنی العراقیً؟ للإجابة عن هذا السؤال یجب توزیع هذا المطلب على الفرعین الآتیین: الفرع الأول : إنفاق الزوجة لأموالها فی الفقه الإسلامی. الفرع الثانی: إنفاق الزوجة لأموالها فی القانون المدنی العراقی.
الفرع الأول إنفاق الزوجة لأموالها فی الفقه الإسلامی الأصل أن نفقة الزوجة على زوجها ولا تلتزم بالإنفاق على نفسها سواء أکانت موسرة أم معسرة ولا یحق للزوج إلزامها بالإنفاق أو الطلب منها مشارکته بالإنفاق وأساس ذلک قوله (سبحانه وتعالى): ﴿للرِّجَالِ نَصِیبٌ مِمَّا اکْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِیبٌ مِمَّا اکْتَسَبْنَ﴾، إذ تدل هذه الآیة الکریمة على حق الزوجة فی تملک الأموال المنقولة أو العقاریة، فإذا اختارت الإنفاق على زوجها وأولادهما فذلک صلة وصدقة لما جاء فی صحیح البخاری عن زَیْنَبَ امْرَأَةِ عبد اللَّهِ بمثله سَوَاءً قالت کنت فی الْمَسْجِدِ فَرَأَیْتُ النبی e فقال: "تَصَدَّقْنَ وَلَوْ من حُلِیِّکُنَّ" وَکَانَتْ زَیْنَبُ تُنْفِقُ على عبد اللَّهِ وَأَیْتَامٍ فی حَجْرِهَا قال: فقالت: لِعَبْدِ اللَّهِ سَلْ رَسُولَ اللَّهِ e أَیَجْزِی عَنِّی أَنْ أُنْفِقَ عَلَیْکَ وَعَلَى أیتامی فی حَجْرِی من الصَّدَقَةِ فقال: سَلِی أَنْتِ رَسُولَ اللَّهِ e فَانْطَلَقْتُ إلى النبی e فَوَجَدْتُ امْرَأَةً من الْأَنْصَارِ على الْبَابِ حَاجَتُهَا مِثْلُ حَاجَتِی فَمَرَّ عَلَیْنَا بِلَالٌ فَقُلْنَا: سَلْ النبی e أَیَجْزِی عَنِّی أَنْ أُنْفِقَ على زَوْجِی وَأَیْتَامٍ لی فی حَجْرِی وَقُلْنَا: لَا تُخْبِرْ بِنَا فَدَخَلَ فَسَأَلَهُ فقال من هُمَا قال: زَیْنَبُ قال: أَیُّ الزَّیَانِبِ قال: امْرَأَةُ عبد اللَّهِ قال:"نعم لها أَجْرَانِ أَجْرُ الْقَرَابَةِ وَأَجْرُ الصَّدَقَة". وقال أحد الفقهاء الحدیث:" دلیل على جواز صرف زکاة المرأة فی زوجها وهو قول الجمهور". ولا یعنی عدم التزام الزوجة بالإنفاق وحث الزوج بوجوب الإنفاق نفی مشارکتها الزوج بالإنفاق داخل الأسرة، ویمکن القول: أنه من الأفضل توزیع الإنفاق بینهما استناداُ إلى أن الزوجة مساعدة ومشارکة للزوج لأن البیت الإسلامی یقوم على معاییر المودة والرحمة ومشارکة المرأة لزوجها فی الإنفاق على بیتها ترجع إلى وصیة علی (کرم الله وجهة)، إذ نصح الرجل الذی أراد أن یزوج ابنته قائلاً: زوجها ممن یتقی الله فأن أحبها أکرمها وأن أبغضها فلن یظلمها، وهذا مقتبس من الحدیث الشریف عن أبی هریرة (رضی الله عنه) قال: قال رسول الله e:" إذا أتاکم من ترضون خلقه ودینه فانکحوه إلا تفعلوا تکن فتنة فی الأرض وفساد عریض"، وتستند العلاقة الزوجیة فی الإسلام إلى معاییر شرعیة هدفها المحافظة على الأسرة، فهذا أساس العلاقة الزوجیة المودة والرحمة والثقة المتبادلة والتعاون على السراء والضراء، فضلاً عن الشراکة التامة فی أمور الحیاة الزوجیة التراضی والتشاور بین الزوجین بوصف کل واحد جزء ومکمل للأخر. وتکون مشارکة المرأة لزوجها بالإنفاق أو إنفاقها على بیتها برضاها فذلک خیر الإنفاق؛ ویدل على ذلک موقف السیدة خدیجة (رضی الله عنها) إذ واست رسول الله (r) بعد بعثته بمالها إذ جاء فی الحدیث الشریف عن عَائِشَةَ قالت: کان النبی e إذا ذَکَرَ خَدِیجَةَ أَثْنَى علیها فَأَحْسَنَ الثَّنَاءَ قالت: فَغِرْتُ یَوْماً فقلت: ما أَکْثَرَ ما تَذْکُرُهَا حَمْرَاءَ الشِّدْقِ قد أَبْدَلَکَ الله (عز وجل) بها خَیْراً منها قال: "ما أبدلنی الله (عز وجل) خَیْراً منها قد آمَنَتْ بی إِذْ کَفَرَ بی الناس وصدقتنی إِذْ کذبنی الناس وواستنی بمالها إذا حرمنی الناس ورزقنی الله (عز وجل) وَلَدَهَا إِذْ حرمنی أَوْلاَدَ النِّسَاءِ". والسؤال الذی یثار هنا هو ما مدى أحقیة الزوجة باسترداد ما أنفقت من زوجها؟ الجواب: تباین بعض الفقه الإسلامی فی منح هذا الحق للزوجة، فی حین منع البعض منهم الزوجة من استرداد ما أنفقت لأنها متبرعة، سکت البعض الآخر عن ذلک فیفهم من هذا الاتجاه جواز استرداد الزوجة للمال الذی أنفقته من زوجها. وذهب أحد من الفقه الإسلامی المعاصر إلى عدم جواز استرداد المرأة للمال الذی أنفقته على زوجها استناداً إلى قوله تعال ﴿وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَیْنَکُمْ﴾، إذ تبنى الأسرة على الفضل والصبر والزواج هو أعظم شرکة فی التاریخ وعلیها احتساب ما أنفقته فی میزان حسناتها وتدخر ما لا یغنى فی آخرتها وهذا سیعکس برکة على بیتها ورحمة فی قلب زوجها وطاعة وبراً من أبنائها.
