التنمیة البشریة وعلاقتها بحقوق الإنسان الأساسیة | ||
الرافدین للحقوق | ||
Article 1, Volume 13, Issue 36, June 2008, Pages 1-28 PDF (0 K) | ||
Document Type: بحث | ||
DOI: 10.33899/alaw.2008.160532 | ||
Author | ||
افین خالد عبد الرحمن | ||
کلیة القانون والسیاسة، جامعة دهوک، دهوک، العراق | ||
Abstract | ||
منذ أن خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان واستقر على سطح الأرض کانت له حقوق وعلیه واجبات سواء تجاه خالقه أو أسرته أو مجتمعه أو نفسه أو السلطة التی یخضع لها وتتولى رعایته، وقد وهب الخالق عز وجل الإنسان بالمواهب والطاقات البدنیة والعقلیة والعاطفیة وکل أدوات التقدم التی لا یشارکه فیها أی مخلوق أخر فضلاً عن نزعته الاجتماعیة وکلفه برسالة ورسالته لیس فی الاعمار المادی فحسب بل فی إعداد نفسه لمسؤولیات هذه الرسالة وخدمة بنی جنسه وخلق الحضارة وبناء المجتمعات المتقدمة | ||
Keywords | ||
التنمیة; البشریة | ||
Full Text | ||
التنمیة البشریة وعلاقتها بحقوق الإنسان الأساسیة (*) Human development and its relationship to fundamental human rights
(*) أستلم البحث فی 2/10/2007 *** قبل للنشر فی 30/3/2008. (*) Received on 2/10/2007 *** accepted for publishing on 30/3/2007. Doi: 10.33899/alaw.2008.160532 © Authors, 2008, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license (http://creativecommons.org/licenses/by/4.0). المقدمة: منذ أن خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان واستقر على سطح الأرض کانت له حقوق وعلیه واجبات سواء تجاه خالقه أو أسرته أو مجتمعه أو نفسه أو السلطة التی یخضع لها وتتولى رعایته، وقد وهب الخالق عز وجل الإنسان بالمواهب والطاقات البدنیة والعقلیة والعاطفیة وکل أدوات التقدم التی لا یشارکه فیها أی مخلوق أخر فضلاً عن نزعته الاجتماعیة وکلفه برسالة ورسالته لیس فی الاعمار المادی فحسب بل فی إعداد نفسه لمسؤولیات هذه الرسالة وخدمة بنی جنسه وخلق الحضارة وبناء المجتمعات المتقدمة. 1- أهمیة البحث: تأتی أهمیة البحث کونها تتعلق بمسالة أخذت تظهر إلى الوجود بصوره واسعة ولاسیما من خلال الجهود الدولیة فی هذا الإطار وأعمال المنظمات الدولیة مع قلة البحوث والمصادر التی تتناول هذا الموضوع بصورة تفصیلیة وتتمثل أیضا بأهمیة هذا الموضوع للإنسان بصفته أصبح لصیقا بحقوق الإنسان الأخرى الواردة ذکرها فی الاتفاقیات والمواثیق الدولیة. 2- الهدف من البحث: یکمن فی بیان مفهوم التنمیة البشریة الذی اخذ یستخدم فی الآونة الأخیرة بکثرة بدلاً من مصطلح التنمیة ولتمییز هذا المصطلح عن العدید من المصطلحات الأخرى القریبة المعنى منها و لبیان العلاقة الوثیقة ما بین حقوق الإنسان الأساسیة والحق فی التنمیة البشریة وصولاً لنتیجة مهمة هو أن فی أعمال حقوق الإنسان الأساسیة تحقیق للتنمیة البشریة التی تسعى إلیه الدول. 3- مشکلة البحث: یرکز البحث على توضیح بعض المسائل الهامة ولاسیما توضح البعد الاقتصادی والقانونی للتنمیة فی المجتمعات وبیان الصعوبات التی تواجهه تحقیق التنمیة ومقومات نجاحها من خلال تحلیل موقف الدستور فی هذا الإطار وعلاقته بحقوق الأساسیة للإنسان. 4- منهجیة البحث: تضمن البحث الاعتماد على منهجین: أولا: المنهج التحلیلی والذی یتضمن تحلیل النصوص القانونیة وفی مقدمتها نصوص الدساتیر والاتفاقیات الدولیة. ثانیا: المنهج التطبیقی وذلک من خلال الاستعانة ببعض النماذج من دساتیر الدول کالدستور العراقی والأردنی النافذین لبیان موقف الدساتیر من هذه المسألة. 5- خطة البحث: تناولنا البحث من خلال الخطة الآتیة: المبحث الأول: ماهیة التنمیة البشریة وعوامل تحقیقها. المطلب الأول: التعریف بماهیة التنمیة البشریة وتمییزها عن غیرها (ما یشبهها) الفرع الأول – تعریف التنمیة البشریة. الفرع الثانی – تمییز التنمیة البشریة عما یشابهها. المطلب الثانی: عوامل تحقیق التنمیة البشریة. الفرع الأول: احترام حقوق الإنسان. الفرع الثانی: الإستراتیجیة التنمویة ودعم المشاریع الاقتصادیة. المبحث الثانی: الإطار الدستوری لحقوق الإنسان الأساسیة وعلاقتها بالتنمیة البشریة. المطلب الأول: علاقة الحق فی التنمیة البشریة بالحقوق الأساسیة للإنسان. الفرع الأول - ماهیة الحق فی التنمیة. الفرع الثانی - ماهیة الحقوق المدنیة والسیاسیة. الفرع الثالث – ماهیة الحقوق الاقتصادیة والاجتماعیة والثقافیة. المطلب الثانی: التنظیم الدستوری للحق فی التنمیة البشریة. المبحث الأول ماهیة التنمیة البشریة وعوامل تحقیقها فی هذا المبحث سوف نحاول إن نبین ماهیة التنمیة کمصطلح عام ثم نبین ماهیة التنمیة البشریة وبعدها نتطرق إلى بعض المصطلحات القریبة من إذ المعنى من هذا المصطلح ثم نبحث فی عوامل تحقیق التنمیة التی تعد عواملاً لتحقیق التنمیة البشریة أیضا وذلک من خلال تناول هذا المبحث فی مطلبین على وفق ما یأتی: المطلب الأول ماهیة التنمیة البشریة وتمییزها عما یشابهها الفرع الأول تعریف التنمیة البشریة أن الإنسان یحمل موروثاً خاصاً بالحاجة إلى التحسین أو تغییر الأحوال الاقتصادیة والاجتماعیة نحو الأفضل وهو (موروث التحسین). لذلک فقد عمل الکثیر من اجل تحقیق التحسین المطلوب سواء کان ذلک تحت رایة التقدم أو النهضة أو التنمیة لا یوجد تعریف متفق علیه حول مصطلح التنمیة إذ إن البعض ذهب إلى عد التنمیة هی التقدم وهی النهضة على أساس تغییر أوضاع المجتمع نحو الأفضل والفرق هو فی تسمیة المصطلح إذ أن مصطلح (التنمیة یستخدم من قبل المختصین بالاقتصاد ومصطلح (النهضة) یستخدم لدى المختصین بالسیاسة ومصطلح (التقدم) یستخدم لدى المختصین بالاجتماع) وهناک من یذهب إلى أن الفارق الأساسی بین (التنمیة) و(النهضة) هو أن التنمیة تعد جهداً قصدیاً فی حین تعد النهضة هی طور مجتمعی تنشأ فی مجتمع ما نتیجة تفاعل مجموعة من الظروف الموضوعیة تلقائیاً. وعرفت التنمیة کذلک بحسب تقریر الأمم المتحدة لعام (1990) بکونها "صیرورة تؤدی إلى توسیع الخیارات أمام الناس واهم هذه الخیارات هی الحیاة الصحیة واکتساب المعرفة والتمکن من الموارد الضروریة للتمتع بمستوى عیشی مناسب یضاف إلى ذلک الحریة السیاسیة والتمتع بحقوق الإنسان واحترام الذات. ویذهب الأستاذ بول ایرلیش إلى أن التنمیة فی البلدان الغنیة تعنی إدخال المزید من مجالات الخبرة الإنسانیة تحت