کمال الشریعة الإسلامیة وصلاحیتها لکل زمان ومکان | ||
الرافدین للحقوق | ||
Article 1, Volume 15, Issue 44, June 2010, Pages 243-276 PDF (0 K) | ||
Document Type: بحث | ||
DOI: 10.33899/alaw.2010.160604 | ||
Author | ||
شادن قاطرجی | ||
کلیة القانون، جامعة حلب، سوریا | ||
Abstract | ||
یتضمن هذا البحث بیان الأسباب التی دعت البعض من المستشرقین والمستغربین إلى الزعم بعدم صلاحیة الشریعة الإسلامیة لحکم مجتمع متطور ،کما یتضمن الرد على هذه المزاعم، ودحض الأسباب التی اعتمدت علیها ، بل واثبات –خلاف هذه المزاعم – صلاحیة الشریعة الإسلامیة لکل زمان ومکان بأدلة نقلیة من الکتاب والسنة وبشهادة التاریخ والواقع العملی والتشریعی ،فالشریعة الإسلامیة راعت فی قواعدها وأحکامها الثوابت والمتغیرات فی حیاة الإنسان، فجمعت بین الثبات والمرونة وأقامت بینهما توازناً فریداً دون أن تجنح للثبات المطلق الذی یتنافى مع تطور الحیاة والإنسان ، أو للتغییر المفرط الذی لا یعترف لمبدأ بقیمة | ||
Keywords | ||
الشریعة الإسلامیة; الکتاب والسنة; المستشرقین | ||
Full Text | ||
کمال الشریعة الإسلامیة وصلاحیتها لکل زمان ومکان -(*)- The perfection and validity of Islamic law for all times and places
(*) أستلم البحث فی 22/8/2009 *** قبل للنشر فی 3/5/2010. (*) Received on 22/8/2009 *** accepted for publishing on 3/5/2010. Doi: 10.33899 / alaw.2010.160604 © Authors, 2010, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license (http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).
الملخص یتضمن هذا البحث بیان الأسباب التی دعت البعض من المستشرقین والمستغربین إلى الزعم بعدم صلاحیة الشریعة الإسلامیة لحکم مجتمع متطور ،کما یتضمن الرد على هذه المزاعم، ودحض الأسباب التی اعتمدت علیها ، بل واثبات –خلاف هذه المزاعم – صلاحیة الشریعة الإسلامیة لکل زمان ومکان بأدلة نقلیة من الکتاب والسنة وبشهادة التاریخ والواقع العملی والتشریعی ،فالشریعة الإسلامیة راعت فی قواعدها وأحکامها الثوابت والمتغیرات فی حیاة الإنسان، فجمعت بین الثبات والمرونة وأقامت بینهما توازناً فریداً دون أن تجنح للثبات المطلق الذی یتنافى مع تطور الحیاة والإنسان ، أو للتغییر المفرط الذی لا یعترف لمبدأ بقیمة الکلمات الرئیسة: الشریعة الإسلامیة الکتاب والسنة المستشرقین Abstract This research includes reasons that induced some orientalists and westerners to claim of invalidity of Islamic law to the reign of developed community, as it includes the reply on these claims, and disproof these reasons that based on, rather to prove – the opposite of these claims – the validity of Islamic law for every time and place with evidences from text, history, actual and legislative reality. Moreover, the Islamic law observed in its laws and terms the constants and variables in human life, and combined between stability and flexibility, and made between them an unique balance without tending to absolute stability which conflicts with development of human and life or to excessive change which doesn’t admit with any value to any principal. . Keywords: Islamic law Quran and Sunnah Orientalists المقدمة: "ذهب بعض المثقفین ثقافة أوربیة إلى القول بأن الشریعة الإسلامیة لا تصلُح للعصر الحاضر دون أن یستندوا فی ادعائهم هذا إلى حجة مقنعة ، ولو أنهم قالوا: إن مبدأً معیناً أو مبادئ بذاتها لا تصلح للعصر الحاضر، وبینوا السبب فی عدم صلاحیتها، لکان لادعائهم قیمة ولأمکن من الوجهة المنطقیة مناقشة أقوالهم وإثبات زیفها, أما ادعاؤهم بأن الشریعة کلها لا تصلح للعصر الحاضر دون تقدیم حجة واحدة على قولهم فهذا شیء غریب على ذی العقول, إن ادعاءهم هذا سببه جهلهم بالشریعة من جهة والافتراء علیها من جهة أخرى". کما وجه بعض المستشرقین أمثال زییس ـ من رجال القانون ـ فی مؤلف له عن التشریع الإسلامی اتهاماً للشریعة الإسلامیة بالجمود حیث قال ما نصه: "إن الشرع الإسلامی محکوم علیه بالجمود" وقال مستشرق آخر (جرونیباوم) فی کتابه "حضارة الإسلام " : "إن القرآن عاد فی أحوال معینة فنسخ وصایا بعینها أنزلت على نبیه مستعیضاً عنها بآیات خیر منها أو مثلها, فلما انتقل الرسول صلى الله علیه وسلم إلى جوار ربه قضی على وسیلة هذا التغییر الأساسی أو تلک المسایرة للظروف" وکثیر من المستشرقین ینسبون إلى الإسلام حالة التخلف الراهنة فی العالم الإسلامی، فما هی الأسباب التی دعتهم إلى ذلک؟ سوف أتناول بیان هذه الأسباب ومن ثم الرد على هؤلاء المستشرقین وذلک من خلال الخطة التالیة : المبحث الأول :أسباب اتهام المستشرقین للشریعة الإسلامیة بالجمود : المطلب الأول: السبب الأول :الشریعة الإسلامیة ذات صبغة دینیة . المطلب الثانی : السبب الثانی :دعوى غلق باب الاجتهاد. المطلب الثالث : السبب الثالث :عدم نشر المبادئ الصحیحة للشریعة الإسلامیة بإحدى اللغات الأوروبیة . المطلب الرابع : السبب الرابع :ضعف الدولة العثمانیة وتدخل الدول الأوربیة وفرض قوانینها على العرب . المطلب الخامس : السبب الخامس :تقاعس علماء الشریعة الإسلامیة عن التصدی للعلاقات الاجتماعیة و الاقتصادیة الجدیدة. المبحث الثانی:الرد على متهمی الشریعة الإسلامیة بالجمود والتخلف : المطلب الأول :النصوص القرآنیة والأحادیث النبویة تدل على صلاحیة الشریعة الإسلامیة لکل زمان ومکان . المطلب الثانی : التاریخ یشهد بصلاحیة الشریعة الإسلامیة لکل زمان ومکان . المطلب الثالث : قواعد الشریعة الإسلامیة تضارع ما وصل إلیه الفکر القانونی الحدیث المطلب الرابع :الشریعة الإسلامیة جمعت بین الثبات والمرونة فی توازن فرید. الفرع الأول :سعة منطقة العفو . الفرع الثانی : أحکام الشریعة نوعین . الفرع الثالث : نصوص الشریعة صیغت صیاغة معجزة . الفرع الرابع :الأحکام الشرعیة مستمدة من القرآن والسنة بطریق مباشرة وغیر مباشرة. الفرع الخامس : مبدأ تغیر الفتوى بتغیر الزمان والمکان والحال والعرف . الفرع السادس :مراعاة الشریعة الإسلامیة للضرورات والأعذار . الاستنتاج والتوصیات . المبحث الأول أسباب اتهام المستشرقین للشریعة الإسلامیة بالجمود: تتلخص أهم هذهالأسباب فی المطالب الآتیة : المطلب الأول السبب الأول : الشریعة الإسلامیة ذات صبغة دینیة إن الشریعة الإسلامیة ذات صبغة دینیة, والدین یبدو فی نظر الکثیرین کما یبدو فی نظر الفقه (القانونی) الحدیث هو والقانون بمثابة ظاهرتین متنافرتین؛ أی غیر مؤتلفتین. فیرون الدین ذو صبغة جامدة ثابتة غیر متغیرة ، بینما یعدون القانون ذا صبغة متطورة متغیرة . کما أن الدین یتعلق بضمیر الفرد، أو عقیدته، بخلاف القانون الذی یتعلق بالمصالح الاجتماعیة، إضافة إلى أن الدین صادر عن الله تعالى ، والقانون صادر عن الدولة . ویرد على ذلک أن بعض فقهاء القانون أکدوا أن هاتین الظاهرتین (الدین والقانون) اللتین تعدان الیوم فی نظر البعض متعارضتین لم یکن ذلک شأنهما فی أقدم عصور التاریخ, إذ أنهما لم تکونا تعدان سوى شیء واحد یصدر عن مصدر واحد فقد کان العرف القانونی صادراً عن المعتقدات الدینیة، وکان القاضی هو رجل الدین.