الفرع الثانی إنفاق الزوجة لأموالها فی القانون المدنی لم ینص المشرع العراقی على إلزام الزوجة بالإنفاق على نفسها أو بیتها، فاستقلال الزوجة بذمتها المالیة عن ذمة الرجل یجعلها تستقل بأموالها لتنفقها برضاها، فإذا اختارت الإنفاق على الزوج وغیره فذلک من باب التراضی بین الزوجین، ودفع الأسرة نحو الترابط، ویعنی التزام الزوج بالإنفاق أن الزوجة مکفولة النفقة فی بیتها مقابل مراعاة الزوج والبیت والأولاد لضمان استقرار الأسرة وتماسکها. ومن الأفضل علیها إذا أرادت الإنفاق مشاورة زوجها لتوضیح رؤیة کل منهما وتطیب لخاطره ودوام العشرة الزوجیة، لقوله (سبحانه وتعالى):" وَشَاوِرْهُمْ فِی الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَکَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ یُحِبُّ الْمُتَوَکِّلِینَ". وعلى الزوجین تجنب الخلاف فی المعاملات المالیة ومصاریف البیت بل الترکیز على نقطة تکون بدایة اتفاق بینهما لمواجهة المشکلات المالیة المستقبلیة. ویذکر أن الزوجة إذا شعرت بالأمان مع زوجها فلن تتأخر عن المساهمة بنفقات البیت إذا کانت ذات مال ویرجع ذلک إلى المعاملة الطبیة بینهما. واستناداً إلى ما تقدم یمکن اقتراح النص الآتی: ( للزوجة الإنفاق على زوجها وبیتها اختیاراً وبرضاها، إذا أنفقت أموالها فلا یحق لها طلب استرداد ما أنفقت لأنها متبرعة)). یتضح من هذا النص ما یأتی : 1. الزوجة غیر ملزمة بالإنفاق على أفراد أسرتها؛ لأنها تملک أموالها ولها إنفاقها برضاها. 2. إذا اختارت الزوجة الإنفاق برضاها فلا یحق لها المطالبة بما أنفقت سواء انتهت العلاقة الزوجیة أم بقیت والسبب فی ذلک عدم جواز الرجوع فی التبرع لان المتبرع محسن، استناداً إلى قوله تعالى:﴿ مَا عَلَى الْمُحْسِنِینَ مِنْ سَبِیلٍ ﴾، فضلاً عن ذلک للحفاظ على تماسک الأسرة ودوام العشرة بین أفرادها.
المطلب الثانی معاوضات الزوجة هل یحق للزوجة التصرف بأموالها معاوضة برضاها من دون موافقة زوجها کما هی حال إنفاقها لهذه الأموال، سیتضح تفصیل ذلک فی الفرعین الآتیین: الفرع الأول : معاوضات الزوجة فی الفقه الإسلامی. الفرع الثانی: معاوضات الزوجة فی القانون المدنی.