تحکم العلاقات الاقتصادیة. إذن فان التنمیة هی عملیة تغییر أحوال المجتمع فی کافة نواحیه إلى الأفضل لخدمة الإنسان ویشمل تغییر إی نظام کتغییر کل أو بعض العناصر التالیة (الظروف الموضوعیة – الإمکانات – التنظیم والثبات الإداری – الوظائف والأهداف – الاتجاهات الفکریة والوجدانیة أو القیم الاجتماعیة) التی هی المعاییر التی تضبط السلوک الفردی والجماعی وللتغییر أسلوبان هما (الإصلاح والثورة) والإصلاح هو تحسین النظام السیاسی والاجتماعی القائم دون المساس بجذوره أما الثورة هو التغییر الشامل والکامل عندما تصبح القوى القائمة على اختلاف أنماطها وأشکالها غیر قادرة على مواجهة متطلبات المجتمع القائم بعد أن تناولنا مصطلح (التنمیة) بشکل عام سنتناول مصطلح التنمیة البشریة وقبل ذلک سوف نورد نبذة تاریخیة مختصرة حول تطور مفهوم (التنمیة) فی فترة ما قبل التسعینات وما بعدها فی القرن المنصرف. ففی فترة ما قبل التسعینات رکزت التنمیة على بعض جوانب الحیاة دون الأخرى أی وضعت إطار حول هذا المصطلح فظهر مصطلح التنمیة الاقتصادیة الذی رکز على الجانب الاقتصادی وظهر مصطلح للتنمیة الثقافیة الذی رکز على الجانب الثقافی وکذلک ظهر مصطلح التنمیة الاجتماعیة الذی رکز بدوره على الجانب الاجتماعی وهناک التنمیة الإداریة والتی تعنی کافة الجهود المخططة وما یرتبط بها من التنظیمات والسیاسات والإجراءات والأنشطة التی تتخذ لنمو إنتاجیة العاملین وتحسین أدائهم ورفع أداء الأجهزة الإداریة ولکون عملیة التنمیة تعنی التطور نحو الأفضل فی کافة المجالات (سیاسیة – اقتصادیة – اجتماعیة – ثقافیة - ...) وهذا التطور هو من اجل الإنسان ومن خلاله أی لخدمة المجتمع عامة أدى ذلک إلى حدوث تطور لهذا المصطلح فی فترة ما بعد التسعینات إذ ظهر مصطلح آخر ذات مفهوم أدق وأوسع وهو مصطلح (التنمیة البشریة) والتی اعتمدت على مقولة (الإنسان صانع التنمیة وهدفها) وأصبح مفهوم التنمیة البشریة أکثر اتساعاً وشمولاً ویتضمن نوع من الموازنة بین نمو قابلیات وقدرات الإنسان والاستفادة منها فضلاً عن توسیع الخیارات غیر المحددة أمام الناس) وقد عرفت التنمیة البشریة بموجب أول تقریر صدر عن الأمم المتحدة حول التنمیة البشریة عام (1990) بکونها "تنمیة الناس بواسطة الناس من اجل الناس" إذ بین هذا التقریر أن الثروة الحقیقیة لأیة دولة هی فی أناسها والغرض من التنمیة هو تهیئة بیئة تمکن الناس فی المجتمع بحیاة طویلة صحیحة إلا أن التقریر الصادر حول التنمیة البشریة عام (1995) عدل من مفهوم التنمیة البشریة کالأتی (هی عملیة توسیع لخیارات الناس، ومن إذ المبدأ هذه الخیارات یمکن أن تکون مطلقة ویمکن أن تتغیر بمرور الوقت ولکن الخیارات الأساسیة الثلاثة على جمیع المستویات التنمیة البشریة هی أن یعیش الناس حیاة مدیدة وصحیة وان یکتسبوا معرفة وان یحصلوا على الموارد اللازمة لمستوى معیشة لائق ولکن التنمیة البشریة لا تنتهی عند ذلک ... فالخیارات الإضافیة تتراوح من الحریة السیاسیة والاقتصادیة والاجتماعیة إلى التمتع بفرص الخلق والإنتاج والتمتع بالاحترام الذاتی الشخصی وبحقوق الإنسان المکفولة) إذن فان التنمیة البشریة مرتبطة بالإنسان فهی تقوم على تطور الإنسان بواسطة الإنسان ولأجل تطوره نحو الأفضل فی کافة مجالات الحیاة. ولقد تطورت النظرة إلى التنمیة البشریة وکان التطور منسجماً مع تطورات الفکر التنموی بشکل عام وکان هناک جدول مستمر حول أهداف التنمیة وحول الجهة الأولى بالنهوض بمهمة التنمیة وهل هی الدولة متمثلة بالقطاع العام أم القطاع الخاص أم کلیهما. فمسیرة التنمیة البشریة ترتبط بشکل وثیق بمسیرة نظریات التنمیة ونظریات النمو الاقتصادی إذ أن التنمیة الاقتصادیة جزء من عملیة التنمیة البشریة وتطور مفهوم التنمیة البشریة مع تطور البعد الإنسانی فی الفکر التنموی السائد فی کل مرحلة والقدرات الأساسیة للتنمیة البشریة على جمیع المستویات التنمیة هی أن یعیش الناس حیاة طویلة فی ظروف أحسن وان یکونوا مزودین بالمعرفة إذ أن الاقتصاد المبنی على المعرفة تتدخل فیه المعرفة کعنصر أساسی أکثر فی تنافسیة الصناعة بل فی تنمیة واستدامة کافة قطاعات الإنتاج والخدمات والمعرفة أصبحت تتحول إلى سلعة,مما یستدعى حمایتها والحفاظ على سریتها، وهذا مما أدى إلى زیادة فی نشاط المنظمة العالمیة لحمایة الملکیة الفکریة.وان یکون بإمکانهم الحصول على المواد اللازمة لمستوى لائق إذ أن التنمیة لیس لها بعد اقتصادی فقط بل لها بعد قانونی أیضا بصفتها ممارسة لحق یمارسه الأفراد والشعوب بمواجهة الدول والمجتمع الدولی وما یترتب على هذا الحق من التزامات على الصعیدین الداخلی والدولی. أن الاهتمام بالعنصر البشری ضرورة لتحقیق أهداف التنمیة ولا یتم تحسین الإدارة إلا عبر رفع مستوى التعلیم والتدریب بکافة مستویاته ومراحله فهو یوفر فرص العمل المتاحة وبالتالی یزید من نسبة مساهمتهم الاقتصادیة فی تکوین الناتج الجمالی. ویتوقف رفع مستوى التعلیم على فرض التعلیم المجانی الإلزامی للمواطنین وهذه مسؤولیة الدولة بأن تعمل على الاهتمام بتعلیم مختلف العلوم للمواطن لاطلاعه بشکل مستمر على التطورات التی تحصل على کافة الأصعدة مع التشجیع المستمر للدراسات العلیا وعمل الأبحاث والقضاء على الأمیة، والترکیز على التعلیم المتواصل,وتخصیص موارد کافیة للإصلاحات التعلیمیة ورصد تنفیذها من خلال زیادة بناء المدارس والمؤسسات العلمیة ومراکز الأبحاث وغیرها لان هذا یزید من الأفق لدى الفرد ولهذا دوره فی خلق جیل واعد قادر على اختیار الطریق الصحیح ولهذا دوره الذی لا ینکر فی عملیة التنمیة التی تهدف إلى التطور نحو الأفضل فی کافة المجالات ولقد اعتمد البرنامج الإنمائی للأمم المتحدة فی قیاس التنمیة البشریة فی أی دولة على ثلاثة مؤشرات وهی الدخل والتعلیم والعمر المتوقع بعد الولادة. بعد أن بینا ماهیة کل من التنمیة والتنمیة البشریة اتضح لنا بأنه قد حدث تطور لاستخدام مصطلح (التنمیة) واخذ یستخدم بدل عنه فی الفترة الأخیرة مصطلح (التنمیة البشریة) ویعد هذا المصطلح أدق وأوسع مفهوماً من مصطلح التنمیة إذ أن التنمیة کمصطلح عام قد رکز على تغیر أوضاع المجتمع نحو الأفضل فی کافة نواحیه إما مصطلح التنمیة البشریة فقد رکز على الإنسان ودمج ما بین التغییر وبین الإنسان وأکد أن التنمیة تکون عن طریق الإنسان ولأجله أی أن الإنسان هو الوسیلة والغایة فی عملیة التنمیة البشریة.
