أثر الظروف الطارئة فی تنفیذ العقد الإداری | ||
الرافدین للحقوق | ||
Article 1, Volume 18, Issue 58, September 2013, Pages 156-218 PDF (0 K) | ||
Document Type: بحث | ||
DOI: 10.33899/alaw.2013.160720 | ||
Author | ||
حسن محمد علی حسن البنان | ||
القسم العام، کلیة الحقوق، جامعة الموصل، الموصل، العراق | ||
Abstract | ||
عندما تختل اقتصادیات العقد اختلالاً جسیماً لظروف استثنائیة لم یکن فی الوسع توقعها عند إبرام العقد، وینتج عن ذلک جعل التنفیذ أکثر إرهاقاً للمتعاقد بما یترتب علیها من خسائر تجاوز فی حدتها الخسارة العادیة المألوفة فی التعامل، فإن للمتعاقد الحق فی طلب مساعدة جهة الإدارة للتغلب على هذه الظروف کی تشارکه فی تحمل جزء من الخسارة التی لحقت به وهذا هو جوهر نظریة الظروف الطارئة. التی نظمتها المادة 146 / 2 من القانون المدنی العراقی رقم ( 40 ) لسنة 1951 وتتلخص آثار هذه النظریة فی التزام المتعاقد المضار بالاستمرار فی تنفیذ العقد من ناحیة والتزام الإدارة المتعاقدة بتعویض المضار من ناحیة أخرى | ||
Keywords | ||
نشأة نظریة الظروف الطارئة فی العراق | ||
Full Text | ||
أثر الظروف الطارئة فی تنفیذ العقد الإداری -دراسة مقارنة-(*)- The impact of emergency conditions in the implementation of the administrative contract
(*) أستلم البحث فی 8/3/2013 *** قبل للنشر فی 15/4/2013. (*) Received on 8/3/2013 *** accepted for publishing on 15/4/2013. Doi: 10.33899/alaw.2013.160720 © Authors, 2013, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license (http://creativecommons.org/licenses/by/4.0). المستخلص عندما تختل اقتصادیات العقد اختلالاً جسیماً لظروف استثنائیة لم یکن فی الوسع توقعها عند إبرام العقد، وینتج عن ذلک جعل التنفیذ أکثر إرهاقاً للمتعاقد بما یترتب علیها من خسائر تجاوز فی حدتها الخسارة العادیة المألوفة فی التعامل، فإن للمتعاقد الحق فی طلب مساعدة جهة الإدارة للتغلب على هذه الظروف کی تشارکه فی تحمل جزء من الخسارة التی لحقت به وهذا هو جوهر نظریة الظروف الطارئة. التی نظمتها المادة 146 / 2 من القانون المدنی العراقی رقم ( 40 ) لسنة 1951 وتتلخص آثار هذه النظریة فی التزام المتعاقد المضار بالاستمرار فی تنفیذ العقد من ناحیة والتزام الإدارة المتعاقدة بتعویض المضار من ناحیة أخرى.
Abstract When the economies of contract are seriously affected due to exceptional circumstances that could not be expected at the moment of signing the contract , the execution becomes much more difficult on the contractor s part . this brings forth more loss exceeding the familiar normal loss in normal dealing . thus the contractor has the right for asking help from the administration to overcome such circumstances and in order to take part in assuming the responsibility of the loss . this is the core of the theory of emergent circumstances regulated by Article 146 - 2 of the Iraqi civil law no . 40 - 1951 , which deals mainly with committing the harmed contractor to keeping on the execution of the contract . on his part , on the one hand committing the contracting administration to compensating the harmed contractor , on the other hand.
المقدمـة: یشغل العقد الإداری مکاناً بارزاً من بین الوسائل التی تلجأ إلیها الجهات الإداریة لتسییر المرافق العامة، وإذا تکمن الغایة من إبرام العقد الإداری أساساً فی کفالة حسن سیر المرافق العامة وأداء الأعمال والخدمات وسرعة انجازها تحقیقاً للمصلحة العامة، فإن تلک الغایة لن تتحقق فعلاً إلا بتنفیذ الالتزامات العقدیة التی یولدها العقد تنفیذاً سلیماً على وفق الشروط الواردة به فی المدة المحددة للتنفیذ. إلا أن المتعاقد مع الإدارة قد تصادفه فی أثناء تنفیذ العقد الإداری ظروف لم یکن فی الوسع توقعها فی أثناء إبرام العقد تؤثر على تنفیذ العقد. ویُثار التساؤل عن التبعات القانونیة المترتبة على هذه الظروف فیما یتعلق بالتزامات وحقوق طرفی العقد؟ وهل یترک هذا المتعاقد الذی صادف أموراً لم یکن فی الإمکان توقعها– على الرغم من اتخاذه الحیطة الواجبة على وفق المجرى العادی للأمور – ضحیة لظروف لا بد له فی إحداثها؟ وهل یصرف النظر عن احتیاجات المرفق العام الذی ما أبرم العقد الإداری إلا بتسییره وإشباع حاجته على وجه مرض تحقیقاً للمصلحة العامة. وتجد هذه التساؤلات تجد إجابات لها فی نظریة من أهم نظریات التوازن المالی للعقد وأکثرها تطبیقاً فی الحیاة العملیة وهی نظریة الظروف الطارئة. سبب اختیار الموضوع : وجود متغیرات اقتصادیة تطرأ فی عصرنا الحدیث وقد تخلف هذه التغیرات ظروف طارئة لا یتوقعها المتعاقدان التی تنتج آثار کثیرة تلقی أعباء على الإدارة والمتعاقد کلیهما. لذا سنحاول بیان أهمیة هذه النظریة فی البحث عبر آثار تطبیقها. أهمیة البحث : إن نظریة الظروف الطارئة من النظریات المسلم بها فی مجال القانون العام ومن أکثرها تطبیقاً فی مجال التوازن المالی للعقد . وإنها على الرغم من نشأتها القضائیة التی ابتدعها مجلس الدولة الفرنسی إلا أنها قننت فی نصوص القانون المدنی فی مصر والعراق وأصبح العمل بها ضروریاً لضمان حقوق والتزاماته أطراف العقد الإداری. هدف البحث: تحدید النظام القانونی الذی یحکم تطبیق نظریة الظروف الطارئة، ومعرفة الآثار القانونیة التی تترتب على تطبیقها. إشکالیة البحث: نظم نص المادة 146 / 2 من القانون المدنی العراقی رقم ( 40 ) لسنة 1951 قد نظم العمل بنظریة الظروف الطارئة فی مجال العقود سواء المدنیة أو الإداریة ، إلا أن ذلک التنظیم یعد خروجاً على القواعد العامة، فضلاً عن کونه قاصراً فی الإجابة على تساؤلات عدیدة. فرضیة البحث: تقوم فرضیة البحث على أنه إذا توفرت شروط تطبیق نظریة الظروف الطارئة فإن هناک آثار قانونیة تتعلق بالمتعاقد من ناحیة الالتزامات المفروضة علیه فی ضرورة استمراره فی تنفیذ العقد، وإلا سقط حقه فی المطالبة بالتعویض. ویُثار التساؤل الآتی : إلى أی مدى یلتزم المتعاقد فی تنفیذ التزاماته؟ ومن ناحیة أخرى تترتب التزامات على عاتق الإدارة وهی تعویض المتعاقد المضار، وهنا تُثار تساؤلات أخرى فعلى أی أساس یتم تعویضه؟ وما هی القواعد التی تحکم تحدید قیمة التعویض؟ وما هی العناصر التی یشملها؟ وما هی سلطات القاضی سواء المدنی أو الإداری فی مواجهة الظروف الطارئة؟ فضلاً عن تساؤلات أخرى عدیدة سنقدمها فی البحث وسنجیب علیها. منهج البحث: لتحقیق غایات البحث کان المنهج المتبع فی هذه الدراسة هو المنهج التحلیلی المقارن. إذ تعتمد الدراسة على تحلیل النصوص القانونیة الخاصة بالموضوع سواء فی القانون الفرنسی أو المصری أو العراقی وعرض الآراء الفقهیة، وموقف القضاء فی هذا الشأن. خطة البحث: للتطورات الحادثة فی مفهوم نظریة الظروف الطارئة والتداخل بینها وبین بقیة نظریات التوازن المالی للعقد فی مجالات التطبیق وشروطه فقد لزم أن نمهد للبحث بالمطلب التمهیدی نتحدث فیه عن نشأة النظریة ومفهومها وتطورها ثم نعقب ذلک بالمبحث الأول یتضمن التمییز بینها وبین بقیة النظریات والحدیث عن مجالات تطبیق النظریة وشروط هذا التطبیق، ومن ثم نتناول فی المبحث الثانی الآثار القانونیة لتطبیقها على وفق ما یأتی: المطلب تمهیدی: مفهوم نظریة الظروف الطارئة ونشأتها وتطورها المبحث الأول: تمییز نظریة الظروف الطارئة عن النظریات المشابهة ومجال التطبیق وشروطه المبحث الثانی: الآثار القانونیة التی تترب على تطبیق نظریة الظروف الطارئة
المطلب التمهیدی مفهوم نظریة الظروف الطارئة ونشأتهاوتطورها تعد نظریة الظروف الطارئة من أهم النظریات التی تواجه آثار الظروف التی تقع فی أثناء مدة تنفیذ العقد الإداری. وهی من إبداعات مجلس الدولة بحکم شهیر لها فی دعوى غاز بوردو عام 1916 إذ لم یقف هنا المجلس عند حدود إنشاء النظریة فحسب بل تجاوزها إلى التطویر فی أحکامها. ولبیان ذلک سیکون هذا المبحث فی فرعین على وفق الآتی: الفرع الأول : مفهوم نظریة الظروف الطارئة. الفرع الثانی : نشأة نظریة الظروف الطارئة وتطورها.
الفرع الأول مفهوم نظریة الظروف الطارئة عندما تختل اقتصادیات العقد اختلالا جسیماً لظروف استثنائیة لم یکن فی الوسع توقعها عند إبرام العقد، وینتج عن ذلک جعل التنفیذ أکثر إرهاقاً للمتعاقد، بما یترتب علیها من خسائر تجاوز فی حدتها الخسارة العادیة المألوفة فی التعامل، فإن للمتعاقد الحق فی طلب مساعدة جهة الإدارة للتغلب على هذه الظروف، کی تشارکه فی تحمل جزء من الخسارة التی لحقت به. وإن کانت الظروف الطارئة لا تؤدی إلى جعل تنفیذ العقد مستحیلاً، إلا أنها تؤدی إلى قلب اقتصادیات العقد رأساً على عقب، ویجب على المتعاقد الاستمرار فی تنفیذ التزاماته العقدیة على الرغم من وجود هذه الظروف، ولیس من العدل أن یترک بمفرده یواجه هذه الظروف التی لم یکن فی إمکانه أن یتوقع حدوثها، ولیس من صالح الإدارة أن یتعثر تنفیذ العقد، وما یترتب عن ذلک من أثار على سیر المرفق العام الذی یخدمه هذا العقد. ولقد أبرزت المحکمة الإداریة العلیا المصریة فی حکمها الصادر فی 18 دیسمبر ( کانون الأول ) 1984 العناصر الأساسیة والأحکام الرئیسة التی تقوم علیها نظریة الظروف الطارئة، وقد جاء بهذا الحکم " أن مجال أعمال نظریة الظروف الطارئة أن تطرأ فی تنفیذ العقد حوادث أو ظروف طبیعیة أو اقتصادیة سواء من عمل الجهة الإداریة أو غیرها ولم تکن فی حسبان المتعاقد عند إبرام العقد، ولا یملک لها دفعاً، وانه یترتب علیها أن تنزل بالمتعاقد خسائر فادحة تختل معها اقتصادیات العقد اختلالا جسیماً وتؤدی هذه النظریة بعد توفر شروطها إلى إلزام جهة الإدارة المتعاقدة مشارکة المتعاقد معها فی تحمل نصیب من الخسارة التی لحقت به طول مدة قیام الظرف الطارئ ". تستهدف مشارکة جهة الإدارة للمتعاقد معها فی تحمل جزء من النفقات غیر التعاقدیة التی تکبدها نتیجة الظروف الطارئة تغطیة الربح الضائع، وإنها لا تستهدف أیضاً تغطیة الکسب الذی کان یأمل المتعاقد فی تحقیقه. إذ تهدف هذه المشارکة إلى حل ضائقة أو أزمة فی تنفیذ العقد لتوحید جهود الإدارة والمتعاقد معها للتغلب على هذه الضائقة الطارئة. ویترتب على ذلک أنه لا محل للتعویض عن الظرف الطارئ إلا إذا ترتب علیه تحقیق خسائر فادحة توصف بأنها قلب لاقتصادیات العقد رأساً على عقب. الفرع الثانی نشأة نظریة الظروف الطارئة وتطورها من المعلوم أن نشأة نظریة الظروف الطارئة کانت قضائیة وهی من إبداعات مجلس الدولة الفرنسی. وقد اقرها المشرعان المصری والعراقی وهذا ما سنبحثه فی ثلاثة مقاصد وعلى وفق الآتی: المقصد الأول : نشأة نظریة الظروف الطارئة فی فرنسا وتطورها . المقصد الثانی : نظریة الظروف الطارئة فی مصر وتطورها . المقصد الثالث : نشأة نظریة الظروف الطارئة فی العراق
المقصد الأول نشأة نظریة الظروف الطارئة فی فرنسا وتطورها یعد الفقه الفرنسی أن حکم مجلس الدولة الشهیر فی دعوى غاز بوردو سنة 1916 هو دستور نظریة الظروف الطارئة التی تتلخص وقائعها: فی انه بعد نشوب الحرب العالمیة الأولى ارتفعت أسعار الفحم ارتفاعاً فاحشاً لدرجة أن شرکة الإضاءة لمدینة بوردو الفرنسیة وجدت أن الأسعار التی تتقاضاها مقابل التزامها بإنارة المدینة أقل بکثیر من أن تغطی نفقات الإنارة، لذا تقدمت الشرکة للسلطة مانحة الالتزام تطلب رفع الأسعار، إلا أن هذه السلطة رفضت ذلک وتمسکت بتنفیذ عقد الالتزام بناء على قاعدة (أن العقد شریعة المتعاقدین) لأن تنفیذ لیس مستحیلاً ذلک لأن الفحم موجود وإن ارتفعت أسعاره ، وانتهى الأمر بالشرکة والسلطة مانحة الالتزام إلى مجلس الدولة والذی قرر مبدأ جدید مستمداً من قاعدة دوام سیر المرفق العام، مفاده أنه إذا حدثت ظروف لم تکن فی الحسبان وکان من شأنها أن تزید الأعباء الملقاة على عاتق الملتزم إلى حد الإخلال بتوازن العقد إخلالاً جسیماً. فللملتزم الحق فی أن یطلب من الإدارة ولو مؤقتاً الإسهام إلى حد ما فی الخسائر التی تلحق به. ولازالت دعوى غاز بوردو إلى الوقت الحاضر تحتفظ بقیمتها على الرغم من أن مجلس الدولة لفرنسی قد أدخل تعدیلات على تطبیق هذه النظریة تتمثل فی عدة جوانب : الجانب الأول : تبین فی السنوات التی تلت الحرب العالمیة الأولى أن التقلبات الاقتصادیة وما نتج عنها من انخفاض قیمة العملة وارتفاع الأسعار أدت إلى ظهور مناخ اقتصادی جدید مضمونه أنه لا أمل فی أن تعود المراکز التعاقدیة الأصلیة لحالتها الأولى ، الأمر الذی جعل مجلس الدولة الفرنسی یتبنى حلولاً جدیدة لإکمال نظریة الظروف الطارئة ویطبقها ولا سیما وفیما یتعلق بنهایة الظروف الطارئة، فی دعوى شرکة ترام شاربورج عام 1932. الجانب الثانی : نتجت عن الحرب العالمیة الثانیة متغیرات على الحیاة الاقتصادیة إذ أصبحت الدولة مسؤولة عن عدید من الظواهر الاقتصادیة ، وذلک فی الإجراءات الاقتصادیة، وأصبح ذلک جزءاً من مشکلة نظریة الظروف الطارئة التی اتسع نطاقها وأصبح یشمل أیضاً الأفعال التی تصدر عن السلطات الإداریة. بعد أن کان محصوراً فی الظواهر الأجنبیة تماماً عن الدولة. وخلق ذلک مشکلة جدیدة تتعلق بمعیار التفرقة بین عمل الأمیر والظروف الطارئة لوجود مجال مشترک لمصدر الفعل الذی مرجعه عمل الجهة الإداریة . فی حکم مجلس الدولة الفرنسی الصادر فی 15 یولیو ( حزیران ) 1949 فی قضیة (Vill ed’ Elbeuf). الجانب الثالث : أعلن مجلس الدولة مبدأً جدیداً فی 12 مارس ( آذار ) 1976 فی دعوى Departement des Hautes Pyrenees societe sofilia ، أنه یحق للمتعاقد طلب التعویض عن الفترة اللاحقة لانقضاء عقد الالتزام. وهو ما یسوغ أن نظریة الظروف الطارئة لیست مقصورة على تسویغ استمراریة المرفق العام وإنما هناک اعتبارات أخرى لتسویغ التعویض فی هذه الحالة الأمر مما یعکس تطور قضاء مجلس الدولة بالنسبة لنظریة الظروف الطارئة. فضلاً عن التطور القضائی لنظریة الظروف الطارئة الذی تحدثنا عنه، ظهرت عناصر قانونیة أدت إلى انکماش تطبیق هذه النظریة منها: النص فی العقد على مراجعة الأسعار الواردة بالعقد لتتماشى مع أسعار السوق ، وتدخل المشرع فی حالات معینة لتطبیق المبادئ التی قررها القضاء.