المطلب الثانی السبب الثانی : دعوى غلق باب الاجتهاد لعل أخطر الأسباب التی دعت البعض سواء غربیین أو مستشرقین إلى اتهـام الشریعة بالجمود ما طرأ على الشریعة من دعوى غلق باب الاجتهاد فی أواخر القرن الرابع الهجری وذلک بسبب ظروف خاصة بذلک العهد, کما وانتشار التقلید لکبار الأئمة . فلقد انتاب المسلمین منذ منتصف القرن الرابع الهجری بعض العوامل السیاسیة والاجتماعیة، التی کان لها أسوأ الأثر فی نهضتهم ،ونشاطهم الفکری، والفقهی، حیث أخذت الدولة العباسیة فی الضعف منذ ذلک الوقت ، وسادت الفوضى، وعم الفساد کل شیء حتى الفقه والقضاء . فولیّ القضاء من لم یکن موضعاً لثقة المتقاضین ، وتصدى للإفتاء والاجتهاد من لم یصل إلى مرتبة الفقهاء أو المجتهدین . وحیث تقطعت من الدولة الإسلامیة أوصالها وأصبحت دولاً عدیدة أخذ کل من الخلفاء أو الملوک المسلمین بمذهب من مذاهب الأئمة الکبار( أبی حنیفة ومالک والشافعی وأحمد بن حنبل رحمهم الله جمیعاً) وقرر إلزام رجال القضاء والإفتاء بالحکم أو الإفتاء طبقاً لفقه ذلک المذهب . على أن هناک من أنکر قفل باب الاجتهاد وقال: إن باب الاجتهاد مفتوح وسیظل مفتوحاً ما دامت شریعة الله باقیة، واستدل على ذلک بآراء الأئمة (الشافعی والغزالی وابن القیم وابن حزم رحمهم الله) .فقد قال ابن القیم: إن القیاس هو المراد بالمیزان فی قوله تعالى: " الله أنزل الکتاب بالحق والمیزان"، وفی قوله تعالى: " ولقد أرسلنا رسلنا بالبینات وأنزلنا معهم الکتاب والمیزان لیقوم الناس بالقسط " ، وغیرهما من الآیات المشابهة. والقیاس والاجتهاد أمران متلازمان مترابطان، بل یرى الإمام الشافعی أنهما اسمان لمعنى واحد. وقد کتب الإمام الشافعی فصلاً عظیم القیمة فی الاجتهاد استند فیه إلى الحدیث الشریف الذی رواه أبو هریرة عن الرسول صلى الله علیه وسلم أنه قال : " إذا حکم الحاکم فاجتهد فأصاب کان له أجران، وإذا اجتهد فأخطأ کان له أجر"، وفی هذا الفصل یقول الإمام الشافعی: " فکان علیهم - أی على الناس- تکلف الدلالات بما خلق لهم من العقول التی رکبها فیهم لیقصدوا - قصد التوجه - للعین التی فرض علیهم استقبالها - یرید القبلة- فإذا طلبوها مجتهدین بعقولهم وعلمهم بالدلائل – بعد استعانة الله والرغبة إلیه فی توفیقه - فقد أدوا ما علیهم ". فالإمام الشافعی یقیس الاجتهاد فی الأحکام التی لم یرد فیها نص من الشارع، على التحری عن القبلة عند الصلاة، ویرى تبریر الخطأ فی الحکم الذی یصل إلیه المجتهد ما دامت أدوات الاجتهاد مستوفاة عنده، کما أن صلاة من یخطئ فی تحدید القبلة صحیحة، مادام أدى ما علیه من التحری فی استقبالها. وکذلک قال الإمام الشافعی: " .. إن الله جل ثناؤه منّ على العباد بعقول فدلهم بها على الفرق بین المختلف، وهداهم إلى الحق نصاً ودلالة ". أما الإمام الغزالی فقد کتب فی المستصفى بحثاً وافیاً عن الاجتهاد، لم یمنعه ولم یحرمه ولم یتوقف فی العمل به، بل جعل لمن یقدم علیه شروطاً لا بد من استیفائها قبله، فمن توفرت فیه هذه الشروط له أن یجتهد، له ولغیره، فی المسائل التی یعلم (أنها متولدة فی عصر لم یکن لأهل الإجماع فیها خوض) أی فی أحداث الحیاة والمجتمع المتجددة، وهذا معناه أن باب الاجتهاد مفتوح على الدوام، لمن توفرت فیه شروطه. إذن فمن الخطأ الظن بأن إقفال باب الاجتهاد هو إجماع من العلماء فی العصر الأول بعد تکوین المذاهب وترکیزها فی البلاد ورسوخ الاعتقاد بها، وأن هذا الإجماع لم یشذ عنه إلا قلیل من (المتمردین) أمثال ابن حزم وابن القیم وابن الجوزی و الشاطبی، بل إن الأمر لیس کذلک، فمادامت الأحکام العملیة تابعة للحوادث الفعلیة وهذا ما یؤکده الواقع المشاهد ، ومادامت الحوادث الفعلیة تتزاید ولا تکاد تنحصر، فإن الأحکام العملیة تتزاید ولا تتأتى الإحاطة بها على تعاقب العصور وتراکم الزمن، ولیس لهذا الکلام معنى إلا فتح الباب بل توسعته فی استنباط هذه الأحکام وتقریرها على مقتضى هذه الحوادث الفعلیة وتطوراتها، وهذا هو الاجتهاد. وقد أدرک الفقهاء المخلصون ما فی قفل باب الاجتهاد من الخطر على الشریعة وعلى الناس ولذلک قال ابن القیم: " إن إقفال باب الاجتهاد أدى إلى التحایل, حتى وضعت الکتب فی الحیل والمخارج للهروب من کل التزام, حتى تحایل بعضهم فی إسقاط حد السرقة.....! وبعضهم لأخذ أموال الناس، وظلمهم فی نفوسهم, وسفک دمائهم, وإبطال حقوقهم, وإفساد ذات بینهم ". وبأیة حال لا یستساغ القول بأن باب الاجتهاد قد أغلق, وأن هذا العصر یخلو من وجود مجتهدین, فلو خلا عصر من مجتهد یمکن الاستناد إلیه فی معرفة الأحکام وماجدّ منها خاصة لأفضى ذلک إلى تعطیل الشریعة وعدم إمکان تطبیقها فیما یجد من الوقائع. ویقول الشوکانی:" ذهب جمع إلى أنه لا یجوز خلو الزمان من مجتهد یبین للناس ما نزل إلیهم بل ولا بد أن یکون فی کل قطر من یقوم به الکفایة لأن الاجتهاد من فروض الکفایة". ونقل عن الحنابلة القول بأنه لا یجوز خلو العصر من مجتهد. ثم قال الشوکانی فی موضع آخر: " والاجتهاد على المتأخرین أیسر وأسهل دون خلاف، ومن قصر فضل الله على بعض خلقه وقصر فهم الشریعة على من تقدم عصره، فقد تجرأ على الله ثم على الشریعة الموضوعة لکل العباد".