الفرع الثانی تمییز التنمیة البشریة عما یشابهها هناک بعض المصطلحات القریبة المعنى من مصطلح التنمیة البشریة ومن هذه المصطلحات هو (النمو) إذ أن البعض قد فرق ما بین النمو والتنمیة على أساس أن التنمیة تعد عملیة تغییر إرادی قصدی فی حین أن (النمو) هو عملیة تغییر عفوی طبیعی وکذلک فان التنمیة تشمل جوانب أکثر تعقیداً أو شمولاً إذ أن النمو یقتصر على الجانب الاقتصادی الذی قد یتم لصالح فئة قلیلة من أفراد المجتمع إما التنمیة فترکز على جوانب ذات أبعاد أکثر. وهناک من فرق ما بین (التنمیة والتنشئة) على أساس أن التنمیة تمثل عملیة الدفع نحو التحول للخروج من حالات التخلف من إذ أن عملیة التنشئة تتسم بکونها عملیة تدریجیة ولا یشترط فیها طابع التغییر لأنه قد یکون الهدف الرئیسی منها هو المحافظة على الثقافة السائدة وضمان نقلها من جیل إلى آخر فضلاً عن ذلک فان عملیة التنشئة ترکز على المجال الاجتماعی والسیاسی. أما التنمیة فهی ترکز على جمیع جوانب الحیاة. وتختلف التنمیة عن التعلیم والتثاقف إذ ان التعلیم یعنی تلقین الفرد المبادئ المعرفیة والسلوکیة التی تعد لدى المجتمع جیدة اما التثاقف عبارة عن التغییر الثقافی فی تلک الظواهر التی تنشأ حین تدخل جماعات فی الافراد ینتمون الى ثقافتین مختلفتین فی اتصال مباشر مما یؤدی الى حدوث تغیرات. وهناک مصطلح آخر قریب من مصطلح التنمیة البشریة وهو مصطلح التنمیة المستدامة والتی تعنی ضمان فرص التنمیة للجیل الحاضر وللاجیال المتعاقبة، اذ تعد التنمیة البشریة مدخل لتحقیق التنمیة المستدامة التی تستمد استدامتها من قدرات البشر جمیعاً وتمکینهم من استخدام طاقاتهم وتوسیع خیاراتهم اذ ان جوهر الاستدامة هو فی تأمین طاقات وقدرات ومصادر النمو لأجیال المستقبل أی توفیر احتیاجات الأجیال الحاضرة والأجیال المستقبلة. هذه المصطلحات السابقة الذکر تختلف الواحدة عن الاخرى من اذ المفهوم والوظیفة ولکنها مترابطة ومتبادلة التأثیر. المطلب الثانی عوامل تحقیق التنمیة البشریة لتحقیق التنمیة البشریة یجب مراعاة بعض العوامل التی تساهم بدرجة اساسیة فی هذا المجال لعل اهمها هو احترام حقوق الانسان والعمل على ضمان تمتع الفرد بها، واقامة وتنفیذ المشاریع الاقتصادیة التی تساهم فی تحقیق التنمیة البشریة ولاجل ذلک سنقسم هذا المطلب الى فرعین: الفرع الأول احترام حقوق الإنسان ان الرکیزة الاساسیة للتقدم والرخاء وتحقیق التنمیة البشریة هو فی الاعتراف بـ (الفرد) وهذا ما یؤکد لنا دیباجة العهدین الدولیین لعام (1966) العهد الدولی الخاص بالحقوق المدنیة والسیاسیة والعهد الدولی الخاص بالحقوق الاقتصادیة والاجتماعیة والثقافیة اذ اکدت على ان المجتمع الحر المتجرد من الخوف والفاقة هو المجتمع النموذج للانسان الذی یتذوق فیه ویتمتع الفرد بالحقوق المدنیة والسیاسیة والاقتصادیة والاجتماعیة والثقافیة. ان احترام کرامة الانسان المتأصلة فی خلقه وما ینبثق عنها من حقوق انسانیة متساویة مع الاخرین وثابتة لا تؤثر فیها التغیرات السیاسیة والاجتماعیة والاقتصادیة واحترام سلطات الدولة لکرامة الفرد والایمان باصالته ومساواته مع الاخرین فی الحقوق والواجبات هی الشروط الاساسیة لمجتمع الامن والامان. فالدول التی اعترفت بانسانیة مواطنیها وبتقدیس کرامتهمم واحترام حقوقهم واقامت مجتمع متحرر من الخوف والفاقة استطاعت ان تهیئ الظروف الضروریة لنهضة المجتمع الانسانی صاحب الوفرة فی الانتاج والرخاء والتقدم والسلام ومن العوامل الاخرى المهمة لتحقیق التنمیة البشریة هو التغییر نحو الافضل اذ ان الهدف فی التنمیة هو التطور نحو الافضل. وهو ما یؤکده لنا التاریخ اذ ان بعد الحرب العالمیة الثانیة خرجت دول اوربا الشرقیة والغربیة من الحرب باوضاع متقاربة لیبدأ التنافس والسباق فی المجالات العلمیة والاقتصادیة والاجتماعیة فی ظل ایدیولوجیات مختلفة بین شرق اوربا وعلى رأسها الاتحاد السوفیتی (السابق) وغرب اوربا وهی تتحسس طریقها للنهوض بذاتها وتدعیم استقلالها حتى عن الولایات المتحدة الامریکیة نلاحظ مدى التطور الذی حدث فی دول اوربا الغربیة فی شتى المجالات یقابله انهیار الاتحاد السوفیتی ودول اوربا الشرقیة وذلک یرجع الى الایدیولوجیة الشیوعیة وعجز هذه الدول عن تحقیق الکفایة الذاتیة اقتصادیاً واحتیاجها لمساعدات الدول الاخرى کان من اهم الاسباب التی ادت الى انهیارها. ومن العوامل المهمة ایضاً لتحقیق التنمیة هو من اعمال حقوق التضامن وهی الحقوق القائمة على التعاون ما بین الدول والتی لها بعد انسانی وتسمى بـ (الحقوق الحدیثة) ایضاً. اذ تجاوز المجتمع الدولی مرحلة التعایش بین الدول، وانتقل الى مرحلة اخرى هی التعاون الدولی، بمعنى التعاون الایجابی ولیس التعاون السلبی ومن هذه الحقوق الحق فی السلام والحق فی بیئة نظیفة والحق فی تقریر المصیر. (الحق فی السلام) فی ظل السلم تحقیق حلم الانسان الحر المتحرر من الخوف والسلم لا یعنی فقط اختفاء النزاعات المسلحة وانما یعنی التقدم والعدالة والاحترام المتبادل بین الشعوب ویتفرع عن هذا الحق الحق فی نزع السلاح ولهذا الحق علاقة وثیقة بالتنمیة اذ ان التسلح یؤدی الى تبدید هائل للموارد البشریة والموارد المالیة للدولة ویمکن صرف هذه الموارد وتسخیرها فی تحسین الاحوال المعیشیة للافراد بدلاً من انفاقها فی التسلح من خلال انفاقها فی امور التنمیة الاقتصادیة والاجتماعیة اذ ان التنمیة البشریة تتحقق فی جو یسوده الامن والاستقرار والسلام. وهناک علاقة وثیقة ایضاً ما بین حمایة البیئة وتحقیق التنمیة البشریة اذ تعتمد التنمیة على اشباع کل من الحق فی التنمیة والحق فی حمایة البیئة، فکل من الاثنین یعتبر حق من حقوق الانسان یکمل الاخر. فحمایة البیئة دعامة هامة لحمایة عدد من حقوق الانسان کالحق فی الحیاة، والحق فی الحیاة الکریمة، والحق فی الصحة، وکل هذه الحقوق یتوقف اشباعها الى حد کبیر على الحق فی التنمیة. إذ ان حمایة البیئة وتحقیق التنمیة یتعلقان بمصلحة المجتمع الدولی اذ یعد کل من القانون الدولی للبیئة والقانون الدولی للتنمیة بارتکازهما على فکرة التضامن، باختلاف القانون الدولی التقلیدی الذی یرتکز على فکرة السیادة التی تنفرد بها مجموعة الدول التی یتکون منها المجتمع الدولی. اذن فان وجود بیئة نظیفة خالیة من التلوث یؤدی الى رفاهیة المجتمع وبعد