المقصد الثانی نشأة نظریة الظروف الطارئة فی مصر وتطورها لقد مرت نشأة نظریة الظروف الطارئة بمراحل متعددة حتى تم إقرارها بنص تشریعی، فعلى صعید فقهاء القانون الخاص وفی ظل القانون المدنی القدیم الذی لم یکن بین نصوصه ما یسمح للقاضی نقض الالتزامات التی تضمنها العقد. ویقضی على وفق الأصل العام بأن العقد شریعة المتعاقدین ولم یتقبل هؤلاء الفقهاء أغلبهم تدخل المشرع لإقرار تطبیق نظریة الظروف الطارئة بنص عام وإنما یکون ذلک بصفة استثنائیة عند وقت الحاجة بالقدر المناسب لمواجهة الحالات الاستثنائیة الطارئة والمؤقتة. وکان فقهاء القانون العام إلى جانب الأخذ بالنظریة على عکس اتجاه القضاء المختلط والوطنی اللذین رفضا الأخذ بالنظریة فی ظل غیاب النص التشریعی، إلا أن محکمة استئناف مصر فی حکم صادر فی 9 أبریل ( نیسان ) 1931 طبقت هذه النظریة على عکس الاتجاه العام. وظلت الحال على ذلک حتى تدخل المشرع وأقر تطبیق النظریة بالنسبة إلى عقد الالتزام بصدور القانون رقم ( 29 ) لسنة 1949 بشأن التزامات المرافق العامة . ومن ثم صدر القانون المدنی الجدید رقم ( 131 ) لسنة 1949 إذ نصت الفقرة ثانیاً من المادة 147 على أنه " ... إذا طرأت حوادث استثنائیة عامة لم یکن فی الوسع توقعها وترتب على حدوثها أن تنفیذ الالتزام التعاقدی. وإن لم یصبح مستحیلاً ، صار مرهقاً للمدین إذ یهدده بخسارة فادحة، جاز للقاضی تبعاً للظروف وبعد الموازنة بین مصلحة الطرفین أن یرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول ویقع باطلاُ کل اتفاق على خلاف ذلک ... " وقد طبق مجلس الدولة المصری نظریة الظروف الطارئة منذ تقریر اختصاصه بالنظر فی العقود الإداریة بقانون المجلس رقم 9 لسنة 1949. المقصد الثالث نشأة نظریة الظروف الطارئة فی العراق أقر القانون المدنی العراقی رقم 40 لسنة 1951 فی المادة 146 / 2 على " أنه إذا طرأت حوادث استثنائیة عامة لم یکن فی الوسع توقعها وترتب على حدوثها أن تنفیذ الالتزام التعاقدی وإن لم یصبح مستحیلاً صار مرهقاً للمدین إذ یهدده بخسارة فادحة ، جاز للمحکمة بعد الموازنة بین مصلحة الطرفین أن تنقص الالتزام المرهق إلى الحد المعقول. إن اقتضت العدالة ذلک ویقع باطلاً کل اتفاق على خلاف ذلک".
وأصبحت نظریة الظروف الطارئة بموجب أحکام هذه المادة مقررة فی العراق سواء بالنسبة للعقود المدنیة أم للعقود الإداریة .
المبحث الأول تمییز نظریة الظروف الطارئة عن النظریات المشابهة ومجال التطبیقوشروطه توجد فضلاً عن نظریة الظروف الطارئة نظریتی فعل الأمیر والصعوبات المادیة غیر المتوقعة . وتتشابه هذه النظریات جمیعها فی أمور عدیدة أخرى. وبعد توضیح ذلک نجد أن الحدیث عن مجال تطبیق هذه النظریة ودراسة شروط هذا التطبیق أمراً ملزماً للوصول إلى منهج صحیح للآثار القانونیة التی تترتب على تطبیقها لذا سیکون هذا المبحث فی ثلاثة مطالب على وفق ما یأتی: المطلب الأول : تمییز نظریة الظروف الطارئة عند النظریات المشابهة لها . المطلب الثانی : مجال تطبیق نظریة الظروف الطارئة. المطلب الثالث : شروط تطبیق نظریة الظروف الطارئة.
المطلب الأول تمییز نظریة الظروف الطارئة عن النظریات المشابهة لها توجد فضلاً عن نظریة الظروف الطارئة نظریة فعل الأمیر ونظریة الصعوبات المادیة غیر المتوقعة وتتشابه هاتین النظریتین مع نظریة الظروف الطارئة فی أمور عدیدة . إلا أنها تختلف عنها فی أمور أخرى. وهذا ما سنبحثه فی هذا المطلب وفی فرعین على وفق ما یأتی : الفرع الأول : نظریة فعل الأمیر . الفرع الثانی: نظریة الصعوبات المادیة غیر المتوقعة .
الفرع الأول نظریة فعل الأمیر سنحاول فی هذا الفرع إلقاء الضوء على مفهوم نظریة فعل الأمیر ومن ثم نعرض لشروطها وأخیراً ندرس الآثار التی تترتب على تطبیقها. ونرکز على أوجه التشابه والاختلاف بین هذه النظریة ونظریة الظروف الطارئة فی ثلاثة مقاصد على وفق ما یأتی :
المقصد الأول : مفهوم نظریة فعل الأمیر . المقصد الثانی: شروط تطبیق نظریة فعل الأمیر . المقصد الثالث: الآثار التی تترتب على تطبیق نظریة فعل الأمیر .
المقصد الأول مفهوم نظریة فعل الأمیر عرفت محکمة القضاء الإداری فی مصر هذه النظریة بقولها : ... إن المقصود بنظریة فعل الأمیر هو کل إجراء تتخذه السلطة العامة ویکون من شأنه زیادة الأعباء المالیة للمتعاقد مع الإدارة أو فی الالتزامات التی ینص علیها . مما یطلق علیه بصفة عامة (المخاطر الإداریة) وقد تکون هذه الإجراءات التی تصدر من السلطة العامة من الجهة الإداریة المتعاقدة ، وقد تتخذ شکل قرار فردی خاص أو تکون بقواعد تنظیمیة عامة ..." لذا تکون الإجراءات التی یصبح وصفها بأنها من فعل الأمیر هی تلک التی تصدر من الإدارة المتعاقدة والتی تتناول شروط العقد الإداری بالتعدیل ، الأمر الذی ینتج عنه الإخلال بالتوازن المالی وهو المجال الأصیل للنظریة ، والإجراءات الصادرة من الجهة المتعاقدة فی شکل تشریع عام ذات طبیعة اقتصادیة أو مالیة أو عمالیة ویکون من شأنها الإضرار بمرکز المتعاقد معها، ویضر مصالحه کأن تزید من أعبائه أو تنقص منافعه ویؤدی الأجراء العام إلى تعدیل شروط العقد وقد لا یؤدی إلى ذلک ، إلا أنه یؤثر على الظروف الخارجیة لتنفیذه. المقصد الثانی شروط تطبیق نظریة فعل الأمیر تورد المحکمة الإداریة العلیا فی مصر شروط انطباق نظریة فعل الأمیر فی أحد أحکامها إذ قررت " ... فإن قضاء هذه المحکمة مستقر على أن القضاء بأحقیة المتعاقد مع الإدارة بالتعویض بناء على نظریة فعل الأمیر مرهونة بتوافر شروط انطباق تلک النظریة وهی : أولاً : أن یکون ثمة عقد من العقود الإداریة . ثانیاً: أن یکون الفعل الضار صادراً من جهة الإدارة المتعاقدة . ثالثاً: أن ینشأ عنه ضرر للمتعاقد . رابعاً: افتراض أن الإدارة المتعاقدة لم تخطئ حین اتخذت عملها الضار فمسؤولیتها عقدیة بلا خطأ. خامساً: أن یکون الإجراء الصادر من الإدارة غیر متوقع . سادساً: أن یلحق المتعاقد ضرراً خاصاً لا یشارکه فیه من یمسه الإجراء العام. المقصد الثالث الآثار المترتبة على تطبیق نظریة فعل الأمیر إذا توفرت شروط نظریة فعل الأمیر یمنح المتعاقد المضار من جراء العمل الصادر من السلطة العامة تعویضاً کاملاً. وعلى الرغم من أن الحصول على التعویض هو النتیجة الرئیسة لنظریة عمل الأمیر إلا أن هناک نتائج أخرى فرعیة کما یأتی: أولاً : إعفاء المتعاقد من الالتزام بالتنفیذ إذا ترتب على عمل الأمیر استحالة التنفیذ، کأن تصدر الإدارة قرراً بإلغاء استیراد سلعة معینة یتعهد المتعاقد بتوریدها . ثانیاً: حق المتعاقد فی المطالبة بعدم تطبیق الغرامات التأخیریة فی حالة ثبوت أن عمل الأمیر هو المتسبب فی التأخیر. ثالثاً: حق المتعاقد فی المطالبة بفسخ العقد إذا کان التنفیذه سیحمله أعباءً لا یمکن لإمکانیاته المالیة أو الفنیة تحملها. ونخلص إلى أن نظریة فعل الأمیر تتشابه مع نظریة الظروف الطارئة فی بعض النقاط من أهمها أن الإدارة ملتزمة بدفع التعویض للمتعاقد معها ولکنها تختلف مع نظریة الظروف الطارئة فی جوانب عدیدة ویتمثل ذلک الاختلاف فی أن التعویض عنها هو تعویض کامل فی حین تعویض الأخیرة جزئی ویتمثل الاختلاف أیضاً فی السبب الذی أوقع الضرر فبالنسبة إلى نظریة فعل الأمیر فأن السبب هو جهة الإدارة المتعاقدة فی حین السبب فی نظریة الظروف الطارئة فإن السبب یکون غالباً سبباً أجنبیاً کالحروب والفیضانات ویمکن أن یکون السبب أیضاً هو جهة الإدارة غیر المتعاقدة . ویتمثل الوجه الأخیر للاختلاف فی خصائص الضرر الذی یجب أن یصیب المتعاقد ، فلا یشترط فی نظریة فعل الأمیر قدر من الجسامة فی الضرر الذی یسوغ تطبیقها. بینما یختلف الأمر فی نظریة الظروف الطارئة إذ یجب لتطبیقها أن یصل إلى درجة إرهاق المتعاقد وأن یؤدی إلى قلب اقتصادیات العقد رأساً على عقب. الفرع الثانی نظریة الصعوبات المادیة غیر المتوقعة یوجد أوجه تشابه من ناحیة وأوجه اختلاف من ناحیة أخرى بین نظریة الصعوبات المادیة غیر المتوقعة ونظریة الظروف الطارئة وهو ما سنبینه فی هذا الفرع من البحث فی مفهوم نظریة الصعوبات المادیة غیر المتوقعة وشروط تطبیقها والآثار التی تترتب على هذا التطبیق. فی ثلاث مقاصد على وفق ما یأتی: المقصد الأول : مفهوم نظریة الصعوبات المادیة غیر المتوقعة. المقصد الثانی: شروط تطبیق نظریة الصعوبات المادیة غیر المتوقعة. المقصد الثالث: آثار تطبیق نظریة الظروف المادیة غیر المتوقعة.
المقصد الأول مفهوم نظریة الصعوبات المادیة غیر المتوقعة تقوم هذه النظریة على تعویض المتعاقد مع الإدارة فی مواجهة المخاطر الطبیعیة التی یواجهها فی أثناء تنفیذه للعقد ، وتجعل هذه المخاطر تنفیذ الالتزامات مرهقاً ویلحظ أن هذه النظریة تجد مجالها التطبیقی بصورة أکثر شیوعاً فی عقد الأشغال العامة.