المطلب الثالث : السبب الثالث عدم نشر المبادئ الصحیحة للشریعة الإسلامیة بإحدى اللغات الأوروبیة ومن تلک الأسباب التی دعت أولئک المستشرقین إلى ذلک الاتهام أن رجال الفقه الإسلامی لم یفکروا بنشر المبادئ الصحیحة للشریعة الإسلامیة بإحدى اللغات الأوربیة, إلا أنهم اتجهوا لذلک مؤخراً و بالمقابل نجد أن جهل فقهاء القانون الغربیین ـ إلا ما ندرـ باللغة العربیة التی هی الأداة الوحیدة التی تمکنهم من الوقوف على الآراء فی الفقه الإسلامی کان سبباً رئیساً فی اتهام الغرب للشریعة الإسلامیة بالجمود . المطلب الرابع السبب الرابع : ضعف الدولة العثمانیة وتدخل الدول الأوربیة وفرض قوانینها على العرب إضافة إلى تلک العوامل التی بُنیت علیها دعوى غلق باب الاجتهاد فی نهایة القرن الرابع الهجری أصیبت الدولة العثمانیة فی أواخر عهدها بالضعف والانهیار مما أدى إلى تدخل الدول الأوربیة لحمایة الدولة العثمانیة مقابل الحصول على امتیازات، کما أخذت الدولة العثمانیة بمحاکاة الدول الأوربیة فی الأخذ بأسالیبها الحدیثة فی نهضتها الاقتصادیة والاجتماعیة، وأمام هذا الضعف والانهیار التمس بعض المثقفین ثقافة أوربیة الإصلاح من أیسر سبیل –کما یزعمون - وهو النقل واقتباس القوانین عن أوربا، وبذلک اختلطت مفاهیم التحدیث بمفاهیم النقل وهی ظاهرة اجتماعیة معروفة عبر عنها ابن خلدون بقوله: " المغلوب یتشبه أبداً بالغالب فی ملبسه ومرکبه وسلاحه..." . وحین انهار نظام الحکم العثمانی وانقسم العالم الإسلامی إلى دویلات مستقلة وأصبحت الخلافة مسألة صوریة کانت انجلترا وفرنسا والدول الکبرى فی ذلک الوقت یقسمون ترکة الرجل المریض وانفرط عقد الخلافة العثمانیة فی(1342هـ- 1923م ) وقطعـت الدولـة العثمانیة إلى أشلاء اقتسمتها دول أوربا فیما بینها وفرضت علیها تشریعاتها وقوانینها . المطلب الخامس السبب الخمس : تقاعس علماء الشریعة الإسلامیة عن التصدی للعلاقات الاجتماعیة و الاقتصادیة الجدیدة رافق ذلک کله تقاعس علماء الشریعة عن التصدی للعلاقات الاجتماعیة والاقتصادیة الجدیدة، کما خیم الجهل على المجتمع وأهملت الدراسات الفقهیة فی نطاق المعاملات مما أدى إلى تزاید ضعف الملکات الفقهیة وتصدى للفتوى أناس لا یوثق بعلمهم . وهکذا فإن تحکم الاستعمار فی البلاد الإسلامیة نجم عنه ضعف سیاسی وتخلف اقتصادی واجتماعی ، وإضعاف لشوکة المسلمین ؛ بإبعادهم عن أحکام الدین فی کثیر من الأقطار الإسلامیة، وتوجیههم إلى استیراد القوانین الغریبة عن البیئة، والمتباینة فی الجملة مع العقیدة ، وحتى الصالح منها والذی لا یخرج عن روح الشریعة الإسلامیة وتتسع له أحکامها وقر فی أذهان الناس أنها نظم أجنبیة راقیة لم تأت بها الشریعة ، ولم یعرفها الفقه الإسلامی . بل توهم البعض أن الاحتکام إلى الفقه الإسلامی طریق التخلف ، کما ظن بعض الأجانب أن الإسلام سر التخلف فی البلاد الإسلامیة ، اعتقاداً منهم أن أحکامه هی المطبقة، والواقع أن عدم تطبیق أحکام الإسلام کاملة فی أکثر البلاد الإسلامیة لتقاعس العلماء عن استنباط أحکام کل ما جد ، ولجوء الحکام إلى القوانین الأجنبیة هو سر تخلف هذه البلاد، وسر ما تعانیه من بلبلة فکریة ، ناجمة عن اختلاف الواقع عن المعتقدات الدینیة، وتعلق الأفراد بها ، ورغبتهم فی تطبیقها . المبحث الثانی الرد على متهمی الشریعة الإسلامیة بالجمود والتخلف إن الإسلام بریء من اتهامه بالتخلف, ومبادئه حیویة، ومرنة ، أطلقت سراح الفکر الإنسانی، ووجهته إلى التأمل ، والأخذ بأسباب الکمال ، مما یقطع بأن الجمود یتعارض مع روح التشریع الإسلامی ، ومع غایته الطموح المتوثبة إلى حیاة سعیدة فی ظل نظام خلقی رفیع ، تبقى معه شخصیة الإسلام متمیزة ، لا تقبل الذوبان والتلاشی فی شخصیة أی تشریع آخر . وهذا یتجلى بما یلی: المطلب الأول النصوص القرآنیة والأحادیث النبویة تدل على صلاحیة الشریعة الإسلامیة لکل زمان ومکان کثیرة هی النصوص القرآنیة ، والأحادیث الشریفة ، التی تدل على کمال الشریعة وصلاحیتها لکل زمان ومکان . وإن التشکیک فی هذه النصوص تشکیک فی قدرة الله على أن ینزل شریعة مبرأة من العیوب ، صالحة لحکم حیاة الناس على مر العصور، من غیر تبدیل أو قصور . قال تعالى فی کتابه الحکیم: " وما أرسلناک إلا رحمة للعالمین" . کما قال جلّ ثناؤه: " قل یا أیها الناس إنی رسول الله إلیکم جمیعاً" . وقال أیضاً: "تبارک الذی نزل الفرقان على عبده لیکون للعالمین نذیراً" . وقال رسول الله صلى الله علیه وسلم معدداً خصائص رسالته, وما منّ الله علیه من فضل:" أعطیت خمساً ، لم یعطهن أحد من الأنبیاء قبلی : نصرت بالرعب مسیرة شهر، وجعلت لی الأرض مسجداً وطهوراً، و أیما رجل من أمتی أدرکته الصلاة فلیصل ، وأحلت لی الغنائم ، وکان النبی یبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس کافة ، وأعطیت الشفاعة " . ومقتضى هذا العموم أن تکون هذه الرسالة أو هذه الشریعة صالحة لکل قوم، وکل بیئة, وکل مکان. فاقتضت حکمته تعالى أن تکون هذه الشریعة هی خاتمة الشرائع, فهی ناسخة لما قبلها ولا تنسخ بشریعة بعدها, فقد کمل الدین بالإسلام ، وتم البناء برسالة محمد صلى الله علیه وسلم . وصدق الله العظیم إذ یقول: "الیوم أکملت لکم دینکم وأتممت علیکم نعمتی ورضیت لکم الإسلام دیناً" . إن المؤمن بکمال علم الله تعالى ، وحکمته ، ورحمته ، وبره بخلقه ، لا یستطیع أن یتصور أنه تعالى یغلق باب النبوة دونهم ، ویقطع وحیه عنهم ، ثم یتعبدهم بشریعة قاصرة, تصلح لقوم ولا تصلح لغیرهم, وتصلح لزمن ولا تصلح لآخر, وتصلح لبلد ولا تصلح لغیره، مع أنهم جمیعاً مکلفون بأحکامها, یأتمرون بأوامرها وینتهون عن نواهیها إن کتاب الله وسنة رسوله صلى الله علیه وسلم وسعا کل ما یحتاج إلیه البشر فی أمور الدین والدنیا, قال تعالى: "ونزلنا علیک الکتاب تبیاناً لکل شیء" . وقال رسول الله صلى الله علیه وسلم: " قد ترکتکم على البیضاء لیلها کنهارها, لا یزیغ عنها بعدی إلا هالک . من یعش منکم فسیرى اختلافاً کثیراً. فعلیکم بما عرفتم من سنتی وسنة الخلفاء الراشدین المهدیین . عضوا علیها بالنواجذ.