الامراض عنه وحمایة الاجیال القادمة وتوفیر فرص للنمو الفکری والاجتماعی لدى الانسان. لذلک على الدولة ان تحمی البیئة من خلال منع التلوث او التخفیف من حدته والمحافظة على الموارد الطبیعیة والعمل على تنمیتها من خلال السیاسات البیئیة المختلقة والاستعانة بالدراسات والبحوث وبالخبرات المحلیة والدولیة وسن التشریعات والقوانین المنظمة لاستغلال البیئة وحمایتها ویکون لهذا دوره المهم فی تحقیق التنمیة البشریة. اذ ان حمایة البیئة وتحقیق التنمیة لا یمکن ان تقف داخل حدود اقلیمیة، فان القانون الدولی یجب ان یکفل تحقیق التعاون بین مختلف الدول اذ تطورت احکام کل من القانون الدولی للبیئة والقانون الدولی للتنمیة لکی تمتد الى تنظیم المجتمع الدولی دون الاقتصار على تنظیم العلاقات بین الدول ووضع اطار التعاون السیاسی والاقتصادی والعلمی بین الدول، وحل المنازعات الدولیة، وضمان قدر کبیر من الشفافیة، والاشتراک العام فی وضع القرارات الوطنیة وضمان اقرار التشریعات الوطنیة الحامیة للبیئة والتنسیق فیما بینها من اجل تحقیق تنمیة بشریة. ان فی اعمال حق تقریر المصیر اهمیة کبیرة فی تحقیق التنمیة البشریة اذ انه یکون بموجب هذا الحق لکل شعب الحق فی تقریر وضعه السیاسی بحریة وفی السعی الى تحقیق تنمیته الاقتصادیة والاجتماعیة والثقافیة بحریة من خلال السیادة الکاملة على جمیع ثرواتها ومواردها الطبیعیة واستقلالها وفقاً لمصلحتها. الفرع الثانی الاستراتیجیة التنمویة ودعم المشاریع الاقتصادیة الاستراتیجیة التنمویة هی فن استخدام الموارد لتحقیق الغایات، اذ انها تمثل المسار الذی یتم الاتفاق علیة من اجل بلوغ الاهداف التی یسعى المجتمع الى تحقیقها على المدى البعید. ولما کانت المسارات التی یمکن سلوکها متعددة، فأن الاستراتیجیة یجب ان تعکس اختیاراً لاحد البدائل بعد دراسة ومناقشة کافة الاحتمالات ومن الرکائز المهمة لتحقیق استراتیجیة التنمیة هو فی اعمال المقومات الاساسیة للدولة من تحقیق العدل والمساوة وصولا الى ما یتضمنة الدستور من نصوص تحدد القواعد المنظمة للحقوق والواجبات والاطر السیاسیة والتنظیمیة والمؤسسیة التی تحکم العلاقة بین الفرد والمجتمع.والرکیزة الاخرى تتمثل بهیکل الموارد الاقتصادیة المتاحة وطرق استغلالها وتنمیتها من اجل تأمین الکفاءة فی استخدام هذة الموارد وتوجیهها بما یسمح بتحقیق اقصى مستویات الرفاهیة للمواطنین اذ ان الاستراتیجیة هی تحدید ما نرید اما التخطیط فهو تحدید افضل السبل المؤدیة الى ما نرید و تحقیق التنمیة البشریة یتطلب وجود کل من الاستراتیجیة والتخطیط معا. ومن العوامل الرئیسة الاخرى لتحقیق التنمیة البشریة هو وجود المشاریع(*) التی تعد الاداة الفعالة للتنمیة اذ ان التنمیة البشریة تهدف الى تطویر الاوضاع الاقتصادیة والاجتماعیة فی المجتمع وتحتاج التنیمة لتحقیق ذلک الى اداة عملیة لاحداث التغیرات فوجود خطط للتنمیة لا تکفی لوحدها بل لابد من وجود مشاریع محددة یرمی کل واحد منها الى تحقیق هدف او اکثر من اهداف الخطة الاستراتیجیة التی تضعها الدولة. هذه کانت اهم العوامل التی تساعد على تحقیق التنمیة البشریة من اجل تحقیق الغرض الرئیسی من التنمیة وهو التطور نحو الافضل فی کافة المجالات فیما هو لمصلحة الانسان وخیره. اذ لایوجد نموذج واحد للتنمیة وانما لکل دولة ان تختار الطریق المناسب لها ویتوقف ذلک على العدید من العوامل الدینیة والسیاسیة والثقافیة والتاریخیة وظروف المناخ والجغرافیة والحقیقة الواضحة هی ان تنمیة کل دولة تقع فی المقام الاول علیها. المبحث الثانی الاطار الدستوری لحقوق الانسان الاساسیة وعلاقاتها بالتنمیة البشریة سوف نتناول فی هذا المبحث من خلال مطلبین نحاول فی المطلب الاول ان نبین العلاقة ما بین الحق فی التنمیة البشریة وبین الحقوق الاساسیة للانسان موضحین کلاً من البعد القانونی للتنمیة البشریة والعلاقة التی تربط ما بین اعمال حقوق الانسان الاساسیة وتحقیق التنمیة البشریة ثم بعد ذلک ندخل فی المطلب الثانی الذی سنحاول فیه ان نوضح دور القانون الدستوری فی تنظیم حقوق الانسان عامة واهمیة ذلک بعدها نتطرق الى مدى تنظیم القانون الدستوری لحق الانسان فی التنمیة البشریة من خلال اجراء مقارنة بین کل من الدستور العراقی النافذ لعام 2005 والدستور الاردنی النافذ لعام 1952 المعدل وذلک على وفق ما یأتی:. المطلب الأول علاقة الحق فی التنمیة البشریة بحقوق الإنسان الأساسیة لایوجد تصنیف جامع ومانع لحقوق الانسان اذ ان البعض یصنفها الى حقوق اساسیة وحقوق فرعیة والبعض الاخر یصنفها الى حقوق سیاسیة وحقوق مدنیة ویقسمون الحقوق المدنیة الى حقوق عامة وحقوق خاصة، والحقوق الخاصة بدرها تنقسم الى حقوق مالیة واخرى غیر مالیة. من اهم تصنیفات حقوق الانسان هو التصنیف الذی اعتمد علیه المجتمع الدولی اذ قسم حقوق الانسان الى حقوق مدنیة وسیاسیة وحقوق اجتماعیة واقتصادیة، وثقافیة وسوف نعتمد على هذا التقسیم ونبین من خلاله اهم الحقوق الاساسیة للانسان. آخذین بنظر الاعتبار ان الحقوق تکمل بعضها البعض ولا یمکن الاستغناء عن احدها على حساب الاخرى لانها مترابطة لا تتجزأ عن بعضها. وسوف نتناول هذا المطلب من خلال ثلاث فروع مرکزین فی الفرع الاول على ماهیة الحق فی التنمیة وفی الثانی على ماهیة الحقوق المدنیة والسیاسیة وفی الثالث على ماهیة الحقوق الاقتصادیة والاجتماعیة والثقافیة وذلک على وفق الاتی: الفرع الاول ماهیة الحق فی التنمیة ان عملیة التنمیة البشریة لیس لها بعد اقتصادی بل لها بعد قانونی ایضاً وسوف نبین ذلک فی سیاق الکلام عن ماهیة حق التنمیة. یعد الحق فی التنمیة جزء من التطور فی عملیة حقوق الانسان وما یطلق علیها بـ (الحقوق الحدیثة) ضمن منطوق (حقوق التضامن) القائمة على تضامن الدول مع جمیع الشعوب باذ لا تکون مساهمات الدول الغنیة فی تنمیة الدول الفقیرة نوعاً من البر والشفقة والاحسان وانما نوع من الالتزام التضامنی. والسند القانونی لهذا الحق نجده من خلال اعلان الحق فی التنمیة الصادر من قبل الجمعیة العامة للامم المتحدة بالقرار (401/28) فی کانون الاول 1986. ویتکون هذا الاعلان من دیباجة وعشرة مواد اکدت دیباجة الاعلان على ماجاء من مبادئ فی میثاق الامم المتحدة المتعلقة بتحقیق التعاون الدولی لحل المشاکل الدولیة ذات الطابع الاقتصادی او