الفرع الأول معاوضات الزوجة فی الفقه الإسلامی المعاوض من التعویض وهو حصول کل طرف على نفس مقدار المنفعة التی یعطیها للطرف الآخر. وأطلق علیها أحدهم بالمبادلات؛ لأنه یتم مبادلة المال بالمال أو مبادلة هذا المال بالمنفعة وغیرها من الأموال، ویرى بعض الفقه الإسلامی أن للزوجة حق التصرف بأموالها معاوضة ما لم یعترضها عارض مثل الجنون أو السفه أو الإفلاس فهی کالرجل ولا یحق لزوجها منعها من هذا التصرف لأنه تصرف بأموالها. فمادامت الزوجة رشیدة ولم یحجر علیها فلا یوجد مسوغ لمنعها من التصرف بأموالها معاوضة، واستند هذا الرأی إلى القرآن الکریم والسنة النبویة، ففی القرآن الکریم دلت آیات کثیرة على حق الزوجة بالتصرف بأموالها معاوضة منها قوله تعالى:﴿أَحَلَّ اللَّهُ الْبَیْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾، وقوله تعالى: ﴿فَإِنْ آَنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَیْهِمْ أَمْوَالَهُمْ﴾. وفی السنة النبویة عن عبد اللَّهِ بن عُثْمَانَ بن خُثَیْمٍ عن قَیْلَةَ أُمِّ بَنِی أَنْمَارٍ قالت أَتَیْتُ رَسُولَ اللَّهِ e فی بَعْضِ عُمَرِهِ عِنْدَ الْمَرْوَةِ فقلت: یا رَسُولَ اللَّهِ إنی امْرَأَةٌ أَبِیعُ وَأَشْتَرِی فإذا أَرَدْتُ أَنْ أَبْتَاعَ الشَّیْءَ سُمْتُ بِهِ أَقَلَّ مِمَّا أُرِیدُ ثُمَّ زِدْتُ حتى أَبْلُغَ الذی أُرِیدُ وإذا أَرَدْتُ أَنْ أَبِیعَ الشَّیْءَ سُمْتُ بِهِ أَکْثَرَ من الذی أُرِیدُ ثُمَّ وَضَعْتُ حتى أَبْلُغَ الذی أُرِیدُ فقال رسول اللَّهِ e:"لَا تَفْعَلِی یا قَیْلَةُ إذا أَرَدْتِ أَنْ تَبْتَاعِی شیئا فَاسْتَامِی بِهِ الذی تُرِیدِینَ أُعْطِیتِ أو مُنِعْتِ". یتضح من عموم الآیات والسنة النبویة أن الزوجة مثل الرجل فی ممارسة التجارة والبیع، إذ لم نفرق هذه الآیات الکریمة بینهما هذا من ناحیة، ومن ناحیة أخرى لم ینکر الرسول (r) على المرآة البیع والشراء بل رسم لها الطریقة الصحیحة لمزاولة هذه التصرفات، وهذا دلیل واضح على أن الإسلام قد أعطى للمرأة حقوقاً کثیرة بجعلها أهلاً لمباشرة التصرفات المالیة کالرجل تبیع وتشتری وتستأجر وتؤجر وتنظم وکالة للغیر ما دامت عاقلة رشیدة، ولکن من الأفضل أن تشاور الزوج قبل إجراء التصرفات فی أموالها محافظةً منها على دوام العشرة الزوجیة، لذا أصدر مجلس مجمع الفقه الإسلامی الدولی المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامی فتوى عن انفصال الذمة المالیة بین الزوجین تتیح للمرأة حق التملک والتصرف، تبین فیها أن للمرأة الحق بتملک الأموال والتصرف بها دون استئذان أحد ولکن من باب التراضی بین الزوجین ودوام العشرة یفضل منها استشارته فی کیفیة تصرفها بأموالها لینصحها ویوضح لها ما یخفى علیها أحیاناً.
الفرع الثانی معاوضات الزوجة فی القانون المدنی لم ینص المشرع العراقی على تعریف المعاوضات فی ثنایا القانون المدنی لکن أشار إلى بعض أحکامها فی نصوصه المتفرقة، فنصت المادة (143) القانون المدنی العراقی على أن: "عقد المعاوضة الوارد على الأعیان یقتضی بثبوت الملک لکل واحد من العاقدین فی بدل ملکه والتزام کل منهما بتسلیم ملکه المعقود وعلیه للآخر". ونصت المادة (144) منه على أن: "عقد المعاوضة الوارد على منافع الأعیان یستوجب التزام المتصرف بالعین بتسلیمها للمنتفع والتزام المنتفع بتسلیم بدل المنفعة لصاحب العین". ونصت المادة (179) منه على أنه: "1.إذا هلک المعقود علیه فی المعاوضات وهو فی ید صاحبه أنفسخ العقد سواء کان هلاکه بفعله أو بقوة قاهرة ووجب علیه ورد العوض الذی قبضه لصاحبه. 2.فالمبیع إذا هلک وهو فی ید البائع قبل أن یقبضه المشتری یکون من مال البائع ولا شیء على المشتری"، ونصت المادة (180) منه على أنه: "إذا فسخ عقد المعاوضة الوارد على الأعیان المالیة وأنفسخ سقط الالتزام الذی کان مترتباً علیه فلا یلتزم تسلیم البدل وجب بالعقد، وأن کان قد سلم یسترد فإذا استحال رده یحکم بالضمان"، ونصت الفقرة الثانیة من المادة (280) منه على أنه: "فی کل معاوضة مالیة بوجه عام لکل واحد من المتعاقدین أن یحبس المعقود علیه وهو فی یده حتى یقبض البدل المستحق"، ونصت الفقرة الأولى من المادة (264) من القانون المدنی العراقی على أنه: "إذا تصرف المدین بعوض یشترط لعدم نفاذ تصرفه فی حق الدائن أن یکون هذا التصرف منطویاً على غش من المدین وأن یکون من صدر له هذا التصرف على علم بهذا الغش ومجرد علم المدین أنه معسر کاف لافتراض وقع الغش منه، ویفترض علم من صدر له التصرف بغش المدین إذا کان قد علم أن هذا المدین معسر أو کان ینبغی أن یعلم بذلک". یتضح من النصوص القانونیة المذکورة آنفاً أن المعاوضات یتمیز بالخصائص الآتیة:
الشرط الأول: تحقق غش المدین فی معاوضاته، ویعد علمه بإعساره کافیاً لافتراض غشه. الشرط الثانی: تحقق علم من صدر له التصرف بغش المدین أو کان ینبغی علیه العلم بذلک فتستطیع الزوجة إنشاء المعاوضات التی تریدها استناداً إلى المادة(93) من القانون المدنی العراقی التی تنص على أن: "کل شخص أهل للتعاقد ما لم یقرر القانون عدم أهلیته أو یحد منها"، من دون أن تتوقف صحة تصرفاتها على موافقة أحد فذلک حق ثابت لها بإطلاق هذا النص، ویفترض هذا الحق لها قانوناً مادامت تتمتع بأهلیة الأداء الکاملة ولا یملک أحد سلبها إیاها ما لم یقرر القانون بذلک، فضلاً عن ذلک أن حق الزوجة لا یجوز لغیرها الإنقاص منه أو الإنابة فیه، فتستطیع البیع والشراء والإیجار والرهن وإنابة غیرها لمباشرة تلک الحقوق بصفته أصیلاً عن نفسه ونائباً عنها إذ یعود سبب ذلک إلى استقلال ذمتها المالیة عن ذمة زوجها.