المقصد الثانی شروط تطبیق نظریة الصعوبات المادیة غیر المتوقعة لکی تمنح الظروف المادیة غیر المتوقعة للمتعاقد مع الإدارة الحق فی التعویض الکامل عن التکلفة الزائدة یجب توفر مجموعة شروط وهی : أولاً : أن تکون الصعوبات مادیة وغیر عادیة أو استثنائیة. إذ تنتج الصعوبات المادیة غالباً عن ظواهر طبیعیة ومثال ذلک الطبیعة الصخریة للأرض و وجود خزانات میاه أرضیة تحتاج إلى جهود غیر عادیة لسحبها. وقد ترجع الصعوبات المادیة فی بعض الحالات إلى عمل الغیر مثل وجود خراسنات لم تکن فی الحسبان تحتاج إلى جهود إضافیة للتخلص منها . ثانیاً : یجب أن تکون الصعوبات خارجة عن إرادة طرفی العقد ، ولا سیما الصعوبات المادیة من غیر عمل أحد الطرفین المتعاقدین فإن کان من فعل الإدارة طبقت نظریة عمل الأمیر، ویجب وأیضاً أن لا یتسبب المتعاقد فی حدوث هذه الصعوبات أو زیادة خطورتها. ثالثاً : یجب أن تکون الصعوبات غیر متوقعة لحظة إبرام العقد على المتعاقد بذل جهد للإحاطة بظروف التنفیذ کلها وأن تکون هذه الصعوبات قد فاقت توقعاته کلها بعد بذل هذا الجهد. أشارت اللائحة التنفیذیة لقانون المناقصات رقم ( 89 ) لسنة 1998 فی مصر إلى التزام المتعاقد بنصها على أن" وجوب تحری المقاول بنفسه عن طبیعة الأعمال، وعمل کل ما یلزم لذلک من اختبارات وغیرها. وعلیه إخطار الجهة الإداریة فی الوقت المناسب لملاحظاته. أوجبت الشروط العامة لمقاولات أعمال الهندسة المدنیة الصادرة عن وزارة التخطیط فی العراق على أن " ... على المقاول المبادرة بدون تأخیر إلى تقدیم إشعار تحریری إلى المهندس فی حالة تعرضه أثناء تنفیذ الأعمال لأحوال طبیعیة استثنائیة ( عدا الظروف المناخیة ) أو عوائق اصطناعیة ، وکانت هذه الأحوال أو العوائق مما لا یمکن لمقاول ذی خبرة أن یتوقعها من الناحیة العلمیة، فعلى المقاول المبادرة بدون تأخیر إلى تقدیم إشعار تحریری بذلک إلى المهندس ... ". رابعاً : یجب أن تکون الصعوبات المادیة ذات طابع استثنائی غیر عادی : فلیست الصعوبات غیر المتوقعة مشاکل بسیطة یصادفها المقاول عند التنفیذ، ولکنها عقبات من نوع غیر مألوف، ولا یمکن إدراجها ضمن المخاطر العادیة التی یتعرض لها المقاول عند التنفیذ وتقریر ذلک متروک للقاضی. خامساً: یجب أن تؤدی الصعوبات المادیة غیر المتوقعة إلى الإخلال باقتصادیات العقد، ویقدر هذا الإخلال بالنظر إلى المبالغ الإضافیة التی أنفقت لمواجهة الصعوبات المادیة المنسوبة إلى القیمة الإجمالیة للعقد. فإذا استطاع المقاول مواجهة هذه الصعوبات من دون نفقات إضافیة فلا مجال لتطبیق النظریة. لذا یستوی فی نظریة الصعوبات المادیة غیر المتوقعة أن یکون ما أصاب المتعاقد من ضرراً بسیطاً أو جسیماً، وفی هذا تتفق نظریة الصعوبات المادیة غیر المتوقعة مع نظریة فعل الأمیر. إلا أن الأمر یختلف مع نظریة الظروف الطارئة إذ یشترط لتطبیقها أن تکون الخسارة المتحققة فادحة لدرجة تنقلب معها اقتصادیات العقد رأساً على عقب.
المقصد الثالث آثار تطبیق نظریة الظروف المادیة غیر المتوقعة إذا توفرت الشروط المشار إلیها أنفاً فإنه یترتب على ذلک أثرین هما : أولاً : بقاء التزامات المتعاقد: إن الهدف الرئیس من تطبیق نظریة الظروف المادیة غیر المتوقعة هو تمکین المتعاقد مع الإدارة من تنفیذ التزاماته التعاقدیة ما دام ذلک ممکناً وفی استطاعته لضمان دیمومة سیر المرفق العام بانتظام وباضطراد. لذا یجب على المتعاقد الذی تواجهه صعوبات مادیة غیر متوقعة أن یستمر فی تنفیذ العقد ما دام ذلک ممکناً ولیس مستحیلاً فإذا توقف عن تنفیذ العقد بحجة الصعوبات المادیة التی تواجهه فإنه یکون مخطئاً ویتحمل نتیجة هذا التوقف. إذ یجوز للإدارة توقیع الجزاءات الإداریة علیه إلا أنه یجوز إعفائه من الغرامات التأخیریة إذا ما کانت هذه الصعوبات هی السبب فی هذا التأخیر.
ثانیاً : تعویض المتعاقد تعویضاً کاملاً : إن الأثر الرئیس الذی یترتب على تطبیق نظریة الصعوبات المادیة غیر المتوقعة هو منح المتعاقد مع الإدارة الذی واجهته هکذا صعوبات حق المطالبة بالتعویض الکامل عن الأضرار والنفقات کافة التی تحملها لمواجهة هذه الصعوبات. ویخصم من هذا التعویض الکامل قیمة الخسائر التی تسبب فیها المتعاقد بأخطائه مثل إهماله فی دراسة التربة والمکان الذی سینفذ علیه العقد على الرغم من إمداد الإدارة له بالمعلومات أو عدم استخدامه للوسائل الفنیة الحدیثة المتعارف علیها فی تنفیذ العقد. وفی العراق وعلى الرغم من أن المادة 12 من الشروط العامة لمقاولات أعمال الهندسة المدینة أوجبت على الإدارة أن تدفع بعد تأیید المهندس التکالیف الإضافیة المعقولة التی یتحتم على المقاول إنفاقها للأحوال الطبیعیة الاستثنائیة ( عدا الظروف المناخیة ) أو عوائق اصطناعیة غیر متوقعة إلا أن المادة 6 / أولاً / ج من تعلیمات رقم ( 1 ) لتنفیذ قانون العقود العامة رقم 87 لسنة 2004 لم تتطرق إلا إلى أنه إذا استجدت ظروف استثنائیة لا ید للمتعاقدین فیها ولم یکن بالوسع توقعها أو تفادیها . حینئذ یمکن للإدارة تمدید مدة العقد. لذا نقترح على المشرع العراقی أن یضیف نصاً إلى هذه المادة یحمل مضمون المادة 12 نفسها من الشروط العامة سالفة الذکر. ونخلص من هذا العرض لنظریة الظروف المادیة غیر المتوقعة إلى أنها تتشابه مع نظریة الظروف الطارئة فی وجوه عدیدة من أهمها أن کلیهما یتعلق بإعادة التوازن المالی للعقد بعد حدوث ظروف طارئة واستثنائیة غیر متوقعة ولا یمکن دفعها ینتج عنها إرهاق المتعاقد وعدم تمکنه من تنفیذ التزاماته من دون نفقات إضافیة وتقوم الإدارة تقوم بتعویض المتعاقد المضار فی کلتا النظریتین. ونجد أوجه الخلاف فی مصدر الفعل الذی بتحققه تطبق نظریة الصعوبات المادیة غیر المتوقعة التی تشترط أن تکون الصعوبات خارجة عن إرادة المتعاقدین سواء الإدارة أو المتعاقد معها. أما إذا کانت الصعوبات التی اعترضت التنفیذ تنجم عن تدخلات الجهة الإداریة فلا تثار نظریة الصعوبات المادیة غیر المتوقعة بل تطبق نظریة فعل الأمیر بعد تحقق شروط انطباقها، أو نظریة الظروف الطارئة بحسب الأحوال. یتطلب تطبیق نظریة الظروف الطارئة من جهة أخرى – کما سنبین لاحقاً – اختلالاً فی اقتصادیات العقد فی حین لا یشترط ذلک فی نظریة الصعوبات المادیة غیر المتوقعة . ولقد تعددت صور مصدر الظرف سواء کان مصدر الظرف الطارئ اقتصادیاً أو إداریاُ أو طبیعیاً فی حین تقتصر الصعوبات المادیة غیر المتوقعة على صورة الفعل على الظواهر الطبیعیة . ومن ناحیة أخیرة نجد أن التعویض فی نظریة الصعوبات المادیة غیر المتوقعة هو تعویض کامل، فی حین یکون فی نظریة الظروف الطارئة جزئیاً.
المطلب الثانی مجال تطبیق نظریة الظروف الطارئة عند الحدیث عن مجال تطبیق النظریة محل الدراسة یجب أن یکون ذلک من جوانب عدیدة المکانی والزمانی والموضوعی والشخصی. ففیما یتعلق بالجانب المکانی لا توجد مشکلة أن یبرم العقد أو ینفذ داخل أو خارج الوطن ، والأمر کذلک فیما یتعلق بالجانب الزمانی وکلاهما ستتم مناقشته عند الحدیث فی شروط تحقق الظرف الطارئ إذ یتعلق الأمر بتغیر الظروف عما کانت علیه وقت إبرام العقد. لا یتبقى إذن إلا مجالی التطبیق الموضوعی والشخصی اللذین یثیرا عدداً من التساؤلات من الناحیة العملیة. وهو ما سنعرض له فی الفرعیین الآتیین: الفرع الأول : مجال التطبیق الموضوعی لنظریة الظروف الطارئة . الفرع الثانی : مجال التطبیق الشخصی لنظریة الظروف الطارئة الفرع الأول مجال التطبیق الموضوعی لنظریة الظروف الطارئة لأن نظریة الظروف الطارئة من النظریات المقننة تشریعیاً سواء فی مصر عبر نص المادة (6) من القانون رقم 129 لسنة 1947 الذی یتعلق بالتزامات المرافق العامة ، و نص المادة 147 / 2 من القانون المدنی المصری رقم ( 131 ) لسنة 1949. وفی العراق إذ نصت علیها المادة 146 / 2 من القانون المدنی العراقی رقم ( 40 ) لسنة 1951 لذا تطبق النظریة سواء فی العقود المدنیة أو الإداریة. یختلف الوضع فی فرنسا إذ أن نشأة النظریة کانت قضائیة بمناسبة الحکم فی دعوى غاز مدینة ( بوردو ) إلا أنها لم تندرج ضمن نص قانونی وظل مجال تطبیقها محصوراً فی العقود الإداریة فحسب. وعلى الرغم من أن مجال تطبیق نظریة الطارئة کانت بدایة على عقد التزام المرافق العامة إلا أنه امتد لیشمل العقود الإداریة کافة. ولقد ذهب بعض الفقهاء إلى أن النظریة لا تطبق إلا على العقود التی تستغرق تنفیذها مدة من الزمن طویلة نسبیاً بما یتیحه ذلک من أن یجد فی فترة التنفیذ من الظروف غیر المتوقعة ما یؤدی إلى الإخلال باقتصادیات العقد. إلا أننا مع الرأی الذی یذهب إلى وجوب تطبیق هذه النظریة على العقود التی توفرت شروط تطبیقها إذا کان العقد غیر متراخ التنفیذ، وطرأت الحوادث الاستثنائیة عقب إبرامه مباشرة ، فالفیصل هو تحقق الشروط المطلوبة . لذا یمکن أیضاً إعمال نظریة الظروف الطارئة فی شأن العقود الفوریة إذا ما طرأت الحوادث الطارئة فور إبرامها. ویستبعد بعض الفقهاء فی فرنسا – وبحق – من مجال تطبیق النظریة ما لا یتعلق بنشاط صناعی أو تجاری بحجة عدم إمکان تحقق شرط قلب اقتصادیات العقد رأساً على عقب فی مثل هذه الأنشطة . ویظهر ذلک جلیاً فی عقود الاستخدام و تطبیق الخدمات.
الفرع الثانی مجال التطبیق الشخصی أو الذاتی لنظریة الظروف الطارئة یثیر الحدیث عن مجال التطبیق الشخصی أو الذاتی عدداً من التساؤلات فیما یتعلق بصاحب الحق فی التمسک بتطبیق النظریة محل الدراسة. إذ یحق لکل متعاقد إجمالاً التمسک بتطبیق هذه النظریة إذا ما استوفیت شروطها، ویبرز أمران حول علاقة بالموضوع یجب توضیحهما فی مقصدین على وفق ما یأتی : المقصد الأول: مجال التطبیق الشخصی أو الذاتی فی حالة تغییر المتعاقد الأصلی. المقصد الثانی: مجال التطبیق الشخصی أو الذاتی فی العقود المبرمة بین الأشخاص المعنویة. المقصد الأول مجال التطبیق الشخصی أو الذاتی فی حالة تغییر المتعاقد الأصلی فی حالة حدوث حلول متعاقد جدید محل المتعاقد الأصلی لأسباب متعددة منها : التنازل عن العقد أو وفاة المتعاقد الأصلی، أو حلول الورثة محله، أو حالة صدور قانون بتأمیم المنشاة تُثار تساؤلات حول حق المتعاقد الجدید فی الإستناد إلى نظریة الظروف الطارئة، وهل سیشترط فی هذه الحالة توفر شرط عدم التوقع لحظة استبدال المتعاقد بأخر؟ أم یکفی أن یکون هذا الشرط لحظة إبرام العقد. وهذا ما سنجیب علیه فی کل حالة على حده على وفق ما یأتی:
أولاً : التنازل عن العقد : یحدث ذلک فی فرضین : (أ) : التنازل عن العقد بموافقة جهة الإدارة المتعاقدة. الأمر الذی ینتج عنه إبرام عقداً جدیداً مع المتنازل له بما یتضمنه ذلک من التزامات متقابلة على عاتق المتعاقد الجدید والإدارة المتعاقدة کلیهما. والتاریخ الذی یرجع إلیه لتقدیر خصیصة عدم التوقع فی الأمر الذی تتحقق به المسؤولیة هو تاریخ إبرام العقد الأصلی. (ب): التنازل عن العقد من دون إجازة جهة الإدارة المتعاقدة . فإنه لا یحتج به علیها لانتفاء أیة علاقة تعاقدیة بینها وبین المتنازل له. ثانیاً : حلول الورثة محل المتعاقد الأصلی : تسری القواعد المطبقة ذاتها فی حالة تنازل المتعاقد بموافقة الإدارة فالوریث کالمتنازل إلیه یمارس الحقوق کلها التی کان یتمتع بها المتعاقد الأصلی. ثالثاً : فی حالة التأمیم : قد یلجأ المشرع إلى وسیلة التأمیم بصدد المرافق العامة . حین یصدر قانوناً بإنهاء الالتزام مع نقل ملکیة أموال المرفق المادیة والمعنویة من الملتزم إلى الدولة . هنا یُثار تساؤل عن الحق فی التعویض هل هو مقرر للمشروع السابق ومن ثم یضاف إلى التعویض المستحق الأداء والمترتب على التأمیم أم یجب أن یعد من الحقوق الموروثة للمؤسسة الوطنیة التی حلت محله؟
لم تفصح التطبیقات القضائة فی فرنسا عن اتجاه واضح ، فتارة تخص الملتزم القدیم بالاستفادة من التعویض، وتعد تارة أخرى التعویض من قبیل الأموال والحقوق والالتزامات التی تنتقل بالکامل للمؤسسة الوطنیة. لم نجد حلا لهذه المشکلة فی مصر والعراق إلا أننا نجد أنه یجب على المشرع عند إصدار قانون للتأمیم – على الرغم من عدم الحاجة إلیه فی الوقت الحاضر – أن یبین بوضوح أیلولة التعویض المستحق عن تطبیق نظریة الظروف الطارئة.