الاجتماعی او الثقافی او الانسانی وفی تشجیع واحترام حقوق الانسان لجمیع الافراد دون تمیز واکدت الدیباجة کذلک على حق کل فرد ان یتمتع بنظام اجتماعی دولی یمکن فیه اعمال الحقوق والحریات اعمالاً تاماً تلک الحقوق والحریات المثبتة فی الاعلان العالمی لحقوق الانسان لعام (1948). واشارت دیباجة هذا الاعلان الى العدید من الصکوک الدولیة المتعلقة باحترام حقوق الانسان وحفظ السلم والامن الدولیین وتعزیز العلاقات الودیة بین الدول على وفق المیثاق. ولو رجعنا الى اعلان الحق فی التنمیة وقرأنا مواده نلاحظ انه قد رکز على الجوانب الاتیة: 1- بین ان الحق فی التنمیة یعد حقاً غیر قابل للتصرف فیه. وعرفت التنمیة بانها عملیة اقتصادیة وثقافیة وسیاسیة شاملة تستهدف التحسین المستمر لرفاهیة السکان والتوزیع العادل للفوائد الناجمة عنها. 2- الحق فی التنمیة هو حق للانسان وحق الشعوب واکدت على التوفیق بین احترام حق الشعوب فی السیادة على ثرواتها وبین الحقوق المدنیة والسیاسیة والاجتماعیة والثقافیة. (المادة1). 3- أکدت على أن الإنسان هو الموضوع الرئیسی للتنمیة وینبغی أن یکون المشارک النشط فی الحق فی التنمیة والمستفید منها وأکدت کذلک على المسؤولیة الفردیة والجماعیة ومن حق الدول ومن واجباتها وضع السیاسات التنمیة الملائمة (المادة 2). 4- الحق فی التنمیة تقتضی احترام مبادئ القانون الدولی وعلاقات الصداقة والتعاون وضرورة إزالة العقبات التی تعترض التنمیة. (المادة 3). 5- التنمیة مرتبطة بالسلام لذلک لابد من صیانة السلم والأمن الدولیین (م7). 6- تأکید على مبدأ عدم قابلیة الحقوق للتجزئة. 7- صیاغة وتبنی وإعمال تدابیر سیاسیة وتشریعیة وغیرها على المستوى الوطنی والدولی (م8). هذه کانت أهم المبادئ التی رکزت علیها إعلان الحق فی التنمیة الصادر عن الجمعیة العامة للأمم المتحدة وهذا الحق لا یجد سنده القانونی فقط فی هذا الاعلان وانما یجد سنده القانونی فی العدید من الاحکام والقواعد التی تضمنها بعض المواثیق والاتفاقیات الدولیة ذات الصلة بحقوق الانسان منها العهد الدولی للحقوق الاقتصادیة والاجتماعیة والثقافیة لعام 1966 التی نصت "یجب ان تشتمل التدابیر التی تتخذها کل من الدول الاطراف فی هذا العهد لتأمین الممارسة الکاملة لهذا الحق توفیر برامج التوجیه والتدریب التقنیین والمهنیین والاخذ فی هذا المجال سیاسات وتقنیات من شأنها تحقیق تنمیة اقتصادیة واجتماعیة وثقافیة مطردة وعمالة کاملة ومنتجة فی ظل شروط تضمن للفرد الحریات السیاسیة والاقتصادیة الاساسیة. وقد اکتسب الحق فی التنمیة بوصفه حقاً ذات طابع جماعی اهمیة خاصة بعد ان اکدت الجمعیة العامة للامم المتحدة فی عام (1974) میثاق حقوق الدول وواجباتها الاقتصادیة اذ اعطى هذا المیثاق (الحق فی التنمیة) دفعاً قویاً الى الامم وجعلته حقاً وواجباً على المجتمع الدولی. اذن فان للتنمیة بشکل عام بعدها القانونی متمثل بصفتها حقاً للفرد والشعوب لمواجهة الدول والمجتمع الدولی وما یترتب علیه من اطراف لهذا الحق المتمثل بالشعوب والافراد بوصفهم المستفیدین من هذا الحق تجاه الدول والمجتمع الدولی وتنفیذ هذا الحق ورصد ممارستها من قبل آلیات الامم المتحدة المعنیة بحقوق الانسان. الفرع الثانی ما هی الحقوق المدنیة والسیاسیة سوف نبین من خلال هذا الفرع ماهیة الحقوق المدنیة اولاً ثم الحقوق السیاسیة وذلک وفقاً للتالی: الحقوق المدنیة – هی الحقوق المقررة لحمایة الشخص فی کیانه وحریته والتی تمکنه من مزاولة نشاطه وهی تقرر للشخص بحکم وجوده وبصفته عضواً من اعضاء المجتمع. ومعظم هذه الحقوق تقررها وتنظمها فروع القانون العام کالقانون الدستوری والاداری والجنائی والبعض الاخر ینظمها فروع القانون الخاص. وهذه الحقوق تحمی الانسان فی حیاته وحریته فی القیام بمختلف انواع النشاطات حتى یتمکن من القیام بدوره الاجتماعی وان یکون له عمل ودخل یعتمد على غیره فی اسباب حیاته ولا یکون عالة على غیره او على المجتمع وهذه الحقوق تثبت لکل الافراد من مواطنین واجانب. ومن بین هذه الحقوق الحق فی الحیاة، الحق فی السلامة والامن والحق فی ممارسة الحریة الدینیة وحریة الرأی والعقیدة وحریة الاجتماع والحق فی المجتمع والحق فی حمایة الحریة الشخصیة، اما الحقوق السیاسیة: فهی الحقوق التی تثبت للفرد یوصفه مواطناً فی الدولة، ای انها تعد من نتائج رابطة الانتماء السیاسی بین الفرد والدولة التی یعیش فیها. وبالتالی فان هذه الحقوق تثبت للمواطنین دون الاجانب والمواطن هو الشخص الذی تربطه بالدولة برابطة الولادة او الانتماء بالجنسیة لها. والهدف من هذه الحقوق هی المصلحة العامة للجماعة ومن اهم هذه الحقوق هو حق الترشیح وحق الانتخاب وحق تولی الوظائف العامة وحق الشعوب فی تقریر مصیرها وحق تشکیل الجمعیات والاحزاب وغیرها. الفرع الثالث ماهیة الحقوق الاقتصادیة والاجتماعیة والثقافیة سوف نبین فی هذا الفرع ماهیة الحقوق الاقتصادیة اولاً ثم الحقوق الاجتماعیة وبعدها ماهیة الحقوق الثقافیة على وفق الاتی: الحقوق الاقتصادیة: هی الحقوق التی تتعلق بتأمین الشروط الاساسیة للحیاة المادیة والمعنویة للانسان فلا یجب النظر الى الحقوق الاقتصادیة بصفتها حقوق انسانیة فقط وانما یجب النظر الیها کقدرة على تأکید آدمیة الانسان من خلال التخفیف من الضغط الاجتماعی والتفاوت الکبیر فی دخول وثروات الافراد. وتفاقم البطالة وانعدام الامل والیأس من المستقبل عند الاجیال القادمة اذ ان الحقوق لاتصبح ذات قیمة الا عندما یکون المواطن قد حقق الحد الادنى من شروط بقائه. ومن اهم هذه الحقوق هو حق العمل، وحق الانسان فی ان یعمل لیکسب عیشه ویترتب على ذلک حقه فی اختیار العمل المناسب له وتمکینه من الحصول على اجور مناسبة وحقه فی مستوى معیشی لائق به وبأسرته. ویذهب البعض الى عدَّ حقوق الانسان الاقتصادیة تمثل الصیاغة التنفیذیة لحقوق الانسان الاخرى وتعدَّ اکثر حقوق الانسان اهمیة فالحق فی الحیاة بدون الحقوق الاقتصادیة لن تتوافر سبل الحیاة والحق فی تکوین اسرة لن یکون مجدیاً دون تقریر حق الانسان فی العمل والکسب لیستطیع القیام بذلک ویجمع حقوق الانسان الاقتصادیة جمیعاً حق الانسان فی التنمیة بمختلف اشکالها الاقتصادیة. الحقوق الاجتماعیة: هی الحقوق المرتبطة بکرامة الانسان وبوضعه الاجتماعی وهذه الحقوق لیست بمعزل عن