المطلب الثالث تبرعات الزوجة إذا کانت الزوجة تتصرف بأموالها معاوضة ولا سلطان لغیرها على هذه التصرفات فهل یحق لها أیضاً التصرف بأموالها تبرعاً؟ للإجابة عن هذا السؤال یجب توزیع هذا المطلب على الفرعین الآتیین: الفرع الأول : تبرعات الزوجة فی الفقه الإسلامی. الفرع الثانی: تبرعات الزوجة فی القانون المدنی.
الفرع الأول تبرعات الزوجة فی الفقه الإسلامی التبرع هو العطاء بغیر مقابل، فهو إعطاء شیء من دون مقابل أو أخذه من دون مقابل أو القیام بعمل لا یطلب من الشخص أداؤه. واختلف الفقه الإسلامی فی مدى جواز تبرع الزوجة بأموالها على وجهین هما: الوجه الأول: بأموالها لزوجه. جمهور الفقه الإسلامی إذ تبرع الزوجة بأموالها لزوجها ما لم تکن محجورة لسفه وغیره من العوارض. الوجه الثانی:تبرعها بأموالها لغیر زوجها.اختلف جمهور الفقه الإسلامی فی مدى جواز تبرعها بأموالها لغیر الزوج وذلک لاشتراط موافقة الزوج على هذا التبرع من عدمه، فتوزعوا على الآراء الآتیة: الرأی الأول: لا یجوز للزوجة التبرع بأموالها إلا بموافقة زوجها. ذهب أصحاب هذا الرأی إلى حق الزوجة بالتبرع بأموالها لغیر زوجها إذا کان شیئاً یسیراً وضروریاً لدوام صلة الرحم أو التقرب إلى الله. والقائلین به هم اللیث وطاؤوس وأبن عباس ورأیُ للجعفریة، واستند أصحاب هذا الرأی على أحادیث السنة النبویة منها: 1. عن عبد اللَّهِ بن عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ e قال:" لَا یَجُوزُ لِامْرَأَةٍ عَطِیَّةٌ إلا بِإِذْنِ زَوْجِهَا". 2. عن عبد اللَّهِ بن یحیى رَجُلٌ من وَلَدِ کَعْبِ بن مَالِکٍ عن أبیه عن جَدِّهِ أَنَّ جَدَّتَهُ خَیْرَةَ امْرَأَةَ کَعْبِ بن مَالِکٍ أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ e بِحُلِیّ لها فقالت: إنی تَصَدَّقْتُ بهذا فقال لها رسول اللَّهِe: "لَا یَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ فی مَالِهَا إلا بِإِذْنِ زَوْجِهَا" فَهَلْ اسْتَأْذَنْتِ کَعْبًا؟ قالت: نعم فَبَعَثَ رسول اللَّهِ e إلى کَعْبِ بن مَالِکٍ زَوْجِهَا فقال: هل أَذِنْتَ لِخَیْرَةَ أَنْ تَتَصَدَّقَ بِحُلِیِّهَا؟ فَقَال: نعم فَقَبِلَهُ رسول اللَّهِ e منها". یرى البعض أن اشتراط موافقة الزوج على تبرعات زوجته لیس لإنشاء التبرع، لان الزوجة تتمتع بذمة مالیة مستقلة وتملک أموالها فلها حق التصرف بها، والموافقة هنا هی لإعلامه وإخباره بتبرع زوجته؛ لان المشارکة الزوجیة تفرض علیها إبلاغه وحق الزوج متعلق بمالها خاصةً إذا کانت أموال الزوجة سبب لانعقاد الزواج؛ لأن قسم من الزیجات تتم بسبب مال المرأة. الرأی الثانی: لا یجوز للمرأة التبرع بأکثر من ثلث مالها من دون موافقة زوجها. ذهب جمهور المالکیة إلى تفرقة تبرع المرأة بأکثر من ثلث أموالها من تبرعها بالثلث ودونه ولغیر الزوج بالثلث أو أقل منه ولا تلتزم باستحصال موافقة الزوج حتى ان تضرر من هذا التبرع، أما إذا أرادت التبرع بأکثر من ثلث أموالها فیجب علیها استحصال موافقته مراعاة لحقه. أما إذا أرادت التبرع لزوجها فتتبرع له من دون قید أو شرط بل هذا من دوام العشرة واستندوا فی رأیهم إلى القرآن الکریم والسنة النبویة:-
الرأی الثالث: یجوز للزوجة التبرع بأموالها من دون موافقة زوجها وقال بهذا الرأی جمهور الفقه الإسلامی وهو الراجح؛ لقوة حججهم ومنطقیتها، حیث یحق للمرأة التبرع بأموالها متى تشاء ولمن تشاء ودون أن تتقید بقدر معین منه ولا یتطلب لصحة هذا التصرف موافقة أحد، واستند اصحاب هذا الرأی على الادلة من القرآن الکریم والسنة النبویة:- أولاً: الأدلة من القران الکریم