المقصد الثانی مجال التطبیق الشخصی أو الذاتی فی العقود المبرمة بین الأشخاص المعنویة نتساءل هل یمکن للشخص العام التمسک بتطبیق نظریة الظروف الطارئة فی مواجهة شخص عام أخر متعاقد معه أو فی مواجهة الأفراد المتعاقدین معها؟ لا توجد بدایة تطبیقات قضائیة سواء فی فرنسا أو مصر أو العراق . ویرى بعض الفقهاء – وبحق – إمکانیة ذلک لانتشار المشروعات الاقتصادیة المؤممة وهی أشخاص معنویة عامة. إذا ما أدیر المشروع فی شکل هیئة عامة ، فضلاً عن أنه لا یوجد مانع قانونی یحول بین الجهة الإداریة وبین الاستعانة بهذه النظریة لتحمل المتعاقد معها جانباً من الخسائر المرهقة الناتجة عن الظرف الطارئ. فی حین یرى البعض الأخر من الفقه أن هذه النظریة تقررت لصالح المتعاقد مع الإدارة وهو وحده الذی یطالب بالتعویض على أساسها. لانتفاء الأهداف المالیة التی یسعى الشخص العام لتحقیقها. ومن جانبنا نؤید ما ذهب إلیه الفریق الأول لأسباب عدیدة من أهمها عدم وجود شرط بین شروط تطبیق النظریة یقضی بحصر طلب التعویض فی الأفراد ، ویزید السماح بلجوء الشخص العام إلى طلب التعویض من التعاون التعاقدی بین الأشخاص العامة. ویرى الباحث ضرورة إقرار حق الإدارة المتعاقدة فی طلب التعویض من الإدارة المتعاقدة الأخرى عن تطبیق نظریة الظروف الطارئة ویکون الإقرار فی إدراج نص تشریعی فی قانون العقود العامة رقم ( 87 ) لسنة 2004 أو نص لائحی ضمن تعلیمات تنفیذ هذا القانون أو فی الشروط العامة لمقاولات أعمال الهندسة المدنیة الصادرة عن وزارة التخطیط. المطلب الثانی شروط تطبیق نظریة الظروف الطارئة أجملت المحکمة الإداریة العلیا المصریة فی حکم لها شروط تطبیق نظریة الظروف الطارئة إذ تقول " ... یشترط لتطبیق نظریة الظروف الطارئة أن تطرأ فی مدة تنفیذ العقد الإداری حوادث أو ظروف طبیعیة أو اقتصادیة أو ظروف من عمل جهة إداریة، غیر الجهة المتعاقدة أو ظروف من عمل إنسان آخر لم یکن فی حسبان المتعاقد عند إبرام العقد توقعها ، ولا یملک لها دفعاً ، ویشترط فی هذه الظروف أن یکون من شأنها إنزال خسائر فادحة تختل معها اقتصادیات العقد اختلالاً جسیماً ... ". وسنشرح هذه الشروط استناداً إلى هذا الحکم وفی أربعة فروع على وفق ما یأتی :
الفرع الأول : حدوث ظرف طارئ خلال تنفیذ العقد الإداری . الفرع الثانی : أن یکون الظرف الطارئ خارجاً عن إرادة المتعاقدین . الفرع الثالث : ضرورة أن یکون الظرف الطارئ غیر متوقعاً . الفرع الرابع : أن یؤدی الظرف الطارئ إلى الإخلال الجسیم باقتصادیات العقد .
الفرع الأول حدوث ظرف طارئ خلال تنفیذ العقد الإداری یشترط لتطبیق هذه النظریة حدوث ظرف طارئ فی مدة تنفیذ العقد. ولکن ما هی صفات الظرف الطارئ وطبیعته؟ وأیضاً ما المقصود بحدوث الظرف الطارئ فی أثناء تنفیذ العقد الإداری؟ سنجیب تباعاً على ما قدم من تساؤلات فی مقصدین على وفق ما یأتی: المقصد الأول : صفات الظرف الطارئ وطبیعته . المقصد الثانی : المقصود بحدوث ظرف طارئ فی أثناء تنفیذ العقد .
المقصد الأول صفات الظرف الطارئ وطبیعته سنبحث فی صفة الظرف الطارئ ومن ثم نتناول طبیعة هذا الظرف على وفق ما یأتی : أولاً : صفات هذا الظرف أو الحادث هی : ( أ ) : حادث استثنائی : بمعنى أن ذلک الحادث یندر حدوثه إذ یبدو شاذاً بحسب المألوف من شؤون الحیاة فلا یعول علیه الرجل العادی ولا یدخل فی حسبانه، کزلازل عنیف أو حرب طاحنة أو وباء فاحش أو فیضان غیر عادی أو ارتفاع باهظ فی الأسعار ... إلى غیر ذلک. ( ب ) : حادث عام : بمعنى أن یکون شاملاً لطائفة من الناس کفیضان أو غارة من الجراد أو انتشار وباء . أما إذا کان حادث خاص بالمتعاقد وحده أو بقلة من الناس فلا یکون بذلک ظرفاً طارئاً. ومحکمة تمییز العراق فی العراق أکد فی حکم لها صادر فی 9 / 3 / 1986 على أنه یشترط لتطبیق نظریة الظروف الطارئة أن یکون الظرف عاماً ولیس خاصاً. ثانیاً : طبیعة هذا الظرف أو الحادث : ذهب الفقه التقلیدی وعلى رأسهم الفقیه (JEZE) جیز وکذلک أحکام مجلس الدولة الفرنسی إلى أنه یجب أن تکون طبیعة الظرف الطارئ اقتصادیة لأن النظریة محل البحث تسعى أساساً لحمایة المتعاقدین من المخاطر الاقتصادیة . وهو ما کان یمیزها عن نظریة فعل الأمیر التی تحمی المتعاقد من المخاطر الإداریة، وعن نظریة الصعوبات المادیة غیر المتوقعة التی تحمیه من المخاطر الطبیعیة. إلى أنه للتطورات التی حدثت فی العالم فقد هجر الفقه والقضاء لأن التقسیم جعل مصدر الظرف الطارئ اقتصادیاً أو طبیعیاً أو إداریاً على وفق ما یأتی: (أ): المخاطر الاقتصادیة : هی المجال التطبیقی لهذه النظریة ومن أمثلة هذه المخاطر ارتفاع الأسعار ارتفاعاً فاحشاً سواء أکان ذلک لأزمة سیاسیة أو اقتصادیة أو الهبوط الحاد فی الإرادات . (ب): المخاطر الطبیعیة: التی تنتج عن ظاهرة من الظواهر الطبیعیة المناخیة کالفیضانات والزلازل . (ج): المخاطر الإداریة : وتنقسم إلى :
وإجمالاً نجد أن القضاء العراقی قد یعد ما یأتی من الظروف الطارئة : حدوث فیضانغزارة الأمطار وشدتها وشح میاه الفرات، وانتشار الأوبئة والأمراض وکسر السدود، وإرتفاع أسعار المواد الأولیة والإنشائیة، ومنع الاستیراد، ومنع التورید، وإصدار تشریعات جدیدة کإصدار قانون الإصلاح الزراعی.
المقصد الثانی حدوث ظرف طارئ خلال تنفیذ العقد الإداری یشترط لتطبیق نظریة الظروف الطارئة وقوع الظرف الطارئ فی تنفیذ العقد ولیس قبل انعقاده أو بعد انقضاء تنفیذه. لذا لا یعد الظرف طارئ إذا کان العقد منفذاً بمجرد نشوئه أو لتنفیذه إلى المستقبل سواء لأنه عقد مستمر أو لأنه عقد فوری مؤجل ، إذ لا یتحقق اختلال للتوازن المالی للعقد إلا إذا تغیرت الظروف الاقتصادیة للعقد بین انعقاده وتنفیذه. ویثور تساؤل عن مدى تأثیر الظرف الطارئ إذا وقع فی أثناء التنفیذ ولکن بعد فوات الموعد المحدد فی العقد لتمام تنفیذه ؟ ویذهب الفقهاء أغلبهم إلى أن الأمر لا یخرج عن فروض ثلاثة : الأول : أن یعود التأخیر إلى خطأ المتعاقد بغیر مسوغ مشروع ، فیکون مسؤولاً عن هذا التأخیر . وهذا ما أکدته أحد أحکام المحکمة الإداریة العلیا. الثانی : إذا کان تأخیر التنفیذ وحدوث التمدید للعقد الإداری بموافقة الجهة الإداریة المتعاقدة فی هذه الحالة تطبق نظریة الظروف الطارئة . الثالث : أن یعود التأخیر فی التنفیذ إلى الإدارة ذاتها أو بسببها حین إذ تسأل عنها الإدارة على وفق نظریة فعل الأمیر وقد یؤدی ذلک إلى فسخ العقد وتعویض المتعاقد عنه. مثل خروج الإدارة المتعاقدة عن قواعد تعدیل العقد. وهذا کله على وفق قواعد المسؤولیة التعاقدیة. ویمکن الإشارة بهذا الخصوص إلى أن المتعاقد مع الإدارة یستفید من نظریة الظروف الطارئة فی حالتین : الأولى : إذا صدر الإجراء الإداری الضار من سلطة إداریة غیر متعاقدة الثانیة : إذا صدر الإجراء الإداری الضار من سلطة إداریة متعاقدة وفشل المتعاقد المضرور فی إثبات خصوصیة الضرر بوصفه شرطاً لتطبیق نظریة فعل الأمیر. الفرع الثانی أن یکون الظرف الطارئ خارجاً عن إرادة المتعاقدین یلزم لأعمال نظریة الظروف الطارئة ألا یکون لإرادة طرفی العقد دخلاً فی إحداثه أو تفاقم أثاره الضارة . فإذا تسبب المتعاقد فی حدوث هذا أو شارک فی إحداثه فلا یجوز تطبیق نظریة الظروف الطارئة أما إذا وقع الظرف الطارئ بإرادة الإدارة فتنحى نظریة الظروف الطارئة جانباً إذ تطبق نظریة فعل الأمیر. هذا ما کان یذهب إلیه الفقه التقلیدی فی انه یجب ألا یکون لأحد المتعاقدین یداً فی حدوث الظرف الطارئ إذ یکمن مجال تطبیق النظریة محل الدارسة فی الحوادث الخارجة عن إرادة المتعاقدین. إلا أن هذا القول لا ینطبق حالیاً إلا على المتعاقد مع الإدارة فحسب من دون الإدارة ذاتها، ویمکن أن تکون جهة الإدارة المتعاقدة هی السبب فی حدوث الظرف الطارئ . وعلى الرغم من ذلک یمکن تطبیق نظریة الظروف الطارئة. وبناءً علیه نؤید الرأی الذی یذهب إلى أنه لا مانع من تطبیق نظریة الظروف الطارئة فی الحالة المذکور سلفاً فی الحالات التی لا تنطبق فیها شروط نظریة فعل الأمیر ولا سیما الشرط الذی یقضی بأن یکون الإجراء المتصل قد صدر عن السلطة الإداریة التی أبرمت العقد، فإن لم یتحقق هذا الشرط فلا یکون للمتعاقد المطالبة بالتعویض على وفق نظریة عمل الأمیر فی حین یکون له - تحقیقاً للعدالة – تطبیق نظریة الظروف الطارئة فی حالة توفر شروطها. الفرع الثالث ضرورة أن یکون الظرف الطارئ غیر متوقع یرى بعض الفقهاء أن مفهوم عدم التوقع بالنسبة للفعل أو الظرف أو الحادث الذی اعترض تنفیذ العقد هو مفهوم نسبی ویعنی ذلک أنه لا توجد حالة عدم توقع مطلق . لذا فإن فکرة عدم التوقع لا تقدر بذاتها وإنما بعلاقتها بالظروف الأخرى المعاصرة للعقد. ونؤکد من جانبنا أن مفهوم عدم التوقع یجب أن ینظر إلیه فی علاقة الفعل أو الحادث الذی یطرأ أثناء تنفیذ العقد من ناحیة وظروف الحال من ناحیة أخرى ، فالمعیار موضوعی مع الوضع فی الاعتبار أن تقدیر توفر هذا الشرط هو من السلطة التقدیریة للقاضی الذی یبحث عما إذا کان فی استطاعة الشخص العادی أن یتوقع حصول الفعل أو الحادث لو وجد فی ذات الظروف عند التعاقد. یجب أن یکون الحادث الذی یؤدی إلى قلب اقتصادیات غیر متوقع لحظة إبرام العقد حتى یمکن للمتعاقد الاستناد إلى تلک النظریة . والحادث غیر المتوقع بحسب وصف الفقیه الفرنسی (Corneille) کورنیل فی تعلیقه على حکم مجلس الدولة الفرنسی فی دعوى (Fromassol) فور ماسول هو ذلک الحدث الذی یتضاد مع الحسابات کلها التی أجراها أطراف العقد فی أثناء إبرامه ، والذی یتجاوز الحدود القصوى التی کان یتوقعها الأطراف. وفی مصر أبرزت المادة السادسة من القانون رقم ( 29 ) لسنة 1947 فی شأن نظام المرافق العامة ، المادة ( 147 / 2 ) من القانون المدنی شرط عدم التوقع بوصفه أحد شروط تطبیق نظریة الظروف الطارئة المقررة فی مصر بنص تشریعی بالنسبة للعقود الإداریة والمدنیة على السواء . ونصت أحکام القانون المدنی فی العراق نصت على شرط عدم التوقع بوصفه شرطاً جوهریاً لتطبیق نظریة الظروف الطارئة إذ نصت على انه " إذا طرأت حوادث استثنائیة لم یکن فی الوسع توقعها وترتب على حدوثها أن تنفیذ الالتزام التعاقدی وإن لم یصبح مستحیلاً صار مرهقاً.." وقد أقر الفقهاء العراقیون والقضاء أیضاً بهذه الشرط إذ قضت محکمة التمییز العراقیة فی أحد أحکامها الصادر فی 29 / 4 / 1971 " ... أنه لتحقیق الحادث الطارئ ... یجب أن یتوافر عنصران : عنصر المفاجأة وعنصر الحتمیة ..." .