وعلیکم بالطاعة وان عبداً حبشیاً، فإنما المؤمن کالجمل الأنف حیثما قید انقاد ". ولا تحتاج هذه الشریعة الغراء إلا إلى فقهاء یغوصون فی أسرارها ، ویجتهدون فی استنباط الأحکام من نصوصها ، وقواعدها ، بعد أن استیقنوا بکمالها وصلاحیتها لکل زمان ومکان . المطلب الثانی التاریخ یشهد بصلاحیة الشریعة الإسلامیة لکل زمان ومکان أما من لم یدخل الإیمان قلبه ولم یصدق الآیات الکریمة ، والأحادیث النبویة التی أنزلها الله تعالى وحیاً على نبیه محمد صلى الله علیه وسلم ، فإن علیه الرجوع لما سجله التاریخ الذی یشهد بصلاحیة الشریعة الإسلامیة لکل زمان ومکان. ذلک أن " شهادة التاریخ لنظام ما بالخلود والصلاحیة للتطبیق فی کل زمان ومکان مرهونة بأمرین یتمم أحدهما الآخر, وهما: 1- وفاء الأصول النظریة بالحاجات المتجددة. 2- نجاح التطبیق العملی. وکلا هذین الأمرین قد تحقق بجلاء ووضوح لشریعة الإسلام" . فأما الأصول النظریة لشریعة الإسلام ، فقد استطاعت الوفاء بعلاج الوقائع والمشکلات المتجددة طوال مراحل تاریخیة مختلفة, وفی بیئات اجتماعیة وحضاریة متعددة, وذلک لما احتوته هذه الأصول من السعة والمرونة والخصوبة والخصائص الذاتیة .ولهذا أجمع الأئمة المجتهدون من فقهاء الصحابة وتابعیهم, ومن سار على هدیهم من أئمة الاجتهاد- الذین اقتبسوا الحلول للمشکلات المتجددة من نصوص الشریعة ومبادئها العامة – أجمعوا على اختلاف مشاربهم -وقد امتلأت بهم أقطار دار الإسلام- على أن لکل حدث وکل فعل من أفعال المکلفین حکماً فی الشریعة أصابه من أصاب, وأخطأه من أخطأ, وان هذه الشریعة العامة الخالدة یستحیل أن تضیق نصوصها وقواعدها عن تصرف من التصرفات فلا تصدر فیه حکماً. وأما عن نجاح التطبیق العملی, فقد نجحت الشریعة الإسلامیة فی إسعاد المجتمعات التی التزمتها وعملت بموجبها, فساد فی ظلها الحق والخیر, وانتشر العدل والأمن وعم الرخاء والازدهار ونشأ الإنسان الصالح الذی یعرف حق ربه و حق مجتمعه علیه , فازدهرت الزراعة والصناعة والتجارة, وعمرت الأرض وکثرت الخیرات, ذلک أن الخلفاء أمنوا الناس إلى حد کبیر على حیاتهم وثمار جهودهم وهیئوا الفرص لذوی المواهب, وبفضل تشجیعهم انتشر التعلیم, وازدهرت العلوم والآداب والفنون ازدهاراً جعل آسیا الغربیة مدى خمسة قرون أرقى أقالیم العالم کله حضارة . وفی ظل شریعة الإسلام ساد العدل بین الناس, فقانون الشرع ملزم لکـل من جرت علیه أحکام الإسلام لا یظلم أحد ولا یحابى لأجل دینه أو طبقته الاجتماعیة أو غناه أو فقره أو لونه أو لغته . وفی ظل شریعة الإسلام ساد التکافل الاجتماعی بین أبناء الأسرة والعشیرة, وفقاً لأحکام النفقات فی الشریعة الإسلامیة ، وبین أبناء الحی بحکم الجوار الذی یلزمهم بأن یتعاونوا ویتضامنوا, ویأخذ بعضهم بید بعض وإلا فالإسلام منهم براء, قال رسول الله صلى الله علیه وسلم: "مازال جبریل یوصینی بالجار حتى قلت لیورثنه " . وکانت الزکاة تؤخذ من أغنیائهم فترد على فقرائهم, فریضة من الله. وقد قاتل أبو بکر- رضی الله عنه – مانعی الزکاة, ولم تعرف البشریة قبله حاکماً یجیش الجیوش ویعلن الحرب لینتزع حقوق الفقراء من براثن الأغنیاء الأشحاء, بحد السیف. کما وسع عمر بن الخطاب ( رضی الله عنه) قاعدة التکافل ففرض لکل مولود فی الإسلام نصیباً, وشمل هذا التکافل غیر المسلمین, فقد أمر الفاروق عمر( رضی الله عنه ) أن یفرض لشیخ یهودی عاجز من بیت مال المسلمین ما یصلحه وأهله . وقد قرر المؤرخون بکل یقین: أن المسلمین لم یجبروا شعباً ولا فئة من الناس على اعتناق الإسلام بحال, وقد کانوا قروناً عدیدة یملکون من القوة والنفوذ ما یغریهم بذلک, لولا وازع الإیمان فی صدورهم . وحتى إبان اشتعال الحروب التی تغلب فیها عادة عواطف الغضب والغیظ على عوامل الحکمة والتعقل, وفی هذا یقول المؤرخ والفیلسوف الفرنسی" غوستاف لوبون" عند حدیثه عن الفتوح الإسلامیة إنصافا للحق قبل أن یکون إنصافا للمسلمین : "الحق أن الأمم لم تعرف فاتحین متسامحین مثل العرب ولا دیناً سمحاً مثل دینهم". وفی ظل شریعة الإسلام تجد ذاک الصنف الرائع من العلماء الذین یدعون إلى الله على بصیرة ویصدعون بالحق فی شجاعة, ولم تکن مکانتهم هذه لأنهم یحتکرون الوساطة بین الله وعباده, ویصدرون قرارات الحرمان أو صکوک الغفران، کلا وإنما کانت قوتهم ومکانتهم للعلم الذی یحملونه والهدى الذی یمثلونه . وفی ظل نظام الإسلام وجد الحاکم الذی لا یحتجب عن الشعب, ولا یظلمه , ولا یستعلی علیه, بل یشاوره وینزل عند رأیه, ویسوی بین نفسه وبین أصغر واحد من رعایاه . ولهذا کله قامت حضارة زاهرة فی ظل شریعة الإسلام, جمعت بین العلم والإیمان، وبین الدین والدنیا, ولم تعرف – هذه الحضارة- ما عرفته حضارات أخرى من النزاع بین العلم والدین, بل کان کثیر من فقهاء الدین علماء مبرزین فی علوم الکون والحیاة, فابن رشد وابن خلدون کانا فقیهین وقاضیین من قضاة الشریعة الإسلامیة. وکان من ثمار هذا العلم کشوفات ونظریات, وکتب ومؤلفات, ومدارس ومکتبات, ومراصد ومختبرات, ومستشفیات و بمارستانات, وغیر ذلک مما شهد له العدید من مؤرخی الغرب بالسبق العلمی. المطلب الثالث قواعد الشریعة الإسلامیة تضارع ما وصل إلیه الفکر القانونی الحدیث لم یکن الإسلام یوماً سبباً للتخلف ولم تکن شریعته الغراء جامدة ولا العودة إلى تطبیقها ردة إلى الوراء کما قالوا, بل إن الشریعة الإسلامیة – فی الواقع- تحتوی من الحلول ما یضارع أحدث ما وصل إلیه الفکر