ثانیاً: الأدلة من السنة النبویة
الفرع الثانی تبرعات الزوجة فی القانون المدنی لم ینص المشرع العراقی على تعریف التبرع فی ثنایا القانون المدنی لکنه أشار إلیه فی نصوص متفرقة، فنصت المادة (239) من القانون المدنی العراقی على أنه: "إذا قضى أحد دین غیره بلا أمره سقط الدین عن المدین سواء قبل أو لم یقبل ویعتبر الدافع متبرعاً لا رجوع له على المدین بشیء مما دفعه بلا أمره إلا إذا تبین من الظروف أن للدافع مصلحة فی دفع الدین أو أنه لم یکن عنده نیة التبرع". ونصت المادة(4420) من القانون المدنی العراقی على أنه: "إذا ابرأ الدائن المدین سقط الدین"، ونصت المادة (441) منه على أنه: "یشترط للصحة الإبراء أن یکون المبرئ أهلاً للتبرع"، ونصت المادة (422) منه على أنه:" 1.لا یتوقف الإبراء على قبول المدین لکن إذا رده قبل القبول ارتد، وإن مات قبل القبول فلا یؤخذ الدین من ترکته. 2.ویصح إبراء المیت من دینه"، ونصت الفقرة الثانیة من المادة (264) من القانون المدنی العراقی على أنه: "إذا کان التصرف تبرعا فأن لا ینفذ فی حق الدائن لو کان من صدر له التبرع حسن النیة وحتى لو ثبت أن المدین لم یکتب غشاً". یتضح من النصوص القانونیة المذکورة آنفاً أن التبرعات تتمیز بالخصائص الآتیة: أولاً: من حیث نشوء التبرع. ینشأ التبرع بإیجاب المدین فحسب من دون أن یتوقف على قبول الدائن، ولکن لا ینفذ التبرع إلا بقبول الدائن أو عدم رده، فینشأ بإرادة طرف واحد ویتم بإرادة الطرف الثانی. ثانیا: من حیث الطبیعة القانونیة للتبرع. یعد تبرع المدین تصرفاً بإرادته المنفردة ولیس عقداً بین طرفین. ثالثا: من حیث الإلزام. یعد التبرع ملزماً للطرف الذی أنشاؤه فحسب ولا یلتزم به الدائن إلا إذا قبله أو لم یرده. رابعاً: من حیث شروط صحة التبرع. یجب أن یتمتع المتبرع بأهلیة قانونیة کاملة فهو تصرف ضار ضرراً محضاً. خامساً: من حیث أثر التبرع. إذا نشأ التبرع صحیحاً ترتب أثره وهو زوال الدین لسقوطه. سادساً: من حیث شروط عدم نفاذ تبرع المدین. لأنه تصرف ضار فمجرد نشؤه لا ینفذ بحق الدائن حتى لو کان المتبرع له حسن النیة ولم یرتکب المتبرع غشاً. إذن یحق للزوجة مادامت تمتع بأهلیة قانونیة کاملة إنشاء التبرعات التی ترید من دون أن یتوقف ذلک على قبول غیرها، فتستطیع إبراء دائنها والتنازل عن حقوقها لغیرها أو هبتها سوءً أکان بمقابل أم من دون مقابل؛ لأنها عاقلة بالغة رشیدة ما لم ینص القانون على الحد من أهلیتها عند ذلک لا ینفذ تبرعها حالها فی ذلک حال الرجل. الخاتمـة الحمد الله (سبحانه وتعالى) حمداً کثیراً طیباً مبارکاً، لا منة فیه ولا ریاء، على ما أنعم علینا به من إتمام هذه البحث، ونحمده على ما هدانا إلیه من الأمر الحق، ونستغفره على کل زلة وقعنا فیها من غیر قصد، فإن أصبنا فمن الله (سبحانه وتعالى) وإن أخطأنا فمن نفسنا ومن الشیطان- ولا حولة ولا قوة إلا بالله- ولسنا نزعم الکمال فإن الکمال لله (سبحانه وتعالى) وحده، وبعد أن انتهینا من موضوع بحثنا بعون من الله (سبحانه وتعالى) وتوفیق منه فقد توصلنا إلى أهم النتائج والتوصیات الآتیة: أولاً : النتائج
ثانیاً: التوصیات.
The Authors declare That there is no conflict of interest
References (Arabic Translated to English) First: Books of Arabic. Second: Books interpretation. Third: Books of hadiths. Fourth: Books Islamic jurisprudence. B. Books Maliki jurisprudence. C. Books Al-Fiqh Al-Shafei. Dr.. Books of Fiqh Hanbali.