الحقوق الاخرى وهی الحقوق التی تهدف تنمیة الفرد اجتماعیاً وتوفیر امکانات متکافئة للتقدم الاجتماعی وتفرض على الدولة جملة التزامات وتتطلب قیامها باعمال ایجابیة بهدف تأمین تلک الحقوق للمواطنین وفی مقدمة هذه الحقوق هو الحق فی الضمان الاجتماعی وحق الاسرة فی المساواة وحمایة الاطفال والناشئین فی الاستغلال الاقتصادی والاجتماعی والحق فی الصحة. الحقوق الثقافیة: هذه الحقوق تتعلق بالعلم والتعلیم فاذا کان العلم والتعلیم ضرورة وواجباً على الانسان وحقاً من حقوقه فإن من حقوقه ایضاً ان یشارک فی الحیاة الثقافی. وقد اکدت الاتفاقیة الدولیة بشأن الحقوق الاقتصادیة والاجتماعیة والثقافیة لعام (1966) على ان "تقر الدول الاطراف فی الاتفاقیة بحق کل فرد فی الثقافة وهی تتفق على ان توجه الثقافة نحو التنمیة الشاملة للشخصیة الانسانیة وللاحساس بکرامتها وان تزید من قوة الاحترام لحقوق الانسان والحریات الاساسیة. کما انها تتفق على ان تمکن الثقافة لجمیع الاشخاص فی الاشتراک بکل فعالیة فی مجتمع حر وان تعزز التفاهم والتسامح والصداقة بین جمیع الامم والاجناس والجماعات العنصریة او الدینیة وان تدعم نشاط الامم المتحدة فی حفظ السلام". الثقافة التی لا تعطی معرفة للانسان هی جهل ولیست ثقافة تلک المعرفة ینبغی فیها ان تکون نافعة وفی صالح الانسان وهذا الحق مرتبط بحریة الثقافة ولابد لهذا الحق ان یصان دستوریاً وقانونیا. فضلاً عن ذلک نجد ان السند القانونی لهذا الحق فی العهد الدولی السابق الذکر الخاص بالحقوق الاقتصادیة والاجتماعیة والثقافیة التی نصت: "1- تقر الدول الاطراف فی الاتفاقیة الحالیة بحق کل فرد: أ- فی المشارکة فی الحیاة الثقافیة. ب- فی التمتع بمنافع التقدم العلمی وتطبیقاته. جـ- فی الانتفاع بحمایة المصالح المعنویة والمادیة الناتجة عن الانتاج العلمی والادبی او الفنی الذی یقوم بتألیفه. 2- تشمل الخطوات التی تتخذها الدول الاطراف فی الاتفاقیة الحالیة الوصول الى تحقیق کلی لهذا الحق ما یعتبر ضروریاً من اجل حفظ وتنمیة ونشر العلم والثقافة. هذه کانت نبذة مختصرة عن انواع حقوق الانسان وأهم التقسیمات الدارجة لها ومن المهم ان نؤکد مرة اخرى ان الغرض من تقسیم حقوق الانسان هو لسهولة التعرف الیها والرجوع الیها لان الحقوق تکمل بعضها البعض فلا یمکن الاستغناء عن احداها على حساب الاخرى اذ ان الحقوق المدنیة والسیاسیة تتحول الى حقوق مجردة غیر واقعیة اذا ما فصلته عن الحقوق الاقتصادیة والاجتماعیة والثقافیة لان المواطن والذی لا یملک حریة حقیقیة تمکنه من ممارسة حقوقه الاقتصادیة والثقافیة کحق العمل والتعلیم والحق فی مستوى معیشی لائق لایستطیع ممارسة حقه السیاسی فی المشارکة فی الحیاة العامة لانه سوف یکون تحت ضغوط مادیة لإکراهه على اتخاذ مواقف سیاسیة معینة. هذه الحقوق بانواعها کلها لها دورها الذی لا ینکر فی عملیةالتطور والنهوض بالمجتمع نحو الافضل ای فی عملیة التنمیة البشریة التی تکون من خلال ارادة الانسان وبفعله ولاجله. لان تمتع الانسان بهذه الحقوق وقیام الدولة بتوفیر کل الظروف الناسبة لممارسة هذه الحقوق تکون دافعاً وسبباً لاعمال الحق فی التنمیة البشریة وبالتالی النهوض بالمجتمع نحو الافضل، اذ لا تنمیة حقیقیة دون وجود خریة التعبیر وحریة الانتماء السیاسی والاجتماعی وحریة الصحافة وتلقی الاخبار والمعلومات وحریة الانتخابات والمشارکة العامة فی ادارة الشأن العام والحق فی العمل والصحة والضمان الاجتماعی وفی بیئة نظیفة وکلها تعتبر حقوقاً اساسیة للانسان لاغنى عنها.
المطلب الثانی التنظیم الدستوری للحق فی التنمیة البشریة توصف الدولة بانها دولة قانونیة اذا ساد فیها القانون وخضع له الحاکم والمحکوم على السواء. ولا یقصد بالقانون تلک القواعد القانونیة العادیة التی تصدرها السلطة التشریعة فقط انما المقصود بـ(القانون) کافة القواعد القانونیة الملزمة ایاً کان مصدرها سواء کان مصدرها نصاً دستوریاً ام تشریعاًَ تصدره السلطة التشریعیة المختصة ام قراراً اداریاً تنظیمیاً ویضاف ایضاًَ الى مصادر القواعد القانونیة التی تدخل ضمن القانون بمعناه العام المعاهدات والعرف والمبادئ القانونیة. ویمثل الدستور قمة القواعد القانونیة فی الدولة فهو التشریع الاعلى الذی یسمو على جمیع القواعد القانوینة الاخرى ویساعد على توسیع مبدأ الشرعیة واخضاع الحکام والمحکومین للقانون لذلک یعد مبدا (سمو الدستور) من خصائص الدولة القانونیة والقانون الدستوری هو مجموعة القواعد القانونیة التی تنظم الحکم فی الدولة وتحدد اختصاص السلطات مع بیان العلاقة فیما بینها فضلاً عن تنظیم حقوق وحریات الافراد ای ان حقوق الانسان تنظم من خلال هذا القانون الذی یعدَّ اعلى قانون فی الدولة على وفق ما یتمتع به من سمو. لذلک فان هذا القانون یعطی حقوق الانسان قیمة رفیعة تتناسب مع قیمة ومکانة الانسان استناداً لما یتمتع به هذا القانون من سمو الذی یؤکد على علویته على بقیة القوانین ویعد مبدأ سمو الدستور من مبادئ المسلم بها فی دساتیر الدول سواء نص علیه الدسور ام لم ینص. ویوجد نوعان من السمو هما السمو الموضوعی وهذا السمو یرجع الى موضوع القواعد الدستوریة ومضمونها والتی تدور بصورة رئیسة حول نظام الحکم فی الدولة والسلطات العامة وحقوق وحریات الافراد وهذا النوع من السمو عام یوجد فی جمیع الدساتیر. اما السمو الشکلی فهو یرتبط بالشکل والاجراءات التی تعدل بها القواعد الدستوریة وهذا السمو لا یتحقق الا اذا کان الدستور مکتوباً وجامداً اى اجراءات تعدیله تختلف عن اجراءات تعدیل القانون العادی وعادة تکون تلک الاجراءات اکثر تعقیداً . ولو رجعنا الى ما یتعلق بالدستور وحقوق الانسان فقد بینا ان حقوق الانسان تنظم من خلال القانون الدستوری وهذا یعنی ان کل القواعد القانونیة المتعلقة بحقوق الانسان الموجودة فی صلب الوثیقة الدستوریة یکون لها سمو موضوعی بالاضافة لذلک یکون لهذه القواعد سمو شکلی اذا نص الدستور على اجراءات خاصة لتعدیله عن اجرءات تعدیل القانون العادی. وهذه القواعد القانونیة الدستوریة تعد القواعد الاسمى فی سلم الهرم القانونی لذلک فان لهذه القواعد الاولویة. على بقیة القواعد القانونیة ولا یجوز على وفق ذلک ان تصدر السلطة التشریعیة قواعد تخالف ما نص علیه الدستور فان فعلت فانها بذلک تکون قد خرقت مبدأ الشرعیة الامر الذی یعرض تلک القواعد المخالفة للدستور للبطلان. اذن فان تنظیم حقوق الانسان سواء کانت حقوقاً مدنیة او سیاسیة او حقوقاً اقتصادیة او اجتماعیة فی الدستور یعطیها نوع من السمو والاهمیة على بقیة القواعد القانونیة ولهذا دوره المهم فی اعمال الحق فی التنمیة وبالتالی تحقیق التنمیة البشریة. بعد ان بینا اهمیة النص على حقوق الانسان فی الدستور وبینا البعد القانونی للتنمیة باعتبارها حق وعلاقتها بالتنمیة البشریة سوف نبحث عن الحق فی التنمیة فی کل من الدستور العراقی النافذ لعام 2005 والدستور الاردنی النافذ لعام 1952 المعدل وما یتعلق باهم الحقوق الواردة فیه والتی لها علاقة بالتنمیة البشریة سواء کانت هذه الحقوق مدنیة او سیاسیة او اجتماعیة او ثقافیة او اقتصادیة ودورها فی عملیة تنمیة الانسان من جمیع الجوانب. تناول الدستور العراقی النافذ لعام (2005) الذی یتکون من (144) مادة موضوع حقوق الانسان فی الباب الثانی منه تحت عنوان الحقوق والحریات اذ تحدث فی الفصل الاول عن الحقوق وفی الفصل الثانی عن الحریات. نلاحظ ان هذا الدستور نص على العدید من الحقوق المدنیة والسیاسیة وکذلک الحقوق الاقتصادیة والاجتماعیة والثقافیة ولکنه لم ینص صراحة على حق الانسان فی التنمیة وانما تناول الحقوق اللازمة والاساسیة لتحقیق التنمیة البشریة بصورة عامة سواء کانت اجتماعیة او اقتصادیة او ثقافیة او سیاسیة من خلال تناوله للحقوق المدنیة والسیاسیة والاجتماعیة والاقتصادیة والثقافیة اذ اکد من خلال موادة على حریة العمل بما یضمن حیاة کریمة للانسان وعلى حریة انتقال الایدی العاملة والبضائع ورؤوس الاموال العراقیة بین الاقالیم والمحافظات وبینت (ان الدولة تکفل اصلاح الاقتصاد العراقی بموجب اسس اقتصادیة جدیثة بما یضمن استثمار کامل لموارده وتنوع مصادره وتشجیع القطاع الخاص وتنمیته) ویلاحظ استخدام المشرع لمصطلح التنمیة فی هذه المادة، وبین ان الدولة تکفل تشجیع الاستثمارات فی القطاعات المختلفة وعفت الدولة اصحاب الدخول المنخفضة من الضرائب لعدم المساس بالحد الادنى اللازم للمعیشة. لانه فی توفیر الحد الادنى للمعیشة هو حق المواطن على حکومته ومجتمعه وهو الاساس فی الاستقرار الاجتماعی. اذ نص الدستور العراقی النافذ لعام 2005 على "الدول تکفل للفرد وللاسرة معوقات الاساسیة للعیش فی حیاة حرة کریمة تؤمن لهم الدخل المناسب والسکن الملائم". ان الانسان الذی لا یستطیع توفیر الغذاء له ولعائلته او توفیر العلاج الصحی لافراد عائلته بطرائق قانونیة قد یلجأ الى الطرائق غیر القانونیة للحصول علیها لذلک یلاحظ انه فی المجتمعات التی لا یتوفر فیها الحد الادنى للمعیشة تنتشر فیها الفساد الاداری والمهنی والرشاوى وزیادة عدد الجرائم وهذا بدوره یؤدی الى فوضى سیاسیة واجتماعیة. ولهذا اثره السلبی الواضح على عملیة التنمیة البشریة. وکذلک اکد الدستور على حق کل عراقی فی الضمان الاجتماعی والصحی و على حق کل عراقی فی الرعایة الصحیة وبین الدستور على ان الدولة تکفل حمایة البیئة والتنوع الاحیائی واکدت على حق کل فرد فی العیش فی ظروف بیئة سلیمة واکد الدستور على حق التعلیم وعلى التعلیم المجانی فی مختلف المراحل والتعلیم الالزامی وتشجیع البحث العلمی للاغراض السلمیة. واکد الدستور العراقی على حریات الافراد منها حریة الرأی والتعبیر والصحافة والاجتماع وتأسیس الجمعیات والاحزاب السیاسیة وحریة الفکر والعقیدة وحریة التنقل والسفر داخل وخارج العراق واکد هذا الدستور بانه لا یجوز تقیید ممارسة ای من الحقوق والحریات الواردة فی هذا الدستور وتحدیدها الا بقانون على ان لا یمس ذلک التحدید والتقیید جوهر الحق او الحریة. اما بالنسبة للدستور الاردنی لعام 1952 المعدل والنافذ حالیاً ومن خلال قراءة مواد هذا الدستور الذی یتکون من (131) نلاحظ انه خصص الفصل الثانی من هذا الدستور لحقوق الانسان الذی اورد تحت عنوان حقوق الاردنیین وواجباتهم ویلاحظ فی هذا الدستور انه لم یشر صراحة الى حق الانسان فی التنمیة ولکنه اشار فی بعض من مواده الى بعض الحقوق التی لها علاقة وثیقة بالتنمیة وتؤدی الیها اذ اکد على الحریة الشخصیة واکد على حریة الرأی وحریة وسائل التعبیر بشرط ان لا یتجاوز حدود القانون فضلاً عن انه اکد على الحق فی محاکمة عادلة وعلى حق المواطن فی حمایته من تعسف السلطة واکد کذلک على حق العمل لجمیع الماطنین وعلى الدولة ان توفره للاردنیین عن طریق توجیه الاقتصاد لوطنی والنهوض به وبین ان الدولة تکفل العمل والتعلیم ضمن حدود امکانیاتها وتکفل الطمأنینة وتکافؤ الفرص للجمیع واکد کذلک على حق التعلیم الابتدائی الالزامی للاردنیین والمجانی من المدارس الحکومیة واکد کذلک على حریة الاقامة والسفر وغیرها من الحقوق. هذه کانت اهم الحقوق التی وردت فی الدستور الاردنی. نلاحظ ان الدستور العراقی النافذ کان افضل تنظیماً وایراداً لحقوق الانسان من الدستور الاردنی مع ملاحظة ان ای من الدستورین لم ینصا صراحة على حق الانسان فی التنمیة ولکن اشار الى جملة من الحقوق اللازمة لاعمال هذا الحق الذی بدوره یؤدی الى التنمیة البشریة ای تطور الانسان بفعل الانسان ولاجله فی کافة المجالات تطوراً نحو الافضل. یبقى ان نقول بان العبرة لیس فی النص على الحقوق والحریات بقدر ما هی متعلقة بالتنفیذ الفعلی لاعمال هذه الحقوق من اجل تحقیق التنمیة البشریة التی هی غایة کل المجتمعات. الخاتمة: فی نهایة بحثنا الذی تناول موضوع (التنمیة البشریة وعلاقتها بحقوق الانسان الاساسیة) توصلنا الى بعض الاستنتاجات والتوصیات نرجو ان تلقى الاذان الصاغیة وهی على النحو الاتی: اولا- الاستنتاجات: 1-لا یوجد تعریف متفق علیه لمصطلح التنمیة ومن خلال التعریفات التی وردت یمکن ان نعرف التنمیة بکونها "عملیة تغییر احوال المجتمع فی کافة نواحیه نحو الافضل) وتبین کذلک بان المصطلح (التنمیة) مصطلح قدیم واخذ یستخدم بدلاً عنه فی الاونة الاخیرة مصطلح (التنمیة البشریة) وکذلک لا یوجد تعریف متفق علیه لمصطلح التنمیة البشریة ولکن یمکن تعریفة بکونه "تطور الانسان من خلال الانسان ولاجله تطوراً نحو الافضل فی کافة جوانب الحیاة السیاسیة والاجتماعیة والاقتصادیة والثقافیة والمدنیة". ای ان التنمیة البشریة ترکز وتدمج ما بین الانسان والتطور واکدت ان الانسان هو الوسیلة والغایة فی عملیة التنمیة البشریة. 