الفرع الرابع أن یؤدی الظرف الطارئ إلى الإخلال الجسیم باقتصادیات العقد لتطبیق نظریة الظروف الطارئة یلزم أن یحدث ظرفاً طارئاً یکون من شأنه إحداث اختلال مالی فی العقد لمصلحة الإدارة حتى یحق للمتعاقد معها أن یتمسک بنظریة الظروف الطارئة. لذا لا یمکن إثارة الظروف الطارئة إلا إذا أثرت هذه الظروف على العقد إذ ینتج عنها خسارة للمتعاقد تتعدى توقعاته مما یؤدی فی النهایة إلى قلب اقتصادیات العقد. وقلب اقتصادیات العقد فکرة نسبیة یتعین بحثها فی کل حالة على حده، إذ تختلف من متعاقد لآخر بحسب قدرات کل متعاقد على مواجهة هذا الظرف، فالمعیار الذی یؤخذ به هو شخصی یتصل بالمتعاقد ومدى تأثره بالظرف الطارئ الذی اعترض تنفیذ العقد. أقر مجلس الدولة الفرنسی اعتبارات عدیدة کضوابط لمدى تأثر المتعاقد بالأضرار التی تنتج عن الظرف الطارئ ومن هذه الاعتبارات :الاعتداد برقم الأعمال الخاصة للشرکة المتعاقدة ومقدار احتیاطیاتها ومدى سهولة حصوله على الأموال اللازمة للممارسة نشاطه. وقضت المحکمة الإداریة العلیا فی مصر أنه" ... ویتفق أن تؤخذ جمیع عناصر العقد المؤثرة فی اقتصادیاته فی الاعتبار ومنها کامل العقد ومدته. ویجب تفحص العقد فی مجموعه کوحدة واحدة من دون التوقف عند احد عناصره أو عناصره الخاسرة فیه، فقد یکون فی باقی العناصر ما یعوض المتعاقد عن العنصر الخاسر ... ". لذا یجب أن نمیز بین مجرد کون الالتزام ( عسیر التنفیذ ) على المتعاقد، وبین انهیار التوازن المالی للعقد. وقضت محکمة التمییز فی العراق" لیس للمقاول إذا ارتفعت أسعار المواد الأولیة وأجور الأیدی العاملة أن یستند إلى ذلک ویطلب زیادة فی الأجر حتى لو بلغ هذا الارتفاع حداً یجعل تنفیذ العقد عسیر ما دام لم ینهار التوازن الاقتصادی بین التزامات الطرفین انهیاراً تاماً بسبب حوادث لم تکن فی الحسبان وقت التعاقد.
المبحث الثانی الآثار القانونیة المترتبة على تطبیق نظریة الظروف الطارئة لما کان الهدف من نظریة الظروف الطارئة هو تمکین المتعاقد من الاستمرار فی تنفیذ العقد على الرغم من حدوث الظروف الطارئة عن طریق المعاونة التی تقدمها له الإدارة للتخفیف من الصعوبات التی یواجهها بسبب هذه الظروف ، فإنه من الطبیعی أن تترتب آثار قانونیة على تطبیق هذه النظریة التی یمکن البحث فیها من وجهتین متقابلتین : الأولى : الآثار القانونیة من زاویة التزامات المتعاقد مع الإدارة وهی الاستمرار فی تنفیذ العقد، والوجهة الثانیة: من زاویة التزامات الإدارة بتعویض المتعاقد معها المضار . أما ما یتعلق بآثار تطبیق هذه النظریة بالنسبة للغیر فقد سبق أن عرضنا لها فی المبحث الأول تحت عنوان مجال تطبیق نظریة الظروف الطارئة فی المجال الشخصی أو الذاتی . لذا سیکون هذا المبحث فی مطلبین على وفق ما یأتی: المطلب الأول : التزامات المتعاقد بالاستمرار فی تنفیذ العقد . المطلب الثانی : التزامات الإدارة بتعویض المتعاقد المضار . المطلب الأول التزامات المتعاقد بالاستمرار فی تنفیذ العقد لا یعفی الظرف الطارئ المتعاقد من التزاماته التی تنشأ عن العقد. فالتزام المتعاقد بالاستمرار فی التنفیذ على الرغم وقوع الحادث الطارئ وإن کان مرهقاً إلا أنه ممکن. لذا یمکن القول أن فکرة الظروف الطارئة تقع فی مرکز وسط من الحالة العادیة التی یستطیع فیها المتعاقد القیام بتنفیذ التزاماته وبین حالة القوة القاهرة التی تؤدی إلى تحریر المتعاقد من التزاماته. وفی حالة توقف المتعاقد عن الوفاء بالتزاماته للظرف الطارئ ، فإنه یسقط حقه فی المطالبة بتطبیق النظریة إذا توفرت شروط تطبیقها ، فضلاً عن أن الإدارة یمکنها فرض الجزاءات بأنواعها کافة هذا من ناحیة. ومن ناحیة أخرى فإن تقدیر توفر شروط تطبیق النظریة أمر یستقل به القاضی، ولا یحق للمتعاقد الذی واجهته صعوبات فی التنفیذ أن یتوقف عن الاستمرار فی ذلک التنفیذ بحجة تحقق شروط النظریة. إذا کان التزام المتعاقد باحترام مدد التنفیذ لارتباط هذه المدد بحاجة المرفق محل التعاقد إلا أنه یحق للمتعاقد الذی یستمر فی تنفیذ التزاماته العقدیة المطالبة بعدم توقیع الغرامات التأخیریة عند التأخیر فی التنفیذ لأنه یجب أن یوضع فی الاعتبار الصعوبات التی اعترضت التنفیذ الطبیعی للعقد فی المدة المحددة مما یسوغ أن یعد عذراً للإعفاء أو لتخفیف الجزاءات المقررة. نصت المادتان ( 82 / 92 ) من اللائحة التنفیذیة لقانون تنظیم المناقصات والمزایدات رقم ( 89 ) لسنة 1998 فی مصر على توقیع الغرامات المالیة على المتعاقد الذی یخل بالتزاماته بالمدد المحددة للتنفیذ. أکدت المادة 6 / أولاً من تعلیمات رقم ( 1 ) لسنة 2007 فی العراق على وجوب تنفیذ بنود العقد خلال المدة المتعاقد علیها . وحددت ضوابط تمدید تلک المدة فی الفقرات ( أولاً/ وثانیاً/ من نفس المادة). یرى بعض الفقهاء الفرنسیین أنه فی مجال تنفیذ العقد قد یطرأ ظرف یقلب اقتصادیات العقد من دون أن یجعل تنفیذه مستحیلاً . ثم یتحول الظرف الطارئ فی مرحلة لاحقة إلى حالة قوة قاهرة یستحیل معها مواصلة تنفیذ العقد بمعنى انه یتتابع أولاً الظرف الطارئ ثم القوة القاهرة فی العقد عبر المرحلة التی کان فیها الحدث ظرف طارئ إذ یمکن مواصلة تنفیذ العقد، فإنه یمکن الاستفادة من تطبیق نظریة الظروف الطارئة حتى لو کان مضطراً لإیقاف هذا التنفیذ خلال مرحلة لاحقة. إلا إذا تبین أن العقد الإداری لن یعود إلیه توازنه على الرغم من معاونة الإدارة للمتعاقد وإن قلب اقتصادیات العقد أصبح نهائیاً ، فإن طرفی العقد کلیهما أن یطلب من القاضی فسخ العقد إذا اخفق الطرفان فی الوصول إلى اتفاق جدید یعید الحیاة للعقد. وقد أخذ مجلس الدولة الفرنسی بهذا الحل لأول مرة فی حکمه بتاریخ 9 / 12 / 1939 فی ترام ( قطار ) مدینة شربورج وتتلخص وقائع هذه الدعوى فی أن ملتزم نقل الرکاب فی المدینة المذکورة قد واجه اختلالاً جسیماً فی المشروع ابتداءً من عام 1916 لانتشار وسائل النقل السریعة الأکثر تقدماً والمنافسة الشدیدة التی واجهت المشروع محل الالتزام إذ انصرف المنتفعون عن استعمال الترام مفضلین استخدام الوسائل الأخرى الحدیثة، وقد تبین أنه لا أمل فی أن یعود للمشروع توازنه الاقتصادی الذی اختل على الرغم من رفع أسعار الرکوب ما بین عامی 1916 و 1922 لثمانی مرات ولدرجة أن المدینة فی نهایة الأمر رخصت للشرکة المتعاقدة بتحدید السعر الذی تراه لمواجهة خسائرها. إلا أنه على الرغم من ذلک کله ظل دخل الشرکة المتعاقدة أبعد ما یکون عن تغطیة النفقات من دون إعانة الإدارة لها بصفة دائمة. ولما عرض الأمر على مجلس الدولة أکمل نظریة الظروف الطارئة بوضع الأحکام الکفیلة بمعالجة هذه الحالة على وفق ما یأتی:
وقد وجد مجلس الدولة الفرنسی أن استمرار الظرف الطارئ یعد بمثابة قوة قاهرة تسمح لطرفی العقد کلیهما طلب الفسخ ، إذ لا یمکن أن تجبر الإدارة على دفع تعویضات للمتعاقد عن الظرف الطارئ إلى ما لا نهایة حتى لا یضطر المتعاقد إلى التوقف عن تنفیذ التزاماته. وقد علق الفقیه الفرنسی ( Pelloux ) بیلوکس على الحکم فی دعوة شربوج إذ یقول " إن مجلس الدولة قد طبق نظریة القوة القاهرة الإداریة والتی تختلف اختلافاً بیناً عن القوة القاهرة التقلیدیة فی القانون المدنی. ویرى أحد الفقهاء أنه فضلاً عن حالة القوة القاهرة التی تحرر المتعاقد من تنفیذ التزاماته فإنه یمکن أیضاً المطالبة بفسخ العقد إذا ما ترتبت على الإجراء الإداری الذی یصدر صعوبات تجاوز الحد، صعوبات من شأنها زیادة أعباءه بدرجة کبیرة لا تحتملها إمکانیة المتعاقد الفنیة أو المالیة. لا یسقط إلتزام المتعاقد بالاستمرار فی تنفیذ التزاماته التعاقدیة بمجرد طلب فسخ العقد وإنما یجب علیه الاستمرار فی التنفیذ إلى حین صدور حکم القضاء بالفسخ ، فإذا لم یحکم القاضی بالفسخ یتعرض المتعاقد للجزاءات التعاقدیة إذا توقف عن تنفیذ التزاماته ، وإذا حکم القاضی للمتعاقد بفسخ العقد فإن آثار الفسخ ترتد إلى تاریخ رفع الدعوى.
المطلب الثانی التزامات الإدارة بتعویض المتعاقد المضار إذا ما توفرت شروط تطبیق نظریة الظروف الطارئة فإنه یقع على عاتق الإدارة تعویض المتعاقد المضار تعویضاً مؤقتاً وجزئیاً. فعلى أی أساس قانونی یقوم هذا التوقیع؟ وما هی القواعد التی یتم بناءً علیها تحدید قیمة التعویض والعناصر التی یشملها؟ سنتناول الإجابة على هذه التساؤلات فی الفرعین الآتیین: الفرع الأول : أساس التعویض . الفرع الثانی : کیفیة تحدید التعویض ومداه . الفرع الأول أساس التعویض إذا کانت مسؤولیة الإدارة تتقرر بلا خطأ من جانبها عند تطبیق نظریة الظروف الطارئة عند توفر شروطها ، وإذا کانت الإدارة ملزمة بتعویض المتعاقد المضار تعویضاً جزئیاً فما هو الأساس القانونی لهذا التعویض ؟ اختلفت آراء الفقهاء فی الأفکار المتعددة التی ساقوها لتسویغ هذا التعویض التی سنبحثها من خلال أربعة مقاصد وعلى وفق ما یأتی :
المقصد الأول فکرة النیة المشترکة لأطراف العقد یرى بعض الفقهاء الفرنسیین ومنهم العمید ( BOUNAR ) بونار ومفوض الدولة ( CHARDENE ) کاردنیه أن نظریة الظروف الطارئة تستند إلى الإرادة المشترکة لطرفی العقد إذ یؤکد الأول أن التعویض عن الظروف الطارئة إنما یتوافق مع ما انصرفت إلیه نیة الطرفین ضمنیاً أثناء إبرام العقد . ویقول الثانی موجهاً حدیثه إلى مجلس الدولة الفرنسی فی دعوى غاز بوردو ( لقد طبقتم مبدأ أن العقود یجب أن تنفذ بحسن نیة على وفق النیة التی قصدها الأطراف لحظة إبرام العقد. وتعرض هذا التوجه لإتنقاد من بعض الفقهاء المصریین إذ یرى أن هذا الأساس تعسفی فی الحالات معظمها ولا یصلح دائماً لتسویغ القواعد البریتوریة التی یخلقها القضاء الإداری ولو تسترت خلف قواعد التفسیر. فی حین ینتقد آخرون هذا الأساس على أساس أن البحث فی الإرادة المشترکة للمتعاقدین مسألة دقیقة جداً، إذ یجب على القاضی أن یعود لوقت إبرام العقد . وربما یکون ذلک صعباً للغایة لأنه أبرمه منذ وقت طویل هذا من ناحیة ، ومن ناحیة أخرى هی أنه إذا کانت الظروف الطارئة تؤسس حقاً على فکرة النیة المشترکة لطرفی العقد فإن هذه النیة یمکن أن تنصرف إلى استبعاد تطبیق النظریة صراحة أو ضمناً. إلا أن تلک النظریة تطبق على الرغم من وجود شرط بالتنازل عن تطبیقها، إذ أن الأحکام المتعلقة بتلک النظریة من النظام العام لا یجوز الاتفاق على ما یخالفها لذا فنظریة الظروف الطارئة لا یؤسس التعویض بناءً علیها استناداً إلى تفسیر النیة المشترکة لطرفی العقد.