E. Books jurisprudence Jaafari. And. Books of Contemporary Islamic Jurisprudence. Fifth: Books the law. Sixth: Letters and university diplomas. Seventh: Laws. Eighth: Websites.
| ||
References | ||
أولاً: کتب اللغة العربیة. 1. إبراهیم مصطفى وأحمد الزیات وحامد عبد القادر ومحمد النجار، المعجم الوسیطـ، تحقیق: مجمع اللغة العربیة، دار الدعوة، من دون مکان وسنة نشر. 2. أحمد بن محمد بن علی المقری الفیومی، المصباح المنیر فی غریب الشرح الکبیر للرافعی، المکتبة العلمیة، بیروت، من دون سنة نشر. 3. محمد بن مکرم بن منظور الأفریقی المصری، لسان العرب، ط1، دار صادر، بیروت، من دون سنة نشر. 4. محمد رواس قلعه جی ومحمد صادق قنیبی، معجم لغة الفقهاء، ط1، دار النفائس، لبنان، 1985. 5. محمد مرتضى الحسینی الزبیدی، تاج العروس من جواهر القاموس، تحقیق مجموعة من المحققین، دار الهدایة، من دون سنة نشر. ثانیاً: کتب التفسیر. 6. أحمد بن علی الرازی الجصاص أبو بکر، أحکام القرآن، دار الکتب العلمیة، بیروت، من دون سنة نشر. 7. إسماعیل بن عمر بن کثیر الدمشقی أبو الفداء، تفسیر القرآن العظیم، دار الفکر، بیروت، 1401هـ. 8. محمد العاملی، تفصیل وسائل الشیعة إلى تحصیل مسائل الشیعة، ط19، مؤسسة آل البیت لإحیاء التراث. 9. محمد بن أحمد الأنصاری القرطبی، الجامع لأحکام القرآن، دار الشعب، القاهرة، من دون سنة نشر. ثالثاً: کتب الأحادیث. 10. أبو عبدالله محمد بن محمد بن محمد بن أمیر الحاج، التقریر والتحبیر فی شرح التحریر، ط1، دار الفکر، بیروت، 1417هـ، 1996م. 11. أحمد بن حنبل أبو عبدالله الشیبانی، مسند الإمام أحمد بن حنبل، مؤسسة قرطبة، مصر، من دون سنة نشر. 12. أحمد بن شعیب أبو عبد الرحمن النسائی، المجتبى من السنن، تحقیق عبد الفتاح أبو غدة، ط2، مکتب المطبوعات الإسلامیة، حلب، 1406 هـ، 1986م. 13. سلیمان بن الأشعث أبو داود السجستانی الأزدی، سنن أبی داود، تحقیق محمد محیی الدین عبد الحمید، دار الفکر، من دون مکان وسنة نشر. 14. محمد بن إسماعیل أبو عبدالله البخاری الجعفی، الجامع الصحیح المختصر( صحیح البخاری)، تحقیق د. مصطفى دیب البغا، ط3، دار ابن کثیر، الیمامة، بیروت، 1407هـ، 1987م. 15. محمد بن عبدالله أبو عبدالله الحاکم النیسابوری، المستدرک على الصحیحین، تحقیق مصطفى عبد القادر عطا، ط1، دار الکتب العلمیة، بیروت، 1411هـ، 1990م. 16. محمد بن عیسى (أبو عیسى) الترمذی السلمی، الجامع الصحیح سنن الترمذی، تحقیق أحمد محمد شاکر وآخرون، دار إحیاء التراث العربی، بیروت، من دون مکان وسنة نشر. 17. محمد بن فتوح الحمیدی، الجمع بین الصحیحین البخاری ومسلم، تحقیق د. علی حسین البواب، ط2، دار ابن الحزم، بیروت، 1423هـ، 2002م. 18. محمد بن یزید أبو عبدالله القزوینی، سنن ابن ماجة، تحقیق محمد فؤاد عبد الباقی، دار الفکر، بیروت، من دون سنة نشر. 19. مسلم بن الحجاج أبو الحسین القشیری النیسابوری، صحیح مسلم، تحقیق محمد فؤاد عبد الباقی، دار إحیاء التراث العربی، بیروت، من دون سنة نشر. رابعاً: کتب الفقه الإسلامی. أ. کتب الفقه الحنفی. 20. تاج الدین بن عبد الکافی السبکی، الأشباه والنظائر، تحقیق عادل أحمد عبد الموجود وعلی محمد عوض، ط1، دار الکتب العلمیة، بیروت، 1411هـ، 1991م. 21. علی بن محمد بن الحسین البزدوی، أصول الإمام البزدوی مطبوع على هامش کشف الأسرار، ضبط وتعلیق وتخریج محمد المعتصم بالله البغدادی، ط3، دار الکتاب العربی، بیروت، 141هـ، 1997م. 22. علی بن محمد بن علی الجرجانی، التعریفات، تحقیق: إبراهیم الأبیاری، ط1، دار الکتاب العربی، بیروت، 1405هـ. 23. علی حیدر، درر الحکام شرح مجلة الأحکام، تحقیق وتعریب فهمی الحسینی، دار الکتب العلمیة، بیروت، من دون سنة نشر. 24. کمال الدین محمد بن عبد الواحد السیواسی، شرح فتح القدیر، ط2، دار الفکر، بیروت، من دون سنة نشر. 25. محمد أمین بن عابدین الحنفی، حاشیة رد المختار على الدر المختار شرح تنویر الأبصار فقه أبو حنیفة، دار الفکر للطباعة والنشر، بیروت، 1421هـ، 2000م. ب. کتب الفقه المالکی. 