أحوال الأمة وظروف قيادتها في عهد الإمام علي a والإمام الحسن | ||
مجلة الکلیة الاسلامیة الجامعة | ||
Article 1, Volume 11, Issue 39, August 2016, Pages 139-188 | ||
Author | ||
ابتسام عبد الرحيم فرحان | ||
Abstract | ||
عاش أمير المؤمنين a والإمام الحسن a في عصرين مختلفين من ناحية الأشخاص الذين كانوا معهما أو ضدهما ومن حيث طبيعة الصراع بين الحق والباطل الذي اختلف باختلاف ظروف هذا الصراع وزمن امامتهما.حكم الامام علي a ومعه الصحابة والقراء ممن شهد وقائعه كلها وسمع عن رسول الله i الحث على التمسك بنهجه a. فكان سهلا على امير المؤمنين a ان يدعوهم إلى نفسه فيستجيبوا له. وان كبر عندهم العناد فلم يلتفوا حوله فيكفي ان يذكرهم احاديث رسول الله فيه ليعتزلوا قتاله كما حدث للزبير في معركة الجمل التي تعد واحدة من الفتن كقطع الليل المظلم شبهت على الامة واخرجت الكثير من الناس من دائرة الايمان وبعضهم حتى من دائرة الإسلام. لكن القوم ورغم خروجهم على امام زمانهم ونكثهم البيعة ابقوا على شيء من التظاهر بالإسلام امام العامة حفاظا على ماء وجوههم بعد ان اهرقوه في حرب اكلت العرب الا حشاشات انفس بقيت. وفي حرب صفين كان معاوية يدعي سيره بسيرة الشيخين ودفاعه عن الخليفة المقتول ومطالبته بدمه. فنبه امير المؤمنين a الامة من خلال خطابه لمعاوية بانه ابعد الناس عن الايمان والإسلام وبذلك يكون ابعد الناس عن معرفة صاحب السابقة بالإسلام والذي هو اولى بالاتباع.ولم يكتف هؤلاء وعلى رأسهم معاوية بالتظاهر باتباع نهج الإسلام وانما اتخذوا خطة فتح قناة جديدة يوجهون نحوها الامة بعيدا عن أهل البيت ساعدهم في ذلك ان الشام مذ فتحها جند الإسلام ومعاوية الحاكم عليها يدعي قرابته من رسول الله وخروج كل من لا يقول بقوله عن دائرة الإسلام. وكانت اموال الشام كلها تحت يده فبدأ بشراء ضعاف النفوس ممن كان يضع له الاحاديث المكذوبة عن رسول الله i. وصار معاوية يدعي الحلم ويبطن البطش، ويدعي الدهاء ويبطن الغدر.وحين وصل أمر الخلافة للحسن a كانت الامة قد اعتادت وجود الشام كقوة في قبالة قوة الخلافة وقد اسس معاوية منذ عهد الخليفة الاول أمر توليه لها وحقه بها. اعلن معاوية الحرب على الامام الحسن a وهو يعلم ان اصحابه ليسوا كأصحاب ابيه أو صحابة رسول الله i فبدأوا بالتخاذل قبل ان تبدأ المعركة واحكم معاوية الطوق بإغراء البعض بالمناصب التي سيغدقها عليهم ان هو صار الخليفة والبعض الآخر بالمال حتى انه اشترى رؤوساء القبائل وقادة جيش الامام قبل ان تبدأ المعركة مما يدل على انه كان بينه وبينهم سبلا للأخذ والرد تمكن من خلالها شراء موقفهم ووضعهم ضد الحسن a حتى اوشكوا على قتله قبل ان تبدأ المعركة.كانت ولاية الحسن a في هذه المرحلة على قصر مدتها الامتحان الذي محص الناس واظهر حقيقة ما يبطنون. اما صلحه مع معاوية فقد كشف ادعاء معاوية الإسلام واول مظاهر هذا الكشف قوله: قاتلتكم لأتأمر عليكم وان شروط الصلح تحت قدمي. وهي نقطة الانطلاق في عجلة الظلم التي بدأها ضد الامة عامة وأهل البيت وشيعتهم خاصة والتي لم تتوقف حتى يومنا هذا، وبسبب هاتين المسألتين كان خطاب الامام علي a لمعاوية في المكاتبات التي كانت بينهما خطاب الناصح الامين يستمد قوته من قوة الامام علي a في ذات الله ومن شهادة الامة لنصحه لها مذ بعث رسول الله i وحتى قبضه الله إلى جواره. وكذلك من خطاب معاوية الذي اتسم باللين وادعاء حقه كولي لدم عثمان اذ لم يكن بإمكانه المطالبة بأكثر من ذلك فاقتصر الكلام بينهما على ذلك وكل يعلم ما يخبيء له الآخر في طويته.