القانونی الحدیث, وجزء کبیر من أحکامها قابل للتطور فی الأمور التی لم یرد فی شأنها حکم قطعی – ولا أدل على ذلک من نجاح لجان تقنین أحکام الشریعة الإسلامیة التی شکلها مجلس الشعب المصری عام 1978م فی وضع تقنینات تضارع أرقى ما وصل إلیه العقل البشری فی الوقت الحاضر, صدر منها فی عام /1990/ قانون التجارة البحریة, والقانون التجاری عام /1989/, کما أن بعض الشعوب الإسلامیة أصدرت بعض تقنینات مأخوذة من الشریعة الإسلامیة, منها الأردن, الیمن, بعض دول الخلیج, السودان, باکستان, ...... الخ. . المطلب الرابع : الشریعة الإسلامیة جمعت بین الثبات والمرونة فی توازن فرید: لقد جمعت الشریعة الإسلامیة بین الثبات والمرونة, فلم تأخذ بمذهب الثبات المطلق الذی یعرقل مسیرة تطور الحیاة والإنسان, ولم تجنح إلى التغییر المطلق الذی لم یجعل لقیمة ولا لمبدأ ما ثباتاً, بل أقامت بینهما توازناً فریداً, یتجلى فیما یلی:
الفرع الأول سعة منطقة العفو لم ینص الشارع الحکیم على کل شیء, بل ترک منطقة واسعة خالیة من أی نص ملزم, وذلک للتوسعة والتیسیر والرحمة بالخلق, وهذه المنطقة هی منطقة العفو. وقد ورد عن النبی صلى الله علیه وسلم أنه قال:" إن الله افترض علیکم فرائض فلا تضیعوها ، وحد لکم حدوداً فلا تعتدوها ، ونهاکم عن أشیاء فلا تنتهکوها ، وسکت عن أشیاء من غیر نسیان فلا تکلفوها رحمةً من ربکم فاقبلوها " . فتقلیل التکلیف لم یأتی اعتباطاً, وإنما هو أمر مقصود من الشارع الذی أراد لشریعة الإسلام العموم والخلود والصلاحیة لکل زمان ومکان وحال . الفرع الثانی أحکام الشریعة نوعین لقد جاءت أحکام الشریعة الإسلامیة على نوعین: أحدهما یتضمن مبادئ عامة وأصول کلیة – وهو الغالب- ویتصف بالعموم والإجمال بحیث یتمتع بالمرونة الکافیة لتندرج فی إطاره الجزئیات والفروع المناسبة لکل زمان ومکان ، فلا یضیق هذا النوع بحاجات الناس, ومثاله نجده فی نصوص الشورى کما فی قوله تعالى : "وشاورهم فی الأمر " ،و فی نصوص العدل کما فی قوله تعالى :"إن الله یأمرکم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حکمتم بین الناس أن تحکموا بالعدل " ، و فی نصوص المساواة کما فی قوله صلى الله علیه وسلم فی خطبته وسط أیام التشریق: " یا أیها الناس ألا إن ربکم واحد وان أباکم واحد ،ألا لا فضل لعربی على أعجمی ولا لعجمی على عربی ولا لأحمر على أسود ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى أبلغت ؟" قالوا: بلغ رسول الله صلى الله علیه وسلم، ......قال :"لیبلغ الشاهد الغائب" . فهذه المبادئ العامة التی نصت علیها شریعة الإسلام الخالدة, تشکل قواعد ثابتة بحد ذاتها, لکن طریقة تطبیقها قد تختلف باختلاف الأزمنة والأمکنة والأحوال والعوائد, وبهذا المنهج الکلی الذی اتخذه الشرع الإسلامی فی تقریره للأحکام –غالباً- حقق دیمومة حکمه فی تناوله للجزئیات دلالة ومضموناً مهما تکاثرت وتجددت. أما الثانی فهو على شکل أحکام تفصیلیة, وهو محدود, ورد فی القرآن الکریم والسنة النبویة، یتعلق بمصالح إنسانیة ثابتة لا تتغیر أبد الدهر, فاتجهت إرادة المشرع إلى تفصیلها استبعاداً لها عن أن تکون مجالاً للاجتهاد بالرأی, أو موطناً لاختلاف وجهات النظر عند تحدید أحکامها, وذلک ضماناً لثباتها, وصوناً للمصالح التی ترمی إلیها أن یعتریها تبدیل أو تغییر . ومن هذه الأحکام ما یتعلق بالعقیدة, ومنها ما یتعلق بالعبادات , ومنها ما یتعلق بالأخلاق, کوجوب الفضائل: من صدق وأمانة و....الخ, کما فی قوله تعالى : " إن الله یأمرکم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها" ، وتحریم الرذائل: کالکذب والغیبة والنمیمة والسحر والظلم والشح..... إلى غیر ذلک مما ثبت تحریمه قطعاً فی القرآن ، کما فی قوله تعالى : " ولا یغتب بعضکم بعضاً " ، و فی السنة کما فی قول رسول الله صلى الله علیه وسلم : " إیاکم والشح ، فانه أهلک من کان قبلکم ، أمرهم بالظلم فظلموا ،وأمرهم بالقطیعة فقطعوا ، وأمرهم بالفجور ففجروا. وإیاکم والظلم ، فان الظلم ظلمات یوم القیامة ، وإیاکم والفحش ،فان الله لا یحب الفحش ولا التفحش " . ومنها ما یتعلق بتنظیم الأسرة: کالزواج والولایة والحضانة..., أو ما یخص المعاملات المالیة: کالربا کما فی قوله تعالى : " وأحل الله البیع وحرم الربا " . والغش کما فی قوله صلى الله علیه وسلم لصاحب الطعام الذی أصابته السماء : " أفلا جعلته فوق الطعام کی یراه الناس ، من غش فلیس منی" , أو ما یناط بالعقوبات الشرعیة على الجرائم: کعقوبة الردة, والزنا کما فی قوله تعالى: " الزانیة والزانی فاجلدوا کل واحد منهما مئة جلدة ولا تأخذکم بهما رأفة فی دین الله" . والقذف والسرقة ، کما فی قوله تعالى:" والسارق والسارقة فاقطعوا أیدیهما جزاء بما کسبا نکالاُ من الله " ، و...... وتسمى هذه بجرائم الحدود والقصاص. هذه الأمور تشکل منطقة محرمة لأن أحکامها ثابتة لا مجال للاجتهاد فیها, عالجتها الشریعة بالتفصیل الملائم سداً لباب الابتداع والتحریف فی أمور العقیدة والعبادة، وحسماً للنزاع والصراع فی أمور الأسرة, وإرساءً لدعائم الاستقرار والأمن فی المجتمع, وإن تفصیلها بنی على أساس أن الحاجة إلیها تبقى قائمة فی کل زمان ومکان, وأن غیرها لا یسد مسدها, ولا یحقق المصلحة للناس . وهکذا فإن النصوص التشریعیة الواردة فی القرآن الکریم (آیات الأحکام), أو فی السنة النبویة, تنطلق من قاعدة أساسیة صاغها الأصولیون فی عبارة "تفصیل مالا یتغیر وإجمال ما یتغیر" . الفرع الثالث نصوص الشریعة صیغت صیاغة معجزة هذه النصوص التی جاءت بأحکام جزئیة تفصیلیة، قد صیغت صیاغة معجزة بحیث تتسع لتعدد الأفهام والتفسیرات, ما بین متشدد ومترخص, ومابین آخذ بحرفیة النص وآخذ بروحه وفحواه, وقلما یوجد نص لم یختلف أهل العلم فی