26. ابن رشد القرطبی، المقدمات والممهدات، ط1، دار الغرب الإسلامی، بیروت، 1988. 27. أحمد بن إدریس بن عبد الرحمن الصنهاجی القرافی، الفروق ( أنوار البروق فی أنواء الفروق) مع هامشه، تحقیق خلیل المنصور، الفرق الثالث والثمانون والمائة بین قاعدة الذمة وبین قاعدة أهلیة المعاملة، ط1، دار السلام، القاهرة، 1418هـ، 1998م. 28. علی الصعیدی العدوی المالکی، حاشیة العدوی على شرح کفایة الطالب الربانی، تحقیق: یوسف محمد البقاعی، دار الفکر، بیروت، 1412هـ. 29. محمد بن عبد الرحمن المغربی، مواهب الجلیل لشرح مختصر خلیل، ط2،دار الفکر، بیروت، 1398. 30. محمد عرفة الدسوقی، حاشیة الدسوقی على الشرح الکبیر، ج3، ط2، دار الکتب العلمیة، لبنان، 2003. 31. یوسف بن عبد الله بن عبد البر النمری القرطبی، الاستذکار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار، تحقیق سالم محمد عطا ومحمد علی معوض، ط1، دار الکتب العلمیة، بیروت، 2000م. ج. کتب الفقه الشافعی. 32. سعد الدین مسعود بن عمر التفتزارنی الشافعی، شرح التلویح على التوضیع لمتن التنقیح فی أصول الفقه، تحقیق زکریا عمیرات، ط1، دار الکتب العلمیة، بیروت، 1416هـ، 1996م. 33. سلیمان الجمل، حاشیة الشیخ سلیمان الجمل على شرح المنهج ( لزکریا الأنصاری)، دار الفکر، بیروت، من دون سنة نشر. 34. سلیمان بن عمر بن محمد البجیرمی الشافعی، حاشیة البجیرمی على شرح منهج الطلاب (التجرید لنفع العبید)، المکتبة الإسلامیة، دیار بکر، ترکیا، من دون سنة نشر. 35. محمد بن إدریس الشافعی، الأم، ط2، دار المعرفة، بیروت، 1393. 36. یحیى بن شرف النووی، المجموع، دار الفکر، بیروت، 1997م. د. کتب الفقه الحنبلی. 37. ابن رجب الحنبلی، القواعد، الرابعة والثمانون الحمل هل له حکم قبل انفصاله أم لا، ط2، مکتبة نزار مصطفى الباز، مکة المکرمة، 1999م. 38. زین الدین ابن نجیم الحنفی، البحر الرائق شرح کنز الدقائق، ط2، دار المعرفة، بیروت، من دون سنة نشر. 39. عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسی، المغنی فی فقه الإمام أحمد بن حنبل الشیبانی، ط1، دار الفکر، بیروت، 1405هـ. 40. محمد سلیمان عبدالله الأشقر، المجلى فی الفقه الحنبلی، ط1، دار القلم، دمشق، 1968. 41. منصور بن یونس بن إدریس البهوتی الحنبلی، کشاف القناع عن متن الإقناع، تحقیق هلال مصیلحی ومصطفى هلال، دار الفکر، بیروت، 1402هـ. هـ. کتب الفقه الجعفری. 42. محمد بن إسماعیل الصنعانی، سبل السلام شرح بلوغ المرام من أدلة الأحکام، تحقیق محمد عبد العزیز الخولی، ط4, دار إحیاء التراث العربی، بیروت، 1379هـ. و. کتب الفقه الإسلامی المعاصر. 43. أحمد فراج حسین، الملکیة ونظریة العقد فی الشریعة الإسلامیة، ط1، مؤسسة الثقافة الجامعیة، من دون مکان، من دون سنة نشر. 44. الخضری بک، أصول الفقه، ط1، دار القلم، بیروت، 407هـ، 1987م. 45. عبد الرحمن الجزیری، الفقه على المذاهب الأربعة، در الحدیث، القاهرة، 2004. 46. محمد أبو زهرة، أحکام الترکات والمواریث، دار الفکر العربی، القاهرة، 1383هـ، 1964م. 47. وهبة الزحیلی، الفقه الإسلامی وأدلته، ط1، دار الفکر، الجزائر، 1991. خامساً: کتب القانون. 48. جعفر الفضلی، مبادئ انتقال الترکة فی القانونین العراقی والفرنسی، مرکز البحوث القانونیة فی وزارة العدل، بغداد، 1983. 49. سلیمان مرقس، الوافی فی شرح القانون المدنی المدخل للعلوم القانونیة، ط6، من دون دار ومکان نشر، 1987. 50. عبد الباقی البکری وزهیر البشیر، المدخل لدراسة القانون، ط3، المکتبة القانونیة، بغداد، 2011. 51. عبد الرزاق أحمد السنهوری ود. أحمد حشمت أبو شیت، أصول القانون أو المدخل لدراسة القانون، مطبعة لجنة التألیف والترجمة والنشر، القاهرة، 1938. 52. عبد الرزاق احمد السنهوری، الوسیط فی شرح القانون المدنی حق الملکیة، دار النهضة العربیة،1967. 53. عبد الرزاق أحمد السنهوری، مصادر الحق فی الفقه الإسلامی دراسة مقارنة بالفقه الغربی، ط12، منشورات الحلبی الحقوقیة، بیروت، 1998. 