المقصد الثانی فکرة التوازن المالی للعقد صاغ هذه الفکرة مفوض الحکومة الفرنسیة ( BLUM ) بلوم فی تقریره المقدم فی دعوى (cie francais des tram ways ) الذی صدر فیها حکم المجلس فی 11 / 3 / 1910 إذ قضت " ... من الأمور الجوهریة فی عقود الالتزام ، ضرورة أن یتحقق بقدر الإمکان التساوی بین المزایا التی تقررت للملتزم وبین الأعباء تفرض علیه ... فالمزایا والأعباء یجب أن تتوازى بما یحقق التوافق بین الفوائد المحتملة والالتزامات المفروضة ففی کل عقد التزام یتضمن التوازن الشریف بین ما یمنح للملتزم وبین ما یتطلب منه ... وهکذا هو ما یطلق علیه التوازن المالی والتجاری ، التوازن المالی لعقد الالتزام ... ". وتعرض هذا الأساس إلى النقد من نواحی عدیدة هی: أولاً : أن هذه النظریة تصلح أساساً لنظریة فعل الأمیر والتی هی مسؤولیة عقدیة من دون خطأ فی حین تبنى مجال الظروف الطارئة هی أیضاً مبنیة على مسؤولیة من دون خطا ولکن لیست مسؤولیة عقدیة من دون خطا والفارق بینهما کبیراً. ثانیاً : أن التعویض على أساس نظریة التوازن المالی للعقد یکون تعویضاً کاملاً عن جمیع الأضرار التی تصیب المتعاقد، فی حین فی حالة الظروف الطارئة یکون التعویض مقصوراً على تقدیم المعاونة والمساهمة من قبل الإدارة للمتعاقد معها وهو تعویض جزئی ومؤقت. ثالثاً : یکتفی لتطبیق فکرة التوازن المالی حدوث مجرد خلل فی هذا التوازن بینما فی نظریة الظروف الطارئة یجب حدوث انقلاب فی اقتصادیات العقد ولیس مجرد حدوث خلل فی هذا التوازن. رابعاً : لا یمکن أن تسوغ فکرة التوازن المالی للعقد حق المتعاقد فی طلب التعویض للظروف الطارئة عندما یستخدم حقه فی طلب فسخ العقد قضائیاً فی حالة قلب اقتصادیات العقد نهائیاً، فالفرض أنه لا یمکن الحدیث عن إعادة التوازن المالی للعقد الذی لم یعد له وجود. لذا لا تصلح نظریة فکرة التوازن المالی للعقد أساساً لطلب التعویض الذی یتقدم به المتعاقد بعد انتهاء العقد. خامساً : تقوم فکرة التوازن المالی للعقد على مقابلة الحق المعترف به لجهة الإدارة فی تعدیل العقد الإداری لدواعی المصلحة العامة ، فی حین یتم أن التعویض استناداً لنظریة الظروف الطارئة على الرغم من أن الضرر الذی یلحق بالمتعاقد یرجع إلى سبب أجنبی عن جهة الإدارة وغالباً ما یکون حادثاً أو ظرفاً اقتصادیاً. لذا وعلى وفق ما عرضنا له فإن مبدأ التوازن المالی للعقد لا یصلح أساساً لحق التعویض فی نظریة الظروف الطارئة . المقصد الثالث فکرة سیر المرفق العام بانتظام واضطراد یذهب عدید من الفقهاء إلى أن الأصل هو إن المرافق العامة یجب أن تؤدی خدماتها باستمرار فإذا طرأت ظروف غیر متوقعة ترتب علیها قلب اقتصادیات العقد مما یؤثر على استدامة سیر المرافق العامة الذی یخدمه، فعلى الإدارة أن تسارع إلى معاونة المتعاقد على تلک الظروف لکی تضمن استمرار المرفق العام فی أداء خدماته المعتادة من دون توقف. على الرغم من أن هذا التفسیر یستأثر بأهمیة خاصة فهو یتفق مع الرأی الفقهی السائد حول أهمیة دور المرفق العام فی تنفیذ العقد الإداری، فضلاً عن انه من أول القواعد الأساسیة التی تحکم سیر المرفق العام ، وهی الأکثر شیوعاً فی أحکام مجلس الدولة الفرنسی والمصری التی تتعلق بنظریة الظروف الطارئة . إلا أننا نذهب مع الرأی القائل بعدم کفایة هذه الفکرة وعدم صلاحیتها وحدها – فی الحالات جمیعها – لتأسیس حق التعویض فی نطاق نظریة الظروف الطارئة ولا سیما بعد التطورات التی لحقت بهذه النظریة وحجتهم فی ذلک أن کلا مجلسی الدولة الفرنسی والمصری قد أجازا للمتعاقد فی أحکامهما الحصول على تعویض من الإدارة على وفق نظریة الظروف الطارئة سواء فی أثناء تنفیذ العقد أو بعد انتهاء مدته. وإذا کان التعویض یصرف للمتعاقد ، وإذا کان الحصول على التعویض فی أثناء سریان العقد یمکن تأسیسه على مبدأ سیر المرافق العامة بانتظام واضطراد ، فإن الحصول على التعویض بناءً على انتهاء العقد لا یمکن أن یؤسس على ذات المبدأ إذ یکون العقد فی الحالة الأخیرة قد انتهى. ولذا لا تصلح فکرة سیر المرفق العام بانتظام واضطراد بمفردها أساساً لتطبیق نظریة الظروف الطارئة.
المقصد الرابع أساس فکرة استدامة سیر المرفق العام وقواعد العدالة (الأساس المزدوج) یذهب الرأی الراجح فی الفقهإلى أن أساس تطبیق نظریة الظروف الطارئة هو أساس مزدوج یتمثل فی ضرورات استدامة سیر المرفق العام وإلى قواعد العدالة. فقواعد العدالة شأنها شان فکرة استدامة المرفق العام وتشغل مکاناً مهماً فی نظریة العقد الإداری وهی التی تفسر التزام الإدارة بالمشارکة فی تحمل النتائج التی یترتب على حالة الظرف الطارئ على الرغم من عدم مسؤولیتها عن إحداثه فی الغالب العام من الحالات، حتى لو کان مرجع الظرف الطارئ إلى عمل الإدارة فإن مسؤولیتها تکون حینئذ من دون خطأ من جانبها. وأکدت المحکمة الإداریة العلیا المصریة هذا الأساس المزدوج فی أحد أحکامها بقولها " إن نظریة الظروف الطارئة تقوم على فکرة العدالة المجردة التی هی قوام القانون الإداری کما أن هدفها تحقیق المصلحة العامة ، فرائد جهة الإدارة هو کفالة حسن سیر المرافق العامة باستمرار وانتظام ". ویتفق الباحث مع الرأی الراجح وهو أن أساس تطبیق نظریة الظروف الطارئة هو أساس مزدوج بین فکرة استدامة سیر المرافق العامة وقواعد العدالة. إذ تواجه فکرة قواعد العدالة الحالات التی قد یُثار فیها الشک حول الدور الذی تلعبه فکرة استدامة سیر المرافق العام ولا سیما فی حالة التسلیم للمتعاقد بان یقدم طلباً للتعویض بعد انقضاء العقد هذا من ناحیة، ومن ناحیة أخرى فإن الاعتماد على قواعد العدالة تبدو أکثر تسویفاً فی القانون الإداری منها فی القانون المدنی فی نطاق تطبیق نظریة الظروف الطارئة على القانون العام والخاص کلیهما، لأنها تبدو سلاحاً ضد مجموعة الشروط الاستثنائیة التی تفرضها الإدارة على المتعاقد. الفرع الثانی کیفیة تحدید التعویض ومداه إذا ما توفرت شروط تطبیق نظریة الظروف الطارئة فإن للمتعاقد المضار الحق فی الحصول على تعویض جزئی. فما هی القواعد التی استوجبها القضاء الإداری للحکم بالتعویض الجزئی؟ وقد یحدث أن تضمن الإدارة عقودها مع الأفراد شروطاً متنوعة بخصوص مواجهة عوائق تنفیذ العقد التی قد تطرأ فی أثناء التنفیذ. ویثار التساؤل حول مدى مشروعیة بعض هذه الشروط؟ وما تأثیر تلک الشروط والاتفاقات على حق المتعاقد فی طلب التعویض؟ وکیف یتم تقدیر التعویض فی ظل هکذا شروط؟ واستکمالاً لهذا الموضوع یجب تحدید دور القاضی وسلطاته فی مواجهة الظرف الطارئ.
وسوف ندرس هذه الموضوعات فی ثلاثة مقاصد هی: المقصد الأول : مبدأ التعویض الجزئی. المقصد الثانی : الشروط التعاقدیة للإعفاء من المسؤولیة. المقصد الثالث : سلطات القاضی فی مواجهة الظروف الطارئة.
المقصد الأول مبدأ التعویض الجزئی تهدف نظریة الظروف الطارئة إلى مشارکة الإدارة للمتعاقد فی تحمل الخسارة التی تنتج عن هذه الظروف وتوزیعها بینهما لتمکین المتعاقد من الوفاء بالتزاماته العقدیة کاملة حتى لا یضار المستفیدین، لذا فإن التعویض الذی تسهم به الإدارة فی تجاوز الظروف الطارئة التی ترهق کاهل المتعاقد یتسم بالطابع المؤقت الذی یرتبط وجوده بوجود الظرف الطارئ ولحین إعادة التوازن المالی للعقد ، فالتعویض الجزئی الذی یحصل علیه المتعاقد هو بمثابة مساعدة إداریة من الإدارة للمتعاقد حتى یتجاوز الظرف الطارئ الذی تعرض له لحین عودة التوازن المالی للعقد وانتهاء الظرف الاستثنائی الذی تسبب فی اختلاله. ویعاد التوازن المالی للعقد بناء على زوال الظروف الطبیعیة أو الاقتصادیة التی کانت سبباً فی إرهاق المتعاقد، أو أن تتوقى الإدارة دفع التعویض بأن یعید النظر فی شروط العقد بما یعید إلیه توازنه وباستعادة العقد الإداری لتوازنه المالی على النحو المتقدم ، تتحلل جهة الإدارة من التزامها بتعویض المتعاقد. ولکی یمکن للقاضی الحکم بالتعویض فأنه یجب إجراء ثلاث عملیات متتابعة على وفق ما یأتی : أولاً : تحدید نقطة البدء للظرف الطارئ أو تحدید بدایة الفترة الخارجة عن نطاق الالتزامات العقدیة : إن التزام الإدارة بمساعدة المتعاقد معها یبدأ من الفترة التی اختل فیها العقد للظرف الطارئ وتحدید هذا التاریخ یکتسب أهمیة کبیرة، لأن حساب الخسائر التی یجوز المطالبة بالتعویض عنها یبدأ فیه. إلا أن هذه الفترة غیر التعاقدیة هی بطبیعتها فترة مؤقتة، فیجب أن لا تستمر أمداً طویلاً. وإن حدث ذلک فلا مجال لتطبیق نظریة الظروف الطارئة وإنما نظریة أخرى هی نظریة القوة القاهرة. لیس تاریخ طلب التعویض موضع اعتبار عند تحدید بدایة الفترة غیر التعاقدیة. ویمکن للمتعاقد أن یقدم طلب التعویض ابتداء من اللحظة التی یتحقق فیها الظرف الطارئ حتى تقدیم الحساب الختامی إلا أن بدایة الفترة غیر التعاقدیة لا تتعلق على أخطار من المتعاقد. ثانیاً : تحدید الخسائر أو النفقات غیر العقدیة التی تکبدها المتعاقد التی تترتب على الظرف الطارئ : لقد أتیحت الفرصة لمجلس الدولة الفرنسی فی مناسبات عدیدة التصدی لبیان المبادئ الأساسیة التی تهیمن على حساب النفقات غیر العقدیة التی استخلصها الفقه من قضاء المجلس والتی یمکن إیجازها فیما یأتی: ( أ ) : من حیث نتائج استغلال المشروع التی تؤخذ فی الاعتبار :
( ب ) : من حیث تحدید الخسائر التی تدخل فی الحساب : إن الخسائر التی تدخل فی الاعتبار هی التی تصیب المتعاقد فی أثناء فترة الظرف الطارئ، أما ما تحقق منها قبل بدایة هذا الظرف فلا تدخل فی الحساب وتبقى على عاتقه والحساب النهائی للخسائر یجب أن یتم من دون الالتفات إلى الخسائر السابقة على بدایة فترة الظرف الطارئ، التی تعد من المخاطر العادیة لتنفیذ العقد. لذا لا تشارک الإدارة إلا فی الفرق بین الخسائر العادیة المحتملة والخسائر التی تتجاوز الحد المعقول للأسعار. ویوضع فی الاعتبار عند تحدید الخسائر الفرق بین الأسعار الجدیدة التی نتجت عن الظرف الطارئ والأسعار الفعلیة التی تم الاتفاق علیها عند التعاقد من دون أن یلتفت إلى الحد الأقصى المتوقع لارتفاع الأسعار. ومن ناحیة أخرى فإنه إذا کان یجب لتقدیر قلب اقتصادیات العقد الأخذ فی الاعتبار أنواع النشاط جمیعها التی یتصل بموضوع العقد الأصلی من دون الالتفات إلى أوجه النشاط الأجنبیة عن موضوع هذا العقد. فإن ذات النهج یتبع فیما یتعلق بتحدید النفقات غیر التعاقدیة، فیجب أن یوضع فی الاعتبار عند حساب الخسائر مجموع الأنشطة التی تتعلق بالعقد الأصلی مع استبعاد نتائج النشاط غیر المتصلة بها. وأثار بعض الفقهاء الفرنسیین تساؤلاً مهماً عن الأرباح المتحققة سواء قبل بدایة الظرف الطارئ أو بعده وهل تدخل فی حساب الخسائر؟ بل أن مجلس الدولة الفرنسی قد ذهب إلى خلص قضاء مجلس الدولة الفرنسی إلى عدم الأخذ فی الاعتبار عند حساب الخسائر للأرباح المتحققة والمحتمل تحققها مستقبلاً. لأن القضاء تعرض لنقد من الفقیه (jeze ) جیز إذ قال " إن هذا الحل یؤدی إلى التضحیة بمصلحة الإدارة ، ففی العقد طویل المدة لیس من العدل تقریر دفع تعویض نهائی . فقد یحدث فی أثناء فترة تنفیذ العقد أن یتکبد المتعاقد بخسائر غیر متوقعة ، ولکن أیضاً قد یجنی أرباحاً غیر متوقعة " ویتساءل قائلاً " إذا کانت الخسارة غیر العادیة یجب أن تؤدی إلى منح تعویض ، فلماذا إذاً لا تؤدی الأرباح غیر العادیة إلى نشوء التزام بدفع مقابل لجهة الإدارة ؟ وأنه إذا سلمنا بإمکانیة أن تعوض أو توازن الأرباح غیر العادیة الخسائر العادیة فلا یصح أن یعد الضرر نهائیاً إلا بنهایة فترة العقد". وتأسیساً على ذلک اقترح الفقیه ( jeze ) جیز " إن الحل الأکثر عدلاً هو دفع تعویض غیر نهائی لضمان سیر المرفق العام فإذا ما تبین بعد ذلک أن هناک أرباح غیر عادیة فإنها تعوض وتوازن الخسائر غیر العادیة. ویذهب الباحث مع من ذهب من الفقهاء إلى أن قضاء مجلس الدولة یمکن تفسیره وتسویغه بالنظر إلى شروط حالة الظرف الطارئ فی حد ذاتها ، بمعنى أنه إذا تبین بعد بدایة فترة الظرف الطارئ وما ترتب علیها من تکبد المتعاقد بالخسائر. إن هناک أرباحاً حققها المتعاقد فی نشاطه الذی یتعلق بتنفیذ العقد، فإن هذا یثبت أن فترة الظرف الطارئ قد انتهت. ومن ثم فإنه لا محل إذن لتطبیق نظریة الظرف الطارئ بعد انتهاء فترة الظرف الطارئ. فالأرباح اللاحقة لفترة الظرف الطارئ شأنها شأن الأرباح المتحققة قبل بدایة فترة الظرف الطارئ لا یجب أن تدخل فی الاعتبار عند حساب الخسائر النهائیة للفترة کلها، أما إذا تحققت فیما بعد خسائر جدیدة فإنها قد تعلن بدایة فترة ظرف طارئ جدید إذا توفرت بقیة الشروط المطلوبة لتطبیق نظریة الظروف الطارئة. ومن ثم نکون أمام تقدیر جدید ومستقل لنتائج هذه الفترة الجدیدة. ویلحظ انه إذا کانت هذه الأرباح لا یلتفت إلیها عند حساب الخسائر إلا أنها قد توضع فی الحسبان عند تحدید النسبة التی تتحملها الإدارة عند توزیع عبء الخسارة بینها وبین المتعاقد. ( ج ) : الجانب الإیجابی والسلبی للإیرادات والنفقات : یجب أن یؤخذ فی الاعتبار الإیرادات والنفقات المتولدة جمیعها عن أوجه النشاط الأصلی والفرعی المتصلة بموضوع العقد عند تحدید الخسائر على النحو ذاته الذی یتم به تقدیر الاختلال الذی أصاب اقتصادیات العقد. فمن بین الإیرادات التی تدخل فی الحساب کل ما یحصل علیه المتعاقد من أموال سواء کانت تتمثل فی الرسوم التی یتم تحصیلها من المنتفعین بالمرفق محل التعاقد ، أو تتمثل فی الأسعار التی یحصل علیها من الجهة الإداریة المتعاقدة ، وما یتم تحصیله من عملیات بیع المنتجات الأصلیة والثانویة وما یتحصل علیه من إیرادات الإعلانات وإیجار المعدات والآلات. ویشمل الجانب السلبی کل ما یتحمله المتعاقد لتنفیذ التزاماته العقدیة . إلا أن ذلک مشروط بأن تکون تلک النفقات هی النتیجة المباشرة والضروریة المترتبة على قلب اقتصادیات العقد. ومن أمثلة هذه النفقات: الأجور والرواتب، والنفقات العامة لإدارة المشروع، ونفقات استهلاک الآلات والمبانی ورأس المال، والضرائب والرسوم التی تفرض على المتعاقد. کان تحدید النفقات التی تؤخذ فی الاعتبار محلاً لعدید من أحکام مجلس الدولة الفرنسی. وقد استخلص بعض الفقهاء من هذه الأحکام عدیداً من المبادئ التی من أهمها :
ثالثاً : توزیع عبء الخسارة بین المتعاقد والجهة الإداریة : لا یحمل القاضی المتعاقد إلا قدراً بسیطاً من الخسائر فی حین تتحمل الجهة الإداریة المتعاقدة بالجزء الأکبر من هذا العبء. ولا توجد قواعد محددة فی هذا الصدد وإن کان الغالب أن تتحمل الإدارة نسبة 90% من جملة الخسائر المترتبة على الظرف الطارئ. وقد تقل هذه النسبة أو تزید قلیلاً على وفق ظروف کل حالة على حدى واضطردت بعض أحکام مجلس الدولة على أن لا یتحمل المتعاقد مع الإدارة أکثر من 20% من الخسائر. یراعی القاضی الإداری اعتبارات عدیدة عند تحدیده للنسبة المئویة الخاصة بمشارکة الإدارة فی الأعباء . وتتعلق هذه الاعتبارات بعناصر العقد وجوانبه والظروف المختلفة التی أحاطت تنفیذه. وتتمثل تلک الاعتبارات فیما یأتی :
وفی الأحوال کلها فإن تحدید التعویض عن الظرف الطارئ لا یخلو من صعوبات، لذا فإن الأمر الغالب أن یعهد القاضی إلى الخبراء القضائیین بمهمة تحدید نسبة الخسائر المترتبة للظرف الطارئ لیکون عوناً له فی تحدید نسبة الخسائر المتحققة، فضلاً عن تحدید النسبة التی یتحملها المتعاقد من ناحیة والإدارة من ناحیة أخرى.
المقصد الثانی الشروط التعاقدیة للإعفاء من المسؤولیة التساؤل المطروح للبحث هو هل یمکن للإدارة أن تضمن العقد شرطاً بعدم مسؤولیتها تجاه المتعاقد ، إذ یعفیها من الالتزام بالتعویض على الرغم من توفر شروط تطبیق نظریة الظروف الطارئة؟ وما مدى مشروعیة الشرط الذی یعفی الإدارة من المسؤولیة؟ بداءً لا یتصور الباحث من الناحیة العملیة أن یقبل المتعاقد مثل هذا الشرط فیعرض نفسه لمخاطر لا حدود لها، وفی الأحوال کلها سوف نجیب عن هذا التساؤل من خلا التمییز بین الإعفاء المطلق من المسؤولیة من ناحیة، والتمییز النسبی لها الذی ینصب على إجراء أو ظرف معین من ناحیة أخرى وعلى النحو التالی : أولاً : حالة الإعفاء المطلق من المسؤولیة : قد تضمن الإدارة عقودها مع الأفراد شروطاً معینة یتنازل بمقتضاها المتعاقد معها مقدما عن حقه فی المطالبة بالتعویض عن الظروف التی تطرأ على التعاقد . فما مدى مشروعیة تضمین هذا الشرط؟ استقر قضاء مجلس الدولة فی فرنسا بعد إجماع الفقه على عدم مشروعیة الشرط الذی یتنازل بمقتضاه المتعاقد مقدماً عن کل حق فی المطالبة بالتعویض عن الظروف التی تطرأ بعد إبرام العقد . وقضى المجلس فی عبارات صریحة فی أحد أحکامه " إذا کان أحد نصوص العقد یشترط أن السعر الجزافی یشمل کل ارتفاع یمکن أن یترتب على تطبیق التشریعات الاجتماعیة الجدیدة وإن هذا السعر غیر قابل لإعادة النظر وغیر قابل لأی تحفظ من أی طبیعة کانت، فإن هذا الشرط لا یمکن بذاته أن یستبعد کل حق للمؤسسة فی طلب الاستفادة من نظریة الظروف الطارئة ". تجیب المادة 147 / 2 من القانون المدنی النافذ فی مصر على هذه الحالة بالبطلان إذ أنها بعد ما بینت شروط أعمال نظریة الظروف الطارئة نجد أنها نصت على " ... ویقع باطلاً کل اتفاق على خلاف ذلک " وهذا یعنی أن قواعد نظریة الظروف الطارئة متعلقة بالنظام العام ومن ثم لا یجوز الاتفاق على خلافها. وقضت محکمة القضاء الإداری فی أحد أحکامها " إن جهة الإدارة لا تملک أن تضع شرطاً یحول بین المتعاقد وبین التمسک بالقوة القاهرة أو الظرف الطارئ ، إذا وقع وتکاملت شرائطه، فإن هذا الاشتراط غیر مشروع لا یعتد به. نصت المادة 146 / 2 من القانون المدنی فی العراق النافذ على أنه " ... ویقع باطلاً کل اتفاق على خلاف ذلک " لذا نجد عدم مشروعیة تضمین العقد شرطاً عاماً بعدم مسؤولیة الإدارة قبل المتعاقد. وأنه لیس من المنطقی أن یقبل المتعاقد مثل هذا الشرط وإن حدث ذلک فیکون غیر مشروع ولا یعتد به بصریح نص القانون . فضلاً عن أنه یجب عدم النظر إلى مسألة الإعفاء من المسؤولیة لأنها تنقذ الإدارة من دفع التعویضات المالیة، بل یجب النظر إلیها على أنها معطلة لتطبیق نظریة الظروف الطارئة التی أساس وجودها هی فکرة استدامة سیر المرفق العام وقواعد العدالة. ثانیاً: حالة الإعفاء الجزئی من المسؤولیة : یقصد بهذه الحالة أن یتنازل المتعاقد عن التعویض من جراء النتائج التی تترتب على إجراء معین توقعه المتعاقدان ونصا فی العقد على تحمل المتعاقد ما ینتج عنه من آثار ویجمع الفقه على مشروعیة هذا الشرط. ولقد جرى العمل على أن تقوم الإدارة بتضمین عقودها مع الأفراد نوعاً من التحدید الاتفاقی المعد سلفاً لمواجهة حالة الظروف الطارئة، فقد یتضمن العقد شروطاً تجیز إعادة النظر فی المقابل المالی المستحق للمتعاقد، أو أن تتولى دفاتر الشروط العامة الملحقة بالعقود الإداریة النص على تلک الشروط. والسؤال هو: هل وجود مثل هذه الشروط یمنع المتعاقد من الاستناد إلى نظریة الظروف الطارئة فی حالة ما إذا کان تطبیق تلک النظریة یؤدی إلى حصوله على مزایا أکبر من تلک التی ربما یحصل علیها فیما لو طبقت الشروط الواردة فی العقد. یمیز مجلس الدولة الفرنسی بین حالتین : الحالة الأولى : إذا تعذر تطبیق الشروط الواردة بالعقد للتدخل التشریعی کما لو أصدر المشرع إجراءات معینة لتجمید الأسعار أو وقف ارتفاعها. لذا لا یمکن مراجعة الأسعار وحینئذ یمکن اللجوء إلى أحکام نظریة الظروف الطارئة . الحالة الثانیة : عدم جدوى تطبیق الشروط الواردة فی العقد لمواجهة الآثار المترتبة على اختلال اقتصادیاته، ویحدث ذلک عندما تتجاوز التقلبات الاقتصادیة التی تصادف تنفیذ العقد القدر الذی توقعه الطرفان لحظة إبرامه، عندها یستطیع المتعاقد مع الإدارة الاستناد إلى أحکام نظریة الظروف الطارئة ویطالب بالتعویض الذی یتجاوز القدر المحدد بمقتضى الشروط التعاقدیة المذکورة سلفاً. إن کان یمکن للمتعاقد فی الحالتین المذکورتین سالفاً الاستناد إلى أحکام نظریة الظروف الطارئة إلا أنه لا یمکن الجمع بین أحکام هذه النظریة والشروط التعاقدیة وینحصر حقه فی الحصول على التعویض الأعلى من الاستناد إلى أی منهما.
المقصد الثالث سلطات القاضی فی مواجهة الظروف الطارئة بادئ ذی بدء یجب أن نمیز بین سلطات القاضی المدنی فی مواجهة الظروف الطارئة من ناحیة وبین سلطات القاضی الإداری فی مواجهتها من ناحیة أخرى على وفق ما یأتی: أولاً : سلطات القاضی المدنی فی مواجهة الظروف الطارئة : فی مصر : یتعلق دور القاضی المدنی بنص المادة 147 / 2 من القانون المدنی النافذ التی أجازت له بعد الموازنة بین مصلحة الطرفین أن یرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول. وأجازت المادة السادسة من قانون التزام المرافق العامة رقم ( 129 ) لسنة 1947 المعدل لمانح الالتزام فی حالة حدوث ظرف طارئ یخل بالتوازن المالی للعقد إذ تنص على " ... یعدل قوائم الأسعار وإذا اقتضى الحال أن یعدل أرکان تنظیم المرفق العام وقواعد استغلاله وذلک لتمکین الملتزم من أن یستمر فی استغلاله". ویعلق الأستاذ الدکتور السنهوری على المادة 147 / 2 من القانون المدنی المصری النافذ بأنه یلحظ فی حالتی إنقاص الالتزام المرهق وزیادة الالتزام المقابل أن القاضی لا یرد الالتزام إلى الحد المعقول إلا بالنسبة إلى الحاضر ولا شأن له بالمستقبل لأنه غیر معروف ، فقد یزول أثر الحادث الطارئ فیرجع العقد إلى ما کان علیه قبل التعدیل وتعود له قوته الملزمة کاملة کما کان فی الأصل وهذا هو دور القاضی فی نطاق القانون المدنی. یذهب الباحث إلى ما ذهب إلیه عدید من الفقهاء بأن ما ورد فی المادة السادسة من قانون التزام المرافق العامة یتفق مع القواعد القانونیة العامة، أما السلطة التی منحها المشرع للقاضی استناداً للمادة 147 / 2 من القانون المدنی النافذ یعد خروجاً على القواعد القانونیة العامة من ناحیتین : الأولى : أنها تؤدی إلى تعدیل آثار العقد بغیر الإرادة المشترکة لعاقدیه، لذا تصطدم مع المبدأ الأساس السائد فی العقود وهو مبد القوة الملزمة للعقد. والثانیة : هی أن السلطات الممنوحة للقاضی تتجاوز المألوف من صلاحیاته إذ أنها تجیز له تعدیل آثار العقد، فی حین الأصل فی سلطاته على العقود الصحیحة تقف عند حد تفسیرها وإعمال حکمها وإزالتها عن طریق الفسخ إذا وقع تقاعس فی الوفاء بالالتزامات التی تنتج عنها من طرف أحد عاقدیها ینتج عنه ضرر بالمتعاقد الأخر. فی العراق : بعدما ما بینت المادة 146 / 2 من القانون المدنی العراقی النافذ شروط تطبیق نظریة الظروف الطارئة نصت على سلطات القاضی إذ جاء فیها " ... جاز للمحکمة بعد الموازنة بین مصلحة الطرفین أن ینقص الالتزام المرهق إلى الحد المعقول إذ اقتضت العدالة ذلک". ویرى الباحث أن ما وجه إلى نص المادة 147 / 2 من القانون المدنی المصری النافذ من انتقادات یمکن توجیهه أیضاً إلى نص المادة 146 / 2 من القانون المدنی العراقی النافذ ولمسوغات نفسها. ثانیاً : سلطات القاضی الإداری فی مواجهة الظروف الطارئة : القاعدة أن القاضی الإداری لا یملک سلطة تعدیل نصوص العقد ویملک القاضی المدنی . ومن ثم تنحصر سلطات القاضی الإداری فی مواجهة الظروف الطارئة فی الحکم بالتعویض . ویرجع عدید من الفقهاء لأسباب عدیدة هی:
حصرت المادة ( 7 / ثانیاً / د ) من قانون التعدیل الثانی لقانون مجلس شورى الدولة رقم ( 106 ) لسنة 1989 فی العراق اختصاص محکمة القضاء الإداری بالنظر فی صحة القرارات الإداریة. ومن ثم أصبح اختصاص النظر فی الدعاوى المتعلقة بمنازعات العقود الإداریة من اختصاص القضاء المدنی. لذا نهیب بالمشرع العراقی توسیع صلاحیات محکمة القضاء الإداری کی تشمل النظر فی منازعات العقود الإداریة إذ یجب أن یمتنع القاضی الإداری عن تعدیل العقود الإداریة فی ظل الظروف الطارئة إذ تقتصر سلطاته على التعویض.