2- هناک عدة عوامل تساعد على تحقیق التنمیة البشریة من اهمها هو الاعتراف بالفرد وبکرامته وتعظیم شأنه کما عظم الخالق عز وجل مکانته وشأنه. ومن العوامل المساعدة الاخرى هو اعمال حقوق الانسان التضامنیة ای الحقوق القائمة على التعاون ما بین الدول ومن بینها (الحق فی السلام) الحق فی بیئة نظیفة، الحق فی تقریر المصیر وادارة الثروات الطبیعیة. ومن مقومات التنمیة البشریة ایضاً هو وجود مشاریع هادفة سواء کانت ثقافیة او اقتصادیة او اجتماعیة مع وجود خطط استراتیجیة فعالة لتنفیذ هذه المشاریع. 3- ان الحق فی التنمیة هو احد الحقوق الاساسیة للانسان وان لهذا الحق البعد القانونی بالاضافة لبعده الاقتصادی ویعدَّ احدى الحقوق الحدیثة او التضامنیة ولهذا الحق سنده القانونی فی العدید من المواثیق والاعلانات الدولیة فضلاً عن القوانین الداخلیة للدول. 4- ان لحقوق الانسان عامة مکانة سامیة واهمیة خاصة لذلک ورد تنظیمها فی اعلى قانون فی الدولة وهو القانون الدستوری واخذنا نموذج مقارنة ما بین الدستور العراقی النافذ لعام 2005 والدستور الاردنی النافذ لعام 1952 المعدل وتبین لنا بأن کل من الدستورین لم ینصا صراحة على حق الانسان فی التنمیة وانما نصا على العدید من الحقوق الاساسیة لاعمال هذا الحق ای باعمال تلک الحقوق سواء کانت مدنیة او سیاسیة او اجتماعیة او اقتصادیة او ثقافیة تتحقق التنمیة البشریة واتضح لنا کذلک بان الدستور العراقی النافذ کان اکثر ایضاحاً وتنظیماً لحقوق الانسان من الدستور الاردنی النافذ. ثانیا: التوصیات 1-دعم الجهود الدولیة فی مجال تحقیق التنمیة البشریة مع الترکیز على دور المنظمات الدولیة فی هذا الاطار وتعاون الدول معها. 2-التزام الدول بدساتیرها وبالمواثیق الدولیة فی هذا المجال وتطبیقها على ارض الواقع. 3-لابد من الالتزام بمراعاة العوامل المؤدیة الى التنمیة البشریة وبدرجة اساسیة احترام حقوق الانسان وحریاتة لکونها المدخل لتحقیق التنمیة البشریة,فضلاعن دعم المشاریع الاقتصادیة التی تعد المدخل للتنمیة البشریة ایضا.
The Author declare That there is no conflict of interest
References (Arabic Translated to English) First: Books: Fourth: Legal Documents: | ||
References | ||
اولا: الکتب: 1. د.ابراهیم ابو اللیل ، د. محمد الالفی ، المدخل الى نظریة القانون ونظریة الحق ، مطابع مقهوی ، الکویت ، 1986. 2. د.احسان المفرجی ، کطران زغیر ، رعد ناجی الجدة ، النظریة العامة فی القانون الدستوری فی الدستور الدستوری فی العراق ، المکتبة القانونیة ، بغداد ، 1990. 3. د.احمد ابو الوفا ، الوسیط فی القانون الدولی العام ، ط 4 ، دار النهضة العربیة ، قاهرة ، 2004. د.احمد فتحی سرور ، العالم الجدید بین الاقتصاد والسیاسة والقانون ، ط 2 ، دار الشروق ، قاهرة ، 2005. 4. د.امام حسنین عطا الله ، حقوق الإنسان بین العالمیة والخصوصیة ، دار المطبوعات الجامعیة ، اسکندریة ، 2004. 5. بول ایرلش ، ترجمة: فخری لبیب ، ضحایا التنمیة والمقاومة والبدائل مطابع المجلس الاعلى للثقافة ، د.م ، 2000. 6. حافظ علوان الدلیمی ، حقوق الانسان ، مطبعة هاورا ، دهوک ، 2006. 7. د.حسن حرب ، دراسات فی المدخل الى العلوم القانونیة ، دار الخلیج للنشر ، عمان ، 2004. 8. خالد رشید القیام ، مقدمة فی الاصول العامة ل (القانون العام لنظریتی (القانون والحق) ، ط 2 ، المکتبة الوطنیة للطباعة والنشر ، عمان ، 2002. 9. د.سعاد محمد الصباح ، حقوق الإنسان فی العالم المعاصر ، ط 1 ، دار سعاد الصباح للنشر ، بیروت ، 1996. 10. الشافعی محمد بشیر ، قانون حقوق الانسان ، ط 3 ، منشأة المعارف ، اسکندریة ، 2004. 11. د.صلاح محمد عزیز ، مدخل الى حقوق الانسان فی کوردستان العراق ، ط 1 ، مطبعة وزارة التربیة ، اربیل ، 2000. 12. د.عبدالکریم علوان ، الوسیط فی القانون الدولی العام (حقوق الإنسان) ، الکتاب الثالث ، مکتبة دار الثقافة للنشر والتوزیع ، عمان ، 2004. 13. عبدالوهاب محمود المصری ، فی سبیل تنمیة بدیلة ، منشورات وزارة الثقافة ، دمشق ، 2002. 14. د.علی یوسف شکری ، مبادئ القانون الدستوری والنظم السیاسیة ، ط 1 ، ایتراک للطباعة والنشر ، القاهرة ، 2004. 15. د.عوض احمد الزعبی ، المدخل الى علم القانون ، ط 2 ، دار وائل للنشر ، عمان ، 2003. 16. د.فالح البدرانی ، حقوق الانسان فی الدستور الاردنی بین الشریعة الاسلامیة والشرعیة الدولیة ، الاخوة للنشر ، عمان ، 2004. 17. مجید مسعود ، دلیل المصطلحات التنمویة ، ط 1 ، دار المدى للطباعة والنشر ، دمشق ، 2001. د. 18. د.محمود شریف بسیونی ، الوثائق الدولیة المتعلقة بحقوق الإنسان ، المجلد الأول ، الوثائق العالمیة ، ط 1 ، دار الشروق ، قاهرة ، 2003. 19. د.نعمان احمد الخطیب ، الوجیز فی القانون الدستوری ، ط 2 ، منشورات جامعة مؤتة ، عمان ، 1998. ثانیا: الرسائل الجامعیة: 1. افین خالد عبد الرحمن ، ضمان حقوق الإنسان فی ظل قانون الطوارئ ، رسالة ماجستیر إلى کلیة القانون والسیاسة ، جامعة دهوک ، 2005. 2. یعقوب عزیز قادر ، حمایة حقوق الإنسان فی اقلیم کوردستان العراق ، رسالة ماجستیر مقدمة إلى کلیة القانون ، جامعة صلاح الدین ، 2003. ثالثا: البحوث والدوریات: 1. المجلة العراقیة لحقوق الانسان ، الجمعیة الوطنیة لحقوق الانسان فرع سوریا ، العدد الاول ، کانون الثانی 2000. 2. مجلة العراق الفیدرالی ، مرکز السلام للتنمیة والابحاث والدراسات ، العدد التجریبی (صفر) ، اذار ، 2005. 3. مجلة یاسا ورامیاری ، مجلة علمیة تصدر فی جامعة صلاح الدین ، کلیة القانون والسیاسة ، العدد الثالث ، کانون الاول ، 2005. 4. مجموعة من الباحثین ، دراسات فی التنمیة البشریة المستدامة فی الوطن العربی ، اعمال الندوة المنعقدة فی بیت الحکمة (11-14) شباط ، بغداد ، 2001. رابعا: الوثائق القانونیة: أ- المواثیق والاعلانات الدولیة: 1. الاعلان العالمی لحقوق الانسان 1948. 2. العهد الدولی الخاص بالحقوق المدنیة لعام 1966. 3. العهد الدولی الخاص بالحقوق الاقتصادیة والاجتماعیة لعام 1966. 4. اعلان الحق فی التنمیة لعام 1986. ب - الدساتیر: 1. دستور الأردن النافذ لعام 1952 المعدل 2. دستور العراق النافذ لعام 2005. | ||
Statistics Article View: 421 PDF Download: 422 |