54. عبد الفتاح عبد الباقی، نظریة الحق، ط2، من دون دار ومکان نشر، 1965. 55. عبد المجید الحکیم وآخرون، القانون المدنی وأحکام الالتزام، ط2، دار ابن الأثیر، جامعة الموصل، 2011. 56. عصمت عبد المجید بکر، نظریة العقد فی الفقه الإسلامی، دراسة مقارنة مع الفقه القانونی والقوانین المعاصرة، ط1، دار الکتب العلمیة، بیروت، 2009. 57. مصطفى أحمد الزرقاء، المدخل إلى نظریة الالتزام، دار القلم، دمشق، ط1، 1420هـ، 1999م. 58. مصطفى أحمد عمران الدراجی، الحقوق المتعلقة بالذمة المالیة، دراسة مقارنة بین الشریعة والقانون، دار الفکر الجامعی، الاسکندریة، 2009. 59. منصور حاتم الفتلاوی، نظریة الذمة المالیة، دراسة مقارنة بین الفقهین الوضعی والإسلامی، ط2، دار الثقافة للنشر والتوزیع، عمان، 2010. 60. نبیل إبراهیم سعد، المدخل إلى القانون، نظریة الحق، منشأة المعارف، الإسکندریة، 2001. سادساً: الرسائل والأطاریح الجامعیة. 61. أیمن أحمد محمد نعیرات، الذمة المالیة للمرأة فی الفقه الإسلامی، رسالة ماجستیر، کلیة الدراسات العلیا، جامعة النجاح الوطنیة فی فلسطین،2009. 62. بان عباس خضیر، تخصیص الذمة المالیة وآثارها، رسالة ماجستیر فی القانون التجاری، کلیة الحقوق، جامعة الموصل، 2009. سابعاً: القوانین. 63. القانون المدنی العراقی النافذ رقم (40) لسنة 1951. 64. قانون الأحوال الشخصیة العراقی النافذ رقم (118) لسنة 1959. 65. القانون المدنی المصری النافذ رقم (131) لسنة 1948. 66. القانون المدنی الأردنی النافذ رقم (43) لسنة 1976. 67. القانون المدنی الیمنی النافذ رقم (14) لسنة 2002. ثامناً: المواقع الالکترونیة. 68. الشخصیة الاعتباریة والذمة، مقالة منشورة فی الانترنیت على الموقع الآتی: http://www.sudaadvoc.net/index.php?option=com_kunena&Itemid= 69. علی محیی الدین القرداغی، التعریف بالذمة المالیة، بحث منشور فی الانترنیت، على الموقع الآتی: http://www.qaradaghi.com/portal/index.php?option=com_content&view=article&id 70. حسن الجواهری، الذمة المالیة فی الفقه الإسلامی، بحث منشور فی الانترنیت على الموقع الآتی: http://www.rafed.net/books/fegh/bohouth-alfeghe- 71. الذمة المالیة، مقالة منشور فی الانترنیت على الموقع الآتی: hiba2006-1.tripod.com/1st_year/1semester/ 72. الذمة المالیة، بحث منشور فی منتدى العلوم القانونیة والإداریة قسم السنة الأولى فی الانترنیت على الموقع الآتی: http://www.droit-alafdal.com/t504-topic 73. إلیاس حداد، الذمة المالیة، مقالة فی مجلة العلوم القانونیة والاقتصادیة، من دون مکان نشر، المجلد التاسع، منشور فی الانترنیت فی الموقع الآتی: http://www.arab-ency.com/index.php?module 74. خالد جمال أحمد حسن، الوسیط فی مبادى القانون، نظریة الحق، منشور فی الانترنیت على الموقع الآتی: http://www.egyptjudgeclub.org/jcma/books/book_detail.php?id= 75. الذمة المالیة للشخص الطبیعی فی القانون، منشور فی الانترنیت على الموقع الآتی: http://www.boxiz.com/blogs/ 76. الذمة والأهلیة فی الشریعة الإسلامیة والقوانین الوضعیة، منشور فی الانترنیت على الموقع الآتی: http://www.habous.net/daouat-alhaq/item 77. الذمة المالیة بین الشریعة والقانون، بحث منشور فی الانترنیت على الموقع الآتی: http://www.qlbna.com/vb/qlbna1079.html 78. حوار مع د.عمر عبد الکافی عن المرأة المسلمة ... ذمة مالیة مستقلة،2009. منشور فی الانترنیت على الموقع الآتی : Http://www.abdeikafy.net/ar/indexphp 79. فتوى اختلافات الزوجة الموظفة وانفصال الذمة المالیة الزوجین، منشورة فی الانترنیت على الموقع الآتی : http://alwaei.com/topics/view/articalephp?sdd 80. القوامة والذمة المالیة للمرأة منشور فی الانترنیت على الموقع الآتی: http://alwaei.com/topics/view/articalephp?sdd 81. فتوى بعنوان للمرأة ذمة مالیة مستقلة منشورة فی الانترنیت على الموقع الآتی: http://www.is/amweb..net/ falwa/ index.php? | ||
Statistics Article View: 547 PDF Download: 670 |