الخاتمـة بعد أن انهینا هذا البحث بعون الله تعالى، نجد أنه من الضرورة أن نعرض للنتائج التی توصلنا إلیها فضلاً عن التوصیات على وفق ما یأتی:
أولا : النتائج :
10. لا یجوز للإدارة تضمین عقودها شرط یحرم المتعاقد معها من التمسک بحقه فی أعمال نظریة الظروف الطارئة . 11. یعد ما ورد فی نص المادة 146 / 2 من القانون المدنی العراقی النافذ خروجاً على القواعد القانونیة لأنها تؤدی إلى تعدیل آثار العقد بغیر الإرادة المشترکة لعاقدیه ولأنها تسمح بالتجاوزات على المألوف فی صلاحیات القاضی المدنی أما ما یتعلق بالقاضی الإداری فالقاعدة أنه لا یملک سلطة تعدیل نصوص العقد و یملک القاضی المدنی. ومن ثم تنحصر سلطاته فی مواجهة الظروف الطارئة من الحکم بالتعویض. ثانیاً : التوصیات :
The Author declare That there is no conflict of interest
References (Arabic Translated to English) First: Arabic Language: B - Letters and university degrees: F. Judicial decisions: Egyptian Judicial Decisions:
References (French) Second: French language:
| ||
References | ||
أولاً : اللغة العربیة : أ - الکتب القانونیة : • د. إبراهیم محمد علی ، آثار العقود الإداریة وفقاً للقانون رقم 89 لسنة 1998 بشأن المناقصات والمزایدات ولائحته التنفیذیة ، دار النهضة العربیة ، القاهرة ، 2003 . • د. جابر جاد نصار ، العقود الإداریة ، دار النهضة العربیة ، 2004 . • د. حسین عثمان محمد عثمان ، القانون الإداری ، أعمال الإدارة العامة ، ط 1 ، الدار الجامعیة ، الإسکندریة ، 1988 . • د. داؤود عبد الرزاق ، د. أحمد محمد الفارسی ، الأعمال القانونیة للسلطة الإداریة – القرار الإداری – العقد الإداری – من دون دار نشر ، 2009 ، 2010 . • د. سعاد الشرقاوی ، العقود الإداریة ، دار النهضة العربیة ، القاهرة ، دون سنة نشر. • د. سلیمان الطماوی ، الأسس العامة للعقود الإداریة ، دار الفکر العربی ، القاهرة ، 1984 . • د. سلیمان محمد الطماوی ، الوجیز فی القانون الإداری ( دراسة مقارنة ) ، دار الفکر العربی ، القاهرة ، 1975 . • د. سمیر عثمان الیوسف ، نظریة الظروف الطارئة وأثرها فی التوازن المالی للعقد الإداری ، منشورات الحلب الحقوقیة ، حلب ، من دون سنة نشر . • د. عبد الرزاق السنهوری ، الوسیط فی شرح القانون المدنی الجدید ، نظریة الالتزام ، مصادر الالتزام ، الجزء الأول ، دار النشر للجامعات المصریة ، القاهرة ، 1952. • د. عبد الرزاق أحمد السنهوری ، الوسیط فی شرح القانون المدنی ، نظریة الالتزام بوجه عام ( مصادر الالتزام ) ، الجزء الأول ، دار إحیاء التراث العربی ، بیروت ، من دون تاریخ نشر . • د. عبد العزیز عبد المنعم خلیفة ، الأسس العامة للعقود الإداریة ، دار الفکر الجامعی، الأسکندریة ، من دون سنة نشر . • د. عبد العظیم عبد السلام عبد الحمید ، أثر الظروف الطارئة والصعوبات المادیة على تنفیذ العقد الإداری ، من دون دار نشر ، 1990 . • د. عبد العلیم عبد المجید مشرف ، الوجیز فی القانون الإداری ( دراسة مقارنة )، الجزء الثانی ، دار النهضة العربیة ، القاهرة ، 2001 . • د. عبد الفتاح عبد الباقی ، نظریة العقد ، دون دار نشر ، 1964 . • د. عزیزة الشریف ، دراسات فی نظریة العقد الإداری ، دار النهضة العربیة ، القاهرة، 1981 . • د. عصمت عبد الله الشیخ ، مبادئ ونظریات القانون الإداری ، دار النهضة العربیة، القاهرة ، 1999 . • د. علی محمد بدیر و د. عصام عبد الوهاب البرزنجی و د. مهدی یاسین السلامی، مبادئ وأحکام القانون الإداری ، مدیریة دار الکتب للطباعة والنشر ، بغداد ، 1993. • د. غازی عبد الرحمن ناجی ، التوازن الاقتصادی فی العقد أثناء تنفیذه ، من دون دار نشر ، 1986 . • د. فاروق احمد خماس ، محمد عبد الله الدلیمی ، الوجیز فی النظریة العامة للعقود الإداریة ، جامعة الموصل ، الموصل ، 1992 . • د. ماهر صالح علاوی الجبوری ، الوسیط فی القانون الإداری ، وزارة التعلیم العالی والبحث العلمی ، بغداد ، 2009 . • د. محمد حلمی ، العقد الإداری ، ط 2 ، دار الفکر العربی ، القاهرة ، 1977 . • د. محمد سعید حسین أمین ، المبادئ العامة فی تنفیذ العقود الإداریة وتطبیقاتها ( دراسة مقارنة ) ، دار الثقافة الجامعیة ، القاهرة ، 1995 . • د. محمد عبد العال السناری ، النظریة العامة للعقود الإداریة ( دراسة مقارنة ) ، دار النهضة العربیة ، القاهرة ، من دون تاریخ نشر . • د. محمد فؤاد عبد الباسط ، أعمال السلطة الإداریة – القرار الإداری / العقد الإداری، دار النهضة العربیة ، القاهرة ، 1989 . • د. محمد فؤاد مهنا ، مبادئ أحکام القانون الإداری ، من دون دار نشر ، 1978. • محمود خلف الجبوری ، العقود الإداریة ، الطبعة الأولى ، دار الثقافة للنشر والتوزیع، عمان ، 2010 . • د. محمد کمال عبد العزیز ، التقنیین المدنی فی ضوء القضاء والفقه ، الجزء الأول، ط 2 ، من دون دار نشر ، من دون تاریخ نشر . • د. محمود محمد حافظ ، القضاء الإداری ( دراسة مقارنة ) ، دون دار نشر ، 1966. • د. منیر محمود الوتری ، العقود الإداریة وأنماطها التطبیقیة ضمن إطار التحولات الاشتراکیة ، مطبعة الجامعة ، بغداد ، 1979 . • د. وهیب عیاد سلامة ، دروس فی العقود الإداریة مع التعمق ( التوازن المالی للعقد وفکرة التعویض غیر القائم على الخطأ ) ، من دون دار نشر ، 2000 . ب - الرسائل والأطاریح الجامعیة: • د. ریاض عیسى الیأس عیسى الجریسات ، نظریة التوازن المالی للعقد الإداری ( دراسة مقارنة ) ، أطروحة دکتوراه مقدمة إلى کلیة الحقوق ، جامعة عین شمس، 2007 . • طاهر طالب التکمجی ، حمایة مصالح المتعاقد المشروعة فی العقد الإداری ( دراسة مقارنة ) ، رسالة ماجستیر ، کلیة القانون السیاسة ، جامعة بغداد ، 1978 . • د. عبد المجید محمد فیاض ، نظریة الجزاءات فی العقد الإداری : دراسة مقارنة، أطروحة دکتوراه مقدمة إلى کلیة الحقوق ، جامعة عین شمس ، القاهرة ، 1974. • د. عزیزة الشریف ، نظریة التأمیم وتجربته فی مصر ، رسالة دکتوراه، کلیة الحقوق، جامعة القاهرة ، 1976 . • د. علی الفحام ، سلطة الإدارة فی تعدیل العقد الإداری ( دراسة مقارنة ) ، أطروحة دکتوراه مقدمة لکلیة الحقوق ، جامعة القاهرة ، 1975 . • د. علی بن عبد الکریم أحمد السویلم ، فکرة التوازن المالی للعقد الإداری فی المملکة العربیة السعودیة ، أطروحة دکتوراه ، کلیة الحقوق ، جامعة عین شمس ، 2007 . • د. علی محمد علی عبد المولى ، الظروف التی تطرأ أثناء تنفیذ العقد الإداری (دراسة مقارنة ) ، أطروحة دکتوراه ، مقدمة إلى کلیة الحقوق ، جامعة عین شمس، 1991 . • لمیاء هاشم سالم قبع ، اختلال التوازن المالی فی العقد الإداری ، رسالة ماجستیر، کلیة الحقوق ، جامعة الموصل ، 2010 . • د. محمد سعید حسین أمین ، الأسس العامة لالتزامات وحقوق المتعاقد مع الإدارة فی تنفیذ العقد الإداری : دراسة مقارنة ، أطروحة دکتوراه مقدمة إلى کلیة الحقوق، جامعة عین شمس ، القاهرة ، 1984. • د. محمد عبد الحمید أبو زید ، دوام سیر المرافق العامة ، أطروحة دکتوراه مقدمة لکلیة الحقوق ، جامعة القاهرة ، 1975. ج- الأبحاث القانونیة المنشورة فی الدوریات: • أنور رسلان ، نظریة الصعوبات المادیة غیر المتوقعة ، مجلة القانون والاقتصاد، العددان 3 ، 4 ، للسنة 48 ، 1980 . • د. حامد زکی علی ، التعلیق على حکم محکمة استئناف مصر الوطنیة الصادر فی 9 أبریل ( نیسان ) ، 1931 ، مجلة القانون والاقتصاد ، السنة 2 . • محمد علی الطائی ، الظروف الطارئة وأثرها على تنفیذ العقد الإداری ، مجلة القضاء، الأعداد الأول / الثانی / الثالث / الرابع ، السنة 37 ، مطبعة الشعب بغداد ، 1982. • د. محمود سعد الدین الشریف ، نظریة الظروف غیر المتوقعة ، مجلة القضاء ، العدد الثانی ، السنة الرابعة عشر ، مطبعة العانی ، بغداد ، 1956 . د – الدوریات والمجموعات والموسوعات : • مجلة القانون المقارن ، العدد الثانی ، 1968 . • النشرة القضائیة ، العدد الثانی ، السنة الثانیة ، 1975 . • مجموعة الأحکام العدلیة ، العدد الأول ، 1976 . • الموسوعة الإداریة الحدیثة ، ج 18 ، ج 49 . • مجموعة الأحکام القضائیة . • مجلة المحاماة ، السنة 12 ، العدد 41 . • مجموعة المبادئ القانونیة التی قررتها المحکمة الإداریة العلیا السنة ( 30 ) العدد الأول . و – القوانین والتعلیمات العراقیة : • القانون المدنی العراقی المعدل المرقم ( 40 ) لسنة 1941. • قانون العقود العامة رقم 87 لسنة 2004 . • تعلیمات رقم 1 لسنة 2007 الصادرة بموجب قانون العقود العامة رقم 87 لسنة 2004. • الشروط العامة لمقولات أعمال الهندسة المدنیة الصادرة عن وزارة التخطیط . هـ - القوانین والتعلیمات المصریة : • القانون رقم 129 لسنة 1947 المتعلق بالتزامات المرافق العامة . • القانون المدنی المصری المعدل المرقم 131 لسنة 1948. • لائحة المناقصات الصادرة بموجب قانون المناقصات والمزایدات رقم 89 لسنة 1998 . و – القرارات القضائیة : القرارات القضائیة العراقیة : • قرار محکمة التمییز المرقم 273 فی 21 / 4 / 1971 ، النشرة القضائیة ، العدد الثانی ، السنة الثانیة ، 1975 . • قرار محکمة التمییز المرقم 388 / مدنیة ثانیة فی 22 / 4 / 1974 ، النشرة القضائیة ، العدد الثانی ، السنة الثانیة ، 1975 ، ص 9 . • قرار محکمة التمییز المرقم 451 فی 27 / 1 / 1976 ، مجموعة الأحکام العدلیة ، العدد الأول ، 1976 . القرارات القضائیة المصریة : • حکم محکمة القضاء الإداری فی 30 / 6 / 1957 ، المبادئ التی قررتها المحکمة الإداریة العلیا . • حکم المحکمة الإداریة العلیا فی 11 / 2 / 1968 ، مجموعة الأحکام القضائیة ، ص 874 . • حکم المحکمة الإداریة العلیا فی 20 / 11 / 1980 ، فی الطعن رقم 1843 لسنة 26 ق ، الموسوعة الإداریة الحدیثة ، ج 18 . • حکم المحکمة الإداریة العلیا فی 16 / 5 / 1987 فی الطعن رقم 3562 لسنة 29 فی جلسة 16 / 5 / 1987 ، مجموعة المبادئ القانونیة للمحکمة الإداریة العلیا التی أقرتها من 1 / 10 / 1986 حتى 30 / 9 / 1987 . • حکم المحکمة الإداریة العلیا بتاریخ 16 / 12 / 1997 فی القضیة رقم 1749 لسنة 37 ق ، جلسة 16 / 12 / 1997 ، الموسوعة الإداریة الحدیثة ج 49 . ثانیاً : اللغة الفرنسیة : | ||
Statistics Article View: 838 PDF Download: 6,564 |