تحدید دلالته وما یستنبط منه, وهذا راجع إلى طبیعة اللغة, وطبیعة البشر, وطبیعته التکلیف . ولکل نص دلالة لفظیة وأخرى معنویة, ودلالة منطوق إلى جانب دلالة المفهوم ودلالة العبارة ودلالة الإشارة. ولدلالة المفهوم نوعان: مفهوم موافق وآخر مخالف , لذلک توصل المجتهدون من النص الواحد إلى عدة أحکام, کما ترتب على ذلک اختلاف فی آراء الفقهاء فی الأحکام العملیة والذی یعد من المفاخر والذخائر لأنه ثروة تشریعیة, کلما اتسعت کانت أروع و أنفع وأنجع, ولیست کما یتوهم البعض بأنها اختلاف مذهبی شائن مستکره, لأن هذا الأخیر إنما یکون عند الاختلاف فی العقائد, أما ما تمیزت به الأمة الإسلامیة فهو اختلاف فی الفروع العملیة یجعل الناس فی سعة ویسر من أمرهم . ویلاحظ أن "اختلاف الصحابة فی الفروع کان رائده الإخلاص ولذا لم یکن بینهم تنازع فی الفقه ولا تعصب, بل طلب للحقیقة وبحث عن الصواب من أی ناحیة أخذ, ومن أیة جهة استبان" . ولا یدل هذا الاختلاف على تناقض فی المصدر التشریعی المستنبط منه, وإنما یدل على مرونة النص وسعة قابلیته التطبیقیة. الفرع الرابع الأحکام الشرعیة مستمدة من القرآن والسنة بطریق مباشرة وغیر مباشرة لم تکن الأحکام الشرعیة مستمدة من القرآن والسنة بطریق مباشرة فقط- من خلال النص علیها صراحة- بل کان الکثیر منها مستمداً من القرآن والسنة بطریق غیر مباشرة من خلال دلالة النص علیها, وهنا جاء دور الاجتهاد والمجتهدین فی کل عصر, حیث استنبطوا الأحکام لما استجد من الأمور والحوادث, وفرعوا على القواعد الکلیة الواردة فی القرآن والسنة, وکان اجتهادهم هذا یأخذ تارة صورة القیاس , وتارة صورة الاستحسان ، وتارة یکون مراعاةً للعرف, أو مراعاةً للمصالح المرسلة, وقد یأخذ بالاستصحاب أو غیرها من الأدلة التی اختلف المجتهدون فی اعتمادها , وتقدیر مدى الأخذ بها, ما بین مضیق وموسع, لکن الأحکام المستفادة من هذه الأدلة هی جزء من الشریعة باعتبار أن هذه الأدلة (المصادر) مشهود لها بالحجیة من قبل الشریعة نفسها، وهکذا فإن تعدد مصادر الأحکام الشرعیة ومرونة کل مصدر منها دلالة على المرونة والسعة فی شریعة الإسلام, وأمارة على قابلیة تطور الأحکام ومسایرة الشریعة لمصالح العباد وملاءمتها لکل زمان ومکان . الفرع الخامس مبدأ تغیر الفتوى بتغیر الزمان والمکان والحال والعرف قامت أحکام الشریعة الإسلامیة على مبدأ مفاده تغیر الفتوى بتغیر الزمان والمکان والحال والعرف, وهذا المبدأ تقرر منذ عهد الصحابة الذین کانوا أکثر الناس رعایة له, وبخاصة سیدنا عمر(رضی الله عنه ), فتطبیقه لهذا المبدأ یتجلى فی موقفه من المؤلفة قلوبهم, ومن قسمة الأراضی المفتوحة, ومن طلاق الثلاث, وفی تأخیره جمع الزکاة, ودرئه القطع عن من سرق فی عام المجاعة, وفی فتواه فی زکاة الخیل, وقد غیر الصحابة فتواهم فی زکاة الفطر, بل إن هذا المبدأ تقرر حقیقة منذ عهد النبی صلى الله علیه وسلم, إذ منع ادخار لحوم الأضاحی بعد ثلاث لطروء بعض الوافدین على المدینة فی أحد الأعیاد وأباحه بعد ذلک فی الظروف العادیة .فقد روی عنه صلى الله علیه وسلم أنه قال : " إنا کنا نهیناکم عن لحوم الأضاحی أن تأکلوها فوق ثلاثة أیام کی تسعکم فقد جاء الله بالسعة فکلوا وادخروا واتجروا ". وقد أکد ابن قیم الجوزیة تغیر الفتوى بتغیر الأزمنة والأمکنة والأحوال والعوائد والنیات وعقد لذلک فصله الممتع فی کتابه " أعلام الموقعین عن رب العالمین" وذلک فی مقدمته. ولیس معنى ذلک أن أحکام الشریعة کلها قابلة لتغیر الفتوى بها بتغیر الزمان والمکان, بل إن هناک من الأحکام ما هو ثابت دائم لا مجال فیه للتغیر والاختلاف مهما تغیرت الظروف والأحوال وذلک مثل وجوب الواجبات کالصلاة والزکاة ... ، وتحریم المحرمات کالظلم والغش والنمیمة .... ، والحدود المقررة شرعاً على الجرائم کالزنا والسرقة والقتل ، فهذه کلها لا یتطرق إلیها تغییر ولا اجتهاد. أما ما یتغیر بحسب المصلحة الزمانیة أو المکانیة أو ظروف الحال والأعراف فهو کمقادیر التعزیرات وأجناسها وصفاتها . وقد قال ابن عابدین فی رسالته " نشر العرف فی بناء بعض الأحکام على العرف : "اعلم أن المسائل الفقهیة کثیراً منها ما یبنیه المجتهد على ما کان فی عرف زمانه بحیث لو کان فی زمان العرف الحادث لقال بخلاف ما قاله أولاً .... فکثیر من الأحکام تختلف باختلاف الزمان لتغیر عرف أهله أو لحدوث ضرورة أو فساد أهل الزمان بحیث لو بقی الحکم على ما کان علیه أولاً للزم منه المشقة والضرر بالناس ولخالف قواعد الشریعة المبنیة على التخفیف والتیسیر ودفع الضرر والفساد لبقاء العالم على أتم نظام وأحسن احکام، ولهذا ترى مشایخ المذهب خالفوا ما نص علیه المجتهد فی مواضع کثیرة بناها على ما کان فی زمنه لعلمهم بأنه لو کان فی زمنهم لقال بما قالوا به أخذاً من قواعد مذهبه " . ونبه الإمام القرافی إلى تغیر الفتوى بتغیر الزمان والمکان تبعاً لتغیر الأعراف والعادات فقال فی الفرق الثامن والعشرین من کتابه الفروق : " فمهما تجدد فی العرف اعتبره ، ومهما سقط أسقطه ، ولا تجمد على المسطور فی الکتب طول عمرک ، بل إذا جاءک رجل من غیر أهل إقلیمک یستفتیک ،لا تجره على عرف بلدک ، واسأله عن عرف بلده وأجره علیه ،وأفته به دون عرف بلدک ،والمقرر فی کتبک ، فهذا هو الحق الواضح ، والجمود على المنقولات أبداً ضلال فی الدین ، وجهل بمقاصد علماء المسـلمین والسلف الماضین " . وقد کان أبو حنیفة یجیز القضاء بشهادة مستور الحال فی عهده- أی عهد أتباع التابعین- مکتفیاً بالعدالة الظاهرة. وفی عهد صاحبیه- أبی یوسف ومحمد- منعا ذلک لانتشار الکذب بین الناس, ویقول علماء الحنفیة فی مثل هذا النوع من الخلاف بین الإمام وصاحبیه: إنه اختلاف عصر وزمان, لا اختلاف حجة وبرهان. الفرع السادس مراعاة الشریعة الإسلامیة