الإمام الحسن المجتبى a والأمن الإنساني | ||
مجلة الکلیة الاسلامیة الجامعة | ||
Article 1, Volume 11, Issue 39, August 2016, Pages 79-110 | ||
Author | ||
رحيم علي صياح | ||
Abstract | ||
بعد أن رأى الإمام الحسن a الفشل والوهن في أصحابه، ودخول الموالين لمعاوية واندساسهم في جيشه يثبطون الهمم ويبثون الإشاعة، رأى أن المصلحة العليا تقتضي إقرار الهدنة وتسليم الأمر لمعاوية ليحفظ الإسلام المحمدي وديمومته واستمراره في مواجهة المد الأموي الذي يحاول تشويه الإسلام، وتحريف الدين، وإضفاء طابع الجاهلية، وإلباس الدين ثوب القبلية.وقد عبر الإمام الحسن a عن رؤيته للواقع الذي يريد أن يفرضه معاوية على الأمة بقتل المخلصين من الرجال، فتنقطع الصلة بين الأمة والرسالة المحمدية التي كان هؤلاء الرجال يحملون أفكارها ومبادئها في صدورهم، ويبثونها أينما حلوا، فقال: إني خشيت أن يجتث المسلمون عن وجه الأرض، فأردت أن يبقى للدين ناعي"( )، وقال أيضا: "وقد رأيت أن حقن الدماء خير من سفكها، ولم أرد بذلك إلا أصلاحكم وبقائكم"( ).وعندما عوتب على إمضاءه الهدنة وأنها أدخلت على الشيعة الذل، قال a: "لست مذلا للمؤمنين ولكني معزهم، ما أردت بمصالحتي إلا أن أدفع القتل عندما تباطأ أصحابي ونكولهم عن القتال"( ).وقد أجاب الإمام الحسن a سليمان بن صرد عندما سلم عليه بقوله: السلام عليك يا مذل المؤمنين؟ بكلام طويل منه: "إني لم أرد بما رأيتم إلا حقن دمائكم وإصلاح ذات بينكم( ).ولتحقيق هذا الإصلاح فإن الإمام الحسن a رأى بثاقب بصره وبقراءته المتبصرة للواقع الإسلامي أن الأمة أحوج ما تكون إلى الأمن، وأي أمن؟ إنه الأمن الإنساني الذي يوفر كل ما يحتاجه الإنسان، فالأمن في نظر الإمام الحسن a ليس الأمن من الخوف فقط ، وإن كان هذا مهما وضروريا، بل أدرك الإمام المجتبى أن الأمن لا يتحقق إن لم تتوفر دعائم استقراره ورسوخه، فربط الأمن بالعامل الاقتصادي والسياسي والشخصي والبيئي، فكان بذلك قد سبق الفكر الحديث في إرساء قواعد الأمن الإنساني، وإن لم يصبغ بهذه الصبغة، ويسمى بهذا الاسم، فالمعنى واحد والنتيجة واحدة.لذا لا عجب أن تركز شروط الهدنة فضلا عن تحقيق الأمن على ضرورة الحفاظ على الأموال والنساء والأطفال وموارد الرزق، وأن لا فرق في ذلك بين الأسود والأحمر من أبناء الإسلام، وأن توصل الحقوق إلى أصحابها أينما كانوا في ارض الله تعالى، فتحقق بذلك الأمن والاستقرار لشيعة أمير المؤمنين علي a طيلة حياة الإمام، ولم يجرؤ معاوية على قتل أو سجن أحد من المعارضين ما دام الإمام الحسن حيا.وقد أشار أحد الباحثين إلى ذلك بقوله: "ولم يقدم نظام معاوية على قتل أحد إلا بعد رحيل الإمام الحسن إلى الملأ الأعلى، أما في حياته فلن يتجرأ على قتل أو سجن أحد من المعارضين وخصوصا من الشيعة أنصار الإمام"( ).وفي الختام نقول ليس هناك أدل على حكمة الإمام الحسن a ونظرته الثاقبة في تشخيص مصلحة الأمة، وتحقيق الأمن الإنساني لأفرادها، من قول الإمام الباقر a: "والله للذي صنعه الحسن بن علي a كان خيرا لهذه الأمة مما طلعت عليه الشمس"( ). | ||
Keywords | ||
الإمام الحسن المجتبى | ||
Statistics Article View: 146 PDF Download: 56 |