سؤال العلمية والموضوعية في العلوم الاجتماعية - مقدمة في موضوع العلوم الاجتماعية - | ||
مجلة الکلیة الاسلامیة الجامعة | ||
Article 1, Volume 11, Issue 41, September 2016, Pages 15-27 | ||
Author | ||
أحمد بن صالح الفراك | ||
Abstract | ||
نستنتج إذن أن الباحث في العلوم الإنسانية لا يستطيع أن يتخلص من إملاءات اللاشعور الثاوية في عمق بنيته النفسية والفكرية ومن تمثلاته وانفعالاته وعواطفه رغم ما يدعيه كانط من قدرة على التعالي الترنسندنتالي الذي يفصل بين الذات والموضوع، أي بين الذات العارفة والذات التي نريد معرفتها. ذلك أن الذات - كما يؤكد دلتاي Dilthey Wilhelm- متغيرة باستمرار كما الموضوع أيضا متغير. و"ليس ثمة إدراك نظري لأية حقيقة بدون إدراك طبيعتها وعلاقاتها القيمية"( )، وبناء عليه لا يمكن تحقيق التصور الوضعي في النظر إلى الظاهرة الإنسانية كشيء مثل باقي الأشياء المبتوتة في الكون الفاقدة للإرادة. ولعل هذا ما يؤكده "فلهلم دلتاي" و"ماكس شيلر"( ) حيث يميزون بين العلوم التي تدرس "المادة" أو "العلوم المادية"، وبين العلوم التي تدرس "الروح" أو "العلوم الروحية"، ففي الأولى يمكن تطبيق المنهج التجريبي القائم على الملاحظة والتجريب،كما يمكن الوصول إلى قوانين علمية دقيقة وذلك لأن المادة تخضع لحتمية طبيعية. بينما في الثانية يعجز المنهج التجريبي عن أداء مهمته، ويترك مكانه للفهم والتفسير في عالم موسوم بالحرية والغموض. ولعل هذا ما استنتجه طه عبد الرحمن بقوله: "والصواب أن تحصيل تمام الموضوعية غير ممكن."( ). تأكيدا لنفس الموقف يرى محمد عابد الجابري أنه من غير الممكن التحرر من الإديولوجيات في الدراسات الإنسانية( )، وهو التصور الذي أثبتته العديد من الدراسات النفسية والاجتماعية لما أكدت إخفاق الفلسفة الوضعية في زعمها إمكان تحقيق شرط الموضوعية في العلوم الإنسانية معتبرة أن الفكر العلمي قد حقق آخر الفتوحات العلمية لما تخلَّص من الميتافزيقا والفلسفة المجردة بصفة نهائية، وطردها من آخر حصونها الإنسان، وكأن تاريخ الفلسفة هو تاريخ تراجعاتها كما يقول "أوغست كونت"، فرأت الوضعية أنه بإمكان تحقيق الدراسة العلمية الموضوعية الدقيقة للإنسان كواقع اجتماعي ملموس بعيدا عن السقوط في الذاتية، وذلك بتجنب إقحام "الفرضيات غير المحققة والتعميمات الاعتباطية" في المعرفة. لكن السؤال الإشكالي الذي يطرح على الفلسفة الوضعية هو: هل تستطيع العلوم الإنسانية أن تحقق الاستقلالية والموضوعية كما الشأن في العلوم الطبيعية؟ أم أنها تحتفظ بموضوعية خاصة وناقصة ومزعومة؟تجيب "رينيه بوفريس"( ) بأن المعرفة المتعلقة بموضوع الإنسان تظل مشبعة بالذاتية ولا تملك أن تكون محايدة أو موضوعية، بل تظل غارقة في الإديولوجيا، حيث تؤكد أنه من المستحيل مبدئيا أن تتمكن العلوم الإنسانية من بلوغ موضوعية مطلقة أو على الأقل التخلي عن جزء من أهدافها والاكتفاء بدراسة المظاهر الأولية من الحقيقة أو الواقعة الإنسانية. ولعل ذلك ما حدا بدلتاي إلى التمييز بين العلم التفسيري الخاص بدراسة الظواهر الفيزيائية والعلم الوصفي الذي يدرس إلى جانب الظاهرةِ الحياة العقلية التي تنتج المعرفة، أو ما يسميه بـ"النسق البنائي للعقل".مع تطور الفكر العلمي المعاصر حوصرت الدعوات التي تدعي تحقيق الموضوعية العلمية في الدراسات الطبيعية والمجتمعية، وهي تخفي وراءها زعم التفوق والعالمية والكونية. ذلك أن "صفة العلمية وصفة الموضوعية، صفتان وُصف بهما العلم الغربي المعاصر ليبرر عالميته وتفوقه سواء في العلوم الطبيعية أو الاجتماعية أو الإنسانية."( ). | ||
Keywords | ||
سؤال; العلمية; والموضوعية; العلوم; الاجتماعية | ||
Statistics Article View: 14 PDF Download: 11 |