للضرورات والأعذار لقد أخذت الشریعة الإسلامیة بعین الاعتبار الضرورات والأعذار والظروف الاستثنائیة، فأسقطت الحکم أو خفّفته، تسهیلاً على البشر ومراعاةً لضعفهم أمام الضرورات القاهرة ، ولهذا قرر الفقهاء أن الضرورات تبیح المحظورات، وأن الحاجة تنزل منزلة الضرورة، وذلک ضمن قید (ما أبیح للضرورة یقدر بقدرها) أو بعبارة أخرى: (الضرورات تقدر بقدرها) . وقد استند الفقهاء فی وضع هذه القواعد إلى نصوص فی القرآن أو السنة، فقال تعالى فی کتابه الحکیم: " یرید الله أن یخفف عنکم وخلق الإنسان ضعیفاً" . وقد جاءت الآیات موضحة أن على المضطر أن لا یتجاوز حدود الضرورة التی وقع فیها، فجاء فی سورة البقرة قوله تعالى: " یا أیها الذین آمنوا کلوا من طیبات ما رزقناکم واشکروا الله إن کنتم إیاه تعبدون. إنما حرم علیکم المیتة والدم ولحم الخنزیر وما أهل به لغیر الله فمن اضطر غیر باغٍ ولا عادٍ فلا إثم علیه إن الله غفور رحیم" . ولیست الضرورة فقط هی سبب الرخصة والتخفیف فی الأحکام، بل إن المشقة أیضاً سبب فی التیسیر، ولذلک أجمع الفقهاء على أن (المشقة تجلب التیسیر). وقد شرعت رخص کثیرة فی الفرائض الإسلامیة للمرضى والمسافرین وأصحاب الأعذار سواء فی الطهارة أو الصلاة أو الصیام أو الحج أو غیرها من التکالیف.کما فی قوله تعالى : "ومن کان مریضاً أو على سفر فعدة من أیام أخر یرید الله بکم الیسر ولا یرید بکم العسر " . وبهذا التوازن الذی أقامته الشریعة الإسلامیة بین الثبات والمرونة یستعصی المجتمع على عوامل الانهیار والفناء، أو الذوبان فی المجتمعات الأخرى، أو التفکک إلى عدة مجتمعات، وبالثبات یستقر التشریع وتتبادل الثقة وتبنى المعاملات والعلاقات على دعائم متینة، وأسس راسخة، لا تعصف بها الأهواء والتقلبات السیاسیة والاجتماعیة ما بین یوم وآخر. وبالمرونة یستطیع هذا المجتمع أن یکیّف نفسه وعلاقاته حسب تغیر الزمن وتغیر أوضاع الحیاة دون أن یفقد خصائصه ومقوماته الذاتیة . الخاتمة أولاً- الاستنتاج : لقد تناولت الشریعة الإسلامیة بأحکامها سائر معاملات المجتمع وعلائقه ، فما تخلفت بأهلها فی أی حین، ولا قصرت عن الحاجة ، ولا قعدت عن الوفاء بأی مطلب. وجاءت أحکامها مفصلة فیما لا یتغیر من أحوال الإنسان ومجملة فی ما یتغیر، تلک الأحکام المجملة تمتعت بالمرونة والقابلیة للتکییف والتطویر بحسب متطلبات کل عصر وبیئة؛ فکانت الشریعة الإسلامیة صالحة للتطبیق فی کل زمان ومکان . وکلما توصل فقهاء القانون إلى مبدأ ظنوه جدیداً وجدوه فی شریعة الله قدیماً . فالنصوص التشریعیة الواردة فی القرآن والسنة فیها من السعة ما یشکل مجموعة تشریعیة مکونة من أسس ومبادئ عامة تعین المشرع على تحقیق المصلحة وإقامة العدل فی أی زمان ، ولا تعترض أی تقنین عادل یراد منه تحقیق مصالح العباد ، هذا إضافةً إلى الإجماع والقیاس والأدلة الاجتهادیة الأخرى کالاستحسان والعرف والمصالح المرسلة ، مما أضفى على الشریعة الإسلامیة من الحیویة والتجدد ما جعلها قادرة على حکم البلاد الإسلامیة الشاسعة التی أظلها الإسلام برایته ، بالرغم مما ظهر فیها من أوضاع اجتماعیة واقتصادیة مختلفة عما کان علیه الحال فی شبه جزیرة العرب . وفی الوقت الحاضر جاء الدلیل القاطع والأکید على صلاحیة الشریعة الإسلامیة لحکم المجتمع المعاصر حین أصدرت بعض الدول الإسلامیة بعض تقنینات مستمدة من الشریعة الإسلامیة کالأردن والیمن وبعض دول الخلیج والسودان وباکستان ،وبذلک سقطت حجة القائلین بعدم صلاحیة الشریعة الإسلامیة لحکم المجتمع المعاصر.
ثانیاً- التوصیات : وبناء على ما تقدم وانطلاقاً من نصوص الدساتیر العربیة التی تعد الشریعة الإسلامیة مصدراً رئیساً للتشریع کما فی سوریة ومصر وغیرهما من الدول العربیة مع تفاوت فی الصیاغة فإننی أتقدم بالتوصیات الآتیة: إعادة سیادة الشریعة الإسلامیة وتأکید هیمنتها على واقع الحیاة باستقاء القوانین من منهلها الذی لا ینضب عند سن قانون جدید،وتنقیة التشریعات القائمة وذلک لأنها احتوت على کافة التشریعات المنظمة لشؤون الدولة سیاسیاً واقتصادیاً واجتماعیاً. لابد من العمل بأحکام الشریعة الإسلامیة وأخذها کلاً لا یتجزأ ،لکی تنجح الشریعة عملیاً فی إسعاد المجتمع وتؤتی أکلها فی حیاة الناس ، وبالتالی لا یجوز أن یؤخذ الجزء المتعلق بالمعاملات فقط ، والذی یقابل القانون الوضعی بالمعنى الحاضر ،لأن هذا الجزء إنما هو جزء من خطة إسلامیة شاملة متکاملة للحیاة ، ومن یرغب فی تنفیذه مع تجزئته عن الشریعة لا یکون قد نفذ الشریعة الإسلامیة لأن أخذ هذا الجزء فقط لا یؤتی ثمراته کاملة ، وربما أرهق الناس من أمرهم عسراً، ولذلک أوجب الشارع الحکیم تنفیذ شریعته کاملة فی حیاة الإنسان إذ قال : " أفتؤمنون ببعض الکتاب وتکفرون ببعض فما جزاء من یفعل ذلک منکم إلا خزیٌ فی الحیاة الدنیا ویوم القیامة یردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون " . لا یجوز تبنی التشریعات الغربیة المخالفة للشریعة الإسلامیة لتحریم الإسلام قبولها ولاختلاف مقاصدها عن مقاصد الشریعة الإسلامیة ولانطلاقها من قواعد مناقضة للشریعة فضلاً عما تؤدی إلیه من تعمیق التبعیة للمنهج والفکر الغربی المؤدی إلى تقویض دعائم الدولة الإسلامیة . ولأهمیة الاجتهاد فی حیاة الأمة والدولة على حد سواء ،کونه ضروریاً لمعرفة حکم الله تعالى فی الوقائع والحوادث المتجددة على مر العصور واختلاف الأمکنة والأحوال ، إذ بدونه – أی الاجتهاد – یقف التشریع الإسلامی عن مسایرة تطورات الحیاة السیاسیة والاجتماعیة والاقتصادیة ، وتتعطل مصالح الأمة ، لهذا کله یصبح واجباً على الدولة تهیئة وسائل الاجتهاد عن طریق نشر العلوم والمعارف الشرعیة وفتح مراکز البحث العلمی ودور الکتب ،وإتاحة الفرصة للنابغین فی إبراز مواهبهم .
The Author declare That there is no conflict of interest
References (Arabic Translated to English) Sources: | ||
References | ||
المصادر: 1- الشیخ عودة عبد القادر ، الإسلام بین جهل أبنائه وعجز علمائه ، المختار الإسلامی ، القاهرة ، د.ت . 2- د.متولی عبد الحمید ،الشریعة الإسلامیة کمصدر أساسی للدستور، منشأة المعارف، الإسکندریة،الطبعة الثالثة ،1990م . 3-د.أبو طالب صوفی ،تطبیق الشریعة الإسلامیة فی البلاد العربیة ،دار النهضة العربیة، القاهرة ،الطبعة الخامسة، 1427هـ-2006م. 4- د.حسین محمد عبد الظاهر ، الفقه الإسلامی المصدر الرئیسی للتشریع ، دار النهضة العربیة ، القاهرة ،1420هـ -1999م. 5- د. القرضاوی یوسف ، شریعة الإسلام صالحة للتطبیق فی کل زمان ومکان ، مکتبة وهبة ،القاهرة ،الطبعة الخامسة ، 1997م. 6- علی طارق اللیثی ،السلطة التشریعیة فی الإسلام - دراسة مقارنة تطبیقیة على السلطة التشریعیة فی مصر ،جامعة القاهرة ،طبعة 1421هـ - 2001م. 7-الشرقاوی محمود،التطور روح الشریعة الإسلامیة ،المکتبة العصریة ، بیروت ،لبنان، د.ت . 8- ابن قیم الجوزیة الإمام شمس الدین أبی عبد الله محمد بن أبی بکر المعروف بابن قیم الجوزیة المتوفى سنة 751هـ، أعلام الموقعین عن رب العالمین ، دار الحدیث، القاهرة، 2002م. 9- الإمام الشافعی محمد بن إدریس المطلبی ، المتوفى سنة 204هـ ،الرسالة ،تحقیق وشرح أحمد محمد شاکر ،دار الکتب العلمیة ،بیروت ،لبنان ، د.ت. 10- سنن الدار قطنی ،ج4 ، تحقیق :عبد الله هاشم یمانی المدنی ، دار المعرفة ،بیروت ، د. ت . 11 - د. مدکور محمد سلام ،وجوب تطبیق الشریعة الإسلامیة ، مجلة إدارة قضایا الحکومة ، السنة الحادیة والعشرون ،العدد الأول ، ینایر– مارس ،1977م. 12- ابن خلدون ،مقدمة ابن خلدون ،دار الکتب العلمیة ، بیروت ،ط 1 ،1413هـ - 1993م. 13- صحیح البخاری ،فهرست وضبط :د. مصطفى دیب البغا ،دار العلوم الإنسانیة ، دمشق ، ط2 ، 1413هـ - 1993م . 14- ابن ماجه الحافظ أبی عبد الله محمد بن یزید القزوینی ، المتوفى سنة 275هـ ، فی سننه ،ج1 ، الباب السادس ، تحقیق : محمد فؤاد عبد الباقی ، دار إحیاء التراث العربی ، د. م ، 1395هـ - 1975م . 15- أبی داود ، فی سننه، تحقیق : یوسف الحاج أحمد ، مکتبة ابن حجر، دمشق ، ط1، 1424هـ - 2004م . 16- القاضی أبو یوسف ، کتاب الخراج ،المطبعة السلفیة ،القاهرة ، ط5 ،1396هـ . 17- الفیومی أحمد بن محمد بن علی ،کتاب المصباح المنیر ،ج2 ، المؤسسة العربیة الحدیثة ، القاهرة ، د.ت . 18 - د. القرضاوی یوسف ، عوامل السعة والمرونة فی الشریعة الإسلامیة ، مکتبة وهبة، ،القاهرة ،ط2 ،1999م. 19- د. القرضاوی یوسف ، الفقه الإسلامی بین الأصالة والتجدید ، مکتبة وهبة، القاهرة، ط3 ،1424 هـ -2003م. 20- الإمام أحمد ، فی مسنده ،ج17، فهرست : حمزة أحمد الزین ، دار الحدیث ،القاهرة ، ط1، 1416هـ - 1995م. 21- أحمد حسن سالم مقبل ، نظریة الحکم الشرعی والقاعدة القانونیة "الأساس والخصائص "-دراسة مقارنة ، جامعة عین شمس، طبعة 1417هـ -1996م. 22- الشیخ خلاف عبد الوهاب ، مصادر التشریع الإسلامی مرنة ، مجلة القانون والاقتصاد، کلیة الحقوق، جامعة القاهرة ، السنة الخامس عشرة ، العددان الرابع والخامس ،أبریل – مایو، 1945م. 23- د.جمال الدین سامی،تدرج القواعد القانونیة ومبادئ الشریعة الإسلامیة، منشأة المعارف، الإسکندریة ، د.ت. 24- الشیخ شلتوت محمود ،الإسلام عقیدة وشریعة ،دار الشروق، القاهرة، ط /18/، 2001م . 25- الإمام أحمد ، فی مسنده ، ج6 ،فهرست :أحمد محمد شاکر ، دار الحدیث ،القاهرة، ط1 ، 1416هـ - 1995م. 26 – صحیح مسلم ،ج1 ،دار الکتاب العربی ،بیروت ، 1407هـ - 1987م . 27 - د. القرضاوی یوسف ،الإسلام والعلمانیة وجهاً لوجه،مؤسسة الرسالة، بیروت ، ط4، 1422هـ -2001م. 28- سعودی جمعة عبد الحمید علی ، القانون فی مصر بین الشریعة الإسلامیة والتشریعات الوضعیة ، جامعة القاهرة ،طبعة 1415هـ- 1995م. 29- الشیخ الزرقا مصطفى ، المدخل الفقهی العام ، دار القلم ، دمشق ، ط2، 2004م. 30- د.أبو سلیمة محمد محمد ، التطور التاریخی للنظام القانونی فی مصر الإسلامیة ومسألة العودة لتطبیق الشریعة الإسلامیة ،جامعة القاهرة ، طبعة 2000م . 31- المستشار منصور علی علی ،المدخل للعلوم القانونیة و الفقه الإسلامی – مقارنات بین الشریعة والقانون، د. ن، القاهرة ، ط1، 1386هـ-1967م . 32- د.سلقینی إبراهیم ، أصول الفقه الإسلامی ، منشورات جامعة حلب ،1991-1992م. 33- العلامة الإمام الشاطبی أبی إسحاق إبراهیم بن موسى بن محمد اللخمی الشاطبی الغرناطی، الاعتصام ،ج2، تحقیق: سید إبراهیم ، دار الحدیث ،القاهرة، 1424هـ-2003م . 34- الدارمی ، فی سننه ،ج2، دار الکتب العلمیة ، بیروت ، د. ت. 35- ابن عابدین ، مجموعة رسائله ،ج2 ، د.ن ، د. م، د. ت. 36- الإمام القرافی المالکی ،الفروق ،ج1 ،المکتبة العصریة ، بیروت ،1424هـ - 2003م . 37- السیوطی أبی الفضل جلال الدین عبد الرحمن ، الأشباه والنظائر فی قواعد وفروع فقه الشافعیة ،تخریج وتعلیق: خالد عبد الفتاح،مؤسسة الکتب الثقافیة ،بیروت، ط1، 1415هـ -1994م. 38- د.نجیده علی حسین ،مبادئ الشریعة الإسلامیة المصدر الرئیسی للتشریع فی مصر ،دار النهضة العربیة ،القاهرة ،1990م . | ||
Statistics Article View: 632 PDF Download: 9,799 |