أما في عهد الحسن a وبعد الصلح فقد كان معاوية يريد ان يجعله فردا من عامة الناس وهو أمر لم يتم له لأن الامة التي شهرت السيف على الحسن a وطعنته في عسكره ماتزال قلوبها معه. فكان معاوية يأتي ببطانته للإساءة إلى الحسن a ومن وراءه ابيه وجده والهدف الحقيقي هو الرسالة المحمدية. فكان رد الامام الحسن ردا مفحما قاطعا لا مجال فيه للجدل معتمدا على معرفة الناس بحقيقة أصله واصلهم، والوقائع التي شهدها مع ابيه ونكص عنها هؤلاء، ومودتهم التي اثبتها الله في الكتاب وجعلها اجرا للرسالة في وقت كان معاوية يبذل قصارى جهده في محاربة الإسلام واهل البيت حتى اذا فشل في عزل الحسن a عن الأمة أو اسقاطه من نظر الناس عمد إلى ما عمد اليه كل من جاء بعده ومن كان قبله عمد إلى التخلص منه بالسم عن طريق زوجته جعدة.لقد تباينت ظروف قيادة الامة في زمن أمير المؤمنين a والإمام الحسن a من حيث التفاصيل والأشخاص المحيطين بكل واحد منهما ونوع الفتن التي كان على كل واحد منهما مواجهتها والعبور بالأمة إلى شاطئ الأمان لكن ظروفهما كانت من ناحية أخرى متشابهة من حيث أنها ذات الظروف التي تكشف صراع الحق مع الباطل منذ خلق آدم وحتى قيام القائم (عج).لقد توسم الإمام الحسن a خطى أبيه في كل أمر عرض له مع فارق بحدة الموقف وطبيعة الصراع. فبالرغم من اعتراف الموالي والمخالف بفضل الإمام علي a إلا أن احدا لم يعرفه حق معرفته. عن رسول الله i: "ما عرفك إلا الله وانا" فان الإمام الحسن a قد أنكر فضله ولامه حتى أصحابه وأصحاب أبيه. وقد ذكر صاحب سفينة البحار أن ابن الأشرس دخل على الحسين يوم عرفة فوجده صائما ودخل على الحسن a فوجده مفطرا, فقال للحسن a: "أعوذ بالله أن تكونوا مختلفين.... فأجابه الحسن a: "يا ابن الأشرس أما علمت أن الله تعالى ندبنا لسياسة الأمة ولو اجتمعنا على شيء واحد ما وسعكم غيره. إني أفطرت لمفطركم وصام أخي لصوامكم"(117).فاختلاف إرادة الحسن a عن أرادة أبيه ليكون فعلهما سنة فيتيح للأمة حرية التصرف فيما تتعرض له من فتن بعد أن يلبي جميعهم نداء الله فيصير للأمة تراثا ثرا من سننهم تلائم ما قد يتعرضون له حتى قيام الحجة (عج).قال الصادق a كان قتال علي لأهل القبلة رحمة" وحين سأل كيف أجاب: لولا قتاله لأهل القبلة ما كان احد يعرف كيفية العمل فيهم"(118).قال تعالى عن رسوله الكريم: [وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ] (الانبياء: 107)، وكان رسول الله يقول عن نفسه: "انما بعثت رحمة" ويقول لأمير المؤمنين a: "آنت مني وأنا منك". فهو إذن رحمة للأمة وكان a يقول لابنه الحسن a: "ووجدتك بعضي بل وجدتك كلي حتى كان شيئا لو أصابك أصابني" فكان منهاج الحسن a في الصلح رحمة للأمة كما كان قتال أبيه للأمة رحمة. | ||
Keywords | ||
أحوال الأمة وظروف قيادتها في عهد الإمام علي | ||
Statistics Article View: 74 PDF Download: 24 |